عمر الفاروق رضي الله لانحتاج لمسلسل لنعرفه - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عمر الفاروق رضي الله لانحتاج لمسلسل لنعرفه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-07-19, 10:42   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

.
- حذره من الابتداع:


عن المسور بن مخرمة([251])، وعبد الرحمن بن عبد القاريّ أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان، في حياة رسول الله r فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤُها على حروف كثيرة، لم يُقرئنيها رسول الله r فكدت أُساوره([252]) في الصلاة، فانتظرته حتى سلم، فلببته([253])، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله r، فقلت له: كذبت، فوالله إنّ رسول الله r لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك فانطلقت به إلى رسول الله r أقوده، فقلت له: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ الفرقان على حروف لم تُقرئنيها، وإنك أقرأتني سورة الفرقان، قال: يا هشام اقرَأها. فقرأها القراءة التي سمعته، فقال رسول الله: هكذا أنزلت، ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرات القراءة التي أقرأنيها، فقال رسول الله r: هكذا أنزلت. ثم قال رسول الله: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه([254]).



.


13- خذ ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل:


عن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد كان رسول الله يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر مني حتى أعطاني مرة مالاً. فقلت: أعطه من هو أفقر مني. فقال رسول الله r خذه، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك([255]).



.


14- دعاء رسول الله لعمر رضي الله عنه:


رأى النبي r على عمر ثوباً وفي رواية قميصاً أبيض فقال: أجديد ثوبك أم غسيل؟ فقال: بل غسيل، فقال: البس جديداً، وعش حميداً، ومُت شهيداً([256]).



.


15- لقد علمت حين مشى فيها رسول الله ليباركن فيها:


عن جابر بن عبد الله: أن أباه تُوُفِّي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من اليهود، فاستنظره جابر فأبى أن ينظره، فكلم جابر رسول الله r ليشفع له إليه، فجاء رسول الله r فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى فدخل رسول الله r النخل فمشى فيها ثم قال لجابر: جُدَّ له، فأوف له الذي له، فجده بعد ما رجع رسول الله فأوفاه ثلاثين وسقاً([257])، وفضلت له سبعة عشر وسقاً، فجاء جابر رسول الله ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل، فقال: أخبر بذلك ابن الخطاب، فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر: لقد علمت حين مشى فيها رسول الله ليباركن فيها([258]).




.


16- زواج حفصة بنت عمر رضي الله عنهما من رسول الله:


قال عمر رضي الله عنه: حين تأيمت([259]) حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله r فتوفي في المدينة، فقال عمر: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة بنت عمر، قال: قلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبث لياليَ، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر رضي الله عنه فلم يرجع إليَّ شيئاً، فكنت عليه أوجد مني على عثمان بن عفان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله r فأنكحتها إياه فلقيني

أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال عمر: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي، إلا أني كنت علمت أن رسول الله r قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله r ولو تركها رسول الله لقبلتها([260]) .




.


ثالثاً: موقف عمر رضي الله عنه من خلاف رسول الله مع أزواجه:


عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي r، اللتين قال الله تعالى: } إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا { (التحريم: 4) حتى حجَّ عمر وحججت معه، فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرز ثم أتاني، فسكبت على يديه فتوضأ، فقلت، يا أمير المؤمنين، من المرأتان من أزواج النبي r اللتان قال الله تعالى: } إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا {؟ فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس: قال الزهري: كره، والله

ما سأله عنه ولم يكتمه عنه – قال هي حفصة وعائشة. قال: ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، قال: فتغضبت([261]) يوماً على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك، فو الله إن أزواج النبي r ليراجعنه، وتهجره إحداهنَّ اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت: أتراجعين رسول الله r؟ قالت: نعم. قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت: نعم. قلت: قد خاب من فعل ذلك منكنَّ وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب عليها لغضب رسول الله r فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله ولا تسأليه شيئاً، وسليني ما بدا لك،

ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله r منك - يريد

عائشة -: قال وكان لي جار من الأنصار، وكنّا نتناوب النّزول إلى رسول الله r، فينزل يوماً، وأنزل يوماً، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه بمثل ذلك، قال: وكنا نتحدث أن غسّان تُنْعلُ الخيل لتغزونا، فنزل صاحبي يوماً، ثم أتاني عشاءً فضرب بابي، ثم ناداني فخرجت إليه، فقال: حدث أمر عظيم. فقلت: وماذا، أجاءت غسان؟ قال: لا بل أعظم من ذلك وأطول، طلق الرّسول نساءه. فقلت: قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائناً. حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي، ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت أطلقكن رسول الله؟ فقالت: لا أدري، هو هذا معتزل في هذه المشربة: فأتيت غلاماً له أسود، فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتُك له فصَمتَ، فانطلقت حتى أتيت المنبر، فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتك له فصمت، فوليت مدبراً، فإذا الغلام يدعوني، فقال: ادخل، فقد أذن لك. فدخلت، فسلمت على رسول الله r، فإذا هو متكئ على رمل حصير قد أثر في جنبه، فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إلي وقال؟ لا. فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش قوماً نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت على امرأتي يوماً فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج رسول الله r ليُراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله، فإذا هي قد هلكت؟ فتبسم رسول الله r، فقلت:

يا رسول الله، فدخلت على حفصة، فقلت: لا يغرَّنك إن كانت جارتك هي أوسم وأحبَّ إلى رسول الله r منك، فتبسم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: نعم. فجلست، فرفعت رأسي في البيت، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرُدُّ البصرَ إلا أهبة([262]) ثلاثة، فقلت: ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وُسِّع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالساً، ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت: استغفر لي يا رسول الله. وكان أقسم أن

لا يدخل عليهن شهراً من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل([263]).


هذا ما تيسر جمعه وترتيبه من حياة الفاروق في المجتمع المدني ولقد نال عمر رضي الله عنه أوسمة رفيعة من رسول الله صلى الله عليه ووسلم بينت فضله ودينه وعلمه رضي الله عنه وسنتحدث عنها بإذن الله.
رابعاً: شيء من فضائله ومناقبه:

إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يلي أبا بكر الصديق في الفضل فهو أفضل الناس على الإطلاق بعد الأنبياء والمرسلين وأبي بكر وهذا ما يلزم المسلم اعتقاده في أفضليته رضي الله عنه وهو معتقد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة([264])، وقد وردت الأحاديث الكثيرة والأخبار الشهيرة بفضائل الفاروق رضي الله عنه ومنها:



.


1- إيمانه وعلمه ودينه:


فقد جاء في منزلة إيمانه رضي الله عنه ما رواه عبد الله بن هشام أنه قال: كنا مع النبي r وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي r: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحبّ إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحبُّ إليّ من نفسي. فقال النبي r: الآن يا عمر([265]). وأما علمه فقد قال رسول الله r: بينما أنا نائم شربت – يعني اللبن – حتى أنظر إني الرّي يجري في ظفري أو في أظفاري، ثم ناولت عمر. فقالوا: فما أولته قال العلم([266]). وجه التعبير بذلك من جهة اشتراك اللبن والعلم في كثرة النفع وكونهما سبباً للصلاح، فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي وفي الحديث فضيلة – ومنقبة لعمر رضي الله عنه – وإن الرؤيا من شأنها أن لا تحمل على ظاهرها وإن كانت رؤيا الأنبياء من الوحي لكن منها ما يحتاج إلى تعبير ومنها ما يحمل على ظاهره.. والمراد بالعلم – في الحديث – سياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله r واختص عمر بذلك لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة فلم تكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف ومع ذلك فساس عمر فيها مع طول مدته الناس بحيث لم يخالفه أحد ثم ازدادت اتساعاً في خلافة عثمان فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء ولم يتفق له ما اتفق لعمر في طواعية الخلق له فنشأت من ثم الفتن إلى أن أفضى الأمر إلى قتله واستخلف عليُّ فما ازداد الأمر إلا اختلافاً والفتن إلا انشاراً، وأما دينه، فقد قال رسول الله r: بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض على عمر وعليه قميص اجتره. قالوا فما أولته

يا رسول الله؟ قال: الدين([267]).



.


2- هيبة عمر وخوف الشيطان منه:


عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله r وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى فدخل عمر ورسول الله يضحك. فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله فقال النبي r: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب. قال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم قال عمر يا عدوات أنفسهن، أتهبنني

ولا تهبن رسول الله r فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله r فقال رسول الله r: إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً([268]) قط إلا سلك فجاً آخر([269]) هذا الحديث فيه بيان فضل عمر رضي الله عنه وأنه من كثرة التزامه الصواب لم يجد الشيطان عليه مدخلاً ينفذ إليه([270]).


قال ابن حجر: فيه فضيلة لعمر تقتضي أن الشيطان لا سبيل له عليه لا أن ذلك يقتضي وجود العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها، ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته، فإن قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان، ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي حق غيره ممكنة ووقع في حديث حفصة عند الطبراني في الأوسط بلفظ: إن الشيطان

لا يلقى عمر منذ أسلم إلا فر لوجهه. وهذا دال على صلابته في الدين، واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض، وقال النووي: هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان يهرب إذا رآه: وقال عياض: يحتمل أن يكون ذاك على سبيل ضرب المثل وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل

ما يحبه الشيطان قال ابن حجر والأول أولى([271]).



.


3- ملهم هذه الأمة:


قال رسول الله r: لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر([272]) هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة للفاروق رضي الله عنه وقد اختلف العلماء في المراد بالمحدَّث. فقيل: المراد بالمحدث: الملهم. وقيل: من يجري الصواب على لسانه من غير قصد، وقيل: مكلم أي: تكلمه الملائكة بغير نبوة.. بمعنى أنها تكلمه في نفسه وإن لم ير مكلماً في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام. وفسره بعضهم بالتفرس([273]).


قال ابن حجر: والسبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي r من الموافقات التي نزل القرآن مطابقاً لها ووقع له بعد النبي r عدة إصابات([274]) وكون عمر رضي الله عنه اختص بهذه المكرمة العظيمة وانفرد بها دون من سواه من الصحابة لا تدل على أنه أفضل من الصديق رضي الله عنه([275])، قال ابن القيم: ولا تظن أن تخصيص عمر رضي الله عنه بهذا تفضيل له على أبي بكر الصديق بل هذا من أقوى مناقب الصديق فإنه لكمال مشربه من حوض النبوة وتمام رضاعه من ثدي الرسالة استغنى بذلك عما تلقاه من تحديث أو غيره، فالذي يتلقاه من مشكاة النبوة أتم من الذي يتلقاه عمر من التحديث فتأمل هذا الموضع وأعطه حقه من المعرفة وتأمل ما فيه من الحكمة البالغة الشاهدة لله بأنه الحكيم الخبير([276]).



.


4- لم أر عبقرياً يفري فريه:


قال رسول الله r: رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب([277])، فجاء

أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له([278])، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن([279])، وهذا الحديث فيه فضيلة ظاهرة لعمر رضي الله عنه تضمنها قوله r: فجاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً… الحديث ومعنى: استحالت صارت وتحولت من الصغر إلى الكبر وأمّا ((العبقري)) فهو السيد وقيل: الذي ليس فوقه شيء ومعنى ((ضرب الناس بعطن)) أي أرووا إبلهم ثم آووا إلى عطنها وهو الموضع الذي تساق إليه بعد السقي لتستريح وهذا المنام الذي رآه النبي r مثال واضح لما جرى للصديق وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما وحسن سيرتهما وظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما فقد حصل في خلافة الصديق قتال أهل الردة وقطع دابرهم وأشاع الإسلام رغم قصر مدة خلافته فقد كانت سنتين وأشهراً فوضع الله فيها البركة وحصل فيها من النفع الكثير ولما توفي الصديق خلفه الفاروق فاتسعت رقعة الإسلام في زمنه وتقرر للناس من أحكامه ما لم يقع مثله فكثر انتفاع الناس في خلافة عمر لطولها فقد مصر الأمصار ودون الدواوين وكثرت الفتوحات والغنائم.. ومعنى قوله r: فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه: أي لم أر سيداً يعمل عمله ويقطع قطعه ومعنى قوله r: حتى ضرب الناس بعطن، قال القاضي عياض ظاهره أنه عائد إلى خلافة عمر خاصة وقيل: يعود إلى خلافة أبي بكر وعمر جميعاً لأن بنظرهما وتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا الأمر ((وضرب الناس بعطن)). لأن أبا بكر قمع أهل الردة وجمع شمل المسلمين وألفهم وابتدأ الفتوح ومهد الأمور وتمت ثمرات ذلك وتكاملت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما([280]).



.


5- غيرة عمر رضي الله وبشرى رسول الله له بقصر في الجنة:


قال رسول الله r: رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طليحة

وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال ورأيت قصراً بفنائه جارية، فقلت. لمن هذا؟ فقالوا: لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك. فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار([281])، وفي رواية قال رسول الله r: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبراً. فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله([282])؟ هذان الحديثان اشتملا على فضيلة ظاهرة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أخبر النبي r برؤيته قصراً في الجنة للفاروق وهذا يدل على منزلته عند الله تعالى([283]).



.


6- أحب أصحاب رسول الله إليه بعد أبي بكر:


قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: قلت يا رسول الله، أيُّ الناس أحبّ إليك؟ قال: عائشة قلت: يا رسول الله، من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب ثم عدّ رجالاً([284]).




.


7- بشرى لعمر بالجنة:


عن أبي موسى الأشعري قال: كنت مع النبي r في حائط من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح فقال النبي r: افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له، فإذا أبو بكر فبشرته بما قال رسول الله r: فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي r: افتح له وبشره بالجنة، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي r فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي افتح له وبشره بالجنة، على بلوى تصيبه فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله r فحمد الله، ثم قال: الله المستعان([285]).









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 10:45   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

خامساً: موقف عمر في مرض رسول الله ووفاته:

1- في مرض رسول الله:

قال عبد الله بن زمعة: لما مرض رسول الله r دخل عليه بلال – رضي الله عنه – يدعوه إلى الصلاة، فقال r: مروا من يصلي بالناس. قال: فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت: قم يا عمر فصل بالناس، قال: فقام، فلما كبر سمع رسول الله r صوته، وكان عمر رجلاً مجهراً، قال: فقال رسول الله r: فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، فأبى الله ذلك والمسلمون. قال، فبعث إلى
أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس، قال: قال عبد الله بن زمعة: قال لي عمر:

ويحك !! ماذا صنعت بي يا ابن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله أمر بذلك ولولا ذلك ما صليت بالناس، قال: قلت: والله ما أمرني رسول الله r بذلك، ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس([286]) ، وقد روى ابن عباس بأنه: لما اشتد بالنبي r وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. قال عمر رضي الله عنه: إن النبي r غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا! فاختلفوا وكثر اللّغط قال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله r وبين كتابه([287]) . وقد تكلم العلماء على هذا الحديث بما يشفي العليل ويروي الغليل، وقد أطال النفس في الكلام عليه النووي في شرح مسلم فقال: اعلم أن النبي r معصوم من الكذب ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه، ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه، وليس معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها. مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته، وقد سُحر r حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن يفعله، ولم يصدر منه r في هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها، فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي r به. فقيل: أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع فيه نزاع وفتن، وقيل: أراد كتاباً يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها، ويحصل الإتفاق على المنصوص عليه، وكان النبي r هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه، أو أوحي إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول، وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره. لأنه خشي أن يكتب r أموراً ربما عجزوا عنها، واستحقوا العقوبة عليها، لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها. فقال عمر: حسبنا كتاب الله، لقوله تعالى:
} مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ {(الأنعام، آية:38). وقوله: } الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ { (المائدة،آية:3). فعلم أن الله تعالى أكمل دينه، فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله r، فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه، قال الخطابي: ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله r، أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال. لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله r من الوجع وقرب الوفاة، مع ما اعتراه مع الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين. وقد كان أصحابه r يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش. فأما إذا أمر النبيr بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم([288]) . وقال القاضي: قوله: أهجر رسول الله r، هكذا هو في صحيح مسلم وغيره: أهجر؟ على الاستفهام وهو أصح من رواية من روى هجر يهجر. لأن هذا كله لا يصح منه r. لأن معنى هجر هذى. وإنما جاء هذا من قائله استفهاماً للإنكار على من قال: لا تكتبوا. أي لا تتركوا أمر رسول الله r وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه، لأنه r لا يهجر، وقول عمر رضي الله عنه: حسبنا كتاب الله، رداً على ما نازعه، لا على من أمر النبي r([289])، وعلق الشيخ علي الطنطاوي على ذلك فقال: والذي أراه أن عمر قد تعود خلال صحبته الطويلة للرسول أن يبدي له رأيه لما يعلم من إذنه له بذلك ولرضاه عنه، وقد مر من أخبار صحبته، مواقف كثيرة كان يقترح فيها على رسول الله أموراً، ويطلب منه أموراً، ويسأله عن أمورٍ، فكان الرسول r يقره على ما فيه الصواب، ويرده عن الخطأ، فلما قال الرسول r: ائتوني أكتب لكم كتاباً، اقترح عليه عمر على عادته التي عوده الرسول، أن يكتفي بكتاب الله، فأقره الرسول r، ولو كان يريد الكتابة، لأسكت عمر، ولأمضى ما يريد([290]).


.


2- موقفه يوم قبض الرسول صلى الله عليه وسلم :

لما بلغ الناس خبر وفاة رسول الله r حدثت ضجة كبيرة، فقد كان موت الرسول صدمة لكثير من المسلمين خاصة ابن الخطاب، حدثنا عن ذلك الصحابي الجليل
أبو هريرة – رضي الله عنه – حيث قال: لما توفي رسول الله قام عمر بن الخطاب فقال: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله
ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل: قد مات، والله ليرجعن رسول الله r كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله r قد مات([291])، وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد – حين بلغه الخبر – وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله في بيت عائشة رضي الله عنها ورسول الله r مسجى في ناحية البيت، عليه بردة حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله r ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً، قال: ثم رد البردة على وجه رسول الله r، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال:

على رسلك يا عمر، أنصت، فأبى إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت، أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس: إنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم تلا قول الله تعالى: } وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) { (آل عمران،آية:144).

قال أبو هريرة: فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت، حتى تلاها
أبو بكر يومئذ، قال: وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم، قال: فقال أبو هريرة: قال عمر: فو الله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله قد مات([292]).


.


المبحث الثالث: عمر رضي الله عنه في خلافة الصديق:

أولاً: مقامه في سقيفة بني ساعدة ومبايعته للصديق:

عقب وفاة النبي r اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم،، فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر، فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله
لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب داراً، وأعربهم أحساباً، فبايعوا عمر، أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت، وأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس([293])، فرضي الله عن عمر وأرضاه، فإنه عندما ارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط، وخشي عمر الاختلاف، ومن أخطر الأمور التي خشيها عمر أن يُبْدأ بالبيعة لأحد الأنصار فتحدث الفتنة العظيمة؛ لأنه ليس من اليسير أن يبايع أحد بعد البدء بالبيعة لأحد الأنصار، فأسرع عمر رضي الله عنه إخماداً للفتنة([294])، وقال للأنصار:
يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله r أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر([295])، ثم بادر رضي الله عنه وقال لأبي بكر: ابسط يدك، فبسط يده فبايعه، وبايعه المهاجرون، ثم الأنصار([296]).

وعندما كان يوم الثلاثاء جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إليّ رسول الله r، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله r سيُدبّر أمرنا، يقول: يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله r، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله r، ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوا فبايع الناس أبا بكر بيعته العامة بعد بيعة السقيفة([297])، فكان عمر رضي الله عنه يذود ويقوي، ويشجع الناس على بيعة أبي بكر حتى جمعهم الله عليه، وأنقذهم الله من الاختلاف والفرقة والفتنة، فهذا الموقف الذي وقفه عمر مع الناس من أجل جمعهم على إمامة أبي بكر، موقف عظيم من أعظم مواقف الحكمة التي ينبغي أن تسجل بماء الذهب([298]).

لقد خشي أن يتفرق أمر المسلمين وتشب نار الفتن فأخمدها بالمبادرة إلى مبايعة أبي بكر، وتشجيع الناس على المبايعة العامة فكان عمله هذا سبباً لنجاة المسلمين من أكبر كارثة كانت تحل بهم لولا يمن نقيبته وصحة نظره بعد معونة الله تعالى([299]).


.


ثانياً: مراجعته لأبي بكر في محاربة مانعي الزكاة وإرسال جيش أسامة:

قال أبو هريرة رضي الله عنه: لما توفي رسول الله r وكان أبو بكر بعده. وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله r: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا([300]) ، كانوا يؤدونها إلى رسول الله r لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن الله – عز وجل – قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق([301])، وعندما اقترح بعض الصحابة على
أبي بكر بأن يبقى جيش أسامة حتى تهدأ الأمور أرسل أسامة من معسكره من الجرف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى أبي بكر يستأذنه أن يرجع بالناس وقال: إن معي وجوه المسلمين وجلتهم، ولا آمن على خليفة رسول الله، وحرم رسول الله، والمسلمين أن يتخطفهم المشركون([302])، ولكن أبا بكر خالف ذلك وأصرّ على أن تستمر الحملة العسكرية في تحركها إلى الشام مهما كانت الظروف والأحوال والنتائج، وطلبت الأنصار رجلاً أقدم سناً من أسامة يتولى أمر الجيش وأرسلوا عمر بن الخطاب ليحدث الصديق في ذلك فقال عمر رضي الله عنه، فإن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة رضي الله عنه فوثب أبو بكر رضي الله عنه وكان جالساً وأخذ بلحية عمر رضي الله عنه وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب! استعمله رسول الله وتأمرني أن أعزله([303])، فخرج عمر رضي الله عنه إلى الناس فقالوا: ما صنعت؟ فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم! ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله([304]).

ثالثاً: عمر ورجوع معاذ من اليمن، وفراسة صادقة في أبي مسلم الخولاني، ورأيه في تعيين إبان بن سعيد على البحرين:


.


1- عمر ورجوع معاذ من اليمن:

مكث معاذ بن جبل باليمن في حياة رسول الله r وكان له جهاده الدعوي وكذلك ضد المرتدين، وبعد وفاة رسول الله قدم إلى المدينة، فقال عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره منه. فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي r ليجبره ولست بآخذ منه شيئاً إلا أن يعطيني، ورأى عمر أن أبا بكر رضي الله عنهما لم يأخذ برأية، ولكن عمر مقتنع بصواب رأيه، فذهب إلى معاذ لعله يرضى، فقال معاذ: إنما بعثني رسول الله r ليجبرني ولست بفاعل، إن عمر لم يذهب إلى أبي بكر مستعدياً، ولكنه كان يريد الخير لمعاذ وللمسلمين، وهاهو معاذ يرفض نصيحة عمر ويعلم عمر أنه ليس بصاحب سلطان على معاذ فينصرف راضياً، لأنه قام بواجبه من النصيحة، ولكن معاذاً رأى بعد رفضه نصيحة عمر ما جعله يذهب إليه قائلاً: قد أطعتك، وإني فاعل ما أمرتني به فإني رأيت في المنام أني في خوضة ماء قد خشيت الغرق فخلصتني منه يا عمر. ثم ذهب معاذ إلى أبي بكر رضي الله عنهما فذكر ذلك كله له وحلفه أنه لا يكتمه شيئاً، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا
لا آخذ شيئاً قد وهبته لك. فقال عمر رضي الله عنه: هذا حين حل وطاب([305]) ، وقد جاء في رواية: أن أبا بكر قال لمعاذ: ارفع حسابك فقال معاذ: أحسابان حساب الله وحساب منكم؟ والله لا ألي لكم عملاً أبداً([306]).


.


2- فراسة صادقة في أبي مسلم الخولاني:

كان عمر رضي الله عنه يتمتع بفراسة يندر وجودها في هذه الحياة فقد روى الذهبي: أن الأسود العنسي تنبأ باليمن – ادعى النبوة – فبعث إلى أبي مسلم الخولاني، فأتاه بنار عظيمة، ثم إنه ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره … فقيل للأسود: إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل،فقدم المدينة، فأناخ في راحلته، ودخل المسجد فبصر به فقام إليه، فقال: ممن الرجل؟ قال: من اليمن قال: وما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار؟ قال: ذاك عبد الله بن ثُوَب. قال نشدتك بالله، أنت هو؟ قال: اللهم نعم. فأعتنقه عمر، وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق، فقال: الحمد لله الذي لم يُمتني حتى أراني في أمة محمد r من صنُع به كما صُنع بإبراهيم الخليل([307]).



.


3- رأيه في تعيين أبان بن سعيد على البحرين:

انتهج أبو بكر رضي الله عنه خط الشورى في تعيين الأمراء، فقد ورد أنه شاور أصحابه فيمن يبعث إلى البحرين، فقال له عثمان: ابعث رجلاً قد بعثه رسول الله، فقدم عليه([308]) ، بإسلامهم وطاعتهم، وقد عرفوه وعرفهم، وعرف بلادهم يعني العلاء بن الحضرمي، فأبى ذلك عمر عليه، وقال: أكره إبان بن سعيد بن العاص، فإنه رجل قد حالفهم، فأبى أبو بكر أن يكرهه وقال: لا أكره رجلاً يقول:
لا أعمل لأحد بعد رسول الله وأجمع أبو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي إلى البحرين([309]) .

.:: المصادر والمراجعات ::.
..

([1]) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/265) ، محض الصواب لابن عبد الهادي (1/131).
([2]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/131).
([3]) نفس المصدر (1/131).
([4]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب ص15 .
([5]) نفس المصدر ص15 .
([6]) نفس المصدر ص15 .
([7]) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص133 .

([8]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني ص15 .
([9]) السبلة: طرف الشارب وكان إذا غضب أو حزنه أمر يمسك بها ويفتلها.

([10]) تهذيب الأسماء (2/14) للنووي، أوليات الفاروق للقرشي ص24 .

([11]) نسب قريش للزبيري ص347 .

([12]) أوليات الفاروق السياسية ص22 .

([13]) نفس المصدر ص22 .

([14]) البداية والنهاية (7/144).

([15]) نفس المصدر (7/144).

([16]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية خلافة عمر للسُّلمي ص7 .

([17]) نفس المصدر ص7 .

([18]) الكامل في التاريخ (2/212

([19]) تاريخ الأمم والملوك للطبري (5/191).

([20]) تاريخ الأمم والملوك (5/192).

([21]) البداية والنهاية (7/144).

([22]) الشيخان أبو بكر وعمر برواية البلاذري تحقيق الدكتور إحسان صدقي ص227 .

([23]) فرائد الكلام للخلفاء الكرام، قاسم عاشور ص112 .

([24]) الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب، فاروق مجدلاوي ص90 .

([25]) ضجنان جبل على مسيرة بريد من مكة وقيل على مسافة 25كم.

([26]) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (52/268)، حلقات ابن سعد (3/266) وقال الدكتور عاطف لماضة صحيح الإسناد.

([27]) الفاروق مع النبي د. عاطف لماضه ص5 نقله عن ابن عساكر (52/269).

([28]) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/293) وله شواهد تقويه.

([29]) الفاروق مع النبي ص6 .

([30]) التاريخ الإسلامي العام، علي حسن إبراهيم ص226 ، الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ص90 .

([31]) عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه، د. علي أحمد الخطيب ص153 .

([32]) عمر بن الخطاب، د. محمد أحمد أبو النصر ص17 .

([33]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، د. العاني ص16 .

([34]) تاريخ خليفة بن خياط ص(1/7) نقلاً عن د. العاني ص16 .

([35]) الخليفة الفاروق د. العاني ص16 .

([36]) نفس المصدر ص16 .

([37]) مناقب عمر ص11 .

([38]) الفاروق عمر، عبد الرحمن الشرقاوي ص8 .

([39]) نفس المصدر ص8 .

([40]) الفتاوى (15/36)، فرائد الكلام للخلفاء الكرام ص144 .

([41]) أخبار عمر، الطنطاويات ص12 .

([42]) سيرة ابن هشام (1/216)، فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/341) إسناد حسن.

([43]) الفاروق عمر ص9 .

([44]) الترمذي (3682) المناقب وصححه الألباني صحيح الترمذي 2907 .

([45]) إبلاسها: المراد به اليأس ضد الرجاء.

([46]) الإنكاس: الانقلاب.

([47]) القلاص جمع قُلُص، وهي الفتية من النياق، والأحلاس ما يوضع على ظهور الإبل.

([48]) يا جليح: معناه الوقح المكافح بالعداوة.

([49]) فما نشبنا: أي لم نتعلق بشيء من الأشياء حتى سمعنا أن النبي قد خرج.

([50]) البخاري رقم 3866 .

([51]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص23 وقد ذكر الروايات التي ذكر منها إسلام عمر وخرجها وحكم على أسانيدها.

([52]) سيرة ابن هشام (1/343) فيه انقطاع الطبقات لابن سعد (3/267) عن القاسم بن عثمان البصري عن أنس والقاسم ضعيف وقد حقق الروايات الدكتور وصي الله محمد عبّاس في تحقيقة لكتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد بن حنبل (1/342).

([53]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/344).

([54]) سبق تخريجه، عمر بن الخطاب الطنطاويات ص117 .

([55]) أخبار عمر الطنطاويات ص18 .

([56]) حجز الإنسان: معقد السراويل والإزار لسان العرب (5/332).

([57]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/344).

([58]) الكديد: التراب الناعم فإذا وطئ ثار غباره.

([59]) حلية الأولياء (1/40)، صفة الصفوة (1/103-104).

([60]) الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ص26،27 .

([61]) الرياض النضرة (1/257) لمحب الطبري.

([62]) شرح المواهب (1/320)، أخبار عمر الطنطاويان ص19 .

([63]) الرياض النظرة ص319 .

([64]) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/346) إسناده حسن.

([65]) فضائل الصحابة (1/344) إسناده حسن.

([66]) الشيخان أبو بكر وعمر برواية البلاذري ص141 .

([67]) الطبقات الكبرى (3/269)، صفة الصفوة (1/274).

([68]) نونية القحطاني ص22 .

([69]) تاريخ الخلفاء ص137 .

([70]) أخبار عمر، الطنطاويان ص22 .

([71]) نفس المصدر ص22 .

([72]) عنزته: العنزة عصا في قدر نصف الرمح وهي أطول من العصا وأقوى من الرمح.

([73]) المعاطس: الأنوف.

([74]) خبر لا بأس به انظر صحيح التوثيق في سيرة الفاروق ص30 .

([75]) فتح الباري (7/261) نقلاً عن صحيح التوثيق ص31 .

([76]) البخاري رقم 3925 .

([77]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب ص31 .

([78]) التناضب: جمع تنضيب وهو شجر.

([79]) الأضاءة: على عشرة أميال من مكة.

([80]) سرف: وادي متوسط الطول من أودية مكة.

([81]) الهجرة النبوية المباركة، عبد الرحمن عبد البر ص129 .

([82]) الذلول: أذلها العمل، فصارت سهلة الركوب والانقياد.

([83]) تُعقبني: تجعلني أعقبك عليها لركوبها.

([84]) السيرة النبوية الصحيحة (1/205).

([85]) ذو طوى: واد من أودية مكة.

([86]) الهجرة النبوية المباركة ص131 .

([87]) التربية القيادية (2/ 159).

([88]) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث للصلابي ص512.

([89]) التربية القيادية (2/160).

([90]) نفس المصدر (2/ 160).

([91]) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي 31 .

([92]) الطبقات لابن سعد (3/272).

([93]) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي 31 .

([94]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/184).

([95]) السيرة النبوية للصلاَّبي (1/145).

([96]) منهج الرسول في غرس الروح الجهادية ص10 إلى 16 .

([97]) الرقة والبكاء، عبد الله بن أحمد المقدسي ص166 .

([98]) أصول التربية للخلاوي ص31 .

([99]) عمر بن الخطاب، علي الخطيب ص51 .

([100]) عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه ص51 .

([101]) نفس المصدر ص52 .

([102]) البخاري، ك التفسير رقم 4213 .

([103]) مسلم رقم 2400، أخبار عمر الطنطاويان ص380،381 .

([104]) عقيل بن أبي طالب الهاشمي أسلم يوم الفتح وتوفي في أول خلافة يزيد.

([105]) الرباعية: السّنُ التي بين الثَّنية والناب.

([106]) البيضة: الخُذة سميت بذلك لأنها على شكل بيضة النعام.

([107]) مسند أحمد (1/250) رقم 221 وصححه أحمد شاكر، مسلم بنحوه رقم 1763 .

([108]) الرياض النضرة ص332 سنده ضعيف ذكره الواقدي بدون إسناد.

([109]) الفتاوى (28/10).

([110]) صححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم 378 .

([111]) شهيد المحراب للتلمساني ص101 .

([112]) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (1/72)

([113]) عمر بن الخطاب د. علي الخطيب ص90،91،92 .

([114]) إسناده صحيح على شرط الشيخين الموسوعة الحديثية مسند أحمد رقم 188 .

([115]) الفتاوى (28/10).

([116]) وفي رواية: أمن الناس.

([117]) إسناده صحيح على شرط مسلم، مسند أحمد رقم 174 الموسوعة الحديثية.

([118]) صحيح لغيره مسند أحمد رقم 311 الموسوعة الحديثية.

([119]) تفسير ابن كثير (4/266).

([120]) أخبار عمر بن الخطاب الطنطاويان ص308 نقلاً عن الرياض النظرة.

([121]) فتح الباري (8/49).

([122]) الخلافة الراشدة والدولة الأموية، د. يحيى اليحيى ص305 .

([123]) المستدرك (2/270).

([124]) الخلافة الراشدة والدولة الأموية ص305 .

([125]) تفسير ابن كثير (4/513).

([126]) الفتاوى (7/44).

([127]) الفتاوى (11/382).

([128]) تفسير ابن كثير (4/537).

([129]) تفسير ابن كثير (1/524).

([130]) عمر بن الخطاب، د. محمد أحمد أبو النصر ص87 .

([131]) نفس المصدر ص87 .

([132]) نفس المصدر ص88 .

([133]) نفس المصدر ص88 .

([134]) منهج التربية الإسلامية، محمد قطب ص34،35 .

([135]) الظلال (6/3565).

([136]) عمر بن الخطاب، د. محمد أبو النصر ص91 .

([137]) البخاري، رقم 3681

([138]) فتح الباري (7/36).

([139]) عمر بن الخطاب، د. محمد أبو النصر ص93 .

([140]) البخاري رقم 15 .

([141]) البخاري رقم 6632 .

([142]) أبو داود في الصلاة (1498)، والترمذي في الدعوات (3562). وقال: (هذا حديث حسن صحيح) وابن ماجه في المناسك (2894) كلهم عن عمر وهناك من ضعفه.

([143]) نفس المصدر السابق.

([144]) عمر بن الخطاب، د. محمد أبو النصر ص94 .

([145]) مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص89 .

([146]) الفاروق مع النبي، د. عاطف لماضة ص32 .

([147]) الطبقات لابن سعد (3/391،392) ضعيف لانقطاعه.

([148]) السيرة النبوية (2/388) لابن هشام، صحيح التوثيق ص187.

([149]) الخلافة والخلفاء الراشدين، للبهنساوي ص154.

([150]) البداية والنهاية (3/298).

([151]) البداية والنهاية (3/311).

([152]) التاريخ الإسلامي للحميدي (4/181).

([153]) مسند أحمد رقم 182 الموسوعة الحديثية إسناده صحيح على شرط الشيخين.

([154]) حمالة السيف: ما يربط به السيف على الجسم.

([155]) لببة قيده.

([156]) انظر صحيح السيرة النبوية للعلي ص259.

([157]) صحيح السيرة النبوية ص260 .

([158]) السيرة النبوية، عرض واقع وتحليل أحداث للصّلابي ص868 .

([159]) أعل هبل: ظهر دينك.

([160]) البخاري، المغازي، رقم 404، السيرة الصحيحة (2/ 392).

([161]) السيرة النبوية الصحيحة (2/ 392).

([162]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص 189.

([163]) السيرة النبوية الصحيحة (2/ 392).

([164]) كسع: ضربه برجله.

([165]) السيرة النبوية الصحيحة (2/ 409).

([166]) السيرة النبوية لابن هشام (3/ 319).

([167]) السيرة النبوية الصحيحة (2/409).

([168]) التربية القيادية (3/463).

([169]) نفس المصدر (3/463).

([170]) بطحان: أحد أودية المدينة.

([171]) البخاري رقم 571 .

([172]) السيرة النبوية لابن هشام (2/228)، وأخبار عمر ص34 .

([173]) من معين السيرة للشامي ص333 .

([174]) البخاري، رقم 3011 ، تاريخ الطبري (2/634).

([175]) السيرة النبوية لابن هشام (3/346).

([176]) صلح الحديبية، باشميل ص270 .

([177]) القيادة العسكرية في عهد رسول الله ص495 .

([178]) غزوة الحديبية لأبي فارس ص134،135 .

([179]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص191 .

([180]) مختصر منهاج القاصدين ص293 ، فرائد الكلام للخلفاء ص139 .

([181]) العجز: مؤخَّر الشيء .

([182]) في الأصل (( الفلا )) وهو تحريف.

([183]) تربة: واد يقع شرق الحجاز يصب صوب عالية نجد.

([184]) هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.

([185]) الطبقات لابن سعد (3/272).

([186]) السيرة النبوية لابن هشام (2/228) أخبار عمر ص34.

([187]) الفاروق القائد ص117، 118 شيت خطاب.

([188]) اللواء: العلم، والراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش.

([189]) تصدر: نصب صدره في الجلوس، وجلس في صدر المجلس.

([190]) الرمد: وجع العين وانتفاخها.

([191]) البيضة: الخوذة.

([192]) إسناده حسن رجاله رجال الشيخين، الموسوعة الذهبية مسند أحمد رقم (203).

([193]) السيرة النبوية لابن هشام (2/265)، أخبار عمر ص 37.

([194]) البخاري في المغازي رقم 4274.

([195]) السيرة النبوية لأبي فارس ص 404.

([196]) التاريخ الإسلامي (7/176،177).

([197]) السيرة النبوية ص 518، 519، 520.

([198]) الفاروق مع النبي د.عاطف لماضة ص42.

([199]) السيرة النبوية لابن هشام (2/289)، أخبار عمر ص 41.

([200]) العاتِقُ: ما بين المنكب والعُنُق.

([201]) البخاري رقم 4066، 4067.

([202]) الجعرانة: تقع شمال مكة مع ميل إلى الشرق بتسع وتسعين كيلاً.

([203]) فيه تأويلات: أحدهما معناه لا تفقه قلوبهم، ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والثاني لا يصعدلهم عمل ولا تلاوة

([204]) يخرجون من الدين خروج السهم إذا نفذ الصيد.

([205]) مسلم رقم 1063، البخاري رقم 3138.

([206]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص 200.

([207]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (2/408).

([208]) موضع شمال مكة مع ميل إلى الشرق وتبعد عن مكة تسعةً وتسعين كيلاً.

([209]) الضَّمخ: لطخ الجسد بالطيب حتى كأنما يقطر.

([210]) الغط: هو الصوت الذي يخرج من نفس النائم.

([211]) البخاري، رقم 4700، مسلم رقم 1180.

([212]) تبوك: موضع بين وادي القرى والشام.

([213]) النواضح من الإبل التي يسقى عليها الماء.

([214]) مسلم، ك الإيمان رقم 27.

([215]) الإحسان في تقريب صحيح بن حبان (15/300) مسلم رقم 863.

([216]) انظر: عمر بن الخطاب، د. علي الخطيب ص 108.

([217]) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص133.

([218]) انظر: عمر بن الخطاب، د. علي الخطيب ص 109.

([219]) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/40).

([220]) عمر بن الخطاب د. علي الخطيب ص 109.

([221]) عمر بن الخطاب د. علي الخطيب ص 112.

([222]) في طبعة الشيخ أحمد شاكر: رباتهن.

([223]) إسناده صحيح على شرط الشيخين، مسند أحمد رقم 184 .

([224]) الحائط: البستان.

([225]) الربيع: الساقية أو الجدول.

([226]) فاحتفزت: تضاممت ليسعني المدخل.

([227]) ركبني عمر: تبعني وجاء على أثري.

([228]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين (1/258).

([229]) مسلم، ك الإيمان رقم 31 .

([230]) أمتهوكون: التهوك كالتهور، وهو وقوع في الأمر بغير رؤية.

([231]) الفتاوى (11/232)، مسند أحمد (3/387) عن جابر.

([232]) البخاري، ك بدء الخلق رقم 192 .

([233]) إسناده صحيح على شرط البخاري، مسند أحمد رقم 122 الموسوعة الحديثية.

([234]) إسناده قوي، مسند أحمد رقم 205 الموسوعة الحديثية.

([235]) سعد بن سالم مولى شيبة بن ربيعة صحابي، محض الصواب (2/700).

([236]) البخاري، رقم 92 ، مسلم رقم 2360 .

([237]) البخاري، رقم 93 ، مسلم 2359 .

([238]) الدولج: المخدع؛ وهو البيت الصغير داخل البيت الكبير.

([239]) المغيبة: التي غاب عنها زوجها.

([240]) مسند أحمد (4/41) رقم 2206 قال أحمد شاكر إسناده صحيح.

([241]) إسناده صحيح على شرط الشيخين، مسند أحمد رقم 281 .

([242]) البخاري، ك الوصايا رقم 2772 رواية أخرى.

([243]) البخاري، ك الوصايا رقم 2773 رواية أخرى.

([244]) التميمي الدارمي.

([245]) مسلم، رقم 2068 .

([246]) البخاري، ك الأدب، رقم 5636 .

([247]) صعب: غير منقاد ولا ذلول.

([248]) البخاري، ك البيوع، رقم 2009 .

([249]) البخاري، ك العلم رقم 131 .

([250]) إسناده صحيح، مسند أحمد رقم 175 الموسوعة الحديثية.

([251]) الزهري له ولأبيه صحبة توفي سنة 64هـ .

([252]) ساوره: مساورة وسواراً: واثبه.

([253]) لببه تلبيباً: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة.

([254]) البخاري، ك فضائل القرآن، رقم 4754 ، مسلم رقم 818 .

([255]) مسلم، ك الزكاة رقم 1045 .

([256]) حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 352 ، وهو في الصحيح الجامع 1234 .

([257]) الوسق: ستون صاعاً.

([258]) البخاري، ك الاستقراض رقم 2266.

([259]) تأيمت: مات عنها زوجها.

([260]) البخاري، ك النكاح، رقم 5122، عمر بن الخطاب، محمد رشيد ص23.

([261]) أي: فغضبت .

([262]) أهبة: الجلود قبل الدبغ.

([263]) إسناده صحيح على شرط الشيخين مسند أحمد رقم 222 الموسوعة الحديثة.

([264]) عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام، د. ناصر بن علي عائض حسن الشيخ (1/243).

([265]) الصحيح المسند في فضائل الصحابة 66 .

([266]) فتح الباري (7/46).

([267]) مسلم رقم 2390 .

([268]) الفج: الطريق الواسع ويطلق على المكان المنخرق بين الجبلين.

([269]) البخاري رقم 3683 ، مسلم 2386 .

([270]) عقيدة أهل السنة والجماعة (1/348).

([271]) فتح الباري (7/47-48)، شرح النووي (15/165-167).

([272]) البخاري رقم 3689 ، مسلم رقم 2398 .

([273]) فتح الباري (7/50)، شرح النووي (15/166).

([274]) فتح الباري (7/51).

([275]) عقيدة أهل السنة والجماعة (1/251).

([276]) مفتاح دار السعادة (1/255).

([277]) القليب: البئر غير المطوية.

([278]) والله يغفر له: هذه عبارة ليس فيها تنقيص لأبي بكر وإنما كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم.

([279]) مسلم رقم 2393 .

([280]) شرح النووي (15/161-162).

([281]) مسلم رقم 2394 ، صحيح التوثيق ص54 ، البخاري برقم 3476 + 6620 .

([282]) مسلم رقم 2395 .

([283]) عقيدة أهل السنة والجماعة والصحابة (1/245).

([284]) الإحسان في صحيح ابن حبان (15/209). الحديث في مسلم برقم 2384 ، والبخاري باب غزو ذات السلاسل برقم 4100 .

([285]) البخاري، ك الصحابة رقم 3290.

([286]) حديث إسناده صحيح أخرجه أبو داود رقم 4660.

([287]) البخاري، ك العلم رقم 114.

([288]) صحيح السيرة النبوية ص750 نقلاً عن شرح مسلم (11/ 90).

([289]) شرح النووي (11/ 90)، فصل الخطاب في مواقف الأصحاب للغرسي ص41.

([290]) أخبار عمر ص46.

([291]) السيرة النبوية لابن أبي شهبة (2/594).

([292]) البخاري، ك الجنائز، رقم 1242.

([293]) مسند أحمد (1/213) وصحح إسناده أحمد شاكر.

([294]) الحكمة في الدعوة إلى الله، سعيد القحطاني ص226 .

([295]) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/280).

([296]) البخاري، ك فضائل الصحابة. رقم 3668 .

([297]) البداية والنهاية (6/305،306) إسناده صحيح.

([298]) الحكمة في الدعوة إلى الله ص227 .

([299]) الخلفاء الراشدون، عبد الوهاب النجار ص123 .

([300]) العناق: هي الأنثى من أولاد المعز مالم يتم له سنة.

([301]) البخاري، ك استتابة المرتدين والمعاندين رقم 6566.

([302]) الكامل لابن الأثير (2/226).

([303]) تاريخ الطبري (4/46).

([304]) نفس المصدر (4/46).

([305]) شهيد المحراب ص69 نقلاً عن الاستيعاب (3/338).

([306]) عيون الأخبار (1/125).

([307]) سير أعلام النبلاء (4/8+9)، أصحاب الرسول (1/137).

([308]) كنز العمال (5/620) رقم 14093.

([309]) القيود الواردة على سلطة الدولة وعبد الله الكيلاني ص169.


.











رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 17:16   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مجنونة زنت:

أتي عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار الناس فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها علي بن أبي طالب فقال: ارجعوا بها ثم أتاه فقال: أما علمت أن القلم قد رفع، فذكر الحديث وفي آخره قال: بلى قال فما بال هذه ترجم؟ فأرسلها([256])، وجعل عمر يكبر([257]).


5- ذمي استكره مسلمة على الزنا:

حدث ذلك في خلافة عمر رضي الله عنه، فصلبه لأنه خالف شروط العهد([258]).


6- إكراه نساء على الزنا:

أتي عمر بإماء من إماء الإمارة استكرههنّ غلمان من غلمان الإمارة فضرب الغلمان ولم يضرب الإماء([259])، وأتي عمر بامرأة زنت فقال: إني كنت نائمة فلم أستيقظ إلا برجل قد جثم علي فخلى سبيلها ولم يضربها([260])، فهذه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولا فرق بين الإكراه بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها وبين الإكراه بالتهديد بالقتل، فقد حدث في عهد عمر: أن امرأة استسقت راعياً فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت فرفع ذلك إلى عمر فقال لعلي: ما ترى فيها؟ قال: إنها مضطرة فأعطاها عمر شيئاً وتركها.

7- حكم من جهل تحريم الزنا:

عن سعيد بن المسيب: أن عاملاً لعمر بن الخطاب كتب إلى عمر يخبره: أن رجلاً اعترف عنده بالزنى؟ فكتب إليه عمر، أن سله: هل كان يعلم أنه حرام، فإن قال: نعم، فأقم عليه الحد، وإن قال: لا، فأعلمه أنه حرام، فإن عاد فاحدده([261]).


.

8- تزوجت في عدتها وهي وزوجها لا يعلمان التحريم:

تزوجت امرأة في عدتها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فضربها دون الحد وفرق بينهما([262])، وجلد الزوج تعزيراً([263]).


9- امرأة تزوجت ولها زوج كتمته:

رجمها عمر، وجلد الزوج مائة سوط، ولم يُرْجم للجهالة([264]).


10- اتهام المغيرة بن شعبة بالزنا:

فشهد عليه ثلاثة وتراجع الرابع فقال عمر: الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد r([265])، وأقام حد القذف على الشهود الثلاثة لأن الشهادة لم تكتمل بالثلاثة([266]).


.

11- حكم من تسرت بغلامها:

تزوجت امرأة عبدها، فقيل لها، فقالت: أليس الله يقول} وَمَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ { فهذا ملك يمين ورفع الأمر إلى عمر رضي الله عنه فقال لها: لا يحل لك ملك يمينك([267]) وفي رواية وفرق بينهما وجلدها مئة تعزيراً لا حداً، وقد أسقط عمر عنها الحد لجهلها بالتحريم([268]).


12- امرأة اتهمت زوجها بجاريتها:

اتهمت امرأة زوجها بجاريتها ثم اعترفت بأنها وهبتها له، فحكم عمر رضي الله عنه؛ بإقامة حد القذف على المرأة ثمانين جلدة([269]).


13- إقامة حد القذف بالتعريض:

حدث في عهد الفاروق أن عرّض أحد الأشخاص بآخر فقال له: ما أبي بزان
ولا أمي بزانية، فاستشار عمر في ذلك فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: كان لأبيه وأمه مكان غير هذا، نرى أن تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين جلدة([270])، فعمر رضي الله عنه قد جلد الحد بالتعريض لأن القرينة كانت واضحة، فقد كان الرجل يعرّض بصاحبه لأن الحال تبين لك فهو ما قال إلا بعد سب ومخاصمة، وفعل عمر رضي الله عنه يعتبر سياسة أراد بها تأديب السفهاء وحفظ أعراض الأبرياء وهي سياسة حكيمة لا تخالف نصاً من كتاب ولا سنة، بل إنها عمل بروح الشريعة الغرّاء([271]).

14- إهدار دم اليهودي المعتدي على العرض:

كان شابان صالحان متآخيان في عهد عمر رضي الله عنه، فأغزى أحدهما فأوصى أخاه بأهله، فأنطلق ذات ليلة إلى أهل أخيه يتعهدهم فإذا سراج في البيت يزهر، وإذا يهودي في البيت مع أهل أخيه وهو يقول:

وأشعت غره الإسلام مني
أبيت على ترائبها ويمسي
كأن مجامع الربلات([272]) منها


خلوت بعرسه ليل التمام([273])
على جرداء لاحقه الحزام([274])
فئام ينهضون إلى فئام([275])


.

فرجع الشاب إلى أهله فاشتمل على السيف حتى دخل على أهل أخيه، فقتل اليهودي ثم جرده فألقاه في الطريق، فأصبح اليهود وصاحبهم قتيل لا يدرون من قتله، فأتوا عمر بن الخطاب، فدخلوا عليه، وذكروا ذلك له، فنادى عمر في الناس الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله رجلاً علم من هذا القتيل علماً إلا أخبرني به فقام الشاب، فأنشد عمر الشعر وأخبره فقال عمر: لا يقطع الله يديك، وأهدر دمه([276]).



15- قتيل الله لا يودى أبداً:

روى عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في سننه: أن رجلاً استضاف ناساً من هذيل، فأرسلوا جارية تحتطب لهم، فأعجبت المضيف فتبعها، فأرادها على نفسها، فامتنعت، فعاركها ساعة، فانفلتت منه، انفلاتة فرمته بحجر، ففضت كبده فمات، ثم جاءت إلى أهلها فأخبرتهم، فذهب أهلها إلى عمر فأخبروه، فأرسل عمر، فوجد آثارهما فقال: قتيل الله لا يودى أبداً فهو رضي الله عنه قد أهدر دم ذلك المعتدي فلا قصاص ولا دية ولا كفارة.



16- لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم:

عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن غلاماً قتل غيلة فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم وفي رواية: إن أربعة قتلوا صبياً فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم([277])، وهذا الحكم لم يوجد فيه نص من كتاب ولا سنة ولم يوجد أثر عن الصديق أنه قضى بمثله، وإنما بنى حكمه على فهمه لمقاصد الشريعة والتي جاءت لحفظ أمن المجتمع واستقراره، إذ أن الدماء ليست أمراً هيناً، ولذلك يقتضي العدل، ومصلحة الأمة، ومقاصد الشريعة القصاص إذا ثبت أن الجميع تواطئوا على قتله وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وسعيد بن المسيب والحسن وأبي سلمة وعطاء وقتادة والثوري، والأوزاعي وغيرهم([278])، وهذا الرأي هو الأرجح والأَولى بالاتباع وذلك لقوة الدليل في فعل عمر وإجماع الصحابة ولما فيه من حكمة في ردع وزجر الناس وحفظ النفوس في المجتمع([279]).


.

17- عقوبة الساحر القتل:

كتب عمر رضي الله عنه إلى عماله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة([280])، ونفذ ذلك وكان إجماعاً من الصحابة([281]).

18- من قتل ولده متعمداً؟ وما حكم المسلم الذي يقتل ذمياً؟

حكم عمر رضي الله في من قتل ولده بدفع الدية([282])، وأما المسلم الذي يقتل ذمياً فحكمه القتل قصاصاً وهذا حدث في عهد عمر حيث قتل مسلم ذمياً بالشام، فقتل قصاصاً([283]).


19- الجمع بين الدية والقسامة:

القسامة: هي الأيمان المكررة في دعوى القتل من أولياء القتيل أو المدعى عليهم([284])، وقد أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن الشعبي: أن قتيلاً وجد بين وادعة وشاكر([285])، فأمرهم عمر بن الخطاب أن يقيسوا ما بينهما فوجدوه إلى وادعة أقرب فأحلفهم خمسين يميناً، كل رجل: ما قتلته ولا علمت قاتله، ثم أغرمهم الدية، فقالوا: يا أمير المؤمنين لا أيماننا دفعت عن أموالنا ولا أموالنا دفعت عن أيماننا فقال عمر: كذلك الحق([286]).

20- اللهم لم أشهد ولم آمر، ولم أرضَ ولم أسر إذ بلغني:

لما أُتي عمر بفتح (تستر) قال: هل كان شيء؟ قالوا: نعم رجل ارتد عن الإسلام. قال: فما صنعتم به قالوا: قتلناه. قال: فهلا أدخلتموه بيتاً وأغلقتم عليه وأطعمتموه كل يوم رغيفاً فاستتبتموه فإن تاب وإلا قتلتموه، ثم قال: اللهم لم أشهد، ولم آمر، ولم أرضَ، ولم أُسر إذ بلغني([287]).


21- جعل حد الخمر ثمانين جلدة:

لما تولى الفاروق الخلافة وكثرت الفتوحات الإسلامية وتحسنت أحوال الناس، وتباعدت الديار ودخل كثير من الناس الإسلام ولم يأخذوا التربية الإسلامية الكافية والتفقه في الدين كمن سبقهم من المسلمين، فكثر في الناس شرب الخمر وكانت مشكلة أمام عمر، فجمع كبار الصحابة وشاورهم في الأمر، فاتفقوا على أن يبلغ هذا الحد ثمانين وهو أدنى الحدود، فعمل به ولم يخالفه أحد من الصحابة في عهده([288])، فقد ذكر ابن القيم: أن خالد بن الوليد بعث وبرة الصليتي من الشام إلى عمر قال فأتيته وعنده طلحة والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف متكئون في المسجد فقلت له إن خالد بن الوليد يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الناس قد انبسطوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فما ترى. فقال عمر: هم هؤلاء عندك. قال: فقال عليّ: أراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فأجمعوا على ذلك فقال عمر: بلغ صاحبك ما قالوا، فضرب خالد ثمانين وضرب عمر ثمانين([289]).

22- إحراق حانوت الخمر:

عن يحيى بن سعيد بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وجد عمر في بيت رجل من ثقيف شراباً فأمر به فأحرق، وكان يقال له رويشد فقال: أنت فويسق([290])، وقال ابن الجوزي: وأحرق يعني عمر بيت رويشد الثقفي، وكان حانوتاً يعني نباذاً([291])، وقال ابن القيم: وحرق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حانوت الخمر بما فيه، وحرق قرية تباع فيها الخمر([292]).


23- أنكحها نكاح العفيفة المسلمة:

أتى عمر رضي الله عنه رجل فقال: إن ابنة لي كنت وأدتها في الجاهلية فاستخرجناها قبل أن تموت، فأدركت معنى الإسلام فأسلمت، ثم أصابها حد من حدود الله، فأخذت الشُّفرة لتذبح نفسها، وأدركناها وقد قطعت بعض أوداجها([293])، فداويتها حتى برأت، ثم أقبلت بعد توبة حسنة، وهي تخطب إلى قوم، فأخبرهم بالذي كان؟ فقال عمر: رضي الله عنه: أتعمد إلى ما ستره الله فتبديه، والله لئن أخبرت بشأنها أحداً لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار، أنكحها نكاح العفيفة المسلمة([294]).


24- من طلق زوجته يمنعها من الميراث:

عن سالم عن أبيه أن غيلان الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال النبيصلى الله عليه وسلم اختر منهن أربعاً، فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأرسل إليه عمر فقدم عليه، فقال له: إني أظهر أن الشيطان فيما يسترق السمع سمع بموتك فقذف في قلبك أنك تموت، فحملك مبادرة ذلك على ما صنعت، وإني والله لأظنك لا تلبث بعد أن تقوم عن حضري هذا حتى تموت، وايم الله لئن مت قبل أن تراجع نساءك وترجع مالك لأورثن نساءك من مالك، ثم لأرجمن قبرك حتى أجعل عليه مثل ما على قبر
أبي رغال، فراجع نساءه – ولم يكن بت طلاقهن – وارتجع ماله الذي قسم بين بنيه، ثم ما لبث أن مات([295]).


.

25- أقل مدة الحمل وأكثره:

رفعت إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فأراد عمر أن يرجمها، فجاءت أختها إلى عليّ فقالت: إن عمر همّ برجم أختي، فأنشدك الله إن كنت تعلم لها عذراً لما أخبرتي به، فقال علي: إن لها عذراً، فكبرت تكبيرة سمعها عمر ومن عنده، فانطلقت إلى عمر فقالت: إن علياً زعم أن لأختي عذراً، فأرسل عمر إلى علي: ما عذرها؟ فقال إن الله يقول: ((والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)) وقال: (( وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)) فالحمل ستة أشهر والفصال أربعة وعشرون شهراً فخلى عمر سبيلها، وقد يبقى الحمل في بطن أمه أكثر من تسعة أشهر، فقد رفعت لعمر امرأة غاب عنها زوجها سنتين، فجاء وهي حبلى، فهم عمر برجمها فقال له معاذ بن جبل: يا أمير المؤمنين إن يك لك السبيل عليها، فليس لك السبيل على ما في بطنها، فتركها عمر حتى ولدت غلاماً قد نبتت ثناياه، فعرف زوجها شبهه به، قال عمر: عجز النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ هلك عمر([296])، ويظهر أن عمر كان يرى أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات، لأنه قضى في امرأة المفقود أنها تتربص أربع سنين، ثم تعتد عدة الوفاة قال ابن قدامة حاكياً مذهب عمر في ذلك: المفقود تتربص زوجته أربع سنين أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً وتحل للأزواج([297]).


.

سابعاً: فرض القيود على الملكية حتى لا يقع تعسّف في استعمالها:

ومن اجتهادات عمر التي سبق بها زمانه والتي تدل على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتفرض قيوداً على الملكية حتى لا يقع تعسف في استعمالها ما رواه مالك في الموطأ: عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة، فأبى محمد، فقال له الضحاك، لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولاً وآخراً ولا يضرك، فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد لا فقال عمر لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تسقي به أولاً وآخراً وهو لا يضرك، فقال محمد لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به، ففعلَ الضحاك([298])، وكان هذا قياساً من عمر على حديث
أبي هريرة الذي قال فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) ثم قال أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم([299]).

ويظهر لنا أن ما فعله عمر هو قياس أولى، لأن نهي النبي الجار أن يمنع جاره غرز خشبة في جداره، هذه العملية وإن كانت لا تضر الجار فإنها في ذات الوقت لا تنفع هذا الجار، في حين أن مرور الماء اجتمع فيه الأمران معاً، نفع الجار، وعدم إلحاق الضرر به، فهو قياس أولى، وإذا كان أحمد إبراهيم يرى أن عمر قضى في هذه النازلة بما يعرف اليوم بقواعد العدالة([300])، فإن عبد السلام السليماني يرى أنها تدخل فيما يعرف اليوم في الفقه الغربي بنظرية التعسف في استعمال الحق هذه النظرية التي سبق إليها المسلمون الفقه الغربي بعدة قرون، وقد استمدت من حديث أبي هريرة سالف الذكر، الذي عممه عمر في كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من دار جاره وأرضه وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز ذلك إلا بإذن جاره([301]).

ويلاحظ على هذه النازلة عدة أمور وهي:

1- أن هذه النازلة تدخل في الاجتهاد القضائي لعمر، لأنه قضى فيها بناء على شكوى تقدم بها الضحاك إلى عمر بعد أن امتنع محمد بن مسلمة من الاستجابة لما طلب منه بصفة ودية، وبعد أن دعي هذا الأخير للحضور في مجلس عمر رضي الله عنه.

2- أن عمر لم يحكم في هذه النازلة جزافاً بل إنه تثبت في الأمر واطلع على ملابسات القضية وتأكد من إصرار الخصم على موقفه الرافض لمرور الماء في أرضه، وهو موقف لا مبرر له، لأن مرور الماء لم يكن يشكل أي ضرر على المدعى عليه بل على العكس من ذلك كان سيعود عليه بالنفع المحض ويحقق المصلحة المشتركة للطرفين معاً، وما دام الأمر كذلك فإن الامتناع عنه يشكل حائلاً أمام تحقيق مصلحة عامة ويدخل في نطاق التعسف في استعمال الحق، ولم يكن عمر ليتهاون في تحقيق الصالح العام لكل أفراد الأمة.

3- لاين سيدنا عمر محمد بن مسلمة، وهو يخاطبه مذكراً إياه بأخوة الإسلام محاولاً إقناعه بالرجوع إلى جادة الصواب ولما قابل هذا اللين بالرفض البات المشفوع بالقسم، وهو موقف أبان عن تحد لأمر الخليفة وامتناع عن الانصياع لحكمه، فجاء رد فعل عمر عنيفاً وفي مستوى مسؤوليته صونا لهيبة الخلافة التي لم يكن يستعملها إلا لتحقيق الصالح العام لجماعة المسلمين وصيانة الحقوق([302]).


.

ثامناً: إمضاؤه الطلاق الثلاث بلفظ واحد:

عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم([303])، وعن أبي الصهباء قال
لابن عباس: أتعلم أنّما كانت الثلاث تُجعلُ واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس نعم([304]).

في هذين الأثرين قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإيقاع الطلاق الثلاث ثلاثاً، على خلاف ما كان عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر الصديق، حيث كان الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد أو مجلس واحد يوقع طلقة واحدة. ووجهة عمر في إيقاع هذه العقوبة والتعزير أن الناس أكثروا من إحداث طلاق الثلاث، فأراد أن يردهم إلى الطلاق السُّنِّي الذي شرعه الله، وهو إيقاع طلقة واحدة ثم يتركها حتى تنتهي عدتها، فإن كان له رغبة في عودة وشائج الزوجية راجعها قبل انتهاء العدة، وهكذا حتى تنتهي عدد الطلاق الثلاث([305])، وهذا التصرف من عمر بن الخطاب اعتبره بعض الناس مخالفة للنصوص ومنهم الدكتور عطية مصطفى مشرفة حيث قال: وكان عمر جريئاً في العمل بالرأي ولو خالف ذلك بعض النصوص والقواعد التي كانت معروفة ومعمولاً بها من قبل، ليكون الحكم ملائماً لأحوال المجتمع الإسلامي الجديد([306])، وذكر من الأمثال التي ضربها إيقاع الطلاق بلفظ الثلاث ثلاثاً([307]) والحق أن عمر بهذا التصرف لم يخالف النصوص القطعية، وإنما اجتهد في فهم النصوص، إذ له سند منها:

1- روى مالك عن أشهب عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدّثه أن
ابن شهاب حدثه، أن ابن المسيب حدَّثه، أن رجلاً من أسلم طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات، فقال له بعض الصحابة: إن لك عليها رجعة، فانطلقت امرأته حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي طَلَّقَني ثلاث تطليقات في كلمة واحدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بنت منه ولا ميراث بينكما([308]). ففي هذا الحديث أمضى رسول اللهصلى الله عليه وسلم الطلاق الثلاث بكلمة واحدة ثلاثاً.

2- روى النسائي بسنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجُلٌ وقال: يا رسول الله ألا أقتله([309])، ففي هذا الحديث غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من طلق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد وأنكر عليه، مما يدل على وقوعها، إذ لو لم تقع الثلاث بلفظ واحد ثلاثاً لبيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن تأخير البيان عن وقت
الحاجة مع إمكانه غير جائز([310]).

3- وعن نافع بن عمير بن عبد يزيد بن ركانة، أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سُهيمة ألبتَّة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: والله ما أردت إلا واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان([311]).

ففي هذا الحديث لما طلق ركانة زوجته البتة، وادعى أنه لم يرد إلا طلقة واحدة، استحلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على أنه ما يريد إلا طلقة واحدة، فحلف فردها إليه، مما يدل على أنه لو قصد بطلاقه البتة الطلاق الثلاث لوقعن، وإلا فلم يكن لتحليفه معنى، وبعد سياق ما تقدم نجد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه استند إلى دليل من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه بإمضائه الثلاث بلفظ واحد ثلاثاً لم يكن بدعا من عند نفسه، كما أن كثيراً من الصحابة رضوان الله عليهم وافقه فيما ذهب إليه، كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود ولهم أكثر من رواية، وعمران بن حصين وعلى هذا فقضية إيقاع الطلاق ثلاثاً بكلمة واحدة، أو كلمات مثل أن يقول: أنت طالق ثلاثاً، أو أنت طالق وطالق وطالق أو أنت طالق ثم طالق ثم طالق أو يقول: أنت طالق ثم ثلاثاً أو عشر طلقات، أو مائة طلقة، أو ألف طلقة، أو نحو ذلك من العبارات مسألة اجتهادية للحاكم بحسب ما يرى من المصلحة في الزمان والمكان أن يوقعها ثلاثاً أو طلقة واحدة رجعية([312])، وقال ابن القيم رحمه الله: لم يخالف عمر إجماع من تقدمه، بل رأى إلزامهم بالثلاث عقوبة لهم، لما علموا أنه حرام وتتابعوا فيه، ولا ريب أن هذا سائغ للأئمَّة أن يلزموا الناس بما ضيقوا به على أنفسهم، ولم يقبلوا فيه رخصة الله عزوجل وتسهيله([313]).


.

تاسعاً تحريم نكاح المتعة:

رويت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه آثار في تحريم نكاح المتعة والتشديد في ذلك، واعتباره زنا يعاقب عليه بالرجم بالحجارة لمن أحصن وقد ظن بعض الناس أن المحرِّم لنكاح المتعة هو عمر بن الخطاب دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي نضرة قال: كان
ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، قال: فذكرت ذلك لجابر بن
عبد الله فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء الله بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحجّ والعمرة لله كما أمركم الله، وأبتُّوا نكاح هذه النِّساء فلن أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة([314])، فهذا الأثر يفيد أن المتعة كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي حرّمها عمر بن الخطاب والآثار التي تفيد أن المتعة كانت حلالاً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحرمها وكذلك عهد أبي بكر وإنما الذي حرم المتعة بعد أن كانت حلالاً، هو أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب ذُكرت عند مسلم، ومصنف
عبد الرزاق وفي الحقيقية أن الذي حرّم المتعة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذين نقل عنهم من الصحابة الذين كانوا يرون جواز نكاح المتعة، ولم يبلغهم النهي القاطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك من نسب تحريم المتعة إلى عمر بن الخطاب دون أن يكون له سند من النصوص الشرعية من المتأخرين، أمثال أبي هلال العسكري([315])، ورفيق العظم([316]) فقد جهل أدلة ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت سنداً للفاروق في تحريمه للمتعة وإليك بعض الأحاديث التي وردت عن رسول الله والتي تفيد أنه حرم نكاح المتعة والتي منها:

1- روى مسلم بسنده عن سلمة قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس([317]) في المتعة ثلاثاً، ثم نهى عنها([318]).

2- وروى مسلم بسنده عن سبرة أنه قال: أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر، كأنها بكرة عيطاء([319])، فعرضنا عليها أنفسنا، فقالت: ما تعطى؟ فقالت ردائي وقال صاحبي ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي، وكنت أشب منه([320])، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إليَّ أعجبتها، ثم قالت: أنت ورداؤك يكفيني، فمكثت معها ثلاثاً ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان عنده شيء من هذه النساء التي يَتَمتَّعُ، فليُخل سبيلها([321]).

3- وروى مسلم بسنده عن سبرة الجهني، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إنِّي قد كنت أَذِنْتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده شيء فليُخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً([322]).

4- ورورى مسلم بسنده عن علي بن أبي طالب أنه سمع ابن عباس يُليِّنُ في متعة النساء فقال: مهلاً يا ابن عباس، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية([323]).

إن الفاروق رضي الله عنه لم يبتدع تحريم نكاح المتعة من عند نفسه، بل كان متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حرمها صلى الله عليه وسلم عام الفتح في السنة الثامنة من الهجرة تحريماً مؤبداً، بعد أن حرمها في خيبر سنة ست من الهجرة، ثم أحلها عام الفتح فمكث الناس خمسة عشرة يوماً وهم يستمتعون، ثم حرمها صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة([324]).


([1]) دراسات في الحضارة الإسلامية أحمد إبراهيم الشريف ص253.
([2]) نفس المصدر ص254.
([3]) مبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي د.سعاد إبراهيم صالح ص213.
([4]) سياسة المال في الإسلام في عهد عمر بن الخطاب، عبد الله جمعان السعدي ص8.
([5]) الموطأ (1/256)، عصر الخلافة الراشدة ص194.
([6]) الموسوعة الحديثة مسند أحمد رقم 82، إسناده صحيح.
([7]) صحيح الترمذي (1/196) وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم.
([8]) عصر الخلافة الراشدة ص194،195.
([9]) عصر الخلافة الراشدة ص195، الأموال لابن زنجويه (3/990) الأثر صحيح.
([10]) الأموال أبو عبيد ص455 والأثر صحيح نقلاً عن عصر الخلافة الراشدة ص195.
([11]) عصر الخلافة الراشدة ص195.
([12]) المصنف (4/134، 135) والأثر صحيح نقلاً عن عصر الخلافة الراشدة ص195.
([13]) عصر الخلافة الراشدة ص195 والأثر صحيح.
([14]) نفس المصدر ص195 والأثر صحيح.
([15]) نفس المصدر ص196 والأثر صحيح.
([16]) فتح الباري (3/313) نقلاً عن عصر الخلافة الراشدة ص196.
([17]) الحياة الاقتصادية في العصور الإسلامية الأولى د. محمد بطابنة ص104.
([18]) عصر الخلافة الراشدة ص196، 197.
([19]) السياسة الشرعية لابن تيمية ص113، 114، المعاهدات في الشريعة د. الديك ص313.
([20]) أهل الذمة في الحضارة الإسلامية حسن المِمّي ص39.
([21]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص235.
([22]) نفس المصدر ص235 نقلاً عن مصنف ابن أبي شيبة (1/141).
([23]) البخاري، ك الجزية والموادعة رقم 3156.
([24]) سواد العراق.
([25]) البخاري، رقم 3156.
([26]) أهل الذمة في الحضارة الإسلامية ص42.
([27]) موسوعة فقه عمر ص238.
([28]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص238 نقلاً عن المحلى (7/345).
([29]) نفس المصدر ص239 نقلاً عن المغني (8/511).
([30]) موسوعة فقه عمر ص239.
([31]) المعاهدات في الشريعة الإسلامية د. الديك ص314.
([32]) فتوح البلدان ص143، الموارد المالية د. يوسف عبد المقصود ص228.
([33]) تاريخ الدعوة الإسلامية د. جميل المصري ص327.
([34]) دور الحجاز في الحياة السياسية ص230.
([35]) دور الحجاز في الحياة السياسية ص230.
([36]) عصر الخلافة الراشدة ص173.
([37]) نفس المصدر ص231، عصر الخلافة الراشدة ص167.
([38]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص243.
([39]) أهل الذمة في الحضارة الإسلامية ص43.
([40]) نفس المصدر ص43.
([41]) تاريخ الطبري (5/30) وقد ضعف الدكتور العمري هذه الرواية، انظر عصر الخلافة الراشدة ص167.
([42]) التاريخ الإسلامي (11/141، 142).
([43]) الأموال (1/37) نقلاً عن سياسة المال في الإسلام عبد الله جمعان ص72.
([44]) فتح القدير (1/514)، سياسة المال في الإسلام ص72.
([45]) فتوح البلدان ص186، سياسة المال في الإسلام ص72، يعتبر كتاب سياسة المال في عهد عمر بن الخطاب للأستاذ عبد الله جمعان السعدي هو العمدة في مبحث المؤسسة المالية فقد قمت بتلخيصه وإضافة عض الأشياء.
([46]) سياسة المال في الإسلام ص72.
([47]) نفس المصدر ص73، النظام الإسلامي المقارن ص39.
([48]) نفس المصدر ص73.
([49]) الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص164.
([50]) سياسة المال في الإسلام في عهد عمر بن الخطاب ص174.
([51]) سياسة المال في الإسلام في عهد عمر ص76.
([52]) نفس المصدر ص67.
([53]) الخراج لأبي يوسف ص24،25، اقتصاديات الحرب ص215.
([54]) الاستخراج لأحكام الخراج ص40، اقتصاديات الحرب ص215.
([55]) سياسة المال في الإسلام ص103.
([56]) الأموال لأبي عبيد ص75، سياسة المال ص103.
([57]) الخراج لأبي يوسف ص67، اقتصاديات الحرب ص217.
([58]) الخراج لأبي يوسف ص67، اقتصاديات الحرب ص217.
([59]) سياسة المال في الإسلام في عهد عمر ص105.
([60]) أخبار عمر ص210.
([61]) مسلم رقم 1780.
([62]) النسائي في الكبرى في الحج (2/ 38) الفتاوى (20/ 313).
([63]) الفتاوى (20/ 312، 313).
([64]) الاجتهاد في الفقه الإسلامي ص131.
([65]) المصدر نفسه ص131، 132.
([66]) الخراج لأبي يوسف ص40، 41.
([67]) الخراج لأبي يوسف ص38.
([68]) الخراج لأبي يوسف 39، سياسة المال في الإسلام ص108.
([69]) الخراج لأبي يوسف ص40، سياسة المال في الإسلام ص108.
([70]) الدولة العباسية للخضري ص144، سياسة المال ص109.
([71]) سياسة المال في الإسلام ص111.
([72]) نفس المصدر ص114.
([73]) نفس المصدر ص118.
([74]) الأبعاد السياسية لمفهوم الأمن في الإسلام، مصطفى منجود ص317، 318.
([75]) الأبعاد السياسية لمفهوم الأمن في الإسلام، مصطفى منجود ص317، 318.
([76]) الدور السياسي للصفوة ص185.
([77]) الدعوة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب حسني غيطاس ص130.
([78]) الدعوة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين عمر ص131 .
([79]) نفس المصدر ص132 .
([80]) نفس المصدر ص135 .
([81]) أهل الذمة في الحضارة الإسلامية ص63 .
([82]) الخراج لأبي يوسف ص271، اقتصاديات الحرب ص223 .
([83]) سياسة المال في الإسلام ص128 .
([84]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص651 .
([85]) نفس المصدر ص651 .
([86]) الخرج لأبي يوسف ص145،146 سياسة المال ص128 .
([87]) التجارة وطرقها في الجزيرة العربية د. محمد العمادي ص332 .
([88]) الحياة الإقتصادية في العصور الإسلامية الأولى ص101 .
([89]) شرح السير الكبير (5/2133،2134) الحياة الاقتصادية ص101 .
([90]) سياسة المال في الإسلام ص132 .
([91]) سياسة المال في الإسلام ص133 .
([92]) نفس المصدر ص133 .
([93]) تاريخ الدعوة الإسلامية د. جميل عبد الله المصري ص322 .
([94]) الخراج لأبي يوسف ص19 نقلاً عن عصر الخلافة الراشدة ص183 .
([95]) عصر الخلافة الراشدة ص188 .
([96]) عصر الخلافة الراشدة ص189 .
([97]) نفس المصدر ص189 .
([98]) سياسة المال في الإسلام ص155 .
([99]) مقدمة ابن خلدون 243 ، سياسة المال في الإسلام ص155 .
([100]) سياسة المال في الإسلام ص157 .
([101]) الطبقات لابن سعد (3/300،301) خبر صحيح.
([102]) مقدمة ابن خلدون ص244 ، الخراج لأبي يوسف ص48،49 .
([103]) الأحكام السلطانية ص226،227 فتوح البلدان ص436 .
([104]) الأحكام السلطانية ص226 ، تاريخ الإسلام السياسي (1/456).
([105]) الأحكام السلطانية ص226 ، سياسة المال ص158 .
([106]) مقدمة ابن خلدون ص244 ، سياسة المال ص159 .
([107]) سياسة المال في الإسلام ص159 .
([108]) نفس المصدر ص159 .
([109]) الأحكام السطانية للماوردي ص201 .
([110]) السياسة الشرعية لابن تيمية ص48 ، أولويات الفاروق ص358 .
([111]) جامع الأصول (2/71) ، أخبار عمر ص94 .
([112]) فتوح البلدان ص436 ، الأحكام السلطانية ص227 .
([113]) سياسة المال في الإسلام ص160 .
([114]) صبح الأعشى في قوانين الإنشاء للقلقشندي (1/89).
([115]) فقه الزكاة (1/318) هذا المصدر والذي فوقه من سياسة المال ص160 .
([116]) سياسة المال في الإسلام ص169 .
([117]) النظام الإسلامي المقارن ص112 ، سياسة المال ص171 .
([118]) الأموال لأبي عبيد (4/676)، سياسة المال ص171 .
([119]) سياسة المال في الإسلام ص172 .
([120]) نفس المصدر ص173 .
([121]) عصر الخلافة الراشدة ص202 .
([122]) سياسة المال في الإسلام ص175 .
([123]) سياسة المال في الإسلام ص177،178 .
([124]) الأبعاد السياسية لمفهوم الأمن في الإسلام ص306 .
([125]) الاجتهاد في الفقه الإسلامي ص132، 133.
([126]) المصدر نفسه ص134.
([127]) الطبقات (3/283).
([128]) سياسة المال في الإسلام ص184.
([129]) سياسة المال في الإسلام ص184.
([130]) سياسة المال في الإسلام ص198.
([131]) الأحكام السلطانية ص227، سياسة المال ص119.
([132]) الطبقات (3/301).
([133]) تاريخ اليعقوبي (2/153،154).
([134]) سياسة المال في الإسلام ص200.
([135]) عصر الخلافة الراشدة ص214.
([136]) نفس المصدر ص214.
([137]) نفس المصدر ص214.
([138]) نفس المصدر ص215.
([139]) نفس المصدر ص215.
([140]) سياسة المال في الإسلام ص202.
([141]) سياسة المال في الإسلام ص203، الطبقات الكبرى (3/298).
([142]) الطبقات الكبرى (3/299) كتاب الخراج لأبي يوسف ص50.
([143]) عصر الخلافة الراشدة ص216، الأموال ابن زنجويه (2/576).
([144]) الأثر صحيح، عصر الخلافة الراشدة ص216.
([145]) عصر الخلافة الراشدة، ص217 الأثر صحيح.
([146]) عصر الخلافة الراشدة ص217 الأثر حسن.
([147]) الخراج لأبي يوسف ص22.
([148]) الخراج لأبي يوسف ص22.
([149]) سياسة المال في الإسلام ص205، 206.
([150]) تاريخ المدينة لابن شبة (2/698) الأثر صحيح.
([151]) نفس المصدر (2/698)، عصر الخلافة الراشدة ص218.
([152]) الطبقات (3/313)، عصر الخلافة الراشدة ص218.
([153]) الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ص364 .
([154]) نفس المصدر ص366 .
([155]) الأحكام السلطانية ص147 .
([156]) شذور العقود في ذكر النقود ص31-33 .
([157]) الإدارة العسكرية في عهد عمر ص367 .
([158]) الطبقات الكبرى (3/104) الأثر صحيح، عصر الخلافة الراشدة ص220 .
([159]) البخاري، التاريخ الصغير (1/81)، عصر الخلافة الراشدة ص221 .
([160]) عصر الخلافة الراشدة ص221 الأثر صحيح.
([161]) نفس المصدر ص221 .
([162]) نفس المصدر ص222 .
([163]) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (2/53).
([164]) القضاء في الإسلام، عطية مصطفى ص77 .
([165]) النظام القضائي في العهد النبوي والخلافة الراشدة، القطان ص47 .
([166]) أخبار القضاء لوكيع (2/188).
([167]) النظام القضائي في العهد النبوي ص49 .
([168]) أخبار القضاء لوكيع (1/108).
([169]) وقائع ندوة النظم الإسلامية في أبي ظبي (1/375).
([170]) عبد الله بن قيس هو أبو موسى الأشعري.
([171]) أسى بينهم: سوُى
([172]) حيفك: ظلمك.
([173]) استحللت: سأله أن يُحِله له.
([174]) عُدول: هو المستقيم في أمره.
([175]) درأ الشيء: دفعه.
([176]) الغلق: ضاق صدره وقلّ صبره.
([177]) أعلام الموقعين لابن القيم (1/85).
([178]) أخبار عمر ص174 .
([179]) مجموعة الوثائق السياسية ص438 .
([180]) البيان والتبيين (2/150).
([181]) جامع بيان العلم وفضله (2/70).
([182]) النظام القضائي، مناع القطان ص72،73 .
([183]) مغني المحتاج (4/382)، النظام القضائي ص77 .
([184]) النظام القضائي ص77 .
([185]) عصر الخلافة الراشدة ص143 .
([186]) النظام القضائي ص76 .
([187]) عصر الخلافة الراشدة ص159 .
([188]) النظام القضائي ص74 ، عصر الخلافة الراشدة ص144 .
([189]) عصر الخلافة الراشدة ص145 .
([190]) نفس المصدر ص145 .
([191]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص723 ، المغني (9/37).
([192]) يضارع: يرائي.
([193]) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (2/102).
([194]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص723 .
([195]) نفس المصدر ص724 .
([196]) نفس المصدر ص724 .
([197]) نفس المصدر ص724 .
([198]) نفس المصدر ص724 .
([199]) أعلام الموقعين لابن القيم (1/85).
([200]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص725.
([201]) نفس المصدر ص725.
([202]) نفس المصدر ص725، سنن البيهقي (10/112).
([203]) نفس المصدر ص725، سنن البيهقي (10/110).
([204]) نفس المصدر ص725، سنن البيهقي (10/109).
([205]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص259.
([206]) مجموعة الوثائق السياسية ص438.
([207]) نفس المصدر ص438.
([208]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص726.
([209]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص726، المغني (9/79).
([210]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص726، سنن البيهقي (10/106).
([211]) نفس المصدر ص727.
([212]) البخاري رقم 2641، سنن البيهقي (10/ 125، 150).
([213]) تاريخ المدينة (2/ 769) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص727.
([214]) أعلام الموقعين (1/ 108).
([215]) سنن البيهقي (10/ 120) موسوعة فقه عمر ص728.
([216]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص728.
([217]) أعلام الوقعين (1/ 85).
([218]) أعلام الموقعين (1/ 111) موسوعة فقه عمر ص729.
([219]) موسوعة فقه عمر ص729، المحلى (11/ 132).
([220]) أعلام الموقعين (1/ 85)، مجلة البحوث العلمية (7/ 287).
([221]) شهيد المحراب ص211.
([222]) عصر الخلافة الراشدة ص147، شهيد المحراب ص211.
([223]) تاريخ القضاء في الإسلام، د. محمد الزحيلي ص118.
([224]) أعلام الموقعين (1/224)، تاريخ القضاء في الإسلام ص119 .
([225]) تاريخ القضاء في الإسلام ص120 ، إعلام الموقعين (1/57).
([226]) أعلام الموقعين (1/58) ، تاريخ القضاء في الإسلام ص120 .
([227]) أعلام الموقعين (1/224).
([228]) تاريخ القضاة في الإسلام ص120 .
([229]) نفس المصدر ص122 .
([230]) نفس المصدر ص122 ، 123 .
([231]) أعلام الموقعين (1/87) تاريخ القضاء في الإسلام ص123 .
([232]) تاريخ القضاء في الإسلام ص124 .
([233]) أعلام الموقعين (1/70) فما بعدها.
([234]) تاريخ القضاة ص125 .
([235]) نفس المصدر ص125 .
([236]) سنن البيهقي (10/125) موسوعة فقه عمر ص731 .
([237]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص731 .
([238]) سنن البيهقي (10/153،150).
([239]) المغني (9/151) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص732 .
([240]) تاريخ المدينة المنورة (2/755) موسوعة فقه عمر ص732 .
([241]) موسوعة عمر بن الخطاب ص733 .
([242]) النظام القضائي مناع القطان ص81،82 .
([243]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص735 .
([244]) نفس المصدر ص735 ، مصنف عبد الرزاق (8/342).
([245]) سنن البيهقي (10/144)، موسوعة فقه عمر ص735).
([246]) موسوعة فقه عمر ص735 .
([247]) مقاتلون يراقبون العدو في الثغر الذي يسكنونه لئلا يباغتهم.
([248]) القضاء في خلافة عمر، ناصر الطريفي (2/862).
([249]) عصر الخلافة الراشدة ص146 .
([250]) الحلية (6/140) ، الطبقات (3/290) إسناده صحيح.
([251]) أولويات الفاروق ص453 .
([252]) المغني (12/386) في الإرواء (2422) إسناده ضعيف.
([253]) عصر الخلافة الراشدة ص148 .
([254]) المنتقى شرح الموطأ للباجي (6/63).
([255]) عصر الخلافة الراشدة ص148 .
([256]) الخلافة الراشدة د. يحيى اليحيى ص351 ، عصر الخلافة الراشدة ص148 .
([257]) عصر الخلافة ص148 .
([258]) الموطأ (2/827) ، المغني (12/217) ، البخاري رقم 2548 .
([259]) السنن الكبرى للبيهقي (8/35) ، المغني (12/217).
([260]) السنن الكبرى (8/236) ، المغني (12/218).
([261]) المحلى (12/107) رقم 2198 .
([262]) المحلى (12/192) رقم 2215 .
([263]) عصر الخلافة الراشدة ص149 .
([264]) نفس المصدر ص149 .
([265]) المغني (12/245).
([266]) عصر الخلافة الراشدة ص149 .
([267]) المحلى (12/194) رقم 2216 .
([268]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص203 .
([269]) عصر الخلافة الراشدة ص150 .
([270]) السنن الكبرى لليهقي (8/ 252).
([271]) أوليات الفاروق ص439، 440.
([272]) الربلات: جمع ربلة وهي باطن الفخذ وما حول الضرع.
([273]) ليل التمام: الليل الطويل.
([274]) الحزام: ضيقة غليظة.
([275]) الفئام: هي الجماعات من الناس.
([276]) أوليّات الفاروق ص414 .
([277]) البخاري، ك الديات رقم 6896.
([278]) المغني لابن قدامة (11/ 387).
([279]) انظر: أولويات الفاروق السياسية ص409.
([280]) أولويات الفاروق السياسية ص447.
([281]) نفس المرجع ص447.
([282]) عصر الخلافة الراشدة ص153، المغني (11، 405).
([283]) عصر الخلافة الراشدة ص153.
([284]) أوليات الفاروق ص264.
([285]) أوليات الفاروق ص266، قبيلتان باليمن.
([286]) السنن الكبرى للبيهقي (8/ 123 – 124) أوليات الفاروق ص466.
([287]) محض الصواب (1/ 372).
([288]) أعلام الموقعين (1/ 211).
([289]) أعلام الموقعين (1/ 211).
([290]) الأموال لأبي عبيد ص125، رقم 267، أوّليات الفاروق ص435.
([291]) نباذاً: صانع النبيذ.
([292]) الطرق الحكيمة: ص15، 16.
([293]) الودج: عرق في العنق.
([294]) محض الصواب (2/ 709) إسناده صحيح إلى الشعبي ولكنه منقطع بين الشعبي وعمر .
([295]) موسوعة فقه عمر ص47 .
([296]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص371.
([297]) نفس المصدر ص371.
([298]) راجع الموطأ وكتاب إسعاف المبطأ برجال الموطأ ص638 – 639 ، الموطأ (2/746)
([299]) سبل السلام شرح بلوغ المرام (3/ 60).
([300]) علم أصول الفقه وتاريخ التشريع ص39.
([301]) الاجتهاد في الفقه الإسلامي ص140، 141.
([302]) الاجتهاد في الفقه الإسلامي ص141، 142.
([303]) مسلم، ك الطلاق رقم 1472 .
([304]) مسلم، ك الطلاق رقم 1472 .
([305]) القضاء في عهد عمر بن الخطاب د. ناصر الطريفي (2/733).
([306]) القضاء في الإسلام ص98 .
([307]) المصدر نفسه ص99 .
([308]) المدونة الكبرى، ك الطلاق، باب طلاق السنة (2/62) وهو مرسل، ولكن مراسيل سعيد بن المسيب كلها صحاح.
([309]) سنن النسائي، ك الطلاق الثلاث المجموعة (6/142) قال ابن حجر عن هذا الحديث: أخرجه النسائي ورجاله ثقات فتح الباري (9/362) وقال ابن القيم: وإسناده على شرط مسلم زاد المعاد (5/241).
([310]) القضاء في عهد عمر بن الخطاب(2/736).
([311]) سنن أبي داود، ك الطلاق، باب في البتة (1/511) قال أبو داود وهذا أصح من حديث جريج إن ركانة طلق امرأته ثلاثاً لأنهم أهل بيته وهم أعلم به وقال النووي: وأما الرواية التي رواها المخالفون أن ركانة طلق ثلاثاً فجعلها واحدة فرواية ضعيفة عن قوم مجهولين وإنما الصحيح منها ما قدمناه أنه طلقها ألبتة ولفظ البتة محتمل للواحدة والثلاثة شرح النووي (10/71).
([312]) الفقهاء في عهد عمر بن الخطاب (2/736-739).
([313]) زاد المعاد (5/270).
([314]) مسلم، ك الحج، رقم 1217 .
([315]) الأوائل (1/238-239).
([316]) أشهر مشاهير الإسلام (2/432)، القضاء في عهد عمر بن الخطاب (2/756).
([317]) أوطاس: وادٍ في الطائف ويوم أوطاس ويوم فتح مكة في عام واحد، وهو سنة ثمان من الهجرة شرح النووي لصحيح مسلم (9/184).
([318]) مسلم، ك النكاح، باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ، ثم أبيح ثم نسخ، واستقر تحريمه إلى يوم القيامة (2/1033).
([319]) البكرة: هي الفتية من الإبل، أي الشابة القوية، وأما العيطاء فهي الطويلة العنق في اعتدال وحسن قوام شرح النووي لمسلم (9/184-185).
([320]) وفي رواية ثانية لمسلم. وهو قريب من الدمامة.
([321]) أي يتمتع بها، فحذف بها لدلالة الكلام عليه، أو أوقع يتمتع موقع يباشر أي يباشرها وحذف المفعول.
([322]) مسلم ك النكاح رقم 1406 .
([323]) مسلم ك النكاح _2/1027) رقم 1407 .
([324]) القضاء في عهد عمر بن الخطاب (2/756).
([325]) انظر محض الصواب (3/754-774).











رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 17:18   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


عاشراً: من اختيارات عمر رضي الله عنه الفقهية:

أثّر عمر رضي الله عنه في المؤسسة القضائية باجتهاداته في مجال القصاص والحدود والجنايات والتعزير، كما أنه رضي الله عنه ساهم في تطوير المدارس الفقهية الإسلامية باجتهاداته الدالة على سعة اطلاعه وغزارة علمه وعمق فقهه وفهمه واستيعابه لمقاصد الشريعة الغرّاء وله مسائل كثيرة في الفقه الإسلامي اختارها ومال إليها وإليك بعضها:

1- اختار عمر رضي الله عنه أن جلد الميتة يطهر بالدباغ إذا كانت طاهرة في حال الحياة.

2- اختار عمر رضي الله عنه كراهة الصلاة في جلود الثعالب.

3- اختيار عمر رضي الله عنه لا يكره السواك للصائم بعد الزوال بل يستحب.

4- اختيار عمر رضي الله عنه أن المسح على الخفين وما أشبهها موقت بيوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر.

5- اختيار عمر رضي الله عنه ابتداء مدة المسح على المسح بعد الحدث.

6- أن وقت الجمعة إذا زالت الشمس.

7- اختيار عمر أن مس الذكر ينقض الوضوء.

8- اختيار عمر أن التكبير في العيد من الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.

9- اختيار أبي بكر وعمر المشي أمام الجنازة أفضل.

10- اختياره تجب الزكاة على الصبي والمجنون.

11- اختيار عمر القول بإثبات خيار الفسخ، وإن لكل واحد الخيار ما دام في المجلس.

12- اختيار لا يصح السلم في الحيوان.

13- اختياره أنه إذا شرط أنه متى حل الحق ولم يوف فالرهن بالدين، فهو مبيع بالدين، الذي عليك، فهو شرط فاسد.

14- اختيار عمر إذا وجد الغريم عين ماله عند المفلس فهو أحق بها.

15- اختيار عمر أن الجارية لا يدفع إليها مالها بعد بلوغها حتى تتزوج أو تلد أو تمضي عليها سنة في بيت الزوج.

16- اختيار عمر أن عين الدابة تضمن بربع قيمتها.

17- اختيار عمر أن الشفعة لا تكون إلا في المشاع غير المقسوم، فأما الجار فلا شفعة له.

18- اختياره تجوز المساقاة في جميع الشجر.

19- اختيار أبي بكر وعمر جواز استئجار الأجير بكسوته.

20- اختياره لا تلزم الهبة إلا بالقبض.

21- اختياره من وهب لغير ذي رحم فله الرجوع ما لم يُثب عليها، ومن وهب لذي رحم فليس له الرجوع.

22- اختياره أن مدة تعريف اللقطة سنة.

23- اختياره يجوز أخذ اليسير من اللقطة، والانتفاع به من غير تعريف.

24- اختيار عمر أن اللقطة إذا عرفها المدة المعتبرة، فلم يعرف مالكها، صارت كسائر أمواله غنياً كان أو فقيراً.

25*- اختيار عمر أن لقطة الحل والحرم سواء.

26- اختياره اللقيط يقر بيد من وجده إن كان أميناً.

27- اختياره: جواز الرجوع في الوصية وقال: يغير الرجل ما شاء من وصيته.

28- اختيار عمر أن الكلالة اسم للميت الذي لا ولد له ولا والد.

29- اختياره أن الأخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل.

30- إذا كان زوج وأم، وإخوة من أم وإخوة من أب وأم فهذه المسألة في علم المواريث اختلف العلماء فيها قديماً وحديثاً، فيروى عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث، فقسموه بينهم بالسوية للذكر مثل حظ الأنثيين، ويروى أن عمر كان أسقط ولد الأبوين فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حماراً أليست أمنا واحدة، فشرك بينهم وهذه المسألة تسمى المشرَّكة وتسمّى الحمارية لما تقدم.

31- اختياره أن للجدات وإن كثرت السدس وهو قول أبي بكر.

32- اختيار عمر في أم وأخت وجد؛ للأخت النصف، وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للجد.

33- اختيار عمر إذا كان زوج وأبوان؛ أعطي الزوج النصف، والأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب وإذا كانت زوجة وأبوان أعطيت الزوجة الربع، والأم ثلث ما بقي، وما بقي فللأب وهاتان المسألتان تسميان بالعمريتين، لأن عمر رضي الله عنه قضى فيهما بهذا.

34- اختيار توريث ذوي الأرحام إذا لم يكن ذوا فرض ولا عصبة([325]).


.
([325]) انظر محض الصواب (3/754-774).










رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 17:23   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه:

وجد أعداء الإسلام في سعة خيالهم وشدة حقدهم مجالاً واسعاً لتصيد الروايات التي تظهر صحابة رسول الله في مظهر مشين، فإذا لم يجدوا شفاء نفوسهم، اختلقوا ما ظنوه يجوز على عقول القارئين، لكي يصبح أساساً ثابتاً لما يتناقله الرواة وتسطره كتب المؤلفين وقد تعرَّض كل من عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما لمفتريات أعداء الإسلام الذين حاولوا تشويه صفحات تاريخهما المجيد ووقفوا كثيراً عند أسباب عزل عمر لخالد بن الوليد رضي الله عنهم وألصقوا التهم الباطلة بالرجلين العظيمين وأتوا بروايات لا تقوم على أساس عند المناقشة، ولا تقوم على البرهان أمام التحقيق العلمي النزيه([254]) وإليك قصة عزل خالد بن الوليد على حقيقتها بدون لف أو تزوير للحقائق، فقد مرّ عزل خالد بن الوليد بمرحلتين، وكان لهذا العزل أسباب موضوعية.


.

1- العزل الأول:

عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالد بن الوليد في المرة الأولى عن القيادة العامة وإمارة الأمراء بالشام، وكانت هذه المرة في السنة الثالثة عشر من الهجرة غداة تولي عمر الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق وسبب هذا العزل اختلاف منهج الصديق عن الفاروق في التعامل مع الأمراء والولاة، فالصديق كان من سنته مع عماله وأمراء عمله أن يترك لهم حرية ا لتصرف كاملة في حدود النظام العام للدولة مشروطاً ذلك بتحقيق العدل كاملاً بين الأفراد والجماعات، ثم لا يبالي أن يكون لواء العدل منشوراً بيده أو بيد عماله وولاته، فللوالي حق يستمده من سلطان الخلافة في تدبير أمر ولايته دون رجوع في الجزئيات إلى أمر الخليفة، وكان أبو بكر لا يرى أن يكسر على الولاة سلطانهم في مال أو غيره ما دام العدل قائماً في رعيتهم([255])، وكان الفاروق قد أشار على الصديق بأن يكتب لخالد رضي الله عنهم جميعاً: أن لا يعطي شاة ولا بعيراً إلا بأمره، فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك، فكتب إليه خالد: إما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك وعملك، فأشار عليه بعزله([256])، ولكنّ الصديق أقرّ خالداً على عمله([257])، ولما تولى الفاروق الخلافة، كان يرى أنه يجب على الخليفة أن يحدد لأمرائه وولاته طريقة سيرهم في حكم ولاياتهم ويحتم عليهم أن يردوا إليه ما يحدث حتى يكون هو الذي ينظر فيه ثم يأمرهم بأمره، وعليهم التنفيذ، لأنه يرى أن الخليفة مسؤول عن عمله وعن عمل ولاته في الرعية مسؤولية لا يرفعها عنه أنه اجتهد في اختيار الوالي. فلما تولى الخلافة خطب الناس، فقال: إن الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم، وأبقاني بعد صاحبي فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلوا فيه عن الجزء والأمانة، ولئن أحسن الولاة لأحسنن إليهم، ولئن أساؤوا لأنكلن بهم([258])، وكان يقول: أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم. قال: لا، حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا؟([259])، فعندما تولى الفاروق الخلافة أراد أن يعدل بولاة أبي بكر رضي الله عنه إلى منهجه وسيرته، فرضي بعضهم وأبى آخرون وكان ممن أبى عليه ذلك خالد بن الوليد([260])، فعن مالك بن أنس، أن عمر لما ولي الخلافة كتب إلى خالد ألا تعطي شاة ولا بعيراً إلا بأمري، فكتب إليه خالد إما أن تدعني وعملي، وإلا فشأنك بعملك، فقال عمر: ما صدقت الله إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه، فعزله([261])، ثم كان يدعوه إلى العمل فيأبى إلا أن يخليه يفعل ما شاء فيأبى عليه([262]).

فعزل عمر خالداً من وجهة سياسة الحكم وحق الحاكم في تصريف شؤون الدولة ومسؤوليته عنها، وطبيعي أن يقع كل يوم مثله في الحياة، ولا يبدو فيه شيء غريب يحتاج إلى بيان أسباب تتجاذبها روايات وآراء، وميول وأهواء ونزعات، فعمر بن الخطاب خليفة المسلمين في عصر كان الناس فيه ناساً لا يزالون يستروحون روح النبوة له من الحقوق الأولية أن يختار من الولاة والقادة من ينسجم معه في سياسته ومذهبه في الحكم ليعمل في سلطانه ما دامت الأمة غنية بالكفايات الراجحة، فليس لعامل ولا قائد أن يتأبد في منصبه، ولا سيما إذا اختلفت مناهج السياسة بين الحاكم والولاة ما كان هناك من يغني غناءه ويجزي عنه، وقد أثبت الواقع التاريخي أن عمر رضي الله عنه كان موفقاً أتم التوفيق وقد نجح في سياسته هذه نجاحاً منقطع النظير، فعزل وولى، فلم يكن من ولاّه أقل كفاية ممن عزله، ومرد ذلك لروح التربية الإسلامية التي قامت على أن تضمن دائماً للأمة رصيداً مذخوراً من البطولة والكفاية السياسية الفاضلة([263]) وقد استقبل خالد هذا العزل بدون اعتراض وظل رضي الله عنه تحت قيادة أبي عبيدة رضي الله عنه حتى فتح الله عليه قنسرين فولاه أبو عبيدة عليها، وكتب إلى أمير المؤمنين يصف له الفتح وبلاء خالد فيه فقال عمر قولته المشهورة: أمّر خالد نفسه، رحم الله أبا بكر، هو كان أعلم بالرجال مني([264])، ويعني عمر بمقولته هذه أن خالداً فيما أتى به من أفانين الشجاعة وضروب البطولة قد وضع نفسه في موضعها الذي ألفته في المواقع الخطيرة من الإقدام والمخاطرة، وكأنما يعني عمر بذلك أن استمساك
أبي بكر بخالد وعدم موافقته على عزله برغم الإلحاح عليه إنما كان عن يقين في مقدرة خالد وعبقريته العسكرية التي لا يغني غناءه فيها إلا آحاد الأفذاذ من أبطال الأمم([265]).

هذا وقد عمل خالد تحت إمرة أبي عبيدة نحواً من أربع سنوات فلم يعرف عنه أنه اختلف عليه مرة واحدة، ولا ينكر فضل أبي عبيدة وسمو أخلاقه في تحقيق وقع الحادث على خالد فقد كان لحفاوته به وعرفانه لقدره، وملازمته صحبته والأخذ بمشورته وإعظامه لآرائه وتقديمه في الوقائع التي حدثت بعد إمارته الجديدة، أحسن الأثر في صفاء قلبه صفاء جعله يصنع البطولات العسكرية النادرة وعمله في فتح دمشق وقنسرين وفحل شاهد صدق على روحه السامية التي قابل بها حادث العزل، وكان في حاليه سيف الله خالد بن الوليد([266])، ويحفظ لنا التاريخ ما قاله
أبو عبيدة في مواساة خالد عند عزله: .. وما سلطان الدنيا أريد، وما للدنيا أعمل، وإن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن أخوان وقوّام بأمر الله عز وجل، وما يضير الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ودنياه، بل يعلم الوالي أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعهما في الخطيئة لما تعرض من الهلكة إلا من عصم الله عز وجل، وقليل ما هم([267]) وعندما طلب أبو عبيدة من خالد أن ينفذ مهمة قتالية تحت إمرته، أجابه خالد قائلاً: أنا لها إن شاء الله تعالى وما كنت أنتظر إلا أن تأمرني، فقال أبو عبيدة: استحيت منك يا أبا سليمان. فقال خالد: والله لو أمر علي طفل صغير لأطيعن له، فكيف أخالفك وأنت أقدم مني إيماناً وأسبق إسلاماً، سبقت بإسلامك مع السابقين وأسرعت بإيمانك مع المسارعين، وسماك رسول الله بالأمين فكيف ألحقك وأنال درجتك والآن أشهدك أني قد جعلت نفسي حبساً في سبيل الله تعالى ولا أخالفك أبداً، ولا وليت إمارة بعدها أبداً ولم يكتف خالد بذلك فحسب بل اتبع قوله بالفعل وقام على الفور بتنفيذ المهمة المطلوبة منه([268])، ويظهر بوضوح من قول خالد وتصرفه هذا، أن الوازع الديني والأخلاقي كان مهيمناً على تصرفات خالد وأبي عبيدة رضي الله عنهم وقد بقي خالد محافظاً على مبدأ طاعة الخليفة والوالي بالرغم من أن حالته الشخصية قد تغيرت من حاكم إلى محكوم بسبب عزله عن قيادة الجيوش([269]).

إن عزل خالد في هذه المرة (الأولى)، لم يكن عن شك من الخليفة ولا عن ضغائن جاهلية، ولا عن اتهامه بانتهاك حرمات الشريعة ولا عن طعن في تقوى وعدل خالد، ولكن كان هناك منهجان لرجلين عظيمين، وشخصيتين قويتين كان يرى كل منهما ضرورة تطبيق منهجه، فإذ كان لابد لأحدهما أن يتنحى فلابد أن يتنحى أمير الجيوش لأمير المؤمنين؛ من غير عناد ولا حقد وضغينة([270]).

إن من توفيق الله تعالى للفاروق تولية أبي عبيدة رضي الله عنهم لجيوش الشام، فذلك الميدان بعد معركة اليرموك كان يحتاج إلى المسالمة واستلال الأحقاد، وتضميد الجراح وتقريب القلوب فأبو عبيدة رضي الله عنه يسرع إلى المسالمة إذا فتحت أبوابها ولا يبطئ عن الحرب إذا وجبت عليه أسبابها، فإن كانت بالمسالمة جدوى فذاك وإلا فالاستعداد للقتال على أهبته، وقد كان أبناء الأمصار الشامية يتسامعون بحلم أبي عبيدة فيقبلون على التسليم إليه ويؤثرون خطابهم له على غيره، فولاية أبي عبيدة سنة عمرية وكانت ولايته للشام في تلك المرحلة أصلح الولايات لها([271]).



.

2- العزل الثاني:

وفي (قنسرين) جاء العزل الثاني لخالد، وذلك في السنة السابعة عشرة([272])، فقد بلغ أمير المؤمنين أن خالداً وعياض بن غنم أدربا في بلاد الروم وتوغلا في دروبهما ورجعا بغنائم عظيمة، وأن رجالاً من أهل الآفاق قصدوا خالداً لمعروفه منهم الأشعث بن قيس الكندي فأجازه خالد بعشرة آلاف، وكان عمر لا يخفى عليه شيء في عمله([273])، فكتب عمر إلى قائده العام أبي عبيدة يأمره بالتحقيق مع خالد في مصدر المال الذي أجاز منه الأشعث تلك الإجازة الغامرة، وعزله عن العمل في الجيش إطلاقاً واستقدمه المدينة، وتمّ استجواب خالد وقد تم استجواب خالد بحضور أبي عبيدة وترك بريد الخلافة يتولى التحقيق وترك إلى مولى أبي بكر يقوم بالتنفيذ، وانتهى الأمر ببراءة خالد أن يكون مدّ يده إلى غنائم المسلمين فأجاز منها بعشر آلاف([274]) ولما علم خالد بعزله ودّع أهل الشام، فكان أقصى ما سمحت به نفسه من إظهار أسفه على هذا العزل الذي فرق بين القائد وجنوده أن قال للناس: إن أمير المؤمنين استعملني على الشام حتى إذا كانت بثنية([275])، وعسلاً عزلني فقام إليه رجل فقال: اصبر أيها الأمير، فإنها الفتنة فقال: خالد: أما
وابن الخطاب حي فلا([276])، وهذا لون من الإيمان القاهر الغلاب، لم يرزقه إلا المصطفون من أخصاء أصحاب محمد r: فأية قوة روحية سيطرت على أعصاب خالد في الموقف الخطير؟ وأي إلهام ألقي على لسان خالد ذلك الرد الهادئ الحكيم([277]).

سكن الناس وهدأت نفوسهم بعد أن سمعوا كلمة خالد في توطيد قواعد الخلافة العمرية، وعرفوا أن قائدهم المعزول ليس من طراز الرجال الذين يبنون عروش عظمتهم على أشلاء الفتن والثورات الهدّامة وإنما هو من أولئك الرجال الذين خلقوا للبناء والتشييد، فإن أرادتهم الحياة على هدم ما بنوا تساموا بأنفسهم أن يذلها الغرور المفتون([278]).

ورحل خالد إلى المدينة فقدمها حتى لقي أمير المؤمنين، فقال عمر متمتلاً:


صنعت فلم يصنع كصنعك صانع

وما يصنع الأقوام فالله يَصنعُ([279])


وقال خالد لعمر: لقد شكوتك إلى المسلمين، وبالله إنك في أمري غير مُجمل
يا عمر، فقال عمر: من أين هذا الثراء؟ قال: من الأنفال والسُّهمان، ما زاد على الستين ألفاً فلك، فقوم عمر عروضه فخرجت إليه عشرون ألفاً، فأدخلها بيت المال. ثم قال: يا خالد، والله إنك علي لكريم، وإنك إلي لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء([280])، وكتب عمر إلى الأمصار: إني لم أعزل خالداً عن سُخطة
ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، وألا يكونوا بعرض فتنة([281]).


.


3- مجمل أسباب العزل وبعض الفوائد:

ومن خلال سيرة الفاروق يمكننا أن نجمل أسباب عزل خالد رضي الله عنه في الأمور التالية:

- حماية التوحيد: ففي قول عمر رضي الله عنه: ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به، يظهر خشية عمر من فتنة الناس بخالد وظنهم أن النصر يسير في ركاب خالد؛ فيضعف اليقين بأن النصر من عند الله سواء كان خالد على رأس الجيوش أم لا، وهذا الوازع يتفق مع حرص عمر علىصبغ إدارته للدولة العقائدية الخالصة وبخاصة وهي تحارب أعداءها حرباً ضروساً متطاولة باسم العقيدة وقوتها، وقد يقود الافتتان بقائد كبير مثل خالد خالداً نفسه إلى الافتتان بالرعية وأن يرى نفسه يوماً في مركز قوة لا يرتقي إليها أحد، وبخاصة أنه عبقري حرب ومنفق أموال، فيجر ذلك عليه وعلى الدولة أمر خُسْر، وهو إن كان احتمالا بعيداً في ظل ارتباط الناس بخليفتهم عمر وإعجابهم به، وفي ظل انضباط خالد العسكري وتقواه، فقد يحدث يوماً ما بعد عمر، ومع قائد كخالد، مما يستدعي التأصيل لها في ذلك العصر ومع أمثال هؤلاء الرجال([282])، والخوف في هذا الأمر من القائد الكفء أعظم من الخوف من قائد صغير لم يُبْلِ أحسن البلاء ولم تتساير بذكره الأنباء([283]).

وقد أشار شاعر النيل حافظ إبراهيم رحمه الله إلى تخوف عمر فقال في عمريته في الديوان:

وقيل خالفت يا فاروق صاحبنا

فيه وقد كان أعطى القوس باريها

فقال خفت افتتان المسلمين به

وفتنة النفس أعيت من يداويها([284])



.

- اختلاف النظر في صرف المال:

كان عمر يرى أن فترة تأليف القلوب، وإغراء ضعفاء العقيدة بالمال والعطاء، قد انتهت، وصار الإسلام في غير حاجة إلى هؤلاء، وأنه يجب أن يوكل الناس إلى إيمانهم وضمائرهم، حتى تؤدي التربية الإسلامية رسالتها في تخريج نماذج كاملة، لمدى تغلغل الإيمان في القلوب، بينما يرى خالد أن ممن معه من ذوي البأس والمجاهدين في ميدانه من لم تخلص نيتهم لمحض ثواب الله، وأن أمثال هؤلاء في حاجة إلى من يقوي عزيمتهم، ويثير حماستهم من هذا المال([285])، كما أن عمر كان يرى أن ضعفة المهاجرين أحق بالمال من غيرهم، فعندما اعتذر إلى الناس بالجابية من عزل خالد قال: أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس([286])،
ولا شك أن عمر وخالداً مجتهدان فيما ذهبا إليه ولكن عمر أدرك أموراً لم يدركها خالد رضي الله عنهما([287]).


.

- اختلاف منهج عمر عن منهج خالد في السياسة العامة:

فقد كان عمر يصر على أن يستأذن الولاة منه في كل صغيرة وكبيرة، بينما يرى خالد أن من حقه أن يُعطى الحرية كاملة من غير الرجوع لأحد في الميدان الجهادي وتطلق يده في كل التصرفات إيماناً منه بأن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب([288]).

ولعل من الأسباب أيضاً، إفساح المجال لطلائع جديدة من القيادات حتى تتوفر في المسلمين نماذج كثيرة من أمثال خالد والمثنى وعمرو بن العاص، ثم ليدرك الناس أن النصر ليس رهناً برجل واحد([289])، مهما كان هذا الرجل.


.

- موقف المجتمع الإسلامي من قرار العزل:

تلقى المجتمع الإسلامي قرار العزل بالتسليم لحق الخليفة في التولية والعزل، فلم يخرج أحد عن مقتضى النظام والطاعة والإقرار للخلافة بحقها في التولية والعزل وقد روي أن عمر خرج في جوف الليل فلقي عَلْقَمة بن عُلاثة الكلابي، وكان عمر يشبه خالداً إلى حد عجيب، فحسبه علقمة خالداً، فقال: يا خالد عزلك هذا الرجل، لقد أبى إلا شحّاّ حتى لقد جئت إليه وابن عم لي نسأله شيئاً، فأما إذا فعل فلن أسأله شيئاً، فقال له عمر يستدرجه ليعلم ما يخفيه: هيه! فما عندك؟ قال: هم قوم لهم علينا حق فنؤدي لهم حقهم، وأجرنا على الله، فلما أصبحوا قال عمر لخالد وعلقمة مشاهد لهما: ماذا قال لك علقمة منذ الليلة؟ قال خالد: والله ما قال شيئاً، قال عمر: وتحلف أيضاً؟ فاستثار ذلك علقمة وهو يظن أنه ما كلم البارحة إلا خالداً، فظل يقول: مَهْ يا خالد؛ فأجاز عمر علقمة وقضى حاجته، وقال لأن يكون من ورائي على مثل رأيك يعني حرصه على الطاعة لولي الأمر وإن خالفه أحب إليّ من كذا وكذا([290])، وهذا وقد جاء اعتراض من أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عم خالد بن الوليد بالجابية، فعندما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس وإني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين، فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف، وذا اللسان، فنزعته وأمّرت
أبا عبيدة بن الجراح. فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: والله ما أعذرت يا عمر بن الخطاب، لقد نزعت عاملاً استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغمدت سيفاً سله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضعت لواء نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد قطعت الرحم وحسدت
ابن العم. فقال عمر بن الخطاب: إنك قريب القرابة، حديث السن، مغضب في ابن عمك([291])، وهكذا اتسع صدر الفاروق لابن عم خالد بن الوليد، وهو يذب عن خالد حتى وصل دفاعه إلى دعوى اتهامه للفاروق بالحسد، ومع ذلك ظل الفاروق حليماً([292]).


.

4- وفاة خالد بن الوليد وماذا قال عن الفاروق وهو على فراش الموت:

دخل أبو الدرداء على خالد في مرض موته، فقال له خالد: يا أبا الدرداء، لئن مات عمر، لترين أموراً تنكرها. فقال أبو الدرداء: وأنا والله أرى ذلك. فقال خالد: قد وجدت عليه في نفسي في أمور، لما تدبرتها في مرضي هذا وحضرني من الله حاضر عرفت أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل، كنت وجدت عليه في نفسي حين بعث من يقاسمني مالي، حتى أخذ فرد نعل وأخذت فرد نعل، ولكنه فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، وممن شهد بدراً، وكان يغلظ علي، وكانت غلظته على غيري نحواً من غلظته علي، وكنت أدل عليه بقرابته، فرأيته لا يبالي قريباً ولا لوم لائم في غير الله، فذلك الذي ذهب عني ما كنت أجد عليه، وكان يكثر علي عنده، وما كان ذلك إلا على النظر: فقد كنت في حرب ومكابدة وكنت شاهداً وكان غائباً، فكنت أعطي على ذلك، فخالفه ذلك من أمري([293])، ولما حضرته الوفاة وأدرك ذلك، بكى وقال: ما من عمل أرجى عندي بعد لا إله إلا الله، من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين، بتّها وأنا متترس والسماء تنهل عليَّ، وأنا أنتظر الصبح حتى أغير على الكفار، فعليكم بالجهاد، لقد شهدت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي([294])، وأوصى خالد أن يقوم عمر على وصيته وقد جاء فيها: وقد جعلت وصيتي وتركتي وإنفاذ عهدي إلى عمر بن الخطاب، فبكى عمر رضي الله عنه فقال له طلحة بن عبيد الله: إنك وإياه كما قال الشاعر:


لا ألفينَّك بعد الموت تندبني

وفي حياتي ما زوّدتني زادي([295])


فقد حزن عليه الفاروق حزناً شديداً، وبكته بنات عمه، فقيل لعمر أن ينهاهنَّ، فقال: دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة، على مثل أبي سليمان تبكي البواكي([296]).

وقال عنه: قد ثلم في الإسلام ثلمة لا ترتق، وليته بقي ما بقي في الحمى حجر، كان والله سداداً لنحور العدو، ميمون النقيبة([297])، وعندما دخل على الفاروق هشام بن البختري في ناس من بني مخزوم، وكان هشام شاعراً، فقال له عمر: أنشدني ما قلت في خالد، فلما أنشده قال له: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله، إن كان ليحب أن يذل الشرك وأهله، وإن كان الشامت به لمتعرضاً لمقت الله ثم تمثل بقول الشاعر:


فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى
فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي

تهيأ لأخرى مثلها فكان قدِ
ولا موت من قد مات بعدي بمخلدي


ثم قال: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه ولقد مات فقيداً وعاش حميدا([298])ً ولقد رأيت الدهر ليس بقائل([299]) هذا وقد توفي ودفن بحمص ببلاد الشام عام 21هـ([300]) رحمه الله رحمة واسعة وأعلى ذكره في المصلحين.
************

الجزء الرابع مِن السيرة الكريمة


.


([1]) البخاري، ك الخصومات (3،25) باب الربط والحبس مسند أحمد رقم 232 الموسوعة الحديثية إسناده صحيح.
([2]) الولاية على البلدان عبد العزيز العمري (1/67) وهذا أهم مرجع في الفصل وقد قمت بتلخيص هذا الكتاب.
([3]) الولاية على البلدان (1/68).
([4]) تاريخ اليعقوبي (2/147).
([5]) تاريخ اليعقوبي (2/157).
([6]) الولاية على البلدان (1/68).
([7]) تاريخ خليفة بن خياط ص134 .
([8]) تاريخ الطبري (5/239).
([9]) الطائف في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، نادية حسين صقر ص19 .
([10]) الطائف في العصر الجاهلي وصدر الإسلام ص19 .
([11]) الولاية على البلدان (1/69).
([12]) غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، يحيى بن الحسين (1/83).
([13]) تاريخ الطبري (2/157).
([14]) غاية الأماني (1/83).
([15]) الأموال للقاسم بن سلام ص436 .
([16]) تاريخ اليعقوبي (2/157).
([17]) تاريخ الطبري (5/239).
([18]) الولاية على البلدان (1/71).
([19]) اليمن في ظل الإسلام د. عصام الدين ص49 .
([20]) فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم ص119-123 .
([21]) الولايات على البلدان (1/71).
([22]) نفس المرجع (1/75).
([23]) نفس المرجع (1/73).
([24]) سير أعلام النبلاء (2/374).
([25]) الولاية على البلدان (1/73).
([26]) الطبقات (5/560)، تاريخ المدينة (3/843) الولاية على البلدان (1/74).
([27]) الولاية على البلدان (1/74).
([28]) البداية والنهاية (7/101).
([29]) الولاية على البلدان (1/75).
([30]) نفس المرجع (1/75).
([31]) تاريخ الطبري (5/239).
([32]) الولاية على البلدان (1/76).
([33]) فتوح مصر ص173 .
([34]) الولاية على البلدان (1/79).
([35]) فتوح مصر وأخبارهم ص152 .
([36]) الولاية على البلدان (1/82).
([37]) الولاية على البلدان (1/83).
([38]) تهذيب تاريخ دمشق (1/152).
([39]) الأزدي له صحبة ورواية اشترك في فتوح الشام.
([40]) تاريخ خليفة ص155 .
([41]) فتوح الشام ص248 .
([42]) الفتوح، ابن أعثم الكوفي ص289 الولاية على البلدان (1/90).
([43]) فتوح البلدان ص137 .
([44]) فتوح البلدان ص145،146 .
([45]) الوثائق السياسية للعصر النبوي والخلافة الراشدة ص493 .
([46]) الولاية على البلدان (1/92).
([47]) تاريخ الطبري (5/239).
([48]) الولاية على البلدان (1/92).
([49]) الولاية على البلدان (1/93).
([50]) تاريخ خليفة بن خياط 155 ، سير أعلام النبلاء (3/88).
([51]) الولاية على البلدان (1/102).
([52]) نفس المصدر (1/108).
([53]) البداية والنهاية (7/28).
([54]) الولاية على البلدان (1/111).
([55]) الولاية على البلدان (1/113).
([56]) تاريخ خليفة بن خياط ص155 .
([57]) التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة ص36 .
([58]) تاريخ خليفة بن خياط ص127،128 .
([59]) الولاية على البلدان (1/115).
([60]) نفس المصدر (1/117).
([61]) مناقب عمر لابن الجوزي ص130 .
([62]) الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة.
([63]) سير أعلام النبلاء (2/389).
([64]) الولاية على البلدان (1/120).
([65]) الولاية على البلدان (1/120).
([66]) فتوح البلدان ص139 ، تاريخ اليعقوبي (2/151).
([67]) الولاية على البلدان (1/123).
([68]) نفس المصدر (1/123).
([69]) الطبقات (3/157).
([70]) الفتوح ابن أعثم (2/82).
([71]) نهاية الأرب (19/368).
([72]) تاريخ خليفة ص155 ، تاريخ الطبري (5/239).
([73]) مروج الذهب (2/306) الولاية على البلدان (1/131).
([74]) سير أعلام النبلاء (2/364).
([75]) الولاية على البلدان (1/133).
([76]) الولاية على البلدان (1/133،134،135).
([77]) وقائع ندوة النظم الإسلامية (1/295،296).
([78]) دور الحجاز في الحياة السياسية ص255 .
([79]) الفتاوى (28/42).
([80]) الفتاوى (28/138).
([81]) تاريخ الطبري (5/39).
([82]) الفتاوى (28/42).
([83]) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (1/479).
([84]) المدينة النبوية فجر الإسلام (2/56).
([85]) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (1/482).
([86]) نفس المصدر (1/482).
([87]) نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (1/282).
([88]) نفس المصدر (1/283).
([89]) محض الصواب (2/519).
([90]) مناقب أمير المؤمنين لابن الجوزي ص150 .
([91]) الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين ص334 .
([92]) مناقب عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص108 ، الولاية على البلدان (1/128).
([93]) الفتاوى (28/138).
([94]) الإدارة الإسلامية في عصر عمر بن الخطاب ص213 .
([95]) نفس المصدر ص213 .
([96]) نفس المصدر ص215 .
([97]) البرذون: الدابة، البراذين من الخيل ما كان من غير نتاج العرب.
([98]) محض الصواب (1/510).
([99]) التاريخ الإسلامي (19،20/268).
([100]) عصر الخلافة الراشدة ص114 .
([101]) فرائد الكلام ص165 .
([102]) نفس المصدر ص165 .
([103]) الولاية على البلدان (1/ 128).
([104]) الولاية على البلدان (1/ 142) مناقب أمير المؤمنين ص117.
([105]) صفة الصفوة (1/ 287).
([106]) الولاية على البلدان (1/ 142).
([107]) نفس المصدر (1/ 142).
([108]) الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ص407 .
([109]) الولاية على البلدان (1/144).
([110]) الولاية على البلدان (2/49).
([111]) بدائع السالك (2/27).
([112]) ذكره بن حجر في الإصابة.
([113]) محض الصواب (2/514)، الطبقات (6/158).
([114]) ضاغط: مراقب.
([115]) الولاية على البلدان (2/53).
([116]) فتوح الشام للأزدي ص122، 123.
([117]) الولاية على البلدان (2/ 54).
([118]) نفس المصدر (2/ 54).
([119]) فتوح البلدان للبلاذري ص214.
([120]) الخراج لأبي يوسف ص22، 23.
([121]) تاريخ اليعقوبي (2/ 139، 140).
([122]) الولاية على البلدان )2/ 55).
([123]) نفس المصدر (2/ 56).
([124]) نفس المصدر (2/ 56).
([125]) الخراج لأبي يوسف ص15، الولاية على البلدان (2/ 57).
([126]) الولاية على البلدان (2/ 57).
([127]) نفس المصدر (1/ 152).
([128]) إعلام الموقعين (2/ 218).
([129]) تاريخ الطبري (5/ 39).
([130]) الولاية على البلدان (2/ 59).
([131]) الولاية على البلدان (2/ 60).
([132]) الخراج لأبي يوسف ص122.
([133]) الولاية على البلدان (1/ 149).
([134]) تاريخ الدينة (2/ 694) الولاية على البلدان (1/ 149).
([135]) الولاية على البلدان (1/ 150).
([136]) الطبقات الكبرى (4/ 261).
([137]) سير أعلام النبلاء (1/ 547).
([138]) الولاية على البلدان (2/ 63).
([139]) الخراج لأبي يوسف ص50، الولاية على البلدان (2/ 63).
([140]) الولاية على البلدان (2/64)، الإدارة الإسلامية محمد كرد ص48 .
([141]) الولاية على البلدان (2/64).
([142]) أخبار عمر طنطاويات ص341 .
([143]) أعلام الموقعين (2/247).
([144]) سير أعلام النبلاء (2/247).
([145]) السياسة الشرعية ص150 .
([146]) نصيحة الملوك للماوردي ص72 ، الولاية على البلدان (2/65).
([147]) الطريقة الحكمية ص240 ، الولاية على البلدان (2/67).
([148]) نصيحة الملوك ص72 .
([149]) الأحكام السلطانية ص33 .
([150]) الولاية على البلدان (2/67).
([151]) نفس المصدر (2/68).
([152]) الولاية على البلدان (2/68).
([153]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص133 .
([154]) فتوح البلدان للبلاذري ص182 ، الولاية على البلدان (2/69).
([155]) الأحكام السلطانية ص33 .
([156]) مناقب عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص240،242 .
([157]) الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ص521 .
([158]) الولاية على البلدان (2/70).
([159]) الولاية على البلدان (2/71).
([160]) عيون الأخبار (1/11).
([161]) الولاية على البلدان (2/71).
([162]) نفس المصدر (2/72).
([163]) الولاية على البلدان (1/77).
([164]) الفتوح بن أعثم ص215 .
([165]) الولاية على البلدان (2/74).
([166]) الولاية على البلدان (2/74).
([167]) الولاية على البلدان (2/74).
([168]) الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ص486 .
([169]) النظم الإسلامية، صبحي الصالح ص488،491 .
([170]) الولاية على البلدان (20/77).
([171]) الولاية على البلدان (2/77).
([172]) موسوعة فقه عمر بن الخطاب ص133 .
([173]) سنن البيهقي (6/357) موسوعة فقه عمر ص135 .
([174]) موسوعة فقه عمر ص137 .
([175]) الولاية على البلدان (2/77).
([176]) فتوح الشام للأزدي ص257 ، الولاية على البلدان (2/78).
([177]) تاريخ المدينة (2/749).
([178]) الولاية على البلدان (2/79).
([179]) فتوح البلدان للبلاذري ص143،224 .
([180]) الولاية على البلدان (2/79).
([181]) نفس المصدر (2/80).
([182]) نفس المصدر (2/80).
([183]) نصيحة الملوك للماوردي ص207 ، موسوعة فقه عمر ص134 .
([184]) فتوح البلدان للبلاذري ص273 ، الولاية على البلدان (872).
([185]) فتوح البلدان للبلاذري ص351،352 .
([186]) الولاية على البلدان (2/82).
([187]) نفس المصدر (2/82).
([188]) المصدر نفسه (2/82).
([189]) الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ص523.
([190]) النظريات السياسية الإسلامية محمد ضياء الريس ص307، 308.
([191]) الولاية على البلدان (2/85).
([192]) الخراج لأبي يوسف ص40، 41، الولاية على البلدان (2/ 105).
([193]) المصدر نفسه.
([194]) الولاية على البلدان (2/ 104).
([195]) مناقب أمير المؤمنين لابن الجوزي ص129.
([196]) النظم الإسلامية، صبحي الصالح ص89، الإدارة الإسلامية 215.
([197]) مناقب أمير المؤمنين لابن الجوزي ص56، الإدارة الإسلامية 215.
([198]) الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ص215.
([199]) التاج في أخلاق الملوك ص168.
([200]) فن الحكم ص174.
([201]) الخراج لأبي يوسف ص124 الولاية على البلدان (1/ 157).
([202]) الولاية على البلدان (1/ 157).
([203]) تاريخ المدينة (2/ 761).
([204]) الأنصار في العصر الراشدي ص123إلى 126.
([205]) عبقرية عمر للعقاد ص82، الدولة الإسلامية د. حمدي شاهين ص138.
([206]) الطبقات لابن سعد (3/ 222).
([207]) تاريخ الطبري (5/ 18)، الولاية على البلدان (1/ 161).
([208]) الولاية على البلدان (1/ 161).
([209]) تاريخ المدينة (3/ 837).
([210]) الولاية على البلدان (1/ 162).
([211]) تاريخ المدينة (3/ 837).
([212]) الولاية على البلدان (1/ 162).
([213]) الولاية على البلدان (1/ 163).
([214]) الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب 223.
([215]) تاريخ الطبري (5/ 103).
([216]) تاريخ الطبري (5/ 103).
([217]) تاريخ الطبري (5/104).
([218]) التاريخ الإسلامي للحميدي (11/222).
([219]) دور الحجاز في الحياة السياسية ص257.
([220]) تاريخ الطبري (5/225).
([221]) فتوح مصر وأخبارها ص92.
([222]) تاريخ المدينة (3/841).
([223]) الولاية على البلدان (1/81).
([224]) تاريخ المدينة (3/807، 808) في إسناده انقطاع.
([225]) محض الصواب (2/467) إسناده حسن.
([226]) محض الصواب (2/552) إسناده حسن.
([227]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص134 إسناده حسن.
([228]) نفس المصدر ص133.
([229]) حلية الأولياء (1/245)، أخبار عمر ص152.
([230]) أي أكثر من الهزل.
([231]) تاريخ المدينة (3/813) خبر صحيح، الفاروق الحاكم العادل ص11.
([232]) الولاية على البلدان (2/127)، الأموال لأبي سلام ص63، 64.
([233]) الولاية على البلدان (2/126، 127).
([234]) تاريخ المدينة (3/818).
([235]) السياسة الشرعية لابن تيمية ص105.
([236]) فتوح البلدان ص77، نهاية الأرب (19/8).
([237]) الإدارة الإسلامية مجدلاوي ص216.
([238]) أرمقتني أوجعتني وأغضبتني لسان العرب (7/161).
([239]) تاريخ المدينة (3/832)، الولاية على البلدان (2/128).
([240]) تاريخ المدينة (3/834).
([241]) الولاية على البلدان (2/129).
([242]) نوّاباً: أي جماعة من الناس يختصون بالزيارة والمسامرة دون غيرهم.
([243]) تاريخ المدينة (3/817، 818) الولاية على البلدان (2/130).
([244]) الولاية على البلدان (2/130).
([245]) الولاية على البلدان (2/130).
([246]) الفتاوى (28 / 157).
([247]) فتوح البلدان ص220،221 ، الولاية على البلدان (2/131).
([248]) شهيد المحراب ص250 .
([249]) الولاية على البلدان (2/131).
([250]) فتوح البلدان ص443 .
([251]) الولاية على البلدان (2/133).
([252]) الفاروق عمر بن الخطاب للشرقاوي ص287 .
([253]) الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين ص151 .
([254]) أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ، إبراهيم شعوط ص123 .
([255]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص321-331 .
([256]) البداية والنهاية (7/115).
([257]) التاريخ الإسلامي (11/146).
([258]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص331 .
([259]) نفس المصدر ص332 .
([260]) نفس المصدر ص332 .
([261]) البداية والنهاية (7/115).
([262]) خالد بن الوليد صادق عرجون ص332 .
([263]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص332،333 .
([264]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص321 .
([265]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص321 .
([266]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص346 .
([267]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص323 .
([268]) نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين 84 .
([269]) نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين ص84 .
([270]) أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ ص132 .
([271]) عبقرية خالد للعقاد ص154،155،156 .
([272]) تاريخ الطبري (5/41).
([273]) نفس المصدر (5/42).
([274]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص324 .
([275]) البثنية قيل المراد: حنطة منسوبة إلى بلد بالشام وقيل الناعمة من الرملة اللينة.
([276]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص347 ، الكامل في التاريخ (2/156).
([277]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص347 .
([278]) نفس المصدر ص347 .
([279]) تاريخ الطبري (5/43).
([280]) تاريخ الطبري (5/43).
([281]) تاريخ الطبري (5/43).
([282]) الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين، حمدي شاهين ص149 .
([283]) عبقرية عمر ص158 .
([284]) حروب الإسلام في الشام، باشميل ص566 .
([285]) أباطيل يجب أن تحمى من التاريخ ص134 .
([286]) البداية والنهاية (7/115).
([287]) التاريخ الإسلامي (11/147).
([288]) الخلافة والخلفاء الراشدون، سالم البهنساوي ص196 .
([289]) أخطاء يجب أن تمحى من التاريخ ص134 .
([290]) الدولة الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين ص151 .
([291]) النسائي (8283) خبر صحيح في سننه الكبرى، محض الصواب (2/496) إسناده صحيح.
([292]) صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ص219 .
([293]) خالد بن الوليد، صادق عرجون 349 ، الخلافة والخلفاء ص198 .
([294]) سير أعلام النبلاء (1/382)، الطريق إلى المدائن ص367 .
([295]) الفاروق عمر ص287 .
([296]) الطريق إلى المدائن ص366 .
([297]) خالد بن الوليد، صادق عرجون ص348 .
([298]) تهذيب تاريخ دمشق (5/116).
([299]) ليس بقائل: أي ليس بتارك أحداً يخلد في هذه الدنيا، فهو من الإقالة في المعنى، صادق عرجون ص348 .
([300]) تاريخ الطبري (5/130)، القيادة العسكري ص589 .


.












رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 17:26   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فتوحات العراق والمشرق في عهد عمر رضي الله عنه


.

المبحث الأول: المرحلة الثانية من فتوحات العراق والمشرق:


تمثل الفتوحات في عهد الصديق رضي الله عنه في العراق بقيادة خالد بن الوليد المرحلة الأولى من الفتوحات الإسلامية التي انطلقت نحو المشرق وقد تم تفصيلها في كتابي:
أبو بكر الصديق رضي الله عنه شخصيته وعصره وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه استكملت الخطة على مراحل هذه إحداها:


.

أولاً: تأمير أبي عُبيد الثقفي على حرب العراق:

لما مات الصديق ودفن ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، أصبح عمر فندب الناس وحثهم على قتال أهل العراق وحرضهم ورغبهم في الثواب على ذلك، فلم يقم أحد لأن الناس كانوا يكرهون قتال الفرس لقوة سطوتهم، وشدة قتالهم، ثم ندبهم في اليوم الثاني والثالث فلم يقم أحد، وتكلم المثنى بن حارثة فأحسن وأخبرهم بما فتح الله تعالى على يدي خالد من معظم أرض العراق ومالهم هناك من الأموال والأملاك والأمتعة والزاد، فلم يقم أحد في اليوم الثالث فلما كان اليوم الرابع كان أول من انتدب من المسلمين أبو عبيد بن مسعود الثقفي ثم تتابع الناس في الإجابة([1])، وكان سليط بن قيس الأنصاري قد استجاب لنداء عمر بعد أبي عبيد الثقفي وقال: يا أمير المؤمنين إنما كان عن هؤلاء الفرس إلى وقتنا هذا شقشقة من شقاشق الشيطان، ألا وإني قد وهبت نفسي لله أنا ومن أجابني من بني عمي ومن اتبعني([2])، فكان لكلام سليط هذا أثر قوي في تشجيع الناس ورفع معنوياتهم وزيادة رغبتهم في جهاد الفرس، وطالبوا الخليفة أن يوليَ عليهم رجلاً من المهاجرين أو الأنصار فقال عمر: والله ما أجد لها أحق من الذي ندب الناس بدءاً ولولا أن سليطاً عجولٌ في الحرب لأمرته عليكم ولكن أبو عبيد هو الأمير وسليط هو الوزير فقال الناس سمعاً وطاعة([3])، وجاء في رواية: وأمّر على الجميع أبا عبيد ولم يكن صحابياً فقيل لعمر: هلا أمّرت عليهم رجلاً من الصحابة؟ فقال: إنما أومر أول من استجاب، إنكم إنما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين، وإن هذا هو الذي استجاب قبلكم. ثم دعاه فوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، وأمره أن يستشير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
، وأن يستشير سليط بن قيس فإنه رجل باشر الحروب([4])،وقد جاء في وصايا عمر رضي الله عنه لأبي عبيد الثقفي ما يأتي: (( اسمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأشركهم في الأمر، ولا تجتهد مسرعاً، بل اتئد، فإنها الحرب لا يصلحها إلا الرجل المكيث([5])، الذي يعرف الفرصة، ولا يمنعني أن أُؤَمّر سليطاً إلاّ سرعته إلى الحرب، والسرعة إلى الحرب إلاّ عن بيان ضياع والله لولا سرعته لأمَّرته([6])، ثم قال: إنك تقدم على أرض المكر والخديعة والخيانة والجَبْرية، تقدم على قوم تجرّؤوا على الشر فَعَلِموه، وتناسو الخير فجهلوه: فانظر كيف تكون؟ واحرز لسانك، ولا تفشين سرّك، فإن صاحب السرّ ما يضبطه متحصن لا يؤتى من وجه يكره، وإذا لم يضبطه كان بمضيعة([7]) ثم أمر المثنى بن حارثة أن يتقدم إلى أن يلحقه الجيش وأمره أن يستنفر([8])، من حسنت توبته من المرتدين، فسار مسرعاً حتى وصل الحيرة، وكان عمر رضي الله عنه يتابع جبهات العراق والفرس والشام ويمد الجيوش بالإمدادات ويرسل لهم التعليمات، والأوامر، ويضع الخطط للمعارك ويشرف بنفسه على تنفيذها.

سار المسلمون إلى أرض العراق وهم سبعة آلاف رجل، وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرسل من كان بالعراق ممن قدم مع خالد إلى العراق فجهز عشرة آلاف عليهم هاشم بن عتبة، وأرسل عمر، جرير بن عبد الله البجلي في أربعة آلاف إلى العراق فقدم الكوفة، فلما وصل الناس إلى العراق وجدوا الفرس مضطربين في ملكهم، وآخر ما استقر عليه أمرهم أن ملكوا عليهم بوران بنت كسرى بعد ما قتلوا التي كانت قبلها أزرميدخت وفوضت بوارن أمر الملك عشر سنين إلى رجل منهم يقال له رستم بن فرّخزاد على أن يقوم بأمر الحرب، ثم يصير الملك إلى آل كسرى فقبل ذلك. وكان رستم هذا منجماً يعرف النجوم وعِلْمها جيداً فقيل له ما حملك على هذا؟ يعنون وأنت تعلم أن هذا الأمر لا يتم لك فقال: الطمع وحب الشرف([9]).


.

ثانياً: وقعة النمارق، ومعركة السقاطية بكسكر ومعركة باروسما:

1- وقعة النمارق 13هـ :

وقد كانت هذه المعركة عقب وصول أبي عبيد وتوّليه قيادة الجيوش من العراق، وكأنما أراد منها الفرس أن يرهبوا أبا عبيد، أول من انتدب، حتى يقهروا في نفسه إرادة الظفر ورغبة النصر، فأعدوا لها القوى الداخلية، وعبؤوا الجند، ولقوا فيها المسلمين من خلفهم ومن بين أيديهم ومن أمامهم: وكتبوا إلى دهاقين السودان أن يثوروا بالمسلمين، ودسّوا في كل رستاق رجلاً ليثور بأهله، فبعثوا جابان إلى الببهقّباذ الأسفل، ونَرْسِي إلى كسكر، وجنداً ليواقعوا المثنى.. وبلغ المثنى ذلك، فضم إليه مسالحه وحَذِر وخرج الدهاقين وتوالوْا على الخروج، وثار أهل الرساتيق وتتابعوا على الثورة، ونزل أبو عبيد والمثنى بخفّان، وتعبَّى، ثم كان اللقاء في النمارق.. وكان قتالاً شديداً هزم الله فيه أهل فارس وأُسر جابان القائد ومردانْشاه، وكان على المُجَنَّبة، وكانا معاً هما اللذان توليا أمر الثورة([10])، وكان الذي أسر جابان مطر بن فضة التميمي وهو لا يعرفه، فخدعه جابان حتى تفلَّت منه بشيء فخلَّى عنه، فأخذه المسلمون فأتوا به أبا عبيد وأخبروه أنه قائد الفرس وأشاروا عليه بقتله فقال: إني أخاف الله أن أقتله وقد أمّنه رجل مسلم، والمسلمون في التّواد والتناصر كالجسد ما لزم بعضهم فقد لزمهم كلهم فقالوا: إنه الملك يعني القائد قال: وإن كان، لا أغدر، فتركه([11]).


.

· وهذا الموقف من أبي عبيد الثقفي يعتبر مثالاً على سماحة المسلمين ووفائهم بالعهود وإن أبرمها بعض أفرادهم، ولا شك أن هذه الأخلاق العالية كان لها أثر كبير في اجتذاب الناس إلى الدخول في الإسلام، فحينما يتسامع الناس أن المسلمين أطلقوا أحد قادة الفرس الذين كانوا أسرع الناس في عدائهم لمجرد أنه اتفق مع أحد المسلمين على الفداء فإنهم ينجذبون إلى هذا الدين الذي أخرج هؤلاء الرجال.


.

· ولا ننسى موقف المثنى بن حارثة الرائع حيث استلم الإمارة أبي عبيد مع أنه يَقْدمُ العراق لأول مرة، لأن أمير المؤمنين أمّره عليه، فكان نعم القائد ونعم الجندي، وهذه من سجايا المثنى فقد فعل ذلك مع خالد بن الوليد من قبل ولم يختلف عطاؤه للإسلام في حالي القيادة والجندية، وهكذا يكون عظماء الرجال([12]).

.









رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 17:29   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

- معركة السّقّاطية بكَسْكَر:

ثم ركب أبو عبيد في آثار من انهزم منهم وقد لجأوا إلى مدينة كَسْكَر([13])، وهي لابن خالة كسرى واسمه نَرْسي، فوازرهم نرسي على قتال أبي عبيد، فلقيهم أبو عبيد في السقاطية([14])، فقهرهم، وغنم منهم شيئاً كثيراً وأطعمات كثيرة جداً([15])، وهرب نرسي وغلب المسلمون على عسكره وأرضه، ووجدوا في خزائنه شيئاً عظيماً ولم يكونوا بشيء أفرح منهم بشجر النّرسيان لأن (نَرْسي) كان يحميه ويمالئه عليهم ملوكهم فاقتسموه فجعلوا يطعمونه الفلاحين وبعثوا بخمسه إلى عمر، وكتبوا إليه: إن الله أطعمنا مطاعم كانت الأكاسرة يحمونها وأحببنا أن تروها ولتذكروا إنعام الله وإفضاله([16]).


.

وفي هذا الخبر إشارة إلى نوع من الأخلاق الرفيعة لدى المسلمين حيث رفعوا من شأن الفلاحين المحرومين فأطعموهم من طعام ملوكهم الذي كان محرماً عليهم، فكأنهم بهذا يقولون لهم: تعالوا إلى هذا الدين العظيم الذي يرفع من شأنكم ويرد عليكم كرامتكم الإنسانية([17]).

وأقام أبو عبيد بكسكر وبعث قوات لمطاردة الفرس وتأديب أهل القرى المجاورة الذين نقضوا العهد ومالأوا الفرس، ورجحت كفة المسلمين في المنطقة بعد هذا الانتصار جاء بعض الولاة يطلبون الصلح، وقدّم واليان منهم طعاماً خاصاً
لأبي عبيد من فاخر أطعمتهم فقالوا: هذه كرامة أكرمناك بها، وقِرىً لك، قال أأكرمتم الجند وقريتموهم مثله؟ قالوا: لم يتيسر ونحن فاعلون، فقال أبو عبيد: فلا حاجة لنا فيما لا يسع الجند، وهابوا وخافوا على أنفسهم. فقال أبو عبيد: ألم أعلمكم أني لست آكلاً إلا ما يسع من معي ممّن أُصبتم بهم قالوا: لم يبق أحد إلا وقد أُتِيَ بشبعه من هذا في رحالهم وأفضل. فلما علم قبل منهم، وأكل وأرسل إلى قوم كانوا يأكلون معه أضيافاً عليه يدعوهم إلى الطعام، وقد أصابوا من نُزُل فارس ولم يروا أنهم أتوا أبا عبيد بشيء فظنّوا أنهم يُدعون إلى مثل ما كانوا يُدعون إليه من غليظ عيش أبي عبيد، وكرهوا ترك ما أتوا به من ذلك، فقالوا له: قل للأمير، إنّا
لا نشتهي شيئاً مع شيء أتتنا به الدهاقين، فأرسل إليهم: إنه طعام كثير من أطعمة الأعاجم، لتنظروا أين هو مما أتيتم به([18]).

وهكذا أكل هذا الأمير الكريم المتواضع بعد ما ردّ طعام الأعاجم مرتين لما علم في الثالثة أنهم أطعموا جميع الجند مثلما أطعموه وأفضل ومع هذا لم يرض أن يأكل وحده حتى دعا أضيافه وألح عليهم، حتى بعد أن علم أنهم أصابوا من طعام الفرس وعدّد لهم أصناف هذا الطعام ليرغبهم في مشاركته، وهذا لون من الكرم الرفيع، والكرم من أهم عناصر الزعامة، وإن هذه المواقف ترشدنا إلى مقدار ما بلغ إليه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم، بإحسان من الرقي الأخلاقي والتقدم الحضاري([19]).


.

2- معركة بارُوسْما سنة 13هـ :

ثم التقوا بمكان بين كَسْكَر والسَّقاطية يقال له بارُوسما، وعلى ميمنة نَرْسي وميسرته ابنا خاله، بندويه وبيرويه وكان رستم قد جهز الجيوش مع الجالينوس فلما بلغ أبا عبيد ذلك أعجل نرْسي بالقتال قبل وصولهم فاقتتلوا قتالاً شديداً فانهزمت الفرس وهرب نرسي، فبعث أبو عبيد، المثنى بن حارثة وسرايا أخر إلى متاخم تلك الناحية كنهر جور ونحوها ففتحها صلحاً وقهراً، وضربوا الجزية والخراج وغنموا الأموال الجزيلة ولله الحمد وكسروا الجالينوس الذي جاء لنصرة جابان وغنموا جيشه وأمواله وفرَّ هارباً إلى قومه حقيراً ذليلاً([20]).

وهكذا تم القضاء على ثلاثة جيوش للفرس في مدة وجيزة وكان بإمكان الفرس أن يوحدوا هذه الجيوش وأن يأتوا المسلمين من أمامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم، لكثرة عددهم، ولكن الله أعمى بصائرهم وكانوا لشدة خوفهم من المسلمين يتمنى كل قائد أن يكفيه الآخر مهمة المواجهة وإضعاف المسلمين ليظفر بالنصر عليهم بعد ذلك، وقد أفاد المسلمين سرعة تحركهم وبطء حركة جيوش الأعداء([21]).


.

ثالثاً: وقعة جسْر أبي عبيد 13هـ:

لما رجع الجالينوس هارباً مما لقي من المسلمين تذامرت الفرس بينهم واجتمعوا على رستم فأرسل جيشاً كثيفاً عليهم ذا الحاجب بهمن جاذويه، وأعطاه راية كسْرى وتسمى دِرَفْش كابيان (الراية العظمى) وكانت الفرس تتيمَّن بها، وكانت من جلود النمور وعرضها ثمانية أذرع في طول اثني عشر ذراعاً، فوصلوا إلى المسلمين وبينهم النهر وعليه جسر، فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم. فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مرهم فليعبروا هم إلينا، فقال: ما هم بأجرأ على الموت منا. ثم اقتحم إليهم فاجتمعوا في مكان ضيق هنالك فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يعهد مثله، والمسلمون في نحو عشرة آلاف، وقد جاءت الفرس معهم بأفْيلَة كثيرة عليها الجلاجل لتذعر خيول المسلمين، فجعلوا كلما حملوا على المسلمين فرت خيولهم من الفيلة ومما تسمع من الجلاجل التي عليها ولا يثبت منها إلا القليل على قَسْر، وإذا حمل المسلمون عليهم لا تقدم خيولهم على الفِيلة، ورشقتهم الفرس بالنبل فنالوا منهم خلقاً كثيراً، وقتل المسلمون منهم مع ذلك ستة آلاف([22])، وقد جفلت خيول المسلمين من أصوات الأجراس المعلقة بالفيلة، وصار المسلمون لا يستطيعون الوصول إليهم والفيلة تجوس خلالهم، فترجل أبو عبيد وترجل الناس معه، وتصافحوا معهم بالسيوف، وفقد المسلمون خيلهم فأصبحوا رجَّالة يقاومون سلاح الفيلة والفرسان والمشاة من الفرس، إلى جانب الرماة الذي أضرُّوا بالمسلمين وهم يدفعون بخيولهم نحوهم فلا تندفع، فكان موقفاً صعباً أظهر المسلمون فيه من البسالة والتضحية ما يندر أن يوجد له مثيل في التاريخ، وصمدوا للفرس رغم تفوقهم عليهم في كل وسائل القتال، وكانت الفيلة أشد سلاح واجهه المسلمون فقد كانت تهدُّ صفوفهم، فناداهم أبو عبيد بأن يجتمعوا على الفيلة ويقطعوا أحزمتها ويقلبوا عنها أهلها، وبدأ هو بالفيل الأبيض فتعلق بحزامه وقطعه ووقع الذين عليه، وفعل المسلمون مثل ذلك، فما تركوا فيلاً إلا حطوا رحله وقتلوا أصحابه، ولكن الفيلة استمرت في الهجوم لأنها كانت مدربة، فرأى أبو عبيد أن يتخلص منها، فسأل عن مقاتلها، فقيل له إنها إذا قطعت مشافرها تموت، فهجم على الفيل الأبيض، ونفح خرطومه بالسيف فأتقاه، الفيل بيده وأطاح به ثم داسه بأقدامه، وأخذ الراية أخوه الحكم بن مسعود فقاتل الفيل حتى أزاحه عن أبي عبيد ولكن وقع له ما وقع لأبي عبيد، فقد أراد الحكم قتله، فألقاه بيده، ثم داسه بأقدامه، وانتقلت راية المسلمين إلى الذين سماهم أبو عبيد، ومنهم أبناؤه الثلاثة وهب ومالك وجبر، إلى أن قتلوا جميعاً فانتقلت القيادة للمثنى بن حارثة مع آخر النهار، وكان بعض المسلمين قد عبروا الجسر منسحبين، واستمر الانسحاب من الميدان، فلما رأى ذلك عبد الله بن مرثد الثقفي بادر وقطع الجسر، وقال: موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا، وحاول منع الناس من العبور فأتوا به إلى المثنى فضربه من شدة غضبه من صنيعه وقال: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: ليقاتلوا، وقد كان اجتهاده في غير موضعه لأن قطع الجسر أدى إلى وقوع بعض المسلمين في النهر وغرقوا بسبب شدة الضغط من الفرس، فكانت الفكرة المناسبة أن يحافظ المسلمون على بقيتهم بالانسحاب إن استطاعوا ذلك، وهذا هو ما قام به المثنى حيث أمر بعقد الجسر ووقف هو ومن معه من أبطال المسلمين فحموا ظهور المسلمين حتى عبروا وقال المثنى: يا أيها الناس إنا دونكم فاعبروا على هينتكم – يعني على مهلكم – ولا تدهشوا فإنا لن نزايل حتى نراكم من ذلك الجانب، ولا تغرقوا أنفسكم، وكان المثنى ومن معه من الأبطال من أمثال عاصم بن عمرو والكلج الضَّبِّي هم آخر من عبر، وقد كان بَهْمَن جاذويه حاول أن يجهز على بقية المسلمين ولكنه لم يستطع وفَوَّتَ عليه هذه الفرصة المثنى حينما تولى قيادة هذا الانسحاب المنظم ولا شك أن هؤلاء الأبطال الذي حموا ظهور المسلمين حتى انسحبوا قد بذلوا جهوداً جبارة في الصمود أمام الأعداء لقد انسحب خمسة آلاف من المسلمين وخلفوا وراءهم أربعة آلاف من الشهداء منهم عدد كبير من الصحابة رضي الله عنهم خاصة الذين رافقوا أبا عبيد من المدينة، وقد عاد ألفان ممن انسحبوا إلى المدينة وغيرها ولم يبق مع المثنى غير ثلاثة آلاف، أما الفرس فقد قتل منهم ستة آلاف بالرغم من الوضع السيئ الذي كان فيه المسلمون مما يدل على بسالتهم وقوة احتمالهم([23]).


.

أهم الدروس والعبر والفوائد من معركة جسر أبي عبيد:

أ- رؤية صادقة:

كانت دومة امرأة أبي عبيد قد رأت رؤيا أن رجلاً نزل من السماء بإناء فيه شراب فشرب أبو عبيد وابنه جبر في ناس من أهله فأخبرت بها أبا عبيد فقال: هذه الشهادة، وعهد أبو عبيد إلى الناس فقال: إن قُتلت فعلى الناس فلان حتى عد سبعة من ثقيف من أقاربه الذين ذكرتهم امرأته في الرؤيا، فإن قتل آخرهم فالقيادة للمثنى بن حارثة([24]).


.

ب- غلطتان سببتا الهزيمة:

· مخالفة أبي عبيد لمن معه من أركان الجيش ووجوهه، لقد نهوه عن العبور فلم ينته، واستقل برأيه، لقد عبر أبو عبيد الجسر بشجاعة وإقدام وحب للشهادة، لكنه لم يحسب للمعركة حسابها الكامل، ولم يدرس أرض المعركة بشكل كاف([25])، ولقد أفلت من يد أبي عبيد عنصر الأمن بانحصاره في مكان ضيق المخرج وكأنه وضع جيشه في مصيدة دون عذر مقبول، وأفلت من يده عنصر التعاون بين الأسلحة المختلفة بخروج سلاح الفرسان من المعركة، فصارت قواته مشاة دون فرسان وكان عليهم أن يواجهوا مشاة الفرس وفرسانهم وأفيالهم، وفقدت المعركة كفاءة القيادة حتى تولاها المثنى أخيراً بعد سبعة سبقوه، وكما فقد ذلك فقد أيضاً عنصر الحشد بسبب ضيق المكان إذ لا فائدة من أعداد الجند إذا لم تسعفها طوبوغرافية الأرض، كما أنه فقد حسن اختيار الهدف وما يتفرع عنه من اختيار الأرض واختيار طريق الوصول إليه وطريق ضربه وما إلى ذلك، فوّته على نفسه، بل أتاح لعدوه أن يفرضه عليه([26]).


.

· والذي زاد غلطة أبي عبيدة فداحة، غلطة زادت الغلطة الأولى أثراً وخسارة وفاجعة، إنها غلطة عبد الله بن مرثد الثَّقفي عندما قطع الجسر، كي لا يرتد أحد من المسلمين ولولا الله ثم ثبات المثنى بن حارثة ومن معه لهلك المسلمون عن آخرهم([27]).


.

ت- قيمة القيادة الميدانية:

إن معركة الجسر أثبتت أهمية القيادة الميدانية المتمثلة في المثنى وأركان قيادته الذين معه، فعندما تنزل المحن بالجيوش يخرج القادة الذين يستطيعون أن يخرجوا بجيوشهم من تلك المحن([28])، فقد تولى المُثنى مع مساعديه من الأبطال حماية الجيش الإسلامي، فكان آخر من عبر الجسر، وهذا لون رفيع من ألوان التضحية والفداء([29]).


.

ث- المثنى يقوم برفع الروح المعنوية لجيشه:

انسحب المثنى بأربعة آلاف جندي من أصل عشرة آلاف، وقام بمطاردته قائدان فارسيان هما: (جابان)و(مردنشاه) باتجاه أليس (السماواة)، وجرهما المثنى وراءه مسافة حتى توغلا ولم يشأ أن يبدأ حملة مضادة إلا بعد مرحلة من الانسحاب وعند بلوغه السماواة شن هجوماً صاعقاً بالخيالة التي قاسدها بنفسه، فأنزل بهما هزيمة عجيبة، ويبدو أن هول المفاجأة وعدم تصورهم أن إنساناً قد أبيد معظم جيشه، يمكن أن يكون له مثل هذا العزم الذي يفل الحديد، ومن شدة ذهول القطعات الفارسية أنزلت بها خسائر كبيرة بحيث تمكن المثنى من أسر القائدين جابان ومردنشاه وأعدمهما المثنى، فكان لهذا النصر أثر كبير في تقوية معنويات البقية الباقية من الجيش، ورفعت الموقعة معنويات سكان المنطقة، ورفعت قيمة المثنى في نظر جنوده والقبائل المجاورة([30]).


.

ج- كلما وقع المسلمون الصادقون في مأزق حرج قيض الله لهم الأسباب التي تخرجهم من ذلك الحرج:

بقي المثنى في العراق في عدد قليل لا يكفي حتى للاحتفاظ بالممالك التي استولى عليها المسلمون، ولقد كان بإمكان الفرس أن يلاحقوا بقية الجيش الإسلامي حتى يخرجوهم من العراق، وسيجدون ممن بقي على الوراء لهم من العرب من يتولى مطاردتهم في الصحراء ولكن الله تعالى مع هذه الفئة المؤمنة ومع المؤمنين في كل مكان، فكلما وقع المسلمون الصادقون في مأزق حرج يسر الله لهم الأسباب للخروج منه، فقد قيض المولى عز وجل أمراً صدّهم عن المسلمين حيث انقسموا إلى قسمين قسم مع رستم وقسم مع فيرزان، وأتى الخبر إلى قائد الفرس بهمن جاذويه فأسرع بالعودة إلى المدائن وكان ممن يُنظر إليه في أمور سياستهم وهكذا كفى الله المؤمنين القتال وأنقذهم من هذا المأزق الحرج وأخذوا فرصة كافية لتلقِّي الجيوش القادمة من دار الخلافة حتى تقوَّوا وأصبح لديهم جيش كبير([31]).


.

ح- موقف عمر رضي الله عنه عندما تلقى خبر الهزيمة:

بعث المثنى بن حارثة بأخبار المعركة إلى الخليفة عمر رضي الله عنه مع عبد الله بن زيد الأنصاري فقدم على عمر وهو على المنبر فقال: ما عندك يا عبد الله بن زيد؟ قال أتاك الخبر يا أمير المؤمنين، فلما انتهى إليه أخبره خبر الناس سراً([32])، فما سمع لرجل حضر أمراً تحدث عنه أثبت خبراً منه([33])، وقد تأثر عمر ومن حوله من الصحابة لمصاب الجيش الإسلامي في هذه المعركة وقال: اللهم كل مسلم في حلِّ مني، أنا فئة كل مسلم، من لقي العدو فَفُظِع بشيء من أمره فأنا له فئة، يرحم الله أبا عبيد لو كان انحاز إليَّ لكنت له فئة([34]).

وهذا الموقف يدل على أن عمر وهو الرجل القوي الحازم يلين ويواسي في مقام الرحمة والعطف([35]).


.

رابعاً: وقعة البُوَيب 13هـ:

قام الفاروق بحشد الناس واستنفارهم وبذلك أرسل الإمدادات إلى جيش الإسلام في العراق فكان منهم جرير بن عبد الله البجلي في قومه وحنظلة بن الربيع، وأرسل هلال بن علقمة مع طائفة الرباب ومجموعة من قبائل خثعم بقيادة عبد الله بن ذي السهمين فأرسلهما أيضاً إلى العراق لمد جند الإسلام، وجاء كل من عمر بن ربعي بن حنظلة في قومه وربعي بن عامر بن خالد إلى الخليفة فأمد بهم كذلك جند العراق وهكذا أخذت أرتال الدعم والإمداد تسير نحو العراق بدون انقطاع وفي الوقت ذاته أرسل المثنى بن حارثة الشيباني إلى من في العراق من أمراء المسلمين يستحثهم فبعثوا إليه بالإمداد حتى كثر جيشه([36]).

ولما علم قادة الفرس باجتماع جيش كبير عند المثنى بعثوا مهران الهمذاني بجيش من الفرسان لمواجهة جيش المثنى، ولما علم المثنى بذلك كتب إلى من يصل إليه من الأمداد أن يوافوه بالبويب وعلى رأس هؤلاء جرير بن عبد الله حيث كتب إليه المثنى يقول: إنا جاءنا أمر لم نستطع معه المقام حتى تقدموا علينا فعجلوا اللِّحاق بنا وموعدكم البويب، فاجتمعوا بالبويب وليس بينهم وبين جيش الفرس إلا النهر، فأقام المثنى حتى كتب له مهران: إما أن تعبروا إلينا أو أن نعبر إليكم، فقال المثنى: اعبروا، فعبر مهران بجيشه، وكان ذلك في شهر رمضان من العام الثالث عشر للهجرة، فقام المثنى خطيباً وقال للمسلمين، إنكم صوام والصوم مَرَقَّة ومضعفة وإني أرى من الرأي أن تفطروا ثم تقوَّوا بالطعام على قتال عدوكم، قالوا: نعم فأفطروا، وكان المثنى قد عبأ جيشه وسار فيهم يحثهم على القتال، ويقول لأهل كل راية: إني لأرجو أن لا تُؤتَى العرب من قبلكم، والله ما يسرني اليوم لنفسي شيء إلا وهو يسرني لعامتكم قال الرواة: وأنصفهم المثنى في القول والفعل وخلط الناس في المكروه والمحبوب، فلم يستطع أحد منهم أن يعيب له قولاً ولا عملاً([37]). وهذا دليل على حسن قيادته وسعة حكمته، حتى أصبح أفراد الجيش مطيعين له عن حب وقناعة، ولما رضي المثنى عن استعداد جيشه قال: إني مكبِّر ثلاثاً فتهيأوا ثم احملوا مع الرابعة، فلما كبر أول تكبيرة أعجلهم أهل فارس وعاجلوهم فخالطوهم مع أول تكبيرة، وليس من عادة الفرس هذا الاندفاع ولكن لعل ما حصلوا عليه في معركة الجسر من إصابة المسلمين خفف مما وقر في نفوسهم من هيبة المسلمين والرعب منهم، وهكذا بدأ الفرس بالهجوم وقد صمد لهم المسلمون واستمروا معهم في صراع شديد، والمثنى إلى جانب اشتراكه في القتال يراقب جيشه بدقة حتى إنه رأى خللاً في بعض صفوفه فأرسل إليهم رجلاً وقال: إن الأمير يقرأ عليكم السلام ويقول: لا تفضحوا المسلمين اليوم: فقالوا: نعم واعتدلوا([38])، فلما طال القتال واشتد قال المثنى لأنس بن هلال: يا أنس إذا رأيتني قد حملت على مهران فاحمل معي، وقال لابن مردي الفهر مثل ذلك فأجابه، ثم حمل المثنى على مهران، فأزاله حتى أدخله في ميمنته واستمر المثنى يضغط على عدوه، فخالطوهم، واجتمع القلبان، وارتفع الغبار، والمجنبات تقتتل لا يستطيعون أن يفرغوا لنصر أميرهم لا المشركون ولا المسلمون، وقال مسعود بن حارثة قائد مشاة المسلمين لجنده: إن رأيتمونا أُصبنا فلا تدعوا ما أنتم فيه فإن الجيش ينكشف ثم ينصرف، إلزموا مصافكم وأغنوا غناء من يليكم([39])، وأصيب مسعود وقواد من المسلمين، ورأى مسعود تضعضع من معه لإصابته وهو ضعيف قد ثقل من الجراح. فقال: يا معسكر بكر بن وائل ارفعوا راياتكم رفعكم الله، لا يهولنكم مصرعي. ويدرك المثنى مصرع أخيه فيخاطب الناس بقوله: يا معشر المسلمين
لا يرعكم مصرع أخي فإن مصارع خياركم هكذا، وقاتل أنس بن هلال النميري حتى أصيب فحمله المثنى وحمل أخاه مسعوداً وضمهما إليه، والقتال محتدم على طول الجبهة، ولكن القلب بدأ ينبعج في غير صالح الفرس، وأوجع قلب المسلمين في قلب المجوس، وقد دق فيه المثنى إسفينه، وكان فيمن تقدم في القلب جرير بن عبد الله ومعه بجير وابن الهوبر والمنذر بن حسان فيمن معهما من ضبة، وقاتل قرُط بن جماح العبدي حتى تكسرت في يده رماح وتكسرت أسياف، وقتل شهر براز من دهاقين الفرس وقائد فرسانهم في المعركة. واستمر القتال حتى أفنى المسلمون قلب المشركين وأوغلوا فيه([40])، ووقف المثنى عند ارتفاع الغبار حتى أسفر الغبار، وقد فني قلب المشركين وقُتل قائدهم مهران والمجنَّبات قد هز بعضها بعضاً، فلما رآه المسلمون وقد أزال القلب وأفنى أهله قويت مجنباتهم على المشركين، وجعلوا يردون الأعاجم على أدبارهم، وجعل المثنى والمسلمون في القلب يدعون لهم بالنصر، وأرسل إليهم من يقول لهم: عاداتكم في أمثالكم، انصروا الله ينصركم، حتى هزموا القوم، فسابقهم المثنى إلى الجسر فسبقهم وقطعه، وأخذ الأعاجم، فافترقوا بشاطيء الفرات، واعتورتهم خيول المسلمين حتى قتلوهم، ثم جعلوا جثثهم أكواماً من كثرتها، حتى ذكر بعض الرواة أن قتلاهم بلغوا مائة ألف([41]).


.

1- مؤتمر حربي بعد المعركة:

سكن القتال ونظر المثنى والمسلمون إلى عشرات الألوف من الجثث وقد غطت الأرض دماؤها وأشلاؤها، ثم جلس مع الجيش يحدثهم ويحدثونه ويسألهم عما فعلوا، وكلما جاء رجل قال له المثنى: أخبرني عنك فيروون له أحاديث تصور لقطات من المعركة وقد قال المثنى: قد قاتلت العرب والعجم في الجاهلية والإسلام، والله لمائة من العجم في الجاهلية كانوا أشد عليّ من ألف من العرب، ولمائة اليوم من العرب أشد علي من ألف من العجم، إن الله أذهب مصدوقتهم، ووهّن كيدهم، فلا يروعنَّكم زُهاءُ ترونه – يعني هيئتهم – ولا سوادُ – يعني كثرتهم – ولا قسيُّ فُجّ – يعني قد باتت أوتارها – ولا ينالُ طوال إذا أُعجلوا عنها أو فقدوها كالبهائم أينما وجهتموها اتجهت([42]).

وإن هذا القول في ذلك الوقت مناسب تماماً حيث عرض المثنى خبرته الجيدة في حربه مع الفرس في الوقت الذي دخل في حروب العراق أعداد كبيرة من المسلمين يشاركون في حرب الفرس لأول مرة، فجمع المثنى لهم بذلك بين المشاهدة في معركة من المعارك وبين وصف تجاربه في كل المعارك التي خاضها معهم قبل ذلك([43]).


.

2- ندم المثنى في قطعه خط الرجعة على الفرس:

وقد ندم المثنى على قطعه خط الرجعة على الفرس، وأخذه بالجسر من خلفهم فقال: لقد عجزت عجزة وقى الله شرها لمسابقتي إياهم إلى الجسر، وقطعه حتى أُحرجهم فإني عائد، فلا تعودوا ولا تقتدوا بي أيها الناس، فإنها كانت مني زلة،
لا ينبغي إحراج أحد إلا من لا يقوى على امتناع([44])، فقد أبان المثنى في آخر هذا الكلام وجه الخطأ في هذه الخطة حيث قد لاحظ ببصيرته الحربية النافذة أن في منع الأعداء من الفرار إلجاءاً لهم إلى الاستماتة في القتال دفاعاً عن أنفسهم، فإنه حينما يشعر الإنسان بأنه مقتول يبذل كل طاقته في الدفاع عن نفسه، وهذا يكلف الجيش المقابل جهوداً ضخمة في محاولة القضاء عليه، ولكن الله تعالى وقى المسلمين شر هذه الخطة كما ذكر المثنى حيث ثبَّت المسلمين فكانت قوتهم أعلى بكثير من احتمال الأعداء وطاقتهم وألقى الله تعالى الرعب في قلوب الأعداء حتى فقدوا الطاقة والمقدرة على الدفاع عن النفس([45])، وإن في اعتراف المثنى بهذا الخطأ، وهو الرجل الذي بلغ في هذه المعركة أوج النصر والشهرة لدليلاً على قوة إيمانه، وتجرده من حظ النفس، وإيثاره مصلحة الجماعة وهكذا يكون العظماء([46]).


.









رد مع اقتباس
قديم 2012-07-19, 23:42   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
طاب جنانو
عضو جديد
 
الصورة الرمزية طاب جنانو
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 00:11   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
abedalkader
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية abedalkader
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يامر بالجزور فتنحر
فتكون الكبد والسنام واطيابها لابن السبيل
ويكون العنق لآل عمر
عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان اسلامه فتحا
وهجرته كانت نصرا
وسلطانه كان رحمة
كان رضي الله عنه يقول اللهم توفني مع الابرار ولا تجعلني في الاشرار وقني عذاب النار
والحقني بالاخيار
كان يقول لاصحابه عليكم بذكر الله فانه شفاء واياكم وذكر الناس فانه داء
ونصح شابا قد اطال ثوبه فقال له :يا غلام ارفع ثوبك فانه انقى لثوبك واتقى لربك
.................................................. ................اللهم الحقنا بالاخيار........










رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 15:45   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


أ- مواقف بطولية للقعقاع بن عمرو:

أسرع القعقاع بمقدمته حتى قدم بهم على جيش القادسية صبيحة يوم أغواث، وكان أثناء قدومه قد فكر بعمل يرفع به من معنوية المسلمين فقسم جيشه إلى مائة قسم كل قسم مكوَّن من عشرة، وأمرهم بأن يقدموا اتباعاً كلما غاب منهم عشرة عن مدى إدراك البصر سرّحوا خلفهم عشرة، فقدم هو في العشرة الأوائل وصاروا يقدمون تباعاً كلما سرّح القعقاع بصره في الأفق فأبصر طائفة منهم كبَّر فكبر المسلمون، ونشطوا في قتال أعدائهم، وهذه خطة حربية ناجحة لرفع معنوية المقاتلين، فإن وصول ألف لا يعني مدداً كبيراً لجيش يبلغ ثلاثين ألفاً، ولكن هذا الابتكار الذي هدى الله القعقاع إليه قد عوض نقص هذا المدد بما قوّى به عزيمة المسلمين، وقد بشرهم بقدوم الجنود بقوله: يا أيها الناس إني قد جئتكم في قوم والله إن لو كانوا بمكانكم ثم أحسوكم حسدوكم حَظْوتها وحاولوا أن يطيروا بها دونكم، فاصنعوا كما أصنع، فتقدم ثم نادى: من يبارز؟ فقالوا فيه بقول أبي بكر: لا يهزم جيش فيهم مثل هذا، وسكنوا إليه، فخرج إليه ذو الحاجب([187])، فقال له القعقاع: من أنت([188])؟ فقال: أنا بهمن جاذويه. وهنا تذكّر القعقاع مصيبة المسلمين الكبرى يوم الجسر على يد هذا القائد فأخذته حميته الإسلامية فنادى وقال: يا لثارات
أبي عبيد وسُليط وأصحاب الجسر، ولابد أن هذا القائد الفارسي بالرغم مما اشتهر به من الشجاعة قد انخلع قلبه من هذا النداء، فلقد قال أبو بكر رضي الله عنه عن القعقاع: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل([189])،فكيف سيثبت له رجل واحد مهما كان في الشجاعة وثبات القلب؟ ولذلك لم يمهله القعقاع أن أوقعه أمام جنده قتيلاً فكان لقتله بهذه الصورة أثر كبير في زعزعة الفرس ورفع معنوية المسلمين لأنه كان قائداً لعشرين ألف مقاتل من الفرس. ثم نادى القعقاع مرة أخرى من يبارز؟ فخرج إليه رجلان أحدهم البيرزان والآخر البندوان، فانضم إلى القعقاع الحارث بن ظبيان ابن الحارث أخو بني تميم اللات، فبارز القعقاع بيرزان([190])، فقتله القعقاع وبارز ابن ظبيان بندوان وهو من أبطال الفرس فقتله ابن ظبيان وهكذا قضى القعقاع في أول النهار على قائدين من قادة الفرس الخمسة ولاشك أن ذلك أوقع الفرس في الحيرة والاضطراب وساهم ذلك في تدمير معنويات أفراد الجيش الفارسي، والتحم الفرسان من الفريقين، وجعل القعقاع يقول: يا معشر المسلمين باشروهم بالسيوف فإنه يُحصد بها، فتواصى الناس بها، وأسرعوا إليهم بذلك فاجتلدوا بها حتى المساء، وذكر الرواة أن القعقاع حمل يومئذ ثلاثين حملة، كلما طلعت قطعة حمل حملة، وأصاب فيها وجعل يقول:


أُزعجهم عمداً بها إزعاجاً
أطعن طعناً صائباً ثجّاجاً

وكان آخر من قتل بُزرُ جَمهَرْ الهمذاني وقال في ذلك القعقاع:


حبوته جيَّاشةً بالنفس
في يوم أغواث فَلَيْلُ الفرس

هدّارة مثل شعاع الشمس
أنخس في القوم أشد النخس



.

ب- علباء بن جحش العجلي: انتثرت أمعاؤه في المعركة:

وبرز رجل من المجوس أمام صفوف بكر بن وائل فنادى من يبارز؟ فخرج له علباء بن جحش العجلي فنفحه([191])، علباء في صدره وشقَّ رئته ونفحه الآخر فأصابه في بطنه وانتثرت أمعاؤه وسقطا معاً إلى الأرض، أما المجوسي فمات من ساعته، وأما علباء فلم يستطع القيام وحاول أن يعيد أمعاءه إلى مكانها فلم يتأت له ومرّ به رجل من المسلمين فقال له علباء: يا هذا أعني على بطني، فأدخل له أمعاءه فأخذ بصفاقيه ثم زحف نحو صف العجم دون أن يلتفت إلى المسلمين وراءه فأدركه الموت على ثلاثين ذراعاً من مصرعه وهو يقول:

أرجوا بها من ربنا ثواباً
قد كنت ممن أحسن الضراباً


.

ج- الأعرف بن الأعلم العُقَيلي:

خرج رجل من أهل فارس ينادي من يبارز؟ فبرز له الأعرف بن الأعلم العُقَيلي فقتله، ثم برز له آخر فقتله، وأحاطت به فوارس منهم فصرعوه، وندر سلاحه عنه فأخذوه، فغبَّر في وجوههم بالتراب حتى رجع إلى أصحابه([192]).


.

د- مواقف فدائية لأبناء الخنساء الأربعة:

كان لأبناء الخنساء الأربعة مواقف فدائية في ذلك اليوم فقد اندفعوا إلى القتال بحماس وقال كل واحد منهم شعراً حماسياً يقوِّي به نفسه وإخوانه فقال أولهم:


يا إخوتي إن العجوز الناصحة
مقالةً ذات بيان واضحة
وإنما تلقون عند الصائحة
قد أيقنوا منكم بوقع الجائحة


قد نصحَتْنا إذ دعتنا البارحة
فباكروا الحرب الضَّروس الكالحة
من آل ساسان الكلاب النابحة
وأنتم بين حياة وحياة صالحة

وتقدم فقاتل حتى قتل، فحمل الثاني وهو يقول:


إن العجوز ذات حزم وجلد
قد أمرتنا بالسداد والرّشد
فباكروا الحرب حماة في العدد
أو ميتة تورثكم عز الأبد


والنظر الأوفق والرأي السَّدد
نصيحة منها وبرّاً بالولد
إما لفوز بارد على الكبد
في جنة الفردوس والعيش الرغد

وقاتل حتى استشهد. وحمل الثالث وهو يقول:

والله لا نعصي العجوز حرفاً
نصحاً وبراً صادقاً ولطفاً
حتى تلفوا آل كسرى لفا
إنا نرى التقصير عنكم ضعفاً


قد أمرتنا حدباً وعطفاً
فبادروا الحرب الضروس زحفاً
أو يكشفوكم عن حماكم كشفاً
والقتل فيكم نجدة وزُلفى


وقاتل حتى استشهد، وحمل الرابع وهو يقول:


لست لخنساء ولا للأخْرَمِ
إن لم أرِدْ في الجيش جيش الأعجم
إما لفوز عاجل ومغنم


ولا لعمرو ذي السناء الأقدم
ماض على الهول خضمِّ خضرم
أو لوفاة في السبيل الأكرم



فقاتل حتى استشهد([193]) وبلغ الخنساء خبر بنيها الأربعة فقالت: الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته([194]).


.

س- مكيدة قعقاعية بالغة التأثير على الفرس:

في هذا اليوم يوم أغواث قام القعقاع بن عمرو وبنو عمه من تميم بمكيدة قعقاعية بالغة التأثير على الفرس، وذلك أنه لما علم بما فعلته الفيلة في اليوم الأول بخيول المسلمين قام هو وقومه بتوفيق من الله تعالى بتهيئة الإبل لتظهر في مظهر مخيف يُنَصِّر الخيول فألبسوها وحلَّلوها ووضعوا لها البراقع في وجوهها، وحملوا عليها المشاة وأحاطوها بالخيول لحمايتها، وهجموا بها على خيول الفرس، ففعلوا بهم يوم أغواث كما فعلوا بالمسلمين يوم أرماث، فجعلت تلك الإبل لا تصمد لقليل ولا لكثير إلا نفرت بهم خيلهم وركبتهم خيول المسلمين، فلما رأى ذلك الناس استنُّوا بهم، فلقي الفرس من الإبل يوم أغواث أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة يوم أرماث([195])، وهكذا نجد أن المسلمين الأوائل يتفوقون على أعدائهم في الابتكار الحربي، فالفرس أنهكوا المسلمين في اليوم الأول بسبب استخدام الفيلة، وما دام المسلمون
لا يملكون الفيلة فليخترعوا مما يملكون من الإبل ما يكيدون به الأعداء فكانت هذه الحيلة الحربية الممتازة التي أخافت خيول الأعداء فنفرت بمن عليها من الفرسان، وهكذا يجب أن يكون المسلمون متفوقين في مجال الإعداد المادي بعد تفوقهم في الإعداد الروحي.


.

ش- أبو محجن الثقفي في قلب المعركة:

استمر القتال يوم أغواث إلى منتصف الليل، وسميت تلك الليلة ليلة السواد، ثم وقف القتال بعد أن تحاجز الفريقان وكان لوقف القتال منفعة كبيرة للمسلمين، حيث كانوا ينقلون شهداءهم إلى مقر دفنهم في وادي مُشرِّق، وينقلون الجرحى إلى العُذَيب حيث تقوم النساء بتمريضهم، ولقد شارك في القتال في هذه الليلة لأول مرة أبو محجن الثقفي([196])، وكان أبو محجن قد حُبس وقُيّد، فهو في القصر، فصعد حين أمسى إلى سعد يستعفيه ويستقيله، فزبره وردّه فنزل فأتى سلْمى بنت خَصَفة، فقال: يا سلمى يا بنت آل خَصفة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: تخلِّين عنِّي وتُعيرينني البلقاء، فلله علي إن سلمني الله أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قَيْدي، فقالت، وما أنا وذاك! فرجع يرسف في قيوده ويقول:

كفى حزناً أن تَرْدِىَ الخيلُ بالقنا([197])
إذا قُمتُ عنَّاني الحديدُ وأُغلقت
وقد كنت ذا مال كثير وإخوة
ولله عهدٌ لا أخيسُ بعهده


وأترك مشدوداً عليَّ وثاقيا
مصارع دوني قد تصمُّ المُناديا
فقد تركوني واحداً لا أخاليا
لئن فُرجَتْ ألاَّ أزور الحوانيا


فقالت سَلْمى: إني استخرت الله ورضيت بعهدك، فأطلقته وقالت: أمّا الفَرَس فلا أعيره، ورجعت إلى بيتها، فاقتادها، فأخرجها من باب القصر الذي يلي الخندق فركبها، ثم دبّ عليها، حتى إذا كان بحيال الميمنة كبَّر، ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصّفَّين، فقالوا: بسرجها، وقال سعيد والقاسم عُزْياً، ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة فكبَّر وحمل على ميمنة القوم يلعب الصّفَّين برمحه وسلاحه، ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فندر أمام الناس، فحمل على القوم يلعب بين الصّفين برمحه وسلاحه، وكان يقصف الناس ليلتئذ قصفاً منكراً وتعجب الناس منه وهم لا يعرفونه ولم يروه من النَّهار، فقال بعضهم: أوائل أصحاب هاشم أو هاشم نفسه وجعل سعد يقول وهو مشرف على الناس مُكِبّ من فوق القصر: والله لولا محبس أبي مِحْجَن لقلت: هذا أبو محجن وهذه البلقاء، وتعددت الأقوال فلما انتصف الليل حاجز أهل فارس، وتراجع المسلمون، وأقبل أبو محْجن حتى دخل من حيث خرج، وعاد رجليه في قيديه وقال:


لقد علمت ثقيف غير فخر
وأكثرهم دروعاً سابغات
وأنّا وفدهم في كل يوم
وليلة قادس لم يشعروا بي
فإن أُحبس فذلكم بلائي


بأنا نحن أكرمَهُم سُيُوفاً
وأصبرهم إذا كَرهوا الوُقوفا
فإن عَميُوا فسل بهمُ عَريفاً
ولم أشعر بمخرجي الزُّحُوفا
وإن أترك أذيقُهُهُم الحُتوفا

فقالت له سلمى: يا أبا محْجَن، في أي شيء حبسك هذا الرجل؟ قال: أما والله
ما حبسني بحرام أكلته ولا شربته، ولكني كنت صاحب شراب في الجاهلية، وأنا امرؤ شاعر يدبّ الشعر على لساني، يبعثه على شفتي أحياناً، فيساء لذلك ثنائي، ولذلك حبسني قلت:


إذا متُّ فادْفنِّي إلى أصل كَرْمَةُ
ولا تدفنِّي بالفلاة فإنني
وتُروي بخمر الحُصِّ لَحدي فإنني

تُرَويِّ عظامي بعد موتي عُرُوقها
أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
أسيرُ لها من بعد ما قد أسوقُها

فلما أصبحت سلمى أخبرت سعد بن أبي وقاص عن خبرها وخبر أبي محجن، فدعا به فأطلقه، وقال: أذهب فما أنا مؤاخذك بشيء تقوله حتى تفعله، قال: لا جرم
لا أجيب لساني إلى صفة قبيح أبداً([198]).











رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 15:49   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ص- خطة قعقاعية في النصف الأخير من ليلة السواد:

من أبرز ما جرى من نصف ليلة السواد الأخير أن القعقاع بن عمرو اغتنم الفرصة في التخطيط لخطة يرفع بها من معنويات المسلمين في يومهم القادم، فلقد أمر أتباعه بأن يتسللوا سراً ثم يقدموا في النهار تباعاً على فرق كل فرقة مائة مقاتل، وقال لهم: إذا طلعت لكم الشمس فأقبلوا مائة مائة، كلما توارى عنكم مائة فليتبعها مائة، فإن جاء هاشم فذاك، وإلا جددتم للناس رجاء وجدَّاً فلما ذرَّ قرن الشمس والقعقاع يلاحظ الخيل وطلعت نواصيها كبَّر وكبر الناس وقالوا: جاء المدد، وقد تأسَّي به أخوه عاصم بن عمرو فأمر قومه أن يصنعوا مثل ذلك فأقبلوا من جهة (خفَّان)، فما جاء آخر أصحاب القعقاع حتى انتهى إليهم هاشم بن عتبة في سبعمائة من جيش الشام، فأخبروه برأي القعقاع وما صنع في يوميه، فعبَّأ أصحابه سبعين سبعين، فلما جاء آخر أصحاب القعقاع خرج هاشم في سبعين معه([199])، وهنا يلاحظ الباحث تواضع هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فلقد قبل الأخذ بالرأي الأمثل في التخطيط الحربي فصنع بتفريق جيشه كما صنع القعقاع بن عمرو، ولم يمنع اعتبار النفس والمنصب من أن يأخذ برأي قائد من قواده، بل كان رجلاً من الرجال الذين تخرجوا من مدرسة التربية النبوية، فأصبحوا يلغون ذواتهم ومصالحهم الخاصة في سبيل مصلحة الإسلام ومصلحة المسلمين العامة، وهذا من أهم أسباب نجاحهم في إقامة الدولة الإسلامية الكبرى، والقضاء على قوى العالم آنذاك([200]).


.

3- يوم عماس:

هذا اليوم الثالث، يوم عِمَاس فقد قدَّم الفرس فيه فيلتهم بتخطيط جديد تلافوا به ما كان في اليوم الأول من قطع حبالهم، فجعلوا مع كل فيل رجالاً يحمونه ومع الرجال فرسان يحمونهم وظل المسلمون يقاتلون الفيلة ومن فوقها وحولها، ولقوا منها عنتاً شديداً، ولما رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ما يلاقي المسلمون منها أرسل إلى مسلمي الفرس الذين كانوا مع جيش المسلمين سألهم عن الفيلة هل لها مقاتل؟ فقالوا: نعم المشافر والعيون لا ينتفع بها بعدها، فأرسل إلى القعقاع وعاصم بن عمرو وقال لهما: اكفياني الفيل الأبيض وكانت كلها آلفة له وكان بإزائها وأرسل إلى حمَّال بن مالك والربِّيِّل بن عمرو الأسدي فقال: اكفياني الفيل الأجرب، وكانت آلفة كلها وكان بإزائهما، فأخذ القعقاع وعاصم رُمحَيهما ودبَّا إليه في كتيبة من الفرسان والرجال، فقالا لمن معهما: اكتنفوه لتحيروه فأصبح الفيل ينظر يمنة ويسرة متحيراً ممن حوله، ودنا منه القعقاع وعاصم فحملا عليه وهو متشاغل بمن حوله فوضعا رمحيهما معاً في عين الفيل الأبيض، ونفض رأسه فطرح سائسه، ودلَّى مشفره، فنفحه القعقاع بسيفه فرمى به، ووقع لجنبه فقتل من كان عليه. وحمل حمّال بن مالك وقال للرِّبيِّل بن عمرو: اختر إما أن تضرب المشفر، وأطعن في عينه أو تطعن في عينه وأضرب مشفره، فاختار الضرب، فحمل عليه حمال وهو متشاغل بملاحظة من اكتنفه لا يخاف سائسه إلا على بطانه وذلك لأن المسلمين قطعوا ذلك منها في اليوم الأول فانفرد به أولئك فطعنه حمّال في عينه فأقعى على خلفه، ثم استوى، ونفحه الربيل بن عمرو فأبان مشفره، وبصُر به سائسه فضرب جبينه وأنفه بحديده كانت معه وأفلت منها الربيل وحمال، وصاح الفيلان صياح الخنزير، وكانت الفيلة تابعة لهما فرجعت على الفرس ورجعت معها الفيلة تطأ جيش الفرس حتى قطعت نهر العتيق وولَّت نحو المدائن وهلك من كان عليها([201]) ولما خلا الميدان من الفيلة زحف الناس بعضهم على بعض واشتد القتال بينهم، وكان لدى الفرس جيش احتياطي من أهل النجدات والبأس، فكلما وقع خلل في جيشهم، أبلغوا (يزدجرد) فأرسل لهم من هؤلاء وقد انتهى ذلك اليوم والمسلمون وأعداؤهم على السواء([202]).


.

أ- بطولة عمرو بن معديكرب:

قال عمرو بن معديكرب: إني حامل على الفيل ومن حوله بإزائهم فلا تَدَعوني أكثر من جز جزور (يعني نحر الناقة) فإن تأخرتم عني فقدتم أبا ثور، فأنَّى لكم مثل أبي ثور فإن أدركتموني وجدتموني وفي يدي السيف، فحمل فما انثنى حتى ضرب فيهم، وستره الغبار، فقال أصحابه: ما تنظرون؟ ما أنتم بخلقاء أن تدركوه، وإن فقدتموه فقد المسلمون فارسهم، فحملوا حملة فأفرج المشركون عنه بعدما صرعوه وطعنوه وإن سيفه لفي يده يضاربهم وقد طعن فرسه، فلما رأى أصحابه وانفرج عنه أهل فارس أخذ برجل فرس من أهل فارس، فحركه الفارسي فاضطرب الفرس فالتفت الفارسي إلى عمرو، فهمَّ به وأبصره المسلمون، فغشُوه، فنزل عنه الفارسي، وحاضر يعني أسرع إلى أصحابه، فقال عمرو: أمكنوني من لجامه، فأمكنوه منه فركبه([203]).


.

ب- طليحة بن خويلد الأسدي:

استمر القتال في اليوم الثالث إلى الليل، ثم حجز بينهم صوت طليحة بن خويلد الأسدي، وكان قد التف وراء جيش الفرس، ففزع لذلك الفرس وتعجب المسلمون، فكف بعضهم عن بعض للنظر في ذلك، وكان سعد رضي الله عنه قد بعثه مع أناس لحراسة مكان يحتمل منه الخطر على المسلمين، فتجاوز مهمته، ودار من خلف الفرس وكبَّر ثلاث تكبيرات([204])، ولقد أفادت حركته هذه حيث توقفت الحرب وكان هناك فرصة لإعادة الصفوف والاستعداد لقتال الليل.


.

ج- قيس بن المكشوح:

يا معشر العرب، إن الله قد من عليكم بالإسلام، وأكرمكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأصبحتم بنعمة الله إخواناً، دعوتكم واحدة، وأمركم واحد، بعد إذ أنتم يعدو بعضكم على بعض عدو الأسد، ويختطف بعضكم بعضاً اختطاف الذئاب، فانصروا الله ينصركم، وتنجزوا من الله فتح فارس، فإن إخوانكم من أهل الشام قد أنجز الله لهم فتح الشام وانتشال([205])، القصور الحمر والحصون الحمر([206]).


د- مما قيل من الشعر ذلك اليوم:

قال القعقاع بن عمرو:


حضَّض قومي مَضْرَحيُّ بن يعمر
وما خام عنها يوم سارت جموعُنا
فإن كنتُ قاتلتُ العدوَّ فَلَلْته
فيولاً أراها كالبُيوت مُغيرة


فلله قومي حين هزُّوا العواليا
لأهل قُديس يمنعون المواليا
فإني لألقى في الحروب الدّواهيا
أُسَمِّلُ أعياناً لها ومآقيا([207])

وقال آخر:

أنا ابن حرب ومعي مخراقي
إذ كره الموت أبو إسحاق


أضربهم بصارم رقراق
وجاشت النفس على التراقي


.

س- ليلة الهرير:

بدأ القتال ليلة الهرير في اليوم الرابع، وقد غيّر الفرس هذه الليلة طريقتهم في القتال، فقد أدرك رستم أن جيشه لا يصل إلى مستوى فرسان المسلمين في المطاردة ولا يقاربهم، فعزم على أن يكون القتال زحفاً بجميع الجيش حتى يتفادى الانتكاسات السابقة التي تسببت في تحطيم معنويات جيشه، فلم يخرج أحد من الفرس للمبارزة والمطاردة بعدما انبعث لذلك أبطال المسلمين، وجعل رستم جيشه ثلاثة عشر صفاً في القلب والمجنَّبتين وبدأ القعقاع بن عمرو القتال وتبعه أهل النجدة والشجاعة قبل أن يكبر سعد، فسمح لهم بذلك واستغفر لهم، فلما كبر ثلاثاً زحف القادة وسائر الجيش، وكانوا ثلاثة صفوف، صفاً فيه الرماة وصفاً فيه الفرسان وصفاً فيه المشاة، وكان القتال في تلك الليلة عنيفاً، وقد اجتلدوا من أول الليل حتى الصباح لا ينطقون، كلامهم الهرير، فسمّيت ليلة الهرير، وقد أوصى المسلمون بعضهم بعضاً على بذل الجهد في القتال لما يتوقعونه من عنف الصراع، ومما رُوي من الأقوال في ذلك([208]) ما قاله كل من:



- دريد بن كعب النخعي قال لقومه: إن المسلمين تهيئوا للمزاحفة فاسبقوا المسلمين الليلة إلى الله والجهاد فإنه لا يسبق الليلة أحد إلا كان ثوابه على قدر سبقه، نافسوهم في الشهادة وطيبوا بالموت نفساً، فإنه أنجى من الموت إن كنتم تريدون الحياة، وإلا فالآخرة ما أردتم.

- وقال الأشعث بن قيس: يا معشر العرب إنه لا ينبغي أن يكون هؤلاء القوم أجرأ على الموت ولا أسخى أنفساً عن الدنيا، تنافسوا الأزواج والأولاد، ولا تجزعوا من القتل فإنه أماني الكرام ومنايا الشهداء([209]).



- وقال حميضة ين النعمان البارقي: كان بإزاء قبيلة (جُعْفى) ليلة الهرير كتيبة من كتائب العجم عليهم السلاح التام، فازدلفوا لهم فجالدوهم بالسيوف، فرأوا أن السيوف لا تعمل مع الحديد فارتدعوا، فقال لهم حميضة بن النعمان البارقي: مالكم؟ قالوا لا يجوز فيهم السلاح، قال: كما أنتم حتى أريكم، انظروا، فحمل على رجل منهم فاستدار خلفه فدق ظهره بالرمح ثم التفت إلى أصحابه فقال:
ما أراهم إلا يموتون دونكم، فحملوا عليهم وأزالوهم إلى صفهم([210]).

وكان بإزاء قبيلة كندة، ترك الطبري (أحد قادة الفرس) فقال الأشعث بن قيس الكندي: ياقوم ازحفوا لهم، فزحف لهم في سبعمائة فأزالهم وقتل قائدهم، ترك وكان القتال في تلك الليلة شديداً متواصلاً وقام زعماء القبائل يحثون قبائلهم على الثبات والصبر، ومما يبين عنف القتال في تلك الليلة، ما أخرجه الطبري عن أنس بن الحليس قال: شهدت ليلة الهرير، فكان صليل الحديد فيها كصوت القيون ليلتهم حتى الصباح، أفرغ عليهم الصبر إفراغاً وبات سعد بليلة لم يبت بمثلها، ورأى العرب والعجم أمراً لم يروا مثله قط، وانقطعت الأصوات والأخبار عن رستم وسعد، وأقبل سعد على الدعاء حتى إذا كان نصف الليل الباقي سمع القعقاع بن عمرو وهو يقول:

نحن قتلنا معشراً وزائداً
نحسب فوق اللّبد الأساودا([211])


أربعة وخمسة وواحداً
حتى إذا ماتوا دعوت جاهداً

الله ربي واحترست عامداً([212])

فاستدل سعد بذلك على الفتح، وهكذا بات سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يدعو الله تعالى تلك الليلة ويستنزل نصره، ومما ينبغي الإشارة إليه أن سعداً كان مستجاب الدعوة([213]).


.

4- يوم القادسية:

أصبح المسلمون في اليوم الرابع وهم يقاتلون، فسار القعقاع بن عمرو في الناس فقال: إن الدَّبرة بعد ساعة لمن بدأ القوم، فاصبروا ساعة واحملوا، فإن النصر مع الصبر، فآثروا الصبر على الجزع، فاجتمع إليه جماعة من الرؤساء، وصمدوا لرستم حتى خالطوا الذين دونه مع الصبح ولما رأت ذلك القبائل قام فيها رجال، فقام قيس بن عبد يغوث والأشعث بن قيس، وعمرو بن معد يكرب وابن ذي السَّهمين الخشعمي وابن ذي البُردين الهلالي، فقالوا: لا يكونن هؤلاء (يعني أهل فارس) أجرأ على الموت منكم، ولا أسخى أنفساً عن الدنيا، وقام في ربيعة رجال فقالوا: أنتم أعلم الناس بفارس وأجرؤهم عليهم فيما مضى، فما يمنعكم اليوم أن تكونوا أجرأ مما كنتم([214])، وهكذا يضيف القعقاع بن عمرو مأثرة جديدة في مآثره الكثيرة فقد جمع الله له بين الشجاعة النادرة، والرأي السديد وقوة الإيمان، فسخر ذلك كله لنصرة الإسلام والمسلمين، وكان قدومه في هذه المعركة فتحاً للمسلمين، لقد أدرك القعقاع أن الأعداء قد نفد صبرهم بعد قتال استمر يوماً وليلة دون انقطاع، وقبل ذلك لمدة يومين مع راحة قليلة، وعرف بثاقب فكره وطول تجربته -بعد توفيق الله له- أن عاقبة المعركة مع من صبر بعد هذا الإجهاد الطويل، واستطاع القعقاع ومن معه من الأبطال أن يفتحوا ثغرة عميقة في قلب الجيش الفارسي حتى وصلوا قريباً من رستم مع الظهيرة، وهنا تنزّل نصر الله تعالى، وأمدَّ أولياءه بجنود من عنده فهبَّت ريح عاصف وهي الدَّبور، فاقتلعت طيارة رستم عن سريره، وألقتها في نهر العتيق، ومال الغبار على الفرس فعاقهم عن الدفاع([215]).


.

أ- مقتل رستم قائد الفرس:

وتقدم القعقاع ومن معه حتى عثروا على سرير رستم وهم لا يرونه من الغبار، وكان رستم قد تركه واستظل ببغل فوقع على رستم وهو لا يشعر به فأزال من ظهره فقاراً، وهرب رستم نحو نهر العتيق لينجو بنفسه ولكن هلالاً أدركه فأمسك برجله وسحبه ثم قتله، وصعد السرير ثم نادى: قتلت رستم ورب الكعبة، إليَّ، فأطافوا به وما يرون السرير وكبَّروا وتنادوا، وانهزم قلب الفرس، أما بقية قادة المسلمين فإنهم تقدموا أيضاً فيمن يقابلهم وتقهقر الفرس أمامهم، ولما علم الجالينوس بمقتل رستم قام على الرّدم المُقام على النهر ونادى أهل فارس إلى العبور فراراً من القتل فعبروا، أما المقترنون بالسلاسل وعددهم ثلاثون ألفاً فإنهم تهافتوا في نهر العتيق فوخزهم المسلمون برماحهم، فما أفلت منهم أحد([216]).


.

ب- نهاية المعركة:

انتهت المعركة بتوفيق الله تعالى، ثم بجهود أبطال المسلمين وحكمة قائدهم سعد بن أبي وقاص، وكانت معركة عنيفة قاسية ثبت فيها الأعداء للمسلمين ثلاثة أيام حتى هزمهم الله في اليوم الرابع، بينما كان المسلمون يهزمون أعداءهم غالباً في يوم واحد، وكان من أسباب هذا الثبات أن الفرس كانوا يعتبرون هذه المعركة معركة مصير، فإما أن تبقى دولتهم مع الانتصار، وإما أن تزول دولتهم مع الهزيمة والاندحار ولا تقوم لهم قائمة، كما أن من أسباب ثباتهم وجود أكبر قادتهم رستم، على رأس القيادة، وهو قائد له تاريخ حافل بالانتصارات على أعدائه إضافة إلى تفوق الفرس في العدد والعُدد، حيث كان عدد الفرس عشرين ومائة ألف من المقاتلين من غير الأتباع، مع من كان يبعثهم يزدجرد مدداً كل يوم بينما كان عدد المسلمين بضعة وثلاثين ألفاً([217])، ومع هذا كله انتصر المسلمون عليهم بعد أن قدموا ثمانية آلاف وخمسمائة من الشهداء([218])، وهذا العدد من الشهداء هو أكبر عدد قدمه المسلمون في معاركهم في الفتوح الإسلامية الأولى، وكونهم قدموا هذا العدد من الشهداء دليل على عنف المعركة وعلى استبسال المسلمين وتعرضهم للشهادة رضي الله عنهم أجمعين([219]).


.

ج- مطاردة فلول المنهزمين:

أمر سعد رضي الله عنه بمطاردة فلول المنهزمين فوكل القعقاع ابن عمرو وشرحبيل بن السمط الكندي بمطاردة المنهزمين يميناً وشمالاً دون نهر العتيق، وأمر زُهرة بن الحوية بمطاردة الذين عبروا النهر مع قادتهم، وكان الفرس قد بثقوا النهر في الردم حتى لا يستطيع المسلمون متابعتهم، فاستطاع زهرة وثلاثمائة فارس أن ليتجاوزوا بخيولهم وأمر من لا يستطيع بموافاتهم من طريق القنطرة، وكان أبعد قليلاً، ثم أدركوا القوم وكان الجالينوس وهو أحد قادتهم الكبار يسير في ساقة القوم يحميهم، فأدركه زهرة فنازله فاختلفا ضربتين فقتله زهرة وأخذ سلبه وطاردوا الفرس وقتلوا منهم، ثم أمسوا في القادسية مع المسلمين([220]).


.

س- بشائر النصر تصل إلى عمر رضي الله عنه:

وكتب سعد إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما يخبره بالفتح مع سعد بن عُميْلة الفزاري وجاء في كتابه: أما بعد فإن الله نصرنا على أهل فارس، ومنحهم سنن من كانوا قبلهم من أهل دينهم، بعد قتال طويل، وزلزال شديد، وقد لقوا المسلمين بعُدة لم ير الراؤون مثل زهائها (يعني مقدارها) فلم ينفعهم الله بذلك بل سلبهموه ونقله عنهم إلى المسلمين، واتبعهم المسلمون على الأنهار وعلى طفوف الآجام، وفي الفجاج، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ وفلان وفلان، ورجال من المسلمين لا نعلمهم، والله بهم عالم، كانوا يُدَوون بالقرآن إذا جن عليهم الليل دَويَّ النحل، وهم آساد الناس لا يشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقي إلا بفضل الشهادة إذ لم تكتب لهم([221])، وفي هذه الرسالة دروس وعبر منها:



· ما تحلى به سعد رضي الله عنه من توحيد الله تعالى وتعظيمه والبراءة من حول النفوس وقوتها، فالنصر على الأعداء إنما هو من الله تعالى وحده وليس بقوة المسلمين، بالرغم مما بذلوه من الجهاد المضني والتضحية العالية.



· وقوة الأعداء الضخمة، ليس بقاؤها أو سلبها للبشر، بل ذلك كله لله تعالى، فهو الذي حرم الأعداء من الانتفاع بقوتهم، وهو الذي منحها للمسلمين، وإنما البشر مجرد وسائط يجري الله النفع والضرر على أيديهم، وهو وحده الذي يستطيع دفع الضرر وجلب المنفعة سبحانه وتعالى، وهكذا فهم سعد رضي الله عنه معنى التوحيد، وحققه مع جنوده في حياته.



· ونلاحظ سعداً في رسالته يصف الصحابة رضي الله عنهم ومن معهم من التابعين بالتفوق في العبادة والشجاعة، فهم عُبَّاد في الليل لهم أصوات مدوِّية بالقرآن كأصوات النحل لا تكلُّ ولا تمل، وفرسان في النهار لا تصل الأسود الضارية إلى مستواهم في الإقدام والثبات([222]) وكان عمر رضي الله عنه يستخبر الركبان عن أهل القادسية من حين يصبح إلى انتصاف النهار، ثم يرجع إلى أهله ومنزله، فلما لقي البشير سأله من أين؟ فأخبره، قال: يا عبد الله حدثني قال: هَزم الله العدو، وعمر يخُبُّ معه –يعني يسرع- ويستخبره، والآخر على ناقته ولا يعرفه، حتى دخل المدينة فإذا الناس يسلِّمون عليه بإمرة المؤمنين فقال: فهلا أخبرتني رحمك الله أنك أمير المؤمنين، وجعل عمر يقول لا عليك يا أخي([223]) وفي هذا الخبر دروس وعبر منها:



- الاهتمام الكبير من عمر رضي الله عنه الذي دفعه إلى أن يخرج إلى البرِّية كل يوم لعله يجد الركبان القادمين من العراق فيسألهم عن خبر المسلمين مع أعدائهم، وقد كان بإمكانه أن يوكل بهذه المهمة غيره ممن يأتيه بالخبر ولكن الهمَّ الكبير الذي كان يحمله للمسلمين لا يتيح له أن يفعل ذلك، وهنا منتهى الرحمة والشعور بالمسؤولية.



- التواضع الجمِّ من عمر رضي الله عنه، فقد ظل يسير ماشياً مع الراكب، ويطلب منه خبر المعركة، وذلك الرسول لا يريد أن يخبره بالتفاصيل حتى يصل إلى
أمير المؤمنين، ولا يدري أنه الذي يخاطبه ويعدو معه، حتى عرف ذلك من الناس في المدينة وهذه أخلاق رفيعة يحق للمسلمين أن يفاخروا بها العالم في تاريخهم الطويل، وأن يستدلوا بها على عظمة هذا الدين الذي أنجب رجالاً مثل عمر في عدله ورحمته وحزمه وتواضعه([224]).










رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 15:50   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

.: المصادر والمراجعات لهذا الجزء :.


.



([1]) البداية والنهاية (7/ 26).
([2]) الفتوح ابن أعثم (1/ 164) الأنصار في العصر الراشدي ص216.
([3]) الأنصار في العصر الراشدي ص216.
([4]) البداية والنهاية (7/ 26).
([5]) المكيث: الرزين المتأني.
([6]) اتمام الوفاء في سيرة الخلفاء ص65 . الجبرية: التكبر.
([7]) اتمام الوفاء في سيرة الخلفاء ص65 .
([8]) أن يستنفر: أن يطلب الإسراع في الخروج لقتال العدو.
([9]) البداية والنهاية (7/27).
([10]) حركة الفتح الإسلامي شكري فيصل ص72 .
([11]) الكامل في التاريخ (2/87).
([12]) التاريخ الإسلامي (10/334).
([13]) كسكر: بالفتح ثم السكون وكاف أخرى. كورة بين الكوفة والبصرة.
([14]) السقاطية: ناحية كسكر من أرض واسط.
([15]) تاريخ الطبري (4/272).
([16]) تاريخ الطبري (4/272).
([17]) التاريخ الإسلامي (10/335).
([18]) تاريخ الطبري (4/272،273).
([19]) التاريخ الإسلامي (10/336).
([20]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية د. محمد صامل السُّلمي ص89 .
([21]) التاريخ الإسلامي (10/337).
([22]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية ص90 .
([23]) تاريخ الطبري (4/279) التاريخ الإسلامي (10/341).
([24]) تاريخ الطبري (4/ 277).
([25]) عوامل النصر والهزيمة ص55.
([26]) الطريق إلى المدائن ص414.
([27]) عوامل النصر والهزيمة ص55 .
([28]) الطريق إلى المدائن ص414 .
([29]) التاريخ الإسلامي (10/343).
([30]) الحرب النفسية د. أحمد نوفل (2/167).
([31]) التاريخ الإسلامي (10/345،346).
([32]) الأنصار في العصر الراشدي ص217 .
([33]) نفس المصدر ص218 .
([34]) تاريخ الطبري (4/279).
([35]) التاريخ الإسلامي (10/347).
([36]) العمليات التعرضية الدفاعية، نهاد عباس ص115 .
([37]) تاريخ الطبري (4/287).
([38]) تاريخ الطبري (4/288).
([39]) تاريخ الطبري (4/288).
([40]) الطريق إلى المدائن ص433،434 ، الطبري (4/289).
([41]) التاريخ الإسلامي (10/349)، تاريخ الطبري (4/289).
([42]) تاريخ الطبري (4/ 290).
([43]) التاريخ الإسلامي (10/ 352).
([44]) تاريخ الطبري (4/ 291).
([45]) التاريخ الإسلامي (10/ 350).
([46]) نفس المصدر (10/ 355).
([47]) تاريخ الطبري (4/ 287) الطريق إلى المدائن ص446.
([48]) تاريخ الطبري (4/ 287).
([49]) الطريق إلى المدائن ص446.
([50]) الطريق إلى المدائن ص446.
([51]) تاريخ الطبري (4/ 291).
([52]) الطريق إلى المدائن ص447.
([53]) استوفز: تهيأ.
([54]) يستنتل: يتقدم.
([55]) تاريخ الطبري (5/ 283).
([56]) جيلان: اسم لبلاد كثيرة وراء طبرستان.
([57]) الطريق إلى المدائن ص440، وبعضها (تاريخ الطبري (4/ 293) ).
([58]) الطريق إلى المدائن ص447.
([59]) الطريق إلى المدائن ص448.
([60]) التاريخ الإسلامي (10/ 352)، تاريخ الطبري (4/ 292).
([61]) التاريخ الإسلامي (10/ 352).
([62]) تاريخ الطبري (4/ 293).
([63]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية خلافة عمر ص93.
([64]) تاريخ الطبري (4/ 296).
([65]) المراد من البيت أنهم شنوا الغارة على مهل.
([66]) تاريخ الطبري (4/ 296).
([67]) المراد من البيت أنهم شنوا الغارة على مهل قال أحمد كمال أعتقد نهر صرصر الطريق إلى المدائن ص255.
([68]) القبيض: الإسراع.
([69]) المقرف: الذي دخل في الفساد والعيث.
([70]) الانكماش: الجد في الأمر والسرعة في طلبه.
([71]) الطريق إلى المدائن ص457.
([72]) حركة الفتح الإسلامي، شكري فيصل ص78، تاريخ الطبري (4/ 299).
([73]) الطريق إلى المدائن ص457.
([74]) حركة الفتح الإسلامي، شكري فيصل ص78، تاريخ الطبري (4/ 299).
([75]) الطريق إلى المدائن 458، تاريخ الطبري (4/ 300).
([76]) الخلفاء الراشدون للنجار ص132.
([77]) الطريق إلى المدائن 461.
([78]) انظر الطريق إلى المدائن ص467.
([79]) تاريخ الطبري (4/300).
([80]) تاريخ الطبري (4/301) الطريق إلى المدائن ص467 .
([81]) الطريق إلى المدائن ص468 .
([82]) تاريخ الطبري (4/301).
([83]) جبال تجاه البصرة.
([84]) الطريق إلى المدائن 470.
([85]) الطريق إلى المدائن ص471 .
([86]) إتمام الوفاء ص70 .
([87]) حركة الفتح الإسلامي ص80 .
([88]) المصدر نفسه ص80 .
([89]) صرار: موضع على ثلاثة أميال عن المدينة، معجم البلدان (3/398).
([90]) ترتيب وتهذيب البداية والنهاية ص96 .
([91]) تاريخ الطبري (4/306).
([92]) التاريخ الإسلامي (10/362).
([93]) تاريخ الطبري (4/306،307).
([94]) التاريخ الإسلامي (10/364).
([95]) نفس المصدر (10/365).
([96]) الأعوص: على طريق العراق وهو واد يصب في صدر قناة من الشمال وفيه مطار المدينة اليوم.
([97]) تاريخ الطبري (4/308).
([98]) زرود: رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من العراق.
([99]) تاريخ الطبري (4/ 310).
([100]) القادسية، أحمد عادل كمال ص29.
([101]) تاريخ الطبري (4/ 313).
([102]) القادسية ص30 أحمد عادل كمال.
([103]) تاريخ الطبري (4/ 313).
([104]) التاريخ الإسلامي (10/370، 371).
([105]) تاريخ الطبري (4/ 313).
([106]) يعني: الخيول.
([107]) الفاروق عمر بن الخطاب، لمحمد رشيد رضا ص119، 120.
([108]) التاريخ الإسلامي (10/ 374).
([109]) الدور السياسي للصفوة في صدر الإسلام ص429.
([110]) التاريخ الإسلامي (10/ 375).
([111]) نفس المصدر (10/ 375).
([112]) سنن الترمذي المناقب باب 52 حديث رقم 3742.
([113]) التاريخ الإسلامي (10/ 376).
([114]) الدأداء: الفضاء وما اتسع من الأودية.
([115]) القادسية: باب فارس في الجاهلية.
([116]) الحجر والمدر: يعني الصحراء والقرى العامرة.
([117]) الجراع بينهما: يعني الأرض السهلة.
([118]) التاريخ الإسلامي (10/ 379).
([119]) تاريخ الطبري (4/ 315).
([120]) التاريخ الإسلامي (10/ 379).
([121]) البداية والنهاية (7/ 38).
([122]) البداية والنهاية (7/ 38).
([123]) الفن العسكري الإسلامي ص253.
([124]) إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء ص73.
([125]) التاريخ الإسلامي (10/ 381).
([126]) انظر: البداية والنهاية (7/ 38).
([127]) انظر: الدعوة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب لحسني محمد إبراهيم.
([128]) انظر: الكامل في التاريخ (2/ 101).
([129]) انظر: القادسية لأحمد عادل كمال بتصرف ص70.
([130]) انظر: الدعوة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ص (241).
([131]) اغتبط: فرح بالنعمة.
([132]) الجهد: الضيق والشدة.
([133]) الوقر: الحمل الثقيل.
([134]) أقاليد: جمع إقليد: المفتاح.
([135]) البداية والنهاية (7/ 43).
([136]) تجادل: تخاصم.
([137]) إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء ص57.
([138]) الطفوف: جمع طف. والطف: الجانب أو ما أشرفت من أرض العرب على الشاطئ.
([139]) الخرقة: القطعة من الثوب الممزق.
([140]) العِصاب: ما يُشَدُّ به خرقة أو منديل.
([141]) الكامل في التاريخ (2/106).
([142]) المنابذة: نابذ الحرب: جاهر بها.
([143]) انظر الكامل في التاريخ (2/108).
([144]) انظر الكامل في التاريخ (2/108).
([145]) جسر: معنى ونفذ.
([146]) استخرجاكم: استنبط.
([147]) لجّوا: اختلطت أصواتهم.
([148]) الفن العسكري الإسلامي ص255 .
([149]) الفن العسكري الإسلامي ص255 .
([150]) هشت: انشرحت صدورهم.
([151]) تاريخ الطبري (4/356).
([152]) تاريخ الطبري (4/356).
([153]) تاريخ الطبري (4/357).
([154]) الحبوب: الدمامل.
([155]) تاريخ الطبري (4/358).
([156]) يعني لو انحسر عنه صف المسلمين وانكشف العدو مقدار حلب ناقة لأخذه الأعداء.
([157]) التاريخ الإسلامي (10/347).
([158]) تاريخ الطبري (4/358).
([159]) التحشش: التحرك للنهوض.
([160]) تاريخ الطبري (4/358).
([161]) تاريخ الطبري (4/358).
([162]) تاريخ الطبري (4/359).
([163]) تاريخ الطبري (4/359).
([164]) تاريخ الطبري (4/360).
([165]) نفس المصدر (4/361).
([166]) نفس المصدر (4/362).
([167]) نفس المصدر (4/362).
([168]) التاريخ الإسلامي (10/445).
([169]) تاريخ الطبري (4/363).
([170]) تاريخ الطبري (4/365).
([171]) تاريخ الطبري (4/364).
([172]) التاريخ الإسلامي (10/449).
([173]) القادسية، أحمد عادل كمال ص139 تاريخ الطبري (4/364).
([174]) الحلوم: العقول.
([175]) نلفه: نجده أو نتركه، فهي من الأضداد.
([176]) مجلجات: هاجمات.
([177]) سلم مكفهر: سلم ساخن، كناية عن الاستعداد للمعركة، القروم اللحم المكوم.
([178]) التاريخ الإسلامي (10/451).
([179]) التاريخ الإسلامي (10/452).
([180]) التاريخ الإسلامي (10/452).
([181]) الاستيعاب رقم 287 نساء، القادسية ص146،147 .
([182]) يعني لم تكن هجرتكم إلى يثرب.
([183]) لم تنسب بكم البلاد: لم تلفظكم.
([184]) السنة: القحط والجوع.
([185]) تاريخ الطبري (4/366).
([186]) تاريخ الطبري (4/367)، التاريخ الإسلامي (10/367).
([187]) قائد كبير من قادة الفرس وأبطالهم وهو الذي أصاب المسلمين يوم الجسر.
([188]) سأل القعقاع جاذويه: لأنه كان لا يعرفه لأن القعقاع يوم الجسر كان في الشام.
([189]) التاريخ الإسلامي (10/455).
([190]) تاريخ الطبري (4/368).
([191]) النفح الضرب إلى خارج اليمين.
([192]) تاريخ الطبري (4/370).
([193]) القادسية ص154 أحمد عادل كمال.
([194]) الخنساء أم الشهداء، عبد المنعم الهاشمي ص98 .
([195]) التاريخ الإسلامي (10/46).
([196]) نفس المصدر (10/462).
([197]) القنا: الرمح.
([198]) تاريخ الطبري (4/374).
([199]) تاريخ الطبري (4/375).
([200]) التاريخ الإسلامي (10/466).
([201]) التاريخ الإسلامي (10/468).
([202]) تاريخ الطبري (4/376).
([203]) تاريخ الطبري (4/378).
([204]) تاريخ الطبري (4/382).
([205]) انتشال: استخراج، انتزاع.
([206]) تاريخ الطبري (4/378).
([207]) تاريخ الطبري (4/381).
([208]) التاريخ الإسلامي (10/472).
([209]) تاريخ الطبري (4/384).
([210]) نفس المصدر (4/386).
([211]) اللّبد سرج الفرس، والأساود الحيات.
([212]) تاريخ الطبري (4/386)
([213]) التاريخ الإسلامي (9/474).
([214]) تاريخ الطبري (4/387).
([215]) التاريخ الإسلامي (10/476).
([216]) تاريخ الطبري (4/388).
([217]) تاريخ الطبري (4/388).
([218]) تاريخ الطبري (4/388).
([219]) التاريخ الإسلامي (10/479).
([220]) تاريخ الطبري (4/389).
([221]) تاريخ الطبري (4/408).
([222]) التاريخ الإسلامي (10/481).
([223]) تاريخ الطبري (4/408).
([224]) التاريخ الإسلامي (10/488).


.









رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 15:51   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء السادس مِن السيرة الكريمة

خامساً: دروس وعبر وفوائد:



.

1- تاريخ المعركة وأثرها في حركة الفتوحات:

اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ المعركة وللأستاذ أحمد عادل كمال تحقيق جيد توصل فيه إلى أنها في شهر شعبان من العام الخامس عشر([1])، وهذا القول أميل إليه، ولا شك أن القادسية تقع على قمة قائمة المعارك الحاسمة في تاريخ العالم فهي تبين أنواعاً من التمكين الرباني لأهل الإيمان الصحيح، فقد انفتحت على آثارها أبواب العراق، ومن وراء العراق فارس كلها، وهي التي من عندها استطرد نصر المسلمين، فاستطرد معه السقوط الساساني من الناحيتين الحربية والسياسية، والسقوط المجوسي من الناحية الدينية العقائدية، ومن هنا انساح دين الإسلام في بلاد فارس وما وراءها، ففي القادسية كسر المسلمون شوكة المجوس كسرة لم ينجبر شأنهُم بعدها أبداً، وبهذا استحقت القادسية مكانها على قمة المعارك الحاسمة في تاريخ البشر([2]).



.

2- خطبة عمرية بعد فتح القادسية:

لما أتى عمر رضي الله عنه خبر الفتح قام في الناس فقرأ عليهم الفتح، وقال: إني حريص على أن لا أدع حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجز ذلك منا تآسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف، ولوددت أنكم علمتم من نفسي مثل الذي وقع فيها لكم ولست معلمكم إلا بالعمل، إني والله ما أنا بملك فأستعبدكم، وإنما أنا عبد الله عُرض عليَّ الأمانة، فإن أبيتها (يعني أعففت نفسي من أموال الرعية) ورددتها عليكم واتبعتكم حتى تشبعوا في بيوتكم وترووا سعدت، وإن أنا حملتها واستتبعتها إلى بيتي شقيت، ففرحت قليلاً وحزنت طويلاً، وبقيت لا أقال ولا أرد فأستعتب([3]).



.

3- الوفاء عند المسلمين، والعدل لا رخصة فيه:

كتب سعد رضي الله عنه إلى أمير المؤمنين رضي الله عنهما كتاباً آخر، يطلب فيه أمره في أهل الذمة من عرب العراق الذين نقضوا عهدهم في حال ضعف المسلمين فقام عمر رضي الله عنه في الناس فقال: إنه من يعمل بالهوى والمعصية يسقط حظه ولا يضر إلا نفسه، ومن يتبع السنة وينته إلى الشرائع ويلزم السبيل النهج ابتغاء ما عند الله لأهل الطاعة أصاب أمره وظفر بحظه، وذلك بأن الله عز وجل يقول: }وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا(49) { (الكهف،آية:49)، وقد ظفر أهل الأيام والقوادس بما يليهم، وجلا أهله، وأتاهم من أقام على عهدهم، فما رأيكم فيمن زعم أنه استكره وحشر وفيمن لم يدع ذلك ولم يقم وجلا، وفيمن أقام ولم يدع شيئاً ولم يجل، وفيمن استسلم؟ فاجتمعوا على أن الوفاء لمن أقام وكف ولم يزده غلبه إلا خيراً، وأن من ادعى فصُدِّق أو وفى فمنزلتهم، وإن كُذِّب نبذ إليهم وأعادوا صلحهم، وأن يجعل أمر من جلا إليهم فإن شاءوا وادعوهم وكانوا لهم ذمة، وإن شاءوا تموا على منعهم من أرضهم ولم يعطوهم إلا القتال، وأن يُخَيَّروا من أقام واستسلم الجزاء إلاّ القتال، وأن يخيّروا من أقام واستسلم الجزاء أو الجلاء وكذلك الفلاحين([4]).

وفي هذه الخطبة دروس وعبر منها:


- تطبيق عمر رضي الله عنه مبدأ الشورى حيث كان يستشير أهل الرأي في كل أموره المهمة بالرغم مما عرف عنه من غزارة العلم وسداد الرأي، وإن هذا السلوك الرفيع كان من أسباب نجاحه الكبير في سياسة الأمة.


- الاستفادة من هذه المقدمة التي قدمها عمر رضي الله عنه بين يدي استشارته حيث ذكر الصحابة رضي الله عنهم بلزوم التجرد من الهوى وإخلاص النية لله عز وجل، والاستقامة على المنهج القويم الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك عصم من الذل في الحكم وأصاب الحق وظفر بثواب الله تعالى([5])، وقد لخص عمر رضي الله عنه هذه المشورة بخطاب وجّهه إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه جاء فيه: أما بعد فإن الله جل وعلا أنزل في كل شيء رخصة في بعض الحالات إلا في أمرين: العدل في السيرة والذكر، فأما الذكر فلا رخصة فيه في حالة، ولم يرض منه إلا بالكثير، وأما العدل فلا رخصة فيه في قريب ولا بعيد، ولا في شدة ولا رخاء، والعدل – وإن رئي ليناً – فهو أقوى وأطفأ للجور، وأقمع للباطل من الجور، وإن رئي شديداً فهو أنكش للفكر، فمن تم على عهده من أهل السواد – يعني عرب العراق – ولم يُعِنْ عليكم بشيء فلهم الذمة وعليهم الجزية، وأما من ادعى أنه استُكره ممن لم يخالفهم إليكم أو يذهب في الأرض فلا تصدقوهم بذلك إلا أن تشاءوا، وإن لم تشاءوا فانبذوا إليهم، وأبلغوهم مأمنهم([6])،وفي هذا الرد دروس وعبر منها؛ أن العدل في الحكم هو الدعامة الكبرى لبقاء حكم الإسلام وسيادته وانتشار الأمن والرخاء في بلاد المسلمين، هذا في الدنيا وأما في الآخرة فلا مفر من العقاب للظالمين، لأن حقوق الله تعالى قد يغفرها لعبده ويتجاوز عنه، أما حقوق الناس فإن الله تعالى يوقف الظالمين والمظلومين يوم القيامة فيقتصّ بعضهم من بعض وأما ذكر الله تعالى فلا بد أن يسود حياة المسلم في قلبه ولسانه وجوارحه، فيكون تفكيره خالصاً لله تعالى، ومنطقه فيما يرضيه وعمله من أجله، ويكون همه الأكبر إقامة ذكر الله جل وعلا في الأرض قولاً وعملاً واعتقاداً فإذا كان كذلك عصمه الله سبحانه من فتنة الشبهات والشهوات وقد أخذ سعد ومن معه من المسلمين بتوجيهات أمير المؤمنين فعرضوا على من حولهم ممن جلا عن بلاده أن يرجعوا ولهم الذمة وعليهم الجزية، وهكذا نجد أمامنا نموذجاً من نماذج الرحمة وتأليف القلوب، وقد أثرت هذه المعاملة الكريمة وحبَّبت المسلمين والإسلام لهؤلاء الناكثين فدخلوا بعد ذلك على مراحل في الإسلام وصاروا من اتباعه المخلصين([7]).



.

4- الخمس في القادسية رده عمر علي المقاتلين وحسن مكافأته للبارزين:

أمر عمر رضي الله عنه في القادسية برد الخمس على المقاتلين، ونفذ سعد أمر الخليفة، وكان اجتهاد عمر هنا بارعاً كبراعة اجتهاده في ترك أراضي السواد بيد أصحابها، فقد رأى تمشياً مع المصلحة العليا للدولة أن يوزع الخمس على المجاهدين تشجيعاً لهم وتوسعة عليهم واعترافاً بجهودهم([8])، وقد أرسل عمر إلى سعد أربعة أسياف، وأربعة أفراس يعطيها مكافأة لمن انتهى إليه البلاء في حرب العراق، فقلد الأسياف لأربعة؛ ثلاثة من بني أسد وهم: حمّال بن مالك، والربيل بن عمرو بن ربيعة الواليين، وطليحة بن خويلد، والرابع لعاصم بن عمرو التميمي، وأعطى الأفراس: واحدة للقعقاع بن عمرو التميمي، والثلاثة لليربوعيين مكافأة لهم على واقعة عشية أغواث([9])، وهذه من الوسائل العمرية في تفجير طاقات المجاهدين وتحفيز همم المسلمين نحو المعالي والأهداف السامية والمقاصد النبيلة.



.

5- عمر يرد اعتبار زهرة بن الحوية:

عاد زهرة من مطاردته لفلول الفرس وبعد أن قتل جالنوس أحد قادة الفرس، فأخذ زهرة سلبه وتدرع بما كان على جالنوس فعرفه الأسرى الذين كانوا عند سعد وقالوا: هذا سلب جالنوس. فقال له سعد: هل أعانك عليه أحد؟ قال: نعم. قال: من؟ قال: الله. وكان زهرة يومئذ شاباً له ذؤابة وقد سُوِّد في الجاهلية وحسن بلاؤه في الإسلام، وغضب سعد أن تسرع زهرة فلبس ما كان على جالنوس واستكثره عليه فنزعه عليه وقال: ألا انتظرت إذني؟([10]) ووصل الخبر إلى عمر، فأرسل إلى سعد: تعمد إلى مثل زهرة وقد صلى بمثل ما صلى به، وقد بقي عليك من حربك ما بقي – تكسر قرنه، وتفسد قلبه؛ امض له سلبه، وفضله على أصحابه عند العطاء بخمسمائة، وإني قد نفلت كل من قتل رجلاً سلبه،
فدفعه إليه فباعه بسبعين ألفاً([11]).

وبهذا ردَّ عمر إلى زهرة اعتباره([12]).



.

6- استشهاد المؤذن وتنافس المسلمين على الأذان:

في نهاية معركة القادسية حدث أمر عجيب يدل على مقدار اهتمام المسلمين الأوائل بأمور دينهم وما يقربهم إلى الله تعالى، فقد قتل مؤذن المسلمين في ذلك اليوم وحضر وقت الصلاة، فتنافس المسلمون على الأذان حتى كادوا أن يقتتلوا بالسيوف، فأقرع بينهم سعد، فخرج سهم رجل فأذن([13])، وإن التنافس على هذا العمل الصالح ليدل على قوة الإيمان، فإن الأذان ليس من ورائه مكاسب دنيوية ولا جاه ولا شهرة وإنما دفعهم إلى التنافس عليه تذكر ما أعده الله تعالى للمؤذنين يوم القيامة من أجر عظيم وإن قوماً تنافسوا على الأذان سيتنافسون بطريق الأولى على ما هو أعظم من ذلك، وهذا من أسرار نجاحهم في الجهاد في سبيل الله تعالى والدعوة إلى الإسلام([14]).
.










رد مع اقتباس
قديم 2012-07-20, 15:52   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


7- التكتيك العسكري الإسلامي في المعركة:

كانت القادسية نموذجاً مميزاً من نماذج التكتيك العسكري الإسلامي، حيث برع المسلمون فيها بإتقان المناورة التكتيكية التي تتلاءم مع كل حالة قتالية من حالات المعركة، فقد ظهر على مسرح الأحداث قدرة الفاروق على التعبئة العامة، أو التجنيد الإلزامي والحشد الأقصى للوسائل، إذ حشد الخليفة لهذه المعركة أقصى
ما يمكن حشده من الرجال، كما حشد لها الفئة المختارة من رجال المسلمين، فقد كتب إلى سعد أن ينتخب أهل الخيل والسلاح ممن له رأي ونجدة، فاجتمع لسعد في هذه المعركة بضعة وسبعون ممن حضروا بدراً، وثلاثمائة وبضعة عشر ممن صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد بيعة الرضوان، وثلاثمائة ممن شهدوا فتح مكة، وسبعمائة من أبناء الصحابة ثم إنه لم يدع رئيساً ولا ذا رأي ولا ذا شرف ولا خطيباً ولا شاعراً إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس وغررهم وهذا هو الحشد الأقصى للوسائل المادية والمعنوية للمعركة، ونجد في التعبئة لهذه المعركة، تجديداً لم نعهده عند المسلمين من قبل، إذ لم ينتظر سعد في ((صرار)) حتى يكتمل جيشه ثم ينطلق به إلى العراق بل انطلق في أربعة آلاف ووصل إلى مكان المعركة بالقادسية في سبعة عشر ألفاً، وهذه طريقة مبتكرة في تعبئة الجيوش لم يعتمدها المسلمون قبل عمر، وحدد الخليفة في رسائله إلى كل من المثنى وسعد مكان المعركة الحاسمة، وهو القادسية، وكان الفاروق أول قائد مسلم يعتمد (الرسالة الخارطة) في دراسته لأرض المعركة وبيئتها، إذ طلب من سعد أن يصف له في رسالة مفصلة، منازل المسلمين – أي مواقعهم – كأنه ينظر إليها، وأن يجعله من أمرهم – أي المسلمين على جلية، فكتب إليه سعد رسالة يشرح له فيها، بالتفصيل، جغرافية القادسية (بين الخندق والعتيق) وما يقع على يمينها ويسارها ثم يشرح له أوضاع البيئة التي تحيط بأرض المعركة فينبئه أن أهلها معادون للمسلمين، ويتخذ الخليفة، بناء على ذلك، قراره التكتيكي والإستراتيجي([15])، واستخدم المسلمون اسلوب الغارات التموينية واستنزاف العدو منذ وصولهم إلى أرض العدو وتمركزهم فيها وقد أفادت تلك الغارات التموينية في سد احتياجات الجيش من المؤن، فكان يوم الأباقر ويوم الحيتان وغيرها من الأيام والغارات وقد اتخذت هذه الغارات بالإضافة إلى وجهها التمويني، وجهاً آخر هاماً، هو استنزاف طاقات العدو وقدرة الأهالي على تحمل آثار الحرب ومعاناتها، واستعمل المسلمون اسلوب الكمائن في مناوشاتهم مع الفرس قبل القادسية، وفي استنزافهم لطاقات العدو ومعنوياتهم، فقد كمن بكير بن عبد الله الليثي بفرقة من خيالة المسلمين، في أجمة من النخيل، وعلى الطريق إلى (الصنين) لقافلة تضم أخت أزاد مرد بن أزاذبه مرزبان الحيرة، وهي تزف إلى صاحب (الصنين) من أشراف العجم، وما أن وصلت القافلة إلى مكان الكمين حتى انقض المسلمون عليها، فقصم بكير صلب ((شيرزاد بن أزاذبه أخي العروس، وكان على رأس الخيل التي تتقدم القافلة ونفرت الخيل تعدو بمن على ظهورها من رجال، وأخذ المسلمون الأثقال وابنة أزاذبه في ثلاثين امرأة من الدهاقين ومائة من التوابع وما معهما لا يدرى قيمته([16])، واستعمل المسلمون في هذه المعركة أسلوب التكتيك المتغير وفقاً لكل حالة من حالات القتال وظرف من ظروفه، فبينما نراهم في اليوم الأول من المعركة يحتالون على الفيلة المهاجمة فيقطعون وضنها بعد أن يرموها بنبالهم فتفر من ميدان القتال ريثما يصل إليهم المدد القادم من الشام، كما يعمدون إلى إيصال هذا المدد إلى ساحة القتال تباعاً وزمرة زمرة بغية إيهام العدو بكثرته، ثم يعمدون إلى حيلة تكتيكية بارعة وذلك بأن يجللوا إبلهم ويبرقعوها تشبهاً بالفيلة ثم يطلقوها في صفوف العدو فتجفل خيلهم وتولي هاربة لا تلوي على شيء، ويعمد المسلمون في اليوم الثالث إلى مواجهة فيلة الفرس المحمية بخيالتهم ومشاتهم بأن يهاجموا أكبرها وأضخمها فيفقأوا عيونها ويقطعوا مشافرها، فتفر الفيلة هاربة، ويتساوى الفرس والمسلمون في ساحة القتال، بعد أن يخسر الفرس فيلتهم، أي مدرعاتهم ولما رأى المسلمون أن أمد القتال يمكن أن يطول قرروا الهجوم العام فعبأوا صفوفهم وزحفوا زحفة واحدة، وما أن تخلت صفوف العدو وانكشف قلبه حتى كان رستم قائد جيش العدو هدفهم، وما أن قضي على رستم حتى انهزم جيش الفرس هزيمة ساحقة، وهكذا نرى أن الأسلوب الذي اتبعه المسلمون في هذه المعركة لم يتقيد بالأساليب التقليدية التي كانت متبعة في القتال بل أنه لبس لكل حالة لبوسها، فانتقل من الأساليب البدائية (المبارزة) إلى الحيل التكتيكية (الإبل المبرقعة وقطع وضن الفيلة وفقأ عيونها وقطع مشافرها إلى القتال الكلاسيكي التقليدي (الهجوم العام واستهداف القائد) وتميزت هذه المعركة بالتعبئة ذات الطابع القبلي، وميزة هذا الأسلوب أنه يوجد بين القبائل تنافساً فريداً في الحماسة والاندفاع في القتال(1) هذه بعض الأساليب العسكرية الإسلامية التي مارسها المجاهدون في القادسية.


.

8- ما قيل من الشعر في القادسية:

ومما قاله قيس بن المكشوح المرادي يتحدث عن فروسيته مفتخراً لما كان منه ومن المجاهدين الآخرين في مناهضة قادة الفرس فيقول:


جلبتُ الخيلَ من صَنعاءَ تَردِي
إلى وادي القُرى فديار كلب
وجئنا القادسية بعد شهر
فناهضنا هنالك جَمْعَ كسرى
فلمّا أن رأيت الخيل جالت
فاضربُ رأسه فهوى صريعا
وقد أبلى الإله هناك خيراً
ج


بكل مُدَحَّجٍ كالليث سامي(2)
إلى اليرموك فالبلدِ الشَامي
مسَوَّمة دوابرها دوامي
وأبناء المرازبة الكرام (3)
قصدت لموقف الملك الهُمام
بسيفٍ لا أفلَّ ولا كَهامِ(4)
وفعل الخير عند الله نامي(1)


.

وقال بشر بن ربيع الخثعمي في القادسية:


تذَّكر هداك الله ـ وقع سيوفنا
عشية ودَّ القوم لو أن بعضهم
إذا ما فرغنا من قراع كتيبة
ترى القوم فيها واجمين كأنَّهم


بباب قُديس والمكرُّ عَسِيرُ
يعار جَنَاحَيْ طائر فيطيرُ
دلْفنا لأخرى كالجبال تسير
جمال بأجمال لهُنَّ زَفِيرُ(2)


وقال بعض الشعراء:


وحيّتكَ عني عصبة نخعية
أقاموا لكسرى يضربون جنودَهُ
إذا ثوّب الداعي أناخوا بكلكل


حسان الوجوه آمنوا بمحمد
بكلِّ رقيق الشفرتين مهنّدِ
من الموت مسودِّ الغياطيل(3) أجرد


وقال بعض الشعراء:

وجدنا الأكرمين بني تميم
هُمُوا ساروا بأرعن مكفهّرٍ(4)
بحور للأكاسر من رجال
تركن لهم بقادس عز فخر
مقطعة أكفهم وسوق


غداة الروع أكثرهم رجالا
إلى لجب يرونهم رعالا(5)
كأسد الغاب تحسبهم جبالا
وبالخيفين أياماً طِوالا
بمرد حيث قابلت الرجالا(6)

ما قاله النابغة الجعدي وهو يصور بشعره ما دار بينه و بين امرأته، وقد جزعت بسبب ذهابه في فتوح فارس ، فقال:


باتَتْ تذكرني بالله قاعدة
يا بنت عمّي كتاب الله أخرجني
فإن رجعت فربُّ الناس أرجعني
ما كنت أعرجَ أو أعمى فيعذرني


والدمع ينهل من شأْنَيْها سَبَلا
كرها، وهل أمنعنَّ الله ما بذلا
وإن لحقت بربي فابتغي بدَلا
أو ضارعاً من ضنىً لم يستطع حِوَلا([17])


.

سادساً: فتح المدائن:

أقام سعد بالقادسية شهرين ينتظر أمر عمر، حتى جاءه بالتوجه لفتح المدائن، وتخليف النساء والعيال بالعتيق مع جند كثيف يحوطهم وعهد إليه أن يشركهم في كل مغنم ماداموا يخلفون المسلمين في عيالاتهم، ففعل وسار بالجيش لأيام بقين من شوال، وكان فَلُّ المنهزمين لحق ببابل، وفيهم بقايا الرؤساء مصمِّمين على المدافعة، وبدأت مدن وقرى الفرس تسقط واحدة بعد واحدة، ففتح المسلمون البُرس ثم بابل بعد أن عبروا نهر الفرات ثم كُوثي ثم ساباط بعضهما عنوة والبعض الآخر صلحاً([18]) واستمرت حملات المسلمين المنظمة حتى وصلوا إلى المدائن، وأمر عمر سعداً بأن يحسن إلى الفلاحين وأن يوفي لهم عهودهم ودخلت جموع هائلة من الفلاحين في ذمة المسلمين، وتأثر الفلاحون بأخلاق جيش المسلمين وبعدلهم ومساواتهم المنبثقة من دينهم العظيم، فأميرهم كأصغر الرعية أمام الحق الأكبر، ولا ظلم، ولا فساد في الأرض خفت عنهم

وطأة الكبرياء والعبودية التي كانوا يسامونها فصاروا عباداً لله وحده، وقد توجه سعد نحو المدائن بعد أمر أمير المؤمنين، فبعث مقدمة الجيش بقيادة زهرة بن الحَوِيَّة، وأتبعه بعبدالله بن المعتَّم في طائفة من الجيش ثم بشرحبيل بن السمط في طائفة أخرى، ثم بهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وقد جعله على خلافته بدلاً من خالد بن عرفطة، ثم لحق سعد بهم ببقية الجيش وقد جعل على المؤخرة خالد بن عرفطة([19]) وقد توجه زهرة قائد المقدمات إلى المدائن ، والمدائن هي عاصمة دولة الفرس، وتقع شرق نهر دجلة وغربه، فالجزء الذي يقع غربه يسمى "بَهُرْ سير" والذي يقع شرقه يسمى "أسبانير" و"طيسفون" وقد وصل زهرة إلى بهرسير وبدأ حصار المدينة، ثم سار سعد بن بي وقاص بالجيش الإسلامي ومعه قائد قواته ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى المدائن الغربية "بهر سير" وفيها ملك الفرس (يَزْدَجرد)، فحاصرها المسلمون شهرين، وكان الفرس يخرجون أحياناً لقتال المسلمين ولكنهم لا يثبتون لهم وقد أصيب زهرة بن الحوية بسهم، وذلك أنه كان عليه درع مفصومة، فقيل له: لو أمرت بهذا الفصم فسُرد (حتى لا تبقى فيها فتحة تصل منها السهام) فقال: ولِمَ؟ قالوا: نخاف عليك منه، قال: إني لكريم على الله إن تَرك سهم فارس الجند كلَّه ثم أتاني من هذا الفصم حتى يثبت فيَّ وكان كريماً على الله كما أمَّل، فكان أولَ رجل من المسلمين أصيب يومئذ بسهم، فثبت فيه من ذلك الفصم، فقال بعضهم: انزعوها منه، فقال: دعوني فإن نفسي معي ما دامت فيَّ لعلي أن أصيب منهم بطعنة أو ضربة أو خطوة، فمضى نحو العدو فضرب بسيفه شهريار من أهل اصطخر فقتله([20]) وقد بقي المسلمون في حصار بهر سير شهرين، استعملوا خلالها المجانيق وقد صنع لهم الفرس الموالون لهم عشرين منجنيقاً شغلوا بها الفرس، وأخافوهم([21]) وفي هذا دلالة على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يهملون تحصيل أسباب النصر المادية إذا قدروا عليها، وأنهم كانوا على ذكر تام لقول الله تعالى"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" (الأنفال، آية 60) ، إلى جانب تفوقهم في أسباب النصر المعنوية التي انفردوا بأهمها وأبرزها وهو الاعتماد على الله وذكره ودعاؤه([22])


.

1- معية الله تعالى لأوليائه بالنصر والتأييد:

عن أنس بن الحليس قال: بينما نحن محاصرون بهرسير بعد زحفهم وهزيمتهم أشرف علينا رسول فقال: إن الملك يقول لكم: هل لكم إلى المصالحة على أن لنا ما يلينا من دجلة وجبلنُا ولكم ما يليكم من دجلة إلى جبلكم؟ أما شبعتم لا أشبع الله بطونكم، فبدر الناس أبو مُفَزِّر الأسود بن قطبة، وقد أنطقه الله بما لا يدري
ما هو ولا نحن، فرجع الرجل ورأيناهم يقطعون إلى المدائن ـ يعني يعبرون النهر إلى شرق المدائن ـ فقلنا: يا أبا مفزر ما قلت له؟ قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما أدري ما هو إلا أن عليَّ سكينة، وأنا أرجو أن أكون أُنطقت بالذي هو خير، وانتاب الناس يسألونه حتى سمع بذلك سعد فجاءنا فقال: يا أبا مفزر
ما قلت؟ فو الله إنهم لهُرَّاب فحدثه بمثل حديثه إيانا، فنادى الناس ثم نهدبهم، وإن مجانيقنا لتخطر عليهم، فما ظهر على المدينة أحد ولا خرج إلينا إلا رجل نادى بالأمان فأمَّنَّاه، فقال: إن بقي فيها أحد، فما يمنعكم؟ (يعني لم يبق فيها أحد، فشورها الرجال وافتتحناها فما وجدنا فيها شيئاً ولا أحداً، إلا أسارى أسرناهم خارجاً منها، فسألناهم وذلك الرجل: لأي شئ هربوا؟ فقالوا: بعث الملك إليكم يعرض عليكم الصلح فأجبتموه بأنه لا يكون بيننا وبينكم صلح أبداً حتى نأكل عسل أفريذين باُتْرُجِّ كوثي، فقال الملك: واويله ألا إن الملائكة تكلَّم على ألسنتهم، ترد علينا وتجيب عن العرب، والله لئن لم يكن كذلك ما هذا إلا شئ أُلقي على فِيِّ هذا الرجل لِنَنْتَهي، فأرزُوا إلى المدينة القصوى([23])


.

2- الآيات التي قرأها سعد لما نزل مظلم ساباط:

نزل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في (مظلم ساباط) بعد أن قدم هاشماً ومن معه نحو بهرَ سير وهي الجزء الغربي من المدائن، ولما نزل سعد ذلك المكان قرأ قول الله تعالى} وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ(44) { (إبراهيم،آية:44). وإنما تلا هذه الآية لأن في ذلك المكان كتائب لكسرى تُدعى بوران ، وكانوا يحلفون بالله كل يوم، لا يزول ملك فارس ما عشنا([24]) وقد هزمهم وفرقهم زهرة بن الحوية قبل استشهاده([25])

ولما دخل المسلمون "بهرسير" وذلك في جوف الليل ـ لاح لهم الأبيض وهو قصر الأكاسرة فقال ضرار بن الخطاب: الله أكبر أبيض كسرى، هذا ما وعد الله ورسوله، وتابعوا التكبير حتى أصبحوا([26])


.

3- مشورة بين سعد وجنوده في عبور النهر:

ولما علم سعد أن كسرى قد عبر بالسفن إلى المدائن الشرقية وضم السفن كلها إليه وقع في حيرة من أمره، فالعدو أمامهم وليس بينهم إلا النهر ولا سبيل إلى عبوره لعدم توفر السفن، وهو يخشى أن يرتحل عدوه فيصعب القضاء عليه، وقد أتى سعداً بعض أهل فارس فدلوه على مخاضة يمكن اجتيازها مع المخاطرة، فأبى سعد وتردد عن ذلك، ثم فاجأهم النهر بمدِّ عظيم حتى اسودَّ ماء النهر وقذف بالزبَّد من سرعة جريانه، وفي أثناء ذلك رأى سعد رؤيا صالحة مفادها أن خيول المسلمين قد عبرت النهر، فعزم لتأويل رؤياه على العبور، وجمع الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: إن أعدائكم قد اعتصموا منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليهم معه وهم يخلصون إليكم إذا شاؤوا فَيُنَاوشونكم في سفنهم وليس وراءكم شئ تخافون أن تؤتوا منه، قد كفاكموهم أهل الأيام([27])، وعطلوا ثغورهم وأفنوا ذادتهم([28]) وقد رأيت من الرأي أن تبادروا جهاد عدوكم بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم فقالوا جميعاً: عزم الله لنا ولك على الرشد فافعل([29]) ، وفي هذا الخبر دروس وعبر وفوائد منها:

- تذكُّر معية الله جل وعلا لأوليائه المؤمنين بالنصر، والتأييد فهذه الرؤيا الصادقة التي رآها سعد رضي الله عنه من الله جل وعلا لتثبيت قلبه ليُقدم على هذا الأمر المجهول العاقبة.

- أن الله تعالى يُجري الأمور لصالح المؤمنين، فالنهر جرى بكثافة مفاجئة على غير المعتاد، وظاهر هذا أنه لصالح الفرس حيث إنه سيمنع أي محاولة لعبور المسلمين، ولكن حقيقته أنه لصالح المسلمين، حيث أعطى ذلك الكفار طمأنينة فلم يستعدوا لقدوم المسلمين المفاجئ لهم، ولم يستطيعوا أن يحملوا معهم كل ما يريدون حمله من الفرار.


.

- أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتفاءلون خيراً بالرؤيا من الرجل الصالح، ويعتبرونها مُرجحاً للإقدام على العمل وكانوا رضي الله عنهم يحسنون الظن بالله تعالى ويعتبرون أن رُؤَى الخير تثبيت وتأييد منه تعالى.

- أن قادة المسلمين في العهد الراشدي كانوا يتصفون غالباً بالحزم واغتنام الفرص وتفجير طاقة الجنود وهم في حماسهم وقوة إيمانهم، فهذا سعد رضي الله عنه يأمر جيشه بأن يعبروا إلى الأعداء بسلاح الإخلاص والتقوى وقد كان مطمئناً إلى مستوى جيشه الإيماني فأقدم على ما أقدم عليه مستعيناً بالله تعالى ثم بذلك المستوى الرفيع.

- إتصاف الصحابة رضي الله عنهم ومن معهم من التابعين بالطاعة التامة لقادتهم، وكانوا يعتبرون هذه الطاعة واجباً شرعياً وعملاً صالحاً يتقربون به إلى الله تعالى([30]).



.











رد مع اقتباس
قديم 2012-07-27, 05:53   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نَبيل مشاهدة المشاركة
يا أخي هذه نازلة تكلّم فيها كبار العلماء و أفتوا فيها بالتحريم ثم تأتينا ببحث أصولي من عند دكتور يفصل
بين فتاوى كبار العلماء و غيرهم من المجيزين .
بل لو نظرنا في المقال حد ذاته لوجدناه يقول بالتحريم من حيث لا يشعر من خلال بعض النقاط التي أثارها .
فلو أمعنا النظر النظر في محاولة الدكتور إجازة المسلسل و غيره لوجدناه يطلب محالا فالواقع يقضي حتما بلا نزاع تحريم التمثيل مطلقا
فضلا عن تمثيل الصحابة رضي الله عنهم فكيف بتمثيل الأنبياء عليهم السلام فلا داعي لمحاولات لعب دور الوسط فكلام العلماء الربانيين شاف و كاف لمن أراد الحق
لأنهم يتميزون ببعد النظر و حسن استعمال النصوص و الحكمة في مواطنها
نسأل الله أن يحفظهم و يديم عليهم الصحة و العافية و يصرف عنا و عنهم كل شر

و حقيقة مثل هذا التصرف ليس جديدا علينا كل ما تحل نازلة يفتي فيها كبار العلماء و يقابلهم و يعاكسهم فيها الجهلة و الرويبضة
يخرج من يدعي الوسطية ليعرض كلام الفريقين ليخرج إما بحل وسط يرضي الفريقين إن لم نقل ليناقض كلام العلماء
و الله المستعان


أحسن القول أخي الحبيب فالرويبضات انقسموا إلى أقسام:
قسم أفتى بتمثيل الصحابة، وقسم أخذ يقنع الناس أن القضية لا تستحق الشحن، وقسم يتحجج بتخفيف المفسدة، وقسم سكت! .. تبادلوا الأدوار على حساب الصحابة ولا حول ولا قوة إلا بالله.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لمسلسل, لانحتاج, لنعرفه, الله, الفاروق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc