مذكرات مادة الفلسفة مجانا - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى أساتذة التعليم الثانوي > قــسم المذكرات

قــسم المذكرات مذكرات تربوية لجميع المواد و لكل مستويات التعليم الثانوي

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مذكرات مادة الفلسفة مجانا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-10-26, 17:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yasmine24
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

merci. bcp









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 11:16   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yasmine24 مشاهدة المشاركة
merci. Bcp
السلام عليكم
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بألف خير
لا شكر على واجب
الفيلسوف السوفي









رد مع اقتباس
قديم 2012-10-26, 19:03   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحصة: نظري. التاريخ: .../.../...20
الإشكالية االثانية: في انطباق الفكر مع ذاته و ومع الواقع الشعب:
3لغ أ/3ع تج
المشكلة الثانية : انطباق الفكر مع الواقع. المراجع: - كتاب إشكاليات فلسفية التقويم: شفوي، كتابي، مرحلي،
ختامي، ذاتي. - معاجم فلسفية وتراجم الفلاسفة.
الكفاءة المستهدفة: - وثائق مكتوبة وصور ذات صلة بموضوع الدرس
الكفاءة الختامية
الكفاءات الحورية والخاصة.

الـجــانـب المنهجي

الــــمضــــــاميـــــــــــــن الــمـعــرفـــــية

.

الكفاءة الختامية الأولى: أن

يتوصل المتعلم إلى التحكم في آليات الفكر
ألنسقي.


الكفاءة المحورية:


التحكم في آليات التفكير المنطقي




الكفاءة الخاصة:

ضبط المفاهيم المنطقية.


























الكفاءة الخاصة:

التحكم
في البرهنة.



















































الكفاءة الخاصة:

استخدام القياس في مجاله
وسياقه.


المجال الإشكالي:



المكتسبات القبلية
المفترضة:
- كفاءات وقدرات لغوية للتعبير والتواصل،
والكتابة.

- كفاءات معرفية تاريخية مرتبطة
بالحضارة اليونانية القديمة، والحضارة الإسلامية الوسيطة، والحضارة الغربية
الحديثة والمعاصرة.

- معارف علمية وتاريخية سابقة.

- التمكن من الكفاءات الفلسفية المكتسبة من دراسة
المشكلات الفلسفية المقررة السابقة.

المجال الإشكالي:


في آليات التفكير المنطقي كيف
يمكن للفكر أن ينطبق مع نفسه، وكيف يمكنه أن ينطبق مع الواقع؟






































































































انطباق الفكر مع الواقع

بما أن العقل يتوجه الى ذاته فهو كذالك يتوجه الى الواقع
وهذا التعامل مع الظواهر والاشياء يؤسس للمنهج التجريبي أي التعامل مع المحسوسات
بواسطة العقل، فكيف ينطبق العقل مع الواقع؟

تعريف الاستقراء : هو
الانتقال من الخاص الى العام أي من الجزئي الى الكلي : ويقول عنه ابن تيمية :
<هو الاستدلال الجزئي على الكلي ويكون يقينيا إذا كان إستقراء تام لانه حينئذ
نكون قد حكمنا على القدر المشترك بما وجدناه في جميع الافراد وإلا فهو ناقصا>

أنواع الاستقراء:الاستقراء
نوعان تام وناقص

01- الاستقراء
التام : هو إستقراء يقيني لأنه يقوم على إستقراء لكل جزئيات موضوع البحث .
02- الاستقراء
الناقص: هو إستقراء غير يقيني بصورة مطلقة لانه يقوم على تفحص بعض الجزئيات فقط.

خطوات المنهج التجريبي: يمكن التعرف على
الاستقراء من الناحية الاجرائية بذكر حطوات المنهج التجريبي وهي على النحو
التالي :

أ‌-
الملاحظة : ويقصد بها
الملاحظة العلمية المجهزة .

ب‌-
الفرضية: وهي عملية عقلية<تخمين> لتفسير
واقعة أو كما يقول ماخ :<تفسير مؤقت لوقائع معينة يلعب الخيال والحدس دورا
هاما فيها>

ج- التجريب: وهو إختبار الوقائع وتركها تعبر
عن ذاتها بكل موضوعية وروح وضعية كما أن التجريب خطوة حاسمة لتكذيب أو التحقق من
صحة الفرضية وإستخلاص القانون العلمي.


قواعد المنهج التجريبي:

طريقة التلازم في الحضور: تقوم على تلازم بين العلة
والمعلول في الوجود فإذا وجدت العلة قام المعلول بالضرورة .

طريقة التلازم في الغياب : تقوم على اساس التلازم بين
العلة والمعلول في عدم وجود الظاهرة .

طريقة التلازم في التغير : كل تغير يطرأ على العلة لا بد
من أن يجعل بالمقابل تغيرا يطرأ على المعلول، نظرا للتلازم القائم بينهم .

طريقة البواقي : وهي تعني أن العلة لشيئ ما لا تكون في
الوقت نفسه علة لشيئ آخر مغاير للشيئ الاول .

03- كيف نصل الى هذا الانطباق إذا كان يأخذ بأحكام مسبقة غير
مؤكدة علميا؟

يعتد المنهج العلمي على ضمنات كثيرة ويسلم في الوقت ذاته
بأحكام تسبق التجربة

01- مبدا السببية <العلية > هو من أسس الاستقراء
التجريبي الذي ينبني عليها وقاعدته أن لكل سبب مسبب ولكل علة معلول أي فكرة
الضرورة التي تقوم بين الظواهر في تتابعها تظل فكرة في الذهن .

02- مبدأ إطراد الظواهر : يمكن النظر الى مبدأ السببية
والاطراد على انهما مترابطان فكما أن العلاقة ضرورية بين العلة والمعلول في
العقل قبل التجربة وإنكار مبدأ الاطراد يفضي الى الايمان بفكرة عدم الانتظام
والفوضى وهو ما لا يقبله العقل .

03- مبدأ الحتمية :إن الظواهر يتحتم وقوعها متى توفرة
أسبابها ويستحيل أن تقع مع غياب هذه الاسباب بمعنى نفس الاسباب تؤدي الى نفس
النتائج .

04- كيف يتضمن هذا الاسلوب المنطقي الوصول الى الحقيقة ؟

يمكن حصر الاطار المنطقي لهذا المنهج في القوانين التالية:
وهي الافتراض والتقنين والتعميم والتنبؤ .

فما أهمية هذه المواضع في الاستقراء والمنهج التجريبي ؟

01- الوصول الى الحقيقة بضمانة من عقلنة الظواهر ولقد
إفترض العلماء أمثال نيوتن أن الوجود عقلاني بمعنى أن الكون يمكن فهمه بالقواعد
الذهنية ولهذا جاء الاطار المنطقي للقانون العلمي فكيف ذلك ؟

يعد القانون العلمي محصلة تضم نتائج البحث المعتمد خلال
المنهج التجريبي مصاغة غالبا صياغة رياضية بعد إخضاع الفرضية للتحقق التجريبي إن
الوظيفة االاساسية للعالم تتبلور في ربط الظواهر ببعضها من خلال العلاقات التي
تقوم بينها وصولا الى نظرية عامة ومجوعة قوانين تجريبية .بمعنى الوصول الى
القوانين العلمية بضمانة من إنتظام الظواهر .

01- التعميم: يهتم
الاستقراء بالنظريات العامة ذات الطابع التفسيري ان التعميم يتعدى حدود التجربة
المفردة في المكان الى كل تجربة فب اي مكان ضمن الشروط المتماثلة فقانون سقوط
الاجسام ينطبق على كل الاجسام مهما إختلفت البلدان والتظاريس .

02- التنبؤ : هو نوع
من الاحتمال وبذلك فهو مشروع ضروري في البحث العلمي يكفي أن نلاحظ مرة
واحدة لكي نحكم بأن القوانين ذاتها
بإعادة حدوث الظواهر.

02- هل الانطباق مع الواقع في هذه الحالة
يمنع الفكر من الانطباق مع نفسه أيضا؟:

يذهب المناطقة و العلماء على حد السواء الى ان العلم
الحديث احرز تقدما كبيرا بفضل استخدام المنهج التجريبي وهذا التقدم لا يعني انه
يستند الى ملاحظة والتجريب فقط فكيف
يتأتى للفكر أن ينطبق مع نفسه من خلال انطباقه مع الوقائع التجريبية.

اولا
النسق الرياضي يترجم انطباقه مع نفسه ومع الوقع :

يقومم الباحث على ضوء المعطيات الملاحظة و التجريب باجراء
عمليات أستبطانية تستخدم الرياضيات كاداة للتحليل وتصاغ القوانين وفق التحكم
الرياضي.

- النسق الرياضي المجرد يطابق العلم التجريبي:


ان المنهج التجريبي الحديث اصبح اذا يعتمد على منهج
الملاحظة و المنهج الرياضي كما ان
الرياضيات متد العلم التجريبي بلغته الدقيقة فالرياضيات تحتوي في مفاهيمها على
تحديد الكم والكيف بالارقام

تضمن النسق المنطقي وانطباقه مع نفسه ومع
الواقع:

ان الاستقراء يهدف الى الكشف عما هو جديد لانه ليس مجرد
تلخيص للملاحظات السابقة فقط بل انه يمنحنا القدرة على التنبؤ ويوحد الاستقراء العقل
مع نفسه بواسطة مبدا الهوية ويوحد الفكر مع نفسه ومع الواقع

خاتمة حل المشكلة :

ينطبق الفكر مع
الواقع حين يعتمد على المنهج التجريبي الاستقرائي ويحقق كذالك تطابق الفكر مع
نفسه إن المنطق الارسطي قام على الانطلاق من مسلمات وبديهيات ثم الاعتماد على
قواعد ومبادئ حددها العقل لاجل الوصول الى نتائج سليمة إلا أن المنطق المادي
والمنهج التجريبي تجاوز هذه المنطلقات بالاعتماد على منهج جديد تمثل في إستقراء
الموجودات والملاحظة ثم التجريب لاجل إستنطاق الظواهر الطبيعية والوصول الى
إنطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع لقد حاول أهل الاستقراء تجاوز المنطق الارسطي
لكونه لا يصلح للعالم ولكونه أيضا مرتبط بالفلسفة من حيث أن المناطقة خاطروا
بفرض غير مؤكد علميا وخالفو تعاليم
المنهج العلمي القائم على الملاحظة والتجربة لا على الافتراض والخيال ولهذا فإن
الجدل بين العقلانيين والتجريبيين في هذا النطاق يبقى عميقا طالما إستمر تعنت كل
طرف.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 11:27   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المــادة: فلسفة
النشاط: درس نظري
الإشكالية الثانيــــة: الأخلاق الموضوعية والأخلاق النسبية
المشكلة الخامسة: الأخلاق بين الثوابت والمتغيرات
المستـــــــوى : 3 آداب وفلسفة
الحجم الساعي: 6 ساعات
الكفاءة الختاميــة: ممارسة التأمل الفلسفي في القضایا الفكریة التي تتعلق بالإنسان ومحيطه .
الكفاءة المحورية: التحكم في البحث الفلسفي في العلاقة المعقدة بين المبادئ والممارسات عن طریق تهذیب مَنْطقيٍّ الثوابت والمتغيرات.
الكفاءة الخاصــة: التحكم في فهم الأخلاق كمبادئ و إنجاز البحث فيها، وفهم سلوكات الناس الأخلاقية في مجال الحياة العامة وتحليلها وتأملها.
الأسئلة
ماهي مشكلة الدرس؟
هل المبادئ الأخلاقية ثابتة أم نسبية؟
ما هو موقف الإتجاه الديني؟
من ممثل هذا الموقف؟
ما هو موقف الإتجاهات العقلية؟
من ممثل هذا الإتجاه؟
ما هو موقف الإتجاه الإجتماعي؟
من ممثل هذا الإتجاه؟
ما هو موقف الفلاسفة النفعيون؟
من ممثل هذا الإتجاه؟
ألا يمكن إعتبار الأخلاق ثابتة ومتغيرة؟
ماذا نستنتج في الأخير؟
التحليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
مقدمة(طرح المشكلة):
إن من أهم الإهتمامات في التاريخ البشري الأخلاق ،و هي بالجملة قيم و أفعال تقوم على أحكام تقديرية تهدف إلي توجيه سلوك الإنسان و غايتها من هذا السلوك إذن التقويم و الإرشاد،وليس هناك إختلاف بين الفلاسفة في أن الفعل قد يحمل قيمة الخير أو قيمة الشر،لكن الإختلاف موجود في الأساس الذي نعتمد عليه في معرفة الخير و الشر،و بالتالي فعلى أي أساس نقيم القيم الأخلاقية ؟
** هل يمكن القول بأن الأخلاق واحدة لمجرد قيامها على أساس من المبادئ و الثوابت:
أولا : وحدة الأخلاق في قدسيتها (الديـــــــن):
إن الدين بمفهومه العام هو الإعتقاد العاطفي بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة و يدفع هذا الإعتقاد إلى أداء واجب إتجاه هذا المبدأ(اللـــــه).
وانطلاقا من إرثنا الحضاري نجد أن الإسلام دعوى إلى الخير،فجاء في القران قوله تعالى:«ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون».
وبهذا يتضح لنا أن الدين يشكل بعدا أخلاقيا نستند إليه في تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الإبتعاد عن الشر فإبن حزم يرى بأن الله تعالى هو الذي سمى الحسن و القبح،فالخير أو الحسن هو ما أمر الله به،و الشر أو القبح هو ما نهى الله تعالى عنه،و معنى هذا أن معيار الخير و الشر عند ابن حزم يرتد إلى الإرادة الإلهية.
وقد مثل هذا الموقف أيضا فرقة الأشاعرة (هي فرقة كلامية إسلامية يعد أبو حسن الأشعري مؤسسها، توفي سنة324ه)،ويرى زعماء هذه الفرقة بأن حسن الأفعال و قبحها حددها الشرع،و بالتالي فإن الأفعال لا تحمل الخير و الشر بذاتها ،بل الشرع هو الذي حدد ذلك،وبالتالي نعرف قيم الأفعال عن طريق الشرع يقوا أبو الحسن الأشعري:«إن الخير و الشر بقضاء الله و قدره»،
و أيده في ذلك الإمام الجويني حيث يقول: «بالمعاني بالحسن ما ورد الشرع بالثناء على فاعله و المراد بالقبح ما ورد الشرع بذم فاعلها »،و عليه فالشرع أو الدين هو الأساس الوحيد لمعرفة القيمة الخلقية.
و قد أيد هذا الموقف ابن مسكويه الذي إعتبر أن الشريعة الإسلامية هي أساس التقييم الأخلاقي، ولهذا دعى في كتابه (تهذيب الأخلاق) إلى إتباع تعاليم الشريعة الإسلامية في تربية الأبناء،و توجيههم نحو الخير و إبعادهم عن الشر.
إن تأسيس الأخلاق على أساس ديني له ما يبرره بإعتبار أنه تشريع مطلق و مقدس لكن في الوقت ذاته هو يحمل دعوة إلى إعمال العقل و التدبر في النصوص الشرعية.
ثانيا : الأخلاق و مطلقية العقل:
إن الإتجاهات العقلانية ترجع حقيقة القيم الأخلاقية إلى العقل.و مثل هذا الموقف أفلاطون الذي يعتقد بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الخير المطلق و معرفة هذا العلم يكون عن طريق العقل، و يرى بأنه لا وجود و لا كمال و لا سعادة إلا بالخير المطلق يقول أفلاطون: «إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة».
و قد مثل هذا الموقف أيضا فرقة المعتزلة (هي فرقة كلامية يعد واصل بن عطاء مؤسسها)،و ترى هذه الفرقة بأن حسن الأفعال و قبحها يكمن في ذاتها،فجميع الأعمال الحسنة (الصدق،الكرم، العدل...إلخ)هي أعمال خيرة في حد ذاتها،وجميع الأعمال القبيحة (الكذب،الظلم،السرقة...إلخ)،هي أعمال شريرة في حد ذاتها.
وبالتالي فإن القيم الأخلاقية في الأفعال ذاتها،و العقل هو الذي يدركها و ليس الشرع، لأن الشرع في نظر المعتزلة عندما يأمرنا بأفعال و ينهانا عن أخرى إنما هو مخبر فقط،ومن هنا فإن العقل هو أساس القيمة الخلقية عند فرقة المعتزلة و ليس الشرع و استدلوا على ذلك بأن الناس أدركوا الحسن و القبح قبل نزول الوحي.
وقد مثل هذا الموقف أيضا الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الذي أكد أنه يجب أن نحكم على الفعل الأخلاقي في حد ذاته دون النظر إلى آثاره أو نتائجه،وقد إعتبر أن الإرادة الخيرة (النية الحسنة)،هي الدعامة الأساسية للفعل الأخلاقي،بل هي الشيء الوحيد الذي يعد خيرا في هذا العالم،لأنها تستمد هذا الخير من باطن ذاتها،وليس من الأهداف.و بالتالي فإن الفعل الأخلاقي الخير هو الصادر من الإرادة الخيرة للإنسان. و يرى كانط بأن الإرادة الخيرة تتبع ما يعرف بالواجب الأخلاقي،يقول كانط:«إن الفعل الذي يتم بمقتضى الواجب إنما يستمد قيمته الخلقية لا من الهدف الذي يلزم تحقيقه،بل من القاعدة التي تقرر تبعا لها».و القوانين الأخلاقية تظهر للإرادة في صورة أوامر يطلق عليها كانط بقوانين العقل العملي،بحيث تخاطبنا بلهجة الأوامر،و يرى كانط بأن الأوامر نوعــــــــــان:
* شرطية مقيدة: مثل:كن صادق تكسب ثقة الناس.
* قطعية مطلقة: تدعوا للقيام بأفعال دون أي إعتبار للنتائج مثل: كن خير، قل الصدق...إلخ.
يقول كانط:«إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية،فعل نقي خالص و كأنما هبط من السماء ذاته ».
** ألا يمكن الإعتقاد بأنها متعددة بتعدد مشاربها،و متغيرة بتغير بنياتها و عصورها:
أولا : نسبية القيم من تنوع المجتمعات:
إن الإنسان لا يعيش لوحده،أي أنه ليس في عزلة عن غيره،بإعتباره كائن إجتماعي، وانطلاقا من هذه المسامة يؤكد الإجتماعيون بأن الأخلاق ظاهرة إجتماعية.
و مثل هذا الموقف إميل دوركايم الذي إعتبر بأن القيم الأخلاقية من صنع المجتمع، و أن المجتمع يتميز بنظام من القيم الأخلاقية تتجلى من خلال سلوكات الأفراد،و بالتالي فإن المجتمع هو السلطة الأخلاقية المتعالية التي تحكم كل فرد،و تحدد الأوامر و النواهي التي يكتسبها الفرد عن طريق التربية،وهي أوامر و نواهي قطعية إلزامية يجب على كل فرد الإلتزام بها بإعتباره عضو في مجتمع.
ومن هنا فإن فعل الخير أو فعل الشر نعرفه من خلال نظرة المجتمع للأفعال،وبالتالي فإن أي فرد إذا أراد أن يكون خيرا يجب عليه أن يلتزم بالقيم الأخلاقية الموجودة في مجتمعه،و الخروج عنها يعني الخروج عن أخلاق الخير، وهنا يصبح الفرد لا أخلاقيا، ويجب أن يعاقب.
والدراسة التاريخية للمجتمعات تؤكد هذا الأمر فسقراط و المسيح اعتبرا لا أخلاقيين لأنهما خرجا عن أخلاق مجتمعهما.
ومن هنا فدوركايم يؤكد بان المجتمع هو الأساس الوحيد لتقييم الفعل الأخلاقي حيث يقول: «ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس ،هي المجتمع».
ويقول أيضا: «إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم».
ثانيا : السعادة في اللذة و الخير في تعدد المنافع:
يتفق الفلاسفة النفعيون بصفة عامة على أن اللذة أو المنفعة هي الخير وأن الألم أو المضرة هي الشر،وينشأ عن هذا الإعتقاد أن أفعال الإنسان لا تكون خيرة إلا إذا حققت لذة أو منفعة،وإذا حققت ألم أو ضرر كانت شرا،و بهذا تكون القيمة الأخلاقية للأفعال الإنسانية مرتبطة بنتائجها.
فاللذة إذا هي مقياس الخير،وهذا ما ذهب إليه أرستيب القورينائي وهو مؤسس مذهب اللذة في الأخلاق،فهو يعتقد أن اللذة هي صوت الطبيعة تفرض نفسها على الأفراد وما عليهم إلا الخضوع لها لأنها الخير الأسمى و مقياس كل فعل أخلاقي خير.
وهذا ما ذهب إليه أبيقور الذي إعتبر أن اللذة هي الخير و الألم هو الشر،وبين أن الفضيلة أو السعادة سبيلها السعي و راء الملذات.
لكن أبيقور عدل من مفهوم اللذة و إعتبر أن الإفراط في الملذات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة،ومن هنا أكد على ضرورة إجتناب اللذات التي تنقلب إلى ألم،وتقبل الآلام التي تؤدي إلى لذات،ومن هنا نفهم أن أبيقور يعتبر أن عواقب الألم ليس شرا في كل الأحيان.
هذا ويعد جيرمي بنتام من أهم رواد مذهب المنفعة في العصر الحديث،وقد إعتبر بأن الأفعال التي تولد منفعة تعتبر أفعال خيرة و التي يتولد عليها مضرة،هي أفعال شر،وبالتالي فإن المنفعة هي المبدأ الأساسي لتقييم الفعل الأخلاقي،وهذا كله حسب النتائج،ولهذا عرف جيرمي بنتام لفظ نفعي بقوله: «صلاحية أي شيء لإنتاج النفع أو اللذة».
ولقد أكد بنتام أن المنفعة الخاصة أي منفعة كل فرد لوحده هي أساس المنفعة العامة،ولقد ركز هنا على الجانب الكمي،بحيث أن الإنسان الخير هو الأكثر تحصلا عن المنفعة.
غير أن جون ستيوارت مل وإن كان يتفق مع بنتام في أصول مذهب المنفعة ،إلا إنه إختلف معه في مسألة تقديم المنفعة الخاصة عن المنفعة العامة،ومن هنا نجده يعتبر بأن الآخرين هم وسيلة لتحقيق منفعة الفرد،أي يجب أن نقدم المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة،و معنى هذا أن جون ستيوارت مل يعتبر أن مقياس الخير يتمثل في ضمان أكبر سعادة للآخرين.
حيث يقول:«ليست المنفعة سوى المبدأ الأخلاقي الذي يفضي إلى تحقيق أكبر سعادة ممكنة،فالخير ما هو نافع لنا،وما هو نافع لنا،إنما هو الذي يكون في الوقت نفسه نافع لغيره»،ويقول أيضا:«وهدف الأخلاق هو تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر من الناس».


** لكن أليس من الموضوعية إعتبارها ثابتة في مبادئها متغيرة في تطبيقاتها في آن واحد:
* متغيرات الأخلاق ضمن ثوابتها:
إن هدف أي نظام أخلاقي هو جلب المصالح و درء المفاسد،و المصلحة مستنبطة من الطبيعة الإنسانية و المعتبرة شرعا في الوقت نفسه،و المصلحة غاية يهدف إليها الإنسان،وفي الوقت نفسه إلى مجموعة من الوسائل لتحقيق هذه الغاية.ومن هنا تكون الأخلاق مبادئ من جهة أنها قيم مطلقة،وتكون سلوك قيم وسيلية.
حل المشكلة :
بالرغم من الإختلاف الظاهر حول الأسس التي يقوم عليها الفعل الخلقي إلا أنها تبقى في حقيقة الأمر أسس متكاملة و متداخلة في فهم السلوك الخلقي.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 11:30   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأخلاق بين النسبي و المطلق
مقدمة(طرح المشكلة):
إن من أهم الإهتمامات في التاريخ البشري الأخلاق ،و هي بالجملة قيم و أفعال تقوم على أحكام تقديرية تهدف إلي توجيه سلوك الإنسان و غايتها من هذا السلوك إذن التقويم و الإرشاد،وليس هناك إختلاف بين الفلاسفة في أن الفعل قد يحمل قيمة الخير أو قيمة الشر،لكن الإختلاف موجود في الأساس الذي نعتمد عليه في معرفة الخير و الشر،و بالتالي فعلى أي أساس نقيم القيم الأخلاقية ؟
** هل يمكن القول بأن الأخلاق واحدة لمجرد قيامها على أساس من المبادئ و الثوابت:
أولا : وحدة الأخلاق في قدسيتها (الديـــــــن):
إن الدين بمفهومه العام هو الإعتقاد العاطفي بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة و يدفع هذا الإعتقاد إلى أداء واجب إتجاه هذا المبدأ(اللـــــه).
وانطلاقا من إرثنا الحضاري نجد أن الإسلام دعوى إلى الخير،فجاء في القران قوله تعالى:«ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون».
وبهذا يتضح لنا أن الدين يشكل بعدا أخلاقيا نستند إليه في تقويم أفعالنا الخلقية وفق قيم العمل بالخير و الإبتعاد عن الشر فإبن حزم يرى بأن الله تعالى هو الذي سمى الحسن و القبح،فالخير أو الحسن هو ما أمر الله به،و الشر أو القبح هو ما نهى الله تعالى عنه،و معنى هذا أن معيار الخير و الشر عند ابن حزم يرتد إلى الإرادة الإلهية.
وقد مثل هذا الموقف أيضا فرقة الأشاعرة (هي فرقة كلامية إسلامية يعد أبو حسن الأشعري مؤسسها، توفي سنة324ه)،ويرى زعماء هذه الفرقة بأن حسن الأفعال و قبحها حددها الشرع،و بالتالي فإن الأفعال لا تحمل الخير و الشر بذاتها ،بل الشرع هو الذي حدد ذلك،وبالتالي نعرف قيم الأفعال عن طريق الشرع يقوا أبو الحسن الأشعري:«إن الخير و الشر بقضاء الله و قدره»،و أيده في ذلك الإمام الجويني حيث يقول: «بالمعاني بالحسن ما ورد الشرع بالثناء على فاعله و المراد بالقبح ما ورد الشرع بذم فاعلها »،و عليه فالشرع أو الدين هو الأساس الوحيد لمعرفة القيمة الخلقية.
و قد أيد هذا الموقف ابن مسكويه الذي إعتبر أن الشريعة الإسلامية هي أساس التقييم الأخلاقي، ولهذا دعى في كتابه (تهذيب الأخلاق) إلى إتباع تعاليم الشريعة الإسلامية في تربية الأبناء،و توجيههم نحو الخير و إبعادهم عن الشر.
أن تأسيس الأخلاق على أساس ديني له ما يبرره بإعتبار أنه تشريع مطلق و مقدس لكن في الوقت ذاته هو يحمل دعوة إلى إعمال العقل و التدبر في النصوص الشرعية.
ثانيا : الأخلاق و مطلقية العقل:
إن الإتجاهات العقلانية ترجع حقيقة القيم الأخلاقية إلى العقل.و مثل هذا الموقف أفلاطون الذي يعتقد بوجود علم أو حكمة سامية غرضها الخير المطلق و معرفة هذا العلم يكون عن طريق العقل، و يرى بأنه لا وجود و لا كمال و لا سعادة إلا بالخير المطلق يقول أفلاطون: «إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة».
و قد مثل هذا الموقف أيضا فرقة المعتزلة (هي فرقة كلامية يعد واصل بن عطاء مؤسسها)،و ترى هذه الفرقة بأن حسن الأفعال و قبحها يكمن في ذاتها،فجميع الأعمال الحسنة (الصدق،الكرم، العدل...إلخ)هي أعمال خيرة في حد ذاتها،وجميع الأعمال القبيحة (الكذب،الظلم،السرقة...إلخ)،هي أعمال شريرة في حد ذاتها.
وبالتالي فإن القيم الأخلاقية في الأفعال ذاتها،و العقل هو الذي يدركها و ليس الشرع، لأن الشرع في نظر المعتزلة عندما يأمرنا بأفعال و ينهانا عن أخرى إنما هو مخبر فقط،ومن هنا فإن العقل هو أساس القيمة الخلقية عند فرقة المعتزلة و ليس الشرع و استدلوا على ذلك بأن الناس أدركوا الحسن و القبح قبل نزول الوحي.
وقد مثل هذا الموقف أيضا الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الذي أكد أنه يجب أن نحكم على الفعل الأخلاقي في حد ذاته دون النظر إلى آثاره أو نتائجه،وقد إعتبر أن الإرادة الخيرة (النية الحسنة)،هي الدعامة الأساسية للفعل الأخلاقي،بل هي الشيء الوحيد الذي يعد خيرا في هذا العالم،لأنها تستمد هذا الخير من باطن ذاتها،وليس من الأهداف.و بالتالي فإن الفعل الأخلاقي الخير هو الصادر من الإرادة الخيرة للإنسان. و يرى كانط بأن الإرادة الخيرة تتبع ما يعرف بالواجب الأخلاقي،يقول كانط:«إن الفعل الذي يتم بمقتضى الواجب إنما يستمد قيمته الخلقية لا من الهدف الذي يلزم تحقيقه،بل من القاعدة التي تقرر تبعا لها».و القوانين الأخلاقية تظهر للإرادة في صورة أوامر يطلق عليها كانط بقوانين العقل العملي،بحيث تخاطبنا بلهجة الأوامر،و يرى كانط بأن الأوامر نوعــــــــــان:
* شرطية مقيدة: مثل:كن صادق تكسب ثقة الناس.
* قطعية مطلقة: تدعوا للقيام بأفعال دون أي إعتبار للنتائج مثل: كن خير، قل الصدق...إلخ.
يقول كانط:«إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية،فعل نقي خالص و كأنما هبط من السماء ذاته ».
** ألا يمكن الإعتقاد بأنها متعددة بتعدد مشاربها،و متغيرة بتغير بنياتها و عصورها:
أولا : نسبية القيم من تنوع المجتمعات:
إن الإنسان لا يعيش لوحده،أي أنه ليس في عزلة عن غيره،بإعتباره كائن إجتماعي، وانطلاقا من هذه المسامة يؤكد الإجتماعيون بأن الأخلاق ظاهرة إجتماعية.
و مثل هذا الموقف إميل دوركايم الذي إعتبر بأن القيم الأخلاقية من صنع المجتمع، و أن المجتمع يتميز بنظام من القيم الأخلاقية تتجلى من خلال سلوكات الأفراد،و بالتالي فإن المجتمع هو السلطة الأخلاقية المتعالية التي تحكم كل فرد،و تحدد الأوامر و النواهي التي يكتسبها الفرد عن طريق التربية،وهي أوامر و نواهي قطعية إلزامية يجب على كل فرد الإلتزام بها بإعتباره عضو في مجتمع.
ومن هنا فإن فعل الخير أو فعل الشر نعرفه من خلال نظرة المجتمع للأفعال،وبالتالي فإن أي فرد إذا أراد أن يكون خيرا يجب عليه أن يلتزم بالقيم الأخلاقية الموجودة في مجتمعه،و الخروج عنها يعني الخروج عن أخلاق الخير، وهنا يصبح الفرد لا أخلاقيا، ويجب أن يعاقب.
والدراسة التاريخية للمجتمعات تؤكد هذا الأمر فسقراط و المسيح اعتبرا لا أخلاقيين لأنهما خرجا عن أخلاق مجتمعهما.
ومن هنا فدوركايم يؤكد بان المجتمع هو الأساس الوحيد لتقييم الفعل الأخلاقي حيث يقول: «ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس ،هي المجتمع»،ويقول أيضا: «إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم».
ثانيا : السعادة في اللذة و الخير في تعدد المنافع:
يتفق الفلاسفة النفعيون بصفة عامة على أن اللذة أو المنفعة هي الخير وأن الألم أو المضرة هي الشر،وينشأ عن هذا الإعتقاد أن أفعال الإنسان لا تكون خيرة إلا إذا حققت لذة أو منفعة،وإذا حققت ألم أو ضرر كانت شرا،و بهذا تكون القيمة الأخلاقية للأفعال الإنسانية مرتبطة بنتائجها.
فاللذة إذا هي مقياس الخير،وهذا ما ذهب إليه أرستيب القورينائي وهو مؤسس مذهب اللذة في الأخلاق،فهو يعتقد أن اللذة هي صوت الطبيعة تفرض نفسها على الأفراد وما عليهم إلا الخضوع لها لأنها الخير الأسمى و مقياس كل فعل أخلاقي خير.
وهذا ما ذهب إليه أبيقور الذي إعتبر أن اللذة هي الخير و الألم هو الشر،وبين أن الفضيلة أو السعادة سبيلها السعي و راء الملذات ،لكن أبيقور عدل من مفهوم اللذة و إعتبر أن الإفراط في الملذات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة،ومن هنا أكد على ضرورة إجتناب اللذات التي تنقلب إلى ألم،وتقبل الآلام التي تؤدي إلى لذات،ومن هنا نفهم أن أبيقور يعتبر أن عواقب الألم ليس شرا في كل الأحيان.
هذا ويعد جيرمي بنتام من أهم رواد مذهب المنفعة في العصر الحديث،وقد إعتبر بأن الأفعال التي تولد منفعة تعتبر أفعال خيرة و التي يتولد عليها مضرة،هي أفعال شر،وبالتالي فإن المنفعة هي المبدأ الأساسي لتقييم الفعل الأخلاقي،وهذا كله حسب النتائج،ولهذا عرف جيرمي بنتام لفظ نفعي بقوله: «صلاحية أي شيء لإنتاج النفع أو اللذة»،ولقد أكد بنتام أن المنفعة الخاصة أي منفعة كل فرد لوحده هي أساس المنفعة العامة،ولقد ركز هنا على الجانب الكمي،بحيث أن الإنسان الخير هو الأكثر تحصلا عن المنفعة.
غير أن جون ستيوارت مل وإن كان يتفق مع بنتام في أصول مذهب المنفعة ،إلا إنه إختلف معه في مسألة تقديم المنفعة الخاصة عن المنفعة العامة،ومن هنا نجده يعتبر بأن الآخرين هم وسيلة لتحقيق منفعة الفرد،أي يجب أن نقدم المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة،و معنى هذا أن جون ستيوارت مل يعتبر أن مقياس الخير يتمثل في ضمان أكبر سعادة للآخرين،حيث يقول:«ليست المنفعة سوى المبدأ الأخلاقي الذي يفضي إلى تحقيق أكبر سعادة ممكنة،فالخير ما هو نافع لنا،وما هو نافع لنا،إنما هو الذي يكون في الوقت نفسه نافع لغيره»،ويقول أيضا:«وهدف الأخلاق هو تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر من الناس».
** لكن أليس من الموضوعية إعتبارها ثابتة في مبادئها متغيرة في تطبيقاتها في آن واحد:
* متغيرات الأخلاق ضمن ثوابتها:
إن هدف أي نظام أخلاقي هو جلب المصالح و درء المفاسد،و المصلحة مستنبطة من الطبيعة الإنسانية و المعتبرة شرعا في الوقت نفسه،و المصلحة غاية يهدف إليها الإنسان،وفي الوقت نفسه إلى مجموعة من الوسائل لتحقيق هذه الغاية.ومن هنا تكون الأخلاق مبادئ من جهة أنها قيم مطلقة،وتكون سلوك قيم وسيلية.
حل المشكلة :
بالرغم من الإختلاف الظاهر حول الأسس التي يقوم عليها الفعل الخلقي إلا أنها تبقى في حقيقة الأمر أسس متكاملة و متداخلة في فهم السلوك الخلقي،










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:13   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الإشكالية الأولى: في إدراك العالم الخارجي ثانوية: ..............................
المشكلة الجزئية الثالثة: في الذاكرة و الخيال. شعبة: آداب و فلسفة نهائي.
الحجم الساعي: 5ساعة. الأستاذ: ...............
الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية التي تتعلق بالإنسان و محيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل نشاط نفسي و ثقافي إلى عملية الإدراك.
الكفاءة الخاصة: أ) إنجاز مخطط ينجز فيه موقع الإدراك و تكفله بكل نشاطات الإنسان.
ب) إنجاز مخطط يبرز فيه العلاقات الجدلية فيما بين كل النشاطات النفسية.

بنية الدّرس المدّة نشاط الأستاذ نشاط المتعلم /مضامين الدرس مؤشر الكفاءة
طرح المشكلة 10 د لو طلبت من أحدكم أن يسترجع ما حدث له في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، فهل هذا ممكن؟
هذا يتوقف على شروط مختلفة.


دفع المتعلمين إلى محاولة تبيّن ارتباط التذكر بعملية البناء لا الاسترجاع فقط، و بالحاضر لا بالماضي فقط:
من خلال تعليقكم هل عندما نتذكر نستعيد آليا ما حدث معنا؟
هل يفيدنا تذكرنا للماضي في حاضرنا؟
إقناع المتعلمين أنّ التذكر مرهون بشروط هي: قدرة الشخص على تذكر ما حدث له و في هذا يتفاوت النّاس. و أن يكون ما حدث له يستحق الحفظ و التذكر. و أن يتمكن من إعادة بنائه بكيفية صحيحة.
و منه نطرح التساؤل التالي:
إلى أيّ حدّ يمكن اعتبار التذكر بمثابة إعادة بناء ما هو ماضٍ من أجل التكيف مع ما هو راهن ؟ كفاءة تصور المشكلة و طرحها بلغة سليمة.
تحديد عنوان الدّرس و موضوعه.


45 د مساعدة المتعلم على تبيّن الطابع العضوي و الطابع الشعوري للذاكرة من خلال:
لو تعرض أحدنا لحادث مرور أصيب على إثره في الدماغ بحيث تلفت بعض أجزائه، فما هي نتائج ذلك على قدراته العقلية خاصة الذاكرة؟


تعمل الأشرطة السمعية و البصرية؟

ما تعليقكم على الحالة التالية (الفتاة "دولي" التي أصيبت برصاصة في الجهة اليسرى من دماغها بحيث أدى ذلك لتلف خلايا ما يعرف بمنطقة "بروكا" فكان عندما تغمض عيناها و يوضع في يدها اليمنى مشط تتعرف على أجزائه لكنها تعجز عن تذكر اسمه.

ما تفسيركم لوجود أدوية و عقاقير كيميائية تنشط الذاكرة، و وجود مواد أخرى تثبطها؟

هل بإمكانكم تذكر رائح زكية تحبونها؟ هل بإمكانكم تذكر صورة شخص تحبونه؟
ما تفسيركم لحفظ معلومات معينة كأسمائنا و مناطق سكننا و بعض أحداث طفولتنا، بينما لا نتذكر ما تناولناه في وجبة عشاء يوم السبت من الأسبوع الماضي؟

إذا كانت الذاكرة نشاطاً عضوياً مرتبطاً بالدماغ و الجهاز العصبي فلماذا لا نجدها عند الحيوانات الراقية عصبياً كقردة الشامبنزي؟
ما تفسيركم لملاحظة الأطباء التالية أنّ المريض بالحبسة ينسى الأسماء الكلية ثم أسماء الأعلام ثم الأفعال؟لماذا لم تفقد دفعة واحدة؟

ما تفسيركم لملاحظة الأطباء القائلة: أنّ مرضى الحبسة عندما يكونون في حالة انفعالية شديدة يتمكنون من نطق الكلمات التي عجزوا عن تذكرها و هم في حالة هادئة.



هل هناك فرق بين تذكر قصيدة من الشعر بسرد أبياتها، و بين تذكر السرور و النشوة التي شعرنا بها عندما قرأنا القصيدة أول مرّة؟








ما الفرق بين استعاد البناء للحركات و الخبرات التي تعلمها في البناء، و بين تذكره لأحواله و ملابسات تعلمه مهنة البناء؟



هل تقسيم الذاكرة إلى حركية و نفسية يحل المشكلة أم يعقدها؟




إذا كانت الذاكرة النفسية مستقلة عن الدماغ فما تفسير برغسون لعجزنا عن استرجاعها في حالة إصابته؟

هل يمكن تصور حياة سوية بدون أن يكون للشخص قدرة على التذكر؟
عندما تكون في موضع اختبار و مسائلة تعتمد كثيرا على ذاكرة لتسترجع ماذا؟ و بأي كيفية تسترجع؟





لكن التجربة الشخصية لكل واحد منا تظهر أحياناً أنّنا نتذكر بدون أن نقصد إلى ذلك، فما هو هذا النوع؟ و ما يسترجع بالتحديد؟ و كيف يحدث؟





هل الذاكرة فعالية فردية أم يتشارك فيها أفراد المجتمع؟

هل يمتلك النّاس نفس القدرة على التذكر؟



لكن دون المعالم الاجتماعية و دون عيشنا في مجتمع هل نحتاج إلى ذاكرة؟


ألا تلاحظ أنّك عندما تلتقي بالأصدقاء سرعان ما يتحول الحديث إلى محاولة تذكير بعضنا البعض بما مرّ بنا من أحداث.
لو تأملت ذكرياتك لتبين لك أنّك تملك ذكريات أسرية، و أخرى خاصة بحيك، و أخرى خاصة بالمدرسة، و أخرى تتعلق بالمدينة...
كيف تستطيع إخبار شخص بما تتذكره؟

عندما تتذكر تحاول أن تربط ذكراك بموسم أو عيد اجتماعي...
لكن هل يعني هذا أنّ الذاكرة ظاهرة اجتماعية؟ فما تفسيركم لقدرة أنّاس على التذكر أفضل من غيرهم؟ في محاولة الإجابة يربط المتعلم بين الدماغ و الذاكرة ليتبيّن له بعدها العضوي. و منه يبني أطروحة الماديين التي تعتبر الذاكرة نشاطاً عضوياً (و هذا ما ذهب إليه الفيزيولوجي الفرنسي "تيودول ريبو"[1916/1939].

في محاولة الإجابة يتبيّن للتلاميذ أنّ الذكريات عبارة عن آثار مادية (ذات طابع كيميائي فيزيائي) تحفظ في الدماغ.

في محاولة الإجابة يتمكن المتعلمون من ربط الذاكرة بالدماغ بحيث يؤكدون على طابعها العضوي(و هذا ما يعرف بمرض الحُبْسَة).

في محاولة التعليق يؤكد المتعلمون وجود علاقة بين هذه المواد و الذاكرة لأنّ تلك المركبات الكيميائية تؤثر مباشرة على الدماغ و الجهاز العصبي و منه فالذاكرة نشاط عضوي.
في محاولة التعليق يتبيّن للمتعلم وجود أنواع من الذكريات منها الصور الحسية كالروائح و الأطعمة و الصور... و ذاكرة طويلة المدى و أخرى قصيرة المدى.


دفع المتعلم إلى مناقشة الأطروحة و التشكيك في سلامتها:
فتفرد الإنسان بالذاكرة لا يعود فقط لتطور جهازه العصبي.
فقدان الذكريات بالتدرج يوحي أن الدماغ ليس وعاء حفظها بل وسيلة استرجاعها فقط.

في محاولة الإجابة يتمكن المتعلم من إدراك استقلال الذكريات عن الدماغ و بالتالي يتبين له بعدها النفسي و الشعوري. فيبني موقف "هنري برغسون" القائل: (إنّ الذاكرة ذات خصائص شعورية).

تفضي الإجابة إلى تمييز بين نوعين من الذاكرة و هما:
ذاكرة حركية: شبيهة بالعادة تعيد الماضي و لا تعيه لأنّها صور حسية مخزونة في الدماغ، و تحتاج إلى التكرار و تتأثر بالإصابات الدماغية.
ذاكرة نفسية: صور نفسية خالصة مستقلة عن الدماغ موجودة في اللاشعور لا تحتاج إلى التكرار و تعي الماضي و تعيشه لا نفقدها جراء الإصابات الدماغية بل نعجز فقط عن استرجاعها من ساحة اللاشعور إلى ساحة الشعور.
تفضي الإجابة إلى التمييز بين الذاكرة و العادة، ليتبيّن الطابع الشعوري لها.
فالعادة: فعل آلي يحتاج إلى التكرار.
الذاكرة: فعل واعي يعتمد على الشعور.
العادة تتلبس بالماضي لكنها لا تعيه.
الذاكرة: تعيش الماضي و تعيه.
ينتج عن الإجابة مناقشة أطروحة "برغسون" و التشكيك فيها من خلال:
إدراك أنّ التقسيم المقدم عقّد المشكلة.
كما أنّ المفاهيم التي أقحمها (اللاشعور، عيش الماضي، التلبس بالماضي...) تصبغ الأطروحة بصبغة فلسفية مجردة.
يتبيّن التداخل بين ما هو نفسي و ما هو جسدي بحيث نشك في استقلال الذاكرة عن الدماغ حسب زعم "برغسون"
في محاولة الإجابة يؤكد المتعلم على أهمية الذاكرة للحياة و توازنها.
تفضي الإجابة عن هذه الأسئلة إلى التعرف على نوعا التذكر و الذاكرة في آن واحد و هما:
الذاكرة العقلية و التذكر الإرادي: و هي ما نسترجعه من أفكار و معاني و علاقات منطقية، حيث يتطلب ذلك بذل جهد إرادي بحيث نتصرف في الذكريات بالحذف و الاختزال

تمكن الإجابة على هذا التساؤل من التعرف على:
الذاكرة الانفعالية و التذكر العفوي: و هي ما نسترجعه من مشاعر و حوادث ماضية فتبعث نفس الانفعالات التي خالطتها في البداية، و هي تحدث دون قصد و إرادة نظراً لتأثير عوامل التداعي مثل: التشابه، الاقتران، التضاد.

تفضي الإجابة إلى تمييز البعد الفردي و البعد الاجتماعي للذاكرة من خلال:
الذاكرة فردية: لأنّها قدرة تتعلق بالفرد و تختلف من شخص لآخر قوة و ضعفاً.
كما أنّ تثبيت الذكريات يتأثر بالعوامل النفسية كميول الشخص و اهتماماته.
الذاكرة اجتماعية: أطروحة "هالفاكس" [1877/1945](هي فعل يقوم فيه الشعور بربط الحاضر بالماضي اعتماداً على أطر اجتماعية هي:
وجود الغير يساعدنا و يدفعنا إلى التذكر.


هناك أنواع من الذكريات و ليس نوعاً واحداً فقط.

بناء الذكريات يتطلب استعمال اللغة، و هذه الأخيرة اجتماعية.
يعني هذا أنّ التذكر مستحيل خارج الأطر و المعالم الاجتماعية
تسمح الإجابة عن هذا التساؤل بالتحفظ بشأن الطابع الاجتماعي الذي ركز عليه "هالفاكس" كفاءة بناء موقف يعكس تصور المدرسة المادية من الذاكرة.






كفاءة تحويل المعلومات و المعارف إلى حجج تبرر موقفا محدداً.












كفاءة المناقشة و النقد من خلال كشف مواطن النقص و القصور.




كفاءة بناء موقف مناقض لما سبق عرضه.






كفاءة بناء حجج تبرر الموقف.















كفاءة النقد و المناقشة من خلال بيان مواطن النقص و القصور.







كفاءة التمييز بين طرق التذكر و أنواع الذكريات و تصميم مخطط واضح يميز كل منهما بخصائصه.















كفاءة بناء موقف يعارض الأطروحتين السابقتين.




كفاءة بناء حجج تبرر الموقف.





كفاءة النقد و المناقشة.


05 د عندما نتذكر هل نحن نستعيد الماضي آليا؟ أم نعيد بناءه وفق متطلبات الحاضر؟
هل الذاكرة وظيفة نفسية خالصة؟ أم تتطلب شروطاً عضوية و أخرى اجتماعية؟ تمكن الإجابة عن هذه الأسئلة من استنتاج: أنّ الذاكرة ليست مجرد استرجاع بل هي بناء للماضي وفق الحاضر ذات طابع عقلي تستند لشروط عضوية و اجتماعية كفاءة الاستنتاج و حل المشكلة بالوصول إلى نتيجة تناسب منطق التحليل، و تأسيسها منطقياً






07 د من يفسر لنا المقصود بأحلام اليقظة؟



هل يلزم من هذا أنّ أحلام اليقظة لا علاقة لها بالواقع؟
و هل كل ما نحلم به لا يفيدنا في مستقبلنا؟

دفع المتعلمين إلى التعليق على ذلك ليتمكنوا من إدراك انفلات الخيال عن الواقع في هذه الأحلام.
تمكن الإجابة عن هذه الأسئلة من إدراك المشكلة و بالتالي تحويلها إلى سؤال:
إذا كان التخيل انفلات من الواقع؟ فهل يعني أنّه متحرر منه تماماً؟ و هل ما نتخيله يساهم في استشراف واقعنا و تغييره؟ كفاءة تصور المشكلة و طرحها بلغة سليمة.
تحديد عنوان الدّرس و موضوعه.


48 د لو أردنا وصف حيوان كالحصان هل نحن بحاجة إلى إحضاره إلى القسم؟




أليس هذا الاسترجاع تذكراً؟




إذا كنا في التخيل لا نسترجع الصور إلا بعد إدراكها فهل يعني هذا أنّ التخيل إدراك ثاني؟




لو طلبت منكم تخيل صورة حصان يركض في البراري، و صورة لوحش خرافي مرعب، فهل بين التخيلين فرق؟ و ما هو؟ و لماذا؟




إذا كان التخيل الإبداعي يتجاوز الواقع فهل يلزم من هذا أنّه لا يغيّره و لا يساهم في بناءه؟

ألم تكن صورة جزائر حرة تحكم نفسها بنفسها صورة في خيال بعض القادة؟ و هل بقيت هذه الصورة مجرد حلم؟


هل شاهد "إسحاق نيوتن" قوة تجذب الأجسام أثناء سقوطها؟

أن يطير الإنسان كان مجرد أمنية؟ فهل تحقق ذلك و كيف؟


الخيال الخصب يسمح للشخص الذي يمتلكه أن يكون ماذا؟
ما المقصود بالإبداع؟
لكن ما الذي يجعل بعض النّاس يبدعون و غيرهم لا يستطيعون ذلك؟
ما الذي أهل "ألبرت أنشتين" أن يكون مبدعاً؟ و ما الذي ساعد "طه حسين" أن يكون أديباً مبدعاً؟




ما تفسيركم لكثرة المبدعين و المخترعين في مجتمع كاليابان؟
ألا تعتقدون أنّ الحاجات الاجتماعية هي التي تؤدي إلى وجود إبداع؟
ألا يقدم المجتمع المادة الخام للإبداع؟

ما تفسيركم لوجود عائلات يتوارث أفرادها العبقرية، فأسرة "باخ" نبغت في الموسيقى؟
ما الذي جعل "طه حسين" يتفوق أليس فقدانه للبصر و إصابته بعاهة؟
ألا تلاحظون أنّ بعض العلماء غريبون في سلوكهم و مظهرهم و تصرفاتهم؟ الإجابة عن هذا السؤال تسمح للمتعلم بمعرفة الكيفية البسيطة التي يستخدم بها الخيال و هي: التخيل بالاسترجاع (استعادة الصور بعد غياب الأشياء التي أحدثتها).

تمكن الإجابة عن هذا التساؤل من تمييزه عن الذاكرة: فهو لا يحدد الصور في الزمان و المكان. كما أنّ فيه حرية بحيث نتصرف في الصور بالزيادة و النقصان لجعلها ممتعة أو كاملة


تمكن الإجابة من تمييز التخيل عن الإدراك و معرفة طابعه الاستمراري: ففي الإدراك تفرض علينا الصور كما هي في الواقع، لكن التخيل يتصرف فيها.
التخيل عكس الإدراك يتحرر من الواقع و يتجه نحو المستقبل بينما الآخر لا يفعل ذلك.

يتمكن المتعلم من التفريق بين نواعا التخيل و هما:
التخيل التمثيلي: و هو القدرة على استعادة الصور بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، بحيث تطابق هذه الصور ما هو موجود في الواقع.
التخيل الإبداعي: و هو القدرة على إبداع صور غير مألوفة تتجاوز الواقع.
الإجابة عن هذا التساؤل تسمح للمتعلم بإزالة اللبس القائل أن التخيل انفلات من الواقع و لا يغيره.
الإجابة عن هذا التساؤل تساعد المتعلم على تبيّن أن خيال القادة و رجال السياسة يغير من واقع الشعوب و مستقبلها.

الإجابة عن هذا السؤال تساعد المتعلم على تبيّن أنّ خيال العلماء يساهم في الاكتشافات العلمية و تغيير واقع البشرية.
الإجابة عن هذا السؤال تساعد المتعلم على تبيّن أنّ التقنية و الصناعة ميدان تتحقق فيه أحلام النّاس و تغيير نظام حياتهم.
دفع المتعلمين إلى تعريف الإبداع (الخروج عن المألوف و تجاوز المألوف و كسر الروتين).

تحفيز المتعلمين للبحث عن عوامل الإبداع.

الإجابة عن هذه الأسئلة تمكن المتعلمين من كشف العوامل النفسية للإبداع بشقيها، العقلية (كالذكاء، و خصوبة الخيال، و قوة الذاكرة، و دقة الملاحظة، و شدّة التركيز..)
و الانفعالية (كالفضول و حب الاكتشاف، و قوة الإرادة، و الطموح، و الدوافع العاطفية..)

الإجابة عن هذه الأسئلة تسمح باكتشاف العوامل الاجتماعية المتمثلة في:
حاجات المجتمع و مطالبه.
درجة تطور المجتمع تنعكس على المبدعين.

الإجابة عن هذه الأسئلة تساعد المتعلم على اكتشاف العوامل العضوية للإبداع.

كفاءة التعرف على كيفيتي التخيل و رسم مخطط يوضع علاقته بالإدراك و الذاكرة.




كفاءة التمييز بين التخيل و الذاكرة.




كفاءة التمييز بين التخيل و الإدراك.




كفاءة التعرف على نوعي التخيل.



كفاءة اكتشاف دور التخيل في تغيير الواقع و بناءه.










كفاءة تحديد عوامل و شروط الإبداع.



















05 د هل تؤكدون ارتباط التخيل بالواقع من جهة و تحرره منه من جهة أخرى؟
هل هناك غرابة في ذلك؟ و هل هذا مستهجن؟ الإجابة عن هذا التساؤل تمكن المتعلمين من استنتاج: أنّ التخيل بشكليه الإبداعي و التمثيلي يستمد مادته من الواقع لكنه يتحرر منه في نفس الوقت. كفاءة الاستنتاج و حل المشكلة بالوصول إلى نتيجة تناسب منطق التحليل، و تأسيسها منطقياً






10 د هل يستطيع الواحد منا أن يسترجع ماضيه كما حدث له بحذافره؟ ما المناعة من ذلك؟

ما رأيكم في أن يكثر الواحد منكم من التخيل و التمادي في أحلام اليقظة؟
في محاولة الإجابة يكشف المتعلمون العوامل التي تعرض للذاكرة فتضعفها و تقلل من قدرتها على الاسترجاع.
كما يتبيّن لهم أنّ الخيال قد ينحرف عن وظيفته. و هذا ما يؤدي إلى التساؤل التالي:
ما هي العوامل التي تؤثر على الذاكرة سلباً و تجعل قدرتها على الاسترجاع نسبية؟ و ما هي العوامل التي تحرف الخيال عن وظيفته؟ كفاءة تصور المشكلة و طرحها بلغة سليمة.
تحديد عنوان الدّرس و موضوعه.


45 د


هل للإنسان قدرات مطلقة لا حدود لها؟ و هل الذاكرة تستثنى من ذلك؟

عندما نتذكر حدثاً ما و ننسى بعض تفاصيله هل نترك الذكرى ناقصة و نعرضها مشوهة؟ ماذا نفعل؟

ما تفسيركم لشخص يروى لزميله حدثاً حضره بحيث يبالغ في سرد بعض التفاصيل، أو يقلل من شأن ما هو مهم؟

ما التبرير الذي يقدمه البعض عندما لا يحضر مئزره أو كتابه؟

عندما لا تتمكن من استرجاع ذكرياتك ماذا يسمى ذلك؟
عندما تفقد ذكرى ما يؤدي ذلك إلى ماذا؟


عندما تتلقى معلومات كثيرة ما هو احتمال تداخلها؟ و ماذا ينتج عن ذلك؟


ماذا يحدث للمعلومات التي لا نستعملها؟

ماذا يسبب كره مادة تعليمية؟

إذا كان للإدراك أمراض فهل تصاب الذاكرة بأمراض؟


هل يتذكر الشيخ الكبير ما يمر به من أحداث في هذا السن مقارنة بذكريات شبابه؟
كثيرا ما تستثمر الأفلام مرضا ينتج عن صدمات عنيفة؟ ما هو؟
قد يسرد شخصاً أحداثاً يعتقد أنّه عاشها لكن ذلك لم يحدث فعلا، فماذا نسمي ذلك؟
هل يستطيع الواحد منا أن يسترجع التفاصيل الجزئية للأحداث لكن ماذا عن أولائك الذين يفعلون ذلك؟


لو بالغ أحدنا في أحلام اليقظة هل ستكسبه قدرة على مواجهة الواقع؟ و هل تقوى شخصيته؟




استثمار قصة المريض بالوهم و الطلب من المتعلمين أن يعلقوا عليها,
كثيراً ما يتهيأ لبعض الأشخاص أنّهم يسمعون أصواتاً و يرون أشياء لا يسمعها و لا يراها غيرهم، ماذا تدعون ذلك؟
الإجابة عن هذه التساؤلات تسمح للمتعلمين بمعرفة أنّ الذاكرة بناء غير مكتمل للماضي نظراً لعدّة عوامل منها:
محدودية قدرات الإنسان و منها الذاكرة التي لا تسمح بالاحتفاظ بكل شيء.

تدخل الخيال في الكثير من الأحيان لملء الثغرات و جعل الذكرى مفهومة.

ستبيّن للمتعلم أنّ ذلك كان بفعل تأثير العوامل الذاتية و الاهتمامات الشخصية، مما يجعل الذاكرة نسبية.
تكشف الإجابة أنّ سبب ذلك هو النسيان، أو بل أمراض الذاكرة.

دفع المتعلمين إلى ضبط مفهوم النسيان العادي (هو الوجه السلبي للذاكرة بعدم القدرة على استرجاع الذكرى أو فقدانها).

دفع المتعلمين إلى ضبط عوامل النسيان و هي:
التداخل و التعطيل: فتشابك المعلومات يؤدي إلى تعطيل بعضها بعضاً.

الترك و الضمور: فعدم استعمال خبرة ما يؤدي إلى نسيانها.
العوامل الانفعالية: النفور من مادة تعليمية يسبب صعوبة تثبيت معلوماتها و بالتالي نسيانها.
تمكين المتعلمين من التعرف على أمراض الذاكرة و هي:

صعوبة التذكر (ديسيمنيزيا): سببه عدم القدرة على تثبيت الذكريات.
فقدان الذاكرة (الأمنيزيا): فقدان الذكريات إما كلياً أو جزئياً.
الذاكرة الكاذبة (البارامنيزيا): ذاكرة منحرفة و مشوهة.
فرط التذكر (هيبرومنيزيا): شدّة حضور الذكريات و الصور بحيث يتذكر التفاصيل لدرجة تضخمها.

تمكين المتعلمين من تبيّن الوجه السلبي للخيال و المتمثل في:
أحلام اليقظة: تفقد الشخص الواقعية و تسلمه لعالم التخيلات و تورثه العجز عن مواجهة الواقع و تحديه بل هي علامة على ضعف الشخصية.
الوهم و الهلوسة: الوهم هو اعتقاد الشخص أنّه شيء آخر أو شخص آخر أو أنّه يعاني من أمراض لا وجود لها فعلا. أما الهلوسة فهي سماع أصوات و رؤية أشياء لا وجود لها في الواقع.
كفاءة التعرف على محدودية الذاكرة و العوارض التي تعترض مهمتها.











كفاءة التعرف على النسيان العادي و ضبط عوامله.











كفاءة التعرف على أمراض الذاكرة و تمييزها عن النسيان العادي.










كفاءة التعرف على انحراف الخيال و وجهه السلبي.

حل المشكلة 05 د هل الإنسان يعيش الحاضر كالحيوانات العجماء؟ لماذا؟
هل يمكن تصور حياة نفسية متوازنة بدون ذاكرة أو خيال؟
هل معرفتنا للعالم الخارجي تستغني عنهما؟ تمكين المتعلمين من استنتاج أنّ:
حياتنا النفسية لا ترتبط بالحاضر بل تعود إلى المضي و تنفذ إلى المستقبل، لذلك فالذاكرة و الخيال ركيزتان للحياة النفسية و معرفة العالم الخارجي كفاءة الاستنتاج و حل المشكلة بالوصول إلى نتيجة تناسب منطق التحليل، و تأسيسها منطقياً










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:18   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

دروس في مادة الفلسفة 3ثانوي تساعدك على انجاز مذكرات
المنهج التجريبي في علوم المادة مقدمة وتمهيد (نشأة العلوم التجريبية): إذا كان ميدان الرياضيات هو المفاهيم العقلية المجردة فإن ميدان العلوم التجريبية هو الواقع المحسوس والملموس وإذا كان المنهج الرياضي منهجا عقليا استنباطيا، فإن منهج العلوم التجريبية، بالضرورة تجريبيا ينطلق فيه العالم من دراسة الوقائع ليصل إلى قانون يحكمها.
وإذا عدنا إلى الواقع الذي يعد موضوعا للعلوم التجريبية وجدنا ظواهره متباينة فمنها ما يتصل بالمادة الجامدة وهذه من اختصاص علم الطبيعة (الفيزياء) ومنها ما يتصل بالمادة الحية وهذه تشكل موضوعا لعلم البيولوجيا (علم الأحياء) ومن هذه الظواهر ما يتصل بالإنسان وهي من اختصاص العلوم الإنسانية باختلاف فروعها.
تسمى هذه العلوم علوما تجريبية لأنها تتبنى المنهج الاستقرائي التجريبي في أوسع معاينة أي باعتباره منهجا ينتقل الباحث فيه من الظواهر إلى القوانين التي تحكمها.
ويمر هذا المنهج بمراحل مختلفة تبدأ بالملاحظة ثم الفرض ثم مرحلة التجريب وصولا إلى القانون وقد حدد كلود برنار هذه المراحل في قوله "الحادث يوحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة وتوجهها، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة".
والمنهج التجريبي بهذا المعنى لم يكن حديث النشأة بل يعود في جذوره إلى مفكري الإسلام ويمكن أن نذكر بعضا منهم العالم والطبيب الفيلسوف ابن سينا من خلال كتابه "القانون في الطب وأبا بكر الرازي من خلال كتاب "الحاوي" ومن كبار علماء الكيمياء "جابر بن حيان" ومن علماء الطبيعة الأجلاء الحسن بن الهيثم الذي يعد أول من طبق الرياضيات في دراسة الظواهر الطبيعية.
فقد تحدث جابر بن حيان عما أسماه بالدّربة والمقصود بها اليوم التجربة واعتبارها شرطا ضروريا لقيام العلم كما تحدث عن ضرورة تحديد المعاني أو ما نسميه اليوم بتحديد المفاهيم والمصطلحات ووضع بخصوص ذلك رسالة عنوانها "الحدود".
ويرفض قبول أية حقيقة تنقل عن الغير ما لم يتثبت من صحتها تجريبيا أما لحسن ابن الهيثم الذي هو من كبار علماء الطبيعة كما قلنا سابقا فقد طبق المنهج الاستقرائي في دراسة ظاهرة الانعكاس وظاهرة الانعطاف في الضوء وانتهى إلى إبطال الرأي اليوناني القائل أن الرّؤية تتم عن طريق شعاع يصدر عن العين المبصرة. وأثبت أن الأمر يتعلق بالضوء الذي له وجود في ذاته.
ومن الأسس الهامة التي أقام عليها منهجه التأكيد على ضمان الأمانة العلمية والتحلي بالموضوعية ويقول "ونجعل غرضنا في جميع ما نستقريه ونتصفحه استعمال العدل لا إتباع الهوى، ونتحرى في سائر ما نميزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء".
و يعترف مفكرو الغرب أنفسهم بجهود العلماء المسلمين في البحث ومن هؤلاء جون هارمان رائل إذ يقول "كان العرب في القرون الوسطى يمثلون التفكير العلمي والحياة الصناعية العلمية الذين تمثلها في أذهاننا اليوم ألمانيا الحديثة، وخلافا للإغريق لم يحتقر العرب المختبرات العلمية والتجارب الصبورة".
ويقول بريفو brifflault "إن ما ندعوه علما قد ظهر في أوربا نتيجة لروح جديد في البحث وطرق جديدة في الاستقصاء ...والطرق التجريبية والملاحظة والقياس، و التطور في الرياضيات في صورة لم يعرفها اليونان، هذه الروح وتلك المناهج أدخلها العرب إلى العالم الأوروبي..."إن مثل هذه الشهادات وإن كانت تدل على جهود المسلمين في البحث العلمي إلا أنها لا تجعلنا في غفلة عن التطورات الهامة التي حدثت منذ ذلك التاريخ في مجالات البحث العلمي فلقد أكمل الدرب رواد مبدعون من أمثال روجر بيكون وفرنسيس بيكون، جون استيوارت مل و كلود برنار.
خطوات المنهج التجريبي
الملاحظة: المدلول العام لكلمة ملاحظة هو أنها مشاهدة للظواهر على ما هي عليه في الطبيعة، والملاحظة كخطوة أولى من خطوات المنهج التجريبي ليست مجرد مشاهدة حية بل هي عملية هادفة يسعى من ورائها العالم إلى تحويل الظواهر من ظواهر تحدث في الطبيعة هكذا إلى حوادث علمية.
ولهذا تختلف عن الملاحظة العادية -ونقصد بهذه الأخيرة تلك التي يمارسها الرجل العادي بشكل عفوي في حياته- في كون الأولى مقصودة أما الثانية فعابرة لا تثبت ولا تنفي شيئا.ويترتب عن ذلك أن الأولى تضيف شيئا جديدا إلى العلم في حين أن الثانية لا تضيف معرفة جديدة.
والملاحظة العلمية يمكن أن تكون حسية أي تعتمد على الحواس مباشرة لمعرفة حوادث الطبيعة وهي التي تعرف بالملاحظة المباشرة.
ويمكن أن تكون ملاحظة مسلحة وهي التي يستعين فيها الملاحظ بالآلات ووسائل يقوى بها حواسه لأن الآلات تساعد على إدراك ما لا تدركه الحواس في الظواهر وفي هذا يقول كلورد برنار "لا يستطيع الانسان أن يلاحظ الحوادث المحيطة به إلا داخل حدود ضيقة، لأن القسم الأعظم منها يقع خارج نطاق حسه، فلا يقنع بالملاحظة البسيطة، بل يوسع مدى معرفته ويزيد قوة أعضائه بآلات خاصة، كما يجهز نفسه بأدوات مختلفة تساعده على النفاذ إلى داخل الأجسام لتقييمها، ودراسة أجزائها الخفية".

شروط الملاحظة: حتى تكون الملاحظة علمية ينبغي أن تتوفر على ثلاثة شروط أساسية
-1الموضوعية: ينبغي أن تكون الملاحظة موضوعية تنقل لنا الحوادث كما هي في الطبيعة أي أن الملاحظة ينبغي له أن يكون كآلة التصوير الفوتوغرافي ينقل لنا الظاهرة بدقة ولا يتدخل في مجرى الظاهرة.
2 - الدقة: ينبغي أن لا تؤخذ الظاهرة أثناء الملاحظة على أنها بسيطة بل على العالم أن يعتقد بتداخل وتشابك الظواهر والغرض من ذلك الحرص على الملاحظة بدقة.
-3. صيانة الآلات والأجهزة: مادام اللجوء إلى الوسائل التقنية شرط ضروري للبحث العلمي وهذا يعني أن الاعتماد عليها دائم ومستمر ولذا يجب على العالم أن ينتقي أدواته ووسائله بدقة كان تكون متطورة ودقيقة وأن يخضعها للمراقبة والصيانة المستمرتين لأن أي خلل في الآلة يعني تشوه الملاحظة وهذا ما ينعكس سلبا على نتائج البحث.
الفرضية: إذا كانت الملاحظة هي نقل للظاهرة من المجال الطبيعي الخام إلى المجال العلمي لتتحول الظاهرة إلى حادث علمي فإن الفرضية هي نقل الظاهرة من المجال الحسي إلى المجال العقلي ولذا تعرف الفرضية بأنها فكرة عقلية مؤقتة أو حل مؤقت للظاهرة أو كما يقول غوبلو الفرضية قفزة نحو المجهول والفرضية حل مؤقت كما قلنا يتوقف قبوله أو رفضه على ما تؤدي إليه التجربة والفرض العلمي ضروري في البحث مثلا الفرض العلمي الذي يفسر عدم ارتفاع الماء في الأنابيب فوق 10.33 م بسبب الضغط الجوي.
يقول ماخ "إن هذه الفكرة ضرورية ولولاها لما استطاع العالم أن يجرب لأن التجربة تتبع الفكرة والفكرة تعين الاتجاه العلمي وتقود المجرب فيسترشد بها في عمل التجربة" عن الفرضية مجهود عقلي يحاول وضع حد للتساؤلات التي أدى إليها الحادث المشكل le fait problème .
ويصر الكثير من فلاسفة العلم إلى إعطاء الدور الفعال للفرضية بدل الملاحظة والتجربة ومن هؤلاء كلود برنار، هنري بوانكاري وفي هذا يقول هذا الأخير: "كثيرا ما يقال يجب أن نجرب دون فكرة مسبقة وهذا غير ممكن لأنه سيجعل كل تجربة عقيمة ولو حاولنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ذلك لأن الملاحظة الخالصة ولتجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم".شروط الفرض العلمي:حتى تكون الفرضية علمية يجب أن تتوفر على الشروط التالية:
1. أن تكون مستمدة من الملاحظة والتجربة وقد حدد كلود برنارد هذا الشرط بقوله "إن الأفكار التجريبية يمكن أن تولد إما لمناسبة ظاهرة نلاحظها، وإما إثر محاولة تجريبية، وإما كنتيجة متممة لنظرية سبق التسليم بها".
2. أن تكون الفرضية خالية من التناقض المنطقي في صياغته أي أن يصاغ في شكل قضية واضحة تكون قابلة للتحقق عن طريق التجربة المباشرة أو غير المباشرة، وفي هذا يقول باستور "إن أسمى الأفكار وأقرب الآراء احتمالا للصدق لا تصبح حقيقية واقعية إلا إذا كانت مطابقة للواقع".
3. أن لا تتعارض مع الحقائق العلمية المؤكدة، على أن هذا الشرط لا ينبغي أن يكون عائقا دون إطراد التقدم العلمي عن طريق مراجعته الدائمة
.3. التجربة: هي إحداث الظاهرة ضمن شروط اصطناعية أو هي اصطناع الظاهرة مخبريا بهدف التحقق من الفرض إن كان صحيحا أو خاطئا أو بهدف رؤية أفضل للظاهرة ولذا تعد من أهم المراحل في البحث العلمي لقد قال بوانكاري "التجربة هي الينبوع الوحيد للحقيقة" غير أنه يجب التمييز بين تجارب رديئة وأخرى جيدة والفرق بين الأولى والثانية هو ترتيب الوقائع وتنظيمها ومرد ذلك العقل فكما أن تكديس الحجارة لا يعني بالضرورة بناء فكذلك تكديس الوقائع لا يكون علما.والتجربة العلمية أنواع فمنها ما يتم بشكل مباشر داخل المخبر وهذه ينطبق عليها التعريف الأول ومنها ما يتم بطريقة غير مباشرة أي عن طريق الملاحظة التي تقوم مقام التجربة ونلاحظ هذا النوع بشكل جلي في ميدان علم الفلك.
مزايا التجربة: وأهمية التجربة بالنسبة للبحث العلمي تكمن في مزاياها ونذكر من هذه المزايا:تمكن العالم من تحليل الظواهر إلى عناصرها الأولية ومكوناتها الأساسية.
تمكن من تغير شروط الظاهرة والتلاعب بها قصد الوقوف على أسبابها الحقيقية لقد عبر كوفيه عن هذا الميزة بقوله إن الملاحظ يصغى إلى الطبيعة أما والمجرب فيسألها ويرغمها على الإجابة.
تمكن من عزل الظواهر بحكم أنها توجد متداخلة ومتشابكة في الطبيعة.
أنها تسمح بتكرار الظواهر وهذا يوفر الوقت والجهد.إحداث مركبات جديدة وهو ما نراه في الكيمياء.الاستقراء وإشكالية تبريره:إن الحديث عن خطوات المنهج التجريبي كمنهج بحث علمي يقوم أساسا على الاستقراء أثار جدلا حادا بين الحسيين التجريبيين وبين العقليين ويمكن صياغة الإشكال موضوع الجدل كالتالي أيهما أهم في الاستقراء العلمي الملاحظة والتجربة أم الفرضية؟
وبصيغة أخرى هل بناء الوقائع العلمية هو مجرد قراءة بارعة لهذه الوقائع من خلال الملاحظة الحسية الدقيقة أم أن المعرفة والاستقراء العلمي إبداع عقلي يتحدد من خلال الفرضيات؟
الموقف الحسي: يؤكد أنصار هذا الاتجاه أن البحث العلمي تقدم وتطور بفضل التجربة التي تعد عملية حسية خالصة ومن هؤلاء أصحاب المدرسة الانجليزية ممثلة بدافيد هيوم الذي لا يعترف إلا بنشاط الحواس كمصدر للمعرفة وبالنسبة لقيمة ما تمدنا به الحواس مثلا الحواس مثلا نجد أرنست ماخ الذي يذهب إلى التأكيد بأن الطبيعة بالنسبة للإنسان هي جملة العناصر التي تقدمها له حواسه،
أي أن المصدر الوحيد للمعرفة هي الحواس، فما الأشياء إلا مجرد رموز ذهنية لمركب من الإحساسات تتمتع باستقرار نسبي لأن كل الأشياء في الطبيعة تتغير ثم أن العناصر الحقيقية في الطبيعة ليست هي الأشياء ولكنها الألوان والأصوات،
والضغوط اللمسية والأمكنة والأزمنة أي كل ما نسميه بالإحساسات.الحجة: ويمكن أن نستنبط حجة هؤلاء من أن كل معارفنا مهما كانت معقدة ومهما كانت مجردة ونظرية تنحل إلى إحساسات تتكون بالملاحظة والتجربة إذن فالإحساس مصدر لمعرفتنا بما في ذلك العلمية.
النقد: مهما كانت قيمة الحواس ومهما كانت قيمة التجربة فإننا لا يمكن إنكار أو إهمال دور العقل إن المثال التالي يوضح ما نريد لقد ذكر كلود برنارد أن فرنسو هوبر (1950-1831) وهو عالم فيزيائي كان أعمى غير أنه ترك تجارب رائعة كان يتصورها ثم يطلب من خادمه أن يجريها، ولم تكن لخادمه أية فكرة علمية أي كأن هوبر هو العقل الموجه الذي يقيم التجربة، لكنه كان مضطرا إلى استعارة حواس غيره إن هذا المثال يوضح أن الاستقراء العلمي إبداع عقلي.
الاتجاه العقلي: في المقابل للاتجاه السابق يعتقد أنصار الاتجاه العقلي أن العقل أداة الخلق العلمي لقد مثل هذا الاتجاه قديما ديكارت من خلال مقولته الشهيرة أنا أفكر إذن أنا موجود ليمثل هذا الاتجاه حديثا في العلم مجموعة كبيرة من فلاسفة العلم ومنهم أنشتاين، بوانكاري.
لقد قيل "الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراع وإليها ترجع كل مبادرة"أما ما قال أنشتاين فهو أن: "العلم هو من خلق العقل الإنساني بواسطة أفكار وتصورات اختراعات بحرية"أما بوانكاري فأكد من خلال كتاب "العلم والفرض" أن التجربة هي الينبوع الوحيد للحقيقة،
هذا أمر لا يجادل فيه أحد، لكن من التجارب ما هي جيدة منها ما هي رديئة والتجارب الرديئة مهما تكاثر عددها لا تفيد وتكفي واحدة يقوم بها عالم ممتاز مثل باستور ليقضي عليها جميعا"إن التجربة الجيدة هي التي يقودها العقل ويوجهها.
النقد: صحيح أن دور العقل ينبغي أن يكون إيجابيا وفعالا في البحث العلمي غير أن هذا ليس مبررا للقول أن المعرفة العلمية والاستقراء العلمي يعود الفضل فيه للتجربة وهذا ما جعل باشلار يوضح بأن زمن التجارب الفضولية قد ولى كما أن زمن لفروض المؤقتة قد زال،
إن العمل العلمي الحقيقي يدرك من خلال تبادل النصح والتوجيه بين العقلانية والواقعية ولا يمكن إقامة البرهان العلمي بدون أحدهما.وأيا كان الصراع حول طبيعة الاستقراء ،
فإن المنهج التجريبي الاستقرائي يقود في النهاية إلى تفسير الظاهرة أو الحادثة محل الدراسة غير أن السؤال المطروح هو هل التفسير العلمي هو تفسير بالسبب أم بالقانون؟
السببية العلمية والقانون العلمي:معنى السببية: إن فكرة السببية قديمة قدم الفكر الإنساني فلقد كان الاعتقاد أن السبب قوة خفية تحدث الظواهر والعالم الحسي يرتبط ارتباطا سببيا بهذا القوة الخفية.
غير أن هذا المفهوم لا يهمنا اليوم ولم يعد له معنى وأصبح معنى السبب في الفكر العلمي يفيد معنى العلاقات بين الظواهر أي أن السبب هو علاقة بين حادثتين وهذا هو معنى القانون إذ يقول أوغست كونت : "القانون العلمي هو العلاقة الثابتة بين مادتين أو أكثر" وقد نوه كونت بأهمية القانون العلمي كمطلب للبحث العلمي غير أن القوانين العلمية أنواع نذكر منها : القوانين السببية: و هي القوانين التي تفيد الترابط السببي بين العلة والنتيجة،
كالقول أن الماء يغلي في درجة حرارة 100م ،فهذه النتيجة تفيد الترابط السببي بين درجة الحرارة 100م و بين ظاهرة غليان الماء.قوانين تفيد خواص و تركيب الظواهر: وتعتبر هذه القوانين وصفية تقرر خواص ظاهرة معينة ضمن شروط معينة ، فالماء مظاهرة يكون كتلة جامدة صلبة إذا كانت درجة الحرارة أقل من الصفر ويكون في حالة سائلة إذا كانت درجة حرارته أكبر من 100 إضافة إلى خواص أخرى كيميائية وفيزيائية.
قوانين تفيد ثوابت عددية: كالقول سرعة الضوء تساوي 300.000 كلم/ثا.صياغة القانون العلمي: إذا كان القانون العلمي وليد منهج دقيق فهو يعبر عن الظواهر في شروط مثالية (كوجود الظواهر معزولة بعضها عن بعض، ولذا فمن البديهي أن نعتقد بأن القانون العلمي صيغة عقلية لا تطابق الواقع تمام المطابقة بل تضفي عليه نسبة الرجحان في التصديق والمطابقة وهذا ما يجعل القوانين العلمية متطورة قابلة للتصحيح.يقول ميروسون "إذا توهنا أن القوانين التي نحدد صيغها تنطبق الحتمية واللاحتمية في الفيزياء:مقدمة: إذا كان الاستقراء العلمي يهدف إلى الكشف عن الظواهر ومعرفة أسبابها القريبة وصياغتها في شكل قوانين عامة فإن الاستقراء العلمي من جهة ثانية ينتقل فيه العالم من بعض الظواهر إلى القوانين العامة وضمانة هذا الانتقال هو مبدأ الحتمية الذي ينص على أنه متى توفرت نفس الأسباب أدت إلى نفس النتائج بشكل حتمي وضروري تبعا لنظام الكون الثابت غير أن تقدم علم الفيزياء واقتحام عالم الذرة والنتائج المتوصل إليها جعل الكثير من فلاسفة العلم يرفضون هذا المبدأ والسؤال إلى يطرح نفسه.
هل مبدأ الحتمية ضروري فعلا في علم الفيزياء أم أنه ليس ضروريا بل يمكن تعويضه بمبادئ أخرى؟الاتجاه الحتمي: ظل الكلاسيكيون يعتقدون جازمين إن العلم يقوم أساسا على مبدأ الحتمية فكل الظواهر تسير بمقتضى حتمية دقيقة واعتبر لابلاس وبواسون أن الكون نفسه آلة تسير بمقتضى قوانين حتمية،
ويكفي معرفة هذه القوانين حتى نتنبأ بشكل حتمي ودقيق بحدوث الظواهر قبل وقوعها وفي هذا يقول لابلاس: "لو أن عقلا تطلع في لحظة ما، على سائر القوى التي تحرك الطبيعة وعلى الحالة الخاصة بالكائنات التي تؤلفها لا بل لو كان له من السلعة ما يستطيع به أن تخضع هذه المعطيات للتحليل لاستطاع أن يلم في قاعدة واحدة بحركات أكبر الأجسام في الكون وبحركات أخف الذرات، فلا شيء يكون محلا للارتياب بالنسبة إليه ويكون المستقبل والحاضر ماثلين أمام عينية".إن تأكيد مبدأ الحتمية في العلم ضرورة قاد إليها البحث العلمي في مراحل السابقة والهدف من ذلك ضمان الدقة المطلقة لنتائج العلم لقد قال بوان كاري: "العلم حتمي بالبداهة وهو يضع الحتميات موضوع البديهيات التي لولاها ما أمكن له أن يكون"النقد: إذا مبدأ الحتمية ضروري في الفيزياء ويصدق أكثر في عالم الظواهر الكبيرة غير أن تقدم علم الفيزياء نفسه أفضى إلى نتائج مغايرة كما هو الحال في فيزياء الصغائرMicro physique كما أننا يجب أن نميز بين نوعين من الحتمية:
أولاالحتمية العلمية التي ترفض الصدفة وتدفع الجهل.
ثانياالحتمية المطلقة الكونية: والتي تعد في حد ذاتها فكرة ميتافيزيقية تقضي على كل مبادرة إنسانية في الفهم على حد تعبير جون أولمو وهذه الأخيرة سيطرت على فيزياء القرن التاسع عشر.اللاحتمية: في المقابل للطرح السابق توصل الكثير من الفيزيائيين إلى نتائج هزت مبدأ الحتمية ومن ذلك ما أفضت إليه بحوث "ماكس بلانك" من أن الذرة المشعة لا تصدر طاقتها بصفة منتظمة أو متصلة يمكن إخضاعها لمبدأ الحتمية،بل بصفة غير منتظمة وفي شكل صدمات.أما الثاني فهو العلم الأمريكي هايز نبرغ الذي توصل إلى تأكيد استحالة قياس كمية حركة الجسيم داخل الذرة وتحديد موقعه في آن واحد مما يؤدي إلى استحالة التنبؤ الدقيق والحتمي بكمية الحركة والموقع في آن واحد.ومعنى ذلك أن مبدأ الحتمية لم يعد ضروريا على الاطلاق ويجب الانتقال بالفيزياء من الحتمية إلى اللاحتمية.النقد: إن رفض الحتمية يؤدي مباشرة إلى الوقوع في الصدفة التي تعد تبريرا للجهل أكثر ما هي مصدر للعلم.التركيب: قادت هذه الإشكالية في علم الفيزياء إلى اجتهادات كبيرة كان لها الأثر الإيجابي في علم الفيزياء منها:التمييز في الحتمية بين حتمية علمية ضرورية في البحث وحتمية كونية ينبغي رفضها.اهتدى العلماء إلى حساب الارتياب في القياسات كطريقة لتحقيق أكبر مقدار من الدقة إضافة إلى ذلك مبدأ حساب الاحتمال الذي جاء ليدعم مبدأ الحتمية.
مشكلة الحتمية والغائية في البيولوجيا:
مفهوم علم البيولوجيا الحية: يختص علم البيولوجيا بدراسة الظواهر الحية سواء كانت نباتية أم حيوانية.
خصائص الظاهرة الحية: تشترك الظاهرة الحية مع الظاهرة الفيزيائية في كونهما مادتين تشغلان حيزا من المكان،
تقبلان الملاحظة والدراسة الموضوعية.
ومع ذلك فهما يختلفان إذ تتميز الظاهرة الفيزيائية بجملة من الخصائص يمكن إجمالها فيما يلي:الظاهرة الحية معقدة: تتسم الظاهرة الحية بدرجة غالية من التعقيد،
يظهر ذلك في ترابطها مع غيرها من الظواهر مما يصعب عزلها ودراستها علميا وبشكل مستقل.
الظاهرة الحية حية: أي تقوم بجملة من الوظائف الحيوية وكل دراسة علمية مطالبة بدراسة الظاهرة الحية في هذا الإطار الحيوي ومن جملة الوظائف الحيوية التي تميز الظاهرة الحية: التغذي: وظيفة حيوية تتمثل في أخذ مواد من الطبيعة وتحويلها عن طريق التمثيل أو الهضم إلى مواد قابلة للاستهلاك.
التكاثر: وظيفة حيوية تتمثل في نزوع الكائن آليا أو غريزيا في مرحلة من مراحل النمو إلى إعطاء كائن يحمل نفس المواصفات النوعية [استمرار النوع].
النمو: وظيفة حيوية تتمثل في انتقال الكائن من مرحلة إلى مرحلة تكون مصحوبة بجملة من التغيرات والمظاهر.
التنفس: وظيفة حيوية يقوم بها الكائن الحي تتمثل في أخذ الأكسجين وطرح ثاني اكسيد الكربون أو أخذ الأكسجين الذي تستعمله لخلية في الاحتراق لإنتاج الطاقة الضرورية...
الإطراح: عملية حيوية قوامه طرح المواد التي لا يحتاجها الجسم إلى الخارج...الخ.أسباب تأخر علم البيولوجيا وحدود التجربة فيه :إذا عدنا إلى تاريخ البيولوجيا نجده قد تأخر في الظهور قياسا إلى علم الفيزياء ويذكر رواد هذا العلم أن الدعوة الفعلية إلى ظهور علم البيولوجيا ترتبط بالبيولوجي كلود برنار في كتابة " مدخل إلى الطب التجريبي " مع أننا نعتقد أن جهود المسلمين كانت سباقة إذا مارسوا الطب بصورة تجريبية رغم أنهم لم ينظروا لهذه الممارسة ،
ومهما يكن من أمر فأسباب تأخر علم البيولوجيا كثيرة نذكر منها :طبيعة الظاهرة الحية ذاتها .نقص الوسائل والأجهزة .ارتباط البيولوجيا بالخرافة .
مشكلة الحتمية والغائية في البيولوجيا :أ) ضبط المشكلة : رغم أسباب التأخر التي طالت علم البيولوجيا إلا أن دعوة كلود برنار كانت مثمرة ( دراسة بول الأرانب )
في تحول علم البيولوجيا إلى علم تجريبي غير أن إمكانية التجريب هذه أدت إلى طرح المشكلة إبستومولوجية هامة هي : كيف يمكن دراسة المادة الحية؟ بلغة أخرى هل تدرس بنفس الكيفية التي تدرس بها المادة الجامدة أم بكيفية خاصة ؟
بلغة أخرى هل تدرس الظاهرة البيولوجية في نطاق حتمي آلي كما لو كانت ظاهرة فيزيائية أم تدرس في نطاق غائي خاص ؟ يعبر البيولوجي الفرنسي كينو عن هذه المشكلة بقوله : " إن فهم أو تفسير الغائية العضوية هي المشكلة الرئيسية في البيولوجيا، وحتى في الفلسفة ، وعلى هذا الشأن ينقسم البيولوجيون إلى مدرستين تعتقد كلاهما اعتقادا راسخا في متانة دعائمها مما لا يترك أي مجال للاتفاق
"ب) الموقف الحتمي الآلي : يذهب كلود برنار إلى أن الدراسة العلمية للظواهر الحية لا يكون إلا في نطاق حتمي ذلك أن الظواهر الحية هي نفسها الظواهر الجامدة يقول: " إن المظاهر التي تبدو في الظواهر الحية هي نفسها المظاهر التي تتجلى في الظواهر الجامدة إنها تخضع لنفس الحتمية .
إن طابع التشابه بين الظاهرة الحية والظاهرة الفيزيائية قوي ويتعلق أصلا بالمكونات الاختلاف الوحيد بينهما يظهر في درجة التعقيد الذي يعد اختلافا في الدرجة وليس اختلافا في النوع أي أن اختلاف عرض وليس جوهري هذا ما تكشفه التجربة ،
ذلك أن تحليل المادة الحية يوصلنا إلى مكونات طبيعية ثم إن التفاعل الذي يتم على مستوى المادة الحية هو نفسه تفاعل كيميائي .... إلخ النقد: يكشف هذا التوجه على نزعة علمية تطمح إلى تحقيق الدقة الملاحظة في الفيزياء غير أن هذه النزعة أخطأت أكثر من مرة فهي لم تراع خصائص الظاهرة الحية .
أخضعت الظاهرة للمنهج في الوقت الذي كان ينبغي أن يكون العكس.
وصلت إلى نتائج لم تشمل كل الظواهر الحية. II- الموقف الغائي:في المقابل للطرح السابق يذهب الغائيون ذوي التوجه الحيوي إلى القول أن الظاهرة الحية من طبيعة خاصة وينبغي أن نراعي هذه الخصوصية أثناء الدراسة ومن هذه الخصوصية أثناء الدراسة ومن هذه الخصوصية نذكر أنم الظاهرة الحية تتميز بطابع من النظام والانسجام والدقة والتي تفرض دراستها في نطاق غائي.ويضرب دونوي مثلا لذلك إذا أخذنا أنبوبا
ووضعنا فيه صفين من الكرات إحداها سوداء والأخرى بيضاء في كل صف 1000 كرية فإذا حركنا الأنبوب لتختلط فإن احتمال انتظامها ضعيف يقدر بـ 0.489-14 .يكشف المثال أن التفاعل في المادة الحية ليس تفاعلا أعمى ولا يفسر في نطاق مبدأ الحتمية.النقد: يصدق هذا بكل تأكيد على الظواهر الحية الأكثر تعقيدا ذلك أن نشاط الخلايا مثلا يتم في نطاق الاختصاص.ومن العبث أن نلغي الدور والوظيفة الخاصة بالخلايا غير أن المبالغة في هذا الطرح تؤدي إلى اعتبارات ميتافيزيقية تعيق العلم يقول كلورد برنارد ناقدا الاتجاه الغائي: "إن التفسير الغائي عقيم شبيه بعذراء تقدم نفسها قربانا للآلهة"
التركيب: يتجه علماء البيولوجيا اليوم إلى دراسة الظواهر الحية في نطاقين حتمي وغائي كما لو كانت الظاهرة ضمن معلم يراعي الظاهرة في حتميتها وفي غايتها التحليل النفسي عند فرويد يرى فرويد أن الجهاز النفسي بناء ثلاثي التكوين، وأن كل جانب في هذا التكوين يتمتع بصفات وميزات خاصة، ، هذه الجهات أو الجوانب الثلاثة هي: (الهو) ، و(الأنا) ، و(الأنا الأعلى). أما(الهو): فذلك القسم الأولي المبكر الذي يضم كل ما يحمله الطفل معه منذ الولادة من الأجيال السابقة وانه يحمل ما يسميه فرويد الغرائز ومن بينها غرائز اللذة والحياة والموت.وهو يعمل تحت سيطرة ما يضمه منها.
وما هو موجود فيه لا يخضع إذن لمبدأ الواقع أو مبادئ العلاقات المنطقية للأشياء بل يندفع بمبدأ اللذة الابتدائي، وكثيراً ما ينطوي على دوافع متضاربة.انه لا شعوري وهو يمثل الطبيعة الابتدائية والحيوانية في الإنسان.
وأما(الأنا): فينشأ ويتطور لأن الطفل لا يستطيع أن يشبع دوافع (الهو) بالطريقة الابتدائية التي تخصها، ويكون عليه أن يواجه العالم الخارجي وان يكتسب من بعض الصفات والمميزات وإذا كان (الهو) يعمل تبعاً لمبادئه الابتدائية الذاتية، فإن(الأنا) يستطيع أن يميز بين حقيقة داخلية وحقيقة واقعية خارجية.
فالأنا من هذه الناحية يخضع لمبدأ الواقع، ويفكر تفكيراً واقعياً موضوعياً ومعقولاً يسعى فيه إلى أن يكون متمشياً مع الأوضاع الاجتماعية المقبولة.
هكذا يقوم (الأنا) بعملين أساسين في نفس الوقت:أحدهما أن يحمي الشخصية من الأخطار التي تهددها في العالم الخارجي، والثاني أن يوفر نشر التوتر الداخلي واستخدامه في سبيل إشباع الغرائز التي يحملها(الهو) وفي سبيل تحقيق الغرض الأول يكون على الأنا أن يسيطر على الغرائز ويضبطها لأن إشباعها بالطريقة الابتدائية المرتبطة معها يمكن أن يؤدي إلى خطر على الشخص.
فالاعتداء على الآخرين بتأثير التوتر الناشئ عن الغضب يمكن أن يؤدي إلى ردّ الآخرين رداً يمكن أن يكون خطراً على حياة المعتدي نفسه وهكذا يقرر الأنا (متى) و(أين) و(كيف) يمكن لدافع ما أن يحقق غرضه ـ أي أن على (الأنا) أن يحتفظ بالتوتر حتى يجد الموضوع المناسب لنشره.
وهكذا يعمل الأنا طبقاً لمبدأ (الواقع) مخضعاً مبدأ اللذة لحكمه مؤقتاً.ونأتي إلى الجانب الثالث وهو الأنا الأعلى: هنا نجد أنفسنا أمام حاضن للقيم والمثل الاجتماعية والدينية التي ربى الطفل عليها في بيته ومدرسته ومجتمعه. (فالأنا الأعلى) يمثل الضمير المحاسب، وهو يتجه نحو الكمال بدلاً من اللذة، ولهذا (الأنا الأعلى) مظهران، الضمير والأنا المثالي.
يمثل الأول الحاكم بينما يمثل الثاني القيم.فإذا أردنا تلخيص هذا البناء الثلاثي الداخلي للشخصية كما يراه بعض العلماء قلنا ما يلي:إن الأنا هو الذي يوجه وينظم عمليات تكيف الشخصية مع البيئة، كما ينظم ويضبط الدوافع التي تدفع بالشخص إلى العمل،
ويسعى جاهداً إلى الوصول بالشخصية إلى الأهداف المرسومة التي يقبلها الواقع، والمبدأ في كل ذلك هو الواقع.إلا أنه مقيد في هذه العمليات بما ينطوي عليه (الهو) من حاجات، وما يصدر عن (الأنا الأعلى) من أوامر ونواهي وتوجيهات فإذا عجز عن تأدية مهمته والتوفيق بين ما يتطلبه العالم الخارجي وما يتطلبه (الهو) وما يمليه (الأنا الأعلى) كان في حالة من الصراع يحدث أحياناً أن يقوده إلى الاضطرابات النفسية.منهجية تحرير مقالة فلسفية اختيار موضوع الامتحان - الانتباه إلى كلّ أجزاء الموضوع دون استثناء، و القيام بتحديد دلالاتها، كلّ جزء على حدة.
- الكشف عن العلاقات القائمة بين هذه الحدود ( حسب منطق الموضوع ).
- الاهتمام بصيغة الموضوع ( لكي نتعرّف على المطلوب ).فترة القراءة الكلية للموضوع
- هي في الواقع لحظة تأمل في الموضوع، قصد اكتشاف الأطروحة التي يعرضها، أو الإشكالية التي يريد طرحها...الخ. ومن ثم لابد أن نعيد قراءة الموضوع قراءة واعية تمكن من فهمه في كل أبعاده.- فهم السؤال المطروح وتحديد المطلوب من خلال الانتباه إلى صيغة المساءلة.- استخلاص تصميم عام للمقال حسب تدرج متماسك.
- استحضار المادة المعرفية التي تقتضيها معالجة الموضوع استحضارا وظيفيا. منهجية تحرير مقالة فلسفي إن منهجية الكتابة في مادة الفلسفة هي مجموع الخطوات العامة التي تهيكل الموضوع، وتشكل العمود الفقري لوحدته وتماسكه.
*المقدمة يتطلب بناء مقدمة لمقال فلسفي وتحريرها تمثلا لوظائفها نذكر منها بالخصوص:
- إبراز دواعي طرح المشكل الفلسفي الذي يتعلق به الموضوع مثل رصد تناقض، أو رصد مفارقة أو مساءلة رأي شائع، وهذا ما يمثل على وجه التحديد وظيفة "التمهيد". التّمهيد، الذّي يمكن أن يكون بالتّعرّض إلى مثال أو إلى وضعيّة معيّنة، بالإمكان أن نطرح بصددها السّؤال المقترح في الموضوع. تجنّبوا، بصفة كلّية، خاصّة تلك العبارات الجوفاء التّي لا تعني شيئا ك: " خلق اله الإنسان وميزه عن بقية المخلوقات...أو : هذه مشكلة من أهم المشاكل الفلسفية...إلخ".
- صياغة الإشكالية صياغة تساؤلية متدرجة تتمحور حول نواة الإحراج الأساسية التي يحيل إليها نص الموضوع وتكون هذه الصياغة متدرجة توحي بمسار التفكير في الموضوع المطروح دون أن تكشف مسبقا عن الحل الذي يتجه إليه التفكير .تجنب ما يلي:

- تفادي مزالق من قبيل صياغة إشكالية لا تتلاءم مع المطلوب في صيغة الموضوع، أو تقديم مقال مبتور (بدون مقدمة حقيقية) أو السقوط في عرض سلسلة من الأسئلة لا رابط منطقي بينها.
- تجنّبوا، بصفة كلّية، خاصّة تلك العبارات الجوفاء التّي لا تعني شيئا ك: " خلق اله الإنسان وميزه عن بقية المخلوقات...أو : هذه مشكلة من أهم المشاكل الفلسفية...إلخ".*التّحرير:- على التّعبير أن يكون واضحا و بسيطا، بحيث يكوم بإمكان كلّ قارئ ( حتّى و لو لم يكن منشغلا بالفلسفة ) أن يفهمه دون جهد و دون عناء.
- ينبغي أن لا نصوغ أكثر من فكرة واحدة في فقرة.الأمثلة و الإحالات المرجعيّة: استعمال سندات فلسفيةجدير بنا أن نستخدم، في مقالتنا، بعض الأمثلة، إما كمنطلق للتّحليل ( المثال، هنا،هو وسيلة تمكّن من استخراج مفاهيم و علاقات بين مفاهيم )،
و إما في نهاية عرض برهاني و نظري على فكرة، حتّى نقوم بتجسيدها و ببلورتها ( إعطاءها مضمونا ). لكن لا يجب أن يغيب عن أعيننا هنا، أنّ المثال لا يمكن اعتباره دليلا أو حجّة.
إن وظيفة المثال تكمن في تجسيد تفكير نظريّ مجرّد، أو في إثارته ( التّفكير )، و ليس في تعويضه.جدير كذلك، أن نقوم بالإحالة إلى بعض المرجعيّات الفلسفيّة المعروفة، و ذلك بفضل جملة من الشّواهد التّي يشترط فيها أن تكون أمينة و موضوعة بين ضفرين.ما يهمّ هنا، هو أن تكون هذه الشّواهد مدرجة و مندمجة في إطار المقالة ( دون أن تكون مسقطة و متعسّفة ) و متبوعة في نفس الوقت بتوضيحات تبرز دلالة هذه الشّواهد و تحدّد العلاقة التّي يمكن أن تقوم بينها و بين المشكل المطروح. *الخاتمة تتمثل وظيفة الخاتمة إذن في صياغة تأليفية للحلّ الذي أسسه مسار التفكير خلال جوهر المقال.
وبذلك فقط تكون الخاتمة متجاوبة مع المقدمة من حيث المضمون ومن حيث الشكل. يتعلق الأمر هنا باستخلاص تأليفي لمكاسب التفكير في المشكل الذي يحيل إليه الموضوع وصياغة جواب إيجابي دقيق عن هذا المشكل.و يجب أن نقوم فيها بعرض الاستنتاج المتوصل إليه، لأجل ضبط العناصر التّي مكّنتنا من الإجابة عن الإشكال المطروح.ويمكن الاستفادة في بناء الخاتمة من الأسئلة الموجهة التالية:- ما هو أهم ما يمكن الاحتفاظ به من مسار التفكير السابق ( خلال جوهر المقال ) ؟
- أي تغيير وأي إثراء أو تعميق حصل في تمثلنا للمشكل في ضوء مسار التفكير السابق ؟تتمثل وظيفة الخاتمة إذن في صياغة تأليفية للحلّ الذي أسسه مسار التفكير خلال جوهر المقال. وبذلك فقط تكون الخاتمة متجاوبة مع المقدمة من حيث المضمون ومن حيث الشكل.مقالة في معالجة مضمون النص الكشف عن المشكل الذّي تمثّل أطروحة النص حلاّ له. و يكون ذلك إمّا:بشكل مباشر: " ما هو السّؤال الذّي تقدّم الأطروحة حلاّ له ؟
".بشكل غير مباشر: " ما هي الأفكار و المواقف المعارضة لأطروحة النّص ؟ إذا كانت الأطروحة خاطئة، فما هو الموقف البديل الذّي يمكننا إثباته ؟
ألا يمكن البرهنة على صحّة أطروحة مناقضة لأطروحة النّص ؟ "
بالاستناد إلى الإجابات التّي نقدّمها عن هذه الأسئلة، نحاول البحث عن السّؤال الذّي يمكن أن يقبل، كإجابات ممكنة عنه، في نفس الوقت، أطروحة النّص من جهة و الأطروحات المناقضة لها من جهة أخرى.استخراج الإشكاليّة بطريقة غير مباشرة يقتضي تشكيل مفارقة تحتوي مواجهة بين أطروحات متضادّة.الكشف عن أطروحة النّص:تبيّن الحلّ الذّي يقترحه الكاتب لتجاوز مشكل معيّن" ماذا يثبت الكاتب ؟ ماذا يطرح ؟ عن ماذا يدافع ؟ ما هي الفكرة التّي يريد التّوصّل إليها ؟ بماذا يريد إقناعنا ؟ ماذا يريد أن يفهمنا ؟ ما هي، في آخر الأمر، الفكرة الأشدّ أهمّية و حضورا في النّص ؟
"تمثّل الحلّ أو الإمساك ب: أطروحة النّص و الوسائل التّي استعملها الكاتب في عمليّة الإثبات و البرهنة.التّساؤل عن قيمة الأطروحة:ينبغي إذن، بصفة إجماليّة،
أن نقوم بالبرهنة ( و ليس فقط بالإقرار ) على أنّ أطروحة النّص أكثر قيمة من جملة الآراء المعارضة لها. أو بتوضيح كيف أنّ أطروحة النّص محدودة و نسبيّة ( إمكان نقدها ) و ثانيا إبراز دواعي استبدالها بأخرى.
و يمكن أن نقوم بهذه العمليّة النّقديّة في رحلتين:النّقد الدّاخلي للنّص: الكشف عن مواطن ضعفه و إثارة الانتباه إلى بعض المقاطع التّي تغيب فيها الدقّة اللاّزمة و الوقوف على وجود بعض الافتراضات اللاّ مبرهن عليها أو حتّى الخاطئة الخ..
و يكون ذلك أيضا بتبيان الإستتباعات السّلبيّة للحلّ الذّي يقدّمه النّص.النّقد الخارجي للنّص: و يكون بمواجهة أطروحة النّص بأطروحة أخرى مناقضة يقع البرهنة عليها ( من المستحسن أن تكون مستمدّة من مرجعيّة فلسفيّة معروفة، معاصرة لكاتب النّص أو لاحقة له ).و لا يجب، في هذا المجال،
إهمال النّص و لا الإشكال الذّي يطرحه.الخاتمة:تكون ذلك بحوصلة كلّ الأفكار الهامّة التّي انتهى إليها جوهر الموضوع تحليلا و تقييما و تقديم إجابة تبعا للنتائج المتوصل إليها .










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:20   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المحتوى المعرفي الأول : إدراك العالم الخارجي المادة: فلسفة
القسم: 3 آداب وفلسفة
الإشكالية الأولى: إدراك العالم الخارجي الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية
المشكلة الأولى: الإحساس والإدراك التي تتعلق بالإنسان ومحيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل
نشاط نفسي وثقافي إلى عملية الإدراك
الكفاءة الخاصة: إنجاز مخطط يبرز فيه موقع الإدراك
وتكفله بكل نشاطات الإنسان.
طرح الإشكالية:
هل علاقاتنا بالعالم الخارجي تتم عن طريق الإحساس أم الإدراك ؟ وهل كل
معرفة ينطوي عليها الإدراك مصدرها الإحساس ؟ وإذا كان الإحساس عملية أولية
للاتصال بالعالم الخارجي، فهل معنى ذلك أنه خال من أي نشاط ذهني ؟
I. ماذا عن الإحساس كعلاقة انفعال وتفاعل أولييّن مع العالم الخارجي ؟
أولا: الإحساس بوصفه نشاطاً أوّلياً ومتعدّداً:
إن الإحساس حادثة أولية وبسيطة و بها تحصل المعرفة ويتمّ التكيف .
ولكن أليس من التناقض اعتباره أوّلياً ومركباً ؟ واحداً ومتعدداً في ذات الوقت ؟
1. الإحساس بسيط ومركب في الآن نفسه:
(أنظر الوضعية المشكلة صفحة 9)
الإحساس يتمّ بطريقة أوّلية ومباشرة" فالإحساس هو قبول صورة الشيء (المحسوس) مجرّدة عن مادته فيتصور بها الحاسّ."
- آلية الإحساس ثلاثية التركيب
ونخلص من ذلك إلى أنه لا يوجد تناقض بين طبيعة الإحساس الأوّلية البسيطة وبين صفة التركيب فيه
2. الإحساس متنوّع و واحد في ذات الوقت:
- الإحساس متنوّع بتنوّع قنواته
- لإحساس واحد و مشترك في جميع أنواعه
- حواسنا تشترك جميعها في آلية التركيب وكيفية الحدوث .
إن الإحساس إذن، قناة اتصال أساسية بيننا وبين العالم الخارجي.
ثانياً : من الظاهرة الحيوية إلى الظاهرة النفسية :
1- الإحساس ظاهرة حيوية غايتها حفظ البقاء :
(أنظر الحوار صفحة 11 )
نستنتج من مجريات هذا الحوار :
• أن ثمة تفاوتاً في طبيعة الإحساس بين الإنسان والكائنات الحية الأخرى
• وأن التفاوت المشار إليه تفرضه الحاجة الحيوية إلى التكيف وحفظ البقاء.
1. الإحساس والشعور والانطباع النفسي :
يقول جميل صليبا: " الإحساس حادثة نفسية أولية، وهو إما أن يكون انفعالياً، أو عنصراً من الحياة العقلية.. فكل
انفعال نفسي ينشأ عن تبدل عضوي .. أو هو صدى التبدلات الجسدية وانعكاس آثارها على الشعور"
الإحساس يتعلق بالتأقلم مع العالم الخارجي أكثر من تعلقه بمعرفة هذا العالم، وأن طبيعته
الحيوية تطغى على طبيعته النفسية.
المحتوى المعرفي الأول : إدراك العالم الخارجي المادة: فلسفة
القسم: 3 آداب وفلسفة
المذكرة: 01
الإشكالية الأولى: إدراك العالم الخارجي الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية
المشكلة الأولى: الإحساس والإدراك التي تتعلق بالإنسان ومحيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل
نشاط نفسي وثقافي إلى عملية الإدراك
الكفاءة الخاصة: إنجاز مخطط يبرز فيه موقع الإدراك
وتكفله بكل نشاطات الإنسان.
II. وماذا عن الإدراك كمعرفة عقلية تطلعنا على حقيقة هذا العالم الخارجي ؟
ـ أولا: الإدراك وفعاليات العقل

ا "..العملية النفسية التي يتمّ بواسطتها الاتصال بيننا وبين العالم الخارجي
ومعرفة الأشياء في هذا العالم. وهو تابع لاهتماماتنا ولقدراتنا العقلية "
أنطوان مقدسي
: فيمَ تتمثل خصوصية الإدراك الإنسانية إذن ، وأين يكمن تعقيده ؟
1. إدراك ما وراء الإحساس :
( وضعية مشكلة صفحة 14) يتبيّن من تحليل هذه الوضعية المشكلة:
• أن الفرق بين سلوك كل منهما، هو تماماً كالفرق مبدئياً بين العقل والإحساس:
يقول ديكارت:" .. وإذن فأنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أن أراه بعيني"
2. إدراك ما وراء المعرفة :
• أن آلية الإدراك الذهنية تقوم دائماً عند جميع الناس على مرحلية ثلاثية متكاملة :
* الصورة الإجمالية(أو التلفيقية* التحليل(أو التفكيك) * التركيب(أو إعادة التأليف)
• أن آلية الإدراك الذهنية تستوجب الاستعانة بالوظائف العقلية العليا بنسب مختلفة. يقول برغسون: " الإدراك تذكر"
- ونستتج من كل ما سبق ، أن الإدراك عملية إنسانية في المقام الأول
باعتباره وظيفة عقلية عليا ، وأنه فعالية معقدة تتدخل فيها قدرات عقلية
مختلفة وفق نمطية ثابتة تتيح له أن يحقق ، في آن واحد ، المعرفة من وراء
الإحساس ، والتجريد من وراء المعرفة.
ثانياً: نسبية المعرفة في إدراكنا الحسي :
1.كل إدراك تابع للعوامل المشكلة له :
إن الإدراك- على ضوء الوضعية المشكلة- تتحكم فيه عوامل ثلاثة متكاملة
• عوامل نفسية وعقلية • عوامل موضوعية وبيئية • عوامل اجتماعية وثقافية
يمكننا أن نستنتج بأن الإدراك في آليته ليس واحداً عند جميع الناس، فهو
يتوقف على مؤثرات متعدّدة تجعل، في بعض الأحيان، معارفنا عن العالم الخارجي
نسبية.
2. للإدراك أخطاء وأمراض :
يقول مالبرانش: " ..ليست حواسنا هي التي تخدعنا ، وإنما إرادتنا بأحكامها السريعة ".
- أخطاء الإدراك : وهي كثيرة نذكر منها نوعين رئيسيين :
- الخداع البصري : كالعصا يُغمس نصفها في الماء فتبدو لنا منكسرة. - الخداع الحركي
• أمراض الإدراك : وأشهرها على وجه الخصوص : أمراض المعرفة (Agnosie):
وتصيب الحساسية ، فلا يتمّ التمييز بين إحساسين أو أكثر . وأمراض الهلوسة
(Halliucination) : وفيها يخلط الإنسان بين الأحلام والوقائع
نخلص في الأخير إلى أن الإدراك يكاد يكون ظاهرة إنسانية ، يتميز بطابعه
العقلي وبكونه نشاطاً معقداً يحتاج إلى إسهام بقية الوظائف العقلية الأخرى.
المحتوى المعرفي الأول : إدراك العالم الخارجي المادة: فلسفة
القسم: 3 آداب وفلسفة

الإشكالية الأولى: إدراك العالم الخارجي الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية
المشكلة الأولى: الإحساس والإدراك التي تتعلق بالإنسان ومحيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل
نشاط نفسي وثقافي إلى عملية الإدراك
الكفاءة الخاصة: إنجاز مخطط يبرز فيه موقع الإدراك
وتكفله بكل نشاطات الإنسان.
III. ثم هل كل معارفنا الإدراكية حول هذا العالم، تنبع- بالضرورة- من الإحساس؟
ـ أولا : الإحساس والإدراك المجرّد :
. المعرفة بالجزئيات والمعرفة بالكليات : ( وضعية مشكلة صفحة 18)
• الإحساس وحده لا يحقق معرفة مجردة : فهو ناشىء عن إحساسنا المباشر بالأشياء ولا يحمل معرفة مجردة
• الإحساس يثير العقل لتحقيق معرفة مجردة : فقيمة الإحساس تكمن في أنه يقوم بتنبيه وإثارة نشاطاتنا العقلية لنصل
بطريقة غير مباشرة إلى المعرفة المجردة وهي المعرفة الحقيقية.
2. من المعرفة الظنية إلى المعرفة اليقينية :
كيف نميّز الإحساس عن الإدراك من حيث القيمة ؟
• الإحساس أدنى قيمة معرفية من الإدراك :
الإحساس من شأن العامة ، والمعرفة فيه ظنية، أقل وضوحاً، بل لا تتجاوز ما
توافر عند الحيوانات والإدراك يقتضي تعقّل الشيء بواسطة البحث عن ماهيته،
وعن السبيل إلى معرفته، وعن سنده
وخلاصة القول ، أن أنصار المذهب العقلي منذ العصر اليوناني إلى الآن ،
يعتقدون أن ثمة ما يستوجب التمييز بين الإحساس والإدراك، وهم يعتبرون أن
ليست كل إدراكاتنا المعرفية نابعة- بالضرورة - من الإحساس ، بل أن الغالب
في هذه الإدراكات أنها صادرة بصورة قبلية عن العقل وما وراء العقل أيضاً.
ثانياً : الإحساس مصدر كل معرفة :
ما الذي يثبت ، في كل الأحوال ، أن معارفنا الإدراكية لا مصدر لها سوى الإحساس والتجربة الخارجية ؟
التجريب بدل التجريد : ( أنظر الوضعية صفحة 21)
• مقياس الحقيقة هو التجربة والإحساس، لا العقل والإدراك المجرد • الإدراك العقلي نفسه مكتسب من مكتسبات الخبرة
2- الخبرة بدل الفطرة :
إلى أي مدى برّر الحسيون نفيهم للأفكار الفطرية وقولهم بالخبرة الحسية؟
• ليس ثمة أفكار فطرية ، بل خبرة مكتسبة :• ليس ثمة أفكار مجردة ، بل انطباعات حسية :
- وخلاصة القول،أن النظرية التقليدية التي استفاض أقطابها من العقليين والحسيين القدامى والمحدثين في بسطها
وتعليلها ، لم تستطع حلّ الإشكال القائم حول طبيعة العلاقة بين الإحساس والإدراك.

المحتوى المعرفي الأول : إدراك العالم الخارجي المادة: فلسفة
القسم: 3 آداب وفلسفة
الإشكالية الأولى: إدراك العالم الخارجي الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية
المشكلة الأولى: الإحساس والإدراك التي تتعلق بالإنسان ومحيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل
نشاط نفسي وثقافي إلى عملية الإدراك
الكفاءة الخاصة: إنجاز مخطط يبرز فيه موقع الإدراك
وتكفله بكل نشاطات الإنسان.

IV. وهل الطابع الأوّلي لإحساساتنا يعني– بالمقابل- خلوُّها من أيّ نشاط ذهني سابق ؟
أولا : الإدراك الحسي للصورة الكلية :
وهل نستطيع فعلا أن نميّز بين معرفة حسية ومعرفة عقلية ؟
1- الإدراك الحسي ناتج عن انتظام الأشياء في المجال : (أنظر الأشكال صفحة 25)
2- نشاط الذهن في الإدراك الحسي شكلي :
فإن فضل هذه النظرية يكمن بالخصوص في تطوير وصياغة وتنسيق معارفنا حول الإدراك الحسي، نبّهتنا إلى أهمية
العوامل الخارجية في تشكيل عملية الإدراك،إلا أنها قلّلت، بالمقابل، من دور وإسهام العوامل الذاتية إلى حدّهما الأدنى.
ـ ثانياً: الإدراك والتعايش مع الأشياء :
وهل يلتقي الظواهريون في ذلك مع العقليين أم يفترقون؟
1. لا إدراك إلا بموضوع : (أنظر الحوار صفحة 27)
فإن الإدراك في نظر الظواهريين يتعلق بمعرفة وصفية يؤدّى إليها عامل الامتداد الذي يتميّز به شعورنا ؛ فلا
إدراك أو شعور إلا بموضوع أن " ..النزعة الظواهرية تعتقد أنه ما من شيء يمكن أن يتبدّى إلى الإنسان غير
الظواهر..ونحن لا نعرف غير [هذه] الظواهر
2. لا موضوع مدرك إلا من حيث هو مقصود :
إن قيام هذا الطرح على فكرة عدم التمييز بين الإحساس والإدراك، لم يُعفِه من نقيصة تغليب الشعور الذاتي
لإدراكاتنا.
نستنتج أن العالم الخارجي ومعرفتنا به يشكّلان كلّا واحداً موحّداً سواء عند الغشطالتيين أو الظواهريين وأن ما نسمّيه
بالإحساس الخالص أو العقل المحض وهمٌ فرضه النزوع المذهبي للحسيين والعقليين على السواء.

خاتمة: حل المشكلة

إن نتائج الأبحاث العلمية الباهرة في علوم الحياة والإنسان، أثبت استحالة الفصل بين الإحساس بوصفه علاقة
أولية بالعالم الخارجي ، والإدراك باعتباره معرفة مجردة بهذا العالم.
المحتوى المعرفي الأول : إدراك العالم الخارجي المادة: فلسفة
القسم: 3 آداب وفلسفة
الإشكالية الأولى: إدراك العالم الخارجي الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية
المشكلة الأولى: اللغة والفكر التي تتعلق بالإنسان ومحيطه.
الكفاءة المحورية: التحكم في الخطاب المتعلق بإرجاع كل
نشاط نفسي وثقافي إلى عملية الإدراك
الكفاءة الخاصة: إنجاز مخطط يبرزالعلاقات الجدلية فيما
بين كل النشاطات النفسية
طرح الإشكال:
I. إذا لم تكن اللغة مجرد تعبير انفعالي ، أو نشاط حيويّ عامّ ، فَفيمَ تتمثل طبيعتها ؟
أولا : أشكال التعبير الانفعالي :
(ملاحظة وضعيات والتعليق عليها صفحة 31)
في الوضعية الأولى ، نقول : إنه من الجحود إنكار وجود اتصال بين أفراد
النوع الواحد مثل النمل (كما ورد في الآية) ، إلاّ أنّ طبيعة هذا الاتصال
ومكوناته ، لا تشبه ما في لغة الإنسان ؛ فالإشارات والأصوات التي يستخدمها
الحيوان محدودة العدد ، كما أنّها فطرية تولد مع الكائن ، بالإضافة إلى
أنّها نوعية أي لا يتمايز فيها أفراد النوع الواحد .
إنّ عالم الحيوان، يتواصل باستخدام (رموز وإشارات) خالية من الذكاء والتفكير، خالٍ من (الحوار)
- ونخلص إذن:
- إن التعبير لدى الحيوان فطري وراثي ،
- إن الحيوان مُعدٌّ للتعبير عن بعض الحالات الطبيعية المرتبطة بالحياة وحفظ البقاء،
- كما أنّ شكل الاتصال عند الحيوانات كما قال دونالد هب يندرج ضمن الأساليب
المنعكسة ؛ وهي نماذج نمطية توصل معلومات لكن بطريقة غير إرادية وخالية
من القصد .
- بالإضافة إلى أنّ الإشارة لا يمكن تحليلها وتفكيكها وتجزئتها
ـ ثانياً : التعبير من التكيف إلى الوعي:
أن الإنسان بإمكانه أن يعبّر عن أفكاره وأحواله النفسية بالطريقتين معا
أ‌- بالإشارات الطبيعية : إلاّ أنّها مجرد انعكاس شرطي لمنبه داخلي أو
خارجي أن التبسم والضحك أو الصراخ والبكاء علامات غير قابلة للتحليل
والتفكيك.
ب‌- وبالإشارات الاصطلاحية : وهي نسق من الرموز الاتفاقية المكتسبة بالتعلم.
- نستنتج أنّ الحيوانات لا تمتلك (لغة)، وأنها لدى الإنسان ليست مجرد
تعبيرات انفعالية فطرية ، بل تتجاوز ذلك إلى اصطناع الإشارات الاصطلاحية
المتفق عليها بالتواضع والترميز
ـ ثالثا: اللغة خاصية إنسانية فريدة :
يعتبر جورج غسدورف اللغة كلمة السر التي تدخل الطفل العالم الإنساني ؛"..فالحدّ الذي يفصل بينهما هنا فصلاً مطلقاً هو عتبة اللغة "
- أن لغة الإنسان تتميّز بخصائص تنفرد بها أهمها :
* أنّها مكتسبة عن طريق التعلم ،
* يرتبط وجودها عند الإنسان بالعقل
* تتصف بازدواجية خاصية الكلام
ب- المستوى الصوتي:.
أ‌- المستوى التركيبي
* لها قدرة التحوّل من حيث أنها تمنح الإنسان المقدرة على أن يتكلم عن الأشياء والأحداث عبر الزمان والمكان.
* ولها قابلية الانتقال فهي تكتسب بالتعلم والمحاكاة.
* واللغة عند الإنسان ترتبط بالإبداعية كتنظيم كلامي
* كما تتسع لغة الإنسان للتعبير عن خبراته وتجاربه، والتعبير عن التصورات العقلية والقيم الجمالية والمعاني النفسية ،
* واللغة عند الإنسان لا ترتبط بالعقل فقط ، بل بالإرادة أيضاً.
هنا فهي ميزة إنسانية خالصة ، لذا يصحّ أن يقال عن الإنسان : " إنّه حيوان ناطق بالماهية".
II. وما الأسس التي تقوم عليها بوصفها بنية رمزية تطبع نشاط الفكر وتترجم إبداعاته ؟
(عرض وضعية مشكلة صفحة 39)
ـ أولا: اللغة واللسان والكلام :
: ما طبيعتها ؟ وإلى أي مدى يختلف اللسان عن اللغة
1. عناصر مفهوم اللغة :
إن علم النفس اللغوي يربط بين اللغة والإنسان فيعتبرها سلوكاً قابلاً للدراسة التجريبية
فاللغة " كيان عام يضم النشاط اللغوي الإنساني ويشمل كل ما هو منطوق أو
مكتوب أو إشارة أو اصطلاح "،" ..كنظام من العلامات الاصطلاحية ذات الدلالة
الاصطلاحية "
- اللغة كل متكامل ونسق من الرموز والإشارات، تشكل الأصوات أهم أنماطها.
- ارتباطها بالإنسان فرداً كان أو جماعة .
- اللغة واقعة اجتماعية كامنة في عقول جميع الأفراد المنتمين لمجموعة لغوية معيّنة
2- عناصر مفهوم اللسان :
فاللّسان أخص من اللغة، أمّا اللغة فتطلق على النشاط اللغوي الإنساني سواء كان رمزاً صوتياً أو مكتوباً أو إشارة أو اصطلاحا
3- عناصر مفهوم الكلام :
الكلام هو الممارسة الفردية المنطوقة ، أي هو فعل ملموس ونشاط شخصي يمكن ملاحظته بمراقبة الكلام أو الكتابة . فشروط الكلام إذن هي :
- وجود لغة محدّدة - وجود قدرة على التعبير - القدرة على الكلام من خلال
شروط نفسية كالسلامة من الاضطرابات العقلية وشروط عضوية مثل سلامة أجهزة
إصدار الكلام من حنجرة وحبال صوتية ورئتين ولسان وتجاويف فموية وأنفية
بالإضافة إلى سلامة الدماغ
- الإلمام بالمفردات والكلمات وقواعد التراكيب اللغوية والنحوية والصرفية
ـ ثانياً : طبيعة الرمز والدلالة :
ما طبيعة اللغة ؟
إنّ الإجابة على مجمل هذه الأسئلة يتأثر بالخلفية الفكرية والعلمية التي
ينطلق منها المجيب سواء كان من علماء اللسانيات أو علماء اللغة أو علماء
النفس ؛ ولكن علم الأصوات (Phonologie) وعلم المعنى (Sémiologie) هما
اللذان يوكل إليهما البحث في النظم الصوتية للكلام ، والدلالة المرتبطة
بهذه النظم .
1. بنية الكلام :
(أ) الفونيمات (Phonème) : وهي الأصوات الأساسية أو الوحدات الصوتية الأساسية غير الدالة (لا تحمل معنى)
والتي يتكون منها الكلام .
(ب) المورفيمات (Morphème) : وهي ما ينتج عن ضم الأصوات الأساسية إلى وحدات لها معنى في بداية الكلمة
ونهايتها .
ومنهما يكوّن الإنسان تركيبات لانهائية من الرموز والكلمات ، لها دلالات
متعدّدة حسب سياقها تسمح للإنسان بالتعبير عن كل شيء . وهذا ما جعل أندري
مارتيني يعتبر أنّ جوهر اللغة الإنسانية هو قابليتها للتفكيك وإعادة
التركيب (التمفصل) ؛ ويقصد به أنّ اللغة قابلة للفصل والوصل بين عناصرها
اللغوية (الفونيمات والمورفيمات) ، فاللغة تنقسم إلى سلسلة كلامية تنفك
بدورها إلى وحدات.
مما تقدم نخلص إلى أنّ لغة الإنسان تتكون من وحدات صوتية أساسية خالية
المعنى ، ومن وحدات صوتية أعلى ذات معنى تسمح بتأليف جمل متعددة وفقاً
لقواعد النحو ، وتعبر عن مضامين مختلفة تؤكد كلّها على أنّ اللغة ميزة
إنسانية.
2- الرمز وأنواع الدلالة :
إن الرمز عند هيغل (1770- 1831) علامة تحوي خصائص وصفات ما تدل عليه ،
وعرّف علماء الدلالة الرمز بأنّه ".. مثير بديل يستدعي لنفسه نفس الاستجابة التي قد يستدعيها شيء آخر عند حضوره " وقسموه إلى قسمين :
- الرمز اللغوي: فالكلمات (المنطوقة أو المكتوبة) أخص أنواع الرموز اللغوية حيث أنّها لا تشير لنفسها بل لأشياء أخرى.
- الرمز غير اللغوي: ومثال ذلك الجرس في تجربة بافلوف ، حيث أنّه (أي صوت الجرس) يستدعي شيئا غير نفسه.
أما العلامة اللغوية فهي "..وحدة أساسية في عملية التواصل بين أفراد مجتمع
معين وتنقسم إلى : دال ومدلول ، فالدال : هو الصورة السمعية (البصمة
النفسية للصوت) التي تعني شيئا ما وتدل عليه . أما المدلول : فهو التصور
الذهني للشيء المعني "
3- العلاقة بين الألفاظ والأشياء :
- العلاقة ضرورية : " ..إن العلاقة بين الدال والمدلول ليست اعتباطية بل هي على عكس ذلك علاقة ضرورية " .
لكن هذه الأطروحة تصطدم ببعض الحقائق التي أقرّها علماء اللغة فلو كانت
الكلمات تحاكي الأشياء ، فكيف يمكن تفسير تعدد الألفاظ والمسمّيات لشيء
واحد.
- العلاقة اعتباطية :
لذلك لا توجد ضرورة عقلية أو تجريبية فرضت على اللغة العربية مثلاً التعبير
عن هذا المعنى بهذه الأصوات ، بل تمَّ اقتراحها دون مبرر ؛ بالتواضعية
الاعتباطية أو التحكمية (العفوية)
يلزم من هذا التأكيد على أنّ اللغة نشاط رمزي العلاقة فيه بين الأسماء
والأشياء غير ضرورية، وبواسطته يتمثل الإنسان الواقع دون الحاجة إلى
إحضاره.
ـ ثالثا : تبادلية اللغة والفكر:
ما الفكر ؟ وهل هو مستقل عن اللغة؟ ( وضعية وتحليلها صفحة 47 التردد أثناء كتابة رسالة أو مقالة)
" ..الفكر بوجه عام جملة النشاط الذهني من تفكير وإرادة ووجدان وعاطفة،
وبوجه خاص ما يتمّ به التفكير من أفعال ذهنية كالتحليل والتركيب والتنسيق "
1- الفكر منفصل عن اللغة :
الفصل بين الفكر واللغة ، بالقول بأسبقيته (الفكر) عليها (اللغة)
أ ـ أن اللغة محدودة
- التعبير عن الأشياء الخارجية :
- التعبير عن الذات فاللغة لا تنقل من المشاعر إلاّ جانبها العام غير الشخصي
وقد تؤدي الألفاظ إلى قتل المعاني وتجمد حيويتها وحركتها ، فالفكرة أغنى من اللفظ.
لكن هذا الرأي بالغ في تمجيد الفكر والتقليل من شأن اللغة قال هيغل :
"..نحن نفكر داخل الكلمات" ذهب غوسدروف حيث قال : "..التفكير ضاجٌّ
بالكلمات"
2- الفكر واللغة متّصلان :
إن الاعتقاد بوجود نشاط فكري بدون لغة هو مجرد توهّم لأنّه في الحقيقة
(مونولوج) داخلي بين الذات ونفسها؛ إذ "..عندما نفكر فنحن نتكلم بصوت خافت،
وعندما نتحدث فنحن نفكر بصوت عالٍ "، وبذلك فاللغة هي ذاتها الفكر.
لا بدّ من التسليم بوجود علاقة ترابط بين الفكر واللغة ، وهذا ما تؤكده الدراسات والأبحاث العلمية الّلسانية.
؛ وهذه العلاقة تشبه العلاقة بين وجه الورقة النقدية وظهرها، يقول
ديسوسير:" إنّ الفكر هو وجه الصفحة ، بينما الصوت هو ظهر الصفحة ؛ ولا يمكن
قطع الوجه دون أن يتمّ في الوقت نفسه قطع الظهر ، وبالتالي لا يمكن في
مضمار اللغة فصل الصوت عن الفكر ، أو فصل الفكر عن الصوت".
III. ثم كيف يتيسّر للغة أن تحقق التبليغ والتواصل بالرغم من تنوعها وتعدّد نشاطاتها ؟
(عرض وضعية مشكلة صفحة 50)
1- التبليغ والتواصل الاجتماعي :
أ - مفهوم التواصل :
إن التواصل في اللغة مأخوذ من الصلة ، والتواصل اصطلاحا : هو تبادل الحقائق
والأفكار والمشاعر بين شخصين أو أكثر بمختلف وسائل الاتصال وأخصها
(الكلام)
ب‌- شروط التواصل :
- المرسِل - المتلقي - الرسالة - المرجع - روابط الاتصال - الشيفرة
- ثمة تنوع في وظائفها، ومن أهمّ هذه الوظائف:
- الوظيفة النفعية : اللغة تسمح للإنسان بإشباع حاجاته سواء البيولوجية الغريزية، أو النفسية الانفعالية.
- الوظيفة الشخصية : اللغة وسيلة يعبر بها الشخص عن ذاته وهذا ما يسمح للغير بمعرفته والتعرف على اهتماماته.
- الوظيفة التفاعلية : اللغة تستخدم للتفاعل مع الآخرين في المحيط الاجتماعي، ومن ثمة يتم تبادل الآراء والأفكار.
- الوظيفة الاستكشافية : اللغة وسيلة الإنسان للتعرف على محيطه.
- الوظيفة التنظيمية : اللغة تنظم سلوك واستجابات الآخرين
- الوظيفة التخيلية : اللغة نسق من الرموز يجرد الواقع المادي في كلمات تغنيه عن إحضارها
- الوظيفة الرمزية :
- الوظيفة الإخبارية : اللغة تنقل المعلومات إلى الآخرين.
خاتمة: حل المشكلة
مما تقدّم نخلص إلى أنّ الحديث عن اللغة هو في الحقيقة حديث عن الإنسان ؛ فهي خاصته التي تميزه.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:23   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المادة:
النشاط:
الاشكالية الثانية:
المشكلة الأولى:
المستوى
الحجم الساعي
الكفاءة الختامية: ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية التي تتعلق بفلسفة العلوم
الكفاءة المحورية: التمييز بوضوح بين مجالي العلم والفلسفة وتكاملهما
مراحل سير الدرس
طرح المشكلة
محاولة حل المشكلة
حل المشكلة

التحليــــــــــــــــــــــــــــــــــــل

في الحقيقة العلمية و الحقيقة الفلسفية
الحقيقة تعريفها أصنافها و مقاييسها.
أولا: تعريفها :ليس من السهل تعريف الحقيقة و ذلك لاختلا ف معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفي آخر،و من مجال إلى مجال،و من ثقافة إلى ثقافة أخرى ،و هذا يؤدي إلى تنوع المعارف وتعددها نقتصر فيها على ما يلي :
1-عند اللغويين:تطلق على الماهية أو الذات ،نحققه الشيء ماهية أي ما به الشيء هو هو,
2الواقعيين :مطابقة التصور (الحكم) للواقع ,كما نقول بأن الحقيقة مطابقة التصور لعالم الأشياء.
3)عند المناطقة والرياضيين :هو الأمر الممكن في العقل الذي لا يتخلله تناقض،و بتعبير آخر هي مطابقة النتائج للمنطلقات كما يمكن أن تكون المنطلقات ذاتها التي تجبر العقل على الالتزام بها قال"لايبنتز":{{ متى كانت الحقيقة مسرورة ،أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى تصل إلى الحقائق الأولى.}}و الحقائق الأولى هي الأوليات و المبادئ العقلية .
4)في إصطلاح الفلاسفة:هي الكائن الموصوف بالثبات والمطلقية(كالله و الخير)مع قطع النظر عمن سواه .
ثانيا:أصنافها: تقسم الحقيقة إلى ثلاثة أصناف:
1)- الحقيقة المطلقة:هي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف أو الحكيم ،و ابعد ما يستطيع بلوغه عن طريق العقل أو الحدس .فعند أفلاطون يعتبران الحقيقة تتمثل في عالم المثل الذي يمثل عالم الخلود و عالم الحق .و الفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلص من عالم الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم الفوقي.
أما عند أرسطو فالحقيقة المطلقة تتمثل في "المحرك"الذي لا يتحرك ،الذي يمثل "الله".
2)- حقائق نسبية : هنا تقتصر على الحقائق العلمية ،لأن هذه الأخيرة تعبر عن علاقات ثابتة بين الظواهر تصاغ صياغات قانونية ،و هذه الأخيرة قابلة للرفض و التغير مما يطغي عليها طابع النسبية.
و النسبي لغة "هو المتعلق بغيره، أي أن النسبي ما يتوقف وجوده على غيره،ومما جعل الحقائق العلمية هو كون الاستقراء للموضوعيات العلمية مزال مفتوحا ،ثبت أن العلماء يسعون وراء الحقيقة النسبية ،و لهذا قال "كلود برنا رد"يجب أن نكون مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجود تقريبي كثيرا أو قليلا ، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تمثل حقائق ثابتة ) . 3)- حقائق ذوقية : وهي الشعور الذي يستولى على المتصوف عند بلوغه الحقيقة الربانية المطلقة ،فهو يستقي علمه من الله رأسا ويتم ذلك عن طريق الفناء .أو عن طريق التقاء وجود الخالق،و يتم بواسطة الكشف أو"الذوق" كما يعرف بالحدس ،من أجل بلوغ السعادة القسوة .
4)- الحقائق بين المطلق والنسبي :
وهي حقائق فلسفية ،إلى أنها تنهل مصداقيتها من الواقع الاجتماعي.و النفسي و ألتأملي
ثالثا- مقياسها:
نقدت مقاييس الحقيقة على حسب مجالاتها وفلسفة أصحابها ،فكان تارة مطابقة العقل للتجربة ،وكما اعتبروا الوضوح والبداهة ، و هناك من أعتبرها هو الكائن المطلق ،لذلك فإن مقياس الحقيقة لدى البراغماتيين هو النفع ولدى الوجوديون هو الذات البشرية، والوضوح لدى العقلانيين .
أ)- مقياس الوضوح :
ذهب بعض الفلاسفة أمثال 'ديكارت و سبينوزا إلي أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه ،و الوضوح .فاعتبر'ديكارت' أن البداهة هي معيار المطلقية والتي لا يكتنفها الشك .وأنتهي إلى قضيته المشهورة :"أنا أفكر إذن،أنا موجود."كما أعتبر أن الأشياء التي نتصورها تصورًا بالغًا الوضوح و التميز هي الصحيحة حيث يقول :"إني أشك،ولكن لا أستطيع الشك فيه هو أنني أشك وأن الشك التفكير "،وفي هذا المعني يضيف"سبينوزا"أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج الحقيقة ،بحيث لا يمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوح ويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكون معيار الفكرة الصادق .
ب)- مقياس النفع :
ذهب بعض البرغماتين أمثال :"بيرس ،جيمس،ديوي" بحيث اعتبروا أن الحكم يكون صادقا إلا إذا أدى إلي منفعة عملية ،لذلك فالمنفعة هي المقياس الوحيد للصدق ،بحيث يقول "بيرس":"أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج،أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في حد ذاتها"،كما اعتبروا أنه لمعرفة الحقيقة من غير الحقيقة يجب ملاحظة النتائج ،لأنه ما يؤدى إلى النجاح فهو حقيقي.
ج)-مقياس الوجود لذاته:
ترى الوجودية مع "سارتر" أن مجال الحقيقة هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي،و حقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته ،وتحديد مصيره ،و الحقيقة هي ممارسة التجربة، التي تجمع بين الحياة و الموت وما ينتج عنها من قلق ، وآلم .
تعقيب:
إن إرجاع الحقيقة للوضوح يجعلها تلجأ إلي معيار ذاتي ،لأنها تصبح خاضعة في وضوحها إلي تربية الإنسان وميوله و إتجاهاته الفكرية ,
-أما إذا أرجعناها إلى مقياس النفع فإنه يؤدي إلى عدم وضوح الحقيقة بل إلى تضاربها و تناقضها ،و تسخر الحقيقة لمصالح الفرد.
- كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون لأنه يجب مراعاة البعد الاجتماعي للإنسان بوصفه كائن إجتماعي ,يعيش مع ذوات أخرى يجب مراعاتها.
2) :إذا كانت النسبية تلاحق الحقيقة المطلقة فهل الحقيقة المطلقة "نسبية " هي الأخرى؟:
ماهي الحقيقة المطلقة بالنظر إلي ذاتها ؟وهل طبيعتها تتغير إذا قبلناها بحقائق نسبية ؟ وهل تحافظ على خصوصياتها الأصلية إذا ما توصل إدراكنا إلى حملها ؟
أولا :خصائص الحقيقة المطلقة :المطلق لغة ’هو المعتري عن كل قيد،وهو ،التام والكامل كذا ما يراد ف القبلي ،ويقابل النسبي ,
أما إصطلاحا :علم ما بعد الطبيعة ،وهو إسم للشيء الذي لا يتوقف تصوره ووجوده على شيء آخر لأنه علة وجود نفسه ،ومن أهم خصائصه :أي من أهم خصائص التي تمتاز بها الحقيقة المطلقة هي أنها :
مجردة من كل قيد وعلائق ،أنها مستقلة لا تحتاج إلى علل من أجل وجودها ولا إلي أي حدود زمانية ومكانية ،كما أنها لا ترتبط بأحكام الإنسان وتصوراته ،وموقعها الحقيقي ما وراء عالم الشهادة ،كما أنها تعتبر المبدأ والغاية في آن واحد ،كما تعتبر الخير الأسمى الذي يتوق إليه الحكماء وأهل الفضول والذوق،كما أنها الموجود بما هو موجود ،أي أنها الحقيقة المطلقة التي تقوم مستقلة عن الذات.
ثانيا :النسبية وملاحقتها للمطلق:إذا كان المطلق يشير إلي الموجود في ذاته،ولذاته ، وبذاته ،فإن النسبي يشير إلي ما يتوقف وجوده علي غيره ، إلا أن التحديد المبدأى للمطلق يتم بالتجريد ،لأن إدراكه من طرف الإنسان هو إدراك من طرف كائن مقيد بحدود زمانية مكانية ومفاهيم ثقافية ،والمعرفة الإنسانية بين الذات العارفة والموضوع المعروف كما أن محاولة العقل الإنساني لإدراك المطلق يجعلنا نضع ا حتمالين إما أن تكون الحقيقة مطلقة ولا أمل في إدراكها من طرف المدرك ،وإما أن يدركها المدرك فتنتقل من المطلقية إلي النسبية . كما أن الحقيقة التي يتكلم عنها الفلاسفة تندرج تحت أنساق فلسفية معينة ، وهذا ما يجعلها حقائق تتماشي مع مذهبهم وما تقتضيه الضرورة المنطقية مما يجعلها تتغير من نسق فلسفي إلى نسق آخر،ومنها فالحقيقة لا يدركها عقل ولا علم ولا حدس ولاذ وق لأنها أمور ذاتية ،ونسبية و النسبي لا يمكنه أن يدرك المطلق .
3)-في هذه الحالة ،ألا تلتبس الحقيقة مع الواقع ؟ وأي واقع هذا؟:
ما هو الواقع وما مجالته المتنوعة ؟ وهل يقابل الحقيقة أم يلتبس بها ؟ وما دور الإنسان في تحديد طبيعة كل واحد من الطرفين ؟
أولا : تعريف الواقع القصد منه إبراز التنوع في الطبيعة والمجال:تتنوع كلمة الواقع علي حسب التأويلات التي نأخذها إما في المعني العام أو في المعني الفلسفي : في المعني العام -:يقرن بوجود الإنسان فنقول أن هذا الشيء واقعي لأنه موجود .
- :وقد يقرن الواقع بنا لا يختلف في حقيقته إثنان ،وهو ما يمكن أن يثبت وجوده حسيا أو تجريبيا.
في المعني الفلسفي :وهو العالم الخارجي كما يتقدم لعقولنا وحواسنا ،ويتصف إدراكنا له بأنه حقيقي إذا ما تم فعلا .
ويستنتج من هذا ،أن الواقع هو مصدر تقدير أحكامنا ،أي أن تكون الصور المدركة تعكس تماما ما في الواقع
أن الواقع هو وجود الأشياء العيني وجودا مستقلا عن الذات العارفة أي لا دخل للذات في تصوره ،ويمتاز بخصائص وموصفات منها :
-أنه مجال مستقل عن الذات المدركة ويمكنها من بلوغ الموضوعية
-أنه يعتبر المصدر الأول والأخير لإختيبار الفروض وتبرير أحكامنا العقلية
-أنه المنبه والدافع إلى إكتشاف الحقيقة ،وهي انطباق الفكر مع العالم الحسي والتجريبي .
ثانيا:إرتباط الحقيقة بالواقع :ويظهر هذا الإرتباط على شكلين:
1) التقابل :إن فكرة الحقيقة مرتبطة بالواقع بفكرة الواقع وذلك يظهر من خلال اتجاهين :- الإتجاه التجريبي الذي يجعل الحقيقة عاكسة للواقع
-الإتجاه المثالي الذي يجعل مقرها الواقع المثالي الثابت
2) الإلتباس:ولذلك وجب التميز بين الواقع في ذاته والواقع في ذواتنا ،و الواقع في ذواتنا يظهر في حالتين :-حالة تعبر عن الواقع الموضوعي كما نراه أو كما ندركه ، - وحالة تعبر عن" الواقع ",الحقيقة الذي نعيشه داخليا ، أي أن الإلتباس يحدث بين ما هو موجود في ذاتنا وما هو موجود في العالم المثالي : ومن هنا ,
♪ حسب الحسيان تصبح الحقيقة تعكس الواقع الموضوعي ( الحسي ) عكسًا تمامًا بحيث أن إنطباق الواقع غير الواقع ،أي بمثابة الصورة الجامدة التي تستقر فيها الأشكال و الثاني يستمر في حركاته الحية . فيصبح ما يراه الشخص أنه حقيقي يكون هو الحقيقة .
♪ أما المثاليون أمثال "أفلاطون ،ديكارت" تكمن الحقيقة في إتفاق معارفنا مع الوقائع المثالية الذي تشخص إليه عقول الحكماء
ثالثا-الإنسان بين الواقع والحقيقة : إن الواقع هو واقع الأشياء ،و الحقيقة هي حقيقة الأفراد ، والقبض عن الحقيقة تتمثل في الحرية على حسب "هيدغر", أما السعي وراء الحقيقة المطلقة فيبقي أمرًا نسبيا بين الأفراد فكل ينظر إليها حسب نزعته الفلسفية ،بل حتى الحقيقة المطلقة التي تتمثل في "الله" وقع حولها أختلاف بين المجسمة والمنزه
حل المشكلة :أن مشكلة الحقائق تبقي الحقائق التي يسعى إليها الإنسان حقائق نسبية كما تبقي النسبية تلاحق المطلق في شتى المجالات .










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:28   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

درس العولمة والتنوع الثقافي في شكل مقالة جدلية
المقدمة((طرح المشكلة))
مفهوم العولمة
العولمة كلمة عربية مهذبة أصلها من عالم جمعه عوالم، ولقد جمعه القرآن الكريم في لفظ-العالمين- وقصد به كل موجود مما سوى الله، وتقابله في اللغة الفرنسية كلمة mondialisation التي تعني جعل الشيء ينتشر عالميا.
أما من الناحية الاصطلاحية فهي تعني لدى الاقتصاديين بوجه اخص إخراج الأنشطة الاقتصادية من المجال المحلي إلى المجال العالمي، أي إن تتجه القوى الاقتصادية الدولية نحو وحدوية اقتصادية مشتركة تضع حدا لكل أنواع السيادة مما يؤدي إلى انحصار دور الدولة وانفتاح الحدود واتساع الاتصالات وانتشار التكنولوجيا وانتقال الأشخاص والأفكار وتلاقح الثقافات، وقد عرفها بعض الإخصائيين ((أنها الحرية التي يتمتع بها كل مجتمع من زمرتي من اجل الاستثمار حيثما أراد ومتى أراد إنتاج ما يريد، وشراء وبيع ما يريد مع تحمل اقل ضغط ممكن يقتضيه التشريع الاجتماعي.)).
وتقوم فلسفة العولمة من حيث هي إيديولوجية فكرية على تجسيد التفكير الأحادي الذي ظهر بعد سقوط جدار برلين وانتصار الليبيرالية في أواخر القرن العشرين على الايدولوجيا الشيوعية القائلة بالتخطيط المركزي للاقتصاد، وهذا الانتصار جعلها تسعى إلى إقامة سوق عالمية كبيرة مفتوحة ومتحررة من قيود التسيير المركزي والاتجاه نحو لا مركزية التسيير بعيدا عن سلطة حكومات الدول وسياساتها الداخلية.
كما تسعى العولمة الليبيرالية إلى تجسيد مشروع المجتمع المتجانس الموحد عالميا والذي تذوب فيه الفروق الجغرافية والثقافية والدينية واللغوية ولكن وفق النموذج الغربي والأمريكي تحديدا، وهذا ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق كلينتون( أن أمريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، وأننا نستشعر أن علينا التزاما مقدسا لتحويل العالم إلى صورتنا.)).
تحديد المشكلة
إن قضية العولمة وما تطرحه من تصورات عالمية لحقوق الإنسان وما تفرضه من توجهات اقتصادية وسياسية وثقافية في ظل عالم يقوم على التنوع في شتى مجالات الحياة، يعتبر بحق تحد حقيقي للشعوب والأمم سواء منها التي تريد مواكبة العولمة أو التي تفضل الاحتفاظ بخصوصياتها.
صياغة المشكلة
هل بقاء الأمم والدول واستمرارها يقتضي مواكبة العولمة وقبول ما تصدره من نماذج اقتصادية وثقافية، ام يقتضي رفضها ومقاومتها والاحتفاظ بالخصوصيات المحلية؟
الجزء الأول
منطوق المذهب القائل بضرورة السير نحو العولمة وهو شرط لازم للإرتقاء في سلم العالمية الثقافية والحضارية، يمثل هذا المذهب أقطاب العولمة الفاعلون وهم:
• أرباب الشركات الكبرى في العالم((الشركات المتعددة الجنسيات)).
• مدراء البنوك الخاصة التابعة للدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وفي هذا السياق يقول الثري الأمريكي المشهور دافيد روكفيلير: (( أن العالم يكون في حالة جيدة لو كان محكوما من طرف جماعة نخبوية تتألف من بنكيين.)).
• مؤسسة البنك الدولي.
• صندوق النقد الدولي.
• المنظمة العالمية للتجارة خليفة منظمة الغات.
البرهنة
• تهدف العولمة إلى تحقيق الثراء وتحسين مصير الفقراء من الدول عن طريق القروض تقدمها مؤسسة صندوق النقد الدولي لهذه الدول، وكذلك تحسين مصير الفقراء من الأشخاص عن طريق عن طريق فتح باب التبادل التجاري بين أفراد الدول عبر العالم، والعمل على إزاحة جميع العراقيل التي تحول دون ذلك على اعتبار إن التجارة هي العلاج الأمثل لمختلف الأمراض الاجتماعية والتي منها الفقر، ولذلك وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش سنة 2001 خلال قمة الثمانية التي انعقدت في مدينة جينس الايطالية أعداء العولمة وهم(( الحماياتية ومتظاهري جينس)) ب((عصابة المتهورين)) حيث قال(( ان كل من يقف ضد حرية التبادل هم ضد الفقراء.)).
• تعميم وسائل الاتصال((شبكة الانترنت)) وشمولية الاستقلال الفعلي للإفراد داخل مجتمعاتهم من خلال الدفاع عن الحريات والحقوق والتنديد بالمساس بها، وهذا ما يزيد من توسيع دائرة الاستقلال الفردي وتحرره.
• قيام مجتمع عالمي، او ما يسمى ب ((القرية الكونية)) والوصول إلى إلغاء الحدود الجغرافية والقومية والعرقية والدينية بين الشعوب كما في نظام((web)) حيث يصبح الإنسان المعولم ذو صفتين هما الشفافية لأنه كائن الاتصال، والذوبان لان علاقته بالغير قائمة على إلغاء كل انفصال.
• تحسين الإنتاج باستمرار كما وكيفا وإسعاد المجتمع البشري بإغراق السوق بأكبر عدد ممكن من السلع والأدوات والتجهيزات المتجددة التي يحتاجها الإنسان المعاصر.
مناقشة مذهب دعاة العولمة
يمكن الرد على منطق دعاة العولمة من خلال النقاط التالية"
• العولمة المؤسسة على عالمية الاقتصاد فقط تعتبر أحادية الأبعاد((البعد المادي فقط)) ولا يمكنها تحقيق الأبعاد الأخرى التي تميز الإنسان كالبعد الروحي والأخلاقي والمعرفي.
• التبادل الاقتصادي الحر يستفيد منه الأقوياء لكنه يسحق الضعفاء لأنهم لا يقدرون على المنافسة الشرسة التي يفرضها الأقوياء في السوق العالمية، وبالتالي فأن التبادل التجاري الحر احدث أضرارا وأزمات مالية واجتماعية باقتصاديات الدول الضعيفة مثل بعض الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية التي انساقت وراء هذه الايدولوجيا إما اضطرارا أو طواعية واختبارا، ويمكن ملاحظة ذلك في إفلاس المؤسسات الاقتصادية المحلية وخوصصتها، وارتفاع مستوى البطالة جراء تسريح العمال واستخدام الآلة على نطاق واسع، وكان من نتائجها حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية وأمنية، مما احدث هوة عميقة بين الشعوب وحكوماتهم.
• لا يمكن للعولمة تجسيد المجتمع المتجانس الذي يتحقق في جو من العدل والاحترام والتسامح، لان هذه القيم لا وزن ولا قيمة لها في الأنظمة الليبرالية.
• إن تبرير العولمة باسم التاليم المسيحية من طرف بعض السياسيين الاقتصاديين في قولهم((يسوع المسيح هو حرية التبادل، وحرية التبادل هي يسوع المسيح)). هو قول لا أساس له من الصحة، والتاريخ يذكرنا بمقولة الهنود الحمر في أمريكا عندما غزا الغزاة بلادهم(( كنا قبل مجيئهم نملك الأرض، وكانوا يملكون الإنجيل، وبعد مجيئهم صرنا نملك الإنجيل وصاروا هم يملكون الأرض.)).
الجزء الثاني
منطوق المذهب القائل بضرورة رفض العولمة ومقاومتها كشرط لازم للإبقاء على التنوع والتعدد الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي يحفظ لكل امة خصوصياتها القومية والمحلية. يمثل هذا الاتجاه المعاكس ويبرره كل من:
موقف هارولد كليما نطا
• يعرض هارولد كليما نطا في كتابه ((أكاذيب العولمة العشر)) مخاطر العولمة فيقول((إن العولمة تنفلت من المراقبة، فهي لم تسقط من السماء كقضاء محتوم، إنها مقصودة وتتحكم فيها قيادة المنظمات الدولية، كصندوق النقد الدولي(( fmi))،والمنظمة العالمية للتجارة((omc)) خليفة الغات((GATT)).)). ويقول عن الأكذوبة العاشرة(( إن العولمة تجلب التنوع في جميع أنحاء العالم، في حين أن هناك تناقصا في أنواع التفاح، وان كل الأفلام تقريبا هي أمريكية، وان الليبرالية الجديدة تعرض على أنها الاختيار السياسي الوحيد.)).
موقف الحركة الحماياتية من العولمة:
• هم ناشطون غربيون يحتجون باسم حماية الحقوق الاجتماعية للفرد من وحشية العولمة الليبيرالية، وبالتالي فهي حركة مناهضة للعولمة وتطالب المجتمع الدولي بإيجاد حلول جادة وجذرية لأربع قضايا رئيسية هي (( الشغل والفقر والخدمات العمومية والديون المقترضة)).
• في قضية الشغل العولمة الليبيرالية لا تحمي الشغل بل تحاربه ويظهر ذلك في تخفيض عدد مناصب العمل وخاصة في مجال الالكترونيات والإعلاميات والاتصال وهي الأكثر رواجا في العالم، لكنها لا تحتاج إلى عدد كبير من العمال.
• كما إن العولمة الليبيرالية بمحاربتها للشغل تعمل على تفشي الفقر والكفاف والاستغلال ، وهو عمل يتنافى مع فلسفة التنمية التي تنشدها العولمة وتتطلع إليها، كما أن استقرار العالم مرتبط بمحاربة الفقر وتجسيد العدل بين الضعفاء و الأقوياء بحيث يكون الحق في الحياة فوق الجميع، وفي هذا السياق يقول الإمام علي رضي الله عنه((ما جاع فقير إلا بما متع به غني.)).
• وإدراكا لخطورة هذه الآفة وما ينجم عنها من أزمات إنسانية، خصصت منظمة الأمم المتحدة يوم 17 أكتوبر يوما عالميا لمكافحة الفقر، وأبرمت اتفاقا دوليا للقضاء على الفقر يبدأ سنة 1997م وينتهي سنة 2006م ولكن نتائج هذا الاتفاق لم يكتب لها النجاح لان قرارات الأمم المتحدة أصبحت غير مجدية في ظل وجود سلطة القرار بيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كأقطاب فاعلين في العولمة الليبيرالية.
• كما تحارب العولمة حقوق المواطنين الأساسية في الخدمات العمومية وخاصة منها خدمات الصحة والتربية، وذلك من خلال إغراق الدول بالديون وفوائد الديون التي تقدمها المؤسسات المالية، -خاصة صندوق النقد الدولي-وسواء عجزت هذه الدول عن التسديد او استطاعت التسديد، فان ذلك ينعكس سلبا على ضمان هذه الخدمات، فتتخلى الدولة على خدمة شعبها في الصحة والتربية فترتفع قائمة الأمراض وترتفع نسبة الوفيات ويغادر الأطفال عبر هذه الدول المدارس في سن مبكرة بحثا عن العمل فيتعاطون المخدرات وينتشر الجهل بينهم ويستغلون أبشع أنواع الاستغلال ويعاملون كأشياء ويصبح المجتمع في خدمة الاقتصاد بدلا من إن يكون الاقتصاد في خدمة المجتمع.
• يتدخل صندوق النقد الدولي في السياسة المالية للدولة بإلزامها بوقف طباعة النقود في بنوكها المركزية كشرط أولي للحصول على القروض منه.
• حث الدول المقترضة منه على التصدير ورفع الإنتاج مما يساهم في استغلال واستنزاف مفرط للثروات الطبيعية نحو أسواق خارجية على حساب الاستهلاك المحلي واحترام التوازنات البيئية.
موقف الحوار الحضاري والقوميات الوطنية
• العولمة برأي مختلف الحضارات والدول القومية هي نوعان: عولمة حسنة وعولمة سيئة، الأولى إنسانية مفيدة تقوم على العالمية ولم الشمل، والثانية سيئة ومتوحشة لأنها تقوم على الغريزة وحب الاستعلاء، وهو النوع الأكثر شيوعا لها والغالب عليها.
• وقوع الدولة القومية في التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية، فترهن الأمم والدول حقوق أهلها العالمية فتقذف بها إلى التبعية و الإستعمار، أي تصبح الدولة القومية في مجموعها وسيلة منتخبة ديمقراطيا لكنها تخدم مصالح النخبة العالمية للمال والأعمال الليبراليين. وفي هذا السياق يقول الفرنسي روجيه غار ودي(والتيار المهيمن في صفوف الإقتصاديين الرأسماليين والسياسيين هو الدفاع عن الليبيرالية بدون حدود، والداعي إلى اختفاء الدولة أمام السلطة المطلقة للسوق، وحتى لا يبقى أي عائق أمام الاحتلال الاقتصادي.))
• العولمة المتوحشة حسب-سمير أمين- تدير الأزمات من خلال جانبين :جانب اقتصادي يتمثل في أسعار الفائدة والديون الخارجية، وجانب سياسي يتمثل في تفتيت الأنظمة السياسية أي تفتيت المجتمعات على أسس دينية وعرقية وقبلية وغيرها، مما يؤدي إلى زوال الدولة واضمحلالها. وهو مصير لا خير فيه خاصة في دول العالم الثالث باعتبار ظروفه الموضوعية مناسبة تماما لمثل ذلك الزوال والانحلال.
• تثبيط إرادة الشعوب والأمم عن طريق التخطيط لسحق كل الإنتصارات الإجتماعية و الإقتصادية والسياسية التي حققتها الشعوب في نظالاتها المتعاقبة والطويلة، من خلال رسم خريطة جديدة للعالم تتوافق مع مصالحها ولا سيادة ولا حدود خاصة للدولة، فتقضي هذه السياسة على شعور الشعوب وتثبط إرادتهم ويستسلموا لواقع مفروض عليهم.
• استخدام الأقمار الصناعية ووسائل البث التلفزيوني وشبكة الانترنت في تدمير ثقافة الشعوب والقضاء على أخلاقهم،والترويج لمغريات الحياة الرأسمالية الأمريكية في التفكير واللباس والأكل والترفيه، وفتح أبواب الإباحية الجنسية، وهي مغريات تؤدي إلى هدم الأسرة وإشاعة الحرية الجنسية والإجهاض والشذوذ الجنسي وشل سلطة الوالدين، وإلغاء نظام الميراث الشرعي عند المسلمين، وهو خطر حذرت منه رئيسة جمعية الأمهات الصغيرات في أمريكا في مؤتمر القاهرة سنة 1994 فقالت ((لقد دمروا المجتمع الأمريكي، وجاءوا الآن بأفكارهم إلى المجتمعات الإسلامية حتى يدمروها ويدمروا المرأة المسلمة ودورها فيها.)).
موقف الألماني كانط والعالمية الثابتة
• يقف كانط ضد انصهار الدول وذوبانها لأن للدولة شرعيتها الشعبية وليس لأحد الحق في اختراق قدسيتها، وهو يدرك الجدلية بين ما هو عالمي و ما هو خصوصي ويفضل التعدد على العولمة لو خير بينهما. ولذلك فأن العولمة الكانطية تفترض تعددية الدول الحرة لا اختلاطها الخرافي، والدول لا يمكنها أن تكون حرة حقيقة إلا متى ارتبطت باتحادية لا علاقة لها بالتفوق على الدول، ارتباط لا يفقدها حريتها واستقلالها، وكل دولة تشارك ضمن هذا الاتحاد القائم على التعدد والتنوع من اجل السلم الدائم.
مناقشة المواقف الرافضة للعولمة
يمكن الرد على المواقف الرافضة للعولمة من خلال تسجيل ثلاث ملاحظات هي:
• العولمة أمر واقع وهذه حقيقة واقعة يجب التعامل معها باعتبارها واقعا قائما حتى وإن كان البعض غير مقتنع بها.
• الصراع الثقافي والحضاري أمر لا مفر من مواجهته سواء كانت هذه المواجهة ستأخذ شكل دعوة إلى حوار الحضارات عند المتفائلين، أو شكل دعوة إلى صراع الحضارات عند المتشائمين.
• بعض الأمم مطالبة بأن تعيد النظر في مسلماتها الثقافية والتربوية والأخلاقية انطلاقا مما تفرضه الحقائق الراهنة للعالم، ليس بقصد التكيف فحسب ولكن من اجل المشاركة و الإنتاج وإلا كان مصيرها الانغلاق والتهميش.
الجزء الثالث
إن إخفاق العولمة سببه عدم التجاوب بين النسبي والمطلق لاحتمالين اثنين هما:
إما لأن الخصوصيات المنتشرة لم تعد تدرك مستوى الإنسانية فتؤثر سلبا على العالمية، وإما لان هذه العالمية انفردت بتصور لا يتماشى وطموحات الثقافات الخصوصية للشعوب. ولذلك فأن تجاوز هذه الخلافات والنقائص والعيوب قد نجد لها حلولا في عولمة بديلة عن العولمة الليبيرالية الأمريكية هي عولمة الإسلام، فهل في الإسلام عولمة؟ وإذا كان الجواب بنعم فما هي مبادؤها وخصائصها؟
• إن الإسلام دين عالمي ودعوته دعوة عالمية غايتها تقديم رسالة الحضارة الإسلامية بوصفها رسالة شاملة كاملة روحياً وخلقياً ومادياً لا يتنافى فيه الدنيوي مع الأخروي. عالمية الإسلام الذي يخاطب الإنسان جنس الإنسان بغض النظر عن وطنه وقومه كما قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}[(27) سورة التكوير].
• في مطلع السنة السابعة للهجرة باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمله في المجال العالمي، حينما أرسل رسله يحملون كتبه إلى ملوك وأمراء عصره يدعوهم إلى الإسلام، وعلى رأسهم قيصر ملك الروم وكسرى ملك الفرس. ولم يلتحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى حتى كان العرب جميعاً قد دانوا بالإسلام ووضعت الدعوة الإسلامية خطوات ثابتة ومدروسة في طريق التبليغ العالمي.
• لقد انطلقت العولمة الإسلامية من منطلقات فكرية وعملية قوية مما جعلها تلقى القبول في المجتمعات الجديدة والتي تتجلى خصائصها في الآتي:
• هي عولمة يتكامل فيها الروحي مع المادي الاخروي مع الدنيوي.
• عولمة تحمل ميزاناً دقيقاً للحقوق والواجبات.
• عولمة تحرص على بناء مجتمع عادل وقوي.
• عولمة تقر وتلتزم العمل بمبدأ المساواة بين البشر دون اعتبار للثروة أو الجاه أو اللون أو العرق.
• عولمة تتخذ من مبدأ الشورى أساساً للنظام السياسي.
• عولمة تجعل العلم فريضة على الجميع لتفجير الطاقات الإنسانية لمواصلة التقدم والرقي.
• عولمة تدعو جميع البشر إلى التعاون -وليس المنافسة -على الخير والصالح العام والابتعاد عن الشرور والآثام و الإفساد في الأرض والاعتداء، من خلال قوله تعالى: ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.)).
الخاتمة((حل المشكلة))
• إن ما هو عالمي يبقى متوقفا على احترام ما هو خصوصي، لأنه بدونه يكون ذلك العالمي مجرد خرافة مثيرة لكنها غير قابلة للتحقق في ارض الواقع.
• كما يجب القول إن ثقافة أي امة لا يمكن لها أن تفوز بشروط استمرارها إلا إذا تهيأ لها أمران هما:
• الأول هو محا فضتها على خصوصياتها المعبرة عن هويتها والثانية مشاركتها في صنع الحضارة بالإبداع في جميع المجالات ومواكبتها وتفاعلها مع العصر الذي تنتمي إليه تفاعلا واعيا ومدروسا يحافظ على مميزات الأمة وخصوصياتها من جهة ويساعدها على الارتقاء بين الأمم بعيدا عن العزلة والتقوقع والتهميش والتطرف والتخلف من جهة أخرى.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:30   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مقدمة : (طرح المشكلة) :
إذا كانت الأجسام تختلف في طبيعتها فهي تتفق في خضوعها لقوانين ثابتة ولنظام واحد هو نظام الكون ومثالنا على ذلك فإنه مهما كانت طبيعتها جامدة أو حية ،مادية أو معنوية فإنها خاضعة لنظام كوني واحد،كما أن أحكام الإنسان تختلف على هاته الأشياء مما يجعلها خاضعة للأذواق والميول مما يجعل أحكامنا لها أحكام تقديرية ،ولكن الشيء الذي نجده يختلف هو الشيء الذي يتعلق بالخصوصيات الإنسانية التي ينفخ فيها الإنسان من روحه وهذا ما يجعلها تختلف عن الظواهر الفيزيائية المنتمية إلى عالم الأشياء ، مما يفرض علينا أن تكون لكل واحدة من هاته الظواهر طريقة منهجية خاصة كما تعتبر الظواهر الإنسانية ظواهر معقدة وهذا راجع إلى عوامل إنتاجها متداخلة ومترامية الأطراف كما تعتبر نتاج تفاعل مؤثرات نفسية و اجتماعية ضمن حدود الزمن وهذا ما يجعل العلوم الإنسانية تتجلى في جملة العلوم الإنسانية أهمها :علم التاريخ ،علم الاجتماع، وعلم النفس ،ومن حل هاته التداخلات والارتباطات بين الوقائع الاجتماعية و النفسية و بغيرها من المؤثرات وهنا نطرح المشكلة التالية : هل نتحدث عن العلوم الإنسانية أم علوم الإنسان؟ وهل العلوم المعيارية علوم إذا كانت لا تهتم بما هو كائن ؟و إذا كانت العلوم الإنسانية علوما عل منوالها ، فهل عدم دقتها يحول دون إستثمار نتائجها في فهم الواقع البشري و التحكم فيه؟
ومن أجل حل هذا التداخل نتناول ثلاثة محاور أساسية:
1-كيف السبيل إلى ضبط مفهوم العلوم الإنسانية:
أولا :بين علوم الإنسان وعلوم إنسانية:
1)مفهوم العلوم الإنسانية :
وهي تسمى العلوم المعنوية وهي تتخذ من أحوال الناس وسلوكاتهم موضوع الدراسة وفق منهج منظم ،تدرس واقع الإنسان كفرد لوحده ،أو فردًا من جماعة ،أي أن العلوم الإنسانية علوم تتناول فاعليات الإنسان المختلفة وساعية إلى ضبط طبيعتها وتحديد دلالاتها ومقاصدها المختلفة.
2)موضوعها:
تدرس كل ما يصدر عن الإنسان من سلوكيات من مختلف أبعاده ، العاقلة والنفسية والاجتماعية والآثار التي وراءه والتي تدل على وجوده وحضوره ويفضل البعض تسمية علوم الإنسان،ا لاهتمامها بموضوع الإنسان و بما تثيره من تأويلات تتعلق بالقيم و الأخلاق .
ثانيا:الفرق بينها وبين العلوم المعيارية:
أن العلوم الإنسانية تدرس الحالة الراهنة أي ما هو كائن أما العلوم المعيارية فهي تهتم بما يجب أن يكون أي بما تحمله الأماني كعلم النطق وعلم الجمال وعلم الأخلاق .
ثالثا:نقول الإنسانية مثلما نقول التجريبية والمعيارية:
نقول إنسانية نسبة إلى موضوعها ، ونقول تجريبية نسبة إلى منهجها التجريبي كما نقول معيارية نسبة إلى المعيار الذي يقدر على مثاله السلوك أي ما يجب أن يكون عليه السلوك
2- ومع ذلك يمكن الاعتقاد بأنها علوم على منوالها : ونقصد بذلك الصعوبات التي تعتر ضنا خاصة في تطبيق المنهج التجريبي التي تواجهنا وطريقة تذليلها والوصول فيها إلى نتائج وهاته الصعوبات نجدها على مستوى علم التاريخ ،وعلم الاجتماع وعلم النفس،كما نبين كيف تمكن العلماء من اقتحامها كل في تخصصه.
أولا: عوائق تطبيق مقياس التجربة بالمفهوم المستعمل في العلوم التجريبية :
إن السبب الذي يشكل عقبات أمام تطبيق مقياس التجربة المعروف في العلوم التجريبية في العلوم الإنسانية أنها ظاهرة ذاتية وقصدية، كما توجهها جملة من القيم القواعد ، كما أنها لاتثبت على حال ،كما أنها مصدر الإبداع والحرية ،ناهيك أنها متصلة ببيئة الإنسان وأخلاقه وثقافته وعواطفه وبمبادئه، ولا يمكن التنبؤ بها كل هذه الخصائص تجعلها متميزة على بقية الظواهر، لذلك فماهي هذه العقبات على مستوى التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس ؟.
1) عوائق الحادثة التاريخية : يمكن ردها إلى خمس خصائص:
أ- أنها حادثة ذات سمة فردية، تجري في زمن محدد ومكان اجتماعي معين.
ب- لا تتكرر، لأن الزمن الذي حدثت فيه لا يعود من جديد ,وبهذا تكون غير خاضعة لمبدأ الحتمية لأن حوادث التاريخ حوادث تمضي لا تعود.
ج- غير قابلة لأن تعاد من جديد بطرق اصطناعية وغير قابلة للتكميم ، لا يمكن التأكد تجريبيا من صحة الفرض ،أي أنه لا يستطيع مثلا أن يحدث حربا تجريبية حتى يثبت صحة فرضياته، ومنه عدم الوصول إلى نتائج وبتالي استحالة التنبؤ .
د- يصعب تحديد بداياتها الواضحة وأصولها البعيدة ، ونتائجها وقت حدوثها .
ه- انفلاتها من الدراسة الموضوعية النزيهة ،أي أن المؤرخ يكتب التاريخ وفق ما يتماشى مع واقعه الذي يحياه، فالمواطن الجزائري الذي يكتب عن فرنسا قبل سنة 1962 ليس مثل الذي يكتب عنها بعد هذا التاريخ،وقد أراد أحد المؤرخين الفرنسيين وهو ميشلي أن يكتب عن تاريخ فرنسا بكل موضوعية من خلال إنقطاعه عن الرأي العام ، فلم يستطع حتى قيل : «أن التاريخ الذي كتبه ميشلي عن فرنسا يخبرنا عن ميشلي نفسه أكثر مما يخبرنا عن فرنسا»، كما أن التاريخ عكس العلم الذي يقرب الناس فإن التاريخ يعمل على تشتيتهم لأن لكل مجتمع تاريخه وأسلوبه في تمثيل تاريخه.
2) عوائق الظاهرة الاجتماعية : يمكن ردها إلى خمس نقاط ,
أ- ليست اجتماعية خالصة ، أي أنها تنطوي على خصائص بيولوجية ونفسية وتاريخية وهذا ما جعل العلماء يختلفون في تصنيفها بين الظاهرة الحيوية البيولوجية( الفرنسي أسبيناس) أو الظاهرة النفسية(تارد) أو الأحداث التاريخية(برودال) ، ولكن بعضهم يرجح ضمها إلى مجال الأحداث التاريخية ,
ب- أن الظواهر الاجتماعية بشرية لا تشبه الأشياء ، لأنها بحياة الإنسان وكل ما هو متصل لا يخضع للبحث العلمي كما يملك الحرية والإرادة مما ينفي خضوعه للحتمية التي تحكم الظواهر المادية .
ج- أنها خاصة وليست عامة وما هو خاص يكون غير قابل للدراسة من الخارج بفضل التحليل والتجربة ومن هنا ابتعاد الموضوعية في علم الاجتماع
د- ذاتية معقدة أي تدخل في تأليفه عناصر متشابكة بعيدة عن البساطة المعروفة في مجال الظواهر المادية ، وهذا ما يجعلها وصفية أي ليست كمية فمثلا من العسير ضبط درجة الإنحراف أو الإنضباط مثلا
ه- كما أنها ظواهر تصعب عن التجربة أصلا للقوانين الطبيعية التي يهدف العلماء إلى وصولها والتي تساعدهم على التنبؤ بالظواهر . وبذلك يستحيل على الباحث الاجتماعي تدوين قوانين تصور لنا ما سيكون
3)عوائق الحادثة النفسية : ويمكن ردها إلى أربعة نقاط:
أ-أنها موضوع لا يعرف السكون ولا يشغل مكانا محددًا كما هو الحال في الظواهر الطبيعية ،لأنه لامكان للشعور ولا محل للانتباه ،ولا حجم للتذكر أو الحلم كما أنها حالة من الديمومة، لا تستقر على حال أن تطبيق المنهج التجريبي عليها يقضي على ديمومتها ويجعلنا ندرسها كماض لا كحاضر.
ب- شديدة التداخل والاختلاط ,أي يشتبك فيها الإدراك مع الإحساس والذكاء مع الخيال و الانتباه مع الإرادة.
ج- فريدة لا تقبل التكرار ،ونتائجها تكون لها صبغة ذاتية يعوزها التعميم ونتائجها وصفية كيفية كما أن اللغة تعجز عن وصف كل ما يجري في النفس ،ناهيك عن السلوكات التي مردها اللاشعور
د- داخلية لا يدركها إلا صاحبها وآن الحالة التي أحياها لايمكن أن يحياها غيري لأن لكل إنسان له تجاربه وذكرياته واهتماماته وميوله وتربيته الخاصة التي تميزه عن غيره . يقول ليفي ستراوس :« من اللازم أن لا يعلم هؤلاء الناس أنهم موضوع تجريب و إلا فإن وعيهم بذلك قد يؤدي بشكل غير متوقع إلى تغيير مسار التجريب»
إذا كانت هذه العوائق تقف في وجه الباحثين في مجال العلوم الإنسانية ،فكيف استطاعوا اقتحامها وتذليلها ثانيا:تجاوز العقبات وتحقيق نتائج معتبرة :
إن هذه العوائق التي تقف أمام تطبيق المنهج العملي ،اجتهد العلماء على في تذليلها في مجال الدراسات الإنسانية ،وضع مناهج تتماشي مع طبيعة المواضيع ،واستطاعت فيها الوصول إلى نتائج علمية ومن هذه العلوم هي ,علم التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس:
1) تجاوز العقبات في التاريخ:
يعود الفضل في تذليل هذه العقبات إلى "عبد الرحمان بن خلدون" وكذلك من عقبه بعد فترة من المؤرخين الأوربيين أمثال "رينان" و"تين"و "فوتسال دي كولابج" بحيث دعوا إلى احترام طبيعة الحادثة التاريخية وخصائصها ،وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى النتائج التالية :
إذا كانت الحادثة التاريخية فردية ولا تتكرر ،و تحررها من مبدأ الحتمية و عدم قابليتها للتجريب ،لذلك وجب تطويع مفهوم التجربة بحيث تنسجم مع طبيعتها ، ومن حيث ضرورة تحديد بدايتها فإن المؤرخ يلجأ على الافتراض في تحديد المنطلق ويختار أقربها إلى الموضوعية مع مراعاة التسلسل السببي بين حلقات التاريخ ,ومن التجربة فإنه يعوضها بالمقارنة التاريخية التي تقع تحت الدراسة :
أ-على أساس هذه الخاصة ،وجب تناول الحادثة من خلال الآثار والوثائق وهي على نوعين :
-المصادر غير الإرادية : التي بقيت من غير قصد ولا نية مثل الأبنية ،النقود الأسلحة والأوسمة والتراث الفكري والأدبي.
- المصادر الإرادية : وهي التي بقيت قصدًا لتكون شاهدة عليهم كالرواية وكتب التاريخ .
ب- التحقق من صدق المصادر وإبعادها عن الذاتية قبل إعادة بناء الحادثة التاريخية وذلك بواسطة النقد الذي يتم على مستويين:
*النقد الخارجي : وهو الفحص الخارجي للمصدر من أجل معرفة هل هذه الوثيقة تعود إلى ذلك الزمن أم لا ؟ وهل وصلت لنا دون تشويه أو تزوير ؟ وإذا كانت وثيقة يتفحص نوع الورق أو الحبر أو شكل الخط وإذا كان سلاح أو نقود أو أوسمة يتفحص نوع المعدن طبيعة المواد الكيمائية من أجل التأكد من الآثار .
* النقد الباطني : وهو فحص الداخلي للمصدر ،من أجل معرفة هل ما ورد في هذه الوثيقة يتماشى مع عقلية الذي تنسب إليه وهل هو متفق مع ما روي في مراجع أخري وكذلك معرفة نفسية الكاتب وموفقه اتجاه هذه الحادة مما دفعه إلى التمحيص و المبالغة أو إلى التشويه في الأحداث والقراءة الدقيقة حتى يتمكن من الوقوف على أخطاء الغير المقصودة والعفوية
خ- إعادة بناء الحادثة بالتأليف بين أجزائها ويرتبها حسب تسلسلها الزمني ،وإرجاعها مع الحوادث العامة بعد انتقائها وفق أهميتها ونوعها
2) تجاوز العقبات في علم الاجتماع:
بدأ اقتحام العقبات في تحديد "إيميل دوركايم "لخصائص الظاهرة الاجتماعية أهمها خمس :
أ- أنها توجد خارج شعور الأفراد أي خاضعة للعادات والتقاليد والمعتقدات التي هي موجودة قبل أن يولد الإنسان وتوجه سلوكا ته
ب- كما تعتبر قوانين المجتمع القوة الآمرة القاهرة ما يجعل الظاهرة الاجتماعية تمتاز بالإلزام والإكراه لذلك تصبح تفرض نفسها على الفرد
ج- كما أنها صفة جماعية تتمثل في ما يسميه "دوركايم" الضمير الجمعي ،أي أنها لا تنسب إلى فرد ولا إلى بضعة أفراد أنما هي من صنع المجتمع وهي عامة يشترك فيها جميع أفراد المجتمع وتظهر في شكل واحد وتتكرر إلى قترة طويلة من الزمن رغم أن الفضل في نشوئها يعود على الأفراد
د- كما أنها في ترابط يؤثر بعضها في بعض ويفسر بعضها البعض الآخر مثل الآسرة هي مرآة المجتمع ربينهما تأثير متبادل
ه- كما تمتاز بأنها حادثة تاريخية أي أنها تعبر عن لحظة من لحظات تاريخ الاجتماع البشرى . أن هذا التحديد للظاهرة الاجتماعية صحح بعض التعارف الفاسدة مما أدى للدراسات الاجتماعية بالتقدم إلى مجال العلم والموضوعية بعدما كانت عبارة عن تصورات ،وهذا ما أوصل "وركايم" إلى اعتبار نطاق الظواهر الاجتماعية أوسع مما يعتقد حيث يقول :{{مامن حادثة إنسانية إلا ويمكن أن نطلق عليها اسم ظاهرة اجتماعية }}،كما أعتبر "دوركايم" أن الظاهرة الاجتماعية مثلها مثل بقية الظواهر القابلة للدراسة وفق النهج التجريبي من أجل صياغة القانون وفي هذا قال يجب أن نعالج الظواهر على أنها أشياء ) أي بنفس المنهج الذي يدرس به عالم الفيزياء الحادثة الطبيعية
3)تجاوز عقبات علم النفس :
أ-اعتبر علماء النفس أن الموضوعية ليست حكرا على باقي العلوم التجريبية ،كما اعتبروا أنها قادرة على استيعاب المواقف العلمية الجديدة ،بحيثوا تنوعت لديهم مناهج وطرق العمل مما أدى إلى ازدهار العلوم السيكولوجية خاصة الفزيولوجية ،وأول من خاض المبادرة منهم السلوكيين وهي المبادرة التي استوحاها "واطسن" رائد السلوكية من تجربة "بافلوف"الفزيولوجي الروسي،وهي تلك التجربة التي آجراها على الكلب والتي سماها (فزيولوجيا الدماغ ) ولكن هاته التجربة تبلورت عند السيكولوجيين خاصة علماء الفيزيولوجيا،بحيث ساعد المنعكس الشرطي على فهم عمليات التعلم من عادة وتذكر وإدراك كما فتحت آفاقا جديدة في دائرة الدراسات النفسية ،وبهذا الشكل أصبح ينظر إلى علم النفس كما على أنه مثله مثل باقي العلوم الأخرى حيث يقول "واطسن" (إن علم النفس كما يرى السلوكي فرع موضوعي وتجريبي محض من فروع العلوم الطبيعية ،هدفه النظري التنبؤ عن السلوك وضبطه ...ويبدوا أن الوقت قد حان ليتخلص علم النفس من كل إشارة إلى الشعور )).
ب- كما اعتبر علماء النفس أنه لابد من التحرر من الخصوصيات التي تحول دون فهم الحوادث النفسية كما اعتبر السلوكيين أن الشعور ظاهرة إظافية لا طائل منها،واعتبروا أن الوظائف الذهنية والنفسية مثلها مثل بقية الظواهر يمكن دراستها بالاعتماد على الملاحظة والفرض والتجريب واستطاعوا تدوين قوانين ومن هذه القوانين ،قانون "فيختر"القائل: ((أن الإحساس = لو مؤثر))وقانون "بيرون" القائل أن:« النسيان يزداد بصورة متناسبة مع قوة لوغاريتم الزمن,أي ن= ق لوز حيث مقلوب الزمن أكبر من الصفر
3- هل عدم بلوغ نتائجها الدقة يحول دون استثمار هذه العلوم في فهم الواقع البشري والتحكم فيه وتحويله حسب تطلعاته؟
أولا: ليست نتائجها دقيقة ولا صحيحة :
1) نقد نتائج علم التاريخ:
أن مسألة تحري الموضوعية في علم التاريخ أمر صعب لأنه من غير الممكن التجرد من العواطف كما أن الذاتية تبرز واضحة في إعادة بناء التاريخ والتعبير عن شخصياته يجعل المؤرخ يعيش معهم وهذا النوع من التعاطف ،وبهذا يؤثر على نقل التاريخ كما ينساق المؤرخ إلى المجاملة وكل هذا يجعلنا نبتعد عن الموضوعية بالمفهوم التقليدي .
2) نقد نتائج علم الاجتماع:
وخاصة ما يؤخذ على "دوركايم " بحيث لابد من التميز بين الظواهر الفيزيائية والظواهر الاجتماعية وبين ظواهر جامدة خالية من الإحساس وأخرى تنطوي على حالات شعورية كما يسميها "جون مونرو" "حالات معيشة " كما أنه لايمكن الفصل بين الظواهر الاجتماعية والتاريخ والماضي ولهذا قيل عن الظواهر الاجتماعية بأنها ( تتألف من الأموات أكثر مما تتألف من الأحياء )) .
3) نقد نتائج علم النفس :
إن النتائج والقوانين التي وصلا إليها لم يرضوا علماء النفس ،لأنها مجرد تعميمات وليست دساتير ثابتة ،كما أنهم لم يرضوا أن تكون الحالة النفسية ليست سلوك مرتبط بمنبه مثلما لاحظنا ذلك عند الفزيولوجية والسلوكية أي عند "بافلوف و واطسن "على التوالي بل الحادثة النفسية شعور قبل أن تكون سلوك ،و هذه الحقيقة كانت معروفة منذ القدم وتجلت في المنهج الإستبطاني والتي كانت تسعى إلى تحليل الشعور لذاته ،وخاصة مع" ريبو" حيث يرى (أن الطريقة الباطنية هي الطريقة الأساسية في علم النفس ويدونها لايمكن البدء بأية ملاحظة )) ولكن باعتبار أن الحالات النفسية لا تنقطع بل هي في ديمومة يجعل المنهج الاستبطاني لا يصلح لدراسة الحالات النفسية لدلك لجأوا إلى التحليل في شكله الإسترجاعي كما أن هذا الأسلوب العلم لم يطمئن إلى نتائجه ،لأن عملية الاسترجاع ليست صادقة في استرجاع الماضي إنما هي إعادة تنظيم الماضي بشكل جديد كما أنها طريقة مجدية مع كل الأشخاص ،إلا مع من يريد الإفصاح عن نفسه
ثانيا :ومع ذالك فلقد تقدم فهمنا لكثير من الظواهر الإنسانية:
1- تقدم فهمنا في التاريخ :
أن الانشغال بكتابة التاريخ جمع بين مستويين :
- مستوى أفقي وهو يتعلق بالتفتح على كل العلوم وخاصة العلوم الإنسانية ،وخاصة المنهج العلمي الذي يعتمده العلماء في دراسة الظواهر الطبيعية وما يحتمه الباحث من تحديد موضوع الدراسة ونهج الدراسة وبفرضه من تحديد طرائق ووسائل تتماشي مع طبيعة الموضوع ،وهذا ما فتح المجال أمام المؤرخ ليكون له دراية في الميدان الذي يعمل فيه لأنه حتى يتأكد من صحة وثيقة ما يجب أن يستعين بمجموعة العلوم الموصلة ويتماشى مع التطورات والإبداعات العلمية الجديدة منها :فقه اللغة وعلم قراءة النصوص القديمة ، علم الآثار ،علم النقوش ،والجيولوجيا وعلم النبات ..... بحيث اكتسب المؤرخ تقنيات من هذه العلوم تساعده على توسيع مجالات الدراسة ،وليعبر عن حقيقة علم التاريخ كونه ملتقي أبعاد إنسانية متفاعلة ومتداخلة .
- أما المستوى العمودي فهو طموح المؤرخ في جمع أجزاء الأحداث في صورة مركبة واحدة وكذلك طموحه إلى بلوغ المنطق العام الذي يحرك هاته الأحداث وهذه المهمة تجمع بين التاريخ وفلسفة التاريخ .
2- تقدم فهمنا في علم الاجتماع :
أن الدراسات التي قام بها علماء الاجتماع وسعيهم إلى تطبيق المنهج العلمي ، حملهم إلى التخصص في ميدان البحث بحيث ظهرت تصنيفات للتخصصات الاجتماعية تنتظمن أربعة فروع رئيسية مستقلة استقلالا نسيًا :
أ- علم الاجتماع العام :ويهتم بدراسة وطبيعة وأشكال المقومات للاجتماع الإنساني ،كما يهتم بمناهج البحث وطاقاتها خاصة المنهج الجديد لقياس الظاهرة الاجتماعية "السوسيومتري" كما يأخذ شكل فلسفة للعلوم الاجتماعية بحيث يضع أس الدراسة وطرائق البحث وجمع النتائج المتوصل في بقية الفروع الأخرى وهذا يعبر عن التداخل واتصال أجزاء الحياة الاجتماعية ,
ب- علم أصول المدنيات وتطورها :وينطوي تحتها الدراسات التالية :علم الإنسان وعلم الأجناس أي الأنثروبولوجيا والأنتوغرافيا ،وعلم الاجتماع الثقافي والديناميكا الاجتماعي
ج- المورفولوجيا والديمغرافيا:وتشتمل هذا الفرع على المورفولوجيا وتهتم بدراسة بنية المجتمع في تركيبته وطبقاته ونمو مدنه ووظائفها ،والديمغرافيا أو الدراسات السكانية .
د- الفزيولوجيا الاجتماعية أو علم وظائف الاجتماع :وهي تنظيم عدة علوم مختلفة تتعلق بالأسرة وبالاقتصاد وبالسياسة وبالقانون والنفس والأخلاق والجمال واللغة والتربية والدين والريف والصناعة والحرب .
3- تقدم فهمنا في علم النفس :
إن اتساع مجال البحث في علم النفس افرز عدة مدارس وفروع تخصصية وكان الدافع في ذلك أعمال المدرسة السلوكية التي دفعتهم إلى مواصلة البحث لزيادة فهم الحادثة النفسية فظهرت مدارس مختلفة أشهرها المدرسة الشكلية "ورتيمر كوفكا وكوهلر " بحيث استفادت من أخطاء المدرسة السلوكية عندما اعتبرت أن الحوادث النفسية عبارة عن ردود أفعال أو منعكسات شرطية حيث أنها أخذت الكائن الحيواني أو البشري كجسم آلي يستجيب لمؤثرات المحيط دون الإلتفات إلى معرفة هذا المحيط كما يراه هذا الكائن ويتظح ذلك في قول "بيار جاني" إن الظواهر النفسية ليست عقلية ولا جسمية إنها تحدث في الإنسان بأكمله إذن ليست سلوك وهذا الإنسان مأخوذ في مجموعة ). والثانية مدرسة التحليل النفسي حيث صرحت أن الحياة النفسية ليست كلها شعورية ووجهت عنايتها إلى وجود اللاشعور وانعكاساته على حياة الإنسان بإتحاد اللاشعور كعامل جوهري في فهم الوقائع النفسية لأنه في الحقيقة يرتبط بمؤثرات ثقافية معينة ،والثالثة المدرسة التلفيقية مع "كورت لوين" الذي أشتهر بنظريته المجالية و"هورسل "الفيلسوف الظواهري ،بادرت بالنظرة الشمولية واعتبرت الحادثة النفسية كلاً متكاملا غير قابل للتميز بين مؤثراته الباطنية والعوامل الخارجية وفي هذه التكاملية الجمع بين ما هو شعوري وما هو خارجي وما هو ذاتي وما هو موضوعي ،يلح" كورت لوين" تلميذ "كوهلر" في نظريته المجالية على مجال البيئة ويقصد بذلك "المجال الحيوي المحتوى على الشخص وبيئته السيكولوجية "هاته النظرة الكلية ساعدت أنصار المدرسة أو النظرة السيكولوجية إلى تحقيق نتائج ترقي إلى مستوى الموضوعية ،مما زاد نشاطهم واتساع مجالات انشغالاتهم هو ظهور عدة فروع في علم النفس نذكر منها علم النفس الحيوان ،والطفل ،و المراهق ،المرضي ،الصناعي و الرجل البدائي .....كما أن هناك فروع أخرى مثل علم النفس لدي المجتمعات الرأسمالية ولدي البوذية ....مما أثري وسائل العمل تبعا لكل تخصص.
ثالثا:مما فتح المجال واسعا للتحكم فيها وتحويلها حسب تطلعاتنا:
1- الفائدة من علم التاريخ:
أن لعلم التاريخ وجهين وجه إيجابي وآخر سلبي فالوجه الايجابي هو أننا نأخذ العبر ونستوحي الحكمْ التي خبرة وحنكة الناس الذين سبقونا كما نتطلع على حياتهم المدنية وأخلاقهم وسياستهم وديانتهم وأساليبهم في الإنتاج والتجارة ،أما الوجه السلبي هو الإطلاع تلك الكوارث ومآس التي تسبب فيها الإنسان بحكم الضغائن والأحقاد والأطماع وما ترتب عن ذلك من حروب طاحنة ،ولكن رغم ذلك يبقي التاريخ مصدر العبر والدروس كما يساهم في منح الهوية ومعرفة مناقب الأجداد وتاريخهم كمرجعية ينهل منها مقوماتهم ،كما أن معرفة التاريخ تزيد الشعوب المضطهدة قوة لمواجهة الغزو والهيمنة كما أنه يسهم في تحرر الإنسان بقدر ما يعي فيه وقائع الماضي دقائقها وكليتها ،وفي هذا الشأن يقول "غوته" :{{أن التاريخ أبعد من يرهق الإنسان بأثقال زائدة ،وهو على عكس من ذلك أداة تتيح للإنسان فهم الماضي وتحضير المستقبل }}.
2- الفائدة في علن الاجتماع :
تسهم الدراسة الاجتماعية في تهذيب الناس ورقيهم وتكوينهم وضرورة الإطلاع على ثقافات الغير ،وتصحيح الأحكام التعسفية الداعية إلى التقليد الأعمى كما يسهم في فهم حدود الثقافة بالنظر إلى مبادئها الفلسفية ،والنظر إليها على أنها ثقافات متنوعة وبالنظر إلى تظاهراتها الميدانية وممارساتها اليومية كما يدعوا إلى احترام الإرث الثقافي واعتزاز كل واحد منا بخصوصياته الثقافية .
3- الفائدة في علم النفس :
استطاع علماء النفس أن يحرروا الدراسات النفسية من الاعتبارات الخرافية والفلسفية ،واعتبار علم النفس علم قائم بذاته له منهجه وموضوعه ونتائجه ،كما تمكن الإنسان من خلاله معرفة نفسه ومعرفة ما يجري بداخله من أحساسات وميول ومقاصد فيتحكم فيها ويوجهها بوعيه كما يستطيع فهم الغير ،كما استطاع كشف العلاقات الضرورية الموجودة بين الظواهر النفسية قصد خدمة الإنسان .
الخاتمة حل المشكلة)
برهنت الدراسات الإنسانية على قدرتها في استثمار الإنسان ومكنته من معرفة نفسه وتعزيز هويته والرضا بتعايشه مع الغير ،وكل هذا مما يجعلها ترقى إلى أن تأخذ صفة العلم بمفهوم الذي ينطبق مع خصوصيات ميدانها ،كما أنها مرشحة للازدهار وتطور خاصة إذا كان وراءها إيرادات ونية طيبة .










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:33   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مذكرة درس: في العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية.
المستوى :
الحجم الساعي :
الكفاءة الختامية : ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا التي تتعلق بفلسفة العلوم

المضاميــــــــــــــــن
مقدمـــــــــــــــــةطرح المشكلة):
إن المعارف التي تطمح إلى تطبيق المنهج التجريبي،لا شك في أنها تسعى من وراء ذلك إلى الإلتحاق بركب العلوم و بلوغ مراتبه،وهو المنهج الذي إستخدمته أصلا،العلوم التجريبية في المادة الجامدة كالفيزياء والكيمياء والذي كان وراء نجاحها و ازدهارها. و ليس بالغريب إذا كانت العلوم المبتدئة كعلوم الحياة و البيولوجيا، تحاول استثمار خبرات العوم السالفة وتقليدها في تطبيق المنهج العلمي. لكن المشكلة المطروحة : إذا لم يتم إستخدام المنهج إستخداما صارما – وهذا إحتمال وارد – فهل يرتجى الحصول على نتائج دقيقة؟ وإذا تم تطبيقه،في كل الدراسات بما فيها دراسة الظاهرة البيولوجية،فهل يبقى من إعتبار لخصوصية الموضوع المدروس؟
1- كيف نسلم بأن التجربة هي مقياس الأساسي الذي يجعل العلم علمًا؟
أولا : إستقلال العلم عن الفلسفة: تم استقلال العلم عن الفلسفة يوم أعرض الباحثون عن طرح المسائل الميتافيزيقية والتجرد لدراسة الظواهر التي تقع تحت المشاهدة والإعراض عن منطق الأهواء وتبني المنهج التجريبي،وبدأ ت المطالبة بالاستقلال على يد "كوبرنيك" و"كبلر" و"غاليلي" وتجسدت بأكثر بوضوح بوضع "فرانسيس بيكون" أسس المنهج التجريبي الحديث.
ثانيا: خطوات المنهج التجريبي :
:يتألف المنهج التجريبي من ثلاثة خطوات أساسية الملاحظة والفرض والتجريب :
1- الملاحظة:والمقصود بها ليست مجرد مشاهدة. وإنما هي الاتصال بعالم الأشياء
عن طريق الحواس وتوجيه الانتباه إلى ظواهر معينة،كما تعني مشاهدة الظواهر و مراقبتها بالذهن والحواس على ما هي عليه بالذات.
2- الفرضية : وهي التفسير المؤقت الظاهرة المبحوثة فالعالم ومن أجل فهم الظواهر لا يكتفي بملاحظتها وإنما يتعدى ذلك إلى البحث عن القانون أو العلاقات الثابتة بين الأشياء وما القانون إلا فرضية أثبتت التجربة صحتها.
3- التجربة هي الخطوة الأخيرة في مسار المنهج العلمي،وتتمثل على مجمل الترتيبات العملية التي يعدها المجرب قصد تقرير الفرضيات لتبنيها في حالة صدقها أو رفضها في حالة كذبها،أو تهذبيها في حالة تشخيص المجرب خطئها وهي تقوم على عمليتين :- التجربة العملية أو ما يسميه "كلود برنار"بالتجريب " و الاستدلال التجريبي أي حوصلة وما يترتب من نتائج من أجل تدوين قانون يفسر الوقائع ويسهل السيطرة عليها لصالح الإنسان.
ثالثا : معني التجربة بمفهومها الأوسع:إذا كانت التجربة هي الخطوة التي تستوعب المراحل السابقة من الملاحظة والفرض من أجل تدوين دستور العلاقات الثابتة بين الظواهر،من أجل التنبؤ بحركات الظواهر وتسخيرها لخدمة الإنسان .بحيث يقول كلود برنار إن التجريب هو الوسيلة الوحيدة التي نمتلكها لنتطلع على طبيعة الأشياء التي هي خارجة عنا )، لكن من جهة أخرى المنهج التجريبي يعد المحك الفصل في الحكم على مدى إلتحاق مساعي الأبحاث العلمية بمصف العلوم.
كما أنه لايمكن أن نعتبر أنها المقياس الفصل في الحكم على مدى التحاق مساعي الأبحاث العلمية بمصف العلوم،لذلك وجب أن نفهم التجربة بمفهومها الذي قد ينمو ويتهذب مع تنوع ميادين البحث حسب حقوله،ومن هنا وجب أن نقول أن التجربة في مفهومها العلمي تنمو وتتقو لب مع طبيعة الموضوع ومن أمثلة ذلك،أن إجراء التجربة يختلف من عالم الفلك على عالم البيولوجيا إلى عالم النفساني ....
2- إذا كان الأمر كذلك ،فهل العلوم التجريبية تحترم هذا المقياس ؟وهل ما نستخلصه من نتائج يمكن وصفه بالدقة ؟
تتنوع العلوم وتختلف على اختلاف طبيعتها وموضوعها ومقتظيات العمل الميداني في دراستها وكل هذا من شأنه أن يؤثر على مدى تطابق المبدأ المنهجي ومدى مصداقية نتائجه.
أولا : أصناف العلوم :يمكن تصنيف العلوم التجريبية والعلوم القريبة منها إلى ثلاثة أنواع :
- علوم المادة الجامدة:وتتناول ظواهر المادة الجامدة كما هو الحال الفيزياء والكيمياء وعلم الفلك والجيولوجيا....
- علوم المادة الحية:وتتناول ظواهر الطبيعة الحية كما هو الحال البيولوجيا وما تفرع عنها من علم النبات والحيوان والبشر.
- العلوم الإنسانية:وتتناول أحوال الناس متفردا وجماعة .أي من حيث أنه يشعر ويفكر وينفعل ويريد وأنه كائن إجتماعي وتاريخي وهذه الأخيرة تعاني على غرار سابقتها معانات منهجية على الرغم من تسليمه بأهمية المنهج التجريبي العلمي .
ثانيا : تتشكل التجربة حسب طبيعة الموضوع في الزمرة الواحـــــــــــــدة : إن الباحث يدرك فائدة المنهج العلمي كمبدأ فطري للوصول بالمعرفة إلى طابعها العلمي هو الإدراك والفهم الذي يسهل له تطبيق المنهج تطبيق كاملا أو بتكيف خطواته على مقياس الأهداف المرسومة،وهذا يعني أن المنهج العلمي منهج طيع ولين يساعد على فهم الموضوع فهما موضوعيًا وذلك حسب ما تمليه طبيعة الموضوع المبحوث وهذا من شأنه أن يوسع دائرة وقدرة الاستيعاب لأكبر قدر ممكن من العلوم المختلفة بحيث قد يستغني الباحث عن خطوة من خطوات المنهج كالملاحظة مثلا بحيث يستبدلها بغيرها تماشيًا مع طبيعة الموضوع ،فيتعين عليه الاستدلال عندما تكون المشاهدة عصية،مثلما هو الحال في معرفة مركز الأرض أو رؤية الشمس في مختلف أوقاتها خاصة في الصيف زوالا،فهنا ينظر إلى الآثار التي تتركها هذه الظواهر وبهذا الشكل يمكن القول بأن مفهوم التجربة وحتى وإن هناك تميز إنما هو تميز نظري أو يكون لأغرض منهجية .
ثالثا : وحتى مع إحترام الـمنهج التـــــــــجريبي،فإن نتائجها ليست مطلقة ولا دقيقة :
أ- يمكن التماس هذه النتائج بوجه خاص ،على مستوى التنبؤ بالمستقبل و التحكم في الظواهر، فمن المستحيل نظريا،التنبؤ بالمستقبل لأن المنهج العلمي يقوم على أساس الإستقراء الناقص أي أن من خلال الظواهر الجزئية نحكم على الكل ، وقد ألح فلاسفة العلوم على الصفة الترجيحية و الإحتمالية و أقروا أنه ليس يقينا كما في المنطق و الرياضيات،ويشهد على هذا الأمر ما حدث لرواد الفضاء عند نزولهم إلى سطح القمر إذا أخطوا هدفهم ببضع عشرات المترات،وكما يقع أيضا لأهل الأحوال الجوية حيث تأتى الأحوال بغير ما يتنبؤون.
ب- أما عن أسباب هذه النتائج ، فيمكن تلخيصها في النقاط التالية :
**الإضطرار إلى الإنطلاق من مقدمات غير مؤكدة: فجون ستيوارت مل يعتقد بأن بعض الظواهر تعقب وسوف تعقب بعض ظواهر الأخرى فالمتقدم هو سبب أو علة، والثابت الذي يتلو يسمى نتيجة . والحق أن ليس كل متقدم سببا،فالليل يسبق النهار ولا يمكن القول بأن الليل سبب حدوث النهار،لأن سبب حدوث النهار هو إشراق الشمس.
ولكن البحث عن الظاهرة التي تسبق ظاهرة أخرى بصفة دائمة،هو مطلب عملي : فإذا قلنا بأن الحرارة تسبق تمدد المعادن، فنحن هنا نربط بين الحرارة والتمدد بشكل سبب و مسبب لفائدة عملية وهي الحصول على التمدد.أما العلم الحديث فإنه لا يقصد إلى أي الظواهر سابق و أيها لاحق؛و إنما يقصد إلى القانون،وهو تفسير حتمي للظواهر.
لقد بين ماكس بلانك بنظريته المعروفة بالكوانتا أي الكمات أن الذرة لا تصدر طاقتها بصفة منتظمة أو متصلة ،و إنما تصدرها بصفة انفصالية أو بصدمات، ولقد توصل العلماء بعده في الميدان الفيزيائي إلى أنه يستحيل تعيين موقع دقيق للذرة أو سرعتها معا ضبطا دقيقا مباشر،ويؤكد فرنر هيزنبرغ أن الضبط الحتمي الذي تؤكد عليه العلية و قوانينها غير ممكن في الفيزياء الذرية أو الميكروفيزياء.
** تغير عالم الأشياء المستمر،على الرغم من التسليم بمبدأي الحتمية و الإطراد: ثم إن القول بعودة العلة نفسها تستتبع عودة النتيجة نفسها لقول قاصر ، لأنه لا تكرار في ظواهر الطبيعة. فالعلة نفسها لا تتكرر أبدا والنتيجة نفسها لا تتكرر أبدا ، فالظواهر الطبيعية وحيدة وفريدة حتى وإن تشابهت.فهي تحدث مرة واحدة وتمضي بلا عودة.
يذهب هيرقليطس إلى أن الصيرورة هي جوهر الكون وحقيقته،فلا شيء يدوم على حال معينة لحظتين متتابعتين،وأن البقاء الذي ننسبه للأشياء هو خداع بصري، فقد نظن أن الموجة تظل هي ذاتها لكن في الحقيقة إن هناك إختلاف في الماء الذي تتكون منه كل موجة،ولهذا شبه هيرقليطس الحياة كلها بما فيها عالم الأشياء ،بالنهر الذي نراه من بعيد هادئا، ولكنه أبدا متحرك نحو مصبه.
** عدم خصوصية العلم التجريبي:فالطريقة التجربة يجب أن تتماشى مع طبيعة الموضوع المدروس ولا يجب الإعتقاد بأن التجربة المعمول بها في الفيزياء هي النموذج المثالي الذي يجب أن يحتذي به كل علم.فالمنهج العلمي إذن قابـل للنمو و النضوج .

** قصور أدوات الباحث المستعملة في إجراء التجربة:فالتجارب ولكي تكون دقيقة تحتاج إلى جملة من الوسائل والتجهيز سواء في الملاحظة أو التجريب، ولهذا فإن العلماء يقعون في أخطاء نتيجة قلة الوسائل،وحتى إن وجدت تدفعنا فلسفة العلوم تدفعنا إلى القول بأن الطريقة العلمية قد يكون فيها خلل على مستوى قدم الوسائل أو ضعف صيانتها أو على مستوى الحواس ومصداقيتها أو في مستوى ظروف التجربة المكانية و الزمانية.
3- ثم ما هي مخاطر إستخدام هذا المقياس في العلوم الحية،وكيف يتم تجاوزها؟
إن المنهج التجريبي الذي وضعه العلماء من أجل دراسة عالم الأشياء الجامدة واجه تطبيقه في عالم الأشياء الحية عوائق جمة وعقبات معتبرة . فما هي هذه العوائق والعقبات،وكيف يمكن إقتحامها ؟ وما هي الحكمة الفلسفية من ذلك ؟.
أولا: عوائق تطبيق المنهج التجريبي في هذه العلوم :
أ- تصطدم البيولوجيا أمام المنهاج التجريبي ،بعقبات شتى،يمكن ردها إلى أربع:
1 - تتمثل العقبة الأولى في طبيعة الموضوع"إن موضوع الذي تعني بدراسته البيولوجيا يختلف عن الموضوع الذي تدرسه المادة الجامدة وذلك لأن الموضوع البيولوجي كائن حي ،كل جزء فيه تابع للكل ولكل الأجزاء الأخرى.بينما لا تشكل المادة الجامدة أي وحدة متعاضدة تحافظ على تماسكها،فهي ليست فردية بحيث لو وقع تدمير جزء منها،إستحال تعويضه،و المادة الحية إذا قمنا بعملية الفصل أي فصل عضو عن باقي العضوية فإننا سنحدث خلل في عمل العضوية أي أن أعضاء المادة الحية تشكل وحدة متكاملة لا تقبل الفصل أو التفكيك،يقول كـــوفيي:«إن سائر أجزاء الجسم الحي مرتبطة فيما بينها،فهي لا تستطيع الحركة إلا بمقدار ما تتحرك كلها معا،و الرغبة في فصل جزء من الكتلة معناه نقله إلى نظام الذوات الميتة و معناه تبديل ماهيته تبديلا كاملا ».
2- وتتمثل العقبة الثانية في تصنيف الحوادث : فظواهر المادة الحية ليس من السهل تصنيفها مثل ظواهر المادة الجامدة مثل ما هو فيزيائي أو كيميائي أو فلكي .....إلخ،وذلك لأن كل كائن حي ينطوي على خصوصيات ينفرد بها دون غيره،وكل محاولة للتصنيف تقضي على الفردية عند الكائنات الحية،فتصنيف الحيوانات تصنيفا مورفولوجيا (أي من حيث الهيئة الشكلية)،أو إلى نافعة و ضارة أو حسب إرتفاعها و حجمها، هو عمل مصطنع يشوه طبيعة الموضوع،ويشوش نتائج البحث.
3- وتتمثل الصعوبة الثالثة في تعميم النتائج فالنتائج المتوصل إليها لا يمكن تعميمها لأن الكائنات الحية عموما لا تكون هي هي مع أنواع أخرى.
4- العقبة الأخيرة تتمثل في مصداقية التجريب فالكائن الحي لا يكون هو هو إلا في محيطه الأصلي الطبيعي، ونقله إلى محيط إصطناعي يؤدي إلا تغير سلوكه إضطرابه،مثل إستئصال العين أو الغدة النخامية وخاصة مع وجود مفعول المخدر.
ب-ولقد وجد بعض المفكرين في هذه العقبات مبررات لمعارضة تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية، وأضافوا عقبة أخرى تتمثل في العفوية الحرة التي تتمتع بها الكائنات الحية إذ يسلمون بإن هناك قوة حيوية تحرك سائر حوادث الحياة أي كأنها بمثابة قوة باطنية مستقلة تتحكم في أفعال هذه الحوادث.
ثانيا: إقتحام العوائـــــق:
لكن رغم هذه العوائق فإن الإنسان لم يتوقف فضوله عن محاولة كشف النقاب عن الكائنات الحية منذ القدم و إستعملت في ذلك أساليب معلنة و أخرى تحت ستار الكتمان وهي أساليب تقنية ساهم في إنتاجها الفطرة و مجربات الطب التقليدي،وظلت هذه العملية تخطئ و تصيب، تفسد و تصلح إلى عهد نضج فيه المنهج العلمي فألهم بعض العلماء و المفكرين إلى الإستئناس به أمثال كلــود برنــارد، فلقد عرف هذا العالم كيف يكيف المنهج التجريبي الذي وضع للمادة الجامدة على المادة الحية مع الحفاظ على خصوصياتها، لقد عبر عن ذلك في كتابه:« مدخل لدراسة الطب التجريبي »،نقتطف منه بعض المقاطع :
- إن خصائص المادة الحية لا يمكن معرفتها إلا بعلاقتها مع خصائص المادة الخام،ذلك لأن في العضويات المركبة ثلاث أنواع من الأجسام:
1- الأجسام البسيطة كيميائيا﴿16﴾منها فقط،تدخل في تركيب جسم الإنسان;ولكن من تفاعل هاته الأجسام ال ﴿16 ﴾ تتألف مختلف الذوات السائلة والصلبة والغازية
2- المبادئ المباشرة غير العضوية و العضوية التي تدخل كعناصر مؤلفة وجوهرية في تكوين الأجسام الحية،غير أن الأول تؤخذ من العالم الخارجي مباشرة، وهي تامة التكوين كالأملاح الترابية و الفوسفور و الكلور، أما الثانية فإنها ليست مستعارة من العالم الخارجي بتاتا، لأنها من تكوين العضوية الحيوانية أو النباتية كالنشاء و السكر والشحم و الألبومين.هذه المبادئ المباشرة المقتطفة من الجسم ، تحتفظ بخصائصها لأنها لم تبق حية، إنها منتوجات عضوية،ولكنها غير منظمة.
3- العناصر التشريحية المنظمة التي تعتبر الأجزاء الوحيدة التي تعرف النظام والحياة.وهي سريعة التهيج وتبدي تحت تأثير منبهات متنوعة خصائص تميز الكائنات بصفة كلية. وهذه الأجزاء هي التي لا يمكن أن تنفصل عن العضوية دون أن تفقد حيويتها.
هذه الفئات الثلاثة من الأجسام مع إختلافها قادرة كلها أن تعطي عمليات فيزيائية كيميائية تحت تأثير منبهات خارجية كالحرارة والضوء والكهرباء. الفيزيولوجي يبيح لنفسه فهم الظواهر الحية و تفسيرها إعتمادا على المبادئ التي ترتد إليها المادة الجامدة.
وعلى هذا الأساس لا بد أن تكون الدراسة العلمية للحوادث الحيوية ، دراسة فيزيائية كيميائية.فعملية التنفس مثلا، ترتد في النهاية إلى أكسدة اليحمور وإلى تأكسدات خاصة الخلايا.ولقد إجتهد كلود برنارد من أجل إخراج العلوم البيولوجية من مجال التحجر إلى مجال الإزدهار والتقدم وذلك بسعيه إلى تطبيق مناهج البحث في الدراسات الفيزيائية الكيميائية.وبفضل ذلك إستطاع كلود برنارد أن يقلب حيوانات ذات دم حار إلى حيوانات ذات دم بارد حتى يستقصي خصائص عناصرها الهستولوجية، ورأى أننا لا نستطيع الوصول إلى معرفة قوانين وخصائص المادة الحية إلا بتفكيك العضويات الحية للنفوذ في دواخلها.
وبفضل هذا إستطاع بــاستور أن يصحح الفكرة القائلة بالنشوء العفوي للجراثيم مثبتا بأن الجراثيم منشؤها في الهواء .
وهكذا إزدهرت العلوم البيولوجية و تقدمت بفضل المنهج التجريبي،وعرف العلماء كيف يطورون وسائله وأساليبه ولم يعودوا يكتفون بتشريح الميت بل الحي أيضا.
ثالثا:الحكمــــــة من فلسفة المنــــاهج:
إن الخصوصيات التي تميز الكائنات الحية ليست متروكة للعفوية، بدليل أن المنهج التجريبي القائم على أساس مبدأي الحتمية و الإطراد،مكن العلماء في مجال الكائنات الحية من إحراز تقدم مذهل،أدرك ذروته مع تسخير المورثات في مجال الإستنساخ.
ولكن رغم ذلك مازالت هناك مشاكل في تطبيق المنهج التجريبي على ظواهر المادة الحية،وأيضا في العلوم الإنسانية.
** حـل المشكلة**
لقد برهن المنهج التجريبي على أنه حقيقة المقياس المثالي لكل بحث يريد لنفسه أن يكون بحثا علميا أي موضوعيا تحترمه كل العقول البشرية،فهو المحك الذي يزن مصداقية العلوم ورغم تسجيل بعض القصور في صرامة تطبيق خطواته،وعدم وجود الدقة المطلقة في النتائج،فلأننا ليس في الرياضيات نتعامل مع المجرد بل نحن نتعامل مع المحسوس الذي ليس في مأمن مطلق عن التغير،ولهذا فالمنهج التجريبي يحتاج دائما إلى تهذيب مستمر مع تطور معرفتنا لخصائص الظواهر المبحوثة ، خاصة إذا تعلق الأمر بالكائنات الحية،ولعل إستمرار التهذيب الميداني هو الذي مكن العلماء من فتح فن جديد يعرف ب:«أخلاقيات البيولوجيا»










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:35   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

مـــذكرة درس: الإشكالية الأولــى: إدراك العالم الخارجي
المشكلة الخامسة: العادة و الإرادة
المستـــــــوى : 3 آداب و فلسفة
الحجم الساعي: 5 ساعات

المضاميــــــــــــــن:
*مقدمة:طرح المشكلة:
إن الإنسان في حياته اليومية يريد التكيف مع الواقع ولهذا فإنه يقوم بتحريك إرادتة من أجل تحصيل خبرة للتكيف وهنا يجد أن الإنسان قد تعود على مجموعة من السلوكات الآلية و القصدية والإرادية وهذا ما يعرف بالعادة ،وهذا الأمر يؤدي بنا إلى طرح عدة تساؤلات : ما طبيعة العادة ؟ و ما أثرها على السلوك؟ وهل تحقق العادة ما نريد ؟وهل الإختلاف الذي يفرق بين العادة والإرادة (المشحونة بالأهواء والإنفعالات ) في تكيفهما مع الواقع عائق لإيجاد سبل التقارب و الإتفاق بينهما؟
** إلى أي حد تعتبر العادة أداة للتكيف مع الواقع ؟:
أولا:العادة و الطبيعة الحيوية:
إن الإجابة عن المشكلة المطروحة تتطلب منا معرفة أوجه التشابه و الإختلاف بين العادة و الغريزة
إن الفعل الغريزي فعل ثابت لا يتغير و دافعه بيولوجي (من أجل الحفاظ البقاء)،ومن هنا الغريزة تتميز بالثبات والآلية،وهذا الأمر من خصائص العادة أيضا.
أما العادة فهي تلك القدرة المكتسبة على أداء فعل بطريقة آلية مع السرعة و الدقة و الإقتصاد في المجهود و الوقت.
ومن خصائص العادة التعلم لإعتبارها مكتسبة،وذلك عن طريق التكرار والوعي و الإرادة ،كما تتميز العادة بما بعرف بالإدراك الشعوري،بحيث إن في عملية التعلم من أجل تشكيل عادة يتدخل إدراك الإنسان من أجل التشكل الصحيح للعادة و معرفة الغاية من ذلك.
ثانيا: العادة نتاج التعلم و الإكتساب:
مــــــــا هي العوامل التي تؤدي إلى تشكل العادة؟
1-التكرار:
إن التجربة اليومية تكشف لنا بأن إكتساب العادة يقتضي منا التعلم و أساسه هنا التكرار،بحيث إذا كررنا فعل ما عدة مرات فإن هذا الفعل سنصبح نقوم به بطريقة سهلة بدون أي جهد و بطريقة متقنة وآلية، أي أصبح في دائرة العادة ولهذا أكد أرسطو سابقا: «إن العادة وليدة التكرار».
بحيث أن الواقع يؤكد بأن أي فعل إذا قمنا بتكراره عدة مرات،فإن هذا الفعل سيصبح تعودي.
وقد إستند زعماء هذا الموقف في العصر الحديث على بعض التجارب العلمية من خلال فعل المنعكس الشرطي، و لعل أهم تجربة في ذلك للعالم الفيزيولوجي- بافلوف- الذي لاحظ أثناء تجاربه بأن لعاب الكلب يسيل بمجرد سماع الجرس لأننا قمنا بتكرار هذا الموقف مع إعطاء الطعام للكلب، وبالتالي تشكلت عادة عند الكلب.كما قام ثورندايك بوضع قط في قفص بداخله مزلاج وتكرار العملية عدة مرات،أصبح القط يضغط على المزلاج للخروج من القفص.
ومثل هذا الموقف أيضا وليام جيمس بحيث فسر العادة تفسيرا آليا فيزيولوجي،و رأى بأن العادة أساسها التكرار .
ومن هنا إن الحصول أو تشكيل العادات مرتبط فقط بتكرارها،فإذا قمنا بدق الجرس و وخس الشخص بإبرة و تكرار هذه العملية عدة مرات فإننا حين ندق الجرس، فإن هذا الشخص يقوم بإبعاد يده مثلا.
ويرى زعماء هذا الموقف من جهة أخرى بأن التعود على الفعل ما لا يكون راسخا إلا إذا إنقطع عنه صاحبه مدة من الزمن ،فالشخص كثيرا ما يتمرن على أفعال ولكن بدون فائدة و ينقطع عنها مدة من الزمن ،وعندما يعيد الفعل يجد نفسه يتقنه و كأنه كان يمارسه يوميا،ثم فإن إكتساب العادة بنجاح يتم بأن يقسم المتعلم الفعل إلا أجزاء وأن يتعلم كل جزء على حدا ثم يقوم بتركيبها بعد ذلك،يقول برغسون:« إذا أردت حفظ قطعة من الشعر قسمتها بيت بيتا ثم كررتها عدة مرات ،وكلما أعدتها مرة ....حفضي لها و إرتبطت الألفاظ ببعضها البعض».
2- العامل العقلي :
إن المتعلم إذ لم يكن له إدراك لما يتعلم فلن يتعلم أبدا، و التلميذ إذا لم يكن لديه إحاطة بما يدرس فلن ينجح أبدا،فالعادة لا تكون إلا إذا كان العقل حاضرا و وظائفه العليا خاصة الذكاء و التذكر ناضجة.
وقد أثبت فون ديررفيلت قيمة العقل في ترسيخ العادات من خلال ترسخ المحاولات الصحيحة ونبذ الخاطئة وذلك في قوله: «إن الحركة الجديدة ليست مجرد تجميع حركات قديمة...إنما تحدث الحركات الغير مجدية والزائفة »
وقد مثل هذا الرأي بيرلو الذي يعتبر إن العادة تشكل على أساس تدخل العقل وذلك من خلال تصحيح الأخطاء
و ترسيخ المحاولات الناجحة أي أن هناك عملية تغير في الحركات بعد دراسته.
3-العامل النفسي:
إن أقوى عامل يساعدنا على التعلم واكتساب العادة الانتباه والاهتمام , فالاهتمام بالعمل يقوى الانتباه كما أن الجهد المبذول برغبة وشوق يسهل اكتساب العادات وكلما كان ذلك أقوى كان الإكتساب راسخ وبدون العاطفة و الميل النفسي يتعذر التعلم .
4-العامل الاجتماعي:
إن الكثير من عاداتنا تكتسب بواسطة المجتمع فنحن نكتسب منه اللغة وكذلك الأعراف والتقاليد وبعض القيم فتصبح عادة راسخة في حياتنا
**أنواع العادات :
-عادات حركية:كركوب الدراجة
-عادات نفسية: كالصبر
-عادات اجتماعية:كالتكلم بلغة معينة
ثالثا:العادة كأداة لخدمة التكيف:
إن العادة أداة لخدمة التكيف أي أن العادة لها آثار ايجابية على سلوك وحياة الإنسان وذلك من خلال :
- يصبح الإنسان يؤدي أعماله بطريقة سهلة بعد أن يجد صعوبة في ذلك.
- يصبح الإنسان يؤدي أعماله بطريقة متقنة لان الإنسان أصبح يعرف حقيقة أعماله.
- الاقتصاد في الوقت بحيث إن الأفعال التعودية يتم انجازها في وقت قصير مما يوفر للإنسان جزء كبير من الوقت لأفعال أخرى .
- إن العادة تؤدي إلى التكافؤ الاجتماعي ذلك من خلال انتشار بعض العادات الايجابية مثل التعاون و التسامح واحترام الغير وقد مثل هذا الموقف آلان الذي اقر إن العادة تسهل لنا الأعمال وتجعلنا نتقنها حيث يقول :«إن العادة تمنح الجميع الرشاقة والسيولة».
- أن اكتساب العادات يؤدي بنا إلى اكتساب عادات جديدة فمن تعلم سياقة السيارة يسهل عليه سياقة شاحنة.
-إن العادة أداة نجاح في حياة الإنسان من خلال أعماله فالإنسان الذي تعود إتقان العمل فأنه سيكون ناجحا في أعماله.
لكن من جهة أخرى فأن للعادة قيمة سلبية على سلوك الإنسان وحياته وذلك لأنها :
- تقتل روح المبادر والإبداع في الإنسان وبالتالي فهي تسبب الركود الفكري.
- العادة تؤدي إلى شعور الإنسان بالملل النفسي نتيجة الروتين الموجود لديه وهنا تغيب الفعالية الإبداعية للإنسان بحيث يصبح هذا الأخير مثل الآلة.
يقول سولي برودوم:«جميع الذين تستول عليهم العادة يصبحون لوجوههم بشر وبحركاتهم آلات».
العادة قيمة سلبية من خلال انتشار بعض العادات السلبية وصعوبة التخلص منها مثلا عدم احترام الغير و السرقة.
- العادة تخلف تشوهات جسمية فالنجار مثلا نجد أن كتفه الأيمن أعلى من الأيسر أو العكس.

**ثم كيف نعتبر الإرادة المشحونة بأهواء و إنفعالات لا تحقق ذلك التكيف إلا جزئيا:
أولا: الفعل الإرادي و الخصوصية الإنسانية:
1 – مفهوم الإرادة: هي تلك التصرفات و ماهياتها ،بأن يتخذ العقل قرارا مدبرا مع سبق الإصرار قبل الإقدام على التنفيذ.
2 – شروط الإرادة: لكي تكون الإرادة قوية ،وبالتالي تصبح أداة تكيف،يجب أن تتمثل فيها شروط :
أ- تصور المثل الأعلى:إن تصور المثل الأعلى ضروري لكل إنسان،وهذا المثل يختلف بإختلاف الأشخاص،فالتلميذ مثله الأعلى هو النجاح في الإمتحان ،و المجاهد مثله الأعلى الذي يحركه هو محبة الوطن و الفوز بالجنة.
ب- الإيمان بالنفس:بحيث أن كل الحياة مبنية على الإيمان بالنفس،فالإنسان إذا لم يؤمن بنفسه و قدراته يخسر معركة الحياة أي يفشل في تحقيق الأهداف.
ج- تنظيم الأفكار:بحيث أن الإرادة الصحيحة و القوية تعتمد على قوة الأفكار و دقة تنظيمها.
ثانيا- الإرادة كفعل إيجابي للتكيف :
1 – تركيب الفعل الإرادي :
أ- بنية الفعل الإرادي:ونقصد بذلك تصور سابق للنتيجة الفعل :الإجتهاد نتيجة النجاح.
ب- إرادة الفعل الإرادي:وهنا تتولد رغبة نفسية بفعل ما و بالتالي عدم القيام بالفعل المقابل له.
2 – صفات الفعل الإرادي:
إن الفعل الإرادي يتصف بالجدة ،بحيث أن الإرادة تحرك الإنسان بقيام بفعل من أجل تحقيق هدف معين ،كما أن الفعل الإرادي هو فعل إرادي من خلال تدخل العقل ،بحيث أن الشخص الذي يريد شيئا ما يدرك ما يفعل و كيف يفعل وما الغاية من الفعل،كما أن الفعل الإرادي يتصف بأنه فعل ذاتي بحيث أن الفعل الإرادي يتغير بتغير الأفراد.
3- مراحل الفعل الإرادي:
يقسم الفعل الإرادي إلى أربعة مراحل :
أ- تصور الفعل الإرادي:بحيث أن الشخص لابد من تصور الهدف من فعل ما.
ب- المداولة(المناقشة):وهنا يقوم الشخص بالحوار الذاتي مع نفسه،من أجل معرفة قيمة الفعل و كيفية التحقيق الهدف .
ج- القرار:وهنا يتخذ الشخص قرارا بتنفيذ فعل ما .
د- التنفيذ: ونقصد به القيام بالفعل الذي قرر سابقا.
ثالثا:الإرادة كإنفعال يعيق التكيف:
الإرادة تصبح ببعض الأحيان انفعال يعيق التكيف ،فالتمني الغير محدود ليس من الإرادة التي تجعل الإنسان يتكيف مع الواقع بل هنا إعاقة للتكيف ،فالشخص الذي يتمنى أمرا مستحيلا وخياليا يؤدي به إلى عدم التكيف مع الواقع مثل :عودة من نحب من الأموات إلى الحياة من جديد.هذا التمني عبارة عن هوى إعتباطي،كما أن الإرادة الغير مصحوبة برغبة هي إرادة فاشلة. أو أن أرغب في أفعال و لا أنفذها .
**ولكن هذا التمايز يعني إنتفاء قيام علاقة وظيفية بينهما:
أولا:موقع الإرادة في تكوين العادات:
إن الإرادة هي المنبع الأصيل لوجود الفعل الإعتيادي وبداية أي فعل إعتيادي لا تتم غلا بالإرادة وعلى ذلك فإن كل عمل ليس فيه إرادة يكون غير قابل للإكتساب ولا التكيف السليم مع الواقع.
ثانيا:بعض العادات تعزز الفعل الإرادي :
إن الإنسان الذي تعود على العادات الإيجابية تكون إرادته مستعدة للتحرك من أجل الحفاظ على هذه العادات فالإنسان الذي تعود على إحترام الوقت فإن إرادته لن تسمح له بتعاطي القمار.لكن في بعض الأحيان الفرد ومن خلال عادات سلبية يقوي إرادته وتكون أحاكمها إيجابية وذلك حينما يخرج الفرد عن عادات مجتمعه السلبية،وهنا الفرد تحدى إرادة الجماعة و تجاوزها،فقد تحدى غاليلي قواعد مجتمعه وثار عليها و برر فكرة دوران الأرض و كرويتها التي كانت محرمة وممنوعة،وقد واجه قبله سقراط إرادة المدينة- المجتمع الأثيني-
وقبل الموت عوض الخضوع لها .
***حــــل المشكلة:
إن السلوك الفطري أو المكتسب لدى الإنسان يهدف إلا التكيف مع مشكلات الحياة خاصة العادة المرتبطة بالإرادة،وهما في علاقة تكامل وتعاون.










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 12:36   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

ماهي الفلسفة ؟
ولـماذا ندرسها

«ما هي الفلسفة؟» سؤال وجيه ومباشر، يدخلنا رأسا في مجال الفلسفة إذ يجعلنا نستعمل أداتا من أدواتها ألا وهي السؤال. وجوابا عليه يقول مارتن هايدجرHEIDEGGER(1889-1976) «عندما نسأل: ما الفلسفة؟… فالهدف هو أن ندخل في الفلسفة، وأن نقيم فيها ونسلك وفق طريقتها، أن نتحرك داخل الفلسفة لا أن ندور من الخارج حولها، أي أن نتفلسف» إذن فالتساؤل عن ماهية الفلسفة هو في حد ذاته فلسفة.
وفي هذا الصدد يمكن القول بأن تحديد ماهية الفلسفة تعترضه عدد من الصعوبات يمكن حصرها اختصارا في ثلاثة أساسية وهي:

1) أن الفلسفة أكثر المباحث عرضة لتحديدات وتعريفات وتمثلاث وأحكام قبلية عامية ساذجة، منها على سبيل التمثيل دون هم الاستنفاد قولهم بان الفلسفة: غموض، ضبابية، صعبة، إلحاد وخروج عن الدين وكلام فارغ لا معنى له… الخ. لذا يجب علينا أولا أن نطهر أذهاننا من هذه التمثلات العامية الساذجة المجانية إن كنا نتوخى الوقوف على ماهية الفلسفة كما تمثلها الفيلسوف ومريد الفلسفة.
2) أن الفلسفة لا تعرف بموضوعها ولا بنتائجها، ذلك لأنه كما قال القدماء «الفلسفة أم العلوم»، فهي إذن غير ذات موضوع واحد ووحيد كما هو الشأن بالنسبة لباقي العلوم، بل على العكس من ذلك تتخذ الفلسفة من كل شيء في الكون مشخصا (ماديا) كان أو مجردا (معنويا) موضوعا لها، تستحضره في ذاتها، تفكر فيه وتنتقده، تستلهمه وتلهمه… كما أن نتائجها غير ذات نفع مادي مباشر كما هو حال نتائج مختلف العلوم، ذلك لأن الفلسفة لا تتوخى المعرفة حبا في المنفعة بل حبا في المعرفة ذاتها. وفي هذا يقول فيتاغوراس Pythagore (حوالي 572-497 قبل الميلاد) «الفلسفة هي محبة الحكمة لذاتها»، ويقول كارل ياسبيرز Karl Jaspers(1883-1969) «كل من يمارس الفلسفة يريد أن يحيا من أجل الحقيقة» إذ أن «كرامة الإنسان هي إدراك الحقيقة» حقيقة الإنسان والعالم والله…
3) أن تعاريف الفلسفة تتعدد بتعدد الفلاسفة أنفسهم ذلك لأن تاريخ الفلسفة يفيدنا بأن الفلاسفة لم يتفقوا قط حول تعريف واحد للفلسفة جامع مانع لها. وهذا الاختلاف ذاته خاصية من خصائص التفكير الفلسفي، إذ أنه أساس خصوبتها واستمرارية عطاءاتها المتمثلة في النظر إلى الإنسان والعالم والله من زوايا وجهات نظر متباينة يمكن مع تعددها وتنوعها الاقتراب أكثر فأكثر من حقيقة الأشياء وبالتالي تكوين رؤية للعالم( Une vision du monde) أكثر مماثلة له ومشابهة لحقيقته.
واختلاف الفلاسفة لتعريفهم للفلسفة ذاته ناتج عن مجموعة من الأسباب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أن تعريف الفلسفة مشروط بفلسفة صاحبه: إذ أن كل تعريف للفلسفة هو بمثابة مرآة تعكس لنا فلسفة صاحبه أو رؤيته الخاصة للإنسان والمجتمع والتاريخ والحياة… وكذا موقفه من كل هذا. وغير خاف عنا أن مثل هذه المواضيع مدعاة لاختلاف وجهات النظر إليها والتموقف منها فمثلا أفلاطون (428-348ق.م) يعرف الفلسفة بأنها «علم الحقائق المطلقة الكامنة وراء ظواهر الأشياء»وهذا التعريف يعكس لنا فلسفة أفلاطون ويسير في اتساق مع رؤيته للعالم. إذ أن أفلاطون يقسم العالم إلى عالمين: عالم مادي سفلي محسوس(يدرك بواسطة الحواس) وهو الذي نعيش فيه فهو عالم المادة المتحركة دوما والمتغيرة باستمرار، ومن هنا فالحقيقة في هذا العالم منعدمة الوجود وإن وجدت فهي لا مطلقة ولا ثابتة بحكم حركته الدائمة تلك. وهناك عالم مثالي علوي معقول (يدرك بواسطة العقل) وهو عالم المثل العليا الثابتة ثباتا مطلقا، وأعلى مثال في هذا العالم هو مثال الخير الأسمى وهو الله. ومن هنا فالحقيقة موجودة في عالم المثل. فالعالم السفلي عالم الطبيعة (الفيزيقا Physique) والعالم العلوي عالم ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا Métaphysique). ومن هنا فالحقيقة التي تستهدف الفلسفة الحصول عليها لا توجد في ظواهر الأشياء بل وراء هذه الظواهر أي في الجوهر لا في المظهر.
وإذا انتقلنا إلى أرسطو Aristote ( 384-322 ق.م) نجده يعرف الفلسفة بأنها « علم المبادئ والعلل الأولى للوجود »أو«علم الوجود بما هو موجود» وهذا التعريف كذلك ينسجم مع فلسفة أرسطو ويعكس لنا صورة عنها. فأرسطو يرى بان ما من معلول إلا ووراءه علة أي أن لكل نتيجة سببا، فإن نحن أردنا أن نعرف الموجودات كنتيجة متحققة في الكون علينا أن نعرف علة وجودها. والعلل عند أرسطو أربعة وهي: علة مادية وهي ما منه الشيء يكون (كالخشب مثلا)، وعلة صورية وهي ما عليه الشيء يكون (كصورة أو شكل الكرسي مثلا)، وعلة فاعلة وهي ما به الشيء يكون (كالنجار مثلا)، ثم علة غائية وهي ما من أجله الشيء يكون (كالجلوس عليه مثلا). أما علة العلل أو العلة الأولى التي لا علة لها فهي الله ومن هنا كانت الفلسفة عند أرسطو هي العلم بهذه المبادئ أو العلل الأولى للوجود.
أن تعريف الفلسفة مشروط بروح عصره وظروف مجتمع صاحبه: وفي هذا قال كارل ماركس Karl Marx (1818-1883) « إن كل فلسفة هي الخلاصة الروحية لعصرها». فالتاريخ الإنساني ليس متماثلا في تجاربه وحضاراته بل لكل شعب ولكل عصر ظروفه ومعطياته الخاصة ونوع إشكالياته المهيمنة فيه… فالعصر اليوناني-مثلا- لا يتطابق مع العصر الوسيط أو عصر النهضة كما أن المجتمع المسيحي غير المجتمع الإسلامي… فإن نحن أخذنا مثال ابن رشد (1126-1198) وجدناه يعرف الفلسفة أو فعل التفلسف قائلا «فعل التفلسف ليس شيئا آخر أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع… فإن الموجودات إنما تدل على الصانع لمعرفة صنعتها، وكلما كانت المعرفة بصنعتها أتم، كانت المعرفة بالصانع أتم». فالفلسفة إذن تأمل في المخلوقات وأخذ العبرة منها من حيث هي دالة على الخالق(الله)، وكلما كانت معرفتنا بالمخلوقات دقيقة كلما كانت معرفتنا بالله الخالق لها دقيقة كذلك. وهنا نجد ابن رشد يسعى جاهدا إلى البرهنة على أن «الحكمة صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة» على حد قوله أي الاستدلال على أن الفلسفة والدين معا يستهدفان تحقيق نفس الغاية ألا وهي معرفة الحق الخالق وإثبات وجوده. فإذا كان الدين يحقق هذا الهدف من خلال مطالبتنا بتدبر آيات القرآن فإن الفلسفة تسعى إلى تحقيق نفس الهدف من خلال اعتبار وتدبر آيات الله في خلقه مصداقا لقوله تعالى «ألم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء؟». وسبب التجاء ابن رشد إلى تعريف الفلسفة باعتبارها وسيلة مثل الدين توصل إلى معرفة الخالق هو أن الإشكال الذي هيمن في المجتمع الإسلامي في العصر الوسيط هو إشكال مدى علاقة الفلسفة (الحكمة) بالدين (الشريعة) وهو ما ينعت بإشكالية العقل والنقل. ومن هنا نستنتج بأن كل فلسفة وبالتالي كل تعريف للفلسفة مرتبط بعصره ومشروط بظروف صاحبه ومعبر عنها.
أن تعريف الفلسفة مشروط بتقدم الفكر العلمي في المرحلة التي وضع فيها: إذ أن نشأة الفلسفة ذاتها كانت مرتبطة بالعلوم: فهذا فيتاغوراس يرجع الكون إلى عدد وما اعتبار الفلسفة كبحث عن الحقيقة لذاتها إلا محاكاة لاستدلالات الرياضيات المجردة والمتعالية عن المنفعة المادية والتطبيق المحسوس. وهذا أفلاطون يكتب على باب أكاديميته «لا يدخل علينا من لم يكن رياضيا(أو مهندسا)». وهذا روني ديكارت René Descartes (1596-1650) يقول «الفلسفة شجرة جذورها الميتافيزيقيا وجذعها العلوم الطبيعية وأغصانها المتفرعة عن هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى… وترجع إلى ثلاثة رئيسية هي: الطب والميكانيكا والأخلاق… وتفترض معرفة كاملة بسائر العلوم». فعلاقة الفلسفة بالعلم إذن علاقة جدلية إذ أن تطور أحدهما يؤدي بالضرورة إلى تطور الآخر والعكس بالعكس. وفي هذا السياق يقول هيجل HEGEL (1770-1831) «إن الفلسفة تظهر في مساء اليوم الذي تظهر في فجره العلوم» ويقول انجلز (1820-1895)« إن الفلسفة حية دائما في العلوم ولا يمكن أن تنفصل عنها». ومن هذا نستنتج بأن بين العلم والفلسفة إفادة واستفادة متبادلتين.
وإذا كان الفلاسفة قد اختلفوا في تعريفهم للفلسفة فهم كذلك اختلفوا في طرق تفكيرهم فيها وإنتاجهم لها وتعبيرهم عنها: فمثلا سقراط Socrate (حوالي 469-399ق.م) يتخذ من الحوار التوليدي أسلوبا في التفكير، في حين أن أرسطو يعتمد على العرض المنطقي الصارم أما نتشيه Nietzsche(1844-1900) فيلجأ إلى اللغة الشاعرية والبلاغة والرمز، في الوقت الذي يرتكز فيه سبينوزا Spinosa(1632-1677) على الاستدلال شبه الرياضي…الخ.
ولكن إذا كانت تعاريف الفلاسفة للفلسفة متباينة وكذلك هو شأن طرق تفكيرهم وعرضهم لفلسفاتهم, أفلا توجد بعض الضوابط والخصائص الثابتة في كل فلسفة؟ أليس هناك قاسم مشترك بين جل هذه الفلسفات حتى لا نقول كلها ؟
بلى، هناك مجموعة من الخصائص التي يكاد يجمع عليها جل الفلاسفة إن لم نقل كلهم، وفيما يلي سنعرض لبعضها:
‌أ- الشمولية: والمراد بها دراسة الكليات لا الجزئيات، أي الاهتمام بما هو شمولي عام والابتعاد عن الحالات الفردية المعزولة في الزمان والمكان، فإذا كان الجيولوجي يبحث في أصل تكون جبل أو نهر ما فإن الفيلسوف يبحث في أصل الكون ككل لا في أصل جزء منه.
‌ب- النسقية: وهي من جهة التنظيم والترتيب المنهجي المحكم للقضايا والإشكاليات والأفكار، ومن جهة ثانية الاتساق وعدم التناقض مع الذات.
‌ج- الصرامة المنطقية: وتتمثل في التدرج في عرض الأفكار على شكل سلسلة مترابطة الحلقات يتم فيها الانتقال من البسيط إلى المركب ومن السهل إلى الصعب ومن المعلوم إلى المجهول، ثم استخلاص النتائج المترتبة عنها وتبريرها منطقا بأن يكون الحجاج المقدم عنها حجاجا عقليا مقبولا ومقنعا.
‌د- الموقف النقدي: ويقصد به إعادة النظر الدائمة في القضايا والأفكار والقيم القديمة السائدة حول موضوع ما. وفي هذا يقول سقراط بأن الخطاب الفلسفي «يبحث على الإزعاج ويوقظ من النعاس العميق» ويضيف برتراند راسل Bertrand Russell(1872-1970) بأن الفلسفة «قادرة على اقتراح إمكانات عديدة توسع آفاق فكرنا وتحرر أفكارنا من سلطان العادة الطاغي… وتزيل التزمت» وذلك باعتماد الشك المنهجي( (Doûte Méthodique في كل شيء من أجل الوصول إلى اليقين، مع الإيمان بأن الحقيقة –التي تنشدها كل فلسفة – ليست مطلقة بل هي نسبية دوما. ولذا نجد أنه ليس هناك من فيلسوف لم ينتقد سابقيه أو معاصريه وليس هناك من فيلسوف لم ينتقد من معاصريه أو لاحقيه، و بهذا المعنى تكون الفلسفة عبارة عن حوار انتقادي.
‌ه- التساؤل المستمر: وهو في الوقت ذاته نتيجة للموقف النقدي وسبب له، إذ أنه كما يقول ياسبيرز «الأسئلة في الفلسفة أكثر أهمية من الأجوبة، وكل جواب يصبح بدوره سؤالا جديدا». فالفيلسوف الحق هو الذي يبتدئ بسؤال وينتهي إلى علامة استفهام، وبين هذا وتلك يقترح الحلول والأجوبة الممكنة ويبررها وينتقد غيرها ويعلل ذلك بطرق مبرهن عليها…
‌و- الاهتمام بقضايا الإنسان: وذلك بالبحث فيه من حيث أصله وطبيعته ووظيفته ومصيره ومختلف علاقاته مع نفسه والآخرين ومع الطبيعة ومع الله، ولهذا كانت رسالة الفلسفة هي الحرص على قيمة الإنسان كل إنسان أيا كان. وفي هذا يقول هيجل « إن الدفاع عن الفلسفة هو دفاع عن الإنسان!».
علاوة على ما سبق يمكن أن نضيف بأن الفلسفة إيمان قوي بالحرية في القول والفعل (الديمقراطية)، واحترام لا مشروط للرأي الآخر في الوجود (التسامح)، ونبذ لكل أصناف التسلط والعنف (التحرر). يقول فولتير Voltaire (1694-1778)«مهما اختلفت معك سأدافع عنك إلى آخر رمق في حياتي حتى تعبر عن رأيك بكل حرية» .
وإذا عدنا إلى نشأة الفلسفة كنسق فكري إشكالي نقدي وكصورة للعالم نجد بأن مكان ميلادها كان هو بلاد اليونان وزمانه كان هو القرن 6 قبل الميلاد. ولهذا ذهب المتعصبون للغرب أمثال ادموند هوسرل Edmund Husserl (1859-1938) إلى أنها « علم يوناني». ولكن هذا الزعم يجب ألا ينسينا بأن الأقوام الشرقية القديمة كالبابليين والآشوريين والهنود والصينيين والفرس والفراعنة قد كانت لهم أفكار ومواقف وتصورات وأطروحات ذات نفحة ميتافيزيقية وصبغة فلسفية حول الإنسان والعالم والله. إلا أن هذه التصورات كانت من جهة ذات هدف نفعي براغماتي علمي، ومن جهة ثانية لم تكن مبنية بناء نظريا صوريا منسقا، ومن جهة ثالثة كانت تفتقر إلى الاستدلال المنطقي والبرهان العقلي. فهذه المميزات لم تتأتى للإنسان إلا مع اليونان وقد تحققت نتيجة لتوفر مجموعة من العوامل التي نذكر على رأسها ما يلي:
العامل الجغرافي: المتمثل في الموقع الاستراتيجي الذي كانت تحتله بلاد اليونان الكبرى، إذ كانت تطل على حوض البحر الأبيض المتوسط مهد الحضارات، وتتوسط ثلاث قارات (أوروبا وآسيا وإفريقيا).
العامل التاريخي: إذ تأتى للقبائل والمدن والجزر اليونانية المشتتة والمتطاحنة الالتفاف حول وحدة قومية وأمة واحدة خلال القرن 9 قبل الميلاد.
العامل الاقتصادي: ومؤشره نمو قطاعي الفلاحة والصيد البحري وازدهار الصناعة باكتشاف الحديد وصهره علاوة على تطور التجارة الداخلية والخارجية البرية والبحرية خاصة بعد صك النقود والانتقال من المقايضة إلى البيع والشراء.
العامل الاجتماعي-السياسي: وتجلى في ظهور ثلاث شرائح اجتماعية تتنافس على الحكم (وهي شريحة الفلاحين ثم الصناع فالتجار)، الشيء الذي أدى إلى تبني النظام الديمقراطي المرتكز على الحرية في الترشيح والتصويت وعلى الحوار ومقارعة الحجة بالحجة وعلى احترام الرأي الآخر ونبذ العنف والاحتكام إلى صوت الأغلبية، والخضوع لسلطة العقل، وقواعد اللعبة السياسية هاته سرعان ما ستتحول إلى قواعد اللعبة الفكرية عامة ( إذ سيتبناها التفكير الفلسفي بل وسيطورها).
العامل الثقافي-الفكري: إذ جمع التراث الأسطوري اليوناني في ملحمتين يونانيتين وهما: الإلياذة والأوديسا اللتان نسبتا لهوميروس HOMERE (حوالي 800ق.م)، كما تم تبسيط الأبجدية اليونانية وتيسير التعليم وتعميمه.
وهكذا نرى بأن تضافر هذه العوامل وغيرها هو الذي أبان عن الحاجة إلى استكناه الوجود وبالتالي إلى التفلسف. فلو توفر هذا لغير اليونان من قبل لكان ظهور الفلسفة عند غير اليونان.
ولقد اشتقت كلمة فلسفة PHILOSOPHIE من كلمتين يونانيتين وهما فيلوس (Philos) ومعناها محبة, ثم صوفيا (Sophia) وهي الحكمة, وبهذا تكون الفلسفة هي محبة الحكمة ويكون الفيلسوف (Philosophos)هو محب الحكمة وليس الحكيم «لأن الحكمة لا تضاف لغير الآلهة» كما قال فيتاغورس. إذن «فالفلسفة هي دراسة الحكمة» حسب قول ديكارت، والحكمة هي«الخير الأسمى» وفق تعريف سقراط. والخير هنا ليس هو المنفعة الذاتية المادية العاجلة بل هو الكمال والسمو الروحي. وبهذا تكون الفلسفة أو«الحكمة استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الإنسانية» على حد تعبير ابن سينا(980-1037).
وقد كان ظهور التفكير الفلسفي مقترنا بالدهشة L’Etonnement: فهذا أرسطو يقول « إن ما دفع الناس في الأصل وما يدفعهم اليوم إلى البحوث الفلسفية الأولى هو الدهشة» ومن هنا كانت « الدهشة هي أم الفلسفة ومنبعها الخصب!» وذلك كما قال آرتور شوبنهاور Arthur-Schopenhauer (1788-1860) « لأن الإنسان حيوان ميتافيزيقي، ومما لا شك فيه أنه عند بداية يقظة وعيه، يتصور فهم ذاته أمرا لا يحتاج إلى عناء، غير أن ذلك لا يدوم طويلا: فمع أول تفكير يقوم به، تتولد لديه تلك الدهشة التي كانت على نحو ما، أصل الميتافيزيقيا». والمراد بالدهشة هنا ليس فقط الحيرة والتعجب بل هي حالة توتر ذهني ونفسي ممزوجة بالقلق ومفعمة بالاهتمام وأحيانا بالألم والمعاناة. وللدهشة علاقة بأكثر من مفهوم مثل: العزلة والغربة والانفصال والانفصام والذهول بل وحتى القطيعة. إلا أن الدهشة الفلسفية غير الدهشة العلمية أو العامية ذلك لأن العالم والعامي معا لا يندهشان إلا أمام الظواهر الغريبة النادرة بغية فهمها ومعرفة أسبابها كما قالت العرب«إذا عرف السبب زال العجب»، أما الفيلسوف فيتجاوزهما ليندهش أمام كل الظواهر بل وحتى أمام أكثر الأشياء والوقائع ألفة واعتيادا مستهدفا تأمل ذاته وعالمه لتكوين صورة واضحة المعالم عنهما.
وقد ظهر التفكير الفلسفي كنمط جديد في مناخ نظري-ثقافي تميز بهيمنة نوعين من التفكير: أولهما الأسطورة وثانيهما السفسطة.
فأما الأسطورة (الميثوسMythos) فكانت تنتصب كقول ديني مقدس يعرض للخوارق وبطولات الآلهة وصراعاتهم وخلقهم لمختلف الكائنات وتدبيرهم لشؤونها وسهرهم على نظام الكون… الخ. وأما السفسطة فكانت تعتمد على أصناف الكلام المجازي والمحسنات البديعية والتلاعب بالألفاظ أو بكلمة واحدة على البلاغة لتمرير خطابها المؤسس على مركزية الإنسان في الكون، هذا الإنسان الذي قال عنه أحد أقطابها وهو بروتاغوراسProtagoras (481-411ق.م)«الإنسان مقياس كل شيء».
ويمكن القول تجاوزا بأن كلا من الخطابين الأسطوري والسفسطائي كان موجها إلى المشاعر والوجدان مدغدغا إياها ومخاطبا عواطف الإنسان مكتسبا قوته إما من قداسة الدين كما هو حال الأسطورة أو من سلطة اللغة كما هو حال السفسطة.
وهكذا وجدت الفلسفة نفسها منذ بداية عهدها بالحياة مطالبة بإثبات مشروعيتها والدفاع عن كينونتها وانتزاع أحقيتها في الوجود داخل الساحة الفكرية ليونان القرن السادس قبل الميلاد. فكان تسلحها بالمنطق (اللوغوسLogos) ومخاطبتها لأنبل ما في الإنسان ألا وهو العقل (نوسNous). وفي هذا يقول هيرقليطس Héraclite(544-483ق.م)«دعونا نصغي لحكمة اللوغوس» ويضيف أفلاطون«علينا أن نساير العقل إلى حيث يذهب بنا».
وبعد صراع مرير بين الفلسفة(اللوغوس) والأسطورة (الميتوس) من جهة وبينها وبين السفسطة من جهة ثانية استطاعت الفلسفة-باعتمادها الحوار التوليدي كمنهج والاستدلال العقلي لإقحام الخصم والبرهنة على أطروحاتها أقول استطاعت الفلسفة- أن تشق لنفسها طريقا أوصلها إلينا اليوم ولكن ثمنها كان غاليا إذ مات سقراط من اجل أن تحيا الفلسفة.
وهذا يقودنا إلى التساؤل عمن يكون الفيلسوف؟ ولإعطاء صورة ولو موجزة عنه يقول نيتشه«(الفيلسوف هو) ذلك الكائن الذي يتصارع فيه لأول مرة… الميل إلى الحقيقة مع…الأخطاء» ويضيف ميرلوبونتيMerleau-ponty-Maurice (1908-1961)«إن الفيلسوف هو الإنسان الذي يستيقظ ويتكلم». ومعنى هذا أن الفيلسوف شخص ينفرد عن غيره بيقظة وعيه واتقاد حسه النقدي المتمثل في استهدافه للحقيقة، وإيمانه بأن الخطأ لحظة من لحظات اكتشافها، والتزامه بها، وسعيه الحثيث من أجل تبليغها ولو كره الكارهون. ومن هنا كانت معاناة الفلاسفة ومحنهم العديدة، ولهذا ذاته يقال «الفلسفة معاناة» فهي معاناة لإلحاحية القضايا وامتهان لحرقة السؤال.
ولقد كانت الفلسفة –كما أشرنا إلى ذلك من قبل- مع اليونان والى حدود القرن 18 «أم العلوم» إذ كانت تنتظم داخلها مجموعة من المعارف والعلوم، فكانت بهذا معرفة موسوعية بشتى الميادين وإحاطة شاملة بالعديد من المواضيع والمباحث التي كانت تندرج كلها تحت ثلاثة محاور رئيسية وهي: مبحث الوجود أو الانطولوجيا Ontologie، ومبحث المعرفة أو الإبستيمولوجياEpistémologie ثم مبحث القيم أو الأكسيولوجيا Axiologie.
إلا أن مختلف العلوم، التي شكلت في الماضي جزءا لا يتجزأ من الفلسفة سرعان ما أخذت في الانفصال عن الفلسفة-الأم. وهكذا انفصلت تدريجيا كل من الرياضيات والفيزياء وعلم الفلك والبيولوجيا والسوسيولوجيا والسيكولوجيا وبهذا تقلصت دائرة الفلسفة، فما الذي تبقى لها ؟.
جوابا على هذا السؤال يمكن القول بأنه إذا كانت هذه العلوم وغيرها قد استقلت بذاتها عن الفلسفة فكونت لنفسها موضوعات خاصة بها وضبطت مناهجها وحددت مفاهيمها وتحلق حولها رجالاتها وأعطت نتائجها سواء على المستوى النظري أو العملي، فإن الفلسفة لم تتخل عنها بل سرعان ما عكفت على تفحص هذه الموضوعات والمناهج والمفاهيم والنتائج وانعكاسات كل هذا على الإنسان، وهذه هي فلسفة العلوم أو الابستيمولوجيا. ثم لا ننسى بأن مختلف هذه العلوم قد حققت نتاجات تكنولوجية عالية خلقت بدورها نوعا من الانبهار بها لدى الإنسان،ولكن الفلسفة عادت مرة أخرى لدراسة مخلفات وعواقب ومضاعفات هذه النتائج التكنولوجية على مستوى الإنسان وبيئته، وهذا بهدف خلق نوع من التوازن والانسجام بين الطبيعة والعلم وقيم الإنسان. وهنا تكمن القيمة الأخلاقية للتصور الفلسفي المعاصر، إذ أن الفلسفة التزام بقضايا الإنسان ودفاع عن قيم الإنسانية الخالدة من حرية وكرامة وعدالة وسعادة… في سبيل بناء غد أفضل للإنسانية جمعاء.
فالفلسفة كما قال سقراط « درس في تطهير العقل » ولكن التفلسف كما قال إيمانويل كانط Emmanuel KANT (1724-1804) « درس لا يتعلم » .
في ختام هذا الدرس يحق لنا أن نتساءل قائلين: إلى أي حد نكون قد توفقنا في الجواب على السؤال الذي افتتحنا به هذه الورقة؟ فهل استطعنا أن نحدد ماهية الفلسفة أو على الأقل أن نكون صورة ما عنها؟ يجيب نيابة عنا روني لوسين René le senne قائلا « الفلسفة طفل همجي: فهي تضيق ذرعا بكل تقييد، وتنفر دائما من كل تحديد » .
ولهذا يبقى من حق كل منا أن يتساءل قائلا: ما هي الفلسفة ؟










رد مع اقتباس
قديم 2012-10-27, 13:10   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

االمــادة: فلسفة
النشاط: درس نظري
الإشكالية الثانيــــة: فلسفة العلوم
المشكلة الخامسة: فلسفة الرياضيات
المستـــــــوى : 3 ع تج
الحجم الساعي: 5 ساعات
الكفاءة الختامية: يتوصل المتعلم إلى ممارسة التأمل الفلسفي في القضايا الفكرية التي تتعلق بفلسفة العلوم

التحليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل

طرح المشكلة :
هل الرياضيات –هذه الصناعة المجردة- مستخلصة من أصلها البعيد ،من العقل أو من التجربة ؟ وهل في كل الأحوال ،صناعة دقيقة في المنهج والنتائج ؟ وإلي أي حد يمكن القول بأن الرياضيات حدودًا ومآخذ؟
1) على الرغم من أنها صناعة مجردة ، هل الرياضيات في أصلها ،صادرة عن العقل بالضرورة ؟ أليس للتجربة تأثير في وجودها؟
أولا:أصلها عقلي:
يرى العقليون أو المثاليون أمثال "أفلاطون" و"كانط"و "ديكارت" أنه يمكن للإنسان الوصول إلى تحقيق معرفة جوهرية عما يحيط به من الأشياء ، إلا بواسطة الإستدلال العقلي الخالص وبغير اللجوء إلى مقدمات تجريبية بحيث أن المبادئ العقلية مبادئ فطرية سابقة لكل تجربة ، تتصف بمميزات كالمطلقية والضرورة والكلية وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية ، يتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة كما،أنه لا يمكن أن تكون التجربة بديلة للعقل في مجال الرياضيات، ومن ثم فإن الرياضية مفاهيم مجردة نابعة من العقل موجودة فيه قبلاً ، مستقلة عن التجربة المتغيرة وعن الإدراك الحسي ، فلقد أعطى "أفلاطون" الأسبقية للعقل الذي يستمد أحكامه من عالم "المثل" بحيث كان على علم بسائر المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة ،وعلى الذهن إلا تذكرها.
أما "ديكارت" فيرى أن المعاني الرياضية من أعداد وأشكال هي أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية مثل فكرة( الله ) وتمتاز هذه الأفكار بالبساطة والبداهة و اليقين وأن الناس جميعا يشتركون فيها، ويقيمون عليها إستنتاجاتهم،أما "كانط" ،فاعتبر أن المكان والزمان مفهومان مجردان ،كما أنهما شرط في كل علاقة تتجلي بين المحسوسات ، وطبيعتهما أولية تجعلهما يتصفان بالضرورة ،وهي أيضا صفة لا نجدها إلا في القضايا الرياضية القائمة على هذين المفهومين الزمان والمكان، إذن ليست المفاهيم الرياضية مستخلصة من التجربة الحسية إنما هي تجريدات منزهة عن ذلك مستقرة في الذهن قبل التجربة .
ثانيا: أصلها تجريبي :
أن المبادئ والمفاهيم الرياضية مثلها مثل جميع معارفنا كلها ترد إلى العالم الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقين المعرفة ،ومثل هذا الموقف "لوك"، "هيوم" ،"مل" كما اعتبروا أن المعرفة العقلية هي مجرد صدى للإدراكات الحسية لأن حسبهم الذهن صفحة بيضاء ،وفي هذا السياق يقولونلا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد قبل ،في التجربة ). كما يقولون أيضا أن القضايا الرياضية،التي هي أفكار مركبة ليست سوى مدركات بسيطة ، هي عبارة عن تعميمات ،مصدرها التجربة.) وحججهم في ذلك هو أن الطفل في مقتبل عمره يدرك العدد كصفة للأشياء ،و أن الرجل البدائي لا يفصل العدد عن المعدود ، إذ يستعمل لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، كما أن المفاهيم الرياضية بالنسبة إلى الأطفال والبدائيين لا تفارق مجال الإدراك الحسي لديهم ، وكأنها صفة ملابسة للشيء المدرك .
كما أن تاريخ العلوم يبين أن الرياضيات قبل أن تصبح علم عقليًا ، قطعت مرحلة تجريبية ودليل ذلك هو أن العلوم المادية تطورت قبل غيرها مثل الهندسة ، كما أن المفاهيم الرياضية الأكثر تجريدا أخذت نشأتها بمناسبة مشاكل محسوسة مثل حساب مكعب البرميل ،وكذلك ألعاب الصدفة التي أدت إلى ظهور الإحتمالات
ثالثا : الإغراق في التجريد من طبيعة الرياضيات:
إنه لا يمكن تصور عالم مثالي للمعاني الرياضية في غياب العالم الخارجي ، كما انه لا وجود للأشياء المحسوسة في غياب الوعي الإنساني وبمغزل عن الملكة العقلية فهذا هو واقع المعاني الرياضية أي أنها تنشأ دفعة واحدة وأن فعل التجريد أوجدته عوامل موضوعية حسية ، كما أعتبر "فيرناردغونزبث" أن في كل بناء تجريدي ،يوجد راسب حدسي يستحيل محوه وإزالته ، وليس هناك معرفة تجريدية خالصة ولا معرفة عقلية خالصة بل كل ما هناك أن أحد الجانبين عقلي والأخر تجريبي قد يطغي أحدهما على الآخر،دون أن يلغيه تماما ، وهذا ما دفع ب "جان بيار بياجي" لأن يعتبر أن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، وأن التجربة ضرورية لعملية التشكل والتجريد.
2) على الرغم من مكانتها السامية بالنظر إلى مناهجها ونتائجها وهل يمكن وصفها بالصناعة الصحيحة في كل الأحوال في منطقاتها و إستنتاجاتها ؟
أولا : من حيث المنهج والمنطلقات :
1)- منطلقات المنهج:
إن هذه المنهجية تقوم على الإستدلال و الإستنتاج و الإستدلال يعتمد على منطلقات أولية من أجل البرهنة على صدق أو كذب قضية مطروحة للحل و هاته المنطلقات هي :
أ) -البديهيات: وهي قضايا غاية في الوضوح لا تحتاج إلى البرهان ،قضايا تفرض نفسها وهي قضايا بديهية تستند إلى مبادئ تماسك العقل مع ذاته مثل الكل أكبر من الجزء)،و (الشيئين المساويين لثالث متساويين).
ب)- المسلمات المصادرات) وهي قضايا غير بينة في ذاتها ،يضعها العقل كمطلب ويسلم بصدقها قصد بناء برهان نمثل مصادرات "إقليدس"القائلة بأن"من نقطة خارج مستقيم،لا يمكن رسم إلا موازي واحد"
ج) -التعريفات:جمع تعريف وهي القول الشارح لمفهوم الشيء أو مجموع الصفات التي تكون هذا المفهوم وتميزه عما عداه بحيث يساوى التعريف معرفه ،من أمثلتها :
المثلث :هو شكل هندسي يتألف من ثلاثة أضلاع وثلاث زوايا.
2)- أساليب البرهنة: هناك طريقتان
أ)- الطريقة المباشرة:
*طريقة التحليل المباشر:
وتقوم على إرجاع القضية المراد إثباتها إلى قضايا أخرى أبسط منها معروفة لدى الرياضي وسبق له إثباتها، وهي طريقة الصعود من النتائج إلى المبادئ حيث يقوم بحركة تراجعية . مثل إيجاد قيمة المجهول في المعادلة: س +6 =12.ففي هذه الحالة يقتضي الأمر تطبيق بديهية قائلة.بطرح نفس الكمية من طرفي المساواة لا يغير في المساواة بحيث نجد الحل هو (س= 6)
* طريقة التحليل غير المباشر :يلجأ إليها الرياضي في حالة يكون التحليل المباشر غير مجدي بحيث يسلك الرياضي طريقا أخرًا ، فيلتزم بالتسليم بالنتائج بدون ردها إلى أي مبادئ أولية ،وينطلق في محاولة أثبات النقيض ومن كذبها يستنتج صدق القضية المراد إثباتها مثال: إذا كان (أ)يوازي(ب) ،و(ب)يوازي(ج)،المطلوب إثبات هل (أ) يوازي (ج) بحيث نفترض أن (أ) لا يوازي (ج) حتى نثبت العكس.
ب)- الطريقة التركيبية:
وفي هذه الطريقة ينزل الرياضي من المبادئ إلى النتائج بحيث تتجلى قدرة الذهن على الإنشاء والخلق وإيجاد العلاقات المتنوعة و الجديدة ، بحيث ننتقل من البسيط إلى المركب مثل :المطلوب التركيب بين المعادلتين الآتيتين: س-2= 0 ،و س-3=0 وبعد عملية الضرب نحصل على معادلة من الدرجة الثانية س² -5س +6 =0.
ثانيا: من حيث النتائج:
إذا كان هدف باقي العلوم ما عدا الرياضيات الوقوف على نتائج متصفة بالدقة و اليقين فإن الرياضيات تشفي الغليل في هذا الجانب ، أي أن نتائجها واضحة ودقيقة وتفرض وضوحها على العقل وهذا نابع من طبيعتها المجردة التي تختلف عن باقي العلوم ذات الطابع التجريبي .
ثالثا:وهل يمكن وصفها بالصناعة الصحيحة في كل الأحوال ، في منطلقاتها و إستنتاجاتها؟
نكتفي تحت هذا السؤال ، بالقول بأن الرياضيات صناعة صحيحة بالنظر إلى العلاقة المنطقية التي تربط المقدمات بنتائجها ، مادام الفكر الرياضي يبقي وفيًا من خلال إستدلالاته الإستنتاجية ، بمبدأ عدم تنازع العقل مع نفسه . أما المنطلقات التي يبدأ منها الفكر في برهنته ، فقيمتها تابعة لتقدير واضعيها و إختيارهم لها.
3) - إلى حد يمكن القول بأن للرياضيات حدود ومآخذ ؟
أولا :حدودها ومآخذها بالنظر إلى المجال الحسي :
أن الحقائق الرياضية التي توصف باليقين ،عندما تنزل إلى مجال التطبيقات التجريبية تفقد دقتها وتقع في التقريبات،فمثلا عندما نقدر العدد( )تقديرا عدديا وعمليا ،من أجل حساب مساحة الدائرة بهذه القيمة العددية علما أن قيمتها(3.14 ) فهي قيمة تقريبية أصلها 22/7 فالنتائج المتحصل عليها تكون تقريبية .أما في مجال الهندسة فتغير المبادئ الثابتة في مجال الهندسة من الإقليدية إلي اللاإقليدية من مفاهيم ثابتة إلي معايير متغيرة خاصة مع"ريمان"و "ليوباتشوفسكي" وهذا ما جعل الرياضيين و المناطقة المحدثين ،يعتبرون النسق الرياضي مجرد نسق "فرضي إستنباطي "أي يقوم علي أسس إفتراضية ،لم يقدم البرهان أي شيء عن صحتها .
وما يترتب عن حركة تطور العلاقات الداخلية للرياضيات ،ظهور منهج الأكسيوماتيكي القائم على الافتراض والاستنتاج ،التأكيد على عدم تناقض النتائج مع المقدمات المفترضة ، فالرياضيون أنفسهم ،لم تعد تهمهم فكرة الملاءمة أو بساطة ووضوح البادئ والأوليات التي إعتبرت مجرد موضعات أو تعاريف مقنعة ،بل حصروا إهتمامهم في رفع كل تناقض قد يطرأ بين المنطلقات الافتراضية والنتائج المترتبة عنها .ثانيا:مزاياها بالنظر إلى سياقها ونسقها :
رغم تعدد الأنساق الرياضية إلا أن النسق الإستنباطي يبقي قائما ولا يسقط كما أن المعرفة الرياضية بصورة خاصة ،لا تكتسي صبغة يقينية مطلقة إلا في سياقها و منطلقاتها ومبادئها وانسجامها معها على صورة نسق منطقي ،وهذا يجعل من حقائقها حقائق نسقية ،ومن يقينها يقينا تابعا لعقلانية المقدمات ونتائجها الضرورية و المقصود بالعقلانية هنا ،انسجام الفكر مع نفسه.
ثالثا: الحكمة الفلسفية من هذا الطرح:
أن الغرض الذي تسعي إليه الفلسفة في مثل هذا المجال الوقوف ،الحقيقة على أبعادها المطلقة التي لا يشوبها تغير ولا غموض ولا اضطراب ، خاصة نتائج الرياضيات التي توصف بالدقة رغم تنوعها واختلافها ،وأن السر الذي كسفت عنه فلسفة الرياضيات ،هو استقرار الخيط الذي يصل المنطلقات بالمنتهيات ،وتقدمه من العلوم نحو المجهول على أساس مبدأ الهوية أو مبدأ عدم التناقض.
خاتمة: حل المشكلة
أن أهم ميزة جعلت النسق الرياضي أمن من التغير والنسبية هو طابع التجريد الذي ينفرد الفكر الرياضي عن باقي العلوم الأخرى وكذلك حرصه على الانسجام في انتقاله من مرحلة إلى أخرى ومن المقدمات إلى النتائج ،أقام حصنا حصينا ضد النتاقض والاضطراب .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مادة, مذكرات, مجانا, الفلسفة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc