متون طالب العلم - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

متون طالب العلم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-12, 12:35   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


أصول التفسير

كتابة القرآن وجمعه

لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل :


المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا.

ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .

المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم .

فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا .

وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله .
المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا.

ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين – وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .

وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت .

وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ، وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه .

والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد .

وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.

وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة .

وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .

[/QUOTE][/QUOTE][/QUOTE][/QUOTE]









 


قديم 2012-12-12, 12:36   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


تابع لأصول التفسير
القرآن الكريم
القرآن في اللغة : مصدر قرأ بمعني تلا ، أو بمعني جمع ، تقول قرأ قرءاً وقرآناً، كما تقول : غفر غَفْراً وغٌفرانا ً ، فعلى المعني الأول ( تلا ) يكون مصدراً بمعني اسم المفعول ؛ أي بمعني متلوّ، وعلى المعني الثاني: ( جَمَعَ) يكون مصدراً بمعني اسم الفاعل ؛ أي بمعني جامع لجمعه الأخبار والأحكام (1) .
والقرآن في الشرع : كلام الله تعالى المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختوم بسورة الناس . قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الانسان:23) وقال : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) . وقد حمى الله تعالى هذا القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقص والتبديل ، حيث تكفل عز وجل بحفظه فقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ولذلك مضت القرون الكثيرة ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغير فيه ، أو يزيد ، أو ينقص ، أو يبدل ، إلا هتك الله ستره ، وفضح أمره .
وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة ، تدل على عظمته وبركته وتأثيره وشموله ، وأنه حاكم على ما قبله من الكتب .
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87). ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(ق: الآية 1) . وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155) (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (الواقعة:77) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (الإسراء : الآية 9) .
وقال تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21) (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُون(125) (التوبة: 124-125) ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(الأنعام: الآية 19) (فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52). وقال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: الآية 89) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )(المائدة: الآية 48) .
والقرآن الكريم مصدر الشريعة الإسلامية التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس ، قال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(1)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيد(2ٍ) (ابراهيم: 1-2) .
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مصدر تشريع أيضاً كما قرره القرآن ، قال الله تعالىمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80) (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(الأحزاب:الآية 36)(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر:الآية 7) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحِيمٌ) (آل عمران:31)
1- نزول القرآن
نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4) (الدخان:3-4) . (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: الآية 185) .
وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه أربعين سنة على المشهور عند أهل العلم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وسعيد بن المسيِّب وغيرهم . وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الإدراك .
والذي نزل بالقرآن من عند الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام ، قال الله تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) (الشعراء:192- 195) .
وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة ، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة ؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "(19)ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين(21ٍ) (التكوير:19- 21) . وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6)وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7) (لنجم:5-7) .
وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) وقد بين الله تعالى لنا أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.
2- أول ما نزل من القرآن
أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) (العلق:1- 5) . ثم فتر الوحي مدة ، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) (المدثر:1-5) . ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري ومسلم (2) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت : حتى جاءه الحق ٌّ ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ( يعني لست أعرف القراءة ) فذكر الحديث ، وفيه ثم قالاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق(1)َ) إلى قولهعَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)) (العلق:1- 5). وفيهما(3) عن جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي : ( بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء .... ) فذكر الحديث ، وفيه ، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) إلى ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُر(5ْ) (المدثر:1-5) .
وثمت آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ، فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابريَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) إلى قوله وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).
فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)
ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق:1) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1)
3- نزول القرآن ابتدائي وسببي
ينقسم نزول القران إلى قسمين :
الأول : ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ، وهو غالب آيات القران، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75)
الآيات فإنها نزلت ابتداء في بيان حال بعض المنافقين ، وأما ما اشتهر من أنها نزلت في ثعلبة ابن حاطب في قصة طويلة ، ذكرها كثير من المفسرين ، وروجها كثير من الوعاظ ، فضعيف لا صحة له .(5) .
القسم الثاني : سببي : وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه . والسبب :
أ‌- إما سؤال يجيب الله عنه مثل (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) (البقرة: الآية 189) .
ب‌- أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)(التوبة: الآية 65) الآيتين نزلتا في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فجاء الرجل يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)(التوبة: الآية 65) (6).
ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1)
فوائد معرفة أسباب النزول :
معرفة أسباب النزول مهمة جدا ، لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها :
1- بيان أن القران نزل من الله تعالى ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشيء ، فيتوقف عن الجواب أحيانا ، حتى ينزل عليه الوحي ، أو يخفى الأمر الواقع، فينزل الوحي مبينا له . مثال الأول : قوله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الإسراء :85) . ففي صحيح البخاري "(7) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : أن رجلا من اليهود قال : يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، وفي لفظ : فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي ، فلما نزل الوحي قال (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء :85) الآية مثال الثاني قوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّ)(المنافقون: الآية 8) وفي صحيح البخاري (8) أن زيد ابن أرقم رضي الله عنه سمع عبد الله ابن أبى رأس المنافقين يقول ذلك ، يريد أنه الأعز ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأذل ، فأخبر زيد عمه بذلك ، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأخبره بما سمع ثم أرسل إلى عبد الله ابن أبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية ؛ فاستبان الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32) وكذلك آيات الإفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهير له عمّا دنسه به الأفاكون .
3- بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم . مثال ذلك آية التيمم ، ففي " صحيح البخاري " (9) أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها ، وهي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه ، وأقام الناس على غير ماء ، فشكوا ذلك إلى أبي بكر ، فذكر الحديث وفيه : فأنزل الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . والحديث في البخاري مطولاً .
4- فهم الآية على الوجه الصحيح . مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية 158) أي يسعى بينهما ، فإن ظاهر قوله : (فَلا جُنَاحَ عَلَيْه)ِ (البقرة: الآية 158 ) أن غاية أمر السعي بينهما ، أن يكون من قسم المباح ، وفي صحيح البخاري " (10) عن عاصم بن سليمان قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (البقرة: الآية 158) إلى قوله : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: الآية 158) وبهذا عرف أن نفي الجناح ليس المراد به بيان أصل حكم السعي ، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه ، حيث كانوا يرون أنهما من أمر الجاهلية ، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقولهمِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة:الآية 158)
عموم اللفظ وخصوص السبب :
إذا نزلت الآية لسبب خاص ، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها ، ولكل ما يتناوله لفظها ، لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه .
مثال ذلك : آيات اللعان ، وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9) ففي صحيح البخاري " (11)من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك ، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري من الحد ، فنزل جبريل ، وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: الآية9)
فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته ، لكن حكمها شامل له ولغيره ، بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك . فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمى الله في كتابه ، فلاعنها . الحديث (12) .فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره .

[/QUOTE][/QUOTE][/QUOTE][/QUOTE][/QUOTE]










قديم 2012-12-12, 18:33   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
عبد الرزاق الوهيبي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد الرزاق الوهيبي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
وجزاااااك الله الف الف خير










قديم 2012-12-12, 22:44   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد تاهي مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وجزاااااك الله الف الف خير
وفيك بارك الله وأحسن إليكم









قديم 2012-12-13, 09:16   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قوله رحمه الله: ( وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التّوحيدُ ): فبعد أن بيّن رحمه الله أنّ الله تعالى قد أمر الخلق جميعا بتوحيده وإخلاص العبادة له، ذكّر بمنزلة التّوحيد من الدّين؛ وأنّه أوّل الأمر وآخره، وباطن الدّين وظاهره.
وهذا التّذكير لا بدّ منه لأمور:
أوّلها: أنّ هذه هي سنّة المولى تبارك وتعالى، فلا يزال يذكّر الأنبياء والمرسلين بتوحيده، وينهاهم عن الإشراك به، فقال عزّ وجلّ:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزّمر:65]، وقال:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:106]، وقال:{وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [القصص من: 88]، {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يونس:105]، وغير ذلك ممّا لا يُحصَى من الآيات.
بل إنّ الله ذكر مزايا سبعة عشر رسولا، ثمّ بيّن أنّه لو لاقَوْه بشيءٍ من الشّرك لحبط عنهم عملهم، فقال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)} [الأنعام].
ثانيا: أنّ هذه هي سنّة المرسلين.
فإمام الحنفاء إبراهيم عليه السّلام يتعاهد أبناءه - وهم من الأنبياء - بكلمة التّوحيد، وتبعه يعقوب عليه السّلام على ذلك.
ونوح عليه السّلام من قبل يُوصِي ابنه قائلا -كما في " المسند "-: (( إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا عليه السّلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنْ اثْنَتَيْنِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ... وَأَنْهَاكَ عَنْ الشِّرْكِ ... )).
مع أنّ ابنه قد عاين الطّوفان الّذي ما جعله الله عذابا إلاّ لأجل الشّرك، ونحن نظنّ أنّه لا يمكن أن يعود أحدٌ إلى الشّرك لو عاين الطّوفان، لكنّ نوحا لا يفكّر كتفكيرنا، إنّه يعلم أنّ الشّيطان لن يقصّر في إيقاع النّاس في أوحال الشّرك.
أمّا نبيّ الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم فكان يتعاهد أصحابه رضي اله عنهم - وهم من هم ؟- بالنّهي عن الشّرك بالله تعالى:
فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يأتيه فيقول له: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ ؟ قال: (( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ )).
وفي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قالَ: (( الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ )). وغير ذلك.
حتّى الشّرك الأصغر كان صلّى الله عليه وسلّم لا يترك فرصة إلاّ وذكّرهم بخطره، وقبحه وضرره، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَينَا رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ونحنُ نَتَذَاكَرُ المَسِيحَ الدّجّالَ، فقال: (( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ )) قلْنَا: بلى! فقالَ: (( الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ )).
وكان من دعاء الخليل عليه السّلام قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}؛ فمن يأمن على نفسه بعد ذلك إلاّ من قال تعالى فيه:{وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} ؟
ثالثا: أنّ الشّرك عاد إلى هذه الأمّة كما أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فقد روى التّرمذي وغيره عنْ ثوبانَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ )).
فقد دبّ الشّرك من جديد بدءا من صرف كثير من العبادات لغيره تعالى: كالدّعاء، والذّبح، والاستغاثة، والطّواف بغير بيته سبحانه، إلى
انتشار سبّ الله ورسوله ودينه ! إلى انتشار السّحرة والمشعوذين باسم الرّقى الشّرعيّة ! إلى انتشار الكهانة باسم الأبراج على صفحات الجرائد.
رابعا: جهل أكثر النّاس بمعنى لا إله إلاّ الله.
ولمّا كان أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أدركوا معنى الشّرك بالله، سمعنا عمرَ بنَ الخطّاب رضي الله عنه يقول لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه: أنشدك الله ! هل سمّاني لك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع من سمّى من المنافقين ؟ فقال حذيفة: لا ، ولا أزكّي أحداً بعدك أبدا، فبكى عمرُ رضي الله عنه.
وقال ابن أبى مليكة - كما في صحيح البخاري -:" أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلّهم يخاف النّفاق على نفسه ! فلا يأمن النّفاق إلاّ منافق، ولا يخاف النّفاق إلاّ مؤمن.
خامسا: أنّ الله تبارك وتعالى قد يغفر للعبد كلّ شيء، إلاّ الشّرك به.
فالله الّذي وسعت رحمته كلّ شيء، وهو أرحم بعبده من الأمّ الرّءوم بولدها ! الله الّذي يوم خلق السّموات والأرض كتب كتابا فهو عنده تحت العرش: (( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي )) ! يقول:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء:48].
لذلك ذكّر المؤلّف بمنزلة التّوحيد من الدّين، وأنّه أعظم الحسنات في دين الله عزّ وجلّ.
والتّوحيد في اللّغة: هو الإفراد وجعل الشّيء واحدا، كما أنّ التّثنية جعل الشّيء اثنين، والتّثليث جعله ثلاثةً.
وفي الشّرع هو ثلاثة أنواع:
أ) توحيد الرّبوبيّة: وهو الاعتقاد الجازم بأنّ الله هو ربّ الكون وحده ومليكه ومدبّره.
ب) توحيد الأسماء والصّفات: وهو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
ج) توحيد الألوهيّة: وهو ما ذكره رحمه الله بقوله:
• ( وهو: إفرادُ اللهِ بالعبادة ): أي: صرف جميع العبادات الفعليّة والقوليّة والظّاهرة والباطنة لله وحده دون غيره.
ولا بدّ من أن نلحظ أنّ الألف واللاّم في قوله: ( التّوحيد ) للعهد الذّكري، أي: الّذي سبق له ذكر عند الحديث عن ملّة إبراهيم عليه السّلام، وإلاّ فإنّه أنواع ثلاثة كما ذكرنا.
وإنّما خصّ المؤلّف رحمه الله التّوحيد بتوحيد العبادة؛ لأمور:
أ) أنّه هو التّوحيد الّذي دعا إليه جميع الرّسل.
ب) وأنّه هو التّوحيد الّذي وقعت فيه الخصومة بين المرسلين وأعدائهم.
ج) أنّ المشركين كانوا مقرّين بتوحيد الرّبوبيّة كما سبق بيانه.
د) وأنّ توحيد الألوهيّة متضمّن لتوحيد الرّبوبيّة، ومستلزم للإيمان بالأسماء الحُسنَى والصّفات العُلى، حتّى إنّ أهل العلم فسّروا الشّهادة بأنّ معناها: لا معبود بحقّ إلاّ الله تعالى.
• ( وأعظمُ ما نهى عنه الشّركُ ): أي: هو أعظم السّيّئات على الإطلاق، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه السّابق ذكرُه أنّه قال: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ))، قلتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: (( أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ ))، قال: ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: (( أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ))، وأنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ قوْلِ النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم:{والَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية.
وفي الحديث الّذي رواه التّرمذي عن أنسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( قالَ الله تبارك وتعالى: يَا ابنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي .. يَا ابنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي .. يَا ابنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً )).
وروى الترمذي وابن ماجه وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يقولُ:
أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا ؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.
فيقولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.
فيقولُ: بلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ اليوْمَ ! فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ ! فيقولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ ؟ فقالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.
قال: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ، وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ )).
فهذا الحديث كما أنّه يدلّ على فضل من مات على التّوحيد، فإنّ فيه بيانَ فظاعة الشّرك، حيث إنّ كلمة " لا إله إلاّ الله " على ثقلِها قد نقضها المشرك، فصار الشّرك بالله أثقل منها، فلم تنفع قائلَها !
•قال رحمه الله: ( وهو دعوةُ غيرهِ معهُ ): فكما خصّ التّوحيد بتوحيد الألوهيّة، نراه خصّ الشّرك بشرك الألوهيّة.
ولا بدّ أن نلحظ أنّه كان من المفترض أن يعرّفه بما يقابل التّوحيد، فيقول: وهو عبادة غيره معه. لكنّه ذكر الدّعاء فحسب، وتوجيه ذلك بأحد أمرين:
أ) أنّه عرّف الشّيء ببعض أجزائه.
ب) أو أراد بالدّعاء هنا هو العبادة، فالعابد سائلٌ بحاله متوسّل بأعماله، لأنّ الحامل على العبادة هو الرّهبة والرّغبة.
وهذا القول أقرب؛ ليقابل تعريف الشّرك تعريفه للتّوحيد. فكلّ مأمور واجب أو مستحبّ صُرف لله فهو التّوحيد والإيمان والإخلاص.
•قال: (والدّليل قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللهَ }: وقد سبق بيان معنى العبادة، ولكن لمّا كانت العبادة وحدها لا تُغنِي، عطف الله على الأمر بالعبادة قولَه:{وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}: وكلمة (شيئا) نكرة في سياق النّهي تفيد










قديم 2012-12-13, 09:19   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


تضمّنت المسألة الثّالثة أصلاً من أصول العقيدة الإسلاميّة، ألا وهو: الولاء والبراء، وبيّن التّلازم بين هذه المسألة والمسألتين قبلها بـ:
✿• قوله رحمه الله: ( الثّالثة: أنَّ مَنْ أطاعَ الرّسولَ ووحَّدَ اللهَ لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ مَنْ حادَّ اللهَ ورسولَهُ ولو كان أقْرَبَ قريبٍ ):
فقوله: ( من أطاع الرّسول ) وطاعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي أن يوافقه ويتابعه وهو مختار.
قال: ( و
وحّد الله ): أي أفرده بالعبادة، ولم يُشرِك به أحدا كما سبق بيانه.
فالمصنّف رحمه الله يشترط هذه الأصلَ زيادةً على الشّهادتين، وأنّ الشّهادتين لا قيام لهما إلاّ بالأصل الثّالث.
قوله: ( لا يجوزُ لهُ مُوالاةُ ): أي: يحرُم.
- والولاء والموالاة: من ( الوَلْي )، وهو: القرب والدنوّ -كما في "لسان العرب"-، فتقول: هذا يلِي هذا، أي: يقرب منه، ومنه قولك: هذا أولى، أي: أقرب.
وأُطلق على المحبوب لقربه من المحِبّ، فأطلقته العرب على جماعة كثيرة: الربّ، والمالك، والسّيد، والمعتق، والمعتَق، والنّاصر، والتّابع، والجار، وابن العمّ، والحليف، والصّهر، والعبد.
قال ابن منظور رحمه الله:" ويلاحظ في هذه المعاني أنّها تقوم على النّصرة والمحبّة ".
أمّا الولاء شرعا: فهو النّصرة والمحبّة، وأن يكون المرء مع من يحبّ ظاهرا وباطنا.
- ويقابله البراء: وهو في اللّغة من الخلاص والتنزه والابتعاد، ومنه الاستبراء من البول أي التخلّص والتنزّه.
شرعا: هو البُعدُ والخلاص والعداوة.
• قال: ( من حادّ الله الله ورسوله ): والمحادّة: وقوع هذا في حدّ، وذاك في حدّ، كالمشاقّة، يقال: حادّ فلانٌ فلاناً، أي: صار في جانب والآخر في جانب آخر.
فالولاء للمؤمنين، والبراء من الكفّار والمشركين: من التّوحيد العمليّ الطلبيّ الّذي تضمّنته سورة الكافرون، فهو أصل من أصول الإسلام، وقد روى الطّبراني بسند حسن والبغويّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ رضي الله عنه: (( أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ ؟)) قال: الله ورسوله أعلم. قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ المُوَالاَةُ فِي اللهِ وَالمُعَادَاةُ فِي اللهِ، وَالحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ )).
فقرابة الدّين أولى وأعظم وأوجب من قرابة النّسب؛ بدليل أنّه لا يرثُ المسلم الكافر ولو كان ولدَه، أو والدَه.
وقد أدرك الأعداءُ أنّهم لا يقدِرون على زعزعة الإيمان في قلوب المسلمين بالغزو والاستدمار، فراحوا يشنّون الغارة تلو الغارة على أصول الإيمان، ومن أخطر مخطّطاتهم تضييع قضيّة الولاء والبراء في قلوب المسلمين، بدءاً بطمس برامج تعليم الصّبيان، إلى الدّعوة إلى خلط الأديان.
ولكن هيهات .. فإنّهم إن استطاعوا طمس البرامج والمناهج، فهل يستطيعون طمس آيات الله الكثيرة، وأحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الوفيرة ؟ قال الشّيخ عبد العزيز بن عتيق رحمه الله:" أكثر النّصوص بعد الأمر بالتّوحيد هي نصوص الولاء والبراء ".
1✿- من ذلك:قوله تعالى:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28]، فقد تبرّأ الله تعالى في هذه الآية ممّن يوالي الكفرة، وتأمّل كيف عبّر بالفعل {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} لاستهجانه، وتأمّل وجه تبرّؤ الله من الموالي للكفّار بقوله:{فَلَيْسَ مِنَ اللهِ}: أي إنّ الله بريء منه كقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا )).
فإذ لم يكن من الله فممّن هو ؟ جاء الجواب في:
2✿- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
وذكر ابن الجوزيّ رحمه الله في ذلك قولين:
أحدهما: من يتولّهم في الدّين، فإنّه منهم في الكفر.
والثّاني: من يتولّهم في العهد فإنّه منهم في مخالفة الأمر.
لذلك كانت الموالاة منها ما هو كفرٌ، ومنها ما هو فجور وفسق.
فالّتي تُعدّ كفرا: موالاتُهم في الدّين، والرّضا عن دينهم، وتفضيلهم على المؤمنين، ونشر دينهم أو تمكينهم من ذلك، وإعانتهم على قتل المسلمين.
والّتي تعدّ فجورا ما دون ذلك، كتقليدهم.
3✿- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران: من الآية118]. وبطانة الرّجل هم: خاصّته الّذين يستبطنون أمره، ويطّلعون على باطن أمره، ورحم الله القائل:
كلّ العداوات ترجى مودّتها *** إلاّ عداوة من عاداك في الدّين
ثمّ بيّن تعالى المعنى الّذي لأجله نهى عن المواصلة فقال:{لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} يعني: لا يُقصّرون السّعي في إفسادكم؛ فإنّهم وإن لم يقاتلوكم في الظّاهر، فإنّهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة.
4✿- قوله عزّ وجلّ:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:139]. فبيّن الله تعالى أنّ موالاة الكافرين من أبرز صفات المنافقين، وما ذلك إلاّ لانعدام يقينهم في الله عزّ وجلّ؛ لذلك قال:{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} أي: المنعة وشدّة الغلبة.
5✿- قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} [النساء:144]، أي: إن تولّيتموهم جعلتم لله حجّة لتعذيبكم ومعاقبتكم.
6✿- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:57].
7✿- قوله عزّ وجلّ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة:23].
8✿- قوله جلّ جلاله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة من:1].
9✿- قوله تعالى:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].
10✿- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة:13].
ومن الآيات ما ذكره المصنّف رحمه الله، فقال:
• قوله: ( والدّليل قوله تعالى:" لاَ تَجِدُ ": وعبّر بالخبر دون النّهي لتوكيد القيام بهذا الأصل، فلا يكون ولن يكون ذلك.
• ( قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ): أي: لا يجتمع الإيمان وحبّ أهل الكفر والشّرك في قلب عبدٍ أبداً.
• ( يُوَادُّونَ ) من المودّة وهي شدّة الحبّ ( مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ): أي: حاربهما. وأكّد ذلك بضرب الأمثلة بأقرب قريب:
• ( وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) فبدأ بالأصول لشرف المرتبة وتعظيمها ( أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ) وثنّى بالفروع لشدّة حبّهم والميل إلى الرّحمة بهم ( أَوْ إِخْوَانَهُمْ ) وهم الحواشي الّذين تربط العبدَ بهم رابطة المحبّة والتّعاطف ( أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ): وهم القبيلة الّتي يتكثّر بها.
• ( أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ ) أي: هؤلاء الّذين لا يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم {كَتَبَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ} أي: نقشه في قلوبهم فلا يُمحَى {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} ثبّتهم وقوّاهم ببرهان منه ونور وهدى.
• ( وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ): أي يُدخلهم دار كرامته والنّعيم الأبديّ؛ لأنّهم تركوا النّعيم الّذي وعدهم به الأعداء، ويقرّبهم منه لطمعهم في قربه.
• ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ): وهذا من باب الجزاء من جنس العمل، فكما أنّهم قدّموا رضا الله على رضا غيره، أثابهم الله برضوانٍ منه.
روى التّرمذي أنّ معاويةَ رضي الله عنه كتب إلى عائشةَ رضي الله عنها أنْ: اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ ولا تكْثِرِي عليَّ، فكتبتْ عائشةُ رضي الله عنها إليه: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أمّا بعدُ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ )) وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.
• ( أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ): الفلاح كلمة جامعة للخير كلّه، مأخوذ من فلح الأرض؛ لأنّ الفلاّح يغرس ثمرة واحدة فيجني ثمارًا كثيرة طيبّة، فكذلك المؤمن يعمل حسنات قليلة فيجني الفوز في الدنيا والآخرة.
فمعنى ( الفلاح ): الفوز بالجنّة والبقاء بها. قال ابن أبي إسحاق:" المفلحون هم الّذين أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شرّ ما منه هربوا "، وقال آخر: " الفلاح هو الظّفر بالمطلوب، والنّجاة من المرهوب ".
ولمّا وقع المسلمون فيما نهاهم الله عنه وصاروا يوالون الكفّار والفجّار، ويعادون الأطهار والأبرار، أذاقهم الله تعالى ما ذاقوه من الذلّ والهوان، والخزي والحرمان، مصداقا لقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وفي " المسند" عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: ((.. وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ )).

قال الشيخ العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله :
من هذه النقطه يجب أن نتريث ونفهم الحقائق لكي لا يتعجل بعض الشباب . الكفار قسمان : قسم يقال له الكافر الحربي : والذي العلاقة بيننا وبينهم الحرب ، وليس بيننا وبينهم أي علاقة . عداوة وحرب هؤلاء يجب قتالهم ، ولا تجوز موالاتهم بل لاتجوز مجاملاتهم ومداراتهم لأنه كافر حربي وإلى ذلك تشير الأية الكريمة : ياأيها الذين أمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم هؤلاء الكفار الحربيون . وهناك كافر غير حربي ذمي ، الكافر الذمي لايجوز قتله ويجامل ويدارى ولا يداهن ويعامل في المعاملة الدنيوية نبيع منه ونشتري ، نقرضه ونستقرض منه نعامله هذه المعاملة ونشتري منهم الأسلحة ونبيع لهم ما لدينا من السلع طالما أنهم غير محاربين لنا إذا كانوا ذميين وفي حكم الذمي المستأمن . ومن بيننا وبينهم الهدنة في أيام الهدنة يعاملون هذه المعاملة ، ولكن الذي يجب أن يفهمه الطلاب فرق بين المعاملة وبين الموالاة ، فالمولاة هي المحبة القلبية لايجوز لك أن تحب الكافر كائناً من كان تحرم مودتهم ومحبتهم ونصرتهم ولكن إذا كان غير حربي لاتحرم معاملتهم ومداراتهم ومجاملتهم
....










قديم 2012-12-13, 09:20   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول المُؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..➊.۩۩๑
✿االثانية: أنَّ اللهَ لا يرضى أن يُشْرك معهُ أحدٌ في عبادتِه لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18]..✿

__________________
¤✿¤ وهذه المسألة غايةٌ للمسألة الأولى، فلمّا تضمّنت المسألة الأولى وجوب معرفة ربوبيّة الله تعالى،
فكأنّ سائلا يسأل: فما العلّة من خلقِنا ورَزقِنا وإرسال الرّسول إلينا ؟ فيأتي الجواب: إنّما الغاية من ذلك هو عبادة الله وحده لا شريك له.
فإذا أقرّ العبدُ بربوبيّة الله تعالى كان واجبا عليه أن يُذعِن له بالإخلاص في العبادة.
وقد روى التّرمذي قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1724 في صحيح الجامع
في الحديث الطّويل في وصايا يحيى عليه السّلام الخمس: (( أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيْئًا؛ وَإِنَّ مَثَلَ منْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَال: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ! فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ؟)).

لذلك قال المصنّف رحمه الله:
- قوله: ( لاَ يَرْضَى ): وصفة الرّضا غير صفة الإرادة؛ فالرّضا نوع من أنواعها؛ ذلك لأنّ إرادة نوعان:
أ) إرادة كونيّة: فلا يحدُث في كونه سبحانه إلاّ ما يريد، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكُن، وضابطه: أن يُمكِّن العبدُ من الفعل، أي: يستطيع.
ب) إرادة شرعيّة، وضابطها: الأوامر والنّواهي: افعل أو لا تفعل.
والشّرك واقعٌ في الكون بإرادة الله سبحانه؛ ولو شاء الله أن لا يكون ما كان، ولكنّه لا يرضاه، فهو لا يريده الإرادة الشّرعيّة.
قال الله تعالى:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزّمر من: 7]، وقال:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة من:3]، وفي صحيح مسلم والإمام أحمد - واللّفظ له - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:
(( إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ )).
ومن لوازم صفة الرّضا المحبّة، فإذا رضِي الله عن عبده أحبّه، وهو غاية ما تصبو إليه الأنفس والقلوب والأرواح، كما قال بعض السّلف: ليس الشأن أن تُحِبّ ولكن أن تُحَبّ؛ فإنّ محبّة الله يدّعيها كلّ أحد.
• قوله رحمه الله: ( أن يُشْرك ) سواء الشّرك الأكبر أو الشّرك الأصغر.
والشّرك مأخوذ من الشّركة، فإذا أزلت الشّريك تكون قد جعلت خالصا، وإنّ من عادة النّاس أن يتّخذوا شركاء ليتكثّروا ويتقوّوا بهم، والله هو الغنيّ القويّ ليس بحاجة إلى شريك يشاركه في العبادة.
لذلك روى مسلم عن أبى هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( قال اللهُ تبارك وتعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ )) وفي نسخة: ( وَشَرِيكَهُ ). أي: يأمر الله المشركَ يوم القيامة بأن يذهب إلى من أشركه مع الله فيلتمس منه الأجر.
والشّرك ثلاثة أنواع:
1- شرك في الرّبوبيّة: كمن يُثبت للعالم خالقين، أو من يعتقد أنّ هناك مدبّرا للكون مع الله تعالى. وقد وقع طوائف في مثل هذا الشّرك عياذا بالله، فيعتقدون أنّ الوليّ الصّالح قد يخلق ! وقد يرزق ! بل قد يحيِي ويُميت ! وقد يردّ ملك الموت ! ومن جملة الاعتقادات الّتي انتشرت لدى غلاة المتصوّفة ما يُسمّى لديهم بديوان الصّالحين !
2- وشرك في الأسماء والصّفات: كأن يسمّى أحدٌ من الخلق أو يُوصف بما لا يليق إلاّ بالله تعالى.
3- وشرك في الألوهيّة، وهو المقصود بالمسألة الثّانية.
• قوله: ( معهُ أحدٌ في عبادتِه ): والعبادة في اللّغة هي غاية التذلّل والخضوع، تقول: هذا طريق معبّد، أي: مذلّل.
وفي الشّرع: هي اسمٌ جامع لما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظّاهرة.
فالله لا يرضى أن تُصرف أيّ عبادة لغير الله أيّاً كان؛ لذلك قال:
• ( أحدٌ ) نكرةٌ في سياق النّفي فتفيد العموم، فتشمل الملائكة والجنّ والبشر، والجماد والحجر، والشّمس والقمر، وغير ذلك. لذلك أكّد هذا العموم:
• قوله: ( لا مَلَكٌ مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرْسَل ): جملة للتّنبيه والتّحذير فذكر أحبّ وأقرب الخلق إلى الله تعالى، الّذين اصطفاهم على سائر العباد، وخصّهم بما لم يخصّ به غيرهم.
فإذا كان لا يحلّ صرف شيء من العبادات إلى ملك مقرّبٍ ولو كان جبريل عليه السّلام، ولا إلى نبيّ مرسل ولو كان محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فكيف بغيرهما ؟!
• قال رحمه الله: ( والدّليلُ قولُهُ تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}):
والمساجد هي مواضع السّجود، أي: مواطن الصّلاة والعبادة، وكأنّ الله تعالى يقول لهم: إذا كنتم تعلمون أنّ المساجد لله، وتسمّونها بيوت الله، فلماذا تصرفون العبادة فيها لغيره، كما يفعل عُبّاد الأوثان، وعبّاد القبور ؟!
ومنهم من قال: هي أعضاء السّجود؛ وعليه فالمقصود: إنّ هذه الأعضاء إنّما خلقها المولى تبارك وتعالى؛ فلماذا تسجدون بها لغيره ؟!
و( تدعوا ): يُقصد بالدّعاء هنا العبادة، وفي سنن أبي داود والتّرمذي عن النّعمانِ بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)) وَقَرَأَ:{وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
والدّعاء نوعان: دعاء المسألة، ودعاء الثّناء.
فدعاء المسألة: وهو الطّلب.
ودعاء الثّناء: وهو نداء المولى تبارك وتعالى دون ذكر مطلوب، ومنه ما رواه التّرمذي عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو رضي الله عنه أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )).
وقد استشكل هذا الحسين بن الحسن المروزي، قال: سألت ابنَ عيينة عن دعاء عرفة فقلت: هذا ثناء وليس دعاء ؟! فقال ابن عيينة: قال: قال أميّة بن أبي الصّلت في مدح عبد الله بن جدعان:
أَأَذْكُـرُ حَـاجـَتِـي أَمْ قَـدْ كَفَـانِـي *** حَـيَـاؤُكَ إِنَّ شِـيمَـتَـكَ الحَـيَـاءُ
إِذَا أَثْـنَـى عَـلَـيْـكَ المَـرْءُ يَـوْمًـا *** كَـفَـاهُ مِـنْ تَـعَـرُّضِـهِ الثَّـنَـاءُ
قال سفيان: فهذا مخلوق حين نسب إلى الكرم اكتفى بالثّناء عن السّؤال، فكيف بالخالق ؟
فإذا تقرّر وجوب توحيد الله تعالى في ربوبيّته، وألوهيّته، فلازم ذلك أن يُواليَ العبد المؤمنين، وأن يُعاديَ الكافرين، وذلك ما ذكره رحمه الله في المسألة الثّالثة.
أن شاء الله تعالى في الصورة اللاحقة.
_______________________

¤✿¤ قال العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله :
هذه المسألة الثانية إنما هي تحقيق للمسألة الأولى : أن تعلم أن الله لا يرضى أن يشرك معه أحد في عبادته ، كما أنه الخالق الرازق المحيي المميت ، الذي خلقك وأعطاك النعم ، فهو سبحانه لا يرضى أن يشرك معه أح من الخلق ، لا نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، ولا غيرهما ؛ لأن العبادة حق الله وحده ، كما قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ } ، وكما قال تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ؛ لأن الشرك به هو أعظم الذنوب ، وقد جاء في الآيات الكثيرة الأمر بإخلاص العبادة لله وحده ، والنهي عن عبادة ما سواه ن فتجمع بين أمرين : فتؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، وتؤمن بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة من ذبح وصلاة وصوم وغير ذلك من العبادات ، كما قال سبحانه : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَّاحِدٌ }، وقال سبحانه: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا } .
_____________________
¤✿¤ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
أي المسألة الثانية مما يجب علينا علمه أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد،
بل هو وحده المستحق للعبادة ودليل ذلك ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله تعالى: }وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً{ {سورة الجن، الآية: 18}
فنهى الله تعالى أن يدعو الإنسان مع الله أحداً،
والله لا ينهى عن شيء إلا وهو لا يرضاه سبحانه وتعالى
و قال الله عز وجل : } إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وأن تشكروا يرضه لكم { {سورة الزمر، الآية: 7} ،
وقال تعالى: }فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضاه الله سبحانه وتعالى بل إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لمحاربة الكفر والشرك والقضاء عليهما، قال الله تعالى: }
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله{ {سورة الأنفال، الآية: 39} وإذا كان الله لا يرضى بالكفر والشرك فإن الواجب على المؤمن أن لا يرضى بهما ، لأن المؤمن رضاه وغضبه تبع رضا الله وغضبه ، فيغض لما يغضب الله ويرضى بما يرضاه الله عز وجل ، وكذلك إذا كان الله لا يرضى الكفر ولا الشرك فإنه لا يليق بمؤمن أن يرضى بهما. والشرك أمره خطير

قال الله عز وجل: } إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{ {سورة النساء ، الآية : 48}
وقال تعالى: } إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومآواه النار وما للظالمين من أنصار{ {سورة المائدة، الآية: 72}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار"
رواه البخاري
_______________










قديم 2012-12-13, 09:21   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول المُؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..➊.۩۩๑
✿قال الشّافعيّ رحمه الله تعالى: لومَا أنزل الله حجّة على خلقه إلاّ هذه السّورة لكفتهُم.✿
وقوله: ( رحمه الله ) فيه أدب رفيع، وقيام بحقّ أهل العلم، بأن يدعُو الطّالب لهم بالرّحمة. وهي دعاء، وليست خبرا، ومن أخطاء النّاس قولهم عن الميّت: المرحوم، أو المغفور له؛ لأنّ في ذلك جزما له بالرّحمة، وليس ذلك إلاّ الله.
_________________________________
لا يعني قول الشافعي أنّهُ لا يريد نزول شيء من القرآن إلا هذه السورة بل يقول أنّ هذه السورة وحدها تكفي في قيام الحجة على الخلق ليتعلموا و يعملوا و يدعوا و يصبروا. فما بالك ببقية القرآن فهو كله حجج.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرحه
مراده رحمه الله أن هذه السورة كافية للخلق في الحث على التمسك بدين الله بالإيمان ، والعمل الصالح ، والدعوة إلى الله، والصبر على ذلك، وليس مراده أن هذه السورة كافية للخلق في جميع الشريعة.

وقوله : "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم" لأن العاقل البصير إذا سمع هذه السورة أو قرأها فلا بد أن يسعى إلى تخليص نفسه من الخسران وذلك باتصافه بهذه الصفات الأربع: الإيمان، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله - : اعلم أن قول الشافعي رحمه الله فيه دلالة ظاهرة على وجوب العلم مع القدرة ومن استدل به على ترك الرحلة والاكتفاء بمجرد التفكر في هذه السورة فهو خلي الذهن من الفهم والعلم والفكرة إن كان في قلبه أدنى حياة ونهمة للخير لأن الله افتتحها بالإقسام بالعصر الذي هو زمن تحصيل الأرباح للمؤمنين وزمن الشقاء بالخسران للمعرضين الضالين، وطلب العلم ومعرفة ما قصد به العبد من الخطاب الشرعي أفضل الأرباح وعنوان الفلاح، والإعراض عن ذلك علامة الإفلاس والإبلاس.( الدرر السنية (4/340، 341).).
๑۩۩..➋.۩۩๑
يقول المُؤلّف رحمه الله تعالى:
✿و قال البخاريّ رحمه الله تعالى: بابُ العلمِ قبل القولِ و العَمل, و الدّليل قوله تعالى:
فاعْلَمْ أنَّهُ لَا إلَه إلَّا اللهُ و اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك {محمّد 19}.
فبدأ بالعلم قبل القول و العمـل.✿
-استدل سفيان بن عيينة رحمه الله بهذه الآية على فضل العلم كما أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمته من طريق الربيع بن نافع عنه أنه تلاها فقال : ألم تسمع أنه بدأ به فقال : " اعلم " ثم أمره بالعمل ؟ فتح الباري شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني رحمه الله
-فنبه البخاري رحمه الله على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم : " إن العلم لا ينفع إلا بالعمل " تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه . أنظر فتح الباري
-نستفيد من قول الإمام البخاري رحمة الله عليه أنّ السلف يذكرون كل مسألة بدليلها و بهذا اقتدى المؤلف محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرحه
أستدل البخاري رحمه الله بهذه الآية على وجوب البداءة بالعلم قبل القول والعمل وهذا دليل أثري يدل على أن الإنسان يعلم أولاً ثم يعمل ثانياً ، وهناك دليل عقلي نظري يدل على أن العلم قبل القول والعمل وذلك لأن القول أو العمل لا يكون صحيحاً مقبولاً حتى يكون على وفق الشريعة ، ولا يمكن أن يعلم الإنسان أن عمله على وفق الشريعة إلا بالعلم، ولكن هناك أشياء يعلمها الإنسان بفطرته كالعلم بأن الله إله واحد فإن هذا قد فطر عليه العبد ولهذا لا يحتاج إلى عناء كبير في التعلم ، أما المسائل الجزئية المنتشرة فهي التي تحتاج إلى تعلم وتكريس جهود.
قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله :
هذا دليل على مكانة العلم وأن العابد لا يجوز له أن يبدأ بالعبادة إلا بعد العلم ، وأن الواعظ والمعلم والمرشد لا يجوز له أن يتصدى لذلك قبل العلم أي يجب أن يدعوا الناس إلى ما يعلم وينصح الناس بما يعلم ، ويعلم الناس ما يعلم ، وما لم يعلم يعتذر بقول الله أعلم .
خلاصة
_____
قال العلامة عبد العزيز ابن باز رحمــه الله :
فالإنسان عليه أن يتعلم أولا ، ثم يعمل ؛ فيتعلم دينه ، ويعمل على بصيرة ، والله أعلم .















قديم 2012-12-13, 09:22   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول المصنف رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم: ✿َو الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَ...مشاهدة المزيد
قال المؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..✿.۩۩๑
والدليل: قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: ✿َو الْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ✿ [العصر: 1-3].

✿ يقرن العلامة محمّد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه دائما المسألة بدليلها.
-الله سبحانه و تعالى يُقسم بمن شاء بمخلوقاته أمّا المخلوقات فلا يجوز لها ذلك و من اقسم بغير الله فقد أشرك و كفر.
-الله جلّ و علا أقسم بالعصر على أنّ كل الناس في خسران إلاّ الذين تعلّموا و عملوا و دعوا الناس إلى هذا العلم و صبروا على العلم و العمل و الدعوة. ولو سألتَ شخصا قلتَ له هل تريد الرّبح أم الخسارة فسيقول سواء كان مؤمنا أو كافرا أنه يريد الربح الذي لا يكون إلا بالعلم و العمل و الدعوة و الصبر.
و ذكر بن القيم أن الجهاد لا يكون إلا بالعلم و العمل و الدعوة و الصبر.

----------------------
____________________________________________
✦✿ قال العلامة ابن باز رحمه الله في شرحه :
____________________________________________
وهذا هو الدليل على هذه المسائل الأربع : ففي هذه السورة العظيمة الحجة لهذه الأمور ، وهذا هو الدين كله . فالدين كله إيمان وعمل ودعوة وصبر . إيمان بالحق وعمل به ودعوة إليه وصبر على الأذى فيه ، والناس كلهم في خسارة { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } الآية : أي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق ، وتواصوا بالصبر ، فهؤلاء هم الرابحون ، وهم السعداء . وقد أقسم الله على هذا بقوله : { وَالْعَصْرِ } وهو الصادق سبحانه وتعالى وإن لم يقسم ، ولكن أقسم لتأكيد المقام . والله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من خلقه ، فلا أحد يتحجر عليه ، فأقسم بالسماء ذات البروج ، وأقسم بالسماء والطارق ، وبالضحى وبالشمس وضحاها ، وبالليل إذا يغشى ، وبالنازعات ، وغير ذلك ؛ لأن المخلوقات تدل على عظمته ، وعلى أنه سبحانه هو المستحق للعبادة ولبيان عظم شأن هذه المخلوقات التي تدل على وحدانيته وأنه المستحق للعبادة وحده . وأما المخلوق فليس له أن يقسم إلا بربه ، فلا يقسم ولا يحلق إلا بالله ، ولا يجوز له أن يحلف بالأنبياء ، ولا بالأصنام ، ولا بالصالحين ، ولا بالأمانة ، ولا بالكعبة ، ولا بغيرها . هذا هو الواجب على المسلم ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من حلف بشيء دون الله فقد أشرك " أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح . وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " .= =فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله وأن تكون أيمانهم كلها بالله وحده سبحانه وتعالى .
______________________________
✦ ✿قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
________________________________________
قوله والدليل أي على هذه المراتب الأربع قوله تعالى: )وَالْعَصْرِ) (العصر:1) أقسم الله عز وجل في هذه السورة بالعصر الذي هو الدهر وهو محل الحوادث من خير وشر ، فأقسم الله عز وجل به على أن الإنسان كل الإنسان في خسر إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع: الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.

✦✿ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- : جهاد النفس أربع مراتب:

إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.

الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.

الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.

الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله، فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين" .

فالله عز وجل أقسم في هذه السورة بالعصر على أن كل إنسان فهو في خيبة وخسر مهما كثر ماله وولده وعظم قدره وشرفه إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة:

أحدها: الإيمان ويشمل كل ما يقرب إلى الله تعالى من اعتقاد صحيح وعلم نافع

الثاني: العمل الصالح وهو كل قول أو فعل يقرب إلى الله بأن يكون فاعله لله مخلصاً ولمحمد صلى الله عليه وسلم متبعاً.

الثالث: التواصي بالحق وهو التواصي على فعل الخير والحث عليه والترغيب فيه.

الرابع: التواصي بالصبر بأن يوصي بعضهم بعضاً بالصبر على فعل أوامر الله تعالى، وترك محارم الله ، وتحمل أقدار الله.

والتواصي بالحق والتواصي بالصبر يتضمنان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين بهما قوام الأمة وصلاحها
ونصرها وحصول الشرف والفضيلة لها : )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران:الآية110).
__________________________
_____________________________________________
✦✿ قال العلامة صالح الفوزان حفظه الله
_______________________________________
" إن سورة العصر سورة عظيمة معجزة وجيزة في ألفاظها غزيرة في معانيها ، جامعة لأسباب السعادة بحذافيرها ومحذرة عن أسباب الشقاوة جميعها ، ولو أراد ابلغ الناس وأفصحهم أن يبين أسباب السعادة و أسباب الشقاوة لاحتاج إلى مجلدات وقد لا يصل إلى المطلوب لكنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه ولا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله "
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية " للشيخ صالح الفوزان .
________________________________________
✦✿ قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله
___________________________________________
: «الإنسان من حيث هو إنسان خاسر، إلا من رحمه الله فهداه، ووفقه للإيمان والعمل الصالح في نفسه وأمر غيره به».
وقال أيضًا(رحمه الله): «فأقسم بالعصر الذي هو زمان أفعال الإنسان ومحلها على عاقبة تلك الأفعال وجزائها، ونبه بالمبدأ وهو خلق الزمان والفاعلين وأفعالهم على المعاد، وأن قدرته كما لم تقصر عن المبدأ لم تقصر عن المعاد، وأن حكمته التي اقتضت خلق الزمان وخلق الفاعلين وأفعالهم».
«التبيان في أقسام القرآن» ص83-88
__________________________
✿ قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} الواو: حرف قسم وجر، و{وَالْعَصْرِ} مقسم به. والعصر: هو الزمان والدهر.
قال ابن كثير ( رحمه الله) في تفسيره : «العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر».
قوله: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} جواب القسم «والعصر» والمراد بالإنسان جنس الإنسان.
والخسر: ضد الربح، أي: إن الإنسان جنس الإنسان من حيث هو لفي خسران ونقصان وهلاك.

قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} استثنى عز وجل من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم .
«تفسير ابن كثير»
____________
✦✿ والإيمان هو قول باللّسان، وتصديق بالجنان –وهو القلب -، وعمل بالأركان – وهي الجوارح -، فالإيمان قول وعمل يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية، هذا هو تعريف السّلف، ولذلك يقول الإمام "البخاري": « أَدركتُ ألفًا منَ العُلمَاء يقُولونَ: الإيمَانُ قَولٌ وعمَل. » ، ويقول "سفيان بن عُيينة" – رحمه الله -: «أدرَكتٌ اثنَيِنِ وسِتِّينَ عالِمًا يقُولُون:الإيمانُ قولُ وعَمل. ».
النصيجة الولدية العلامة صالح السحيمي حفظه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله {الصَّالِحَاتِ} أي: الأعمال الصالحات، والعمل لا يكون صالحًا إلا إذا توافر فيه شرطان: الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول . ﷺ

{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} أي: أوصى بعضهم بعضًا بلزوم الحق والتمسك به، قولاً وفعلاً واعتقادًا.

{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} أي: أوصى بعضهم بعضًا بالصبر، وهو لغة: الحبس والمنع، وشرعًا حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والجوارح عما حرم الله» وهو أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة
وقال ابن كثير رحمه الله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} على المصائب والأقدار، وعلى أذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر».

✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿
• ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ): فإنّ المؤمن ضعيف بنفسه، قويّ يإخوانه. وليست الدّعوة بحاجة إلى شيء حاجَتَها إلى العلم بالحقّ، والصّبر عليه، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ )) [رواه أبو داود].
______________________
✦✿ فائدة عزيزة و سنة مهجورة أنقلها من كلام العلامة الألباني رحمه الله:
عن أبي مدينة الدارميّ – رضي الله عنه – قال :
( كان الرجلان من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه و سلم إذا التقيا لم يفترقا حتّى يقرأ أحدهُما على الأخر و العصر . إنِ الإنسان لفي خسر ) ( 1 ) , ثم يسلم أحدهُما على الآخر.صحيح , الصحيحة برقم ( 2648).
و في هذا الحديث (فائدة) مما جرى عليه عمل سلفنا – رضي الله عنهم – جميعاً :
و هي التزام الصحابة ( لقراءة سورة العصر ) ,لأنَّنا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن ٌيحدثوا في الدِّين عبادة يتقرَّبون بها إلى الله ,إلاَ أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه و سلم قولاً ,أو فعلاً , أو تقريراً , و لمَ لا , و قد أثنى الله تبارك و تعالى عليهم أحسن الثناء , فقال و السابقون الأوّلون من المهاجرينَ و الأنصار و الذين اتبعوهم( 2 ) بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدينَ فيها أبداَ ذلك الفوز العظيم ( 3 )) و قال ابن مسعود و الحسن البصري :
( مَن كان منكم متأسَّياً فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه و سلم , فإنَّهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوباً, و أعمقها علماً , وأقلّها تكلّفاً , وأقومها هدياً , وأحسنها حالاً ,قوماً اختارهم الله لصحبة نبيِّه صلى الله عليه و سلم و إقامة دينه ,فاعرفوا لهم فضلهم , و اتَّبعوهم في آثارهم , فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم ) ( 4 ) .
( 1 ) - سورة العصر
( 2 ) - انظر ((إعلام الموقعين)) لإبن القيم (4\159) لتتبين معنى الإتباع , و أنه واجب .
( 3 ) - التوبة(100)م أحمد- و لعله يعني في (( الزهد)) عن أبن مسعود.وانظر ((المشكاة)) (193).
---------------------------------------------










قديم 2012-12-13, 09:23   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله العمل به أي العمل بما تقتضيه هذه المعرفة من الإيمان بالله والقيام بطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه من العبادات الخاصة، والعبادات المتعدية، فالعبادات الخاصة مثل الصلاة، والصوم، والحج، والعبادات المتعدية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله وما أشبه ذلك.
والعمل في الحقيقة هو ثمرة العلم، فمن عمل بلا علم فقد شابه النصارى، ومن علم ولم يعمل فقد شابه اليهود.
قال الشيخ صالح السحيمي حفظه الله : العلم بلا عمل كجسم بلا روح;أو كشجر بلا ثمر, يصبح عديم الجدوى , بل هو حجة على صاحبه و العياذ بالله .
وفي حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ [فذكر الشّهيد والمتصدّق بماله، ثمّ قال]: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ ! وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ )).
وروى الدّرامي أنّ عمرَ بنَ الخطّابِ رضي الله عنه قال لعبدِ اللهِ بنِ سلامٍ رضي الله عنه: من أربابُ العلمِ ؟ قال: الّذينَ يعملونَ بما يعلمونَ
قال: فما يَنْفِى العلمَ منْ صدورِ الرّجالِ ؟ قال: الطّمعُ.
قال الشاعر
حسبي بعلمي إن نفع *** ما العيب إلاّ في الطّمع
ما طـار طير وارتفع *** إلاّ كما طـار وقـع

وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:" لا يغرُرْكم من قرأ القرآن، ولكن انظُروا إلى مَن يعمل به ".

๑۩۩..➋.۩۩๑
الثالثة: الدعوةاليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
فأشرف المنازل العلم، وزينته العمل، وزكاته الدّعوة إليه، وهو منهج الأنبياء والمرسلين، يقول الله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}، وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}.

فائدة: الدعوة إلى العلم النافع والعمل الصالح هي الدعوة إلى الله تعالى وهي من أسباب حفظ العلم والتثبيت على العمل الصالح، ومن شكر الله تعالى على الإحسان بهما، قال تعالى: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ﴾ الآية، ومن الدلالة على الخير والدعوة إلى الهدى والإحسان إلى الخلق بهدايتهم إلى الحق.
وقد بشر الله تعالى أهل الدعوة إليه بالفلاح قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾
وشهد لهم بأنهم أحسن الناس قولاً وأعظمهم صبراً ووعدهم بالحظ العظيم فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ...إلى قوله تعالى: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ الآية، وأخبر ﷺ أن للداعي مثل أجور من تبعه، وأن هدى رجلٌ بالداعي خير له من حمر النعم.
فإذا من الله تعالى على العبد بمعرفة الحق وقبوله والعمل به؛ فإن دعوة الناس إلى الحق من أسباب الثبات عليه، ومن شكر الله تعالى على نعمته به، ومن الإحسان إلى خلقه، والقيام بحقه، والاجتهاد في طاعته على وفق شرعه، فبذلك يستزيد العبد من العلم والعمل والخير والفضل، ويتحلى بتقوى الله عز وجل ويكون من أهل الإحسان الموعودين بالإحسان من الرحمن.


๑۩۩..➌.۩۩๑
الرابعة: الصبر على الأذى فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
والصبر ثلاثة أقسام:
1-صبر على طاعة الله.
2-صبر عن محارم الله.
3-صبر على أقدار الله التي يجريها إما مما لا كسب للعباد فيه، وإما مما يجريه الله على أيدي بعض العباد من الإيذاء والاعتداء.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
الصبر حبس النفس على طاعة الله،
وحبسها عن معصية الله،
وحبسها عن التسخط من أقدار الله فيحبس النفس عن التسخط والتضجر والملل، ويكون دائماً نشيطاً في الدعوة إلى دين الله وإن أوذى، لأن أذية الداعين إلى الخير من طبيعة البشر إلا من طبيعة البشر إلا من هدى الله قال الله تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [سورة الأنعام، الآية: 34] وكلما قويت الأذية قرب النصر، وليس النصر مختصاً بأن ينصر الإنسان في حياته ويرى أثر دعوته قد تحقق بل النصر يكون ولو بعد موته بأن يجعل الله في قلوب الخلق قبولاً لما دعا إليه وأخذاً به وتمسكاً به فإن هذا يعتبر نصراً لهذا الداعية وإن كان ميتاً، فعلى الداعية أن يكون صابراً على دعوته مستمراً فيها. صابراً على ما يعترضه هو من الأذى، وهاهم، وها هم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أوذوا بالقول وبالفعل قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [سورة الذاريات، الآية: 52] وقال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [سورة الفرقان، الآية: 31] ولكن على الداعية أن يقابل ذلك بالصبر وأنظر إلى قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً} [سورة الإنسان، الآية: 23] كان من المنتظر أن يقال فاشكر نعمة ربك ولكنه عز وجل قال: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [سورة الإنسان، الآية: 24] وفي هذا إشارة إن كل من قام بهذا القرآن فلابد أن يناله ما يناله مما يحتاج إلى صبر، وأنظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم حين ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (رواه البخاري)
فعلى الداعية أن يكون صابراً محتسباً. .....انتهى كلامه رحمه الله

تأمـــــــــــــــــــــــــــــل ( أخي /أختي) الكريــــم (ة)
إنّ من دعا النّاس إلى الهدى، وحذّرهم من مزلاّت الرّدى، يحولُ بين النّاس وشهواتهم، ويعيقُهم عن نشر فسادهم، فهو بذلك قد خلف الرّسل في مهمّتهم،{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصّلت من: 43]، فلا بدّ أن يُصادف المشاقّ، وتعترض طريقَه الأشواك، حتّى يتلطّخ جسده بدماء النّصب والتّعب، فيكونَ ذلك دليلا على صدقه.
وقد سُئل الشّافعيّ رحمه الله: يا أبا عبد الله، أيّما أفضل للرّجل: أن يُمكّن أو يُبتلَى ؟ فقال الشّافعيّ رحمه الله: لا يُمَكَّنُ حتّى يُبتلَى، فإنّ الله ابتلى نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّداً صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين فلمّا صبروا مكّنهم.
قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة: 24]، فبالصّبر واليقين تُنال الإمامة في الدّين.
قال ابن القيّم رحمه الله في " الفوائد ":" وهذا أصلٌ عظيمٌ، فينبغي للعاقل أن يعرِفه، وهذا يحصل لكلّ أحدٍ؛ فإنّ الإنسان مدنيّ بالطّبع، لا بدّ له من أن يعيش مع النّاس، والنّاس لهم إراداتٌ وتصوّراتٌ يطلبون منه أن يوافقَهم عليها؟، وإن لم يوافقهم آذوه وعذّبوه ...".
وقال في موضعٍ آخر من " الفوائد ":
" يا مخنّث العزم، أين أنت والطّريق طريقٌ تعِب فيه آدمُ، وناح لأجله نوحٌ، ورُمِي في النّار الخليل، وأُضجِع للذّبح إسماعيل، وبِيعَ يوسفُ بثمنٍ بخسٍ، ولبِث في السّجن بضعَ سنين، ونُشِر بالمنشار زكريّا، وذُبِح السيّد الحصورُ يحيى، وقاسى الضرَّ أيّوب، وزاد على المقدار بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقرَ وأنواعَ الأذى محمّدﷺ، تزها أنت باللّهو واللّعب ؟!
فيا دارها بالحزن إنّ مزارها *** قريب، ولكنْ دون ذلك أهوال "اه










قديم 2012-12-13, 09:24   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول المؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..➊.۩۩๑
يجب علينا تعلّم أربع مسائل
______________________

و هنا نلاحظ عادة المصنّف التّي يتّبعها في مؤلّفاته رحمه الله؛ جمع المسائل ثم تفصيلها.

✿المعنى العام:
----------------------
بدأ المؤلف رحمه الله بمقدمة حول أهمية أربعة أمور، وهي معرفة أجوبة مسائل القبر الثلاثة بأدلتها والعمل بذلك

والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، وفي هذا تنبيه على أهمية الرسالة وضرورة تعلمها و تعليمها للناس،

وفيه أيضًا تأصيل لأمور عظيمة وهي:

العلم ومكانته وعظم شأنه والذي جِماعه معرفة الله ومعرفة رسوله ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، والعمل به

والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، وهذه الأمور الأربعة تحققت في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وتختلف

مقامات أتباعهم عند الله بقدر تحقيق تلك الأمور المهمة؛ بل إن هذا الدين لا يقوم إلا بتحقيق أهله لهذه

المهمات الأربع.

قال ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : هذه المسائل التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى تشمل الدين كله

فهي جديرة بالعناية لعظم نفعها.

قال ابن باز رحمه الله في شرحه: هذه المسائل يجب أن يتعلمها المؤمن والمؤمنة صغارا وكباراً.

๑۩۩..➋.۩۩๑
الأولى: العلم
______________
ما قام عليه الدليل، وهو: إدراك العلوم، أي: إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، ويراد به هنا العلم

الشرعي وهو العلم النافع الذي جاء به النبي ﷺ من الهدى ودين الحق.
'.
فالعلم شرعاً: معرفة الهدى – أو الحق – بدليله، وهو المراد بالعلم عند الإطلاق شرعاً – أي: في القرآن

والسنة ولسان السلف الصالح -، والعلم الشرعي قسمان:

✿أ- فرض عين: وأصله ما ضمنه المؤلف – رحمه الله – المسألة الأولى – وهو ما لا يسع المكلف جهله - ففرض العين واجب على الذكر والأنثى والحر والعبد – من المكلفين - فلا يعذر أحد بالجهل به فإنه من مراد النبي ﷺ بقوله: «طلب العلم فريضة»،
وذلك: كمعرفة أركان الإسلام وأصول الإيمان، وحقيقة الإحسان، والإيمان والتصديق بكل ما أخبر الله به ورسوله إجمالاً. والعلم بما يجب من كيفيات العبادات وشروطها وواجباتها وما يبطلها وما يجب اجتنابه من المحرمات وما يحتاج إليه من المعاملات، ونحو ذلك مما لا يسع المسلم جهله، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب عليه العلم به.


✿ب- أما القدر الزائد من العلم على ما يحتاج إليه المكلف فهو من فروض الكفايات وجليل الأعمال الصالحات، فالعلم الشرعي هو ميراث النبوة ووسيلة الجنة وسبيل الاصطفاء وآية الخير والاهتداء، فأسعد الناس دنيا وأخرى أطلبهم له وأحفظهم له وأفقههم فيه وأصوبهم وأخلصهم عملاً به وهدى إليه وصبراً لله تعالى وبه عليه وألزمهم له حتى لقاء الله تعالى عليه. قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا... إلى قولـه سبحانه: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾، وقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ الآية.
وصح عن النبي ﷺ قوله: «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين»، وقوله ﷺ: «ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة»، وقوله ﷺ: «إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يوّرِثُوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر».
والنصوص في فضل العلم الشرعي والبشارة لأهله العاملين به بعظيم الأجور ورفيع الدرجات وعلي المقامات في الدنيا والآخرة كثيرة لا تحصى، وما ذاك إلا لأن العلم له ثمرات كثيرة وعواقب مباركة على أهله والمجتمع الذي يظهر فيه.
فبه يعرف الله وحقه وفضله، فيخشى ويتقى، ويعبد ويخلص له في القصد، وبه يعرف النبي ﷺ، وهديه ورحمة الله تعالى به للناس، وبه يعرف حسن الإسلام، وفضل الله به على الخاص والعام، وتؤدى الحقوق إلى أهلها، وبه يعرف الحلال من الحرام، وبه توصل الأرحام، وبه تتقى الآثام، وبه يحفظ الإسلام ويظهر، وبه تصان الحرمات ويهتدى إلى الكرامات.
وهو نعم الدليل على العمل الصالح، والمرغب به بذكر الفضل، والحامل على الثبات والدوام عليه، وخير معين على الإخلاص لله عز وجل فيه.
---------------------------------------------------

قال ابن باز رحمه الله في شرحه:
فعلى الإنسان أن يتعلم ويتبصر حتى يكون على بينة ، ويعرف دين الله الذي خلق من أجله . وهذا العلم هو معرفة الله ، ومعرفة نبيه ، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ؛ فهذا أول شيء : أن يتبصر العبد ؛ من هو ربه ؟ فيعرف أن ربه الخالق الذي خلقه ، ورزقه ، وأسدى إليه النعم ، وخلق من قبله ، ويخلق من بعده ، هو رب العالمين ، وأنه الإله الحق المعبود الذي لا يستحق العبادة سواه أبدا . لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا جن ، ولا إنس ، ولا صنم ، ولا غير ذلك.
بل العبادة حق لله وحده ، فهو المعبود بحق ، وهو المستحق بأن يعبد ، وهو رب العالمين ، وهو ربك وخالقك وإلهك الحق سبحانه وتعالى .
فتعرف هذه المسألة الأولى : وهي أن تعرف ربَّك ونبيَّك ودينَك بالأدلة ـ قال الله وقال الرسول ـ لا بالرأي ولا بقول فلان ، بل بالأدلة من الآيات والأحاديث ، وذلك هو دين الإسلام الذي أنت
مأمور بالدخول فيه ، والالتزام به . وهو عبادة الله الذي قال فيها سبحانه وتعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ } . هذه العبادة هي الإسلام ، وهي طاعة الله ورسوله ، والقيام بأمر الله وترك محارمه . هذه هي العبادة التي خلق الناس لأجلها وأمر الله بها الناس في قوله : { يَا أيُّها النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } يعني اعبدوه بطاعة أوامره واجتناب نواهيه ، وإسلام الوجه له وتخصيصه بالعبادة سبحانه وتعالى .
____________________
๑۩۩.. ➌.۩۩๑
و هو معرفة الله
____________
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : أي معرفة الله عز وجل بالقلب معرفة تستلزم قبول ما شرعه والإذعان والانقياد له، وتحكيم شريعته التي جاء بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتعرف العبد على ربه بالنظر في الآيات الشرعية في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

والنظر في الآيات الكونية التي هي المخلوقات ، فإن الإنسان كلما نظر في تلك الآيات ازداد علماً بخالقه ومعبوده قال الله عز وجل) : وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ *وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذاريات:20-21)
๑۩۩..➍.۩۩๑
و معرفة نبيّه ﷺ
__________
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :

أي معرفة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم المعرفة التي تستلزم قبول ما جاء به من الهدى ودين الحق، وتصديقه فيما أخبر، وامتثال أمره فيما أمر ، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتحكيم شريعته والرضا بحكمه قال الله عز وجلفَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) .

وقال تعالى: )إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (النور:51) .

وقال تعالى : ) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء:الآية59)

وقال عز وجل: ) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(النور:الآية63)

قال الإمام أحمد رحمه الله: "أتدري ما الفتنة؟

الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك".

قال الشيخ ابن باز رحمه الله

فتعرف أنه نبيك وأن الله أرسله إليك بدين الحق يعلمك ويرشدك فتؤمن بأنه رسول الله حقا وأن الله أرسله للعالمين جميعا من الجن والإنس ، وأن الواجب إتباعه ، والسير على منهاجه .

قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله

: ومعرفة نبيه تبعثك على تصديق كل ما أخبر ، معرفة توجب طاعته وتصديق خبره ، واتباع هديه ، وتجريد
المتابعة له بحيث لاتعارض قوله ﷺبقول أحد ،

والذين يعارضون قول رسول الله ﷺ بآراء الرجال وربما يقدمون أراء الرجال على سنة رسول الله ﷺ لم يعرفوا نبي الله حق المعرفة ،

من عرف بأنه رسول يطاع ولا يعصى وعبدٌ لا يعبد ونبي لا يكذب ، لايمكن أن يعارض أقواله وسنته وهديه باقوال الرجال ، وأراء الرجال

ويستدل احياناً في بعض الأحاديث أنها مخالفة للقاعدة من أين القاعدة ؟ هذه التي تخالفه أو يخالفها هدي رسول الله ﷺ .

كل ما يسمى بالقواعد والأصول إن كانت مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ مثل هذه الأصول الثلاثة فهي مقبولة وكل ما يسمى بالقواعد والأصول التي يؤصلها بعض الناس ويقعدونها مخالفة للكتاب والسنة فهي مردودة وذلك دليل على عدم معرفتهم برسول الله ﷺ حق المعرفة ،

معرفته المعرفة الشخصية ومحبته المحبة الذاتية دون المحبة الشرعية الرسالية لا تفيد وهذا شئ يعلمه كل مسلم وإلا إن بعض الكفار والمشركين كانوا يعرفون أمانته وصدقه ، كانوا يعرفون رسول الله

، وكانوا يقدرونه غاية التقدير ولكنهم لم يتبعونه ،

ولم يحبوه محبة شرعية فلذلك لم ينفعهم ذلك الموقف كأبي طالب كما نعلم ومعرفة النبي ليس بالأمر الهين ثم محبته شعبة من شعب الإيمان .

من معرفة النبي ﷺ أن تحبه أكثر مما تحب نفسك وأهلك ومالك الذي يحب لذاته هو الله ليس الا ولكن النبي ﷺ يحب لله لأنه رسول الله عبد الله الذي اصطفاه للرساله العامة ،

أما المحبة الذاتية إنما هي لله وحده هذا فرق دقيق يجب أن يعلم طلاب العلم كل من يحب دون الله إنما يحب لله ولكن الله يحب لذاته الذي يحب لذاته هو الله وحده ،

ومن دونه بدأ من رسوله ﷺ يحب لله لذلك إذا لم تكن محبة الرسول ﷺ لله كأن كانت للقرابة أو كونه عبقري لا تفيد ولم تفد تلك المحبة أبا طالب ،

ولم تفد المستشرقين الذين يقدرونه ويطالبون في تقديره لكونه عبقرياً في التاريخ لالأنه رسول الله ﷺوهذا معنىً ينبغي أن يتفطن له طلاب العلم .

๑۩۩..➋.۩۩๑
و معرفة دين الإسلام
__________________
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :
قوله معرفة دين الإسلام: الإسلام بالمعنى العام هو التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل: قال الله تعالى عن إبراهيم: )رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:12)

والإسلام بالمعنى الخاص بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يختص بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة فصار من أتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم ، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم ،

فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم ، وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به فليسوا بمسلمين.

وهذا الدين الإسلامي هو الدين المقبول عند الله النافع لصاحبه قال الله عز وجل: )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام )(آل عمران:الآية19) وقال: )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)

وهذا الإسلام هو الإسلام الذي امتن به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، قال الله تعالى: ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة:الآية3)


๑۩۩..➎.۩۩๑
بالأدلّة
_____
الأدلة: جمع دليل، وهو ما يحصل به الاهتداء إلى المطلوب، والأدلة على التوحيد والدين والرسالة متنوعة:

أ‌- فمنها: أدلة سمعية، وهي: الوحي، أي: القرآن، وما أنزل الله تعالى على نبيه محمد ﷺ له من بيان،

كقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ الآية،

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ﴾ الآية،

وقوله: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ الآية

. وقال ﷺ: «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه».

ب‌- ومنها: أدلة عقلية تثبت بالنظر والتأمل، مثل الاستدلال على:

1- أن الخالق للخلق هو المستحق للعبادة وحده.

2- وأن الله تعالى لابد أن يجعل لعباده ديناً يعبدونه به.

3- أن الله تعالى لابد أن يرسل رسولاً يدعو عباده إليه ويبين لهم كيفية عبادته، فإن هذا هو اللائق بحكمته ورحمته وفضله وعدله.


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :
قوله: بالأدلة جمع دليل وهو ما يرشد إلى المطلوب ، والأدلة على معرفة ذلك سمعية ، وعقلية ،
✿ فالسمعية ما ثبت بالوحي وهو الكتاب والسنة،

✿والعقلية ما ثبت بالنظر والتأمل ، وقد أكثر الله عز وجل من ذكر هذا النوع في كتابه فكم من آية قال الله فيها ومن آياته كذا وكذا وهكذا يكون سياق الأدلة العقلية الدالة على الله تعالى.

وأما معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالأدلة السمعية فمثل قوله تعالى: )مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ )(الفتح:الآية29) الآية. وقوله : )وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل)(آل عمران:الآية144). بالأدلة العقلية بالنظر والتأمل فيما أتى به من الآيات البينات التي أعظمها كتاب الله عز وجل المشتمل على الأخبار الصادقة النافعة والأحكام المصلحة العادلة، وما جرى على يديه من خوارق العادات ، وما أخبر به من أمور الغيب التي لا تصدر إلا عن وحي والتي صدقها ما وقع منها.










قديم 2012-12-13, 09:25   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول المؤلّف رحمه الله تعالى:
๑۩۩..➊.۩۩๑
"بسم الله الرّحمن الرّحيم"
______________________

بدأ شيخ الإسلام بن عبد الوهاب رحمة الله عليه كتابه بالبسملة (قال بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ أصنّف أو لا).
فاستهلّ متنه بالــــبسملة لخمسة أمــــور:

✿ إقتداء بكتاب الله عزّ و جلّ إذ أنّ كل السور في القرآن تبدأ ببسم الله الرّحمن الرّحيم مــا عدَا التّوبة.

✿ إقتداء بالنبيّ صلّى الله عليه و على آله و سلّم و بالأنبياء من قبلهِ صلواتُ ربّي و سلَامُه عليهم جميعًا و مثال ذلك ما جاء في كتاب نبيّ الله سليمان عليه السّلام إلى ملكة سبأ. {و أنَّهُ من سُلَيمَان و أنّه بسم الله الرّحمن الرّحيم}.

✿ و ما جاء في الحديث 'كلّ أمر ذي بال لا يُبدأ فيه ببسم الله الرّحمن الرّحيم فهو أبتر'. و في رواية 'أجدب' و في رواية أخرى 'أجذم' و معناها معدوم البركة. و الحديث ضعيف لكن قد يُذكر استئناسا.

✿ أنها جرت عادة المصنفين أنهم يبدءون كتبهم ببسم لله
✿ التبرّك و الاستعانة بالله.
__________________________________
تشرع البداءة بالبسملة في كل أمر ذي بال اهتداءً بالقرآن العظيم، وتأسياً بالنبي الكريم ﷺ،

قال ابن عثيمين رحمه الله""" ولفظ الجلالة ﴿اللهِ﴾: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له.""

، وأصله مشتق من: أُلِه إلَاهَةً، أي: عُبِد يُعْبَدُ عِبَادَةً فهو إله بمعنى: مألوه، أي: معبود؛ لأنه تعالى هو الإله الحق المعبود بالحق، الذي لا تنبغي العبادة إلا له ولا يستحقها أحد سواه، فهو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.

قال ابن عثيمين رحمه الله ""ومعنى ﴿الرَّحْمَنِ﴾، أي: أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن «فَعْلان» الذي يدل على
السعة."" تفسير جزء عم

وقال ايضا """اسم من الأسماء المختصة بالله عز وجل لا يطلق على غيره والرحمن معناه المتصف بالرحمة الواسعة. """شرح الثلاثة الأصول

ومعنى ﴿الرَّحِيمِ﴾، أي: الذي يرحم برحمته من يشاء من خلقه.

قال ابن عثيمين رحمه الله "" أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛

ولهذا جاءت على وزن «فعيل» الدال على وقوع افعل. فهنا رحمة هي صفته ـ هذه دل عليها {الرحمن}، ورحمة هي فعله ـ أي إيصال الرحمة إلى المرحوم ـ دلّ عليها {الرحيم}. و{الرحمن
الرحيم}: اسمان من أسماء الله يدلان على الذات، وعلى صفة الرحمة، وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة. """تفسير جزء عم

و قال ايضا "" الرحيم: يطلق على الله عز وجل وعلى غيره ، ومعناه ذو الرحمة الواصلة ، فالرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة فإذا جمعا صار المراد بالرحيم الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده كما قال الله تعالى: ( يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) العنكبوت:
"""
__________________
๑۩۩..➋.۩۩๑
إعـــلم رحِمَــكَ الله
______________

✿'العلم' هو معرفة الحقّ بدليله وهو ضدّ الجهل.
'اعلم رحمك الله' و هي عادة المؤلف و فيها تنبيه و حرص و شفقة على الطالب و انّه يرغب كلّ خير يلحق إلى هذا الطّالب. فعندما جاء الأمر بـ:'اعلم' قرن هذا الأمر بالدّعاء لك (أنت : الطّالب) حتّى تعلم أنّ هذا المصنّف رحمه الله لا يريد أن يأمرك بشيء ترى منه قوّة أو الزاما.
____________________
قال محمد امان الجامي رحمه الله في شرحه
: هذا الخطاب موجه إلى كل قارئ وكل سامع وكل من يصلح أن يوجه إليه الخطاب . إعلم رحمك الله أنه يجب علينا ـ ليس معنى يجب علينا نحن طلاب العلم لا ـ يجب علينا نحن معاشر المسلمين
____________________________
قال يحي النجمي رحمه الله ( اعلم رحمك الله ) أولاً كلمة ( اعلم ) هو استثارة لانتباه الشخص .
قولــه : ( رحمك الله ) هذه دعوة من المؤلف رحمه الله تعالى .
_________________________________
قال ابن عثيمين رحمه الله في شرحه
العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.
ومراتب الإدراك ست :

الأولى: العلم وهو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً.

الثانية: الجهل البسيط وهو عدم الإدراك بالكلية.

الثالثة: الجهل المركب وهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه.

الرابعة: الوهم وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد راجح.

الخامسة: الشك وهو إدراك الشيء مع احتمال مساو.

السادسة: الظن وهو إدراك الشيء مع احتمال ضد مرجوح.

والعلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.

والعلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.

فالضروري ما يكون إدراك المعلوم فيه ضرورياً بحيث يضطر إليه من غير نظر ولا استدلال كالعلم بأن النار حارة مثلاً.
والنظري ما يحتاج إلى نظر واستدلال كالعلم بوجوب النية في الوضوء.

رحمك الله.. أفاض عليك من رحمته التي تحصل بها على مطلوبك وتنجو من محذورك ، فالمعنى غفر الله لك ما مضى من ذنوبك ، ووفقك وعصمك فيما يستقبل منها هذا إذا أفردت الرحمة أما إذا

قرنت بالمغفرة فالمغفرة لما مضى من الذنوب، والرحمة والتوفيق للخير والسلامة من الذنوب في المستقبل.

وصنيع المؤلف رحمه الله تعالى يدل على عنايته وشفقته بالمخاطب وقصد الخير له.










قديم 2012-12-13, 09:26   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.********.com/photo.php?
fbid=405836579441868&set=a.404774146214778.115310. 124527247572804&type=1&ref=notif&notif_t=like&thea terhttps://ajurry.ws/safrawy/chorohat-el...ol-thalath.pdf
أضع بين ايديكم متن ثلاثة الأصول
ليسهل عليكم ان شاء الله المتابعة معنا في الأيام المقبلة و يا حبذا لو تقوموا بطباعته
فهو يحوي حوالي 25 صفحة فقط
مضبوط الشكل و لله الحمد


https://ajurry.ws/safrawy/chorohat-el...ol-thalath.pdf










قديم 2012-12-13, 09:27   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل أعددت نفسك لسؤال الملكين منكر ونكير بالقبر؟


ان شاء الله سنبدأ شرح ثلاثة الأصول معتمدين على شروحات اهل العلم الموثوقين
هذا و أتمنى ان تشاركوا معنا بذكر الفوائد و الملاحظات و التعقيبات وما الى ذلك


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين و الصلاة و السّلام على أشرف المخلوقين و على آله وصحبه أجمعين.

مقدّمـــــة:

♦1- لماذا ندرُس التّوحــــيد؟
___________________

¤ لأنّ الله خلقنا من أجله.
¤ لا يُقبل عملٌ الاَّ به و لا يدخُل الجنّة الّا مُوحِّد.
¤ لأنّــــه سبب في تكثير الحسنات و تكفير السيّئات و استقرار الأمن و الطمأنينة و الهداية و حلاوة الإيمــان.
¤ لأنّـــه سبب في شفاعة النبيّ صلّى الله عليه و على آله و سلّم.
¤ لأنّــــنا في حاجة إلى التّوحـــــــيد أكثر من حـــاجتِنا إلى الأكل و الشّرب.
روى البخاري (5967) ومسلم (143) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، فقال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ثم سار ساعة ثم قال: يا معاذ بن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم».

♦2- لِماذا اخترنا دراسة هذا المـــتن ؟
__________________________

¤ لأنّ هذا المتن المُبارك هو نصيحة العلماء لطلبة العلم؛ و بما أنّنا طُلاّب فمعلوم أنّ الطّالب يجب أن يرجع للطّريق الذّي خطّة له العُلمــاء و قد أرشدُوا أنّ أوّل ما يُدْرَس في العلم هو التّوحيد و أوّل ما يُدرَس في التّوحيد هو هذا المتن: متن الأصول الثّلاث لشيخ الإسلام الإمام المُجدّد محمّد بن عبد الوهاب المشرفي التّميمي رحمه الله تعالى.
¤ لأنّ الله عزّ و جلّ قد وضع لهُ القبــــول في الأرض.
¤ لأنّ مؤلِّفَهُ محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ذكر كلّ مسألة بدليلها و هذا مهمّ جدا بالنسبة للطّالب و قد تميزت كتب محمد بن عبد الوهاب بالوضوح و السهولة و اشتمالها على الأدلة من الكتاب و السنة و يذكر مسائل حتى تنضبط بعض الأمور للطالب فقال فيما بدأ : المسائل الاربع ثم المسائل الثلاثة ثم الأصول الثلاثة و هذه عادة الشيخ رحمة الله عليه في مؤلفاته.
¤ لأنّه متن مُختصر واضح و سهل, لا إشكال فيه و لا تعقيــــد.
و من عادة أهل العلم أنهم يبدؤون في التعليم بالمختصرات قبل المطولات وبالأهم قبل المهم، وهذه الرسالة جمعت بين كونها تتحدث عن أهم العلوم وأشرفها وكونها مختصرًا فيه.

♦3- مـــَـاهيَ الأُصُـــول الثّلاثة؟
______________________

¤ هي باختصـــار أسئلة القبر : من ربُّك؟ مـــا دينُك؟ من نبيُّك؟ , فهي معرفة العبد ربَّه و دينه و نبيّه عليه الصّلاة و السّلام.
القبر أول منازل الآخرة فمن سعُد فيه فيما بعده أسعد، ومن شقي فيه فما بعده أشقى؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشد منه»

قال هانئ: سمعت عثمان رضي الله عنه يُنشد على قبر:
فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيًا


♦4- ماهي الثّمرة التّــي نجنيها من دراسة الأصول الثّلاثة و شرحها؟
__________________________________________________ _

¤ إذا تعلّمناها (أي ثلاثة الأصول) و عمِلنا بها و دعونا إليها و صبرنا على العلم و العمل و الدّعوة في الدّنيا, فإنّنا بإذن الله تعالى سنُجيب على أسئلة القبر.










قديم 2012-12-13, 09:28   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الذهبي رحمه الله : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب ، وشرطه الاتباع ، والفرار من الهوى والابتداع










 

الكلمات الدلالية (Tags)
متون, العلم, طالب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc