قال ابن قدامة رحمه الله :
" ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيراً كان الولد أو كبيراً
بشرطين :
أحدهما :
أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني :
أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر . نص عليه أحمد ؛ وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه , فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى ...
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي :
ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه ) رواه الدارقطني ؛ ولأن ملك الابن تام على مال نفسه , فلم يجز انتزاعه منه , كالذي تعلقت به حاجته "
انتهى من "المغني" (5/395) .
وعلى هذا ؛ فليس لوالدك أن يعطي شيئا من نصيب أخيك الأكبر لأخيك الأصغر ، ولا أن يسكنه في البيت إلا بإذنه ، وينبغي لأخيك أن يأذن بذلك ويرضى ، لما في ذلك من مصلحة الوالدين ، وصلة رحم أخيه وإحسانه إليه ، والإذن بالسكنى ليس تمليكاً ، بل هو إباحة للانتفاع ، ويبقى ملك البيت مشتركاً بين الوالد والأخ الأكبر بقدر ما دفعا فيه من مال .
ثالثاً :
لا يجوز للأب أن يفاضل بين أبنائه في العطية ، إلا بإذنهم ، لكن إن كان أحدهم محتاجاً ، جاز له أن يعطيه من باب النفقة لا العطية ، كما لو احتاج أحدهم للسكن ، فله أن يسكنه معه ، أو يدفع له أجرة السكن .
قال ابن قدامة في "المغني" (5/388) :
" فإن خصّ بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه , مثل اختصاصه بحاجة , أو زمانة , أو عمى , أو كثرة عائلة , أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل , أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه , أو بدعته , أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله , أو ينفقه فيها , فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك " انتهى .
وعليه ؛ فلا حرج على والدك أن يخص أخاك الأصغر بأجرة السكن ، أو بإسكانه معه في ملكه الخاص ، ما دام لا يستطيع توفير السكن المناسب له ، أو في ملكه المشترك بإذن أخيه الأكبر .
وينبغي أن تسعوا للتوفيق بين الوالد وأخيكم ، ودعوتهما لما فيه الإحسان والبر والصلة .
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .