اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ومن أساليب الثواب والعقاب التي يُمكن
أن تستنبط منَ السنة النبوية ما يلي:
ثانيًا: مِن وسائل العقاب:
1- الحِرْمان منَ التشجيع:
من وسائل العقاب التي أرشدت
إليها السنة النبوية: الحِرْمان منَ التشجيع
حيث يعمد المربِّي إلى حرمان مَن يعاقبه
مما كان قد عوَّده من تشجيع
أو مدح، أو ثناء، وما شابه ذلك
يدل لهذا من سنته - صلى الله عليه وسلم -
ما ترويه أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -
في قصة الإفك من موقف الرسول
- صلى الله عليه وسلم - منها حين مرضتْ
وأنه لم يكن يزيد على قوله: ((كيف تِيكُم؟))
أخرجه البخاري (5/601-604)، كتاب الشهادات
باب: تعديل النساء بعضهن بعضًا (2661)
دون أن ترى منه - صلى الله عليه وسلم -
ما كانت تراه من اللُّطْف
الذي كانتْ تعرفه منه حين تمْرض.
وبهذه الطريقة في المعامَلة
يضع الرسول - صلى الله عليه وسلم -
أمام المربِّين وسيلة من وسائل العقاب التربوي
قد تكون من أجدى أنواع العقوبات التي يُمكن
أن يعاقب بها الطفل
وأكثرها ملاءمة لنفسيته
في المراحل الأولى من دراسته
...............................
2- اللَّوم والتوبيخ:
لا بأس أن يلجأ المرَبِّي إلى توبيخ الناشئ
أو المتعلم إذا ما أخطأ خطأ يستوجب العقاب
ويمكن الزجْر عنه بالتوبيخ.
وقد استخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم -
أسلوب التوبيخ
حيث دعت الحاجة إلى ذلك
حيث يُروى عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -:
أنه عَيَّر رجلاً بسواد أمِّه، فوبَّخه رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قائلاً:
((إنك امرُؤٌ فيك جاهلية))
أخرجه البخاري (1/114) كتاب الإيمان
باب: المعاصي من أمر الجاهلية (30)
لكن ينبغي للمربِّي ألاَّ يُفْرط في استخدام التوبيخ
لأن ذلك قد يكون له تأثير سلبي
على الناشئ
فلا بد أن يراعي المؤدِّب حال الصغار
والفروق بينهم في الطباع والأخلاق
فمنهم مَن يكفي في لومه
وإشعاره بخطئه نظرةٌ قاسية
ومنهم من يرتجف فؤاده بالتلميح
ومنهم مَن لا يردعه إلا التصريح باللوم والتوبيخ
وعلى المربِّي أن يحدِّدَ الطريقة
الملائمة للتوبيخ مع كل منهم.
.........................
3- الهجْر والمقاطعة:
وقد لجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إلى هذا الأسلوب في عقابه للثلاثة
الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك
حيث أَمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- صحابته ألاَّ يكلِّموهم
فجرت المقاطعة بين المسلمين وبين هؤلاء الثلاثة
حتى ضاقت عليهم أنفسهم
وضاقت عليهم الأرض بما رحبت
وهو حديث كعب بن مالك:
أخرجه البخاري (8/452 - 455)
كتاب المغازي، باب: حديث كعب بن مالك
وقول الله - عز وجل -: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ﴾ (4418)
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ
يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *
وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ
وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 117 - 118].
وهذا يدل على أن مؤدب الناشِئِين يحق له
- بل يجب عليه أحيانًا
أن يَحرم المخطئين من مُعاشَرة زملائهم
فترة من الزَّمَن؛ عقوبة وردعًا لهم
حتى يشعر بندمهم وتوبتهم ورجوعهم إلى الصواب
أو يأخذ عليهم العهْد بذلك
شريطة أن يعرفوا أخطاءهم
وسبب إنزال هذه العقوبة بهم
وأن يتوسَّم فيهم الاستفادة من هذه العقوبة
"أصول التربية الإسلامية وأساليبها" ص (146).
.........................
4- - التشهير:
مع أن الإسلام يؤكِّد على أهمية ستْر العيوب
والستر على المسلمين وعدم التشهير بهم
فإنه في بعض الأحيان يوجد مَن يصرُّون
على ارتكاب الأخطاء
ولا يرتدعون إلا بفضْح أمْرهم والتشهير بهم
فحينئذ يجوز ذلك
لأن الضرورة قد دعت إليه
وقد لَجَأ الرسول - صلى الله عليه وسلم -
إلى هذا الأسلوب من العقاب
فيما يروى عن أبي هريرة -
رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله
إن لي جارًا يؤذيني، فقال:
((انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق))
فانطلق فأخرج متاعه
فاجتمع الناس عليه فقالوا: ما شأنك؟
قال: لي جار يؤذيني
فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:
((انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق))
فجعلوا يقولون: "اللهم العنه، اللهم أخْزِه"
فبلغه فأتاه، فقال:
((ارجع إلى منزلك، فوالله لا أؤذيك))
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (124)
وفي هذا دليل على أن النقد الاجتماعي اللاذع
من أساليب التربية الاجتماعية في الإسلام
ولكن لا يُلجَأ إليه إلا عند الضرورة القصوى
"أصول التربية الإسلامية وأساليبها" ص (145).
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء