فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 32 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-03-09, 17:53   رقم المشاركة : 466
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يتعارض تحديد جنس الجنين مع كون الله تعالى هو الذي يهب الذكور والإناث

السؤال

سؤالي بخصوص جنس الطفل ، ولقد قرأت إجابة سؤال بخصوص توظيف الخطة الغذائية

وقد تعجبت بالفعل حول كيفية الطرق الفعالة لتحديد جنس الطفل في الشهر الثالث من الحمل ، أليس الله تعالى هو الذي يحدِّد جنس الطفل بغض النظر عن تلك الأساليب التي يتم استخدامها لتحديده ؟ .


الجواب


الحمد لله

أولاً:

لا شك أن الله سبحانه وتعالى قد استأثر بعلم ما في الأرحام

كما قال تعالى : (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) الرعد/ 8 .

وقد أخبر تعالى عن نفسه أنه هو الذي يخلق ما يشاء ، وأنه هو الذي يهب الإناث والذكور .

قال تعالى : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى/ 49 ، 50.

قال ابن كثير رحمه الله :

(يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا) أي : يرزقه البنات فقط .

( وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) أي : يرزقه البنين فقط .

( أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ) أي : ويعطي مَن يشاء مِن الناس الزوجين الذكر والأنثى ، أي : من هذا ، وهذا .

( وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) أي : لا يولد له .

فجعل الناس أربعة أقسام ، منهم من يعطيه البنات ، ومنهم من يعطيه البنين ، ومنهم من يعطيه من النوعين ذكوراً وإناثاً ، ومنهم مَن يمنعه هذا وهذا ، فيجعله عقيماً لا نسل له ، ولا يولد له .

" تفسير ابن كثير " ( 7 / 216 ) مختصراً .

ثانياً :

سبق في جواب السؤال القادم أن نقلنا عن بعض الأطباء أنه يمكن تحديد جنس الجنين عن طريق اتباع الأم نظاماً غذائياً معيناً ، وهذا ـ إن ثبت ـ لا ينافى أن الله تعالى هو الخالق ، وهو الذي يهب الذكور والإناث .

وذلك لأن الله تعالى من حكمته أنه يجعل الشيء مرتبطاً بسببه ، كما أن الله تعالى هو الشافي ويجعل لذلك سبباً ، وهو تناول الدواء المناسب ، أو الدعاء والرقية .

والله تعالى هو المميت ويقدر لذلك أسباباً كالحوادث والأمراض وغيرها .

والله تعالى هو الرزاق ويقدر أسباب ذلك .

والله تعالى هو الذي ينزل المطر ويقدر أسباب ذلك من الرياح الباردة ، ووجود السحاب ... إلخ .

والله تعالى هو الذي يخلق البشر ويقدر أسباب ذلك كالزواج ، فكذلك هو الذي يخلق الذكر والأنثى ، ويقدر أسباب ذلك أيضاً .

والإسلام ينظر إلى الأسباب نظرة وسطية بين النافي لها ، والمغالي فيها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وإن كان الله تعالى قد جعل لها أسباباً ، فالسبب لا يستقل بنفسه ، بل لا بد له من معاون ، ولا بد أن يمنع المعارض المعوق له ، وهو لا يحصل ويبقى إلا بمشيئة الله تعالى ,

ولهذا قيل : " الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع" انتهى .

"الفتاوى الكبرى" (5/231) .

فالسبب لا يثمر ما يراد منه إلا بمشيئة الله تعالى ، فقد تتبع الأم النظام الغذائي غير أن الله تعالى لا يقدر لها حصول ما تريد ، بل لا يكون إلا ما يريده الله تعالى .

ثالثاً :

يجب التنبيه إلى أن هناك طرقاً لتحديد جنس المولود يسوَّق لها :

1. منها ما يحتوي على خرافات وشعوذة – كالجدول الصيني - .

وينظر التفصيل فيه جواب السؤال بعد القادم

2. ومنها ما هو محرَّم مما يقتضي الكشف على العورات .

3. ومنها ما هو بعيد عن الواقع العلمي ، وإنما هو محض تجارة .

ولا يجوز في هذا الباب إلا ما كان مباحاً ، مثل :

استعمال نظام تغذية معين ، أو اختيار توقيت للجماع .

مع التوكيد على ترك استعمال حتى هذه الأمور المباحة ، والتسليم بقضاء الله وتقديره ، وربط ذلك بضرورة ، أو حاجة ماسة ، ومع التنبيه على عدم التعلق بتلك الوسائل ، بل يكون القلب معلقاً بالله تعالى متوكلاً عليه .

وقد صدر قرار من "مجمع الفقه الإسلامي" يجلِّي الأمر ، ويوضحه ، وجاء فيه :

"الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " برابطة العالم الإسلامي

في دورته التاسعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 22 – 26 شوال 1428هـ ، التي يوافقها 3 - 7 نوفمبر 2007م قد نظر في موضوع : " اختيار جنس الجنين "

وبعد الاستماع للبحوث المقدمة ، وعرض أهل الاختصاص ، والمناقشات المستفيضة : فإن " المجمع " يؤكد على أن الأصل في المسلم التسليم بقضاء الله وقدره ، والرضى بما يرزقه الله من ولد

ذكراً كان ، أو أنثى ، ويحمد الله تعالى على ذلك ، فالخيرة فيما يختاره الباري جل وعلا ، ولقد جاء في القرآن الكريم ذم فعل أهل الجاهلية من عدم التسليم والرضى بالمولود إذا كان أنثى

قال تعالى : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) النحل/ 58 ، 59

ولا بأس أن يرغب المرء في الولد ذكراً كان ، أو أنثى ، بدليل أن القرآن الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الولد الذكر ، وعلى ضوء ذلك : قرر " المجمع " ما يلي :

أولاً : يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبيعية ، كالنظام الغذائي ، والغسول الكيميائي ، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة ؛ لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها .

ثانياً : لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين ، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية ، التي تصيب الذكور دون الإناث ، أو بالعكس ، فيجوز حينئذٍ التدخل

بالضوابط الشرعية المقررة ، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة ، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول

تقدِّم تقريراً طبيّاً بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي ، ومن ثمَّ يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك .

ثالثاً : ضرورة إيجاد جهات للرقابة المباشرة والدقيقة على المستشفيات ، والمراكز الطبية التي تمارس مثل هذه العمليات في الدول الإسلامية

لتمنع أي مخالفة لمضمون هذا القرار ، وعلى الجهات المختصة في الدول الإسلامية إصدار الأنظمة والتعليمات في ذلك .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

"قرار رقم : 112 (6/19)" .

والله أعلم








 


قديم 2019-03-09, 17:56   رقم المشاركة : 467
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم استخدام " الجدول الصيني " في تحديد جنس الجنين

السؤال

ما حكم استخدام الجدول الصيني في تحديد جنس الجنين ؟ .

الجواب

الحمد لله


ما يسمى " الجدول الصيني " هو ضرب من ضروب الكهانة ، والشعوذة ، وهم يزعمون أنه من الممكن التحكم في جنس المولود عن طريق معرفة عمر الأم

ومعرفة تاريخ بداية الحمل ، فبمعرفة عمر الأم – وعلى الأم أن تضيف سنة على عمرها الحقيقي ! لأن هذا هو العمر في التقويم الصيني ! - : يمكنها تحري الإخصاب في الشهر الذي يكون معه الحمل إما ذكر

أو أنثى ! فصار فيه محظوران :

الأول : زعمهم أن من كان عمرها كذا ، وحملت في الشهر المعيَّن : يكون حملها ذكراً ، أو أنثى – بحسب الجدول - .
والثاني : أنه يستعمل لمن حملت أصلاً لتعرف جنس جنينها ! .

ولا علاقة لعمر الأم وتاريخ حملها بتحديد جنس جنينها في عالم الطب ، فيظهر أن هذا الجدول له تعلق بالديانة البوذية ، وعلم النجوم والأبراج ، كما أن معرفة جنس الجنين قبل تخلقه من الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله .

وقد ثبت كذب هذا الجدول في كثير من الحالات ، ومن اغتر بصدقه في إصابة الأمر معه في حالاته الخاصة فإنما هذا من موافقة ذلك لقدر الله تعالى

والأمر قائم بين احتمالين فقط ، لذا فنسبة الموافقة يمكن أن تكون كبيرة ، وكون المولود ذكراً أو أنثى هو من علم الغيب

ومن ادعى معرفته به : فهو كذَّاب أشِر ، وإذا كان الملَك الذي يُؤمر بنفخ الروح فيه لا يَدري عن نوعه حتى يأمره ربه ، فأنَّى لهؤلاء أن يعرفوا نوعه قبل تخلقه ؟! .

والصينيون أحوج الناس لهذا الجدول ليتحكموا من خلاله بنوع مولودهم ، وقد حرَّمت السلطات عليهم إنجاب أكثر من مولود ! وغالبيتهم يريدون " ذكراً "

وقد انتشر بينهم إجهاض الإناث ؛ لأنه لا يريد السماح باستمرار حمل ليس فيه النوع الذي يريد .

وقد أعلمنا ربنا تعالى أنه هو وحده الذي يهب ما يشاء من الذكور والإناث دون غيره ، فهو مالك السموات والأرض ، وهو الخالق وحده لا شريك له

قال تعالى : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) الشورى/ 49،50 .

ولا شك أن واضع هذا الجدول ليس في اعتقاده ، ولا في ذهنه أن الله تعالى هو الذي يخلق ما يشاء ، وهو الذي يهب ما يشاء من الذكور أو الإناث ، وإنما منطلق هذا الواضع عقيدته الخرافية .

وهناك أمور أخرى في هذا الجدول :

أ. أنه يحدد أعمار الأمهات من سن 18 إلى 45 فقط ! فأين مَنْ قبلُ ، ومَنْ بعدُ ؟! .

ب. ما القول في الآلاف اللاتي ينجبن توأمين فأكثر ؟! وأحياناً كثيرة تلد الأم توأمين ذكراً وأنثى ! فأين هذا في الجدول ؟! فهو ليس فيه ذكر للتوائم مطلقاً .

وقد صدرت فتوى من علماء اللجنة الدائمة تحذِّر من الاغترار بهذا الجدول ، وتمنع من نشره بين الناس .

فقد سئل علماء اللجنة الدائمة : انتشر بين بعض النساء ورقة ، وهو ما يسمى " الجدول الصيني " ، وفيه تحديد نوع المولود هل هو ذكر أم أنثى

عن طريق معرفة عمر الأم ، ومعرفة الشهر الميلادي ( الإفرنجي ) الذي ظهر فيه بداية الحمل ، حسب الصورة المرفقة مع السؤال .

فهل هذا يمكن للأطباء تحديده ، وما حكم الشرع في نظركم في هذا الجدول وأمثاله ؟

فأجابوا :

"معرفة نوع المولود هل هو ذكر أم أنثى قبل تخليقه : لا يعلمه إلا الله سبحانه ، وأما بعد تخليقه : فيمكن ذلك بواسطة الأشعة الطبية ، مما أقدر الله عليه الخلق .

وأما تحديد نوعه بموجب الجدول المشار إليه : فهو كذب ، وباطل ؛ لأنه من ادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، ويجب إتلاف هذا الجدول وعدم تداوله بين الناس" انتهى .

الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 2 / 17 ) .

والله أعلم









قديم 2019-03-09, 18:02   رقم المشاركة : 468
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحديد جنس الجنين باستعمال نظام تغذية خاص

السؤال

هل هناك نظام غذائي معين للرجل أو للمرأة حتى ينجبا ولداً ؟

الجواب

الحمد لله


تحديد جنس الجنين هو مِن قدر الله سبحانه وتعالى ، يُؤمر المَلك بكتبه كما أراده سبحانه وتعالى في قضائه الأزلي

وهو القائل سبحانه وتعالى : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الشورى/49 .

وكما أن من أراد أن يرزقه الله بالذرية الصالحة لا بد أن يأخذ الأسباب أولاً ، بالزواج والجماع الحلال

فكذلك لا حرج على من أراد أن تكون ذريته ذكراً أو أنثى بخصوصه أن يتخذ الأسباب التي تثبت بالتجربة أو بالعادة أو بالعلم الحديث .

وقد جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي مقررا هذه الجزئية ، فكان مما جاء فيه :

" يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبعية ؛ كالنظام الغذائي ، والغسول الكيميائي ، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة ؛ لكونها أسبابًا مباحة لا محذور فيها " انتهى .

فمن أراد الاطلاع على الطرق الطبيعية الصحيحة في تحديد جنس الجنين ، يمكنه مراجعة كلام الأطباء والمتخصصين في هذا الشأن ، ونحن نساعد القارئ الكريم بنقول من بحث علمي للدكتور عبد الرحمن اليحيى ، يقول فيه

: " يؤثر الغذاء على عملية تحديد جنس الجنين من ناحيتين :

الأولى : يغير الوسط الحمضي والقاعدي في عنق الرحم والمهبل . فالبوتاسيوم والصوديوم يحول الوسط إلى قاعدي ، وبالتالي أكثر فرصة لإنجاب الذكور .

أما المغنيسيوم والكالسيوم يجعل الوسط حامضياً ، وبالتالي أكثر فرصة لإنجاب الإناث .

الثانية : التغير في جدار البويضة لزيادة مدى استقبالية البويضة للحيوان الذكري أو الأنثوي . أثبتت الأبحاث بأن تغذية المرأة كان لها تأثير في عملية اختيار جنس المولود

وذلك بتأثيره على المستقبلات التي ترتبط بها الحيوانات المنوية في جدار البويضة , والتي عن طريقها تخترق الجدار ويحدث التلقيح .

إن للتوازن الأيوني للصوديوم والبوتاسيوم مقابل الكالسيوم والمغنيسيوم تأثير حيوي على هذه المستقبلات

مما يؤدي إلى حدوث تغييرات على مركبات الجدار ، والذي بدوره يؤثر على انجذاب الحيوانات المنوية الذكرية أو الأنثوية .

وتأثير هذه الأيونات بصورة مبسطة ، فإن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم يحدث تغييرات على جدار البويضة لجذب الحيوان المنوي الذكري

واستبعاد الحيوان المنوي الأنثوي ، وبالتالي نتيجة التلقيح تكون ذكراً . والعكس صحيح ، فإن زيادة نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدم

وانخفاض الصوديوم والبوتاسيوم : يجذب الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الأنثوي ، ويستبعد الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الذكري ، وبالتالي تكون نتيجة التلقيح والحمل أنثى .

ولاتباع هذه الطريقة فعلى السيدة اتباع حمية غذائية لمدة زمنية لا تقل عن الشهرين

تدعم بها المخزون الغذائي الذي يشجع الجنس المرغوب به ، ونرفق جدولاً غذائياً يوضح المصادر الغذائية للكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والصوديوم ...
. .
وعلى المرأة التي تريد تحديد جنس المولود مسبقاً أن تتبع الحمية لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل قبل الحمل ( بدون استعمال موانع حمل هرمونية ، وإنما باستعمال موانع ميكانيكية مثل الكبوت للرجل )

ويستحسن أن يتبع الزوج كذلك هذا النظام الغذائي ، وذلك إن لم يكن ضرورياً بالنسبة له ، فعلى الأقل يكون عاملاً مساعداً نفسياً للزوجة لتتقيد بالنظام الغذائي .

كما يجب على المرأة أن تستمر في النظام الغذائي حتى تتأكد من الحمل ,

فإذا حملت يجب فوراً ترك هذا النظام الغذائي ، وأخذ جميع المواد الضرورية لجسمها وجسم جنينها حسب ما يصفه الطبيب " انتهى .

"المختصر المفيد في تحديد جنس الوليد للدكتور عبد الرحمن اليحيى" (ص/25-26) .

والله أعلم .









قديم 2019-03-09, 18:05   رقم المشاركة : 469
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً )

السؤال

فيما يتعلق بالآية/79 من سورة البقرة ( فويل للدين يكتبون الكتاب بأيديهم ...)، ما الذي كانوا يجنونه من تغيير وتحريف الكتب بعد نزولها

وهل المعنى المقصود من كلمة ( بيع ) أنهم كانوا يبيعون تلك الكتب المحرفة للناس ليتكسبوا منها أرباحا من بيعها ؟


الجواب

الحمد لله


توعد الله تعالى في هذه الآية أولئك المحرفين للكتاب ، المبدلين للشرائع ، الخائنين لأمانة العلم والدين : بالويل والعذاب والهلاك يوم القيامة

فقد حرفوا بالزيادة والنقصان ، وقالوا هذا من عند الله كذبا وزورا ، وغرضهم بذلك التحريف أن ينالوا من حطام الدنيا الفانية، وذلك يتمثل بأمور عدة :

أولا : جاه الدنيا بالاحتفاظ بمناصب الرئاسة التي كان يتمتع بها كبراء اليهود وأحبارهم ، فقد علموا أنهم إن آمنوا وأسلموا فقد أقروا بزعامة النبي الجديد

وفقدوا بذلك ما كانوا يتكبرون ويتعالون به على الناس ، وانصرف عنهم أتباعهم لاتباع النبي الجديد

فحذفوا من كتبهم كل بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكتموا ما لديهم من علم في هذا الشأن ، فاشتروا الدنيا الفانية بالآخرة الباقية .

قال البغوي رحمه الله :

" وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مأكلتهم ، وزوال رياستهم ، حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإيمان به

فعمدوا إلى صفته في التوراة ، وكانت صفته فيها : حسن الوجه ، حسن الشعر ، أكحل العينين ، ربعة ، فغيروها وكتبوا مكانها : طوال ، أزرق ، سبط الشعر

فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرءوا ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته ، فيكذبونه وينكرونه

قال الله تعالى : ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ) يعني ما كتبوا " انتهى.

" معالم التنزيل " (1/115)

وقال القرطبي رحمه الله :

" قال ابن إسحاق والكلبي : كانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم ربعة أسمر ، فجعلوه آدم سبطا طويلا ، وقالوا لأصحابهم وأتباعهم :

انظروا إلى صفة النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبهه نعت هذا ، وكانت للأحبار والعلماء رياسة ومكاسب ، فخافوا إن بينوا أن تذهب مآكلهم ورياستهم ، فمن ثم غيروا " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (2/9)

ثانيا : المال القليل مقابل صحف وكتب كتبها بعض أحبار أهل الكتاب بأيديهم لبيعها على بعض جهلة الناس فيتكسبوا من وراء ذلك

وكان من بخلهم وخيانتهم أن غشوهم في كلام الله عز وجل ، فقالوا هذه الكتب من عند الله وما هي من عند الله .

قال قتادة رحمه الله :

" كان ناس من بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم ليتأكلوا الناس ، فقالوا : هذا من عند الله ، وما هو من عند الله " انتهى.

ويقول السدي رحمه الله :

" كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ، ويحدثونهم أنه مِن عند الله ، ليأخذوا به ثمنا قليلا " انتهى.

" جامع البيان " (2/270-271)

وذكر العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله وجهين آخرين من أوجه الأطماع الدنيوية التي حملت بعض أهل الكتاب على تحريف كتبهم ، فقال رحمه الله :

" الثمن المقصود هنا هو إرضاء العامة ، بأن غيروا لهم أحكام الدين على ما يوافق أهواءهم . أو انتحال العلم لأنفسهم مع أنهم جاهلون ، فوضعوا كتبا تافهة من القصص والمعلومات البسيطة ليتفيهقوا بها في المجامع

لأنهم لما لم تصل عقولهم إلى العلم الصحيح ، وكانوا قد طمعوا في التصدر والرئاسة الكاذبة ، لفقوا نتفا سطحية ، وجمعوا موضوعات وفراغات لا تثبت على محك العلم الصحيح

ثم أشاعوها ، ونسبوها إلى الله ودينه ، وهذه شنشنة الجهلة المتطلعين إلى الرئاسة عن غير أهلية ، ليظهروا في صور العلماء لدى أنظار العامة ومن لا يميز بين الشحم والورم " انتهى.

" التحرير والتنوير " (1/577)

والله أعلم .









قديم 2019-03-09, 18:08   رقم المشاركة : 470
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يثبت شيء في المكان الذي أهبط إليه آدم من الأرض

السؤال

هل صحيح أن آدم عليه السلام هبط في الهند ، وأن حواء هبطت في جدة ؟

الجواب

الحمد لله

الثابت المقطوع به في القرآن الكريم هو أن آدم وحواء عليهما السلام أهبطا من الجنة إلى الأرض بعد أن أكلا من الشجرة :

قال تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) البقرة/36.

وأما عن المكان الذي أهبطا إليه من الأرض فلم يذكر القرآن الكريم عنه شيئا ، كما لم يرد في السنة النبوية المرفوعة من الأحاديث الصحيحة ما يوضح ذلك

وإن كانت قد رويت بعض الأحاديث الضعيفة ، كحديث ( نزل آدم الهند واستوحش ..) رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7/437)، وضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/403)

كما رويت أحاديث أخرى في هذا الباب ولكن أسانيدها ضعيفة جدا.

وما صح في هذا الشأن إنما هي أقوال لبعض السلف ، الغالب أنهم أخذوها من علوم أهل الكتاب المنقولة في زمانهم ، ومثل هذه الأخبار لا يعتمد عليها

ولا يوثق بها ، ولا يجوز الإيمان بما جاء فيها مما سكتت عنه شريعتنا ، وإنما تروى وتحكى للاستئناس فقط .

ومع ذلك فقد اختلفت الأقوال الواردة في هذا الشأن :

فمنهم من قال : أهبط آدم إلى الهند ، وأهبطت حواء بجدة .

ومنهم من قال : أهبطا جميعا بالهند .

ومنهم من قال : أهبط آدم بأرض بين مكة والطائف اسمها " دحنا ".

ومنهم من قال : أهبط آدم بالصفا ، وأهبطت حواء بالمروة .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" وقال السدي : قال الله تعالى : ( اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ) فهبطوا ، فنزل آدم بالهند ، ونزل معه الحجر الأسود

وقبضة من ورق الجنة ، فبثه بالهند ، فنبتت شجرة الطيب ، فإنما أصل ما يجاء به من الهند من الطيب من قبضة الورق التي هبط بها آدم ، وإنما قبضها آدم أسفا على الجنة حين أخرج منها .

وقال عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهبط آدم من الجنة بِدَحْنا ، أرض الهند .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها : دَحْنا ، بين مكة والطائف .

وعن الحسن البصري قال : أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بدَسْتُمِيسان من البصرة على أميال ، وأهبطت الحية بأصبهان . رواه ابن أبي حاتم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن ابن عدي ، عن ابن عمر ، قال : أهبط آدم بالصفا ، وحواء بالمروة " انتهى.

" تفسير القرآن العظيم " (1/237)

وكلها أقوال لا دليل عليها .

والله أعلم .









قديم 2019-03-09, 18:12   رقم المشاركة : 471
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

تفسير قوله تعالى : ( آتاني الكتاب وجعلني نبيا)

السؤال

في قوله تعالى من سورة مريم بسم الله الرحمن الرحيم : ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ) مريم/30

سؤالي : ما هو الكتاب الذي كان يعنيه سيدنا عيسى عليه السلام ، هل هو الإنجيل ؟

وإذا كان هو ، كيف يعطى لطفل في المهد ؛ هل يعني أنه يحفظه غيبا ؟ وكيف علمه للناس ؟


الجواب


الحمد لله

المقصود بالكتاب في قوله تعالى : ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) مريم/30 - هو الإنجيل

وقد عبر بلفظ الماضي ( آتاني) ليدل على تحقق الوقوع ، فسيؤتيه الله الكتاب مستقبلا ، أو أن المراد : قضى أن يؤتيني الكتاب .

قال عكرمة :

" ( آتَانِيَ الْكِتَابَ ) أي: قضى أنه يؤتيني الكتاب فيما قضى "

حكاه ابن كثير عنه في تفسيره (5/ 229).

وقال الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان"

: " وقوله : في هذه الآية الكريمة : ( آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً )، التحقيق فيه إن شاء الله : أنه عبر بالماضي عما سيقع في المستقبل تنزيلاً لتحقق الوقوع منزلة الوقوع

. ونظائره في القرآن كثيرة

كقوله تعالى: ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ )

وقوله تعالى: ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا

وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ)- إلى قوله -: ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا )

وقوله تعالى: ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ) فهذه الأفعال الماضية المذكورة في الآيات بمعنى المستقبل ، تنزيلاً لتحقق وقوعه منزلة الوقوع بالفعل ، ونظائرها كثيرة في القرآن.

وهذا الذي ذكرنا ـ من أن الأفعال الماضية في قوله تعالى: ( آتَانِيَ الْكِتَابَ ) الخ، بمعنى المستقبل هو الصواب إن شاء الله . خلافاً لمن زعم أنه نبىء وأوتي الكتاب في حال صباه ، لظاهر اللفظ " انتهى .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-03-10, 15:22   رقم المشاركة : 472
معلومات العضو
مايا نصري
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا










قديم 2019-03-10, 17:47   رقم المشاركة : 473
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مايا نصري مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير









قديم 2019-03-10, 17:53   رقم المشاركة : 474
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تفسير قوله تعالى : ( ففروا إلى الله ).

السؤال


ما تفسير قوله تعالى : ( ففروا إلى الله إنني لكم منه نذير مبين )

ولماذا لم يصدّر الآية بكلمة ( قل ) كما في كثير من الآيات ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم ، تجمع معاني الخوف والرجاء من الله تعالى ، واللجوء إليه سبحانه ، إذ لا منجا منه إلا إليه عز وجل

أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل من سواه

وأنه عز وجل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة .

وفي " مدارج السالكين " (1/469-481)

للعلامة ابن القيم كلام مطول مفيد عن منزلة " الفرار " من منازل السائرين .

يقول الله تعالى : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) الذاريات/50.

قال الإمام الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره : فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به ، واتباع أمره ، والعمل بطاعته ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ )

يقول : إني لكم من الله نذير أنذركم عقابه ، وأخوّفكم عذابه الذي أحلَّه بهؤلاء الأمم الذين قصّ عليكم قصصهم ، والذي هو مذيقهم في الآخرة . وقوله : ( مُبِينٌ ) يقول : يبين لكم نذارته " انتهى.

" جامع البيان " (22/440)

وقال القرطبي رحمه الله :

" لما تقدم ما جرى من تكذيب أممهم لأنبيائهم وإهلاكهم لذلك

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد ، أي قل لقومك : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) أي : فروا من معاصيه إلى طاعته .

وقال ابن عباس :

فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه : فروا منه إليه واعملوا بطاعته .

وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان :

( ففروا إلى الله ) اخرجوا إلى مكة .

وقال الحسين ابن الفضل :

احترزوا من كل شيء دون الله ، فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه .

وقال أبو بكر الوراق :

فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن .

وقال الجنيد

: الشيطان داع إلى الباطل ، ففروا إلى الله يمنعكم منه .

وقال ذو النون المصري :

ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر .

وقال عمرو بن عثمان :

فروا من أنفسكم إلى ربكم .

وقال أيضا :

فروا إلى ما سبق لكم من الله ، ولا تعتمدوا على حركاتكم .

وقال سهل بن عبد الله

: فروا مما سوى الله إلى الله .

( إني لكم منه نذير مبين ) أي : أنذركم عقابه على الكفر والمعصية " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (17/53-54)

وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" لما دعا العباد للنظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هو المقصود من ذلك ، وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا

إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا ، فرار من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، و من الغفلة إلى ذكر الله

فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله ، وقد زال عنه المرهوب ، وحصل له نهاية المراد والمطلوب .

وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره

وكل من خفت منه فررت منه ، إلا الله تعالى ؛ فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه ، ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ؛ أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بَيِّنُ النذارة " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن " (ص/811)

ثانيا :

أما كلمة ( قل ) فقد وردت في آيات كثيرة في القرآن الكريم ، عددها نحو العشرة وثلاثمائة آية ، وذلك في سياقات متعددة ، ومواقف كثيرة ، ومعان عديدة

غير أن ذلك لا يعني أن كل أمر يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغه للناس لا بد وأن يبدأ بكلمة ( قل )

فللقرآن أسلوبه المعروف ، ولغة العرب تسع ألوانا عديدة من البيان البليغ ، والتفنن في الأساليب هو من وجوه جمالها وتميزها .

وحول هذه الكلمة المذكورة بخصوصها ، يقول الدكتور فضل حسن عباس :

" أما كلمة ( قل ) فالمتدبر لآي القرآن وأسلوبه يجد أنها تأتي حينما تدعو الحاجة إليها ، وذلك حينما يكون الأسلوب أسلوبا تلقينيا ، سواء كان هذا التلقين تعليميا أم ردا على شبهات

وذلك كما في السور الأخيرة الثلاث ، الإخلاص والمعوذتين

وكما في الآيات التالية : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

. مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) الأنعام/14-16.

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ) الأنعام/46

( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الأنعام/161-162

والمتأمل في هذه الآيات الكريمة لا يرتاب في أنها جاءت في سياق خاص تلقينا وتعليما " انتهى.

"قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية " (ص/57).

ومن المهم أن نعلم أن التماس مثل هذه الحكم : إنما هو أمر اجتهادي ؛ قد يأتي باحث آخر بحكمة أخرى مع هذه

أو هي أرجح وأولى ، ومثل هذه الأمور تحتاج إلى تتبع إلى أساليب القرآن في التعبير ، والسياقات المختلفة التي وردت فيها الكلمة ، لالتماس محلها من البلاغة ، وتعرف الحكمة في ورودها .

وفوق كل ذي علم عليم .

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 17:56   رقم المشاركة : 475
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قول الله تعالى : ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) .

السؤال

قال تعالى : "وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" (الزمر: 55)

أريد منكم أن تقوموا بتفسير هذه الآية تفسيرا موثقا ، وما هو معني "أحسن ما أنزل" في الآية ؟

وهل تكون السنة مساوية للقرآن الكريم بأي حال من الأحوال ؟


الجواب


الحمد لله


أولا :

يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) الزمر/55

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره : واتبعوا أيها الناس ما أمركم به ربكم في تنزيله ، واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه ، وذلك هو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا .

فإن قال قائل : ومن القرآن شيء هو أحسن من شيء ؟ قيل له : القرآن كله حسن ، وليس معنى ذلك ما توهمت ، وإنما معناه : واتبعوا مما أنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر

والمثل ، والقصص ، والجدل ، والوعد والوعيد ؛ أحسنه أن تأتمروا لأمره ، وتنتهوا عما نهى عنه ؛ لأن النهي مما أنزل في الكتاب ، فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه ، فذلك وجهه "

انتهى . "تفسير الطبري" (21/ 312)

وقال البغوي رحمه الله :

" ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) يعني : القرآن ، والقرآن كله حسن ، ومعنى الآية ما قاله الحسن : التزموا طاعته واجتنبوا معصيته ، فإن القرآن ذكر القبيح لتجتنبه

وذكر الأدون لئلا ترغب فيه ، وذكر الأحسن لتؤثره . قال السدي : " الأحسن " ما أمر الله به في الكتاب " انتهى .

"تفسير البغوي" (7/ 128)

وقال السعدي رحمه الله :

( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ) مما أمركم من الأعمال الباطنة ، كمحبة اللّه ، وخشيته ، وخوفه ، ورجائه ، والنصح لعباده ، ومحبة الخير لهم ، وترك ما يضاد ذلك .

ومن الأعمال الظاهرة ، كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والصدقة

وأنواع الإحسان ، ونحو ذلك ، مما أمر اللّه به ، وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا ، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب المسلم " انتهى .

"تفسير السعدي" ( ص 727-728) .

فالحاصل من ذلك : أن اتباع أحسن ما أنزل الله : هو الائتمار بأمره ، والانتهاء بنهيه .

قال الإمام الآجري رحمه الله :

" فكل كلام ربنا حسن لمن تلاه ولمن استمع إليه ، وإنما هذا - والله أعلم - صفة قوم إذا سمعوا القرآن تتبعوا من القرآن أحسن ما يتقربون به إلى الله تعالى ، مما دلهم عليه مولاهم الكريم ، يطلبون بذلك رضاه ، ويرجون رحمته " .

"أخلاق حملة القرآن" (8) .

ثانيا :

لا يتم هذا الاتباع المأمور به إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك مما أُنزِل إلينا من ربنا ، كما قال تعالى : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران/32

وقال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) آل عمران/132

وقال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) الأنفال/1

وقال سبحانه : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 .

فالسنة مبينة لمراد الله في كتابه ، قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل / 44.

ثالثا :

السنة وحي منزل من عند الله . قال الله تعالى :

( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) النساء/113

وقال تعالى لأمهات المؤمنين : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) الأحزاب/34 .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" فذكر الله الكتاب وهو القرآن ، وذكر الحكمة ؛ فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله . وهذا يشبه ما قال والله أعلم

لأن القرآن ذُكر ، وأتبعته الحكمة ، وذكر الله مَنَّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة ؛ فلم يجز الله ـ والله اعلم ـ أن يقال : الحكمة ـ ها هنا

إلا سنة رسول الله ؛ وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله ، وأن الله افترض طاعة رسوله

وحتم على الناس اتباع أمره ، فلا يجوز أن يقال لقول : فرض ؛ إلا لكتاب الله ، ثم سنة رسوله ؛ لما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرونا بالإيمان به

" . انتهى . "الرسالة" (78) .

وروى أبو داود (4604) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وروى أبو داود (4605) والترمذي (2663) وابن ماجة (13) عن أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ، وإلا فَلاَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره .

وروى الترمذي (2664) وابن ماجة (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ

: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ . أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) .

صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

وعن إسماعيل بن عبيد الله قال : " ينبغي لنا أن نحفظ ما جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن الله يقول : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) فهو عندنا بمنزلة القرآن " .

"السنة" لمحمد بن نصر المروزي (ص 88)

وعن حسان بن عطية قال : " كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فيعلمه السنة كما يعلمه القرآن " .

"الزهد" لابن المبارك (ص 23)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )

فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله ، وأعاد الفعل إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب

بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه ، فإنه أوتي الكتاب ومثله معه ، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالا بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول

إيذانا بأنهم إنما يطاعون تبعا لطاعة الرسول ، فمن أمر منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته ، ومن أمر بخلاف ما جاء به الرسول فلا سمع له ولا طاعة " انتهى .

"إعلام الموقعين" (1 / 48)

وقال أيضا :

" أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله وحيين وأوجب على عباده الإيمان بهما والعمل بما فيهما ، وهما الكتاب والحكمة ، وقال تعالى : ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة )

وقال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلهم الكتاب والحكمة ) وقال تعالى : ( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ) .

والكتاب هو القرآن ، والحكمة هي السنة باتفاق السلف .

وما أخبر به الرسول عن الله فهو في وجوب تصديقه والإيمان به كما أخبر به الرب تعالى على لسان رسوله ، هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام

لا ينكره إلا من ليس منهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني أوتيت الكتاب ومثله معه ) " انتهى .

"الروح" (ص 75) .

فتبين بذلك أن السنة هي وحي من عند الله ، وأنها لازمة الطاعة والاتباع على كل من آمن بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان هذا مراد السائل

فقد تبين كلام أهل العلم فيه ، وإلا فبينهما من الفروق الأخرى أشياء كثيرة :

فالقرآن هو كتاب الله تعالى ، الذي أنزله على رسوله وحيا باللفظ والمعنى ، وهو معجِز ومتعبَّد بتلاوته ، ولا تجوز روايته بالمعنى ، ولا يجوز مسه للمحدث حتى يتطهر .

بخلاف السنة فإن لفظها من عند الرسول ، وهو غير معجِز ، وتجوز روايتها بالمعنى لمن لا يُخِلُّ به ، ولا يَحْرُم مَسُّها على المُحدِث .

والقرآن يتعبد بتلاوته في الصلوات بخلاف السنة ، فإنه لا يجوز أن يقرأ بها في الصلوات .

ومن كذب بحرف واحد من كتاب الله كفر ، وليس كذلك الحال في السنة .

وهناك فروق أخرى ، يمكن مراجعتها في بابه من كتب علوم القرآن والسنة ، وكتب أصول الفقه .

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 18:00   رقم المشاركة : 476
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى ـ عن النحل ـ : (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) .

السؤال

يقول الله تعالى في سورة النحل : ( ثم كلي من كل الثمرات )

فمن المعلوم أن النحل لا تأكل الثمرات ذاتها ، وإنما تمتص ( تأكل ) من أزهار الثمار فقط ، فما تفسير هذه الآية تمامًا ؟

أرجو التوضيح .


الجواب

الحمد لله

هذه الآية من الآيات الكونية الدالة على عظيم خلق الله ودقيق إبداعه في صنعه ، وقد جعل عز وجل للبشر في خلق النحل وعجائب هدايته له ما يبهر العقول ويحير الألباب

وهذا ما ندعو إلى التأمل فيه ، وليس التنقير عن شبهات يختلقها بعض الناس في المنتديات ، تذهب ببريق الحكمة والعظة من كلام الله عز وجل

وهو أمر لا ينطلي إلا على ضعاف العقول ، أو من هانت عليه نفسه ، وهان عليه أمر دينه ، ففتح قلبه للشهوات ، وجعل نفسه تبعا لكل ناعق !!

يقول العلامة السعدي رحمه الله :

" في خلق هذه النحلة الصغيرة ، التي هداها الله هذه الهداية العجيبة ، ويسر لها المراعي ، ثم الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها

وهدايته لها ، ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها ، فيه شفاء للناس من أمراض عديدة

فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى ، وتمام لطفه بعباده ، وأنه الذي لا ينبغي أن يحب غيره ، ويُدعَى سواه " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن " (444)

وعلى كل حال : فأساس هذه الشبهة الضعف البالغ في فهم أساليب اللغة العربية وأبواب البيان والمجاز فيها ، وليس أي شيء آخر ، والجهل أساس كل داء .

يقول الله تعالى :

(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/68-69.

فقوله تعالى : ( كلي من كل الثمرات ) يتضمن مسائل لغوية مهمة ، منها :

أولا :

قوله عز وجل ( مِن ) يحتمل ثلاثة معاني :

1- يحتمل أن يراد به ( مِن ) التبعيضية .

2-ويحتمل أن يراد به ( مِن ) التي هي لابتداء الغاية ، وهذان المعنيان من معاني حرف الجر ( مِن ) أشهر معانيها التي تفيدها

كما ذكر ذلك ابن هشام في " مغني اللبيب " (ص/419-420).

3- ويحتمل أن يراد بها ( مِن ) التي هي لبيان الجنس .

فإذا قلنا إنها ( مِن ) التبعيضية : أفادت أن إلهام الله للنحل كان بأن تأكل جزءا من الثمار ، وليس كل الثمار ، وهذا الجزء هو ما تأخذه النحلة من رحيق الأزهار

وإن كان العلماء المتقدمون يذكرون في كتبهم أن النحل يصنع العسل من أكله لأوراق الشجر أيضا ، بل ومن بعض الذرات التي تكون في الهواء ، ولكن العلم الحديث لا يذكر ذلك

فاكتفينا بما يذكره العلم الحديث ، والقرآن الكريم ذكر ( من ) التبعيضية ، ولم يحدد هذا البعض الذي تأكله النحلة فتصنع منه العسل .

وإطلاق ( الثمرات ) على الأزهار هو من المجاز المعروف باعتبار ما سيكون

تماما كقوله تعالى : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ) يوسف/36، وهو إنما يعصر العنب ، ولكن أطلق عليه الخمر باعتبار ما سيكون عليه عصير العنب بعد وقت ، وهكذا

أطلق على الأزهار أنها ثمار ، باعتبار ما ستؤول إليه من الثمار النافعة ، بقرينة المشاهد المحسوس من معاينة كل الناس ، أن النحل إنما تقف على الأزهار ، ولا تأكل من الثمرات الحقيقية شيئا .

يقول القرطبي رحمه الله :

" قوله تعالى : ( ثم كلي من كل الثمرات ) : وذلك أنها إنما تأكل النوار من الأشجار " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (10/135)

ويقول ابن جزي الغرناطي :

" و ( من ) للتبعيض ، وذلك أنها إنما تأكل النوار من الأشجار ، وقيل المعنى من كل الثمرات التي تشتهيها " انتهى.

" التسهيل " (2/257)

ويقول أبو حيان الأندلسي رحمه الله :

" وظاهر ( مِن ) في قوله : ( من كل الثمرات ) أنها للتبعيض ، فتأكل من الأشجار الطيبة والأوراق العطرة أشياء يولد الله منها في أجوافها عسلاً .

قال ابن عطية : إنما تأكل النوّار من الأشجار " انتهى.

" البحر المحيط " (5/496)

وأما إذا قلنا : إن ( مِن ) هنا لابتداء الغاية ، فالمعنى المقصود أن النحل تأكل الرحيق ، ويكون أكلها مبتدأ من هذه الأزهار ، وليس من مكان آخر .

وإذا قلنا : إن ( مِن ) ههنا لبيان الجنس ، كقوله تعالى : ( وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) الكهف/31

أفادت معنى بيان ما ألهم الله النحل أن تأكله ، وهو الثمرات ، وليس أي جنس آخر من أجناس الطعام .

وكل هذه المعاني صحيحة ، لا تعارض بينها ، واتساع اللغة العربية يضيف إلى آيات القرآن الكريم آفاقا كثيرة من المعاني والدلالات البديعة الجميلة .

يقول الخطيب الشربيني :

" لفظ ( من ) هذا للتبعيض ، أو لابتداء الغاية " انتهى.

" السراج المنير " (2/273) .

ثانيا :

وأما قوله تعالى في هذه الآية : ( كل الثمرات ) :

فيحتمل أن تكون الكلية ههنا مقصودة ، فتدل الآية على أن من هدي النحل وجبلته أخذ رحيق الأزهار ، من أي زهرة كانت .

ويحتمل ألا يكون التعميم مقصودا ، بل أغلبيا على سبيل المجاز ، كقوله تعالى : ( لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) البقرة/266.

والحقيقة أننا لا نستطيع الجزم بأحد هذين الاحتمالين ، إذ كل منهما معقول محتمل ، ولم نقف على دراسة علمية حديثة تحدد طبيعة الأزهار التي يقف عليها النحل

ويصنع من رحيقها العسل المعروف ، على أن أكثر المفسرين حملوا ذلك على التبعيض ، وأن العموم غير مراد. قال ابن قتيبة رحمه الله :

" ( ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) أي : من الثمرات ، وكلّ هاهنا ليس على العموم

ومثل هذا قوله تعالى : ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ) " انتهى .

" غريب القرآن " (ص/246) .

وينظر : " البحر المحيط " ، لأبي حيان (2/326) .

وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" ( كُلَّ ) هنا مستعملة في معنى الكثير ، وهو استعمال وارد في القرآن والكلام الفصيح

قال تعالى : ( وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ) يونس/97 " انتهى.

" التحرير والتنوير " (23/160) .

وقال الدميري رحمه الله :

" القرآن يدل على أنها ترعى الزهر ، فيستحيل في جوفها عسلاً وتلقيه من أفواهها ، فيجتمع منه القناطير المقنطرة

قال الله تعالى : ( ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس )

وقوله : ( من كل الثمرات ) ، المراد به بعضها ، نظيره قوله تعالى : ( وأوتيت من كل شيء ) يريد البعض ، واختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل والمرعى ، وقد يختلف طعمه لاختلاف المرعى " انتهى.

" حياة الحيوان الكبرى " (2/463)

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 18:04   رقم المشاركة : 477
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين الكفل والنّصيب

السؤال

قال تعالى : ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها )

: ما الفرق بين الكفل والنصيب ؟

هل الكفل أعلى وأثقل من النصيب في الثواب والعقاب ؟

وهل يقترن الكفل بالسوء ، أو نستطيع توظيفه في الجانب الحسن ؟


الجواب


الحمد لله


أولا :

النصيب : هو الحظّ من كلّ شيء .

ينظر : الصّحاح (1/225) ، ولسان العرب (1/761) مادة نصب .

والِكْفل : هو الحظّ والضِّعف من الأجر والإثم ، ويأتي بمعنى المثل

وفي التنزيل : ( يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه ) الحديد/ 28 ، قيل : معناه ضعفين ، وقيل : مثلين .

ينظر : تهذيب اللّغة (10/250)

ولسان العرب (11/589) مادة كفل .

فالنصيب والكفل بمعنى واحد ، كما سبق عند أهل اللّغة .

وقد فرّق بعض أهل العلم بينهما في الاستعمال في هذه الآية الكريمة بما يأتي :

1- أنّ الكفل يستعمل في الشّدّة وفي الشّيء الرديء .

قال القاسمي رحمه الله :

" نكتة اختيار النصيب في ( الحسنة ) والكفل في ( السيئة ) : ما أشرنا إليه ، وذلك أن النصيب يشمل الزيادة

لأن جزاء الحسنات يضاعف ، وأما الكفل فأصله المَرْكَب الصَّعب ، ثم استعير للمِثل المُساوي ، فلذا اختير ، إشارة إلى لطفه بعباده

إذ لم يضاعف السيئات كالحسنات . ويقال : إنه وإن كان معناه المثل

لكنه غلب في الشر ، وندر في غيره ، كقوله تعالى : يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رّحْمَتِهِ [ الحديد : 28 ]

فلذا خُص به السيئة ، تطرية [ أي : تحسينا للعبارة ] ، وهرباً من التكرار" انتهى . "

محاسن التأويل".

وينظر : "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفاني ( ص718 ) .

2- إنّ المغايرة بينهما في الآية لكون الكفل يستعمل في الشّرّ كثيراً .

قال أبو حيّان في البحر المحيط (3/322) :

" وغاير في النصيب فذكره بلفظ الكفل في الشفاعة السيّئة ؛ لأنّه أكثر ما يستعمل في الشّرّ ، وإن كان قد استعمل في الخير

لقوله تعالى : ( يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه ) [الحديد : 28] " .

وقال القرطبي رحمه الله (5 / 296) :

" ويستعمل في النصيب من الخير والشّر

وفي كتاب الله تعالى : ( يؤتكم كفلين من رحمته ) " .

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 18:08   رقم المشاركة : 478
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف عرفت الملائكة أن البشر سيفسدون في الأرض ؟

السؤال

هل خلق الله البشر أولا أم الملائكة ؟

وإذا كان الملائكة ، فكيف عرفوا أن البشر سيفسدون في الأرض كما في سورة البقره آيه 30 ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

لا شك أن خلق الملائكة كان سابقا على خلق آدم عليه السلام

فقد أخبرنا الله تعالى في أكثر من موضع من كتابه العزيز أنه أعلم الملائكة بأنه سيخلق بشرا من طين ، ثم أمرهم بالسجود له حين يتم خلقه ، وذلك دليل ظاهر على أن الملائكة كانوا موجودين قبل خلق البشر .

يقول الله تعالى : ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ص/71-72

ثانيا :

وقد أخبر سبحانه وتعالى في سورة البقرة عن حواره مع الملائكة قبل خلق آدم ، وذلك دليل ظاهر أيضا على وجودهم قبل آدم عليه السلام .

قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة/30

ولكن كيف عرفت الملائكة أن الخليفة الجديد في الأرض سيفسد فيها ويسفك الدماء ؟

اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال :

القول الأول : أنهم علموا ذلك بإعلام الله تعالى لهم ، وإن كان ذلك لم يذكر في السياق .

قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وابن قتيبة .

كما في "زاد المسير" لابن الجوزي (1/60)

وهو قول أكثر المفسرين كما قاله ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (7/382)

يقول ابن القيم رحمه الله :

" وفي هذا دلالة على أن الله قد كان أعلمهم أن بني آدم سيفسدون في الأرض ، وإلا فكيف كانوا يقولون ما لا يعلمون

والله تعالى يقول وقوله الحق (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) ، والملائكة لا تقول ولا تعمل إلا بما تؤمر به لا غير ، قال الله تعالى ( ويفعلون ما يؤمرون ) "

انتهى . "مفتاح دار السعادة" (1/12) .

القول الثاني : أنهم قاسوه على أحوال من سلف قبل آدم على الأرض ، وهم الجن ، فقد سبقوا الإنسان في الأرض وكانوا يفسدون فيها ويسفكون الدماء ، فعلمت الملائكة أن البشر سيكونون على حال من سبقهم .

روي نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية ومقاتل . انظر "زاد المسير" (1/61)

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قول الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) يرجِّحُ أنهم خليفة لمن سبقهم

وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء وتفسد فيها ، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) كما فعل من قبلهم "

انتهى . "تفسير القرآن الكريم" (1/آية 30) .

القول الثالث : أنهم فهموا ذلك من الطبيعة البشرية .

وهو الذي يبدو من اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة" (6/149)

يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " وإنما ظنوا هذا الظن بهذا المخلوق من جهة ما استشعروه من صفات هذا المخلوق المستخلف ، بإدراكهم النوراني لهيئة تكوينه الجسدية والعقلية والنطقية

إما بوصف الله لهم هذا الخليفة ، أو برؤيتهم صورة تركيبه قبل نفخ الروح فيه وبعده ، والأظهر أنهم رأوه بعد نفخ الروح فيه

فعلموا أنه تركيب يستطيع صاحبه أن يخرج عن الجبلة إلى الاكتساب

وعن الامتثال الى العصيان ... ، ومجرد مشاهدة الملائكة لهذا المخلوق العجيب المراد جعله خليفة في الأرض كاف في إحاطتهم بما يشتمل عليه من عجائب الصفات .. "

قال : " وفي هذا ما يغنيك عما تكلف له بعض المفسرين من وجه اطلاع الملائكة على صفات الإنسان قبل بدوها منه .. " انتهى مختصرا من "التحرير والتنوير" (1/230) .

القول الرابع : أنهم فهموا من قوله تعالى ( خليفة ) أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ، ويردعهم عن المحارم والمآثم

قاله القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" (1/302) .

والمعنى : أنه إذا كان هناك خليفة يحكم بين الناس في المظالم ، فإنه يلزم من ذلك أن هؤلاء الناس تقع منهم المظالم .

وأنت ترى أخي السائل أنها أقوال مختلفة ليس على أي منها نصوص صريحة من الكتاب والسنة

إنما هي استنباطات لأهل العلم ، قد تصيب وقد تخطئ ، وإنما أراد الله تعالى أن نتعلم ما في هذه القصة من العبرة والعظة

وما كرم الله تعالى به الإنسان حين خلق آدم فأسجد له الملائكة ، وما سوى ذلك من تفاصيل القصة ، لا يضر الجهل بها ، لذلك لم يأت الكتاب ببيانها ، والله تعالى أعلم بالصواب .

تنبيه : ليس في هذا السؤال من الملائكة المكرمين لرب العزة سبحانه ، عن خلق آدم وذريته اعتراض على الحكمة ، أو معارضة لله سبحانه

فإنهم منزهون عن ذلك . قال ابن كثير رحمه الله : وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، كما قد يتوهمه بعض المفسرين ,

وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول ، أي : لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه , .

. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ؛ يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء ، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟!! فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك

أي نصلي لك ... ولا يصدر منا شيء من ذلك, وهلا وقع الاقتصار علينا ؟

قال الله تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال :

إني أعلم مالا تعلمون أي : إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف ، على المفاسد التي ذكرتموها ، مالا تعلمون أنتم ؛ فإني جاعل فيهم الأنبياء ، وأرسل فيهم الرسل

ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء والعاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم .. )

تفسير ابن كثير (1/69) .

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 18:12   رقم المشاركة : 479
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى ( وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ )

السؤال

ما معنى قوله تعالى: ( وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ )

أرجو الإجابة بالتفصيل إن أمكنكم ذلك .


الجواب

الحمد الله

أولا :

يقول الله تعالى :

( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً ، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ، وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ ) البقرة/228

في هذه الآية بيان لعدة المطلقة المدخول بها إذا كانت من ذوات الأقراء ( أي يأتيها الحيض وليست من ذوات الحمل ) ، فتتربص وتقعد عدتها ثلاثة قروء

أي حيضات أو أطهار ، على خلاف بين أهل العلم ، ولما كانت مستأمنة على أمر حيضها وطهارتها وانقضاء عدتها ، حذرها الله تعالى من محاولة كتم ذلك أو تحريفه رغبة في تطويل العدة أو تقصيرها

فقال سبحانه وتعالى : ( وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )

ثم أعطى الله تعالى الزوج حق إرجاع زوجته أثناء العدة إن لم تكن قد بانت ، فقال سبحانه :

( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً )

هذا تفسير موجز لسياق الآية السابقة ، كان لا بد من بيانه ، حتى يفهم السياق كاملا .

ثانيا :

بعد ذلك قرر سبحانه وتعالى قاعدة عظيمة من قواعد الحياة الزوجية ، وتعتبر أساسا من أسس التعامل بين الزوجين ، ومن الأركان العظيمة في قيام الأسر على العدل والرحمة .

فقال سبحانه وتعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )

يقول ابن كثير رحمه الله "تفسير القرآن العظيم" (1/363) :

" أي : ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن ، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف .

كما ثبت في صحيح مسلم [1218] عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في حجة الوداع : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ

فَإِنَّكُم أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاستَحلَلتُم فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَلَكم عَلَيهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم أَحَدًا تَكرَهُونَهُ ، فَإِن فَعَلنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَربًا غَيرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ رِزقُهُنَّ وَكِسوَتُهُنَّ بِالمَعرُوفِ )

وفي حديث بهز بن حكيم عن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال :

يا رسول الله ! ما حق زوجة أحدنا ؟

قال : ( أَن تُطعِمَهَا إِذَا طَعِمتَ ، وَتَكسُوَهَا إِذَا اكتَسَيتَ ، وَلا تَضرِبِ الوَجهَ ، وَلا تُقَبِّح ، وَلا تَهجُر إِلا فِي البَيتِ ) [2142، وصححه الألباني ] .

وقال وكيع عن بشير بن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس قال :

( إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة ؛ لأن الله يقول ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم " انتهى .

ثالثا :

هذا هو المعنى العام للآية ، أن للنساء من الحقوق مثل ما للرجال عليهن من الحقوق ، ولكن ما معنى هذه المثلية ( وَلَهُنَّ مِثلُ ) ، هل تعني التماثل التام بين الأزواج في الحقوق ؟

يقول العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (1/642) :

" والمثل أصله النظير والمشابه : وقد يكون الشيء مثلا لشيء في جميع صفاته ، وقد يكون مثلا له في بعض صفاته ، وهي وجه الشبه .

وقد ظهر هنا أنه لا يستقيم معنى المماثلة في سائر الأحوال والحقوق : أجناسا أو أنواعا أو أشخاصا ؛ لأن مقتضى الخلقة ، ومقتضى المقصد من المرأة والرجل ، ومقتضى الشريعة

التخالف بين كثير من أحوال الرجال والنساء في نظام العمران والمعاشرة .

فتعين صرفها إلى معنى المماثلة في أنواع الحقوق على إجمال تُبَيِّنُهُ تفاصيل الشريعة :

فلا يُتَوَهَّم أنه إذا وجب على المرأة أن تَقُمَّ – أي تنظف - بيت زوجها وأن تجهز طعامه أنه يجب عليه مثل ذلك ، كما لا يُتَوَهم أنه كما يجب عليه الإنفاق على امرأته أنه يجب على المرأة الإنفاق على زوجها

بل كما تقم بيته وتجهز طعامه ، يجب عليه هو أن يحرس البيت وأن يحضر لها المعجنة والغربال ، وكما تحضن ولده يجب عليه أن يكفيها مؤنة الارتزاق كي لا تهمل ولده ، وأن يتعهده بتعليمه وتأديبه ، وعلى هذا القياس " انتهى .

رابعا :

بناء على ما ذكرناه في معنى المثلية ، فالحقوق والوجبات التي على الزوجين تنقسم إلى قسمين :

1- حقوق وواجبات يتساوى فيها كل من الزوجين تساويا تاما : مثل إحسان المعاشرة

وقصر الطرف عن غير ما أحل الله لهما ، والمماثلة في وجوب الرعاية ( الرجل راع على أهله والمرأة راعية في بيت زوجها ) ، والتشاور في الرضاع ، ونحو ذلك .

2- وحقوق وواجبات تكون بين الزوجين على وجه المقابلة ، كل بحسب ما قضاه الله عليه بمقتضى الفطرة والخلقة والشرع والحكمة

ومرجع ذلك إلى الشريعة وتفاصيلها ، كما تقرره السنة المطهرة ، وبحسب أنظار المجتهدين .

ويدل على هذا التقسيم قوله تعالى في الآية ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ )

يقول الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله

في "التحرير والتنوير" (1/643) :

" وفي هذا الاهتمام مقصدان :

أحدهما : دفع توهم المساواة بين الرجال والنساء في كل الحقوق ، توهما من قوله آنفا ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) .

وثانيهما : تحديد إيثار الرجال على النساء بمقدار مخصوص ؛ لإبطال إيثارهم المطلق الذي كان متَّبَعا في الجاهلية .

وهذه الدرجة هي ما فضل به الأزواج على زوجاتهم :

من الإذن بتعدد الزوجة للرجل دون أن يؤذن بمثل ذلك للأنثى ، وذلك اقتضاه التزيد في القوة الجسمية ، ووفرة عدد الإناث في مواليد البشر .

ومن جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة والمراجعة في العدة كذلك ، وذلك اقتضاه التزيد في القوة العقلية وصدق التأمل .

وكذلك جعل المرجع في اختلاف الزوجين إلى رأي الزوج في شئون المنزل ؛ لأن كل اجتماع يتوقع حصول تعارض المصالح فيه يتعين أن يجعل له قاعدة في الانفصال والصدر عن رأي واحد معين من ذلك الجمع

ولما كانت الزوجية اجتماع ذاتين لزم جعل إحداهما مرجعا عند الخلاف ، ورجح جانب الرجل لأن به تأسست العائلة

ولأنه مظنة الصواب غالبا ، ولذلك إذا لم يمكن التراجع واشتد بين الزوجين النزاع لزم تدخل القضاء في شأنهما ، وترتب على ذلك بعث الحكمين كما في آية ( وإن خفتم شقاق بينهما ) " انتهى .

وللاطلاع على تفاصيل هذه الحقوق والوجبات

انظر السؤال القادم فستجد فيه تفصيلا مفيدا إن شاء الله .

خامسا :

المرجع في تحديد هذه الحقوق والواجبات هو ( المعروف ) كما ذكرت الآية ، وفي هذه الكلمة دلالات عظيمة ، وإشارات إلى أمور كثيرة :

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : " وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة .

ومرجع الحقوق بين الزوجين ويرجع إلى المعروف وهو : العادة الجارية في ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها لمثله ، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص والعوائد .

وفي هذا دليل على أن النفقة والكسوة والمعاشرة والمسكن وكذلك الوطء - الكل يرجع إلى المعروف فهذا موجب العقد المطلق ، وأما مع الشرط فعلى شرطهما ، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا " انتهى .

ويقول ابن عاشور (1/643) :

" وقوله ( بالمعروف ) الباء للملابسة ، والمراد به : ما تعرفه العقول السالمة المجردة من الانحياز إلى الأهواء أو العادات أو التعاليم الضالة ، وذلك هو الحسن

وهو ما جاء به الشرع نصا أو قياسا أو اقتضته المقاصد الشرعية أو المصلحة العامة التي ليس في الشرع ما يعارضها ، والعرب تطلق المعروف على ما قابل المنكر .

أي : وللنساء من الحقوق مثل الذي عليهن ملابسا ذلك دائما للوجه غير المنكر شرعا وعقلا ، وتحت هذا تفاصيل كبيرة تؤخذ من الشريعة ، وهي مجال لأنظار المجتهدين في مختلف العصور والأقطار .." انتهى .

سادسا :

دين الإسلام حري بالعناية بإصلاح شأن المرأة ، وكيف لا وهي شقيقة الرجل ، والمربية الأولى في المجتمع ، فلذلك شرع من قواعد العدالة ما لم يكن معروفا على وجه الأرض في شريعة ولا في قانون

فسبق إليه الإسلام الحنيف ، وجاء بإصلاح حال المرأة ورفع شأنها ؛ وارتقى بها من متاع يرثه الرجال ، كما يرثون سائر المال والمتاع ، فجعلهن شقائق الرجال

لهن مثل الذي عليهن من الحقوق والواجبات ، لا يضيع لهن عمل ولا سعي ، ودروهن في النهوض بالأمة ، عامة ، وببيتها خاصة لا يقل عن دور الرجل بحال !!

والله أعلم .









قديم 2019-03-10, 18:17   رقم المشاركة : 480
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة

السؤال

ما هي حقوق الزوجة على زوجها وفقا للكتاب والسنة ؟

أو بمعنى آخر، ما هي مسؤوليات الزوج تجاه زوجته وبالعكس ؟.


الجواب


الحمد لله

أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته ، وكذا العكس ، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين .

وسنذكر - بحول الله - ما يتعلق بحقوق الزوجين بعضهما على بعض في الكتاب والسنة مستأنسين بشرح وأقوال أهل العلم .

أولاً :

حقوق الزوجة الخاصة بها :

للزوجة على زوجها حقوق مالية وهي : المهر ، والنفقة ، والسكنى .

وحقوق غير مالية : كالعدل في القسم بين الزوجات ، والمعاشرة بالمعروف ، وعدم الإضرار بالزوجة .

1. الحقوق الماليَّة :

أ - المهر : هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة

وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز للمرأة وإكراما لها .

والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى

: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد .

فإن سمِّي العقد : وجب على الزوج ، وإن لم يسمَّ : وجب عليه مهر " المِثل " - أي مثيلاتها من النساء - .

ب - النفقة : وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة .

والحكمة في وجوب النفقة لها

: أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له .

والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية

لقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة/233

وقال عز وجل : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق/7 .

وفي السنة :

قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة - زوج أبي سفيان وقد اشتكت عدم نفقته عليها - " خذي ما يكفيكِ وولدَكِ بالمعروف " .

عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه

فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك . رواه البخاري ( 5049 ) ومسلم ( 1714 ) .

وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله

ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 ) .

ج. السكنى : وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيىء لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : ( أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم ) الطلاق/6.

2. الحقوق غير الماليَّة :

أ. العدل بين الزوجات : من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته ، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة .

ب. حسن العشرة : ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء/19

وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.

وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .

وهذه نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع نسائه - وهو القدوة والأسوة - :

1. عن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة قالت حضت وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب حيضتي فلبستها

فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفستِ ؟ قلت : نعم ، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة .

قالت : وحدثتني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ، وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة . رواه البخاري ( 316 ) ومسلم ( 296 ) .

2. عن عروة بن الزبير قال : قالت عائشة : والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي

أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو . رواه البخاري ( 443 ) ومسلم ( 892 ) .

3. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد

يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع . رواه البخاري ( 1068 ) .

ج. عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى .

عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .

انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438 ) .

ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة : عدم جواز الضرب المبرح .

عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :

" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .

رواه مسلم ( 1218 ) .

ثانياً :

حقوق الزوج على زوجته :

وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) البقرة/228.

قال الجصاص : أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا ، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه .

وقال ابن العربي : هذا نص في أنه مفضل عليها مقدم في حقوق النكاح فوقها .

ومن هذه الحقوق :

أ - وجوب الطاعة : جعل الله الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به الرجل من خصائص جسمية وعقلية

وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .

قال ابن كثير :

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الرجال قوامون على النساء يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .

وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . "

تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .

ب - تمكين الزوج من الاستمتاع : مِن حق الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع ، فإذا تزوج امرأة وكانت أهلا للجماع وجب تسليم نفسها إليه بالعقد إذا طلب

وذلك أن يسلمها مهرها المعجل وتمهل مدة حسب العادة لإصلاح أمرها كاليومين والثلاثة إذا طلبت ذلك لأنه من حاجتها ، ولأن ذلك يسير جرت العادة بمثله .

وإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها في الجماع وقعت في المحذور وارتكبت كبيرة ، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .

ج - عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله : ومن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ...." . رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .

وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم

قال : استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا

إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن .

رواه الترمذي ( 1163 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن ماجه ( 1851 ) .

وعن جابر قال : قال صلى الله عليه وسلم : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أ

حدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 ) .

د - عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج : من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه .

وقال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .

هـ - التأديب : للزوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية ؛ لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن .

وقد ذكر الحنفية أربعة مواضع يجوز فيها للزوج تأديب زوجته بالضرب ، منها : ترك الزينة إذا أراد الزينة، ومنها : ترك الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة ، ومنها : ترك الصلاة ، ومنها : الخروج من البيت بغير إذنه .

ومن الأدلة على جواز التأديب :

قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) النساء/34 .

وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) التحريم/6 .

قال ابن كثير :

وقال قتادة : تأمرهم بطاعة الله ، وتنهاهم عن معصية الله ، وأن تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به ، وتساعدهم عليه ، فإذا رأيتَ لله معصية قذعتهم عنها ( كففتهم ) ، وزجرتهم عنها .

وهكذا قال الضحاك ومقاتل : حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 392 ) .

و- خدمة الزوجة لزوجها : والأدلة في ذلك كثيرة ، وقد سبق بعضها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .

" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .

ز - تسليم المرأة نفسها : إذا استوفى عقد النكاح شروطه ووقع صحيحا فإنه يجب على المرأة تسليم نفسها إلى الزوج وتمكينه من الاستمتاع بها

لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم العوض وهو الاستمتاع بها كما تستحق المرأة العوض وهو المهر .

ح- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف : وذلك لقوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .

قال القرطبي :

وعنه - أي : عن ابن عباس - أيضا أي : لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن .

وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن قاله الطبري .

وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم .

والمعنى متقارب والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية .

" تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ، 124 ) .

والله أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc