مواعظ ابن الجوزي * متجدد * - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مواعظ ابن الجوزي * متجدد *

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-01, 13:53   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

روض نفسك
يا هذا: طهر قلبك من الشوائب، فالمحبة لا تلقى إلا في قلبٍ طاهر، أما رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها، وكلما رأى حجراً ألقاه، وكلما شاهد ما يؤذى نجاه، ثم يلقى فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى؟ وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك، وطهره من أوساخ الرياء والشك، ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة، ويثيره بمسحأة الخوف والإخلاص، فيستوي ظاهره وباطنه في التقى، ثم يلقى فيه بذر الهدى، فيثمر حب المحبة، فحينئذ تحمد المعرفة وطناً ظاهراً، وقوتاً طاهراً، فيسكن لب القلب، ويثبت به سلطانها في رستاق البذر، فيسري من بركاتها إلى العين ما يفضها عن سوى المحبوب، وإلى الكف ما يكفها عن المطلوب، وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام، وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام، فما زالت تلك النفس الطاهرة رائضها العلم، ونديمها الحلم، وسجنها الخوف، وميدانها الرجاء، وبستانها الخلوة، وكنزها القناعة وبضاعتها اليقين، ومركبها الزهد، وطعامها الفكر، وحلواها الأنس، وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها، وعين أملها ناظرة إلى سبيلها، فإن صعد حافظاها، فالصحيفة نقية، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية، فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة: (يأَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ ارجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرضِيَّة)








 


رد مع اقتباس
قديم 2012-12-01, 13:56   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خالف هواك

لله درُّ نفس تطهرت من أجناس هواها، وتجلببت جلباب الصَّبر عند دنياها، وشغلها ما رأى قلبها عما رأت عيناها، وإن مالت إلى الدنيا نهاها نُهاها، وإن مالت إلى الهوى شفاها شفاها، سهرت تطلب رضى المولى فرضى عنها وأرضاها، وقامت سوق المجاهدة على سوق هداها، فباعت حرصها بالقناعة فظفرت بغناها، وفوقت سهام العزائم إلى أهداف المحارم تبتغي علاها، ورمت نجائب الأسحار فساقها حادى الاستغفار إذ عناها؛ وقطعت بيداء الجد بآلة المستعد فبلغت مُنَاها، فمن أجلها ينزل القطر وينبت الزرع من جزاها، ولولاها لم تثبت الأرض بأهل دنياها
وما أعطَى الصَبابَة ما استَحقَت ... عَليهِ ولا قَضَى حق المنازل
ملاحظها بعين غُرِّى غَيرِى ... وزائراها بجسم غير ناحل










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-06, 18:55   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تبصر في نفسك

يا من نسي العهد القديم وخان، من الذي سواك في صورة الإنسان من الذي غذاك في أعجب مكان؟ من الذي بقدرته استقام الجثمان؟ الذي بحكمته أبصرت العينان؟ من الذي بصنعته سمعت الأذنان؟ من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان؟ من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان؟ مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران؟ إلى كم تخالفني وما يصبر على الخلاف الأبوان، وتعاملني بالغدر الذي لا يرضاه الإخوان، وتنفق في خِلافي ما عَزَّ عِندك وهان، ولو علم الناس منك ما أعلم: ما جالسوك في مكان، فارجع إليَّ في ذلك فأنا المعروف بالإحسان:
نَقِّل فُؤَادَكَ حيثُ شئتَ مِن الهوى ... ما الحبُّ إِلَّا لِلحَبِيب الأَوَّلِ
كَم مَنزِلٍ في الأَرض يَألَفُهُ الفَتَى ... وحنينه أَبداً لِأُوَّلِ مَنزِلِ
يا مبارزاً بالقبيح مهد عذرك، يا مواصلاً نقض العهود جانب غدرك، يا مديماً للتواني تدبر أمرك، يا مؤثراً ما يفني على ما يبقى خالفت خبرك، يا لاهياً في أيام العوافي والله ما تترك، يا واقفاً مع الأماني ضيعت عمرك، يا فارحاً بقصره تذكر قبرك، يا حاملاً أثقال الذنوب هلا خففت ظهرك؟ سار الصالحون إلى ذكرنا وآثرت هجرك، وسمعت سيرهم وضيعت أجرك إن أردت صحبة المتقين فاشرح لليقين صدرك، وإن أحببت حلاوة العواقب فاستعمل صبرك، إن حلا شراب مناجاتنا فبدد خمرك، إن طاب لك سماع ذكرنا فاكسر زمرك، اعتبر عن خل الثرى والكفان، وتفكر في البلا، وتذكر ذاك الرفاق فما بينك وبين هذه الآفات إلا أن تعاين الوفا وفات.










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-06, 18:58   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تذكر يا عامل
يا من له قلبٌ ومات، يا من كان له وقت وفات، أشرف الأشياء قلبك ووقتك، فإذا أهملت قلبك وضيعت وقتك: فقد ذهبت منك الفوائد، أو كنت تبكي على ما فات فابكِ على وقتك:
وَيَبكي عَلى الموتَى ويَترُكُ نفسه ... ويزعَمُ أَنَّ قَد قَلَّ عَنها عَزَاؤُهُ
ولَو كانَ ذا رأىٍ وعقلٍ وَفِطنَةٍ ... لكانَ عَليهِ لا عَليهِم بُكَاؤُهُ
رُئى سمنون يوماً على شاطئ دجلة وبيده قضيبٌ يضرب به فخذه حتى تبدد لحمه وهو يقول: كان لي قلب أعيش به ضاع مني في تقلبه، رب فاردده على، فقد عيل صبري في تطلبه، وأغث ما دام لي رمقٌ يا غياثَ المستغاث به، ابكِ على وقت كان قد صفا، وعلى قلب صار كالصفا، وعلى زمان تبدل فيه الوصل بالجفا، وعلى ربع خلا من اليقظة وعفا:
منَازلَ كنتُ أَهواها وآلَفُهَا ... أَيَّامَ كُنتُ على الأَيَّام منصوراً
ما تتوفى في سمين بدنك حتى نسيت إدراجك في كفنك، ولا متعت نفسك بمواعيد المُنى إلا بعد أن أسرك حُب الهوى، أما وعظك الزمان من بسطه وقبضه؟ أما أجد لك بجديد بعد الاعتبار ببعضه، أما تدرك الحين من طوله وعرضه، يا عجباً كيف التذَّ حامل بغمضة؟ وكم طيل يوم ما أُدىَ بعض فرضه، أما تعلم أنَّ الممات والحساب أمامك فتهيأ للرحيل، وأصلح خيامك، واحفظ مقالتي واقطع قطع المدى مدامك، واجتهد أن تنشر الإخلاص في المحل إلا على أعلامك، وصل صلاتك في الدجى، واهجر للمنام منامك، ولا تترك ولو بت الليل عاصياً صيامك، وأحضر قلبك وسمعك، وإن قلا من لامك، وأفق في زمان الإمكان قبل انثات العرى غرامك، واقطع بسيف التقى كما يقطع الكلام كلامك، وإياك والفتور فإني أرى الدواء دوامك.










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-07, 18:14   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفائزون
لله در أقوام أقبلوا بالقلوب على مقلبها، وأقاموا النفوس بين يدي مؤدبها، وسلموها إذا باعوها إلى صاحبها، وأحضروا الآخرة فنظروا إلى غائبها، وسهروا الليالي كأنهم وُكِّلوا بِرَعىِ كواكبها، ونادوا أنفسهم صبراً على نار حطبها، ومقتوا الدنيا فما مالوا إلى ملاعبها، واشتاقوا إلى لقاء حبيبهم فاستطالوا مدة المقام بها0
إِذا كُنتَ قُوتَ النَفس ثُمَ هجرتُها ... فَكَم تلبَثُ النَفس التي أَنتَ قوتها؟
ستبقَى بقاء الضَبِ في الماءِ أَو كما ... يَعيشُ ببيداء المهامه حوتها
بعض العابدات كانت تقول: والله لقد سئمت الحياة حتى لو وجدت الموت يباع لاشتريته شوقاً إلى الله وحباً للقائه، فقيل لها: على ثقةٍ أنت من عملك؟ قالت: لا والله؛ لحبي إياه وحسن ظني به، أفتراه يعذبني وأنا أحبه:
يا ناظرَ العينِ قُل هَل ناظرتَ عينِى ... إِليكَ يوماً وهَل تَدنُو مِنَ البين
اللَهُ يعلَمُ أَني بعدَ فُرقتُكُم ك ... طائرٍ سَلَبوهُ مِن الجنَاحَين
ولَو قدِرتَ ركبتَ الريح نحوَكُم ... فإِنَّ بُعدِى عَنكم قد حَنَا حين
لله در أرواح تشتاق إلى روح قربة، وتلتذ عند ابتلائه بوقع ضربة، ويطول عليها الزمان شوقاً إليه لحبه، إن سألت عن صفاتهم، فكل منهم مخلص لربه مجتهد في طاعته، خائف من عتبه، قائم على نفسه باستيفاء الحق منها على قلبه وأنشد:
كيفَ يقعُدُ رقيبٌ مُشتاقٌ بحركةٍ ... إِليكُم الخافقانِ الشوق والأَمل
فإِن نهضتَ فما لي غَيرُكُم وطر ... وإِن قعدتَ فما لي عِندَكُم شغل
لَو كانَ لي يَدٌ ما اخترتُ غيركُم ... فكيفَ ذاكَ وما لي غيركُم بدل
ولم تعرض الأَقوام بعدكم يستأ ... ذنونٌ على قَلبي فَما وصَلوا










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-07, 18:15   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سارع إلى التوبة والإنابة
أيها العبد: راقب من يراك على كل حال، وما زال نظره إليك في جميع الأفعال، وطهر سرك فهو عليم بما يخطر بالبال، المراقبة على ضربين، مراقبة الظاهر لأجل من يعلم، وحفظ الجوارح عن رذائل الأفعال، واستعمالها حذراً ممن يرى، فأما مراقبة الباطن فمعناها أدب القلب من مساكنة خاطر لا يرضاه المولى، وأجد السير في مراعاة الأولى، وأما مراقبة الظواهر فهي ضبط الجوارح عن رذائل الأفعال، واستعمالها في معالي الأعمال، فمن كان مقامه المراقبة فحال المحاسبة قال سرى: الشوق والأنس يرفرفان على القلب فكان هناك الإجلال والهيبة حلا ولا رحلاً، ومن ظهر الخشوع على قلبه دخل الوقار على جوارحه قال حاتم الأصم: إذا عملت فانظر نظر الله إليك، وإذا شكرت فاذكر علم الله فيك
وقال أبو الفوارس الكرماني: من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمر باطنه بدوام المراقبة، وظاهره باتباع السنةِ، وعود نفسه أكل الحلال لم تخطئ، فله فراسة:
كانَ رَقيباً مِنكَ يَرعَى خواطِري ... وآخرٌ يَرعَى نَاظِرِي ولساني
فما نَظرَت عينايَ بعدك منظراً ... لعمرك إِلَّا قُلتَ: قَد رمقاني
وَلا بَدَرَت مِن فِيَّ بَعدَكَ لَفظَةً ... لِغيركَ إِلَّا قُلتَ: قَد رمقاني
وَلا خَطَرَت فِي ذِكرِ غيركَ خَطرَةً ... على القَلبِ إِلَّا عَرجَا بعنان
وَفتيان صِدقٍ قد سمِعتَ كَلامُهُم ... وعُفِّفَ عَنهُم خاطِري وجِناني
وَما الدَّهرُ أَسلاً عنهُم غيرَ أَنَني ... أَراكَ على كل الجهاتِ تراني










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 19:57   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ابتعد عن المعاصي

إِلى متى تميل إلى الزخارف، وإلى كم ترغب لسماع الملاهي المعازف، أما آن لك أن تصحب سيداً عارف، قد قطع الخوف قلبه، وهو على علمه كاكف، يقطع ليله قياماً، ونهاره صياماً، لا يميل ولا آنف، دائم الحزن، والبكاء متفرغٌ له، ومنه خائف، ومع ذلك يخشى القطيعة والانتقال إلى صعب المتالف، وأنت في غمرة هواك وعلى حب دنياك واقف، كأني بك وقد هجم عليك الحمام العاسف، وافترسك من بين خليلك وصديقك المؤالف، وتخلَّلى عنك حبيبك وقريبك ومن كنت عليه عاطف، لا سيتطيعون رَدَّ ما نزل بك، ولا تجد له كاشف، وقد نزلت بفناء من له الرحمة والإحسان واللطائف، فلو عاتبك لكان عتبه على نفسك من أخوف المخاوف، وإن ناقشك في الحساب، فأنت تألف، أين مقامك من مقام الأبطال يا بطال، يا كثير الزلل والخطايا، يا قبيح الفعال، كيف قنعت لنفسك بخساسة الدون يا معنون، وغرتك أمانيك بحب الدنيا يا مفتون، هلا تعرضت لأوصاف الصدق فاستحليت بها القالب الحق: (التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ) إلى متى أنت مريض بالزكام؟ ومتى تستنشق ريح قميص يوسف عليه السلام يا غلام؟ لعله يرفع عن بصيرتك حجاب العمى، وتقف متذللاً على باب إله الأرض والسماء، خرج قميص يوسف مع يهوذا من مصر إلى كنعان، فلا أهل القافلة علموا بريحه، ولا حامل القميص علم، وإنما قال صاحب الوجد: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ)، كل واحد منكم في فقد قلبه كيعقوب في فقد يوسف، فلينصب نفسه في مقام يعقوب، ويتحسر وليبك على ما سلف، ولا ييأَس، كيف طريق التحسس قطع مرحل الليل وركوب نجائب العزم إنضاء بعير الجسم ومصاحبة رفقة الندم والمستغفرين بالأسحار









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 19:59   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بعض ثمرات الطاعة

إخواني: من أراد دوام العافية فليتق الله، ما أقبل مقبلٌ عليه إلا وجد كل خير لديه، ولا أعرض معرض عن طاعته إلا وتعثر في ثوب غفلته:
واللَهِ ما جِئتُكُم زَائِراً ... إِلَّا الأَرضُ تُطوى لي
وَلا انثَنَى عَزمي عَن بابِكُم ... إِلَّا تَعَثَّرَت بأَذيالي
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال ربكم عزَّ وجل: لو أنَّ عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أُسمعهم صوت الرعد) قال أبو سليمان الداراني: من صفا صفا له، ومن كدر كُدر عليه، ومن أحسن في ليله كفى في نهاره وقال الفضيل بن عياض: إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي فيامن من يريد دوام العيش على البقاء، دم على الإخلاص والنقاء، وإياك والمعاصي، فالعاصي في شقاء المعاصي، والمعاصي تذل الإنسان وتخرس اللسان، وتغير الحال المستقيم، وتحمل الاعوجاج مكان التقويم قال يحيى بن أبي كثير: لما أصاب داود الخطيئة نفرت الوحوش من حوله، إلهى رد على الوحوش كي أستأنس بها، فردها الله عليه، فأحطن به واصطففن إليه فرفع صوته بقرآنه الزبور، فنادته هيهات هيهات يا داود قد ذهبت الخطيئة بحلاوة صوتك، فكان يقول: بح صوتي في صفا أصوات الصديقين، وأصبحت كالبازي المنتف ريشه يرى حسران كلما طار طائرٌ:
يَرى طائِراتُ الجَوِ يَخفِقنَ فِى الهَوىَ ... فيذكر رِيشاً مِن جناحيهِ وافر
وَقد كانَ دَهراً في الرِّيَاضُ مُنَعَّماً ... عَلى كُلِ من يهوى مِن الصَّيدِ قادر
إِلى أَن أَصابتهُ مِن الدهر نَكبَةً ... فأَصبحَ مَقصوصَ الجناحينِ حاسر
مَضى السابِقونَ الأَوَّلون لفورهم ... وقصَّرت في أَمري وإِني لخاسر









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 20:01   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الصلاة

اعلموا - إخواني - أن الله عز وجل قد قدر الصلوات وقدمها على غيرها من العبادات، وإنما يحافظ عليها من يعرف قدرها، ويرجو أجرها، ويخاف العقاب على تركها، وهذه صفة المؤمن، وإنما يتوانى عنها ناقص الإيمان إن تكاسل، وكافر إن تهاون وقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) وروى في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليك بكثرة السجود فإِنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة) وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جعلت قرة عيني في الصلاة) وقد كان لله عز وجل عباد يحبون خدمته لشدة محبتهم إياه فيحضرون في الصلاة قلوبهم ويجمعون لأدائها هممهم وروى عن ابن الزبير أنه كان إذا قام في الصلاة فكأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جزعاً أو حائطاً أو وجه حجر أو رحل فدقه وهو في الصلاة فذهبت ببعض ثوبه فما التفت، وكان إذا دخل بيته سكت أهل البيت، فإذا قام إلى الصلاة تحدثوا وضحكوا واعلموا - إخواني - أن من أحب المخدوم أحب الخدمة له، لو عرف العبد من يناجى، لم يقبل على غيره، والصلاة صلة بين العبد وبين ربه الستر الأول: الأذان، كالإذن في الدخول وستر التقريب الإقامة: فإذا كشف ذلك الغطاء لاح للمتقي قُرة العى، فدخل في دائرة دار المناجاة (أَرحنا بها يا بلال)، فقد (جعلت قرة عيني في الصلاة) اكشف يا بلال ستر التقريب عن الحبيب يا بطَّال: لو سافرت بلداً لم تربح فيه حزنت على فوات ربحك وضياع وقتك، أفلا يبكي من دخل في الصلاة على قرة العين ثم خرج بغير فائدة
يُصلي فيُرسِلُها كالطيور ... إِذا أَرسلتَ من حصار القفص
يقومُ ويُقعَدُ مُستَعجِلاً ... كمِثلِ الطَروبِ إِذا مَا رَقَصَ
إخواني لا تقنعوا بالحركان، فإن الله لا ينظر إلى صوركم يا هذا: إنما يصاد الطائر بمحبوبه من الحب، ومحبوب القلب الطاهر ذكر الله عز وجل، فحرام على قلبك، على قلبك الحائم حول جيف الهوى، القِ له حب الذكر على فخ الصدق في حديقة الصور لعله يقع في شبكة المعرفة










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 20:03   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عُد إلى ربك
أيها العبد: تناه عن قبيح فعلك قبل انبثاث جهلك، وانظر لنفسك في أمرك قبل حلولك في قبرك كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل ووعظ أعرابي ابنه، فقال: لا الدهر يعظك، ولا الأيَّام تنذرك، والساعات تعد عليك، والأنفاس تعد منك، أحب أمريك إليك أردهما بالمضرة عليك ووجد على حجر مكتوب: ابن آدم، لو رأيت ما بقى من أجلك لزهدت في طول أملك، ولرغبت في الزيادة في عملك، ولقصَّرت من جهلك وحيلك، وإنما يلقاك ندمك إذا زلت قدمك، وأسلمك أههلك وحشمك، وباعدك الولد القريب، ورفضك الولد والنسيب، فلا أنت إلى دنياك عائد، ولا في حسناتك زائد فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة وقف قوم على راهب فقالوا: إنَّا سائلوك، أفمجيبنا أنت؟ فقال: لا تكثروا فإنَّ النهار لم يرجع، والعمر لن يعود، والطالب حثيث في طلبه، ذو اجتهاد، فقالوا: ما على الخلق غداً عند مليكهم؟ قال: على نياتهم، قالوا: فأني الموئل؟ فقال: إلى المقدم، قالوا: فأوصنا، قال: تزودا على قدر سفركم، فإن خير الزاد ما بلغ البغية يا هذا: لا تجزع لرؤية ملك الموت، وائت وأنت تشاهد فيها عملك، عمرك قليل، وقد ضيعت أكثره، فكيف شعورك في البقية، ولعل هذا اليوم الآخر، والليلة الأخيرة ما أرخص ما يباع عمرك، وما أغفلك عن السرى، إنما المرض نهاية الصحة، والفراق قرين الوصلة، والأيام ترحل، ولا بد من مسة بدن والحبيب مفارِقٌ أو مُفَارَقٌ، والمرء رهن مصائب
الأيَّام تنقضي حتى يوارى جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في غيره، ومعجل يلقى الردى في نفسه، الدنيا لمن فهم، قنطرة العبور وسوق التزود ومتطهرة التنظيف وزرعت للحصاد، فأما للعاقل فهي مفرقة المجامع، ومحزنة الربوع، ومجرية الدموع، من نال من دنياه أمنيته أسقطت الأيام منها الإلف، اطلب فيها قدر بلغتك، وخذ مقدار حاجتك خصها خصوص المسافر في طلب علف بعيره، اطلب الدنيا قدر الحاجة، واطلب الآخرة على حسب الطاقة، هذا ولو أنك بلغت إلى الحمى التوكل لاستراح قلبك، وغذاك الله كما يغذي الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً









رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 20:04   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

احذر الغفلة

قال الله عز وجل: (وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى، فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى) فإن اختلف المفسرون في المراد بمقام ربه على قولين: أحدهما: إنه قيام العبد بين يدي ربه يوم الجزاء والثاني: إنه قيام الله تعالى عباده فأحصى ما اكتسب، والمراد بالهوى ههنا، ما يهوى العبد من المحارم، فيذكر مقامه للحسنات، واعلم: أن من تفكر عند إقدامه على الخطيئة في نظر الحق إليه رده فكره خجلاً مما هم به، فالناس في ذلك على مراتب فمنهم من يتفكر عند جولان الهم بالذنب فيستحي من مساكنة ذلك الخاطر، وهذا مقام أهل الصفا، ومنهم من قويت أسباب غفلته فهو ساكن ذلك الهم إلا أنه لا يعزم عليه، ومنهم من يعزم لقوة غفلته، فهو يستسقي إقدامه فيما عزم عليه، ومنهم من زاد على ذلك بمقارنته المحظور ومداناته، ثم تدركه اليقظة، وإنما يكون هذا على مقدار تكاثف الغفلة وقلتها، فيفكر عند خاطره في عظمته من قد علم، وعند يقظه في جلال من قد سمع، وعند فعله في عزة من قد رأى، وهذا الفكر إنما نبت عن إصرار راسخ من الإيمان في القلب راعاه الحق إليه حذار علته ومعاملة صادقة في الخلوة، إلا أن الغفلة عن التذكرة والسعي على جادة الهوى غشى على القلب، وران عليه فإذا هم بخطيئة أو قاربها اقتلب مراعاة الحق إليه، خذ مراعاته بحق الحق قبل ذلك كما قال الله عز وجل: (فَلَولا أَنَّهُ كَانَ مِن المُسَبِّحِينَ)، وقال: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)، وكما جاء في الحديث: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) فما ينفر طائر قلبه من وسخ العزم على الذنب ثم عام في بحر الحياة خجلاً مما هم به يخرج نقياً بعد الوسخ طاهراً بعد النجس، لأن الأصل محفوظ بالصدق ومرهون بالإيمان، ولولا لطف الحق لكشف حجب الغفلة لبراقع الذنب، غير أنه أراه برهان الهدى فرجع، وأقام له هاتف التقوى فخشع، والقلوب تحن إلى ما اعتادت وألفت، وتنازع إلى ما مرنت عليه وعرفت أما سمعت قول عمر بن أُبىَّ:
بَينَما نَحنُ في ولادِكَ فالقاعُ ... سِراعاً والعيشُ يهوى هوياً
خَطَرت خطرَةً عَلى القلبِ مِن ... ذِكراكَ وهُنا فما أَطقت مضياًّ
قُلتُ للشوقِ إِذا دعاني ... لبيك وللحاديين ردُّوا المطيَّا
أثارَهُم بعدَهُم وما صَنعوا ... تخبرنا أُئُناً لَهُم تيعُ
يا واقِفاً بالدِّيارِ مُكتَئباً ... يندِبُ قَوماً مَن مَلكهم نُزعوا
ادخل إِلى الدارِ فهيَ خاليةٌ ... مِن سادة في التُراب قَد وضَعوا
إِذا تأَملتُهُم كأَنَهُم ما ... نَظَروا نَظرةً ولا سمعوا
ولا جرى بينهم مذاكرة ... ولا لنصر سعوا ولا نفعوا
كانوا كركب خطور رحالهم ... فما استَراحوا حتَى لَها رجَعوا
تم كتاب الياقوتة على التمام والكمال، والحمد لله وحده وصلى الله عليى سيدنا محمد وآله وسلم










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-08, 22:23   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
khaledsayf
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية khaledsayf
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
جعله الله في ميزان حسناتك ياأخـــــــــــــي










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-09, 07:18   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
عبد الرزاق الوهيبي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد الرزاق الوهيبي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد،وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على ابراهيم و آل ابراهيم، إنك حميد مجيد










رد مع اقتباس
قديم 2012-12-09, 21:59   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آمين وفيكم بارك الرحمن










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متجدد, مواعظ, الجوزي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc