![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
أسباب النجاة من كرب يوم القيامة وشدة أهواله..متجدد
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() أحسن الله إليك أخي .
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ◄ ومن سنن الهدى: ◘نوافل الصلاة بالليل والنهار:ومن سنن الهدى التي توجب للعبد من ربه الرحمة والمغفرة والهدى وتكون سببًا متينًا من أسباب المخرج من شدة هول يوم القيامة نوافل الصلاة؛ إذ إنَّها من القربات التي ترفع العبد درجات، وتكفر عنه السيئات والخطيئات التي لا محيص ولا مفر للعبد من الوقوع فيها مهما كانت التقوى والورع والتحرزات وما ذلك إلا لضعف هذا الإنسان البشري أمام الشهوات والشبهات، وأمام تلك الأمور الملهيات والمغريات التي توجد عبر تاريخ الزمن وسائر الأوقات. وإنه ليكفي المتقرب إلى الله عز وجل بنوافل العبادات ومنها: نوافل الصلاة أن الله -تبارك وتعالى- يكون معه بالحفظ والتأييد والتوفيق والعناية والرعاية، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بِها، ورجله الَّتِي يَمشي بِها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) البخاري. ولعظم شأن نوافل الصلاة فقد رغب الله عباده فيها بأسلوب فاضل عظيم هو الثناء الحسن على المحافظين عليها ووعدهم الجزاء الأوفى حيث قال سبحانه: {إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ -15, آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ -16, كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ -17, وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:15-18] وقال عز و جل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ -16, فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:16، 17]. فإن هذه الآيات الكريمات لتدل دلالة صريحة على فضل قيام الليل وإحيائه بنوافل الصلاة والذكر والدعاء والاستغفار التي تعتبر من أجل صفات المتقين ومن أبرز العلامات التي ترشد إلى إيْمَان المؤمنين، وإحسان المحسنين، كما تدل بوضوح على حسن الجزاء لهؤلاء الأبرار الذين آثروا الآجلة على العاجلة ولذات المناجاة الربانية على لذة النوم العاجلة، ولذة المتعة الحياتية الزائلة، فعلوا ذلك طمعًا ورجاء فيما أعد الله لهم من كرامة في دار الكرامة، ومن إحسان وفضل في دار الإقامة، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. حقًّا إن هؤلاء الأنقياء تلذذوا بمناجاة خالقهم وبارئهم لاسيما في جوف الليل الذي ينْزل فيه الرب إلى السماء الدنيا فيستجيب دعاء من دعاه، ويغفر ذنب من ذكره واستغفره، ويجيب سؤال من تضرع إليه وسأله، حتى يبرق الفجر كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينْزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له). فإن هذه الفضائل والكرامات والنفحات عرف قدرها أولئك الممدوحون في الآيات المذكورات، فحرصوا على إحياء لياليهم بالطاعات لينالوا ما وعدوا به في محكم القرآن وصحيح السنة الكريمة من قضاء الحاجات وإجابة الدعوات ومحو الذنوب والخطيئات، فهنيئًا ثم هنيئًا لمن كان قيام الليل دأبه وخلقه، وبشرى ثم بشرى لمن كانت خشية الله وتقواه سجيته وعادته، وسعادة بعد سعادة لمن كان خوف الله ورجاؤه، وصفًا ملازمًا في سره وعلانيته. وبعد هذا العرض المتضمن لأزكى أوصاف المتقين، فإن لي ولك أيها القارئ الكريم وقفة قصيرة عند قوله سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}. وعند قوله عز و جل: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ -17, وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. لأسطر وتقرأ مقارنة مختصرة بين ما يسهر لأجله هؤلاء الأتقياء الأخيار أهل الاستقامة على الحق والثبات عليه، وبين ما يسهر لأجله أهل اللهو والطرب والانحراف وذلك لأخذ العظة والعبرة. فأقول مستعينًا بالله: إن الفريق الأول يحيون لياليهم بذكر الله الذي تطمئن به القلوب، وتسعد به النفوس، وتقوى به الجوارح، وتحضره وتصغي إليه الملائكة الأطهار، وتفر منه شياطين الإنس والجن ما بقي الليل والنهار. بينما الفريق الثاني يسهرون على سماع ضرب الطبول، وأصوات المزامير التي تميت القلوب وتبذر فيها النفاق فتمرض تلك القلوب وتنعكس عليها الأمور فلا تكاد ترى الحق إلا ما هي عليه، فيصدق عليها قول المولى سبحانه: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر:8]. وإن الفريق الأول يبيتون لربِّهم سجدًا وقيامًا ويتلون كتاب ربِّهم ويتدبرونه ليعملوا بما فيه، ويتخلقوا بِما يرشد إليه ويرغب فيه، قد جعلوه إمامًا لهم وقائدًا فلا يتقدمون بين يدي من أنزله ولا من جاء به بقول ولا فعل ولا أمر ولا نَهي ولا تحليل ولا تحريم، هذا شأن المتقين. بينما الفريق الثاني قليلاً من الليل ما يهجعون ولكن على مشاهدة الرقصات المسعورة، والألعاب الشيطانية البغيضة، كالنرد، والضمنة، والكيرم، وبلوت الورق، وتبادل الكذب، وكلمات السب والشتم، ونحو ذلك من أخلاق الفاسقين، وعمل المفسدين حتى إذا ما اقترب الفجر انصرفوا من تلك المجالس العفنة والأماكن القذرة فينامون نومة أهل الفسق والنفاق، بدون مبالاة بفريضة الفجر المقدسة التي تشهدها ملائكة الليل والنهار، وهكذا يتعاملون مع صلاتي الظهر والعصر غالبًا بدون خوف من الله، ولا استحياء من خلق الله: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: من الآية17]. وإن الفريق الأول يبيتون ولهم دوي بالتهليل والتكبير والتوبة والاستغفار، ويفرحون إذا جن الليل كفرحهم بقدوم أعز غائب عنهم، وما ذلك إلا لأن لهم فيه غذاء روحيًّا تحيا به القلوب، وتزكو به النفوس، وتقوى به الجوارح، إذ إنه زادها في طريقها وهي مسافرة إلى الله خالقها ومولاها الذي بيده محياها ومماتَها، وإليه منقلبها ومصيرها ومنتهاها. بينما الفريق الثاني يبيتون على سماع الأغاني الخليعة والتأوه بكلمات الحب والغرام والعشق والهيام، شأن الفساق في كل زمان ومكان، فلو أبصرت عيناك حلقاتِهم المشئومة وهم على شكل تدبيح الحمير تارة، وحين يرفسون بأقدامهم الأرض تارة، ويصرخون بأصواتِهم صراخ السكارى تارة، ويتمنون طول الحياة، وطول الليالي لتشبع بالتمتع بذلك نفوسهم الدنيئة، وترضى عنهم شياطينهم التي قد أخذت بنواصيهم والتقمت بخطومها قلوبَهم، وحطمت بالأماني أرواحهم، وأسرت بالشهوات جوارحهم، فأمسوا وأصبحوا لها طائعين وعن أمر الله وشرعه معرضين، وسوف يعلمون فيندمون إذا بلغت الروح الحلقوم وعاينوا جزاء ما كانوا يعملون: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: من الآية33]. وإن الفريق الأول يقضون جزءًا كبيرًا من ليلهم مع نَهارهم في طلب العلم ومذاكرته وكتابته ونشره ليكسبوا الأجر الوفير، وليقوموا بواجب الدعوة إلى الله والتبليغ الحكيم لرسالات الله، لما وقر في قلوبِهم من أنَّهم ورثة الأنبياء وأن عليهم من المسئوليات العظام ما ليس على غيرهم من عامة الناس، فتراهم في نَهم شديد واهتمام جد أكيد في طلب العلم الشرعي الشريف الذي فضل الله أهله وأثنى عليهم بما لا مزيد عليه حيث قال سبحانه: {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: من الآية28]. وقال عز و جل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَاب} [الزمر: من الآية9]. وغير ذلك من الآيات الكثيرة. بينما الفريق الثاني قد قتلوا أوقاتَهم بلهوهم وغفلاتِهم، وأفسدوا حياتَهم بتسيبهم وضلالتهم، وأبلوا شبابَهم بطغيانِهم وقبيح فعالهم، وقد غفلوا عن الحكمة من إيجادهم فأساءوا التصرف في أوقاتِهم التي وهبت لهم رحمة من ربِّهم، فصيروها وبالاً وحسرة عليهم: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف:76]. أضف إلى ذلك ما ينفقونه من أموال في الملهيات والمسكرات على اختلاف مسمياتِها والمخدرات على اختلاف أشكالها، يفعلون ذلك تقليدًا منهم لأعداء الدين الذين لا يعرفون إسلامًا ولا إيْمانًا، ولا يؤمنون بجنة ولا نار، ولا يصدقون ببعث ولا نشور أو جزاء على الأعمال في دار البرزخ وفي دار القرار، فانظر أيها القارئ المنصف الكريم إلى الفرق بين الفريقين، ثم تأمل من منهم أحق بالأمن والهداية في الدنيا والبرزخ ويوم يبعثون؟ ومن منهم يوم القيامة خير مستقرًّا وأحسن مقيلاً ؟: {الَّذِينَ آمَنُوا ولَم يَلْبِسُوا إِيْمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82]. {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} [الروم:16]. وأما بالنسبة لهدي النبي ج في قيام الليل ووتره، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنواعًا استطاع حصرها بالتتبع لجميع الروايات التي وردت في هذا الموضوع، منها: 1- أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين ثم يتمم وتره إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة. 2- ومنها: أنه كان يقوم بثلاث عشرة ركعة كذلك. 3- ومنها: أنه كان يصلي ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بخمس سردًا متوالية لا يجلس في شيء منها إلا في أخراهن. 4- ومنها: أنه كان يصلي ثمانيًا لا يجلس في شيء إلا في الثامنة يجلس يذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، ثم يقعد ويتشهد ويسلم، ثم يصلي ركعتين جالسًا بعدما يسلم. 5- ومنها: أنه كان يصلي سبعًا كالتسع المذكورة، ثم يصلي بعدها ركعتين جالسًا. 6- ومنها: أنه كان يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بثلاث. انتهى بتصرف من زاد المعاد - الجزء الأول صفحة (329). قلت: كل هذه الأنواع ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن الأمر في قيام الليل كمًّا وكيفًا موسع، فأيما كيفية أو عدد فعله الإنسان فقد أصاب، طالما هو في حدود ما أرشد إليه النبي ج أو فعله، أو فعله أصحابه الكرام y وتبعهم عليه السلف -رحمهم الله-. أما بالنسبة لصلاة التراويح في رمضان المبارك فقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة). وفي رواية: (على ثلاث عشرة ركعة). ولكنه كان يطيل فيها القراءة والركوع والسجود ويكثر من الدعاء، فلما جاء الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج ليلة رمضان، والناس يصلون جماعات متفرقون، ويصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر رضي الله عنه : (إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم علي أُبَي بن كعب). وكان يصلي بِهم عشرين ركعة ويوتر بثلاث ثم إن بعض السلف كانوا يصلون التراويح أربعين ركعة ويوترون بثلاث وكان بعضهم يصليها ستًّا وثلاثين ويوتر بثلاث. قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وهذا كله سائغ فكيفما قام بِهم في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن". أما من حيث الأفضل من هذه الكيفيات والوجوه التي لكل منها أصل في الشرع فقد قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "والأفضل يختلف باختلاف أحوال المسلمين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام بعشر ركعات وثلاث بعدها -كما كان النبي ج يصلي لنفسه- فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملون فالقيام بعشرين أفضل فهو الذي يعمل به أكثر المسلمين فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ولا يكره شيء من ذلك، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت على النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص فقد أخطأ". انتهى من الفتاوى (ج2/ صفحة401 ). قلت: وجمع ابن تيمية -رحمه الله- جمع حسن لأن الجمع بين النصوص عند الإمكان هو الطريقة المثلى التي يجب الأخذ بِها، ولأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، والله يهدي من يشاء برحمته وفضله، ويضل من يشاء بحكمته وعدله فهو المسئول والمرجو أن يجمع شمل الأمة في كل شأن من شئونِها على درب الألفة والمحبة والهدى، وأن يعيذهم من شر الفرقة وداء الحسد والخلاف وطرق الهلاك والردى. وأما نوافل الصلاة بالنهار فمنها صلاة الضحى التي بين وقتها رسول الله ج ورغب فيها، وكذا النوافل التي يوفق لها أهل اليقظة والمسارعة إلى الخيرات عقب الطهارة من ليل أو نَهار فإن ذلك من أفضل القربات وأقدس الحسنات. فأما صلاة الضحى فقد جاءت الوصية لأبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاث أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام). وجاء في فضلها عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تَهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونَهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) رواه مسلم. وفعلها النبي صلى الله عليه وسلم على الأصح كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- وأم هانئ فاختة بنت أبي طالب. فأما حديث عائشة ففي صحيح مسلم قالت: (كان رسول الله ج يصلي الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله). وأما حديث أم هانئ -رضي الله عنها- قالت: (ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله صلى ثمان ركعات وذلك ضحى). وهذا مختصر لفظ روايات مسلم. ومن هذه النصوص يتضح لنا أن أقل صلاة الضحى ركعتان، وأن أكثرها ثمان وأوسطها أربع ركعات. أما بالنسبة لوقتها فيبدأ من طلوع الشمس قيد رمح ويمتد إلى دخول وقت النهي، غير أن أفضل وقتها حين يرتفع الضحى ويشتد الحر كما في حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه رأى قومًا يصلون من الضحى فقال: (أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) ورواه مسلم. والمراد بذلك حيث يشتد الحر فتحرق أخفاف الفصال من شدة حر الرمل بسبب وقع الشمس عليه. وهكذا من نوافل الصلاة التي تكون تارة بالليل وتارة في النهار الصلاة عقب الطهور كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ج قال لبلال: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت خف نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لَم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نَهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) متفق عليه. والحقيقة: أن هذه النوافل من الفضائل التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم فيستفيد من ليله ونَهاره اللذين جعلهما الله خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا. قال قتادة -رحمه الله-: "فأروا الله من أعمالكم خيرًا في هذا الليل والنهار فإنَّهما مطيتان يقمحان الناس إلى آجالهم، ويقربان كل بعيد ويبليان كل جديد، ويجيئان بكل موعود إلى يوم القيامة". وقال شقيق -رحمه الله-: "جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: (فاتني الصلاة الليلة. فقال: أدرك ما فاتك في ليلتك في نَهارك فإن الله عز وجل جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورً). والله سبحانه هو الموفق والهادي والمعين. يتبع بسنة أخرى من سنن الهدى فكونوا في المتابعة
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ◄ومن سنن الهدى: -- ما أكثر أبواب الخير التي فتحها الرب الرحيم لهذا الإنسان الضعيف الذي طالما كثر ظلمه لنفسه، وتناهى تقصيره في السعي في إكرامها وإسعادها في دنياها وأخراها إلا من رحم الله من عباده وقليل ما هم في كل زمان ومكان والله المستعان .◘نوافل الصدقة: ومن جملة تلكم الأبواب التي أنعم الله بفتحها نوافل الصدقة: فهي لا تزال مفتوحة ليلج فيها فيكسب حسنات ترفع بِها درجاته وتحط بِها خطيئاته، وهأنا سأذكر إن شاء الله بعضًا من النصوص الكريمة التي تحث على نوافل الصدقة على اختلاف أنواعها، وسأبين باختصار ما دلت عليه من المعاني، قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245]. وقال عز وجل : {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]. وقال سبحانه: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَم يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:265]. ففي هذه الآيات الكريمات وما في معناها من آيات أخرى حث عظيم للمؤمنين على الإنفاق من مال الله الذي امتَن به على كثير من عباده في كل زمان ومكان، وترغيب كريم لهم كذلك، وقد جاء هذا الحث وذلكم الترغيب بأساليب مختلفة كعادة القرآن الكريم الذي فاقت أساليبه جميع الأساليب العربية، وتسامت تراكيبه فوق جميع تراكيب ألفاظها وجملها، فلم يطمع بليغ من بلغاء النثر والنظم في محاكاة هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، وأنى له ذلك؟ وقد قال منَزله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]. نعم جاء الحث على الإنفاق في وجوه الخير والترغيب في ذلك بأساليب متنوعة فتارة بأسلوب الترغيب في الإنفاق، والتصريح بذكر مضاعفة ثواب الصدقة إلى أضعاف كثيرة، فتدفع النفوس الطيبة عند سماعها إلى البذل والعطاء في سبيل الله، كما في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245]. ولقد سمع أبو الدحداح الأنصاري رضي الله عنه هذه الآية الكريمة وكان له حائط يحتوي على ستمائة نخلة، فقال: يا رسول الله، أرني يدك. فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، قال: إني قد أقرضت ربي عز و جل حائطي. وكانت زوجته أم الدحداح فيه ومعها عيالها، فناداها، وقال لها: اخرجي يا أم الدحداح فقد أقرضت ربي حائطي. فبادرت إلى الخروج مباركة صنيع زوجها الذي لا يفعله إلا الأسخياء الأتقياء. فرضي الله عنهما وأرضاهما. وتارة يضرب المثل الذي يصور المعقول في صورة المحسوس، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]. ففي هذا المثل الكريم تشويق للنفوس وترغيب لها في الإنفاق في سبيل الله والإحسان إلى عباد الله، وذلك أنه إذا كان المتصدق بدرهم واحد يضاعف له إلى سبعمائة ضعف بل وإلى أكثر من ذلك، فإنه سيندفع إلى مواصلة السير في الإنفاق وسيكون طويل اليد في البذل والعطاء في سبيل الخير، إذا عافاه الله من رذيلة الشح وداء البخل ووعود الشيطان الماكر اللئيم. وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في شأن عبد الرحمن بن عوف وعثمان ابن عفان رضي الله عنه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا حث الناس على الصدقة حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك، جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف درهم، فقال: (يا رسول الله كان لي ثمانية آلاف فأمسكت لنفسي ولعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلاف أقرضتها ربي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك لك فيما أمسكت وفيما أعطيت. وقال عثمان: يا رسول الله علي جهاز من لا جهاز له. فنَزلت هذه الآية فيهم). قلت: وفي الختم بقوله سبحانه: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}. ما يدل على أن المضاعفة تكون إلى سبعمائة ضعف، كما فسرت ذلك السنة الصحيحة وإلى أكثر من ذلك، وذلك بحسب نية المتصدق وحبه للمال وشدة حاجته إليه وكذا بحسب الكسب الطيب إذ لا يقبل من النفقة إلا ما كان من كسب طيب، وبحسب الإخلاص في الصدقة، كما تحصل المضاعفة أيضًا بحسب الزمان والمكان والمناسبات والأحوال والحاجات كما هو معروف من قواعد الشرع الشريف، وكرر سبحانه ضرب المثل لثواب أصحاب الصدقات، والإنفاق في سبيل الله لسد حاجة الإسلام والمسلمين حيث قال سبحانه: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَم يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:265]. فأنت ترى أيها القارئ الكريم كيف شبه الله نمو صدقات أهل الإخلاص الذين يربي الله صدقاتِهم، ويضاعف حسناتِهم بنمو نبات الجنة الكائنة بالربوة الموضوعة بكرم الأرض وطيبها وصلاح تربتها فهي لذلك تؤتي أكلها ضعفي ثمر غيرها سواء سقيت بماء المطر الغزير، أو نزل عليها رذاذ ضعيف فإنه يكفيها لطيب تربتها. وقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتصدق أحد بصدقة من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل أو أعظم) أخرجه مالك في الموطأ. وكم من حديث صحيح ورد في الترغيب في الصدقات والحث على الإنفاق رجاء ثواب الله وخشية عقابه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله يقول الله: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي، وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، الصوم جنة الصوم جنة). وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة). وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بِها وَيُعَلِّمُهَ). وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ...) وذكر منهم: (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يَمينه). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك). وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بِها وجه الله إلا أجرت بِها حتَّى ما تَجعل فِي فِيِّ امرأتك). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العبد فيه إلا ملكان ينْزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفً) متفق عليه. وغير ذلك في هذا الباب كثير لا يمكن حصره في هذا البحث المختصر. قلت: وهذه النصوص النبوية الكريمة فيها أعظم ترغيب في احتساب الصدقات وفيها أكرم وعد وأصدقه بالجزاء الأوفى عليها حتى ولو كانت النفقة على من تجب نفقتهم عليك، وهذا فضل من الله عظيم وإحسان كبير يحتاج إلى فهم صحيح، وشكر لله بالقول والعمل: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [لقمان: من الآية12]. وكما تكون الصدقة بالمال فإنَّها تكون أيضًا بذكر الله على اختلاف أنواع الذكر، كقراءة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير والاستغفار وغير ذلك من ذكر القلب واللسان، فإن ذلك كله صدقات مضاعفة، لا كلفة فيها ولا إرهاق ولا مشقة، وإنما هي خفيفة وسهلة وميسرة على القلب واللسان معًا، ومع ذلك فهي ثقيلة في الميزان وحبيبة إلى الرحمن. ولا غرابة أن تكون الصدقة بذكر الله كذلك فقد أمرنا سبحانه بذلك في مواضع كثيرة من كتابه، وما ذلك إلا لعظيم فضله وكثرة فوائده ونفعه حيث قال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم}. وقال عز و جل: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}. وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. ومدح الله الذاكرين وأثنى عليهم فقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتَِ الأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ -190, الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}. وقال -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيْمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]. وقال عز و جل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. وغير ذلك كثير. وأما الأحاديث التي جاءت في فضل الذكر وكثرة فوائده الدنيوية والأخروية وأنه من الصدقات التي ترفع الدرجات وتحط الخطيئات فهي كثيرة جدًّا أذكر منها ما يلي: 1- ما جاء في صحيح مسلم عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيْمان، والحمد لله تَملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تَملأ ما بين السماء والأرض). 2- قوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم). 3- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال موسى عليه السلام : يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بِهن لا إله إلا الله). 4- وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم !! قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون، إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تَهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة، ونَهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر. قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر). 5- وفي الصحيحين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: تسبحون، وتكبرون، وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة). قال أبو صالح: (فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بِما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء). قلت: وبالتأمل في مدلولات هذه النصوص الشرعية، نعلم علم اليقين أن المحافظة على الذكر المطلق والذكر المقيد حسنات من العبد على نفسه سيجد ذخرها عند الله الذي وفقه لها، وسهلها على لسانه، وحببها إلى روحه وقلبه فينبغي المحافظة عليها على أي حال من الأحوال، وفي كل من الأحيان كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه طلبًا لنيل رضا ربه، ولرفع درجاته عالية في رحابه، وإن لنا فيه للأسوة الحسنة والقدوة الرشيدة، إذ هو رسولنا ومعلمنا والمشرع لنا، والحريص على إسعادنا في دنيانا وبرزخنا وآخرتنا. وكما تكون الصدقة بالمال وبذكر الله -تبارك وتعالى- فإنَّها قد تكون بأمور أخرى كثيرة منها: 1- الإصلاح بين الناس كما قال عز و جل: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]. 2- عزل الشوكة والعظم والحجر عن الطريق، ودلالة الأعمى، وإرشاد الأصم والأبكم، وإعلام المستدل على حاجة له قد علمت مكانَها، وإغاثة اللهفان، ومساعدة الضعيف، ونحو ذلك مما هو مثله، فقد ورد عن الإمام أحمد بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتزيل الشوكة عن الطريق والعظم والحجر، وتَهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانَها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك). 3- حسن الخلق وطلاقة الوجه وإفراغك من إنائك في إناء أخيك لك صدقة فقد خرج الترمذي من حديث أبي ذر عن النبي ج قال: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونَهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة). حديث صحيح. 4- كف الشر عن الناس صدقة، كما ورد في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيْمان والجهاد في سبيل الله. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثَمنًا. قلت: فإن لَم أفعل؟ قال: تعين صانعًا وتصنع لآخر. قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: تكف شرك عن الناس، فإنَّها صدقة منك على نفسك). 5- ما أكلت الطيور والسباع، وما أخذ على المسلم من ماله بدون إذن ولا علم كما جاء في الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يغرس غرسًا فيأكل منه الطير أو إنسان أو بَهيمة إلا كان له صدقة). وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة وما أكل السبع منه له صدقة، ولا ينقصه أحد إلا كان له صدقة). وفي رواية أيضًا: (فلا يأكل منه إنسان ولا دابة ولا طائر إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة). 6- تعليم العلم أيضًا، فإن ثوابه يكون عاجلاً وآجلاً كما جاء في الحديث: (من علَّم بِما علم أورثه الله علم ما لَم يعلم)، ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصدقة أن يتعلم الرجل علمًا ثم يعلمه أخاه المسلم). وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : (ما تصدق عبد بصدقة أفضل من موعظة يعظ بِها إخوانًا له مؤمنين، فيتفرقون وقد نفعهم الله بِه) وغير ذلك في هذا المعنى كثير. ولما كانت الأعمال الصالحة أقوالها وأفعالها عرضة لما قد يهجم عليها فيبطلها أو ينقص ثوابَها، فإن جميع الصدقات على اختلاف أنواعها إذا صحبها أو تبعها مَنّ أو أذى أو رياء أو عجب أو غرور فإن ذلك يحبط ثوابَها، ويرجع صاحبها بصفقة خاسرة تتبعها حسرة وندامة يوم القيامة يوم يكون كل مسلم أخلص في صدقته في ظلها. ومن أجل المحافظة على بقاء ثواب الصدقات جاء التحذير الإلهي من الوقوع في أسباب إحباطها حيث قال عز و جل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: من الآية264]. وقال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: من الآية110]. وروى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب). وهنا أمر خطير قد يمحق الحسنات محقًا وينسفها نسفًا، ألا وهو الوقوع في أعراض المسلمين، وأخذ أموالهم بالباطل، وسفك دمائهم بغير حق فقد روى البخاري -رحمه الله- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون له دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لَم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه). قلت: فليرحم العبد المسلم نفسه وليحافظ على حسناته، وليجعل تحذير ربه ووصية نبيه في قلبه ونصب عينيه، فإنَّهما يحملان الرحمة به والشفقة عليه لئلا تذهب حسناته هباءً منثورًا فيصبح غدًا في دار الجزاء يقلب كفيه على ما كان يرجو ثوابه فإذا هو يؤخذ منه جهرة لغيره عدلاً من الله وإنصافًا: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: من الآية49]. يتبع إن شاء الله... |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
أسباب, النجاة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc