قول المصنف رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم: ✿َو الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَ...مشاهدة المزيد
قال المؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..✿.۩۩๑
والدليل: قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: ✿َو الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ✿ [العصر: 1-3].
✿ يقرن العلامة محمّد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه دائما المسألة بدليلها.
-الله سبحانه و تعالى يُقسم بمن شاء بمخلوقاته أمّا المخلوقات فلا يجوز لها ذلك و من اقسم بغير الله فقد أشرك و كفر.
-الله جلّ و علا أقسم بالعصر على أنّ كل الناس في خسران إلاّ الذين تعلّموا و عملوا و دعوا الناس إلى هذا العلم و صبروا على العلم و العمل و الدعوة. ولو سألتَ شخصا قلتَ له هل تريد الرّبح أم الخسارة فسيقول سواء كان مؤمنا أو كافرا أنه يريد الربح الذي لا يكون إلا بالعلم و العمل و الدعوة و الصبر.
و ذكر بن القيم أن الجهاد لا يكون إلا بالعلم و العمل و الدعوة و الصبر.
----------------------
____________________________________________
✦✿ قال العلامة ابن باز رحمه الله في شرحه :
____________________________________________
وهذا هو الدليل على هذه المسائل الأربع : ففي هذه السورة العظيمة الحجة لهذه الأمور ، وهذا هو الدين كله . فالدين كله إيمان وعمل ودعوة وصبر . إيمان بالحق وعمل به ودعوة إليه وصبر على الأذى فيه ، والناس كلهم في خسارة { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } الآية : أي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق ، وتواصوا بالصبر ، فهؤلاء هم الرابحون ، وهم السعداء . وقد أقسم الله على هذا بقوله : { وَالْعَصْرِ } وهو الصادق سبحانه وتعالى وإن لم يقسم ، ولكن أقسم لتأكيد المقام . والله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من خلقه ، فلا أحد يتحجر عليه ، فأقسم بالسماء ذات البروج ، وأقسم بالسماء والطارق ، وبالضحى وبالشمس وضحاها ، وبالليل إذا يغشى ، وبالنازعات ، وغير ذلك ؛ لأن المخلوقات تدل على عظمته ، وعلى أنه سبحانه هو المستحق للعبادة ولبيان عظم شأن هذه المخلوقات التي تدل على وحدانيته وأنه المستحق للعبادة وحده . وأما المخلوق فليس له أن يقسم إلا بربه ، فلا يقسم ولا يحلق إلا بالله ، ولا يجوز له أن يحلف بالأنبياء ، ولا بالأصنام ، ولا بالصالحين ، ولا بالأمانة ، ولا بالكعبة ، ولا بغيرها . هذا هو الواجب على المسلم ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من حلف بشيء دون الله فقد أشرك " أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح . وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " .= =فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله وأن تكون أيمانهم كلها بالله وحده سبحانه وتعالى .
______________________________
✦ ✿قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
________________________________________
قوله والدليل أي على هذه المراتب الأربع قوله تعالى: )وَالْعَصْرِ) (العصر:1) أقسم الله عز وجل في هذه السورة بالعصر الذي هو الدهر وهو محل الحوادث من خير وشر ، فأقسم الله عز وجل به على أن الإنسان كل الإنسان في خسر إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع: الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
✦✿ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- : جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله، فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين" .
فالله عز وجل أقسم في هذه السورة بالعصر على أن كل إنسان فهو في خيبة وخسر مهما كثر ماله وولده وعظم قدره وشرفه إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة:
أحدها: الإيمان ويشمل كل ما يقرب إلى الله تعالى من اعتقاد صحيح وعلم نافع
الثاني: العمل الصالح وهو كل قول أو فعل يقرب إلى الله بأن يكون فاعله لله مخلصاً ولمحمد صلى الله عليه وسلم متبعاً.
الثالث: التواصي بالحق وهو التواصي على فعل الخير والحث عليه والترغيب فيه.
الرابع: التواصي بالصبر بأن يوصي بعضهم بعضاً بالصبر على فعل أوامر الله تعالى، وترك محارم الله ، وتحمل أقدار الله.
والتواصي بالحق والتواصي بالصبر يتضمنان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين بهما قوام الأمة وصلاحها
ونصرها وحصول الشرف والفضيلة لها : )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران:الآية110).
__________________________
_____________________________________________
✦✿ قال العلامة صالح الفوزان حفظه الله
_______________________________________
" إن سورة العصر سورة عظيمة معجزة وجيزة في ألفاظها غزيرة في معانيها ، جامعة لأسباب السعادة بحذافيرها ومحذرة عن أسباب الشقاوة جميعها ، ولو أراد ابلغ الناس وأفصحهم أن يبين أسباب السعادة و أسباب الشقاوة لاحتاج إلى مجلدات وقد لا يصل إلى المطلوب لكنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه ولا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله "
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية " للشيخ صالح الفوزان .
________________________________________
✦✿ قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله
___________________________________________
: «الإنسان من حيث هو إنسان خاسر، إلا من رحمه الله فهداه، ووفقه للإيمان والعمل الصالح في نفسه وأمر غيره به».
وقال أيضًا(رحمه الله): «فأقسم بالعصر الذي هو زمان أفعال الإنسان ومحلها على عاقبة تلك الأفعال وجزائها، ونبه بالمبدأ وهو خلق الزمان والفاعلين وأفعالهم على المعاد، وأن قدرته كما لم تقصر عن المبدأ لم تقصر عن المعاد، وأن حكمته التي اقتضت خلق الزمان وخلق الفاعلين وأفعالهم».
«التبيان في أقسام القرآن» ص83-88
__________________________
✿ قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} الواو: حرف قسم وجر، و{وَالْعَصْرِ} مقسم به. والعصر: هو الزمان والدهر.
قال ابن كثير ( رحمه الله) في تفسيره : «العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر».
قوله: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} جواب القسم «والعصر» والمراد بالإنسان جنس الإنسان.
والخسر: ضد الربح، أي: إن الإنسان جنس الإنسان من حيث هو لفي خسران ونقصان وهلاك.
قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} استثنى عز وجل من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم .
«تفسير ابن كثير»
____________
✦✿ والإيمان هو قول باللّسان، وتصديق بالجنان –وهو القلب -، وعمل بالأركان – وهي الجوارح -، فالإيمان قول وعمل يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية، هذا هو تعريف السّلف، ولذلك يقول الإمام "البخاري": « أَدركتُ ألفًا منَ العُلمَاء يقُولونَ: الإيمَانُ قَولٌ وعمَل. » ، ويقول "سفيان بن عُيينة" – رحمه الله -: «أدرَكتٌ اثنَيِنِ وسِتِّينَ عالِمًا يقُولُون:الإيمانُ قولُ وعَمل. ».
النصيجة الولدية العلامة صالح السحيمي حفظه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله {الصَّالِحَاتِ} أي: الأعمال الصالحات، والعمل لا يكون صالحًا إلا إذا توافر فيه شرطان: الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول . ﷺ
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} أي: أوصى بعضهم بعضًا بلزوم الحق والتمسك به، قولاً وفعلاً واعتقادًا.
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أي: أوصى بعضهم بعضًا بالصبر، وهو لغة: الحبس والمنع، وشرعًا حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عما حرم الله» وهو أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة
وقال ابن كثير رحمه الله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} على المصائب والأقدار، وعلى أذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر».
✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿
• ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ): فإنّ المؤمن ضعيف بنفسه، قويّ يإخوانه. وليست الدّعوة بحاجة إلى شيء حاجَتَها إلى العلم بالحقّ، والصّبر عليه، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ )) [رواه أبو داود].
______________________
✦✿ فائدة عزيزة و سنة مهجورة أنقلها من كلام العلامة الألباني رحمه الله:
عن أبي مدينة الدارميّ – رضي الله عنه – قال :
( كان الرجلان من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه و سلم إذا التقيا لم يفترقا حتّى يقرأ أحدهُما على الأخر و العصر . إنِ الإنسان لفي خسر ) ( 1 ) , ثم يسلم أحدهُما على الآخر.صحيح , الصحيحة برقم ( 2648).
و في هذا الحديث (فائدة) مما جرى عليه عمل سلفنا – رضي الله عنهم – جميعاً :
و هي التزام الصحابة ( لقراءة سورة العصر ) ,لأنَّنا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن ٌيحدثوا في الدِّين عبادة يتقرَّبون بها إلى الله ,إلاَ أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه و سلم قولاً ,أو فعلاً , أو تقريراً , و لمَ لا , و قد أثنى الله تبارك و تعالى عليهم أحسن الثناء , فقال و السابقون الأوّلون من المهاجرينَ و الأنصار و الذين اتبعوهم( 2 ) بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدينَ فيها أبداَ ذلك الفوز العظيم ( 3 )) و قال ابن مسعود و الحسن البصري :
( مَن كان منكم متأسَّياً فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه و سلم , فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوباً, و أعمقها علماً , وأقلّها تكلّفاً , وأقومها هدياً , وأحسنها حالاً ,قوماً اختارهم الله لصحبة نبيِّه صلى الله عليه و سلم و إقامة دينه ,فاعرفوا لهم فضلهم , و اتَّبعوهم في آثارهم , فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم ) ( 4 ) .
( 1 ) - سورة العصر
( 2 ) - انظر ((إعلام الموقعين)) لإبن القيم (4\159) لتتبين معنى الإتباع , و أنه واجب .
( 3 ) - التوبة(100)م أحمد- و لعله يعني في (( الزهد)) عن أبن مسعود.وانظر ((المشكاة)) (193).
---------------------------------------------