لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-05-08, 17:35   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zera113 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم يا اخي انا عندي طلب
هناك اخ يبحث عن مرجع حول المقاومة الجزائرية لم يعطيني المعلومات جيدا لأنه يبحث لبنته قال لي موصوع حول مجلة المقاومة او مجلة المجاهد فمن عنده معلومات عن الموضوع يفيدنا بها والله يخليك يا اخي ويرحم ميتكم ويرفعه درجات العلى ويلهمكم الصبر على ما فقدتم ستلقاه ان شاء الله في الجنة وبارك الله فيك والسلام عليكم

المقاومة و رفض الوجود الاستعماري و مظاهره في الجزائر لسنة 2 ث
من طرف tachfin في الجمعة يناير 30, 2009 12:21 pm

الوحدة الثانية : الاستعمار الفرنسي في الجزائر و المقاومة الوطنية 1830- --------1954 المادة : تاريخ
الوضعية الثالثة : المقاومة و رفض الوجود الاستعماري و مظاهره ----- المستوى : 2 أف – لغ عت
الكفاءة المستهدفة : أن يبرز المتعلم أهداف المقاومة وأن يحدد الأساليب المنتهجة و يقيّم نتائجها ------ المدة :..سا
الإشكــالية : قوبل الوجود الاستعماري في الجزائر بمقاومة طويلة و عنيفة فما هي أنواعها و نتائجها .
التعليمات -1 - يتعرف على انواع المقاومة في الجزائر ويبرز أهداف المقاومة
- 2 - يحدد ويشرح الأساليب المنتهجة ويقيم نتائجها في كل فترة
المنتوج :
أنواع المقاومة في الجزائر :
آ - المقاومة المسلحة:
ـ المقاومة الرسمية (1830ـ1848) بقيادة الداى حسين و احمد باى
ـ المقاومة الشعبية المسلحة ( 1832 ـ 1908) بقيادة زعامات جهادية و دينية
ب - المقاومة السياسية و الثقافية : بواسطة الأحزاب السياسية و الجمعيات والنوادي
ج – المقاومة الاقتصادية : من خلال مقاطعة المستعمر اقتصاديا و الإضرابات عن العمل و التوقف عن دفع الضرائب .
- أهداف المقاومة :
* محاربة وإنهاء الوجود الاستعماري
* حماية ثروات وأملاك الشعب الجزائري
* منع سياسة الاستيطان والإدماج
* حماية مقومات الشخصية الجزائرية وهويتها الحضارية
* بعث الدولة الجزائرية ذات سيادة
الأساليب المنتهجة ونتائج كل فترة :
- آ – المقاومة المسلحة :
المقاومة الرسمية (1830-1848) : منها مقاومة الحاج أحمد باي بالشرق الجزائري
- المقاومة الشعبية المسلحة (1832-1848) : منها مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري بالغرب الجزائري – مقاومة الزعاطشة 1849- مقاومة بوبغلة – مقاومة لالة فاطمة نسومر (1851-1857) – مقاومة أولاد سيدي الشيخ ...
- لم تنجح في طرد الاستعمار وقد أوقعت فيه خسائر كبيرة
- ترسيخها لروح الصمود و الجهاد و ثقافة رفض الاحتلال
- سقوط الملاين من الضحايا
- تأخير تقدم الاستعمار نحو المناطق الداخلية
- ب - النضال السياسي: كان رد فعل أولي على الاحتلال و أخذ شكل - عرائض احتجاجية ورسائل و وفود - وجهت من أعيان الجزائر إلى المسؤلين الفرنسيين .
و بعد الحرب العالمية الأولى تبلور أكثر كنضال سياسي و ثقافي بظهور النخب و القيادات الفكرية حيث تجسدت في ما يعرف بالحركة الوطنية ضمن التيارات التالية
--- التيار الإصلاحي : مثله الأمير خالد من 1919 و حزب الإخاء الجزائري 1922 ثم جمعية العلماء الجزائريين من 1931 بقيادة بن باديس وقد عملت من خلال المدارس المحاضرات الجرائد نشاط علمائها لتحقيق رسالتها و أهدافها
---- التيار الاستقلالي : بدا مع نجم شمال إفريقيا المغاربي سنة 1926 بفرنسا وكان أول من دعا إلى الاستقلال ثم أصبح تنظيم جزائري إلى إن ظهر باسم حزب الشعب الجزائري 11 مارس 1937 بزعامة مصالي الحاج وبعد الح ع 2 ظهر باسم حركة انتصار الحريات الديمقراطية 1946 وقد أسس جناح عسكري – المنظمة السرية - للإعداد للثورة في فيفري 1947
---- التيار الادماجي : بزعامة - صالح بن جلول - فرحات عباس في سنة 1943 ظهر باسم – أحباب البيان والحرية –
ثم باسم الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري في ابريل 1946 واستمر إلى اندلاع الثورة
----- التيار الاجتماعي : ممثل في الحزب الشيوعي الجزائري و الذي كان فرع للحزب الشيوعي الفرنسي تزعمه عمار اوزقان و بعد ح ع 2 أصبح – باسم أصحاب الحرية والديمقراطية
نتائج المقاومة السياسية و الثقافية :
- استمرار روح المقاومة ورفض الوجود الاستعماري وبكل الأشكال و الأساليب -
- فشال المخططات لاستعمارية وكشف وحشية الاستعمار مجازر 8 – 5 – 1945
- أكدت أهمية التلاحم و الإتحاد وظهر ذلك في – المؤتمر الإسلامي 1936 – و في البيان الجزائري فيفري 1943
- تمكنت من الحفاظ على الوحدة الترابية والشعبية للشعب الجزائري مع أصالته و قيمه
- إعداد جيل الثورة
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تقويم مرحلي : عدد مطالب كل تيار من تيارات الحركة الوطنية و مالمقصود ببيان الشعب الجزائري 1943
مصطلحات و شخصيات الوضعية :
المقاومة: رد فعل سياسي أو عسكري يعبر عن رفض التدخل الأجنبي و الوجود الاستعماري
الحركة الوطنية : كل أشكال وأساليب النضال السياسي و الثقافي ( أحزاب – نوادي - جمعيات ) التي أسسها وناضل من خلالها الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي مع مطلع القرن 20 .إلى الثورة
الأحزاب السياسية : تعني التنظيمات الحزبية المعتمدة و التي تضم عدد من المنخرطين والمناضلين برامجها و أهدافها و قد ظهرت في الجزائر بعد الحرب ع 1 .
المقاومة المنظمة : تعتبر المقاومة وسيلة حركات التحرير الوطني من أجل الاستقلال وتحرير أراضيها من قبضة الاستعمار والوصول إلى تقرير مصيرها. من طرف جماعة من الأفراد لديهم أهداف و أفكار مشتركة ، وتحكمهم قواعد متفق عليها ، ويقومون بعمل مشترك أساسه التخطيط والإعداد المحكم و الجيد
المقاومة السياسية : هي التي تتبني أسلوب الحوار والمفاوضات وتقديم المطالب و العرائض ولا تستعمل العنف في التعبير عن الرأي وتحقيق أهدافها و منها اللجوء إلى تنظيم مظاهرات وحركات احتجاجية أو عصيا مدني أو تقديم مطالب سياسية.
الأمير عبد القادر الجزائري : هو عبد القادر بن محيي الدين الجزائري ولد سنة 1807 م ونشأ وتعلم في غرب الجزائر، لمع اسمه واشتهر في مواجهة الجيوش الفرنسية (ما بين 1832- 1847) قبل اعتقاله ونفيه إلى سوريا حيث ظل بها إلى وفاته.
الأمير خالد : حفيد الأمير عبد القادر شارك في الحرب العالمية الأولى في الجيش الفرنسي ومؤسس رابطة النواب المنتخبين الجزائريين بعد الحرب العالمية الأولى والتي مثلت تيار المساواة
عبد الحميد بن باديس (1889 - 1940) : ازداد بمدينة قسنطينة، تابع دراسته بتونس ف جامعة الزيتونة، بعد عودته للجزائر انخرط في العمل الوطني وأسس سنة 1931 "جمعية علماء المسلمين" ذات التوجه الإسلامي الإصلاحي السلفي
فرحات عباس (1899- 1985) : سياسي جزائري دخل كلية الصيدلة ثم انخرط في مواجهة الاستعمار الفرنسي حيث أسس سنة 1938 "اتحاد الشعب الجزائري"، ثم التحق بجبهة التحرير سنة 1956، كان أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة من القاهرة ما بين 1958 و 1961
مصالي الحاج : 1889 – 1974 من ابرز قادة الحركة الوطنية هاجر إلى فرنسا بعد ح ع 1 بحثا عن العمل أين انخرط في النضال السياسي مع نجم شمال إفريقيا ثم إن أصبح زعيم التيار الاستقلالي في الجزائر تربى على يديه الكثير من قادة الثورة ر غم إن موقفه كان سلبي منها لما اندلعت


tachfin
عضو


عدد الرسائل: 38
عدد النقاط: 12854
السٌّمعَة: 2
تاريخ التسجيل: 26/12/2008

https://smahi.montadamoslim.com/t290-topic








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-05-08, 17:39   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zera113 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم يا اخي انا عندي طلب
هناك اخ يبحث عن مرجع حول المقاومة الجزائرية لم يعطيني المعلومات جيدا لأنه يبحث لبنته قال لي موصوع حول مجلة المقاومة او مجلة المجاهد فمن عنده معلومات عن الموضوع يفيدنا بها والله يخليك يا اخي ويرحم ميتكم ويرفعه درجات العلى ويلهمكم الصبر على ما فقدتم ستلقاه ان شاء الله في الجنة وبارك الله فيك والسلام عليكم


تعريف المقاومة :
— المقاومة هي عملية رفض الظلم والاحتلال - ورفض كلما يتفرع عنه من مشاريع خبيثة ضد الأمة - وبجميع الوسائل المتاحة، بما فيها الوسائل العسكرية ، والسياسية ، والإعلامية ، وغيرها ، وبأيةدرجة ممكنة ، وأعلاها درجة اليد ، وهو الجهاد بالنفس والمال في سبيل الله، وأوسطها اللسان لفضح المحتلين الظالمين ، وأذنابهم من العملاءوالمنافقين ، وفضح مخططاتهم الخبيثة ، ونواياهم العدوانية ، بحق الأمة ، وأدناها القلب ، وهو كره المحتل وأذنابه وعملائه ، وذلك أضعفالإيمان ...
— أي أن المقاومة رد فعل سياسي أو عسكري يعبر عن رفض التدخل الأجنبي الاستعماري
الأساليب المنتهجة في المقاومة
*المقاومة المسلحة: المقاومة الرسمية :
في 14 جوان 1830 نزلت القوات الفرنسية بشبه جزيرة سيدي فرج غرب العاصمة , بعد أن أعدت جيشا يضم 4000 ألف جندي من المشاة والخيالة , مزودين بأحدث أدوات الحرب , وأسطولا يتكون من 700 سفينة . وقد اختار الفرنسيون هذا الموقع لحرصهم على مباغته مدينة الجزائر بالهجوم عليها برا , نظرا لصعوبة احتلالها من البحر , فقد صدمت طيلة قرون أمام الأساطيل الغازية.
بمجرد أن وطأت الجيوش الفرنسية ارض الوطن , هب الشعب الجزائري الرافض للسيطرة الأجنبية الى الدفاع عن أرضه , قائما الى الجهاد نادت إليه الحكومة المركزية , وطبقة العلماء والأعيان.
تركزت المقاومة الجزائرية في البداية على محاولة وقف عمليات الاحتلال , وضمان بقاء الدولة في معركة سطاوالي 19/06/1830. (أول مواجهة عسكرية بين القوات الفرنسية الغازية والقوات الرسمية للجزائر). لكن هذه المحاولة باءت بالفشل نظرا لعدم توازن القوي , وتشتت الثورات جغرافيا أمام الجيوش الفرنسية المنظمة التي ظلت تتزايد وتتضاعف لديها الإمدادات حيث
وبعد سقوط العاصمة توغلت القوات الفرنسية نحو متيجة (23/07/1830) ثم امتد النفوذ الاستعماريإلى المناطق الساحلية الشرقية والغربية مقاومة في عنابة في: 22/08/1830.ووهران\والمرسى الكبير في 13/08/1830. ثم البليدة والمدية في 22/11/1830م وانتهت هذه المقاومات بسقوط قسنطينة في 1837 ولكن استمر صمود الجزائريين طوال فترة الغزو متمثلا في مقاومات شعبية تواصلت طيلة القرن التاسع عشر الى بداية القرن العشرين
المقاومة الشعبية:وهي التي قام بها رجال الدين والزوايا
1- تميزت بالطابع الجهادي ورفض الوجود الاستعماري2- الاستمرارية والتداخل الزمني بين تلك الثورات.
3- اتساع نطاقها حيث امتد شرقا وغربا وجنوبا حتى الصحراء لكن في فترات متفاوتة.
4-تميزها بطابع القيادة الجماعية( قيادة دينية وأخرى عسكرية مثل المقراني والشيخ الحداد )
5- استطاعة المقاومات الشعبية نشر الوعي والمحافظة على الروح الثورية وترسيخ فكره الجهاد ورفض الاستعمار
6- نقص التنظيم والتحضير.7- طغيان الحماس الجهادي على التخطيط الحربي.
أهم الثورات الشعبية
مقاومة الامير عبد القادر والتي امتدت من 1832 الى 1847 وشملت كل من المدية وبسكرة ومليانة ومعسكر وتلمسان.
مقاومة احمد باي من 1832 الى 1848 وشملت منطقة قسنطينة .
ثورة محمد بن عبد الله الملقب بومعزة , من 845 1الى 1847 بالشلف والحضنة والتيطري.
مقاومة الزعاطشة من 1848 الى 1849 بالزعاطشة ( بسكرة ) والاوراس. ومن اهم قادتها بوزيان (بوعمار
مقاومة الاغواط وتقرت من 1852 الى 1854 تحت قيادة الشريف محمد بن عبد الله بن سليمان.
ثورة القبائل من 1851 الى 1857 بقيادة لالة فاطمةنسومر والشريف بوبغلة.
ثورة اولاد سيدي الشيخ من 1864 الى 1880 بواحة البيض وجبل عمور ومنطقة التيطري , سور الغزلان وتيارت بقيادة سليمان بن حمزة , احمد بن حمزة , سي لتعلي.
ثورة المقراني والحداد من 1871 الى 1872 بكل من برج بوعريريج , مجانة , سطيف, تبزي وزو , دراع الميزان , باتنة, سور الغزلان, الحضنة.
مقاومة بن العربي بن تاج , المعروف ببو عمامة من 1881 إلى 1883 ,وشملت عين الصفراء, تيارت , سعيدة, عين صالح.
مقاومة التوارق من 1916 إلى 1919 بتاغيت, الهقار , جانت, ميزاب, ورقلة, بقيادة الشيخ أمود.

أهداف المقاومة الجزائرية
رغم قسوة الاسالبيب وبشاعة الوسائل التي اعتمد عليها المستعمر من اجل القضاء على الهوية الجزائرية وإزالته وإحلال مكنه الا انه فشل في ذلك ولكن بشاعة تلك الاسالبيب زادت في ارادة الشعب ونمت فيه روح المقاومة وضرورة النضال لاسترجاع ماضاع وهنا بدأت شرارة المقاومة الشعبية بالاشتعال
إبراز أهداف المقاومة الجزائرية :
- تحرير الوطن والقضاء على الاستعمار واسترجاع الحرية والسيادة الوطنية
- انهاء التوسع العسكري للاحتلال
- استرداد ثروات وممتلكات البلاد والسيادة من المستعمر
- التصدي للسياسةالاستعمارية التي تهدف الى القضاء على الشعب وابادة مقوماته
-اعادة الاعتبار للشخصية الجزائرية وبناء مقومات وطنية وقومية
نتائج المقاومة المسلحة :
من خلال الدخول مع المحتل في مواجهة عسكرية مع قواته و في مختلف أنحاء الوطن
- لم تنجح في طرد الاستعمار رغم ضخامة الخسائر التي أوقعتها به
- رسخت روح الصمود و الجهاد في صفوف الشعب
- سقوط الملاين من الضحايا
- أخرت تقدم الاستعمار نحو المناطق الداخلية

*النضال السياسي
ب الجزائر بدأت في مطلع القرن العشرين مرحلة جديدة من النضال والمقاومة عرفت بمرحلة النضال السياسي وقد اتسمت في بدايتها بظهور نوع من المقاومة التي تعتمد على اللوائح والعرائض الإحتجاجية والصحافة لتصبح فيما بعد في شكل نوادي وجمعيات ثقافية وخيرية ورياضية ورسائل مثل الرسالة التي بعث بها حمدان خوجة في10/07/1833 والتي يدعوه فيها بمنح الجزائرين الحرية التي يتمتع بها الفرنسيون.
إن أهم ما يميز النضال السياسي في الجزائر منذ بدايته هو انقسام عناصره إلى حركات متعددة و متباينة
رواساءها نخب اهمها :
نخبة المحافظين : تكونت عام 1900 ، وهي تشمل المثقفين التقليديين والمحاربين القدامى والزعماء الدينيين وبعض الإقطاعيين المرابطين،مثل عبدالقادرالمجاوي بنسماية وبن مهوب حمدان لونيسي وعمر راسم وكان من بينهم بعض المعلمين والصحفيين، كانوا يؤمنون بالقومية الإسلامية، ومعادين لفكرة التجنيس والخدمة العسكرية تحت العلم الفرنسي . ظهرت هذه الكتلة بعد استيلاء المستوطنين الأوربيين على السلطة في الجزائر. وتضمن برنامج الكتلة النقاط التالية:
المساواة في التمثيل النيابي بين الجزائريين والأوربيين
معارضة التجنيس وإلغاء قانون الأهالي وحرية التعليم بالعربية.
حرية التنقل والهجرة إلى المشرق العربي.
الدفاع على مقومات الدين الاسلامي
انقسمت الكتلة إلى قسمين : قسم يضم النخبة التقليدية المحافظة، التي تكونت في المدارس القرآنية وجامعات الشرق، دافع أصحابها عن الهوية العربية الإسلامية وطالبوا بالتغيير في الإطار العربي الإسلامي وقسم يضم النخبة الجديدة مِمّن تخرجوا من المدارس الفرنسية الجزائرية وطالبوا بالإصلاح وانشاء الجمعيات والنوادي
6 النخبة الليبرالية : تعتبر هذه التشكيلة السياسية امتدادًا لحركة الشباب الجزائري التي انشقت إلى جماعتين بعد انتخابات 1919 . ويعتبر هذا التنظيم ليبراليًا في موقفه من الحالة الراهنة التي كان ينادي بها المستوطنون ترأسه الدكتور ابن التهامي وأصدر جريدة التقدم الناطق الرسمي للحركة
لم يختلف برنامج هذا التنظيم عن برنامج الأمير خالد لا في نقطة واحدة وهي دمج الجزائر دمجًا كاملا، ومنح الجنسية للجزائريين وفي سنة 1923 وبعد أن نفت فرنسا الأمير خالد خلت الساحة أمام الليبراليين الذين فازوا في الانتخابات التي نظمت في عام 1924 ، ومن أهم زعماء هذه الحركة نجد الذي سيكون له دور بارز في بن جلول و فرحات عباس والزناتي و بلحاج
الثلاثينيات، وأهم النقاط كان يحتويها برنامج الليبراليين ما يلي:
احترام الحضارة الإسلامية.
التخلي عن نظرية الامتياز العنصري.
المساواة في الحقوق السياسية.
تحويل المجتمع الجزائري إلى مجتمع حديث عن طريق جماعة النخبة
****
نتائج المقاومة السياسية و الثقافية :
- رسخت روح المقاومة و النضال ضد الوجود الاستعماري بكل الأشكال و الأساليب -
- أفشلت المخططات الاستعمارية وكشف وحشيته خاصة بعد مجازر 8 – 5 – 1945
- أكدت أهمية التلاحم و الإتحاد وظهر ذلك في – المؤتمر الإسلامي 1936 وينص علي- إلغاء المعاملات الخاصة بالجزائريين. إلغاء المحاكم العسكرية و العفو عن المحكوم عليهم في حوادث قسنطينة سنة 1934. المساواة بين النواب المسلمين و الفرنسيين. اعتبار اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب الفرنسية .- تحرير الدين الإسلامي من سيطرة الدولة الفرنسية ،.....الخ– و في بيان فيفري 1943:هو عبارة عن وثيقة سياسية حددها زعيم الاتجاه لإدماجي ( فرحات عباس ) نيابة عن بقية التيارات الأخرى كالاستقلاليين P P A و الإصلاحيين/العلماء. و تم تقديمها في شكل نسخ في 23/02/1943 و مضمونها مطالب عديدة و أهمها:إدانة الاستعمار الفرنسي.-إنشاء دستور الجزائريين و حق المسلمين في تسيير شؤونهم.-ترسيم اللغة العربية وفصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية .
- تمكنت من الحفاظ على وحدة الشعب
- دافعت عن هوية الشعب و أصالته و انتمائه الحضاري
- أسهمت في نشر الوعي الوطني و في إعداد جيل الثورة و الاستقلال
-نتائج المقاومة الجزائرية عامة :
أدت المقاومة المستمرة إلى إفشال المخططات الاستعمارية الهادفة إلى إذابة الشخصية الوطنية وطمسها.
*إدراك الشعب الجزائري لأهمية الوحدة في الوقوف ضد سياسة الاستعمار فعمل على توحيد مواقفه رغم الاختلافات الفكرية ( المؤتمر الإسلامية 1936.
* بيان 10/02/1943. وجبهة أحباب البيان والحرية 1944.
* حافظت المقاومة الوطنية على وحدة التراب الوطني من خلال انتشارها العسكري والسياسي رغم محاولات الاستعمار لتمزيقها.
*تمكنت المقاومة الوطنية بأساليبها ووسائلها المختلفة من نشر الوعي الوطني في أوساط الجزائريين وتكوين جيل قاد الثورة التحررية في 01/11/1954.
رد فعل الاستعمار على المقاومة :
كان مزدوجا:
أ)- الترهيب:تجلى في
ابادة قرى وعروش باكملها – الحكم على ستة الاف جزائري بالاعدام – اجبارالكثير من القبائل على ترك اراضيهم ومصادرة املاك واراضي الثائرين – ونفي معظمهم الي الخارج
ب)- مشاريع الإصلاح:
لجأ الاستعمار إلى استحداث سلسلة من الإصلاحات لامتصاص غضب الشعب الجزائري تمثلت في:
1- قانون4فيفري 1919: الذي يمنح بعض الحقوق لبعض الفئات من الجزائريين.
2- مشروع بلوم فيوليت: في 30 ديسمبر 1936 وهو ينسب إلى الوالي العام موريس فيوليت ورئيس الحكومة
الفرنسية ليون بلوم، ويمنح الحقوق السياسية لبعض الجزائريين دون شرط التخلي عن أحوالهم الشخصية الإسلامية نسبة إلى موريس فيوليت الذي كان حاكما عاما على الجزائر خلال العشرينات،وأصبح عضوا في مجلس الشيوخ و قيادي في الحزب الاشتراكي الفرنسي و نظرا لخبرته بالشؤون الجزائرية قدّم مشروع عرف بمشروع فيوليت ، يتكون من ثمانية فصول و خمسين مادة يتضمن إصلاحات دستورية بإعطاء حقوق متساوية بين الفرنسيين و الجزائريين، وإصلاح التعليم، و إصلاحات زراعية، إلغاء المحاكم الخاصة، إنشاء وزارة الشؤون إفريقيا، ونشر المشروع في وسائل الإعلام و نوقش من طرف الطبقة السياسية ، وقدم إلى البرلمان الفرنسي لمناقشتة ،و لتوضيح مشروعه أكثر نشر فيوليت كتابا تحت عنوان "هل تعيش الجزائر" شرح فيه نظرته إلى إصلاح الأوضاع في الجزائر الفرنسية ، لكن إصرار الكولون على رفض كل إصلاح جعل البرلمان الفرنسي يرفض هذا المشروع ،و الذي فتح الباب لتقديم مشاريع أخرى من طرف النواب الفرنسيين مثل مشروع فيرنوت، و مشروع كوطولي (نائب قسنطينة)،و مشروع دوروكس (نائب الجزائر)..
3- برنامج قسنطينة 12 ديسمبر 1943: أعلنه ديغول في خطاب له بقسنطينة وهو عبارة عن إصلاحات اقتصادية اجتماعية تتمثل في: - إسناد حقوق المواطن إلى الآلاف من المسلمين الفرنسيين بالجزائر شرط تطابقها في الأحوال الشخصية.- رفع نسبة المسلمين الجزائريين في مختلف المجالس المحلية وزيادة عدد من الوظائف الإدارية.
4-أمرية 7 مارس 1944: هي مجموعة إصلاحات أصدرها ديغول إثر بيان 10/02/1943. وتتضمن:
- المساواة بين الجزائريين والفرنسيين في الحقوق والواجبات.
- المساواة أمام القانون. – إلغاء القوانين الاستثنائية.
5- قانون 20 سبتمبر 1947 (دستور الجزائر) مجموعة إصلاحات جاءت بعد مجازر 08 ماي 1945. في محاولة لتهدئة الوضع واحتواء الحركة الوطنية الجزائرية،و رفضه الشعب الجزائري والحركة الوطن
ختاما شاءت الأقدار أن يكون اليوم الذي بدأ فيه الاحتلال الفرنسي للجزائر
هو نفس اليوم الذي استقلت فيه غير أن الفارق الزمني بينهما (132) عامًا امتلأت بالأحداث والشهداء،
فقصة الجزائر واستقلالها قصة طويلة الفصول، حزينة الأحداث، تجمع بين البطولة والمأساة، بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار، بين الحرية وطلب الاستقلال، كان أبطال هذه القصة الفريدة مليون شهيد، وملايين
اليتامى و الثكالى والأرامل، وكتبت أحداثها بدماء قانية غزيرة أزهقت
في ميادين المقاومة، وفي المساجد، وفي الجبال الوعرة، حيث كان
الأحرار هناك يقاومون , وقد عملنا في هذا البحث على تبيان شكل
المقاومة الجزائرية التاريخية فنرجو أن نكون قد وفيا ولو بالقليل وتقبلوا تحيات أعضاء الفوج والسلام عليكم و رحمة الله .



مصطلاحات تاريخة
المقاومة:رد فعل سياسي أو عسكري يعبر عن رفض التدخل الأجنبي ( الاستعماري )
الأحزاب السياسية : تعني التنظيمات الحزبية المعتمدة و التي تضم عدد من المنخرطين والمناضلين ويتبنى اتجاه معين .
المقاومة المنظمة : المقاومة التي تقوم على التخطيط والإعداد المحكم والجيد.
المقاومة السياسية :هي التي تتبني أسلوب الحوار والمفاوضات والمطالب ولا تستعمل العنف في التعبير عن الرأي ومنها اللجوء إلى تنظيم مظاهرات وحركات احتجاجية أو عصيا مدني أو تقديم مطالب سياسية.
القوى السياسية : مجموعة الضغط السياسي داخل الدولة كالأحزاب ذات القاعدة الشعبية الواسعة والشخصيات ذات الثقل السياسي والشعبي.
المقاومةالمنظمة: المقاومة التي تقوم على التخطيط والإعداد المحكم والجيد.-
الحركة الوطنية: كل أشكال وأساليب النضال السياسي و الثقافي ( أحزاب – نوادي - جمعيات ) التي أسسها وناضل من خلالها الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي مع مطلع القرن20 .إلى الثورة
المقاومة المنظمة : تعتبر المقاومة وسيلة حركات التحرير الوطني من أجل الاستقلال وتحرير أراضيها من قبضة الاستعمار والوصول إلى تقرير مصيرها.من طرف جماعة من الأفراد لديهم أهداف و أفكار مشتركة ، وتحكمهم قواعد متفق عليها ، ويقومون بعمل مشترك أساسه التخطيط والإعداد المحكم و الجيد
الأمير عبد القادر الجزائري: هو عبد القادر بن محيي الدين الجزائري ولد سنة 1807 م ونشأ وتعلم في غرب الجزائر، لمع اسمه واشتهر في مواجهة الجيوش الفرنسية (ما بين 1832- 1847) قبل اعتقاله ونفيه إلى سوريا حيث ظل بها إلى وفاته.
الأمير خالد :حفيد الأمير عبد القادر شارك في الحرب العالمية الأولى في الجيش الفرنسي ومؤسس رابطة النواب المنتخبين الجزائريين بعد الحرب العالمية الأولى والتي مثلت تيار المساواة
الحريات ونهب الثروات واستغلال الشعوب المقهورة إلى أقصى حد...
عبد الحميد بن باديس (1889 - 1940)ازداد بمدينة قسنطينة، تابع دراسته بتونس ف جامعة الزيتونة، بعد عودته للجزائر انخرط في العمل الوطني وأسس سنة 1931 "جمعية علماء المسلمين" ذات التوجه الإسلامي الإصلاحي السلفي
فرحات عباس (1899- 1985)سياسي جزائري دخل كلية الصيدلة ثم انخرط في مواجهة الاستعمار الفرنسي حيث أسس سنة 1938 "اتحاد الشعب الجزائري"، ثم التحق بجبهة التحرير سنة 1956، كان أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة من القاهرة ما بين 1958 و 1961
مصالي الحاج : 1889 – 1974 من ابرز قادة الحركة الوطنية هاجر إلى فرنسا بعد ح ع 1 بحثا عن العمل أين انخرط في النضال السياسي مع نجم شمال إفريقيا ثم إن أصبح زعيم التيار الاستقلالي في الجزائر تربى على يديه الكثير من قادة الثورة ر غم إن موقفه كان سلبي منها لما اندلعت
معاهدة فرساي أو اتفاقية فيرساي هي المعاهدة التي اسدلت الستار بصورة رسمية على وقائع الحرب العالمية الاولى. وتم التوقيع على المعاهدة بعد مفاوضات استمرت 6 أشهر عام 1919. ووقّع الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من جانب، والجانب الآخر كان الجانب الألماني المهزوم في الحرب في 28 يونيو 1919. وتم تعديل المعاهدة فيما بعد في 10 يناير 1920 لتتضمّن الاعتراف الألماني بمسؤولية الحرب ويترتب على ألمانيا تعويض الأطراف المتضرّرة مالياً. وسمّيت بمعاهدة فيرساي تيمناً بالمكان الجغرافي الذي تمّ فيه توقيع المعاهدة وهو قصر فرساي الفرنسي.
الليبرالية (LIBERALISM) اشتقت كلمة ليبرالية من ليبر LIBER وهي كلمة لاتينية تعني الحر .الليبرالية حاليا مذهب أو حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة من القيود السلطوية الثلاثة (السياسية والاقتصادية والثقافية)، وقد تتحرك وفق أخلاق وقيم المجتمع الذي يتبناها تتكيف الليبرالية حسب ظروف كل مجتمع، وتختلف من مجتمع غربي متحرر إلى مجتمع شرقي محافظ. الليبرالية أيضا مذهب سياسي واقتصادي معاً ففي السياسة تعني تلك الفلسفة التي تقوم على استقلال الفرد والتزام الحريات الشخصية وحماية الحريات السياسية والمدنية

إصلاحات 1919:
وهي محاولة لذر الرماد في العيون إذ أعلنت السلطات الفرنسية عن جملة من الإجراءات السياسية ، كتمثيل الجزائريين في البرلمان الفرنسي لكن بنسب ضئيلة و بشروط لا تتوفر إلاّ في النخبة الموالية لفرنسا، و جاءت إصلاحات 1919 مناقضة للقانون الفرنسي ،إذ قيدت هجرة الجزائريين إلى فرنسا رغم اعتبارهم فرنسيين، ووقّع قرار الإصلاحات رئيس الحكومة الفرنسية جورج كليمانصو يوم 6/2/191
https://vivalalgerie.riadah.org/t703-topic









رد مع اقتباس
قديم 2013-05-08, 17:42   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zera113 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم يا اخي انا عندي طلب
هناك اخ يبحث عن مرجع حول المقاومة الجزائرية لم يعطيني المعلومات جيدا لأنه يبحث لبنته قال لي موصوع حول مجلة المقاومة او مجلة المجاهد فمن عنده معلومات عن الموضوع يفيدنا بها والله يخليك يا اخي ويرحم ميتكم ويرفعه درجات العلى ويلهمكم الصبر على ما فقدتم ستلقاه ان شاء الله في الجنة وبارك الله فيك والسلام عليكم
ب فئوية ومثل بعض الجهات إلى أنها كانت تحمل كل مطالب الجزائر
المرحلة2(1919-1954) :وتمثلت في الأحزاب و الجمعيات التي ظهرت خلال ح ع 1
أهداف المقاومة في الجزائر
-طرد الاستعمار و استرجاع السيادة الوطنية
-المحافظة على عناصر الهوية الوطنية
-إفشال المخططات الرامية إلى دمج الجزائر بفرنسا
-استرجاع الممتلكات والثروات المسلوبة
2/الأساليب المنتهجة في المقاومة :
أ/ المقاومة العسكرية :
أ/1/المقاومة الرسمية :
كرونولوجيا الأحداث :
30أفريل1827 حادثة المروحة
16جوان1827بداية الحصار البحري وتحطم الأسطول الجزائري في معركة نافارين
30جانفي1830 مصادقة الوزراء الفرنسي على مشروع الحملة
07/02/1830 تعيين ديبورمون قائد للحملة
25/05/1830 انطلاق الحملة من ميناء طولون
14جوان1830 الإنزال بسيدي فرج
19جوان 1830 انهزمت القوات الجزائرية في معركة سطاوالي
05جويلية1830 توقيع معاهدة الاستسلام
نبدأ بمعركة سطا والي 09جوان 1830ثم تتواصل في قسنطينة بعد عودة أحمد باي الذي عمل على تنظيم الجيش وتحصين المدينة
هاجمت القوات الفرنسية قسنطينة مرتين الحملة الأولى 2 نوفمبر 1836 ثم الحملة الثانية أكتوبر 1873 أين تمكنت القوات الفرنسية من الدخول إلى قسنطينة
بعد سقوط قسنطينة انتقل احمد باي إلى الجنوب القسنطيني وحاول إعادة تنظيم المقاومة لاكمه فشل بسبب تشتت القبائل وعدم توازن القوتين سلم نفسه للقوات الفرنسية 1845 ليتم وضعه تخت الإقامة الجبرية في العاصمة
أ/2/ المقاومة الشعبية (1830-1954) :
-مقاومة الأمير عبد القادر(1832-1847) :
بويع الأمير عبد القادر في 27/11/1832 من طرف القبائل المقيمة في سهل غريس بمعسكر ثم البيعة الثانية في 01/1833 حيث
بايعه القبائل خارج معسكر في وهران تلمسان
-قسم المناطق التابعة له إلى 8 مقاطعات على رأس كل مقاطعة خليفة نضم الجيش أنشئ مجلس الشورى سك العملة باسمه
-اعتمد أسلوب حرب العصابات في مواجهة المستعمر وتمكن من المستعمر بانتصارات كبيرة (معركة خنق النطاح 2.1 برج العين معركة التافنة التي انتهت بتوقيع معاهدة التافنة 30/05/1837
-استغلت فرنسا معاهدة التافنة للقضاء على المقاومة أخمد باي في الشرق الجزائري نقضت فرنسا معاهدتها وقامة بمهاجمة الأمير عبد القادر منتهجة سياسة الأرض المحروقة
-سنة 1843 اكتشفت عاصمة الأمير /الزمالة/
-لجأ الأمير إلى المغرب لكن كانت تخت ضغط القوات الفرنسية و لأسطول الفرنسي استسلم في 23 سبتمبر 1847 ليتم سجنه ثم ينفى إلى الشام 1852 قم يبقى حتى وفاته 1883
مقاومة الزعاطشة(1819) : قادها الشيخ بوزيان أحد أتباع الأمير جنوب غرب بسكرة وشكلت لأوراس الزيبان الحضنة
*مقاومة الشريف بوبغلة ولالة قاطمة نسومر(1857-1851) : وشملت منطقة القبائل
* مقاومة أولاد سيدي الشيخ(1880-1864) :شملت الجنوب والجنوب الغربي وقادها رجال زاوية سيدي الشيخ
*مقاومة المقراني(1872-1871) : شملت الشرق إلى غاية الجنوب قادها الشيخ المقراني والشيخ الحداد
مقاومة بوعمامة (1904-1881) : وشملت الغرب و الجنوب والجنوب الغربي
ب/ المقاومة السياسية :
المرحلة الأولى(قبل1919) : كانت عبارة عن رسائل وعرائض قدمها وجهاء و أعيان الجزائر للسلطات الفرنسية
لجنة المغاربة كانت تضم أعيان ووجهاء الجزائر على رأسهم حمدان خوجة
-النخبة :خريجي المدارس الفرنسية طالبو بالإدماج مع الحفاظ على الأحوال الشخصية
كتلة المحافظين//اغلب نشاطها كان إصلاحيا من اجل الحفاظ على الهوية الشخصية
المرحلة الثانية(بعد1919) :يمكن أن نميز لاتجاهات السياسية التالي :
-دعاة المساواة :مثل هذا الاتجاه الأمير خالد من خلال كتلة المنتخبين الجزائريين 1919 مطالبه المساواة بين الجزائريين والفرنسيين
-دعاة الاستقلال : مثل هذا الاتجاه نجم شمال إفريقيا سنة 1926
دعاة الإدماج : مثله المثقفون ثقافة فرنسية خريجي المدارس لفرنسية الذين طالبو بالإدماج مع الحفاظ على الأحوال الشخصية
دعاة الإصلاح : جمعية العلماء المسلمين
تقييم نتائج المقاومة بالنسب لمختلف الفترات :
-تأكيد رفض الشعب الجزائري للاستعمار
-تبلور الوعي الوطني و السياسي
-إنشاء مخططات استعمارية
-إفشال المخططات الاستعمارية
-إن أساس المقاومة هو الشعب
-العمل السياسي وخده غير كافي لتحقيق المطالب
أسباب فشل المقاومة المسلحة في تحقيق نصر عسكري على الاستعمار الفرنسي :
-عدم تكافئ القوة بين المستعمر الفرنسي و القوات الجزائرية حيث كانت تفوقها في العدة و السلاح والتنظيم
-عدم توحد المقاومة وشموليتها أدى إلى القضاء عليها الواحدة تلوى الأخرى
-غياب النضرة الإستراتيجية في مواجهة المستعمر
-سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية التي مارستها القوات الفرنسية ضد الجزائريين اكتفاء المقاومة بتحقيق الانتصار المعنوي فقط [right]


المقاومة الجزائرية ورفض الوجود الاستعماري
صفحة 1 من اصل 1
مواضيع مماثلة
» نص الإعلان الخاص بشبكة جغبوب الجزائرية ... انشره في كل المنتديات
» مسابقات ما جستير حقوق 2012 في جميع الجامعات الجزائرية

صلاحيات هذا المنتدى: تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى طلاب العلم :: منتدى ثانية ثانوي :: منتدى ثانية ثانوي علمي
https://etudiant.moontada.com/t64-topic









رد مع اقتباس
قديم 2013-05-08, 17:53   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zera113 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم يا اخي انا عندي طلب
هناك اخ يبحث عن مرجع حول المقاومة الجزائرية لم يعطيني المعلومات جيدا لأنه يبحث لبنته قال لي موصوع حول مجلة المقاومة او مجلة المجاهد فمن عنده معلومات عن الموضوع يفيدنا بها والله يخليك يا اخي ويرحم ميتكم ويرفعه درجات العلى ويلهمكم الصبر على ما فقدتم ستلقاه ان شاء الله في الجنة وبارك الله فيك والسلام عليكم
المقاومة الشعبية المسلحة (1830-1916):
لقد عاشت الجزائر طيلة ثلاثة قرون في حالة من الاستقرار متصدية لكل الأخطار الخارجية والحملات الصليبية، لكن يبدو أن هذا الاعتقاد في قوة الجزائر لم يدم طويلا، فبحلول سنة 1830 ابتليت بأبشع احتلال عرفه التاريخ، فلقد كان الغزو الفرنسي على الجزائر حلقة من حلقات الحركة التوسعية الامبريالية.
فكيف كان رد فعل الجزائريين من هذا العدوان الصليبي؟ وكيف واجهه؟
*رد فعل الشعب الجزائري من الاحتلال الفرنسي 1830:
عندما نزل الجيش الفرنسي بسيدي فرج يوم 14 جوان 1830 بقوة قوامها 37 ألف جندي، لم يجد أمامه سوى 15 ألف جندي نظامي، ولقد حاولت هذه القوة ردع الفرنسيين لكنها وجدت نفسها أمام جيش يفوقها عددا ويتفوق عليها عدة وتنظيما، وبالتالي كانت النتيجة احتلال الجزائر العاصمة1،وسقوط الكيان السياسي على اثر معاهدة الاستسلام التي وقعها الداي حسين والجنرال دي بومون.*
فوجد الشعب نفسه وجها لوجه ضد المستعمر، مما اوجد لديه حالة من الاضطراب الشديد بفعل الفراغ الذي أحدثه انهيار السلطة السياسية بالجزائر، وظن الفرنسيون أنهم باحتلال مدينة الجزائر سقطت البلاد في أيديهم، وان عملية الاحتلال لا تعدوا أن تكون نزهة عسكرية، فقد صرح دي بورمون De Bourmont قائلا: "إن كل أنحاء مملكة الجزائر ستخضع لنا خلال 15 يوما دون أي طلقة نارية...".2
لكن سرعان ما اصطدم الجيش الفرنسي بمقاومة شعبية شرسة، كانت السمة الرئيسية للقرن التاسع عشر الذي تميز بسلسلة لا تنقطع من الثورات النابعة من ضمير الشعب بأكمله.
وبمراجعة سجل الكفاح الذي خاضه الشعب الجزائري نلاحظ أن هذا الكفاح قد مر بمرحلتين :
-مرحلة المقاومة الوطنية المسلحة التي تتميز بالتنظيم والشمولية، وهي المرحلة الأولى التي تصدى فيها الجزائريون للاحتلال منذ جوان 1830 إلى غاية 1848.
-والمرحلة الثانية وهي مرحلة الانتفاضات والتي امتدت من 1848 إلى عام 1916 بقيام الحرب العالمية الأولى، وشملت أنحاء متعددة من أنحاء البلاد وقادها العديد من رؤساء القبائل ومشايخ الزوايا. 3
إلا أن كلا المرحلتين كللتا بالفشل، وسنتطرق لأسباب فشل هذه المقاومات كلا على حدى.
*المقاومة الوطنية المسلحة 1830-1848:
لعله من المفيد التذكير ببعض المقاومات الهامة التي خاضها الجزائريون، لكي تتبين لنا أسباب الفشل.
ففي كل مكان وضع فيه الاستعمار قدمه إلا ولقي مقاومة عنيفة وتصدي حازم، ومن ذلك ما قامـت به:
مقاومة متيجة في وسط الجزائر: بزعامة ابن أبي مرزوق وابن السعدي من جبال زواوة متوالية على الجنرال بليرتزين، لكن بتغيير الجنرال روفيقو 1830اصبحت الحرب سجالا بينهما، إلى أن انظم إلى الأمير عبد القادر.
وبعد سقوط مدينة المدية والبليدة 1830 توقفت حركة المقاومة في منطقة متيجة، وأصبحت مقاومة مفككة ومبعثرة عاجزة عن القيام بأي رد فعل ضد القوات الفرنسية المتوسعة والمسيطرة على سهـل متيجة
المقاومة بشرق الجزائر: فقد تزعمها الحاج احمد باي في قسنطينة الذي استغل انهيار الحكم المركزي لتعزيز استقلاليته بشرق البلاد فتمكن في ظرف وجيز من توحيد السكان والقبائل المتناحرة، فلم تستطع قوات الاحتلال أن تحقق أي تقدم ملموس شرق البلادن ومنيت قواتها بخسائر جسام سنة 1836. 4
لكن في سنة 1837 جددت فرنسا قواتها وهاجمت المدينة بما يزيد عن 20 ألف جندي مدعمين بضباط معروفين بقدراتهم القتالية أمثال تريزيل، لامي، هولد، كومب، لاموريسيا، رولبير وتحت قيادة داتريمون، فسقطت مدينة قسنطينة بسلاح المدفعية أما احمد باي فقد التحق بأخواله في الصحراء واستمرت مقاومته حتى سنة 1848. 5
أما عن أسباب فشل هذه المقاومة فيمكن إجمالها فيما يلي:
- افتقار مقاومة أحمد باي إلى الإستراتيجية الحربية فاعتمد على أسلوب الدفاع أكثر من الهجوم والمواجهة خارج أسوار المدينة، وبالتالي فتميزت مقاومته بالمحلية، ضف إلى ذلك عدم تجديد خطته الدفاعية ولعل السبب الرئيسي في هذا هو افتقار قادة المقاومة الشعبية إلى الاحترافية وهذا ما جعلها تتميز بعدم الدقة والتنظيم. 6
- تعددت الجبهات ضد أحمد باي، من فرحات بن سعيد الذي كان يقترب من الزيبان وبوعزيز بن قانة في الصحراء، وجبهة فرنسا في وسط البلاد، إضافة إلى جبهة باي تونس من الشرق الذي كان الجنرالات الفرنسيون يحرضونه لعرقلة وصول الأسلحة والذخائر التي ترسل للباي أحمد من الباب العالي.
-تفرغ فرنسا للمنطقة الشرقية بعد توقيعها لمعاهدة التافنة 1837، ولسنا هنا نلوم الأمير على عقده للمعاهدة لأن للأمير أسبابه منها، ربح الوقت لتدعيم دولته وكسب ولاء القبائل و استمالتهم لجانبه.
*المقاومة في الغرب الجزائري:
لقد كان الأمير عبد القادر وهو ابن الرابع والعشرين ربيعا يحضر للمقاومة عن طريق سياسة توحيد القبائل سواء بإرغامها بالقوة أو بالإقناع والتحالف، إن الأمير كان مدرك أن نجاح المقاومة يقتضي تشكيل سلطة جزائرية موحدة، ولذلك نجده قد أقام اتصالات عديدة مع رؤساء القبائل، وحصل منهم على الولاء عدى باي قسنطينة الذي كان يعتقد بأنه بإمكانه القضاء على الفرنسيين لوحده، كما قام بإنشاء وتأسيس دولة بكامل أركانها من جيش ومصانع أسلحة وعاصمة، راية، ضرب السكة، عين ولاة، أسس لبيت مال المسلمين، اهتم بالحياة الثقافية فأنشأ مكتبة وطنية، وأقام علاقات دبلوماسية مع الدولة العثمانية، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية.
رغم كل هذا التنظيم والانتصارات التي حققها الأمير إلا إن مقاومته باءت بالفشل وأعلن استسلامه النهائي سنة 1847 على يد القائد الفرنسي لامورسيار. 7
ويمكن إجمال فشل مقاومة الأمير في الأسباب التالية:
- على اثر سقوط قسنطينة أصبح الأمير الهدف الوحيد الذي يجب تصفيته بأي ثمن وبكل وسيلة.
- تعدد الجبهات ضد الأمير الذي وقع بين نارين ، رصاص القوات الفرنسية من جهة الشرق ورصاص مولاي عبد الرحمان المغربي من جهة الغرب، الأمر الذي أدى إلى استسلامه سنة 1847، بالإضافة إلى الجبهة الداخلية التي دعمتها فرنسا، بشرائها لضمائر رؤساء القبائل والعشائر ليعينوها على مقاتلة الأمير، كالخيانة التي قام بها عمر العيادي الذي أوقع بيت مال وذخائر الأمير بيد الفرنسيين، مما أفقده القدرة على امتلاك مصانع الأسلحة في ظل الإمدادات الكبيرة والأسلحة المتطورة التي كانت تحت يد فرنسا، مما جعل معادلة الفوز صعبة إن لم نقل مستحيلة.
- سياسة بيجو الجهنمية (الاحتلال الشامل La conquête totale) التي كانت تقوم على سياسة الاستيلاء على الأراضي والممتلكات وإحراقها، فهذه السياسة كان المراد منها قطع الطريق بين المقاومة والشعب الجزائري باعتبار هذا الأخير هو القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها أية مقاومة. 8
- عدم وحدة الصف في مواجهة العدو، فكل مقاومة كانت تستميت لوحدها، لكن الحقيقة التاريخية هنا قد كشفت عن نية الأمير في توحيد الصف من خلال المراسلات التي توسط فيها بعض الأعيان إبان البدايات الأولى للاحتلال وفيما بعد سنة 1839، إلا أن احمد باي قد رفض الانضواء تحت مقاومة الأمير واظهر شيئا من اللامبالاة مما اعدم أية إمكانية تفأوت بينهما، إن هذه الهفوة السياسية لأحمد باي قد كلفت المقاومة الجزائرية غاليا .9
هذه هي مجمل الأسباب التي جعلت المقاومة الجزائرية المنظمة تفشل في تحقيق أهدافها إلا أن جذوة المقاومة لم تخب مع ذلك.
الانتفاضات الشعبية 1848-1916:
بالرغم من انتهاء مقاومة احمد باي والأمير عبد القادر إلا أن شعلة الروح الوطنية بقيت ملتهبة في النفوس وعبرت بحق عن حيوية وإرادة الجزائريين الجبارة الرافضة للوجود الاستعماري كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ومن أهم الانتفاضات 10 التي حدثت هي انتفاضة الزعاطشة 1848 أو ثورة أولاد سيدي الشيخ 1864-1881، وثورة المقراني 1871، انتفاضة الأوراس 1879، ثورة بوعمامة 1881، انتفاضة عين تركي 1901، ومارغريت 1904. (انظر الملحق رقم 02).
إلا أن هذه الانتفاضات وعلى كثرتها وتفأوت صداها لم يكتب لها النجاح لأسباب عديدة تشترك في كثير منها مع أسباب فشل المقاومة المنظمة:
- لم تكن هناك تعبئة وطنية أو تنظيم إقليمي لأي انتفاضة، فقد كانت القبيلة تثور بمجرد أن تلحقها إهانة من طرف الجيش الفرنسي.11
- الانتفاضات في غالب الأحيان إستجابة تلقائية للدعوة التي يوجهها رجال الدين أو زعماء القبائل خاصة الزاوية الرحمانية، وقد أشار إلى ذلك الدكتور فيتال الذي كتب من قسنطينة إلى صديق له في 8 أفريل 1864 يقول له: "ما تزال هناك كلمات تهز هذا البلد هزا كلما ورد ذكرها، وهي الكلمات القومية، الإسلام، الأرض المقدسة التي يجب تطهيرها من الكفار، هذه الكلمات التي عندما تتردد تجعل الشعب مستعدا للثورة...".12
- ضيق الرقعة التي تقع فيها المقاومة مما يسهل مهمة الجيش الفرنسي في القضاء عليها خاصة مع التلقائية والتنظيم الغير محكم لها، وعدم وجود تنسيق بين القبائل الثائرة.
- قمع الفرنسيين هذه الانتفاضات بوحشية قلما يحدثنا التاريخ عن مثلها، فقد إرتكبت جيوش فرنسـا من أعمـال التقتيل والتخريب والحرق والنهب والسلب والتشريد وقطع الرؤوس ما لا يمـكن وصفه.13
وهي أساليب مسموحة في نظرهم مادام الأمر يتعلق بغاية الفرنسيين في القضاء على المقاومة وتهدئة الأوضاع لنجاح الاستيطان، ويكفي أن نطلع على ما رواه أولئك الضباط الفرنسيين عن حملاتهم، لنحصل على صورة ولو ضئيلة عما قاساه أجدادنا من ويلات الاستعمار، فهذا العقيد ديمونتنياك Demonitagnac يسجل في كتابه رسائل جندي « Lettres d’un Soldat »: "... أننا رابطنا في وسط البلاد وهمنا الوحيد الإحراق، القتل، التخريب حتى تركنا البلاد قاعا صفصفا، إن بعض القبائل لازالت تقاومنا ولكننا نطاردهم من كل جانب حتى تصبح النساء والأطفال بين سبي وذبيح، والغنائم بين سلب ونهب 1842...".14
ومن ديمونتنياك إلى سانت أرنو Saint Arnand، لنفسح المجال لهذا الجنرال فيتحدث عن نفسه ليقول: "إننا اليوم في قلب الجبال وقليلا ما نستعمل بنادقنا، إننا نحطم ونحرق ونخرب الديار والأشجار، عثنا في الأرض فسادا وأصليناهم نار... وقطعنا أكثر من ألف شجرة زيتون".
إن هذه الأعمال لم تزد للجيش الفرنسي إلا السمعة السيئة، أما الجزائريون الثوار فقد زادتهم تحدي وقوة حتى أن بيلسي Pellissier de Reymand صرح قائلا: "لا أخاف إذ أقول بأن مجد المنهزمين فاق وطغى على مجد المنتصرين". 15
وكل ما يقال عن المقاومة والانتفاضة الجزائرية بأنها لم تحقق نجاحا عسكريا، بسبب قوة الجيش الفرنسي إلا أنها استطاعت أن ترسخ الروح الثورية في النفوس.
ورغم انطواء الجزائريين على ذاتهم، إلا أنهم لم يستسلموا واتجهوا إلى المقاومة المعنوية التي لا تقل أهمية عن المقاومة المسلحة.
الهوامش:
الطيب العلوي، مظاهر المقاومة الجزائرية من 1830 إلى 1954، دار البعث، الجزائر، 1985، ص: 19.
* دي بورمون: هو لويس اوغسيت فيكتور دي نيشان الملقب بالكونب دي بورمون، ولد سنة 1773، اختاره الملك شارل العاشر كقائد الحملة الفرنسية على الجزائر سنة 1930، وهو وزير الحربية في وزارة دي بولينياك أثناء حكم شارل العاشر.
2 شارل روبير اجيرون، تاريخ الجزائر المعاصرة، ترجمة عيسى عصفور، ط1، منشورات عويدات، بيروت، 1982، ص:133.
3 الطيب العلوي، المرجع السابق، ص: 19.
4 صالح عوض، المرجع السابق، ص: 91 – 130.
5 الطيب العلوي، المرجع السابق، ص: 60 – 61.
6 جمال قنان، قضايا ودراسات تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، منشورات المتحف الوطني للمجاهد، ط1، الجزائر، 1994،ص: 109.
7 صالح عوض، نفس المرجع، ص: 140 – 146.
8 خروج قبائل المخزن من صفوف المقاومة وانضمامهم لخدمة فرنسا سنة 1835، لكنها لم تلتحق دفعة واحدة، فأول جناح التحق هو جناح الأغا مصطفى بن إسماعيل ثم تلاه جناح الزمالة وفي الأخير جاء دور المازري والبرجية وكان ذلك في ديسمبر 1835، ولم يكن هذا الصراع سياسيا بل تحول إلى قتال كمعركة المهرازي في جويلية 1834، في إطار الصراع القائم بين الارستقراطية العسكرية والدينية، ويذهب الناصري (1835-1897) في كتابه الاستسقاء في أخبار دول المغرب الأقصى إلى قوله:"إسلا أنه لم ينجح في قومه لإنفساد البواطن". للمزيد أنظر د.غانم محمد،مقاومة الأمير عبد القادر من خلال الأسطورة المغربية التقليدية
،مجلة الدراسات التاريخية،العدد8،معهد التاريخ ،الجزائر ،1993-1994،ص:45-35 .
9 ناهد دسوقي، دراسات في تاريخ الجزائر المعاصر، دار منشئة المعارف، ط1، القاهرة، 2001، ص: 21 – 24.
10 عبد الله شريط، محمد مبارك الميلي، مختصر تاريخ الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، ط2، الجزائر، 1984، ص:214 – 217.
11 نفسه، ص :214.
12صالح عوض، المرجع السابق، ص: 151 – 170.
13 محمد الميلي، ابن باديس وعروبة الجزائر، ص: 38.
14 عبد الحميد زوزو، ثورة الاوراس 1879، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص: 50 – 51..
15فرحات عباس، ليل الاستعمار ، ص: 80.
https://www.algeria-tody.com/forum/sh...ad.php?t=19230









رد مع اقتباس
قديم 2014-03-23, 12:24   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
imane11
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

[QUOTE=minna;7281478]اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار
اللـهـم أسكنه فسيح الجنان واغفر لها يارحمن وارحمها يارحيم وتجاوز عما تعلم ياعليم
اللـهـم اجزه عن الاحسان إحسانا وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
اللـهـم ارحمه فانها كانت مسلمة واغفر لها فانها كانت مؤمنة.وادخلها الجنة فانها كانت بـنبيك مصدقًة وسامحها فانها كانت لكتابك مرتلة
اللـهـم شفع فيه نبينا ومصطفاك واحشرها تحت لوائها، واسقها من يده الشريفة شربة هنيئة لا تظمأ بعدها ابداُُ .
اللـهـم اجعله في جنة الخلد.
اللـهـم انزل على اهله الصبر والسلوان و ارضهم بقضائك.
اللـهـم ثبتهم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويوم يقوم الاشهاد


جعلها الله في ميزان حسناته



من فضلك
العدالة التنظيمة والإتزام التنظيمي مذكرة تخرج










رد مع اقتباس
قديم 2020-10-24, 00:34   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
saoud27018
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي Saoud27018@hotmail.com

ابحث عن كتاب صيغة pdf في المالية العامة










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 11:46   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ياء 17:
تسيير الموارد البشرية
مقدمة
مبحث اول: تعريف الموارد البشرية
مطلب اول: نشأة الموارد البشرية
مطلب ثاني: تعريف الموارد البشرية
مبحث ثاني: تسيير وظيفة الموارد البشرية
مطلب اول: مفهوم تسيير وظيفة الموارد البشرية
مطلب ثاني: وظائف تسيير الموارد البشرية
مبحث ثالث: الأهداف والعوامل المؤثرة على تسيير وظيفة الموارد البشرية
مطلب اول: اهداف تسيير وظيفة الموارد البشرية
مطلب ثاني: العوامل المؤثرة على تسيير وظيفة الموارد البشرية
خاتمة

مقدمة:
إن المنافسةَ الشرسة بين الشركات الإقليمية والمحلية بشكل عام، والعالمية العملاقة العابرة للقارات، ومتعددة الجنسيات بشكل خاص، فَرَضت منذ عقود زمنية قليلة وتحديداً بعد ظهور مصطلح العولمة للوجود على هذه الشركات الاهتمامَ بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية، إذ أصبح يقيناً لديها أن العنصرَ البشريَّ لا يمكن أن يُستبدل بالتكنولوجيا مهما تطورت وتقدمت، فالعنصرُ البشري هو المفكِّر، وهو المبدعُ، وهو المبتكر، وهو المطور، ولكي تتمكن هذه الشركات من زيادة حصتها في الأسواق، أو المحافظة على حصتها السوقية على أقل تقدير فلا بد لها من تقديم منتجاتٍ ذات جودة عالية، وميزات خاصة، تُرضي من خلالها طُموحَ المستهلكين.. وأيقنت هذه الشركاتُ أنَّ هذه الجودةَ، وتلك المميزات الخاصة لن تتحقق بالتكنولوجيا وحدها، بل بفكرٍ ومهارة وفاعلية وسواعد العناصر أو الموارد البشرية، ومن ثم فإن زيادةَ حصة الشركات أو المنظمات في السوق، وبالتالي زيادة أرباحها، لن يتأتى إلا من خلال زيادة الاستثمار في العنصر البشري، الذي يساعد بشكل مباشر وغير مباشر على تحقيق زيادة الأرباح..
ونود في هذه الدراسة أن نلقي الضوءَ على الإدارة التي تهتمُّ بالعنصر البشري في أية منظمة (شركة، أو منشأة... الخ) ألا وهي إدارة الموارد البشرية.. نشأتها وتطورها، وتحديد طبيعة عمل هذه الإدارة، وهل هناك اختلافٌ بين دور إدارة الموارد البشرية في الحاضر ودورها في الماضي، أو بين أدوارها المعاصرة والتقليدية، أو بين دورها في الدول المتقدمة ودورها في الدول النامية، فضلاً عن بيان هدف إدارة الموارد البشرية، وما البعدُ الاستراتيجي لهذا الهدف؟ وهل العمل في إدارة الموارد البشرية يتطلب عنصراً بشرياً مؤهلاً ومحترفاً؟!

مبحث اول :التعريف بالموارد البشرية
مطلب اول: نشأةُ وتطور وظيفة الموارد البشرية:

إنَّ تاريخ وظيفة الموارد البشرية يرجعُ إلى قرنين من الزمان تقريباً، إلى عصر الثورة أو النهضة الصناعية، إذ بدأ التفكير في أهمية العنصر البشري، فبدأت الشركات والمنظمات الصناعية بإنشاء إدارات خاصة بالموظفين، تبحث في شؤونهم وتعتني بكل ما يتعلق بهم.. وسميت هذه الإداراتُ بمسميات مختلفة؛ منها: إدارة شؤون العاملين، إدارة شؤون الموظفين، إدارة الأفراد... إلخ.
ومع اختلاف النظرة إلى العنصر البشري باختلاف تطور النظريات والمدارس الإدارية على مر العقود الزمنية، إلا أن هذا الاختلافَ لم يمنعِ التطورَ الموازيَ في الاهتمام بالعنصر البشري.. حتى ظهر مصطلحُ إدارة الموارد البشرية في بداية الستينيات من القرن العشرين، وظهور هذا المصطلح مَثَّل نقطة البداية لظهور مدرسة الموارد البشرية..! ومع ذلك استقر على تسمية الإدارة التي تهتم بالموظفين "إدارة الأفراد".. حتى عام 1980م تقريباً فغير مسمى "إدارة الأفراد" إلى "إدارة الموارد البشرية"، وإنَّ هذا التغييرَ لم يكن في المسمَّى فقط، ولكن كان في المضمون أيضاً، فدور إدارة الأفراد كان محصوراً في تنفيذ سياسات الموارد البشرية التي تضعها الإدارةُ العليا في المنظمة، أما دور إدارة الموارد البشرية فقد امتد إلى التخطيط والتنفيذ معاً في آن..! وبهذا أصبح لإدارة الموارد البشرية استراتيجيةٌ تخطيطية وتنفيذية خاصة بها.. تعمل من خلالها على تحقيق الاستراتيجية الأم للمنظمة، وأصبح مدير إدارة الموارد البشرية أحدَ أعضاءِ بل من الأعضاء المؤثرين الإدارة العليا، الذين يرسمون السياسات، ويتخذون القرارات الاستراتيجية في المنظمة..
وأصبح الأفرادُ العاملين في إدارة الموارد البشرية من المتخصصين، فهم إخصائيون لهم دراسات خاصة، وقد احترفوا العملَ في مجال إدارة الموارد البشرية، وكان لتغير الدور بين إدارة الأفراد وإدارة الموارد البشرية الأثرُ الكبيرُ في توجه العديد من الجامعات الكبرى آنذاك إلى تغيير مسمى إدارة الأفراد إلى "إدارة الموارد البشرية

مطلب ثانى: تعريف الموارد البشرية
" إن الموارد البشرية هي المحور الأساسي الذي تدور حوله التنمية في كل المستويات و الوسيلة المحركة التي تحقق أهدافها "
تعتبر الموارد البشرية موردا و استثمارا بالنسبة إلى المنظمة ، و لكي تستطيع استخدام و استغلال و تنمية هذا الاستثمار فعليها تسييره ، بمعنى أنه يتطلب تخطيط و تنظيم و توجيه و تقييم مثلما يتطلب ذلك استخدام العوامل المادية للإنتاج .
إن الموارد البشرية كما سبق القول يجب تخطيطها و تنظيمها و تقييمها ، بمعنى أنه يجب تسييرها
و قد تعني الموارد البشرية جميع سكان الدولة المدنيين منهم و العسكريين ، و يدخل في حكم ذلك الذين يعملون لقاء اجر و المرأة غير العاملة و المحالون على المعاش و ذوي العاهات و المتعطلون ( القادرون و الراغبون و المستعدون للعمل ) لكن لا يجدون عملا ، و الأطفال و جميع من تضمهم مراحل التعليم المختلفة
. الأفراد المختلفون :
بمعنى أنه إذا توجهنا للعمل و نظرنا إلى الناس لوجدناهم مختلفون في الظاهر و الباطن ، الظاهر يشير إلى أننا مختلفون في ملامحنا و أعمالنا و خبراتنا و تعليمنا و جنسنا ، و الباطن يشير إلى أننا مختلفون في قدراتنا العقلية و طريقة فهمنا و إدراكنا للأمور و في طريقة تعلمنا و اكتسابنا للقدرات و المهارات ، و في مشاعرنا و حتى في اتجاهاتنا النفسية و تفضيل الأشياء ، فهذه الاختلافات كلها توضح كيف أن سلوكنا مختلف عن بعضنا البعض ، و يختلف الناس أيضا في صفاتهم و تكويناتهم الشخصية و مزاجهم ، حتى في الاهتمامات و الميول المهنية نلمس الفروقات كذلك ، و في تفضيلهم للعمل ، كما نجد أيضا اختلاف في الدوافع فالبعض مدفوع ماليا و البعض الآخر اجتماعيا ، و الآخر نحو الشعور بالتقدير و تحقيق الذات ، و كذلك يمكن القول أن مهارات الاتصال الحديث ، المناقشة ، التفاوض ، الإقناع و الابتكار و التأثير في الآخرين تختلف جميعا من شخص لآخر .
الوظائف المختلفة :
تختلف الوظائف من حيث طبيعة النشاط ( إدارية ، مالية ، تسويقية ،... ) ، و تختلف أيضا من حيث النوعية ، الحجم و عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها ، و كذلك من حيث المواصفات المطلوبة لأدائها : التعليم ، الخبرة ، المهارة ، التدريب ، ... الخ ، و تختلف أيضا ظروف أدائها من حيث ظروف العمل المادية ، من إضاءة و حرارة و رطوبة و غيرها .
فمنها من يناسب أشخاصا معينين و منها من يناسب أشخاص آخرين و بالتالي يتطلب الأمر تحليل الوظائف قبل شغلها بالإفراد .
و تعددت التعاريف المقدمة في الموارد البشرية ، و نذكر منها
" هي دراسة السياسات المتعلقة بالاختيار و التعيين و التدريب و معاملة الأفراد في الأفراد في جميع المستويات و العمل على تنظيم القوى العاملة في المؤسسة ، و زيادة ثقتها في عدالة الإدارة و خلق روح تعاونية بينها للوصول بالمؤسسة إلى أعلى طاقاتها الإنتاجية "
. " هي الإدارة المتخصصة بكل الأمور المرتبطة بالعنصر البشري في المنظمات ، من البحث عن مصادر القوى البشرية و اختيارها ، تصنيفها و تدريبها ، و تهيئة المناخ الإنساني الملائم الذي من شانه أن يدفع إلى بذل أقصى طاقاتهم داخل المنظمات " .
" وظيفتها تتمثل في اختيار العاملين ذوي الكفاءات المناسبة و تسيير جهودهم و توجه طاقاتهم و تنمي مهاراتهم و تحفز هؤلاء العاملين و تقييم أعمالهم و تبحث مشاكلهم و تقوي علاقات التعاون بينهم زو بين زملائهم و رؤسائهم و بذلك تساهم في تحقيق الهدف الكلي للمنظمة من حيث زيادة الإنتاجية و بلوغ النمط المطلوب للأعمال و الأفراد "
. تعنى الموارد البشرية اليوم بجانب كبير من الأهمية نظرا لقربها من جميع أوجه النشاط الإنساني ، فالإدارة تعمل على تحديد و تحقيق الأهداف و بالتالي تقوم بالتجميع الفعال لمهارات و كفاءات الأفراد ، مع استخدام كافة الموارد المادية ، فهي تطبق على الجماعة و ليس على الفرد .
أولا: خطوات في تزويد المنظمة بالموارد البشرية
- يتبع المسيرون أربع خطوات متتالية من أجل تزويد المنظمة بالموارد البشرية لتعبئة الوظائف الشاغرة, وهذه الخطوات :
1) الاستقطاب . 2) الاختيار 3) التكوين . 4) تقييم الأداء .
1. الاستقطاب : هو عملية اكتشاف مرشحين محتملين للوظائف الشاغرة الحالية أو المتوقعة في المنظمة .
2. الاختيار : هو عملية تتكون من سلسلة من الخطوات المرتبة ترتيبا منطقيا لتنتهي بتعين أفضل المرشحين للمناصب الشاغرة .
3. التكوين : هو عملية تعلم سلسلة من السلوك المبرمج والمحدد مسبقا .
4. تقييم الأداء : تقييم الأداء هو قياس أداء الفرد لوظيفة في المنظمة.

مبحث ثاني: تسيير وظيفة الموارد البشرية


مطلب اول: مفهوم تسيير وظيفة الموارد البشرية
قبل التطرق إلى تسيير الموارد البشرية ووضيفتها نقوم بتعريف :
- التسيير .
- تسيير الموارد البشرية
الفرع الأول : تعريف التسيير
" التسيير هو تدبير شؤون الناس و قيادتهم و توجيههم و تنظيمهم بغية تمكينهم من تنفيذ الخطط الموضوعية لهم بهدف المحافظة على كيانهم و استمرار وجودهم " . التسيير هو عملية تنفيذ الأنشطة مع الأفراد ، و تسيير هذه العملية إلى أنشطة التخطيط و التنظيم و القيادة و التقييم التي يجب القيام بها لتحقيق الأهداف .
إن أي تعريف للتسيير يجب أن يتضمن ثلاثة عوامل مشتركة و هي الأهداف ، الأفراد و الموارد المتاحة المحدودة ، و بالرجوع إلى تعريفنا للتسيير فالأهداف هي الأنشطة المنفذة ، و الموارد المحدودة متضمنة في كلمة كفاءة ، و الأفراد هم الأشخاص أو الموظفون
الفرع الثاني: تعريف تسيير الموارد البشرية
1." إن تسيير الموارد البشرية هو التسيير الذي يقوم بشؤون الاستخدام الأمثل للموارد لبشرية على جميع المستويات بالمنظمة , قصد تحقيق أهداف هذه الأخيرة "
. إن بقاء أي منظمة يتطلب وجود مسيرين وأفراد متمكنين يقومون بتنسيق جهودهم وتوجيهها لتحقيق غاية عليا مشتركة .
- إن الحصول على الموارد البشرية وتنميتها وتحفيزها وصيانتها يعتبر ضروري لإنجاز أهداف المنظمة.

مطلب ثاني: وظائف تسيير الموارد البشرية
تتمثل أهم وظائف تسيير الموارد البشرية في الآتي :
- الرقابة على ظروف العمل وتسيير الخدمات الخاصة بالأفراد , وإعداد السجلات المرتبطة بهم وتتبع حياتهم الوظيفية .
-الإشراف على موازنة الأجور المرتبات والحوافز والمكافآت والعلاوات .
-العمل على حل مشاكل الأفراد في كافة مجالات العمل ، وتقرير و تنفيذ لسياسة التسيير في مجال شؤون الأفراد .
-اعتماد عقود العمل والأوامر الإدارية الخاصة بالجزاءات في حدود اللوائح المعمول بها
-التنسيق مع كافة المنظمات في قطاعات العمل الأخرى ، فيما يتعلق بتسيير العنصر البشري ورعايته اجتماعيا وصحيا ومهنيا , بما يكفل تكوين قوة عمل راضية ومنتجة .
-تطبيق إجراءات الإعلان عن الوظائف الشاغرة , وكل ما يتعلق بعمليات الاختيار ، التعيين وتكوين الأفراد .
-تلقي شكاوى ومقترحات الأفراد ، ودراستها والرد عليها .
-الاعتراف على تنفيذ القرارات المتعلقة بالترقيات و تنظيم عمليات حضور وانصراف الأفراد ، و على إعداد وتنظيم النماذج والسجلات المرتبطة باستخدام الأفراد وتقدير كفاءاتهم .
-القيام بالدراسات الخاصة بتحليل سياسات تسيير الموارد البشرية ولوائح استخدامها والخاصة ببحوث الأفراد بما يساعد على :
- تنسيق التنظيم وتحديد تفصيلات الهيكل التنظيمي .
- اكتشاف وسائل أفضل لرفع القدرة الإنتاجية للمنظمة , وتحقيق أهدافها في مجال الأرباح .

إن تسيير الموارد البشرية يجب النظر إليها وظيفة تتكون من أربعة مهام رئيسية :
• توظيف الأفراد : و تبدأ بتخطيط القوى العاملة و يتضمن التوظيف أيضا أنشطة الاستقطاب و الاختيار و التوجيه للأفراد .
• تنمية الأفراد : يمكن النظر إليها من بعدين :
- بعد يتعلق بالفرد الذي يخص بالتكوين .
- بعد يتعلق بالمسير الذي يختص بالتعليم .
• تحفيز الأفراد : و ذلك من خلال أنظمة الأجور و الحوافز .
• المحافظة على الأفراد : تهتم هذه الوظيفة بتوفير مزايا و خدمات و ظروف عمل ، يرى الأفراد أنها ضرورة للمحافظة على التزاماتهم تجاه المنظمة

مبحث ثالث: الأهداف والعوامل المؤثرة على تسيير وظيفة الموارد البشرية
المطلب الاول: أهداف تسيير الموارد البشرية
تتمثل أهم أهداف تسيير الموارد البشرية فيما يلي :
أولا : التعرف على حاجات و رغبات الأفراد والعمل على إشباعها, بما يولد لديهم الحافز على الإنتاج , و يتطلب ذلك ما يلي :
- معرفة احتياجات الأفراد و رغباتهم قبل التخطيط لإدخال التغيرات في المنظمة .
-مشاركة الأفراد للمنظمة في تحمل المسؤولية و مواجهة مشكلات العمل الحقيقية وحلها
ثانيا : الارتفاع بكفاية أداء الأفراد ، كالإلزام المعنوي اتجاههم ومسؤولية اجتماعية للمنظمة.
ثالثا : تنمية الفهم والمهارة الأساسية في العلاقات الإنسانية لدى المسيرين , بما يساعد على تحقيق التناسق في الأداء وتنمية العمل الاجتماعي كفريق .
رابعا : تقدير وتدبير احتياجات المنظمة من القوى العاملة و تطبيق سياسات تسيير الموارد البشرية من اختيار وتعيين وتكوين و أجور ومرتبات , ووضع نظم الحوافز , وتقييم كفاءة الأفراد حتى يتحقق الاستخدام الأمثل الموارد البشرية .
خامسا : تخطيط التنظيم بما يكفل تحقيق أهداف المنظمة والأفراد وفقا لمرحلة النمو التي تمر بها ، وفتح فرص الترقية أمام الأفراد.
سادسا : تنمية مهارات المنظمة في مجال المحافظة على العنصر البشري ، و التأثير الإيجابي في سلوك الأفراد .
سابعا : ممارسة العلاقات العامة وتنمية الصلة ة الترابط بين الأفراد و المنظمة من خلال البرامج الترفيهية و الخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية المختلفة .
ثامنا : بحوث الأفراد , وتقييمها يرفع الروح المعنوية لديهم .
تاسعا : المشاركة في وضع وتطبيق سياسات تسيير الموارد البشرية وما يرتبط بها من نظم ولوائح وإجراءات عمل .
: مطلب ثاني: العوامل المؤثرة على تسيير الموارد البشرية

إن العوامل التي كان لها تأثير على تسيير الموارد البشرية عديدة , ولكننا سنركز على أربعة عوامل أساسية هي كالتالي : مطلب ثاني: العوامل المؤثرة
1.العوامل الاقتصادية
إن حالة الاقتصاد الوطني والظروف المحيطة به تؤثر على الموارد البشرية , لأن المنظمات تتجه إلى التوسع في النشطة الخاصة بتسيير الموارد البشرية في فترات الرواج , وتقلصها فترات الكساد .
ونجد من ناحية أخرى أن الارتفاع المستمر لمستوى المعيشة في المجتمع , كان له تأثير كبير على الممارسات الخاصة للموارد البشرية , بالذات من ناحية تطور المداخيل الأفراد .
2.العوامل القانونية
إن النصوص القانونية والأحكام القضائية والقرارات الإدارية كان لها جوهريا على تسيير الموارد البشرية .
إن تسيير الموارد البشرية انتقلت من مجال يحكمه مبدأ "دعه يعمل أتراكه يمر" إلى مجال آخر مقيد بالقوانين , كالحد الأدنى للأجور , والحد الأقصى لساعات العمل , وكل السياسات المتعلقة باستقطاب الأفراد ومقابلتهم واختيارهم , وتكوينهم , وتقييمهم .
3. العوامل الاجتماعية
إن المجتمع قد تعرض لتطور كبير فيما يتعلق بتركيبه الطبقي والاتجاهات والقيم السائد فيه , وكذلك بأحداث رئيسية غيرت من مجريات الأمور داخل المجتمع .
لقد تعرض المجتمع خلال القرن العشرين لتغيرات جوهرية في أسلوب معيشته , وأسلوب تفكيره فيما يخص توسيع فكرة دور الحكومة بتسيير شؤون أفرادها.
4. العوامل التكنولوجية
إن التقدم التكنولوجي الذي حدث كان مذهلا , فقد وصف التقدم الذي حدث والتغيرات الجذرية للموارد البشرية كنتيجة لتغير حاجات ومتطلبات المنظمة والتوسيع المستمر في التكنولوجيا وزيادة الاعتماد على الحسابات الكترونية .


خاتمة
إن
وظيفة تسيير الموارد البشرية واسعة البحث , فهي تتطور مع الزمن ولها صلة
بالمحيط فنجاح المؤسسة يتوقف على حسن توظيف العمال وتخطيطهم وتنظيمهم ،
وهذه المسؤولية هي التي توكل لإدارة الموارد البشرية وتجعلها تحتل المكانة
الإستراتيجية داخل تركيبة المنظمة



بالتوفيق.
ضياء 17

انسان عندو أخلاق:


آلسلآم عليكم ..

هذه روابط أيضآآ أتمنى ان تساعدك في بحثك ..

https://www.4shared.com/file/Lx7QEKLg/________.htm

https://www.4shared.com/file/NbRMjjrr/____.htm

https://www.4shared.com/file/uTU-mdNW/____.htm

https://www.4shared.com/file/uTU-mdNW/____.htm

https://www.4shared.com/file/coxnttQZ/_____--__.htm


بالتوفيق لك

هذامر
جع الذي استخذمته ..https://forum.univbiskra.net/index.ph...c=21979.0;wap2










رد مع اقتباس
قديم 2017-11-10, 20:22   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
jassica
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم انا طالبة في سنة الاولى في علم الاجتماع
و تناولت بحث حول وضيفة الفلسفة الله جازيك افدوني
مفهمت والوا
و في اقرب وقت هذا اسبوع نلقيه










رد مع اقتباس
قديم 2017-12-15, 19:03   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jassica مشاهدة المشاركة
السلام عليكم انا طالبة في سنة الاولى في علم الاجتماع
و تناولت بحث حول وضيفة الفلسفة الله جازيك افدوني
مفهمت والوا
و في اقرب وقت هذا اسبوع نلقيه
وظيفة الفلسفة
الأربعاء, يوليو 07, 2010 | إعداد : حمدي عبد الحميد أحمد مصطفى
تغيرت وظيفة البحث الفلسفي من عصر لآخر و من مجتمع لآخر، تماشيا مع ما دعت وتدعو إليه متطلبات الحياة، ففي ما قبل سقراط كانت وجهة الفلسفة موجهة صوب النظر في الطبيعة لفهم أصلها و فصلها، غير أن سقراط حول هذه الوجهة إلى التأمل في الإنسان.
في العصر الوسيط استعمل بعض الفلاسفة المسلمين الفلسفة للدفاع عن العقيدة بالبراهين العقلية فأنتجوا علم الكلام.
و في العصر الحديث اختلفت وظائف الفلسفة، إذ يعتقد كانط مثلا أن دور الفلسفة يكمن في الإجابة عن ثلاث أسئلة جوهرية هي: ما الذي يمكنني أن اعرف؟ ماذا يكنني أن أفعل؟ و ماذا يمكنني أن آمل؟
أما هيغل فيرى أن وظيفة الفلسفة هو وضع في شكل مفهوم ما يعتبر تمثلا في مجال الدين، في الوقت الذي يعتبر مضمون كلا من المفهوم الفلسفي و التمثل الديني واحد، و هو الحقيقة.
و بهذا المعنى يصبح دور الفلسفة الأول هو فهم الماهو، أما الدور الإضافي للإنسان العادي فسيكون فهم ما يقدمه الفيلسوف في فهمه للماهو.
و ثورة على هذه المهمة التي أوكلها هيغل للفلسفة كتب ماركسMarx -1818-1883 عن مأساة الفلسفة، إذ أنكر ارتباط وظيفة الفلسفة بتفسير العالم و جعل وظيفتها في تغيير هذا العالم.
و يساند ماركس في هذا الرأي روزنكرانسRosenkranz - 1805-1879 الذي يؤكد الطابع الجدلي للفلسفة ووظيفتها تغيير العلاقات في الواقع المعيش.
بخلاف ذلك يعتقد نيتشه Nietzsche - 1844-1900 أن دور الفلسفة هو فك "شيفرة" التجربة الكاملة للمعنى من خلال تجلياته و مظاهره المتغيرة.
في العصر الحاضر اختلفت أيضا الأدوار التي يؤديها الفيلسوف، ففي الوقت الذي يجعل فيتغنشتاين Wittgenstein -1889-1951 للفلسفة دورا وصفيا موجه أساسا لتوضيح و تبسيط الالتباسات و يظهر ذلك في الأسئلة التي تطرحها الفلسفة، يقرر رايل Ryle - 1900-1976 أن التحليل هو الوظيفة الوحيدة للفلسفة، فعلى الفلسفة أن تكشف عن مصدر الأخطاء و الصعوبات في اللغة العادية للناس و في أساليب الخطاب الفلسفي.
في العالم الإسلامي تمثلت إحدى الوظائف الأساسية للفلسفة منذ القرن التاسع عشر في فهم مشكلة التأخر و التخلف الذي يعيشه المسلمون مقارنة مع ما يعيشه الغرب.
و بالنظر إلى ماهو متوافر اليوم من معارف و ما هو متراكم من أسئلة و قضايا بسبب التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات، لم يعد دور الفيلسوف حب الحكمة بل أصبح إنتاج الحكمة.

https://hamdisocio.blogspot.com/2010/...post_6503.html









رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 13:19   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة halim_1987 ا
لفارابي بين أفلاطون وأفلوطين - د. عدنان أبو عمشة (1)

مقدمة:‏

تهتم هذه الدراسة بمتابعة موضوعات فلسفية تناولها ثلاثة من الفلاسفة الأساتذة، عاشوا في عصور مختلفة، ولكنهم واجهوا مشكلات فلسفية اجتماعية متشابهة، فطرحوا لها حلولاً متشابهة.‏

ونظراً لاتساع الموضوعات التي تناولها كل فيلسوف منهم، خلال تقويمه لمذهبه الفلسفي، الأمر الذي يصعب على دراسة محدودة الأغراض الإحاطة بها، وإيفاؤها بما تستحقه من اهتمام ودراسة. وبما أن فلسفة الفارابي، في الأساس، هي محور هذه الدراسة الرئيس، لذلك سنقتصر على تناول الموضوعين التاليين:‏

1 بيان أثر جمهورية أفلاطون في آراء أهل المدينة الفاضلة، للفارابي.‏

2 بيان مدى التشابه بين نظرية الفيض لدى كل من أفلوطين والفارابي.‏

وقبل البدء بتقديم هذين الموضوعين تبدأ الدراسة بتقديم الفلاسفة والتعريف بهم، وفقاً لزمن ظهورهم، على النحو التالي:‏

أفلاطون.‏

أفلوطين.‏

الفارابي.‏

1 أفلاطون:‏

ولد أفلاطون في العام 428 ق.م لأسرة تميزت بالنسب العريق، ونشأ نشأة شباب أثينا الأرستقراطي، وتعلم على السوفسطائيين وسقراط (2).‏

أسس أفلاطون مدرسة في بستان "أكاديموس" فسميت بالأكاديمية التي جاء تأسيسها حدثاً هاماً في حياته وحياة الفكر الغربي بأسره (3). إذ ظلت قائمة ما يقرب من عشرة قرون إلى أن أمر بإغلاقها الإمبراطور الروماني "جوستنيان" عام 549م (4).‏

كان أفلاطون يهدف من تعليمه في الأكاديمية تكوين فئة من الفلاسفة المستعدين لنشر نظريات اجتماعية سياسية في أنحاء بلاد اليونان.‏

تكون في الأكاديمية مذهب سياسي نظري (5)، أخرج سياسيين ومشرعين، وكان لأفلاطون محاضرات يلقيها في الأكاديمية، ومؤلفات أخرى كتبها للجمهور وتعد محاورة الجمهوريَة أهم كتب أفلاطون لما تتضمنه من نظريات مختلفة ارتبطت معاً لتكون نظرة لحياة الإنسان، كان لها في تاريخ الفلسفة، فيما بعد، تأثير لم ير مثله كتاب من كتب الفلسفة.‏

لقد تسربت نظريات الجمهورية إلى كتاب العالم الروماني وفلاسفة العالم المسيحي والإسلامي في العصر الوسيط، ففي العالم الإسلامي عرف الفارابي جمهورية أفلاطون وتأثر بها في مدينته الفاضلة كما تأثر بها "أوغسطين" في كتابه "مدينة الله".‏

كان أفلاطون يونانياً عميقاً، عبرت كتاباته تعبيراً كاملاً عن روح يونانية خالصة، ولكن ثمة نزعة شرقية فيه محببة إلى الأنفس نفذت إليه خلال الفيثاغورية أحياناً وخلال الأورفية أحياناً أخرى، كانت تصبغ كتاباته بالأسرار والتقاليد السحرية القديمة، الآتية من الشرق حتماً. وهذا جذع مشترك بين الفلاسفة الثلاثة كما سيمر في فقرات قادمة.‏

كان أفلاطون وثنياً، تعبر كتاباته عن ذلك، ولكن ثمة نزعة دينية فيه قريبة من المسيحية حيناً ومن الإسلام حيناً آخر، وقد عدّه الأولون فيلسوف خلود النفس، وعدّه آخرون فيلسوف حدوث العالم، وهذا جذع مشترك آخر بين الفلاسفة الثلاثة... لاقى إلى حد كبير رواجاً في مجامعهم وقبولاً في حلقاتهم، ساد أثره في عصر النهضة والعصور الحديثة، فترك فيها ملامحه القوية. وكثير من الفلاسفة المحدثين أفلاطونيون.‏

إن كتب أفلاطون هي من بين كتب الفلاسفة القدماء وحدها التي بقيت كلها وهي في معظمها جاءت على شكل محاورات، يقسمها بعض الباحثين بحسب ترتيبها التاريخي إلى أقسام ثلاثة، تساير حياة أفلاطون في أطوارها، إلى (6):‏

محاورات الشباب، وهي التي يحاول فيها الدفاع عن سقراط وتخليد ذكراه، وهذا ظاهر في محاورة "الدفاع" و"أقريطون" و"أطيفرون" كذلك ينسب إلى هذا الدور المحاورات التي يظهر فيها أثر سقراط واضحاً من ناحيتي المنهج والمضمون، كما هي حال محاورات "خرميدس" و"لاخس" و"ليزس" والمقال الأول من محاورة "الجمهورية" و"جورجياس".‏

محاورات الرجولة، وقد بدأت بتأسيسه "الأكاديمية" فكتب محاورة "منكانس" وفيها بيان برنامج المدرسة الجديدة موضحاً الغاية والمبادئ التي من أجلها، وعلى أساسها، تأسست هذه المدرسة ثم محاورات "أوطيفرون" و"مينون" و"أقراطيلوس" و"فيدون" و"المأدبة" ثم المقالتين الثانية والثالثة من محاورة "الجمهورية" و"أقريطياس" و"تيتانوس" و"برميندس".‏

محاورات الشيخوخة، وترتبط بمحاورات المرحلة السابقة ومنها المحاورات التالية: "السوفسطائي" و"السياسي" و"طيماوس" و"أقريطياس" و"فيلايوس" و"النواميس" أو القوانين.‏

وقد جمعت هذه الكتابات في خمسة مجلدات، ما زالت تعد حتى عصور متأخرة من أعظم المؤلفات الأدبية في العالم، وتشكل مذهباً فلسفياً متكاملاً، فأفلاطون من أوائل الممارسين للفلسفة المبدعين فيها. حتى أن أحد الناقدين قال: الفلسفة هي كتابات أفلاطون.‏

2 أفلوطين:‏

ولد "أفلوطين" في "ليفوبوليس" (أسيوط حالياً) من أعمال مصر الوسطى في العام 205 م، ولا يعرف شيءٌ عن أهله ووطنه، وتثقف في مدينته على أستاذ كان يعلم القراءة والكتابة والحساب (7).‏

قصد الإسكندرية وهو في الثامنة والعشرين من عمره، وأخذ يختلف إلى أساتذتها، فلم يرقه منهم أحد، حتى قاده صديقه إلى "أمونيوس" السكاس، الذي اعتنق المسيحية حيناً ثم ارتد إلى الوثنية، فأعجبه ولزمه إحدى عشرة سنة. فارتبط به ارتباط أفلاطون بأستاذه سقراط، فاستمر أفلوطين يذكر آراءه على أنها آراء أمونيوس مع أنها أكثر بكثير من مذهب أمونيوس ولا يكاد يوجد منها إلا البذور الأصلية عند المعلم، أما المذهب الكامل فإنه من إبداع أفلوطين (8).‏

التحق أفلوطين بالجيش الروماني الذاهب لمواجهة الجيش الفارسي في سوريا والعراق، وكان غرضه من التحاقه هذا التعرف على الحكمة الشرقية ومن الصدف التاريخية أن "ماني" صاحب الديانة المانوية في الطرف المقابل. فتمكن الجيش الفارسي من صد الجيش الروماني، فهرب أفلوطين إلى مدينة أنطاكية السورية، ومنها انتقل إلى روما، وهو في الأربعين من عمره فبقي فيها إلى أن مات في العام 270 م (9).‏

لم يشرع أفلوطين في الكتابة إلا وهو في الخمسين، وكان تعليمه شرحاً على نص لأفلاطون أو لأرسطو، أو جواباً عن سؤال أو رداً على اعتراض أو تعقيباً على رأي (10).‏

جمع "فروفوريوس" رسائل أستاذه في أربع وخمسين رسالة وقدم لها ترجمة لحياة أفلوطين، ووزعها على ستة أقسام، احتوى كل قسم منها على تسع رسائل أسماها "التساعيات" وكان ذلك تكريماً للعددين الكاملين: ستة وتسعة، في كل تساعية الرسائل التي تعالج الموضوع نفسه (11).‏

امتاز أفلوطين من الناحية الشخصية بسمو أخلاقه ونفاذ بصيرته وبالعفة (12).‏

3 الفارابي:‏

هو أبو نصر، محمد، المعلم الثاني، اشتهر بالفارابي.‏

وقد كُني بأبي نصر، رغم أنه لم يتزوج ولم ينجب أولاداً، ولقب بالمعلم الثاني (13) نظراً لمكانته الكبيرة في الفلسفة ووفرة إنتاجه فيها ومتابعته لدراسات أرسطو وشرحه لنظرياته، فاعتبر أنه أكبر الفلاسفة من بعده، وأعظم شارح وموضح لأفكاره، ولما كان لقب أرسطو المعلم الأول، لذلك أطلق على خليفته في عالم الفلسفة لقب المعلم الثاني.‏

فاشتهر بالفارابي نسبة إلى موطنه الأول، فقد ولد بمدينة "وسيج" في مقاطعة "فاراب" وهي منطقة كبيرة وراء نهري سيحون وجيحون تقع على جانب الفرع الأكبر لنهر "سيحون" في طرف بلاد تركستان (14).‏

يصعب تحديد السنة التي ولد فيها الفارابي، والراجح أنه ولد حوالي سنة 259ه الموافقة لسنتي (872 873م)، يستنتج من ذلك استنتاجاً مما ذكره المؤرخون في وفاته، فقد ذكر "ابن خلكان" أنه توفي سنة 339ه، (950 951م) بعد أن عاش ثمانين عاماً (15).‏

يرى معظم المؤرخون للفارابي أنه تركي الأصل، مسقط رأسه كان ولا يزال من مناطق بلاد التركستان وهي بلاد ينتمي معظم سكانها إلى الشعب التركي. لقد لف الغموض طفولته الأولى، أما المراحل التالية من عمره، فتظهر من سيرته أنه بعد بلوغه دور التعلم عكف في مسقط رأسه على دراسة طائفة من مواد العلوم والرياضيات والآداب والفلسفة واللغات وعلى الأخص اللغة التركية وهي لغته الأصلية ثم اللغة الفارسية واليونانية والعربية.‏

خرج في العام 310 ه من بلده قاصداً العراق، وقد بلغ الخمسين من عمره، فأتم دراسته التي بدأها مضيفاً إليها مواد أخرى كثيرة، فدرس في حران الفلسفة والمنطق والطب على يد الطبيب المنطقي "يوحنا بن حيلان" ثم درس الفلسفة والمنطق على "أبي بشر متى ين يونس في بغداد وكان من أشهر الباحثين في المنطق، ومن أشهر المترجمين للكتب اليونانية، كذلك درس في بغداد العلوم اللسانية ا لعربية على ابن السراج وأتيح له فيها أيضاً دراسة الموسيقا ولم يعقْه تقدمه في السن عن متابعة دراساته، فقد ذهب مذهب العلماء في عصره الذين كانوا يطلبون العلم باستمرار.‏

أكثر الفارابي من سفره طلباً للعلم ونشره، وسعياً للإحاطة بشؤون الجماعات، فانتقل من العراق إلى الشام في العام 330ه واتصل بالأمير "سيف الدولة الحمداني" الذي أكرم وفادته، وقدر له علمه، فعاش في كنفه منقطعاً إلى التعليم والتأليف، وكان خلال إقامته في الشام ينتقل بين مدنها، ثم سافر إلى مصر في العام 338ه، ورجع منها إلى دمشق حتى توفي سنة 339ه في شهر كانون الأول من العام 950م (16).‏

كان الفارابي في حياته متقشفاً زاهداً، فلم يتزوج ولم يقتن مالاً بل اكتفى بأربعة دراهم يومياً يقبضها من سيف الدولة الحمداني، وينفقها فيما يحتاج إليه من ضروري العيش، وقد بلغ من تقشفه أنه كان يسهر الليل للمطالعة والتصنيف مستضيئاً بقنديل الحارس، لأنه لم يكن يملك قنديلاً خاصاً به، وأنه بقي على هذه الحال أمداً طويلاً.‏

آثر الفارابي العزلة والوحدة ليخلو إلى التأمل والتفكير، وكان طول مدة إقامته بدمشق يقضي معظم أوقاته في البساتين وعلى شواطئ الأنهار، فلا يكون إلا في مجتمع ماء أو في مكان ما ظليل كثير الأشجار، حيث يؤلف بحوثه ويلتقي طلابه وزملاءه ومساعديه (17).‏

للفارابي مؤلفات كثيرة يصعب حصرها وإحصاؤها، ولم يصل منها إلا القليل، لا يزيد عددها عن الأربعين رسالة، منها اثنتان وثلاثون رسالة بالعربية وست رسائل مترجمة إلى العبرية، وترجمت رسالتان إلى اللاتينية.‏

من رسائله الفلسفية الباقية: "الواحد والوحدة" و"الجوهر" و"الزمان" و"المكان" و"الخلاء" و"معاني العقل" و"عيون المسائل" و"فصوص الحكم"... إلخ.‏

ومن أهم ما وصل من مصنفاته التي تمثل شروحاً وتعليقات على مؤلفات أرسطو وشروحه وتعليقاته على مباحث كتاب "الأورغانون" كذلك وصل من مؤلفاته في شؤون السياسة والاجتماع: "آراء أهل المدينة الفاضلة" و"السياسات المدنيّة"، ومن مؤلفاته في الموسيقا كتاب صناعة علم الموسيقا، وله في إحصاء العلوم كتاب قيِّم، كان موضع إعجاب من قدامى الباحثين ومحدثيهم، فقد عرض كل علم عرض الخبير بحقائقه (18).‏

4 عصور مختلفة ومؤثرات متشابهة:‏

4 1: عاش أفلاطون في القرن الخامس قبل الميلاد، أي في العصر الثاني من عصور الفلسفة اليونانية, وقد ورث هذا العصر عن سالفه طائفة من المعتقدات الدينية والقواعد الأخلاقية والمذاهب الطبيعية.‏

هذه المعتقدات الدينية كانت لا تقوم على علم حقيقي بالآلهة، ودراسة صحيحة لمذاهب الدين وأوضاعه، كما كانت القواعد الأخلاقية عادات وتقاليد أكثرها شعبي أو عبارات استخلصت عرضاً على يد بعض من يسمون بالحكماء، ولم تكن تكوِّن مذهباً أخلاقياً بالمعنى الصحيح لأنها لم تقم على قواعد من العلم ولا منهج من مناهج البحث العلمي، والفلسفة الطبيعية كانت هي الأخرى فلسفة ذات وجه واحد، إذ كان رجال هذا العصر يكتفون بالنظر إلى صفة واحدة من صفات الوجود ثم يعممون هذه الصفة ويجعلونها الأساس في كل شيء، كما أنهم كانوا واحديين، أي يقولون بمبدأ واحد يرجعون إليه قبل كل شيء في الوجود (19).‏

ولكن الحياة الفكرية والروحية في بلاد اليونان بدأت تتطور تطوراً هائلاً في القرن الخامس قبل الميلاد، إذ أخذت المعتقدات الدينية تفقد ما لها من ثقة ونفوذ عند الطبقة المثقفة بأسرها، واتسع مدى الإنكار عند الكثيرين حتى شمل وجود الآلهة أنفسهم، فلم يعودوا بهم يؤمنون ثار السوفسطائيون على قيم ومعارف سابقيهم من الحكماء وعلى ما تبدى لهم من مظاهر الكون، ولعل ما رآه السوفسطائيون من أوهام وأخطاء وبعد عن الواقع في نظريات من سبقهم، قد دفعهم إلى الثورة عليها، ثم إلى الشك حتى في الوجود، حين لم يلتمسوا الطريق إلى حقائق ثابتة، ومهما يكن من أمر فإنهم أول من فتح الطريق أمام الإنسان، ليقف موقفاً جدياً من مظاهر الوجود، لقد كانوا عنصراً فعالاً في حث الفلاسفة، على المزيد من التعمق والنظر، كي تتكشف لهم الحقائق الثابتة (20).‏

لقد نادى السوفسطائيون أو مهدوا لقيام نوع آخر من الأبحاث، مختلف كل الاختلاف، موضوعه الإنسان، كما أنه من ناحية المعرفة، كانت مصادر المعرفة التي وثق بها السابقون عليها قد تزعزع أساسها إلى حد كبير، فالمعرفة الحسية التي كانت المصدر الأول للمعرفة، قد ثار عليها فلاسفة كثيرون من قبل.‏

لم تكن حركة السوفسطائيين حركة هدم، بل كانت روح بناء جديد، فقد كانت تعبر عن روح العصر وقد كان سقراط منهم إلا أنه ابتعد عنهم وعارضهم عندما انحرفوا وغالوا في نسبيتهم في فهم الحقيقة (21).‏

ثم تقع أثينا تحت احتلال الاسبرطيين، فيتحول بعض من حكامها إلى معادين للديمقراطية فيحكمون على سقراط بتهمة إفساده الأجيال الجديدة، فيزداد جرح أفلاطون، فيتجه بكليته نحو الفلسفة وتربية الحكام (22).‏

4 2: أما أفلوطين فقد عاش في القرن الثالث الميلادي، وكان عصر اضطراب، شاهد انهيار الوثنية، والحضارة السورية القديمة في سلسلة من الحروب والنكبات وانتشار الطاعون والجوع، مما أفقر الإمبراطورية الرومانية وأنهك قواها، وقد أصبح الحكم في أيدي جماعات بربرية تجهل الفلسفة والآداب والعلوم وتتنكر لها (23).‏

عم الانحطاط جميع مرافق الحياة، وأن الدين الوثني الذي كان سائداً وأساساً للحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية، دخل في دور الاحتضار، وطغت الديانات المشرقية، وتشابكت الشعوب والديانات والحضارات والعادات في وحدة غريبة. وفي الحقل الفلسفي تُرعرُعت أركان المذاهب اليقينية أما صدمات المتشككين العنيفة. ففي مثل هذا الجو من الاضطراب والقلق راحت بعض العقول تسعى وراء السعادة في عالم غير هذا لعالم وتبحث في الفلسفة عن طريق التحرر والخلاص (24).‏

وهكذا لم يكن قصد أفلوطين أن يعلم تلامذته حقائق جديدة بقدر ما كان قصده إعدادهم لحياة سعيدة، فأفلوطين فيلسوف ومتصوف في آن واحد وهو عندما يسعى إلى فهم الحقيقة، يحاول أن يتعدى المادة ويتطهر تطهيراً يصله بالعقل الإلهي.‏

ومن ناحية أخرى، فقد برزت مدينة الإسكندرية عاصمة الدولة المصرية وملتقى الفلسفة بالديانتين اليهودية والمسيحية وأهم مركز للفكر والفن، وملتقى التقاليد المشرقية القديمة وأسرار الأورفيه والفيثاغورية، وشتى نظريات العقل اليوناني وقد اصطرعت فيها التيارات المختلفة والعناصر المتباينة، وكانت في تنافر شديد حيناً وفي هدنة حيناً آخر، وكان ذلك على كل حال مصدر نظريات جديدة وبعث مذاهب مبتكرة. التقى في الإسكندرية الشرق والغرب، الغرب بفلسفته اليونانية مع ما طرأ عليها من تغير في البيئة الرومانية والشرق بما فيه من عقول لم تختمر بعد، ولم تألف الجدل المنطقي فتأخذ بجميع العقائد ولا تفرق بين العقول وما لا يقبله العقل.‏

4 3: عاش الفارابي في عصر أحدثت الترجمات فيه انقلاباً فكرياً ولغوياً في العالم العربي لا مثيل له في تاريخ الحضارة الإنسانية، وهو انقلاب يفوق ما أحدثته النهضة بأوروبا في القرن الخامس عشر الميلادي، فالعرب في صدر الإسلام لم يهتموا إلا بالعلوم القرآنية. أما العلوم الدخيلة أو علوم الأوائل فلم يكن لها نصيب وافر عندهم، وبقي الحال هكذا إلى أن تيسر للسريان والصابئة الحرانيين البدء في نقل تلك العلوم إلى العربية ونشرها في العالم الإسلامي بحيث أصبحوا الممثل الوحيد للحضارة الإنسانية الرفيعة في القرون الوسطى (25).‏

كان لهذه العلوم الدخيلة أثر عميق في جميع حقول الفكر الإسلامي، وكان لهذه العلوم الدخيلة التي عرفها العرب بفضل الترجمات لأن احتكاك المسلمين بالثقافات والفلسفات الغريبة جعلهم يعرضون على محك العقل جميع العقائد التي تقبلوها في بدء أمرهم في غير جدال ولا نقاش، وهكذا نشأت الفرق المختلفة ونشأت النزعة العقلية التي أحلت العقل في المحل الأول والتي أدت ببعضهم إلى الإلحاد والزندقة وإنكار النبوة والمعجزات.‏

أضف إلى ذلك أن روح الفنوصية كانت شديدة الانتشار فرق صدر الإسلام وقد اقترنت بالروح الأفلاطونية المحدثة، وتغلغلت في صلب التصوف الإسلامي، نظر المحافظون من أهل السنة إلى هذه العلوم وإلى المشتغلين بها نظرة ريب وقلق واتهموا هؤلاء في دينهم ناسبين إليهم الكفر والزندقة، وبلغت كراهية بعض الحنابلة للكتب الفلسفية والعلمية درجة جعلت من اقتناء هذه الكتب خطراً على حياة أصحابها، ويذكر (ابن الأثير) في أخبار سنة 890م أنه كان على النساخ المحترفين أن يقسموا أنهم لن يشتغلوا بانتساخ أي كتاب في الفلسفة.‏

من الطبيعي أن يحارب الإسلام الهيات أرسطو وطبيعياته لما فيها من تناقض مع تعاليم القرآن، لكن الحرب التي شنها أ عداء علوم الأوائل شملت هذه العلوم كلها، ولم يصادف علم من علوم الأوائل، ما صادفه علم المنطق من معارضة أهل السنة حتى أنه قيل: من تمنطق فقد تزندق. بعد أن عاش الفارابي في بغداد واشتغل فيها زماناً طويلاً ثم ارتحل عنها إلى حلب، وقد كان خروجه هذا بسبب الاضطرابات السياسية حيث بدأ انحلال الخلافة الإسلامية يتجلى شيئاً فشيئاً وكان سلطان الجنود الأتراك يزداد سيطرة، وأخذت هيمنة البويهيين على الخلفاء تتراخى، واشتدت ثورات العامة في المدن وثورات الفلاحين في الريف وازدادت دسائس أصحاب الطرق في كل مكان، واشتد نزوع الولايات النائية إلى الاستقلال. كل ذلك كان من أسباب سقوط الخلافة أو من علاماته (26).‏

نزل الفارابي مدينة حلب واستقر في مجلس سيف الدولة.‏

5 الفلسفة عند أفلاطون:‏

ليس سهلاً أن يستطيع الباحث تحديد العناصر التي تقوم عليها وبها فلسفة أفلاطون، فالرجل عمل على البحث عن الحقيقة أكثر مما عمل على عرضها والبرهان عليها. بالإضافة إلى ذلك فإن فكر أفلاطون فكر دينامي نامٍ ظل يتطور حتى آخر لحظات وجوده، ومع ذلك فقد أثبت مؤرخو الفلسفة بعض الأفكار الرئيسة (27) منها:‏

مدينته الفاضلة.‏

نظريته في المثل.‏

أدلته على الخلود.‏

مذهبه في الكون.‏

رأيه في المعرفة.‏

5 1: جمهورية أفلاطون (28):‏

عمل أفلاطون على إحلال نظام سياسي يقوم على العدالة ويسير وفقاً للمبادئ الفلسفية، فقد وضع نظام جمهوريته في عهد ازدهار "أسبرطة" وتغلبها على أثينا" وقد راقه النظام الإسبراطي بما فيه من انضباط هو ثمرة التربية البعيدة عن كل ميوعة، والتمرس البعيد عن كل ضعف.‏

الفكرة الأساس التي ينطلق منها أفلاطون في موضوع الاجتماع هي فكرة العدالة، أي إقامة دولة منظمة تنظيماً تنازلياً، فاستوحى نظرياته الفلسفية لإقامة ذلك النظام، وراح يتدبر النفس البشرية فوجد فيها ثلاث قوى (29):‏

قوة رفيعة هي العقل.‏

قوة النفس الغضبية، ومركزها القلب.‏

قوة النفس الشهوانية، ومركزها البطن.‏

و تتجلّى صحة النفس عندما يتوافر التوازن بين قواها، فإذا سيطر العقل على الشهوات عاشت في طمأنينة وسعادة. ومن هذه الحقيقة استمد أفلاطون لمدينته فكرة الطبقة، فرأى أن في المدينة ثلاث طبقات:‏

الطبقة الذهبية، أي طبقة الحكام ذوي الأمر والتدبر.‏

الطبقة الفضية، أي طبقة الجنود ذوي الحراسة والدفاع.‏

الطبقة النحاسية، أي طبقة العمال ذوي الإنتاج والتعمير.‏

أما الطبقة الذهبية فمؤلفة من أناس يسيطر عليهم العقل، وتتألف الطبقة الفضية من ذوي الشجاعة، وتضم الطبقة النحاسية كل من تسيطر عليهم شهواتهم وتكون العفة فضيلتهم الأولى، ولكي تنعم المدينة بالصحة والسعادة وتخيم في أجوائها العدالة، لا بد فيها من سيطرة ذوي العقل، وهكذا يكاد النظام في المدينة مسايراً لما هو في النفس البشرية، فتخضع الطبقة النحاسية للفضية، والطبقة الفضية للذهبية، ويسير الجميع على هدى العقل النير، وهكذا يكون الحكم للفلاسفة لأنهم أجدر الناس به، وجدارتهم قائمة على المعرفة والفضيلة، فالمعرفة والفضيلة شيء واحد.‏

هذا هو النظام الأساس وهو يتطلب نظاماً آخر، لابد من اتباعه في تنشئة الأفراد الصالحين للمجتمع الصالح، وقد اعتنى أفلاطون بهذه الناحية، فاهتم باختيار الرؤساء، فتحقيق العدالة يرتبط بحسن اختيارهم، فهم يؤخذون من صفوف الجنود، ثم يربون تربية عقل وفن ورياضة، وهكذا يعيش حارس الدولة من السادسة عشرة إلى العشرين حياة الجنود، وبعد ذلك يتدرب على أعمال مهنته مدة عشر سنوات متوالية، وتخصص نهاية المرحلة لتعلم الجدل مدة خمس سنوات يقضي بعدها خمس عشرة سنة في الوظائف والإدارة أو العسكرية، ولا ينتقل إلى طبقة الرؤساء إلا بعد بلوغه الخمسين.‏

وهذا كله لا يكفي، في نظر أفلاطون، لقيام الجمهورية الفاضلة فعلى الرئيس أن يحافظ على وحدة الدولة، والشعور بضرورة هذه الوحدة هو فضيلته الأولى، ولن يتم له ذلك إلا إذا اتبع نظام المعيشة المشتركة، وأن يعيش عيشة أخوة، ويتجلى بالمزايا السقراطية الأربع:‏

الحكمة، الشجاعة، العدالة، العفة.‏

وللحفاظ على وحدة الدولة لا بد من نظام يشتمل على (30):‏

اشتراكية النساء والأولاد.‏

الرياضة البدنية والخلقية للرجال والنساء سواء بسواء.‏

التربية العلمية والسياسية.‏

قيام الفلاسفة بمهام القيادة في الدولة (31).‏

5 2: نظرية المثل (32):‏

تشكل نظرية المثل نقطة انطلاق ومرتكزاً وأساساً لفلسفة أفلاطون بجملتها، وهي ناتجة عن استخدام الاستقراء السقراطي والجدل الأفلاطوني.‏

ينطلق أفلاطون من التمييز الذي قال به "برمنيدس" بين الحقيقة والظاهر، وبين طريق الحقيقة وطريق الظن، وبتعبير آخر، بين المعرفة والرأي، فالظاهر هو ما يقع تحت حواسنا، ويكوّن الموجودات الجزئية، التي تصف بصفات متضادة، والأشياء الجزئية متوسطة بين الوجود المطلق والعدم المطلق، وهي بالتالي لا تصلح أن تكون موضوعات للمعرفة بل للرأي، فالمعرفة لا تكون إلا بالأشياء الثابتة التي لا يعتريها تغيير ولا تنطوي على الأضداد، وتتعلق بعالم أزلي لا تدركه الحواس، أما الرأي فيكون فيما يتعلق بالعالم المحسوس.‏

يطلق أفلاطون على الشيء المشترك الموجود في جميع الكائنات المتجانسة حتى التي لا تقع منها تحت الحواس مثل العدالة والمساواة اسم "المثال" والمثال عند أفلاطون هو الموضوع الحقيقي للمعرفة، لأن المعرفة تقوم على الموضوع المشترك بين جميع أفراد الجنس والذي لا يولد مع ولادة الفرد ولا يفنى بفنائه، بل هو شيء أبدي تشاركه جميع الأفراد، في طبيعته.‏

إن مثل الأشياء هي وحدها التي تصح أن تكون موضوعاً للمعرفة، وأن لها صفات تحددها منها (33):‏

للمثل أجناس، فهي تعبر عن مجموعة تدخل فيها الأشياء المتجانسة، والمثال عند أفلاطون جوهر ثابت، لا يعتريه تغير فهو لا يخضع للحركة، على عكس الأشياء التي تخضع للتكون والفساد فهي متبدلة كلها.‏

والمثل أعداد تنتظم أنواعاً وأجناساً ويتصل بعضها ببعض من حيث أنها تشترك جميعاً في صفات عامة، فالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة تشترك كلها في صفة واحدة هي الفضيلة، وهي ترقى إلى مثال أساس هو بالنسبة لها كالجنس الأول.‏

والمثل عند أفلاطون قائمة بذاتها، فهي الحقائق التي لا حقائق بعدها.‏

5 3: نظرية المعرفة (34):‏

المثل عند أفلاطون ثابتة أزلية فكيف يتم إدراكها؟‏

إذا كان الأمر كذلك كان من الضروري أن تأتينا المعرفة عن طريق آخر غير الإدراك الحسي، بمشاهدة أفلاطون أن الإنسان كان في حياة سالفة سابقة على حياته الحالية يستمتع بمشاهدة المثل الأزلية. ولكن لذنب اقترفه، فقد هذا النعيم وهبطت نفسه إلى الأرض، وحلَّت في جسدت ترابي أصبح لها سجناً، وفقدت بهذا التجسد معرفة الأشياء الإلهية التي حصل عليها.‏

لكن الأشياء الجزئية عندما تعرض لإدراك حواسه تحيي فيه ذكرى "مثلها وتعيد إليه شيئاً من معرفته الغابرة، وهكذا يفسر أفلاطون في المعرفة علاقة الإنسان بموضوع معرفته.‏

5 4: خلود النفس:‏

النفس عند أفلاطون وجدت قبل الجسد، وهي خالدة، يبرهن على خلودها، كما يلي:‏

كل الأشياء لها أضداد، والضد يولد الضد، فإذا كانت الحياة والموت ضدين فلا بد أن يولد أحدهما الآخر.‏

تعليم المقولات أي المثل لا بد أن يكون بآلة أزلية خالدة مثلها، فالموت إذ يفصل النفس عن غلافها الجسد ويمكّنها من الاتصال بهذه المثل.‏

المعرفة تذكر، وهذا يوجب أن تكون النفس قد شاهدت المثل قبل ميلادها، وما كان أزلياً فلا بد أن يكون أبدياً.‏

المركب وحده ينحل، والنفس بسيطة، كالمثل، لا تستطيع الانحلال فالانحلال يفكك الأجزاء، والنفس واحدة بسيطة لا أجزاء فيها ولا تركيب.‏

الإنسان يتوق إلى السعادة، وهذا التوق من جوهر النفس، وقد لا تتحقق رغبة الكثيرين في السعادة في هذه الحياة، فلا بد من أن تكون ثم حياة أخرى، ينالون فيها السعادة.‏

تفرض الأخلاق العقاب لصانعي الشر، والثواب لصانعي الخير، وليس في هذه الحياة عقاب وثواب عادلان، فلا بد من حياة أخرى تنال فيه النفس جزاء ما فعلت في هذه الدنيا.‏

5 5: نزعة أفلاطون الصوفية (35):‏

عندما أثبت أفلاطون أن النفس هبطت إلى الجسد، وقال إن الجسد سجنها، جعل الإنسان مركباً من عنصرين مختلفين، أحدهما يسعى إلى المعرفة، والثاني يحول دون هذه المعرفة، لأنه مركز الأهواء والشهوات والمخاوف والأوهام فإذا ما أرادت النفس أن تصل إلى المعرفة وجب عليها أن تمزق حجب الجسد وتتخلص من عبوديته، فالروح في ذاتها هي التي يجب أن تشهد الأشياء في ذاتها. وهكذا إذا ما تخلص الإنسان من الجسد وحصل على النقاوة واستطاع الاتصال بما هو نقي وعرف أين هو النور الصافي، نور الحقيقة.‏

6 الفلسفة عند أفلوطين:‏

تقوم الفلسفة عند أفلوطين أساساً على فكرة الألوهية، فهي تشغل الجزء الأكبر من مذهبه، إن لم يكن كله، إنها فلسفة تقوم على الوجدان والتجربة الذوقية الصوفية والكشفية، ولهذا أهمل "أفلوطين" نظرية المعرفة، وبكلام أكثر تحديداً، فإن العمود الرئيس الذي تقوم عليه بناء فلسفة أفلوطين هو "الله" أو العالم المعقول، ومن العالم المعقول ينتقل الإنسان إلى العالم المحسوس، ومن هذا الأخير يحاول هذا الإنسان أن يرتفع ثانية إلى الوحدة الأولى (36).‏

الغاية من الفلسفة عند أفلوطين إرشاد إلى الطريق الذي به يصل الإنسان إلى إفناء الذات في الوحدة الإلهية وإلى إيجاد التجربة الروحية التي يستطيع الإنسان بواسطتها أن يتحد بالواحد، والمزاج المكون لهذه التجربة، هو في الأصل، الوجد.‏

أما من الناحية الموضوعية، فيقوم هدف الفلسفة على أساس إنكار كل قيمة للعالم الخارجي، فكل ما هو متناه وكل موجود ما خلا الله متناه زائل، وبالتالي لا قيمة له.‏

إن فلسفة أفلوطين متأثرة منذ البداية بالتجربة الدينية، فنقطة البدء ونقطة الانتهاء والعامل السائد الذي طبع بطابعه الخاص اتجاه هذه الفلسفة هو التجربة الدينية مفهومه على نحو صوفي، وإن ابتعد أحياناً عن الأديان الوضعية.‏

وهذا الطابع غير موجود في الفلسفة اليونانية الحقيقية، فالفروق في الفلسفة التالية على أرسطو وبين الفلسفة الجديدة، مما يمس جوهر كل منهما، يرفع من نسبة ترجيح أن تكون هذه الفلسفة الجديدة منتسبة إلى روح حضارة أخرى، فالرمز الأول لهذه الحضارة هو الذي يطبع هذه بطابعه كل أجزاء الفلسفة الجديدة وما هنالك من مظاهر يونانية لهذه الفلسفة إنما هو في الواقع مظاهر فحسب، لا تمس الجوهر في شيء، ونقصد به الروح السائدة في هذه الفلسفة الجديدة، فالذي يميز هذه الفلسفة هو فكرة إضافة الأشياء إلى قوة خفية (37) وإيجاد نظام عالمي يقوم على أسس هذه القوى الخفية، ونظره في الوجود تسودها التجربة السحرية الروحية وهذا ما ذهب إليه "فاشيرو" (38) بقوله: إن الفلسفة الأفلوطينية كانت فلسفة شرقية بكل معاني الكلمة فهي في روحها وجوهرها وطبيعتها شرقية. وأما المظهر الخارجي لها وإن كان يونانياً فإنه لا يلزم الاعتقاد أن فيها روحاً يونانية، وهذا ظاهر خصوصاً فيما يتصل:‏

بالطابع العام لهذه الفلسفة.‏

في أن كثيراً من الأفكار التي كانت منتشرة في بيئة الهلال الخصيب أي البيئة التي قد ظهرت فيها الحضارة قد أثر كل التأثير في هذه الفلسفة. ففكرة الملائكة أو الوسطاء أو العقول المتوسطة ثم فكرة الصدور خاصة، كل هذه الأفكار شرقية، تجلت منذ أربعة آلاف سنة ونيف في شريعة "أوركاجينا" وشريعة حمورابي" وفي أسطورة الخلق البابلية "اينوما ايليش".‏

ومختصر القول، ففي مذهب أفلوطين عالمان بينهما هوة وترتيب هما عالما المعقول والمحسوس، ويوجد في باب المعقولات ثلاثة مبادئ هي:‏

الله العقل النفس (39) ‏

فالله هو الأول، الواحد، المبدع، اللامتناهي.‏

والعقل هو صورة الأشياء الموجودة.‏

والنفس هي ما به يتم تحقق الصور في المحسوسات، أو هي قوة تكون في الواقع وسطاً بين فعل الأول وتحقق العقل بوصفه صوراً.‏

العالم المعقول عند أفلوطين عبارة عن مجموع الصور، وهذه الصور لا تشتق من مبدأ أعلى منها، ولو أن فكرة الخير قد توهم في عرضها بأنها تلعب مثل هذا الدور، فإنه في الواقع تختلط فكرة الخير ببقية الصور حتى لا يمكن أن تعد صورة قائمة بذاتها مستقلة كل الاستقلال، فهناك هوة غير معمورة بينها وبين بقية الصور. في حين يرى أفلوطين بدلاً من الهوة الفاصلة تصاعداً أو تنازلاً في الصلة بين المعقول والمحسوس، أي ترتيباً ونظاماً قمته المعقول من حيث أنه الأول ثم تتلوه بقية الأشياء حتى تصل، في أدنى درجة من درجات هذا السلم إلى المادة الصرفة، فالمادة في النهاية تشتق من الأول فلا نجد أن الصور أو المعقولات أفكار في عقل الله، بل هي الله عند أفلوطين، فالأشياء تترتب بحيث يكون الأول في القمة ويليه العقل الأول، ثم بقية العقول (40).‏

من ذلك نجد أن أفلوطين يجرد فكرة الله من كل ما يوهم اختلالاً في الوحدة أو في الكمال (41) فكرة الوحدة في الله هي الأساس في نظرية الله عند أفلوطين، ولهذه نجده يحاول أن ينفي عن الله كل الأفكار أو كل الصفات التي من شأنها أن توهم بأن هناك تعدداً تركيباً فيه، فنجده ينكر أن يكون الله عقلاً أو أن يكون وجوداً، وينكر كذلك أن تكون له أي صفة من الصفات فالله هو الشيء الذي لا صفة له (42) إنه يؤثر في الكون بقدرته، وهذا يحدث دون ممارسة قدرة من جانبه بالنسبة إلى الأشياء، بل تتحرك الأشياء بقدرته مع استمراره كما هو في سكونه وثباته.‏

إن الله قوة وهذه القوة تفيض بما فيها فتنتج الوجود، ولا يعني هذا الفيض خروج هذه القوة عن نفسها وفيضانها بما فيها في الخارج أو على الخارج وإنما أن تظل كما هي في نفسها وتكون العلية عندها أن تبدل آثارها لا أن تبدل جوهرها. وهذا الفارق الكبير بين العلية حينما يقال على الله أو يقال على بقية الأشياء إذ نجد هنا فكرة عميقة يستخدمها أفلوطين لأول مرة وستصبح فيما بعد مصدراً خصباً لكثير من الأفكار في المسيحية أو في الإسلام.‏

إن المعقول يحدث أثره ولا ينقص هو من ناحيته، فالعلم الذي عندي وأنقله إلى الآخرين لا ينقص بهذا النقل وإنما يظل عندي كما كانت عليه الحال من قبل، لأن الفيض في هذه الحال الفيض الروحي لا يكون على صورة أجزاء ينقل من المؤثر إلى الأثر وإنما يكون دائماً على صورة حضور تأثر في الخارج فحالة أن يكون الشيء متأثراً بشيء آخر هي حالة العلية، إذا ما فهمت من ناحية الكمال، من ناحية التأثير المادي.‏

وكذلك الحال بالنسبة إلى الله يظل كما هو في استقلاله وكماله وهذا التأثير الخارجي الذي يحدث يكون وجوداً ليس منتزعاً، وكأنه جزء من الوجود الأول وإنما أقصى ما يمكن أن يقال عنه أنه حالة تأثر صرف بشيء آخر، والعلية مفهومة على هذا النحو تضاف وحدها إلى الله، وهذه مسألة مهمة عند أفلوطين وعند المذاهب التي تقوم على فكرة الكمال، بمعنى وجود حالة تأثر دون تغيير في المؤثر. فالأشياء أو الوجود بشكل عام ينشأ عن الأول بفيض من هذا الأول لا ينقص من ذاته، وأنه كلما قلت الوسائط بين الأول وبين الحادث كانت درجته ومرتبته في الوجود والكمال أعظم (43).‏

فهنا نجد أن الوجود كله سيتوقف على هذا الأول من حيث أنه يفيض بذاته فينتج عن هذا الفيض وجود متسلسل على طريق تنازلي يبدأ من الأول حتى يصل إلى أبعد الأشياء ونهايتها بالنسبة إلى هذا الأول، وهذا الشيء الأخير سيكون أدنى الأشياء مرتبة وقابلاً لأن يتخذ أية صورة، والذي يحدث في هذه الحالة هو أن الأول يعطي الثاني صورته والثاني يعطي الثالث صورته وهكذا باستمرار حتى تصل إلى آخر الأشياء. وآخر الأشياء لا يكون محدثاً لأي صورة، وتبعاً لهذا لن يكون مالكاً لأي صورة فهو الهيولى والمادة.‏

المهم عند أفلوطين هو القول بوجود الأول بحسبانه عالياً على الكون، وبينه وبين بقية المعقولات والمحسوسات هوة لا تكاد تعبر، وما هنالك من تبعية من جانب العالم المعقول فيما عدا الأول والعالم المحسوس بأكمله بإزاء الله إنما ذلك صادر عن كون هذه الأشياء تقوم بالله أي تتقوم بقوته، ولكن ليس معنى هذا القيام به إنها هي هو.‏

وحدة الوجود عند أفلوطين ذات حد واحد، فالكثرة في الواحد، وليس الواحد في الكثرة (44).‏

تمايز أفلوطين تمايزاً واضحاً عن المذاهب السابقة عليه، وأنه يجب أن يوضع في تيار جديد يعد هو نقطة البداية فيه، ونقطة النهاية في الواقع، يكون هذا التيار الدور الرابع من أدوار تطور الفلسفة اليونانية والمشكلة هنا تتعلق بالصلة بين هذا التيار وبين الروح اليونانية.‏

فقد اعتاد المؤرخون النظر إلى هذا التيار بوصفه تطوراً منطقياً للفلسفة اليونانية في العصور المتقدمة مباشرة وبالتالي أن يضيفوه إلى الحضارة اليونانية وإلى الروح اليونانية.‏

لقد استطاع أفلوطين أن يبين في دقة وأحكام كيفية صدور الموجودات عن الله وأن يتبين آثار هذه القوى الإلهية في الأشياء ويرتب هذا كله في نظام منطقي معقول يكاد يكون نسيجاً واحداً محكم الأجزاء.‏

احتلت التجربة الصوفية تجربة الوجد منزلة رفيعة، فهي الغاية النهائية التي يجب أن تتحدد تبعاً لها وتترتب عليها كل المقدمات المؤدية فمنذ البدء كان مزاج هذه التجربة الروحية والمزاج المحدد لكل معرفة، والتالي الأساس لكل نظرية في المعرفة، كما أنه لأول مرة وإلى الدرجة العليا، استطاع أن يبين ماهية هذه التجربة وأن يحددها كل التحديد، وأن يبين ما فيها من جانب ذاتي، وما فيها من جانب علوي يأتي عن طريق الله وفي هذا المجال يقول أفلوطين يجب علي أن أدخل في نفسي ومن هنا أستيقظ، وبهذه اليقظة أتحد بالله.‏

ويقول أيضاً يجب علي أن أحجب عن نفسي النور الخارجي لكي أحيا وحدي في النور الباطن، وينقل عنه تلميذه "ابرفلس" أن المعرفة تبدأ من الذات وتنتهي إلى الله، والمعرفة الذاتية، هي كل شيء.‏

إن هذا الطابع يكفي وحده لتمييز هذه الفلسفة من الفلسفة اليونانية، الحقيقة، وبالتالي يكفي لإخراج هذه الفلسفة من حظيرة الحضارة والروح اليونانية وإدخالها في حضارة، روح المنطقية.‏

إن فكرة الصدور والفيض فكرة شرقية ومأخوذة عن المذاهب التي كانت سائدة في منطقة الهلال الخصيب كما مر سابقاً فقد كانت العناصر الشرقية تخلق في الأجواء المحيطة بأفلوطين خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد وانتشرت إلى حد بعيد في جميع الأوساط الشرقية التي استوطنت المدن المتوسطة بين الهلال الخصيب والغرب اليوناني وبلاد مصر، فكان هذا كافياً لانتشار هذه الأفكار والمذاهب الشرقية في هذه الأوساط، فلا سبيل إلى إنكار تأثر الأفلوطينية بالعناصر الفكرية الشرقية (45).‏

7 الفلسفة عند الفارابي:‏

يعتبر الفاربي المؤسس الحقيقي للدراسات الفلسفية في العالم العربي ومنشئ الفلسفة الإسلامية، ومشيد بنيانها وواضع الأساس لجميع فروعها، فكان أعرف فلاسفة الإسلام بتاريخ الفلسفة ونظريات الفلاسفة كذلك استأثرت شؤون السياسة والاجتماع بقسط كبير من نشاط الفارابي، فنجح في علاج مسائلها وكتب فيها عدداً من الكتب.‏

الموجودات عند الفارابي قسمان (46):‏

واجب الوجود.‏

ممكن الوجود.‏

فواجب الوجود هو الله. وممكن الوجود هو كل مخلوق وكل ما سيخلق وكلما وجد الممكن أصبح واجب الوجود بغيره والله وحده هو واجب الوجود بذاته (47).‏

يعتقد الفارابي أن الممكن الوجود إذا وجد أصبح واجب الوجود بغيره وإذا ظل في مجال الإمكان كان ممكن الوجود فحسب، وأن وجوده وعدمه متعادلان، فمن الذي يرجح أحد الأمرين على التالي (48).‏

يجيب الفارابي: الذي يرجح ذلك هو الواجب الوجود، أو الله الذي لا يفتقر وجوده إلى مرجح. هنا نواجه نظرية الفارابي في الوجود وكيف وجد؟ فهو من القائلين بحدوث العالم، وهذا ما تهتم هذه الدراسة بإبرازه ومقارنته مع نظرية الوجود وكيف وجد عند أفلوطين، فهما من القائلين بنظرية الفيض.‏

8 كيف وجد الوجود عند أفلوطين والفارابي؟‏

عند أفلوطين نظرة مزدوجة إلى الواقع.‏

فهناك نظرة تشبه أسطورة النفس، يتوزع فيها الكون إلى مساكن طاهرة وغيرها نجسة، ترتفع فيها النفس أو تهبط، وتصبح فيها الحياة الداخلية للنفس متضامنة مع المسكن الذي تحل فيه.‏

هناك نظرة أخرى يبدو الكون فيها سلسلة من الأشكال يتعلق كل شكل منها بالشكل الذي يتقدمه، بحيث يستطيع العقل فهم نظامه، وتدور فلسفة أفلوطين بأسرها حول البرهان على أن هاتين النظريتين لا تتنافيان، وبالتالي حول إثبات القيمة الدينية للفلسفة العقلية في القمة نجد الواحد، وعنه يفيض العقل، وعن العقل تفيض النفس وكل مرتبة من هذه المراتب تحتوي جميع الكائنات التي ستتميز في المكان فالواحد يحوي كل شيء من غير تمييز، والعقل يحوي جميع الكائنات، إلا أنّها متميزة، متضامنة، بحث يحتوي كل كائن فيها بالقوة على جميع الكائنات الأخرى، أما في النفس، فإن هذه الكائنات تتميز، حتى إذا ما وصلت إلى العالم المحسوس انفصلت وانتشرت.‏

النفس عند أفلوطين هي آخر الكائنات المعقولة، وآخر الكائنات الموجودة في العالم المعقول، وهي أول الكائنات الموجودة في العالم المحسوس وهي بذلك ذات علاقة بكلا العالمين.‏

وللنفس قوى متعددة، وهي بهذه القوى تحتل أول الأشياء ووسطها وآخرها، إنها الرحالة في العالم الماورائي، وفيها توق وحركة.‏

والآن يثور السؤال: كيف يأتي إلى الوجود من الواحد كما هو في نظرنا كثرة ما؟ وكيف لم يبق الواحد في ذاته (49) إن الواحد غير متحرك إذا ليس خارجه حد يتحرك إليه، فإذا جاء شيء بعده، فلا يجيء الشيء إلى الوجود إلا إذا كان الواحد متجهاً إلى ذاته أبداً، ويجب القول إن ما يأتي من الواحد يأتي منه دون حركة أو ميل أو إرادة، وماذا يتصور حوله كان ساكناً؟ نتصور إشعاعاً آتياً منه وهو ساكن، كما يتولد من الشمس، الضوء الساطع المحيط بها وهي ساكنة دائماً، على أن كل موجود، ما دام في الوجود، يحدث بالضرورة حوله، من ذات ماهيته، شيئاً يتجه إلى خارج ويتعلق بقدرته الراهنة، هذا الشيء بمثابة الوجود الحادث منه، يضاف إلى ما تقدم أن كل موجود يصل إلى كماله يلد، فالموجود الكامل دائماً يلد دائماً، يلد موضوعاً سرمدياً يلد موجوداً أدنى منه ولكنه الأعظم بعده، هذا الأعظم بعده هو العقل الكلي الذي هو كلمة الواجد وفعله وصورته، ولكن الواحد ليس عقلاً، فكيف يلد العقل؟ ذلك بأنه يرى باتجاهاته إلى ذاته، وهذه الرؤية هي العقل الكلي (50).‏

ويذهب الفارابي في الإجابة عن السؤال مذهب أفلوطين فيقول:‏

إذا وجد واجب الوجود لزم ضرورة أن يوجد عنه سائر الموجودات على أن وجود هذه الموجودات إنما يحدث فيضاً عن وجود الأول الواجب الوجود، فوجد غيره إذن فائض عن وجوده، فكيف يحدث الفيض؟‏

من الله الواحد يصدر الكل، ومن تعلقه لذاته يصدر العالم، وعلة وجود الأشياء جميعاً ليست هي إرادة الخالق القادر على كل شيء بل علمه بما يجب عنه، فالأشياء ظهرت عنه، لكونه عالماً بذاته لأنه مبدأ النظام الخير في الوجود على ما يجب أن يكون عليه، فعلمه علة لوجود الشيء الذي يعلمه (51).‏

إنّ صدور الموجودات عنه ليس عن قصد يشبه قصدنا، ولا هو على الطبع دون أن يكون له معرفة ورضاء بصدورها.‏

يحدث الفيض التالي على الشكل التالي (52): عن الأول يفيض الوجود الثاني أو العقل الأول، وهذا الوجود الثاني غير متجسم وليس مادة، وهو يعقل ذاته ويعقل الأول الواجب الوجود وعقله لذاته هو عين ذاته، وهو بما يعقل ذاته التي تخصه وبما هو متجوهر بها يلزم عنه وجود السماء الأولى، وهو بما يعقله من الأول يلزم عنه وجود ثالث أو العقل الثاني، ووجود الثالث ليس في مادة، وهو بجوهره عقل، يعقل ذاته ويعقل الأول، وهو بما يعقله من الأول يلزم عنه وجود رابع أو العقل الثالث، وهذا الوجود ليس في مادة ويعقل الأول ويعقل ذاته، فيما يتجوهر بها يلزم عنه كرة المشترى وبما يعقله من الأول يصدر عنه وجود خامس، وهكذا يمضي الفاربي مع نظريته في الفيض سائراً على خطى أفلوطين وأساتذته نومينوس السوري، وأمينون السكاس، فإذا الوجود الخامس يصدر عنه وجود سادس أو العقل الخامس الذي يلزم عنه كرة المريخ والوجود السادس يصدر عنه وجود سابع، والسابع يصدر الوجود الثامن أو العقل السابع ويصدر عنه كرة الزهرة، والثامن يصدر التاسع أو العقل الثامن، ويلزم عنه وجود كرة عطارد، والتسع يصدر عنه العاشر أو العقل التاسع ويلزم وجود كرة القمر والعاشر يصدر عنه الحادي عشر أو العقل العاشر، الذي يدعوه الفارابي "العقل الفعال" أو الروح القدس، وهو الذي يصل العالم العلوي بالعالم السفلي وهو الذي يسبب وجود الأنفس الجزئية والعناصر بمساعدة الكواكب السيارة، وهو ليس في مادة بل هو آخر العقول المفارقة لها (53).‏

8 1: حدوث العالم (54):‏

تصدر في البدء عن العقل "الهيولى" وهي مشتركة بين جميع الأقسام الأرضية، تتأثر هذه الهيولى بدوران الأفلاك المتباينة في الجوهر والنسب والحركات.‏

ومن هذا التأثر يحدث في الهيولى استعدادات مختلفة، عندئذ يفيض العقل الفعال على هذه الاستعدادات صوراً تلائمها، فتتكون في البدء العناصر الأربعة: المادة، التراب، الهواء، النار. وهي عناصر بسيطة غير مركبة.‏

وتتمازج هذه العناصر بعضها مع بعض، فيحصل من هذا التمازج أجسام تختلط فيما بينها وتختلط بعضها مع بعض العناصر فتحدث امتزاجات أكثر تركيباً وأكثر تعقيدا. ويستمر ذلك شيئاً فشيئاً فتتكون امتزاجات تحدث فيها استعدادات، يفيض العقل الفعال على كل منها صورة تلائمه، فتحصل الأبخرة والسوائل فالجمادات فالنباتات فالحيوانات وأخيراً الإنسان، والإنسان أفضل ما يصدر عن العقل الفعال وأفضل المخلوقات في العالم الأرضي، وحين يوجد الجسم الإنساني، الكامل الاستعداد يفيض عليه العقل الفعال نفساً، فيغدو إنساناً سوياً ويرفض الفارابي قول أفلاطون وأفلوطين القائل أن النفس تنتقل من جسم إلى آخر، فهي تفيض على الجسم من العقل الفعال ساعة يتم حدوث الاستعداد في هذا الجسم، وهي بالتالي غير سابقة على وجود الجسم، فلا يجوز وجود النفس قبل البدن.‏

وخلاصة القول: فإن نظرية الخلق عند الفارابي، تبدأ من الأفضل إلى الأدنى في العالم العلوي، فالله أفضل الوجود، أما في العالم الأرضي فيبدأ الخلق من الأدنى إلى الأفضل، من الهيولى إلى الإنسان أفضل مراتب لوجود الأرضي.‏

8 2: الوجود الأرضي (55):‏

إنه كلما حصل استعداد في مادة فاضت عليه من العقل الفعال أو النفس الكلية نفس جزئية، وانفصال النفس الجزئية عن النفس الكلية يجعلها مستقلة استقلالاً تاماً، فهي حين تدخل الجسم المستعد لاستقبالها تكمل وجوده وتستقل فيه،وفي بحث الفارابي عن مصير النفس البشرية، فإننا نجد أنه لا يؤمن بوجود الجنة والنار حسياً وتتخذ منهما رمزاً للسعادة أو الشقاء على الأغلب.‏

إن الأنفس حين تغادر الأبدان، فإذا كانت صالحة تغدو لا حاجة لها إلى المادة، أما الأنفس الشريرة فتبقى في شقائها. وكلما بلغت الأنفس معارفها درجة من الكمال عليا، اقتربت من العقل الفعال، وهو حين تقترب منه تبلغ السعادة وتكتمل النفس عند الفارابي بالفعل، إن الإنسان في الحقيقة هو العقل، وكلما أفاض العقل الفعال على عقل الإنسان من صورة وتكاثرت هذه الصورة فيه صار مشابهاً للعقل الفعال، وكلما اقتربت من هذه الاتحاد، اقترب من الله فحصلت سعادته القصوى، وعندئذ تصبح نفس الإنسان من كمال الوجود بحيث لا يحتاج في قوامها إلى مادة، ويغدو في جملة الأشياء البريئة من الأجسام المفارقة في جوهرها. وهذا عين ما رآه أفلوطين من حصول السعادة في الاتحاد، وهو ما رآه بعد عدة قرون محيي الدين بن العربي" في كتابة "فصوص الحكم" فالعذاب في الآخرة من العذوبة وتكون أكثر كلما كانت النفس اقرب إلى الله والسعادة والشقاء لن يكونا خلوداً في النار، بل اقتراب من الله ومشاهدة له أو ابتعاد عنه في مشهد جليل (56).‏

إن جوهر فلسفة الفارابي مرده إلى المذهب اللاهوتي الأفلاطوني الذي أسسه وتزعمه السوري، نومينوس، من أهل القرن الثاني الميلادي، وكان له مقام كبير عند الأفلاطونيين الجدد في القرن الثالث الميلادي، أخذ من الديانات التاريخية (اليهودية والمسيحية) ودمجها في تعليمه بعد تأويلها تأويلاً رمزياً. ورأى أن الوجود ينقسم إلى مملكتين: مملكة العناية ومملكة المادة، والشر والنقص ليسا من الله وعنه أخذ "أمونيوس الساكاس" 175 205م، وهو من أبرز أفلاطونيي الإسكندرية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي، ولكن لم يدون أراءه وفرض على تلاميذه كتمان تعاليمه، وقد حاول التوفيق بين أفلاطون وأرسطو في أهم النقاط وأكثرها ضرورة:‏

صنع الله العالم دون أن يستخرجه من مادة سابقة.‏

وفي العالم، الأجسام خاضعة للأرواح بحيث يتألف من المرتبتين كل مترابط الأجزاء، وبحيث تدير كل سماء السماء التي تلي مباشرة.‏

إن للموجودات جميعاً شعوراً متفاوت الوضوح، بما للحكمة الإلهية من تأمل سرمدي لمعانيها، أو هو انعكاس للنظام الإلهي على عقول متفاوتة النورانية، وأمينوس السكاس هذا هو معلم أفلوطين الذي أخذ عنه أسرار المذهب اللاهوتي الأفلاطوني، الذي قال بصدور العالم عن الله على صورة فيض من العقول، حدث منذ الأزل، فإذا تعقل العقل الأول مبدعه صدر عنه الفلك الثاني، ومن تعقل هذا لنفسه، بما هو متجوهر بذاته لتي تخصه يلزم عنه وجود الفلك الأقصى، ويستمر فيض العقول بعضها مع بعض فيضاً ضرورياً حتى يصل إلى الفلك الأدنى،وهو فلك القمر، وهذا الفيض يتفق مع نظام الأفلاك عند بطليموس، وهو عين ما أخذ به الفارابي من أصحاب هذا المذهب اللاهوتي، لا سيما أفلوطين، وردده في كتبه، لا سيما "آراء أهل المدينة الفاضلة" (ص 19 20).‏

9 العدالة الاجتماعية بين جمهورية أفلاطون ومدينة الفارابي الفاضلة:‏

قصد أفلاطون في محاورة الجمهورية تجديد صورة الدولة المثالية التي تتحقق فيها العدالة الاجتماعية، من حيث هي فضيلة النفس الفردية، ونظام يتعلق بالدولة، فأوجب عليه هذا المقصد، أن يفسر طبيعة الإنسان وبيان تكوين الدولة، على حد سواء، ليتمكن من تحديد الظروف الواجب توافرها كي تتحقق العدالة في كل منهما.‏

لقد تضمنت محاورة الجمهورية الموضوعات التالية:‏

أولاً: تعريف العدالة وتحديد شروط تحققها.‏

ثانياً: بيان مصادر الفساد في الدولة وفي الفرد.‏

ثالثاً: آراء في الفن وفي النفس الإنسانية.‏

في تحديده لمفهوم العدالة يعرض أفلاطون آراء مختلف المتحاورين، ورأى أنها تشكل ثلاثة مواقف من العدالة، وهي:‏

إن العدالة هي معاملة كل إنسان حسب ما يستحق أو معاملة الأصدقاء بالخير إن كانوا أخياراً، والأعداء وهم الأشرار بالشر.‏

والعدالة عند السوفسطائيين تمثل الآراء الجيدة المتطرفة في السياسة فالعدالة ليست سوى العمل بمقتضى مصلحة الأقوى.‏

والعدالة عند المثاليين، ومنهم سقراط وأفلاطون، ترى أن للقيم الأخلاقية وجوداً ثابتاً لا يتغير بتغير الزمان والمكان، فهي مطلقة، لا تحتمل أي تغيير أو تبديل.‏

وفي نشوء الدولة، يرى أفلاطون أن الفرد وحده ضعيف، ومن ثم يكون الاجتماع ضرورة تحتمها الحياة الإنسانية، وعن اجتماع الأفراد نشأت الحاجة إلى تقسيم العمل فيما بينهم من أجل توفير كافة احتياجاتهم الضرورية، ولا تقتصر حاجات الإنسان على متطلبات الحياة المادية، وإنما ينبغي لأهل المجتمع أن يتذوقوا الفنون والآداب، وبارتقائهم في أساليب الحياة يتطلبون الترف، وتزيد حاجاتهم الكمالية فتشتبك المصالح وتنشأ الحروب، ومن هنا ينبغي تكوين طبقة من المحاربين المحترفين يتولون حراسة المدينة والدفاع عنها عند الاعتداء عليها، كما تحتاج المدينة إلى طبقة من الحكام، يوجهون الرعية إلى العمل الصالح ويرشدون المدينة إلى طريق الخير، ويحققون لها العدالة.‏

يؤكد أفلاطون انقسام المجتمع إلى ثلاث طبقات متمايزة، ويرى أن لكل طبقة منها وظيفة هيأتها لها الطبيعة وخصتها بها، بحيث لا ينبغي لها أن تتدخل في العمل الطبقة الأخرى.‏

تختص الطبقة الممتازة في المجتمع بالحكم لا يشاركها فيه أحد من الطبقات الأخرى،وخاصة الطبقة المنتجة، لأنها لا تملك الحكمة ولا التربية ولا التعليم الذي يهيؤها للاشتراك فيه.‏

وتختص كل طبقة بفضيلة:‏

فضيلة الحكام الحكمة.‏

وفضيلة الجنود الحراسة والشجاعة.‏

فضيلة العمال العفة أو الاعتدال، فيعنون بتنظيم ملذاتهم وانفعالاتهم ويتحكمون بشهواتهم.‏

هذه هي شروط تحقق العدالة، فيقوم كل فرد بالدولة بتأدية الوظيفة التي هيأتها له طبقته، ويلتزم بفضيلتها، وبغير ذلك يكون الظلم والشر. فقيام العدالة في جمهورية أفلاطون يقتضي تحقيق ما يلي:‏

ينبغي ألا يمارس أحد إلا عملاً واحداً في المجتمع، هو العمل الذي هيأته له طبقته.‏

انصراف كل فرد إلى عمله دون أن يتدخل في أعمال الآخرين، فالعدالة هي اهتمام كل فرد بما يخصه.‏

القوة التي تلزم بها الدولة أفرادها، كلا على أداء عمله، ستكون على نفس القدر من الأهمية مع فضائل الحكمة والشجاعة والاعتدال.‏

التعدي على أعمال الآخرين، واختلاط طبقات المجتمع الثلاث، يخلق الفوضى، وهو جريمة لا شك فيها.‏

وخلاصة القول فإن أفلاطون يذهب في السياسة مذهباً أرستقراطياً يخالف فيه ديمقراطية "أثينا" حيث يرى أن تدخل الأكثرية في السياسة والحكم يثير الفوضى، ويخالف مفهومه للعدالة الذي يقوم أساساً على تخصص طبقة أرستقراطية في الحكم، لأن لها فوق سواها مواهب الحكمة والشجاعة والعدالة والمساواة يجب أن يقترنا معاً في طبقة الحكام لذلك نادى بالشيوعية وبمساواة النساء والرجال في هذه الطبقة فتشارك المرأة الرجل في جميع الأعمال الخاصة بالطبقة، ونادى كذلك بإلغاء الزواج والأسرة في طبقة الحراس، فلا يختص أحد من هذه الطبقة بزوج أو زوجة أو ولد، إنما ستكون النساء والأولاد جميعهم، مشاعاً بينهم، فيربى الأطفال في دور الحضانة، ترضعهم أمهات صحيحات البدن، وترعى شؤونهم مربيات متخصصات، فتتفرغ الأمهات لأعمالهن والحكام عند أفلاطون يجب أن يكونوا من الفلاسفة، فما لم نر القوى والسياسة تتحد بالفلسفة وما لم تسن قوانين دقيقة. فإذا لم تجتمع هاتان القوتان (الفلسفة والسياسة) فلن تنتهي الشرور من الدول، بل من الجنس البشري.‏

ظن الفارابي أن معاني الجمهورية الأفلاطونية تتخلص في الرئيس الفيلسوف، ورأى أن الناس قد جمعتهم الضرورة، وأخضعتهم لإرادة رئيس واحد، تتمثل فيه المدينة بخيرها وشرها. فتكون فاسدة إذا كان حاكمها جاهلاً بقواعد الخير أو كان فاسقاً أو ضالاً.‏

أما المدينة الخيرة أو الفاضلة، فهي نوع واحد، ويرأسها فيلسوف والفارابي يصف أميره بكل فضائل الإنسانية، وكل فضائل الفلسفة فهو أفلاطون في ثوب النبي محمد (

قسم الفارابي كتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة" قسمين، خص القسم الأول بمعالجة المبادئ الفلسفية التي يدين بها، والتي سيراعيها إلى حد ما في إنشاء مدينته، وخص القسم الآخر من الكتاب بشرح شؤون هذه المدينة وما ينبغي أن تكون عليه في مختلف فروع حياتها.‏

اشتمل القسم الفلسفي على خمس وعشرين فقرة، شكلت تسع منها فاتحته على البحث في الموجود الأول وبيان صفاته، ثم وقف بقية فقرات هذا القسم على بيان مراتب الموجودات المادية الروحية، وحالات كل طائفة منها وصلتها بالله وصلتها بعضها ببعض وما إلى ذلك.‏

آراء الفارابي في الموجود الأول تتفق كل الاتفاق مع مبادئ الإسلام وما يقرره في صدد الذات العالية وصفاتها، وتنم عن قوة إيمان الفارابي وسلامة عقيدته، فهو يقرر أن الله لا يمكن أن يشوب وجوده وجوهره عدم. لذا هو أزلي دائم الوجود بجوهره وذاته من غير أن يكون به حاجة إلى شيء آخر يمد بقاؤه.‏

والفارابي في آرائه عن الموجودات الثواني ومراتب الموجودات وحالاتها وصلتها بالموجود الأول وصلتها بعضها ببعض وما إلى ذلك، وهي الآراء التي ضمنها الفقرات الست عشرة الأخيرة من هذا القسم، مما مر ذكره في الفقرة السابقة من هذه الدراسة، وبيان مدى تأثره باللاهوت الأفلاطوني كما تمثل عند أفلوطين فذهب إلى ما ذهب إليه هذا اللاهوت من وجود عقول وأرواح تنبثق عن الله وضع الفارابي في القسم الاجتماعي من كتابه تصميماً لمدينته الفاضلة، وقد جاء تصميمه هذا مشابهاً لجمهورية أفلاطون مع بعض فروق يسيرة، تأثر بها الفارابي بمبادئ الدين الإسلامي على الأخص.‏

احتوى هذا القسم على اثنتي عشرة فقرة أعطاها العناوين التالية:‏

القول في احتياج الإنسان إلى الاجتماع والتعاون.‏

القول في العضو الرئيس.‏

القول في خصال رئيس المدينة الفاضلة.‏

القول في مضادات المدينة الفاضلة.‏

القول في اتصال النفوس بعضها ببعض.‏

القول في الصناعات والعادات.‏

القول في أهل هذه المدن.‏

القول في الأشياء المشتركة لأهل المدينة الفاضلة.‏

القول في آراء أهل المدن الجاهلة أو الضالة.‏

القول في العدل.‏

القول في الخشوع.‏

القول في المدن الجاهلة.‏

في كلام الفارابي على حاجة الإنسان إلى الاجتماع والتعاون يقول: إن الإنسان اجتماعي بطبعه من جهة، ويضطر إلى هذا الاجتماع اضطراراً لسد حاجاته من جهة أخرى وأنه من أجل ذلك نشأت الحاجات الإنسانية.‏

والمجتمعات عند الفارابي قسمان:‏

مجتمعات كاملة وهي ما يتحقق فيها التعاون الاجتماعي بوجه كامل لتحقيق سعادة الأفراد، وهي ثلاث مراتب:‏

*أرقاها مرتبة اجتماع العالم كله في دولة واحدة تحت سيطرة حكومة واحدة.‏

*وأقل منها كمالاً اجتماع أمة في جزء من المعمورة تحت سيطرة حكومة مستقلة.‏

*وأقلها جميعاً في الكمال اجتماع أهل مدينة في جزء من الأمة تحت سلطة رئيس.‏

مجتمعات ناقصة، وهي لا يتحقق فيها التعاون الكامل، ولا تستطيع أن تكفي نفسها بنفسها، وهي ثلاث مراتب كذلك:‏

*فأقلها نقصاً وأقربها إلى الاجتماع الكامل، اجتماع أهل القرية.‏

*اجتماع أهل الحي.‏

*اجتماع أسرة في منزل.‏

فمن هذه المجتمعات يتكون سلم متدرج، في قمته العالم الإنساني، مندمجة شعوبه ومكونة دولة واحدة، وفي أدنى درجة منه المجتمع العائلي.‏

أغفل الفارابي النوعين الأوليين من المجتمعات الكاملة، وقصر كلامه على اجتماع أهل المدينة وما يجب توافره في مجتمعها حتى تكون فاضلة سعيدة، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أمرين:‏

أنه رأى أن اجتماع العالم كله على الصورة التي ذكرها هو اجتماع مثالي، ولكنه متعذر التحقيق.‏

أن المدينة هي الخلية الأولى للمجتمعات الكاملة، فبصلاحها تصلح هذه المجتمعات وبفسادها يعتريها الفساد.‏

فالمدينة الفاضلة في نظره هي ما تتحقق السعادة للأفراد فيها على أكمل وجه ولا يكون ذلك إلا إذا تعاون أفرادها على الأمور التي تنال بها السعادة، واختص كل منهم بالعمل الذي يحسنه وبالوظيفة المهيأ لها بطبعه. وفي هذا يقول:‏

فالمدينة التي يقصد بالاجتماع فيها التعاون على الأشياء التي تنال بها السعادة في الحقيقة هي المدينة الفاضلة، فهي تشبه البدن الصحيح الذي يتعاون أعضاؤه كلها على تقييم حياة الحيوان وعلى حفظها عليه.‏

وأهم وظائف المدينة الفاضلة وأكثرها خطراً في نظر الفارابي هي وظيفة الرياسة وذلك لأن رئيس المدينة هو السلطة العليا التي يستمد منها جميع السلطات، وهو المثل الأعلى الذي ينظم جميع الكمالات، ومنزلته من سائر أفرادها كالقلب من أعضاء الجسم، بل إن منزلته فيهم كمنزلة الله من العقول وسائر الموجودات.‏

ولذلك لا يصلح للرئاسة إلا من زود بصفات فطرية ومكتسبة تتمثل فيها أقصى ما يمكن أن يصل إليه الكمال في الجسم والعقل والعلم والخلق والدين.‏

أما الصفات الفطرية فقد اشترط الفارابي أن تتوافر في رئيس المدينة صفات عديدة منها: تمام أعضائه، جيد الفهم والتصور لكل ما يقال له ويتلقاه بفهمه على ما يقصده القائل، جيد الحفظ لما يفهمه ولما يراه ويسمعه ويدركه في الجملة جيد الفطنة ذكياً إذا رأى الشيء بأدنى دليل فظن له على الجهة التي دل عليها الدليل حسن العبارة، محباً للعلم منقاداً له، محباً للصدق وأهله مبغضاً للكذب وأهله.‏

وأما الصفات المكتسبة فق اشترط الفارابي أن يتوافر منها في رئيس المدينة ست صفات هي:‏

يكون حكيماً.‏

يكون عالماً حافظاً للشرائع والسنن والسير التي دبرها الأولون للمدينة محتذياً بها بكل أفعاله.‏

يكون له جود استنباط فيما يحفظ عن السلف من شريعة، ويكون محتذياً حذو الأئمة الأولين.‏

له وجود رؤية ومعرفة في الأمور والحوادث التي تحدث.‏

أن يكون له جودة إرشاد بالقول إلى شرائع الأوليين وإلى التي استنبطت بعدهم مما احتذى فيه حذوهم.‏

أن يكون له جودة ثبات يبديه في مباشرة أعمال الحرب.‏

ويرى الفارابي أن أفراد المدينة أنفسهم لا تتحقق سعادتهم ولا تصبح مدينتهم فاضلة إلا إذا ساروا على غرار رئيسهم وأصبحوا صورة منه، وأن الرئيس لا يعد مؤدياً رسالته إلا إذا وصل بهم إلى هذا المستوى الرفيع.‏

من هذا يظهر أن المدينة الفاضلة التي أقام الفارابي قواعدها في كتابه هي مدينة يرأسها إنسان لا تقل منزلته عن منزلة الأنبياء، ويتألف أفرادها من قديسين، ومدينة كهذه لا يتاح مثلها في عالمنا الدنيوي.‏

10 خاتمة:‏

أفلاطون والفارابي فيلسوفان كبيران، تتطابق النظرية السياسية لكل واحد منهما مع فلسفته العامة، وكلاهما أرسى دعائم نظرية سياسية خاصة، تعبر عن أزمة العصر الذي عاش فيه، إنها تخريج المعادلة السياسية في إطار الحضارة التي ينتمي إليها الفيلسوف، وذلك ما يشكل الطابع الخاص بالنسبة لكل منهما، لكن هذا التخريج، رغم الصبغة الحضارية الخصوصية يتماثل في النزعة الإنسانية والمقومات العامة التي تتوفر في كل مجتمع من المجتمعات البشرية على الإطلاق، كالعنصر البشري والبيئة ووظائف الأهداف العامة والمؤسسات والنظم والتشريعات التي تهيئ هذه الأهداف الجمعية، وقد تفترق أو تتفق الرؤى والتحاليل والتراكيب حول هذه الأسس العامة بالنسبة لقيام حياة جمعية، وإن أوجه الاتفاق أو الافتراق تؤكد المكانة الخاصة بالنسبة لأي من الفيلسوفين ويمكن تنظيم صيغة للكشف عن هذه المكانة من خلال عرض حدود التقارب والتباعد بينهما:‏

أ دمج أفلاطون السياسة بالأسرة والاقتصاد، وكانت رؤيته للسياسة كعلم غير واضح، بينما حدد الفارابي موضوع العلم السياسي، وبين العلاقة بين العملي والنظري، وكيفية الوصول إلى قوانين كلية،وترك المجال مفتوحاً أمام النسبية والتغيير في كل مجتمع سياسي بل وفي كل مرحلة تاريخية جديدة.‏

ب نادى أفلاطون بدولة المدينة، ونادى الفارابي بالمدينة الفاضلة، وتجاوز أبو نصر هذا الإطار ليضع دولته على صعيد أممي.‏

ج دعا أفلاطون إلى تكوين طبقة كاملة من الحكام تتصف عموماً بالجمع بين القوتين السياسية والفلسفية في الجمهورية، وعين الفارابي رئاسة للمدينة الفاضلة واشترط توافر خواص عقلية وخبرات مختلفة للوصول إلى السلطة وحدد المهام الرئاسية على صعيدي المدينة والمعمورة.‏

د حدد أفلاطون مجالاً لطبقة الحكام ووضع برنامجاً للإعداد والتكوين والممارسة، وقرر الفارابي تشكيل مجلس رئاسي، وعين له برنامجاً مكافئاً لمطامح وحاجات وآراء أهل المدينة الفاضلة.‏

ه بين أفلاطون والفارابي معاً مسؤوليات رجال السلطة، وحدد كل منهما العدالة والمصلحة العامة كمعيارين للإشراف على أنماط ممارسة السياسة والإدارية والتشريعية والتربوية.‏

و كانت مفاهيم الدولة وبنيان المجتمع والأنظمة العامة وأدوار الحكام واضحة في ذهن الرجلين، وكان الفارابي يسعى للانفتاح على الواقع الإنساني الأممي أكثر من أفلاطون.‏

كذلك يلتقي الفيلسوفان في كثير من الصفات التي تهيئ شروط الزعامة، فكلاهما يريد لنماذج رؤسائه توافر سلامة البيان وغزارة المعلومات وحسن السيرة والميل إلى العدل والاعتدال وكبر النفس والتكيف، وكلاهما طالب بتقشف الحكام، وإن كان أفلاطون حدد ذلك في إطار مشاعية تمنع الحكام من الملكية والحياة الأسرية، بينما اشترط الفارابي الزهد في المال وسائر أعراض الدنيا.‏

وهكذا تتضح أوجه الاتفاق والافتراق بين الفيلسوفين، ولا مجال للقول بمسألة التأثر، فأما التشابه فتمليه الضرورة الحضارية الإنسانية التي تسود كل المجتمعات أما الافتراق فتقتضيه الضرورة الواقعية لكل حضارة وكل مجتمع في سياق كل مرحلة من مراحل التاريخ.‏

المصادر:‏

أفلاطون، عبد الرحمن بدوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1954.‏

تاريخ الفلسفة العربية، حنا الفاخوري وخليل الجر، مؤسسة بدران للطباعة والنشر، بيروت 1963.‏

تاريخ الفلسفة في الإسلام ت.ح دي يور، ترجمة عبد الهادي أبو ربدة مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة ط4، 1957.‏

تاريخ الفلسفة اليونانية، يوسف كرم، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط4، 1958.‏

التاريخ النقدي لمدينة الإسكندرية، فاشيرو (6 أجزاء).‏

خريف الفكر اليوناني، عبد الرحمن بدوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط3، 1959.‏

دراسات في الفلسفة اليونانية العربية، إنعام الجندي، مؤسسة الشرق الأوسط للطباعة والنشر، بيروت د.ت.‏

كشف الظنون، حاجي خليفة، طبعة ليبزع، 1835.‏

وفيات الأعيان ابن خلكان، ت محمد محيي الدين عبد الحميد، 1369 ه.‏

(1) كاتب وباحث في التراث.‏

(2) بدوي، عبد الرحمن: أفلاطون مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1954، ص 70.‏

(3) كرم، يوسف: تاريخ الفلسفة اليونانية، مطبعة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط4، 1958، ص63.‏

(4) بدوي، عبد الرحمن: أفلاطون، مصدر سابق، ص77.‏

(5) بدوي، عبد الرحمن: أفلاطون، مصدر سابق، ص79.‏

(6) كرم، يوسف: تاريخ الفلسفة اليونانية، مصدر سابق، ص 64 67.‏

(7) كرم، يوسفك تاريخ الفلسفة اليونانية. مصدر سابق، ص 286.‏

(8) بدوي، عبد الرحمن، خريف الفكر اليوناني، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط3، 1959، ص 121.‏

(9) بدوي، خريف الفكر اليوناني: مصدر سابق، ص 121.‏

أيضاً كرم تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 287.‏

(10) كرم، يوسف. تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 287.‏

(11) كرم، تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 289.‏

(12) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 121.‏

(13) يقول حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون" الجزء الثالث طبعة لينبرغ 1830م، ص98 99: إن مترجمي المأمون أتموا تراجم لا توافق ترجمة أحدهم ترجمة الآخر، فبقيت تلك التراجم هكذا غير محررة، بل أشرفت أن عفت رسومها إلى زمن الحكيم الفارابي، ثم إنه التمس منه ملك زمانه منصور بن نوح الساماني أن يجمع تلك التراجم، ويجعل من بينها ترجمة ملخصة محررة، مهذبة، مطابقة لما هي عليه الحكمة، فأجاب الفارابي، وفعل كما أراد وسمي كتابه "التعليم الثاني"، فلذلك لقب بالمعلم الثاني.‏

(14) روى ابن أبي أصبيعة: "أن أبا الفارابي كان فارسي الأصل تزوج من امرأة تركية، وأصبح قائداً في الجيش التركي، وذكر أن الفارابي اشتغل بالقضاء في بلدته قبل أن ينكب على دراسة الفلسفة" (ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، الجزء الثاني، ص 143.‏

(15) ابن خلكان، وفيات الأعيان، 681ه تحقيق محمد، محيي الدين بن عبد الحميد، في ست أجزاء 1369ه.‏

(16) اتفق القاضي صاعد (ص63) وابن أبي أصيبعة (ج2، ص134)، والقفطي (ص183) وابن خلكان (ج/2، ص1 2): إن الفارابي قد توفي في سنة 339ه عن عمر بلغ الثمانين عاماً.‏

(17) ابن خلكان: ج2، ص 1 2.‏

(18) الفاخوري، حنا والجر، خليل: تاريخ الفلسفة العربية، مؤسسة بدران للطباعة والنشر، بيروت، ط2، 1963، ص 376.‏

(19) بدوي، أفلاطون، مصدر سابق، ص 1.‏

(20) بدوي، أفلاطون، مصدر سابق، ص 2.‏

(21) بدوي، أفلاطون، مصدر سابق، ص 2 3.‏

(22) كرم، تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 107.‏

(23) كرم، تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 287.‏

(24) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، ص72 69 71.‏

(25) ت، ح، ديبور: تاريخ الفلسفة في الإسلام. ترجمة: محمد عبد الهادي أو ريدة. مطبعة لجنة التأليف والترجمة، القاهرة، ط4، 1957، ص193.‏

(26) ديبور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، مصدر سابق، ص 197.‏

(27) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 41.‏

(28) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 41.‏

(29) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة، مصدر سابق، ص 42.‏

(30) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 43.‏

(31) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 43.‏

(32) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 44.‏

(33) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 45.‏

(34) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 47.‏

(35) الفاخوري والجر، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 49.‏

(36) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 110.‏

(37) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 113.‏

(38) فاشيرو، التاريخ النقدي لمدرسة الإسكندر 6 أجزاء، 1846 1851.‏

(39) بدوي خريف الفكر، مصدر سابق، ص 118.‏

(40) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 119.‏

(41) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 125.‏

(42) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 125.‏

(43) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق. ص 130.‏

(44) بدوي، خريف الفكر، مصدر سابق، ص 132.‏

(45) الفاخوري والجو، تاريخ الفلسفة العربية، مصدر سابق، ص 82 83.‏

(46) الجندي، إنعام: دراسات في الفلسفة اليونانية والعربية مؤسسة الشرق الأوسط للطباعة والنشر، بيروت، د.ت، ص 78.‏

(47) الجندي، دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 78.‏

(48) الجندي: دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 78.‏

(49) كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، مصدر سابق، ص 291.‏

(50) كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، مصدر سابق، ص 291.‏

(51) الفارابي، عيون المسائل.‏

(52) الجندي، دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 82.‏

(53) الجندي، دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 83.‏

(54) الجندي، دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 85.‏

(55) الجندي، دراسات في الفلسفة، مصدر سابق، ص 82.‏

(56) الجندي، دراسات مصدر سابق، ص 90.‏

https://awu- dam.org/trath/104/turath104- 016.htm

https://www.dahsha.com/old/viewarticle.php?id=28809موقع المستخذم










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 14:02   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ا ماديا للفلسفة الذرية ، وجعل النظرية واسعة الشهرة.
27-03-2008 07:27 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
1 - ديمقريطس (460 – بداية القرن الرابع ق. م.) Democrite

حياته وآثاره:


ولد ديمقريطس في أسرة غنية ، في مدينة أبديرا في ثراقية. وقام بعدد كبير من الرحلات إلى بلدان الشرق. اشتهرت أعماله بالموسوعية حيث أسهم في مختلف العلوم والفنون، في الفلسفة والمنطق، وعلم النفس، والأخلاق، والسياسية، والفن، واللغة، والرياضيات، والفيزياء، والفلك.


فلسفته – (الذرات):


ليس في العالم إلا الخلاء والذرات، منها تتألف جميع الموجودات فالذرات تتميز إحداها عن الأخرى، وإن هذه الفروق الأولية هي علة الفروق جميعا. وهكذا يفضي المذهب الذري إلى الاعتراف بالسببية الشاملة في العالم.
ويعمم ديمقريطس آراءه الذرية لتشمل الحياة والروح أيضا. وهو يرجع ظهور الكائنات الحية إلى الظروف والشروط الطبيعية، دونما أية غاية، أو علة خارجية مفارقة.

ويرى أنه حياة الكائنات الحية وموتها، يعودان إلى إتحاد الذرات وانفصالها، والنفس أيضا، تتألف من ذرات نارية، وهي عبارة عن ائتلاف مؤقت لها. لقد زعزعت آراء ديمقريطس في النفس دعائم التصورات الدينية التقليدية. كما فقدت الآلهة صفاتها الخارقة، فهم كالبشر، مركبون من ذرات، إلا أنهم أقوى وأكثر حكمة، لكنهم لا يخلدون ولا يصنعون المعجزات.

لقد كانت فلسفة ديمقريطس خطوة هائلة في تطور المادية اليونانية. وبقيت النظرية المادية أساسا لكل التطور اللاحق للعلوم الطبيعية النظرية فيما يخص بنيان المادة.
27-03-2008 07:29 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
أنكساغوراس (500 – 438 ق. م.) Anexagore


حياته وآثاره:


ولد أنكساغوراس في كلازومينيا في آسيا الصغرى حوالى 500 ق. م. وهو من أسرة نبيلة ويملك ثروة طائلة وقد أهمل أملاكه سعيا وراء المعرفة والعلم والفلسفة.

ترك أنكساغوراس موطنه واستقر في أثينا، وكان هو الذي نقل الفلسفة إلى أثينا وأصبحت منذ أيامه المركز الرئيسي للفكر اليوناني. وفي أثينا اتصل بكل المشهورين في عصره، وكان صديقا لبركليس السياسي وايوربيدرس الشاعر. غير أن صداقته لبركليس كلفته غاليا. فلقد كان هناك قطاع سياسي معارض لبركليس، وقد صمم أعداء بركليس على الحاق الأذى بأنكساغوراس ومن ثم وجهت إليه تهمة الإلحاد. والإتهام هو أن أنكساغوراس قال أن الشمس حجر ملتهب أحمر وأن القمر مصنوع من الأرض. غير أن اليونانيين اعتبروا الأجرام السماوية آلهة. ولهذا وجهت التهمة إلى أنكساغوراس وحوكم وأدين. ولكن يبدوا أن أنكساغوراس هرب بمساعدة بركليس، ومن أثينا رجع إلى مسقط رأسه في آسيا الصغرى، واستقر في لامباسكوس ومات هناك وهو في الثانية والسبعين من عمره. وقد ألف بحث دون فيه أفكاره الفلسفية.


فلسفته – (العقل الكلي):


لقد أنكر أنكساغوراس وجود أية صيرورة مطلقة لانتقال وتحول الوجود إلى اللاوجود واللاوجود إلى الوجود. والصيرورة يجب أن تعد بخلط وتحليل أجزائها المركبة.
يعتقد أنكساغوراس أن الأنواع المختلفة للمادة نهائية وقصوى، أي ان الأشياء مثل الذهب والتراب والماء، هي أنواع نهائية للمادة لا تصدر عن أي شيء آخر ولا تتحول من مادة إلى أخرى.

كما يعتقد أن المادة يمكن أن تنقسم إلى مالا نهاية. وفي البداية كل أنواع المادة هذه كانت مختلطة معا في كتلة سديمية. وهذه الكتلة تمتد إلى ما لا نهاية عبر المكان والأنواع المختلفة للمادة تختلط وتنفذ كل منها في الأخرى. وصيرورة تشكيل العالم تحدث من جراء عدم خلط ما هو مختلط لجميع أنواع المادة وتجميع المادة المتشابهة مع المادة المتشابهة. ولما كانت المادة تنقسم إلى ما لا نهاية والخليط الأصلي للعناصر كاملا فإنها مختلطة بقدر لا متناه.



لقد اعتبر انكساغوراس القوة المحركة - لتفسير العملية العالمية الخاصة بفصل الخليط - أنها قوة غير فيزيائية وغير جسمانية كلية، إنها العقل الكلي ، والعقل الكلي هو الذي ينتج الحركة في الأشياء التي تتسبب في تشكيل العالم.

العالم محكوم على نحو عقلاني فهو يتحرك نحو غايات محددة. وما يمكن أن يقدمه القانون والنظام هو العقل وحده ومن ثم فلابد من عقل كلي يدبر العالم. لقد وصف انكساغوراس العقل بأنه "أدق الأشياء وأنقاها"، وقال أيضا أنه "غير مختلط" وأنه لا يحتوي فيه أي خليط من أي شيء بجانب ذاته.

ولما كان العقل هو أساس الحركة فإنه هو نفسه غير متحرك. لقد أقام أنكساغوراس فكرته عن وجود العقل على أساس التصميم الذي يظهر نفسه في العالم.

ترجع أهمية نظرية العقل لدى أنكساغوراس، أنها كانت المرة الأولى التي تتم فيها تفرقة محددة بين الجسماني واللاجسماني. لقد اعتبر العقل هو العلة الأولى، وهذه هي الخاصية المميزة لكل النزعة الآلية أي العودة إلى العلل الأولى.

لقد كان انكساغوراس آخر فيلسوف في المرحلة الأولى من الفلسفة اليونانية. هذه المرحلة تتميز بأن العقل اليوناني فيها لا يتطلع إلا إلى العالم الخارجي، فهي تحاول أن تفسر عمليات الطبيعة. غير أن التحول إلى الدراسة الاستنباطية للعقل وجدت في العقل عند انكساغوراس قد برز كمشكلة فلسفية.
27-03-2008 07:31 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

ثانياً : الإيليون Eleaties

يسمى الإيليون بهذا الإسم نظرا لأن مقر مدرستهم بلدة ايليا في جنوب إيطاليا .
فالايلية هي الفلسفة الحقة ، وفيها ظهر العامل الأول للحقيقة ، وكان بارمنيدس وزينون الممثلان الرئيسيان للمدرسة .



اكزينوفان (570 – 475 ق. م.) Axenophane


حياته وآثاره :


المؤسس المشهور للمدرسة الإيلية هو اكزينوفان ، ولد حوالي 576 ق. م. في قولوقون في أيونيا ، وأمضى حياته الطويلة في التجوال في المدرسة الهللينية كشاعر ومنشد الأغنيات في الحفلات .

وتم التعبير عن فلسفته شعرا ، و لم يكتب قصائد فلسفية بل مراثي وهجائيات عن موضوعات مختلفة .

فقد هاجم اكزينوفان الأفكار الدينية الشعبية عند اليونان . ويقوم الدين اليوناني الشعبي على أساس الاعتقاد في عدد الآلهة التي يجري تصورها على شكل كائنات إنسانية ، ولذلك سخر من تصورات اليونانيين عن الآلهة ، وتعددها ، وسكناها الأولمب .

وقد هاجم اكزينوفان كلا من هوميروس وهزيود عندما نسبا إلى الآلهة عيوب الإنسان ونقائصه . وفي رأيه ، ان ما هو إلهي لا يمكن إلا أن يكون واحدا ولا يمكن إلا أن يوجد واحد هو أفضلها ، ولهذا فإن الله يجب تصوره على أنه واحد .

لقد وحد اكزينوفان بين الله والعالم ، العالم هو الله . والله لا يتغير ولا يتحرك ولا ينقسم وهو لا يضطرب ولا ينفعل . (إن الله هو الله) . ولهذا يمكن وصف تفكير اكزينوفان بأنه (وحدة الوجود)


فلسفته (وحدة الوجود) :


كان اكزينوفان من أوائل القائلين بمذهبه وحدة الوجود المادية Pantheisme ، العالم عنده واحد أزلي لا يفسد ، إنه (الله) الذي يتحد بالأشياء جميعا .
كما حرر اكرينوفان الطبيعة من مختلف التصورات الأسطورية والدينية ، وكل ما يولد وينمو ، بما في ذلك الإنسان ، جاء من الماء والتراب .
27-03-2008 07:33 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
زينون (490 – 430 ق. م.) Zenon d'Elee


حياته وآثاره :


ولد زينون حوالي 490 ق. م. وهو من مدينة إيليا . لقد ألف بحثا كتبه نثرا عرض فيه فلسفته . ولقد أيد بارمنيدس في مذهبه عن الوجود . فهو في محاولته لتأييد مذهب بارمنيدس أدلى بأفكار محددة عن الطبيعة القصوى للمكان والزمان .

لقد وجه زينون مجادلاته ضد الكثرة والحركة وحاول أن يدعم نتائج بارمنيدس باظهار أن الكثرة والحركة مستحيلتان .


فلسفته (الثبات) :


يحاول زينون في حججه المشهورة ، أي في تحليله للمصاعب المتعلقة بالحركة ، البرهان على أن التسليم بإمكانية إدراك الحركة فكريا يقود إلى التناقض فتمتنع الحركة من نقطة إلى أخرى ، سواء أكان ذلك حركة جسم واحد ، أو جسمين يبعد أحدهما عن الآخر مسافة معينة . أو كان ذلك حركة نقاط أو أجسام مادية لها امتداد . فهذه الحركة إما أن لا تبدأ ، أو أنها لا تنتهي خلال مدة معينة إذا بدأت .

ففي (أخيل والسلحفاة) يسابق أخيل (ذو القدمين الخفيفتين) السلحفاة أبطأ الحيوانات . بفرض أنها تتقدمه مسافة ولو قصيرة ، وأنهما يبدآن الحركة في وقت واحد ، ان أخيل لن يدرك السلحفاة إلا أن يقطع أولا نصف المسافة ، التي تفصله عنها ، ولكي يقطع هذا النصف يجب أولا أن يقطع نصف النصف ، وهكذا إلى ما لا نهاية . ولما كان اجتياز اللانهاية ممتنعا ، امتنع أن يدرك أخيل السلحفاة .

وفي حجة (السهم الطائر) ينطلق زينون من الافتراض بأن الزمان مؤلف من (أنات) منفصلة غير متجزئة . فالسهم امتداد يشغل في كل آن من آنات الزمن مكانا متساويا له من حيث الطول ، فهو إذن لا يبارح المكان الذي يشغله في الآن غير المتجزئ أي أنه ساكن لا يتحرك وهكذا في كل آن .

ان زينوهن ما يؤكد عليه في حججه هو استحالة إدراك الحركة فكريا ، مع التسليم بأن المكان والزمان مؤلفان من أجزاء منفصلة لا نهائية ، وقد اعطت حججه هذه دفعا قويا لتطوير الرياضيات والمنطق اليونانيين .

إن الفلسفة الايلية هي أول نزعة واحدية ، والفلسفة الواحدية هي فلسفة تحاول أن تفسر الكون كله من مبدأ واحد .

لقد طرح الفلاسفة اليونانيون الأوائل ، الأيونيون السؤال : "ما هو المبدأ المطلق للأشياء ؟" وأعلنوا أن المبدأ الأول للأشياء هو المادة . والفيثاغوريون ردوا على السؤال نفسه فأعلنوا أن الأعداد هي المبدأ الأول . وردت المدرسة الإيلية على السؤال فأكدت أن المبدأ الأول للأشياء هو الوجود .

ولهذا فإن الإنتقال من الفلسفة الايونية إلى الفلسفة الايلية هو انتقال من التفكير الحسي إلى التفكير الخالص ، من حيث أن الوجود الايلي هو فكر تجريدي تام .
27-03-2008 07:34 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


هراقليطس (475 – 535 ق. م.) Heraclite


حياته وآثاره :


ولد هراقليطس حوالي عام 475 ق. م. في أفسوس وتوفي عام 535 ق.م ولقد كان ارستقراطيا ينحدر من أسرة نبيلة وشغل في أفسوس وظيفة الحاكم . ولقد كان إنسانا متباعدا تمتلئ طبيعته بالتعالي . ولقد أطل على عامة الشعب بإحتقار شديد . وتتسم أقواله بالسخرية : "الحمير تفضل القش على الذهب" . "الكلاب تنبح على كل من لا تعرفه" وهذا يعني أن قيمة الذهب نسبية ، فهو ثمين في نظر الناس فقط . والإنسان الجاهل يصرخ في وجه الحقيقة التي يجهلها ولا يعرفها - .

ولقد عرف هراقليطس عن أفكاره الفلسفية في بحث مكتوب نثرا . وقد لقب "بالكئيب" أو "الغامض" بسبب صعوبة أسلوبه وغموضه . ومبدأه الفلسفي على خط متعارض مع مبدأ المدرسة الإيلية . فهو يقول بمبدأ الصيرورة Devenir .


فلسفته (النار ، الصيرورة) :


ينطلق هراقليطس في مذهبه عن العالم من القول بتفسير كل ما هو موجود . وقد إفترض أن جميع الأشياء الموجودة صدرت من بداية مادية أولى . هذه البداية هي النار .
ان العالم ، أو الطبيعة توجد دوما في تغير مستمر ، والنار أكثر الأشياء قابلية للتغير والحركة . "هذا العالم ، الذي هو نفسه بالنسبة لكل موجود ، كان ويكون ويبقى أبدا نارا حية ، تستمر بمقدار وتنطفئ بمقدار".

يرى هراقليطس أن العالم يبقى نارا في أساسه ، برغم ما يطرأ عليه من تغيرات ، عن النار تصدر الأجسام الطبيعية ، والأرواح أيضا . والأشياء جميعا تصدر عن النار بصورة حتمية ، وذلك من خلال عدد من التغيرات المتعاقبة . فالعالم يسيره "اللوغوس" Logos (الكلمة ، العقل ، القانون...) .

والعالم لا يبقى ثابتا بل عملية لا تتغير خلالها الأشياء والصفات عشوائيا ، بل تنتقل إلى نقيضها : فيغدو البارد حارا ، والحار باردا ، والرطب جافا ، والجاف رطبا . حتى الشمس تتجدد في كل لحظة . فكل شيء في تغير مستمر : "لا يمكن للإنسان أن يستحم في مياه نهر واحد مرتين ، ففي المرة الثانية تكون المياه القديمة قد تغيرت ، وحلت محلها مياه جديدة" .

وفي الحياة الإنسانية لا يتخذ تحول الشيء إلى نقيضه شكل انتقال بسيط ، بل يتجلى على شكل صراع أو حرب ، وهذا الصراع هو "سيد الأشياء جميعا" . في صراع المتضادات تتكشف وحدتها الداخلية . "فالخالدون زائلون ، والزائلون خالدون ، وحياة البعض موت للآخرين" . والأشياء إذ تتحول إلى ضدها ، تحتفظ في الوقت ذاته بالأساس المشترك ، الذي يجمع الضدية . يقول هراقليطس : "الله نهار وليل ، شتاء وصيف ، حرب وسلم ، شبع وجوع" . وهذا يعني أن الله يبقى ، برغم كل التحولات ، أساسا مشتركا للمتضادات .

ان هراقليطس قد وضع الديالكتيك المادي ، وذلك من خلال التفسير المستمر لجميع الموجودات ، وبصراع الأضداد كسبب للتغير .
وهو يضع الحقيقة في المعرفة العقلانية . فبالعقل نرتفع إلى معرفة قانون الصيرورة . وفي استيعات هذا القانون يكمن واجب الإنسان والطريق الوحيد إلى السعادة .
27-03-2008 07:36 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه



أمبادوكليس (435 – 495 ق. م.) Empedocles


حياته وآثاره :


هو من بلدة أجريجنتا في صقلية ، ولد حوالي 435 وتوفي حوالي 495 ق. م. فقد نسجت حوله جميع أنواع الأساطير . وينسب إليه القيام بمعجزات ، وتناثرت قصص خيالية حول وفاته ، وقد ارتفع بسبب فصاحته إلى مصاف زعامة الديمقراطية في أجريجنتا إلى أن طرد منها نفيا .

وفلسفة امبادوكليس هي فلسفة انتقائية بطابعها . إذ كانت مهمة امبادوكليس التوفيق بين المبادئ المتصارعة في الفلسفة اليونانية . وصهرها في مذهب جديد .


فلسفته (العناصر الأربعة) :


ينطلق امبادوكليس من فكرة بارمنيدس عن الوجود اليقيني الساكن ، الذي لا يتغير ولا يفنى أبدا . لكنه يسلم بكثرة الأشياء التي تتألف من العناصر المادية الأربعة غير المتجانسة : النار والهواء والماء والتراب . يرى أن ظهور الأشياء ليس إلا ائتلافا لهذه المبادئ الأزلية ، التي لا تصدر عن شيء آخر ، والتي هي "جذور الأشياء كلها" ، وليس فسادها إلا انحلال الجسم إلى هذه العناصر المكونة له .

وهكذا فإن كل ما في العالم في ائتلاف وانحلال دائمين . وبالإضافة إلى تلك المبادئ المادية الأولية الأربعة توجد في العالم قوتان محركتان : الحب والكراهية ، بهما يفسر امبادوكليس ظهور مجموعة الأشياء الحسية . بالحب تتآلف الذرات المتشابه ، وبالكراهية تنفصل . فليس الحب والكراهية إلا تجليات داخلنا للقوى الآلية للجذب والتنافر العاملة في العالم .
لقد آمن امبادوكليس بمذهب الدورات العالمية المنتظمة ، لهذا فإن سيرورة العالم دائرية وليست لها بداية أو نهاية .
27-03-2008 07:39 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

ثالثاً : الفيثاغوريون Pythagoreans

فيثاغورس (580 – 500 ق. م.) Pythagoras



حياته وآثاره :


ولد فيثاغورس بين 580 و 500 ق. م. في ساموس وفي حوالي منتصف العمر هاجر إلى كروتونا في جنوب إيطاليا . وهناك أسس الجمعية الفيثاغورية وعاش لعدة سنوات على رأس هذه الجمعية . ولا تعرف على وجه اليقين حياته المتأخرة وتاريخ وفاته .

هذه الجمعية هي في الحقيقة نحلة دينية وخلقية . لقد أخذت عن النحلة الأرفية الإيمان بالتناسخ تناسخ الأرواح . ولقد آمنت النحلة الأرفية بالتحرر من عجلة الحياة وهذا يتم بالاحتفال والطقوس الدينية . فالتربية العقلية وتعليم العلم والفلسفة وبصفة عامة التأمل العقلي للأشياء المطلقة في الكون ذات عون كبير في تحرر النفس . ان الآراء الأخلاقية الفيثاغورية هي آراء طابع ديني وزاهد . لقد أصروا على التطهير الكامل للحياة في أعضاء الطائفة وأصروا على الامتناع عن تناول اللحوم ولقد حرموا أكل البقول وارتدوا زيا خاصا بهم . وقالوا أن الإنسان لا يجب أن يحاول التحرر بالانتحار لأن الإنسان هو ملكية الله .

وقد استهدفوا اخضاع الدولة لنظامهم وقد استحوذوا على حكم كروتونا لفترة قصيرة . وأدى هذا إلى هجمات على الطائفة ومحاكمة أعضائها . وحدثت محاكمة عامة وأحرق المقر العام للجمعية وتشتت الطائفة وقتل أعضاؤها أو نفوا . وحدث هذا بين 440 و 430 ق. م. وبعد هذا بعدة سنوات جرى احياء الجمعية وواصلت أوجه نشاطها .


فلسفته – (الأعداد)

يرى الفيثاغوريون أن هناك صفة واحدة في الأشياء تكون كلية وشاملة في مداها وتنطبق على كل شيء في الكون . ان كل شيء يمكن عده ويمكن حسابه وانه يستحيللا أن نتصور كونا لا نجد فيه العدد . وعلى هذا الأساس يكون العدد هو جانب هام للغاية للأشياء ويشكل جزءا أساسيا في اطار العالم . أي أن الأعداد هي المبدأ الأول للعالم . فالعالم عدد ونغم ومعرفة العالم تعني معرفة الأعداد التي تحكمه والعلاقات الرياضية التي يتحرك بموجبها .

لقد وجهوا الاهتمام إلى التناسب والتناغم باعتبارها النغمات السائدة في الكون . فالتناسب والنظام والتناغم ترتبط تماما بالعدد . فالتناسب مثلا يجب التعبير عنه بعلاقة رقم من الارقام برقم آخر ... فالتناغم الموسيقي قائم على الأعداد وكان الفيثاغوريون أول من اكتشف هذا . ان اختلاف النغمات يرجع إلى اختلاف عدد الأوتار في الآلة الموسيقية والمسافات الموسيقية قائمة على نسب عددية ولما كان الكون عبارة عن تناغم موسيقي فقد رتب الفيثاغوريون على هذا أن الطابع الجوهري للكون هو العدد . اذن أن العدد هو جانب هام للغاية في الكون وأنه أساسي فيه . ان الفيثاغوريون يرون أن المبدأ الأول للأشياء هو العدد . العدد هو أساس العالم أنه الخامة التي يصنع منها العالم .
وتنشأ كل الأعداد من الوحدة وهي العدد الأول وكل عدد هو وحدات كثيرة . اذن الوحدة هي الأولى في نظام الأشياء في الكون .

ونادى الفيثاغوريون أيضا بالسنة الكبرى فيها يظهر العالم وينقضي وتتكرر مثل هذه الفترة (عشرة آلاف سنة) بنفس التطور حتى أصغر التفاصيل .
27-03-2008 07:40 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

رابعاً : الفلسفة ما قبل سقراط Presocrate

يستخدم مسطلح الفلاسفة قبل سقراط Presocratique أو ما قبل السقراطية للإشارة إلى المفكرين فيما قبل زمن سقراط مما حاولوا أن يعرفوا ويبحثوا تركيب العالم وطبيعة الواقع. وهم يتدرجون من "طاليس" – أوئل القرن السادس قبل الميلاد – إلى "ديموقريطس" – في النصف الأخير من القرن الخامس قبل الميلاد – وفد أول الفلاسفة قبل سقراط من أيونيا ، وهي مستعمرة يونانية ، تقع في وسط الساحل الغربي لآسيا الصغرى . وكانت دول المدينة مثل ملطية على إتصال وثيق بالثقافات الأجنبية في مصر وليديا ، وبابل ، وكانت أيونيا وريثة ثقافة أدبية قديمة ترجع إلى ما قبل هوميروس.
وسرعان ما انتشر الاهتمام بالفلسفة عبر البحار ... إذ كان معظم الفلاسفة في تلك الفترة ينتمون إما إلى شرق العالم اليوناني وإما إلى غربه ولن تدخل أثينا في هذا المجال إلا عندما انتقل إليها "انكساغوراس" وافدا من أيونيا في السبعينات من القرن الخامس قبل الميلاد .

وعلى الرغم مما بين الفلاسفة قبل سقراط من اختلاف فيما بين الواحد منهم والآخر ، فهم يؤلفون جماعة على أساس منطقي : بحثهم في المشكلات الكونية . ولقد حول سقراط التفكير التأملي اليوناني إلى اتجاه جديد وذلك برفضه الفيزياء وتركيزه على المسائل الأخلاقية ، أي بحثه عن مشكلة الإنسان ، وكذلك كان السوفسطائيون الذي اتجهوا نحو الإنسان .

إن الفلاسفة الأولين أو محبي الحكمة قد أخضعوا الإنسانية إلى النظر في الواقع الفيزيقي الخارجي أو "الباحثين في الطبيعة" ذلك عندما اتجه اهتمامهم ليعالج المشكلات الأكثر ضخامة وهي التي تتعلق بطبيعة العالم . إن معالجة هذه المشكلات في عبارات وصفية مباشرة هو الذي أعطاهم لقب "فلاسفة" – وعلى الرغم من أن الفلاسفة قبل سقراط نبذوا الكثير من اللغة الأسطورية ، إلا أنهم ظلوا متأثرين في بعض النقاط بما ورثوه من مزاعم عصر ما قبل الفلسفة .
27-03-2008 07:42 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
1 -

الأيونينون Ioniens


نشأت الفلسفة اليونانياة ، في المدن التي شيدها الأغريق بايونية على الساحل الغربي لآسيا الصغرى . وظهرت أولى التعاليم الفلسفية المادية في مدينة ملطية ، كبرى مدن آسيا الصغرى ، على مشارف القرنين السابع والسادس قبل الميلاد . في أواخر القرن السابع وأواخر القرن السادس قبل الميلاد عاش الفلاسفة الثلاثة : طاليس ، وأناكسمندر ، وأناكسيمنس . كان هؤلاء أول من صاغ ، وطور المفاهيم والتنبؤات الفلكية والرياضية والفيزيائية والبيولوجية في اليونان ، ووضعوا عدد من الأجهزة العلمية البسيطة . هذه المعارف شكلت العنصر الأساسي لرؤية فلسفية متكاملة . لقد سعى هؤلاء الفلاسفة إلى البحث عن العلة الأولى للأشياء ... عن معرفة الكون .
27-03-2008 07:44 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
طاليس ( 643 – 550 ق.م. ) Thales

حياته وآثاره :

يعد طاليس مؤسس وأب الفلسفة كلها لقد ولد حوالي 643 ق.م. ومات حوالي 550 ق.م. كان طاليس مشهورا بتعاليمه الرياضية والفلكية ورزانته العملية وحكمته ، وهو واحد من الحكماء السبعة . ويقال أن طاليس تنبأ بحدوث كسوف الشمس عام 585 ق.م. وكان هذا عملا رائعا بالنسبة للفلك في تلك الأزمان . كما كان مهندسا عظيما لأنه قام بتحويل مجرى نهر هاليس . لم تكن هناك كتابة لطاليس وارده .

فلسفته – أصل الوجود الماء :

تتألف فلسفة طاليس من قضيتين :

أولا : أن أصل الأشياء جميعا هو الماء وكل شيء يعود إلى الماء .
ثانيا : أن الأرض قرص مسطح مستوى يطفو على الماء .

والقضية الرئيسية تعني أن الماء هو النوع الأول الواحد للوجود وأن كل شيء آخر في الكون ليس إلا مجرد تغيير للماء .

هذا هو جوهر تعاليم طاليس . أن دلالة طاليس تكمن في أنه كان أول محاولة لشرح الكون على مبادئ طبيعية وعلمية دون اللجوء إلى الأساطير والآلهة المصطبغة بصبغة إنسانية .
بالإضافة إلى ذلك فقط طرح طاليس المشكلة وحدد إتجاه وطابع كل الفلسفة السابقة على سقراط ، ولقد كان التفكير الأساسي في تلك الفترة أن لابد من أن يوجد وراء الكثرة في العالم مبدأ أقصى واحد .

وكانت المشكلة بالنسبة لجميع الفلاسفة من طاليس إلى أنكساجوراس هي طبيعة ذلك المبدأ الأول الذي صدرت منه جميع الأشياء . وكل مذاهبهم هي محاولات للإجابة عن هذا التساؤل .

وهكذا كانت الفترة الأولى أساسا كونية بطابعها ، وكان طاليس هو الذي حدد طابع تلك الفلسفة . وتكمن أهميته في أنه أول من طرح المشكلة .
27-03-2008 07:46 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
انكسماندريس ( 611 – 547 ق.م. )Anaximandre

حياته وآثاره :
كان أنكسماندريس مفكرا جريئا . ولد حوالي عام 611 ق.م. وتوفي حوالي 547 ق.م. وكان من سكان مالطا ، وهو تلميذ لطاليس . وكان أول يوناني يكتب بحثا فلسفيا . ولقد كان بارزا بسبب معرفته الفلكية والجغرافية وهو أول من رسم خريطة للأرض .

فلسفته – اللامتناهي :


اتفق انكسماندريس مع طاليس أن المبدأ الأقصى للأشياء هو مبدأ مادي ولكنه لم يجعله الماء ، بل هو مادة بلا تشكيل وبلا تحديد وبلا ملامح بصفة عامة ، ولهذا فإن هذه المادة هلامية . لقد اعتقد انكسماندريس أن هذه المادة تمتد إلى ما لا نهاية في المكان .

افترض أن المكان مملوء تماما بالمادة ، وهذه المادة الأولى ، غير العينة ، لا حدود لها ، وهي بالتالي اللانهائية Apiron . هذه المادة كانت تتضمن في البدء ، جميع أنواع الأشياء التي صدرت ، فيما بعد عن الحار والبارد وانفصلت بفعل حركة الكرة السماوية اليومية ، وتوضعت في المحيط الكوني تبعا لوزنها وكميتها .

في عملية تشكيل العالم صدر أولا الهواء والماء اللذان غطيا الأرض ، ثم تكونت حول الهواء كرى نارية أحاطت به ، تمزقت هذه الكرة النارية ، فتشكلت النجوم والكواكب ، ولم يبق الماء على حاله قشرة تحيط بالأرض ، فقط تبخر جزء منه بفعل حرارة الشمس ، وانكشف بذلك قاع البحر ، فظهرت اليابسة ، وينتقل أنكسماندريس بعد ذلك إلى ظهرو أشكال الحياة على الأرض من حيوانات وبشر . فكل ما يصدر عن اللامتناهي يعود بمرور الزمن ليحل فيه من جديد ، ولهذا ، يعود السبب إلى ظهور العوالم وفسادها .
27-03-2008 07:48 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
انكسمانس (524 – 558 ق.م. ) Anaximene

حياته وآثاره :

كان أنكسمانس مثل المفكرين السابقين من سكان مدينة مليتس . ولد حوالي 524 ق.م. ومات حوالي 558 لقد كتب رسالة بقيت منه شذرة صغيرة ، لقد اتفق مع سابقيه على أن المبدأ الأول للكون مادى ، لكنه اعتبر أن المادة الأولى هي الهواء .

فلسفته – الهواء :

الهواء في حالة حركية دائمة ، وهذه الحركة تتسبب في تطور الكون من الهواء وعملية التطور تحدد من عمليتين متعاكستين : التخلخل والتكثيف .

أن الهواء بالتخلخل يصبح نارا والنار المتولدة للأعلى على الهواء تصبح النجزم ، وبالعملية العكسية الخاصة بالتكثيف يصبح الهواء أولا سحبا ، وبدرجة أشد يصبح ماء وترابا وصخورا ...

والعالم يدور في مجرى الزمن من جديد ويستحيل إلى هواء أولي . أي أنه قال بنظرية العوالم اللامتناهية وهذه العالم متعاقبة .

والهواء ليس مادة كونية أولى فحسب ، بل ومصدر الحياة والظواهر النفسية . والنفس Psyche عند أنكسمانس ليست إلا تنفسا ، أي استنشاقا للهواء . وقد شبه نفس الحياة ، الذي يحفظ أجسام الحيوانات والإنسان ، بالهواء الذي يحمل النجوم السماوية ، ويملأ الكون كله .

ويرى أنكسمانس أن الكون كله في تغير مستمر ، وأن الأشياء تستطيع أن تكتسب أشكالا متنوعة ، وتتحدد وتفرق بطرق عدة ، بفضل العملة الكونية الشاملة – عملية التخلخل والتكثيف .
27-03-2008 07:54 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

خامساً : فلاسفة يونانيون – Philosophers Grecques

مدارس الفلسفة اليونانية ومناهجها

كان تفكير الإنسان القديم أسطوريا ينبني على الميتوس في تفسير الظواهر الكونية والوجودية، وتفكيرا شاعريا يعتمد على الخيال والمجاز الإحيائي، فإن تفسير الإنسان اليوناني كان تفكيرا عقلانيا يعتمد على البرهان الذهني والمنطق الاستدلالي واللوغوس في فهم الوجود وتفسيره. وإذا كان فيتاغورس هو أول من أطلق كلمة فيلسوف على المشتغل بالحكمة، فإن سقراط هو أول من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. وقد ظهرت الفلسفة كما هو معلوم في اليونان ونضجت بالخصوص في عاصمتها أثينا مابين القرنين: السادس والرابع قبل الميلاد مكتوبة باللغة الإغريقية مستهدفة فهم الكون والطبيعة والإنسان وتشخيص سلوكه الأخلاقي والمجتمعي والسياسي وإرساء مقومات المنهج العلمي والبحث الفلسفي والمنطقي. إذا ماهي مميزات الفلسفة اليونانية؟ وماهي أهم الاتجاهات والمدارس والمناهج الفلسفية التي عرفها الفكر اليوناني؟ وماهو السياق المرجعي الذي نشأت فيه هذه الفلسفة؟
27-03-2008 07:57 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
نشــــأة الفلسفـــة اليونانية:

أ‌- العوامــــل التاريخية:

ظهرت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان الكبرى مكتملة الوجود ما بين القرنين الخامس والتاسع قبل الميلاد ، و توحدت كثير من القبائل والمدن داخل كيان الأمة اليونانية بعد أن كانت متفرقة في جزر بحر الإيجه وآسيا الصغرى ومنطقة البلقان وشبه جزيرة المورة وجنوب إيطاليا وصقلية. وقد أطلق على اليونانيين تسمية الإغريق من قبل الرومان ؛لأنهم كانوا يتكلمون الإغريقية، أما هم فقد كانوا يسمون أنفسهم الآخيين ثم الهلينيين.

وقد مرت الحضارة الإغريقية بثلاث مراجل كبرى: العصر الهلنستي ابتداء من 300 ق.م مرورا بالعصر الكلاسيكي الذي يعد أزهى العصور اليونانية في عهد الحاكم الديمقراطي بركليس ،ويمتد هذا العصر من القرن 350 إلى 500 ق.م ليعقبه العصر الأرخي وهو عصر الطغاة والمستبدين الذين حكموا أثينا بالاستبداد ناهيك عن الحكم الإسبرطي العسكري الذي سن سياسة التوسع والهيمنة على جميع مناطق اليونان، كما مد سلطة نفوذه المطلق على أثينا.

وإذا كانت إسبرطة دولة عسكرية منغلقة على نفسها تهتم بتطوير قدرات جيشها على القتال والاستعداد الدائم لخوض المعارك والحروب ، فإن أثينا كانت هي المعجزة الإغريقية تهتم بالجوانب الفكرية والثقافية والاقتصادية. وستعرف أثينا في عهد بريكليس نظاما ديمقراطيا مهما أساسه احترام الدستور وحقوق المواطن اليوناني. وإليكم نصا خطابيا لبركليس يشرح فيه سياسته في الحكم:” إن دستورنا مثال يحتذى، ذلك أن إدارة دولتنا توجد في خدمة الجمهور وليست في صالح الأقلية كما هو الحال لدى جيراننا، لقد اختار نظامنا الديمقراطية.

فبخصوص الخلافات التي تنشأ بين الأفراد فإن العدالة مضمونة بالنسبة للجميع، ويضمنها القانون، وفيما يخص المساهمة في تسيير الشأن العام، فلكل مواطن الاعتبار الذي يناله حسب الاستحقاق، ولانتمائه الطبقي أهمية أقل من قيمته الشخصية، ولايمكن أن يضايق أحد بسبب فقره أو غموض وضعيته الاجتماعية”

وتتميز المدن اليونانية بأنها دول مستقلة لها أنظمتها السياسية والاقتصادية وقوانينها الخاصة في التدبير والتسيير والتنظيم، ومن أهم هذه المدن/ الدول أثينا وإسبرطة.
27-03-2008 07:59 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ب‌- العوامـــل الاقتصادية:

عرفت اليونان نهضة كبرى في المجال الاقتصادي لكونها حلقة وصل بين الشرق والغرب، وكان لأثينا أسطول تجاري بحري يساعدها على الانفتاح والتبادل التجاري بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد ساهم اكتشاف المعادن في تطوير دواليب الاقتصاد اليوناني وخاصة الحديد الذي كان يصهر ويحول إلى أداة للتصنيع . كما نشطت صناعة النسيج والتعدين، وازدهرت الفلاحة كثيرا ، وكان العبيد يسهرون على تفليح الأراضي وزرعها وسقيها وحصد المنتوج الزراعي، وأغلبهم من الأجانب يعيشون داخل المدن اليونانية في وضعية الرق والعبودية. وقد ساعد هذا الاقتصاد المتنامي على ظهور طبقات اجتماعية جديدة إلى جانب طبقة النبلاء كالتجار وأصحاب الصناعات وأرباب الحرف والملاحين الكبار. ونتج عن هذا الازدهار الاقتصادي رخاء مالي واجتماعي وسياسي وفكري، وتبلورت طبقة الأغنياء التي ستتنافس على مراتب الحكم والسلطة وتسيير مؤسسات الدولة التمثيلية لتسيير شؤون البلاد.
27-03-2008 08:00 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ت‌- العوامـــل السياسية:

لم تصل اليونان إلى حضارتها المزدهرة إلا في جو سياسي ملائم لانبثاق مقومات هذه الحضارة. فقد تخلصت الدولة المدينة وخاصة أثينا من النظام السياسي الأوليغارشي القائم على حكم الأقلية من نبلاء ورؤساء وشيوخ القبائل والعشائر الذين كانوا يملكون الإقطاعيات و الأراضي الواسعة التي كان يشتغل فيها العبيد الأجانب. و ثار الأغنياء اليونانيون الجدد على الأنظمة السياسية المستبدة كالنظام الوراثي والحكم القائم على الحق الإلهي أو الحق الأسري .

ومع انفتاح اليونان على شعوب البحر الأبيض المتوسط وازدهار التجارة البحرية ونمو الفلاحة والصناعة والحرف ظهرت طبقات جديدة كأرباب الصناعات والتجار الكبار والحرفيين وساهموا في ظهور النظام الديمقراطي وخاصة في عهد بريكليس وكليستين ، ذلك النظام الحر الذي يستند إلى الدستور وحرية التعبير والتمثيل والمشاركة في الانتخابات على أساس المساواة الاجتماعية ، بل كانت تخصص أجرة عمومية لكل من يتولى شؤون البلاد ويسهر على حل مشاكل المجتمع.
27-03-2008 08:01 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ث‌- العوامــل الجغرافية:

كانت اليونان في القديم من أهم دول البحر الأبيض المتوسط لكونها مهد المدنية والحضارة والحكمة ومرتع العقل والمنطق الإنساني. وإذا استعدنا جغرافيا اليونان إبان ازدهارها فهي تطل جنوبا على جزيرة كريت العظيمة، ويحيطها شرقا بحر إيجة وآسيا الوسطى التي كانت تمد اليونان بمعالمها الحضارية وثقافات الشرق ، وفي الغرب عبر أيونيا تقع إيطاليا وصقلية وإسبانيا، وفي الشمال تقع مقدونيا وهي عبارة عن شعوب غير متحضرة.

وتتشكل اليونان على مستوى التضاريس من جبال شاهقة وهضاب مرتفعة وسواحل متقطعة ووديان متقعرة. وقد قسمت هذه التضاريس بلاد اليونان إلى أجزاء منعزلة وقطع مستقلة ساهمت في تبلور المدن التي كانت لها أنظمة خاصة في الحكم وأساليب معينة في التدبير الإداري والتسيير السياسي. وتحولت المدينة اليونانية إلى مدينة الدولة في إطار مجتمع متجانس وموحد ومتعاون. وتحيط بكل مدينة سفوح الجبال والأراضي الزراعية،وكانت من أشهر المدن اليونانية أثينا وإسبارطة.[2]

وكانت أثينا مهد الفلسفة اليونانية وتقع في شرق إسبارطة ، وموقعها متميز واستراتيجي؛ لأنها الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى، وعبر هذه المدن كانت تنقل حضارة الشرق إلى بلاد اليونان. ومن أهم ركائز أثينا اعتمادها على مينائها وأسطولها البحري. وبين عامي470-490 قبل المسيح ستترك أثينا وإسبرطة صراعيهما وتتوحدان عسكريا لمحاربة الفرس تحت حكم داريوس الذي كان يستهدف استعمار اليونان وتحويلها إلى مملكة تابعة للإمبراطورية الفارسية. ولكن اليونان المتحدة والفتية استطاعت أن تلحق الهزيمة بالجيش الفارسي. وقد شاركت أثينا في هذه الحرب الضروس بأسطولها البحري، بينما قدمت إسبارطة جيشها القوي، وبعد انتهاء الحرب سرحت إسبارطة جيوشها وحولت أثينا أسطولها العسكري إلى أسطول تجاري، ومن ثم أصبحت أثينا من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط.

هذا، وقد عرفت أثينا نشاطا فكريا وفلسفيا كبيرا بفضل الموقع الجغرافي والنشاط التجاري ونظامها السياسي الديمقراطي وتمتع الأثيني بالحريات الخاصة والعامة وإحساسه بالمساواة والعدالة الاجتماعية في ظل هذا الحكم الجديد . وفي هذا يقول ول ديورانت:” كانت أثينا الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى، فأصبحت أثينا إحدى المدن التجارية العظيمة في العالم القديم، وتحولت إلى سوق كبيرة وميناء ومكان اجتماع الرجال من مختلف الأجناس والعادات والمذاهب وحملت خلافاتهم واتصالاتهم ومنافساتهم إلى أثينا التحليل والتفكير… وبالتدريج تطور التجار بالعلم، وتطور الحساب بتعقيد التبادل التجاري، وتطور الفلك بزيادة مخاطر الملاحة، وقدمت الثروة المتزايدة والفراغ والراحة والأمن الشروط اللازمة في البحث والتأمل والفكر”.
27-03-2008 08:02 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ج‌- العوامـــل الفكرية:

ومع ازدهار الاقتصاد ودمقرطة الحكم السياسي وانفتاح الدولة على شعوب البحر الأبيض المتوسط وانصهار الثقافات انتعشت اليونان ثقافيا وفكريا وتطورت الآداب والفنون و العلوم. ففي مجال الأدب نستحضر الشاعر هوميروس الذي كتب ملحمتين خالدتين: الإلياذة والأوديسة، ونذكر كذلك أرسطو الذي نظر لفن الشعر والبلاغة والدراما التراجيدية في كتابيه: ” فن الشعر” و” فن الخطابة”. وتطور المسرح مع سوفكلوس ويوربيديس وأسخيلوس وأريستوفان، وانتعش التاريخ مع هيرودوت وتوسيديد والتشريع مع الحكيم سولون، وتطور الطب مع أبقراط أب الأطباء ، والرياضيات مع طاليس و المدرسة الفتاغورية ، دون أن ننسى ظهور الألعاب الأولمبية مع البطل الأسطوري هرقل، وتطور الفلسفة مع الحكماء السبعة والفلاسفة الكبار كسقراط وأفلاطون وأرسطو.
27-03-2008 08:04 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


ح‌- ظهـــور الفلسفة اليونانية:

لم تظهر الفلسفة اليونانية في البداية إلا في مدينة ملطية الواقعة على ضفاف آسيا الصغرى حيث أقام الأيونيون مستعمرات غنية مزدهرة. وفي هذه المدينة ظهر كل من طاليس وأنكسمندرس وأنكسمانس. وشكلوا مدرسة واحدة في الفلسفة وهي المدرسة الطبيعية أوالمدرسة الكسمولوجية0 وتتسم هذه الفلسفة بكونها ذات طابع مادي ترجع أصل العالم إلى مبدإ حسي ملموس، ولا تعترف بوجود الإله الرباني كما سنجد ذلك عند فلاسفة الإسلام الذين اعتبروا أن العالم مخلوق من عدم وأن الله هو الذي خلق هذا الكون لاستخلاف الإنسان فيه. وبعد ذلك انتقلت الفلسفة اليونانية إلى المناطق الأخرى كأثينا وإيطاليا وصقلية أو ما سيشكل اليونان الكبرى.

و مرت الفلسفة اليونانية في مسارها الفكري بثلاث مراحل أساسية:

1- طور النشأة أو مايسمى بفلسفة ماقبل سقراط،؛

2- طور النضج والازدهار ويمتد هذا الطور من سقراط حتى أرسطو؛

3- طور الجمود والانحطاط و قد ظهر هذا الطور بعد أرسطو وأفلاطون وامتد حتى بداية العصور الوسطى.
27-03-2008 08:07 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


1- المدرسة الطبيعية أو الكوسمولوجية:

ظهرت الفلسفة اليونانية أول ما ظهرت مع الحكماء الطبيعيين الذين بحثوا عن العلة الحقيقية للوجود الذي أرجعوه إلى أصل مادي، وكان ذلك في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. وكانت فلسفتهم خارجية وكونية أساسها مادي أنطولوجي تهتم بفهم الكون وتفسيره تفسيرا طبيعيا وكوسمولوجيا باحثين عن أصل الوجود بما هو موجود.

ويعد طاليس( 560-548 ق.م) أول فيلسوف يوناني مارس الاشتغال الفلسفي ، وهو من الحكماء السبعة ومن رواد المدرسة الملطية. وقد جمع بين النظر العلمي والرؤية الفلسفية، وقد وضع طريقة لقياس الزمن وتبنى دراسة الأشكال المتشابهة في الهندسة وخاصة دراسته للمثلثات المتشابهة، ولقد اكتشف البرهان الرياضي في التعامل مع الظواهر الهندسية والجبرية أو مايسمى بالكم المتصل والكم المنفصل . وإذا كان هناك من ينسب ظهور الرياضيات إلى فيتاغواس، فإن كانط يعد طاليس أول رياضي في كتابه” نقد العقل النظري0

وعليه، فطاليس يرجع أصل العالم في كتابه “عن الطبيعة” إلى الماء باعتباره العلة المادية الأولى التي كانت وراء خلق العالم. يؤكد طاليس أن” الماء هو قوام الموجودات بأسرها، فلا فرق بين هذا الإنسان وتلك الشجرة وذلك الحجر إلا الاختلاف في كمية الماء الذي يتركب منها هذا الشيء أو ذاك0

أما أنكسمندريس( 610-545ق.م) تلميذ طاليس وأستاذ المدرسة المالطية فهو يرى أن أصل العالم مادي يكمن في اللامحدود أو اللامتناهي APEIRON، ويعني هذا أن العالم ينشأ عن اللامحدود ويتطور عن اللامتناهي. وقد تصور امتداد هذا اللامتناهي حتى ظهور الكائنات الحية. وقد آمن انكسمندريس بالصراع الجدلي وبنظرية التطور، وقد قال في هذا الصدد عبارته المشهورة:” إن العوالم يعاقب بعضها بعضا على الظلم الذي يحتويه كل منها”. ومن أهم كتبه الفلسفية ” عن الطبيعة”.

وفي المقابل ذهب إنكسمانس في كتابه “عن الطبيعة” يذهب إلى أن الهواء هو أصل الكون وعلة الوجود الأولى.

وإذا انتقلنا إلى هرقليطس، فهو من مواليد 545ق.م و مؤلف كتاب”عن الطبيعة”، ولد في مدينة أفسوس بآسيا الصغرى تبعد قليلا عن ملطية. وتنبني فلسفته على التغير والتحول، أي إن الكون أساسه التغير والصيرورة والتحول المستمر، فنحن حسب هرقليطس لانسبح في النهر مرتين، كما أثبت أن النار هي أساس الكون وعلة الوجود.

أما بارمندس( من مواليد سنة 540 ق.م) فقد نشأ في مدينة إيليا بمنطقة إيطاليا الجنوبية وصقلية، وترتكز نظريته الفلسفية على الثبات والسكون كما هو موضح في كتابه “عن الطبيعة”، أي إن الوجود هو ثابت وساكن ومناقض للصائر والمتغير، ومن ثم فبارميندس فيلسوف الوجود الثابت وقد كتب فلسفته في قصيدة شعرية وقد قال : الوجود كائن واللاوجود غير كائن”. ومن هنا نستنتج أن أصل الكون الحقيقي عند بارمندس هو الوجود.

أما أمبادوقليس فقد ولد في مدينة أجريجينتا بجزيرة صقلية، وعاش في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد ، وتوفي تقريبا في عام 435 ق.م، وكانت ولادته على وجه التقريب في 490 ق.م، ومن مؤلفاته كتاب “التطهيرات” وهو أقرب إلى كتاب الأساطير والمعاني الدينية منها إلى الفكر العلمي ، و ألف قصيدة فلسفية في قالب شعري “حول الطبيعة” على غرار قصيدة بارمنديس.

ويثبت أنبادوقليس أن الكون أصله الأسطقسات الأربعة: النار والهواء والماء والأرض( التراب). وقد أضاف العنصر الخامس وهو أميل إلى اللطف والسرعة وهو الأثير. وكل عنصر من هذه العناصر تعبر عن آلهة أسطورية خاصة.

ويذهب أكزينوفانوس المتوفى سنة 480ق.م إلى أن أصل الكون هو التراب أو الأرض.

وقد ذهب أنكساغوراس إلى أن أصل الكون هو عدد لا نهاية له من العناصر أو البذور يحركها عقل رشيد بصير.

أما المذهب الذري الذي يمثله كل من ديمقريطيس ولوقيبوس فيرى أن أصل العالم هو الذرات.

ويلاحظ على المدرسة الطبيعة أنها مدرسة مادية تهتم بالطبيعة من منظار كوني ، ويتميز المنهج التحليلي عندهم بالخلط بين العقل و الأسطورة والشعر والتحليل الميتافيزيقي.
27-03-2008 08:08 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


2- المدرسة الفيتاغورية:

تنسب المدرسة الفيتاغورية إلى العالم الرياضي اليوناني الكبير فيتاغورس الذي يعد أول من استعمل كلمة فيلسوف، وكانت بمعنى حب الحكمة، أما الحكمة فكانت لاتنسب سوى للآلهة. ويذهب فيتاغورس إلى أن العالم عبارة عن أعداد رياضية ، كما أن الموجودات عبارة عن أعداد، وبالتالي فالعالم الأنطولوجي عنده عدد ونغم. وتتسم الفيتاغورية بأنها مذهب ديني عميق الرؤية والشعور، كما أنها مدرسة علمية تعنى بالرياضيات والطب والموسيقا والفلك. وقد طرحت الفيتاغورية كثيرا من القضايا الحسابية والهندسية موضع نقاش وتحليل. كما أن الفيتاغورية هيئة سياسية تستهدف تنظيم المدينة /الدولة على أيدي الفلاسفة الذين يحتكمون إلى العقل والمنهج العلمي.
27-03-2008 08:09 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


3- المدرسة السفسطائية أو مدرسة الشكاك:

ظهرت المدرسة السفسطائية في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما أن انتقل المجتمع الأثيني من طابع زراعي إقطاعي مرتبط بالقبيلة إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير الصناعات وتنمية الحرف والاعتماد على الكفاءة الفردية والمبادرة الحرة. وأصبح المجتمع في ظل صعود هذه الطبقة الاجتماعية الجديدة (رجال التجارة وأرباب الصناعات) مجتمعا ديمقراطيا يستند إلى حرية التعبير والاحتكام إلى المجالس الانتخابية والتصويت بالأغلبية. ولم يعد هناك ما يسمى بالحكم الوراثي أو التفويض الإلهي، بل كل مواطن حر له الحق في الوصول إلى أعلى مراتب السلطة. لذلك سارع أبناء الأغنياء لتعلم فن الخطابة والجدل السياسي لإفحام خصومهم السياسيين. وهنا ظهر السفسطائيون ليزودوا هؤلاء بأسلحة الجدل والخطابة واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والمناظرات الحجاجية والخطابية. وقد تحولت الفلسفة إلى وسيلة لكسب الأرباح المادية ولاسيما أن أغلب المتعلمين من طبقة الأغنياء.

ومن أهم الفلاسفة السفسطائيين نذكر جورجياس وكاليكيس وبروتاغوراس. وقد سبب هذا التيار الفلسفي القائم على الشك والتلاعب اللفظي وتضييع الحقيقة وعدم الاعتراف بها في ظهور الفيلسوف سقراط الذي كان يرى أن الحقيقة يتم الوصول إليها ليس بالظن والشك والفكر السفسطائي المغالطي، بل بالعقل والحوار الجدلي التوليدي واستخدام اللوغوس والمنطق.
27-03-2008 08:10 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


4- المدرسة السقراطية:

يعد سقراط ( 486-399م) أب الفلاسفة اليونانيين، وقد أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. ويعني هذا أن الحكماء الطبيعيين ناقشوا كثيرا من القضايا التي تتعلق بالكون وأصل الوجود وعلته الحقيقية التي كانت وراء انبثاق هذا العالم وهذا الوجود الكوني. وعندما ظهر سقراط غير مجرى الفلسفة فحصرها في أمور الأرض وقضايا الإنسان والذات البشرية فاهتم بالأخلاق والسياسة . وقد ثار ضد السفسطائيين الذين زرعوا الشك والظن ودافع عن الفلسفة باعتبارها المسلك العلمي الصحيح للوصول إلى الحقيقة وذلك بالاعتماد على العقل والجدل التوليدي والبرهان المنطقي. والهدف من الفلسفة لدى سقراط هو تحقيق الحكمة وخدمة الحقيقة لذاتها، وليس الهدف وسيلة أو معيارا خارجيا كما عند السفسطائيين الذين ربطوا الفلسفة بالمكاسب المادية والمنافع الذاتية والعملية. وكان سقراط ينظر إلى الحقيقة في ذات الإنسان وليس في العالم الخارجي، وما على الإنسان إلا أن يتأمل ذاته ليدرك الحقيقة ،لذالك قال قولته المأثورة :” أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك”.
27-03-2008 08:11 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


4- المدرسة المثالية الأفلاطونية:

جاء أفلاطون بعد سقراط ليقدم تصورا فلسفيا عقلانيا مجردا ولكنه تصور مثالي ؛ لأنه أعطى الأولوية للفكر والعقل والمثال بينما المحسوس لا وجود له في فلسفته المفارقة لكل ماهو نسبي وغير حقيقي. ولأفلاطون نسق فلسفي متكامل يضم تصورات متماسكة حول الوجود والمعرفة والقيم.

وقد قسم أفلاطون العالم الأنطولوجي إلى قسمين: العالم المثالي والعالم المادي، فالعالم المادي هو عالم متغير ونسبي ومحسوس. وقد استشهد أفلاطون بأسطورة الكهف ليبين بأن العالم الذي يعيش فيه الإنسان هو عالم غير حقيقي، وأن العالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يوجد فوقه الخير الأسمى والذي يمكن إدراكه عن طريق التأمل العقلي والتفلسف. فالطاولة التي نعرفها في عالمنا المحسوس غير حقيقية، أما الطاولة الحقيقية فتوجد في العالم المثالي. و توجد المعرفة الحقيقية في عالم المثل الذي يحتوي على حقائق مطلقة ويقينية وكلية، أما معرفة العالم المادي فهي نسبية تقريبية وجزئية وسطحية، كما تدرك المعرفة في عالم المثل عن طريق التفلسف العقلاني، ومن هنا، فالمعرفة حسب أفلاطون تذكر والجهل نسيان. ويعني هذا أننا كلما ابتعدنا عن العالم المثالي إلا وأصابنا الجهل، لذا فالمعرفة الحقيقية أساسها إدراك عالم المثل وتمثل مبادئه المطلقة الكونية التي تتعالى عن الزمان والمكان. ومن ثم، فأصل المعرفة هو العقل وليس التجربة أو الواقع المادي الحسي الذي يحاكي عالم المثال محاكاة مشوهة.

وعلى مستوى الأكسيولوجيا، فجميع القيم الأخلاقية من خير وجمال وعدالة نسبية في عالمنا المادي ، ومطلقة حقيقية في عالم المثل المطلق والأزلي.

ويؤسس أفلاطون في” جمهوريته الفاضلة ” مجتمعا متفاوتا وطبقيا، إذ وضع في الطبقة الأولى الفلاسفة والملوك واعتبرهم من طبقة الذهب، بينما في الطبقة الثانية وضع الجنود وجعلهم من طبقة الفضة، أما الطبقة السفلى فقد خصصها للعبيد وجعلهم من طبقة الحديد؛ لأنهم أدوات الإنتاج والممارسة الميدانية. ويعني هذا أن أفلاطون كان يأنف من ممارسة الشغل والعمل اليدوي والممارسة النفعية، وكان يفضل إنتاج النظريات وممارسة الفكر المجرد. كما طرد أفلاطون الشعراء من جمهوريته الفاضلة؛ لأنهم يحاكون العالم النسبي محاكاة مشوهة، وكان عليهم أن يحاكوا عالم المثل بطريقة مباشرة دون وساطة نسبية أو خادعة تتمثل في محاكاة العالم الوهمي بدل محاكاة العالم الحقيقي.

وهكذا يتبين لنا أن فلسفة أفلاطون فلسفة مثالية مفارقة للمادة والحس، تعتبر عالم المثل العالم الأصل بينما العالم المادي هو عالم زائف ومشوه وغير حقيقي. كما تجاوز أفلاطون المعطى النظري الفلسفي المجرد ليقدم لنا تصورات فلسفية واجتماعية وسياسية في كتابه” جمهورية افلاطون”[8]. ويلاحظ أيضا أن التصور الأفلاطوني يقوم على عدة ثنائيات: العالم المادي في مقابل العالم المثالي، وانشطار الإنسان إلى روح من أصل سماوي وجسد من جوهر مادي، وانقسام المعرفة إلى معرفة ظنية محسوسة في مقابل معرفة يقينية مطلقة. وعلى المستوى الاجتماعي، أثبت أفلاطون أن هناك عامة الناس وهم سجناء الحواس الظنية و الفلاسفة الذين ينتمون إلى العالم المثالي لكونهم يتجردون من كل قيود الحس والظن وعالم الممارسة.
27-03-2008 08:12 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


5- مدرسة أرسطو المادية:

يعد أرسطو فيلسوفا موسوعيا شاملا ، وكانت فلسفته تنفتح على كل ضروب المعرفة والبحث العلمي، إذ يبحث في الطبيعة والميتافيزيقا والنفس وعلم الحياة والسياسة والشعر وفن الخطابة والمسرح. وقد وضع المنطق الصوري الذي كان له تأثير كبير على كثير من الفلاسفة إلى أن حل محله المنطق الرمزي مع برتراند راسل ووايتهاد.

يذهب أرسطو إلى أن العالم الحقيقي هو العالم الواقعي المادي، أما العالم المثالي فهو غير موجود. وأن الحقيقة لا توجد سوى في العالم الذي نعيش فيه وخاصة في الجواهر التي تدرك عقلانيا. ولا توجد الحقيقة في الأعراض التي تتغير بتغير الأشكال. أي إن الحقيقي هو الثابت المادي، أما غير الحقيقي فهو المتغير المتبدل. ولقد أعطى أرسطو الأولوية لما هو واقعي ومادي على ماهو عقلي وفكري. ومن هنا عد أرسطو فيلسوفا ماديا اكتشف العلل الأربع: العلة الفاعلة والعلة الغائية والعلة الصورية الشكلية والعلة المادية. فإذا أخذنا الطاولة مثالا لهذه العلل الأربع، فالنجار يحيل على العلة الفاعلة والصانعة، أما الخشب فيشكل ماهية الطاولة وعلتها المادية، أما صورة الطاولة فهي العلة الصورية الشكلية، في حين تتمظهر العلة الغائية في الهدف من استعمال الطاولة التي تسعفنا في الأكل والشرب.
27-03-2008 08:12 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


6- المدرسة الرواقية:

تعتمد المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة أرسطو على إرساء فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث عن الحقيقة في ذاتها ، بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه إلى ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاقي، وركز الكثيرون دراساتهم الفلسفية على خاصية الأخلاق كما فعل سنيكا الذي قال:” إن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان”.[9] وقد تبلور هذا الاتجاه الفلسفي الأخلاقي بعد موت أرسطو وتغير الظروف الاجتماعية والسياسية حيث انصرف التفكير في الوجود إلى البحث في السلوك الأخلاقي للإنسان.

هذا، وقد ارتبطت المدرسة الرواقية بالفيلسوف زينون (336-264ق.م) الذي اقترنت الفلسفة عنده بالفضيلة واستعمال العقل من أجل الوصول إلى السعادة الحقيقية. وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخلا أساسيا للدخول إلى المنطق والأخلاق والطبيعة. وقد كان المنطق الرواقي مختلفا عن المنطق الأرسطي الصوري، وقد أثر منطقهم على الكثير من الفلاسفة والعلماء.
27-03-2008 08:13 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


7- المدرسة الأبيقورية:

تنسب الفلسفة الأبيقورية إلى أبيقور(341-270 ق.م)، وتتميز فلسفته بصبغة أخلاقية عملية، وترتبط هذه الفلسفة باللذة والسعادة الحسية . وتسعى الفلسفة في منظور هذه المدرسة إلى الحصول على السعادة باستعمال العقل التي هي غاية الفلسفة يخدمها المنطق وعلم الطبيعة. أي إن المنطق هو الذي يسلم الإنسان إلى اليقين الذي به يطمئن العقل والذي بدوره يؤدي إلى تحقيق السعادة. ويهدف علم الطبيعة إلى تحرير الإنسان من مخاوفه وأحاسيسه التي تثير فيه الرعب. ويعني هذا أن الفلسفة لابد أن تحرر الإنسان من مخاوفه وقلقه والرعب الذي يعيشه في الطبيعة بسبب الظواهر الجوية والموت وغير ذلك
27-03-2008 08:14 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه


8- المدرسة الإسكنـــدرية:

انتقلت الفلسفة إلى مدينة الإسكندرية التي بناها الإسكندر المقدوني إبان العصر الهيليني، وكانت مشهورة بمكتبتها العامرة التي تعج بالكتب النفيسة في مختلف العلوم والفنون والآداب. ومن أشهر علماء هذه المدرسة أقليديس وأرخميديس واللغوي الفيلولوجي إيراتوستن. وقد انتعشت هذه المدرسة في القرون الميلادية الأولى وامتزجت بالحضارة الشرقية مع امتداد الفكر الديني والوثني وانتشار الأفكار الأسطورية والخرافية والنزعات الصوفية.

ومن مميزات هذه المدرسة التوفيق بين آراء أفلاطون المثالية وأرسطو المادية، والتشبع بالمعتقدات الدينية المسيحية واليهودية والأفكار الوثنية من زرادشتية ومانوية وبوذية، والفصل بين العلم والفلسفة بعد ظهور فكرة التخصص المعرفي.، والاهتمام بالتصوف و التجليات العرفانية والغنوصية والانشغال بالسحر والتنجيم والغيبيات والإيمان بالخوارق.

وقد تشبعت الفلسفة الأفلاطونية بهذا المزيج الفكري الذي يتجسد في المعتقدات الدينية والمنازع الصوفية وآراء الوثنية، فنتج عنها فلسفة غربية امتزجت بالطابع الروحاني الشرقي، وذلك من أجل التوفيق بين الدين والفلسفة. بيد أن الذين كانوا يمارسون عملية التوفيق كانوا يعتقدون أنهم يوفقون بين أرسطو وأفلاطون، ولكنهم كانوا في الحقيقة يوفقون بين أفلاطون وأفلوطين؛ مما أعطى هجينا فكريا يعرف بالأفلوطينية الجديدة. ومن أشهر فلاسفة المدرسة الإسكندرية نستحضر كلا من فيلون وأفلوطين اللذين كانت تغلب عليهما النزعة الدينية والتصور المثالي في عملية التوفيق. وتتميز فلسفة أفلوطين بكونها عبارة عن” مزيج رائع فيه قوة وأصالة بين آراء أفلاطون والرواقيين وبين الأفكار الهندية والنسك الشرقي والديانات الشعبية المنتشرة آنذاك.

والطابع العام لفلسفته هو غلبة الناحية الذاتية فيها على الناحية الموضوعية، فهي فلسفة تمتاز بعمق الشعور الصوفي والمثالية الأفلاطونية ووحدة الوجود الرواقية، وكلها عناصر يقوي بعضها بعضا ويشد بعضها بأزر بعض، حتى لتخال وأنت تقراها كأنك أمام شخص لا خبرة له بالعالم الموضوعي أو يكاد. فالمعرفة عنده وعند شيعته تبدأ من الذات وتنتهي إلى الله دون أن تمر بالعالم المحسوس؛ هذه المعرفة الذاتية الباطنية هي كل شيء عندهم”
27-03-2008 08:17 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه

سادساَ : الفلسفة الإسلامية

عرف المسلمون الفلسفة من خلال اليونانيين. فقد ذكر الخوارزمي (ت 387هـ، 997م) في مفاتيح العلوم "أن الفلسفة مشتقة من كلمة يونانية وهي فيلاسوفيا وتفسيرها محبة الحكمة،فلما عُرّبت قيل: فيلسوف، ثم اشتقت الفلسفة منه، ومعنى الفلسفة علم حقائق الأشياء والعمل بما هو أصلح. وتنقسم إلى قسمين أحدهما الجزء النظري والآخر الجزء العملي. ومنهم من جعل المنطق قسمًا ثالثًا غير هذين، ومنهم من جعله جزءًا من أجزاء العلم النظري، ومنهم من جعله آلة للفلسفة، ومنهم من جعله جزءًا منها وآلة لها.


ما الفلسفة الإسلامية؟؟:

يرى بعض الفلاسفة أنها مجموعة الأفكار التي ارتآها الكندي والفارابي وابن سينا ومن سار على نهجهم في الله والعالم والنفس الإنسانية،.ويرى ابن رشد (ت 595هـ، 1198م) في فصل المقال ¸أن النظر في كتب القدماء ـ يقصد بالقدماء هنا فلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو ـ واجب بالشرع، إن كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه، وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلاً للنظر فيها ـ وهو الذي جمع بين أمرين: أحدهما: ذكاء الفطرة، والثاني: العدالة الشرعية، والفضيلة العلمية والخلقية ـ فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس، إلى معرفة الله، وهو باب النظر المؤدّي إلى معرفته حق المعرفة، وذلك غاية الجهل والبعد عن الله تعالى·. فالفلسفة عند ابن رشد تفتح باب العلم بالله ومعرفته حق المعرفة.

ويرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.· ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على الشرعيات من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·.

ولعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. من هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.

ويذهب الكندي (ت نحو 260هـ، 873م) إلى أن الفلسفة هي علم الحق الأول الذي هو علة كل حق، ولذلك يجب أن يكون الفيلسوف التام الأشرف هو المرء المحيط بهذا العلم الأشرف لأن علم العلة في نظره أشرف من علم المعلول، والعلم التام هو علم العلة. ويرى الفارابي (ت 339هـ، 950م) أن الفلسفة هي العلم بالموجودات بما هي موجودة ويقسمها إلى حكمة إلهية وطبيعية ورياضية ومنطقية. ويعطيها الشيخ الرئيس ابن سينا (ت428هـ، 1037م) طابعًا نفسيًا فيقول: الحكمة استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الإنسانية. ويقسم الحكمة كذلك إلى نظرية يتعلمها الإنسان، ولا يعمل بها، وحكمة عملية مدنية ومنزلية وأخلاقية. وحول هذه المفاهيم، كان يتناول فلاسفة الإسلام الفلسفة مقتفين أثر الأساتذة القدماء من حكماء اليونان. فكانوا تارة يقتربون من أساتذة اليونان وتارة يبتعدون عنهم، ولم ينتهجوا منهجًا مستقلاً في التفلسف ولم يخالفوا رأي القدماء إلا في المسائل التي تخرجهم من ملة الإسلام، وظلوا أساتذة في هذا العلم في ظل أساتذة الفلسفة السابقين.
27-03-2008 08:18 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
متى نشأت الفلسفة الإسلامية وكيف ؟؟؟


إذا كانت كلمة فلسفة يونانية الأصل وكان المسلمون قد نظروا في فلسفة اليونان، فكيف وصلت الفلسفة إلى المسلمين مع فارق المسافة والثقافة واللغة؟ وهل كان علم الحق الأول عند المسلمين مستخرجًا من الكتاب والسنة؟ أو أن هناك مؤثرات أخرى جعلت من اتجه من المسلمين يتجه صوب الفلسفة؟ الشاهد التاريخي يقول إن القرآن والسنة لم يدفعا المسلمين إلى التفلسف ـ إلا من باب التأمُّل الذي أمروا به ـ بل كانت هناك مؤثرات خارجية وفدت إلى ديار المسلمين إثر عصور الترجمة، وحاول العلماء الذين خاضوا في هذه العلوم الجديدة الوافدة التوفيق بين رصيدهم من العلوم النقلية الشرعية وبين العلوم العقلية الفلسفية المنقولة باللغة السريانية أو العبرانية عن اللغة اليونانية. وقد أثْرت حركة الترجمة الحياة العلمية عند المسلمين خاصة في مجال العلوم الطبيعية. لكن على الرغم من ذلك فإن هناك بعض الملاحظات التي أبداها علماء المسلمين على حركة الترجمة، منها أن المترجمين لم يكونوا من أهل الاختصاص في العلوم التي نقلوها وحدث ما كان يخشاه علماء المسلمين من التصحيف والتحريف في اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها، وكان ذلك أشد وضوحًا فيما نقلوه من الفلسفة اليونانية. إن المترجمين نقلوا ـ مثلاً ـ كتاب الربوبية لأفلوطين ونسبوه خطأً لأرسطو. وغلب على ظن كثير من متفلسفة الإسلام أن الربوبية حقيقة لأرسطو ووقعوا في مغالطات الذين كانوا يقولون بالتوفيق بين الفلسفة والدين، والعقل والنقل. ومن ناحية أخرى، فإن بعض المترجمين كانوا قومًا أهل دين: منهم النساطرة النصرانيون الذين كانوا ينشرون النصرانية في كل محفل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ومنهم اليهود الذين كانوا يرون في الإسلام مزاحمًا ومنافسًا فكريًا فأرادوا أن يستبعدوه ليخلو لهم الجو. هذا فيما يتعلق بالعلوم النظرية، أما العلوم التطبيقية، فقد برع فيها المسلمون واستفادوا أيما فائدة من الترجمات والشروح على الترجمات التي وصلت إليهم من العلوم اليونانية عن طريق السريانية. ظهرت هذه الترجمات بعد الفتوحات الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي ولم يكن دور العصر الأموي كبيرًا في الترجمة إلا أن العصر العباسي كان عصر الترجمة الزاهر.
27-03-2008 08:19 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
حركة الترجمة في العصر الأموي


لم يؤدِّ الأمويون دورًا كبيرًا في حركة الترجمة، بل كان دورهم ثانويًا إبان الفتوحات الإسلامية لأنهم كانوا حريصين على حماية الثغور وفتح البلدان وتأمين الدولة الجديدة، ما عدا الدور الذي أدَّاه خالد بن يزيد الذي ترك الإمارة والحكم وكرّس جهده للطب وترجمة كتب الكيمياء والطب إلى العربية. وظهر في هذا العصر الطبيب ما سرجويه، وكان ينقل من السريانية إلى العربية. ودارت في هذا العصر مناقشات وجدال حول الإمامة والجبر والاختيار كانت إرهاصًا بظهور الفرق الإسلامية فيما بعد.
27-03-2008 08:20 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
حركة الترجمة في العصر العباسي

بدأت الترجمة في هذا العصر في خلافة المنصور ونشطت حركة الترجمة من اليونانية إلى السريانية وظهرت أسماء بعض المترجمين في هذا العصر أمثال سرجيوس الرأس عيني أو الرسعني الذي ترجم آثار جالينوس في الطب والأخلاق وآثار أرسطو المنطقية إلى السريانية، وعبدالله بن المقفع الذي ترجم من الفارسية إلى العربية حكايات كليلة ودمنة، وقيل إنه ترجم بعض كتب أرسطو في المنطق. وازدهرت حركة الترجمة في عصر المأمون إذ إنه أسس في بغداد مدرسة الحكمة أو بيت الحكمة سنة 217هـ، 832م وائتمن يحيى بن ماسويه عليه، وخلف يحيى تلميذه الشهير حنين بن إسحق في الفترة الواقعة بين سنة 194-260هـ، 809-873م، وكان حنين أشهر مترجم للمؤلفات اليونانية إلى السريانية والعربية دون منازع، وكذلك كان ابنه إسحاق بن حنين وابن أخيه حبيش بن الحسن. ومن الأسماء التي لمعت في فن الترجمة يحيى بن البطريق (مطلع القرن التاسع الميلادي) وعبد المسيح بن عبدالله بن ناعمة الحمصي (النصف الأول من القرن التاسع)، وهو الذي كان مساعدًا للفيلسوف الكندي وقد ترجم لأرسطو، وإليه يرجع الفضل في ترجمة كتاب الربوبية (إثولوجيا) المنسوب إلى أرسطو وكان قد وضعه أفلوطين الإسكندري. وكذلك لمع اسم قسطا بن لوقا البعلبكي، وقد كان طبيبًا وفيلسوفًا وفيزيائيًا معروفًا ترجم شروح الإسكندر الأفروديسي ويوحنا فيلويون على كتاب الطبيعة لأرسطو. وله شروح جزئية للكون والفساد لأرسطو، وله رسالة في الفرق بين الروح والعقل، وله بحوث في الشفاء شبيهة بعلم النفس المعاصر. وفي القرن العاشر الميلادي، ظهرت أسماء مثل أبي بشر متى القنائي (ت 329هـ،940م) والفيلسوف النصراني يحيى بن عدي صاحب تهذيب الأخلاق (ت 364هـ، 974م) وتلميذه أبي الخير بن الخمار (ولد 331هـ، 942م). وقد ظهرت في هذا العصر مدرسة الرَّهَا وكانت تضم صابئة حران الذين كانوا يدينون بالمعتقدات الكلدانية القديمة ويهتمون بالدراسات الرياضية والفلكية والروحية بالإضافة إلى الأفلاطونية الفيثاغورثية المحدثة. ومن أشهر المترجمين في مدرسة الرها ثابت بن قرة، وقد ترجم العديد من المؤلفات الرياضية والفلكية.
27-03-2008 08:21 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
اشتغال المسلمين بالفلسفة

لم يهتم المسلمون بالآداب اليونانية لأنها كانت وثنية في مبدئها ومنتهاها فلم يحفلوا بها كثيرًا. وكانت معرفتهم بالفلسفة اليونانية عن طريق بلوتارك الذي نقل عن ديوجين اللايرتي، وفرفوريوس، وجالينوس. ولذلك كانت معرفتهم بالفلسفة السابقة لسقراط مزيجًا من الأساطير والخرافات التي نسبوها إلى فلاسفة اليــونان المتأخــرين في مدرسة الإسكندرية.

وقد عرف المسلمون الفلاسفة الذين جاءوا قبل سقراط كأنبا دقليس الذي كانوا يسمونه ابن دقليس، وديموقريطس وفيثاغورث، وكذلك عرفوا السوفسطائيين أمثال بروتاغوراس وجورجياس وعرفوا سقراط عن طريق ما كتبه عنه إسكانوفان في التعاليق وكتبوا عن سيرة سقراط وموته ودفاعه عن فكره حتى موته.

وكذلك عرفوا أفلاطون واعتبروه أقرب الفلاسفة إليهم لأنه تكلم عن الخلق الإلهي وأثبت وجود الصانع وبرهن على وجود النفس وخلودها وكان تأثيره فيهم كبيرًا. تأثر به الكندي والفارابي وابن سينا وكل التيار الإشراقي الصوفي ومن دار في فلكهم. وتأثر هؤلاء أيضًا بأفلوطين صاحب الأفلاطونية المحدثة والمذهب الإشراقي. وقد كان أرسطو مثار إعجاب فلاسفة الإسلام إذ إنهم، كما كانوا يجلّون أفلاطون الإلهي، أصبحوا يقدرون أرسطو العقلي إعجابًا بعلمه وعقله وإجلالاً لفلسفته. لكنهم وضعوا حول سيرته روايات وأساطير قصصية كانت من عمل مدرسة الإسكندرية والسريان المتأخرين، ونُسبت إليه كتب كثيرة لم تكن من تأليفه، نذكر منها على سبيل المثال، كتاب التفاحة وكتاب الربوبية واشتغلوا بكتبه كثيرًا لا سيما كتب المنطق، وكذلك عرفوا كتبه في الأخلاق والطبيعيات والسياسة. وقام فلاسفة الإسلام بمحاولة الجمع بين رأي الحكيمين أفلاطون وأرسطو. وعندما توغل المسلمون في الفلسفة وفي شروح أرسطو ومنطقه وأقيسته وأصبحوا أساتذة وطال باعهم في التفلسف، حصلت في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين حركة ترجمة عكسية من العربية إلى اللاتينية. وقد أثرت هذه الترجمات على الفكر الأوروبي وأعادت إلى الأوروبيين التراث اليوناني مزيدًا ومنقحًا ومشروحًا ومعلقًا عليه، ونشأت مدرسة أوروبية في العصور الوسطى تُسمى بالرشدية لقيامها على آراء الفيلسوف المسلم ابن رشد الذي كانوا يعرفونه بأفروس وعرفوا ابن سينا بأفيسينا، وكان كتاب القانون في الطب لابن سينا يدرَّس في جامعات فرنسا إلى القرن الثالث عشر الميلادي كما عرفته أيضًا قاعات أكسفورد إلى نهاية القرن الثالث عشر الميلادي. وقد كانت الفلسفة الإسلامية الجسر الذي نقل الفلسفة اليونانية إلى أوروبا.
27-03-2008 08:23 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
تأثير الفلسفة في المتكلمين


كان المتكلمون يدافعون عن العقيدة ويقارعون الخصوم الحجة بالحجة. وعندما شاع الاشتغال بالفلسفة والمنطق اليوناني، خاضوا في مسائل المنطق للدفاع عن العقيدة، ومنهم من لم تعجبه أساليب اليونان ففضل أساليب القرآن في الحجاج ومقارعة الخصوم، ومنهم من اشتغل بالمنطق وقضاياه باعتباره أداة من أدوات المعرفة. وكانت لهم مآخذ على منطق أرسطو وخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ، 1328م) الذي قال إن منطق أرسطو لا يحتاج إليه الذكي ولا يستفيد منه الغبي لأنه تحصيل حاصل، وذكر أن المنطق يتأثر باللغة، وكذلك منطق اليونان قد تأثر باللغة اليونانية بكل ما فيها من وثنيات، ولذلك يُخشى على من ليس لهم علم بذلك من معاطب الطريق. نخلص من هذا إلى أن تأثير الفلسفة في المتكلمين وفي علماء المسلمين لم يكن تأثير الأستاذ على التلميذ، كما تدّعي بعض الدوائر الاستشراقية، بل هو في جملته تأثير عكسي، تأثير الذي يريد أن يعرف الشر لكي لا يقع فيه، وقد عرفوا لهم الفضل وحفظوه فيما ليس فيه شر
27-03-2008 08:24 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
بعض قضايا الفلسفة الإسلامية

من المشكلات التي تعرَّض لها فلاسفة الإسلام بالجدال مشكلة إثبات وجود الله ، وصفاته ووجود العالم أحادث هو أم قديم، ومشكلة النفس الإنسانية، وهل هي موجودة وخالدة أم فانية؟ لقد تصدى الفلاسفة المسلمون لهذه المشكلات ودخل بعضهم في بطون فلاسفة اليونان ولم يستطيعوا أن يخرجوا منها، وظل فكر كثير منهم أسير التصورات اليونانية. ومن الذين تصدوا للدفاع عن الفلسفة والخوض في مسائلها الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد. وفيما يلي بعض آرائهم في هذه المشكلات الفلسفية
27-03-2008 08:26 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الأولى الله

تناقش هذه القضية من خلال آراء الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد. أما الكندي فيعرف بأنه فيلسوف العرب لأن جذوره تمتد إلى أصل عربي قحطاني، كان أبوه من ملوك كندة بالعراق. عرف الكندي الاعتزال فكان من متكلمي المعتزلة وعرف الفلسفة عن طريق الترجمة، وقيل كان يعرف اليونانية وترجم عن اليونانية، وكانت له علاقة بابن ناعمة الحمصي. وقد كان له اطلاع واسع على الترجمات العربية للكتب اليونانية وبخاصة فلسفة أرسطو كما أنه صحح بعض الترجمات وراجعها وألَّف رسالة في الفلسفة الأولى، وهي في البحث عن الإلهيات، وهي عنده من أشرف العلوم لأنها علم الحق. فالله عنده هو العلة الأولى، وهو الفاعل الأول والمتمم لكل شيء ومؤيِّس الكل عن ليس، والأيْسُ هو الوجود وضده اللّيْس وهو العدم، فالله هو موجد الكل من العدم. وقد تأثر الكندي في هذه الرسالة بكتاب الربوبية (إيثولوجيا) المنسوب لأرسطو، وهو كتاب يبحث في الإلهيات كتبه أفلوطين الإسكندري ونسبه فلاسفة الإسلام خطأ إلى أرسطو لأنهم لم يعرفوا أنه مَنْحول على أرسطو. وفكرة الأيْس عن ليْس (خلق الوجود عن عدم) فكرة أصيلة عند الكندي، وهي فكرة إسلامية تعني خلق العالم من عدم. والكندي في هذه المسألة يخالف رأي أرسطو الذي يقول بقدم العالم، وهذه إحدى المسائل التي جعلت الكندي مفكرًا أصيلاً في نظر بعض النقاد.

يقتفي الكندي هنا أثر أرسطو اليوناني ويقيم براهينه على وجود الله على نفس النسق الأرسطي الذي يستند إلى الحركة والكثرة والنظام في إثبات وجود الله. والبرهان الأول هو برهان الحدوث، فالشيء عنده لا يمكن أن يكون علة لذاته، أي لا يمكن أن يكون موجودًا لذاته. وجرم العالم عنده متناه أي أن له بداية في الزمن وما دام متناهيًا فهو موجود من العدم أي أنه أَيْس من ليْس، فهو حادث ولابد له من محدث، ومحدثه هو الله لَيْس أن الله هو علة حدوثه.

ويوافق الكندي علماء الطبيعة المحدثين في أن العالم له بداية في الزمن ، وهم يرجعون ذلك إلى ملايين السنين عندما كان الكون في حالة غازية سائلة ملتهبة، أما الكندي فقد ذهب مذهبًا آخر عندما نظر إلى كتلة العالم فرأى أنها إما أن تكون متناهية أو غير متناهية ووصل إلى أنها متناهية ومتميزة، ومن ثم عرف أن الوجود المتناهي لابد أن تكون له بداية في الزمن.

أما البرهان الثاني الذي يتخذه على وجود الله، فهو برهان الكثرة، فقد رأى الكندي أن الأشياء المحسوسة متكثرة بالأنواع ومتحدة بالأجناس، فالحيوان واحد بالجنس كثير بالأنواع، حيث يضم الإنسان والحمار والحصان... إلخ، فالاشتراك في الوحدة يرجع إلى علة أولى ما بعدها علة، هي علة اشتراكها في الوحدة. وهذه العلة الأولى هي الله.

أما البرهان الثالث، فهو برهان التدبير وهو دليل الغائية في الوجود المحسوس. فالعالم المحسوس لم يوجد عبثًا بل لابد له من مدبّر، ولا يمكن معرفة المدبّر إلا بمعرفة تدبيره، وهو الكون المحسوس المنتظم. وهذا الدليل اقتبسه الكندي من أرسطو.

وبعد الكندي الفارابي وهو تركي الأصل من إقليم فاراب بتركيا وأمه فارسية. توفي سنة 339هـ، 950م. لقّبه مؤرخو الفلسفة بالمعلم الثاني، (لتأثره بأرسطو الذي لقّبه مؤرخو الفلسفة بالمعلم الأول)، وذلك لتأثره كلية بفلسفة أرسطو. وقد عُرفت فلسفته بأنها فلسفة توفيقية يحاول فيها الفارابي أن يوفق بين عقيدته الإسلامية وفلسفة اليونان.

أما دليله على وجود الله فهو دليل الوجوب والإمكان. يقسم الموجودات إلى قسمين: ممكن الوجود وواجب الوجود. وواجب الوجود عنده هو الموجود الذي وجوده من ذاته، فإذا فُرض عدم وجوده لكان ذلك مُحالاً. أما ممكن الوجود فهو الذي وجوده من غيره، فإذا فُرض عدم وجوده لما كان ذلك محالاً. والوجود الممكن يتعادل وجوده وعدمه، أي أن وجوده وعدمه سواء إلا إذا ترجح أحدهما على الآخر. فإذا ترجح وجوده كان لابد له من مرجح يرجح وجوده على عدمه أي لابد له من موجد ترجح عنده الوجود على العدم فأخرجه إلى الوجود. فلابد لكل موجود ممكن الوجود من مرجّح لوجوده على عدمه، ولا يمكن أن تمضي سلسلة المرجحات الممكنة الوجود إلى مالانهاية لأن هذا محال، فلابد إذن أن نصل إلى مبدأ أول أو سبب أول هو علة وجود كل الممكنات في العالم وهو الذي رجح وجود هذا العالم على عدمه وهو الله. وهو واجب الوجود بذاته ولا يحتاج إلى غيره أبدًا. وقد رفض الفارابي دليل الحكماء الطبيعيين الذين يرون أنه لابد من الاستدلال على وجود الله بآثاره لأن الصنعة تدل على الصانع، وهذا يعني أنهم يصعدون من الفعل إلى الفاعل، ومن المخلوق إلى الخالق، لكنه يرى أنهم يفكرون في الأفعال التي تصدر في العالم فلا يتجاوزون عالم الحوادث المتناقضة، ولا يجدون تصورات شاملة للموجودات. أما الفارابي، فقد أراد أن يصل إلى العلة الأولى الوحيدة، وهذه العلة الوحيدة هي واجب الوجود. ومعنى الموجود الواجب يحمل في ذاته البرهان على أنه واحد لا شريك له، فلو وجد موجودان كل منهما كامل الوجود وواجب الوجود لكانا متفقين من وجه ومتباينين من وجه، وما به الاتفاق غير ما به التباين، فلا يكون كل منهما واحدًا بالذات، فالموجود الذي له غاية الكمال يجب أن يكون واحدًا. فهو واحد بالذات لا تركيب فيه ولَيْس له ليس ولا يمكن حده، لكن الإنسان يثبت للبارئ أحسن الأسماء الدالة عليه وعلى منتهى كماله، وتأثر الفارابي هنا بفلسفة أرسطو في المحرك الأول.

وعمومًا كان للفارابي الفضل في توطيد أركان الفلسفة في العالم الإسلامي؛ فقد اتخذت شكلها التي آلت إليه بعد وفاته إلى أن جاء عصر ابن رشد؛ حيث مزج الفارابي بين الأفلاطونية والأفلوطينية من جهة والفلسفة الأرسطية المشائية من ناحية ثانية، ومن ثم نجد ذلك التشابه التام فيما ذكره الفارابي عن المدينة الجماعية في كتاب السياسة المدنية والديمقراطية التي وضعها أفلاطون.

ولأن الفارابي لم يكن لديه تلاميذ مباشرون، فقد أثر فيمن أتي بعده من الفلاسفة العرب والمسلمين، وكان على رأس هؤلاء الشيخ الرئيس ابن سينا الذي اعتمد على الفارابي في فهم الفلسفة اليونانية، وبالتالي في وضع كثير من الآراء والنظريات.

أما ابن سينافقد عُرف عند مؤرخي الفلسفة بالشيخ الرئيس وذلك لاشتغاله بالعلم والوزارة، ولد بأفشنة بالقرب من بخارى بفارس سنة 370هـ،980م، وحفظ القرآن منذ نعومة أظفاره، وكان عنده شغف بالعلم ونهم لا ينقطع للاطلاع والقراءة فاشتغل بالطب والفلسفة والكيمياء والفقه والرياضة والهندسة، وبرع في كل ما درسه، وما جلس لأستاذ قط إلا صار أستاذًا لأستاذه. انظر: ابن سينا. وقد تأثر بأفلاطون وأرسطو عن طريق شروح الفارابي، وأما فلسفته، فكانت مزيجًا من الأفلاطونية والمشائية (فلسفة أرسطو).

ولإثبات وجود الله عند ابن سينا، فقد قسم الأدلة إلى قسمين: دليل عقلي ودليل حسي؛ أما الدليل العقلي فهو دليل الإمكان الذي ذهب إليه الفارابي حيث قسم الموجودات إلى واجب وممكن، فالواجب الوجود هو الذي متى فرض غير موجود عرض عنه محال. والممكن الوجود هو الذي متى فرض غير موجود لم يعرض عنه محال، والواجب الوجود هو الضروري الوجود، والممكن الوجود هو الذي لا ضرورة فيه بوجه، أي لافي وجوده ولا في عدمه.

وواجب الوجود إما أن يكون واجبًا بذاته وإما أن يكون بغيره. والبارئ عز وجل هو الواجب لذاته لا لشيء آخر. أما واجب الوجود بغيره فهو واجب الوجود لا بذاته؛ فالاحتراق مثلاً واجب الوجود لا بذاته ولكن عند التقاء القوة المحرقة والمحترقة، ومن هنا يتشعب الوجود إلى ثلاثة أقسام. واجب الوجود بذاته، وواجب الوجود بغيره، وممكن الوجود. وواجب الوجود هو العلة الأولى ومبدأ الوجود المعلول على الإطلاق، لأنه لا توجد سوى علة واحدة مطلقة هي واجب الوجود. والممكنات هي الموجودات الصادرة عنه التي تحتاج في وجودها الممكن إلى علة هي واجب الوجود، وترتفع الأسباب كلها إليه لأنه غاية الموجودات جميعًا وإليه ترجع الأسباب جميعًا. وكما ترى، فهذا الدليل هو عين الدليل الذي ذكره الفارابي لإثبات وجود الله، وهو دليل عقلي لأنه يستند إلى التأمل في مفهوم الواجب والممكن ومن ثم يصل عقليًا، عن طريق الاستنباط، إلى ضرورة وجود الواجب الوجود. ويرى بعد ذلك أننا يجب أن لا نستند في البرهان على الخالق إلى شيء من مخلوقاته لأننا نستطيع أن نصل إلى الوجود الأول الواجب الوجود عقليًا ونعرف أن وجوده عين ما هيته أي أنه وجود متحقق. وهو يختلف عن الدليل الأول في أن ابن سينا لا يستخدم المنطق بل يصل إلى الدليل بالحدس المباشر. والحدس ضرب من ضروب المعرفة المباشرة دون وسيط حسي، إذ إن ابن سينا هنا لم يستدل بالمخلوق على الخالق كما هو الحال في الدليل الكوني، بل حدس فكرة الموجود الأول من فكرة الوجود فقط ووصل إلى وحدانيته لأنه يشهد على ما بعده في الوجود.

يقول ابن سينا في الإشارات: ¸تأمل كيف لم يحتج برهاننا لثبوت الأول إلى تأمل لغير نفس الوجود، ولم يحتج إلى اعتبار من خلقه وفعله، وإن كان ذلك دليلاً عليه، لكن هذا الباب أوثق وأشرف، أي إذا اعتبرنا حال الوجود، فشهد به الوجود من حيث هو وجود، وهو يشهد بعد ذلك على سائر ما بعده في الوجود، وإلى مثل هذا أشير في الكتاب الإلهي: ﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم﴾ فصلت: 53 ، أقول: هذا حكم لقوم، ثم يقول: ﴿ أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾ فصلت: 53 ، أقول إن هذا حكم الصديقين الذين يستشهدون به لا عليه". وابن سينا يعني بهذا أنه لم يستشهد بوجود المخلوق على وجود الخالق بل فعل عكس ذلك فاستشهد بوجود الخالق على وجود المخلوق. ويسميه الفلاسفة الدليل الوجودي.

يأتي بعد ابن سينا في هذه القضية العالم الأندلسي ابن رشد، الذي ولد بقرطبة عام 520هـ، 1126م ويسمى ابن رشد الحفيد لأن أباه كان قاضيًا وفقيهًا وكذلك جده لأبيه كان من أشهر فقهاء الأندلس، وقد كان هو فقيهًا وطبيبًا وفيلسوفًا، وقد تأثر بفلسفة أرسطو حتى سُمي بالشارح الأكبر لفلسفة أرسطو، وقد أثر في الفكر الفلسفي الغربي، وقامت مدرسة فلسفية غربية في القرون الوسطى تُسمى بالرشدية وتتميز فلسفته بالتوفيق بين الفلسفة والدين.

يرى ابن رشد أن العالم يخضع للتغيُّر ويستلزم حركة أزلية تحتاج إلى محرك أزلي، وهذا المحرك الأزلي موجود وهو منشئ نظام العالم البديع. وقد أخذ ابن رشد هذا البرهان من كـتاب الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة) لأرسـطو وتعليل هذا الدليل عنده أن كل متحرك له محرك وأن المتحرك إما أن يتحرك بالقوة؛ أي من جهة قابليته للحركة إذا حُرك، وإما أن يتحرك بالفعل، وأن سلسلة الحركة لابد أن تنتهي عند محرك أول لا يتحرك أصلاً ولا من شأنه أن يتحرك، وهو المحرك الأزلي ضرورة. لأننا لو قلنا إنه متحرّك لزم أن يكون له محرّك، وهكذا إلى مالانهاية، لذلك فالمحرك الأول عنده لا يتحرك بل هو محرك كل حركة.
27-03-2008 08:27 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الثانية العالم

يرى الكندي أن العالم خُلق من العدم. وهذا الرأي مخالف لرأي أستاذه أرسطو الذي يقول بأن العالم قديم وأنه ليس مخلوقًا من العدم. أما أفلاطون، فإنه قال بحدوث العالم وهذا جعل فلاسفة الإسلام ينحازون إليه. وقد استطاع الكندي أن يصل إلى دليل أصيل لخلق العالم يبين فيه أن العالم ليس بقديم كما كان يقول المعلم الأول أرسطو، واتفق الكندي مع أرسطو في القول بدليل الحركة لكنه وصل إلى نتيجة تختلف عن النتيجة التي وصل إليها أستاذه. وفحوى دليل الكندي أن كل ما في العالم متحرك والحركة لا تتم إلا في زمان، فإذا كانت حركة كان الزمان، وإذا لم تكن حركة لم يكن زمان.

والحركة هي حركة الجرم أو الكتلة، فإذا كان جرمٌ كانت حركة وإذا لم يكن جرمٌ لم تكن حركة، فالجرم أو الكتلة والحركة والزمن لا يسبق بعضها بعضًا بل تتساوى في الحدوث. والجرم متناه وحركته متناهية ولا يجوز أن نتخيل زمنًا لا متناهيًا إلا بالقوة (الإمكان). وبما أن الزمن في حقيقته متناه فلابد أن تكون له بداية. وبما أنه مقياس الحركة والحركة لا يمكن أن تكون بدون الموجودات المتحركة في العالم؛ فالحركة إذن محدثة والعالم محدث لأن له بداية في الزمن، وهو مخلوق لله تعالى. وهذا الدليل يتّفق مع الاعتقاد الإسلامي في أن الله تعالى خلق العالم من العدم وهو الذي أبدع ما فيه من آيات لأنه سبحانه هو الخالق البارئ المصور والمبدئ والمعيد.

يقول الفارابي إن الله منزَّه عن المادة، . أما كيف خلق الله العالم فيقول الفارابي كما قال أفلوطين (ت 352 ق.هـ، 270م) في كتاب الربوبية (إيثولوجيا) إن الله لم يخلق هذا العالم الفاسد (المتغير) لكن العالم فاض عنه فيضًا وصدر عنه صدورًا عقليًا. والموجودات جميعًا تصدر عن علم الواحد. فالله يعقل ذاته ويصدر عنه العالم نتيجة لعلمه بذاته. والفيض يصدر آلياً عن الواحد وليس الوجود غاية لعلم الواحد بل يصدر الوجود عن الواحد تلقائيًا لكماله وجماله المطلق. وهنا يكرر الفارابي نظرية الفيض الأفلوطينية الإشراقية دون تعديل أو تبديل في مضامينها الأساسية التي تخرج عن الاعتقاد الإسلامي؛ لأن القول بفيض الوجود عن الله تعالى تلقائيًا دون إرادة منه، سبحانه، فيه تعطيل لصفة من صفاته، جل شأنه، هي صفة الخلق، فالله هو الخالق الرازق المحيي المميت، وفيه تعطيل لصفة الإرادة، فالله مريد لما يخلق، فعال لما يريد. والفارابي بقوله هذا قد دخل في زمرة المعطلة.

أما كيف تصدر الموجودات عن الله، فالواحد عند الفارابي لا يصدر عنه إلا واحد لأنه عقل مفارق للمادة لا يقبل التكثر، فالفيض يصدر عن فعل التعقل الإلهي، ويتم صدور العقول عنه تنازليًا. ومراتب الوجود حسب هذا الترتيب تكون ستة:

يصدر في المرتبة الأولى العقل الأول وهو ممكن الوجود بذاته وواجب الوجود بالأول. والعقل الأول يعقل ذاته فتصدر عنه الموجودات التي هي دونه لكونه عالمًا بذاته وبأنه مبدأ النظام والخير في الوجود على ما يجب أن يكون عليه. وإنما علمه هو العلة لوجود الأشياء. ومن العقل الأول يفيض العقل الثاني الذي هو أيضًا جوهر غير مادي فيعقل الأول فيلزم عنه وجود العقل الثالث، ويعقل ذاته فتصدر عنه السماء الأولى. وكذلك العقل الثالث يعقل الأول فيصدر عنه عقل رابع ويعقل ذاته فتصدر عنه كرة الكواكب الثابتة. والعقل الرابع يعقل الأول فيصدر عنه عقل خامس ويعقل ذاته فيصدر عنه كرة زحل. والعقل الخامس يعقل الأول فيصدر عنه عقل سادس ويعقل ذاته فتصدر عنه كرة المشتري. وكذلك العقل السادس يعقل الأول فيصدر عنه عقل سابع ويعقل ذاته فيصدر عنه كرة المريخ. والعقل السابع يعقل الأول فيصدر عنه عقل ثامن ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة الشمس. والثامن يعقل الأول فيصدر عنه عقل تاسع ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة الزُهرة. والتاسع يعقل الأول فيصدر عنه عقل عاشر ويعقل ذاته فيصدر عنه وجود كرة القمر. أما العقل الحادي عشر، فهو يعقل ذاته ويعقل الأول وعنده ينتهي وجود العقول والمعقولات، كما تنتهي عند كرة القمر الأجسام السماوية التي تتحرك دورًا. ويوجد دون فلك القمر عالم الكون والفساد أي عالم الصيرورة والتغير، وتتسلسل الكائنات في عالم الكون والفساد من الأخس إلى الخسيس حسب العنصر والمادة إلى أن تصل إلى مراتب المعادن فالنباتات والحيوانات غير الناطقة فالحيوان الناطق الذي لا يوجد أفضل منه. وكل موجود يحتاج في وجوده إلى مادة يخلق منها وصورة يُخلق عليها. وهكذا كان تصور الفارابي للخلق. وكما ترى فهو قد أخذه من أصول يونانية أتت إليه عن طريق أفلوطين، لكن أفلوطين نفسه لم يقل بالعقول العشرة بل كان الصدور عنده يبدأ من الأول الواحد فالعقل فالنفس الكلية. هام ويقول أبو البركات البغدادي (ت نحو 560هـ، 1165م) عن عقول الفارابي العشرة: ¸إن فلاسفة الإسلام أوردوها بدون برهان ووضعوها وضعًا بدون تحقيق أو بحث· ثم يقول : ¸كان الأحرى بهم أن يقولوا إنها وحي حتى يكف الناس عن التشنيع عليهم ويقول عنها ابن رشد : ¸إن هذه الأشياء هي التي أضاعت هيبة فلاسفة الإسلام وجعلت الغزالي يُنعي عليهم تهافتهم.
27-03-2008 08:28 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
القضية الثالثة النفس

يجمع الكندي في مسألة النفس بين رأي الحكيمين أفلاطون وأرسطو ولا يزيد على ذلك شيئًا، ويقول إنها: أي النفس، ¸تمامية جرم طبيعي ذي آلة قابلة للحياة·، وهي أيضًا ¸استكمال أول لجسم طبيعي ذي حياة بالقوة·. هذا ما كان فيه الكندي على رأي أرسطو، أما النفس في رأي أفلاطون، فهي: ¸جوهر عقلي متحرك من ذاته·، وهي جوهر إلهي بسيط لا طول له ولا عرض ولا عمق، وهي نور الباري والعالم الشريف الذي تنتقل إليه نفوسنا بعد الموت، هو مقامها الأبدي ومستقرها الدائم. فالنفس عنده خالدة لكنه لا يقطع بشيء فيما إذا كانت قد وُجدت قبل البدن على زعم أفلاطون أم وجدت معه كما تقول الشريعة. وعلاقة النفس بالبدن عارضة وهي لا تفعل إلا بالبدن، وهي متحدة به لكنها تبقى بعد فنائه. وتسير النفس بعد موت البدن إلى المستقر الأعلى مباشرة. ومن النفوس ما فيها دنس فيقيم في كل فلك من الأفلاك مدة من الزمان حتى يتهذب وينقى ويرتفع إلى كوكب أعلى، فإذا صارت إلى الفلك الأعلى ونقيت غاية النقاء، وزالت أدناس الحس وخيالاته وخبثه منها، ارتفعت إلى عالم العقل، وطالعت نور البارئ، وفوض إليها البارئ أشياء من سياسة العالم تلتذ بفعلها والتدبير لها. وهذا التصوير لرحلة النفس بعد فناء الجسد إلى العالم العلوي فيه شبه كبير بما يسميه أفلاطون الجدل الصاعد. ويقسم الكندي قوى النفس إلى ثلاث هي: القوى الغضبية، والقوى الشهوانية، والقوى العقلية، وآلة النفس التي تشترك بها مع الحس والعقل هي الدماغ، وآلتها التي تدرك بها جميع المحسوسات هي أعضاء الحس الخمسة. ويقسم الكندي قوى النفس إلى الحاسة والمتوسطة والعاقلة. أما القوى الحاسة فهي التي تدرك صور المحسوسات في مادتها، وأما القوى المتوسطة فهي القوى المصورة والمتخيلة، وهي التي توجد صور الأشياء مع غيبة حواملها عنها، أي مع غيبة أعيانها ، وتستطيع أن تركب إنسانًا برأس حصان وتعمل في حالتي النوم واليقظة. ومنها القوى الحافظة وهي الذاكرة، ومنها القوى الغضبية وهي التي تدفع الإنسان إلى ارتكاب الأمر العظيم، ومنها الشهوانية الغازية، وهما القوتان اللتان بهما يحقق شهواته من المطعوم والمنكوح. أما القوى العاقلة، فهي التي تدرك صور المجردات دون مادة، أي القدرة على الفكر المجرد والانتقال من العقليات إلى العقليات. أما العقل عنده، فيكون بالقوة أي ممكنا ويخرج من الإمكان إلى الفعل أي إلى الوجود الحقيقي بفعل التعقل نفسه.

كان الفارابي في مسألة النفس تابعًا لفلاسفة اليونان خاصة الحكيمين أفلاطون وأرسطو. ويقسم الفارابي النفوس إلى نفس العالم ونفوس السماوات ونفس الإنسان ونفس الحيوان. وتتفاعل هذه النفوس فيما بينها لتقوم الحياة. وأعلاها نفوس السماوات والعالم، ويقل حظ النفس في الشرف والرفعة إلى أن تصل إلى النفس النباتية. وهذا الترتيب هو ترتيب أرسطو للنفوس. وذهب الفارابي مذهب أرسطو في تعريف النفس إذ قال إنها ¸استكمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة· ويقول الفارابي إن النفس هي صورة الجسد وإنها جوهر روحي مباين له. ويذهب الفارابي مذهبًا أفلاطونيًا حيث يتبع برهان أفلاطون في طبيعة النفس، فيقول: إن النفس تدرك المعقولات وهي معان مجردة فلابد أن تكون طبيعتها من طبيعة موضوعات إدراكها، فهي لذلك جوهر معقول وهي مستقلة عن آلتها الجسم. والنفس تدرك الأضداد، والمادة لا تستطيع أن تفعل ذلك فهي إذن مختلفة عن المادة، والعقل قد يقوى بعد الشيخوخة، لكن الجسد يضمحل، فالنفس إذن ليست من جنس الجسد. أما خلود النفس بعد فناء الجسد المادي، فالفارابي يقول بخلود النفس الفاضلة التي كانت تسعى لتحقيق السعادة، وذلك بتحصيل الفضائل العقلية، وأما النفوس التي كانت منغمسة في الشهوات، فهذه لا يضمن لها الفارابي بقاءً بعد الموت لأنها حينئذ تكون كالسباع والأفاعي مجرد هيولى، أي مادة تفنى بفناء الجسد، وتنتهي بانتهائه. والفارابي هنا أقرب إلى أفلاطون منه إلى أرسطو، ورأيه في فناء النفوس الخبيثة يتعارض مع رأي الشريعة التي تقول ببعث النفوس الخبيثة والطيبة يوم القيامة فتحاسب على ما قدمت إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

لكن تقسيم النفوس عنده هو نفس التقسيم الذي نجده عند أرسطو في كتاب النفس.

فالقوة الناطقة هي التي يميز بها الإنسان بين الأشياء العقلية ويعرف بها عمل الإرادة ويعمل بناء على توجيهاتها، والنزوعية هي التي يكون بها الحب والبغض والصداقة والعداوة، والمخيلة هي الذاكرة التي تحفظ رسوم الأشياء بعد غيابها، والحاسة هي التي تدرك المحسوسات عن طريق الحواس الخمس وتدرك اللذة والألم لكنها لا تميز بين الضار والنافع، وأما الحيوان غير الناطق، فتوجد عنده القوة الباقية دون الناطقة وبعضها عندها القوة النزوعية والحاسّية فقط.

أما القوة الناطقة عند الإنسان، فهي التي تعقل المعقولات وبها تحصل الصناعات والعلوم، ويقسمها الفارابي إلى العقل النظري والعقل العملي، فالنظري مهمته فعل التجريد والعملي يركِّب الأشياء ويوائم بينها. والنظري له مراتب، منها العقل الهيولاني، وهو بالقوة، والعقل بالملكة والعقل المستفاد. فالعقل الهيولاني أو المنفعل يكون فارغًا من المعلومات، ولكن له الاستعداد على تقبل المعلومات كلها كعقل الطفل.

أما العقل بالملكة أو العقل بالفعل، فيأتي في الرتبة بعد العقل الهيولاني، إذ إنه بعد أن يتقبل العقل المنفعل صور الأشياء يكتسب العقل بالقوة ما لم يكن فيه من قبل فيصبح عقلاً بالفعل بعد أن كان بالقوة ، وهكذا يستمر في العمل من القوة إلى الفعل على الدوام. والخروج من القوة إلى الفعل أو المعرفة المكتسبة يستفيدها العقل بالفعل من العقل الفعال الذي يسميه الفارابي الروح الأمين وروح القدس.

أما العقل المستفاد فهو العقل، وقد صار بالفعل وأصبح يعلم المعقولات كلها دون مادتها بل بصورها المجردة التي اكتسبها الإنسان الذي استكمل عقله المنفعل بالمعقولات كلها وصار عقلاً بالفعل ومعقولاً بالفعل، وهو أرقى من العقل المنفعل وأكثر كمالاً منه وأكثر ابتعادًا عن المادة وأقرب إلى العقل الفعال الذي يشع عليه المعرفة إشعاعًا، وهذا هو ما يسميه الفارابي المعرفة الإشراقية. والذي نراه هنا أن الفارابي جمع بين فلسفتي أفلاطون وأرسطو؛ فبينما تراه أسند جزءًا من المعرفة إلى الحس ـ كما فعل أرسطو ـ يعود تارة أخرى إلى العقل الفعال لينهل منه معرفة يفيضها عليه العقل الفعال ـ كما فعل أفلاطون ـ وظل مخلصًا لفلسفة حكماء اليونان.

يقسم ابن سينا النفس إلى ثلاثة أقسام؛ النفس النباتية، وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي في إدراك الجزئيات وتحريك الإرادة، والنفس الحيوانية هي كمال لجسم طبيعي آلي في إدراك الجزئيات وتحريك الإرادة، والنفس الإنسانية، وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي في فعل الاختيار الفكري والاستنباط والاستقراء، أي إدراك الكلي بالنظر إلى أجزائه وإدراك الكليات المجردة.

براهين وجود النفس: هي البرهان الطبيعي والبرهان النفسي والبرهان الاستمراري وبرهان الإنسان المعلق في الهواء.

البرهان الطبيعي: وهو دليل استفاده ابن سينا من فلسفتي أفلاطون وأرسطو، مؤداه أن أفعال الكائن الحي من تَغَذّ ونمو وتوليد وإحساس وحركة بالإرادة، لا يمكن أن تصدر عن الجسم وحده، ومن ثم لابد من التسليم بأنها تصدر عن مبدأ آخر في ذاتها غير الجسم وهو النفس.

البرهان النفسي: النفس المدركة عند الإنسان تختلف عن الكائنات غير المدركة، فأفعال الإنسان، كالنطق وتصور المعاني الكلية العقلية المجردة ومعرفة المجهول من المعلوم، كل هذه ليست أفعالاً للجسم فلابد أنها أفعال النفس.

البرهان الاستمراري: الجسم يخضع للتغيُّر والتبدُّل، لكن جوهر النفس يظل هو هو، ونستطيع أن نعرف ذلك من الذكريات المترابطة، فإذا تأمل الإنسان نفسه وجد أنه خلال عشرين سنة ظل هو هو، وإن تبدل جسمه وطرأ عليه كثير من التغير والتبدل، فالذات مستمرة الوجود.

برهان الإنسان المعلق في الهواء: فحوى هذا الدليل أن الإنسان، وإن كان طائرًا أو معلقًا في الهواء، يستطيع أن يغفل عن أعضاء بدنه، لكنه لا يستطيع أن يغفل عن نفسه وشعوره بأنيته وهذا برهان على وجود النفس.

أما رأي ابن سينا في خلود النفس وبقائها بعد فَنَاء الجسد، فتصوره قصيدته العينية التي يقول في مطلعها:


هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزُّزٍ وتمــــــــــــنُّع محجوبة عن كل مقلة عارف وهي التي سفرت ولم تتبرقــــع وصلت على كُرْه إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفجُّع


إلى ان يقول:


سجعت وقد كُشف الغطاء فأبصرت ماليس يُدرك بالعيون الهجّــــع وغدت مفارقة لكل مُخلّفٍ عنها حليف الترب غير مُشيَّع


والقصيدة طويلة وهي تكشف أن أصل النفس عند الشيخ الرئيس عُلْويٌّ، إذ إنها تفيض من العقل الفعال وهي روح لا تمسكه الحواس، وعلاقة الجسد بالنفس عَرَضيَّة، كأن يحط طائر على غصن. وآراء ابن سينا في النفس لا تخرج عن مقالة أفلاطون عن العالم غير المحسوس الذي هبطت منه النفس وهو عالم المُثُل ـ كل شيء في الأرض له مثاله في السماء ـ أما خلود النفس، فيقول ابن سينا إن الذي لا يفنى منها هو العقل الفعّال، أما النفس الناطقة فتفنى بفناء الجسد. ويورد ابن سينا مسألة العقول العشرة كما هي عند الفارابي، ويضيف إليها العقل القدسي، وهو العقل الذي عنده استعداد للاتصال بالعقل الفعال ولا يحتاج في هذا إلى مجهود أو تخريج وتعليم. والمعرفة عنده حدس مباشر من العقل الفعال دون وسائط مادية، والقوة القدسية عند ابن سينا توجد فقط عند الأنبياء، وهي أعلى مراتب القوى الإنسانية.

أما الموجودات عند ابن رشد فمنها ما هو مادي ومنها ما هو عقلي، والموجودات العقلية تتجلّى فيها الوحدة وكمال الوجود وهي مراتب بعضها فوق بعض، وكل العقول تعقل ذاتها وتعرف صلتها بالعلة الأولى، والمادة تنفعل أما العقل فيقبل.

والنفس الإنسانية عند ابن رشد تتعلق بالجسد كتعلق الصورة بالهيولى أي أنها علاقة عرضية تنتهي بفناء الجسد. ويرفض ابن رشد مذهب ابن سينا في بقاء النفوس المتكثرة ويقول إنها لا تبقى إلا باعتبارها كمالاً لجسدها. ورأي ابن رشد في النفس مزيج أفلاطوني أرسطي، فالعقل الهيولاني عقل أزلي، أما العقل المنفعل فهو استعداد الإنسان وقدرته على المعرفة العقلية، وهذا العقل يوجد بوجود الإنسان ويفنى بفنائه.
27-03-2008 08:30 PMورده من القلب
رد : الموسوعه الفلسفيه
علماء الإسلام وردود أفعالهم تجاه الفلسفة

أبو حامد الغزالي (450 - 505هـ، 1058 - 1111م). كان عصر أبي حامد الغزالي يعج بالفرق الإسلامية، فآلى على نفسه أن يعرف كل هذه الفرق ليتبين له الحق عندها من الباطل. ومن هنا بدأ رحلته في المعرفة التي كانت سائدة في زمانه فتعرف على كل الفرق معرفة الدارس الممحِّص، وعرف من بين هذه الفرق، الفلاسفة، فهضم ما عندهم وكتب في ذلك كتابين أحدهما مقاصد الفلاسفة عرض فيه آراءهم دون نقض وكتابًا أسماه تهافت الفلاسفة رد فيه على مزاعم الفلاسفة في قضايا الفلسفة الرئيسية في زمانه كالله والعالم والنفس.

أما وجود الله، عز وجل، فالدليل عليه عنده هو دليل الصنعة التي تدل على الصانع، يقول في كتابه إحياء علوم الدين: " إن هذا الأثر العجيب والترتيب المحكم لا يستغني عن صانع يدبره وفاعل يحكمه ويقدره بل تكاد فطرة النفوس تشهد بكونها مقهورة تحت تسخيره ومصرّفة بمقتضى تدبيره". ويثبت الغزالي لله الصفات التي وصف بها الله تعالى نفسه.

والعالم عنده مخلوق لله تعالى وهو حادث، والله هو الذي أحدثه، أما قول الفلاسفة بقدم العالم، فلا يرى له تخريجًا مقبولاً، وينتقد الغزالي نظرية الفيض عند الفارابي وابن سينا ويرى أنها تعطيل لصفة الخلق عند الحق عز وجل. أما خلود النفس وبقاؤها بعد الموت، فيرى الغزالي أن النفوس الطيبة تخلد في الجنة والخبيثة تخلد في النار. ويعترف الغزالي بالحواس وسائل للمعرفة، ويرى أنها مفاتيح المعرفة، لكنه يرى أن المعرفة الحقة هي التي تكون عن طريق الحدس؛ أي المعرفة المباشرة. ويرى الغزالي أن الإيمان قد يقتضي من الإنسان البحث والنظر ومعرفة الاستدلال والاستنباط لإثبات وجود الله، لكنه يعتقد أن الإيمان في المحصلة النهائية نور يقذفه الله في قلب العبد فينكشف له اليقين انكشافًا. وهنا ترى أن الغزالي، وإن اختلف مع الفلاسفة كالفارابي وابن سينا في كثير مما ذهبوا إليه، من مذهب أهل اليونان في القول بقدم العالم وبالفيض بدلاً من الخلق من العدم ففارقوا الشرع، فالغزالي لم يفارق الشرع لكنه يتفق مع هؤلاء في فرع من فروع المعرفة، وهو المعرفة الحدسية أو المعرفة المباشرة أو الإدراك المباشر الذي لا يحتاج إلى وسائط حسية معرفية. ويعول الغزالي في النهاية على هذه المعرفة في تحصيل اليقين.


ابن تيمية (661 - 728هـ، 1263 - 1328م) يختلف ابن تيمية عن الغزالي في أنه لم يقبل من الفلاسفة لا المقدمات ولا النتائج ونعى عليهم اعتمادهم على العقل وحده وسيلة للمعرفة فأنكر أدلة القائلين بالواجب الوجود، والممكن الوجود في إثبات وجود الله تعالى، وقال: ¸إن القائلين بواجب الوجود لم يقيموا دليلاً على واجب الوجود فإنهم جعلوا وجوده موقوفًا على إثبات (الممكن) الذي يدخل فيه القديم، فلا يمكن إثبات واجب الوجود على طريقتهم إلا بعد إثبات ممكن قديم، وهذا ممتنع في بديهة العقل·. انظر: ابن تيمية، تقي الدين.

ويقول ابن تيمية: ¸وأمكنهم أن يستدلوا على أن المحدَث لابد له من قديم وهو واجب الوجود ، ولكن أثبتوا قديمًا ليس بواجب الوجود، فصار ما أثبتوه من القديم يناقض أن يكون هو رب العالمين، إذ أثبتوا قديمًا ينقسم إلى واجب وإلى غير واجب. والواجب الذي أثبتوه قالوا: إنه يمتنع اتصافه بصفة ثبوته، وقالوا لا يكون صفة ولا موصوفًا البتة، وهذا ممتنع الوجود، لا ممكن الوجود، فضلاً عن أن يكون واجب الوجود·. وفند ابن تيمية آراء الفلاسفة في قدم العالم لأنهم يقولون إن الله فاعل بالإيجاب لا بالاختيار. فالله عنده فاعل قادر على الفعل منذ الأزل لكنه فاعل بالاختيار لأن الاختيار صفة تناسب الإله، فله أن يفعل وأن لا يفعل مع قدرته على الفعل والترك، فلا يجب عليه شيء. وقد علمنا من الفارابي وابن سينا وابن رشد كذلك أن الله خلق العالم ضرورة، وهذا هو الذي جعل ابن تيمية يقف مدافعًا عن الشرع والمعرفة النقلية التي يرى أنها لا تضاد العقل بل إن صريح المعقول عنده لا يتعارض مع صحيح المنقول. وقد كتب في ذلك كتابًا ضخمًا أسماه درء تعارض العقل والنقل انتصر فيه للفطرة السليمة والمنطق الفطري الذي لا يتعارض ولا يعارض النقل بالمقارنة مع المنطق الأرسطي الذي يخضع لمكونات ثقافية ولغوية تجعلنا نقبل منه ما تقبله فطرتنا السليمة ونرفض ما ترفضه.
https://www.al3ez.net/vb/printthread.php?t=28025&pp=40










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 14:06   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.myegyptsun.com/forum/showthread.php?p=218055


https://troyacademy.eg.vg/forum/archi...php/t-157.html

ارجو ان يفيدك halim_1987










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-05, 00:59   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الحياة الجميلة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Hot News1 nesriniboud@yahoo.fr

اريد مساعدتي حول موضوع مدكرة ماستر
واقع مدينة القالة الإقتصادي و ما هي افاق تطويره و شكرا










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 14:41   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ج التصنيف الفلسفى عند الفارابى
3- منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى (ت 339 هـ) ([1]):

أ- أصالة فلسفة الفارابى
ب- السعادة والجميل والنافع والفضيلة كمدخل لفلسفة الفارابى
ج- نظرية المعرفة عند الفارابى
د- تصنيف العلوم عند الفارابى
هـ- التوفيق بين الفلسفة والدين عند الفارابى
و- النـزعة الصوفية عند الفارابى
ز- نظرة عامة على منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى
ح- ملاحظات حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى

يعتبر كثير من المؤرخين للفكر الفلسفى الإسلامى أن الفارابى هو المؤسس الحقيقى للدراسات الفلسفية فى العالم العربى، والمنشىء الأول لما نسميه الآن ((الفلسفة الإسلامية))، فقد شيد بنيانها، ووضع الأساس لجميع فروعها، ولا نكاد نجد فكرة عند من جاءوا بعده من فلاسفة الإسلام إلا لها أصل لديه، وهو أعرف فلاسفة الإسلام بتاريخ الفلسفة ونظريات الفلاسفة، ويتحدث فى مؤلفاته حديث الخبير عن المدارس اليونانية ويبين الفوارق بينها([2]).
إن أولى خطوات الفارابى (259 هـ - 339 هـ) – والذى يعتبر عند بعض الدارسين فيلسوف المسلمين بالحقيقة([3])، وأول مفكر مسلم بكل ما فى الكلمة من معنى([4]) - فى التفلسف أنه قد آمن إيمانا مطلقا بوحدة الفلسفة فى ذاتها، وما كان أمام الفارابى وقد داخل روعه أن الفلسفة معصومة من الخطأ إلا أن يعمد إلى فكرة وحدة الفلسفة فيدافع عنها دفاعا يمكنه من الانتقال من فكرة وحدة الفلسفة إلى فكرة التوفيق بين الشريعة والحكمة (بناء على وحدة الحق)، فبدأ أولا بإزالة ما قد يتوهم من خلاف داخل النطاق الفلسفى، حتى إذا ما أصبحنا أمام حقيقة فلسفية واحدة انتقل ثانيا إلى التوفيق بين الدين والفلسفة باعتبارهما مظهرين لحقيقة واحدة([5]).
يقول ابن سبعين([6]) فى الفارابى: وهذا الرجل أفهم فلاسفة الإسلام وأذكرهم للعلوم القديمة، وهو الفيلسوف فيها لا غير، وهو مدرك محقق.
إلا أنه يمكن وصف فلسفة الفارابى بأنها فلسفة تلفيقية حاول فيها – على ما سبق الحديث عنه - الجمع بأى صورة بين رأى الحكيمين، ولقد كان لذلك الخلط العجيب والشنيع فى تاريخ الفكر الفلسفى بين آراء الفلاسفة والذى حدث فى مدرسة الإسكندرية الفلسفية أثره الخطير والسيىء على مصير الفلسفة الإسلامية([7]).
وإذا كان الشائع عن فلسفة الفارابى أنها فلسفة مثالية، فالحقيقة أن الفلسفة كلها مثالية، لأنها محاولة لتغيير الواقع فى الآراء والسلوك، فى المعتقدات وفى الأخلاق، فهى تصوير لفكرة الفيلسوف عن المثل الأعلى للفرد وللإنسانية، فكل فلسفة إذن هى مثالية بهذا الاعتبار، فالمذهب الذى يرسمه الفيلسوف إنما هو مذهب يؤمن بأن من الممكن تحقيقه، وفى هذا الإطار يمكننا فهم فلسفة الفارابى وخاصة فى مدينته الفاضلة([8]).
ويرى بعض الباحثين أنه لا يفهم الفارابى إلا من خلال معرفتنا لنظرية الفيض، فالفلسفة الفيضية هى أساس كل تفكير فارابى، فالمعرفة الإنسانية عنده مرتبطة مباشرة بنظام الوجود العام، وهى مرتبطة أيضا بتسلسل الموجودات عن الأول، فكما أن الوجود بدأ بالوحدة وينتهى إلى الكثرة، كذلك تبدأ المعرفة الإنسانية النظرية وفى حركة معاكسة لحركة الفيض من الكثرة إلى الوحدة، لأن المعرفة رجوع من أدنى إلى أعلى، رجوع من الكثرة إلى الوحدة، فدرجات الإدراك عند الفارابى ليست فى الواقع سوى مراحل هذا الصعود من المحسوس إلى غير المحسوس أى من الكثرة إلى الوحدة ([9]).
أ- أصالة فلسفة الفارابى: تطرقنا إلى الفارابى بصفة عامة عند تناولنا قضية أصالة الفلسفة الإسلامية([10])، ونميل إلى الجانب الذى يرى تمتع الفارابى بالقدر الكافى من النظر والحرية والتفلسف الذى يمنحه الحكم بالأصالة الفلسفية، وأنه - على ما تؤكد أ/د فوقية حسين - لم يكن أرسططاليسيا، أو أفلوطينيا وإنما صدر فيما قدمه من كتابات فلسفية عن أصول إسلامية وطيدة، استقاها من واقع احتكاكه بمفاهيم الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة([11])، ولهذا نتفق مع أ/د حسن حنفى على ضرورة إرجاع الفارابى إلى حضارته الإسلامية بعد أن أخرجه الباحثون منها وعلى رأسهم المستشرقون، وجعلوه شارحا لأرسطو، وهو فى حقيقة الأمر حكم بين الشراح وبين أرسطو، وهو أيضا حكيم مثل أرسطو يعيد النظر ويكشف عن الحقائق، سواء اتفق مع أرسطو أم اختلف، مكملا ما نقص، ومستبعدا ما زاد، ومحولا أقواله إلى نظرية خالصة فى العقل، وهو بحث اجتهادى قد يخطئ ويصيب([12]).
ومن جهة أخرى فإننا إذا استقرأنا مؤلفات الفارابى لوجدنا أن التأليف يعادل الشرح من حيث الكم، فإذا كان للفارابى حوالى مائة مؤلف أو أكثر بقليل، فإن التأليف يوازى نصفها تقريبا، وهذا يدل على أن الفارابى كان مؤلفا كما كان شارحا، وأن لقب المعلم الثانى لا يعنى فقط شارح أرسطو، بل يعنى أيضا أنه مؤلف مثل أرسطو([13]).
على أن الفارابى موقفا نقديا واضحا عند تعرضه بالشرح لأرسطو، فيطلع أولا على شروح السابقين عليه، ويقارن بين ما يقوله أرسطو وبين ما يقولونه، ويوازن بينهما، ويكشف أخطاء الشراح ويبين أسبابها، ويعيب عليهم أن لم يغوصوا فى أعماق الذهن الأرسطى، وكما يوجه نقده إلى الشراح يوجه نقده إلى أرسطو نفسه، ومن ذلك قوله: ((والمفسرون أيضا لم يذكروها، كذلك لم يضع أرسطوطاليس المقدمات المتضادة هاهنا، ولا ذكر مناسباتها، ولا ذكر المفسرون السبب فى تركه أيها))، ويقول أيضا: ((قصدنا فى هذا القول إثبات أقاويل وذكر معان يقضى بها بمن عرفها إلى الوقوف على ما أثبته الحكيم فى صناعة الشعر، من غير أن تقصد إلى استيفاء جميع ما يحتاج إليه فى هذه الصناعة، وترتيبها إذا الحكيم لم يكمل القول فى صناعة المغالطة فضلا عن القول فى صناعة الشعراء))، فما يفعله الفارابى مع الشراح فإنه يفعله مع أرسطو نفسه، فقد كان الفارابى باحثا عن الحق مثل أرسطو، ومقارنا آراء أرسطو بما يبدو له أنه الحق، فنجده خلال الشروح ينتقد أرسطو ويصحح أخطاءه، فهو شرح وتقويم، عرض ونقد، نقل وحكم، إكمال للنقص([14]).
لقد قدم الفارابى شروحه من خلال نسق كلى شامل هو المذهب الأرسطى، وهذا أقرب إلى إعادة البناء منه إلى الشرح، والبناء هو دخول المنطق والطبيعيات والإلهيات فى نسق فلسفى واحد هو نسق الفارابى، ويحاول إخضاع مؤلفات أرسطوطاليس نفسه إلى نسق عقلى واحد، وذلك أن أرسطو ترك مؤلفاته بلا نظام أو ترتيب، وهو ما حاول تلاميذه وشراحه من بعد تلافيه، ونبه عليه الفارابى فى رسالته فيما ينبغى تقديمه قبل تعلم الفلسفة، واضعا نسقا عقليا آخر للأشياء التى يحتاج إليه فى تعلم كتب أرسطو([15]).
ومما يؤكد أصالته - على سبيل المثال – أن أكثر مؤلفاته عمقا ودراسة للغة وفقهها، وهو كتاب الحروف يعد أيضا من أكبر مصنَّفاته فى الفكر العربى عامة، والفلسفة الإسلامية وفقه اللغة العربية خاصة، ورغم أن الكتاب يعد تفسيرا لكتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو، إلا أن بين الكتابين فروقا ظاهرة، ترجع إلى استفادة الفارابى من علوم العربية، فلم يتكئ على الألفاظ والمعانى التى جاء بها أرسطو فى ما بعد الطبيعة، بل اعتمد على الشواهد العربية، وأهمل أبوابا من كتاب أرسطو لم يتناولها بالشرح([16]).
والفارابى حين يهتم بأرسطو لا يهتم به من الناحية الشخصية بل باعتباره واضع العلوم، فيسميه صاحب المنطق، فهدف الفارابى هو العلم وليس العالم، الموضوع وليس الشخص، وسواء كان العالم والشخص أرسطو أم غيره، فإن ما يهم الفارابى هو علم المنطق، وهو علم مستقل عن واضعه وقائم بذاته، ويتعامل الفارابى مع الفلسفة اليونانية كلها على هذا النحو اللاشخصى فيتحدث عن أصحاب العلم الطبيعى، وأصحاب التعليم، وأصحاب العدد... إلخ([17]).
لقد بلغ الفارابى بالفكر العربى فى كتابه الحروف أَوُجَّه فى تفهم أمور العلم واللغة، وضرورة التعبير الصحيح عما ينظر الإنسان فيه ويعقله، فلا يستغنى عنه قراءته من يشتغل فى تأريخ الفلسفة واللغة، ويجب أن يمعن النظر فيه من يقصد فهم الصلة بين نمو العلوم واللغة التى يعبر بها عن العلوم والمجتمع الذى تنمو فيه([18]).
ونعتقد أن اطلاع الفارابى الواسع على لغته العربية وفقهه بها هو أحد وجوه الأصالة التى تمتع بها، والذى انعكس على فكره الفلسفى والمنطقى، ((ولقد ظهر أثر إتقانه وولعه باللغة العربية فى مصنَّفاته المنطقية والفلسفية، ككتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق، وكتاب القياس الصغير، وكتاب المدخل، وكتاب التنبيه على سبيل السعادة، ففى معظم هذه المؤلفات وغيرها عرض الفارابى لمباحث منطقية وفلسفية يبدو فيها أثر العلم اللغوى فى صناعة الفكر والفلسفة... إن التحليل الفارابى للغة لفت الانتباه إلى العلاقة التى لا تنفصل بين أبعاد ثلاثة: اللفظة كوعاء نظرى، والمعنى الذى تثيره هذه اللفظة فى الذهن، والجانب الدلالى للفظة فى العالم الخارجى)) ([19]).
على أن فقه اللغة عند الفارابى يتسع إلى غير اللغة العربية، فهو لا يحلل العربية وحدها بل يضم إليها الفارسية واليونانية وغيرها، مما يؤكد على أن الرأى الشائع بأن المسلمين شراح اليونان رأى مبتسر، لأن المسلمين تمثلوا الحضارات المجاورة كلها يونانية أو فارسية أو هندية أو رومية، والفارابى يتجاوز اللغات ويتحدث عن علم اللغة العام كبناء وراء اللغات المتعددة، ويسميه علم اللسان([20])، وهذا التجاوز لحضارة اليونان يدل على البعد الحضارى العام للفكر الإسلامى، وأن الحضارة الإسلامية لم تكن متلهفة على التراث اليونانى بل كانت متفتحة على تراث الحضارات كلها، بصرف النظر عن مصدره، فما يهم هو الفكر لا المصدر، فى حين أن حكم الاستشراق يقوم على إعطاء الأولوية للمصدر على الفكر بسبب العنصرية الحضارية الدفينة فى أعماق الوعى الأوربى([21]).
لقد كان الفارابى هو الأبعد أثرا فى تطور الفكر الفلسفى عند المسلمين، ونكاد أن نمسك فى مذهبه بمفاتيح أغلب المشكلات الحقيقية التى عالجها الفلاسفة المسلمون من بعده، سواء فى الطبيعة أو ما بعد الطبيعة أو الأخلاق وغيرها([22]).
ورغم ما تقدم فإنه فى الحقيقة يمثل وجهة نظر الباحثين والدارسين لفلسفة الفارابى، ولا يمثل وجهة نظر الفارابى نفسه، أما هو نفسه فيرى أن الفلسفة تدوولت وتطورت إلى أن استقرت على ما هى عليه أيام أرسطو تناهى النظر العلمى إلى ذلك، بحيث لا يمكن المزيد عليها ولا المراجعة، وإنما فقط صناعة تعلم وتعليم، وهكذا حصر الفارابى دوره الفلسفى – بل ودور غيره أيضا – فى التعلم والتعليم، واستيعاب ما وضعه أرسطو، يقول الفارابى بعد أن استعرض تطور الأساليب الفلسفية من الطرق الخطبية والإقناعية إلى السوفسطائية إلى الجدلية: ((... فلا تزال تستعمل إلى أن تكمل المخاطبات الجدلية، فتبين بالطرق الجدلية أنها ليست هى كافية بعد فى أن يحصل اليقين، فيحدث حينئذ الفحص عن طرق التعليم والعلم اليقين، وفى خلال ذلك يكون الناس قد وقعوا على الطرق التعاليمية وتكاد تكتمل أو تكون قد قاربت الكمال، فيلوح لهم مع ذلك الفرق بين الطرق الجدلية وبين الطرق اليقينية... ثم يتداول ذلك إلى أن يستقر الأمر على ما استقر عليه أيام أرسطوطاليس، فيتناهى النظر العلمى، وتميز الطرق كلها، وتكمل الفلسفة النظرية والعامية الكلية، ولا يبقى فيها موضع فحص، فتصير صناعة تُتعلَّم وتُعَلَّم فقط، ويكون تعليمها تعليما خاصا، وتعليما مشتركا للجميع، فالتعليم الخاص هو بالطرق البرهانية فقط، والمشترك الذى هو العام فهو بالطرق الجدلية أو بالخطيبة أو بالشعرية، غير أن الخطبية والشعرية هما أحرى أن تستعملا فى تعليم الجمهور ما قد استقر الرأى فيه ويصح بالبرهان من الأشياء النظرية والعملية)) ([23]).
إذن فالفارابى يرى أن الفلسفة قد بلغت كمالها، ولم يعد موضع فحص فيها، وأنه لم يبق إلا استيعابها تعلما وتعليما على الوجه الصحيح، ومن الظاهر أن هذه الغاية هى بالفعل التى تحكم اتجاهات الفارابى الفلسفية، وهى التى وجهته فى عامة مصنَّفاته، وأدت به إلى ما أدت به من أنظار نقدية أثناء محاولته للفهم الصحيح للفلسفة بالتعلم، وتوصيلها على الوجه الصحيح بالتعليم، من ثم أتى نقده لشراح أرسطو فيما أخطأوا فيه فى الفهم، وأتى تعديله لبعض المباحث والأمثلة الشارحة بما يليق باللغة العربية. وأيضا فى هذا الإطار الواحد الذى وضع فيه الفلسفة تأتى محاولته للجمع بين رأيى الحكيمين.
إن تأمل عامة مصنَّفات الفارابى يصل بنا إلى تأكيد هذا التصور، حيث يأتى كثير منها كمداخل للفهم، وكيفية ترتيب علوم الفلسفة، ومن أين يبدأ بتعلمها، ووضع تصور عام للفلسفة تعلما وتعليما وتأثيرا فى المجتمع ككل جمهوره وخاصته، بحيث تؤتى الفلسفة ثمرتها بحصول السعادة للجميع.
يتراءى من خلال ذلك أن الفارابى بدا كأصيل رغم أنفه، وأنه بالفعل تجاوز دورَه الذى وضعه لنفسه محجما لقدرته على التفلسف.
وبالإضافة إلى ما تقدم من وجوه لأصالة الفارابى، فقد قدم بالفعل من المفاهيم الفلسفية الجديدة ما هو جدير بالحكم بأصالته، مثل مفهوم (واجب الوجود النسبى) الذى - من حيث هو - يدخل فى مقولة الممكن، وهو الذى سيسميه فلاسفة الإسلام بعد ذلك بواجب الوجود بالغير([24]).
ب- السعادة والجميل والنافع والفضيلة كمدخل لفلسفة الفارابى: ما دامت السعادة – فى فلسفة الفارابى - هى الغاية القصوى التى نسعى إلى تحقيقها فلا بد أن نبحث فى السبل والأمور التى بها يمكن الوصول إليها، ويمكن إجمال ذلك بأن الحصول على السعادة إنما يكون بفعل الجميل خلقيا، يقول الفارابى: ((أما أن السعادة هى غاية ما يتشوقها كل إنسان، وأن كل من ينحو بسعيه نحوها فإنما ينحوها على أنها كمال ما؛ فذلك مما لا يحتاج فى بيانه إلى قول إذ كان فى غاية الشهرة... ولما كنا نرى أن السعادة إذا حصلت لنا لم نحتج بعدها أصلا إلى أن نسعى بها لغاية ما أخرى غيرها ظهر بذلك أن السعادة تؤثر لأجل ذاتها، ولا تؤثر فى وقت من الأوقات لأجل غيرها، فتبين من ذلك أن السعادة هى آثر الخيرات وأعظمها وأكملها... وكل واحد يعتقد فى الذى يراه (كالثروة والتمتع باللذات والرياسة) سعادة على الإطلاق أنه هو الآثر والأعظم... لكن إنما تنال به (بفعل الجميل) السعادة متى اختاره الإنسان على أنه جميل فقط ولأجل ذاته، لا أن يقصد به نيل ثروة أو نيل رياسة، ولا لشىء مما أشبه ذلك، فهذه التى قيلت هى الشرائط التى إذا كانت فى الأفعال الجميلة نيلت بها السعادة لا محالة، وهى: أن يفعل طوعا وباختيار، وأن يكون اختيارنا لها لأجل ذواتها، وأن يكون ذلك فى كل ما نفعله، وفى زمان حياتنا بأسره... والمقصود الإنسانى: اللذيذ والنافع والجميل،... فقد حصل أن مقصود الصنائع كلها إما جميل وإما نافع، فإذن الصنائع صنفان: صنف مقصوده تحصيل الجميل، وصنف مقصوده تحصيل النافع، فالصناعة التى مقصودها تحصيل الجميل فقط هى التى تسمى الفلسفة، وتسمى الحكمة الإنسانية على الإطلاق والصناعات التى يقصد بها النافع فليس منها شىء يسمى حكمة على الإطلاق، ولكن ربما سمى بعضها بهذا الاسم على طريق التشبيه بالفلسفة … ولما كان الجميل صنفين: صنف هو علم فقط، وصنف هو علم وعمل، صارت صناعة الفلسفة صنفين: صنفًا به تحصل معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها، وهذه تسمى الفلسفة النظرية، والثانى به تحصل معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل، والقوة على فعل الجميل منها، وهذه تسمى الفلسفة العملية والفلسفة المدنية. والفلسفة النظرية تشتمل على ثلاثة أصناف من العلوم: أحدها: علم التعاليم، والثانى: العلم الطبائع، والثالث: علم ما بعد الطبيعيات، وكل واحد من هذه العلوم الثلاثة يشتمل على صنف من الموجودات التى شأنها أن تعلم فقط، فيكون ما شأنه أن يعلم فقط من الموجودات ثلاثة أصناف....
والفلسفة المدنية صنفان: أحدهما يحصل به علم الأفعال الجميلة، والأخلاق التى تصدر عنها الأفعال الجميلة، والقدرة على اقتنائها، وبه تصير الأشياء الجميلة قنية لنا، وهذه تسمى الصناعة الخلقية. والثانى يشتمل على معرفة الأمور التى بها تحصل الأشياء الجميلة لأهل المدن والقدرة على تحصيلها لهم وحفظها عليهم وهذه تسمى الفلسفة السياسية وعلم السياسة؛ فهذه جمل أجزاء صناعة الفلسفة، ولما كانت السعادة إنما ننالها متى كانت لنا الأشياء الجميلة قنية، وكانت الأشياء الجميلة إنما تصير لنا قنية بصناعة الفلسفة فلازم ضرورة أن تكون الفلسفة هى التى تُنال بها السعادة... فقد تبين بهذا القول كيف السبيل إلى السعادة، وكيف السلوك فى سبيلها، ومراتب ما ينبغى أن نسلك عليه، وأيما منها أول مراتبها، وأن أول مراتبها تحصيل صناعة المنطق...))([25]).
فالفارابى ينطلق هنا من الجمال الذى هو سبب السعادة كأساس للفلسفة، وليس الوجود كما فى كلامه فى الجمع بين رأيى الحكيمين، وإن كان العلم بأصناف الموجودات الثلاثة على حسب تقسيم الفارابى لها هو أحد ثمرات هذه التصنيف.
ومذهب الفارابى فى السعادة والجميل منسجم تمام الانسجام مع مذهبه فى الحقيقة، فليست الفلسفة عنده ولا التصنيف فيها من أجل الوصول إلى معرفة الحقيقة كما هى عند بعض الفلاسفة، بل من أجل معرفة الجميل ومعرفة كيفية تحصيله وصولا إلى السعادة، أما ((الوقوف على حقائق الأشياء فليس فى قدرة البشر، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم والأعراض ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها الدالة على حقيقته، بل إنها أشياء لها خواص وأعراض، فإنا لا نعرف حقيقة الأول، ولا العقل، ولا النفس، ولا الفلك، والنار والهواء والماء والأرض (اقرأ: ولا النار ولا... إلخ) ولا نعرف حقائق الأعراض... ولذلك يقع الخلاف فى ماهيات الأشياء، لأن كل واحد أدرك لازما غير ما أدركه الآخر فحكم بمقتضى ذلك اللازم...)) ([26])، ويؤكد على ذلك فى موضع آخر بقوله: ((الإنسان لا يعرف حقيقة الشىء البتة، لأن مبدأ معرفته الأشياء هو الحس، ثم يميز بالعقل بين المتشابهات والمتبائنات، ويعرف حينئذ بالعقل بعض لوازمه وذاتياته وخواصه...))([27]).
كما نرى أن هذا لا ينافى أن الحكمة على الإطلاق عنده ((معرفة الوجود الحق، والوجود الحق هو واجب الوجود بذاته))، لأنه لا يتصف بذلك عند إلا واجب الوجود نفسه، إذ يقول بعد ذلك مباشرة: ((والحكيم هو من عنده علم الواجب بذاته بالكمال، وهو ما سوى الواجب لذاته ففى وجوده نقصان عن درجة الأول بحسبه، فإذن يكون ناقص الإدراك، فلا حكيم إلا الأول لأنه كامل المعرفة بذاته)) ([28])، فليس من الصواب قطع تعريف الحكمة على الإطلاق السابق عن بقية السياق، والتى يظهر منه أنه لا حكيم بالحقيقة إلا الله عز وجل، وأنه إنما أراد تعريف الحكمة على الإطلاق، وليس تعريف الحكمة الإنسانية – كما تقدم فى عبارته – والتى هى بمعنى اللقب على العلم المخصوص والمرادف للفلسفة، والتى هى تحصيل الجميل.
كما نرى أن ذلك متسق مع مذهبه فى الخير والشر، فــ ((الخير ما تشوقه كل شىء فى حده ويتم وجوده أى رتبته وحقيقته من الوجود، كالإنسان والفلك مثلا فإن كل واحد منهما إنما يتشوق من الخير ما ينبغى له وما ينتهى إليه حده، ثم سائر الأشياء على ذلك)) ([29])، إذ الجميل عنده كما تقدم ((معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها (= الفلسفة النظرية) أو معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل (= الفلسفة العملية)...))، أو الجميل ((هو الشىء الذى يستحسنه العقلاء)) ([30])، إذ الجميل - على أى تعريف منهما – المعرفة أو المستحْسَن هو نوع من الكمال، وسعى نحوه، ويتشوق به الإنسان إلى الوصول إلى حده.
وكما يفرق الفارابى بين الحكمة بإطلاق، والحكمة الإنسانية، يفرق بين الخير بإطلاق أو بالحقيقة، والخير الإنسانى الذى تقدم ذكره، أما ((الخير بالحقيقة فهو كمال الوجود، وهو واجب الوجود، والشر عدم ذلك الكمال)) ([31]).
ويحصل من هذا أن مفاهيم السعادة والنافع والجميل والحكمة والخير تتكامل مع بعضها البعض فى فلسفة الفارابى مكونة غاياتها العليا التى تتغياها، ومن ثم يصير غاية منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى هو الوصول إليها أيضا.
ولا يتناقض هذا أيضا – فى تصورنا – مع الطرح الآخر الذى يقدمه الفارابى فى كتابه تحصيل السعادة حيث يستبدل الفضائل بالجميل، فالجميل نوع من الفضائل، والفضائل أمر جميل، يقول الفارابى: ((الأشياء الإنسانية التى إذا حصلت فى الأمم وفى أهل المدن، حصلت لهم بها السعادة الدنيا فى الحياة الأولى، والسعادة القصوى فى الحياة الأخرى: أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية))([32])، ثم أخذ فى بيان ذلك فى الكتاب كله، مما سنعرض له بصورة أكثر تفصيلا عند عرض ملاحظاتنا حول منهجه فى التصنيف الفلسفى فيما سيأتى([33]) حيث قدم فى هذا الكتاب أول محاولة صريحة وقفنا عليها لمنهج التصنيف الفلسفى.
ج- نظرية المعرفة عند الفارابى: اهتم الفارابى بمشكلة المنهج وإحصاء العلوم والمنطق، وغيرها مما يدخل أو يمهد لنظرية المعرفة، ولنظرية النفس دورا أساسيا فى نظرية المعرفة لأن كل فيلسوف يتأسس مذهبه فى المعرفة بناء على مذهبه فى النفس تأسيسا ذاتيا، وتنقسم المعرفة عند الفارابى إلى ثلاثة أقسام: المعرفة الحسية، والمعرفة العقلية، والمعرفة الذوقية أو الإشراقية([34]).
وقد سبق تناول علاقة نظرية المعرفة بمنهج التصنيف وأثرها فيه، وبخصوص نظرية المعرفة الفارابية، فالتقسيم السابق لا يعنى أن هناك انفصالا بينها، بل هى متصلة ومتكاملة، وكل قسم منها يشكل درجة من درجات الارتقاء فى سلم المعرفة، ((فالإدراك إنما هو للنفس، وليس للحاسة إلا الإحساس بالشىء، وليس للمحسوس إلا الانفعال، فالنفس تدرك الصور المحسوسة بالحواس، وتدرك الصور المعقولة بتوسط صورها المحسوسة، إذ تستفيد معقولية تلك الصور من محسوسيتها... وإلا لم يكن معقولا لها وذلك لنقصان نفسه فيه، واحتياجه فى إدراك الصور المعقولة إلى توسط الصور المحسوسة، بخلاف المجردات فإنها تدرك الصور المعقولة من أسبابها وعللها التى لا تتغير، وحصول المعارف للإنسان يكون من جهة الحواس، وإدراكه للكليات من جهة إحساسه بالجزئيات، ونفسه عالمة بالقوة، فالطفل نفسه مستعدة لأن تحصل لها الأوائل والمبادئ، وهى تحصل له من غير استعانة عليها بالحواس، بل تحصل له من غير قصد من حيث لا يشعر به... والحواس هى الطرق التى تستفيد منها النفس الإنسانية المعارف، والنفس ما دامت ملابسة للهيولى لا تعرف مجرداتها ولا شيئا من صفاتها التى تكون لها وهى مجردة، ولا شيئا من أحوالها عند التجرد لأنها لا يمكنها الرجوع إلى خاص ذاتها)) ([35])، إذن فاتجاه المعرفة الإنسانية عند الفارابى اتجاه صاعد يبدأ من الكون وإدراكه بالحواس، وهذا الإدراك الحسى يعتبر مقدمة ضرورية للمعرفة العقلية التى لا يمكن لها أن تصل إلى الكليات إلا من خلال إدراك الحواس للجزئيات.
والوجه الآخر من نظرية المعرفة الفارابية، هى حركة نازلة تبدأ من النفس المشرقة التى يفاض عليها بالمعرفة الكلية، التى يدركها العقل، ويبدأ من خلال إدراكه للواقع عن طريق الحس تنـزيل هذه المعرفة الكلية على جزئياتها.
إن هذا الترتيب لحصول المعرفة لا بد أن يراعيه الفارابى عند ترتيب المعارف، التى يريد أن ينظمها من خلال منهجه فى التصنيف الفلسفى، والذى قد يسير فى أحد اتجاهين إما حركة صاعدة من الوجود إلى العقل إلى النفس، أو بالعكس فى حركة نازلة من النفس إلى العقل إلى الحس، وسنرى عند عرض ملاحظاتنا حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى أنه قد استعمل حركتى النـزول والصعود جميعا فى منهجه التصنيفى الفلسفى.
د- تصنيف العلوم عند الفارابى: للفارابى – على ما يذكر ابن صاعد - كتاب شريف فى إحصاء العلوم، والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه، ولا يستغنى طلاب العلوم كلها عن الاهتداء به، وتقديم النظر فيه([36]). وقد كان هذا الكتاب معروفا عند علماء الغرب فى القرون الوسطى، وترجم غير مرة إلى اللاتينية، كما كان معروفا أيضا فى المدارس اليهودية([37]).
وقد قام الفارابى بمحاولته فى تصنيف العلوم وإحصائها انطلاقا من إدراكه لأهمية هذا التصنيف وصلته بالمنهج العلمى([38])، ورغم أنها المحاولة الأولى عند المسلمين فإن بعض كبار الباحثين يرى أنها ترقى إلى أن تكون نظرية فى تصنيف العلوم، وذلك لأنها تحتوى على الجانبين النظرى والتطبيقى معا، فالجانب النظرى قدمه الفارابى فى رسالته (التنبيه على سبيل السعادة)، والجانب التطبيقى يتمثل فى كتابه الشهير (إحصاء العلوم)([39]).
أما الجانب النظرى الذى تناوله فى كتابه التنبيه على سبيل السعادة، وراعاه فى كتاب الإحصاء والذى جاء على سبيل التطبيق العملى لنظريته العامة فى تقسيم العلوم والذى يتمثل فى تقسيمها إلى قسمين كبيرين([40]):
أ- قسم تحصل به معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها، وهو العلوم النظرية.
ب- وقسم تحصل به معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل، والقوة على فعل الجميل منها، وهو العلوم العملية والفلسفة المدنية([41]).
وقد شرح الشنب غازانى (ت 919 هـ) قوله (التى شأنها أن تفعل): ((بأنها الموجودات التى لقدرتنا واختيارنا تأثير فى وجودها))([42]). والموقف الفلسفى الفارابى هنا يبدأ فى تصنيف العلوم من موقف مركب ليس من الوجود وحده، بل من الوجود حال كونه مقدورا لنا، أو غير مقدور، فبحث الموجودات المقدورة لنا ينتظمها علوم خاصة بها، والموجودات غير المقدورة تبحثها علوم أخرى خاصة بها.
أما عن الجانب التطبيقى فيقول الفارابى: ((قصدنا فى هذا الكتاب (إحصاء العلوم) أن نحصى العلوم المشهورة علما علما، ونعرف جمل ما يشتمل عليه كل واحد منها، وأجزاء كل ما له أجزاء، وجمل ما فى كل واحد من أجزائه... وينتفع بما فى هذا الكتاب لأن الإنسان إذا أراد أن يتعلم علما من هذه العلوم وينظر فيه، علم على ماذا يقدم، وفيماذا ينظر، وأى شىء سيفيد بنظره، وما غناء ذلك، وأى فضيلة تنال به، ليكون إقدامه على ما يقدم عليه من العلوم على معرفة وبصيرة لا على عمى وغرر، وبهذا الكتاب يقدر الإنسان على أن يقايس بين العلوم، فيعلم أيها أفضل، وأيها أنفع، وأيها أتقن وأوثق وأقوى، وأيها أوهن وأوهى وأضعف، وينتفع به أيضا فى تكشيف من ادعى البصر بعلم من هذه العلوم ولم يكن كذلك... فلم يضطلع به (يعنى بمعرفة إحصاء العلوم) تَبَيَّنَ كذبُ دعواه وتَكَشَّف تمويهُه، وبه يتبين أيضا فيمن يحسن علما منها هل يحسن جميعه أو بعض أجزائه... وينتفع به المتأدب المتفنن الذى قصده أن يشدو جمل ما فى كل علم)) ([43]).
فالقصد المنهجى من وراء عمله (إحصاء العلوم) واضح للغاية، ويمكننا أن نضيف إلى ما قصده من فوائد منهجية تترتب على معرفة إحصاء العلوم: الثمرة المرجوة من ذلك فى مجال منهج التصنيف، حيث يساعد معرفة تصنيف العلوم – بحسب نظرية الفارابى بمعرفة علم علم، وما لكل علم من أجزاء، وجملة كل جزء – على تبلور منهج التصنيف فى أى علم منها، بمعرفة موضع العلم المراد من خريطة العلوم، ومعرفة خريطة الفارابى المقترحة لأجزاء هذا العلم، وجملة كل جزء، بما يمكن معه من تعديله بالإضافة والحذف، بحيث يأتى العمل شاملا ومحيطا بأجزاء العلم وجملتها.
وقد كان لتصنيف الفارابى للعلوم وإحصائها([44]) أثره الواسع فيمن بعده كالخوارزمى وابن سينا وأخوان الصفا والأكفانى وابن خلدون وطاش كبرى زاده، بل امتد أثره إلى المؤلفين والمصنِّفين من أهل القرون الوسطى فى العالم الغربى([45]).
ويمكن القول بأن المنهج العلمى عند الفارابى يقوم على أساس نظريته فى تصنيف العلوم، والتى تكمن فيها نظرته الكلية والشاملة للفلسفة كعلم كلى يرسم لنا صورة كاملة للكون فى مجموعه، ويقوم على أسس طبيعية ومعرفية وأخلاقية ودينية ثابتة، وليس مجرد تعداد للعلوم القائمة فى زمانه وإحصائها([46]).
أما العلم الذى ينبغى أن يبدأ به قبل تعلم الفلسفة عند الفارابى، فقد ذكر أن العلم الذى ينبغى أن يبدأ به قبل تعلم الفلسفة موضع خلاف بين الحكماء، فمنهم من يرون أنه علم الهندسة، ومنهم من يقولون علم إصلاح الأخلاق، ومنهم من يرون الابتداء بعلم الطبائع، ومنهم من يذكرون علم المنطق.
يقول الشيخ مصطفى عبد الرازق: وظاهر أن هذه العلوم التى دار عليها القول فى ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة لا تكون أقساما من الفلسفة([47]).
ولا يخفى أنه على كل قول يكون سائر العلوم فى الأقوال الأخرى داخلة فى الفلسفة، ويخرج منها العلم الذى يبدأ به قبل تعلم الفلسفة، وهذه الفكرة عند اختبارها ستكون - فيما نظن - شديدة التأثير فى منهج التصنيف فى الفلسفة الإسلامية، فمن المفترض أن الفيلسوف يبنى مذهبه الفلسفى انطلاقا من عدة أمور أحدها ما هو: الذى قبل الفلسفة، وما هو الفلسفة.
لكن يذكر ظهير الدين البيهقى نصا مهما عن الفارابى أن ما ينبغى لمن أراد الشروع فى دراسة الفلسفة هو دراسة القرآن واللغة العربية والشريعة الإسلامية، يقول الفارابى: ((ينبغى لمن أراد الشروع فى علم الحكمة أن يكون شابا، صحيح المزاج متأدبا بآداب الأخيار، قد تعلم القرآن واللغة وعلم الشرع أولا، ويكون صينا عفيفا متحرجا صدوقا، معرضا عن الفسق والفجور والغدر والخيانة، والمكر والحيلة، ويكون فارغ البال عن مصالح معاشه، ويكون مقبلا على أداء الوظائف الشرعية، غير مخل بركن من أركان الشريعة، بل غير مخل بأدب من آداب السنة، ويكون معظما للعلم والعلماء، ولم يكن عنده لشىء قدر إلا العلم وأهله، ولا يتخذ علمه من جملة الحرف والمكاسب)) ([48]).
فهذه جملة من الآداب العامة لطالب الفلسفة يأتى ضمنها: أهمية دراسة القرآن الكريم واللغة العربية وعلم الشرع قبل الدخول فى الفلسفة، وهو ما يؤكد على الوجهة الإسلامية لفلسفة الفارابى، وأنه لا يقدم الفلسفة كبديل للعلوم الإسلامية، كما لا يقدم الأخلاق الفلسفية كبديل للأخلاق الإسلامية.
على أننا نجد الفارابى فى إحصاء العلوم يقسمه إلى خمسة فصول تحتوى على ثمانية علوم حيث يبدأ بعلم اللسان، فعلم المنطق، وعلم التعاليم، والعلم الطبيعى، والعلم الإلهى، والعلم المدنى، وعلم الفقه، وأخيرا علم الكلام، فقد قدم علم اللسان وفروعه وأعقبه بعلم المنطق، لأن علم اللسان عند كل أمة أداة لتصحيح ألفاظها وتقويم عبارتها، فوجب تقديمه على سائر العلوم، ثم إن علم اللسان مما لا يستغنى عنه فى دراسة أوائل صناعة المنطق، لأن موضوعات المنطق هى المعقولات من حيث تدل عليها الألفاظ، والألفاظ من حيث هى دالة على المعقولات([49]).
والفلسفة على الحقيقة هى القسم الإلهى عند الفارابى فى بعض كتبه، وإلى هذا ينحو الفارابى فى التعليقات إلى اعتبار الفلسفة على الحقيقة هى القسم الإلهى فيقول: الحكمة معرفة الوجود الحق، والوجود الحق هو واجب الوجود بذاته، والحكيم هو من عنده علم الواجب بذاته بالكمال، وما سوى الواجب بذاته ففى وجوده نقصان عن درجة الأولى بحسبه فإذن يكون ناقص الإدراك فلا حكيم إلا الأول، لأنه كامل المعرفة بذاته([50]).
هـ- التوفيق بين الفلسفة والدين عند الفارابى: الموقف التوفيقى بين الحكمة والشريعة وثيق الصلة بنظرية المعرفة لدى كل فيلسوف، وينطلق الفارابى([51]) أيضا فى محاولته التوفيقية من أساس الإيمان المطلق بوحدة الحق، وينتج عن هذا وحدة الفلسفة أولا، ثم التوفيق بين الدين والفلسفة على أساس أنهما مظهرين لحقيقة واحدة([52])، ولعل المنهج الكلى الذى يفيد العموم والشمول، وينطلق من رؤية تسقط الكثير من الاختلافات الجزئية فى سبيل رؤية الحقيقة التى تصدق فى كل زمان ومكان هو جوهر التوفيق عند الفارابى([53])، وليؤثر موقفه من هذه القضية تأثيرا مباشرا على التصنيف عنده لينتج لنا تحت تأثيرها أحد كتبه الشهيرة، وهو (الجمع بين رأيى الحكيمين أفلاطون وأرسطو)، وإذا كان هذا الكتاب – وقد اعتنى عامة الباحثين فى فلسفة الفارابى بنقد ما سقط فيه من أخطاء فى فهم مذهب أرسطو أوقعه فيها المترجمون كما سبقت الإشارة لذلك - يصور جهده وعمله العقلى فى الجمع بين الآراء الفلسفية على العموم، فإن كتابه الآخر (فصوص الحكم) يعطى المثل على توفيق الفارابى الخاص به، والذى يتميز عن طريقه عن أى فيلسوف إسلامى آخر، بحيث يبدو أن معنى الفلسفة هو معنى ما جاء فى الإسلام فى إطار فهمه الخاص لنص الإسلام، فالتوفيق عند الفارابى يأتى بمعنى الضم، والشرح بمعنى التأويل، وتأخذ القضية برمتها طابعا بسيطا أن الفلسفة والدين تعبيران عن معنى واحد([54]).
وإن كنا لسنا فى حاجة إلى الإشادة بالإبداع العقلى للفارابى فى هذا الصدد، حيث كانت محاولته المضنية فى سبيل التوفيق من حيث الإبداع الفلسفى أمرا يدعو إلى الإعجاب والتقدير، ولكن يرى بعض الباحثين أنه فى ميزان الحق من حيث هو حق أن هذه المحاولة غير حقيقية ولا صادقة لاعتمادها على آراء مقطوع الآن بنسبتها خطأ لأرسطو وهى فى الحقيقة لأفلوطين، فمحاولته للتوفيق بين الحكيمين غير موفقة، ولا يزال الخلاف قائما بين أفلاطون وأرسطو، ومن ثم لم يزل الخلاف بين الفلسفة والدين، فادعاء الفارابى وحدة الفلسفة لتصبح فى مستوى الحقيقة الواحدة، ولتمكن مقارنتها بالدين بعد ذلك ادعاء غير حقيقى، وقد عاد مجرد دعوى لا دليل عليها، ولو تنـزه الفارابى من نـزعة التقديس إزاء الفكر اليونانى لاستطاع أن يدرك زيف هذه الآراء على أرسطو، ولأدرك أن الخلاف بينه وبين أفلاطون حقيقى وواقع بالفعل، ولأدرك أيضا أن التوفيق بين الدين والفلسفة هو توفيق بين جانبين غير متكافئين([55])، وكان ينبغى عليه قبل أن يسعى إلى التوفيق أن يقيم الفلسفة الإغريقية تقييما موضوعيا قبل أن يحاول التوفيق بينها وبين الإسلام، إذ لو قيم هذه الفلسفة من الوجهة الموضوعية لانكشف له أنها وثنية – بحسب رأى الدكتور البهى - فى صورة عقلية غلفت بها([56]).
نعم لم تخل محاولة الفارابى – وإن لم يصاحبه التوفيق على ما يرى بعض الباحثين - من فكرة سليمة فى نفسها، وهى أن الحقيقة لا تخترع ولا تبتدع، وإنما يكشف عنها، وسبيل الكشف عنها ليس مقصورا على شخص معين بالذات، كما لم تخل محاولته من أصالة حيث انتهى به البحث إلى آراء خاصة به فى الفلسفة فسر على ضوئها كلام أفلاطون وكلام أرسطو([57]).
وفى الجهة المقابلة يقف بعض الباحثين – ونتفق فى الرأى معه – يرى أن القول بأن الفلسفة الإسلامية لا خلق فيها ولا إبداع أنه هذا وضع خاطئ للمشكلة من عقلية واحدية الطرف، هى العقلية الأوربية الاستشراقية أو امتداداتها فى أذهان الباحثين، وأن الجمع بين رأيى الحكيمين ليس خلطا بين أفلاطون وأرسطوطاليس، وليس جمعا لما لا يمكن الجمع بينهما يدل على سوء فهم كل منهما، واعتمادا على المؤلفات المنتحلة، لأن مهمة الفيلسوف المسلم لم تكن التحقق التاريخى، بقدر ما كانت التعامل مع الأفكار بصرف النظر عن قائلها، أى أن منهجه كان عقليا مثاليا، وليس تاريخيا استقصائيا، وما ظنه المستشرقون ومقلدوهم خطأ أنه توفيق قد يكون قمة الفكر بحثا عن الشامل، واتجاها إلى المحور، وإعادة التوازن بين أطراف الموقف الفلسفى، وتجاوزا لأحادية الطرف، فهدف الفارابى رفع الشك والارتياب عن تاريخ الفكر، وتصحيح الفهم الفلسفى ومعرفة الحقيقة، وهو هدف كل فيلسوف موضوعى محايد([58]).
لقد حاول الفارابى الكشف عن الجانب المنهجى فى المذاهب الفلسفية، وفى التأليف على أسس منهجية مقارنة، وهو أهم مميزات الباحث الأصيل([59]).
و- النـزعة الصوفية عند الفارابى: كان الفارابى – على ما يصفه المؤرخون - صوفيا فى قرارة نفسه، يعيش عيشة الزهد والتقشف ويميل إلى الوحدة والخلوة، وإذا كان الفارابى أول من صاغ الفلسفة الإسلامية فى ثوبها الكامل ووضع أصولها، ومن أهم أجزاء هذا المذهب نرى نظرية صوفية امتازت بها الفلسفة الإسلامية عن كثير من الفلسفات الأخرى، فالتصوف إذن قطعة من مذهب الفارابى الفلسفى، وله رباط وثيق يربطه بالنظريات الفارابية الأخرى نفسية كانت أو أخلاقية أو سياسية، وقد أثر هذا التصوف تأثيرا عميقا فيمن جاء بعد من فلاسفة الإسلام، ولعل أخص خصائص النظرية الصوفية عند الفارابى أنها قائمة على أساس عقلى، فليس تصوفه بالتصوف الروحى القائم على محاربة الجسم والبعد عن اللذات، بل هو تصوف نظرى يعتمد على الدراسة والتأمل([60]).
إن هذه الصورة عن فلسفة الفارابى نجد لها أثرها الواسع على مناهج التصنيف فى الفلسفة الإسلامية بداية من الفارابى فمن بعده، فقد نفذ – كما يقول البارون كارادى فو - تصوف الفارابى إلى كل شىء فى فلسفته، والتصوف يتخلل جميع مذهبه، والألفاظ الصوفية منتشرة فى كل ناحية من مؤلفاته، وعبارات الصوفية شائعة تقريبا فى كل أقواله، ونشعر جيدا أن التصوف ليس مجرد نظرية من النظريات اعتنقها بل حالا نفسية ذاتية([61])، فتصوف الفارابى – كما يقول الدكتور إبراهيم مدكور – يعبر عن عاطفة صادرة من القلب([62])، كما عنى الفارابى كل العناية بموضوع السعادة علما وعملا، فخصه بكتابين من كتبه شرح فيهما مختلف آرائه الصوفية، وبين الوسائل الموصلة إلى السعادة، وهما: (تحصيل السعادة)، وكتاب (التنبيه على السعادة)([63]).
ومما قاله الفارابى فى هذا الصدد: ((الروح القدسية لا تشغلها جهة تحت عن جهة فوق، ولا يستغرق الحس الظاهر حسها الباطن، وقد يتعدى تأثيرها من بدنها إلى أجسام العالم وما فيه، وتقبل المعلومات من الروح والملائكة بلا تعليم من الناس))([64]).
ونجد امتدادا لهذا التصوف فى النظريات الفلكية والميتافيزيقية عند الفارابى، والذى يتخيل نظاما فلكيا أساسه أن فى كل سماء قوة روحية أو عقلا مفارقا يشرف على حركتها ومختلف شئونها، وآخر هذه القوى هو العقل العاشر الموكل السماء الدنيا والعالم الأرضى، فهو نقطة اتصال بين العالمين العلوى والسفلى، وكلما اتسعت معلومات المرء اقترب من العالم العلوى ودنت روحه من مستوى العقول المفارقة، فإذا وصل إلى درجة العقل المستفاد أصبح أهلا لتقبل الأنوار الإلهية وأضحى على اتصال مباشر بالعقل العاشر...([65]).
ونظرية الفارابى الصوفية تصعد بجذورها إلى نصين لأرسطو عن الخير الأسمى ونظرية الاتصال والآخر عن وظيفة العقل الفعال، وكلا النصين أثر تأثيرا عميقا فى فلاسفة الإسلام وآرائهم الصوفية والنفسية، بالإضافة إلى أثر مدرسة الإسكندرية الفلسفية وخاصة كتاب الربوبية لأفلوطين، وبقدر تأثر هذه النظرية بميول الفارابى الشخصية وبقدر تأثرها بالبيئة الفكرية المحيطة حيث عاصر الفارابى أمثال الجنيد والحلاج والشبلى، فإن تكوينها العلمى يخضع لنظرية الخير الأسمى الأرسطية، ونظرية الجذب (الاكتساسيس) الأفلوطينية، فقد جمع الفارابى كل ذلك وأخرج منه نظرية فلسفية أثرت فيمن بعده. ومن جهة أخرى فإن النـزعة الروحية النامية والاتجاه الصوفى الواضح لدى الفارابى قد نفذا إلى أعماق المدرسة الفلسفية الإسلامية، وظهرا لدى فلاسفة الإسلام بدرجات متفاوتة([66]).
سنجد الأثر المباشر لهذه القضية – النـزعة الصوفية عند الفارابى – على مناهج التصنيف الفلسفية يظهر جليا فى الإشارات والتنبيهات، والذى يعد يتيمة العقد بين مؤلفات ابن سينا خليفة الفارابى الأعظم وشارحه الوفى، على ما سيأتى الحديث عنه بالتفصيل عند منهج التصنيف الفلسفى عند ابن سينا([67]).
ز- نظرة عامة على منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: قدم لنا ابن صاعد – والذى كان يرى فى الفارابى أنه فيلسوف المسلمين بالحقيقة – تقويما عاما ومتميزا لمنهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، حيث يقول: ((أخذ (يعنى الفارابى) صناعة المنطق عن يوحنا بن جيلانى... فبذ جميع أهل الإسلام فيها...: 1- فشرح غامضها، 2- وكشف سرها، 3- وقرب تناولها، 4- وجمع ما يحتاج إليه منها، 5- فى كتب صحيحة العبارة، 6- لطيفة الإشارة، 7- منبهة على ما أغفله الكندى وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعليم، 8- وأوضح القول فيها عن مواد المنطق الخمس، 9- وإفراد وجوه الانتفاع بها، 10- وعرف طرق استعمالها، 11- وكيف تُعْرَف صورة القياس فى كل مادة منها، 12- فجاءت كتبه فى ذلك الغاية الكافية، والنهاية الفاضلة)) ([68]).
وهكذا يمكننا من خلال تحليل عبارة ابن صاعد السابقة أن نقف على (12) فكرة مهمة قوَّم من خلالها ابنُ صاعد منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى والذى تمثله فى منطقياته.
ويكمل ابن صاعد ببراعته المعهودة وفى عبارات مختصرة تقويمه العام لبقية مؤلفات الفارابى فيقول: ((وله كتابه فى أغراض فلسفة أفلاطون وأرسطاطاليس يشهد له بالبراعة فى صناعة الفلسفة، والتحقق بفنون الحكمة، 1- وهو أكبر عون على تعلم طريق النظر وتعرف وجه النظر، 2- اطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما، 3- وبيَّن كيفية التدرج من بعضها إلى بعض شيئا فشيئا. 4- ثم بدأ بفلسفة أفلاطون فعرف بغرضه منها وسمى تآليفه فيها، ثم أتبع ذلك فلسفة أرسطاطاليس، فقدم له مقدمة جليلة عرّف فيها بتدرجه إلى فلسفته، 5- ثم بدأ بوصف أغراضه فى تواليفه المنطقية والطبيعية كتابا كتابا، حتى انتهى به القول فى النسخة الواصلة إلينا إلى أول العلم الإلهى، والاستدلال بالعلم الطبيعى عليه. 6- فلا أعلم كتابا أجدى على طالب الفلسفة منه، 7- فإنه يعرف بالمعانى المشتركة لجميع العلوم، 8- والمعانى المختصة بعلم علم منها، 9- ولا سبيل إلى فهم معانى قاطاغورياس (= المقولات) وكيف هى الأوائل الموضوعة لجميع العلوم إلا منه، 10- ثم له بعد هذا فى العلم الإلهى وفى العلم المدنى كتابان لا نظير لهما، أحدهما المعروف بالسياسة المدنية، والآخر المعروف بالسيرة الفاضلة، عرف فيهما بجمل عظيمة من العلم الإلهى على مذهب أرسطاطاليس فى المبادئ الستة الروحانية، وكيف تؤخذ عنها الجواهر الجسمية على ما هى عليه من النظام، واتصال الحكمة، وعرف فيها بمراتب الإنسان وقواه النفسانية، وفرق بين الوحى والفلسفة، ووصف أصناف المدن الفاضلة وغير الفاضلة، واحتياج المدينة إلى السير الملائكية والنواميس النبوية...)) ([69]).
لكن مع هذا فهناك مساحة من الاستقلال عن أرسطو نجدها واضحة عند الفارابى، فقد كتب مثلا عددا من الرسائل فى صناعة المنطق بالإضافة إلى رسالة طويلة عن الصناعة كلها، لكن لا يمكننا أن نعتبر أن كتابات الفارابى تفسيرات أو شروح لأرسطو بالمعنى الحرفى، وإنما هى شرح لأفكاره، وبيان للمعنى اللائق لقول أرسطو وإن خالف ما يقول به المفسرون الآخرون. كما أنه خالف أرسطو فى ترتيب فنون صناعة المنطق، فبينما تأتى المقولات أولا عند أرسطو، جعلها الفارابى القسم الرابع، وقد قدم لذلك بالقول فى الأقاويل التى بها يسهل الشروع فى صناعة المنطق، وذلك من خلال رسالتين أولهما فى صناعة المنطق وعلاقتها بالصنائع الأخرى، والثانية فى فحص معانى الألفاظ والاصطلاحات المستعملة فى المنطق، كما أنه جعل إيساغوجى مدخلا للمنطق، ويرى أن إصلاحه يعد من الضروريات، ومن جهة أخرى نراه يغير ترتيب نص أرسطو ويعدل فى نصوصه، ويخرج كثيرا عن مذهب أرسطو المحدد، فقد حذف الفارابى مثلا من كتاب المقولات القول فى الأسماء المتفقة والمتواطئة والمشتقة، وهى الأقوال التى بدأ بها أرسطو كتابه. كما أضاف الكلام بالتفصيل عن الفرق بين الجوهر والعرض، وعن الأسباب الضرورية، وعن الفرق بين المعقول والمقول طبقا لقواعد المنطق، وعن التباين بين الحمول على الطريق الطبيعى، والمحمول على الطريق غير الطبيعى، وبينما تعرض أرسطو فقط للمقولات الخاصة بالجوهر والكم والإضافة والكيفية فقط، فإن الفارابى فصّل القول فى كل المقولات العشر. وأخيرا فقراءة رسالة الفارابى تفيد دارس المنطق – بصفة عامة لا خصوص مذهب أرسطو - فائدة كبرى حيث يعرض بوضوح شديد للمفاهيم الأساسية المستعملة فى المناقشات المتقدمة للمنطق([70]).
وختاما فقد كان الفارابى فيلسوفا مسلما بأجمل ما لهذه الكلمة من معان، رجل جمع بين مزيتين: الإخلاص للفلسفة، والإيمان بالدين، وبهاتين المزيتين حاول أن يوفق بين لغتين: لغة العقل ولغة القلب، وهما عنده مفهومتان ضروريتان للإنسانية التى تريد أن تتخطى نفسها ساعية إلى الكمال، وكأن الفارابى قد جاء إلى العالم ليؤدى رسالة جليلة خلاصتها أن الفلسفة والدين هما المعين الصافى للحياة الروحية، التى بها يكون المجتمع الإنسانى فاضلا([71]).
ورغم ما تقدم فإن عقلية مثل عقلية الفارابى لا ينتهى عجبنا من عدم التفاتها إلى ما فى نظريته عن الفيض من تناقض ذاتى، وضعف تفسيره لكيفية صدور الكثرة عن الواحد، الذى استشكل صدوره عن الواجب الوجود الأول، ومنحه للعقل العاشر، وحديثه عن الكواكب والأفلاك وعقولها([72]).
ح- ملاحظات حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: وفى ضوء ما سبق يمكننا رصد العديد من الملاحظات التى تساعدنا على ترسُّم منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، فمن ذلك:
1) يرى الفارابى أن حد الفلسفة وماهيتها: ((أنها العلم بالموجودات بما هى موجودة... حتى إنه لا يوجد شىء من موجودات العالم إلا وللفلسفة فيه مدخل... فإن المقسّم يروم أن لا يشذ عنه شىء موجود من الموجودات... ومن تدرب فى علم المنطق وأحكم علم الآداب الخلقية، ثم شرع فى الطبيعيات والإلهيات، ودرس كتب هذين الحكيمين يتبين له مصداق ما أقوله حيث يجدهما قد قصدا تدوين العلوم بموجودات العالم، واجتهدا فى إيضاح أحوالها على ما هى عليه، من غير قصد منهما لاختراع وإغراب وإبداع وزخرفة وتشوق...)) ([73])، ويرتب على ذلك الحد جوهر مذهبه الفلسفى القائم على التوفيق، حيث لا يصح أن يقع الخلاف فى الفلسفة لأنها مجرد إدراك للموجود بما هو موجود، وبنى على ذلك محاولته فى الجمع بين رأيى الحكيمين، والطابع التوفيقى الذى يسرى فى فلسفته كلها. ولا يدرى الباحث – كوجهة نظر شخصية - كيف غفل الفارابى عن المغالطة التى اشتمل عليها كلامه، لأن كون الفلسفة العلم بالموجودات بما هى موجودة لا ينفى وقوع الاختلاف ناتج عن وقوع الخطأ فى إدراك الموجود، فكون الموجود هو هو (بفرض عدم تغيره) لا يعنى أننا كلنا سندركه إدراكا واحدا صحيحا لا خلاف فيه ولا خطأ، كما يدخل الاختلاف من جهة أخرى بعدم التنبه إلى اختلاف وتعرض للتغير والفساد، فربما أدركه فيلسوف على حال غير التى أدركه عليه الآخر، فيختلفان دون أن ينتبها إلى وجه الاختلاف، إلى غير ذلك، من ثم فإن الفلسفة لا تعدو أن تكون محاولة إدراك الموجودات بما هى موجودة.
2) يمكننا القول أن الفارابى فى كتابه تحصيل السعادة قد قدم لنا طرحا واضحا لمنهج التصنيف الفلسفى عنده، والكتاب كله لا يعدو أن يكون كلاما فى منهج التصنيف، فهو لم يتناول قضايا فلسفية، ولم يقدم نظريات فى الفلسفة بقدر ما قدم منهجا فى التصنيف فى الفلسفة، وجعل الكتاب كله كالتمهيد للبدء فى التصنيف فى الفلسفة كما وعد فى خاتمته، وبين صدر الكتاب الذى بدأه بطرح أساس التصنيف وخاتمته التى يصرح بعزمه على التصنيف فى ضوء منهجه يطرح الفارابى منهجا كاملا فى التصنيف الفلسفى، يقول الفارابى فى صدر الرسالة: ((الأشياء الإنسانية التى إذا حصلت فى الأمم وفى أهل المدن، حصلت لهم بها السعادة الدنيا فى الحياة الأولى، والسعادة القصوى فى الحياة الأخرى: أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية، فالفضائل النظرية...))([74])، ثم أخذ فى بيان ذلك وكيفية تفرع علوم الفلسفة من أنواع هذه الفضائل الأربعة حتى يصل إلى خاتمة الرسالة فيقول: ((والفلسفة التى هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين عن أفلاطن وأرسطوطاليس... ونحن نبتدئ أولا بذكر فلسفة أفلاطن، ثم نرتب شيئا فشيئا من فلسفته حتى نأتى على آخرها، ونفعل مثل ذلك فى الفلسفة التى أعطاناها أرسطوطاليس...)) ([75])، ومن خلال ذلك يتبين كيف يبدأ النظر الفلسفى – ومن ثم التصنيف الفلسفى – حتى تترتب العلوم الفلسفية من العلوم المنطقية والعلم الطبيعى وما بعد الطبيعى والعلم الإنسانى والعلم المدنى....
3) كما يمكننا اعتبار مقالته (الإبانة عن غرض أرسطوطاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة)([76])، هى حديث مباشر فى منهج التصنيف فى علم ما بعد الطبيعة خاصة، والعلوم الفلسفية عامة، فقد اهتم فيه الفارابى ببيان الغرض من هذا العلم، والفرق بينه وبين التوحيد حيث اختلط غرضهما فى أذهان بعض الناس، واعتنى الفارابى بعد ذلك بتقسيم العلوم إلى علم جزئى وعلم كلى، وأن العلم الكلى لا يمكن – بحسب نظريته - أن يتعدد، وضبطها بما يوضحها ويساعد على التصنيف فيها دون أن تختلط بغيرها، ويأتى بعد ذلك بيان كامل لخطة تصنيف أرسطو لعلم ما بعد الطبيعة.
4) وقد اهتم الفارابى اهتمام خاصا بالمنهج (بمعنى جملة الوسائل المحددة التى توصل إلى غاية معينة)، وأدرك ضرورته قبل البدء فى أية محاولة علمية أو فلسفية، ولذا جاء مذهبه متسقا ومحكم الترابط، لأنه أسس على قواعد منهجية محددة، وليس على مجرد الفروض والاحتمالات([77])، ومن هنا كان اهتمامه الواضح بالمنطق وبتصنيف العلوم.
5) ويحاول الفارابى أن يقدم فلسفته من خلال منهج كلى، ينطلق من رؤية شاملة تسقط الكثير من الاختلافات الجزئية فى سبيل رؤية الحقيقة التى تصدق فى كل زمان ومكان، وربما كان هذا هو جوهر التوفيق عنده، فالتوفيق عنده عملية إبداعية أصيلة، وليس مجرد مزج تعسفى للأفكار والموضوعات([78])، وهذا المنهج الكلى يشيع فى مصنَّفات الفارابى، ويمثل إطارا عاما لمنهجه فى التصنيف، فمن خلال ذلك المنهج الكلى ينطلق الفارابى فى محاولته لإحصاء العلوم، ويحاول دراسة المدن الفاضلة ومضادتها على سبيل الحصر، وهكذا تتحكم الرؤية الكلية أو محاولته الدؤوب للوصول إليها فى منهجه فى التصنيف. بل ربما نجده – كما لاحظ بعض الباحثين - يبحث عن أصول موضوع ما ومنهجه فى مؤلف مستقل، ويتناوله بعد ذلك فى ضوء هذه الأصول والمنهج الذى فحصه، وهو ما قام به الفارابى فى كتابه (الملة) حيث بحث فى الأصول التى بنى عليها تركيب المدينة الفاضلة والسياسة المدنية، وبحث المنهج الذى استخدمه فى هذين الكتابين([79]).
6) والغاية من الفلسفة تمثل أحد أسس منهج التصنيف الفلسفى، حيث تتحكم الغاية فى توجيه خطة التصنيف، وغاية الفلسفة عند الفارابى ((معرفة الخالق تعالى وأنه واحد غير متحرك، وأنه العلة الفاعلة لجميع الأشياء، وأنه المرتب لهذا العالم بجوده وحكمته وعدله))، ويترتب على هذه الغاية عند الفارابى أن ((الأعمال التى يعملها الفيلسوف هى التشبه بالخالق بمقدار طاقة الإنسان)) ([80])، ومن الجلى أن الفلسفة التى تبنى على أن غايتها هى معرفة الخالق، سيكون منهج التصنيف فيها وترتيب موضوعاتها وطبيعة هذه الموضوعات نفسها مختلفة عن الفلسفة التى غايتها مادية محضة، أو لا تؤمن بوجود إله أصلا.
7) اعتنى الفارابى بمحاولة تصنيف العلوم وإحصائها، انطلاقا من إدراكه لأهمية هذا التصنيف وصلته بالمنهج العلمى([81])، وقد تقدم الحديث عن ذلك تحت عنوان مستقل([82])، وبناء عليه فيمكن القول بأن الفارابى جعل تصنيف العلوم أداة منهجية أساسية فى التمييز بين العلوم، وتحصيلها، والحكم على مدى صدق من ادعاها، ويمكننا أن نضيف أيضا أنه أداة أساسية أيضا فى التصنيف فى علم من هذه العلوم أيضا، بحيث يدرك من خلال هذا التصنيف فضيلة العلم المقدم عليه، وأجزاءه التى ينبغى أن يحيط بها فى تصنيفه، وجمل ما فى كل واحد من أجزائه كما يقول الفارابى([83]).
8) يؤكد الفارابى على تميز كل صنف من أصناف الصنائع الفلسفية بأسئلة خاصة بها، تميز بالتالى أجوبتها موضوع كل صنعة عن أختها فيقول: ((كل صناعة من الصنائع القياسية الخمس فيها ضرب أو ضروب من السؤال الخاص بها، ففى الفلسفة سؤال برهانى، وفى الجدل سؤال جدلى، وفى السفسطة سؤال سوفسطائى، وفى الخطابة سؤال خطبى، وفى الشعر سؤال شعرى، والسؤال الذى فى كل صناعة هو على نوع ونحو وبحال ما على غير ما هو عليه فى الأخرى، وللسؤال فى كل صناعة أمكنة أن ينجح فيها، وأمكنة لا ينجح فيها، فلذلك إنما يصير ذلك السؤال نافعا وفى تلك الصناعة متى استعمل فى الأمكنة التى فيها ينجح، وعلى النحو الذى ينجح...)) ([84]).
9) الطابع العام لفلسفة الفارابى هو الطابع الإنسانى، وقد أثر ذلك بشكل واضح فى منهجه فى التصنيف الفلسفى، بحيث لا يخلو فيها باب واحد من اهتمام بالإنسان أو تحليل لسلوكه ومعاشه وعلاقته بالأغيار، بل إن آراء الفارابى الرئيسية فى مختلف فروع الفلسفة نجدها متضمنة فى كتبه الإنسانية، فآراؤه فى الله وصفاته والكون وصدوره معروضة فى كتبه السياسية مثل (آراء أهل المدينة الفاضلة) ([85])، و(السياسة المدنية)، وآراؤه فى تصنيف العلوم وإحصاؤها موجودة فى كتب الأخلاقية كـ (تحصيل السعادة – والتنبيه على أسباب السعادة)، زد على ذلك غزارة المؤلفات التى خصصها الفارابى للإنسان، لا كحقيقة فردية مقصورة على بحث مشكلة النفس وارتقائها فى سلم المعرفة فحسب – كما فعل سائر الفلاسفة – بل كحقيقة اجتماعية تبحث عن علاقته بالآخرين([86]).
10) لا يعتنى الفارابى فى بعض الأحيان بكتابة مقدمة لعمله توضح مقصوده أو منهجه بل يشرع مباشرة فى المقصود، وهو ما نجده مثلا فى كتابه العبارة بعد البسملة: ((القول فى بارى أرمينياس وهو القول فى العبارة. الألفاظ الدالة منها مفردة تدل على معانى مفردة ومنها مركبة...)) ([87])، ومثله فى كتاب الخطابة والذى صدره بتعريفها فقال: ((الخطابة صناعة قياسية غرضها الإقناع فى جميع الأجناس العشرة...)) ([88])، على أننا نجده يقدم لكتابه الجمع بين رأيى الحكيمين بمقدمة مختصرة يذكر فيها مشكلة البحث وخلاصة رأيه فيها والذى سيدلل عليه بالتفصيل فى ثنايا الكتاب([89])، وربما وجدنا فى بعض كتب الفارابى ما يشبه خطة البحث فى مفهومنا المعاصر، وخير مثال على ذلك كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة)، والذى نجد فى أوله: ((اختصار الأبواب التى فى كتاب المدينة الفاضلة تأليف أبى نصر... الفارابى))، يختصر فى عبارات موجزة أهم مسائل الكتاب نحو: ((القول فى الشىء الذى ينبغى أن يعتقد فيه أنه هو الله تعالى، ما هو، وكيف هو، وبماذا ينبغى أن يوصف، وبأى وجه هو سبب سائر الموجودات، وكيف تحدث عنه، وكيف يفعلها، وكيف هى مرتبطة به، وكيف يعرف ويعقل، وبأى الأسماء ينبغى أن يسمى، وعلى ماذا ينبغى أن يدل منه بتلك الأسماء. القول فى الموجودات التى ينبغى أن يعتقد فيها أنها هى ملائكة...)) وهكذا يمضى من فقرة إلى أخرى يصدرها بلفظة: القول فى كذا وكذا، حتى يأتى على آخر مباحث الكتاب. والظاهر أن هذا الاختصار قديم لوقوعه فى الأصول الخطية للكتاب، كما يظهر من فروق النسخ([90])، ويحتمل أن يكون الفارابى قد عمله بنفسه أو عمله أحد تلامذته محافظا على عبارات الأصل، إلا أن الظاهر أنه عمل مستقل عن الكتاب نفسه([91])، والذى يبدأ بالبسملة، ثم عبارة: ((هذا كتاب ألفه أبو النصر الفارابى فى مبادئ آراء أهل المدينة الفاضلة)) ([92]).
11) ورغم هذا فإن الفارابى على المستوى النظرى – لا التطبيقى العملى - يؤكد على أهمية المقدمة، ويحدد لنا ما ينبغى أن يذكر فيها، وذلك فى ثنايا كتابه الألفاظ المستعملة فى المنطق، فيقول بعد أن يذكر العديد من التمهيدات والقواعد المهمة فى تعلم المنطق: ((وبعد هذا ينبغى أن نعدِّد الأمور التى ينبغى أن يعرفها المتعلم فى افتتاح كل كتاب... وهى: غرض الكتاب، ومنفعته، وقسمته، ونسبته، ومرتبته، وعنوانه، واسم واضعه، ونحو التعليم الذى استعمل فيه، ويعنى بالغرض الأمور التى قصد تعريفها فى الكتاب، ومنفعته هى منفعة ما عُرف من الكتاب فى شىء آخر خارج عن ذلك الكتاب، ويُعنى بقسمته عدد أجزاء الكتاب، مقالات كانت أو فصولا أو غير ذلك مما يليق أن يؤخذ ألقابا لأجزاء الكتاب من فنون أو أبواب أو ما أشبه ذلك، وتعريف ما فى كل جزء منه، ونسبة الكتاب يعنى بها تعريف الكتاب من أى صناعة هو، والمرتبة يعنى بها مرتبة الكتاب من تلك الصناعة أى مرتبة هى، هل هو جزء أول فى تلك الصناعة أو أوسط أو أخير أو فى مرتبة منها أخرى. وعنوانه هو: معنى اسم الكتاب. وأما اسم واضع الكتاب فمعناه بين... وكل واحد من هذه متى عرف كان له غناء فى تعليم ما فى الكتاب...))، ثم يفسر لنا الفارابى السبب الذى جعله يهمل عمليا مراعاة هذا الذى أكد على أهميته نظريا فيقول: ((ومعرفة غنائها (يعنى هذه الأشياء السابق ذكرها) فليس تعدمها فى تفاسير الحدث (=المصنِّفين المعاصرين له) فإن عناية أكثرهم مصروفة إلى التكثير بأمثال هذه الأشياء، ونحن فقد خلينا أمثال هذه الأشياء لهم، وأرسطاطاليس والقدماء من شيعته يستعملون من هذه الأشياء فى افتتاح كل كتاب مقدار الحاجة وربما لم يستعملوا منها شيئا أصلا، وفى أكثر الكتب فلا يكاد أرسططاليس يخل بمعظم ما يحتاج إليه من هذه، وذلك هو الغرض والمنفعة، وكثيرا ما يذكر النسبة والمرتبة، وربما ذكر معها نحو التعليم الذى يستعمله فى الكتاب...)) ([93])، وهذا يفسر لنا سبب إهماله للمقدمات عمليا.
12) على أنه ربما بدا لنا أن الفارابى يتعامل مع كتبه جميعا كأنها كتاب واحد أو سلسلة واحدة، وما ينبغى أن يذكره فى مقدمة كتاب قد يجعله فى خواتيم الكتاب السابق عليها بحسب الترتيب الصناعى له، ونظن أنه يقصد بذلك حمل الطالب حملا على أن يتعلم على أنحاء التعليم الصحيحة، ويأخذ فى التلقى بناء على الترتيب الصناعى، ولا يشرع فى جزء من العلم قبل الفراغ مما قبله، بحيث لا يبدو كل كتاب كوحدة مستقلة مقطوعة الصلة بما قبله وما بعده، إلا لمن بدأ بكتاب من أثناء العلم بغير ترتيب، فلا يجد مقدمة ترشده، ومن أمثلة ذلك كتابه الألفاظ المستعملة فى المنطق يقول الفارابى بعد أن ينتهى مما كان فيه: ((وقصدنا الآن الشروع فى صناعة المنطق، فينبغى النظر فى هذه الصناعة بما قد قيل إن العادة قد جرت أن يفتتح به فى كل كتاب)) ثم أفاض فى بيان الغرض من صناعة المنطق، ومنفعتها، وعدد أجزائها، ونسبتها، ومرتبتها، والمنشىء لها ([94])، وبما يصلح أن يكون مقدمة لرسالة فى علم المنطق، لكنه يذكرها فى خواتيم رسالة هى نفسها كالتوطئة لعلم المنطق، أما كتبه المنطقية نفسها كالعبارة والخطابة التى بين أيدينا، فتبدأ بلا مقدمة.
13) فالفارابى وإن لم تطرد عنايته بمقدمة توضيحية، فإن بعض كتبه لا تخلو من خاتمة توضح موضع الكتاب الذى يتناوله من خريطة العلم الذى هو فيه، تجعله كالتوطئة أو المقدمة للكتاب التالى له فى خريطة العلم، فمثلا فى خاتمة كتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق يورد نصا طويلا عما ينبغى أن يفتتح النظر به فى صناعة المنطق ويختمه بقوله: ((فقد أتى هذا القول على الأقاويل التى بها يسهل الشروع فى صناعة المنطق، فينبغى الآن أن نشرع فيها، ونبتدئ بالنظر فى الكتاب الذى يشتمل على أول أجزاء هذه الصناعة وهو كتاب المقولات))([95])، وهو ما نجده أيضا فى خاتمة كتابه التنبيه على سبيل السعادة فيقول منبها على كيفية تحصيل الصناعة المنطقية وأهمية علم النحو لتحصيلها: ((ولما كانت صناعة النحو هى التى تشتمل على أصناف الألفاظ الدالة وجب أن تكون صناعة النحو لها غناء ما فى الوقوف والتنبيه على أوائل هذه الصناعة، فلذلك ينبغى أن نأخذ من صناعة النحو مقدار الكفاية... ومن سلك غير هذا المسلك فقد أغفل أو أهمل الترتيب الصناعى، ونحن إذا كان قصدنا أن نلزم فيه الترتيب الذى توجبه الصناعة فقد ينبغى أن نفتتح كتابا من كتب الأوائل التى بها سهل الشروع فى هذه الصناعة بتعديد أصناف الألفاظ الدالة فيجب أن نبتدئ فيه ونجعله تاليا لهذا الكتاب)) ([96])، وكذلك فى خاتمة تحصيل السعادة يقول: ((والفلسفة التى هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين عن أفلاطن وأرسطوطاليس... ونحن نبتدئ أولا بذكر فلسفة أفلاطن، ثم نرتب شيئا فشيئا من فلسفته حتى نأتى على آخرها، ونفعل مثل ذلك فى الفلسفة التى أعطاناها أرسطوطاليس...))([97])، فكأن الفارابى – كما قلنا - يتعامل مع كتبه جميعا كأنها كتاب واحد أو سلسلة واحدة، وما ينبغى أن يذكره فى مقدمة كتاب قد يجعله فى خواتيم الكتاب السابق عليها بحسب الترتيب الصناعى له، حملا للطالب على أن يتعلم على أنحاء التعليم الصحيحة، ويأخذ فى التلقى بناء على الترتيب الصناعى، ولا يشرع فى جزء من العلم قبل الفراغ مما قبله.
14) والنصوص السابقة للفارابى تعطينا قاعدة أخرى هامة من قواعد منهج التصنيف عند الفارابى، وهى: مراعاة الترتيب الصناعى، ليس فقط فى تحصيل العلم وطلبه. إن حرص الفارابى الشديد على مراعاة ذلك جعله لا يضع المقدمات فى مواضعه المعتادة كما تقدم إيضاحه، ولكن أيضا فى التصنيف فيه، فالفارابى تحكمه هذه القاعدة (مراعاة الترتيب الصناعى) فى ترتيب أجزاء الصناعة، وترتيب التأليف فيها بحسب ما يقتضيه منطق كل صناعة من الصناعات الفلسفية، بحيث يأتى تصنيفه فيها مرتبا متفقا مع ما ينبغى مراعاته.
15) ومن الممكن أن نربط هذه القاعدة السابقة بقاعدة أخرى يقررها الفارابى وهى مراعاة (أنحاء التعليم)، والتى يقصد بها الفارابى ثلاثة أحوال للمتعلم على المعلم – بله المصنِّف – أن يراعى حصولها للطالب: ((أحدها: أن يتصور ذلك الشىء ويفهم معنى ما سمعه (أو قرأه) من المعلم، وهو المعنى الذى قصده المعلم (والمصنِّف) بالقول. والثانى: أن يقع له التصديق بوجود ما تصوره أو فهمه عن لفظ المعلم. والثالث: حفظ ما قد تصوره ووقع له التصديق به. وهذه الثلاثة التى لا بد منها فى كل شىء يتعلَّم بقول... وأنحاء التعليم تختلف بحسب اختلاف الأمور التى تستعمل فى التعليم... وهذه الأمور كثيرة: منها استعمال الألفاظ الدالة على الشىء، وحدّ الشىء، وأجزاء حده، وجزئياته، وكلياته، ورسوم الشىء، وخواصه، وأعراضه، وشبيه الشىء، ومقابله، والقسمة والمثال، والاستقراء، والقياس، ووضع الشىء بحذاء العين، وهذه كلها ما عدا القياس فتنفع فى تسهيل الفهم والتصور، وأما القياس فإن شأنه أن يوقع التصديق بالشىء فقط...)) ([98])، وكل هذه الأمور على المصنِّف – كما على المعلِّم – أن يراعيها حتى يسهل الفهم والتصور والتصديق للمعانى التى يقصدها بالتصنيف.
16) ربما أورد الفارابى المباحث المقصودة إيرادا دون أن يشير إلى مصدره فيها، فمثلا نجده لا يصرح بالإشارة إلى أرسطو فى كتاب العبارة إلا فى موضعين، كما لا يشير إلى غيره من الفلاسفة إلا نادرا فقد أشار إلى الإسكندر مرة واحدة فى كتابه هذا([99])، وربما عرض لآراء القدماء، واعتنى بالتأريخ لتطور الفكر الفلسفى وتراكمه حول القضايا التى يتناولها([100]).
17) يميل أسلوب الفارابى أحيانا كثيرة إلى السهولة فى العبارة، وسلاسة الفكر، والانتقال بين أفكار الموضوع فى سهولة ويسر، كما نرى ذلك فى كتبه كالعبارة والخطابة والتنبيه على سبيل السعادة، والألفاظ المستعملة فى المنطق مثلا، ((والحق أن أسلوب الفارابى فى الكتابة فيه وضوح وإشراق، وهو من نوع السهل الممتنع، فلم يجنح فيه نحو التراكيب اللغوية الصعبة، والصيغ المعقدة، وإذا بدا أن فيه صعوبة أو غموضا فى بعض الأحيان فما هو إلا من تعقد الموضوعات نفسها، بحيث يصبح التعبير عنها بلغة جزلة سهلة فيه شىء من الصعوبة)) ([101])، وهذا هو الأمر الظاهر من مطالعة مصنَّفات الفارابى، ومن ثم فلسنا نوافق أ/د وافى على رأيه حين يقول: ((ولغة الفارابى فى هذا الكتاب (المدينة الفاضلة) كلغته فى جميع كتابه لغة معقدة ركيكة تبين بصعوبة عما يقصده)) ([102]).
18) كما أن أسلوب الفارابى فى أحيان أخرى يميل إلى أن يكون دقيقا مركزا، ليس فيه تكرار ولا ترادف، وهو يعتنى باللفظ والعبارة، ويعطى أغزر المعانى فى جمل مختصرة، وهو شغوف بالمتقابلات، فعندما تخطر له فكرة لا بد أن يذكر مقابلها، كما نراه فى رسالة ((فى جواب مسائل سئل عنها))، كما يتمتع أسلوبه بالمرور على الأمور التى يفترض أنها معروفة دون أن يطيل فى شرحها، ولا تستوقفه الموضوعات العادية، لكنه عند الحديث عن أساس نظرية ما يجلى ما غمض، ويدلى فيه برأيه، كما نراه فى رسالة ((فى أغراض الحكيم فى كل مقالة من الكتاب الموسوم بالحروف)) ([103]).
19) لكنه فى كل الأحوال سواء أخذ بجانب السهولة والوضوح أو بجانب الدقة والتركيز، يسعى إلى جلاء المعانى جلاء تاما([104])، وواقعة ابن سينا المشهورة تؤكد على هذه السمة فى المنهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، ففى القصة المشهورة التى يحكيها ابن سينا عن نفسه أنه طالع كتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو أكثر من أربعين مرة، ولم يفهمه، حتى يأس من ذلك، ثم وقع له كتاب الفارابى (فى أغراض ما بعد الطبيعة) فلما قرأه فتح له ما كان مغلقا، واتضح ما كان مغمضا، وصارت تنكشف له معان هذا العلم انكشافا([105]).
20) ومن خصائص منهج التصنيف عند الفارابى: الجمع، والتعميم، والترتيب، والتأليف، والتحليل، والتركيب، والتفريع، والتركيز، كل ذلك يعتبر خاصة من خصائص الفارابى، وهدف من أهدافه فى التصنيف، وخير شاهد على ذلك رسالته المسماة ((ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة)) ([106])، وهى تسعة أشياء أخذت عن أرسطو نفسه كما يصرح بذلك الفارابى: 1- أسماء الفرق التى كانت فى الفلسفة. 2- معرفة غرضه فى كل واحد من كتبه. 3- المعرفة بالعلم الذى ينبغى أن يبدأ به فى تعلم الفلسفة. 4- معرفة الغاية التى يقصد إليها تعلم الفلسفة. 5- معرفة السبيل التى يقصد إليها من أراد الفلسفة. 6- المعرفة بنوع كلام أرسطو كيف يستعمله فى كل واحد من كتبه. 7- معرفة السبب الذى دعا أرسطو إلى استعمال الإغماض فى كتبه. 8- معرفة الحال التى يجب أن يكون عليها الرجل الذى يوجد عنده علم الفلسفة. 9- الأشياء التى يحتاج إليها من أراد تعلم كتب أرسطو([107])، ثم أخذ الفارابى فى بقية الرسالة يتكلم عن هذه التسع بالتفصيل. كما لا يخفى فإن هذه الأمور التسع، كما ينبغى على طالب الفلسفة تعلمها، فينبغى على المصنِّف فى الفلسفة – بحسب نظرية الفارابى - أن يراعيها أيضا، حتى يأتى تصنيفه فيها موافقا للخطة التى وضعها الفارابى لما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة.
21) يعتنى الفارابى ببيان مصطلحه([108]) وشرح مراده به، وهو ما نجد واضحا فى كتابيه العبارة والخطابة مثلا، ((وقد توسع الفارابى فى هذا كل التوسع، وكأنما أحس بأن البحث الفلسفى فى الإسلام فى حاجة ماسة إلى توضيح معالمه وشرح مصطلحاته... وعناية الفارابى بالمصطلح الفلسفى كبيرة، تفوق دون نـزاع عناية زملائه الآخرين من المشائين العرب، وأهّله لذلك تمكنه من العربية وعلومها... والفارابى فوق هذا كله منطقى، بل المنطقى العربى الأول، والمنطق يعنى بالوضوح والدقة، وصلته باللغة وثيقة، ومن أبوابه مبحث فى الألفاظ ودلالتها... وقد الفارابى (مجاراة لأرسطو) كتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق وعرض فيه للكلى والجزئى، وللعام والخاص، وللجنس والنوع...، ووضع أيضا كتاب الحروف وهو من أكبر مصنَّفاته الفلسفية التى وصلت إلينا، ومن أشدها عناية بالمصطلح الفلسفى([109])، وحاول خاصة أن يدرس المصطلح الفلسفى دراسة موضوعية ولغوية فبين كيف نشأ وكيف تطور، وأعانه على ذلك فقهه اللغوى([110]) وإلمامه بعدة لغات)) ([111])، ويمكن القول بأن الفارابى له تأثير كبير فى تأسيس المصطلح الفلسفى العربى، ولهذا اعتنى بعض كبار الباحثين المعاصرين بعمل معجم للمصطلح الفلسفى عند الفارابى([112]).
22) يعى الفارابى بالعلوم الحضارية ومناهجها، وهو ما نجده فى حديثه عن نشأة العلم الفلسفية بنشأة الألفاظ عند الأمم، وذلك فى كتابه الحروف، حيث عاصر الفارابى هذه الفترة التى التقت فيها الحضارة الإسلامية الناشئة بالحضارة اليونانية، وقام بالحديث عن نشأة العلوم من خلال الألفاظ محللا ذاته، وواصفا تجاربه، فالحضارة لا تكشف عن نفسها إلا من خلال الوعى الفردى، فالحضارة وعى جماعى، والوعى الفردى وعى حضارى، فلم يكن مصادفة أن يأخذ الفارابى لقب المعلم الثانى، لأنه هو الذى قام بعمليات الفهم والتمثل، والاحتواء والعرض، ثم التقييم والنقد والإعادة، ثم الدراسة والتحليل والوصف للحقائق ذاتها بصرف النظر عن قائلها ومكتشفها([113]).
23) وكملاحظة عامة حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: فإن للفارابى حوالى مائة مؤلف أو أكثر بقليل، والتأليف فيها يوازى نصفها تقريبا، وهذا يدل على أن الفارابى كان مؤلفا كما كان شارحا، وأن لقب المعلم الثانى لا يعنى فقط شارح أرسطو، بل يعنى أيضا أنه مؤلف مثل أرسطو، على أن المنطق فى الشروح الفارابية هو الغالب إذ يمثل حوالى نصف شروحه، فذلك لأن المنطق يحتوى على النظرية الخالصة والعقل النظرى، وهو ما يمكن للفارابى تحويله بسهولة إلى فكر نظرى عام يتجاوز حدودة اليونانية الأولى، ففى شروح الفارابى يأتى المنطق أولا من حيث الكم ثم السياسة ثم ما بعد الطبيعة، ثم الطبيعة فاللغة فالهندسة فالموسيقى([114])، بل يرى بعض الباحثين أن قيمة الفارابى الحقة تقوم على ما صنف لا على ما شرح([115])، ويذكر بعض الباحثين أنه من ((المعروف أن مشروع الفارابى الفلسفى قد مر فى مرحلتين زمنيتين، وقد تمثلت المرحلة الأولى فى الكتابات الفلسفية والمنطقية، عرضا وتلخيصا وشرحا، بينما تمثلت المرحلة الثانية والمتأخرة زمنا فى الكتابات الاجتماعية والسياسية ))([116])، وينتهى من محاولته للوصول لمؤلفات الفارابى الأخيرة والتى تتمثل فيها فلسفته وأفكاره النهائية إلى أنها: رسالة فى العقل (بعد 320 هـ) - إحصاء العلوم (أشار إليه فى التنبيه على سبيل السعادة) – آراء أهل المدينة الفاضلة (ابتدأ فيه قبل 330 هـ، وفرغ منه بمصر 337 هـ) السياسة المدنية (بدأه قبل سنة 330 هـ وأكمله بمصر سنة 337 هـ أيضا)– الملة (بعد سنة 331 هـ) – "فصول المدنى" أو "فصول منتزعة" (نشر تحت هذين العنوانين، ألفه فى مصر بين عامى 335 هـ: 337 هـ) – التنبيه على سبيل السعادة (ألفه بعد "فصول منتزعة"حيث نقل منه، وبعد هذه الكتب السابقة جميعا، ربما بين عامى 336 هـ: 338هـ)([117]).
24) لا يوجد عند الفارابى أسلوب واحد فى الشرح، فهناك الأسلوب الشائع بإعادة عرض المادة عرضا نظريا خالصا من أجل إطلاق المعانى، وهناك باقى الأساليب من المقالة والمختصر والتعليق والرسالة والإحصاء والصدر والفصل، وهى كلها تبين تعامل الفارابى مع المادة المعروضة أمامه واختلاف وسائله، فالفارابى يتعامل مع أرسطو إما شارحا لكتاب كما هو الحال فى (المقولات والعبارة)، أو مبينا قصد كتاب آخر، كما هو الحال فى (الإبانة عن غرض أرسطو طاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة)، أو توضيح علم معين أو فرع من علم ما مثل (كتاب القياس أو الجدل)، أو عارضا مذهب أرسطو ككل إما من داخله أو من خارجه بمقارناته مع غيره داخل الفلسفة اليونانية([118]).
25) يستعمل الفارابى طريقة الشرح الكبير، والتى يسميها هو (على جهة التعليق) أى ذكر نص ثم التعليق عليه، وهى الطريقة التى استعملها ابن رشد أيضا فيما يسمى بالتفسير الكبير، وتدل هذه الطريقة على احترام نصوص القدماء، لا على تبعيتها وتقليدها وتقديسها، وهى طريقة تعلمها المسلمون من شروحهم للقرآن الكريم، كما تدل على التمايز الحضارى بين الموقفين، فالنص المشروح نص القدماء، والشرح هو نص جديد من حضارة أخرى تفهم وتفسر وتؤول وتتمثل، ثم تراجع وتعيد النظر وتكمل النقص، وتدل هذه الطريقة ثالثا على إمكانيات المقارنة والحكم بين النصين، حيث كثيرا ما يكون الشرح أقرب فهما من النص، وأكثر عقلانية، وأقرب إلى الصدق([119]). ويستعمل الفارابى الشرح بثلاثة مستويات: الشروح، والشروح الكبيرة، والشروح على جهة التعليق، كما يستعمل طريقة التلخيص بمستويات متعددة – صغير وأوسط وكبير – كما نجد عنده الحديث عن الجوامع، مما يعنى أن الفارابى لخص الكتب الأرسطية وخاصة المنطقية أو الكثير منها خمس مرات أو أكثر، ويميل الفارابى فى تلاخيصه الوسطى مثلا إلى طريقة الجوامع التى اتبعها ابن رشد، حيث لا يعطى شيئا من النص الأصلى، بل يبحث فى المواضيع التى يبحثها النص الأصلى بأسلوب جديد، يتوسع فى البحث فيه ويتعمق أكثر مما عمل فى الجوامع الصغيرة، على أن هذه المستويات هى مجرد احتمالات وفروض يمكن استنتاجها من كلام المؤرخين ومفهرسى كتبه، ولا يمكن التأكد منها قبل العثور على كتب الفارابى المفقودة ودراستها([120]).
26) تدل طريقة الفارابى فى الشرح على أن الغرض من الشرح تحويل النص الأرسطى إلى نظرية خالصة فى العقل، بصرف النظر عن بيئته الثقافية الأولى التى نشأ فيها، فهو يعرض للموضوعات وليس للنصوص، ويتناول المسائل وليس العبارات ويحول مقصد الكتاب إلى تحليل عقلى خالص، وينتقل من التاريخ إلى العقل، ومن تاريخ الفلسفة إلى الفلسفة العامة، ويسقط الفارابى كل التاريخ البيئى الخاص، ولا يبقى إلا النظرية العامة، وبالتالى تقوى براهنيه الداخلية عند الفارابى، وتكثر حججه العقلية، ويصبح واضحا بذاته، ويتحول إلى حكمة بعد أن كان تاريخا، ويصبح حقيقة بعد أن كان رأيا، فإذا كانت القسمة العقلية ناقصة كملت، وإذا كانت عامة فصلت، وإذا كانت مفصلة عمت، فالفارابى لا يشرح بمعنى أنه يتبع عبارة بعبارة، ولفظا بلفظ، بل إنه يحكم ويحذف ويضيف ويقابل اللغة العربية باللغة اليونانية، أى إنه شرح إيجابى يحقق ويدقق ومن ثم فهو تأليف غير مباشر، يغير الأمثلة إلى ما هو أشهر، ويحذف الزائد للتركيز على الجوهرى، ويعيد عرض موضوعاته بناء على أساليب اللغة العربية، ولا يقتصر الفارابى فى شرحه على الفقرة التى يشرحها، بل ينظر إلى العمل الواحد على أن له وحدة عضوية واحد ويضع نصب عينيه ما سبق وما سيلحق مبينا تلك الوحدة العضوية للعمل، بل ربما تخطى نظره إلى الأعمال الأخرى، مما يعنى أن وحدة المذهب هى التى نصب عينى الفارابى يحللها ويرجع عناصرها إلى مختلف الأعمال الأرسطية، وهو بصدد شرح عمل منها، حتى يبدو العمل الواحد كجزء من نسق كلى شامل هو المذهب الأرسطى، وهذا أقرب إلى إعادة البناء منه إلى الشرح، والبناء هو دخول المنطق والطبيعيات والإلهيات فى نسق فلسفى واحد هو نسق الفارابى، ويحاول إخضاع مؤلفات أرسطو طاليس نفسه إلى نسق عقلى واحد([121]).
27) يظهر بوضوح من خلال جوامع الفارابى الصغيرة أو التلخيص نوعية الحضارتين الإسلامية واليونانية فى مادة البحث وأمثلته سواء اللغوية أو الأدبية أو الدينية، فتظهر العربية فى مقابل اليونانية، ويظهر الأدب العربى فى مقابل اليونانى، تظهر العلوم الإسلامية فى مقابل اليونانية، مما يدل على أن الفارابى يتعامل مع المعانى، وليس مع النصوص، وأنه ليس مجرد شارح نص، بل هو عاقل معان، خاصة فى حضارة تعطى المعنى استقلالا عن اللفظ، فالفارابى لا يسير وراء أرسطو الحذو بالحذو، ولكنه يعرض لموضوعاته ومعانيه، ويتعامل معها ككليات وماهيات مستقلة عن عباراتها وألفاظها ومصطلحاتها وبيئاتها الخاصة التى منها صدرت، وهذا هو ما سمى بالجوامع الصغيرة أو التلخيص، ولم يكن تقليدا سبق الفارابى فى الأدب اليونانى والسريانى واستمر بعده فى الأدب العربى، بل كان ضرورة حضارية بيئية خاصة فى التعبير عن المعانى الكلية فيما وراء الألفاظ والعبارات، وما دام المعنى قد استقل عن اللفظ فإنه بالإمكان عمل تلخيص أصغر وأوسط وأكبر تبعا لمادة العرض وضرب الأمثلة، وليست طريقة التلخيص هى البحث فى مواضيع النص بأسلوب جديد، بل إعادة التعبير عن موضوع النص بعد أن يتحول إلى معنى عقلى خالص بلغة البيئة الحضارية الجديدة([122]).
28) لا يكتفى الفارابى بنصوص أرسطو، ولكنه يذهب لتأويلاتها المختلفة لدى الشراح سواء أجمعوا عليه أم اختلفوا فيه، سواء ما فهموه أو ما أساءوا فهمه، ويقف الفارابى حكما بين الجميع، فيخطئ الشراح فى معرفة قصد أرسطو، ويصحح مزاعمهم، ويكشف أخطاءهم ويبين أسبابها، والفارابى فى وسط كل هذا على وعى عميق بأن الفكر يتكون من اللفظ والمعنى والشىء، وأن الشراح وإن استعملوا ألفاظا متباينة قد تتفق أو تختلف، ولكنها لا تؤثر كلها فى المعانى ذاتها، فالمهم هو المسميات لا الأسماء، بل إنه فصل بين معانى أرسطو نفسه وألفاظه، فالشروح للألفاظ من أجل توضيح المعانى، ولهذا فالأمثلة التى يستعملها أرسطو ليست هى الحقائق بل يمكن ضرب أمثلة أخرى لتوضيح نفس الحقائق، ويعيب الفارابى على الشراح عدم دخولهم فى الذهن الأرسطى ([123]).
29) يؤكد الفارابى على أهمية معرفة قوانين كل صناعة، وأن كل صناعة إنما تكون كذلك بقوانينها الكلية، ومن هنا لا بد على كل مصنِّف أن يعتنى عناية تامة بالقوانين الكلية، يقول الفارابى: ((والقوانين فى كل صناعة أقاويل كلية، أى جامعة، ينحصر فى كل واحد منها أشياء كثيرة مما تشتمل عليه تلك الصناعة وحدها حتى يأتى على جميع الأشياء التى هى موضوعة للصناعة أو على أكثرها، وتكون معدة إما ليحاط بها ما هو من تلك الصناعة، لئلا يدخل فيها ما ليس منها، أو يشذ عنها ما هو منها، وإما ليمتحن بها ما لا يؤمن أن يكون قد غلط فيه غالط، وإما ليسهل بها تعلم ما تحتوى عليه الصناعة وحفظها، والأشياء المفردة الكثيرة إنما تصير صنائع أو فى صنائع بأن تحصر فى قوانين تحصل فى نفس الإنسان على ترتيب معلوم)) ([124])، ونستخلص من ذلك: أن العناية بالقوانين الكلية أحد الأسس المهمة فى منهج التصنيف عند الفارابى، وبالقوانين الكلية تتحول المفردات الجزئية الكثيرة إلى صنائع كاملة، ومسلك الفارابى فى كتابه العظيم إحصاء العلوم يضع أيدينا بوضوح وبصورة تطبيقية على تلك الفكرة، حيث يحاول الفارابى دائما أن يعطى فى كل صناعة أو علم وقف عليه القوانين الكلية التى تحكمه والتى صار بها صناعة([125]).
30) ويقدم الفارابى من خلال فكرة القوانين الكلية الخطوط العريضة لمنهج تصنيف فى العلوم الفلسفية وغيرها التى شملها كتابه إحصاء العلوم، فمنهج التصنيف فى العلم الطبيعى مثلا يعتمد على أنه علم ينظر فى الأجسام الطبيعية وفى الأعراض التى قوامها فى هذه الأجسام، ويعرف الأشياء التى عنها والتى بها والتى لها توجد هذه الأجسام والأعراض التى قوامها فيها، والأجسام منها صناعية ومنها طبيعية، وحال الأجسام الطبيعية فى هذه الأمور (كالغاية والغرض والعرض والمادة والفاعل والمكون) كالأجسام الصناعية، ومواد الأجسام وصورها وفاعلها والغايات التى لأجلها وجدت تسمى مبادئ الأجسام، وإن كانت لأعراض الأجسام تسمى مبادئ الأعراض التى فى الأجسام، والعلم الطبيعى يعرف من كل جسم طبيعى مادته وصورته وفاعله والغاية التى لأجلها وجد ذلك الجسم، وكذلك فى أعراضها، والأجسام الطبيعية منها بسيطة ومنها مركبة، فالبسيطة هى الأجسام التى وجودها لا عن أجسام أخر غيرها، والمركبة هى التى وجودها عن أجسام أخر، وبناء على هذا ينقسم العلم الطبيعى ثمانية أجزاء عظمى: 1- الفحص عما تشترك فيه الأجسام الطبيعية كلها البسيطة والمركبة. 2- الفحص عن الأجسام البسيطة والاسطقسات، هل هى موجودة، وإن كانت موجودة فأى أجسام هى.... 3- الفحص عن كون الأجسام الطبيعية وفسادها. 4- الفحص عن مبادئ الأعراض والانفعالات التى تخص الاسطقسات وحدها. 5- النظر فى الأجسام المركبة من الاسطقسات، وتنقسم إلى متشابهة الأجزاء ومختلفتها. 6- النظر فيما تشترك فيه الأجسام المركبة والمتشابهة الأجزاء. 7 – النظر فيما يشترك فيه أنواع النبات من الأجسام المركبة المختلفة الأجزاء. 8 – النظر فيما يشترك فيه أنواع الحيوان من الأجسام المركبة المختلفة الأجزاء([126]). وهكذا أعطانا الفارابى منهجا متكاملا للتصنيف فى العلم الطبيعى، والذى عرضنا له كنموذج فحسب([127])، وقد حاول الفارابى القيام بالأمر نفسه بطول كتابه إحصاء العلوم وعرضه فى كل ما عرض له من علوم سواء أكانت فلسفية أو غيرها.
31) ويقوم منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى على محاولة الوصول إلى الموضوعية، فهو قبل أن يخوض فى أى مشكلة فلسفية يرسم الطرق، ويحدد الأهداف، ويضع جميع الاحتمالات الممكنة، ويرجع إلى آراء السابقين والمعاصرين له، ولا يصدر رأيه إلا بعد أن يكون قد أوسع الفكرة بحثا وتحليلا، ورسالته المسماة (ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة) أشبه ما تكون بفهرس مقسم مبوب لعرض المدارس الفلسفية اليونانية، حتى يكون دارس الفلسفة على بينة من أمره قبل أن يخوض فيها([128]).
32) ويتنوع المنهج الجدلى الذى يستخدمه الفارابى بتنوع الموضوع، فنستطيع أن نميز استخدامه لمنهج (الجدل النازل) بشكل خاص فى الإلهيات، ومنهج (الجدل الصاعد) بشكل خاص فى الإنسان والمجتمع، وتكاد فلسفة الفارابى أن تكون حوارا مستمرا بين الاثنين، وسعيا دءوبا للتقريب بين ما هو مفارق وما هو إنسانى، ففى كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) يستعمل الجدل النازل، حيث يبدأ من الموجود الأول ثم فى صدور الموجودات عنه، ويستمر فى النـزول بشكل تدريجى، ويقرر الفارابى هذا المنهج الجدلى بقوله: ((لك أن تلحظ عالم الخلق فترى فيه أمارات الصنعة، ولك أن تعرض عنه وتلحظ عالم الوجود المحض، وتعلم أنه لا بد من وجود بالذات، وتعلم كيف ينبغى أن يكون عليه الوجود بالذات، فإن اعتبرت عالم الخالق فأنت صاعد، وإن اعتبرت عالم الوجود المحض فأنت نازل)) ([129])، ونلاحظ أنه بنى أبواب كتابه هكذا بناء على الجدل النازل، فأتى ترتيب أبوابه على النحو التالى: 1- القول فى الموجود الأول. 2 – القول فى نفى الشريك عنه تعالى. 3- القول فى نفى الضد عنه. 4- القول فى نفى الحد عنه سبحانه. 5- القول فى أن وحدته عين ذاته، وأنه تعالى عالم حكيم وأنه حق وحىٌّ. 6- القول فى عظمته وجلاله ومجده تعالى. 7- القول فى كيفية صدور جميع الموجودات عنه. 8- القول فى مراتب الموجودات. 9- القول فى الأسماء التى ينبغى أن يسمى بها الأول تعالى مجده. ومن الأبواب 10: 19 يبدأ النـزول إلى الكلام فى الموجودات فيتكلم فى الموجودات الثوانى، والمادة والصور، وما تشترك فيه الأجسام، والحركة، والأحوال، والأسباب، ومراتب الحدوث، وتعاقب الصور على الهيولى. وبداية من الباب (20: 25) ينـزل الكلام إلى النفس، فيتكلم فى أجزاء النفس البشرية وقواها، ثم أخيرا ينـزل بداية من الباب (26) إلى الباب الأخير (37) فى بيان احتياج الإنسان إلى الاجتماع، وما هى المدينة الفاضلة ومضاداتها. وهكذا يتضح لنا من خلال هذا المثال أثرا جليا للمنهج الجدلى عند الفارابى وتجليه على منهج التصنيف الفلسفى عنده، حيث انبنى عليه خطة التصنيف فى كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة).
33) يمتاز الفارابى بالإلمام، ليس فقط بتخصصه الدقيق الفلسفة، ولكن بمعارف عصره عامة، سواء اللغوية أو الشرعية، ((ويدل كتابه هذا (يعنى إحصاء العلوم) على مدى تمكنه من مختلف فروع المعرفة السائدة فى عصره، فقد عرض كل فرع من هذه الفروع عرض الخبير بحقائقه، الملم بما وصل إليه الباحثون فى مختلف مسائله)) ([130]).
34) تعرض الفارابى فى الجمع بين رأيى الحكيمين إلى المقارنة بين موقف أفلاطون وأرسطو من التدوين([131])، ومن الواضح من خلال هذا النص وعى الفارابى العميق بمشكلات منهج التصنيف، ووقوفه الدقيق على مناحيه، ووجوه التصرف فيه.
35) يرى الفارابى فى منهجه فى التصنيف أن الأقاويل المشهورة لا داعى لذكرها استغناء بشهرتها، والأهم هو منهج تناولها والتعامل الصحيح معها، وفى ذلك يقول: ((ومن ذلك الصور والمثل التى تنسب إلى أفلاطون وأرسطو على خلاف رأيه فيهما... وبين ما يلزمها من الشناعات... ينطق بها فى تلك الأقاويل ما يطول بذكرها هذا القول، وقد استغنينا لشهرتها عن الإعادة، مثل ما فعلنا بسائر الأقاويل حيث أومأنا إليها وإلى أماكنها وخلينا ذكرها بالنظر فيها والتأويل لها لمن يلتمسها من مواضعها، فإن الغرض المقصود من مقالتنا هذه إيضاح الطرق التى إذا سلكها طالب الحق لم يضل فيها، وأمكنه الوقوف على حقيقة المراد بأقاويل هذين الحكيمين من غير أن ينحرف عن سواء السبيل إلى ما تخيله الألفاظ المشكلة))([132])، ويؤكد الفارابى على أن المقصود المعانى وحقائق المذاهب، دون الألفاظ ولهذا يوجه نصيحته لطالب الحق أن ((لا يتبع الألفاظ متابعة تامة)) ([133]).
36) ومن الملاحظات المهمة حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى هو تناوله لبعض الموضوعات فى أكثر من كتاب بصورة شديدة التقارب وربما التكرار أيضا، كما نراه فى كتبه: التنبيه على سبيل السعادة – تحصيل السعادة – السياسة المدنية، وكما نراه بين بعض فقرات كتابيه الملة، وإحصاء العلوم([134])، وربما رجع ذلك إلى كونها رسائل أرسل بها إلى بعض أصحابه، فيكرر فيها الموضوع بحسب السؤال، وبغض النظر عن كونه سبق فى موضع آخر، حتى تحصل الفائدة للسائل.
37) وقد يكون مدخله فى تناول الموضوعات الفلسفية مدخلا لغويا، وقد فعل هذا فى كتابه الحروف، فأتى الباب الأول – بحسب تقسيم المحقق – فى الحروف وأسماء المقولات، من خلال (18) فصلا تتناول: حرف إن – متى – وجعل الكلام عليهما مدخلا للكلام عن الموضوعات الفلسفية التالية: المقولات – المعقولات الثوانى – الموضوعات الأول للصنائع والعلوم، ثم انتقل بعد ذلك إلى أشكال الألفاظ وتصريفها تناولا فلسفيا لهذه الظواهر اللغوية، ومنها انتقل إلى الكلام على النسبة والإضافة وأنواعها، فى الفلسفة واللغة، ويربط ذلك بالكلام عن الحرف (أين)، ويتناول العلاقة بين النسبة والمقولات، ليعود مرة أخرى إلى بعض مباحث المقولات فيتحدث عن العرض والجوهر، ويفضى به ذلك إلى الكلام عن الذات والفرق بينه وبين الجوهر، وعن الموجود، وعن عملية الاصطلاح من خلال تحليل لغوى وفلسفى شيق لكيفية اشتقاق مصطلح الهوية، وعن الشىء، والمقصود بـ (الذى من أجله)، ثم يتكلم عن الحرف (عن) وبه يختم الباب الأول. أما الباب الثانى – بحسب عنونة المحقق – فعن حدوث الألفاظ والفلسفة والملة وصناعة الكلام والفقه، وحدوث الحروف، وأصل اللغة، وكيفية تطورها، ونشأة الألفاظ والأساليب الخطابية والأشعار، وحدوث الصنائع العملية ثم الصنائع القياسية حتى تكتمل الفلسفة. أما الباب الثالث – بحسب المحقق – فتناول فيه الفارابى حروف السؤال حرفا حرفا وماذا يسأل عنه فى اللغة عن الجواهر أو الأعراض أو المقولات، منبها على مفهوم كل ذلك فلسفيا، وتناول فيه أنواع المخاطبات تناولا فلسفيا، موضحا السؤالات التى تطلب بها المطلوبات فى الصناعات الفلسفية والمنطقية، وحروفها اللغوية.
38) وختاما فإن الفارابى مع كل ما تقدم عن منهجه فى التصنيف الفلسفى، فإن من من أروع كتبه الفلسفية – فى رأينا - هو كتابه التعليقات، والذى كتبه بطريقة الكناش، أو المنتخبات والمختارات، وضمنه خلاصة فكره الفلسفى، فى صورة فقرات قصيرة تبدأ بقوله قال، ولا يجمعها ترتيب ظاهر إلا أنها فى مجال الفلسفة والحكمة تبدأ بالموجودات وصدروها عن ذاته تعالى، وتتنوع بعد ذلك بالكلام عن واجب الوجود، وقوى النفس، ونظرية المعرفة، وحقائق الأشياء، والحدود، فى عبارات رشيقة موجزة حاسمة تذكرنا بالقواعد الأصولية، يذكر فيها خلاصة موقفه الفلسفة من القضية التى يتناولها، ورغم أن الكتاب لا تشمله وحدة موضوعية ظاهرة، إلا أن ذلك يجعل القارئ فى حالة توهج واشتياق دائم للقاعدة التالية التى لا يتوقع موضوعها، دون أن يتسلل السأم إلى نفسه.
39) وعلى النهج نفسه صار الفارابى فى كتاب (النكت فيما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم)، وهو وإن كان موضوعا بالأصالة فى علم النجوم، إلا أنه مزدخر بشتى أنواع الحكم والنظرات العميقة فى النفس البشرية والكون ونظرية المعرفة ومنهج البحث، وغير ذلك، وقد ابتدأه الفارابى بفائدة فى فضيلة العلوم والصناعات بأى أمر تكون، ومن لطائف ما ذكر كلامه على ضرورة وجود الأمور الاتفاقية (الصدف) وأنه لولاها لاختل نظام العالم: ((لو لم يكن فى العالم أمور اتفاقية ليس لها أسباب معلومة لارتفع الخوف والرجاء، وإذا ارتفعا لم يوجد فى الأمور الإنسانية نظام إلبتة لا فى الشرعيات، ولا فى السياسيات؛ لأنه لولا الخوف والرجاء لما اكتسب أحد شيئا لغده، ولما أطاع مرءوس لرئيسه، ولما عنى رئيس بمرءوسه، ولما أحسن إلى غيره، ولما أطيع الله، ولما قدم معروف، إذ الذى يعلم أن جميع ما هو كائن فى غد لا محالة على ما سيكون ثم سعى سعيا فهو عابث أحمق يتكلم بما يعلم أنه لا ينتفع به)) ([135])، وهكذا يمضى الفارابى فى نكته تلك، مدليا بخبرته، وهذه النكت – البالغ عددها ثلاثون - فى جميعها تعتبر انتقادا منهجيا لهذا علم، فتلك النكتة السابق ذكرها عن الأمور الاتفاقية تعبر عن هذا النقد المنهجى لموضوع علم النجوم القائم على معرفة الحوادث والنوازل عن طريق حساب النجوم، فانتقد ذلك بأنه يعنى أنه لا يمكن ألا توجد أمور اتفاقية (تكون كذلك بالنسبة لنا) وإلا اختل نظام العالم، فماذا يجدى إذن علم النجوم، وفى نكتة أخرى ينتقد دعوى أن علم النجوم مبنى على التجارب الصادقة، فينتقد هذا بأنه بفرض تسليمه فإن الخبرة المبنية على التجارب الصادقة لا تفيد فى كل الأحيان فيقول: ((التجارب إنما تنفع فى الأمور الممكنة على الأكثر، فأما الممكنة فى الندرة، والممكنة على التساوى فإنه لا منفعة للتجربة فيها، وكذلك الروية وأخذ التأهب والاستعداد إنما ينتفع بها فى الممكن على الأكثر لا غيره، وأما الضروريات والممتنعات فظاهر من أمرهما أن الروية والاستعداد والتأهب والتجربة لا تستعمل فيهما، وكل من قصد لذلك فهو غير صحيح العقل، وأما الحزم فقد ينتفع به فى الأمور الممكنة فى الندرة والتى على التساوى)) ([136])، ويمكن من خلال تحليل هذه النكت استكشاف طرفا من الموقف النقدى عند الفارابى، وهو منهج قائم على الفهم العميق لأسباب الظواهر العلمية، واحتياجات البحث، والبنية العلمية للعلم، والغرض والغاية من ورائه، والتفريق بين ما يصلح للتعميم وما يبقى على خصوصه، والنظرة العميقة للفرق بين الأشياء والتمييز بين خواصها المؤثرة فيها وفى أحكامها([137]).
40) وتابع نهجه هذا فى كتابه فصوص الحكمة الذى يتناول فى أغلبه موضوعات من العلم الإلهى أو علم ما بعد الطبيعة، فى صورة نكات علمية أو قواعد علمية منثورة يترجم لكل منها بقوله (فص)، والفص الأول يتكلم فى الفرق بين الماهية والهوية، ويترك الفصوص يفضى بعضها إلى بعض عن الماهية، لينتقل بعد ذلك إلى الكلام فى الوجود ووجوبه، ثم صفات واجب الوجود، ثم فى النفس وقواها ونظرية المعرفة، والملائكة، كل منها فى عدة فصوص يسلم بعضها إلى بعض فى سلاسة ويسر، لكن أيضا فى عمق وتقديم لخلاصة الفكر الفلسفى، وفص الشىء – كما يقول الشنب غازانى – ((عبارة عن خلاصة الشىء، وزبدته، ولما كانت المباحث المذكورة فى هذه الرسالة عين الحكمة وخلاصة مسائلها، عنون كل طائفة مخصوصة منها بالفص ليشعر فى أول الأمر بجلالة مكانتها، نفاسة شأنها، حتى يرغب الطالبون فى تحصيلها رغبة كاملة)) ([138]).
41) لقد استعمل الفارابى إذن هذا النوع من منهج التصنيف فى عدة كتب له، تمتاز رغم عدم اتخاذها أيا من مناهج التصنيف الفلسفى السابقة عند الفارابى بالعمق والأهمية فى التعبير عن المذهب الفلسفى عند الفارابى، وكأنه الجهد الذى كان يستفرغه فى صناعة التأليف والتصنيف اتجه به بكليته إلى تعميق الأفكار، بحيث استوعب جمام جهده فيها دون أن يبقى شيئا للتصنيف، لكن يغطى على ذلك الأهمية التى اكتساها الكلام، بحيث تشفع لغياب التصنيف المنطقى الصارم، وتصير ذات منطق خاص بها سنجد روحه كثيرا بعد إشراقا وتصوفا.

([1])وللاستزادة بخصوص الفارابى وفلسفته وأهم أفكاره وآرائه راجع: - ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72 – 74). - ظهير الدين البيهقى، تاريخ حكماء الإسلام، (ص 30 - 35). - ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء، (ص 603 - 609). - دى بور، تاريخ الفلسفة فى الإسلام، مع تعليقات د/ أبى ريدة (ص 192 - 237). - أ/ سعيد زايد، الفارابى، وهى دراسة قيمة موجزة عن الفارابى. - أ/د عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لكتاب (إحصاء العلوم للفارابى)، وفيها دراسة ضافية عن أثر هذا الكتاب ومنهجه (ص 7 - 50). - د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/35 – 45، 69 - 99، 2/80 – 82، 144-145). - أ/د محمد البهى، الجانب الإلهى من التفكير الإسلامى، (ص 267 - 320). – أ/د محسن مهدى، مقدماته الضافية لتحقيقاته بعض نصوص الفارابى مثل: الألفاظ المستعملة فى المنطق، الحروف، الواحد والوحدة، كتاب الملة ونصوص أخرى. – أ/د ألبير نصرى نادر، مقدماته لتحقيق بعض نصوص الفارابى مثل آراء أهل المدينة الفاضلة، والجمع بين رأيى الحكيمين، وفيها معلومات تاريخية مهمة عنها ومقدمة تحليلية لكل كتاب منها. - أ/د محمد كمال إبراهيم جعفر، تأملات فى الفكر الإسلامى، (ص 299- 344). - أ/د عاطف العراقى، ثورة العقل فى الفلسفة العربية، (ص 81 - 118). - أ/د محمد الأنور السنهوتى، أ/د عبد الحميد مدكور (بالاشتراك)، دراسات فى الفلسفة الإسلامية، (ص 159 - 179). - أ/د محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الإسلامى، (ص 325 – 362)، وله أيضا دراسة نشرت فى الكتاب نفسه كملحق (ص 509 - 533) بعنوان: دراسة تحليلية مقارنة بين المنطق والنحو ورأى الفارابى فيها. - أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 236 - 263). - د/ محمد سليم سالم، ومقدمات تحقيقه لبعض مؤلفات الفارابى مثل كتاب العبارة، والخطابة. – أ/د جعفر آل ياسين ومقدمات أعماله عن الفارابى، مثل: الفارابى فى حدوده ورسومه، ومقدمة تحقيقه لرسالتى: مقالة فيما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم – جوابات لمسائل سئل عنها، للفارابى. - أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى. – وحول نفس الموضوع (المدينة الفاضلة) دَارَ عملُ فاروق سعد (مع الفارابى والمدن الفاضلة)، مع التعريف بالفارابى وبمؤلفاته، وعرض للمدن الفاضلة عند الآخرين. - أ/د عبد الفتاح الفاوى (بالاشتراك)، فى الفلسفة الإسلامية – أعلامها ومعالمها، (ص 188 - 212). - تشارلس بترورث، مقدمة تحقيقه لتلخيص كتاب المقولات لابن رشد، (ص 22 - 25) وفيه ملاحظات قيمة حول مؤلفات الفارابى المنطقية مقارنة بمؤلفات ابن رشد. - د/ ألفت كمال الروبى، نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين – من الكندى حتى ابن رشد. - أ/د ماجد فخرى، مقدمة تحقيق كتاب ابن باجه، تعاليق على منطق الفارابى، (ص 7-20) وفيها مقارنات موجزة قيمة عن منطق الفارابى وابن باجه، وعن موقف الفارابى من ترتيب الصناعة المنطقية وموضع علم المقولات، وتعليق ابن باجه على ذلك. - مجموعة من كبار الباحثين، الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية لوفاته 950 م، تصدير د/ إبراهيم مدكور، ويشمل تسعة بحوث مهمة حول فلسفة الفارابى تناولت فى الباب الأول منهجه، وفى الثانى آراءه، وفى الثالث أثره، من خلال تسعة فصول، فى كل فصل بحث. – أ/د سحبان خليفات، دراسته القيمة للفارابى ولكتابه التنبيه على سبيل السعادة، والتى جعلها مقدمة لتحقيق الكتاب، ووقف فيها عند مصادر الفارابى وأثره فيمن بعده، وأهمية هذا النص باعتباره من أواخر ما ألف الفارابى وغير ذلك من القضايا (ص 5 – 176). – أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى. - د/ مصطفى سيد أحمد صقر، نظرية الدولة عند الفارابى – دراسة تحليلية تأصيلية لفلسفة الفارابى السياسية. - د/ منير سغبينى، نظرية الفضيلة عند الفارابى. - د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى. - موزة أحمد رشد العبار، البعد الأخلاقى للفكر السياسى الإسلامى عند الفارابى والماوردى وابن تيمية – دراسة تحليلية نقدية فى فلسفة السياسة، وما يخص الفارابى منه (ص 181– 218). أ/د يمنى طريف الخولى، من منظور فلسفة العلوم: الطبيعيات فى علم الكلام من الماضى إلى المستقبل، (ص 106 - 109) وتشمل إشارة مهمة عن فلسفته الطبيعية. - عبد المنعم حمادة، من رواد الفلسفة الإسلامية، (ص 115-168).
([2]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 11).
([3]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72).
([4]) أ/د محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفى فى الإسلام، (ص 328).
([5]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 64).
([6]) ضمن مجموع نصوص لم تنشر متعلقة بتاريخ التصوف فى بلاد الإسلام، لماسنيون. نقلا عن:.
([7]) أ/د أبو ريان، تاريخ الفكر الإسلامى، (ص 329).
([8]) أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 247).
([9]) د/ منير سغبينى، نظرية الفضيلة عند الفارابى، (ص 118 - 119) باختصار وتصرف. وانظر أيضا بخصوص الفلسفة الفيضية عند الفارابى: أ/د ألبير نصرى نادر، مقدمة تحقيق (كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابى، (ص 17 - 22).
([10]) انظر هنا: (ص 146).
([11]) اعتنت أ/د فوقية حسين، ببيان جوانب أصالته فى مقالة (الفارابى بين الإيجاد والإبداع)، ضمن كتاب (مقالات فى أصالة المفكر المسلم)، (ص 98 - 135).
([12]) أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 67).
([13]) أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 69).
([14])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 76، 79، 80)، بتصرف واسع، وقد ذكر فى الهوامش العديد من نصوص الفارابى المؤيدة لذلك، والنصان المذكوران منقول من كتاب العبارة (ص 117)، مقالة فى قوانين صناعة الشعراء (ص 194، مؤلفات الفارابى ج2).
([15])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 95 - 98) باختصار وتصرف.
([16]) أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 44).
([17])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 80 - 81) باختصار وتصرف، وقد ذكر شواهد عدة لذلك من نصوص الفارابى.
([18]) أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق الحروف للفارابى، (ص 27).
([19]) أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 45، 68)، وللتوسع راجع: المصدر نفسه (ص 37 – 94).
([20]) انظر بخصوص هذا: الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 57 - 66).
([21])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 88 - 89) باختصار وتصرف.
([22]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 8). وكمثال انظر تأثير كتابه (الواحد والوحدة) فيمن بعده كالتوحيدى وابن باجه وابن رشد: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق كتاب الواحد والوحدة للفارابى، (ص 19، 22).
([23]) الفارابى، الحروف، (ص 151 - 152).
([24]) أ/د أبو ريدة، تعليقاته على كتاب دى بور، تاريخ الفلسفة فى الإسلام، (ص 237).
([25]) الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 177 – 184، 222 – 226، 232) باختصار واسع وإضافات يسيرة بين الأقوس للتوضيح. وانظر بخصوص هذه القضية: مصطفى الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، (ص52-53)، ومقدمة أ/د سحبان خليفات لتحقيقه للكتاب، (ص 167 – 168).
([26]) الفارابى، التعليقات، (ص 4 - 5).
([27]) الفارابى، التعليقات، (ص 13).
([28]) الفارابى، التعليقات، (ص 9).
([29]) الفارابى، التعليقات، (ص 12).
([30]) الفارابى، النواميس، (ص 54)، نقلا عن: أ/د جعفر آل ياسين، الفارابى فى حدوده ورسومه، (ص 185).
([31]) الفارابى، التعليقات، (ص 11).
([32]) الفارابى، الحروف، (ص 25).
([33]) انظر هنا: (ص 233).
([34]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 127 - 128)، ولمزيد من التوسع حول نظرية المعرفة عند الفارابى: راجع المصدر نفسه (ص 128 - 207)، مع المقارنة مع غيره من الفلاسفة.
([35]) الفارابى، التعليقات (ص 3-5) باختصار، وانظر: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 128).
([36]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 73).
([37]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 8).
([38]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 36).
([39]) أ/د حامد طاهر، مدخل إلى علم المنهج (ص 144).
([40])انظر: د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 16).
([41]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 16 - 17).
([42]) السيد إسماعيل الحسينى الشنب غازانى، شرح فصوص الحكمة، ط طهران (ص 7).
([43]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 53 – 55).
([44]) لمزيد من التوسع بالتحليل والمقارنة والنقد لنظرية تصنيف العلوم عند الفارابى راجع: أ/د حامد طاهر، مدخل إلى علم المنهج (ص 144 - 184).
([45]) راجع بخصوص ذلك: د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 19 - 28).
([46]) للتوسع حول هذه الفكرة: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 35 - 45).
([47]) الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ص 54.
[48])) ظهير الدين البيهقى، تاريخ حكماء الإسلام، (ص 34 - 35).
([49]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 74)، د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 17- 18).
([50]) ص 9 طبع مجلس المعارف العثمانية، نقلا عن: الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ص 54.
([51])للتوسع بخصوص قضية التوفيق عند الفارابى راجع على سبيل المثال: البحوث التالية المنشورة الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية: أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، (ص 30- 63). أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، (ص 98 – 114) ويقدم فيها رؤية متميزة عن الشائع بخصوص هذه القضية، أ/ سعيد زايد، الفارابى والتوفيق، (ص 154- 170). البروفسير لويس جارديت، التوفيق بين الدين والفلسفة عند الفارابى، (171- 188، وهو بالفرنسية).
([52]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 64).
([53]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54).
([54])أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 33- 34) باختصار وتصرف.
([55]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 68 – 69) باختصار وتصرف.
([56])أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 57).
([57])أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 249). وللتوسع حول محاولة الفارابى التوفيقية انظر: أ/د محمد يوسف موسى، بين الدين والفلسفة فى رأى ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط (ص 54 – 63). أ/د محيى الدين أحمد الصافى، قضية التوفيق بين الدين والفلسفة، (ص 24 – 65، 96 - 106).
([58])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 98 - 100) باختصار وتصرف.
([59]) أ/د عبد اللطيف العبد، دراسات فى الفكر الإسلامى، (ص 211). ولمزيد من التوسع حول هذه القضية عند الفارابى وعلاقتها بنظرية المعرفة عنده، انظر: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54 - 62).
([60]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/35، 38)، وللتوسع فى هذه الفكرة وبيان مدى تأثيرها على الفلاسفة الإسلاميين بعد الفارابى، انظر: -المرجع السابق نفسه، (1/35 – 68). - أ/د محمد الأنور السنهوتى، أ/د عبد الحميد مدكور (بالاشتراك)، دراسات فى الفلسفة الإسلامية، (ص 170 – 179).
([61]) أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 242). د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/49).
([62]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/49) بتصرف.
([63]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/37).
([64]) الفارابى، الثمرة المرضية فى بعض الرسالات الفارابية (ص 75)، نقلا عن د/ إبراهيم مدكور، المرجع السابق، (1/37 – 38).
([65]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/36).
([66]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/ 38، 40، 42 - 45) باختصار وتصرف واسعين.
([67]) انظر هنا: (ص 258).
([68]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72-73).
([69])ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 73- 74).
([70]) تشارلس بترورث، مقدمة تحقيقه لتلخيص كتاب المقولات لابن رشد، (ص 22 - 25)، بتصرف واختصار.
([71]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 47).
([72]) انظر مثلا: الفارابى، التعليقات، (ص 9-10، 14 - 16).
([73]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 80 - 81) باختصار واسع.
([74]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 25).
([75]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 99).
([76]) نشرت هذه المقالة ضمن رسائل الفارابى (ص 93 – 100) وأُشير فى صدرها إلى أنها منتزعة من كتابه الحروف حيث ذكر ما نصه: ((مقالة شريفة للحكيم الفيلسوف المعلم الثانى... فى أغراض الحكيم فى كل مقالة من الكتاب الموسوم بالحروف، وهو تحقيق غرض أرسطوطاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة).
([77]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 35).
([78]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54).
([79]) انظر: أ/د محسن مهدى، مقدمته لتحقيق كتاب الفارابى، (الملة)، (ص 13).
([80]) الفارابى، رسالة ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ضمن الرسائل، (ص 125).
([81]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 36).
([82]) انظر هنا: (ص 228).
([83]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 53).
([84]) الفارابى، كتاب الحروف، (ص 226)، وانظر بخصوص هذا النص: أ/د عاطف العراقى، ثورة العقل فى الفلسفة العربية، (ص 45).
([85]) يعتبر هذا الكتاب من أواخر ما ألف الفارابى (ت 339 هـ)، حيث بدأ تأليفه قبل سنة (330)، واستمر فى تحريره وفرغ من تأليفه وتحريره والنظر فيه سنة (337 هـ) قبل وفاته بعامين، وفيه أخذ المذهب الفكرى والفلسفة للفارابى شكله الناضج والنهائى، راجع: ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء (ص 608)، أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 18). د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 206).
([86]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 8-9).
([87]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 7).
([88]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 7).
([89]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 79).
([90]) الفارابى، آراء أهل المدينة الفاضلة، (ص 32 - 36).
([91]) انظر فيما يؤكد كون اختصار الأبواب التى فى كتاب المدينة الفاضلة عملا مستقلا عن الكتاب نفسه: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيقه كتاب الفارابى، (الملة)، (ص 28).
([92]) الفارابى، آراء أهل المدينة الفاضلة، (ص 37). والسياق بهذه الطريقة يجعل احتمال كون هذا الاختصار المتقدم على الكتاب ليس من صنع الفارابى نفسه احتمالا قائما ليس ببعيد، رغم أنه وقع فى أصول الكتاب الخطية، مما يعنى أنه من صنع أحد تلاميذ الفارابى، أو ناسخ الأصل العتيق منه، وهو على أية حال قارئ ممتاز لنص الكتاب وقد حافظ فى اختصاره على عبارات الأصل، ثم انتشرت النسخ على ذلك. والترجيح موقوف على تكرر هذا الصنع فى مصنَّفات الفارابى الأخرى، أم تفرد هذا الكتاب به، وهذا يحتاج إلى استقراء تام لمؤلفاته، على أن ما تيسر منها أثناء الدراسة يؤكد على تفرد المدينة الفاضلة بذلك النهج.
([93]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 94 - 95).
([94]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 104 - 116).
([95]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 116).
([96]) الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 236 - 237).
([97]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 99).
([98]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 87)، مع زيادة إيضاح بين الأقواس ( ).
([99]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 40، 47).
([100]) انظر مثالا لذلك حول تطور أسلوب الاستدلال الفلسفى من الخطابة إلى البرهان: الفارابى، كتاب الخطابة، (ص 16 - 24).
([101]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 22).
([102]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 20).
([103])سعيد زايد، الفارابى، (ص 23).
([104]) من أمثلة ذلك كتاب الفارابى، (الواحد والوحدة)، حيث حاول تتبع معانى الواحد والوحدة تتبعا تاما مستقصيا معانيهما اللغوية والفلسفية، ويوضح مقابلهما وهو الكثير والكثرة، لينجلى المعنى جلاء تاما.
([105]) انظر: بخصوص هذه القصة: ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء (ص438).
([106])سعيد زايد، الفارابى، (ص 23)، والرسالة منشورة ضمن رسائل الفارابى (ص 119 – 127).
([107]) الفارابى، رسالة ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ضمن الرسائل، (ص 119).
([108]) اعتنى د/ إبراهيم مدكور، بتناول موضوع (الفارابى والمصطلح الفلسفى)، وهو بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى فى الذكرى الألفية للفارابى. وأيضا: أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 95 - 135).
([109]) انظر على سبيل المثال بخصوص كيفية انتقال المصطلحات وتعريبها واشتقاقها عنده: كتاب الحروف، (ص 157 - ).
([110]) اهتم أ/د زينب عفيفى بدراسة ((فلسفة اللغة عند الفارابى)) دراسة مستفيضة نشرت تحت العنوان ذاته، حيث أبرزت الأصول اللغوية لفكر الفارابى المنطقى والفلسفى، ومشكلة المصطلح الفلسفى ودلالته اللغوية ودور الفارابى ومنهجه فى صياغته، ورؤية الفارابى لمشكلة المعنى والعلاقة بين المنطق واللغة، وغير ذلك من قضايا.
([111]) د/ إبراهيم مدكور، الفارابى والمصطلح الفلسفى، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى فى الذكرى الألفية للفارابى (ص 22 - 24) باختصار وتصرف.
([112]) جعفر آل ياسين، الفارابى فى حدوده ورسومه، وقد اعتمد فيه على (49) مؤلف للفارابى بين مخطوط ومطبوع، مبين موضع كل مصطلح فى مؤلفات أرسطو، وفى (11) كتابا من كتب الحدود والمصطلحات العربية.
([113])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 65 - 66) باختصار.
([114])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 69 - 70) باختصار وتصرف، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([115]) أ/د ألبير نصرى نادر، مقدمة تحقيق (كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابى، (ص 12).
([116]) أ/د سحبان خليفات، مقدمة تحقيق كتاب الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 29).
([117]) أ/د سحبان خليفات، مقدمة تحقيق كتاب الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 31 - 38).
([118])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 70 – 71، 73)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([119])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 71 - 72)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([120]) راجع: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيقه لكتاب الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 20 - 21)، وقد أشار إلى وجود صعوبة فى تحديد المستوى الذى ينسب إليه كثير من كتب الفارابى، خاصة وأن بعضها منتزع من كتابه الأصلى ونسخ على حدة ككتاب مستقل، أو وضع فى مجموع آخر يشتمل على مقالات أخرى للفارابى، مما يحيط عملية تحديد هوية كتاب ما للفارابى ومن أى الشروح أو التلاخيص أو الجوامع هو بصعوبات جمة، راجع: المرجع السابق نفسه (ص 19 – 24).
([121])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 72، 85، 94، 95، 97) باختصار وتصرف، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([122])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 72 - 73)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([123])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 73 - 79) باختصار واسع، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([124]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 57).
([125]) انظر مثلا: الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 67-69) بخصوص القانون الكلى لعلم المنطق، و (ص 93 - 98) بخصوص علم التعاليم، (ص 111 وما بعدها) بخصوص العلم الطبيعى والعلم الإلهى.
([126]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 111 - 120) باختصار وتصرف.
([127]) وانظر كنموذج آخر: منهج التصنيف الكلامى عند الفارابى، وقد عرضنا له فى مناهج علم الكلام، انظر هنا: (ص 343).
([128]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 49 - 50) باختصار.
([129]) الفارابى، فصوص الحكم، مع شرح الشنب غازانى (فص رقم 17،ص 89 - 93)، وللتوسع حول المنهج الجدلى عند الفارابى، راجع: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 51 – 54).
([130]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 17).
([131]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 84 - 85).
([132]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 105 ).
([133]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 109).
([134]) للوقوف على بعض التفاصيل والمقارنات بخصوص ذلك انظر مثلا: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق كتاب الملة، (ص 11 – 12، 30). وقد عقد أ/د سحبان خليفات مقابلة كاملة لما فى كتاب التنبيه على سبيل السعادة بما فى مؤلفات الفارابى الأخرى، وذلك فى مقدمة تحقيقه لكتاب التنبيه (ص 14 – 29). وراجع د/ على بوملحم فى مقدمة نشرته لكتاب السياسة المدنية حيث عقد مقارنة مختصرة بين هذا الكتاب وكتاب آراء أهل المدينة الفاضلة (ص 5 – 20).
([135]) الفارابى، النكت فيما يصح من أحكام النجوم، ضمن الرسائل، (ص 148).
([136]) الفارابى، النكت فيما يصح من أحكام النجوم، ضمن الرسائل، (ص 149).
([137]) وبناء عليه - إن صح ما ذكرناه بخصوص تحليل هذه الرسالة – فلا نتفق فى الرأى مع الدكتور جعفر آل ياسين باعتبار هذه الرسالة من أعمال الفارابى المبكرة (ص 18 من مقدمة تحقيقه لها)، لأن العمق والخبرة اللتان تتمتع بهما الرسالة لا يأتيان عادة إلا فى مرحلة النضج الفكرى والفلسفى، وهى مرحلة تأتى متأخرة لا مبكرة.
([138]) السيد إسماعيل الحسينى الشنب غازانى، شرح فصوص الحكمة، ط طهران (ص 35- 36).
https://sites.google.com/site/esamanas/home










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-16, 14:44   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الى halhm



ج التصنيف الفلسفى عند الفارابى
3- منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى (ت 339 هـ) ([1]):

أ- أصالة فلسفة الفارابى
ب- السعادة والجميل والنافع والفضيلة كمدخل لفلسفة الفارابى
ج- نظرية المعرفة عند الفارابى
د- تصنيف العلوم عند الفارابى
هـ- التوفيق بين الفلسفة والدين عند الفارابى
و- النـزعة الصوفية عند الفارابى
ز- نظرة عامة على منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى
ح- ملاحظات حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى

يعتبر كثير من المؤرخين للفكر الفلسفى الإسلامى أن الفارابى هو المؤسس الحقيقى للدراسات الفلسفية فى العالم العربى، والمنشىء الأول لما نسميه الآن ((الفلسفة الإسلامية))، فقد شيد بنيانها، ووضع الأساس لجميع فروعها، ولا نكاد نجد فكرة عند من جاءوا بعده من فلاسفة الإسلام إلا لها أصل لديه، وهو أعرف فلاسفة الإسلام بتاريخ الفلسفة ونظريات الفلاسفة، ويتحدث فى مؤلفاته حديث الخبير عن المدارس اليونانية ويبين الفوارق بينها([2]).
إن أولى خطوات الفارابى (259 هـ - 339 هـ) – والذى يعتبر عند بعض الدارسين فيلسوف المسلمين بالحقيقة([3])، وأول مفكر مسلم بكل ما فى الكلمة من معنى([4]) - فى التفلسف أنه قد آمن إيمانا مطلقا بوحدة الفلسفة فى ذاتها، وما كان أمام الفارابى وقد داخل روعه أن الفلسفة معصومة من الخطأ إلا أن يعمد إلى فكرة وحدة الفلسفة فيدافع عنها دفاعا يمكنه من الانتقال من فكرة وحدة الفلسفة إلى فكرة التوفيق بين الشريعة والحكمة (بناء على وحدة الحق)، فبدأ أولا بإزالة ما قد يتوهم من خلاف داخل النطاق الفلسفى، حتى إذا ما أصبحنا أمام حقيقة فلسفية واحدة انتقل ثانيا إلى التوفيق بين الدين والفلسفة باعتبارهما مظهرين لحقيقة واحدة([5]).
يقول ابن سبعين([6]) فى الفارابى: وهذا الرجل أفهم فلاسفة الإسلام وأذكرهم للعلوم القديمة، وهو الفيلسوف فيها لا غير، وهو مدرك محقق.
إلا أنه يمكن وصف فلسفة الفارابى بأنها فلسفة تلفيقية حاول فيها – على ما سبق الحديث عنه - الجمع بأى صورة بين رأى الحكيمين، ولقد كان لذلك الخلط العجيب والشنيع فى تاريخ الفكر الفلسفى بين آراء الفلاسفة والذى حدث فى مدرسة الإسكندرية الفلسفية أثره الخطير والسيىء على مصير الفلسفة الإسلامية([7]).
وإذا كان الشائع عن فلسفة الفارابى أنها فلسفة مثالية، فالحقيقة أن الفلسفة كلها مثالية، لأنها محاولة لتغيير الواقع فى الآراء والسلوك، فى المعتقدات وفى الأخلاق، فهى تصوير لفكرة الفيلسوف عن المثل الأعلى للفرد وللإنسانية، فكل فلسفة إذن هى مثالية بهذا الاعتبار، فالمذهب الذى يرسمه الفيلسوف إنما هو مذهب يؤمن بأن من الممكن تحقيقه، وفى هذا الإطار يمكننا فهم فلسفة الفارابى وخاصة فى مدينته الفاضلة([8]).
ويرى بعض الباحثين أنه لا يفهم الفارابى إلا من خلال معرفتنا لنظرية الفيض، فالفلسفة الفيضية هى أساس كل تفكير فارابى، فالمعرفة الإنسانية عنده مرتبطة مباشرة بنظام الوجود العام، وهى مرتبطة أيضا بتسلسل الموجودات عن الأول، فكما أن الوجود بدأ بالوحدة وينتهى إلى الكثرة، كذلك تبدأ المعرفة الإنسانية النظرية وفى حركة معاكسة لحركة الفيض من الكثرة إلى الوحدة، لأن المعرفة رجوع من أدنى إلى أعلى، رجوع من الكثرة إلى الوحدة، فدرجات الإدراك عند الفارابى ليست فى الواقع سوى مراحل هذا الصعود من المحسوس إلى غير المحسوس أى من الكثرة إلى الوحدة ([9]).
أ- أصالة فلسفة الفارابى: تطرقنا إلى الفارابى بصفة عامة عند تناولنا قضية أصالة الفلسفة الإسلامية([10])، ونميل إلى الجانب الذى يرى تمتع الفارابى بالقدر الكافى من النظر والحرية والتفلسف الذى يمنحه الحكم بالأصالة الفلسفية، وأنه - على ما تؤكد أ/د فوقية حسين - لم يكن أرسططاليسيا، أو أفلوطينيا وإنما صدر فيما قدمه من كتابات فلسفية عن أصول إسلامية وطيدة، استقاها من واقع احتكاكه بمفاهيم الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة([11])، ولهذا نتفق مع أ/د حسن حنفى على ضرورة إرجاع الفارابى إلى حضارته الإسلامية بعد أن أخرجه الباحثون منها وعلى رأسهم المستشرقون، وجعلوه شارحا لأرسطو، وهو فى حقيقة الأمر حكم بين الشراح وبين أرسطو، وهو أيضا حكيم مثل أرسطو يعيد النظر ويكشف عن الحقائق، سواء اتفق مع أرسطو أم اختلف، مكملا ما نقص، ومستبعدا ما زاد، ومحولا أقواله إلى نظرية خالصة فى العقل، وهو بحث اجتهادى قد يخطئ ويصيب([12]).
ومن جهة أخرى فإننا إذا استقرأنا مؤلفات الفارابى لوجدنا أن التأليف يعادل الشرح من حيث الكم، فإذا كان للفارابى حوالى مائة مؤلف أو أكثر بقليل، فإن التأليف يوازى نصفها تقريبا، وهذا يدل على أن الفارابى كان مؤلفا كما كان شارحا، وأن لقب المعلم الثانى لا يعنى فقط شارح أرسطو، بل يعنى أيضا أنه مؤلف مثل أرسطو([13]).
على أن الفارابى موقفا نقديا واضحا عند تعرضه بالشرح لأرسطو، فيطلع أولا على شروح السابقين عليه، ويقارن بين ما يقوله أرسطو وبين ما يقولونه، ويوازن بينهما، ويكشف أخطاء الشراح ويبين أسبابها، ويعيب عليهم أن لم يغوصوا فى أعماق الذهن الأرسطى، وكما يوجه نقده إلى الشراح يوجه نقده إلى أرسطو نفسه، ومن ذلك قوله: ((والمفسرون أيضا لم يذكروها، كذلك لم يضع أرسطوطاليس المقدمات المتضادة هاهنا، ولا ذكر مناسباتها، ولا ذكر المفسرون السبب فى تركه أيها))، ويقول أيضا: ((قصدنا فى هذا القول إثبات أقاويل وذكر معان يقضى بها بمن عرفها إلى الوقوف على ما أثبته الحكيم فى صناعة الشعر، من غير أن تقصد إلى استيفاء جميع ما يحتاج إليه فى هذه الصناعة، وترتيبها إذا الحكيم لم يكمل القول فى صناعة المغالطة فضلا عن القول فى صناعة الشعراء))، فما يفعله الفارابى مع الشراح فإنه يفعله مع أرسطو نفسه، فقد كان الفارابى باحثا عن الحق مثل أرسطو، ومقارنا آراء أرسطو بما يبدو له أنه الحق، فنجده خلال الشروح ينتقد أرسطو ويصحح أخطاءه، فهو شرح وتقويم، عرض ونقد، نقل وحكم، إكمال للنقص([14]).
لقد قدم الفارابى شروحه من خلال نسق كلى شامل هو المذهب الأرسطى، وهذا أقرب إلى إعادة البناء منه إلى الشرح، والبناء هو دخول المنطق والطبيعيات والإلهيات فى نسق فلسفى واحد هو نسق الفارابى، ويحاول إخضاع مؤلفات أرسطوطاليس نفسه إلى نسق عقلى واحد، وذلك أن أرسطو ترك مؤلفاته بلا نظام أو ترتيب، وهو ما حاول تلاميذه وشراحه من بعد تلافيه، ونبه عليه الفارابى فى رسالته فيما ينبغى تقديمه قبل تعلم الفلسفة، واضعا نسقا عقليا آخر للأشياء التى يحتاج إليه فى تعلم كتب أرسطو([15]).
ومما يؤكد أصالته - على سبيل المثال – أن أكثر مؤلفاته عمقا ودراسة للغة وفقهها، وهو كتاب الحروف يعد أيضا من أكبر مصنَّفاته فى الفكر العربى عامة، والفلسفة الإسلامية وفقه اللغة العربية خاصة، ورغم أن الكتاب يعد تفسيرا لكتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو، إلا أن بين الكتابين فروقا ظاهرة، ترجع إلى استفادة الفارابى من علوم العربية، فلم يتكئ على الألفاظ والمعانى التى جاء بها أرسطو فى ما بعد الطبيعة، بل اعتمد على الشواهد العربية، وأهمل أبوابا من كتاب أرسطو لم يتناولها بالشرح([16]).
والفارابى حين يهتم بأرسطو لا يهتم به من الناحية الشخصية بل باعتباره واضع العلوم، فيسميه صاحب المنطق، فهدف الفارابى هو العلم وليس العالم، الموضوع وليس الشخص، وسواء كان العالم والشخص أرسطو أم غيره، فإن ما يهم الفارابى هو علم المنطق، وهو علم مستقل عن واضعه وقائم بذاته، ويتعامل الفارابى مع الفلسفة اليونانية كلها على هذا النحو اللاشخصى فيتحدث عن أصحاب العلم الطبيعى، وأصحاب التعليم، وأصحاب العدد... إلخ([17]).
لقد بلغ الفارابى بالفكر العربى فى كتابه الحروف أَوُجَّه فى تفهم أمور العلم واللغة، وضرورة التعبير الصحيح عما ينظر الإنسان فيه ويعقله، فلا يستغنى عنه قراءته من يشتغل فى تأريخ الفلسفة واللغة، ويجب أن يمعن النظر فيه من يقصد فهم الصلة بين نمو العلوم واللغة التى يعبر بها عن العلوم والمجتمع الذى تنمو فيه([18]).
ونعتقد أن اطلاع الفارابى الواسع على لغته العربية وفقهه بها هو أحد وجوه الأصالة التى تمتع بها، والذى انعكس على فكره الفلسفى والمنطقى، ((ولقد ظهر أثر إتقانه وولعه باللغة العربية فى مصنَّفاته المنطقية والفلسفية، ككتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق، وكتاب القياس الصغير، وكتاب المدخل، وكتاب التنبيه على سبيل السعادة، ففى معظم هذه المؤلفات وغيرها عرض الفارابى لمباحث منطقية وفلسفية يبدو فيها أثر العلم اللغوى فى صناعة الفكر والفلسفة... إن التحليل الفارابى للغة لفت الانتباه إلى العلاقة التى لا تنفصل بين أبعاد ثلاثة: اللفظة كوعاء نظرى، والمعنى الذى تثيره هذه اللفظة فى الذهن، والجانب الدلالى للفظة فى العالم الخارجى)) ([19]).
على أن فقه اللغة عند الفارابى يتسع إلى غير اللغة العربية، فهو لا يحلل العربية وحدها بل يضم إليها الفارسية واليونانية وغيرها، مما يؤكد على أن الرأى الشائع بأن المسلمين شراح اليونان رأى مبتسر، لأن المسلمين تمثلوا الحضارات المجاورة كلها يونانية أو فارسية أو هندية أو رومية، والفارابى يتجاوز اللغات ويتحدث عن علم اللغة العام كبناء وراء اللغات المتعددة، ويسميه علم اللسان([20])، وهذا التجاوز لحضارة اليونان يدل على البعد الحضارى العام للفكر الإسلامى، وأن الحضارة الإسلامية لم تكن متلهفة على التراث اليونانى بل كانت متفتحة على تراث الحضارات كلها، بصرف النظر عن مصدره، فما يهم هو الفكر لا المصدر، فى حين أن حكم الاستشراق يقوم على إعطاء الأولوية للمصدر على الفكر بسبب العنصرية الحضارية الدفينة فى أعماق الوعى الأوربى([21]).
لقد كان الفارابى هو الأبعد أثرا فى تطور الفكر الفلسفى عند المسلمين، ونكاد أن نمسك فى مذهبه بمفاتيح أغلب المشكلات الحقيقية التى عالجها الفلاسفة المسلمون من بعده، سواء فى الطبيعة أو ما بعد الطبيعة أو الأخلاق وغيرها([22]).
ورغم ما تقدم فإنه فى الحقيقة يمثل وجهة نظر الباحثين والدارسين لفلسفة الفارابى، ولا يمثل وجهة نظر الفارابى نفسه، أما هو نفسه فيرى أن الفلسفة تدوولت وتطورت إلى أن استقرت على ما هى عليه أيام أرسطو تناهى النظر العلمى إلى ذلك، بحيث لا يمكن المزيد عليها ولا المراجعة، وإنما فقط صناعة تعلم وتعليم، وهكذا حصر الفارابى دوره الفلسفى – بل ودور غيره أيضا – فى التعلم والتعليم، واستيعاب ما وضعه أرسطو، يقول الفارابى بعد أن استعرض تطور الأساليب الفلسفية من الطرق الخطبية والإقناعية إلى السوفسطائية إلى الجدلية: ((... فلا تزال تستعمل إلى أن تكمل المخاطبات الجدلية، فتبين بالطرق الجدلية أنها ليست هى كافية بعد فى أن يحصل اليقين، فيحدث حينئذ الفحص عن طرق التعليم والعلم اليقين، وفى خلال ذلك يكون الناس قد وقعوا على الطرق التعاليمية وتكاد تكتمل أو تكون قد قاربت الكمال، فيلوح لهم مع ذلك الفرق بين الطرق الجدلية وبين الطرق اليقينية... ثم يتداول ذلك إلى أن يستقر الأمر على ما استقر عليه أيام أرسطوطاليس، فيتناهى النظر العلمى، وتميز الطرق كلها، وتكمل الفلسفة النظرية والعامية الكلية، ولا يبقى فيها موضع فحص، فتصير صناعة تُتعلَّم وتُعَلَّم فقط، ويكون تعليمها تعليما خاصا، وتعليما مشتركا للجميع، فالتعليم الخاص هو بالطرق البرهانية فقط، والمشترك الذى هو العام فهو بالطرق الجدلية أو بالخطيبة أو بالشعرية، غير أن الخطبية والشعرية هما أحرى أن تستعملا فى تعليم الجمهور ما قد استقر الرأى فيه ويصح بالبرهان من الأشياء النظرية والعملية)) ([23]).
إذن فالفارابى يرى أن الفلسفة قد بلغت كمالها، ولم يعد موضع فحص فيها، وأنه لم يبق إلا استيعابها تعلما وتعليما على الوجه الصحيح، ومن الظاهر أن هذه الغاية هى بالفعل التى تحكم اتجاهات الفارابى الفلسفية، وهى التى وجهته فى عامة مصنَّفاته، وأدت به إلى ما أدت به من أنظار نقدية أثناء محاولته للفهم الصحيح للفلسفة بالتعلم، وتوصيلها على الوجه الصحيح بالتعليم، من ثم أتى نقده لشراح أرسطو فيما أخطأوا فيه فى الفهم، وأتى تعديله لبعض المباحث والأمثلة الشارحة بما يليق باللغة العربية. وأيضا فى هذا الإطار الواحد الذى وضع فيه الفلسفة تأتى محاولته للجمع بين رأيى الحكيمين.
إن تأمل عامة مصنَّفات الفارابى يصل بنا إلى تأكيد هذا التصور، حيث يأتى كثير منها كمداخل للفهم، وكيفية ترتيب علوم الفلسفة، ومن أين يبدأ بتعلمها، ووضع تصور عام للفلسفة تعلما وتعليما وتأثيرا فى المجتمع ككل جمهوره وخاصته، بحيث تؤتى الفلسفة ثمرتها بحصول السعادة للجميع.
يتراءى من خلال ذلك أن الفارابى بدا كأصيل رغم أنفه، وأنه بالفعل تجاوز دورَه الذى وضعه لنفسه محجما لقدرته على التفلسف.
وبالإضافة إلى ما تقدم من وجوه لأصالة الفارابى، فقد قدم بالفعل من المفاهيم الفلسفية الجديدة ما هو جدير بالحكم بأصالته، مثل مفهوم (واجب الوجود النسبى) الذى - من حيث هو - يدخل فى مقولة الممكن، وهو الذى سيسميه فلاسفة الإسلام بعد ذلك بواجب الوجود بالغير([24]).
ب- السعادة والجميل والنافع والفضيلة كمدخل لفلسفة الفارابى: ما دامت السعادة – فى فلسفة الفارابى - هى الغاية القصوى التى نسعى إلى تحقيقها فلا بد أن نبحث فى السبل والأمور التى بها يمكن الوصول إليها، ويمكن إجمال ذلك بأن الحصول على السعادة إنما يكون بفعل الجميل خلقيا، يقول الفارابى: ((أما أن السعادة هى غاية ما يتشوقها كل إنسان، وأن كل من ينحو بسعيه نحوها فإنما ينحوها على أنها كمال ما؛ فذلك مما لا يحتاج فى بيانه إلى قول إذ كان فى غاية الشهرة... ولما كنا نرى أن السعادة إذا حصلت لنا لم نحتج بعدها أصلا إلى أن نسعى بها لغاية ما أخرى غيرها ظهر بذلك أن السعادة تؤثر لأجل ذاتها، ولا تؤثر فى وقت من الأوقات لأجل غيرها، فتبين من ذلك أن السعادة هى آثر الخيرات وأعظمها وأكملها... وكل واحد يعتقد فى الذى يراه (كالثروة والتمتع باللذات والرياسة) سعادة على الإطلاق أنه هو الآثر والأعظم... لكن إنما تنال به (بفعل الجميل) السعادة متى اختاره الإنسان على أنه جميل فقط ولأجل ذاته، لا أن يقصد به نيل ثروة أو نيل رياسة، ولا لشىء مما أشبه ذلك، فهذه التى قيلت هى الشرائط التى إذا كانت فى الأفعال الجميلة نيلت بها السعادة لا محالة، وهى: أن يفعل طوعا وباختيار، وأن يكون اختيارنا لها لأجل ذواتها، وأن يكون ذلك فى كل ما نفعله، وفى زمان حياتنا بأسره... والمقصود الإنسانى: اللذيذ والنافع والجميل،... فقد حصل أن مقصود الصنائع كلها إما جميل وإما نافع، فإذن الصنائع صنفان: صنف مقصوده تحصيل الجميل، وصنف مقصوده تحصيل النافع، فالصناعة التى مقصودها تحصيل الجميل فقط هى التى تسمى الفلسفة، وتسمى الحكمة الإنسانية على الإطلاق والصناعات التى يقصد بها النافع فليس منها شىء يسمى حكمة على الإطلاق، ولكن ربما سمى بعضها بهذا الاسم على طريق التشبيه بالفلسفة … ولما كان الجميل صنفين: صنف هو علم فقط، وصنف هو علم وعمل، صارت صناعة الفلسفة صنفين: صنفًا به تحصل معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها، وهذه تسمى الفلسفة النظرية، والثانى به تحصل معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل، والقوة على فعل الجميل منها، وهذه تسمى الفلسفة العملية والفلسفة المدنية. والفلسفة النظرية تشتمل على ثلاثة أصناف من العلوم: أحدها: علم التعاليم، والثانى: العلم الطبائع، والثالث: علم ما بعد الطبيعيات، وكل واحد من هذه العلوم الثلاثة يشتمل على صنف من الموجودات التى شأنها أن تعلم فقط، فيكون ما شأنه أن يعلم فقط من الموجودات ثلاثة أصناف....
والفلسفة المدنية صنفان: أحدهما يحصل به علم الأفعال الجميلة، والأخلاق التى تصدر عنها الأفعال الجميلة، والقدرة على اقتنائها، وبه تصير الأشياء الجميلة قنية لنا، وهذه تسمى الصناعة الخلقية. والثانى يشتمل على معرفة الأمور التى بها تحصل الأشياء الجميلة لأهل المدن والقدرة على تحصيلها لهم وحفظها عليهم وهذه تسمى الفلسفة السياسية وعلم السياسة؛ فهذه جمل أجزاء صناعة الفلسفة، ولما كانت السعادة إنما ننالها متى كانت لنا الأشياء الجميلة قنية، وكانت الأشياء الجميلة إنما تصير لنا قنية بصناعة الفلسفة فلازم ضرورة أن تكون الفلسفة هى التى تُنال بها السعادة... فقد تبين بهذا القول كيف السبيل إلى السعادة، وكيف السلوك فى سبيلها، ومراتب ما ينبغى أن نسلك عليه، وأيما منها أول مراتبها، وأن أول مراتبها تحصيل صناعة المنطق...))([25]).
فالفارابى ينطلق هنا من الجمال الذى هو سبب السعادة كأساس للفلسفة، وليس الوجود كما فى كلامه فى الجمع بين رأيى الحكيمين، وإن كان العلم بأصناف الموجودات الثلاثة على حسب تقسيم الفارابى لها هو أحد ثمرات هذه التصنيف.
ومذهب الفارابى فى السعادة والجميل منسجم تمام الانسجام مع مذهبه فى الحقيقة، فليست الفلسفة عنده ولا التصنيف فيها من أجل الوصول إلى معرفة الحقيقة كما هى عند بعض الفلاسفة، بل من أجل معرفة الجميل ومعرفة كيفية تحصيله وصولا إلى السعادة، أما ((الوقوف على حقائق الأشياء فليس فى قدرة البشر، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم والأعراض ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها الدالة على حقيقته، بل إنها أشياء لها خواص وأعراض، فإنا لا نعرف حقيقة الأول، ولا العقل، ولا النفس، ولا الفلك، والنار والهواء والماء والأرض (اقرأ: ولا النار ولا... إلخ) ولا نعرف حقائق الأعراض... ولذلك يقع الخلاف فى ماهيات الأشياء، لأن كل واحد أدرك لازما غير ما أدركه الآخر فحكم بمقتضى ذلك اللازم...)) ([26])، ويؤكد على ذلك فى موضع آخر بقوله: ((الإنسان لا يعرف حقيقة الشىء البتة، لأن مبدأ معرفته الأشياء هو الحس، ثم يميز بالعقل بين المتشابهات والمتبائنات، ويعرف حينئذ بالعقل بعض لوازمه وذاتياته وخواصه...))([27]).
كما نرى أن هذا لا ينافى أن الحكمة على الإطلاق عنده ((معرفة الوجود الحق، والوجود الحق هو واجب الوجود بذاته))، لأنه لا يتصف بذلك عند إلا واجب الوجود نفسه، إذ يقول بعد ذلك مباشرة: ((والحكيم هو من عنده علم الواجب بذاته بالكمال، وهو ما سوى الواجب لذاته ففى وجوده نقصان عن درجة الأول بحسبه، فإذن يكون ناقص الإدراك، فلا حكيم إلا الأول لأنه كامل المعرفة بذاته)) ([28])، فليس من الصواب قطع تعريف الحكمة على الإطلاق السابق عن بقية السياق، والتى يظهر منه أنه لا حكيم بالحقيقة إلا الله عز وجل، وأنه إنما أراد تعريف الحكمة على الإطلاق، وليس تعريف الحكمة الإنسانية – كما تقدم فى عبارته – والتى هى بمعنى اللقب على العلم المخصوص والمرادف للفلسفة، والتى هى تحصيل الجميل.
كما نرى أن ذلك متسق مع مذهبه فى الخير والشر، فــ ((الخير ما تشوقه كل شىء فى حده ويتم وجوده أى رتبته وحقيقته من الوجود، كالإنسان والفلك مثلا فإن كل واحد منهما إنما يتشوق من الخير ما ينبغى له وما ينتهى إليه حده، ثم سائر الأشياء على ذلك)) ([29])، إذ الجميل عنده كما تقدم ((معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها (= الفلسفة النظرية) أو معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل (= الفلسفة العملية)...))، أو الجميل ((هو الشىء الذى يستحسنه العقلاء)) ([30])، إذ الجميل - على أى تعريف منهما – المعرفة أو المستحْسَن هو نوع من الكمال، وسعى نحوه، ويتشوق به الإنسان إلى الوصول إلى حده.
وكما يفرق الفارابى بين الحكمة بإطلاق، والحكمة الإنسانية، يفرق بين الخير بإطلاق أو بالحقيقة، والخير الإنسانى الذى تقدم ذكره، أما ((الخير بالحقيقة فهو كمال الوجود، وهو واجب الوجود، والشر عدم ذلك الكمال)) ([31]).
ويحصل من هذا أن مفاهيم السعادة والنافع والجميل والحكمة والخير تتكامل مع بعضها البعض فى فلسفة الفارابى مكونة غاياتها العليا التى تتغياها، ومن ثم يصير غاية منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى هو الوصول إليها أيضا.
ولا يتناقض هذا أيضا – فى تصورنا – مع الطرح الآخر الذى يقدمه الفارابى فى كتابه تحصيل السعادة حيث يستبدل الفضائل بالجميل، فالجميل نوع من الفضائل، والفضائل أمر جميل، يقول الفارابى: ((الأشياء الإنسانية التى إذا حصلت فى الأمم وفى أهل المدن، حصلت لهم بها السعادة الدنيا فى الحياة الأولى، والسعادة القصوى فى الحياة الأخرى: أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية))([32])، ثم أخذ فى بيان ذلك فى الكتاب كله، مما سنعرض له بصورة أكثر تفصيلا عند عرض ملاحظاتنا حول منهجه فى التصنيف الفلسفى فيما سيأتى([33]) حيث قدم فى هذا الكتاب أول محاولة صريحة وقفنا عليها لمنهج التصنيف الفلسفى.
ج- نظرية المعرفة عند الفارابى: اهتم الفارابى بمشكلة المنهج وإحصاء العلوم والمنطق، وغيرها مما يدخل أو يمهد لنظرية المعرفة، ولنظرية النفس دورا أساسيا فى نظرية المعرفة لأن كل فيلسوف يتأسس مذهبه فى المعرفة بناء على مذهبه فى النفس تأسيسا ذاتيا، وتنقسم المعرفة عند الفارابى إلى ثلاثة أقسام: المعرفة الحسية، والمعرفة العقلية، والمعرفة الذوقية أو الإشراقية([34]).
وقد سبق تناول علاقة نظرية المعرفة بمنهج التصنيف وأثرها فيه، وبخصوص نظرية المعرفة الفارابية، فالتقسيم السابق لا يعنى أن هناك انفصالا بينها، بل هى متصلة ومتكاملة، وكل قسم منها يشكل درجة من درجات الارتقاء فى سلم المعرفة، ((فالإدراك إنما هو للنفس، وليس للحاسة إلا الإحساس بالشىء، وليس للمحسوس إلا الانفعال، فالنفس تدرك الصور المحسوسة بالحواس، وتدرك الصور المعقولة بتوسط صورها المحسوسة، إذ تستفيد معقولية تلك الصور من محسوسيتها... وإلا لم يكن معقولا لها وذلك لنقصان نفسه فيه، واحتياجه فى إدراك الصور المعقولة إلى توسط الصور المحسوسة، بخلاف المجردات فإنها تدرك الصور المعقولة من أسبابها وعللها التى لا تتغير، وحصول المعارف للإنسان يكون من جهة الحواس، وإدراكه للكليات من جهة إحساسه بالجزئيات، ونفسه عالمة بالقوة، فالطفل نفسه مستعدة لأن تحصل لها الأوائل والمبادئ، وهى تحصل له من غير استعانة عليها بالحواس، بل تحصل له من غير قصد من حيث لا يشعر به... والحواس هى الطرق التى تستفيد منها النفس الإنسانية المعارف، والنفس ما دامت ملابسة للهيولى لا تعرف مجرداتها ولا شيئا من صفاتها التى تكون لها وهى مجردة، ولا شيئا من أحوالها عند التجرد لأنها لا يمكنها الرجوع إلى خاص ذاتها)) ([35])، إذن فاتجاه المعرفة الإنسانية عند الفارابى اتجاه صاعد يبدأ من الكون وإدراكه بالحواس، وهذا الإدراك الحسى يعتبر مقدمة ضرورية للمعرفة العقلية التى لا يمكن لها أن تصل إلى الكليات إلا من خلال إدراك الحواس للجزئيات.
والوجه الآخر من نظرية المعرفة الفارابية، هى حركة نازلة تبدأ من النفس المشرقة التى يفاض عليها بالمعرفة الكلية، التى يدركها العقل، ويبدأ من خلال إدراكه للواقع عن طريق الحس تنـزيل هذه المعرفة الكلية على جزئياتها.
إن هذا الترتيب لحصول المعرفة لا بد أن يراعيه الفارابى عند ترتيب المعارف، التى يريد أن ينظمها من خلال منهجه فى التصنيف الفلسفى، والذى قد يسير فى أحد اتجاهين إما حركة صاعدة من الوجود إلى العقل إلى النفس، أو بالعكس فى حركة نازلة من النفس إلى العقل إلى الحس، وسنرى عند عرض ملاحظاتنا حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى أنه قد استعمل حركتى النـزول والصعود جميعا فى منهجه التصنيفى الفلسفى.
د- تصنيف العلوم عند الفارابى: للفارابى – على ما يذكر ابن صاعد - كتاب شريف فى إحصاء العلوم، والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه، ولا يستغنى طلاب العلوم كلها عن الاهتداء به، وتقديم النظر فيه([36]). وقد كان هذا الكتاب معروفا عند علماء الغرب فى القرون الوسطى، وترجم غير مرة إلى اللاتينية، كما كان معروفا أيضا فى المدارس اليهودية([37]).
وقد قام الفارابى بمحاولته فى تصنيف العلوم وإحصائها انطلاقا من إدراكه لأهمية هذا التصنيف وصلته بالمنهج العلمى([38])، ورغم أنها المحاولة الأولى عند المسلمين فإن بعض كبار الباحثين يرى أنها ترقى إلى أن تكون نظرية فى تصنيف العلوم، وذلك لأنها تحتوى على الجانبين النظرى والتطبيقى معا، فالجانب النظرى قدمه الفارابى فى رسالته (التنبيه على سبيل السعادة)، والجانب التطبيقى يتمثل فى كتابه الشهير (إحصاء العلوم)([39]).
أما الجانب النظرى الذى تناوله فى كتابه التنبيه على سبيل السعادة، وراعاه فى كتاب الإحصاء والذى جاء على سبيل التطبيق العملى لنظريته العامة فى تقسيم العلوم والذى يتمثل فى تقسيمها إلى قسمين كبيرين([40]):
أ- قسم تحصل به معرفة الموجودات التى ليس للإنسان فعلها، وهو العلوم النظرية.
ب- وقسم تحصل به معرفة الأشياء التى شأنها أن تفعل، والقوة على فعل الجميل منها، وهو العلوم العملية والفلسفة المدنية([41]).
وقد شرح الشنب غازانى (ت 919 هـ) قوله (التى شأنها أن تفعل): ((بأنها الموجودات التى لقدرتنا واختيارنا تأثير فى وجودها))([42]). والموقف الفلسفى الفارابى هنا يبدأ فى تصنيف العلوم من موقف مركب ليس من الوجود وحده، بل من الوجود حال كونه مقدورا لنا، أو غير مقدور، فبحث الموجودات المقدورة لنا ينتظمها علوم خاصة بها، والموجودات غير المقدورة تبحثها علوم أخرى خاصة بها.
أما عن الجانب التطبيقى فيقول الفارابى: ((قصدنا فى هذا الكتاب (إحصاء العلوم) أن نحصى العلوم المشهورة علما علما، ونعرف جمل ما يشتمل عليه كل واحد منها، وأجزاء كل ما له أجزاء، وجمل ما فى كل واحد من أجزائه... وينتفع بما فى هذا الكتاب لأن الإنسان إذا أراد أن يتعلم علما من هذه العلوم وينظر فيه، علم على ماذا يقدم، وفيماذا ينظر، وأى شىء سيفيد بنظره، وما غناء ذلك، وأى فضيلة تنال به، ليكون إقدامه على ما يقدم عليه من العلوم على معرفة وبصيرة لا على عمى وغرر، وبهذا الكتاب يقدر الإنسان على أن يقايس بين العلوم، فيعلم أيها أفضل، وأيها أنفع، وأيها أتقن وأوثق وأقوى، وأيها أوهن وأوهى وأضعف، وينتفع به أيضا فى تكشيف من ادعى البصر بعلم من هذه العلوم ولم يكن كذلك... فلم يضطلع به (يعنى بمعرفة إحصاء العلوم) تَبَيَّنَ كذبُ دعواه وتَكَشَّف تمويهُه، وبه يتبين أيضا فيمن يحسن علما منها هل يحسن جميعه أو بعض أجزائه... وينتفع به المتأدب المتفنن الذى قصده أن يشدو جمل ما فى كل علم)) ([43]).
فالقصد المنهجى من وراء عمله (إحصاء العلوم) واضح للغاية، ويمكننا أن نضيف إلى ما قصده من فوائد منهجية تترتب على معرفة إحصاء العلوم: الثمرة المرجوة من ذلك فى مجال منهج التصنيف، حيث يساعد معرفة تصنيف العلوم – بحسب نظرية الفارابى بمعرفة علم علم، وما لكل علم من أجزاء، وجملة كل جزء – على تبلور منهج التصنيف فى أى علم منها، بمعرفة موضع العلم المراد من خريطة العلوم، ومعرفة خريطة الفارابى المقترحة لأجزاء هذا العلم، وجملة كل جزء، بما يمكن معه من تعديله بالإضافة والحذف، بحيث يأتى العمل شاملا ومحيطا بأجزاء العلم وجملتها.
وقد كان لتصنيف الفارابى للعلوم وإحصائها([44]) أثره الواسع فيمن بعده كالخوارزمى وابن سينا وأخوان الصفا والأكفانى وابن خلدون وطاش كبرى زاده، بل امتد أثره إلى المؤلفين والمصنِّفين من أهل القرون الوسطى فى العالم الغربى([45]).
ويمكن القول بأن المنهج العلمى عند الفارابى يقوم على أساس نظريته فى تصنيف العلوم، والتى تكمن فيها نظرته الكلية والشاملة للفلسفة كعلم كلى يرسم لنا صورة كاملة للكون فى مجموعه، ويقوم على أسس طبيعية ومعرفية وأخلاقية ودينية ثابتة، وليس مجرد تعداد للعلوم القائمة فى زمانه وإحصائها([46]).
أما العلم الذى ينبغى أن يبدأ به قبل تعلم الفلسفة عند الفارابى، فقد ذكر أن العلم الذى ينبغى أن يبدأ به قبل تعلم الفلسفة موضع خلاف بين الحكماء، فمنهم من يرون أنه علم الهندسة، ومنهم من يقولون علم إصلاح الأخلاق، ومنهم من يرون الابتداء بعلم الطبائع، ومنهم من يذكرون علم المنطق.
يقول الشيخ مصطفى عبد الرازق: وظاهر أن هذه العلوم التى دار عليها القول فى ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة لا تكون أقساما من الفلسفة([47]).
ولا يخفى أنه على كل قول يكون سائر العلوم فى الأقوال الأخرى داخلة فى الفلسفة، ويخرج منها العلم الذى يبدأ به قبل تعلم الفلسفة، وهذه الفكرة عند اختبارها ستكون - فيما نظن - شديدة التأثير فى منهج التصنيف فى الفلسفة الإسلامية، فمن المفترض أن الفيلسوف يبنى مذهبه الفلسفى انطلاقا من عدة أمور أحدها ما هو: الذى قبل الفلسفة، وما هو الفلسفة.
لكن يذكر ظهير الدين البيهقى نصا مهما عن الفارابى أن ما ينبغى لمن أراد الشروع فى دراسة الفلسفة هو دراسة القرآن واللغة العربية والشريعة الإسلامية، يقول الفارابى: ((ينبغى لمن أراد الشروع فى علم الحكمة أن يكون شابا، صحيح المزاج متأدبا بآداب الأخيار، قد تعلم القرآن واللغة وعلم الشرع أولا، ويكون صينا عفيفا متحرجا صدوقا، معرضا عن الفسق والفجور والغدر والخيانة، والمكر والحيلة، ويكون فارغ البال عن مصالح معاشه، ويكون مقبلا على أداء الوظائف الشرعية، غير مخل بركن من أركان الشريعة، بل غير مخل بأدب من آداب السنة، ويكون معظما للعلم والعلماء، ولم يكن عنده لشىء قدر إلا العلم وأهله، ولا يتخذ علمه من جملة الحرف والمكاسب)) ([48]).
فهذه جملة من الآداب العامة لطالب الفلسفة يأتى ضمنها: أهمية دراسة القرآن الكريم واللغة العربية وعلم الشرع قبل الدخول فى الفلسفة، وهو ما يؤكد على الوجهة الإسلامية لفلسفة الفارابى، وأنه لا يقدم الفلسفة كبديل للعلوم الإسلامية، كما لا يقدم الأخلاق الفلسفية كبديل للأخلاق الإسلامية.
على أننا نجد الفارابى فى إحصاء العلوم يقسمه إلى خمسة فصول تحتوى على ثمانية علوم حيث يبدأ بعلم اللسان، فعلم المنطق، وعلم التعاليم، والعلم الطبيعى، والعلم الإلهى، والعلم المدنى، وعلم الفقه، وأخيرا علم الكلام، فقد قدم علم اللسان وفروعه وأعقبه بعلم المنطق، لأن علم اللسان عند كل أمة أداة لتصحيح ألفاظها وتقويم عبارتها، فوجب تقديمه على سائر العلوم، ثم إن علم اللسان مما لا يستغنى عنه فى دراسة أوائل صناعة المنطق، لأن موضوعات المنطق هى المعقولات من حيث تدل عليها الألفاظ، والألفاظ من حيث هى دالة على المعقولات([49]).
والفلسفة على الحقيقة هى القسم الإلهى عند الفارابى فى بعض كتبه، وإلى هذا ينحو الفارابى فى التعليقات إلى اعتبار الفلسفة على الحقيقة هى القسم الإلهى فيقول: الحكمة معرفة الوجود الحق، والوجود الحق هو واجب الوجود بذاته، والحكيم هو من عنده علم الواجب بذاته بالكمال، وما سوى الواجب بذاته ففى وجوده نقصان عن درجة الأولى بحسبه فإذن يكون ناقص الإدراك فلا حكيم إلا الأول، لأنه كامل المعرفة بذاته([50]).
هـ- التوفيق بين الفلسفة والدين عند الفارابى: الموقف التوفيقى بين الحكمة والشريعة وثيق الصلة بنظرية المعرفة لدى كل فيلسوف، وينطلق الفارابى([51]) أيضا فى محاولته التوفيقية من أساس الإيمان المطلق بوحدة الحق، وينتج عن هذا وحدة الفلسفة أولا، ثم التوفيق بين الدين والفلسفة على أساس أنهما مظهرين لحقيقة واحدة([52])، ولعل المنهج الكلى الذى يفيد العموم والشمول، وينطلق من رؤية تسقط الكثير من الاختلافات الجزئية فى سبيل رؤية الحقيقة التى تصدق فى كل زمان ومكان هو جوهر التوفيق عند الفارابى([53])، وليؤثر موقفه من هذه القضية تأثيرا مباشرا على التصنيف عنده لينتج لنا تحت تأثيرها أحد كتبه الشهيرة، وهو (الجمع بين رأيى الحكيمين أفلاطون وأرسطو)، وإذا كان هذا الكتاب – وقد اعتنى عامة الباحثين فى فلسفة الفارابى بنقد ما سقط فيه من أخطاء فى فهم مذهب أرسطو أوقعه فيها المترجمون كما سبقت الإشارة لذلك - يصور جهده وعمله العقلى فى الجمع بين الآراء الفلسفية على العموم، فإن كتابه الآخر (فصوص الحكم) يعطى المثل على توفيق الفارابى الخاص به، والذى يتميز عن طريقه عن أى فيلسوف إسلامى آخر، بحيث يبدو أن معنى الفلسفة هو معنى ما جاء فى الإسلام فى إطار فهمه الخاص لنص الإسلام، فالتوفيق عند الفارابى يأتى بمعنى الضم، والشرح بمعنى التأويل، وتأخذ القضية برمتها طابعا بسيطا أن الفلسفة والدين تعبيران عن معنى واحد([54]).
وإن كنا لسنا فى حاجة إلى الإشادة بالإبداع العقلى للفارابى فى هذا الصدد، حيث كانت محاولته المضنية فى سبيل التوفيق من حيث الإبداع الفلسفى أمرا يدعو إلى الإعجاب والتقدير، ولكن يرى بعض الباحثين أنه فى ميزان الحق من حيث هو حق أن هذه المحاولة غير حقيقية ولا صادقة لاعتمادها على آراء مقطوع الآن بنسبتها خطأ لأرسطو وهى فى الحقيقة لأفلوطين، فمحاولته للتوفيق بين الحكيمين غير موفقة، ولا يزال الخلاف قائما بين أفلاطون وأرسطو، ومن ثم لم يزل الخلاف بين الفلسفة والدين، فادعاء الفارابى وحدة الفلسفة لتصبح فى مستوى الحقيقة الواحدة، ولتمكن مقارنتها بالدين بعد ذلك ادعاء غير حقيقى، وقد عاد مجرد دعوى لا دليل عليها، ولو تنـزه الفارابى من نـزعة التقديس إزاء الفكر اليونانى لاستطاع أن يدرك زيف هذه الآراء على أرسطو، ولأدرك أن الخلاف بينه وبين أفلاطون حقيقى وواقع بالفعل، ولأدرك أيضا أن التوفيق بين الدين والفلسفة هو توفيق بين جانبين غير متكافئين([55])، وكان ينبغى عليه قبل أن يسعى إلى التوفيق أن يقيم الفلسفة الإغريقية تقييما موضوعيا قبل أن يحاول التوفيق بينها وبين الإسلام، إذ لو قيم هذه الفلسفة من الوجهة الموضوعية لانكشف له أنها وثنية – بحسب رأى الدكتور البهى - فى صورة عقلية غلفت بها([56]).
نعم لم تخل محاولة الفارابى – وإن لم يصاحبه التوفيق على ما يرى بعض الباحثين - من فكرة سليمة فى نفسها، وهى أن الحقيقة لا تخترع ولا تبتدع، وإنما يكشف عنها، وسبيل الكشف عنها ليس مقصورا على شخص معين بالذات، كما لم تخل محاولته من أصالة حيث انتهى به البحث إلى آراء خاصة به فى الفلسفة فسر على ضوئها كلام أفلاطون وكلام أرسطو([57]).
وفى الجهة المقابلة يقف بعض الباحثين – ونتفق فى الرأى معه – يرى أن القول بأن الفلسفة الإسلامية لا خلق فيها ولا إبداع أنه هذا وضع خاطئ للمشكلة من عقلية واحدية الطرف، هى العقلية الأوربية الاستشراقية أو امتداداتها فى أذهان الباحثين، وأن الجمع بين رأيى الحكيمين ليس خلطا بين أفلاطون وأرسطوطاليس، وليس جمعا لما لا يمكن الجمع بينهما يدل على سوء فهم كل منهما، واعتمادا على المؤلفات المنتحلة، لأن مهمة الفيلسوف المسلم لم تكن التحقق التاريخى، بقدر ما كانت التعامل مع الأفكار بصرف النظر عن قائلها، أى أن منهجه كان عقليا مثاليا، وليس تاريخيا استقصائيا، وما ظنه المستشرقون ومقلدوهم خطأ أنه توفيق قد يكون قمة الفكر بحثا عن الشامل، واتجاها إلى المحور، وإعادة التوازن بين أطراف الموقف الفلسفى، وتجاوزا لأحادية الطرف، فهدف الفارابى رفع الشك والارتياب عن تاريخ الفكر، وتصحيح الفهم الفلسفى ومعرفة الحقيقة، وهو هدف كل فيلسوف موضوعى محايد([58]).
لقد حاول الفارابى الكشف عن الجانب المنهجى فى المذاهب الفلسفية، وفى التأليف على أسس منهجية مقارنة، وهو أهم مميزات الباحث الأصيل([59]).
و- النـزعة الصوفية عند الفارابى: كان الفارابى – على ما يصفه المؤرخون - صوفيا فى قرارة نفسه، يعيش عيشة الزهد والتقشف ويميل إلى الوحدة والخلوة، وإذا كان الفارابى أول من صاغ الفلسفة الإسلامية فى ثوبها الكامل ووضع أصولها، ومن أهم أجزاء هذا المذهب نرى نظرية صوفية امتازت بها الفلسفة الإسلامية عن كثير من الفلسفات الأخرى، فالتصوف إذن قطعة من مذهب الفارابى الفلسفى، وله رباط وثيق يربطه بالنظريات الفارابية الأخرى نفسية كانت أو أخلاقية أو سياسية، وقد أثر هذا التصوف تأثيرا عميقا فيمن جاء بعد من فلاسفة الإسلام، ولعل أخص خصائص النظرية الصوفية عند الفارابى أنها قائمة على أساس عقلى، فليس تصوفه بالتصوف الروحى القائم على محاربة الجسم والبعد عن اللذات، بل هو تصوف نظرى يعتمد على الدراسة والتأمل([60]).
إن هذه الصورة عن فلسفة الفارابى نجد لها أثرها الواسع على مناهج التصنيف فى الفلسفة الإسلامية بداية من الفارابى فمن بعده، فقد نفذ – كما يقول البارون كارادى فو - تصوف الفارابى إلى كل شىء فى فلسفته، والتصوف يتخلل جميع مذهبه، والألفاظ الصوفية منتشرة فى كل ناحية من مؤلفاته، وعبارات الصوفية شائعة تقريبا فى كل أقواله، ونشعر جيدا أن التصوف ليس مجرد نظرية من النظريات اعتنقها بل حالا نفسية ذاتية([61])، فتصوف الفارابى – كما يقول الدكتور إبراهيم مدكور – يعبر عن عاطفة صادرة من القلب([62])، كما عنى الفارابى كل العناية بموضوع السعادة علما وعملا، فخصه بكتابين من كتبه شرح فيهما مختلف آرائه الصوفية، وبين الوسائل الموصلة إلى السعادة، وهما: (تحصيل السعادة)، وكتاب (التنبيه على السعادة)([63]).
ومما قاله الفارابى فى هذا الصدد: ((الروح القدسية لا تشغلها جهة تحت عن جهة فوق، ولا يستغرق الحس الظاهر حسها الباطن، وقد يتعدى تأثيرها من بدنها إلى أجسام العالم وما فيه، وتقبل المعلومات من الروح والملائكة بلا تعليم من الناس))([64]).
ونجد امتدادا لهذا التصوف فى النظريات الفلكية والميتافيزيقية عند الفارابى، والذى يتخيل نظاما فلكيا أساسه أن فى كل سماء قوة روحية أو عقلا مفارقا يشرف على حركتها ومختلف شئونها، وآخر هذه القوى هو العقل العاشر الموكل السماء الدنيا والعالم الأرضى، فهو نقطة اتصال بين العالمين العلوى والسفلى، وكلما اتسعت معلومات المرء اقترب من العالم العلوى ودنت روحه من مستوى العقول المفارقة، فإذا وصل إلى درجة العقل المستفاد أصبح أهلا لتقبل الأنوار الإلهية وأضحى على اتصال مباشر بالعقل العاشر...([65]).
ونظرية الفارابى الصوفية تصعد بجذورها إلى نصين لأرسطو عن الخير الأسمى ونظرية الاتصال والآخر عن وظيفة العقل الفعال، وكلا النصين أثر تأثيرا عميقا فى فلاسفة الإسلام وآرائهم الصوفية والنفسية، بالإضافة إلى أثر مدرسة الإسكندرية الفلسفية وخاصة كتاب الربوبية لأفلوطين، وبقدر تأثر هذه النظرية بميول الفارابى الشخصية وبقدر تأثرها بالبيئة الفكرية المحيطة حيث عاصر الفارابى أمثال الجنيد والحلاج والشبلى، فإن تكوينها العلمى يخضع لنظرية الخير الأسمى الأرسطية، ونظرية الجذب (الاكتساسيس) الأفلوطينية، فقد جمع الفارابى كل ذلك وأخرج منه نظرية فلسفية أثرت فيمن بعده. ومن جهة أخرى فإن النـزعة الروحية النامية والاتجاه الصوفى الواضح لدى الفارابى قد نفذا إلى أعماق المدرسة الفلسفية الإسلامية، وظهرا لدى فلاسفة الإسلام بدرجات متفاوتة([66]).
سنجد الأثر المباشر لهذه القضية – النـزعة الصوفية عند الفارابى – على مناهج التصنيف الفلسفية يظهر جليا فى الإشارات والتنبيهات، والذى يعد يتيمة العقد بين مؤلفات ابن سينا خليفة الفارابى الأعظم وشارحه الوفى، على ما سيأتى الحديث عنه بالتفصيل عند منهج التصنيف الفلسفى عند ابن سينا([67]).
ز- نظرة عامة على منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: قدم لنا ابن صاعد – والذى كان يرى فى الفارابى أنه فيلسوف المسلمين بالحقيقة – تقويما عاما ومتميزا لمنهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، حيث يقول: ((أخذ (يعنى الفارابى) صناعة المنطق عن يوحنا بن جيلانى... فبذ جميع أهل الإسلام فيها...: 1- فشرح غامضها، 2- وكشف سرها، 3- وقرب تناولها، 4- وجمع ما يحتاج إليه منها، 5- فى كتب صحيحة العبارة، 6- لطيفة الإشارة، 7- منبهة على ما أغفله الكندى وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعليم، 8- وأوضح القول فيها عن مواد المنطق الخمس، 9- وإفراد وجوه الانتفاع بها، 10- وعرف طرق استعمالها، 11- وكيف تُعْرَف صورة القياس فى كل مادة منها، 12- فجاءت كتبه فى ذلك الغاية الكافية، والنهاية الفاضلة)) ([68]).
وهكذا يمكننا من خلال تحليل عبارة ابن صاعد السابقة أن نقف على (12) فكرة مهمة قوَّم من خلالها ابنُ صاعد منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى والذى تمثله فى منطقياته.
ويكمل ابن صاعد ببراعته المعهودة وفى عبارات مختصرة تقويمه العام لبقية مؤلفات الفارابى فيقول: ((وله كتابه فى أغراض فلسفة أفلاطون وأرسطاطاليس يشهد له بالبراعة فى صناعة الفلسفة، والتحقق بفنون الحكمة، 1- وهو أكبر عون على تعلم طريق النظر وتعرف وجه النظر، 2- اطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما، 3- وبيَّن كيفية التدرج من بعضها إلى بعض شيئا فشيئا. 4- ثم بدأ بفلسفة أفلاطون فعرف بغرضه منها وسمى تآليفه فيها، ثم أتبع ذلك فلسفة أرسطاطاليس، فقدم له مقدمة جليلة عرّف فيها بتدرجه إلى فلسفته، 5- ثم بدأ بوصف أغراضه فى تواليفه المنطقية والطبيعية كتابا كتابا، حتى انتهى به القول فى النسخة الواصلة إلينا إلى أول العلم الإلهى، والاستدلال بالعلم الطبيعى عليه. 6- فلا أعلم كتابا أجدى على طالب الفلسفة منه، 7- فإنه يعرف بالمعانى المشتركة لجميع العلوم، 8- والمعانى المختصة بعلم علم منها، 9- ولا سبيل إلى فهم معانى قاطاغورياس (= المقولات) وكيف هى الأوائل الموضوعة لجميع العلوم إلا منه، 10- ثم له بعد هذا فى العلم الإلهى وفى العلم المدنى كتابان لا نظير لهما، أحدهما المعروف بالسياسة المدنية، والآخر المعروف بالسيرة الفاضلة، عرف فيهما بجمل عظيمة من العلم الإلهى على مذهب أرسطاطاليس فى المبادئ الستة الروحانية، وكيف تؤخذ عنها الجواهر الجسمية على ما هى عليه من النظام، واتصال الحكمة، وعرف فيها بمراتب الإنسان وقواه النفسانية، وفرق بين الوحى والفلسفة، ووصف أصناف المدن الفاضلة وغير الفاضلة، واحتياج المدينة إلى السير الملائكية والنواميس النبوية...)) ([69]).
لكن مع هذا فهناك مساحة من الاستقلال عن أرسطو نجدها واضحة عند الفارابى، فقد كتب مثلا عددا من الرسائل فى صناعة المنطق بالإضافة إلى رسالة طويلة عن الصناعة كلها، لكن لا يمكننا أن نعتبر أن كتابات الفارابى تفسيرات أو شروح لأرسطو بالمعنى الحرفى، وإنما هى شرح لأفكاره، وبيان للمعنى اللائق لقول أرسطو وإن خالف ما يقول به المفسرون الآخرون. كما أنه خالف أرسطو فى ترتيب فنون صناعة المنطق، فبينما تأتى المقولات أولا عند أرسطو، جعلها الفارابى القسم الرابع، وقد قدم لذلك بالقول فى الأقاويل التى بها يسهل الشروع فى صناعة المنطق، وذلك من خلال رسالتين أولهما فى صناعة المنطق وعلاقتها بالصنائع الأخرى، والثانية فى فحص معانى الألفاظ والاصطلاحات المستعملة فى المنطق، كما أنه جعل إيساغوجى مدخلا للمنطق، ويرى أن إصلاحه يعد من الضروريات، ومن جهة أخرى نراه يغير ترتيب نص أرسطو ويعدل فى نصوصه، ويخرج كثيرا عن مذهب أرسطو المحدد، فقد حذف الفارابى مثلا من كتاب المقولات القول فى الأسماء المتفقة والمتواطئة والمشتقة، وهى الأقوال التى بدأ بها أرسطو كتابه. كما أضاف الكلام بالتفصيل عن الفرق بين الجوهر والعرض، وعن الأسباب الضرورية، وعن الفرق بين المعقول والمقول طبقا لقواعد المنطق، وعن التباين بين الحمول على الطريق الطبيعى، والمحمول على الطريق غير الطبيعى، وبينما تعرض أرسطو فقط للمقولات الخاصة بالجوهر والكم والإضافة والكيفية فقط، فإن الفارابى فصّل القول فى كل المقولات العشر. وأخيرا فقراءة رسالة الفارابى تفيد دارس المنطق – بصفة عامة لا خصوص مذهب أرسطو - فائدة كبرى حيث يعرض بوضوح شديد للمفاهيم الأساسية المستعملة فى المناقشات المتقدمة للمنطق([70]).
وختاما فقد كان الفارابى فيلسوفا مسلما بأجمل ما لهذه الكلمة من معان، رجل جمع بين مزيتين: الإخلاص للفلسفة، والإيمان بالدين، وبهاتين المزيتين حاول أن يوفق بين لغتين: لغة العقل ولغة القلب، وهما عنده مفهومتان ضروريتان للإنسانية التى تريد أن تتخطى نفسها ساعية إلى الكمال، وكأن الفارابى قد جاء إلى العالم ليؤدى رسالة جليلة خلاصتها أن الفلسفة والدين هما المعين الصافى للحياة الروحية، التى بها يكون المجتمع الإنسانى فاضلا([71]).
ورغم ما تقدم فإن عقلية مثل عقلية الفارابى لا ينتهى عجبنا من عدم التفاتها إلى ما فى نظريته عن الفيض من تناقض ذاتى، وضعف تفسيره لكيفية صدور الكثرة عن الواحد، الذى استشكل صدوره عن الواجب الوجود الأول، ومنحه للعقل العاشر، وحديثه عن الكواكب والأفلاك وعقولها([72]).
ح- ملاحظات حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: وفى ضوء ما سبق يمكننا رصد العديد من الملاحظات التى تساعدنا على ترسُّم منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، فمن ذلك:
1) يرى الفارابى أن حد الفلسفة وماهيتها: ((أنها العلم بالموجودات بما هى موجودة... حتى إنه لا يوجد شىء من موجودات العالم إلا وللفلسفة فيه مدخل... فإن المقسّم يروم أن لا يشذ عنه شىء موجود من الموجودات... ومن تدرب فى علم المنطق وأحكم علم الآداب الخلقية، ثم شرع فى الطبيعيات والإلهيات، ودرس كتب هذين الحكيمين يتبين له مصداق ما أقوله حيث يجدهما قد قصدا تدوين العلوم بموجودات العالم، واجتهدا فى إيضاح أحوالها على ما هى عليه، من غير قصد منهما لاختراع وإغراب وإبداع وزخرفة وتشوق...)) ([73])، ويرتب على ذلك الحد جوهر مذهبه الفلسفى القائم على التوفيق، حيث لا يصح أن يقع الخلاف فى الفلسفة لأنها مجرد إدراك للموجود بما هو موجود، وبنى على ذلك محاولته فى الجمع بين رأيى الحكيمين، والطابع التوفيقى الذى يسرى فى فلسفته كلها. ولا يدرى الباحث – كوجهة نظر شخصية - كيف غفل الفارابى عن المغالطة التى اشتمل عليها كلامه، لأن كون الفلسفة العلم بالموجودات بما هى موجودة لا ينفى وقوع الاختلاف ناتج عن وقوع الخطأ فى إدراك الموجود، فكون الموجود هو هو (بفرض عدم تغيره) لا يعنى أننا كلنا سندركه إدراكا واحدا صحيحا لا خلاف فيه ولا خطأ، كما يدخل الاختلاف من جهة أخرى بعدم التنبه إلى اختلاف وتعرض للتغير والفساد، فربما أدركه فيلسوف على حال غير التى أدركه عليه الآخر، فيختلفان دون أن ينتبها إلى وجه الاختلاف، إلى غير ذلك، من ثم فإن الفلسفة لا تعدو أن تكون محاولة إدراك الموجودات بما هى موجودة.
2) يمكننا القول أن الفارابى فى كتابه تحصيل السعادة قد قدم لنا طرحا واضحا لمنهج التصنيف الفلسفى عنده، والكتاب كله لا يعدو أن يكون كلاما فى منهج التصنيف، فهو لم يتناول قضايا فلسفية، ولم يقدم نظريات فى الفلسفة بقدر ما قدم منهجا فى التصنيف فى الفلسفة، وجعل الكتاب كله كالتمهيد للبدء فى التصنيف فى الفلسفة كما وعد فى خاتمته، وبين صدر الكتاب الذى بدأه بطرح أساس التصنيف وخاتمته التى يصرح بعزمه على التصنيف فى ضوء منهجه يطرح الفارابى منهجا كاملا فى التصنيف الفلسفى، يقول الفارابى فى صدر الرسالة: ((الأشياء الإنسانية التى إذا حصلت فى الأمم وفى أهل المدن، حصلت لهم بها السعادة الدنيا فى الحياة الأولى، والسعادة القصوى فى الحياة الأخرى: أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية، فالفضائل النظرية...))([74])، ثم أخذ فى بيان ذلك وكيفية تفرع علوم الفلسفة من أنواع هذه الفضائل الأربعة حتى يصل إلى خاتمة الرسالة فيقول: ((والفلسفة التى هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين عن أفلاطن وأرسطوطاليس... ونحن نبتدئ أولا بذكر فلسفة أفلاطن، ثم نرتب شيئا فشيئا من فلسفته حتى نأتى على آخرها، ونفعل مثل ذلك فى الفلسفة التى أعطاناها أرسطوطاليس...)) ([75])، ومن خلال ذلك يتبين كيف يبدأ النظر الفلسفى – ومن ثم التصنيف الفلسفى – حتى تترتب العلوم الفلسفية من العلوم المنطقية والعلم الطبيعى وما بعد الطبيعى والعلم الإنسانى والعلم المدنى....
3) كما يمكننا اعتبار مقالته (الإبانة عن غرض أرسطوطاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة)([76])، هى حديث مباشر فى منهج التصنيف فى علم ما بعد الطبيعة خاصة، والعلوم الفلسفية عامة، فقد اهتم فيه الفارابى ببيان الغرض من هذا العلم، والفرق بينه وبين التوحيد حيث اختلط غرضهما فى أذهان بعض الناس، واعتنى الفارابى بعد ذلك بتقسيم العلوم إلى علم جزئى وعلم كلى، وأن العلم الكلى لا يمكن – بحسب نظريته - أن يتعدد، وضبطها بما يوضحها ويساعد على التصنيف فيها دون أن تختلط بغيرها، ويأتى بعد ذلك بيان كامل لخطة تصنيف أرسطو لعلم ما بعد الطبيعة.
4) وقد اهتم الفارابى اهتمام خاصا بالمنهج (بمعنى جملة الوسائل المحددة التى توصل إلى غاية معينة)، وأدرك ضرورته قبل البدء فى أية محاولة علمية أو فلسفية، ولذا جاء مذهبه متسقا ومحكم الترابط، لأنه أسس على قواعد منهجية محددة، وليس على مجرد الفروض والاحتمالات([77])، ومن هنا كان اهتمامه الواضح بالمنطق وبتصنيف العلوم.
5) ويحاول الفارابى أن يقدم فلسفته من خلال منهج كلى، ينطلق من رؤية شاملة تسقط الكثير من الاختلافات الجزئية فى سبيل رؤية الحقيقة التى تصدق فى كل زمان ومكان، وربما كان هذا هو جوهر التوفيق عنده، فالتوفيق عنده عملية إبداعية أصيلة، وليس مجرد مزج تعسفى للأفكار والموضوعات([78])، وهذا المنهج الكلى يشيع فى مصنَّفات الفارابى، ويمثل إطارا عاما لمنهجه فى التصنيف، فمن خلال ذلك المنهج الكلى ينطلق الفارابى فى محاولته لإحصاء العلوم، ويحاول دراسة المدن الفاضلة ومضادتها على سبيل الحصر، وهكذا تتحكم الرؤية الكلية أو محاولته الدؤوب للوصول إليها فى منهجه فى التصنيف. بل ربما نجده – كما لاحظ بعض الباحثين - يبحث عن أصول موضوع ما ومنهجه فى مؤلف مستقل، ويتناوله بعد ذلك فى ضوء هذه الأصول والمنهج الذى فحصه، وهو ما قام به الفارابى فى كتابه (الملة) حيث بحث فى الأصول التى بنى عليها تركيب المدينة الفاضلة والسياسة المدنية، وبحث المنهج الذى استخدمه فى هذين الكتابين([79]).
6) والغاية من الفلسفة تمثل أحد أسس منهج التصنيف الفلسفى، حيث تتحكم الغاية فى توجيه خطة التصنيف، وغاية الفلسفة عند الفارابى ((معرفة الخالق تعالى وأنه واحد غير متحرك، وأنه العلة الفاعلة لجميع الأشياء، وأنه المرتب لهذا العالم بجوده وحكمته وعدله))، ويترتب على هذه الغاية عند الفارابى أن ((الأعمال التى يعملها الفيلسوف هى التشبه بالخالق بمقدار طاقة الإنسان)) ([80])، ومن الجلى أن الفلسفة التى تبنى على أن غايتها هى معرفة الخالق، سيكون منهج التصنيف فيها وترتيب موضوعاتها وطبيعة هذه الموضوعات نفسها مختلفة عن الفلسفة التى غايتها مادية محضة، أو لا تؤمن بوجود إله أصلا.
7) اعتنى الفارابى بمحاولة تصنيف العلوم وإحصائها، انطلاقا من إدراكه لأهمية هذا التصنيف وصلته بالمنهج العلمى([81])، وقد تقدم الحديث عن ذلك تحت عنوان مستقل([82])، وبناء عليه فيمكن القول بأن الفارابى جعل تصنيف العلوم أداة منهجية أساسية فى التمييز بين العلوم، وتحصيلها، والحكم على مدى صدق من ادعاها، ويمكننا أن نضيف أيضا أنه أداة أساسية أيضا فى التصنيف فى علم من هذه العلوم أيضا، بحيث يدرك من خلال هذا التصنيف فضيلة العلم المقدم عليه، وأجزاءه التى ينبغى أن يحيط بها فى تصنيفه، وجمل ما فى كل واحد من أجزائه كما يقول الفارابى([83]).
8) يؤكد الفارابى على تميز كل صنف من أصناف الصنائع الفلسفية بأسئلة خاصة بها، تميز بالتالى أجوبتها موضوع كل صنعة عن أختها فيقول: ((كل صناعة من الصنائع القياسية الخمس فيها ضرب أو ضروب من السؤال الخاص بها، ففى الفلسفة سؤال برهانى، وفى الجدل سؤال جدلى، وفى السفسطة سؤال سوفسطائى، وفى الخطابة سؤال خطبى، وفى الشعر سؤال شعرى، والسؤال الذى فى كل صناعة هو على نوع ونحو وبحال ما على غير ما هو عليه فى الأخرى، وللسؤال فى كل صناعة أمكنة أن ينجح فيها، وأمكنة لا ينجح فيها، فلذلك إنما يصير ذلك السؤال نافعا وفى تلك الصناعة متى استعمل فى الأمكنة التى فيها ينجح، وعلى النحو الذى ينجح...)) ([84]).
9) الطابع العام لفلسفة الفارابى هو الطابع الإنسانى، وقد أثر ذلك بشكل واضح فى منهجه فى التصنيف الفلسفى، بحيث لا يخلو فيها باب واحد من اهتمام بالإنسان أو تحليل لسلوكه ومعاشه وعلاقته بالأغيار، بل إن آراء الفارابى الرئيسية فى مختلف فروع الفلسفة نجدها متضمنة فى كتبه الإنسانية، فآراؤه فى الله وصفاته والكون وصدوره معروضة فى كتبه السياسية مثل (آراء أهل المدينة الفاضلة) ([85])، و(السياسة المدنية)، وآراؤه فى تصنيف العلوم وإحصاؤها موجودة فى كتب الأخلاقية كـ (تحصيل السعادة – والتنبيه على أسباب السعادة)، زد على ذلك غزارة المؤلفات التى خصصها الفارابى للإنسان، لا كحقيقة فردية مقصورة على بحث مشكلة النفس وارتقائها فى سلم المعرفة فحسب – كما فعل سائر الفلاسفة – بل كحقيقة اجتماعية تبحث عن علاقته بالآخرين([86]).
10) لا يعتنى الفارابى فى بعض الأحيان بكتابة مقدمة لعمله توضح مقصوده أو منهجه بل يشرع مباشرة فى المقصود، وهو ما نجده مثلا فى كتابه العبارة بعد البسملة: ((القول فى بارى أرمينياس وهو القول فى العبارة. الألفاظ الدالة منها مفردة تدل على معانى مفردة ومنها مركبة...)) ([87])، ومثله فى كتاب الخطابة والذى صدره بتعريفها فقال: ((الخطابة صناعة قياسية غرضها الإقناع فى جميع الأجناس العشرة...)) ([88])، على أننا نجده يقدم لكتابه الجمع بين رأيى الحكيمين بمقدمة مختصرة يذكر فيها مشكلة البحث وخلاصة رأيه فيها والذى سيدلل عليه بالتفصيل فى ثنايا الكتاب([89])، وربما وجدنا فى بعض كتب الفارابى ما يشبه خطة البحث فى مفهومنا المعاصر، وخير مثال على ذلك كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة)، والذى نجد فى أوله: ((اختصار الأبواب التى فى كتاب المدينة الفاضلة تأليف أبى نصر... الفارابى))، يختصر فى عبارات موجزة أهم مسائل الكتاب نحو: ((القول فى الشىء الذى ينبغى أن يعتقد فيه أنه هو الله تعالى، ما هو، وكيف هو، وبماذا ينبغى أن يوصف، وبأى وجه هو سبب سائر الموجودات، وكيف تحدث عنه، وكيف يفعلها، وكيف هى مرتبطة به، وكيف يعرف ويعقل، وبأى الأسماء ينبغى أن يسمى، وعلى ماذا ينبغى أن يدل منه بتلك الأسماء. القول فى الموجودات التى ينبغى أن يعتقد فيها أنها هى ملائكة...)) وهكذا يمضى من فقرة إلى أخرى يصدرها بلفظة: القول فى كذا وكذا، حتى يأتى على آخر مباحث الكتاب. والظاهر أن هذا الاختصار قديم لوقوعه فى الأصول الخطية للكتاب، كما يظهر من فروق النسخ([90])، ويحتمل أن يكون الفارابى قد عمله بنفسه أو عمله أحد تلامذته محافظا على عبارات الأصل، إلا أن الظاهر أنه عمل مستقل عن الكتاب نفسه([91])، والذى يبدأ بالبسملة، ثم عبارة: ((هذا كتاب ألفه أبو النصر الفارابى فى مبادئ آراء أهل المدينة الفاضلة)) ([92]).
11) ورغم هذا فإن الفارابى على المستوى النظرى – لا التطبيقى العملى - يؤكد على أهمية المقدمة، ويحدد لنا ما ينبغى أن يذكر فيها، وذلك فى ثنايا كتابه الألفاظ المستعملة فى المنطق، فيقول بعد أن يذكر العديد من التمهيدات والقواعد المهمة فى تعلم المنطق: ((وبعد هذا ينبغى أن نعدِّد الأمور التى ينبغى أن يعرفها المتعلم فى افتتاح كل كتاب... وهى: غرض الكتاب، ومنفعته، وقسمته، ونسبته، ومرتبته، وعنوانه، واسم واضعه، ونحو التعليم الذى استعمل فيه، ويعنى بالغرض الأمور التى قصد تعريفها فى الكتاب، ومنفعته هى منفعة ما عُرف من الكتاب فى شىء آخر خارج عن ذلك الكتاب، ويُعنى بقسمته عدد أجزاء الكتاب، مقالات كانت أو فصولا أو غير ذلك مما يليق أن يؤخذ ألقابا لأجزاء الكتاب من فنون أو أبواب أو ما أشبه ذلك، وتعريف ما فى كل جزء منه، ونسبة الكتاب يعنى بها تعريف الكتاب من أى صناعة هو، والمرتبة يعنى بها مرتبة الكتاب من تلك الصناعة أى مرتبة هى، هل هو جزء أول فى تلك الصناعة أو أوسط أو أخير أو فى مرتبة منها أخرى. وعنوانه هو: معنى اسم الكتاب. وأما اسم واضع الكتاب فمعناه بين... وكل واحد من هذه متى عرف كان له غناء فى تعليم ما فى الكتاب...))، ثم يفسر لنا الفارابى السبب الذى جعله يهمل عمليا مراعاة هذا الذى أكد على أهميته نظريا فيقول: ((ومعرفة غنائها (يعنى هذه الأشياء السابق ذكرها) فليس تعدمها فى تفاسير الحدث (=المصنِّفين المعاصرين له) فإن عناية أكثرهم مصروفة إلى التكثير بأمثال هذه الأشياء، ونحن فقد خلينا أمثال هذه الأشياء لهم، وأرسطاطاليس والقدماء من شيعته يستعملون من هذه الأشياء فى افتتاح كل كتاب مقدار الحاجة وربما لم يستعملوا منها شيئا أصلا، وفى أكثر الكتب فلا يكاد أرسططاليس يخل بمعظم ما يحتاج إليه من هذه، وذلك هو الغرض والمنفعة، وكثيرا ما يذكر النسبة والمرتبة، وربما ذكر معها نحو التعليم الذى يستعمله فى الكتاب...)) ([93])، وهذا يفسر لنا سبب إهماله للمقدمات عمليا.
12) على أنه ربما بدا لنا أن الفارابى يتعامل مع كتبه جميعا كأنها كتاب واحد أو سلسلة واحدة، وما ينبغى أن يذكره فى مقدمة كتاب قد يجعله فى خواتيم الكتاب السابق عليها بحسب الترتيب الصناعى له، ونظن أنه يقصد بذلك حمل الطالب حملا على أن يتعلم على أنحاء التعليم الصحيحة، ويأخذ فى التلقى بناء على الترتيب الصناعى، ولا يشرع فى جزء من العلم قبل الفراغ مما قبله، بحيث لا يبدو كل كتاب كوحدة مستقلة مقطوعة الصلة بما قبله وما بعده، إلا لمن بدأ بكتاب من أثناء العلم بغير ترتيب، فلا يجد مقدمة ترشده، ومن أمثلة ذلك كتابه الألفاظ المستعملة فى المنطق يقول الفارابى بعد أن ينتهى مما كان فيه: ((وقصدنا الآن الشروع فى صناعة المنطق، فينبغى النظر فى هذه الصناعة بما قد قيل إن العادة قد جرت أن يفتتح به فى كل كتاب)) ثم أفاض فى بيان الغرض من صناعة المنطق، ومنفعتها، وعدد أجزائها، ونسبتها، ومرتبتها، والمنشىء لها ([94])، وبما يصلح أن يكون مقدمة لرسالة فى علم المنطق، لكنه يذكرها فى خواتيم رسالة هى نفسها كالتوطئة لعلم المنطق، أما كتبه المنطقية نفسها كالعبارة والخطابة التى بين أيدينا، فتبدأ بلا مقدمة.
13) فالفارابى وإن لم تطرد عنايته بمقدمة توضيحية، فإن بعض كتبه لا تخلو من خاتمة توضح موضع الكتاب الذى يتناوله من خريطة العلم الذى هو فيه، تجعله كالتوطئة أو المقدمة للكتاب التالى له فى خريطة العلم، فمثلا فى خاتمة كتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق يورد نصا طويلا عما ينبغى أن يفتتح النظر به فى صناعة المنطق ويختمه بقوله: ((فقد أتى هذا القول على الأقاويل التى بها يسهل الشروع فى صناعة المنطق، فينبغى الآن أن نشرع فيها، ونبتدئ بالنظر فى الكتاب الذى يشتمل على أول أجزاء هذه الصناعة وهو كتاب المقولات))([95])، وهو ما نجده أيضا فى خاتمة كتابه التنبيه على سبيل السعادة فيقول منبها على كيفية تحصيل الصناعة المنطقية وأهمية علم النحو لتحصيلها: ((ولما كانت صناعة النحو هى التى تشتمل على أصناف الألفاظ الدالة وجب أن تكون صناعة النحو لها غناء ما فى الوقوف والتنبيه على أوائل هذه الصناعة، فلذلك ينبغى أن نأخذ من صناعة النحو مقدار الكفاية... ومن سلك غير هذا المسلك فقد أغفل أو أهمل الترتيب الصناعى، ونحن إذا كان قصدنا أن نلزم فيه الترتيب الذى توجبه الصناعة فقد ينبغى أن نفتتح كتابا من كتب الأوائل التى بها سهل الشروع فى هذه الصناعة بتعديد أصناف الألفاظ الدالة فيجب أن نبتدئ فيه ونجعله تاليا لهذا الكتاب)) ([96])، وكذلك فى خاتمة تحصيل السعادة يقول: ((والفلسفة التى هذه صفتها إنما تأدت إلينا من اليونانيين عن أفلاطن وأرسطوطاليس... ونحن نبتدئ أولا بذكر فلسفة أفلاطن، ثم نرتب شيئا فشيئا من فلسفته حتى نأتى على آخرها، ونفعل مثل ذلك فى الفلسفة التى أعطاناها أرسطوطاليس...))([97])، فكأن الفارابى – كما قلنا - يتعامل مع كتبه جميعا كأنها كتاب واحد أو سلسلة واحدة، وما ينبغى أن يذكره فى مقدمة كتاب قد يجعله فى خواتيم الكتاب السابق عليها بحسب الترتيب الصناعى له، حملا للطالب على أن يتعلم على أنحاء التعليم الصحيحة، ويأخذ فى التلقى بناء على الترتيب الصناعى، ولا يشرع فى جزء من العلم قبل الفراغ مما قبله.
14) والنصوص السابقة للفارابى تعطينا قاعدة أخرى هامة من قواعد منهج التصنيف عند الفارابى، وهى: مراعاة الترتيب الصناعى، ليس فقط فى تحصيل العلم وطلبه. إن حرص الفارابى الشديد على مراعاة ذلك جعله لا يضع المقدمات فى مواضعه المعتادة كما تقدم إيضاحه، ولكن أيضا فى التصنيف فيه، فالفارابى تحكمه هذه القاعدة (مراعاة الترتيب الصناعى) فى ترتيب أجزاء الصناعة، وترتيب التأليف فيها بحسب ما يقتضيه منطق كل صناعة من الصناعات الفلسفية، بحيث يأتى تصنيفه فيها مرتبا متفقا مع ما ينبغى مراعاته.
15) ومن الممكن أن نربط هذه القاعدة السابقة بقاعدة أخرى يقررها الفارابى وهى مراعاة (أنحاء التعليم)، والتى يقصد بها الفارابى ثلاثة أحوال للمتعلم على المعلم – بله المصنِّف – أن يراعى حصولها للطالب: ((أحدها: أن يتصور ذلك الشىء ويفهم معنى ما سمعه (أو قرأه) من المعلم، وهو المعنى الذى قصده المعلم (والمصنِّف) بالقول. والثانى: أن يقع له التصديق بوجود ما تصوره أو فهمه عن لفظ المعلم. والثالث: حفظ ما قد تصوره ووقع له التصديق به. وهذه الثلاثة التى لا بد منها فى كل شىء يتعلَّم بقول... وأنحاء التعليم تختلف بحسب اختلاف الأمور التى تستعمل فى التعليم... وهذه الأمور كثيرة: منها استعمال الألفاظ الدالة على الشىء، وحدّ الشىء، وأجزاء حده، وجزئياته، وكلياته، ورسوم الشىء، وخواصه، وأعراضه، وشبيه الشىء، ومقابله، والقسمة والمثال، والاستقراء، والقياس، ووضع الشىء بحذاء العين، وهذه كلها ما عدا القياس فتنفع فى تسهيل الفهم والتصور، وأما القياس فإن شأنه أن يوقع التصديق بالشىء فقط...)) ([98])، وكل هذه الأمور على المصنِّف – كما على المعلِّم – أن يراعيها حتى يسهل الفهم والتصور والتصديق للمعانى التى يقصدها بالتصنيف.
16) ربما أورد الفارابى المباحث المقصودة إيرادا دون أن يشير إلى مصدره فيها، فمثلا نجده لا يصرح بالإشارة إلى أرسطو فى كتاب العبارة إلا فى موضعين، كما لا يشير إلى غيره من الفلاسفة إلا نادرا فقد أشار إلى الإسكندر مرة واحدة فى كتابه هذا([99])، وربما عرض لآراء القدماء، واعتنى بالتأريخ لتطور الفكر الفلسفى وتراكمه حول القضايا التى يتناولها([100]).
17) يميل أسلوب الفارابى أحيانا كثيرة إلى السهولة فى العبارة، وسلاسة الفكر، والانتقال بين أفكار الموضوع فى سهولة ويسر، كما نرى ذلك فى كتبه كالعبارة والخطابة والتنبيه على سبيل السعادة، والألفاظ المستعملة فى المنطق مثلا، ((والحق أن أسلوب الفارابى فى الكتابة فيه وضوح وإشراق، وهو من نوع السهل الممتنع، فلم يجنح فيه نحو التراكيب اللغوية الصعبة، والصيغ المعقدة، وإذا بدا أن فيه صعوبة أو غموضا فى بعض الأحيان فما هو إلا من تعقد الموضوعات نفسها، بحيث يصبح التعبير عنها بلغة جزلة سهلة فيه شىء من الصعوبة)) ([101])، وهذا هو الأمر الظاهر من مطالعة مصنَّفات الفارابى، ومن ثم فلسنا نوافق أ/د وافى على رأيه حين يقول: ((ولغة الفارابى فى هذا الكتاب (المدينة الفاضلة) كلغته فى جميع كتابه لغة معقدة ركيكة تبين بصعوبة عما يقصده)) ([102]).
18) كما أن أسلوب الفارابى فى أحيان أخرى يميل إلى أن يكون دقيقا مركزا، ليس فيه تكرار ولا ترادف، وهو يعتنى باللفظ والعبارة، ويعطى أغزر المعانى فى جمل مختصرة، وهو شغوف بالمتقابلات، فعندما تخطر له فكرة لا بد أن يذكر مقابلها، كما نراه فى رسالة ((فى جواب مسائل سئل عنها))، كما يتمتع أسلوبه بالمرور على الأمور التى يفترض أنها معروفة دون أن يطيل فى شرحها، ولا تستوقفه الموضوعات العادية، لكنه عند الحديث عن أساس نظرية ما يجلى ما غمض، ويدلى فيه برأيه، كما نراه فى رسالة ((فى أغراض الحكيم فى كل مقالة من الكتاب الموسوم بالحروف)) ([103]).
19) لكنه فى كل الأحوال سواء أخذ بجانب السهولة والوضوح أو بجانب الدقة والتركيز، يسعى إلى جلاء المعانى جلاء تاما([104])، وواقعة ابن سينا المشهورة تؤكد على هذه السمة فى المنهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى، ففى القصة المشهورة التى يحكيها ابن سينا عن نفسه أنه طالع كتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو أكثر من أربعين مرة، ولم يفهمه، حتى يأس من ذلك، ثم وقع له كتاب الفارابى (فى أغراض ما بعد الطبيعة) فلما قرأه فتح له ما كان مغلقا، واتضح ما كان مغمضا، وصارت تنكشف له معان هذا العلم انكشافا([105]).
20) ومن خصائص منهج التصنيف عند الفارابى: الجمع، والتعميم، والترتيب، والتأليف، والتحليل، والتركيب، والتفريع، والتركيز، كل ذلك يعتبر خاصة من خصائص الفارابى، وهدف من أهدافه فى التصنيف، وخير شاهد على ذلك رسالته المسماة ((ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة)) ([106])، وهى تسعة أشياء أخذت عن أرسطو نفسه كما يصرح بذلك الفارابى: 1- أسماء الفرق التى كانت فى الفلسفة. 2- معرفة غرضه فى كل واحد من كتبه. 3- المعرفة بالعلم الذى ينبغى أن يبدأ به فى تعلم الفلسفة. 4- معرفة الغاية التى يقصد إليها تعلم الفلسفة. 5- معرفة السبيل التى يقصد إليها من أراد الفلسفة. 6- المعرفة بنوع كلام أرسطو كيف يستعمله فى كل واحد من كتبه. 7- معرفة السبب الذى دعا أرسطو إلى استعمال الإغماض فى كتبه. 8- معرفة الحال التى يجب أن يكون عليها الرجل الذى يوجد عنده علم الفلسفة. 9- الأشياء التى يحتاج إليها من أراد تعلم كتب أرسطو([107])، ثم أخذ الفارابى فى بقية الرسالة يتكلم عن هذه التسع بالتفصيل. كما لا يخفى فإن هذه الأمور التسع، كما ينبغى على طالب الفلسفة تعلمها، فينبغى على المصنِّف فى الفلسفة – بحسب نظرية الفارابى - أن يراعيها أيضا، حتى يأتى تصنيفه فيها موافقا للخطة التى وضعها الفارابى لما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة.
21) يعتنى الفارابى ببيان مصطلحه([108]) وشرح مراده به، وهو ما نجد واضحا فى كتابيه العبارة والخطابة مثلا، ((وقد توسع الفارابى فى هذا كل التوسع، وكأنما أحس بأن البحث الفلسفى فى الإسلام فى حاجة ماسة إلى توضيح معالمه وشرح مصطلحاته... وعناية الفارابى بالمصطلح الفلسفى كبيرة، تفوق دون نـزاع عناية زملائه الآخرين من المشائين العرب، وأهّله لذلك تمكنه من العربية وعلومها... والفارابى فوق هذا كله منطقى، بل المنطقى العربى الأول، والمنطق يعنى بالوضوح والدقة، وصلته باللغة وثيقة، ومن أبوابه مبحث فى الألفاظ ودلالتها... وقد الفارابى (مجاراة لأرسطو) كتاب الألفاظ المستعملة فى المنطق وعرض فيه للكلى والجزئى، وللعام والخاص، وللجنس والنوع...، ووضع أيضا كتاب الحروف وهو من أكبر مصنَّفاته الفلسفية التى وصلت إلينا، ومن أشدها عناية بالمصطلح الفلسفى([109])، وحاول خاصة أن يدرس المصطلح الفلسفى دراسة موضوعية ولغوية فبين كيف نشأ وكيف تطور، وأعانه على ذلك فقهه اللغوى([110]) وإلمامه بعدة لغات)) ([111])، ويمكن القول بأن الفارابى له تأثير كبير فى تأسيس المصطلح الفلسفى العربى، ولهذا اعتنى بعض كبار الباحثين المعاصرين بعمل معجم للمصطلح الفلسفى عند الفارابى([112]).
22) يعى الفارابى بالعلوم الحضارية ومناهجها، وهو ما نجده فى حديثه عن نشأة العلم الفلسفية بنشأة الألفاظ عند الأمم، وذلك فى كتابه الحروف، حيث عاصر الفارابى هذه الفترة التى التقت فيها الحضارة الإسلامية الناشئة بالحضارة اليونانية، وقام بالحديث عن نشأة العلوم من خلال الألفاظ محللا ذاته، وواصفا تجاربه، فالحضارة لا تكشف عن نفسها إلا من خلال الوعى الفردى، فالحضارة وعى جماعى، والوعى الفردى وعى حضارى، فلم يكن مصادفة أن يأخذ الفارابى لقب المعلم الثانى، لأنه هو الذى قام بعمليات الفهم والتمثل، والاحتواء والعرض، ثم التقييم والنقد والإعادة، ثم الدراسة والتحليل والوصف للحقائق ذاتها بصرف النظر عن قائلها ومكتشفها([113]).
23) وكملاحظة عامة حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى: فإن للفارابى حوالى مائة مؤلف أو أكثر بقليل، والتأليف فيها يوازى نصفها تقريبا، وهذا يدل على أن الفارابى كان مؤلفا كما كان شارحا، وأن لقب المعلم الثانى لا يعنى فقط شارح أرسطو، بل يعنى أيضا أنه مؤلف مثل أرسطو، على أن المنطق فى الشروح الفارابية هو الغالب إذ يمثل حوالى نصف شروحه، فذلك لأن المنطق يحتوى على النظرية الخالصة والعقل النظرى، وهو ما يمكن للفارابى تحويله بسهولة إلى فكر نظرى عام يتجاوز حدودة اليونانية الأولى، ففى شروح الفارابى يأتى المنطق أولا من حيث الكم ثم السياسة ثم ما بعد الطبيعة، ثم الطبيعة فاللغة فالهندسة فالموسيقى([114])، بل يرى بعض الباحثين أن قيمة الفارابى الحقة تقوم على ما صنف لا على ما شرح([115])، ويذكر بعض الباحثين أنه من ((المعروف أن مشروع الفارابى الفلسفى قد مر فى مرحلتين زمنيتين، وقد تمثلت المرحلة الأولى فى الكتابات الفلسفية والمنطقية، عرضا وتلخيصا وشرحا، بينما تمثلت المرحلة الثانية والمتأخرة زمنا فى الكتابات الاجتماعية والسياسية ))([116])، وينتهى من محاولته للوصول لمؤلفات الفارابى الأخيرة والتى تتمثل فيها فلسفته وأفكاره النهائية إلى أنها: رسالة فى العقل (بعد 320 هـ) - إحصاء العلوم (أشار إليه فى التنبيه على سبيل السعادة) – آراء أهل المدينة الفاضلة (ابتدأ فيه قبل 330 هـ، وفرغ منه بمصر 337 هـ) السياسة المدنية (بدأه قبل سنة 330 هـ وأكمله بمصر سنة 337 هـ أيضا)– الملة (بعد سنة 331 هـ) – "فصول المدنى" أو "فصول منتزعة" (نشر تحت هذين العنوانين، ألفه فى مصر بين عامى 335 هـ: 337 هـ) – التنبيه على سبيل السعادة (ألفه بعد "فصول منتزعة"حيث نقل منه، وبعد هذه الكتب السابقة جميعا، ربما بين عامى 336 هـ: 338هـ)([117]).
24) لا يوجد عند الفارابى أسلوب واحد فى الشرح، فهناك الأسلوب الشائع بإعادة عرض المادة عرضا نظريا خالصا من أجل إطلاق المعانى، وهناك باقى الأساليب من المقالة والمختصر والتعليق والرسالة والإحصاء والصدر والفصل، وهى كلها تبين تعامل الفارابى مع المادة المعروضة أمامه واختلاف وسائله، فالفارابى يتعامل مع أرسطو إما شارحا لكتاب كما هو الحال فى (المقولات والعبارة)، أو مبينا قصد كتاب آخر، كما هو الحال فى (الإبانة عن غرض أرسطو طاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة)، أو توضيح علم معين أو فرع من علم ما مثل (كتاب القياس أو الجدل)، أو عارضا مذهب أرسطو ككل إما من داخله أو من خارجه بمقارناته مع غيره داخل الفلسفة اليونانية([118]).
25) يستعمل الفارابى طريقة الشرح الكبير، والتى يسميها هو (على جهة التعليق) أى ذكر نص ثم التعليق عليه، وهى الطريقة التى استعملها ابن رشد أيضا فيما يسمى بالتفسير الكبير، وتدل هذه الطريقة على احترام نصوص القدماء، لا على تبعيتها وتقليدها وتقديسها، وهى طريقة تعلمها المسلمون من شروحهم للقرآن الكريم، كما تدل على التمايز الحضارى بين الموقفين، فالنص المشروح نص القدماء، والشرح هو نص جديد من حضارة أخرى تفهم وتفسر وتؤول وتتمثل، ثم تراجع وتعيد النظر وتكمل النقص، وتدل هذه الطريقة ثالثا على إمكانيات المقارنة والحكم بين النصين، حيث كثيرا ما يكون الشرح أقرب فهما من النص، وأكثر عقلانية، وأقرب إلى الصدق([119]). ويستعمل الفارابى الشرح بثلاثة مستويات: الشروح، والشروح الكبيرة، والشروح على جهة التعليق، كما يستعمل طريقة التلخيص بمستويات متعددة – صغير وأوسط وكبير – كما نجد عنده الحديث عن الجوامع، مما يعنى أن الفارابى لخص الكتب الأرسطية وخاصة المنطقية أو الكثير منها خمس مرات أو أكثر، ويميل الفارابى فى تلاخيصه الوسطى مثلا إلى طريقة الجوامع التى اتبعها ابن رشد، حيث لا يعطى شيئا من النص الأصلى، بل يبحث فى المواضيع التى يبحثها النص الأصلى بأسلوب جديد، يتوسع فى البحث فيه ويتعمق أكثر مما عمل فى الجوامع الصغيرة، على أن هذه المستويات هى مجرد احتمالات وفروض يمكن استنتاجها من كلام المؤرخين ومفهرسى كتبه، ولا يمكن التأكد منها قبل العثور على كتب الفارابى المفقودة ودراستها([120]).
26) تدل طريقة الفارابى فى الشرح على أن الغرض من الشرح تحويل النص الأرسطى إلى نظرية خالصة فى العقل، بصرف النظر عن بيئته الثقافية الأولى التى نشأ فيها، فهو يعرض للموضوعات وليس للنصوص، ويتناول المسائل وليس العبارات ويحول مقصد الكتاب إلى تحليل عقلى خالص، وينتقل من التاريخ إلى العقل، ومن تاريخ الفلسفة إلى الفلسفة العامة، ويسقط الفارابى كل التاريخ البيئى الخاص، ولا يبقى إلا النظرية العامة، وبالتالى تقوى براهنيه الداخلية عند الفارابى، وتكثر حججه العقلية، ويصبح واضحا بذاته، ويتحول إلى حكمة بعد أن كان تاريخا، ويصبح حقيقة بعد أن كان رأيا، فإذا كانت القسمة العقلية ناقصة كملت، وإذا كانت عامة فصلت، وإذا كانت مفصلة عمت، فالفارابى لا يشرح بمعنى أنه يتبع عبارة بعبارة، ولفظا بلفظ، بل إنه يحكم ويحذف ويضيف ويقابل اللغة العربية باللغة اليونانية، أى إنه شرح إيجابى يحقق ويدقق ومن ثم فهو تأليف غير مباشر، يغير الأمثلة إلى ما هو أشهر، ويحذف الزائد للتركيز على الجوهرى، ويعيد عرض موضوعاته بناء على أساليب اللغة العربية، ولا يقتصر الفارابى فى شرحه على الفقرة التى يشرحها، بل ينظر إلى العمل الواحد على أن له وحدة عضوية واحد ويضع نصب عينيه ما سبق وما سيلحق مبينا تلك الوحدة العضوية للعمل، بل ربما تخطى نظره إلى الأعمال الأخرى، مما يعنى أن وحدة المذهب هى التى نصب عينى الفارابى يحللها ويرجع عناصرها إلى مختلف الأعمال الأرسطية، وهو بصدد شرح عمل منها، حتى يبدو العمل الواحد كجزء من نسق كلى شامل هو المذهب الأرسطى، وهذا أقرب إلى إعادة البناء منه إلى الشرح، والبناء هو دخول المنطق والطبيعيات والإلهيات فى نسق فلسفى واحد هو نسق الفارابى، ويحاول إخضاع مؤلفات أرسطو طاليس نفسه إلى نسق عقلى واحد([121]).
27) يظهر بوضوح من خلال جوامع الفارابى الصغيرة أو التلخيص نوعية الحضارتين الإسلامية واليونانية فى مادة البحث وأمثلته سواء اللغوية أو الأدبية أو الدينية، فتظهر العربية فى مقابل اليونانية، ويظهر الأدب العربى فى مقابل اليونانى، تظهر العلوم الإسلامية فى مقابل اليونانية، مما يدل على أن الفارابى يتعامل مع المعانى، وليس مع النصوص، وأنه ليس مجرد شارح نص، بل هو عاقل معان، خاصة فى حضارة تعطى المعنى استقلالا عن اللفظ، فالفارابى لا يسير وراء أرسطو الحذو بالحذو، ولكنه يعرض لموضوعاته ومعانيه، ويتعامل معها ككليات وماهيات مستقلة عن عباراتها وألفاظها ومصطلحاتها وبيئاتها الخاصة التى منها صدرت، وهذا هو ما سمى بالجوامع الصغيرة أو التلخيص، ولم يكن تقليدا سبق الفارابى فى الأدب اليونانى والسريانى واستمر بعده فى الأدب العربى، بل كان ضرورة حضارية بيئية خاصة فى التعبير عن المعانى الكلية فيما وراء الألفاظ والعبارات، وما دام المعنى قد استقل عن اللفظ فإنه بالإمكان عمل تلخيص أصغر وأوسط وأكبر تبعا لمادة العرض وضرب الأمثلة، وليست طريقة التلخيص هى البحث فى مواضيع النص بأسلوب جديد، بل إعادة التعبير عن موضوع النص بعد أن يتحول إلى معنى عقلى خالص بلغة البيئة الحضارية الجديدة([122]).
28) لا يكتفى الفارابى بنصوص أرسطو، ولكنه يذهب لتأويلاتها المختلفة لدى الشراح سواء أجمعوا عليه أم اختلفوا فيه، سواء ما فهموه أو ما أساءوا فهمه، ويقف الفارابى حكما بين الجميع، فيخطئ الشراح فى معرفة قصد أرسطو، ويصحح مزاعمهم، ويكشف أخطاءهم ويبين أسبابها، والفارابى فى وسط كل هذا على وعى عميق بأن الفكر يتكون من اللفظ والمعنى والشىء، وأن الشراح وإن استعملوا ألفاظا متباينة قد تتفق أو تختلف، ولكنها لا تؤثر كلها فى المعانى ذاتها، فالمهم هو المسميات لا الأسماء، بل إنه فصل بين معانى أرسطو نفسه وألفاظه، فالشروح للألفاظ من أجل توضيح المعانى، ولهذا فالأمثلة التى يستعملها أرسطو ليست هى الحقائق بل يمكن ضرب أمثلة أخرى لتوضيح نفس الحقائق، ويعيب الفارابى على الشراح عدم دخولهم فى الذهن الأرسطى ([123]).
29) يؤكد الفارابى على أهمية معرفة قوانين كل صناعة، وأن كل صناعة إنما تكون كذلك بقوانينها الكلية، ومن هنا لا بد على كل مصنِّف أن يعتنى عناية تامة بالقوانين الكلية، يقول الفارابى: ((والقوانين فى كل صناعة أقاويل كلية، أى جامعة، ينحصر فى كل واحد منها أشياء كثيرة مما تشتمل عليه تلك الصناعة وحدها حتى يأتى على جميع الأشياء التى هى موضوعة للصناعة أو على أكثرها، وتكون معدة إما ليحاط بها ما هو من تلك الصناعة، لئلا يدخل فيها ما ليس منها، أو يشذ عنها ما هو منها، وإما ليمتحن بها ما لا يؤمن أن يكون قد غلط فيه غالط، وإما ليسهل بها تعلم ما تحتوى عليه الصناعة وحفظها، والأشياء المفردة الكثيرة إنما تصير صنائع أو فى صنائع بأن تحصر فى قوانين تحصل فى نفس الإنسان على ترتيب معلوم)) ([124])، ونستخلص من ذلك: أن العناية بالقوانين الكلية أحد الأسس المهمة فى منهج التصنيف عند الفارابى، وبالقوانين الكلية تتحول المفردات الجزئية الكثيرة إلى صنائع كاملة، ومسلك الفارابى فى كتابه العظيم إحصاء العلوم يضع أيدينا بوضوح وبصورة تطبيقية على تلك الفكرة، حيث يحاول الفارابى دائما أن يعطى فى كل صناعة أو علم وقف عليه القوانين الكلية التى تحكمه والتى صار بها صناعة([125]).
30) ويقدم الفارابى من خلال فكرة القوانين الكلية الخطوط العريضة لمنهج تصنيف فى العلوم الفلسفية وغيرها التى شملها كتابه إحصاء العلوم، فمنهج التصنيف فى العلم الطبيعى مثلا يعتمد على أنه علم ينظر فى الأجسام الطبيعية وفى الأعراض التى قوامها فى هذه الأجسام، ويعرف الأشياء التى عنها والتى بها والتى لها توجد هذه الأجسام والأعراض التى قوامها فيها، والأجسام منها صناعية ومنها طبيعية، وحال الأجسام الطبيعية فى هذه الأمور (كالغاية والغرض والعرض والمادة والفاعل والمكون) كالأجسام الصناعية، ومواد الأجسام وصورها وفاعلها والغايات التى لأجلها وجدت تسمى مبادئ الأجسام، وإن كانت لأعراض الأجسام تسمى مبادئ الأعراض التى فى الأجسام، والعلم الطبيعى يعرف من كل جسم طبيعى مادته وصورته وفاعله والغاية التى لأجلها وجد ذلك الجسم، وكذلك فى أعراضها، والأجسام الطبيعية منها بسيطة ومنها مركبة، فالبسيطة هى الأجسام التى وجودها لا عن أجسام أخر غيرها، والمركبة هى التى وجودها عن أجسام أخر، وبناء على هذا ينقسم العلم الطبيعى ثمانية أجزاء عظمى: 1- الفحص عما تشترك فيه الأجسام الطبيعية كلها البسيطة والمركبة. 2- الفحص عن الأجسام البسيطة والاسطقسات، هل هى موجودة، وإن كانت موجودة فأى أجسام هى.... 3- الفحص عن كون الأجسام الطبيعية وفسادها. 4- الفحص عن مبادئ الأعراض والانفعالات التى تخص الاسطقسات وحدها. 5- النظر فى الأجسام المركبة من الاسطقسات، وتنقسم إلى متشابهة الأجزاء ومختلفتها. 6- النظر فيما تشترك فيه الأجسام المركبة والمتشابهة الأجزاء. 7 – النظر فيما يشترك فيه أنواع النبات من الأجسام المركبة المختلفة الأجزاء. 8 – النظر فيما يشترك فيه أنواع الحيوان من الأجسام المركبة المختلفة الأجزاء([126]). وهكذا أعطانا الفارابى منهجا متكاملا للتصنيف فى العلم الطبيعى، والذى عرضنا له كنموذج فحسب([127])، وقد حاول الفارابى القيام بالأمر نفسه بطول كتابه إحصاء العلوم وعرضه فى كل ما عرض له من علوم سواء أكانت فلسفية أو غيرها.
31) ويقوم منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى على محاولة الوصول إلى الموضوعية، فهو قبل أن يخوض فى أى مشكلة فلسفية يرسم الطرق، ويحدد الأهداف، ويضع جميع الاحتمالات الممكنة، ويرجع إلى آراء السابقين والمعاصرين له، ولا يصدر رأيه إلا بعد أن يكون قد أوسع الفكرة بحثا وتحليلا، ورسالته المسماة (ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة) أشبه ما تكون بفهرس مقسم مبوب لعرض المدارس الفلسفية اليونانية، حتى يكون دارس الفلسفة على بينة من أمره قبل أن يخوض فيها([128]).
32) ويتنوع المنهج الجدلى الذى يستخدمه الفارابى بتنوع الموضوع، فنستطيع أن نميز استخدامه لمنهج (الجدل النازل) بشكل خاص فى الإلهيات، ومنهج (الجدل الصاعد) بشكل خاص فى الإنسان والمجتمع، وتكاد فلسفة الفارابى أن تكون حوارا مستمرا بين الاثنين، وسعيا دءوبا للتقريب بين ما هو مفارق وما هو إنسانى، ففى كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) يستعمل الجدل النازل، حيث يبدأ من الموجود الأول ثم فى صدور الموجودات عنه، ويستمر فى النـزول بشكل تدريجى، ويقرر الفارابى هذا المنهج الجدلى بقوله: ((لك أن تلحظ عالم الخلق فترى فيه أمارات الصنعة، ولك أن تعرض عنه وتلحظ عالم الوجود المحض، وتعلم أنه لا بد من وجود بالذات، وتعلم كيف ينبغى أن يكون عليه الوجود بالذات، فإن اعتبرت عالم الخالق فأنت صاعد، وإن اعتبرت عالم الوجود المحض فأنت نازل)) ([129])، ونلاحظ أنه بنى أبواب كتابه هكذا بناء على الجدل النازل، فأتى ترتيب أبوابه على النحو التالى: 1- القول فى الموجود الأول. 2 – القول فى نفى الشريك عنه تعالى. 3- القول فى نفى الضد عنه. 4- القول فى نفى الحد عنه سبحانه. 5- القول فى أن وحدته عين ذاته، وأنه تعالى عالم حكيم وأنه حق وحىٌّ. 6- القول فى عظمته وجلاله ومجده تعالى. 7- القول فى كيفية صدور جميع الموجودات عنه. 8- القول فى مراتب الموجودات. 9- القول فى الأسماء التى ينبغى أن يسمى بها الأول تعالى مجده. ومن الأبواب 10: 19 يبدأ النـزول إلى الكلام فى الموجودات فيتكلم فى الموجودات الثوانى، والمادة والصور، وما تشترك فيه الأجسام، والحركة، والأحوال، والأسباب، ومراتب الحدوث، وتعاقب الصور على الهيولى. وبداية من الباب (20: 25) ينـزل الكلام إلى النفس، فيتكلم فى أجزاء النفس البشرية وقواها، ثم أخيرا ينـزل بداية من الباب (26) إلى الباب الأخير (37) فى بيان احتياج الإنسان إلى الاجتماع، وما هى المدينة الفاضلة ومضاداتها. وهكذا يتضح لنا من خلال هذا المثال أثرا جليا للمنهج الجدلى عند الفارابى وتجليه على منهج التصنيف الفلسفى عنده، حيث انبنى عليه خطة التصنيف فى كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة).
33) يمتاز الفارابى بالإلمام، ليس فقط بتخصصه الدقيق الفلسفة، ولكن بمعارف عصره عامة، سواء اللغوية أو الشرعية، ((ويدل كتابه هذا (يعنى إحصاء العلوم) على مدى تمكنه من مختلف فروع المعرفة السائدة فى عصره، فقد عرض كل فرع من هذه الفروع عرض الخبير بحقائقه، الملم بما وصل إليه الباحثون فى مختلف مسائله)) ([130]).
34) تعرض الفارابى فى الجمع بين رأيى الحكيمين إلى المقارنة بين موقف أفلاطون وأرسطو من التدوين([131])، ومن الواضح من خلال هذا النص وعى الفارابى العميق بمشكلات منهج التصنيف، ووقوفه الدقيق على مناحيه، ووجوه التصرف فيه.
35) يرى الفارابى فى منهجه فى التصنيف أن الأقاويل المشهورة لا داعى لذكرها استغناء بشهرتها، والأهم هو منهج تناولها والتعامل الصحيح معها، وفى ذلك يقول: ((ومن ذلك الصور والمثل التى تنسب إلى أفلاطون وأرسطو على خلاف رأيه فيهما... وبين ما يلزمها من الشناعات... ينطق بها فى تلك الأقاويل ما يطول بذكرها هذا القول، وقد استغنينا لشهرتها عن الإعادة، مثل ما فعلنا بسائر الأقاويل حيث أومأنا إليها وإلى أماكنها وخلينا ذكرها بالنظر فيها والتأويل لها لمن يلتمسها من مواضعها، فإن الغرض المقصود من مقالتنا هذه إيضاح الطرق التى إذا سلكها طالب الحق لم يضل فيها، وأمكنه الوقوف على حقيقة المراد بأقاويل هذين الحكيمين من غير أن ينحرف عن سواء السبيل إلى ما تخيله الألفاظ المشكلة))([132])، ويؤكد الفارابى على أن المقصود المعانى وحقائق المذاهب، دون الألفاظ ولهذا يوجه نصيحته لطالب الحق أن ((لا يتبع الألفاظ متابعة تامة)) ([133]).
36) ومن الملاحظات المهمة حول منهج التصنيف الفلسفى عند الفارابى هو تناوله لبعض الموضوعات فى أكثر من كتاب بصورة شديدة التقارب وربما التكرار أيضا، كما نراه فى كتبه: التنبيه على سبيل السعادة – تحصيل السعادة – السياسة المدنية، وكما نراه بين بعض فقرات كتابيه الملة، وإحصاء العلوم([134])، وربما رجع ذلك إلى كونها رسائل أرسل بها إلى بعض أصحابه، فيكرر فيها الموضوع بحسب السؤال، وبغض النظر عن كونه سبق فى موضع آخر، حتى تحصل الفائدة للسائل.
37) وقد يكون مدخله فى تناول الموضوعات الفلسفية مدخلا لغويا، وقد فعل هذا فى كتابه الحروف، فأتى الباب الأول – بحسب تقسيم المحقق – فى الحروف وأسماء المقولات، من خلال (18) فصلا تتناول: حرف إن – متى – وجعل الكلام عليهما مدخلا للكلام عن الموضوعات الفلسفية التالية: المقولات – المعقولات الثوانى – الموضوعات الأول للصنائع والعلوم، ثم انتقل بعد ذلك إلى أشكال الألفاظ وتصريفها تناولا فلسفيا لهذه الظواهر اللغوية، ومنها انتقل إلى الكلام على النسبة والإضافة وأنواعها، فى الفلسفة واللغة، ويربط ذلك بالكلام عن الحرف (أين)، ويتناول العلاقة بين النسبة والمقولات، ليعود مرة أخرى إلى بعض مباحث المقولات فيتحدث عن العرض والجوهر، ويفضى به ذلك إلى الكلام عن الذات والفرق بينه وبين الجوهر، وعن الموجود، وعن عملية الاصطلاح من خلال تحليل لغوى وفلسفى شيق لكيفية اشتقاق مصطلح الهوية، وعن الشىء، والمقصود بـ (الذى من أجله)، ثم يتكلم عن الحرف (عن) وبه يختم الباب الأول. أما الباب الثانى – بحسب عنونة المحقق – فعن حدوث الألفاظ والفلسفة والملة وصناعة الكلام والفقه، وحدوث الحروف، وأصل اللغة، وكيفية تطورها، ونشأة الألفاظ والأساليب الخطابية والأشعار، وحدوث الصنائع العملية ثم الصنائع القياسية حتى تكتمل الفلسفة. أما الباب الثالث – بحسب المحقق – فتناول فيه الفارابى حروف السؤال حرفا حرفا وماذا يسأل عنه فى اللغة عن الجواهر أو الأعراض أو المقولات، منبها على مفهوم كل ذلك فلسفيا، وتناول فيه أنواع المخاطبات تناولا فلسفيا، موضحا السؤالات التى تطلب بها المطلوبات فى الصناعات الفلسفية والمنطقية، وحروفها اللغوية.
38) وختاما فإن الفارابى مع كل ما تقدم عن منهجه فى التصنيف الفلسفى، فإن من من أروع كتبه الفلسفية – فى رأينا - هو كتابه التعليقات، والذى كتبه بطريقة الكناش، أو المنتخبات والمختارات، وضمنه خلاصة فكره الفلسفى، فى صورة فقرات قصيرة تبدأ بقوله قال، ولا يجمعها ترتيب ظاهر إلا أنها فى مجال الفلسفة والحكمة تبدأ بالموجودات وصدروها عن ذاته تعالى، وتتنوع بعد ذلك بالكلام عن واجب الوجود، وقوى النفس، ونظرية المعرفة، وحقائق الأشياء، والحدود، فى عبارات رشيقة موجزة حاسمة تذكرنا بالقواعد الأصولية، يذكر فيها خلاصة موقفه الفلسفة من القضية التى يتناولها، ورغم أن الكتاب لا تشمله وحدة موضوعية ظاهرة، إلا أن ذلك يجعل القارئ فى حالة توهج واشتياق دائم للقاعدة التالية التى لا يتوقع موضوعها، دون أن يتسلل السأم إلى نفسه.
39) وعلى النهج نفسه صار الفارابى فى كتاب (النكت فيما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم)، وهو وإن كان موضوعا بالأصالة فى علم النجوم، إلا أنه مزدخر بشتى أنواع الحكم والنظرات العميقة فى النفس البشرية والكون ونظرية المعرفة ومنهج البحث، وغير ذلك، وقد ابتدأه الفارابى بفائدة فى فضيلة العلوم والصناعات بأى أمر تكون، ومن لطائف ما ذكر كلامه على ضرورة وجود الأمور الاتفاقية (الصدف) وأنه لولاها لاختل نظام العالم: ((لو لم يكن فى العالم أمور اتفاقية ليس لها أسباب معلومة لارتفع الخوف والرجاء، وإذا ارتفعا لم يوجد فى الأمور الإنسانية نظام إلبتة لا فى الشرعيات، ولا فى السياسيات؛ لأنه لولا الخوف والرجاء لما اكتسب أحد شيئا لغده، ولما أطاع مرءوس لرئيسه، ولما عنى رئيس بمرءوسه، ولما أحسن إلى غيره، ولما أطيع الله، ولما قدم معروف، إذ الذى يعلم أن جميع ما هو كائن فى غد لا محالة على ما سيكون ثم سعى سعيا فهو عابث أحمق يتكلم بما يعلم أنه لا ينتفع به)) ([135])، وهكذا يمضى الفارابى فى نكته تلك، مدليا بخبرته، وهذه النكت – البالغ عددها ثلاثون - فى جميعها تعتبر انتقادا منهجيا لهذا علم، فتلك النكتة السابق ذكرها عن الأمور الاتفاقية تعبر عن هذا النقد المنهجى لموضوع علم النجوم القائم على معرفة الحوادث والنوازل عن طريق حساب النجوم، فانتقد ذلك بأنه يعنى أنه لا يمكن ألا توجد أمور اتفاقية (تكون كذلك بالنسبة لنا) وإلا اختل نظام العالم، فماذا يجدى إذن علم النجوم، وفى نكتة أخرى ينتقد دعوى أن علم النجوم مبنى على التجارب الصادقة، فينتقد هذا بأنه بفرض تسليمه فإن الخبرة المبنية على التجارب الصادقة لا تفيد فى كل الأحيان فيقول: ((التجارب إنما تنفع فى الأمور الممكنة على الأكثر، فأما الممكنة فى الندرة، والممكنة على التساوى فإنه لا منفعة للتجربة فيها، وكذلك الروية وأخذ التأهب والاستعداد إنما ينتفع بها فى الممكن على الأكثر لا غيره، وأما الضروريات والممتنعات فظاهر من أمرهما أن الروية والاستعداد والتأهب والتجربة لا تستعمل فيهما، وكل من قصد لذلك فهو غير صحيح العقل، وأما الحزم فقد ينتفع به فى الأمور الممكنة فى الندرة والتى على التساوى)) ([136])، ويمكن من خلال تحليل هذه النكت استكشاف طرفا من الموقف النقدى عند الفارابى، وهو منهج قائم على الفهم العميق لأسباب الظواهر العلمية، واحتياجات البحث، والبنية العلمية للعلم، والغرض والغاية من ورائه، والتفريق بين ما يصلح للتعميم وما يبقى على خصوصه، والنظرة العميقة للفرق بين الأشياء والتمييز بين خواصها المؤثرة فيها وفى أحكامها([137]).
40) وتابع نهجه هذا فى كتابه فصوص الحكمة الذى يتناول فى أغلبه موضوعات من العلم الإلهى أو علم ما بعد الطبيعة، فى صورة نكات علمية أو قواعد علمية منثورة يترجم لكل منها بقوله (فص)، والفص الأول يتكلم فى الفرق بين الماهية والهوية، ويترك الفصوص يفضى بعضها إلى بعض عن الماهية، لينتقل بعد ذلك إلى الكلام فى الوجود ووجوبه، ثم صفات واجب الوجود، ثم فى النفس وقواها ونظرية المعرفة، والملائكة، كل منها فى عدة فصوص يسلم بعضها إلى بعض فى سلاسة ويسر، لكن أيضا فى عمق وتقديم لخلاصة الفكر الفلسفى، وفص الشىء – كما يقول الشنب غازانى – ((عبارة عن خلاصة الشىء، وزبدته، ولما كانت المباحث المذكورة فى هذه الرسالة عين الحكمة وخلاصة مسائلها، عنون كل طائفة مخصوصة منها بالفص ليشعر فى أول الأمر بجلالة مكانتها، نفاسة شأنها، حتى يرغب الطالبون فى تحصيلها رغبة كاملة)) ([138]).
41) لقد استعمل الفارابى إذن هذا النوع من منهج التصنيف فى عدة كتب له، تمتاز رغم عدم اتخاذها أيا من مناهج التصنيف الفلسفى السابقة عند الفارابى بالعمق والأهمية فى التعبير عن المذهب الفلسفى عند الفارابى، وكأنه الجهد الذى كان يستفرغه فى صناعة التأليف والتصنيف اتجه به بكليته إلى تعميق الأفكار، بحيث استوعب جمام جهده فيها دون أن يبقى شيئا للتصنيف، لكن يغطى على ذلك الأهمية التى اكتساها الكلام، بحيث تشفع لغياب التصنيف المنطقى الصارم، وتصير ذات منطق خاص بها سنجد روحه كثيرا بعد إشراقا وتصوفا.

([1])وللاستزادة بخصوص الفارابى وفلسفته وأهم أفكاره وآرائه راجع: - ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72 – 74). - ظهير الدين البيهقى، تاريخ حكماء الإسلام، (ص 30 - 35). - ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء، (ص 603 - 609). - دى بور، تاريخ الفلسفة فى الإسلام، مع تعليقات د/ أبى ريدة (ص 192 - 237). - أ/ سعيد زايد، الفارابى، وهى دراسة قيمة موجزة عن الفارابى. - أ/د عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لكتاب (إحصاء العلوم للفارابى)، وفيها دراسة ضافية عن أثر هذا الكتاب ومنهجه (ص 7 - 50). - د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/35 – 45، 69 - 99، 2/80 – 82، 144-145). - أ/د محمد البهى، الجانب الإلهى من التفكير الإسلامى، (ص 267 - 320). – أ/د محسن مهدى، مقدماته الضافية لتحقيقاته بعض نصوص الفارابى مثل: الألفاظ المستعملة فى المنطق، الحروف، الواحد والوحدة، كتاب الملة ونصوص أخرى. – أ/د ألبير نصرى نادر، مقدماته لتحقيق بعض نصوص الفارابى مثل آراء أهل المدينة الفاضلة، والجمع بين رأيى الحكيمين، وفيها معلومات تاريخية مهمة عنها ومقدمة تحليلية لكل كتاب منها. - أ/د محمد كمال إبراهيم جعفر، تأملات فى الفكر الإسلامى، (ص 299- 344). - أ/د عاطف العراقى، ثورة العقل فى الفلسفة العربية، (ص 81 - 118). - أ/د محمد الأنور السنهوتى، أ/د عبد الحميد مدكور (بالاشتراك)، دراسات فى الفلسفة الإسلامية، (ص 159 - 179). - أ/د محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الإسلامى، (ص 325 – 362)، وله أيضا دراسة نشرت فى الكتاب نفسه كملحق (ص 509 - 533) بعنوان: دراسة تحليلية مقارنة بين المنطق والنحو ورأى الفارابى فيها. - أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 236 - 263). - د/ محمد سليم سالم، ومقدمات تحقيقه لبعض مؤلفات الفارابى مثل كتاب العبارة، والخطابة. – أ/د جعفر آل ياسين ومقدمات أعماله عن الفارابى، مثل: الفارابى فى حدوده ورسومه، ومقدمة تحقيقه لرسالتى: مقالة فيما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم – جوابات لمسائل سئل عنها، للفارابى. - أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى. – وحول نفس الموضوع (المدينة الفاضلة) دَارَ عملُ فاروق سعد (مع الفارابى والمدن الفاضلة)، مع التعريف بالفارابى وبمؤلفاته، وعرض للمدن الفاضلة عند الآخرين. - أ/د عبد الفتاح الفاوى (بالاشتراك)، فى الفلسفة الإسلامية – أعلامها ومعالمها، (ص 188 - 212). - تشارلس بترورث، مقدمة تحقيقه لتلخيص كتاب المقولات لابن رشد، (ص 22 - 25) وفيه ملاحظات قيمة حول مؤلفات الفارابى المنطقية مقارنة بمؤلفات ابن رشد. - د/ ألفت كمال الروبى، نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين – من الكندى حتى ابن رشد. - أ/د ماجد فخرى، مقدمة تحقيق كتاب ابن باجه، تعاليق على منطق الفارابى، (ص 7-20) وفيها مقارنات موجزة قيمة عن منطق الفارابى وابن باجه، وعن موقف الفارابى من ترتيب الصناعة المنطقية وموضع علم المقولات، وتعليق ابن باجه على ذلك. - مجموعة من كبار الباحثين، الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية لوفاته 950 م، تصدير د/ إبراهيم مدكور، ويشمل تسعة بحوث مهمة حول فلسفة الفارابى تناولت فى الباب الأول منهجه، وفى الثانى آراءه، وفى الثالث أثره، من خلال تسعة فصول، فى كل فصل بحث. – أ/د سحبان خليفات، دراسته القيمة للفارابى ولكتابه التنبيه على سبيل السعادة، والتى جعلها مقدمة لتحقيق الكتاب، ووقف فيها عند مصادر الفارابى وأثره فيمن بعده، وأهمية هذا النص باعتباره من أواخر ما ألف الفارابى وغير ذلك من القضايا (ص 5 – 176). – أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى. - د/ مصطفى سيد أحمد صقر، نظرية الدولة عند الفارابى – دراسة تحليلية تأصيلية لفلسفة الفارابى السياسية. - د/ منير سغبينى، نظرية الفضيلة عند الفارابى. - د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى. - موزة أحمد رشد العبار، البعد الأخلاقى للفكر السياسى الإسلامى عند الفارابى والماوردى وابن تيمية – دراسة تحليلية نقدية فى فلسفة السياسة، وما يخص الفارابى منه (ص 181– 218). أ/د يمنى طريف الخولى، من منظور فلسفة العلوم: الطبيعيات فى علم الكلام من الماضى إلى المستقبل، (ص 106 - 109) وتشمل إشارة مهمة عن فلسفته الطبيعية. - عبد المنعم حمادة، من رواد الفلسفة الإسلامية، (ص 115-168).
([2]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 11).
([3]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72).
([4]) أ/د محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفى فى الإسلام، (ص 328).
([5]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 64).
([6]) ضمن مجموع نصوص لم تنشر متعلقة بتاريخ التصوف فى بلاد الإسلام، لماسنيون. نقلا عن:.
([7]) أ/د أبو ريان، تاريخ الفكر الإسلامى، (ص 329).
([8]) أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 247).
([9]) د/ منير سغبينى، نظرية الفضيلة عند الفارابى، (ص 118 - 119) باختصار وتصرف. وانظر أيضا بخصوص الفلسفة الفيضية عند الفارابى: أ/د ألبير نصرى نادر، مقدمة تحقيق (كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابى، (ص 17 - 22).
([10]) انظر هنا: (ص 146).
([11]) اعتنت أ/د فوقية حسين، ببيان جوانب أصالته فى مقالة (الفارابى بين الإيجاد والإبداع)، ضمن كتاب (مقالات فى أصالة المفكر المسلم)، (ص 98 - 135).
([12]) أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 67).
([13]) أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 69).
([14])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 76، 79، 80)، بتصرف واسع، وقد ذكر فى الهوامش العديد من نصوص الفارابى المؤيدة لذلك، والنصان المذكوران منقول من كتاب العبارة (ص 117)، مقالة فى قوانين صناعة الشعراء (ص 194، مؤلفات الفارابى ج2).
([15])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 95 - 98) باختصار وتصرف.
([16]) أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 44).
([17])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 80 - 81) باختصار وتصرف، وقد ذكر شواهد عدة لذلك من نصوص الفارابى.
([18]) أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق الحروف للفارابى، (ص 27).
([19]) أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 45، 68)، وللتوسع راجع: المصدر نفسه (ص 37 – 94).
([20]) انظر بخصوص هذا: الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 57 - 66).
([21])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 88 - 89) باختصار وتصرف.
([22]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 8). وكمثال انظر تأثير كتابه (الواحد والوحدة) فيمن بعده كالتوحيدى وابن باجه وابن رشد: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق كتاب الواحد والوحدة للفارابى، (ص 19، 22).
([23]) الفارابى، الحروف، (ص 151 - 152).
([24]) أ/د أبو ريدة، تعليقاته على كتاب دى بور، تاريخ الفلسفة فى الإسلام، (ص 237).
([25]) الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 177 – 184، 222 – 226، 232) باختصار واسع وإضافات يسيرة بين الأقوس للتوضيح. وانظر بخصوص هذه القضية: مصطفى الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، (ص52-53)، ومقدمة أ/د سحبان خليفات لتحقيقه للكتاب، (ص 167 – 168).
([26]) الفارابى، التعليقات، (ص 4 - 5).
([27]) الفارابى، التعليقات، (ص 13).
([28]) الفارابى، التعليقات، (ص 9).
([29]) الفارابى، التعليقات، (ص 12).
([30]) الفارابى، النواميس، (ص 54)، نقلا عن: أ/د جعفر آل ياسين، الفارابى فى حدوده ورسومه، (ص 185).
([31]) الفارابى، التعليقات، (ص 11).
([32]) الفارابى، الحروف، (ص 25).
([33]) انظر هنا: (ص 233).
([34]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 127 - 128)، ولمزيد من التوسع حول نظرية المعرفة عند الفارابى: راجع المصدر نفسه (ص 128 - 207)، مع المقارنة مع غيره من الفلاسفة.
([35]) الفارابى، التعليقات (ص 3-5) باختصار، وانظر: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 128).
([36]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 73).
([37]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 8).
([38]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 36).
([39]) أ/د حامد طاهر، مدخل إلى علم المنهج (ص 144).
([40])انظر: د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 16).
([41]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 16 - 17).
([42]) السيد إسماعيل الحسينى الشنب غازانى، شرح فصوص الحكمة، ط طهران (ص 7).
([43]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 53 – 55).
([44]) لمزيد من التوسع بالتحليل والمقارنة والنقد لنظرية تصنيف العلوم عند الفارابى راجع: أ/د حامد طاهر، مدخل إلى علم المنهج (ص 144 - 184).
([45]) راجع بخصوص ذلك: د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 19 - 28).
([46]) للتوسع حول هذه الفكرة: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 35 - 45).
([47]) الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ص 54.
[48])) ظهير الدين البيهقى، تاريخ حكماء الإسلام، (ص 34 - 35).
([49]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 74)، د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 17- 18).
([50]) ص 9 طبع مجلس المعارف العثمانية، نقلا عن: الشيخ مصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ص 54.
([51])للتوسع بخصوص قضية التوفيق عند الفارابى راجع على سبيل المثال: البحوث التالية المنشورة الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية: أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، (ص 30- 63). أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، (ص 98 – 114) ويقدم فيها رؤية متميزة عن الشائع بخصوص هذه القضية، أ/ سعيد زايد، الفارابى والتوفيق، (ص 154- 170). البروفسير لويس جارديت، التوفيق بين الدين والفلسفة عند الفارابى، (171- 188، وهو بالفرنسية).
([52]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 64).
([53]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54).
([54])أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 33- 34) باختصار وتصرف.
([55]) أ/د أحمد الطيب، الجانب النقدى فى فلسفة أبى البركات البغدادى، (ص 68 – 69) باختصار وتصرف.
([56])أ/د محمد البهى، الفارابى الموفق والشارح، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 57).
([57])أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 249). وللتوسع حول محاولة الفارابى التوفيقية انظر: أ/د محمد يوسف موسى، بين الدين والفلسفة فى رأى ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط (ص 54 – 63). أ/د محيى الدين أحمد الصافى، قضية التوفيق بين الدين والفلسفة، (ص 24 – 65، 96 - 106).
([58])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 98 - 100) باختصار وتصرف.
([59]) أ/د عبد اللطيف العبد، دراسات فى الفكر الإسلامى، (ص 211). ولمزيد من التوسع حول هذه القضية عند الفارابى وعلاقتها بنظرية المعرفة عنده، انظر: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54 - 62).
([60]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/35، 38)، وللتوسع فى هذه الفكرة وبيان مدى تأثيرها على الفلاسفة الإسلاميين بعد الفارابى، انظر: -المرجع السابق نفسه، (1/35 – 68). - أ/د محمد الأنور السنهوتى، أ/د عبد الحميد مدكور (بالاشتراك)، دراسات فى الفلسفة الإسلامية، (ص 170 – 179).
([61]) أ/د عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفى فى الإسلام، (ص 242). د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/49).
([62]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/49) بتصرف.
([63]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/37).
([64]) الفارابى، الثمرة المرضية فى بعض الرسالات الفارابية (ص 75)، نقلا عن د/ إبراهيم مدكور، المرجع السابق، (1/37 – 38).
([65]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/36).
([66]) د/ إبراهيم مدكور، فى الفلسفة الإسلامية – منهج وتطبيقه، (1/ 38، 40، 42 - 45) باختصار وتصرف واسعين.
([67]) انظر هنا: (ص 258).
([68]) ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 72-73).
([69])ابن صاعد، طبقات الأمم (ص 73- 74).
([70]) تشارلس بترورث، مقدمة تحقيقه لتلخيص كتاب المقولات لابن رشد، (ص 22 - 25)، بتصرف واختصار.
([71]) د/ عثمان أمين، مقدمة تحقيقه لإحصاء العلوم للفارابى، (ص 47).
([72]) انظر مثلا: الفارابى، التعليقات، (ص 9-10، 14 - 16).
([73]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 80 - 81) باختصار واسع.
([74]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 25).
([75]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 99).
([76]) نشرت هذه المقالة ضمن رسائل الفارابى (ص 93 – 100) وأُشير فى صدرها إلى أنها منتزعة من كتابه الحروف حيث ذكر ما نصه: ((مقالة شريفة للحكيم الفيلسوف المعلم الثانى... فى أغراض الحكيم فى كل مقالة من الكتاب الموسوم بالحروف، وهو تحقيق غرض أرسطوطاليس فى كتاب ما بعد الطبيعة).
([77]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 35).
([78]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 54).
([79]) انظر: أ/د محسن مهدى، مقدمته لتحقيق كتاب الفارابى، (الملة)، (ص 13).
([80]) الفارابى، رسالة ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ضمن الرسائل، (ص 125).
([81]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 36).
([82]) انظر هنا: (ص 228).
([83]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 53).
([84]) الفارابى، كتاب الحروف، (ص 226)، وانظر بخصوص هذا النص: أ/د عاطف العراقى، ثورة العقل فى الفلسفة العربية، (ص 45).
([85]) يعتبر هذا الكتاب من أواخر ما ألف الفارابى (ت 339 هـ)، حيث بدأ تأليفه قبل سنة (330)، واستمر فى تحريره وفرغ من تأليفه وتحريره والنظر فيه سنة (337 هـ) قبل وفاته بعامين، وفيه أخذ المذهب الفكرى والفلسفة للفارابى شكله الناضج والنهائى، راجع: ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء (ص 608)، أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 18). د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 206).
([86]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 8-9).
([87]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 7).
([88]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 7).
([89]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 79).
([90]) الفارابى، آراء أهل المدينة الفاضلة، (ص 32 - 36).
([91]) انظر فيما يؤكد كون اختصار الأبواب التى فى كتاب المدينة الفاضلة عملا مستقلا عن الكتاب نفسه: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيقه كتاب الفارابى، (الملة)، (ص 28).
([92]) الفارابى، آراء أهل المدينة الفاضلة، (ص 37). والسياق بهذه الطريقة يجعل احتمال كون هذا الاختصار المتقدم على الكتاب ليس من صنع الفارابى نفسه احتمالا قائما ليس ببعيد، رغم أنه وقع فى أصول الكتاب الخطية، مما يعنى أنه من صنع أحد تلاميذ الفارابى، أو ناسخ الأصل العتيق منه، وهو على أية حال قارئ ممتاز لنص الكتاب وقد حافظ فى اختصاره على عبارات الأصل، ثم انتشرت النسخ على ذلك. والترجيح موقوف على تكرر هذا الصنع فى مصنَّفات الفارابى الأخرى، أم تفرد هذا الكتاب به، وهذا يحتاج إلى استقراء تام لمؤلفاته، على أن ما تيسر منها أثناء الدراسة يؤكد على تفرد المدينة الفاضلة بذلك النهج.
([93]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 94 - 95).
([94]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 104 - 116).
([95]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 116).
([96]) الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 236 - 237).
([97]) الفارابى، تحصيل السعادة، (ص 99).
([98]) الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 87)، مع زيادة إيضاح بين الأقواس ( ).
([99]) الفارابى، كتاب العبارة، (ص 40، 47).
([100]) انظر مثالا لذلك حول تطور أسلوب الاستدلال الفلسفى من الخطابة إلى البرهان: الفارابى، كتاب الخطابة، (ص 16 - 24).
([101]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 22).
([102]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 20).
([103])سعيد زايد، الفارابى، (ص 23).
([104]) من أمثلة ذلك كتاب الفارابى، (الواحد والوحدة)، حيث حاول تتبع معانى الواحد والوحدة تتبعا تاما مستقصيا معانيهما اللغوية والفلسفية، ويوضح مقابلهما وهو الكثير والكثرة، لينجلى المعنى جلاء تاما.
([105]) انظر: بخصوص هذه القصة: ابن أبى أصيبعة، طبقات الأطباء (ص438).
([106])سعيد زايد، الفارابى، (ص 23)، والرسالة منشورة ضمن رسائل الفارابى (ص 119 – 127).
([107]) الفارابى، رسالة ما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ضمن الرسائل، (ص 119).
([108]) اعتنى د/ إبراهيم مدكور، بتناول موضوع (الفارابى والمصطلح الفلسفى)، وهو بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى فى الذكرى الألفية للفارابى. وأيضا: أ/د زينب عفيفى، فلسفة اللغة عند الفارابى، (ص 95 - 135).
([109]) انظر على سبيل المثال بخصوص كيفية انتقال المصطلحات وتعريبها واشتقاقها عنده: كتاب الحروف، (ص 157 - ).
([110]) اهتم أ/د زينب عفيفى بدراسة ((فلسفة اللغة عند الفارابى)) دراسة مستفيضة نشرت تحت العنوان ذاته، حيث أبرزت الأصول اللغوية لفكر الفارابى المنطقى والفلسفى، ومشكلة المصطلح الفلسفى ودلالته اللغوية ودور الفارابى ومنهجه فى صياغته، ورؤية الفارابى لمشكلة المعنى والعلاقة بين المنطق واللغة، وغير ذلك من قضايا.
([111]) د/ إبراهيم مدكور، الفارابى والمصطلح الفلسفى، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى فى الذكرى الألفية للفارابى (ص 22 - 24) باختصار وتصرف.
([112]) جعفر آل ياسين، الفارابى فى حدوده ورسومه، وقد اعتمد فيه على (49) مؤلف للفارابى بين مخطوط ومطبوع، مبين موضع كل مصطلح فى مؤلفات أرسطو، وفى (11) كتابا من كتب الحدود والمصطلحات العربية.
([113])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 65 - 66) باختصار.
([114])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 69 - 70) باختصار وتصرف، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([115]) أ/د ألبير نصرى نادر، مقدمة تحقيق (كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة) للفارابى، (ص 12).
([116]) أ/د سحبان خليفات، مقدمة تحقيق كتاب الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 29).
([117]) أ/د سحبان خليفات، مقدمة تحقيق كتاب الفارابى، التنبيه على سبيل السعادة، (ص 31 - 38).
([118])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 70 – 71، 73)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([119])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 71 - 72)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([120]) راجع: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيقه لكتاب الفارابى، الألفاظ المستعملة فى المنطق، (ص 20 - 21)، وقد أشار إلى وجود صعوبة فى تحديد المستوى الذى ينسب إليه كثير من كتب الفارابى، خاصة وأن بعضها منتزع من كتابه الأصلى ونسخ على حدة ككتاب مستقل، أو وضع فى مجموع آخر يشتمل على مقالات أخرى للفارابى، مما يحيط عملية تحديد هوية كتاب ما للفارابى ومن أى الشروح أو التلاخيص أو الجوامع هو بصعوبات جمة، راجع: المرجع السابق نفسه (ص 19 – 24).
([121])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 72، 85، 94، 95، 97) باختصار وتصرف، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([122])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 72 - 73)، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([123])أ/د حسن حنفى، الفارابى شارح أرسطو، بحث منشور ضمن الكتاب التذكارى - أبو نصر الفارابى فى الذكرى الألفية (ص 73 - 79) باختصار واسع، وقد ذكر أمثلة لذلك من نصوص الفارابى بالهامش.
([124]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 57).
([125]) انظر مثلا: الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 67-69) بخصوص القانون الكلى لعلم المنطق، و (ص 93 - 98) بخصوص علم التعاليم، (ص 111 وما بعدها) بخصوص العلم الطبيعى والعلم الإلهى.
([126]) الفارابى، إحصاء العلوم، (ص 111 - 120) باختصار وتصرف.
([127]) وانظر كنموذج آخر: منهج التصنيف الكلامى عند الفارابى، وقد عرضنا له فى مناهج علم الكلام، انظر هنا: (ص 343).
([128]) د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 49 - 50) باختصار.
([129]) الفارابى، فصوص الحكم، مع شرح الشنب غازانى (فص رقم 17،ص 89 - 93)، وللتوسع حول المنهج الجدلى عند الفارابى، راجع: د/ إبراهيم عاتى، الإنسان فى الفلسفة الإسلامية – نموذج الفارابى، (ص 51 – 54).
([130]) أ/د على عبد الواحد وافى، المدينة الفاضلة للفارابى، (ص 17).
([131]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 84 - 85).
([132]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 105 ).
([133]) الفارابى، كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين، (ص 109).
([134]) للوقوف على بعض التفاصيل والمقارنات بخصوص ذلك انظر مثلا: أ/د محسن مهدى، مقدمة تحقيق كتاب الملة، (ص 11 – 12، 30). وقد عقد أ/د سحبان خليفات مقابلة كاملة لما فى كتاب التنبيه على سبيل السعادة بما فى مؤلفات الفارابى الأخرى، وذلك فى مقدمة تحقيقه لكتاب التنبيه (ص 14 – 29). وراجع د/ على بوملحم فى مقدمة نشرته لكتاب السياسة المدنية حيث عقد مقارنة مختصرة بين هذا الكتاب وكتاب آراء أهل المدينة الفاضلة (ص 5 – 20).
([135]) الفارابى، النكت فيما يصح من أحكام النجوم، ضمن الرسائل، (ص 148).
([136]) الفارابى، النكت فيما يصح من أحكام النجوم، ضمن الرسائل، (ص 149).
([137]) وبناء عليه - إن صح ما ذكرناه بخصوص تحليل هذه الرسالة – فلا نتفق فى الرأى مع الدكتور جعفر آل ياسين باعتبار هذه الرسالة من أعمال الفارابى المبكرة (ص 18 من مقدمة تحقيقه لها)، لأن العمق والخبرة اللتان تتمتع بهما الرسالة لا يأتيان عادة إلا فى مرحلة النضج الفكرى والفلسفى، وهى مرحلة تأتى متأخرة لا مبكرة.
([138]) السيد إسماعيل الحسينى الشنب غازانى، شرح فصوص الحكمة، ط طهران (ص 35- 36).
https://sites.google.com/site/esamanas/home










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc