المفعول المطلق
سبب التسمية :
سمي المفعول المطلق بذلك لأنه هو الذي يصدق عليه اسم المفعول دون أن يقيد بحرف جر مثل سائر المفعولات ، فقولنا : ( مطلق ) نعني به مفعولا فقط دون تقييده بحرف جر ونحوه ، مثل المفعول به ، والمفعول فيه ، والمفعول له ، والمفعول معه .
تعريفه :
هو المصدر أو ما ناب عنه الذي ينتصب توكيدا لعامله ، أو بيانا لنوعه ، أو عدده .
وعليه فلا بد له من شروط .
شروطه :
من خلال التعريف تتضح لنا شروط المفعول المطلق وهي :
1- أن يكون مصدرا أو ما ينوب عنه ، كما سيأتي .
2- أن يكون فضله ، فلو كان غير فضلة لا يسمى مفعولا مطلقا ، مثل : كلامك كلام حسن ، فـ : كلام – الثانية – مصدر سلط عليه من لفظه ، لكنه ليس مفعولا مطلقا ن لأنه ليس فضلة .
3- أن يسلط عليه عامل من لفظه ، مثل ك ضربني ضربا ، أو عامل من معناه ، مثل : جلست قعودا ، لأن الجلوس والقعود بمعنى واحد .
نموذج إعراب :
قال – تعالى -:﴿ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ﴾[النساء : 164].
كلم
فعل ماض ، مبني على الفتح .
الله
لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة.
موسى
مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر .
تكليما
مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
2 – وتقول : قعدت جلوسا .
قعدت
فعل وفاعل .
جلوسا
مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
ما ينوب عن المصدر :
عرفنا أن المفعول المطلق هو المصدر ([1])، وقد عرفت استعمالات عربية كثيرة ليس فيها المفعول المطلق مصدرا ، وإنما كلمة أخرى ن قالوا عنها : إنها تنوب عن المصدر ، لصلاحيتها للمفعول المطلق ن وأشهرها هي :
1 – كل وبعض :
بشرط أن تضاف إلى المصدر ، وهذا المصدر كان في الأصل هو المفعول المطلق ، مثل قول الله – تعالى -:﴿ َلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء : 129] .
لا تميلوا
لا : ناهية جازمة ، تميلوا : فعل مضارع مجزوم بعد (لا) وعلامة جزمه حذف النون ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنتم .
كل
الميل
كل : مفعول مطلق منصوب ن وعلامة نصبه الفتحة مضاف ن والميل مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
2 – العدد :
مثل قول الله – تعالى -:﴿ َاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾[النور : 4]
اجلدوهم
اجلدوا : فعل أمر مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، وواو الجماعة فاعل ، وهم : مفعول به .
ثمانين
مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بالجمع المذكر السالم .
جلدة
تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
فـ ( ثمانين ) نائب المفعول المطلق من ( اجلدوهم ) مع أن الثمانين مصدرا إلا أنها نابت عن المصدر ، لأنها مضافة إلى المصدر .
3 – آلته :
مثل : ضربت اللص سوطا أو عصا .
ضربت
ضرب فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بـ تاء الفاعل ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
اللص
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
سوطا
نائب عن المفعول المطلق ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
4 – مرادفه :
مثل : فرحت جذلا .
جذلا
نائب عن المفعول المطلق ، منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
5 – صفته :
نحو قول الله – تعالى -:﴿ َذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾[الأحزاب : 21]
كثيرا
نائب عن المفعول المطلق ن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
6 – الضمير العائد عليه :
مثل : قوله – تعالى -:﴿ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ ﴾ [المائدة : 115].
عذابا
مفعول مطلق ، منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
أعذبه
أعذب : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب نائب عن المفعول المطلق .
7 – الإشارة إليه :
مثل : أعلمته النبأ ففرح ذلك الفرح .
فرح
فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو .
ذلك
الفرح
اسم إشارة مبني على الفتح ، في محل نصب ، نائب عن المفعول المطلق وهو مضاف ، والفرح : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة .
8 – نوعه :
نحو : مشينا هرولة .
هرولة
نائب عن المفعول المطلق ، منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
9 – أدوات الاستفهام والشرط ك ( ما ،أي ، مهما ) وأمثلتها :
- ما فعلت ؟ بمعنى : أي فعل فعلت ؟ حيث نابت (ما) عن المفعول المطلق .
- أي صلاة صليت ؟
- مهما تطلب أطلب .
- أي دراسة أدرس .
فكل من ( ما ، أي ، مهما ) نابت عن المصدر ، وجاءت مفعولا مطلقا .
قال ابن مالك :
وقد ينوب عنه ما علــيه دل كجـد كل الجد وافرح الجــذل ([2])
ملحوظة :
ليس من المفعول المطلق قوله – تعالى -:﴿ وكلا منها رغدا﴾ بل هو حال .
أغراض المفعول المطلق :
يأتي المفعول المطلق لأغراض ثلاثة هي :
1 – توكيد الفعل :
مثل : قول الله – تعالى -:﴿ وكلم الله موسى تكليما ﴾ فقوله :﴿ تكليما ﴾ تأكيد للفعل ( كلم ) ، فلو قيل : ﴿ وكلم الله موسي ﴾ بدون ذكر المصدر لظن البعض أن تكليم الله لموسى لم يكن حقيقة ، ومع ذلك ضل بعض المتكلمين فقالوا : إن الله خلق الكلام ، ومنهم من قال إن الكلام معنى ..... لأن المعاني قائمة بالله ن لا إنه تكلم بحرف وصوت .
* وفي هذه الحالة لا يثنى المفعول المطلق ، ولا يجمع ، ولا يوصف ، ولا يضاف .
2 – بيان نوع الفعل وهيئته :
فالمصدر يقع مفعولا للتوكيد المجرد إذا كان مبهما غير موصوف و لا مضاف ، فإذا وصف أو أضيف صار له معنى آخر يطغى على معنى التوكيد هو بيان النوع ن قال – تعالى -:﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً ﴾[التحريم : 8].
فتوبة : مفعول مطلق ، لكنه عندما وصف عرفنا أنه لا لمجرد التوكيد ، بل هناك معنى خاص هو تحديد نوع التوبة .
- وكذلك بالإضافة : مثل : أعمل عمل الصالحين .
أعمل
فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة و الفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا
عمل
مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وهو مضاف .
الصالحين
مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر سالم .
· وهذا النوع :
يجوز تثنيه و جمعه إذا اختلف أنواعه ، نحو قوله – تعالى -:﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ [الأحزاب : 10] ، وقولك : قرأت قراءتي الفاهم والمجد .
3 – بيان عدد مرات وقوع الفعل :
وكما يطغى بيان النوع في موضع يطغى – أيضا – بيان العدد في الموضع الأخر .
مثال : ضربت زيدا ضربتين ، وضربته ضربات .
· وهذا النوع يجوز تثنيته وجمعه .
قال ابن مالك :
توكيدا أو نوعـــــا يبيــن أو عــــدد كسرت سيرتين سير ذي رشد ([3])
و مــــــا لتوكــــــــيد فوحــــد أبـدا و ثن واجـــمع غــــيره وأفردا ([4])
العامل في المفعول المطلق :
الأصل أن العامل في المفعول المطلق هو الفعل ، وقد ينوب عنه أشياء هي :
1 – المصدر :
نحو قولك : إن التوكل على الله توكلا حقيقا يقوداك إلى الفوز في الدارين .
إن
حرف توكيد ونصب ، مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
التوكل
اسم (إن) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
على
الله
متعلق بالمصدر (التوكل) على : حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، ولفظ الجلالة اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة .
توكلا
مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
حقيقيا
صفة منصوبة ، وعلامة النصب الفتحة الظاهرة .
فالذي نصب المفعول المطلق هنا هو مصدر من نفس لفظه ومعناه ( التوكل توكلا ) ، وهو هنا مبين للنوع ، لأنه موصوف.
2 – اسم الفاعل :
نحو قولك : إن المتوكل على الله توكلا حقيقيا فائز .
فـ : ( توكلا ) : مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ن والعامل فيه اسم الفاعل ( متوكل ).
3 – اسم المفعول :
نحو قولك : هذا الرجل محبوب حبا شديدا .
هذا
اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
الرجل
بدل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة .
محبوب
خبر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة .
حبا
مفعول مطلق ، وهو منصوب ، وعلامة النصب الفتحة الظاهرة ، وهو معمول لاسم المفعول ( محبوب)([5]).
شديدا
نعت منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
قال ابن مالك :
بمثله أو فعل ، أو وصف نصب وكونه أصــلا لهذيـــن انتخــب
فوائد :
1- هناك كلمات لازمت النصب على المصدرية منها ( سبحان ، معاذ ، لبيك ، سعديك ، حنانيك .......) إلخ .
2- يكون المصدر من نفس الفعل ويشتمل على جميع حروفه ، وقد يأتي من معناه ويسمى نائبا عن المفعول المطلق ، أو نائبا عن المصدر .
3- المصدر المؤكد لا يثنى ، ولا يجمع ، لأنه يدل على الحقيقة المشتركة بين القليل والكثير ، أما المصادر المبنية للعدد فتثنى ، وتجمع ، وكذلك المبنية للنوع إذا تعددت أنواعها .
4- قد يأتي المفعول المطلق محلى بـ : ( أل ) العهدية ، أو مضافا ، أو مجردا من : ( أل ) والإضافة ، نحو : درست الدراسة ، وذهبت الذهاب .
الخلاصة :
إن المفعول المطلق هو مصدر فضلة مسلط عليه عامل من لفظه ، و سمي بذلك لأنه غير مقيد بحرف جر أو نحوه مفعول به ، مفعول له ، مفعول فيه ، مفعول معه .
ينوب عن المفعول المطلق عدده ، أو آلته ، أو مرادفه ، أو صفته ، أو الضمير العائد عليه ، وكل وبعض مضافتان إليه ، وبعض أدوات الشرط والاستفهام .
للمفعول المطلق ثلاثة أغراض هي توكيد الفعل ، وبيان نوعه ، وبيان عدده .
الأصل في عامل المفعول المطلق هو الفعل ، وقد يعمل فيه غيره نحو المصدر ، أو اسم الفاعل ، أو اسم المفعول .
وقد سبقت الأمثلة والتفصيل .
(1) المصدر هو اسم الحدث الجاري على الفعل مثل ك أكل أكلا ، وشرب شربا ، واسم المصدر هو : اسم يدل على الحدث الذي يدل عليه المصدر ولكن حروفه تنقص عن حروف المصدر ، نحو : كلمته كلاما ، وقوله تعالى :﴿ والله أنبتكم من الأرض نباتا ﴾ . انظر : أوضح المسالك : 1/281 بتصرف .
(2) في البيت إشارة إلى ما ينوب عن المصدر الواقع مفعولا مطلقا وهو : كل ما يدل عليه نحو : كل وبعض مضافين إلى المصدر ، ونحو مصدر الفعل المرادف للفعل المذكور .
(3) فيه إشارة إلى أنواع المفعول المطلق وهي : المؤكد لعامله ، والمبين للنوع ، والمبين للعدد .
(4) فيه إشارة إلى عدم جواز تثنية المفعول المطلق المؤكد لعامله ، وجواز ذلك في غيره .
(5) التطبيق النحوي ، د. عبده الرجحي : ص228 .