فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-08, 14:38   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الإنفاق في قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) عام ؟

السؤال

هل يمكن أن يتسع معنى قوله تعالى : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ليشمل الإنفاق من الوقت والجهد ، ومن أى شيء يحبه الإنسان، استدلالا بعموم اللفظ ؛ لأن الله تعالى لم يقل من أموالكم مثلا ؟

وهل يمكن تدبرها وليس تفسيرها على هذا النحو؟


الجواب

الحمد لله

أولًا:

إن معنى الآية الكريمة : " لن تدركوا أيها المؤمنون البر، وهو البر من الله الذي يطلبونه منه بطاعتهم إياه وعبادتهم له، ويرجونه منه، وذلك تفضله عليهم بإدخاله جنته، وصرف عذابه عنهم؛

ولذلك قال كثير من أهل التأويل: البر الجنة؛ لأن بر الرب بعبده في الآخرة وإكرامه إياه بإدخاله الجنة .. حتى تتصدقوا مما تحبون وتهوون أن يكون لكم من نفيس أموالكم "

انظر: " تفسير الطبري"(5/ 572 - 573).

وقال العلامة السعدي رحمه الله :

" هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات، فقال : لن تنالوا أي: تدركوا وتبلغوا البر ، الذي هو كل خير من أنواع الطاعات وأنواع المثوبات ، الموصل لصاحبه إلى الجنة، حتى تنفقوا مما تحبون

أي: من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم، فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق ، وبر قلوبكم ويقين تقواكم

فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه، والإنفاق في حال الصحة .

ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك .

ولما كان الإنفاق على أي: وجه كان مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرا، محبوبا للنفس أم لا ، وكان قوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيد

غير نافع احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ؛ فلا يضيق عليكم، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه "

انتهى من "تفسير السعدي" (138) .

ثانيًا:

إن أولى ما يدخل في هذه الآية الإنفاق من المال، كما ورد في حديث أبي طلحة رضي الله عنه، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك، يقول

: " كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب،

قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران/92

قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقول في كتابه: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ آل عمران/92 ، وإن أحب أموالي إلي بيرحى، وإنها صدقة لله

أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها، يا رسول الله، حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح

قد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه "، رواه البخاري: (1461)، ومسلم: (998)، واللفظ له .

ثالثًا:

لا بأس بتعميم وجوه الإنفاق، وذلك بقياسها على الإنفاق من المال، أو بتعميم لفظ الإنفاق، فإنها من أعمال القرب والبر، يقول شيخ الإسلام: " فالتصدق بما يحبه الإنسان جنس تحته أنواع كثيرة "

"منهاج السنة" (7/ 184).

يقول ابن عجيبة: " حتى تنفقوا بعض ما تحبون من المال وغيره، كبذل الجاه في معاونة الناس، إن صحبه الإخلاص، وكبذل البدن فى طاعة الله، وكبذل المهج في سبيل الله " .

انتهى من "البحر المديد"(1/ 381).

وقد سبق في جواب السؤال رقم: (239520): أن الهدية إحسان ومعروف ، والمسلم يثاب على كل إحسان ومعروف يبذله للناس ، فتدخل الهدية في الآية ، والله أعلم .

رابعًا:

ننبه السائلة الكريمة، إلى أن التدبر فرع التفسير، فلا تدبر بدون معرفة معنى الآية، ويبقى للمفسر – وهو العالم الذي ملك أدوات النظر والاستنباط - الاجتهاد في إلحاق بعض الاستنباطات ونحوها مما يقع له بالاجتهاد .

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

والله أعلم








 


قديم 2019-01-08, 14:42   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الهدية من جملة الإنفاق ، الذي يُنال به البر ؟

السؤال

هل الهدية تدخل في النفقة التي ذكرت في الآية : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ؛ أي إذا أهدى شخص شيئاً مما يحب إلى شخص آخر فهل يدخل هذا في البر المقصود في الآية ؟


الجواب

الحمد لله


قال الله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) آل عمران/ 92
" هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات

فقال (لن تنالوا) أي: تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير ، من أنواع الطاعات ، وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، (حتى تنفقوا مما تحبون) أي: من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم

فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال ، فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق ، وبر قلوبكم ، ويقين تقواكم

فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال ، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه ، والإنفاق في حال الصحة .

ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره ، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك ، ولما كان الإنفاق ، على أي وجه كان

مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرا، محبوبا للنفس أم لا ، وكان قوله (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) ، مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيَّد [ يعني : غير المحبوب للنفس ]

غير نافع، احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) فلا يضيق عليكم ، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 138) .

وهذه هي النفقة في سبيل الله ، فلا ينال العبد البر في الدنيا والآخرة حتى ينفق مما يحب في سبيل الله .

وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال لأهل العلم :

أحدها: أنها الصدقة المفروضة ، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك.

والثاني: أنها جميع الصدقات ، قاله ابن عمر.

والثالث: أنها جميع النفقات التي يُبتغى بها وجه الله تعالى ، سواء كانت صدقة، أو لم تكن، نُقل عن الحسن، واختاره القاضي أبو يعلى .

انظر : "زاد المسير" (1/ 303) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قِيلَ: الْمَعْنَى حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ ، مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا جَامِعٌ "

انتهى من "تفسير القرطبي" (4/ 133) .

وعلى ذلك ؛ فمن أهدى إلى مسلم هدية ، يبتغي بها وجها من وجوه الخير ، كالتقرب إليه لمحبته في الله ، أو لكونه من ذوي رحمه ، فهو يحب أن يصله ، أو لكونه فقيرا

فهو يحب أن يعينه ، أو غير ذلك من وجوه البر المشروعة : فهي نفقة في سبيل الله ، وتدخل في معنى البر المذكور في قوله تعالى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) .

وقد روى البخاري في "الأدب المفرد" (594) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تَهَادوا تَحَابُّوا)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (6/44) .

وروى أحمد (23252) عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَعْرُوفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ ) وصححه محققو المسند .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا، وَفِيهِ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْ فَضْلِ الْهَدِيَّةِ ، مَعَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ : أَنَّهَا تُورِثُ الْمَوَدَّةِ ، وَتُذْهِبُ الْعَدَاوَةَ " .

انتهى من "التمهيد" (21/ 18) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" مَنْ أَعْطَى شَيْئًا ـ يَنْوِي بِهِ التقرب إلَى اللَّهِ تَعَالَى ـ لِلْمُحْتَاجِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى إنْسَانٍ شَيْئًا لِلتَّقَرُّبِ إلَيْهِ، وَالْمَحَبَّةِ لَهُ، فَهُوَ هَدِيَّةٌ.

وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَمَحْثُوثٌ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) "

انتهى من "المغني" (6/ 41) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يثاب الإنسان على الهدية ؛ لأنها إحسان، والله تعالى يحب المحسنين ، ولأنها سبب للألفة والمودة ، وكل ما كان سبباً للألفة والمودة بين المسلمين

فإنه مطلوب ، وقد تكون أحياناً أفضل من الصدقة ، وقد تكون الصدقة أفضل منها " .

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (16/ 2) بترقيم الشاملة .









قديم 2019-01-08, 14:46   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لطائف في آيتي المسارعة والمسابقة

السؤال

في قوله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) سورة آل عمران/١٣٣

وقوله تعالى : ( سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...) سورة الحديد/٢١

لماذا بالآية الأولى كلمة ( السماء ) كانت جمع ، وبالآيه الثانية كانت مفردة ، فمالحكمة من ذلك ؟

السؤال الثاني : قرأت بأن تفسير هذه الآيه أن الله جل وعلا أراد بذلك أوسع شيء رأيتموه أيها الناس ، حيث كانت العرب قديماً تستخدم نفس المصطلح كناية عن عظمة الشيء

. فهل يعني ذلك بأن العرب كانوا يقولون : (عرض السماوات والأرض) ؟

هل كانوا يعلمون أن هناك أكثر من سماء ؟


الجواب

الحمد لله


أولًا:

للعلماء قولان في تفسير الآية :

قول الجمهور : أن المراد هنا العرض الحقيقي ، وفي ضمنه تنبيه على الطول .

والقول الثاني أن المراد بيان سعة الجنة ، دون خصوص ذكر الطول والعرض ، وإنما جرى التعبير على عادة العرب في مثل ذلك .

ثانيًا:

قال الله تعالى ، في سورة آل عمران /133

قال سبحانه: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ).

وقال في سورة الحديد/21 ، قال: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) .

وقد ذكر بعض أهل العلم أن القصد في آية آل عمران : المبالغة، والمبالغة تقتضي الإيجاز، وقد وقع الإيجاز هنا بالحذف، فلم يُذكر فيها كعرض ، كما ذكر في الآية الأخرى .

ولما كان القصد المبالغة جاء اللفظ بالجمع (السماوات) .

وإنما قصد المبالغة في آية آل عمران دون آية الحديد، لأن سورة آل عمران في الحض على الجهاد وذكر عظيم فضله، بخلاف سورة الحديد .

انظر: "ملاك التأويل"(1/ 90 - 92).

وبعض أهل العلم ذكر أن " السماء" في آية "الحديد" ، يراد بها "الجنس" ، وهو صادق على "السموات" المجموعة في الآية الأخرى .

قال العلامة أحمد بن إسماعيل الكوراني :

" (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) إنما ذكر العرض؛ لأنه أقصر الامتدادين، فإذا كان حاله كذلك فما ظنك بالطول؟!

والمراد جنس السماء، لقوله: (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ)"

انتهى من "غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني" للكوراني (97) .

وقال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله :

"قوله تعالى: وجنة عرضها السماوات والأرض يعني: عرضها كعرض السماوات والأرض ، كما بينه قوله تعالى في سورة الحديد: ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) . [57 /21] .

وآية آل عمران هذه تبين أن المراد بالسماء في آية الحديد : جنسها ، الصادق بجميع السماوات ، كما هو ظاهر، والعلم عند الله تعالى "

انتهى من "أضواء البيان" (1/207) .

ثالثًا:

كانت العرب تعرف السماوات والأرض، ولعل هذا من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولذلك لم يرد أن اححدهم اعترض على ذكر السماوات والأرض في القرآن بالجمع، ومما ينسب لورقة بن نوفل قوله:

(وَمن عَرْشه فَوق السَّمَاوَات كلهَا ... وأقضاؤه فِي خلقه لَا تبدّل)، "خزانة الأدب"(3/ 396).

والله أعلم









قديم 2019-01-08, 14:50   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

العلاقة بين يأجوج ومأجوج وبين بني إسرائيل

السؤال


هنالك من يروج أن القرية في قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) الأنبياء/95 ، إسرائيل لأنها القرية الوحيدة التي حرم على أهلها الرجوع

ولكن يستدل بالآية التي تليها أن أهل هذه القرية سيعودون حين يفتح سد باجوج وماجوح ، فيروج صاحب التأويل هذا أنه بما أن إسرائيل عادت فمن المحتم أن يأجوج ومأجوج قد خرجوا ،

وهو ما يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة ، وتفاسير الآية ، فما رأيكم بهذا التأويل؟


الجواب


الحمد لله


أولًا:

أما قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) الأنبياء/95 ، فلا يدل على ما ذهب إليه هذا المستدل من كون يأجوج ومأجوج هم بنو إسرائيل ، وذلك لأن معناها: أن من طبع الله على قلبه

وختم على سمعه ، وجعل على بصره غشاوة ، وكفر بالله ورسوله ، وصد عن آياته، فإن الله قد كتب عليه ألا يتوب، وكتب عليه أن لا يرجع إلى الإيمان .

قال مكي: " أي: وحرام على قرية أهلكهم الله بالطبع على قلوبهم ، والتمادي على الكفر، أن يرجعوا إلى الإيمان والتوبة. هذا معنى قول عكرمة وهو اختيار الطبري "

انتهى من "الهداية" (7/ 7813)، وانظر: "تفسير الطبري"(16/ 394).

وقيل معناها: يمتنع على القرى المهلكة المعذبة، الرجوع إلى الدنيا، ليستدركوا ما فرطوا فيه

فلا سبيل إلى الرجوع لمن أهلك وعذب، فليحذر المخاطبون، أن يستمروا على ما يوجب الإهلاك فيقع بهم، فلا يمكن رفعه، وليقلعوا وقت الإمكان والإدراك.

انظر: "تفسير ابن كثير"(5/ 372)، و"تفسير السعدي"(531).

قال ابن جزي: " واختلف في معنى الآية، فقيل حرام بمعنى ممتنع على قرية أراد الله إهلاكها أن يرجعوا إلى الله بالتوبة، أو ممتنع على قرية أهلكها الله ، أن يرجعوا إلى الدنيا، ...

وقيل: المعنى ممتنع على قرية أهلكها الله أنهم لا يرجعون إليه في الآخرة .." .

انتهى من "التسهيل"(2/ 29).

إذًا: فليس في هذه الآية الكريمة دليل على ما ذهب إليه هذا المستدل، ولا يوجد دليل يدل على الربط بين ظهور يأجوج ومأجوج، وبين رجوع بني إسرائيل .

بل إن الأدلة تدل على خلاف ذلك، فإن الأدلة تدل على أن يأجوج ومأجوج يخرجون في آخر الزمان وقت نزول المسيح عيسى عليه السلام ، وبنو إسرائيل ما زالوا معروفين منذ أزمان بعيدة ، وتاريخهم ظاهر مشهور .

ثانيًا:

لا شك أن يأجوج ومأجوج أمتان عظيمتان من بني آدم ، والناظر في قصة ذي القرنين مع هذه الأمة ، في سورة الكهف ، يعلم قطعا أنهما موجودتان

وأن السد الذي بني ليس سدّا معنويا ، أو خياليا ، بل هو سد حسي ، مبني من الحديد والنحاس المذاب .

والأصل أن تؤخذ هذه النصوص القرآنية على ظواهرها ، دون أن يتعرض لها بأيّ نوع من أنواع التحريف ، أو التأويل البعيد الذي يخرجها عن معناها المقصود .

وقد فصّل لنا القرآن طريقة البناء ، بل ومادته أيضا ؛ فلا يصح بعد ذلك إنه يقال أنه سد معنوي، أو وهمي ؛ قال الله تعالى في سورة الكهف في قصة الملك المسلم

والقائد العظيم ذي القرنين رحمه الله : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا * قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا *

قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * ءَاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *

فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) الكهف/93-97

ومما يدل على أن هذه الأمة موجودة الآن ، بل وتحاول يوميًا الخروج على الناس :

ما جاء عند ابن ماجة بسند صحيح ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ كُلَّ يَوْمٍ ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ : ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا . فَيُعِيدُهُ اللَّهُ أَشَدَّ مَا كَانَ .

حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ ، وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ : حَفَرُوا ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا ، فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَاسْتَثْنَوْا ، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ

فَيَحْفِرُونَهُ ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ ، فَيُنْشِفُونَ الْمَاءَ ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ

فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ ، فَتَرْجِعُ عَلَيْهَا الدَّمُ الَّذِي اجْفَظَّ ( أي ترجع سهامهم وقد امتلأت دما ، فتنة لهم ) ؛ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الأرْضِ ، وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ !!

فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا ( أي دودا ) فِي أَقْفَائِهِمْ ، فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكَرُ شَكَرًا ( أي تمتلىء شحما ) مِنْ لُحُومِهِمْ . "صحيح ابن ماجه" (3298).

وكذلك حديث أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا ، يَقُولُ : ( لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا .

قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟

قَالَ نَعَمْ ؛ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ) رواه البخاري (3097).

والله أعلم .









قديم 2019-01-08, 14:56   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

و يمكن متابعة المزيد عن يأجوج ومأجوج في

أشراط الساعة


........

تفسىر قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)


السؤال

ما تفسير قوله تعالى : ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ )؟

الجواب

الحمد لله

يقول تعالى مخبرا عن أهوال يوم القيامة، وأول ذلك نفخة الفزع، ثم يعقبها نفخة الصعق ، حين يصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم بعدها نفخة القيام لرب العالمين والبعث والنشور.

ثم أخبر الله عن تبدل الأرض، وانشقاق السماء، وأخبر الله أن الملائكة تكون على أرجاء السماء، ثم قال: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) أي: يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة.

يقول ابن تيمية: " وأما العرش : فالأخبار تدل على مباينته لغيره من المخلوقات، وأنه ليس نسبته إلى بعضها

كنسبة بعضها إلى بعض، قال الله تعالى: ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) غافر/7، وقال سبحانه: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) الحاقة/17 .

فأخبر أن للعرش حملة اليوم ، ويوم القيامة، وأن حملته ، ومن حوله : يسبحون ويستغفرون للمؤمنين "انتهى من "الرسالة العرشية" (7) .

واختلف في المراد بقوله تعالى: ثمانية:

1- فقال بعض العلماء: عني به ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عدتهن إلا الله.

2- وقال بعضهم: بل عني به ثمانية أملاك .

انظر:"تفسير الطبري" (23/ 227 - 230).

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وقوله وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة 17]

: يوجب أن لله عرشًا يحمل ، ويوجب أن ذلك العرش ليس هو الملك ، كما تقوله طائفة من الجهمية ، فإن الملك هو مجموع الخلق ، فهنا دلت الآية على أن لله ملائكة من جملة خلقه ، يحملون عرشه ، وآخرون يكونون حوله .

وعلى أنه يوم القيامة يحمله ثمانية ، إما ثمانية أملاك ، وإما ثمانية أصناف وصنوف .." .

انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (3/278) .

قال القاسمي رحمه الله ، بعد حكاية الخلاف في ذلك :

" ومثله، من الغيوب التي يؤمن بها، ولا يجب اكتناهها. "

انتهى من "محاسن التأويل" (9/310) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-08, 15:01   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

منزلة تفسير الصحابة وهل هو بيان لمراد الله تعالى من كلامه؟

السؤال

هل تفاسير الصحابة والتابعين وعلماء التفسير عموما يمكن اعتبارها هي مراد الله تعالى من الآيات القرآنية أو هي على نحو قريب من مراد الله تعالى؟ وجزاكم الله خيرا..

الجواب

الحمد لله

إذا كان "التفسير" من كلام الصحابة ، ولم ينسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، -ولم يكن له حكم الرفع ولم يجمعوا عليه، كما سيأتي- فهو بيان لمراد الله تعالى بحسب ما ظهر لهم، أو لقائل ذلك منهم .

وهم ، رضوان الله عليهم : بشر ، ليسوا بأنبياء ولا معصومين ؛ وقد يصيبون ويخطئون

لكنهم لمعايشتهم لنزول الوحي، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم لهم ما يحتاجون إليه، ومعرفتهم للغة العرب التي نزل بها القرآن، أتم المعرفة

ولرسوخهم في مقامات العلم والإيمان = فهم لذلك كله : أقرب الناس لمعرفة المراد من كلام الله تعالى، لا سيما من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (وعلمه التأويل) وهو ابن عباس رضي الله عنه .

وقد أخذ عنه جماعة من التابعين، كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وغيرهم، وقال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية

وأسأله عنها. ولهذا قال سفيان الثوري رحمه الله: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.

قال ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره (1/ 7): " والغرض : أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة...

وحينئذ، إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح

والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.

قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير حدثنا أبو كريب، حدثنا جابر بن نوح، حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود

-: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله : إلا وأنا أعلم فيمن نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا : لأتيته .

وقال الأعمش أيضا، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.

ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترجمان القرآن وببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) .

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم قال قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: نعم ترجمان القرآن ابن عباس .

ثم رواه عن يحيى بن داود، عن إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس .

ثم رواه عن بندار، عن جعفر بن عون، عن الأعمش به كذلك.

فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود: أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة.

وقد مات ابن مسعود، رضي الله عنه، في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمّر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟

وقال الأعمش عن أبي وائل: استخلف عليٌّ عبدَ الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا".

ثم قال ابن كثير رحمه الله: " فصل: إذا لم تجد التفسير في القرآن، ولا في السنة ، ولا وجدته عن الصحابة : فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر ، فإنه كان آية في التفسير .

كما قال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها.

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله .

ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .

وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق ابن الأجدع

وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم .

فتذكر أقوالهم في الآية ، فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافا، فيحكيها أقوالا ، وليس كذلك؛ فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه ، أو بنظيره

ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.

وقال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون حجة في التفسير؟

يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يُرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا ،

فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويُرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك" انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (4/ 117):

" فإن قيل: فإذا كان هذا حكم أقوالهم في أحكام الحوادث، فما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن؟ هل هي حجة يجب المصير إليها؟

قيل: لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع، قال أبو عبد الله الحاكم في مستدركه: وتفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع .

ومراده : أنه في حكمه ، في الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه إذا قال الصحابي في الآية قولا ، فلنا أن نقول هذا القول قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وله وجه آخر، وهو أن يكون في حكم المرفوع ؛ بمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين لهم معاني القرآن وفسره لهم ، كما وصفه تعالى بقوله: لتبين للناس ما نزل إليهم [النحل: 44]

فبين لهم القرآن بيانا شافيا كافيا، وكان إذا أشكل على أحد منهم معنى سأله عنه ، فأوضحه له، كما سأله الصديق عن قوله تعالى من يعمل سوءا يجز به [النساء: 123]

فبين له المراد، وكما سأله الصحابة عن قوله تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [الأنعام: 82]

فبين لهم معناها، وكما سألته أم سلمة عن قوله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا [الانشقاق: 8] فبين لها أنه العرض، وكما سأله عمر عن الكلالة، فأحاله على آية الصيف التي في آخر السورة .

وهذا كثير جدا . فإذا نقلوا لنا تفسير القرآن فتارة ينقلونه عنه بلفظه، وتارة بمعناه، فيكون ما فسروا بألفاظهم من باب الرواية بالمعنى، كما يروون عنه السنة تارة بلفظها، وتارة بمعناها

وهذا أحسن الوجهين، والله أعلم" انتهى.

والمقصود من هذا : بيان أن الصحابة هم أعلم الناس بتفسير القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.









قديم 2019-01-08, 15:02   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)



ثانيا:

أما حجية قول الصحابي في التفسير، ووجوب الأخذ بقوله فيه، ففي ذلك تفصيل .

قالت الباحثة سناء عبد الرحيم عبد الله حلواني في بحثها "حجية قول الصحابي في التفسير":

" حكم تفسير الصحابي :

المسألة فيها تفصيل:

أولاً : ما كان له حكم المرفوع ، لأنه لا مجال للرأي وإعمال العقل فيها ، بل لابد من النقل فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويشمل :

أسباب النزول: مثاله ما رواه جابر رضي الله عنه قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) .

قال الحاكم بعد أن ساق الحديث : هذا الحديث وأشباهه مسندة عن آخرها ، وليست بموقوفة ، فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ، فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا ، فإنه حديث مسند .

الغيبيات: مثاله : ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره .

قصص الآيات وأحوال الناس الذي نزل فيهم القرآن ، فإنها من المنقول الذي لا سبيل للاجتهاد والرأي فيه .

مثاله : قصة إبراهيم عليه السلام مع النمروذ بن كنعان

في قوله تعالى : (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر) .

ثانياً : ماله حكم الإسرائيليات: فإنه ينظر في الروايات :

فما كان موافقاً لما في القرآن الكريم والسنة المطهرة ، فحكمه القبول .

وإن كان مخالفاً للقرآن والسنة فحكمه الرد والرفض ولا تجوز روايته إلا لبيان زيفه وبطلانه.

وإن لم يرد في القرآن ولا في السنة ما يؤيده أو يخالفه فحكمه التوقف فيه .

ثالثاً : الاجتهاد: إذا أجمع الصحابة على قول واحد في تفسير آية

فيكون قولهم حجة يجب قبوله. وإذا وقع بينهم خلاف في تفسير آية : فلا يكون قول أحدهم حجة على الآخر ؛ بل لابد من العمل بالمرجحات ، والأخذ بدليل صالح للترجيح "

وأما التابعون ومن بعدهم، فإن أجمعوا على التفسير، إجماعا صحيحا : فالحجة هي إجماعهم، كما تقدم في النقل عن ابن كثير، ويصح الجزم حينئذ بأن كلامهم بيان لمراد الله تعالى.

وإن اختلفوا لم يكن قول بعضهم حجة على بعض، ولزم طلب الدليل المرجح.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-01-08, 16:54   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
ام ريم1
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خير










قديم 2019-01-10, 15:16   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام ريم1 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خير
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير









قديم 2019-01-10, 15:26   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل وضع عيسى عليه السلام على الصليب؟


السؤال

هناك مسألة ستفجر رأسي من التفكير ، وهي كلمة شبه لهم ، أولا قبل أي شئ أنا اعتقادي هو ما جاء في القرآن وليس شيئا آخر : (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)

عندما جئت لكتب التفسير وجدت أن شبه لهم فسروها علي قول الرواة أنه هناك شبيه ، وعندما كنت أبحث في المسألة وجدت كتاب أحمد ديدات "صلب المسيح حقيقة أم افتراء"

ووجدت مناظراته ، وهنا بدأ الإشكال حيث في كتابه يثبت أن عيسي عليه السلام وضع بنفسه

وكل ما قاله سليم ومنطقي لكن يتعارض مع التفاسير ، فقلت : لعله يستخدم ذلك ضد النصارى ، لكن المشكلة أن الأقوال التي في الكتاب المقدس ليست مختلقة ، وخاصة في قصة صعود المسيح لتلاميذه الغرفة

وأثبت لهم أنه ليس روحا ، فكيف سيكذب التلاميذ في شئ رأوه بأنفسهم ؟

ومما زاد الإشكال في نفسي تعليق شيخ الأزهر السابق الشيخ شلتوت رحمه الله على آية ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ، أريد أن أعرف الحقيقة لأن الروايتين تتوافقان مع القرآن

والقرآن لم يبين المراد بقوله (شبه لهم)، والمشكلة أن رواة الأحاديث أقوالهم متضاربة ، وليس منهم أحد من الحواريين تلاميذ المسيح عيسى عليه السلام ، والكلام المذكور في الإنجيل هو للحواريين أنفسهم

وأنا أميل أكثر للحديث ، لكن عقلي لا يقبل إلا الموجود في كتاب ديدات ، والذي يؤكد فيه صحته وأنه ليس يستخدمه ضدهم فقط ، بالإضافة لتعليق شيخ الأزهر السابق ، أرشدوني إلى الصواب .


الجواب

الحمد لله

أولا:

قال الله تعالى:( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء /157 - 158.

فالقرآن نص بوضوح على أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، والذي حصل أنه شبه لهم، وإنما وقع الخلاف في صفة التشبيه.

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:

" فقال: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، يعني: وما قتلوا عيسى، وما صلبوه، ولكن شبه لهم.

واختلف أهل التأويل في صفة التشبيه الذي شبه لليهود في أمر عيسى ... " انتهى من "تفسير الطبري" (7 / 650).

وصفة التشبيه، معرفتها ليست بذات أهمية؛ لذا لم تفصّلها نصوص الوحي من القرآن والسنة.

وما يذكره المفسرون من أخبار في كيفية نجاة عيسى عليه السلام؛ فهذه الأخبار

: الظاهر من بعضها والمقطوع به في بعضها الآخر أنها مأخوذة عن أهل الكتاب من النصارى؛ لأن الوحي أذن في سماع أخبارهم التي لا تعارض ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485).

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا:

آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712).

وهذا خاص بما لم ينص الوحي على كذبه.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

"وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق.

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات؛ في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه

وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث المشار إليه آنفا: وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه "

انتهى من "أضواء البيان" (4 / 238).

وأما ما يذكره النصارى من حصول الصلب لعيسى عليه السلام؛ فهذه أخبار لا شك في كذبها؛ لأنها معارضة لنص كلام الله تعالى، والله هو الذي قدّر هذه الحادثة وتفاصيلها فهو أعلم بها، ومن أصدق من الله حديثا.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم، الذي أنزله على رسوله الكريم، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات، فقال تعالى وهو أصدق القائلين، ورب العالمين

المطلع على السرائر والضمائر، الذي يعلم السر في السموات والأرض، العالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون-: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، أي: رأوا شبهه فظنوه إياه "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 / 449).

وينضاف إلى كونها مخالفة لنص القرآن؛ أن كتبهم هذه قد لحقها التغيير والتبديل والتحريف، وهذا أمر متفق عليه.

فكيف نعارض القرآن الذي حفظه الله تعالى من التبديل والتغيير بكتب قد وقع الإتفاق وقامت الأدلة على أنه قد لحقها التحريف والتبديل؟!

وينضاف إلى أدلة ضعف خبر الصلب؛ أن الأناجيل نصت على أن كل أصحاب عيسى عليه السلام اختفوا، فلم يشهد عملية الصلب أحد منهم فكيف يثبتون أنه قد صلب حقيقة؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" قال تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ).

وأضاف هذا القول إليهم -أي إلى اليهود- وذمهم عليه.

ولم يذكر النصارى؛ لأن الذين تولوا صلب المصلوب المشبه به هم اليهود، ولم يكن أحد من النصارى شاهدا هذا معهم، بل كان الحواريون خائفين غائبين، فلم يشهد أحد منهم الصلب،

وإنما شهده اليهود وهم الذين أخبروا الناس أنهم صلبوا المسيح، والذين نقلوا أن المسيح صلب من النصارى وغيرهم، إنما نقلوه عن أولئك اليهود وهم شُرَطٌ من أعوان الظلمة، لم يكونوا خلقا كثيرا يمتنع تواطؤهم على الكذب "

انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (4 / 33 - 34).

ومقالة النصارى في "صلب المسيح" عليه السلام : مقالة مضطربة غاية الاضطراب ، متعارضة، متناقضة في نفسها ، وهي باطلة بطلانا معلوما بالضرورة من دين الإسلام .

ويمكنك مراجعة ما كتبه الإمام الكبير أبو محمد ابن حزم ، رحمه الله حول هذه المسألة في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل"

وما كتبه العلامة رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق"، وما جاء في كتاب " مناظرة بين الإسلام والنصرانية" للدكتور محمد جميل غازي رحمه الله ، وآخرين معه .









قديم 2019-01-10, 15:27   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثانيا:

الشيخ أحمد ديدات رحمه الله تعالى، لم يثبت الصلب لعيسى عليه السلام، بل هو ينص صراحة أن عقيدته في هذا الموضوع هو ما نص عليه القرآن في آية سورة النساء؛

حيث قال في خاتمة كتابه "مسألة صلب المسيح" (ص 182):

" ولا أتوقع أن يسألني أي شخص عن عقيدتي كمسلم فيما يتعلق بموضوع الصلب.

عقيدتي هي عقيدة القرآن كما وردت بدقة في الآية (157) من سورة النساء " انتهى.

وقال أيضا في الصفحة (12 - 14):

" ماذا نقول كمسلمين إزاء مثل هذا الإدعاء المسيحي؟

ليست هناك – في نظري- إجابة أكثر إقناعا من قوله تعالى:

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ).

هل يمكن لأحد أن يكون أكثر وضوحا وأكثر تأكيدا وأكثر يقينا وأكثر رفضا للمساومة تجاه معتقد

من معتقدات الإيمان عن هذه الإجابة؟ الإجابة هي: مستحيل! إن الله هو وحده العليم القدير البصير مالك الملك. إنه الله سبحانه وتعالى.

ويؤمن المسلم أن هذه الإجابة الكاملة إنما هي من الله سبحانه وتعالى. ومن ثم لا يثير سؤالا ولا يتطلب دليلا. يقول المسلم: آمنا وصدقنا.

ولو كان المسيحيون قد قبلوا بالقرآن الكريم باعتبار أنه وحي الله لما ثارت مشكلة صلب المسيح " انتهى.

وما عرضه الشيخ أحمد ديدات من قصة الصلب من الأناجيل، الهدف منه ليس إثبات حدوث الصلب، فهو يعتقد عدم حدوثه، وإنما أراد الشيخ منه شيئا آخرا،

وهو التدليل على أن الأناجيل الموجودة الآن هي نفسها تثبت أن عيسى عليه السلام لم يمت على الصليب؛ ويرى أن بنفي موته تنتفي المسيحية كليا؛ حيث قال الشيخ رحمه الله تعالى:

" انتفاء الصلب نفي للمسيحية:

إن وفاة عيسى على الصليب هي عصب كل العقيدة المسيحية. إن كل النظريات المسيحية عن الله

وعن الخليقة ، وعن الخطيئة، وعن الموت، تستمد محورها من المسيح المصلوب، وكل النظريات المسيحية عن التاريخ، وعن الكنيسة، وعن الإيمان، وعن التطهر، وعن المستقبل، وعن الأمل إنما تنبع من "المسيح المصلوب" ...

ومجمل القول هو أن انتفاء الصلب انتفاء للمسيحية! وتلك هي تجربتنا نحن المسلمين الذين نعيش في خضم المسيحية في جنوب إفريقيا ... "

انتهى من "مسألة صلب المسيح" (10 – 11).

ويظهر بوضوح مقصد الشيخ من كتابه من ملخصه الذي أودعه في الفصل الثامن عشر.

ثالثا:

والشيخ محمود شلتوت رغم شذوذه ، وخرقه للإجماع الثابت ، والنص الواضح

في مسألة وفاة عيسى عليه السلام التي ضمنها في فتواه التي أشرت إليها، إلا أنه مقر أن عيسى عليه السلام لم يصلب أصلا؛ حيث قال في فتواه المذكورة:

" ... وأن مكرهم في اغتيال عيسى قد ضاع أمام مكر الله في حفظه وعصمته إذ قال: ( يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .

فهو يبشره بإنجائه من مكرهم ، ورد كيدهم في نحورهم، وأنه سيستوفي أجله حتى يموت حتف أنفه ، من غير قتل ولا صلب، ثم يرفعه الله إليه "

انتهى من "مسألة صلب المسيح" (ص 202).

ويجب التنبه إلى أن هذه الفتوى للشيخ محمود شلتوت في مسألة موت عيسى عليه السلام

وعدم نزوله في آخر الزمان : هي فتوى باطلة ، قد تتابع أهل العلم على ردّها وإنكارها وبيان ضعفها؛ لأنها مخالفة لما جاء به القرآن والسنة.

وكلام أهل العلم من قديم ، واضح في ردها ، وبيان بطلانها ، والرد على أهل البدع المخالفين فيها.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأهل السنة مصدقون بنزول عيسى في الآثار الثابتة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ... "

انتهى من "الاستذكار" (26 / 236).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك " .

انتهى من "إكمال المعلم" (8 / 492 - 493).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد سياقه لنصوص الوحي الدالة على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان:

" فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة، وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، وأبي أمامة، والنواس بن سمعان

وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية وأبي سريحة حذيفة بن أسيد، رضي الله عنهم.

وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه ...

فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وتقرير وتشريع وتسويغ له على ذلك في ذلك الزمان

حيث تنزاح عللهم، وترتفع شبههم من أنفسهم؛ ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى، عليه السلام، وعلى يديه، ولهذا قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ).

وهذه الآية كقوله تعالى: ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) وقرئ: "عَلَم" بالتحريك، أي إشارة ودليل على اقتراب الساعة "

انتهى من"تفسير ابن كثير" (2 / 464 - 465).

وقال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" والحق الذي لا شك فيه أن الأخبار متواترة عن الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- أن الله رفع عيسى إليه حيا، وأنه حي عند الله ، وأنه ينزل في هذه الأمة في آخر الزمان ...

والتحقيق أن القرآن دل على أنه حي، وأنه سينزل، وأن أهل الكتاب يؤمنون به؛

لأن الضمير في قوله: ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) :

التحقيق أنه عيسى، والمعنى: أنهم يؤمنون بعيسى قبل موت عيسى بعد نزوله، هذا التفسير هو الصحيح، وسياق القرآن يدل عليه، والأحاديث المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل عليه .

والدليل على أنه سياق القرآن: أن الله قال: ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ، وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ ) أي: عيسى ( وَمَا صَلَبُوهُ )

أي: عيسى ( وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) أي: عيسى ( وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) أي: عيسى ( بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ) أي: عيسى ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ ) أي: عيسى، لتكون الضمائر على نسق واحد "

انتهى من "العذب النمير" (2 / 396 - 397).

والله أعلم.









قديم 2019-01-10, 15:30   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: ( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ) .

السؤال

سؤالي يتعلّق ببعض آيات القرآن الكريم، على سبيل المثال قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الأعراف/194

عندما قرأت تفسير ابن كثير لهذه الآية، إنّها تتكلم عن عبادة (الأصنام)، وآياتٌ مماثلةٌ أخرى ، فهذه الآيات قد تمّ تفسير هذه الآيات بعبادة الأصنام. لكن، الأصنام ليسوا عباداً للّه

هذه الأشياء قد تمّ إنشاؤها من قِبَلِ الإنسان ، في المعنى الظاهر، إنّها تعبّر بوضوحٍ ( عباد)؟ في آياتٍ أخرى قال الله: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ...) يونس/28

فهل الأصنام عبادٌ للّه ؟

وهل سيبعثون في اليوم الآخر ويحاسبون؟ في رأيي المتواضع، هذه الآيات تتكلّم بوضوحٍ عن الذين جعلوا شركاء للّه ، عن طريق عبادة القبور، الأولياء، الأموات والأصنام، الاستغاثة بالنبي، مثل الصوفيين ، فهل بالإمكان التوضيح؟


الجواب


الحمد لله

المقصود بالعبودية هنا، أي: الملك، فالأصنام مملوكة لله تعالى، لأن الخلق كلهم ملك لله عز وجل، وهو المتصرف فيهم،

يقول الطبري: " يقول جل ثناؤه لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان

موبخهم على عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الأصنام: إن الذين تدعون أيها المشركون آلهة من دون الله ، وتعبدونها ، شركا منكم وكفرا بالله، عباد أمثالكم [الأعراف: 194] يقول:

هم أملاك لربكم، كما أنتم له مماليك ، فإن كنتم صادقين أنها تضر وتنفع وأنها تستوجب منكم العبادة لنفعها إياكم ، فليستجيبوا لدعائكم إذا دعوتموهم

فإن لم يستجيبوا لكم لأنها لا تسمع دعاءكم، فأيقنوا بأنها لا تنفع ولا تضر؛ لأن الضر والنفع إنما يكونان ممن إذا سئل سمع مسألة سائل وأعطى وأفضل

ومن إذا شكي إليه من شيء سمع فضر من استحق العقوبة ونفع من لا يستوجب الضر"

"تفسير الطبري" (10/ 635)

و"التفسير البسيط" (3/ 315).

وقال أبو حيان في ذكر أوجه أخرى: " وسمى الأصنام عبادًا وإن كانت جمادات:

1- لأنهم كانوا يعتقدون فيها أنها تضر وتنفع، فاقتضى ذلك أن تكون عاقلة وأمثالكم.

2- قال الحسن: في كونها مملوكة لله .

3- وقال التبريزي: في كونها مخلوقة .

4- وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْمُرَادُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَتْ تَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ فَأَعْلَمَهُمْ تَعَالَى أَنَّهُمْ عِبَادٌ أَمْثَالُهُمْ لَا آلِهَةٌ " "البحر المحيط" (5/ 249).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقد يطلق لفظ العبد على المخلوقات كلها، كقوله: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/44) .

وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله :

" إنما أطلق على الأصنام اسم العباد وعبّر عنها بضمائر العقلاء؛ لأن الكفار يصفونها بصفات من هو خير من مطلق العقلاء، أنها معبودات، وأنها تشفع وتقرِّبُ إلى اللهِ زُلْفَى

فبهذا الاعتبار أجرى عليها ضمائر العقلاء، وعبّر عنها بالعباد. ووجه مماثلتهم هنا: أن الكفار العابدين، والأصنام المعبودات كلهم مخلوقات لله لا تقدر أن تجلب لنفسها نفعًا ولا أن تدفع عنها ضرًّا.

فهم من قبيل تَسْخِيرِ الله لهم، وخلقه للجميع ، وقدرته على الجميع ، بهذا الاعتبار هم سواء ؛ ولذا قال:

عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ بهذا الاعتبار، وفي الآية التي بعدها سيبيّن انحطاط درجة المعبودين عن العابدين، كما سيأتي إيضاحه قريبًا إن شاء الله. "

انتهى من "العذب النمير" (4/425) .

وينظر أيضا : "تفسير ابن كثير"(3/ 529).

وقال العلامة ابن عاشور ، رحمه الله ، في تقرير وجه الإنكار عليهم ، وتوجيه إطلاق "عباد" ، على "أصنامهم" :

" .. المراد بـ : ( الذين تدعون من دون الله ) : الأصنام .

فتعريفها بالموصول : لتنبيه المخاطَبين على خطأ رأيهم ، في دعائهم إياها من دون الله، في حين هي ليست أهلا لذلك !! ...

و (العبد) أصله المملوك، ضد الحر، كما في قوله تعالى: ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) [البقرة: 178] .

وقد أطلق في اللسان على المخلوق ، كما في قوله تعالى: ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) [مريم: 93] ...

والمشهور أنه لا يطلق إلا على المخلوقات من الآدميين ؛ فيكون إطلاق العباد على الأصنام ، كإطلاق ضمير جمع العقلاء عليها ؛ بناء على الشائع في استعمال العرب يومئذ من الإطلاق .

وجعله صاحب الكشاف : إطلاق تهكم واستهزاء بالمشركين ؛ يعني : أن قصارى أمرهم أن يكونوا أحياء عقلاء ؛ فلو بلغوا تلك الحالة ، لما كانوا إلا مخلوقين مثلكم !!

قال : ولذلك أبطل أن يكونوا عبادا بقوله : ( ألهم أرجل ) [الأعراف: 195] إلى آخره.

والأحسن عندي أن يكون إطلاق العباد عليهم : مجازا ؛ بعلاقة : الإطلاق عن التقييد .

روعي في حُسنه المشاكلة التقديرية ؛ لأنه لما ماثلهم بالمخاطبين ، في المخلوقية ، وكان المخاطبون عبادا لله ؛ أطلق العباد على مماثليهم ، مشاكلة.

وفرع على المماثلة : أمر التعجيز ، بقوله : ( فادعوهم ) ؛ فإنه مستعمل في التعجيز ، باعتبار ما تفرع عليه من قوله : ( فليستجيبوا لكم ) ، المضمَّن : إجابة الأصنام إياهم .

لأن نفس الدعاء : ممكن ؛ ولكن استجابته لهم : ليست ممكنة .

فإذا دعوهم ، فلم يستجيبوا لهم : تبين عجز الآلهة عن الاستجابة لهم، وعجز المشركين عن تحصيلها ، مع حرصهم على تحصيلها لإنهاض حجتهم .

فآل ظهور عجز الأصنام عن الاستجابة لعبادها ، إلى إثبات عجز المشركين عن نهوض حجتهم ؛ لتلازم العجزين، قال تعالى: ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) . [فاطر: 14] ..."

انتهى ، مختصرا من "التحرير والتنوير" (9/220-221) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-10, 15:34   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير (الجسد) في قوله تعالى: ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب )

السؤال

قال تعالى : (لَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ) ص/34 ، آمل منكم توضيح هذه الآية ؛ لأن التفاسير كثيرة لهذة الآية ، ولا تتفقق مع العقل .

الجواب


الحمد لله


أولًا:

الجسد في هذه الآية ، على قول المتقدمين من المفسرين : (شيطان) .

قال الطبري رحمه الله : " يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ( وَلَقَدِ ابْتَلَيْنَا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ) : شَيْطَانًا ، مُتَمَثِّلًا بِإِنْسَانٍ ... وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ "

انتهى من "تفسير الطبري" (20/87) .

وممن ورد عنه هذا حمل الجسد على الشيطان : ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم.

انظر: "تفسير الطبري" (21/ 196- 199 )، و"تفسير ابن أبي حاتم" (10/ 3241 - 3243 ).

يقول الدكتور مساعد الطيار: " فالجسد - كما ورد عن مفسري السلف - هو الشيطان الذي تسلط على ملك سليمان عليه السلام، وهذا القدر من القصة له ما يشهد له من جهة وقوعه كوناً

فأيوب عليه السلام يقول: أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [ص: 41] فقد مسَّه الشيطان وتسلط عليه

والرسول صلّى الله عليه وسلّم سُحر، والسِّحرُ من الشيطان، وهذا فيه تسلط، لكنه تسلطٌ في أمور مادية دنيوية، وليس تسليطاً على الجانب النبوي...

ويجوز أن نذكر هذا القدر من هذه الرواية من باب الاحتمال، وليس من باب الثبوت ، ولا يخالف هذا عصمة سليمان عليه السلام.

وما عدا ذلك مما في القصة من التفاصيل فإنه لا يمكن إثباتها إلا بحجة من الشارع .

وبهذا نفرق بين إثبات أصل القصة ، وإثبات تفاصيلها؛ كمُدَّةِ هذا التسلُّط ومقداره، فهذا لا يمكن أن يُثبت من الرواية الإسرائيلية الموجودة إطلاقاً، لذا يدخل فيما لا يصدق ولا يكذب.

أما إذا كان مما يُتفَق عليه : أنه يخالف ما عُرف من حال الأنبياء ، كما يذكر في الرواية هذه أن الشيطان تسلَّط على نساء سليمان بنكاحهنَّ ؛ فهذا مما يُعلم بطلانه؛ لمخالفته لحال الأنبياء، وهذا مما وقع الإجماع على إنكاره.

ونحن نحتاج إلى التعامل مع القصص بطريقة علمية لا عاطفية "

انتهى من " شرح مقدمة ابن جزي" (121).

ثانيًا:

قد يرد في بعض الروايات الإسرائيلية ما يتفق الجميع على أنه قادح في الرواية، وأنه كذب بلا ريب، وفي مثل هذه الحال يعترض المفسر على مثل هذه الرواية،

وإن كان الناقل لها من السلف لم يتعرض لذلك، إما مكتفيًا بوضوح نكارتها، وإما متأوِّلًا لجواز التحديث بمثل هذا، إذ مثل هذه الجزئية التي فيها خلل لا تقدح في أصل القصة عنده.

ولذلك قال الإمام ابن كثير في تفسير الآيات، وهي قوله تعالى: ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) :

" يقول تعالى: ولقد فتنا سليمان أي: اختبرناه ، بأن سلبناه الملك مرة، وألقينا على كرسيه جسدا قال ابن عباس، ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم: يعني شيطانًا.

ثم أناب أي: رجع إلى ملكه وسلطانه وأبهته " .

فأثبت أصل القصة، والتي ترفع الإبهام عن الآية، وأقرها .

ثم أنكر التفاصيل التي تقدح في سليمان عليه السلام، فقال: بعد ذكره لقصص الآية، وذكر أشدها نكارة:

" إسناده إلى ابن عباس قوي ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس - إن صح عنه - من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه السلام

فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا كان في السياق منكرات ، من أشدها ذكر النساء ؛ فإن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان بل عصمهن الله منه ، تشريفا وتكريما لنبيه صلى الله عليه وسلم .

وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف، كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين ، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب . والله أعلم بالصواب " انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 69).

فقد تبين أن مراد من ذكر القصة من السلف : العناية بأصلها ، لا التسليم بكل تفاصيلها .

وبعض السلف يكتفون بظهور نكارتها ، أو يترخصون بالتحديث عن أهل الكتاب في مثل ذلك .

ثالثا :

قد تبين أن هذه الإسرائيليات : ليس منها شيء تقوم به الحجة في دين الله ، وإنما قصاراها أن يُحدث بها ، على ما سبق ذكره .

ولذلك : من أهل العلم من لم يفسر الآية بها أصلا ، ولم يرها حجة في المقام ، بل أعرض عنها لنكارتها ، أو غرابة ما فيها من القصص والروايات .

واختار غير واحد من أهل العلم : أن المراد بـ"الجسد" هنا : الغلام الذي ولد لسليمان عليه السلام ، غير كامل ، لما نسي أن يقول : " إن شاء الله " .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ( قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ

فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ ) رواه البخاري (5242) ، ومسلم (1654) .

قال الإمام أبو حيان رحمه الله :

" نَقَلَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَإِلْقَاءِ الْجَسَدِ أَقْوَالًا يَجِبُ بَرَاءَةُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا، يُوقَفُ عَلَيْهَا فِي كُتُبِهِمْ، وَهِيَ مِمَّا لا يحل نقلها، وهِيَ مِنْ أَوْضَاعِ الْيَهُودِ وَالزَّنَادِقَةِ .

وَلَمْ يُبَيِّنِ اللَّهُ الْفِتْنَةَ مَا هِيَ، وَلَا الْجَسَدَ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ.

وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِتْنَةِ كَوْنُهُ لَمْ يَسْتَثْنِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَالَ: «لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةٍ .. " انتهى من "البحر المحيط" (9/155) .

وقال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" فإذا علمت هذا فاعلم أن هذا الحديث الصحيح بين معنى قوله تعالى: ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ) ، الآية .

وأن فتنة سليمان كانت بسبب تركه قوله إن شاء الله .

وأنه لم يلد من تلك النساء إلا واحدة نصف إنسان .

وأن ذلك الجسد ، الذي هو نصف إنسان : هو الذي ألقي على كرسيه بعد موته ، في قوله تعالى: وألقينا على كرسيه جسدا الآية .

فما يذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: ( ولقد فتنا سليمان ) الآية، من قصة الشيطان الذي أخذ الخاتم

وجلس على كرسي سليمان، وطرد سليمان عن ملكه ؛ حتى وجد الخاتم في بطن السمكة التي أعطاها له من كان يعمل عنده بأجر ، مطرودا عن ملكه ، إلى آخر القصة لا يخفى أنه باطل لا أصل له، وأنه لا يليق بمقام النبوة.

فهي من الإسرائيليات التي لا يخفى أنها باطلة.

والظاهر في معنى الآية هو ما ذكرنا، وقد دلت السنة الصحيحة عليه في الجلة ، واختاره بعض المحققين، والعلم عند الله تعالى."

انتهى من "أضواء البيان" (3/254) .

وقال العلامة ابن عاشور ، رحمه الله ، عن هذا القول : إنه " أظهر أقوالهم .. "

كما في "التحرير والتنوير" (23/260) ، واستظهره أيضا قبله ، الإمام البيضاوي في "تفسيره" (5/46) ، والعلامة أبو السعود في "تفسيره" (7/226) ، وغيرهم .

وفي "التفسير الوسيط" ، لعلماء الأزهر (8/500) : أن هذا القول : " خير ما ورد في تفسير هذه القصة .. " انتهى .

وأما الإمام أبو محمد ابن حزم ، رحمه الله ، فقد رد الروايات الإسرائيلية جميعها ، واقتصر على بيان معنى "الفتنة" ، وأنها : اختبار الله لنبيه سليمان عليه السلام

بما اختبره ، وابتلاه به ، دون أن يقطع في "ماهية" هذه الفتنة ، وما وقع به الاختبار بشيء ؛ إذ لم يصح بتعيينه خبر تقوم به الحجة ، أو يجب التسليم به :

" فتْنَة الله تَعَالَى لِسُلَيْمَان : إِنَّمَا هِيَ اختباره ، حَتَّى ظهر فَضله ؛ فَقَط !!

وَمَا عدا هَذَا : فخرافات ، وَلَدهَا زنادقة الْيَهُود ، وأشباههم .

وَأما الْجَسَد الْملقى على كرسيه : فقد أصَاب الله تَعَالَى بِهِ مَا أَرَادَ !!

نؤمن بِهَذَا كَمَا هُوَ ، ونقول : صدق الله عز وَجل ؛ كل من عِنْد الله رَبنَا .

وَلَو جَاءَ نَص صَحِيح فِي الْقُرْآن ، أَو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، بتفسير هَذَا الْجَسَد : مَا هُوَ ؛ لقلنا بِهِ .

فَإِذ لم يَأْتِ بتفسيره ، مَا هُوَ ، نَص ، وَلَا خبر صَحِيح ؛ فَلَا يحل لأحد القَوْل بِالظَّنِّ ، الَّذِي هُوَ أكذب الحَدِيث فِي ذَلِك ، فَيكون كَاذِبًا على الله عز وَجل .

إِلَّا أننا لَا نشك الْبَتَّةَ فِي بطلَان قَول من قَالَ : إنه كَانَ جنيا ، تصور بصورته !!

بل نقطع على أَنه كذب ، وَالله تَعَالَى لَا يهتك ستر رَسُوله صلى الله عليه وسلم هَذَا الهتك .

وَكَذَلِكَ نبعد قَول من قَالَ : إنه كَانَ ولدا لَهُ ، أرْسلهُ إِلَى السَّحَاب ليربيه !!

فسليمان عَلَيْهِ السَّلَام : كَانَ أعلم من أَن يُربي ابْنه ، بِغَيْر مَا طبع الله عز وَجل بِنية الْبشر عَلَيْهِ، من اللَّبن وَالطَّعَام .

وَهَذِه كلهَا خرافات مَوْضُوعَة مكذوبة ؛ لم يَصح اسنادها قطّ !! "

انتهى من "الفصل في الملل والنحل" (4/15) .

والله أعلم .









قديم 2019-01-10, 15:37   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: ( ألم يجدك يتيمًا فآوى )

السؤال

عندى سؤال بخصوص قول الله تعالى : ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ) ، أرجو منكم المعذرة لجهلى ، فأنا لست فقيها فى اللغة العربية ، ولكن يحيرنى قليلا مصطلح ( يجدك )

بناء عن فهمى لمعنى الكلمة ، من وجد الشئ على حال معين ليس هو من سبب هذا الحال

فكلمة يجدك فيها من التفاجؤ بالشئ ، مثال ( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ) وجد القوم فى فهمى معناها أنه لم يكن يعلم من قبل بوجودهم فى هذا المكان فهو تفاجئ بالعثور عليهم

لكن الله سبحانه وتعالى هو من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم يتيما ، وكان على علم بحاله ، فكيف يفسر لفظ ( وجدك) فى هذه الحالة ؟


الجواب

الحمد لله


لا شك أن الأمر ، على ما ذكرت : أننا نحتاج إلى معرفة لغات العرب ومعانيها ، وأساليبها في بيانها ، ومعاني مفرداتها، وهذا من أعظم الأسباب المعينة على تدبر كتاب الله ، ومعرفة معانيه.

وبعد ، فإن الفعل (وجد) يأتي في القرآن على معان، يجمعها: تحصل شيء ذي بال ، في حوزة كانت خالية منه .

1- فقد يأتي بمعنى تحصل الشيء دون معرفة مسبقة، وهو ما وصفته (بالمفاجأة)، ومنه في القرآن: (قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ) [يوسف: 75] ، (وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا) [آل عمران: 37]

(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا) [الكهف: 65] ، (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [النساء: 89] وفي كل هذه (وجد) فعل تام معناه إصابة ذات الشيء أي العثور عليه في الحيز.

2- وفي آيات أخرى تكون بمعنى العلم (وجود الشيء على صفَةٍ ، أو حال

أي العلم بوجودها فيه) ؛ مثل قوله تعالى : (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ) [النساء: 65] ، وقوله سبحانه : (قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا) [الكهف: 69]. وكثير غيرهما يتيسر تمييزها من الأولى.

انظر: المعجم الاشتقاقي المؤصل، د. جبل: (1/ 286).

وهذا المعنى – أي العلم – هو المراد في عامة ما ينسب إلى الله تعالى ، في مثل هذه السياقات.

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله : " وما يُنسب إلى الله تعالى ، من الوجود : فبمعنى العلم المجرد .." ا

نتهى، من "المفردات" (512) .

ثانيًا:

الفعل (وجد) في الآية المذكورة من سورة الضحى : هو من الوجود الذي بمعنى العلم .

والمعنى: ألم تكن يتيما

وانظر: الكشاف، للزمخشري: (4/ 767)

وتفسير الرازي: (31/ 196).

قال ابن جزي رحمه الله:

" ووجد في هذه المواضع تتعدى إلى مفعولين، وهي بمعنى علم "

التسهيل: (2/ 490).

والحكمة من ذلك التذكير : تعداد نعم الله على نبيه ، وتقوية قلبه بصنع الله له ، ولطفه به ، وحياطته له ، وأنه ناصره ، ومعينه ، ومعليه ومظهره على أعدائه ، وكابت عدوه ، ومخزيهم ، وتلك عادته فيه ، وفيهم .

قال ابن كثير رحمه الله :

" ثم قال تعالى يعدد نعمه عل عبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه: (ألم يجدك يتيما فآوى) :

وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد، عليه السلام، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين. ثم كان في كفالة جده عبد المطلب

إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب. ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره، ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا

وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره، إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء

قريش وجهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج

كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم والأكمل. فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه، رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به "

التفسير: (8/ 426).

والله أعلم .









قديم 2019-01-10, 15:40   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: (تكاد السماوات يتفطرن منه، وتنشق الأرض)، وسبب تنويع الفعل

السؤال


يقول الله عز وجل في سوره مريم ( تكاد السموات يتفطرن منه ) فما تفسير هذه الآية ؟

وهل معناها أن السماء صلبة ؟

ولماذا استخدم الله عز وجل تتفطر مع السماء وتنشق مع الأرض ؟


الجواب

الحمد لله

أولًا:

معنى قوله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) يقول تعالى ذكره :

وقال هؤلاء الكافرون بالله (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) مريم/88- 89 يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه: لقد جئتم أيها الناس شيئا عظيما من القول منكرا.

وقوله: ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا *

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ) أي: يكاد يكون ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم، إعظاما للرب وإجلالا؛

لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده، وأنه لا إله إلا هو، وأنه لا شريك له، ولا نظير له ولا ولد له، ولا صاحبة له، ولا كفء له، بل هو الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد .

انظر: "تفسير الطبري" (15/ 635)، و"تفسير ابن كثير"(5/ 266).

يقول الشيخ السعدي:

" وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين، الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا، كقول النصارى: المسيح ابن الله، واليهود: عزير ابن الله، والمشركين: الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) أي: عظيما وخيما.

من عظيم أمره أنه (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ) على عظمتها وصلابتها ( يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ) أي: من هذا القول ( وَتَنْشَقُّ الأرْضُ ) منه، أي: تتصدع وتنفطر ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) أي: تندك الجبال "

انتهى من "تفسير السعدي" (501).

ثانيًا:

أما تنويع استخدام الفعل مع السماء والأرض:

1- ذهب أكثر العلماء أن الانفطار والانشقاق بمعنى واحد، وأنهما ذُكرا هنا على سبيل التنويع، يقول ابن عاشور: " والتفطر: الانشقاق .

والجمع بينه وبين وتنشق الأرض : تفنن في استعمال المترادف ، لدفع ثقل تكرير اللفظ "

انتهى من "التحرير والتنوير"(16/ 170).

2- وقيل: أن الانفطار هنا بمعنى: السقوط، والانشقاق بمعنى: الخسف .

انظر: "البحر المحيط" (7/ 301) .

وقد يرجع هذا المعنى إلى الأول من وجه .

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc