السلام عليكم جميع و عمتكم رحمته
إلى العبد الصالح سيدي خلدون مكي الحسني الجزائري
لقد استعاد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم مكة المكرمة بعد الهجرة. ثم لقد كان إخراجهم من مكة عن قولهم ربنا الله.
فمن الصحابة - عددهم ثمانون- من هاجر إلى بلاد الحبشة المسيحية، فقال سيدنا رسول الله أن بها ملكا لا يظلم عنده الناس، فوصفه بالعدل دون المسيحية.
إذا كان خروج الأميرعن اجتهاد في مسألة، فبقاء العلماء الآخرين و من تبعهم عن اجتهاد و علم و لكل حججه.
فتصور الأمير في المسائل لا يمكن اعتباره بالتصور المطلق الصحة و إلا لتعطلت الألوهية، و لا كان لها منازعا، فلإصابته أجران، و لخطئ الفئة الأخرى أجر واحد.
إنكم ، أعزكم الله، تقولون إن الأمير لم يأمر الناس بمغادرة البلاد، و طلبه لمن والى الفرنسيس هو طلب الهجرة إليه، و أن أولئك مرتدين و كفرة، فهل تطلب هجرة من مرتد و من كافر. المقصودون بالهجرة قياسا على ما حصل في الإسلام هم الذين إذا انعدموا لم يبق من يقيم دين الله فلا بد لهم من الفرار بدينهم، و الدليل في سورة الكهف و دعاء سيدنا رسول الله يوم بدر . و هذا لم يحصل في الجزائر خلال الاستعمار.
إن رسالة ابن الشاهد الذي تشنونه بفظيع الألفاظ والذي هو في الأصل قدح فيمن أقامه مفتيا على ديار العاصمة، ما هي سوى راي عالم والعالم إن أخطأ في فتوى لا يجرد من علمه و منصب إفتائه لأن فتواه لم توافق رأي الطرف الآخر.
ثم يبدو لي من خلال ما كتبتموه أنكم لا تقبلون أي نقد للأمير، فتذكر أن الأمير عليه الرضوان لا يخلو من إنسانيته و لا هي تنفك عنه فحتى ولو كان معصوما فلا بد له من عثرة للسبب المذكور آنفا.
فلا يمكن اعتبار فطاحل العلماء العاصميين مثلا كفرة لكونهم لم يهاجروا( إلى أي جهة أردت). كما يمكن اعتبار هجرة المسلمين من الأندلس واجب لأنهم أجبروا على الارتداد.
فاستعمار فرنسا لا يشبه استعمار الأندلس في كل جوانبه. فهل أجبرت فرنسا المسلمين على الارتداد، أما عملية التنصير فلا علاقة لها بالاستعمار الحديث، لأن بعثات التنصير منفصلة عن مفهوم الدولة الحديث.
إن فرنسا حولت مساجد إلى كنائس تماما كما حولت الحضارات الإسلامية كنائس إلى مساجد من قبل فهل بالتحويل تتحول العقائد التي في قلوب الناس، طبعا لا و سقوط الأندلس و تحرير الجزائر دليل على ما نقول.
إن قول ابن الشاهد ان المساجد ليست من الدين ناتج عن دليل جلي،و الآيات التي جئتم بها لا تقدح في دليله، فلا بد من رفع الالتباس، فإذا كانت المساجد من الدين فما قولكم في الكنائس و البيع والصوامع و الصلوات المذكورة في سورة النور حيث قيل أنه يذكر فيها اسم الله كثيرا، فإذا كانت من الدين فالكنائس كذلك ، والبيع كذلك....و هذا ينتج تناقض، و إلا فهي ليست من الدين. بل المعبد ما هو سوى بيت خصص للعبادة ( في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه) فهو مصبوغ بصبغة الله حيث يذكر فيها اسمه ، و إذا تحول المسجد كنيسة فذكر اسم الله باق على معناه متغير في شكله ، كما استدل ابن الشاهد بأن الدين عند الله الإسلام....
أريد أن أعرف كذلك تفسير هجرة الأمير إلى سوريا، هل كان الأمير متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة أو ماذا؟
و ما ذا تقصدون عندما تقولون أن الأمير كان طرقيا كسائر الناس في زمنه حيث كانت الناس طرقية في عصره، هل تريدون القول أنه لا يحاسب على هذا الانتماء لأن محاستبه هي محاسبة الجميع. الأمير عبد القادر نوره الله ذريته كان محققا فهو مرتكزا في عقله الذي هو شرع الله فهو لا يحكم نفسه بل يستند إلى أكابر العلماء في الأمر رغم قدرته على الفصل و الكلام لك يا منصتي