إن التفكير الإنساني يتعدد ويتنوع بتنوع موضوعاته منه الأدبي والعلمي فالديني والفلسفي فهذا الأخير يبحث في
الوجود والمعرفة والقيم بحثا نقديا والبحث في قيمته ادى إلى طرح الإشكالية التالية ، إذا كان التفكير الفلسفي نوع
من التفكير الإنساني فهل يعني ذلك أنا هلايمكن الإستغناء عنه ؟ ألا يمكن أن يكون هذا النوع من التفكير لا قيمة له
له بالنسبة للإنسان .
إن البحث في قيمة الفلسفة وأهميتها بالنسبة للبشرية ترتيبي على تعدد وجهات النظر وتباينها أدى إلى ظهور
فئتين متعارضتين ومتناقضتين ، فالفئة الأولى يمثلها الفلاسفة عبر مختلف العصور فهم يومنون بإن التفكير الفلسفي
تفكير ضروريا بالنسبة للإنسان فهو بحاجة إليه ولا يمكنه الإستغناء عنه فهناك علاقة قوية وعضوية " وجود الإنسان
يعني وجود الفلسفة " وما يؤكد هذه الحقيقة في نظر أنصار الأطروحة الفلاسفة إن الفلسفة تطرح الإشكاليات
الأساسية الضرورية التي تساهم في تطور معارف العلمية الإنسان إلى جانب أنها تحرر العقل البشري من القيود من
خلال ممارسة الشك لأنه إعتقاد بأنه يقين ، غير أننا لو أخضعنا هذا الموقف لعملية الفحص والتحليل فإننا نكشف أنه
لايعبر عن قيمة الفلسفة تعبيرا دقيقا إذ أن الفلسفة منذ آلاف السنين تطرح نفس الإشكاليات ولم تتمكن من حلها
لذلك فهي لا تقدم شيئا نافعا للإنسان وهو ما يمكننا من الإستغناء عنهــا .
- وعلى نقيض القضية ظهرت الفئة الثانية تتمثل في موقف الإتجاه العلماوي الذي يعتقد أن الفلسفة ليست
ضورورية للإنسان وليس بحاجة إليها ويمكنه الإستغناء عنها أي بإمكاننا أن نتصور وجود الإنسان بغير فلسفة دون أن
يؤثر ذلك على وجود الإنسان وحجته في ذلك ان بإمكان الإنسان أن يعتمدعلى نتائج التي توصل العلم إليه لحل
مشاكله المختلفة وهوما حققه العلم في العصور الأخيرة ولم يعد الإنسان بحاجة إلى الفلسفة ، غير أننا لو أمعنا
النظر في هذه الأطروحة فسرعان ما نكشف تهافتها إذ أن النتائج العلمية نسبية قابلة للتطور الذي لا يتحقق إلا
بفضل هذه النتائج و تصليح الخطأ وهي المهمة والوظيفة الأساسية التي تقوم بها الفلسفة من خلال المنطق وبذلك
يبدو أن الإنسان يظل دائما في حاجة إلى الفلسفة .
- والنتيجة الحتمية للجدل السالف الفلسفة تعتبر ضرورية للإنسان ضرورة نسبية بمعنى أننا
نحتاج غالباا في مجالات محددة والبحث في أصل الوجود لكنها لاتعد ضرورية في كل المجالات فهي تصلح لتسير
كيفية الظواهر ، وأساس ذلك يتضح بشكل لا لبس فيه من خلال العلاقة الجدلية بين العلم والفلسفة التي تحدد
إختصاص كل منهما فإذا كان العلم يبحث في الإجابة عن السؤال فإن الفلسفة تبحث في الإجابة عن السؤال لمــاذا .
فبسببه ضورورة الفلسفة تعني أن لها مجالات محددة خاصة بها .
* الخــاتمة :
- إذن خلاصة القول في ما يتعلق بقيمة الفلسفة وحاجة الإنسان إليها يمكننا القول أناضرورتها نسبية فهناك
مجالات لا يمكن الإستغناء فيها عن الفلسفة فنحن في حاجة ماسة إليها خصوصا في ما يتعلق بقضايا الأخلاق
والمعرفة والمنطق .