موضوع مميز تحفيظ حديث شريف لكل تلميذ(ة) في القسم - الصفحة 381 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تحفيظ حديث شريف لكل تلميذ(ة) في القسم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-07-16, 23:12   رقم المشاركة : 5701
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 اسلاميات كيف نبني مجتمعًا أفضل؟----المفكّر الجزائري مالك بن نبي -

حينما نُدقّق الأشياء نرى أنّ الدّوافع النّفسية الّتي تعبّر عنها فكرة الديمقراطية أو فكرة السّلام، إنّما هي في الواقع واحدة في صور مختلفة: إنّها دوافع الخير في نفوس مختلفة. وإنّ هذا يعني، بعدما تصح هذه الملاحظة، أنّ في النّفس مجالاً لفكرة الخير، وأنّ من يرفع راية الخير قد يسدّ حاجة تشعر بها الإنسانية في أعماقها، ويحقّق لنفسه مكانًا كريمًا في المجتمع العالمي.

وفي هذا المجال يمكن أن يكون مجالا إذا حقّقنا في سلوكنا معنى الآية الكريمة: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} آل عمران:104. فإذا ما تحقّقت هذه الآية في سلوكنا العام، بوصفها تخصّصًا لمجتمعنا بالنسبة لحاجة الإنسانية، فسوف نكون قد لقينا على الخريطة الإيديولوجية لونًا يجعلنا من أكرم سكان المجتمع العالمي.

وأنا أتعمّد شيئًا حينما أقرن الخير بالسّلوك، فالسّلوك هو الّذي يحقّق في الواقع معنى الخير المجرّد. فليس الخير مجرّد حقيقة نعلمها أو نقولها، مجرّد حقيقة تقبلها العقول، وربّما تنفر منها الأنفس أحيانًا إذا لم يكن الخير في صورة محبّبة للنّاس، إذ ربّما يحدث دوافع سلبية لا تشبع في أنفسهم حاجة لخير، بل تحدث فيها حالة حرمان.

ولقد كرّر القرآن الكريم النّصائح في هذا الاتجاه إذ يقول للنّبيّ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران:159، أو حينما يقول له بصفة عامة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فُصِّلت:34.

فهذا هو فيما أرى شرط دخولنا في المجمع (المجتمع) العالمي، ونحن حينما ندخل إلى هذا المجمع غير مقلّدين فإنّنا سنكون أسبق من غيرنا إلى وظيفة تسدّ حاجة من حاجات الإنسانية الكبرى في القرن العشرين، ولحقّقنا بذلك لأنفسنا مكانًا كريمًا في العالم الجديد.








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 11:03   رقم المشاركة : 5702
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 تفسير الشيخ الشعراوي للآية 251 من سورة البقرة


قال تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.. [البقرة : 251].

إن الحق يبلغنا أنه قد نصر المؤمنين به. ويجيء الحق بكلمة {هَزَمُوهُمْ} وهي تدل على فرار من كان يجب أن يكون مهاجما. والمحارب يجب أن يكون مهاجما كاراً دائما، فحين يلجأ إلى أن يفر، هنا نتوقف لنتبين أمره، هل هذا الفِرار تحرفا لقتال وانعطافا وميلا إلى موقف آخر هو أصلح للقتال فيه؟ لو كان الأمر كذلك فلا تكون الهزيمة، لكن إذا كان الفِرار لغير كَرٍ ومخادعة للعدو بل كان للخوف هنا تكون الهزيمة.

وقول الله: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ الله} يدل على أن جنود جالوت لم يُقتلوا كلهم، ولكن الذين قُتلوا هم أئمة الكفر فيهم، بدليل قوله بعد ذلك: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ}. وجالوت هو زعيم جيش الكفار الذي هرب، فطارده داود وقتله. ولأول مرة يظهر لنا اسم {دَاوُدَ} في هذه القصة الطويلة، وهو اسم لم يكن عندنا فكرة عنه من قبل، وستأتي الفكرة عنه بعد هذه القصة في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ والطير وَأَلَنَّا لَهُ الحديد أَنِ اعمل سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السرد واعملوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.. [سبأ: 10-11].

إذن فبداية داود جاءت من هذه المعركة بعد قتل جالوت، وكان {دَاوُدَ} أخاً لعشرة وهو أصغرهم، وقال النبي للقوم: إن من يدخل المعركة ضد جالوت لابد أن يأتي درع موسى على مقاسه، وهنا استعرض والد {دَاوُودَ} الدرع على جميع أبنائه، فلم يأتي على مقاس أي واحد منهم إلا على أصغرهم، وهو {دَاوُودَ}. جاء الدرع على مقاسه، ودخل {دَاوُودَ} المعركة فقتل جالوت قائد المشركين، وشاءت حكمة الله أن يكون أصغر المؤمنين هو الذي يقتل كبير جيش المشركين.

كانت هذه المعركة بداية تاريخ داود، وقد جاءت له هذه المعركة بالفتح العظيم، ثم أنعم الله عليه بالملك والحكمة وجعل الجبال والطير تردد وترجع معه تسبيح الله وتنزيهه، كل ذلك نتيجة قتل جالوت. وأحب داود الدرع وصار أمله أن يعلمه الله صناعة الدروع، ولذلك لم يتخذ صنعة في حياته إلا عمل الدروع. وجعل الله له الحديد ليناً ليصنع منه ما يشاء كما جاء في قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ}.. [الأنبياء: 80].

وهذا دليل على أن الإنسان يحب الشيء الذي له صلة برفعة شأنه. ولقد كان قتل جالوت هو البداية لداود. {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ الله الملك والحكمة وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين} إن الحق يأتي هنا بقضية كونية في الوجود، وهي أن الحرب ضرورة اجتماعية، وأن الحق يدفع الناس بالناس. وأنه لولا وجود قوة أمام قوة لفسد العالم؛ فلو سيطرت قوة واحدة في الكون لفسد.

فالذي يعمر الكون هو أن توجد فيه قوى متكافئة؛ قوة تقابلها قوة أخرى. ولذلك نجد العالم دائما محروسا بالقوتين العظميين، ولو كانت قوة واحدة لعم الضلال. ولو تأملنا التاريخ منذ القدم لوجدنا هذه الثنائية في القوى تحفظ الاستقرار في العالم.

في بداية الإسلام كانت الدولتان العظميان هما الفرس في الشرق، والروم في الغرب. والآن سقطت قوة روسيا من كفة ميزان العالم، وتتسابق ألمانيا واليابان ليوازنا قوة أمريكا.

إن قول الله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض} جاء تعقيبا على قصة الصراع بين بني إسرائيل وبين أعدائهم الذين أخرجوهم من ديارهم وعندما نتأمل هذه القصة من بدايتها نجد أنهم طلبوا أولا من الله الإذن بالقتال. وبعث الله لهم ملكا ليقاتلوا تحت رايته؛ وكانت علامة هذا الملك في الصدق أن يأتي الله بالتابوت. ثم جاءت قضية اجتماعية ينتهي إليها الناس عادة بحكيم الرأي ولو بدون الوحي، وهي أن الإنسان إذا ما أقبل على أمر يجب أن يعد له إعداداً بالأسباب البشرية، حتى إذا ما استوفى إعداده كل الأسباب لجأ إلى معونة الله، لأن الأسباب كما قلنا هي من يد الله، فلا ترد أنت يد الله بأسبابها، لتطلب معونة الله بذاته، بل خذ الأسباب أولا لأنها من يد ربك.

ويعلمنا الحق أيضا أن من الأسباب تمحيص الذين يدافعون عن الحق تمحيصا يبين لنا قوة ثباتهم في الاختبار الإيماني؛ لأن الإنسان قد يقول قولاً بلسانه؛ ولكنه حين يتعرض للفعل تحدثه نفسه بألا يوفي، وقد نجح قلة من القوم في الابتلاءات المتعددة. وفعلا دارت المعركة؛ وهزم هؤلاء المؤمنون أعداءهم، وانتصر داود بقتل جالوت.
إذن فتلك قضية دفع الله فيها أناسا بأناس، ويطلقها الحق سبحانه قضية عامة {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض}، فالدفع هو الرد عن المراد، فإذا كان المراد للناس أن يوجد شر، فإن الله يدفعه. إذن فالله يدفع ولكن بأيدي خلقه، كما قال سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}.. [التوبة : 14].

إنه دفع الله المؤمنين ليقاتلوا الكافرين، ويعذب الحق الكافرين بأيدي المؤمنين. وعندما نتأمل القول الحكيم: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض} فإننا نجد مقدمة سابقة تمهد لهذا القول، لقد أُخرجوا من ديارهم وأبنائهم، فكان هذا هو مبرر القتال. وتجد آية أخرى أيضا تقول: {الذين أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.. [الحج : 40].

والسياق مختلف في الآيتين، السياق الذي يأتي في سورة البقرة عن أناس يحاربون بالفعل، والسياق الذي يأتي في سورة الحج عن أناس مؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم المستضعفون من مكة لينضموا إلى أخوتهم المؤمنين في دار الإيمان ليعيدوا الكرة، ويدخلوا مكة فاتحين.

صحيح أننا نجد وحدة جامعة بين الآيتين. وهو الخروج من الديار. إذن فمرة يكون الدفاع بأن تَفِرَّ لَتِكِرّ.. أي أن تخرج من ديار الكفر مهاجراً لتجمع أمر نفسك أنت ومن معك وتعود إلى بلدك مقاتلاً فاتحاً، ومرة يكون الدفاع بأن تقاتل بالفعل، فالآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها هنا تفيد أنهم قاتلوا بالفعل، والآية الثانية تفيد أنهم خرجوا من مكة ليرجعوا إليها فاتحين، فالخروج نفسه نوع من الدفع، لماذا؟ لأن المسلمين الأوائل لو مكثوا في مكة فربما أفناهم خصومهم فلا يبقى للإسلام خميرة، فذهبوا إلى المدينة وكوّنوا الدولة الإسلامية ثم عادوا منتصرين فاتحين: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح}.. [النصر : 1].

إن السياق في الآيتين واحد ولكن النتيجة تختلف، هنا يقول الحق: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض} لماذا تفسد الأرض؟ لأن معنى دفع الله الناس بعضهم ببعض أن هناك أناساً ألفوا الفساد، ويقابلهم أناس خرجوا على من ألف الفساد ليردوهم إلى الصلاح. ويعطينا الحق سبحانه وتعالى في الآية الثانية السبب فيقول: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً}.. [الحج : 40].

والصوامع هي ما يقابل الآن الدير للنصارى وكانوا يتعبدون لله فيها، لأن فيه متعبداً عَمِلَ بالتكليف العام؛ ومتعبداً آخر قد ألزم نفسه بشيء فوق ما كلفه الله به. فالذين يعبدون الله بهذه الطريقة يجلسون في أماكن بعيدة عن الناس يسمونها الصوامع، وهي تشبه الدير الآن. والمعنى العام في التعبد للنصارى هو التعبد في الكنائس وهو المقصود بالبيع، والمعنى الخاص هو التعبد في الصوامع.

إذن {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} هذه لخاصة المتدينين، وكنائس أو بيع لعامة المتدينين. وقول الحق: {وَصَلَوَاتٌ}، من صالوت، وهي مكان العبادة لليهود، و{وَمَسَاجِدُ} وهي مساجد المسلمين.

إن قوله تعالى: {لَفَسَدَتِ الأرض} في هذه الآية، وقوله تعالى هناك {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} أي أنه ستفسد الأرض إذا لم تقم الصوامع والبيع والصلوات والمساجد؛ لأنها هي التي تربط المخلوق بالخالق. وما دامت تلك الأماكن هي التي تربط المخلوق بالخالق فإن هدمت.. يكون الناس على غير ذكر لربهم وتفتنهم أسباب الدنيا.

فالأديرة والكنائس والصوامع حين كانت والمساجد الآن هي حارسة القيم في الوجود، لأنها تذكرك دائما بالعبودية وتمنع عنك الغرور، وهي من السجود الذي هو منتهى الخضوع للرب، نخضع بها لله خمس مرات في اليوم والليلة؛ فإن كان عند العبد شيء من الغرور لابد أن يذوب، ويعرف العبد أن الكون كله فضل من الله على العباد؛ فلا يدخلك أيها المسلم شيء من الغرور.

فإذا لم يدخلك شيء من الغرور استعملت أسباب الله في مطلوبات الله. أما أن تأخذ أنت أسباب الله في غير مطلوبات الله فهذه قحة منك. فإذا كان الله قد أقدر يدك على الحركة فلماذا تعصى الله بها وتضرب بها الناس؟ والله أقدر لسانك على الكلام، فلماذا تؤذي غيرك بالكلمة؟ إن الله قد أعطاك النعمة فلا تستعملها في المعصية.
قال الله تعالى في هذه الآية: {لَفَسَدَتِ الأرض} وشرح ذلك في قوله تعالى: {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسم الله كَثِيراً} فهذه الأماكن هي التي تبقى أصول القيم في التدين. (وأصول القيم في التدين) غير (كل القيم في التدين)، ولذلك نحن قلنا: إن الحق سبحانه وتعالى جعل للإسلام خمسة أركان، وهي التي بني عليها الإسلام. ولابد أن نقيم بنيان الإسلام على هذه الأركان الخمسة، فلا تقل: إن الإسلام هو هذه الأركان الخمسة، لا؛ لأن الإسلام مبني عليها فقط فهي الأعمدة أو الأسس التي بني عليها الإسلام. فأنت حين تضع أساسا لمنزل وتقيم الأعمدة فهذا المنزل لا يصلح بذلك للسكن، بل لابد أن تقيم بقية البنيان، إذن فالإسلام مبني على هذه الأسس.

والحق سبحانه وتعالى يوضح ذلك فيأمر بالمحافظة على أماكن هذه القيم؛ لأن المساجد ونحن نتكلم بالعرف الإسلامي هي ملتقى فيوضات الحق النورانية على خلقه، فالذي يريد فيض الحق بنوره يذهب إلى المسجد. إذن لكيلا تفسد الأرض لابد أن توجد أماكن العبادة هذه، فمرة جاء الحق بالنتيجة ومرة جاء بالسبب.

ولماذا يدفع الله الناس بعضهم ببعض؟ لأن هناك أناساً يريدون الشر وأناساً يريدون الخير، فمن يريد الشر يدفع من يريد الخير، وإذا وقعت المعركة بهذا الوصف فإن يد الله لا تتخلى عن الجانب المؤمن الباحث عن الخير، فهو سبحانه القائل: {وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.. [الحج : 40].

أي إن المعركة لا تطول. ولذلك قلنا سابقا: إن المعارك التي نراها في الكون لا نجد فيها معركة بين حقين؛ لأنه لا يوجد في الوجود حقان، فالحق واحد، فلا يقولن أحد: إنه على حق وخصمه على حق. لا، إن هناك حقاً واحداً فقط.

والمعركة إن وجدت توجد بين حق وباطل، أو بين باطل وباطل. والمعركة بين الحق والباطل لا تطول؛ لأن الباطل زهوق. والذي يطول من المعارك هي المعارك بين الباطل والباطل؛ فليس أحدهما أولى بأن ينصره الله. فهذا على فساد وذاك على فساد، وسبحانه يدك هذا الفساد بذاك الفساد. وحين يندك هذا الفساد بذاك الفساد، فجناحا الفساد في الكون ينتهيان. ويأتي من بعد ذلك أناس ليس عندهم فساد ويعمرون الكون.
والمعارك التي تدور في أي مكان تجد أن هذا الطرف له هوى والآخر له هوىً مختلف.

ولا يقف الله في أي جانب منهما؛ لأنه ليس هناك جانب أحمق بالله من الآخر؛ لذلك يتركهم يصطرع بعضهم مع بعض، ومادام الحق قد تركهم لبعضهم البعض فلابد أن تطول المعركة. ولو كان الله في بال جانب منهم لوقف سبحانه في جانبه. وكذلك نرى في معارك العصر الحديث أن المعركة تطول وتطول؛ لأننا لا نجد القسم الثالث الذي جاء في قوله سبحانه: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل وأقسطوا إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين}.. [الحجرات : 9].

إن الحق سبحانه وتعالى يأمر عند اقتتال طائفتين من المؤمنين أن يصلح بينهما قوم مؤمنون، فإن تعدت إحداهما على الأخرى، ورفضت الصلح فالحق يأمر المؤمنين بأن يقاتلوا الفئة التي تتعدى إلى أن ترجع إلى حكم الله، فإن رجعت إلى حكم الله فالإصلاح بين الفئتين يكون بالإنصاف؛ لأن الله يحب العادلين المنصفين.

ونحن نجد الباطل يتقاتل مع الباطل؛ لذلك لا نجد من يصلح بين الباطلين، بل نجد أهواءً تتعارك، وكل جانب ينفخ في الطائفة التي تناسب هواه.

وهذه هي الخيبة في الكون المعاصر؛ إن المعارك تطول لأنه ليس في بال المتقاتلين شيء جامع، ولو كان في بالهم شيء جامع، لما حدثت الحرب. وماداموا قد غفلوا عن هذا الشيء الجامع، فمن المفروض أن تتدخل الفئة القادرة على الإصلاح، ولكن حتى هؤلاء لم يدخلوا للإصلاح، وهذا معناه أن الخيبة في العالم كله. وسيظل العالم في خيبة إلى أن يرعووا ويرتدعوا. إنهم يطيلون على أنفسهم أمد التجربة وسيظلون في هذه الخيبة حتى يفطنوا إلى أنه لا سبيل إلى أن تنتهي هذه المشاكل إلا أن يرجعوا جميعاً عن أهوائهم إلى مراد خالقهم.

{وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض}، نعم تفسد الأرض فيما جعل الله للإنسان يداً فيه، أما الشيء الذي لم يجعل الله للإنسان يداً فيه فستظل النواميس كما هي لا يؤثر فيها أحد، فلا أحد يؤثر في الشمس أو القمر أو الهواء أو المطر، إنما الفساد جاء فيما للإنسان فيه يد.

انظر إلى الكون، إنك تجد المسائل التي لا دخل للإنسان فيها مستقيمة على أحسن ما يكون، وإنما يأتي الفساد من النواحي التي تدخل فيها الإنسان بغير منهج الله. ولو أن الإنسان دخل فيها بمنهج الله لاستقامت الأمور كما استقامت النواميس العليا تماما.

في سورة الرحمن قوله تعالى: {والسمآء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان}.. [الرحمن : 7].
ومادام الحق قد رفع السماء ووضع الميزان، فالسماء لا تقع على الأرض والنظام محكم تماما، الشمس تطلع من الشرق وتغرب في الغرب، والقمر والنجوم تسير في منتهى الدقة والإبداع، لأنه لا دخل لأحد من البشر فيه.

فإن أردتم أن تصلح حياتكم، وأن تستقيم أموركم كما استقامت هندسة السماء والأرض فخذوا الميزان من السماء في أعمالكم، واتبعوا القول الحق: {والسمآء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي الميزان وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان}.. [الرحمن : 7-9].

ومادمتم قد رأيتم أن الأمور الموجودة التي تسير بنظام لا تتحكمون فيه تعمل باستقامة وترون أن الفساد قد جاء من ناحية الأمور التي دخلتم فيها، فلماذا لا نتبع منهج الله في الأمور التي لنا دخل فيها؟ إنك إن عملت في الحياة بمنهج الله الذي خلق الحياة فإن أمورك تستقيم لك كما استقامت الأمور العليا في الكون. واحفظ جيداً قوله تعالى: {والسمآء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي الميزان}.. [الرحمن : 7-8].

ليحفظ كل منا هذا القول لنعرف أن الأمور العليا موزونة لأن يد الإنسان لا تدخل فيها. إن السماء لا تقع على الأرض لأنها محكومة بنظام محكم تماماً.

والأرض لا تدور بعيداً عن فلكها؛ لأن خالقها قد قدر لها النظام المحكم تماماً. ولهذا يقول الحق سبحانه عن نظام الكواكب في الكون: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ الليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.. [يس : 40].

إنه نظام دقيق محكم لأنه لا دخل للإنسان فيه. اصنعوا ميزاناً في كل الأمور التي لكم فيها اختيار حتى لا تطغوا في الميزان.

ومادام الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان ومنحه الاختيار، وبعض الناس اختار مذهباً، والبعض الآخر اختار مذهبا مضادا، وكلٌّ من المذهبين خارج عن منهج الله، فالحق سبحانه وتعالى يترك الفئتين للتقاتل والتناحر. ولأنه سبحانه ذو رحمة على العالمين، يبقى عناصر الخير في الوجود، لعل أحداً يرى ويتنبه ويتلفت ويذهب ليأخذها.

فعندما تطغى جماعة يأتي لهم الحق بجماعة يردونهم، حتى تبقى عناصر الخير في الوجود لعل إنساناً يأتي ليأخذ عنصراً منها يحرك به حياته، وصاحب الخير إنما يأتي من فضل الله على العالمين. ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بالحق وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين}.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 11:06   رقم المشاركة : 5703
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 22:53   رقم المشاركة : 5704
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 فتاوي الشيخ عبدالسلام

سائل: ما حكم مَن يحلف على المصحف الشّريف؟

إنّ الحلف عبادة من العبادات ينبغي على المؤمن أن يُراعي فيه أحكام وآداب الإسلام، قال تعالى: {وَاحْفَظُوا أيْمَانَكُمْ} المائدة:89، وقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَجْعَلوا اللهَ عُرضَةً لأيْمَانِكُمْ} البقرة:224، وقال صلّى الله عليه وسلّم: “لا تَحلِفوا بآبائِكم من كان منكم حالفًا فليَحلِف بالله أو ليصمُت” أخرجه البخاري ومسلم.
والحلف بغير الله محرّم، لأنّ الحلف بالشيء تعظيم له، وعبودية له، فلا يجوز الحلف إلاّ بالله عزّ وجلّ. أمّا الحلف بالله على المصحف أو الحلف بالقرآن الكريم فقد أجازه بعض العلماء، لأنّ القرآن كلام الله سبحانه وتعالى تكلّم الله به حقيقة ذاتًا وصفة، فاعتبروا أنّ الحلف بالقرآن حلف بصفة من صفاته سبحانه وتعالى وذلك جائز.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 22:55   رقم المشاركة : 5705
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 فتاوي الشيخ عبدالسلام

سيّدة تقول: بعض الأشخاص يصدّقون كلّ ما ينقله لهم مَن لا شغل لهم إلاّ نقل الأخبار الخاصة بغيرهم؟

إنّ الإسلام جاء لجمع قلوب المؤمنين ويجعلهم متّحدين متّفقين، ونهاهم عن التفرّق والاختلاف، فنهى عن كلّ ما يؤدّي إليهما، قال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} آل عمران:103.
وعلى هؤلاء الأشخاص أن يتبيّنوا قبل أن يصدّقوا كلّ ما يُنقَل إليهم، قال الله تعالى: {يَا أيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} الحجرات:6، فقد يوقع ذاك النّقل وذاك التّصديق دون تثبت أو تبيّن الشّكوك وسوء الظنّ والاختلاف.
ثمّ إنّ الّذي يشتغل بنقل الأخبار بين النّاس عن غيرهم يكون مغتابًا والنّميمة والغيبة محرّمتان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال: “ذِكْرُك أخاك بما تَكره”، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: “إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه”، أخرجه الترمذي وأبو داود وهو حديث صحيح. والأولى أن تبيّن العيوب والأخطاء المخالفة للشّرع عن طريق النّصيحة، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: “الدّين النّصيحة ثلاثًا، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: “لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم”، أخرجه البخاري ومسلم.
ومسألة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مسألة عظيمة يتهاون فيها كثير من النّاس، فبتلك الحجّة يجرحون في الأشخاص وفي العلماء ويتناقلون الأخبار الخاطئة والصّحيحة للإيقاع بينهم، وما علموا أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر له شروط وقواعد، وقد ألّف العلماء فيها كتبًا، فلابدّ للآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر من علم وحِلم وصبر، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النّحل:125، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتّبَعَنِي} يوسف: 108، والبصيرة هي العِلم.
والدّين الإسلامي أولى قضية المصالح والمفاسد أهمية، فجعل الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر متعلّقًا بجلب المصالح ودرء المفاسد، وفي السّنَّة أمثلة كثيرة عن ذلك لا يسع المقام لذِكرها.. هذا ليتفطّن بعض الجهلة إلى ضرورة العلم قبل الغوص في أيّ أمر أو مسألة.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 22:56   رقم المشاركة : 5706
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 حرمة الاعتداء على النّفس الإنسانية --- د. عبد الحق حميش كلية الدراسات الإسلامية/ قطر

تطالعنا الأخبار – مع كلّ أسف – هذه الأيّام عن جرائم تقع في بلادنا يعتدى فيها على الآمنين المطمئنين، ولو بحثت عن أسباب هذه الجرائم تجدها أسبابًا تافهة، ممّا يستدعي الوقوف عند هذه الظاهرة الّتي بدأت تنتشر شيئًا فشيئًا.

لقد جاء الإسلام بالمحافظة على الضّروريات الخمس وهي حفظ الدِّين، والنّفس، والعقل، والمال، والنّسب؛ لأنّه لابدّ منها في قيام مصالح الدِّين والدّنيا، ولا يستقيم نظام إلاّ بوجودها وتحصيلها، فإذا اختلّت آلت حالة الأمّة في الدّنيا إلى فسادٍ وتلاشٍ، وفي الآخرة فوات النّجاة والنّعيم.

وجاء حفظ النّفس وصون الحقّ في الحياة؛ في الرتبة الثانية بعد حفظ الدِّين، وذلك لما لنفس الإنسان من حرمة ولما لدمه من عصمة، ولذلك شرع الإسلام كلّ ما من شأنه حفظ النّفس من التّلَف، وحرَّم كلّ ما من شأنه إهلاكها وإتلافها، فشرع ما ينظّم طريقة إيجادها، كما شرع ما يحفظ استمرارها ودوامها، ويأتي على رأس تلك التّشريعات تحريم الاعتداء على النّفس البشرية الّتي كرّمها الله تعالى، بأيّ صورة من صور الاعتداء، ابتداءً من الاعتداء على كرامتها، وانتهاءً بالاعتداء على حقّها في الحياة.

إنّ القتل يُشيع الفساد والخراب في البلاد، قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا..}، ولو أنّه أُبيح؛ لفتكَ القويُّ بالضّعيف واختلَّ الأمن، وأصبحت الحياة فوضى.

فحقّ الحياة للنّفس البشرية مقدّس عند الله تعالى، يستوي في ذلك المسلم وغير المسلم، والرجل والمرأة، والكبير والصغير، والجميع بشر متساوون في استحقاق الحياة. ومن حقّ الإنسان أن يعيش حياةً آمنةً مطمئنةً، ولهذا حَرَّم الله الاعتداء على النّفس.

والإسلام دين العدل والاعتدال، دين السّلم والمسالمة، دين المحبّة والتّقوى، والشّريعة الإسلامية شديدة الحرص على توجيه سلوك الإنسان وأخلاقه، وحماية حياته من أيّ اعتداء، وتكفل عزّته وكرامته.

جعل الاسلام للنّفس الإنسانية مكانة محترمة، فمدح في كتابه الكريم إحياء النّفس وذمّ قتلها فقال تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، وقال عزّ وجلّ: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

وبهذا تتضح خطورة الوقوع في الدّماء عامة ودماء المسلمين خاصة، فحُرمة دم المسلم لها ما لها عند الله تعالى من الحرمة والعصمة، والنّصوص المؤكّدة لهذا كثيرة متواترة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}، {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “لو أن أهل السّماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبّهُم الله في النّار” رواه الترمذي.

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ”. وقال الإمام النووي: أَكْبَر الْمَعَاصِي الشِّرْك وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاء فِيهِ. وَأَنَّ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقّ يَلِيه، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابنَا: أَكْبَر الْكَبَائِر بَعْد الشِّرْك الْقَتْل.

وإنّ من أهم الواجِبات والحقوق لكلّ مسلمٍ على أخيه المسلم: ألاّ يعتدِيَ عليه، ولا يتجاوزَ حقَّ الله فيه؛ إذ لكلّ مسلمٍ حقٌّ في حفظِ ضَروراتِه الخمس، انطلاقًا من قول الصّادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم: “كلّ المُسلم على المسلم حرام؛ دمُه ومالُه وعِرضُه}. فلا تعتدِي على مال أخيك المُسلم بسرقةٍ أو غصبٍ أو أكلٍ بغير رِضًا منه وطِيبة نفسٍ، ولا على عِرضِه بقذفِه أو انتهاكٍ له، ولا على عقله بتسليطِ فِكرٍ يُخرِجُه عمّا أوجبَ الله عليه، أو بإيقاعِه في المُسكِرات والمُخدِّرات والكُيوف الّتي تعبثُ بعقلِه الّذي كرَّمَه الله به، ولا تعتدِي على دمِه الّذي حرَّمَه الله إلاّ بالحقّ، وألاّ تُلحِقَ به نسَبًا ليس منه، أو تنسِبَه إلى غير أهلِه.

فكلُّ تجاوُزٍ على حقٍّ من حقوق المسلمين، أفرادًا كانوا أو مُجتمعًا، فإنّه وقوعٌ في الاعتِداء والعُدوان الّذي نهانا الله عنه بقولِه: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. لذا أمرَ الله بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والعُدوان؛ ليحيا النّاس حياةً كريمةً ملؤُها الوحدة والتّآخِي، والشّعور بحقِّ كلٍّ تجاه الآخر. وأيُّ تفريطٍ تقعُ فيه الأمّة فسيُحرِّشُ الشّيطانُ بينها، ويُذكِي نارَ العُدوان، والقهر، والبغضاء، وسفك الدّماء، والإفساد في الأرض، وجعل أهلها شِيَعًا يستضعِفُ بعضُهم بعضًا، ويلعنُ بعضُهم بعضًا. {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

وإنّ شأنَ العُدوان عظيم، وأنّ الاستِهانةَ به شرٌّ مُستطيرٌ، يصِلُ إلى حدِّ كبائر الذّنوبِ المقرونةِ بلعنٍ أو حدٍّ في الدّنيا، أو عقوبةٍ في الآخرة. لذا، يجبُ على الأمّة أن تُعنى بواقعِها حقَّ العناية، بدءًا من طفولة المسلم وتربيتِه التّربية الحسنة، لمحو صفة العُدوانية الّتي يُبتلَى بها بعضُ الأطفال، مرورًا بالشّباب والمُجتمعات، وانتِهاءً بالدول؛ لتشملها دائرة الأخلاق الكريمة، والعدل، والإنصاف، والمُساواة.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-17, 22:58   رقم المشاركة : 5707
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 مداخل السّلام على القلب والرّوح --- الشيخ الطاهر بدوي

الاعتقاد بالآخرة يؤدّي دوره الأساسي في إفاضة السّلام على روح المؤمن وعالمه، ونفي القلق والسّخط والقنوط.
وإنّ الحساب الختامي ليس في هذه الأرض، والجزاء الأوفى ليس في هذه العاجلة. وإنّ الحساب الختامي هناك، والعدالة المطلقة مضمونة في هذا الحساب. فلا ندم على الخير والجهاد في سبيله إذا لم يتحقّق في الأرض أو لم نلق جزاءه ولا قلق على الأجر إذا لم يوفّ في هذه العاجلة بمقاييس النّاس فسوف يوفاه بميزان الله.
ولا قنوط من العدل إذا توزّعت الحظوظ في الرّحلة القصيرة على غير ما يريد، فالعدل لابدّ واقع، {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} غافر:31، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} فُصّلت:46.
والاعتقاد بالآخرة حاجز كذلك دون الصّراع المجنون الّذي تداس فيه القيم وتداس فيه الحُرمات بلا تحرج ولا حياء. فهناك الآخرة فيها عطاء وفيها غناء وفيها عوض عمّا يفوت.
وهذا التصوّر من شأنه أن يفيض السّلام على مجال السباق والمنافسة، وأن يخلع التجمّل على حركات المتسابقين وأن يخفّف السُّعار الّذي ينطلق من الشّعور بأنّ الفرصة الوحيدة المتاحة هي فرصة هذا العمر القصير المحدود! -









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 07:02   رقم المشاركة : 5708
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

حدثنا يزيد ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة ، فيقول : يا رب ، أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك " .









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 17:47   رقم المشاركة : 5709
معلومات العضو
رشيد بوعافية
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رشيد بوعافية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" إذا عاد الرجل أخاه أو زارَه , قال الله له : طِبتَ وطابَ ممشاك , وتبوّأْتَ منزلاً في الجنَّة " . [الأدب المفرد للبخاري ]









أخاه أو زارَه ) :


أي : مريضاً ؛ أو زاره أي : صحيحاً فأو للتنويع ،والعيادة تستعمل غالباً في المرض والزيارة في الصحة ..


وفي " النهاية " : " كل من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عائد , وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأنّه مختصٌّ به " .










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 19:30   رقم المشاركة : 5710
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد بوعافية مشاهدة المشاركة
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا عاد الرجل أخاه أو زارَه , قال الله له : طِبتَ وطابَ ممشاك , وتبوّأْتَ منزلاً في الجنَّة " . [الأدب المفرد للبخاري ]


أخاه أو زارَه ) : أي : مريضاً ؛ أو زاره أي : صحيحاً فأو للتنويع ،والعيادة تستعمل غالباً في المرض والزيارة في الصحة ..
وفي " النهاية " : " كل من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عائد , وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأنّه مختصٌّ به "









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 19:52   رقم المشاركة : 5711
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد بوعافية مشاهدة المشاركة
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا عاد الرجل أخاه أو زارَه , قال الله له : طِبتَ وطابَ ممشاك , وتبوّأْتَ منزلاً في الجنَّة " . [الأدب المفرد للبخاري ]


أخاه أو زارَه ) : أي : مريضاً ؛ أو زاره أي : صحيحاً فأو للتنويع ،والعيادة تستعمل غالباً في المرض والزيارة في الصحة ..
وفي " النهاية " : " كل من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عائد , وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأنّه مختصٌّ به "









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-18, 23:49   رقم المشاركة : 5712
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعطى لله ومنع لله وأحب لله و أبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه.رواه الترمذي










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-22, 00:12   رقم المشاركة : 5713
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 صلاة الفجر تشكو حال المسلمين! -- الشيخ عبد المالك واضح إمام مسجد عمر بن الخطاب بن غازي ـ براقي

في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل وملائكة بالنّهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثمّ يعرج الّذين باتوا فيكم فيسألهم ربّهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلّون وأتيناهم وهم يصلّون”.

إذا وُفِّقت لصلاة الفجر والنّاس نيام، فاعلم أنّ الله يُحبّك وأنّك في ذمّته، عند الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَن صلّى الصّبح فهو في ذِمّة الله، فلا يتبعنّكم الله بشيء من ذمّته”، وإذا جلست في مصلاك والنّاس قد صلّوا الفجر وانطلقوا إلى فرشهم وأنتَ جالس، فاعْلَم أنّ الله يُحبّك أكثر منهم، وإذا ركعتَ أربعًا من الضُّحى فاعلم أنّ الله يُحبّك، وإذا حافظتَ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها، وخشعت لله في صلاتك فاعلم أنّ الله يُحبّك. قامت جارية تصلّي من اللّيل فأيقظت سيّدها فأبى الاستيقاظ، فكرّرت المحاولة فأبى، فتوضّأت وأحسنت الوضوء وانطلقت تصلّي، فقام قبيل الفجر بقليل، وليس من قام ساعة كمَن قام ساعات، وليس من وقف عند الباب دقيقة كمَن يقف عند الباب ساعة، فبحث عنها فوجدها في ناحية من نواحي البيت تُصلّي ساجدة تناجي ربّها وتقول: اللّهمّ إنّي أسألك بحُبِّك لي إلاّ غفرتَ لي، فلمّا انتهت من صلاتها قال لها سيّدها: من أين عرفتِ أنّه يُحبّك، قالت: أما أَنامَك وأقامني بين يديه؟ أما وفّقني للقيام وأنتَ تغطّ في سبات عميق؟ فلا يوقف بين يديه إلاّ الّذين يحبّهم.
إنّ صلاة الفجر تشكو من زمن وليس من اليوم، فالصّفوف تنقص، ونحن في أزمات، وعند الأزمات لا بدّ أن نصدُق مع الله، فلن تنفرج الأزمات إلاّ إذا صدقنا مع الله، إذا أردنا النّصر فلنصلِّ الفجر؛ لأنّ صلاة الفجر انتصار على النّفس، وانتصار على الشّهوات، وانتصار على الرّغبات، وانتصار على الشّيطان. جاء عند الترمذي: “طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرّات، إحداهن بالتّراب”، وتأمّل الحديث الآخر: سئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن رجل نام عن صلاة الفجر حتّى أشرقت الشّمس؟ فقال: “ذاك رجل بال الشّيطان في أذنيه”، الآن بول الكلب أو بول الشّيطان؟ بول الشّيطان، فإذا استيقظ هذا الّذي بال الشّيطان على أذنيه أوّل شيء عليه أن يقوم به أن يغسل أذنيه سبعًا إحداهن بالتّراب!
تالله إنّ مأساتنا مع الفجر كبيرة، فبيوت المسلمين تعيش في غفلة، الشّيطان يبُول على آذان أهلها في كلّ يوم، فكيف يتغيّر الواقع؟ إذا أردتَ أن تعرف مقدار المأساة فاخرج إذا أَذَّن الفجر إلى الشّوارع فإنّك لا تكاد ترى سيارة تتحرّك، ولا تكاد ترى بشرًا يسيرون في الطرقات، ثمّ مُر بجانب البيوت فإنّك لا تسمع صوتًا، وتدخل المسجد فتجد آباء وكبارا في السن وقلّة قليلة من الشّباب الّذين هداهم الله، ثمّ قُم واخرج بعد صلاة الفجر بساعة مثلاً إلى الشّوارع فسترى الزّحام والأصوات من كلّ مكان، سبحان الله! كيف ننتصر على أعدائنا ونحن لم ننتصر على أنفسنا؟ {إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}، وحتّى الشّباب الصّالح الملتزم كثير منهم تراه يصلّي سُنّة الفجر بعد الفجر، وترى كثيرًا من الشّباب الصّالح تفوته الرّكعة والرّكعتان، وقد كان الجيل الأوّل يقولون: إذا رأيت الرجل تفوته تكبيرة الإحرام فاغسل يديك منه، فكيف إذا رأونا؟ عند الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه: “مَن صلّى لله في جماعة أربعين يوما يدرك تكبيرة الإحرام كُتبت له براءتان: براءة من النّار، وبراءة من النّفاق”، فماذا نريد أكثر من هذا؟ إذا جاءنا صك براءة من النّار، فهذا يعني أنّنا من أهل الجنّة، وصك براءة من النّفاق، وهذا يعني أنّنا سنسلم من الفتن. هذا سعيد بن المسيب لم تفته تكبيرة الإحرام 40 سنة، وهذا الإمام الأعمش يقول لبناته ساعة وفاته: على ماذا البكاء وأنا 50 عامًا لم تفتني صلاة الجماعة!
فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، ومَن يطلب الحوراء لم يغلها المهر، رأى عمر رجلاً يُصلّي مرّة صلاة عجيبة أُعجب بها عمر صاحب الفِراسة، فقال بعد أن انتهى الرجل من صلاته: ائتوني بهذا الرّجل، فلمّا جاءه قال له عمر: نريد أن نستخدمك في بعض أمورنا، قال: يا أمير المؤمنين أنا لا أصلح لجمع الصّدقات والزّكوات، وإنّما أصلح للموت في سبيل الله، فقال عمر: من أجل هذا أردناك، فعيّنه قائدًا على جيش من جيوشه، إنّه النعمان بن المقرن المُزَني رضي الله عنه، فقد عرفه عمر من صلاته، وقد بدأ الله صفات الفلاح بالصّلاة وختمها بالصّلاة فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ}.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-22, 00:13   رقم المشاركة : 5714
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 غاية الوجود الإنساني ومدلول العبادة -- الشيخ طاهر بدوي -

إنّ هناك غاية معيّنة لوجود الجن والإنس، تتمثّل في وظيفة مَن قام بها وأدّاها فقد حقّق غاية وجوده، ومَن قصّر فيها أو نكل عنها فقد أبطل غاية وجوده وأصبح بلا وظيفة وباتت حياته فارغة من القصد، خاوية من معناها الأصيل، الّذي تستمد منه قيمتها الأولى، وقد انفلت من الناموس الّذي خرج به إلى الوجود، وانتهى إلى الضياع المطلق، الّذي يصيب كلّ كائن ينفلت من ناموس الوجود الّذي يربطه ويحفظه ويكفل له البقاء.

هذه الوظيفة المعيّنة الّتي تربط الجن والإنس بناموس الوجود، هي العبادة لله وحده، أو هي العبودية لله سبحانه، أن يكون هناك عبد وربّ، عبد يَعبُد وربّ يُعبَد، وأن تستقيم حياة العبد كلّها على أساس هذا الاعتبار.

ومن ثمّ يبرز الجانب الآخر لتلك الحقيقة الضخمة، ويتبيّن أنّ مدلول العبادة لابدّ أن يكون أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشّعائر. فالجنّ والإنس لا يقضون حياتهم في إقامة الشّعائر، والله لا يكلّفهم هذا وهو سبحانه يكلّفهم ألوانًا أخرى من النشاط تستغرق معظم حياتهم، وقد لا نعرف نحن ألوان النّشاط الّتي يكلّفها الجن ولكنّنا نعرف حدود النشاط المطلوب من الإنسان. نعرفها من القرآن من قول الله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة:30، فهي إذن الخلافة في الأرض، الخلافة الّتي تقتضي ألوانًا من النّشاط الحيوي في عمارة الأرض والتعرّف إلى قواها وطاقاتها، وذخائرها ومكنوناتها، وتحقّق إرادة الله تعالى في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيها.
كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة الله في الأرض لتحقيق المنهج الإلهي الّذي يتناسق مع النّاموس الكوني العام.









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-22, 00:15   رقم المشاركة : 5715
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










B9 نعمة النّوم باللّيل وآفة السّهر --- الشّيخ بشير شارف إمام مسجد الرّحمان – براقي -

ممّا علّمه الله تعالى البشرَ وجعله قانونًا في حياتهم النّوم باللّيل والسّعي بالنّهار، فالله تعالى حين خلق الخلق وأسكنهم الأرض؛ هداهم لما ينفعُهم، وصرفهم عمّا يَضرُّهم، وجعل من فطرتهم سعيهم في منافعهم، وفرارُهم ممّا يهلكهم، فلا يحتاجون إلى دراسةٍ وتعلّمٍ وتفكير، ولا إلى مهارةٍ وذكاء وتدبير؛ حتّى يأخذوا بما ينفعهم ويتركوا ما يضرّهم، مثل

نومِهم باللّيل ومعاشِهم بالنّهار، فطرة الله الّتي فطر الخلق عليها، ولا يُغالب أحد سُنّة الله تعالى فيه إلاّ هلك؛ ولذا كان النّوم من النّعم الّتي يفرح بها الإنسان، والأرق من النّقم الّتي يُبتلى بها.

الله تعالى جعل اللّيل للنّوم والهدوء والسّكون، وجعل النّهار للسّعي والحركة والكسب، فسكون اللّيل وظُلمتُه يدعوان للهدوء والنّوم، ونور النّهار وصخبه يدعوان للنّشاط والاستيقاظ، وهذه السُّنة الربّانية آية من آياته سبحانه في الأرض، حتّى كانت آيةً من آياته الدالة على ربوبيته، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}.
لقد كان النّاس قديمًا يستيقظون مع أول خيوط الفجر، ويشتغلون في أعمالهم مستفيدين من ضوء النّهار، فما يُدركون المساء ولا يُصلّون العشاء إلاّ ورؤوسهم تخفق من شدّة التّعب والنّعاس، فيُصلون وينامون طلبًا للرّاحة والاستعداد ليوم جديد، فما يمرّ الثلث الأوّل من اللّيل أو نصفه إلاّ وقد استرجع الجسم نشاطه، فيقوم أهل التعبّد في ثلثه الآخِر يتهجّدون، ويصلّي النّاس الفجر في المساجد، فلا يأتي الضُّحى إلاّ والمزارع والأسواق والدكاكين تعجّ بالحركة، ولا أحد منهم في فراشه. أمّا اليوم وبعد أن انعكست الفِطَرُ، وقُلبت السُنن، أضحت بعض البيوت في الضّحى كأنّها المقابر في وحشتها وسكونها، وأمسى العشي يضجّ بالحركة، وصار اللّيل يؤرّق لما فيه من صخب وإزعاج، بعد أن انقسمت بعض البيوت إلى قسمين، الموظفون الجادون منهم ينامون باللّيل ويعملون بالنّهار، وآخرون لا شُغل لهم فهم يسهرون اللّيل وينامون بالنّهار، فلا يكاد قسم منهم يرى القسم الآخر وإن أظلّهم سقف واحد، وهذا من آفات المجتمعات عندما تتنكر لسُنن الله ولا تلتزم ما فطرها عليه، فيخرجون ممّا فيه عظيم مصلحتهم ومنفعتهم، إلى ما فيه تعاستهم واختلافهم.

إنّ من الآفات السيّئة الّتي طرأت على المجتمع مع ظهور التقنية وتطوّر الحضارة الإنسانية: السّهرُ، ولقد تأثّرت المجتمعات المسلمة بهذه الآفة تأثيرًا سلبيًا كبيرًا، عكس المجتمعات الغربية الّتي نسعى وراء تقليدها، فالسّهر وإن كان موجودًا في المجتمعات الغربية إلاّ أنّهم سلموا من تَبِعاته، يظهر ذلك في جِدِّهم في أعمالهم، ونشاطهم في صباحهم، وشدّة محاسبتهم في حال إخلالهم من جهة، ومن جهة أخرى أنّ بلادهم لمّا كانت في جهة الشّمال كان ليلهم أطول ونهارهم أقصر، فيحتاجون إلى جزء من اللّيل لتمام أنشطتهم، فهم وإن كانوا يسهرون فإنّ مصالحهم تسير وفق ما يحتاجون، بينما يترتّب في مجتمع المسلمين مُقابل السّهر تأخّر في الالتحاق بميادين النشاط، وفتور في ساعات العمل، بل وحتّى في حال السّهر تنخفض نسبة الأمن والمواصلات، وترتفع درجة الجريمة والآفات، فلا نحن نتمتّع في حال السّهر، ولا نحن ننتج ونعمل وقت النّشاط، وقد متّع الله أغلب مجتمعات المسلمين بنهارٍ كافٍ، وليل معتدلٍ، وكفانا شرّ قلب السّنن وخلط مصالح اللّيل بمصالح النّهار، وزادنا من فضله أن شرّع لنا من الدّين آدابًا في التّعامل مع الأوقات، وكيفية إراحة الجسم الرّاحة المعتدلة، والمحافظةِ على مصالح الدّنيا والآخرة.

إنّ الأصل في السّهر أنّه مذموم إلاّ لمصلحة راجحة، وبشرط أن لا يُخل بشعيرة واجبة؛ لأنّ عمومات القرآن دالة على أنّ اللّيل جُعل للسّكن والنّوم، وجُعل النّهار للحركة والانتشار، ثمّ جاءت السنّة النّبويّة تعزّز هذه الآيةَ الربّانية في البشر لتجعلها وفق الفطرة السوية. فعن أَبِي بَرْزَةَ رضي الله عنه أَنَّ “رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم كان يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا” متفق عليه.

وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يَذُمُّ السّهر ويعيبه؛ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: “كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَجْدِبُ لَنَا السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ” أي: يعيبه ويذُمه. ولم يرخّص صلّى الله عليه وسلّم في السّهر إلاّ لمن له حاجة تدعو للسّهر كمَن يُصلّي أوّل اللّيل يخشى أن لا يقوم آخره، أو من كان مسافرًا، أو لحديث يُذكِّر بالآخرة، أو لعمل لا بدّ منه كحراسة أو نحوها من مصالح المسلمين، أو لعمل لا يمكن إنجازه إلاّ في الليل، أو لا يحتمل التّأخير، أو لحفظ الأمن والأعراض من أهل رجال الشرطة ونحوهم---









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
القسم, تلميذ(ة), تخفيظ, جيدة, زريف


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc