من عجائب الدعاء - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

من عجائب الدعاء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-12-04, 21:56   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
abedalkader
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية abedalkader
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله
على كل نعمة انعم بها علينا









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-12-07, 20:01   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

رد الله تعالى ابنه وإبله

عن عبد الله – رضي الله عنه - ([1]) قال: أتى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراه عوف بن مالك ([2]) فقال: يا رسول الله إن بني فلان أغاروا علي فذهبوا بابني وإبلي فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن آل محمد كذا وكذا أهل بيت» وأظنه قال: «تسعة أبيات ما فيهم صاع ولا مد من طعام، فاسأل الله – عز وجل -» قال: فرجع إلى امرأته قالت: ما رد عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخبرها: قال: فلم يلبث الرجل أن رد عليه إبله وابنه أوفر ما كانوا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقام على المنبر فحمد الله وأمرهم بمسألة الله – عز وجل – والرغبة إليه وقرأ عليهم }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{([3]) [الطلاق: 1-2].



* * *

لا يفضض الله فاك

عن الحسن بن عبيد الله قال: حدثني من سمع النابغة الجعدي ([4]) يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته قولي:



وإنا لقوم ما نعود خيلنا




إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا


وننكر يوم الروع ألوان خيلنا




من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا


وليس بمعروف لدينا أن نردها




صحاحًا ولا مستنكرًا أن تُعقرا


بلغنا السماء مجدًا وسؤددًا




وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا





فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إلى أين»؟ قلت: إلى الجنة قال: «نعم، إن شاء الله» قال: فلما أنشدته


ولا خير في حلم إذا لم يكن له




بوادر تحمي صفوه أن يكدرا


ولا خير في جهل إذا لم يكن له




أريب إذا ما أورد الماء أصدرا





فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفضض الله فاك» قال: وكان من أحسن الناس ثغرًا، وكان إذا سقطت له سنٌّ نبتت ([5]).



وذكرها الذهبي أيضًا في تاريخ الإسلام فقال: وقال يعلى بن الأشدق وليس بثقة سمعت النابغة يقول: أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم:



بلغنا السماء مجدًا وجدودنا




وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا





فقال: «إلى أين يا أبا ليلى؟ » قلت: الجنة. قال: «أجل إنشاء الله» ثم قلت:



ولا خير في حلم إذا لم يكن له




بوادر تحمي صفوه أن يكدرا


ولا خير في جهل إذا لم يكن له




أريب إذا ما أورد الماء أصدرا





فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يفضض الله فاك» مرتين ([6]).



* * *

ليس في شعره شيب

عن يوسف بن سليمان عن جده عن عمرو بن الحمق ([7]) أنه سقى النبي صلى الله عليه وسلم لبنًا فقال: «اللهم أمتعه بشبابه» فلقد أتت عليه ثمانون سنة لا يرى عليه شعرة بيضاء ([8]).



* * *


دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المتكبر



عن سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه ([9]) أن رجلاً أكل عند النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع قال: «لا استطعت» ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه ([10]).



* * *


النبي صلى الله عليه وسلم يستغيث

عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ([11])، أنه سمع أنس بن مالك([12]) يذكر أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وِجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: «اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا» قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَةً ولا شيئًا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال: والله ما رأينا الشمس سبتًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائمًا فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يمسكها قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظِّراب والأودية ومنابت الشجر» قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنسًا أهو الرجل الأول قال: لا أدري ([13]).



* * *

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن أخطب ([14])

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وقال: «اللهم جمله» فبلغ مائة سنة وما ابيض من شعره إلا اليسير ([15]).



* * *


([1]) عبد الله بن عمر بن الخطاب: الإمام شيخ الإسلام، قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر، قال نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء» فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. قال ابن المنكدر: بويع يزيد فقال ابن عمر: إن كان خيرًا رضينا وإن كان بلاء صبرنا. وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: }أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ{ [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. وعن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد إسنادها صحيح. مات سنة أربع وسبعين [السير للذهبي (3/203-239)].

([2]) عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني: ممن شهد فتح مكة، كان من نبلاء الصحابة، شهد غزوة مؤتة. وقال: رافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه – الحديث بطوله – وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «هل أنتم تاركوا لي أمرائي» مات سنة ثلاث وسبعين. [السير للذهبي (2/487-490)].

([3]) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/727) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

([4]) النابغة الجعدي: أبو ليلى، شاعر زمانه، له صحبة، وهو من بني عامر بن صعصعة كان ينتقل في البلاد ويمتدح الأمراء، وامتد عمره وشعره سائر كثير [السير للذهبي (3/177-178)].

([5]) انظر: مسند الحارث (زوائد الهيثمي) (2/844).

([6]) تاريخ الإسلام، للذهبي: حوادث ووفيات من سنة 61هـ - 80هـ ص258-260.

([7]) عمرو بن الحمق الخزاعي: له صحبة ورواية، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وسمع منه، قال عمار الدهني: أول رأس نُقل رأس ابن الحمق وذلك لأنه لدغ فمات فخشيت الرسل أن تُتهم به فحزوا رأسه وحملوه، قُتل سنة خمسين [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات من سنة 41-60هـ ص87-89].

([8]) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/322).

([9]) سلمان بن عمرو بن الأكوع: واسم سنان الأسلمي قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وغزوت معه سبع غزوات، وعنه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا ومسح على وجهي مرارًا واستغفر لي مرارًا عدد ما في يدي من الأصابع، وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان – رضي الله عنه – خرج إلى الربذة وتزوج هناك امرأة فولدت له أولادًا، وقبل أن يموت بليال نزل إلى المدينة. توفي سنة أربع وسبعين. [السير للذهبي 3/326-331)].

([10]) رواه مسلم: رقم الحديث (5268) ص1039.

([11])شريك بن عبد الله بن أبي نمر: المدني المحدث حدث عن أنس – رضي الله عنه – وجماعة مات قبل الأربعين ومئة [السير للذهبي 6/159-160].

([12]) أنس بن مالك الأنصاري: خادم النبي صلى الله عليه وسلم، الإمام المقرئ المحدث، قال: جاءت بي أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أزرتني بنصف خمارها وردتني ببعضه، فقالت: يا رسول الله هذا هذا أُنيس ابني أتيتك به يخدمك فادع الله له فقال: «اللهم أكثر ماله وولده» فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي يتعادون على نحو من مائة اليوم. صحب النبي صلى الله عليه وسلم أتم الصحبة ولازمه أكمل الملازمة منذ أن هاجر وإلى أن مات، وغزا معه غير مرة وبايع تحت الشجرة. مات سنة ثلاث وتسعين فيكون عمره مائة وثلاث سنين. [السير للذهبي (3/395-406)].

([13]) رواه البخاري: رقم الحديث (1031) ص79.

([14]) عمرو بن أخطب أبو زيد: الأنصاري الخزرجي الأعرج – رضي الله عنه – من مشاهير الصحابة الذين نزلوا البصرة، وله بالبصرة مسجد يعرف به، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وغزا معه ثلاث عشرة غزوة، توفي في خلافة عبد الملك بن مروان. السير للذهبي (3/473-474).

([15]) سير أعلام النبلاء للذهبي (3/474).









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-11, 18:55   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم بارك في شعره


قال الواقدي: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أمه عن أبيه قال: قال أبو قتادة – رضي الله عنه -([1]): إني لأغسل رأسي قد غسلت أحد شقيه، إذ سمعت فرسي جروة تصهل وتحث بحافرها فقلت: هذه حرب قد حضرت، فقمت ولم أغسل شق رأسي الآخر فركبت وعلي بردة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح: «الفَزَعَ الفَزَعَ» قال: فأدرك المقداد ([2]) فسايرته ساعة ثم تقدمه فرسي وكان أجود من فرسه، وأخبرني المقدام بقتل مسعدة محرزًا – يعني ابن نضلة – فقلت للمقداد: إما أن أموت أو أقتل قاتل محرز. فضرب فرسه فلحقه أبو قتادة فوقف له مسعدة فنزل أبو قتادة فقتله وجنب فرسه معه قال: فلما مر الناس تلاحقوا ونظروا إلى بردي فعرفوها وقالوا: أبو قتادة قتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ولكنه قتيل أبي قتادة عليه برده، فخلوا بينه وبين سلبه وفرسه» قال: فلما أدركني قال: «اللهم بارك له في شعره وبشره، أفلح وجهك قتلت مسعدة؟ » قلت: نعم قال: «فما هذا الذي بوجهك؟ » قلت: سهم رميت به قال: «فادنُ مني فبصق عليه فما ضرب علي قط ولا قاح». فمات أبو قتادة وهو ابن سبعين سنة وكأنه ابن خمس عشرة سنة قال: وأعطاني فرس مسعدة وسلاحه ([3]).



* * *

اللهم بارك لهما

عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: كان ابن لأبي طلحة ([4]) يشتكي، فخرج أبو طلحة فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت: هو أسكن ما كان، فقربت إليه العشاء فتعشى ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وار الصبي، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أعرستم الليلة قال: نعم قال: «اللهم بارك لهما في ليلتهما» فولدت غلامًا، قال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أمعه شيءٌ» قالوا: نعم تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه به وسماه عبد الله ([5])، قال عباية: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن ([6]).



قال الذهبي «فنشأ عبد الله ([7]) وقرأ العلم وجاءه عشرة أولاد قرءوا القرآن وروى أكثرهم العلم»([8]).



وفي صحيح مسلم، عن أنس – رضي الله عنه – قوله: ... فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقًا، فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب إنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى قال: تقول أم سُليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق فانطلقنا قال: وضربها المخاض حين قدما فولدت غلامًا فقالت لي أمي: يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال: «لعل أم سليم ولدت» قلت: نعم قال: فوضع الميسم قال: وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في فيّ الصبي فجعل الصبي يتلمظها قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى حب الأنصار التمر» قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله ([9]).



* * *

اللهم أمتعنا به

عن أبي اليسر كعب بن عمرو ([10]) قال: والله إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر عشية، إذا أقبلت غنمُ لرجل من اليهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يطعمنا من هذه الغنم؟ » قلت: أنا يا رسول الله قال: «فافعل» قال: فخرجت أشتد مثل الظَّليم فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم موليًا قال: «اللهم أمتعنا به» قال: فأدركت الغنم وقد دخل أوائلها الحصن، فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدي ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معي شيء حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذبحوهما وأكلوهما، فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكًا، فكان إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال: أمتعوا بي لعمري كنت آخرهم ([11]).



* * *

اللهم بارك له في تجارته

عن عمرو بن حريث ([12]) قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن جعفر([13]) وهو يلعب بالتراب فقال: «اللهم بارك له في تجارته»([14]).



* * *

اللهم عافه

عن علي – رضي الله عنه – قال: كنت شاكيًا فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرًا فارفعني وإن كان بلاء فصبرني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف قلت؟ » قال: فأعاد عليه ما قال. قال: فضربه برجله وقال: «اللهم عافه أو اشفه – شعبة الشاك -» قال: فما اشتكيت وجعي بعد([15]).


* * *

البركـــة

عن زهرة بن معبد ([16]) عن جده عبد الله بن هشام، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله بايعه فقال: «هو صغير» فمسح رأسه ودعا له.



وعن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان له: أشركنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا لك بالبركة فيشركهم، وربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل ([17]).



* * *
دعا له فشفاه الله تعالى

عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل كنت تدعو بشيء، أو تسأله إياه؟ » قال: نعم كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! لا تطيقه – أو لا تستطيعه – أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» قال: فدعا الله له فشفاه ([18]).



* * *
المرأة التي تصرع

عن عطاء بن أبي رباح ([19]) قال: قال لي ابن عباس – رضي الله عنهما – ألا أريك امرأةً من أهل الجنة قلت بلى قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أُصرع وإني أتكشف فادع الله لي. قال: «إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك» فقالت: أصبر فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها. حدثنا محمد أخبرنا مخلد عن ابن جريج أخبرني عطاء: أنه رأى أم زفر تلك المرأة الطويلة السوداء على ستر الكعبة([20]).



* * *

([1]) أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري: فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير فرساننا أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع». وعن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره إذ تأخر عن الراحلة فدعمته بيدي حتى استيقظ فقال: «اللهم احفظ أبي قتادة كما حفظني منذ الليلة، ما أرانا إلا قد شققنا عليك» مات سنة سبع أربع وخمسين [السير للذهبي (2/449-456)].

([2]) المقداد بن عمرو الكندي: ويقال له المقداد بن الأسود لأنه رُبي في حجر الأسود بن عبد يغوث فتبناه. قال – رضي الله عنه -: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمل فلما رجعت قال: «كيف وجدت الإمارة؟» قلت: يا رسول الله ما ظننت إلا الناس كلهم خَوَلٌ لي والله لا ألي على عمل ما دمتُ حيًا، وعن كريمة بنت المقداد أن المقداد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفًا، ولأمهات المؤمنين لكل واحدة بسبعة آلاف درهم، مات في سنة ثلاث وثلاثين وقبره بالبقيع [السير للذهبي (1/385-389)].

([3]) سير أعلام النبلاء للذهبي (2/449-450).

([4]) زيد بن سهل الخزرجي هو أبو طلحة: قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم «صوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من فئة» قال لنا الحافظ أبو محمد: حلق النبي صلى الله عليه وسلم شق رأسه فوزعه على الناس، ثم حلق شقه الآخر فأعطاه أبا طلحة، وعن أنس – رضي الله عنه -: أنا أبا طلحة قرأ: }انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا{ [التوبة: 41] فقال: استنفرنا الله وأمرنا شيوخنا وشبابنا جهزوني فقال بنوه: يرحمك الله إنك قد غزوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ونحن نغزوا عنك الآن قال: فغزا البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير. مات سنة أربع وثلاثين [السير للذهبي (2/27-34)].

([5]) رواه البخاري: رقم (5470) ص471، واللفظ له ورواه مسلم. رقم (6322) ص1109.

([6]) انظر فتح الباري (3/170) وسير أعلام النبلاء للذهبي (2/311).

([7]) عبد الله بن أبي طلحة مات قبل أنس بمدة ليست بالكثيرة [السير للذهبي (3/482-484)].

([8]) سير أعلام النبلاء للذهبي (3/483).

([9]) رواه مسلم: رقم (6322) ص1109.

([10]) كعب بن عمرو الأنصاري: البدري العقبي أبو اليسر الذي أسر العباس – رضي الله عنه – يوم بدر، شهد العقبة وله عشرون سنة، له أحاديث قليلة، وقد شهد صفين مع علي – رضي الله عنه -، وكان من بقايا البدريين، مات بالمدينة في سنة خمس وخمسين. [السير، الذهبي (2/537-538)].

([11]) أخرجه أحمد في المسند (5/686-287).

([12]) عمرو بن حريث المخزومي: أخو سعيد بن حريث، كان عمرو من بقايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين نزلوا الكوفة. مولده قبيل الهجرة، له صحبة ورواية، توفي سنة خمس وثمانين [السير للذهبي (3/459-462)].

([13])عبد الله بن جعفر – رضي الله عنهما – ابن أبي طالب: السيدُ العالم، استشهد أبوه يوم مؤتة فكفله النبي صلى الله عليه وسلم ونشأ في حجره، وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من بني هاشم، وكان كبير الشأن كريمًا جوادًا عنه – رضي الله عنه – قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثًا لا أحدث به أحدًا، فدخل حائطًا فإذا جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، ولعبد الله بن جعفر أخبار في الجود والبذل، وكان وافر الحشمة كثير التنعم، مات – رضي الله عنه – سنة أربع وثمانين. [السير للذهبي (3/456-462)].

([14]) سير أعلام النبي للذهبي (3/458).

([15]) رواه الترمذي باب في دعاء المريض رقم 3546 ص2018، وقال حديث حسن صحيح.

([16]) زهرة بن معبد بن عبد الله القرشي المدني: نزيل الإسكندرية، الإمام أبو عقيل، وكان من عباد الله الصالحين، توفي في سنة خمس وثلاثين ومئة. وقد شاخ. [السير للذهبي (8/147-148)].

([17]) رواه البخاري: باب الشركة في الطعام وغيره رقم (197/2501-2502). وفي باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم رقم 1353 ص534.

([18]) رواه مسلم رقم (6835) ص1146 باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا.

([19]) عطاء بن أبي رباح القرشي: مولاهم، مفتي الحرم، ولد في خلافة عثمان – رضي الله عنه – ونشأ بمكة عنه – رحمه الله – قال: أدركت مئتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حازم الأعرج: فاق عطاءٌ أهل مكة في الفتوى. قال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة. مات سنة خمس عشرة ومئة. [السير للذهبي (5/78-79)].

([20]) رواه البخاري رقم 5652 ص484 واللفظ له ورواه غيره.









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-11, 19:04   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته



استقى النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء فأصاب المسلمين العطش، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم: وقال بعض المنافقين: لو كان نبيًا لاستقى لقومه كما استقى موسى لقومه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أو قد فعلوها؟ عسى ربكم أن يسقيكم» ثم بسط يديه ودعا، فما ردَّ يديه من دعائه حتى أظلهم السحاب وأمطروا، فعم السيل الوادي فشرب الناس وارتووا ([1]).



* * *

اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئًا

قال تعالى: }يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا{ [التوبة: 74] روي أن هذه الآية نزلت في الجلاس بن سويد بن صامت ووديعة بن ثابت، وقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: لئن كان محمد صادقًا على إخواننا الذين هم ساداتنا وخيارنا، لنحن شر من الحمير، فقال له عامر بن قيس: أجل والله إن محمدًا لصادق مصدق، وإنك لشر من حمار، وأخبر عامر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الجلاس فحلف بالله عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم إن عامرًا لكاذب، وحلف عامر لقد قال وقال: «اللهم أنزل على نبيك الصادق شيئًا»([2]).



* * *

قتلاً في سبيلك

عن عكرمة ([3]) في قوله تعالى: }وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ{ إلى قوله: }بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ{ [التوبة: 65-66] قال: فكان رجل ممن إن شاء الله تعالى عفا عنه يقول: «اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها تقشعر منها الجلود وتجل منها القلوب، اللهم فاجعل وفاتي قتلاً في سبيلك لا يقول أحد: أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت» قال: فأصيب يوم اليمامة فما من أحد من المسلمين إلا وجد غيره ([4]).



* * *

ضرب يوم اليمامة

قال الواقدي: هاجر عبد الله العامري ([5]) – رضي الله عنه – الهجرتين جميعًا ولم يذكره ابن إسحاق فيمن هاجر الهجرة الثانية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاثين سنة، واستشهد يوم اليمامة اثني عشرة وهو ابن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بن مساحيق([6]) بن عبد الله بن مخرمة، روى عنه أنه دعا الله – عز وجل – ألا يميته حتى يرى في كل مفصل منه حصول في سبيل الله – تعالى – فضُرب يوم اليمامة في مفاصله واستشهد وكان فاضلاً عابدًا ([7]).



* * *

عمر رضي الله عنه يستسقي

عن خوات بن جبير ([8]) قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد عمر، فخرج عمر بالناس فصلى بهم ركعتين وخالف بين طرفي ردائه فجعل اليمين على اليسار واليسار على اليمين فقال: «اللهم إنا نستغفرك ونستسقيك» فما برحوا حتى مطروا، فبينا هم كذلك إذا أعراب قدموا فأتوا عمر فقالوا: «يا أمير المؤمنين، بينما نحن في بوادينا يوم كذا في ساعة كذا، إذ أظلنا غمام فسمعنا منها صوتًا: (إياك الغوث أبا حفص، إياك الغوث أبا حفص)»([9]).



* * *

عمر والعباس – رضي الله عنهما -

عن أنس – رضي الله عنه – أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ([10]) فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فُيسقون ([11]).



* * *

اللهم فقهه في الدين

قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: كانت أم سلمة ([12]) تبعث أم الحسن ([13]) في الحاجة فيبكى وهو طفل، فتسكته أم سلمة بثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وكانت أمه منقطعة إليها، فكانوا يدعون له فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس قال الذهبي: إسنادها مرسل ([14]).



* * *

يدعو على سارق الإبل

عن الحسن بن الفضل بن حسن بن عمرو بن أمية الضمري، عن عمه أبي بكر بن أمية قال: كان لنا جار من جهينة في أول الإسلام ونحن على شركنا، وكان منا رجل محارب خبيث يقال له (ريشة) وكنا قد خلفنا لخبثه، فكان ولا يزال يعدو على جارنا ذلك الجهني فيصيب له البكرة والناب والشارف فيأتوننا فيشكونه إلينا فنقول له: والله ما نصنع به قد خلعناه فاقتله قتله الله، فوالله لا يتبعك من دمه شيء تكرهه أبدًا، حتى عدا مرة من ذلك فأخذ منه ناقة له خيارًا فأقبل بها إلى شعبة الوادي ثم نحرها وأخذ سنامها ومطايب لحمها ثم تركها، وأخذ الجهني في طلبها حين فقدها يلتمسها فاتبع أثرها حتى وجدها، فجاء إلى نادي بني ضمرة وهو آسف مصاب، وهو يقول:



أصادقٌ ريشةُ يا آل ضمرةَ




أن ليس لله عليه قدرة


ما إن يزال شارف وبكرة




يطعن منها في سواء الثغرة


بصارم ذي رونق أو شفرة




لا هم إن كان معدًا فجرة


فاجعل أمام العين منه جدرة




تأكله حتى توافي الجهرة





قال: فأخرج الله أمام عينيه في مآقيه حيث وصف بثرة مثل النبقة، وخرجنا إلى الموس حجاجًا فرجعنا من الحج وقد صارت أكلة أكلت رأسه أجمع فمات حين قدمنا ([15]).



* * *

نبع لهم الماء

كان أبو هريرة – رضي الله عنه – يقول: رأيت من العلاء ([16]) ثلاثة أشياء لا أزال أحبه أبدًا: قطع البحر على فرسه يوم دارين، وقدم يريد البحرين فدعا الله بالدهناء فنبع لهم ماء فارتووا، ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد فلقيه ولم يجد الماء، ومات ونحن على غير ماء فأبدى الله لنا سحابة فمطرنا فغسلناه وحفرنا له بسيوفينا ودفناه ولم نلحد له ([17]).



* * *

الجليس الصالح

روى إبراهيم عن علقمة ([18]) أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فقال: اللهم ارزقني جليسًا صالحًا! فجاء فجلس إلى أبي الدرداء ([19]) فقال له: ممن أنت؟ قال: من الكوفة قال: كيف سمعت ابن أم عبد ([20]) يقرأ }وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى{ [الليل: 1] الحديث ([21]).



* * *

اللهم قني الفتنة

عن جعفر بن عون، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ([22]) قال: لما طعنوا عثمان صلى أبي ([23]) في الليل ودعا فقال: اللهم قني من الفتنة بما وقيت به الصالحين من عبادك، فما أخرج ولا أصبح إلا بجنازته ([24]).



* * *

فاستعن بمولاي

عن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – قال: لما وقف الزبير ([25]) يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همِّي لدَيْني، أفترى يُبقي دينُنا من مالنا شيئًا؟ فقال: يا بني، بع ما لنا فاقض ديني وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه – يعني عبد الله بن الزبير – يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير – خبيب وعباد – وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت مَنْ مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه. فيقضيه.



فقتل الزبير – رضي الله عنه – ولم يدَعْ دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالمدينة ودارين بالبصرة ودارًا بالكوفة ودارًا بمصر. قال: وإنما كان دينُه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم.



قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام ([26]) عبد الله بن الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمته فقال: مائة ألف. فقال حكيم: ما أرى أموالكم تَسَع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.



قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان على الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر – وكان له على الزبير أربعمائة ألف – فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية – رضي الله عنه – وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قوَّمت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.



فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دينٌ فليأته فلنقضه. قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم، قال: وكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف ([27]).



* * *

([1]) انظر: زاد المعاد لابن القيم (1/441).

([2]) الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) (8/188).

([3])عكرمة: العلامة الحافظ المفسر القرشي مولاهم المدني البربري الأصل، قيل: كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس – رضي الله عنهما – قال رحمه الله: طلبت العلم أربعين سنة وكنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار، قال مصعب بن عبد الله: تزوج عكرمة أم سعيد بن جبير فلما قتل سعيد قال إبراهيم: ما خلف بعده مثله. توفي سنة خمس ومئة. [السير للذهبي (5/12-36].

([4]) جامع البيان عن تفسير آي القرآن (تفسير الطبري)، للإمام حمد بن جرير الطبري (6/172).

([5])عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى العامري: من المهاجرين الأولين، شهد بدرًا والمشاهد، كنيته أبو محمد وعاش إحدى وأربعين سنة. ومن ذريته نوفل بن مساحيق بن عبد الله بن مخرمة. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات من 11-40هـ: ص64].

([6]) نوفل بن مساحيق بن عبد الله القرشي العامري: أحد الفقهاء، كان على صدقات المدينة ولي القضاء سنة ست وثمانين، وتوفي بعد ذلك وله بدمشق دار. وكان أحد الأشراف الأجواد. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات من 81 – 100هـ: ص 211 – 212].

([7]) انظر الاستيعاب (3/98).

([8]) خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري: أخو عبد الله بن جبير الذي كان أمير الرماة يوم أحد – رضي الله عنهما – ويكنى خوات أبا صالح، قال ابن سعد: قالوا: وكان خوات بن جبير صاحب النحيين في الجاهلية ثم حسن إسلامه. مات بالمدينة سنة أربعين [السير للذهبي (2/329-330)].

([9]) انظر: كتاب مجابي الدعوة، لابن أبي الدنيا، ص41-42.

([10]) العباس بن عبد المطلب: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل أصحاب الفيل بثلاث سنين، قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفتح وأسلم، وكان شريفًا مهيبًا عاقلاً جميلاً من أطول الرجال وأجهرهم صوتًا مع الحلم الوافر والسؤدد، وثبت أن العباس كان يوم حنين وقت الهزيمة آخذًا بلجام بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وثبت معه حتى نزل النصر، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهتف يوم حنين: يا أصحاب الشجرة، وكان جهوري الصوت جدًا، ومات سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع. [السير للذهبي (2/78-103)].

([11]) رواه البخاري: رقم 3710 ص303.

([12]) أم المؤمنين السيدة هند بنت أبي أمية: بنت عم خالد بن الوليد – رضي الله عنه – وبنت عم أبي جهل. من المهاجرات الأوّل وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة. قال مصعب الزبيري: هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة. دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة أربع من الهجرة. وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فرجمت لذلك وغُشي عليها وحزنت عليه كثيرًا لم تلبث بعده إلا يسيرًا وانتقلت إلى الله، عاشت نحوًا من تسعين سنة – رضي الله عنها – توفيت سنة إحدى وستين [السير الذهبي (1/201-210)].

([13])الحسين بن أبي الحسن يسار: مولى زيد بن ثابت. عن غاضرة قال: كانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين. ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر – رضي الله عنه – وأمه خيرة، وكان سيد أهل زمانه علمًا وعملاً قال محمد بن سعد: كان جامعًا عالمًا رفيعًا فقهيًا ثقة حجة مأمونًا ناسكًا كثير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا. ومن كلامه: ابن آدم إنما أنت أيام، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك. قال أيوب: ما وجدت ريح مرقة طُبخت أطيب من ريح قدر الحسن. مات سنة عشر ومئة [السير للذهبي (4/563-588)].

([14]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/564-465).

([15]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا ص26-27.

([16]) العلاء بن الحضرمي اسمه العلاء بن عبد الله: كان من حلفاء بني أمية وأخوه ميمون هو المنسوب إليه بئر ميمون التي بأعلى مكة احتفرها قبل المبعث، وأخواهما عمرو وعامر، ولاّه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين ثم وليها لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهم – عن الشعبي أن عمر كتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن: سر إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله، ظننت أنك أغنى منه فاعرف له حقه، فخرج العلاء في رهط منهم أبو هريرة وأبو بكرة: فلما كانوا بنياس مات العلاء. [السير للذهبي (1/262-266)].

([17]) سير أعلام النبلاء للذهبي (1/265-266).

([18]) فقيه الكوفة وعالمها ومقرئها علقمة بن قيس النخعي: عم الأسود بن يزيد وأخيه عبد الرحمن وخال فقيه العراق إبراهيم النخعي، لازم ابن مسعود – رضي الله عنه – حتى رأس في العلم والعمل عن علقمة قال: أتى عبد الله بشراب فقال: أعط علقمة أعط مسروقًا فكلهم قال: إني صائم فقال: }يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ{ [النور: 37] وقال ما حفظت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس مات سنة اثنتين وستين [السير للذهبي (4/53-61)].

([19]) عويمر بن زيد الأنصاري – رضي الله عنه: – قاضي دمشق، وهو معدود فيمن تلا على النبي صلى الله عليه وسلم، وممن جمع القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، تصدر للإقراء بدمشق قال ابن إسحاق: كان الصحابة يقولون: أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء. عن راشد بن سعد قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: أوصني قال: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء، وإذا ذكر الموتى فاجعل نفسك كأحدهم، وإذا أشرفت نفسك على شيء من الدنيا فانظر إلى ما يصير، مات سنة اثنتين وثلاثين [السير للذهبي (2/335-354)].

([20]) عبد الله بن مسعود الهذلي – رضي الله عنه -: من السابقين الأولين وكان معدودًا في أذكياء العلماء. عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينًا وما نحسب ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة دخولهم وخروجهم عليه. وعن أم موسى: سمعت عليًا – رضي الله عنه – يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد شجرة يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى عبد الله فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد» قدم من الكوفة على عثمان وشهد في طريقة بالربذة أبا ذر – رضي الله عنهم – وصلى عليه. مات سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع [السير للذهبي (1/461-500)].

([21]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/56).

([22])عبد الله بن عامر بن ربيعة: أبو محمد العنزي بالسكون وعنز أخو بكر بن وائل، استشهد أخوه سمية عبد الله في حصار الطائف. مولده عام الحديبية توفي سنة خمس وثمانين. [السير للذهبي (3/521)].

([23]) عامر بن ربيعة بن كعب العنزي: من حلفاء عمر بن الخطاب العدوي، من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل عمر وهاجر الهجرتين، قال ابن إسحاق: أول من قدم مهاجرًا أبو سلمة بن عبد الأسد وبعده عامر بن ربيعة وكان معه لواء عمر – رضي الله عنهما – لما قدم الجابية. توفي سنة خمس وثلاثين. [السير للذهبي (2/333-335)].

([24]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (2/334-335).

([25]) الزبير بن العوام بن خويلد، ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم صفية وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله؛ عن جابر – رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: «من يأتينا بخبر بني قريظة؟» فقال الزبير: أنا. فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية فقال الزبير: أنا. فذهب، ثم الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي حواري وحواريَّ الزبير». عن هشام بن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقه؛ إن كنت لأدخل أصابعي فيها؛ ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك. قتله ابن جرموز سنة ست وثلاثين [السير للذهبي (1/ 41-67) ].

([26]) حكيم بن حزام بن خويلد: أسلم يوم الفتح، قال ابن منده: وُلد حكيم في جوف الكعبة، وعاش مائة وعشرين سنة. قال البخاري في تاريخه: عاش ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام. قلت - والكلام للذهبي : لم يعش في الإسلام إلا بضعًا وأربعين سنة. عن مصعب بن ثابت يقول: بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة ومعه مائة رقبة ومئة بدنة ومئة بقرة ومئة شاة فقال: الكل لله. قال – رضي الله عنه: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها، مات سنة أربع وخمسين. [السير للذهبي (3/ 44-51) ].

([27]) رواه البخاري، رقم 3129، كتاب فرض الخمس، باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر، ص252.









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-12, 18:57   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

سمعه يدعو

قال سعيد بن عبد العزيز: سمع الحسن بن علي ([1]) – رضي الله عنهما – رجلاً إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف فبعث بها إليه ([2]).



* * *

اللهم إن كان لي عندك خير

لما بلغ الربيع بن الحارث بن كعب - وكان فاضلاً جليلاً وكان عاملاً لمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهم - على خراسان - فلما بلغه قتل حجر بن عدي – رضي الله عنه - ([3]) دعا الله – عز وجل – فقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجِّل. فلم يبرح من مجلسه حتى مات ([4]).



* * *

سبب وفاته

قال الحاكم: ولي الحَكَم ([5]) على خراسان، فكان سبب وفاته أنه دعا على نفسه وهو بمرو في كتاب قرئ عليه من زياد، فاستجيبت دعوته ومات بمرو، وكان مات قبله بريدة الأسلمي ([6]) فدُفنا جميعًا ([7]).



* * *

هل تفقدون من متاعكم شيئًا

ذهب أبو مسلم الخولاني ([8]) ومن معه من العسكر على دجلة وهي ترمى بالخشب من مداها، ثم التفت إلى أصحابه وقال: هل تفقدون من متاعكم شيئًا حتى أدعو الله – عز وجل – فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة. فقال: اتبعني. فاتَّبعه فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها ([9]).



* * *

دعاء ابن عمر على زياد

قال ابن شوذب: بلغ ابن عمر أن زيادًا ([10]) كتب إلى معاوية([11]): إني قد ضبطت العراق بيميني، وشمالي فارغة. وسأله أن يولِّيه الحجاز فقال ابن عمر: اللهم إنك إن تجعل في القتل كفارة فموتًا لابن سمية لا قتلًا. فخرج في إصبعه طاعون فمات ([12]). وقال الحسن البصري: بلغ الحسن بن علي – رضي الله عنهما – أن زيادًا يتتبع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم فدعا عليه ([13]).



* * *

أنجاه الله – تعالى – من القتل

عن عامر الشعبي ([14]) قال: كنت جالسًا مع زياد بن أبي سفيان، فأتي برجل يُحمَل لا نَشُكُّ في قتله، قال: فرأيتُه حرَّك شفته بشيء لا أدري ما هو. قال: فخلى سبيله، فقال بعض القوم: لقد جيء بك وما نشكُّ في قتلك، فرأيناك حركت شفتيك بشيء، وما ندري ما هو فخلَّى سبيلك! قال: قلت: «اللهم ربَّ إبراهيم ورب إسحاق ويعقوب ورب جبريل وإسرافيل ومنزِّل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم ادرأ عني شر زياد». قال: فخلى عنه ([15]).



* * *

اللهم لا تدركني سنة ستين

قال عمير بن هانئ: قال أبو هريرة – رضي الله عنه([16]): اللهم لا تدركني سنة ستين. فتوفي فيها أو قبلها بسنة ([17])، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين؛ فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته قُطع هذا البلعوم ([18]).



(وقد حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به؛ خوفًا على نفسه منهم؛ كقولهم: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان. يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية ([19]) لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة)([20]).



* * *

ثارت سحابة كالترس

روى صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر قال: خرج معاوية رضي الله عنه يستسقي، فلما قعد على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود([21])؟ فناداه الناس فأقبل يتخطاهم، فأمره معاوية فصعد المنبر، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يديك إلى الله. فرفع يديه ورفع الناس، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالترس وهبَّت الريح، فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم. سمعها أبو اليمان من صفوان([22]).


* * *


عقبة بن نافع ([23]) يدعو

قال الواقدي: جهَّزه معاوية – رضي الله عنه – على عشرة آلاف فافتتح إفريقية واختطَّ قيروانها، وكان الموضع غيضةً لا يرام من السِّباع والأفاعي، فدعا عليها، فلم يبق فيها شيء وهربوا؛ حتى إن الوحوش لتحمل أولادها، فحدثني موسى بن علي عن أبيه قال: نادى: إنا نازلون. فأظعنوا فخرجن من جحرتهن هوارب.



وروى نحوه محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: لما افتتح عقبة إفريقية قال: يا أهل الوادي، إنا حالون إن شاء الله، فأظعنوا. ثلاث مرات، فما رأينا حجرًا ولا شجرًا إلا يخرج من تحته دابة حتى هبطن بطن الوادي، ثم قال للناس: انزلوا باسم الله ([24]).



* * *

أعمى يدعو الله – تعالى - فيبصر

حكي عن الليث بن سعد ([25]) أنه قال: رأيت عقبة بن نافع ضريرًا ثم رأيته بصيرًا فقلت له: بم رد الله عليك بصرك؟ فقال: أتيت في المنام فقيل لي: قل يا قريب يا مجيب، يا سميع الدعاء يا لطيف لما يشاء، ردَّ عليَّ بصري. فقلتها فردَّ الله عليَّ بصري ([26]).



* * *

سقوا سريعًا

قال سعيد بن عبد العزيز وغيره: استسقى الضحاك بن قيس([27]) بيزيد بن الأسود فما برحوا حتى سقوا ([28]).



* * *


اللهم لا تمتني حتى أوتى به

عن أيوب عن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء ([29]) بعدما أصيب ابن الزبير ([30]) فقالت: بلغني أن هذا صلب عبد الله، اللهم لا تُمتني حتى أوتى به فأحنِّطه وأكفِّنه. فأتيت به بعد فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعدما ذهب بصرها.



ومن وجه آخر عن أبي مليكة: وصلَّت عليه وما أتت عليها جمعة إلا ماتت ([31]).



* * *

([1]) الحسن بن علي – رضي الله عنهما: الشهيد، ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وسبطه وسيد شباب أهل الجنة، كان يشْبه جدَّه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو جحيفة: مولده سنة ثلاث من الهجرة، قال أسامة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذني والحسن ويقول: «اللهم أحبهما فإني أحبهما». عن معاوية – رضي الله عنه – قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو شفته - يعني الحسن - وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. عاش سبعًا وأربعين سنة، مات سنة خمسين. [السير للذهبي (3/ 245-279) ].

([2]) حُجْر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث، وأبوه عدي الأدبر، وكان قد طُعن مولِّيًا فسُمي الأدبر، الكوفي أبو عبد الرحمن الشهيد، له صحبة ووفادة، قتل سنة إحدى وخمسين. [ السِّير للذهبي: (3/462- 467)].

([3]) انظر الاستيعاب (1/332).

([4]) الحكم بن عمرو الغفاري – رضي الله عنه: أخو رافع، وهما من بني ثعلبة أخو غفار، له فضل وصلاح ورأي وإقدام، عن الحسن أن زيادًا استعمل الحكم بن عمرو فلقيه عمران بن الحصين فقال: أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه الذي قال أميره: قَعْ في النار. فقام ليقع فيها فأدركه فأمسكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو وقع فيها لدخل النار، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». قال الحاكم: بلى. قال: إنما أردت أن أذكِّرك هذا الحديث. مات بخراسان واليًا سنة إحدى وخمسين [السير للذهبي (24/ 474 – 477) ].

([5]) بريدة بن الحصيب الأسلمي – رضي الله عنه: استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، وكان يحمل لواء الأمير أسامة – رضي الله عنه – حين غزا أرض البلقاء إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. روى مقاتل بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه قال: شهدت خيبر، وكنت فيمن صدع الثملة، فقاتلت حتى رئي مكاني وعليَّ ثوب أحمر، فما أعلم أني ركبت في الإسلام ذنبًا أعظم عليَّ منه – أي الشهرة، توفي سنة اثنتين وستين. [السير للذهبي (2/469 – 471)].

([6]) أخرجه الحاكم في المستدرك (ذكر مناقب الحكم بن عمرو الغفاري) (3/500) (بتصرف).

([7]) إشكال: في القصة السابقة ذكر الحاكم – رحمه الله تعالى – أن الحكم وبريدة – رضي الله عنهما – دفنا في قبر واحد بينما ذكر الذهبي – رحمه الله تعالى – في ترجمة الحكم في السير قال: قال خليفة: مات بخراسان واليًا عليها سنة إحدى وخمسين. وقال في تاريخ الإسلام: توفي بمرو سنة خمس وأربعين وقيل سنة خمسين. [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات 41-60هـ ص 41-42]. وقال – رحمه الله تعالى – في [السير] في وفاة بريدة – رضي الله عنه: توفي سنة اثنتين وستين. وهذا أقوى.
وقال في [تاريخ الإسلام]: (سكن مرو في آخر عمره وبها قبره، توفي سنة اثنتين وستين على الأصح). [تاريخ الإسلام، حوادث ووفيات سنة 61-80 هـ ص، 76-77]. فاتضح أن بينهما في الوفاة أكثر من عشر سنوات مما يضعف هذا الرواية والله – تعالى – أعلم.

([8]) أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب الداراني: زاهد العصر، قدم من اليمن، وقد أسلم في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل المدينة في خلافة الصديق – رضي الله عنه، عن شرحبيل أن رجلين أتيا أبا مسلم فلم يجداه في منزله، فأتيا المسجد فوجداه يركع، فانتظراه، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة، قال المفضل بن غسَّان الغلابي: إن علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين، فالله أعلم. [السير للذهبي (4/174) ].

([9]) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – ص312.

([10]) زياد بن أبيه: وهو زياد بن عبيد الثقفي، وهو زياد بن سمية وهي أمه؛ كانت مولاة للحارث بن كلده الثقفي طبيب العرب، ولد عام الهجرة وأسلم زمن الصديق – رضي الله عنه، وهو أخو أبي بكرة الثقفي الصحابي – رضي الله عنه – لأمه، ثم كان كاتبًا لأبي موسى – رضي الله عنه – زمن إمرته على البصرة، وكان من نبلاء الرجال رأيًا وعقلاً وحزمًا ودهاء وفطنة، قال أبو الشعثاء: كان زياد أفتك من الحجاج لمن يخالف هواه. [السير للذهبي (3/ 494-497) ].

([11]) معاوية بن أبي سفيان: أمير المؤمنين ملك الإسلام، كتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخته أم المؤمنين أم حبيبة – رضي الله عنهم، عن العرباض سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان: هلم إلى الغداء المبارك. ثم سمعته يقول: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب». قلت - والكلام للذهبي: وللحديث شاهد قوي. وجمع عمر إمرة الشام كلها لمعاوية وأقره عليها عثمان – رضي الله عنهم ، وحسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم وهو ثغر فيضبطه ويقوم به أتم قيام، وكان محبَّبًا إلى الرعية، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال: ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا. يعني معاوية، مات – رضي الله عنه – سنة ستين. [السير للذهبي (3/ 119-162) ].

([12]) سير أعلام النبي للذهبي (3/496).

([13]) المرجع السابق.

([14]) الشعبي عامر بن شراحيل الهمداني: علامة العصر، مولده في إمرة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ، رأى عليًا – رضي الله عنه – وصلى خلفه، قال – رحمه الله: ما مات ذو قرابة لي وعليه دين إلا وقضيت عنه، ولا ضربت مملوكًا لي قط ولا حللت حبوتي إلى شيء مما ينظر الناس. وعن داود بن يزيد: سمعت الشعبي يقول: والله لو أصبت تسعًا وتسعين مرة وأخطأت مرة لأعدُّوا عليَّ تلك الواحدة. عن الأعمش قال: أتى رجل الشعبيَّ فقال: ما اسم امرأة إبليس؟ قال: ذاك عرس ما شهدته. مات سنة أربع ومئة. [ السير للذهبي (4/ 294- 319) ].

([15]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص76 والفرج بعد الشدة له ص98.

([16]) الإمام الفقيه المجتهد عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني: سيد الحفاظ، والمشهور أنه كني بأولاد هرة برية، قال: وجدتها فأخذتها في كمي فكنيت بذلك. وقد جاع واحتاج ولزم المسجد، استعمله عمر – رضي الله عنه – على البحرين، وكان معاوية – رضي الله عنه – يبعثه أميراً على المدينة، عن عبد الوهاب المدني قال: بلغني أن رجلا دخل على المدينة فقال: مررت بالمدينة فإذا أبو هريرة جالس في المسجد حول حلقة يحدثهم فقال: حدثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم. ثم استعبر فبكى، ثم عاد فقال: حدثني خليلي نبي الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ثم استعبر فبكى ثم قام، ودخل عليه مروان في شكواه فقال: شفاك الله يا أبا هريرة. فقال: اللهم إني أحبُّ لقاءك فأحبَّ لقائي. قال: فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات. [ السير للذهبي (2/578 – 632) ].

([17]) سير أعلام النبلاء للذهبي. (2/626).

([18]) المرجع السابق، (2/596).

([19]) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان: له على هناته حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه، عقد له أبوه – رضي الله عنه – الولاية من بعده فكانت دولته أقل من أربع سنين، ويزيد ممن لا نسُبُّه ولا نحبه وله نظراء من خلفاء الدولتين؛ بل فيهم من هو شر منه، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع وأربعين سنة والعهد قريب والصحابة موجودون، توفي سنة أربع وستين. [السير للذهبي (4/ 35-40)].

([20]) ما بين القوسين نقلاً من كلام محقق هذا الجزء من سير أعلام النبلاء (2/597).

([21]) يزيد بن الأسود الجرشي: من سادات التابعين بالشام، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، قال يونس بن ميسرة: قلت له: كم أتى عليك؟ قال: أدركت العزى تُعبد في قرية قومي، حضره وقت الموت واثلة بن الأسقع. [السير للذهبي (4/136-137)].

([22]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/137).

([23]) عقبة بن نافع القرشي الفهري: الأمير نائب إفريقية لمعاوية – رضي الله عنه – وليزيد، وهو الذي أنشأ القيروان وأسكنها الناس، وكان ذا شجاعة وإقدام وحزم وديانة، لم يصح له صحبة، عن علي بن رباح قال: قدم عقبة على يزيد فردَّه واليًا على المغرب سنة اثنتين وستين، فغزا السوس الأدنى ثم رجع وقد سبقه جل الجيش، فخرج عليه جمع من العدو فقُتل عقبة وأصحابه، قُتل سنة ثلاث وستين. [السير للذهبي (3/532 – 534)].

([24]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (3/533).

([25]) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي: ولد سنة أربع وتسعين، وكان – رحمه الله – فقيه مصر ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده الإقليم، بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيه ومشورته، أعطى ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالكًا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تسوى ثلاث مائة دينار؛ عن شعيب بن الليث قال: خرجت حاجًّا مع أبي فقدم المدينة فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب قال: فجعل على الطبق ألف دينار وردَّه إليه. مات سنة خمس وسبعين ومئة. [السير للذهبي (8/136- 163)].

([26]) الدعاء المأثور وآدابه، للحافظ أبي بكر الطرطوشي. ص40- 41.
* إشكال: ذكر أبو بكر الطرطوشي – رحمه الله تعالى – ما حكي عن الليث بن سعد أنه رأى عقبة بن نافع – رحمهما الله تعالى ، وقد ذكر الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى – وفاة عقبة في السِّير عن ابن يونس أنه قتل سنة ثلاث وستين، وقال في [تاريخ الإسلام]: (قتله البربر بهوذة من أرض المغرب سنة ثلاث وستين). [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات، سنة 61 – 80 هـ، ص181]. وقال في [السير] في ترجمة الليث – رحمه الله تعالى: مولده بقرقشندة – قرية من أسفل عمال مصر – في سنة أربع وتسعين، مات سنة خمس وسبعين ومئة.
* وقال في [تاريخ الإسلام]: (الليث بن سعد الفهمي ولد سنة أربع وتسعين، ومات سنة خمس وسبعين ومئة). [تاريخ الإسلام حوادث ووفيات، سنة 171 – 180هـ، ص302 – 315]؛ فلا يكون الليث رأى عقبة بن نافع؛ لأن عقبة مات قبل ولادة الليث بإحدى وثلاثين سنة، إلا أن يكون آخر؛ فالعلم عند الله تعالى.

([27]) الضحاك بن قيس الفهري القرشي: الأمير أبو أمية، عداده في صغار الصحابة، وكان جوادًا – رضي الله عنه ، لبس بردًا تساوي ثلاث مائة دينار فساومه رجل به فوهبه له وقال: شح بالمرء أن يبيع عطافه. قال الزبير بن بكار: كان الضحاك بن قيس مع معاوية – رضي الله عنهما ، فولَّاه الكوفة، وهو الذي صلى على معاوية وقام بخلافته حتى قدم يزيد، قتل – رضي الله عنه – في سنة أربع وستين. [السير للذهبي (3/241-245)].

([28]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/137).

([29]) أسماء بنت أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان – رضي الله عنهم: والدة الخليفة عبد الله بن الزبير وأخت أم المؤمنين عائشة وآخر المهاجرات وفاة، وتعرف بذات النطاقين، وكانت أسنَّ من عائشة – رضي الله عنها – ببضع عشرة سنة؛ عن محمد بن المنكدر قال: كانت أسماء بنت أبي بكر سخيَّة النفس، شهدت اليرموك مع زوجها الزبير – رضي الله عنهم؛ عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء كانت تمرض المرضة فتعتق كل مملوك لها، بلغت مائة سنة وهي خاتمة المهاجرين والمهاجرات – رضي الله عنها ، ماتت سنة ثلاث وسبعين. [السير للذهبي (2/287-296)].

([30]) عبد الله بن الزبير: أمير المؤمنين، أول مولود للمهاجرين بالمدينة، عن محمد بن يعقوب أن معاوية – رضي الله عنه – كان يلقى ابن الزبير فيقول: مرحبًا بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمر له بمائة ألف، وعن أبي مليكة قال: ذكر ابن الزبير عند ابن عباس – رضي الله عنهم – فقال: قارئ لكتاب الله عفيف في الإسلام، أبوه الزبير وأمه أسماء وجده أبو بكر وعمته خديجة وخالته عائشة وجدته صفية، بويع بالخلافة عند موت يزيد سنة أربع وستين، وحكم على الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان وبعض الشام، ولم يستوسق له الأمر، حاصره الحجاج في الحرم ورماه بالمنجنيق وقتله وصلبه، عاش نيفًا وسبعين سنة. السير للذهبي (3/363- 380)].

([31]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (2/295).









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-12, 19:05   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

كلمات الفرج

عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان ([1]) كتب إلى هشام بن إسماعيل ([2]) متولي المدينة: بلغني أن الحسن بن الحسن ([3]) يكاتب أهل العراق فاستحضره قال: فجيء به فقال له علي بن الحسين: يا ابن عم، قل كلمات الفرج: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم». قال: فخلي عنه([4]).



* * *

لا ينام إلا قليلاً

عن حصين عن إبراهيم أن همام بن الحارث ([5]) كان يدعو: "اللهم اشفني من النوم باليسير، وارزقني سهرًا في طاعتك". قال: فكان لا ينام إلا هنيهة وهو قاعد ([6]).



* * *

دعا عليه فاسود وجهه

عن حماد بن زيد ([7]) قال: حدثنا علي بن زيد ([8]) قال: قال لي سعيد بن المسيب: ([9]) قل لقائدك يقوم فينظر إلى وجه هذا الرجل وإلى جسده، فقام وجاء فقال: رأيت وجه زنجي وجسده أبيض فقال سعيد: إن هذا سب هؤلاء: طلحة ([10]) والزبير وعليًا – رضي الله عنهم، فنهيته فأبى، فدعوت الله عليه؛ قلت: إن كنت كاذبًا فسود الله وجهك. فخرجت بوجهه قُرحة فاسود وجهه ([11]).



* * *

وجدنا حلاوة الدعاء

عن داود بن أبي هند قال: لما أخذ الحجاج ([12]) سعيد بن جبير([13]) قال: ما أراني إلا مقتولاً وسأخبركم: إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا الله حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة؛ فكلا صاحبيَّ رُزِقها وأنا انتظرها، قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء ([14]).



* * *

أنقذه الله – تعالى -

عن عبد الملك بن عمير قال: كتب الوليد بن عبد الملك ([15]) إلى عثمان بن حبان المري: انظر إلى الحسن بن الحسن ([16]) فأجلده مائة جلدة وقفه للناس، ولا أراني إلا قاتله. قال: فبعث إليه فجيء به والخصوم بين يديه قال: فقام إليه علي بن الحسين فقال: يا أخي تكلم بكلمات الفرج يفرج الله عنك: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين». قال: فقالها فانفرجت فرجة من الخصوم فرآه فقال: أرى وجه رجل قد قُرِفَتْ عليه كذبة خلوا سبيله، أنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره؛ فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ([17]).



* * *


تضرع وبكى

ولي – موسى بن نصير - ([18]) غزو البحر لمعاوية – رضي الله عنه – فغزا قبرس وبنى هناك حصونًا، وقد استعمَلَ على أقصى المغرب مولاه طارقًا ([19])، فبادر وافتتح الأندلس ولحقه موسى فتمم فتحها، وجرت له عجائب هائلة، وعمل مع الروم مصافًا مشهودًا، ولمَّا همَّ المسلمون بالهزيمة كشف موسى سرادقه عن بناته وحرمه وبرز ورفع يديه بالدعاء والتضرع والبكاء، فكسرت بين يديه جفون السيوف وصدقوا اللقاء ونزل النصر وغنموا مالا يعبر عنه... إلخ) ([20]).



* * *

سقوا وأغيثوا

قال الذهبي: قيل: لما دخل موسى بن نصير إفريقية وجد غالب مدائنها خالية لاختلاف أيدي البربر، وكان القحط، فأمر الناس بالصلاة والصوم والصلاح، وبرز بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، ففرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والضجيج، وبقي إلى الظهر ثم صلى وخطب فسقوا وأغيثوا ([21]).



* * *

اللهم أخف عليهم أمري

قال المغيرة بن حكيم: قلت لفاطمة بنت عبد الملك([22]): كنت أسمع عمر بن عبد العزيز ([23]) في مرضه يقول: اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة. قالت: قلت له: ألا أخرج عنك؛ فإنك لم تنم. فخرجت، فجعلت أسمعه يقول: }تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{ [القصص: 83]، مرارًا ثم أطرق، فلبث طويلاً لا يُسمع له حس، فقلت لوصيف: ويحك انظر. فلما دخل صاح فدخلت فوجدته ميتًا قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه ([24]).



* * *


([1]) عبد الملك بن مروان بن الحكم: الفقيه الأموي، تملك بعد أبيه الشام ومصر ثم حارب ابن الزبير الخليفة وقتل أخاه مصعبًا وجهَّز الحجاج لحرب ابن الزبير، قال الأصمعي: قيل لعبد الملك: عجَّل بك الشيب. قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة؟! قال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام وهي صغار في جنب عفوك يا كريم فاغفرها لي. كان من رجال الدهر، وكان الحجاجُ من ذنوبه، توفي سنة ست وثمانين. [السير للذهبي (4/246 – 249)].

([2]) هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة أبو الوليد المخزومي المدني: حمو عبد الملك بن مروان وأميره على المدينة، وهو جد هشام بن عبد الملك لأمه، ولما ولي الوليد عزله عن المدينة بعمر بن عبد العزيز. [تاريخ الإسلام للذهبي: حوادث ووفيات، من سنة 81-100 هـ، ص 214-215].

([3]) الحسن ابن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي محمد الحسن بن أمير المؤمنين علي – رضي الله عنهم: الهاشمي الإمام أبو محمد، وكان قليل الرواية والفتيا مع صدقه وجلالته، قال الزبير بن بكار: أم حسن بن حسن هذه هي خولة بنت فلان، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم، أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد، توفي سنة تسع وتسعين. السير للذهبي (4/483 – 487).

([4]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/485).

([5]) همام بن الحارث النخعي الكوفي الفقيه: قال ابن الجوزي: كان الناس يتعلمون من هديه وسمته، وكان طويل السهر – رحمه الله – قال ابن سعد: توفي زمن الحجاج [السير للذهبي (4/283-284)].

([6]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/284).

([7]) حماد بن زيد بن درهم الأزدي: آل جرير بن حازم البصري الأزرق، العلامة الحافظ الثبت محدث الوقت، مولده في سنة ثمان وتسعين. قال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين وقال عبد الرحمن بن مهدي: لم أر أحدًا قط أعلم بالسنة ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد قال أبو حاتم بن حبان: كان ضريرًا يحفظ حديثه كله قلت - والكلام للذهبي : إنما أضر بأخرة. مات - رحمه الله - في سنة تسع وسبعين ومئة. [السير للذهبي (7/456 – 466)].

([8]) علي بن زيد بن جدعان القرشي التيمي البصري: الإمام العالم الأعمى، ولد أظن في دولة يزيد، وكان من أوعية العلم على سوء حفظ يغضه من درجة الإتقان، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة. [السير للذهبي (5/206 – 208)].

([9]) سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي: عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه، ولد لسنتين مضيا من خلافة عمر – رضي الله عنه ، وكان زوج بنت أبي هريرة – رضي الله عنه، وممن برز في العلم والعمل، عنه – رحمه الله تعالى – قال: (ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء)، ثم قال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: (ما شيء أخوف عندي من النساء). عن عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة: شهدت سعيد بن المسيب يوم مات سنة أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات منهم. [السير للذهبي (4/217-246)].

([10]) طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي: أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب له الرسول صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد شلاء، وقال صلى الله عليه وسلم يوم أحد: «أوجب طلحة». عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضًا له بسبع مائة ألف، فبات أرقًا من مخالفة ذلك المال حتى أصبح ففرقه، قتل – رضي الله عنه – في سنة ست وثلاثين. [السير للذهبي (1/23 – 40)].

([11]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/242).

([12]) الحجاج بن يوسف الثقفي: أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً، وكان ظلومًا جبارًا ناصبيًا خبيثًا سفَّاكًا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله؛ فنسُبُّه ولا نحبه؛ بل نبغضه في الله؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان له، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمرُه إلى الله – تعالى ، مات سنة خمس وتسعين. [السير للذهبي 4/343].

([13]) سعيد بن جبير بن هشام: الإمام الحافظ المقرئ المفسر الشهيد الأسدي الوالبي، مولاهم، عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه. وعن جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس – رضي الله عنهما – إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن الدهماء؟! يعني سعيد بن جبير.
عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه كان لا يدع أحدًا يغتاب عنده، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين. السير للذهبي. [4/321 – 343].

([14]) سير أعلام النبلاء للذهبي، 4/340.

([15]) الوليد بن عبد الملك الأموي: أنشأ جامع بني أمية وكان مترفًا ونهمته في البناء، أنشأ أيضًا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزخرفه، كان يقول: لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدًا يفعل ذلك. وكان فيه عسف وجبروت وقيام بأمر الخلافة، وقد فرض للفقهاء والأيتام والزَّمنى والضعفاء وضبط الأمور، وقد عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال لسليمان: بيعة في أعناقنا. فأخذه الوليد وطين عليه ثم فتح عليه بعد ثلاث وقد مالت عنقه، مات سنة ست وتسعين. [السير للذهبي 4/347 – 348].

([16]) مرت قصة مشابهة مع الحسن وعبد الملك بن مروان وترجم لهم هناك ص95.

([17]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص95.

([18]) موسى بن نصير: الأمير اللخمي متولي إقليم المغرب وفاتح الأندلس، ولما تمادى في سيره في الأندلس أتى أرضًا تميد بأهلها فقال عسكره: إلى أين تريد أن تذهب بنا! حسبنا ما بأيدينا. فقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية. ثم رجع إلى المغرب وهو يجر الدنيا بين يديه، أمر بالعجل تجر أوقار الذهب والحرير، قال الفسوي: كان ذا حزم وتدبير، افتتح بلادًا كثيرة وولي إفريقية سنة تسع وسبعين. وقد حج موسى مع سليمان فمات بالمدينة. [السير للذهبي 4/496-500].

([19]) طارق بن زياد: مولى موسى بن نصير، وكان أمير طنجة بأقصى المغرب، فبلغه اختلاف الفرنج واقتتالهم وكاتبه صاحب الجزيرة الخضراء ليمده على عدوه فبادر طارق وعدى في جنده وهزم الفرنج وافتتح قرطبة، وقتل صاحبها لذريق وكتب بالنصر إلى مولاه، فأمره أن لا يتجاوز مكانه وأسرع موسى بجيوشه فتلقاه طارق وقال: إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك، وله فتوحات عظيمة جدًا بالمغرب. [السير للذهبي 4/500-502].

([20]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/497).

([21]) سير أعلام النبلاء للذهبي، (4/498).

([22]) فاطمة بنت عبد الملك بن مروان: تزوجها ابن عمها عمر بن عبد العزيز، ثم خلف عليها سليمان بن داود بن مروان بن الحكم، توفيت في خلافة أخيها هشام فيما أرى. [تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث ووفيات من سنة 101 – 120 ص442 – 443]، وفي [السير] ... ثم بعث إليه عبد الملك بن مروان – يعني عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – عند وفاة أبيه وخلطه بولده وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة التي قيل فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها




أخت الخلائف والخليفة زوجها





[السير للذهبي 5/117].

([23]) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم: الإمام الحافظ العلامة الزاهد العابد أبو حفص القرشي الخليفة، أم بأنس بن مالك – رضي الله عنه – فقال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى. قال ابن سعد: أمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبي قبيل: أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير، فأرسلت إليه أمه قالت: ما يبكيك؟ قال: ذكر الموت. قال: وكان يومئذ قد جمع القرآن، فبكت أمه حين بلغها ذلك ... ما زالوا به حتى سقوه السم، فحصلت له الشهادة والسعادة سنة إحدى ومئة، وله تسع وثلاثون سنة ونصف. [السير للذهبي 5/114 – 148].

([24]) سير أعلام الذهبي (5/141).









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-12, 20:58   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
الرفيقْ
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2014-12-14, 18:36   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

أراد قتل رجل فقتل


عن وضاح بن خيثمة قال: أمرني عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – بإخراج من في السجن فأخرجتهم إلا يزيد بن أبي مسلم ([1]) فنذر دمي؛ قال: فوالله إني لبإفريقية إذ قيل لي: قدم يزيد بن أبي مسلم فهربت منه فأرسل في طلبي فأخذت فأتي بي فقال لي: وضاح؟ قلت: وضاح. قال: أما والله لطالما سألت الله أن يمكنني منك. قلت: وأنا والله لطالما استعذت بالله من شرك. قال: فوالله ما أعاذك الله، والله لأقتلنك، لو سابقني ملك الموت لقبْض روحك لسبقته، علي بالسيف والنطع. قال: فجيء بالنطع فأقعدت فيه وكتفت، وقام قائم على رأسي بسيف مشهور، وأقيمت الصلاة، فخرج إلى الصلاة، فلما خر ساجدًا أخذته سيوف الجند فقتل، فجاءني رجل فقطع كتافي بسيفه ثم قال: انطلق ([2]).



* * *

صرعة تجعله نكالاً

عن أبي بكر الهذلي أن يزيد ([3]) قال: أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز، فخطب الحسن وقال: اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعة تجعله نكالاً، يا عجبًا لفاسق، غير برهة من دهره ينتهك المحارم، يأكل معهم ما أكلوا ويقتل ما قتلوا، حتى إذا مُنع شيئًا قال: إني غضبان فاغضبوا. فنصب قصبًا عليها خرق فاتبعه رجرجة ورعاع يقول: أطلب بسنة عمر، إن من سنة عمر أن توضع رجلاه في القيد ثم يوضع حيث وضعه عمر. قال الذهبي: قتل عن تسع وأربعين سنة. ولقد قاتل قتالاً عظيمًا وتفللت جموعه، فما زال يحمل بنفسه في الألوف لا لجهاد؛ بل لشجاعة وحمية، حتى ذاق حمامه، نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية ([4]).



* * *


سيفرج عنه سريعًا

عن سلمة بن زياد قال: كان عمر بن هبيرة ([5]) واليًا على العراق، ولَّاه يزيد بن عبد الملك([6]) فلما مات يزيد واستُخلف هشام([7]) قال عمر بن هبيرة: يولي هشام العراق أحد الرجلين: سعيدًا الحرشي([8]) أو خالد بن عبد الله القسري([9])، فإن ولَّى ابن النصرانية خالدًا فهو البلاء، فولَّى هشام خالدًا العراق، فدخل العراق وقد أوذن عمر بن هبيرة بالصلاة، وقد اعتم والمرآة في يده يسوي عمته إذ قيل له: هذا خالد قد دخل. فقال عمر بن هبيرة: هكذا تقوم الساعة؛ تأتي بغتةً، فقدم خالد فأخذ عمر بن هبيرة فقيده وألبسه مدرعة من صوف، فقال لخالد: بئس ما سننت على أهل العراق؛ أما تخاف أن يؤذن فيك بمثل هذا.



وعن بكر بن عياش قال: لما صنع خالد به ما صنع ذهب يتقلب وهو في الحديد، فتكشف، فكأنما ثمَّ صوفُه فقال: }لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ{ [الأنبياء: 87]. قال من حضره: ما أخلقه، سيفرج عنه سريعًا.



وقال سليمان بن زياد: فجاء موال لعمر بن هبيرة فاكتروا دارًا إلى جانب الحبس ثم نقبوا سربًا منها إلى الحبس واكتروا دارًا إلى جنب حائط سور مدينة واسط، فلما كانت الليلة التي أراد أن يخرجوه فيها من الحبس أفضوا النقب إلى الحبس فخرج من الحبس في السرب، ثم خرج إلى الدار يمشي، حتى بلغ الدار التي إلى جانب حائط المدينة وقد نقب فيها، ثم خرج في السرب منها حتى خرج من المدينة، وقد هيئت له خيل خلف حائط المدينة فركب وعلم به بعدما أصبحوا، وقد كان أظهر علةً قبل ذلك لكي يمسكوا عن تفقده كل وقت، فأتبعه خالد سعيدًا الحرشي فلحقه وبينه وبينه الفرات، فتعصب له وتركه، وقال الفرزدق:



ولما رأيتَ الأرض قد سُدَّ ظهرُها




ولم يك إلا بطنها لك مخرجًا


دعوتَ الذي ناداه يونس بعدما




ثوى في ثلاث مظلمات ففرجا


خرجتَ فلم يمنن عليك شفاعة




سوى ربك البر اللطيف المفرِّجا


وأصبحت تحت الأرض قد سرت ليلة




وما سار سارٍ مثلها حين أدلجا





وعن خازم مولى عمر بن أبي هبيرة قال: كنت مع عمر بن هبيرة حيث هرب من السجن فبلغنا دمشق بعد عتمة، فأتى مسلمة بن عبد الملك ([10])، فأجاره وأنزله معه في بيته، وصلى مسلمة بن عبد الملك خلف هشام بن عبد الملك الصبح فاستأذن عليه مسلمة فدخل عليه، فلما رآه قال: يا أبا سعيد ما أظن ابن هبيرة إلا وقد طرقك هذه الليلة. قال: أجل يا أمير المؤمنين، وقد أجرته فهبه لي. قال: قد وهبته لك ([11]).



* * *

قضى دين والده فرزقه الله – تعالى -

عن عبد الله بن محمد بن سيرين قال: لما ضمنت على أبي ([12]) دينه قال لي: بالوفاء؟ قلت: بالوفاء. فدعا لي بخير، فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى قوَّمنا ماله ثلاث مائة ألف درهم أو نحوها. ([13])، قال المدائني: كان سبب حبسه أنه أخذ زيتًا بأربعين ألف درهم، فوجد في زق منه فأرة فظن أنها وقعت في المعصرة وصبَّ الزيت كله، وكان يقول: إني ابتليت بذنب أذنبتُه منذ ثلاثين سنة. قال: فكانوا يظنون أنه عيَّر رجلا بفقر.


([14])، قال أبو سليمان الداراني([15]): وبلغه هذا فقال: قلَّت ذنوب القوم فعرفوا من أين أُتوا، وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى([16]). وقال محمد بن سعد([17]): سألت الأنصاري عن سبب الدَّين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس، قال: اشترى طعامًا بأربعين ألف، فأخبر عن أصل الطعام بشيء فكرهه أو تصدق به فحبس على المال، حبسته امرأة، وكان الذي حبسه مالك بن المنذر ([18]).





* * *

([1]) يزيد بن أبي مسلم أبو العلاء بن دينار الثقفي: أمير المغرب مولى الحجَّاج وكاتبه ومستشيره، استخلفه عند موته على أموال الخراج فضبط ذلك، وأقره الوليد، ثم ولي الخلافة سليمان فطلب أبو العلاء في غل، فنظر إليه سليمان فقال: لعن الله من ولَّاك. قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين؛ فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني، فلو رأيتني في الإقبال لاستعظمت ما استحقرت. فقال: قاتله الله، ما أسد عقله. ثم أمره على إفريقية يزيد بن عبد الملك، فثارت عليه الخوارج، ففتكوا به لظلمه سنة اثنتين ومئة. [السير للذهبي 4/593 – 594].

([2]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص101-102.

([3]) يزيد بن المهلَّب الأزدي: ولي البصرة لسليمان، ثم عزله عمر بن عبد العزيز وسجنه، وكان الحجاج قد عزله وعذَّبه، فسأله أن يخفِّف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم، فقصده الأخطل ومدحه، فأعطاه مائة ألف، فعجب الحجاج من جودِه في تلك الحال وعفا عنه، وكان الحجاج مزوجًا بأخته، وكان ذا تيه وكبر، ثم إن يزيدًا لما استخلف يزيد بن عبد الملك غلب على البصرة فسار لحربه مسلمة، فالتقوا، فقتل يزيد سنة اثنتين ومئة. [السير للذهبي 4/503 – 506].

([4]) سير أعلام النبلاء للذهبي (4/506).

([5]) عمر بن هبيرة بن معاوية بن سكين: الأمير أبو المثنى الفزاري الشامي أمير العراقين ووالد أميرها يزيد، كان ينوب ليزيد بن عبد الملك فعزله هشام، وقد ولي غزو البحر نوبة قسطنطينية وجمعت له العراق، ثم عزل بخالد القسري فقيده، وألبسه عباءة وسجنه، فتحيلوا غلمانه ونقَّبوا سربًا أخرجوه منه، فهرب واستجار بالأمير مسلمة بن عبد الملك، فأجاره، ثم لم يلبث أن مات سنة سبع ومئة تقريبًا. [السير للذهبي 4/562].

([6]) يزيد بن عبد الملك بن مروان: استخلف بعهد عقده له أخوه سليمان بعد عمر بن عبد العزيز، وأمه هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية، ولد سنة إحدى وسبعين، قال ابن جابر: أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مجلس مكحول فهممنا أن نوسع له فقال: دعوه يتعلم التواضع. مات سنة خمس ومئة [السير للذهبي 5/150 – 152].

([7]) هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي: ولد بعد السبعين، اسُتخلف سنة خمس ومئة، إلى أن مات في ربيع الآخر وله أربعٌ وخمسون سنة، وكان حريصًا جماعًا للمال عاقلاً حازمًا سائسًا، فيه ظلم مع عدل، قال العيشي: قال هشام: ما بقي شيءٌ من لذات الدنيا إلا وقد نلته إلا شيئًا واحدًا: أخ أرفع مؤنة التحفظ منه. وعن حرملة: حدثنا الشافعي: قال: لما بنى هشام الرصافة بقنسرين أحب أن يخلو يومًا لا يأتيه فيه غم؛ فما تنصف النهار حتى أتته ريشة فيها دم من بعض الثغور فقال: ولا يوم واحد. [السير للذهبي 5/351 – 353].

([8]) سعيد بن عمرو بن الأسود الحرشي: قيل: كان صعلوكًا يسأل على الأبواب ثم صار سقاءً ثم صار جنديًا إلى أن ولي إمرة خراسان من قبل عمر بن هبيرة ثم عزله وسجنه، فلما ولي خالد القسري العراق أخرجه من السجن وأكرمه، فلما هرب ابن هبيرة من سجن خالد بن عبد الله نفذ سعيدًا هذا في طلبه فلم يدركه، فقدم سعيد على هشام بن عبد الملك فأمره على حرب الخزر فسار وبيتهم فقتل منهم عدد لا يحصر، ولم يؤرخوا وفاته. [تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث 121هـ - 140هـ ص115].

([9]) خالد بن عبد الله القسري: أمير العراقين لهشام، وكان جوادًا عالي الرتبة من نبلاء الرجال، لكنه فيه نصب معروف، قال الأصمعي: أُخبرت أن القسري ذم زمزم وقال: يقال أن زمزم لا تنزح ولا تذم، بلى والله إنها تنزح وتذم، ولكن هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة. وعن عبد الرحمن بن محمد عن أبيه عن جده قال: شهدت خالدًا القسري في يوم أضحى يقول: ضحُّوا تقبل الله منكم؛ فإني مضح بالجعد بن درهم؛ زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًّا كبيرًا، ثم نزل فذبحه. قلت - والكلام للذهبي: هذه من حسناته؛ هي وقتله مغيرة الكذاب. قتل القسري سنة ست وعشرين ومئة. [السير للذهبي 5/425 – 432].

([10]) مسلمة بن عبد الملك بن مروان الأموي: الأمير الضرغام قائد الجيوش، يلقب بالجرادة الصفراء، له مواقف مشهودة مع الروم وهو الذي غزا القسطنطينية، وكان ميمون النقيبة، وقد ولي العراق لأخيه يزيد ثم أرمينية، قلت - والكلام للذهبي : كان أولى بالخلافة من إخوته. [السير للذهبي 5/241 – 242].

([11]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا، ص118-122.

([12]) محمد بن سيرين الأنصاري: الإمام مولى أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال أشعث: كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغيَّر لونه حتى تقول: كأنه ليس بالذي كان. وعن عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار أن السجَّان قال لابن سيرين: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال. قال: لا، والله لا أكون لك عونًا على خيانة السلطان. عن ابن عون أن محمدًا كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه ظن أن به مرضًا من خفض كلامه عندها، مات سنة عشر ومئة. [السير للذهبي 4/606 – 622].

([13]) سير أعلام النبلاء للذهبي 40/621.

([14]) المرجع السابق، ص613.

([15]) عبد الرحمن بن أحمد أبو سليمان الداراني: الإمام زاهد العصر، ولد في حدود الأربعين ومئة، قال: لكل شيء علم وعلم الخذلان ترك البكاء، ولكل شيء صدأ وصدأ القلب الشبع، قال أحمد بن أبي الحواري: وسمعته يقول: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا، ولربما رأيت القلب يضحك ضحكًا. وعنه: الفتوة أن لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك. مات سنة خمس ومئتين. [السير للذهبي 10/182 – 186].

([16]) المرجع السابق، ص616.

([17]) محمد بن سعد بن منيع البغدادي: الحافظ العلامة الحجة، كاتب الواقدي ومصنف (الطبقات الكبرى) في بضعة عشر مجلدًا، ولد بعد الستين والمئة، وطلب العلم في صباه، ولحق الكبار، وكان من أوعية العلم، ومن نظر في (الطبقات) خضع لعلمه، توفي سنة ثلاثين ومئتين، قال: وكان كثير العلم كثير الحديث والرواية كثير الكتب؛ كتب الحديث والفقه والغريب. [السير للذهبي 10/664-667].

([18]) المرجع السابق.









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-14, 18:39   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي



ضرب العالم فقطعت يده

عن مالك بن دينار ([1]) أنه حُمَّ، ثم وجد خفَّة، فخرج لبعض حاجته، فمر بعض أصحاب الشرط وبين يديه قوم يطوفون، فأعجلوني فاعترضت في الطريق، فلحقني إنسان من أعوانه فقنعني أسواطًا كانت أشد علي من تلك الحمى، فقلت: (قطع الله يدك). فلما كان من الغد غدوتُ إلى الجسر في حاجة لي، فتلقَّوني به مقطوعة يده معلقة في عنقه ([2]).



* * *

أسألك العفو والعافية

عن توبة العنبري ([3]) قال: عملت ليوسف بن عمر ([4]) قال: فحبسني حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء قال: فرأيت في المنام رجلاً حسن الوجه أبيض الثوب فقال: يا توبة، لقد طال حبسك. قال: قلت: أجل. قال: قل: «اللهم أسألك العفو والعافية، والمعافاة في الدنيا والآخرة». ثلاث مرات، فانتبهت فكتبتها، ثم قمت فتوضأت وصليت، فما زلت أقولها حتى السَّحر، فإذا رسل يوسف قد أخرجوني إليه في قيودي، قال: أتحب أن أخلِّيك؟ قلت: نعم. فأطلق قيودي وخلاني ([5]).



* * *
في حفظ الله – تعالى -

عن الفضل بن الربيع ([6]) قال: حدثني أبي ([7]) قال: حج أبو جعفر([8]) سنة سبع وأربعين ومائة، فقدم المدينة فقال: ابعث إلى جعفر بن محمد ([9]) من يأتيني به تعبًا، قتلني الله إن لم أقتله. فأمسكت عنه رجا أن ينساه، فأغلظ لي في الثانية فقلت: جعفر بن محمد بالباب يا أمير المؤمنين. قال: ائذن له. فأذنت له، فدخل فقال: السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: لا سلَّم الله عليك يا عدو الله؛ تلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل في ملكي، قتلني الله إن لم أقتلك.



قال جعفر: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أُعطي فشكر وإن أيوب ابتُلي فصبر وإن يوسف ظُلم فغفر ... فنكس رأسه طويلاً ثم رفع رأسه فقال: إليَّ وعندي يا أبا عبد الله البريء الساحة السليم الناحية القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم. ثم تناول يده فأجلسه معه على مفرشة ثم قال: يا غلام عليَّ بالمنفحة – والمنفحة مدهن كبير فيه غالية – فأتي به فغلفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة، ثم قال له: في حفظ الله وكلاءته يا ربيع، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته، فانصرف فلحقته فقلت: إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تر، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت؛ رأيتك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: نعم، إنك رجل منا أهل البيت ولك محبة وود. قلت: «اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك عليَّ، ولا أهلك وأنت رجائي، ربِّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلَّ لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قلَّ لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدًا، ويا ذا النعم التي لا تُحصى أبدًا، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وبك أدرأ في نحره وأعوذ بك من شره، اللهم أعني على ديني بدنياي وعلى آخرتي بتقواي واحفظني ... ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك وأعطني ما لا ينقصك، إنك أنت الوهاب، أسألك فرجًا قريبًا وصبرًا جميلاً ورزقًا واسعًا والعافية من جميع البلاء وشكر العافية»([10]).



* * *

قد كشف الله – تعالى – عني ما أجد

قال مطرف بن مصعب: دخلت على المنصور فرأيته مغمومًا حزينًا قد امتنع من الكلام لفقد بعض أحبته، فقال لي: يا مطرف، ركبني من الهم ما لا يكشفه إلا الله الذي ابتلاني به؛ فهل من دعاء أدعو الله به عساه يكشف عني؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، حدثني محمد بن ثابت عن عمرو بن ثابت البصري قال: دَخَلَتْ في أُذن رجل من أهل البصرة بعوضة حتى وصلت إلى صماخيه فأنصبته وأسهرت ليله ونهاره، فقال رجل من أصحاب السجن: ادعُ بدعاء العلاء بن الحضرمي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم الذي دعا به في المفازة وفي البحر وخلَّصه الله – سبحانه. قال: وما هو - يرحمك الله؟ قلت: بعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فسلكوا مفازةً وعطشوا عطشًا شديدًا حتى خشوا الهلاك، فنزل فصلى ركعتين ثم قال: يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم اسقنا.



قال: فإذا نحن بسحابة كأنها جناح طائر قعقعت علينا ومطرنا، حتى ملأنا كل إناء وسقاء، ثم انطلقنا حتى أتينا على خليج من البحر ما خيض قبل ذلك اليوم ولا خيض بعده، فلم نجد سفنًا فصلى ركعتين ثم قال: يا حليم يا عليم يا علي يا عظيم أجزنا. ثم أخذ بعنان فرسه ثم قال: جوزوا باسم الله. قال أبو هريرة: فمشينا على الماء، والله ما بللنا قدمًا ولا خفًّا ولا حافرًا، وكان الجيش أربعة آلاف فارس، قال: فدعا الرجل بها فما برحنا حتى خرجت من أذنه لها طنين حتى صكت الحائط وبرئ. قال: فاستقبل المنصور القبلة ودعا بهذا الدعاء ساعةً ثم انصرف بوجهه إليَّ، وقال: يا مطرف قد كشف الله عني ما كنت أجد من الهمَّ. ودعا بالطعام فأجلسني فأكلت معه ([11]).



* * *

دعا له بالبركة

عن إسماعيل يقول: أنبأنا إسماعيل بن حماد([12]) بن أبي حنيفة النعمان([13]) بن ثابت بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار، والله ما وقعت علينا رق قط؛ ولد جدي في سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى علي وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته، ونحن نرجو من الله أن يكون استجاب ذلك لعليٍّ – رضي الله عنه([14]).



* * *
اللهم لك الحمد

قال عبد الصمد بن يزيد مردويه: حدثنا ابن عيينة ([15]) أن عبد العزيز بن أبي رواد ([16]) قال الأخ له: أقرضنا خمسة آلاف درهم إلى الموسم. فسُرَّ التاجرُ وحملها إليه، فلما جنَّه الليل قال: ما صنعت بابن أبي رواد؟ شيخ كبير وأنا كبير، ما أدري ما يحدث لنا، فلا يعرف له ولدي ما أعرف له، لئن أصبحت لآتيته فأشاوره وأجعله منها في حل، فلما أصبح أتاه فأخبره فقال: اللهم أعطه أفضل ما نوى. ودعا له وقال: إن كنت إنما تشاورني، فإنما استقرضناه على الله، فكلما اغتممنا به كفر الله به عنا، فإذا جعلتنا في حل كأنه يسقط.



وكره التاجر أن يخالفه؛ فما أتى الموسم حتى مات التاجر، فأتى أولاده فقالوا: مال أبينا يا أبا عبد الرحمن. فقال لهم: لم يتهيأ؛ ولكن الميعاد بيننا الموسم الآتي. فقاموا من عنده، فلما كان الموسم الآتي لم يتهيأ المال فقالوا: إيش أهون عليك من الخشوع وتذهب بأموال الناس. فرفع رأسه فقال: رحم الله أباكم؛ قد كان خاف هذا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي، وإلا فأنتم في حل مما قلتم. فبينا هو ذات يوم خلف المقام إذ ورد عليه غلام كان قد هرب له إلى الهند بعشرة آلاف درهم، فأخبره أنه اتَّجر وأن معه من التجارة ما لا يُحصى، قال سفيان: فسمعته يقول: لك الحمد، سألناك خمسة آلاف، فبعثت إلينا عشرة آلاف يا عبد المجيد، احمل العشرة آلاف إليهم؛ خمسة لهم وخمسة للإخاء الذي بيننا وبين أبيهم. فقال العبد: من يقبض ما معي؟ فقال: يا بني أنت حرٌّ لوجه الله، وما معك فلك ([17]).



* * *

([1]) مالك بن دينار: علم العلماء الأبرار، معدود في ثقات التابعين، ومن أعيان كتبة المصاحف، كان من ذلك بُلْغته، ولد في أيام ابن عباس – رضي الله عنهما ، وعنه قال: من تباعد من زهرة الدنيا فذاك الغالب هواه، وعن الأصمعي عن أبيه قال: مرَّ المهلب على مالك بن دينار متبخترًا فقال: أما علمت أنها مشية يبغضها الله إلا بين الصفين. قال المهلب: أما تعرفني؟ قال: بلى؛ أولُك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة فانكسر. وقال: الآن عرفتني حق المعرفة ... توفي سنة سبع وعشرين ومئة. [السير للذهبي 5/362 – 364].

([2]) انظر: كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا، ص60-61.

([3]) توبة العنبري: مولاهم البصري، أصله من سجستان، قال محمد بن سعد: ولاه يوسف بن عمر نيسابور ثم ولَّاه الأهواز، وكان صاحب بداوة فمات بصنع وهو على يومين من البصرة، مات في سنة إحدى وثلاثين ومائة. [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات 121هـ - 140هـ ص389].

([4]) يوسف بن عمر الثقفي: ولي اليمن لهشام، ثم نقله إلى إمرة العراقين فأقره الوليد بن يزيد وأضاف إليه إمرة خراسان، وكان مهيبًا جبارًا ظلومًا، روينا أنه ضرب وهب بن منبه في إمارته على اليمن حتى هلك تحت الضرب. قال ابن جرير: أرسل يزيد بن خالد القسري مولى لأبيه يكنى أبا الأسد في عدة من أصحابه، فدخل السجن، فأخرج يوسف بن عمر فضرب عنقه؛ وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. [تاريخ الإسلام للذهبي حوادث ووفيات 121 هـ - 140هـ ص315 – 318].

([5]) انظر: المستغيثون بالله – تعالى – للحافظ ابن بشكوال، ص40-41.

([6]) الفضل بن الربيع بن يونس: حاجب الرشيد، ولما نكب البرامكة ولي وزارة الرشيد وعظم محله ومدحته الشعراء، قام بخلافة الأمين ... جاءه بذلك من طوس وصار هو الكل لاشتغال الأمين باللعب، فلما أدبرت دولة الأمين اختفى الفضل مدة طويلة ثم ظهر إذ بويع إبراهيم بن المهدي، فساس نفسه ولم يقم معه، ولذلك عفا عنه المأمون. مات سنة ثمان ومئتين. [السير للذهبي، 10/109 – 110].

([7]) الربيع بن يونس الأموي: الحاجب، من موالي عثمان – رضي الله عنه ، حجب للمنصور ثم وزر له بعد أبي أيوب المورياني، وكان من نبلاء الرجال وألبَّائهم وفضلائهم، قال له المنصور: ما أطيب الدنيا لولا الموت. قال: ما طابت إلا بالموت. قال: وكيف؟ قال: لولا الموت لم تقعد هذا المقعد. توفي سنة تسع وستين ومئة. [السير للذهبي: 7/335-336].

([8]) عبد الله بن محمد العباسي: ضرب في الآفاق وطلب العلم، وكان فحل بني العباس هيبة وشجاعة ورأيًا وحزمًا ودهاء وجبروتًا، وكان جمَّاعًا للمال حريصًا تاركًا للهو واللعب، كامل العقل بعيد الغور حسن المشاركة في الفقه، ولكنه يرجع إلى صحة إسلام وتديُّن في الجملة وتصوُّن وصلاة وخير مع فصاحة وبلاغة، وكان يبذل الأموال في الكوائن المخوفة، مات ببئر ميمون قبل أن يدخل مكة سنة ثمان وخمسين ومئة. [السير للذهبي 7/83-89].

([9]) الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب: أحد الأعلام، وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين، ولد سنة ثمانين، وكان يغضب من الرافضة ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر رضي الله عنه ظاهرًا وباطنًا، هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة قد هوى بهم الهوى في الهاوية؛ فبعدًا لهم، قال – رحمه الله تعالى: برئ الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر. وعنه قال: إياكم والخصومة في الدَّين؛ فإنها تشغل القلب وتورث النفاق. مات في سنة ثمان وأربعين ومئة. [السير للذهبي 6/255 – 270].

([10]) انظر: الفرج بعد الشدة للحافظ ابن أبي الدنيا ص99-101 وسير أعلام النبلاء للذهبي 6/266-268.

([11]) انظر: الدعاء المأثور وآدابه للإمام أبي بكر الطرطوشي ص، 41-42.

([12]) حماد بن أبي حنيفة الفقيه: كان ذا علم ودين وصلاح وورع تام؛ لما توفي والده كان عنده ودائع كثيرة وأهلها غائبون، فنقلها حماد إلى الحاكم ليستلمها، فقال: بل دعها عندك، فإنك أهل. فقال: زنها واقبضها حتى تبرأ منها ذمة الوالد ثم افعل ما ترى. ففعل القاضي ذلك وبقي في وزنها وحسابها أيامًا، واستتر حماد فما ظهر حتى أودعها القاضي عند أمين، توفي سنة ست وسبعين ومئة كهلاً. [السِّير للذهبي 6/406].

([13]) أبو حنيفة النعمان الكوفي: مولى بني تيم الله بن ثعلبة الإمام فقيه الملة عالم العراق، ولد سنة ثمانين وعني بطلب الآثار وارتحل في ذلك، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك؛ عن أسد بن عمرو أن أبا حنيفة – رحمه الله تعالى – صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة، وروى نوح الجامع من غير وجه أن الإمام أبا حنيفة ضُرب غير مرة على أن يلي القضاء فلم يجب. قلت - والكلام للذهبي: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلَّمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه، وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل، توفي شهيدًا مسقيًا في سنة خمسين ومئة. [السير للذهبي 6/390-403].

([14]) سير أعلام النبلاء للذهبي، 6/395.

([15]) سفيان بن عيينة: مولى محمد بن مزاحم الإمام الهلالي حافظ العصر، مولده بالكوفة سنة سبع ومئة، طلب الحديث وهو حدث؛ بل غلام، ولقي الكبار وحمل عنهم علمًا جمًّا، وأتقن وجوَّد وجمع وصنَّف وعمَّر دهرًا، وازدحم الخلق عليه، وانتهى إليه علوُّ الإسناد، ورُحِل إليه من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد، قال مجاهد بن موسى: سمعت ابن عيينة يقول: ما كتب شيئًا إلا حفظته قبل أن أكتبه. ومن كلامه رحمه الله: العلم إذا لم ينفعك ضرك. عاش إحدى وتسعين سنة. [السير للذهبي 8/ 454 - 475].

([16]) عبد العزيز بن أبي رواد: اسم أبيه ميمون، وقيل: أيمن بن بدر مولى الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي المكي، قال ابن المبارك: كان من أعبد الناس. وقال يوسف بن أسباط: ... فبينا هو يطوف حول الكعبة إذ طعنه المنصور بأصبعه، فالتفت فقال: قد علمت أنها طعنة جبار. وقال أبو عبد الرحمن المقرئ: ما رأيت أحدًا قطُّ أصبر على طول القيام من عبد العزيز بن أبي رواد. توفِّي سنة تسع وخمسين ومئة. [السير للذهبي 7/184-187].

([17]) تاريخ الإسلام: حوادث ووفيات 141-160هـ، ص503-504 وسير أعلام النبلاء للذهبي، 7/185-186.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الدعاء, عجائب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc