اولاد نائل من تاريخ الأغواط
مدينة الأغواط هي إحدى المدن الجزائرية المتوسطة الحجم تقع في قلب الجزائر.تحتوي على الكثير من الخيرات تشتهر بالنخيل و ببساتينها الضاربة في جذور التاريخ و أهل الاغواط من أشد الناس كرما، تتميز المدينة بطابعها العربي الأصيل الذي يعود إلى مؤسسي المدينة العرب الهلالين خلال العصور الوسطى في القرن ال11 م، فرغم محاولة المستعمر الفرنسي تغيير طابع المدينة على غرار مدن عديدة في شمال البلاد إلا أنه لم يفلح لحسن الحظ وأخيرا وبعد محاولات عديدة قرر أن يجعلها منطقة ذات حكم عسكري فاكتفى ببناء الثكنات وحسب.
تشتهر المدينة باحياءها القديمة كزقاق الحجاج، القابو، الصوادق، الزبارة، قصر البزائم، قصر الفروج، الشطيط، المقطع، القواطين، الضلعة، زقاق الطاقة و باب الربط ، بالإضافة إلى ساحتها الشهيرة رحبة الزيتون و جنان البايلك.
وكذا أحياءها العريقة كالمعمورة ، وسط المدينة -البلاد- الواحات الشمالية، المقام وأحياء المصالحة، الوئام ....
لقبت المدينة و المنطقة ككل بعدة ألقاب منها: عاصمة السهوب وهو اللقب الرسمي بالإضافة إلى بوابة الصحراء , لغواط المعلوم و ملتقى الجبال والوديان.... و تتخذ المدينة من الفنك شعارًا لها لتواجده بالمنطقة بشكل ملحوظ و هو شعار الدولة أيضًا.
تاريخ المدينة
تعود نشأة الأغواط إلى عصور قديمة جدا كما تبينه بعض الرسومات الحجرية التي تعود إلى العصر الحجري الحديث الممتدة بين 09 إلى 06 آلاف سنة قبل الميلاد و هي موزعة بين البلديات و أثار سيدي مخلوف، الحصابية، الميلق، الركوسة، الحويطة. فالمعطيات المناخية و النباتية و التضاريسية للأغواط مثلما ساهمت في تواجد الإنسان ما قبل التاريخ فقد جلبت إليها النزوحات القبلية القديمة و هذا ما تبينه البناءات الأثرية من العهد الروماني و البزنطي، اتخذت كتحصينات و أبراج المراقبة للاقتفاء أثر بعض الحركات المناوئة لها من نوميديا أو بيونوليا ( التسمية الجغرافية للجنوب في التاريخ القديم ) في كل من تاجموت و الحويطة.
و يذكر المؤرخون أن لهذه المدينة تاريخا عريقا يبدأ مع المعطيات الأولى لإقليم جيتوليا من العهد الروماني حتى الفتح الإسلامي، فقد سكنت هذه الربوع قبيلة مغراوة المنتمية إلى زناتة، والثي رفضت الخضوع للسلطة الرومانية والبيزنطية، ولم تعتنق المسيحية وغم الضغوطاتء غير أن الوثائق التاريخية لم تحدد بالضبط متى تأسست، والراجح أن بداية الاستقرار البشري بهذا المكان تعود إلى عصور موغلة في القدم لتوفر الشروط الضرورية للحياة من مياه، وأراض فلاحية وموقع منيع ومما يدل على أثر الأمازيغ القدماء بالجهة عدة ألفاظ ما زالت متداولة فالهضبة التي تقع عليها المدينة القديمة تسمى تزقرارين، ومن أسماء التمور المعروفة بالواحة نجد: تادالة ء تيزاوتء تيمجوهرت.
ومما أورد ابن خلدون قوله: "وأما لقواط (هكذا بالقاف) وهم فخذ من مغراوة.... فهم في نواحي الصحراء ما بين الزاب وجبل راشد، ولهم هناك قصر مشهور بهم فيه فريق من أعقابهم".
وهناك قول آخر يعزو نشأة هذه المدينة إلى العرب الهلاليين يقول إبراهيم مياسي: "ويمكن ترجيح تأسيس الأغواط إلى السنوات الأولى من قدوم بني هلال سنة 1045 إلى المنطقة.
ويمكننا أن نستنتج من مجموع هذه الآراء أن مدينة الأغواط قد تكون نشأتها الأولى كتجمع سكاني صغير على يد مغراوة ولما حل الهلاليون بها وسعوا عمرانها وأعطوها طابعها العربي وأصبحت بلدة تجمع ما بين الحضارة والبداوة على غرار مختلف المدن والقرى الواقعة في سهوب وصحاري الجزائر والعالم العربي عامة منذ أقدم العصور.
فقد ربط البدو الرحل علاقات حسن الجوار مع سكان المدينة بحكم القرابات والمصالح.
وكانت القاعدة المرعية هي عدم المس بالبساتين وحقول الحبوب وكذا التنادي للدفاع عن سكان القصر.
وكان التبادل التجاري بالطبع قائماً بين الحضر والبدو والرحل، إذ تقدم المدينة لهؤلاء المنتوجات الفلاحية والبضائع الإستهلاكية والمنسوجات والمصنوعات التي يحتاجونها مقابل ما يزودونها به من الحيوانات ومنتوجاتها المختلفة .
وكان كل من هؤلاء الرحل له قريب أو صديق في القصر يودع لديه مخزونه من الحبوب والصوف وغيرها من المواد، ويجد عنده الضيافة خاصة أيام الأسواق، ومنهم من اشترى أو بنى منازل للتخزين أو السكن حسب الحاجة .
وقد كان الكثير من أثرياء المدينة يمتلكون ثروة من المواشي يودعونها لدى أصدقائهم أو شركائهم الرحل لتنميتها والاتجار بها وهناك ظاهرة لها علاقة بما سبق ذكره بقيت حتى السبعينات من القرن العشرين تتمثل في أن كل أسرة
في المدينة تقريبا كانت تمتلك رأسا أو أكثر من الماعز المؤصل للانتفاع بمتوجاتها وكان يتم إخراجها كل يوم للرعي خارج المدينة ضمن القطيع الذي كانوا يسمونه "الحراق" وهذا ما كان بالإضافة إلى غلة البساتين من حبوب وخضر وفواكه يمكن سكان المدينة من تحقيق قدر لا بأس به من الاكتفاء الذاتي.
حتى صدر قرار بمنع ذلك في إطار العصرنة والوقاية الصحية ولحماية الأشجار والمساحات الخضراء وتفادى عرقلة القطيع لحركة المرور المتزايدة أثناء خروجه صباحا وعودته مساءا في شوارع المدينة .
ويذكر المؤرخون والروايات الشعبية عن سكان الأغواط القدامى بأنهم كانوا منقسمين إلى فئتن: تسمى الأولى أولاد سرغين ويقيمون في غربي القصر وتسمى الثانية الأحلاف ويقيمون في شرقهء وعاش الطرفان متفاهمين في أغلب الأحيانء وتحدث بينهما بعض الخصومات والمناوشات في بعض الأحيان .
وكانا يعينان معا مجلسا لتسيير شؤون المدينة برئاسة شيخ يختار تارة من الأحلاف وتارة من أولاد سرغين، والجدير بالذكر أن المدينة استقبلت الولي الصالح سي الحاج عيسى سنة 1698م الذي التف حوله السكان واستطاع أن يضع حدا للخصومات ويجمع الشمل.
كما أجمع الطرفان في القرن الثامن عشر على تنصيب شيخ يدعى زعنون تميز بمؤهلات الزعامة لتسيير شؤون المدينة وبقي ذلك في عقبه حتى مجيء الاحتلال الفرنسي.
وتذكر الروايات التاريخية أن الأغواط القديمة كانت تتكون من مجموعة قصور وأحياء أهمها:
قصر بن بوطة ء بومندالة، نجال، سيدي ميمون، بدلة، قصبة بن فتوح.وهذا بعض التفصيل شيئا ما عن هذه القصور و هي كالآتي :
غرب حي القابو
قصر ندجال لأولاد بوزيان.
قصرسيدي ميمون لأولاد بوزيان
قصر بومندال لأولاد بوراس من شمال بسكرة في الوحات الجنوبية الشطيط حاليا .
قصبة بن فتوح في الجهة المقابلة لوادي مزي (سيدي حكوم ) لأولاد يوسف.
قصر بدلة لأولاد يوسف في الواحات الشمالية ( أولاد يوسف ذي الأصل المزابي الذين أسسوا قصر تاجموت حوالي سنة 1666 )
- مما لا شك فيه أن هذه القصور و القصبات كانت في البداية مستقلة تضم كل منهاقبيلة أو أكثر يرأس كل منها شيخ لا يربط بينهما سوى علاقة الجوار , لكن لأسباب أمنية دفعتها للتجمع حول أكبر قصور الأغواط بن بوطة كما ذكرنا سابقا.
إن تاريخ الأغواط يصبح حقيقيا إبتداءا منذ تاريخ سيدي الحاج عيسى و في هذه الفترة الزمنية إستقرت قبيلة الأرباع بالمنطقة , فيقال أن أصل الأرباع يعود إلى القحطانية اليمنية , اسمها أربعن أو أرباعن و هذا الأجذع الهمذاني يقول :
أسألتني بركائب و رحالها .... و نسيت قتل فوارس الأرباع .
فالأرباع هي قبيلة يمنية من لخم و جذام . و يقال أن أصل الأرباع يعود إلى الهلاليين الذين إستقروا في الخط الشمالي من الصحراء ناحية الزيبان ببسكرة و لما واجهوا مشاكل و حروب مع القبائل كان هذا سنة 1635 . هاجروا إلى جبل بوكحيل بمسعد ولاية الجلفة وأستقروا به 15 سنة، ثم توجهوا إلى الأغواط و استقروا بها , و كانوا عبارة عن 04 قبائل أو عروش بدوية هم :
( العمامرة , الحجاج , أولاد صالح و أولاد زيد الذين مكثو ببسكرة ) أما اليوم فيشكل الأرباع 10 قبائل هم : الحجاج ،العمامرة , الزكازكة , أولاد سيدي سليمان , الحرازلية , أولاد صالح , أولاد زيان , أولاد سيدي عطا الله , العبابدة صفران , مخاليف الصحراء . قسمت السلطات الفرنسية القبائل خوفا من امتداد ثورتهم إلى الأغواط.
- ظل هؤلاء العرب الرحل يمارسون تربية المواشي معتمدين على الترحال , كما أقاموا علاقات اجتماعية طيبة بالمصاهرة و المبادلات التجارية بينهم و بين سكان قصور منطقة الأغواط ، مما سبب ازدهار المنطقة . يتفرعون لأرباع الغرابة و أرباع الشراقة لكل منها مراعيها وحسب الفصول.
إستقر بعض هذه العروش على حواشي المدينة و اختطوا القرى كالعبابدة بالخنق , و عرش الرحمان بقصر الحيران و منهم من سكان المدينة .
- لقد كان للجانب الديني دورة في تأسيس المدينة , فقد استطاعسيدي الحاج عيسى أن يجمع القبائل المتناثرة و المتنافرة تحت لوائه , ويصبح بذلك مؤسس المدينة و حاميها , و من ذلك الوقت تأسست المجموعتين : الأحلاف و أولاد سرغين .
- الأحلاف تتكون من : أولاد زيد , أولاد سكحال , أولاد سالم , أولاد خريق , أولاد بوزيان , أولاد زعنون , أولاد عبد الله , المغاربة , حجاج الأغواط سكنوا الجهة الشرقية من المدينة قصر الأحلاف حاليا زقاق الحجاج و حي الصفاح .
- أولاد سرغين و هم : البدارة , الجماني , أولاد بلعيز , الفليجات سكنوا الجهة الغربية من المدينة وحاليا قصر أولاد سرغين جزء من الغربية ، كل فرقة ترجع إلى أبرز الشيوخ المؤسسين للتجمعات الأولى و يتفرعون إلى فروع و علائلات و كان على رأس
كل مجموعة شيخ يترأسها , و لكل مجموعة مسجد و سوق خاص عاشا متفاهمين في اغلب الأحيان و تحدث بينهما بعض الخصومات و المناوشات .
- قال هاينريش فون مالتسان أثناء رحلته إلى شمال غرب إفريقيا سنة 1862 م واصفا الطريق اتجاه الأغواط قائلا :" كانت الأغواط منذ القديم مقسمة إلى حزبين يظل النزاع قائما بينهما ... و يتكون هذان الحزبان من الأحلاف و أولاد سرغين ... "
- و مما سكن الأغواط : أولاد سيدي الحاج عيسى بالشطيط الشرقى , أولاد يعقوب قبيلة عمورية من بني سليم , أولاد داود , الجماعات أولاد بخة من ميزاب من غرداية .تنحدر هذه العائلات من عدة سلالات وقدموا من عدة مناطق.
- أما عن الحماني، البدارة فمنحدرين من قبيلة أغواط كسال , و أولاد سكحال قدموا من أولاد زيد من الزيبان ببسكرة , الفليجات فيقال أنهم قدموا من أقصى الشرق الجزائري . أما عن أولاد خريق فقدموا من الشرق الجزائري , أولاد سالم من القرارة . أولادبوزيان فينتمون إلى حجاج الأغواط , أما المغاربة فهم من الأشراف جاءوا من الغرب الجزائري من ناحية تلمسان ومنهم أولاد عبدالله, أولاد نايل ,أولاد سيدي مخلوف .
- منذ سنة 1852 م أثناء فترة الإستعمارية سعت السلطات الفرنسية إلى جلب السكان البدوا للأستقرار بالمدينة وأصبحت المدينة تجمع عدة سلالات المشائخ و العائلات و القبائل وأصبحت بذلك منطقة استقرار القبلي .
وقـائـع تـاريـخيــة
1518 مع دخول الأتراك إلى الجزائر أصبحت المدينة تابعة لباي تيطري ( المدية ).
1662 استقرار الوالي الصالح سيدي الحاج عيسى بالأغواط قادما من تلمسان.
1737 وفاة سيدي الحاج عيسى و مولد الصالح سيدي أحمد التجاني في عين ماضي.
1784 دخول الباي محمد الكردي على الأغواط.
1815 وفاة سيدي أحمد التجاني مؤسس الطريقة التجانية التي نشرت الإسلام في إفريقيا و في كثير من مدن العالم حيث يوجد أكثر من 100 مليون من أتباعها.
1829 استقرار الوالي الصالح و المقدم الطريقة الشاذلية سيدي موسى بن حسن الشاذلي بالأغواط.
1835 في بداية السنة يزحف جيش من قبائل الأغواط و نواحيها و أعراش أولاد نايل إلى العاصمة لتحريرها و وصلوا إلى مشارف البليدة و رجعوا بعد أن عقدت فرنسا الهدنة مع الأمير عبد القادر و أصبحت البليدة تحت يده.
1849 استشهاد سيدي موسى بن حسن و رفاقه من الأغواط في ثورة الزعاطشة ببسكرة .
1852 في 21 نوفمبر بدأت معركة الأغواط مع فرنسا و سقطت مدينة الأغواط في 04 ديسمبر 1852 (أو كما يسمى عام الخلية الذي سقط فيه أكثر من نصف سكان المدينة) .
1875 خروج الشيخ بن ناصر بن شهرة إلى الشام مرورا بتونس حيث التحق بالأمير عبد القادر و بقي هناك إلى أن وافته المنية و دفن في سوريا بعد أن قضى 25 سنة في محاربة الاستعمار الفرنسي حيث شارك في جل الثورات الشعبية منها:
ثورة الشيخ بوعمامة بالبيض.
ثورة الشريف بن عبد الله في ورقلة و متليلي.
ثورة بوشوشة و ثورة محي الدين ابن الأمير عبد القادر.
ثورة المقراني في بلاد القبائل.و لم يضع السلاح إلا بعد أن انتهت كل الثورات الشعبية و عمره يزيد عن السبعين عاما.
<h3> الأحتلال الفرنسي
عرفت الأغواط مراحل من المقاومة الشعبية للأمير عبد القادر، والأمير خالد، والناصر بن شهرة. هذا الأخير، لم يكتب عنه الكثير كونه قاد المقاومة في الأغواط التي كانت في نظر الفرنسيين بوابة لعبور الصحراء لإفريقيا، ترددت فرنسا كثيرا لغزو الأغواط فبعثت في بادئ الأمر بحامية في ماي 1844 بها 1700 مقاتل اكتشف أمرها من طرف أمير المقاومة في الصحراء ابن ناصر بن شهرة فأبادها عن آخرها، لقب من طرف فرنسا بالملثم أو الروجي لأنها لم تعثر له طيلة حياته على صورة حتى رحل إلى سوريا ومات هناك.</h3>هذه الحادثة جعلت فرنساتتفطن بخطر الصحراء فحضّرت لها حملة تأديبية سنة 1852، يقودها كل من الجنرال بريسي والجنرال ماريموش والجنرال جوسيف برسنانتي، وكانت الأغواط يحيط بها صور طوله 3 كلم تتلوه قلاع البرج الشرقي والغربي وقلعة سيدي عبد الله، عرض الصور 1,5 م بارتفاع 4 أمتار وأربعة أبواب و800 فتحة جعلت للأغراض العسكرية داخله عدد من السكنات قدرت بـ 40 سكن وواحات نخيل يتوسطها واد الخير اختفى حاليا. كانت هناك مقاومة ناجحة 1851 إلى 1852 لولا صراع السكان، صراع بين حميدة والسبايسي عن الجنرال ماريموش الذي اتفق معه الشيخ أحمد بن سالم على أن لا تدخل الجيوش الفرنسية إلى الأغواط مقابل دفع جزية ممثلة في ضريبة سنوية حتى 28 أوت 1844 فاندلعت المقاومة قبل الهجوم الفرنسي المباشر، هذا ما أكده الأستاذ "عطا الله طالبي" مديرمتحف المجاهد بالأغواط حسب التقارير الفرنسية التي لم ترتب لغزو الأغواط. استعدت فرنسا جيدا لضرب الأغواط بقيادة بوسكارين ولادمير وماريموش وجوسيف برايسي، هذا الأخير أرسل أربع من الجنود ينذر سكان الأغواط بتسليم المدينة، فأقسموا أن يموتوا تحت أسوارها، فقتلوا جنديين من الأربعة وبتاريخ 04 ديسمبر 1852 تحالف الجنرلات الثالثة، وتم إعلان لاستنفار في شمال الجزائر لضرب الأغواط بحشود عسكرية قدرت بـ 7375 عسكري إضافة على فرسان حمزة عميل فرنسا وسيدي الشيخ بـ 1200 بنواحي بريان من الجنوب، وحاصروا المدينة. الجنرال جوسيف من الشرق أمام ضريح الولي الصالح سيدي الحاج عيسى، والجنرال بريسي من رأس العيون شمالا، ومن الغرب 3000 جندي، فانقسم الفرسان المقاومون وسقطت المدينة بتاريخ 04 ديسمبر 1852 باستشهاد ثلثي السكان "2500 شهيد" من أصل 3500 ساكن، وقتل الجنرال يوسكارين و10 من كبار الضباط الفرنسيين، وبقي 400 ساكن، وهجر نحو الألف. حاول الفرنسيون حرق المدينة، وإبادة البقية لولا تدخل الجنرال راندو بوجهته الإنسانية أن سكان الأغواط شجعان ودافعوا عن مدينتهم، وليسوا من الجبناء، لذلك بقي السكان على حالهم. بقيت الجثث لمدة تفوق 06 أشهر قبل دفنها حتى دفنت كلها ورمت فرنسا مايقارب 256 جثة في آبار، وتم حرقهم أحياء حسب ما أدلى به صبحي حسان ابن المنطقة، وهو يدرس في جامع وهران علم النفس الحربي، حيث مكث في فرنسا 14 سنة مكنته للإطلاع على الأرشيف الفرنسي بخصوص احتلال الأغواط أن الجيش الفرنسي ارتكب أكبر المجازر والجرائم، وهذا بمؤلفاتهم وشهاداتهم على أنفسهم، المؤرخون الفرنسيون آنذاك يعرفون بدقة مواقع هذه المجازر. ويقول ذات المتحدث أن أول معركة وقعت، أجريت فيها تجربة لسلاح المدفعية بمادة كيمياوية في مدينة الأغواط في 04 ديسمبر 1852 على الساعة 07 صباحا بالهجوم بمدفعية بوضع مادة في ضخيرة المدفع هذه المادة هي *الكلورفوروم* تؤدي إلى تنويم الناس وشل أعضائهم بتأثيره على نشاط الدماغ، وبعد ذلك وضعهم في أكياس وحرقهم أحياءً وهم مخدرين، هذا حسب تقرير الأستاذ أوكسينال بودانوس إلى قيادة الأركان الفرنسية للماريشال فيالاتيه فيمايخص التجربة الكيماوية، والتقرير موجود لحد الآن في الأرشيف الفرنسي ما يقارب 60 صفحة كتبت سنة 1853 لذلك مازالت المقولة الشعبية الأغواط "زينة أوفسدها الزيش الفرنسي" لأن الأغواط محطة عبور القادم إليها أثناء الاحتلال الفرنسي يتأسف بمرارة لما حصل لها.