طلب العلم بالكلام ...تزندق .. - الصفحة 26 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلب العلم بالكلام ...تزندق ..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-09-13, 23:38   رقم المشاركة : 376
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 شبهت الله بصفات خلقه بكونهما غير مخلوقين لله

والثاني: أن يقال له: شبهت الله بصفات خلقه بكونهما غير مخلوقين لله1 وقد قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .
والثالث: أن يقال له ولأهل مذهبه: إذا كانت أفعال العباد مساوية لله ولصفاته في عدم الخلق فسموها آلهة وأرباباً كما ألزمتمونا هذا الإلزام في قولنا إن لله صفات قديمة هي علمه وحياته وقدرته وإرادته وكلامه وسمعه وبصره2.
والرابع: أنا علمنا انتفاء الخلق عن الله وعن صفاته بمقتضى العقل الذي لا يجوز ورود الشرع بخلافه، لأنه لو أخبرنا نبي الله خلق ذاته أو خلق صفاته لاستحال في العقل صدقه3 لأن المخلوق معدوم الوجود قبل الخلق والخالق له موجود حال الخلق فكيف يوصف الشيء الواحد بأنه معدوم موجود بحاله واحدة؟
وهذا المعنى لا يتصور في أفعال العباد، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لو أخبرنا أو أخبرنا الله بنص القرآن الذي لا يحتمل التأويل بأن الله خلق أفعال العباد في الخير والشر لوجب قبوله، لأن ذلك غير مستحيل ولا مؤد إلى المحال فبطل الجمع بينهما4.

__________
1 يعني بذلك قول المخالف: "نخرج أفعال العباد من جملة الأشياء المخلوقة بالعقل كما خصصنا جميعاً ذات الله سبحانه - وإن كانت شيئاً - من جملة الأشياء المخلوقة" حيث جعل أفعال العباد ليست مخلوقة لله كما أن ذات الله ليست مخلوقة له جل وعلا وهذا فيه تشبيه.
2 المعتزلة يزعمون أن الله لا يوصف بالصفات الذاتية لمعان قديمة، لأن ذلك يلزم فيه مماثلة الله جل وعلا في القدم، لهذا انكروا أن يكون الله موصوفاً بهذه الصفات، وقالوا: إنه عالم بعلم هو هو وقادر بقدرة هي هو. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 195.
3 قول المصنف - رحمه الله - "لأنه لو أخبرنا نبي…." لا يمكن في الحقيقة أن يخبرنا نبي بأمر يحيله العقل والشرع لأن إخباره بمثل ذلك يطعن في نبوته.
4 يعني بذلك ان ادعاء أن الله خلق صفاته محال، وقول إن الله خلق أفعال العباد غير محال ولا يؤدي إلى المحال فالجمع بينهما في حكم واحد باطل.
___________________________________________
والخامس: أن يقال: لما كانت أفعال العباد ملكاً لله ويوصف بالقدرة عليها وبإقدار غيره عليها لم يستحل وصفه سبحانه بأنه خالق لها وموجد لها وليس كذلك ذاته وصفاته فإنه لا يوصف بأنه مالك لذاته وصفاته ولا بأنه موصوف بأنه يقدر على ذاته وصفاته1 ولا بإقدار غيره عليها فبطل الجمع بينهما.

والسادس: أن يقال: لما كانت ذات الله سبحانه ليست من جنس المخلوقات من الجواهر والأجسام والأعراض، ولا يفتقر وجوده إلى مكان وزمان2 لم يجز وصفه بأنه مخلوق وليس كذلك أفعال العباد فإنها أعراض فيهم ويفتقر وجودها إلى زمان ومكان فلم يستحل وصفها بأنها مخلوقة لله كسائر الأعراض، وعلى الجملة من بلغ به العمى إلى أن يشبه ذات الله بأفعال العباد ويساوي بينهما في أنهما غير مخلوقين ويسأل الفرق بينهما، هذا كفانا المؤنة في الكلام وأبان شناعة قوله بلسانه.

__________
1 أي لا يقال: هذا بالنسبة لله لأن الذات والصفات هي الله جل وعلا وهو القادر وهو المالك.
2 الكلام هنا في بيان مفارقة الخالق للمخلوق في الصفات ونفي افتقار الله جل وعلا إلى شيء من الأشياء.









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-09-13, 23:43   رقم المشاركة : 377
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 أنتبه

19- فصل
قال هذا المخالف بكتابه الدامغ له: لو كانت أفعالنا خلقاً لله لم تقف على أحوالنا فتوجد بحسب قصودنا ودواعينا وتنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا، متى أردنها وجدت ومتى كرهناها لم توجد، مع سلامة الأحوال كما لا يجب ذلك في ألواننا وصورنا وطولنا وقصرنا.
والجواب أن نقول: ما قدر الله من وقوع أفعالنا المكتسبة ما ننكر أن ذلك وقع بقصدنا واختيارناأ وعلى هذا القصد والاختيار وقع المدح والذم والثواب والعقاب، إلا أن الله هو الخالق لقصدنا ومشيئتنا لأنه شيء وقد قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 1 ومشيئتنا وقعت بمشيئة الله. قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 2.
وأما قوله: متى أردناها وجدت ومتى كرهناها لم توجد فغير مسلم3، فإن الإنسان قد يريد بقلبه وقوع أفعال منه من الخير أو الشر ويجب ذلك، فإذا لم يرد الله وقوع ذلك منه لم يقع منه بالجملة أو يقع بعضها إذا أراده الله وقضاه، بدليل أن الإنسان قد يريد الجماع ويحبه، وإذا لم يرد الله وقوع ذلك منه لم يقدر عليه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم- "كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس "4.

__________
1 الزمر آية (62) .
2 الإنسان آية (30) .
3 أي غير مسلم إطلاق ذلك وإلا إذا توفرت دواعي الأمر وارتفعت الموانع وقع الفعل ويكون واقعاً بإرادة الله جل وعلا حيث لو لم يرد وقوعه لجعل دونه مانعاً يحول بينه وبين وقوعه كقوله جل وعلا: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} .
4 أخرجه م. كتاب القدر (ب. كل شيء بقدر) 4/2045، حم 2/110، ط. (ب. النهي عن القول بالقدر) ص 785، والبخاري في خلق أفعال العباد ص 17، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة 4/580 كلهم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وليس في شيء منها قوله: "بقضاء"، ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل العجز عن الأمر الذي يريده الإنسان بقدر، وهذا ظاهر في المراد.
__________________________________________________
ثم نعارض هذا القول ونقول: لو كانت أفعالنا خلقاً لنا ومنفردين بإيجادها لكنا عالمين بعدد حركاتنا وكيفية وقوعها منا قبل الفعل وبعده لأن الله أخبر أن الخالق يعلم ما خلق بقوله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} 1.
وأما استدلال هذا المخالف على معناه الذي أورده بقوله: لما كانت ألواننا وصورنا خلقاً لله لم تقع تحت إرادتنا وقصدنا، فالجواب عنه أن نقول: ليس امتناع ألواننا وصورنا بحسب إرادتنا كونها خلقاً لله، وإنما العلة بامتناع وقوعها حسب إرادتنا وقصدنا كونها غير كسب لنا2، ألا ترى أن جماعنا لما كان كسباً لنا إذا قضى الله وقوعه منا يقع يقصدنا واختيارنا ونثاب عليه إذا وقع فيما يحل ونعاقب عليه إذا وقع بما يحرم، والولد المخلوق من الجماع لما لم يكن كسباً لنا ولم يقدرنا الله، بل قد يقصد الغني الجماع ليكون منه الولد فلا يكون، وقد يجامع الفقير فيعزل كراهة الولد فيكون منه الولد فلم يقع بحسب إرادتنا وقصدنا3.

__________
1 الملك آية (14) .
2 الأولى في هذا أن يقال: إن هذا مثال مع الفارق لأن الألوان والصور هي من خلق الله وليست كسباً للعباد وقد قال الله عزوجل: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} آل عمران آية (6) ، فالتصوير فعل الله عزوجل وخلقه وله فيه المشيئة المطلقة وليس للإنسان في ذلك أي كسب، وهذا بخلاف أفعال العباد فإنها خلق لله وكسب للعباد.
3 قول المصنف هنا "والولد المخلوق من الجماع لما لما يكن كسباً لنا ولم يقدرنا الله عليه…" يرده قول النبي - صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة - رضي الله عنها-: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" اخرجه ت. كتاب الأحاكم 3/639، د. كتاب البيوع 2/108، حم 6/41، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم- الولد من كسب أبيه، لأن الأب هو الذي تزوج ثم جامع فإذا ارتفعت الموانع حصلت النتيجة بإذن الله وهي الولد، وهو في هذا مثل التجارة والزراعة فإن الإنسان يتخذ الأسباب ويجتهد في ذلك وقد تربح التجارة وقد تخسر وقد يظهر الزرع وقد لا يظهر، فربح التجارة وظهور الزرع من كسب التاجر والزارع وهو بإذن الله، أما إذا لم تربح التجارة ولم يظهر الزرع فذلك لأن الله لم يرد ذلك حيث صارت هناك موانع منعت من حصول النتائج المرجوة لأن تحقيق النتائج المرجوة من الأعمال بيد الله عزوجل ومشيئته، وقد جعل الله لكل شيء سبباً وقول المصنف (إن الفقير قد يعزل كراهة الولد فيكون منه الولد وأن ذلك واقع بغير إرادتنا) غير صحيح، لأن هذا واقع بكسبنا وعملنا حيث فعلت الأسباب ولو لم تفعل الأسباب لم يأت الولد، إلا أن تحقيق النتائج المرجوة من العمل هي بيد الله عزوجل وإرادته القاهرة لكل شيء لهذا لما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم- عن العزل قال: "لا عليكم ألا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون". أخرجه م. كتاب المكاح 2/1061 من حديث أبي سعيد وعنه أيضاً مرفوعاً: "ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء" م. 2/1064، فهذا يدل على أن الله عزوجل إذا أراد أمراً هيأ له أسبابه والحمل بالولد لا يكون إلا بعمل وتهيئة أسباب وهي من قبل العبد.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-13, 23:45   رقم المشاركة : 378
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 الحكمة والعدل

20- فصل
قال المخالف بكتابه المنقلب عليه: لو كانت أفعال العباد خلقاً لله سبحانه لم يحسن الأمر بشيء منها ولا النهي عنها ولا الذم ولا المدح ولا الثواب ولا العقاب، كما لا يحسن ذلك منه في ألوانهم وصورهم فثبت بذلك أن أفعالهم خلق لهم لأنه أمرهم بخلق شيء منها ومدحهم وأثابهم عليها، ونهاهم عن خلق شيء منها وذمهم وعاقبهم عليها.
والجواب أن نقول: هذا الإلزام لا يتوجه علينا الجواب عنه، وإنما يلزم ذلك المجبرة الذين نتبرأ عنهم1 ونرد عليهم، وقد بينا أن مذهب المعتزلة القدرية بمذهب المجبرة أليق2، ثم يقال لهذا المستدل: ولم قلت: إذا قلنا: إن أفعال العباد خلق لله لم يحسن الأمر منه بشيء ولا النهي عن شيء منها، وما المعنى المقتضي لذلك لنجيب عنه؟ فإن قال: كما لا يأمرهم بخلق ألوانهم وصفاتهم ويمدحهم ويذمهم ويعاقبهم ويثيبهم عليها.
قلنا: قد بينا الفرق بين الألوان والأفعال فلا معنى لإعادته3.
ثم نقول له: وما حجتك ودليلك أن الله أمر العباد بخلق شيء من أفعالهم ومدحهم وأثابهم عليها ونهاهم عن خلق شيء منها وذمهم وعاقبهم عليها فهذا نفس الحكم المتنازع فيه لأن الخلق متسحيل من المخلوق، وما ننكر أن الذي أمر الله العباد به هو اكتساب شيء من الأفعال، ومدحوا وأثيبوا عليه ونهوا عن اكتساب أفعال وذموا وعوقبوا عليها، وجعل الله هذا الاكتساب علماً على من أراد ثوابه أو عقابه، ولو جعل ألوانهم وصفاتهم سبباً أو علماً للثواب والعقاب بأن يقول: من خلقته أبيض فهو علم على أنه

__________
1 هكذا في الأصل وهي كذلك في - ب - ولعل الصواب (منهم) .
2 انظر: ص 165 في كلامه على الاستطاعة.
3 انظر: الفصل السابق.
_________________________________________
من أهل الجنة ومن خلقته أسود فهو علم على أنه من أهل النار لم يخرجه ذلك عن الحكمة والعدل1 كما أنه جعل طول العمر سبباً وعلماً لكثرة الأعمال التي يقع عليها الثواب والعقاب، وقصر العمر سبباً وعلماً لقلة الأعمال التي يقع عليها الثواب والعقاب ولم يخرجه ذلك عن الحكمة والعدل.
__________
1 أفعال الله عزوجل كلها إنما تصدر عن حكمة بالغة عقلها من عقلها من عقلها وجهلها من جهلها، ولو قال الله عزوجل ما ذكر المصنف هنا من الافتراض فإنه لا يكون إلا لحكمة بالغة وعدل كامل وليس معنى هذا أنه يعذب أهل الصلاح والإيمان وينعم على أهل الكفر والفجور، فإن هذا ليس من الحكمة ولا العدل وقد نزه الله عزوجل نفسه من فعله فقال: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} فنفى في هذه الآية المساواة بينهما ومن باب أولى نفي تعذيب الصالحين وتنعيم الكافرين.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-13, 23:53   رقم المشاركة : 379
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 شبه و الردعليها

21- فصل
قال هذا المخالف بكتابه: لو كان الله سبحانه خالقاً لأقوال العباد وأفعالهم لكان ساباً لنفسه ومكذباً لرسله بخلقه قول من قال ذلك، ولكان قائلاً بأنه ثالث ثلاثة، وأن عيسى ابن الله كما قالت النصارى، وأن عزيراً ابن الله وأن يده مغلولة كما قالت اليهود، ومع ذلك فقد مدح نفسه وأثنى عليها بكتابه فإذا كان الجميع منسوباً إليه فيجب أن يستوي جميع ما أخبر به في الصدق فيكون ممدوحاً مذموماً واحداً ثالث ثلاثة، وهذا كله متناقض فثبت أن ذلك خلق غيره من العباد لا خلقه، هذا نكتة قوله.
والجواب عن ذلك من وجوه:

أحدها: أن نقول: لو كان قولنا بأن الله يكون بخلقه لقول من سبه أو كذب رسله يكون ساباً لنفسه ومكذباً لرسله لكان قولنا جميعاً بخلقه القدرة1 لمن سبه أو كذب رسله مع علمه أنه يكون ذلك إذ يكون موصوفاً بالقدرة على سب نفسه وتكذيب رسله، ونحن لا نصفه بذلك وإن كان على كل شيء قدير.

والجواب الثاني: وهو أن نقول أليس الله خالقاً للسيوف التي قتل بها أعداؤه أنبياءه، وعلم أنهم يقتلونهم بها قبل أن يخلقها، وخلق ألسنتهم التي كذبوا بها رسله وسبوه، ولا يقال: إنه أعان على قتل أنبيائه وذم نفسه وتكذيب رسله بما خلق لهم من الآلة التي علم لا محالة أنه يكون منهم بها ما وقع، كما أن في الشاهد أن من أعار كافراً سيفاً وعلم بخبر نبي أنه يقتل به نبيّاً فإنه يكون معيناً على قتله.

والجواب الثالث: أن يقال: إذا منعتم خلقه لأقوالهم لسب الله وتكذيب رسله لأنه يستحيل منه سب نفسه وتكذيب رسله فجوزوا خلق الله لأقوال عباده في مدحه وتصديق رسله لأنه موصوف سبحانه بذلك، فإذا سلمتم ذلك لزمكم القول بخلق أقوالهم في الجميع لأن أحداً لم يفرق بينهما.
__________
1 القدرة والاستطاعة عند بعض المعتزلة هي الصحة والسلامة وتخليتها من الآفات وهو قول بشر بن المعتمر وثمامة بن أشرس وغيلان. وقال أبو الهذيل ومعمر والمردار هي عرض وهي غير الصحة والسلامة. انظر: مقالات الإسلاميين 1/300، شرح الأصول الخمسة ص 392. وعلى كلا القولين هي مخلوقة لله.
__________________________________________
22- فصل
وقد أورد هذا المخالف بكتابه الدامغ له كلاماً موه به في الاستدلال على من لا بصر له بأن القدرية هم أصحاب الحديث الذين يقولون أفعال العباد خلق لله، منها أنه قال: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "القدرية مجوس هذه الأمة"1 قال وهم هؤلاء الحشوية2.
واستدل عليه بأن رجلاً جاء من أرض فارس فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-: أخبرنا بأعجب شيء رأيته، فقال: رأيت قوماً ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم ويقولون هذا قضاء الله علينا، فقال عليه السلام: أما إنه سيكون في آخر هذه الأمة قوم يقولون بمثل مقالتهم أولئك مجوس أمتي"3.
والجواب: أن هذا الخبر لم يذكره أحد من علماء الحديث ولا ذكر في شيء من الصحاح، وإنما وضعته الزيدية على وفق مذهبهم وإلا فليسندوه ولا تقوم المذاهب بالاختراص، ونعارضه بالأخبار المذكورة في الصحاح4 التي قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم- من القدرية؟ قال: " الذين يقولون الخير من الله والشر من إبليس ومن أنفسهم "5، وهذا الخبر مما تلقته الأمة وعلماء الأمصار

__________
1 تقدم تخريجه ص 190.
2 تقدم ذكر هذه الكلمة وشرح شيخ الإسلام لها وبيانه من هو أحق بها، وكذلك قول أبي حاتم الرازي "وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الأثر". انظر: ص 180.
3 لم أقف على من خرجه ولا من ذكره.
4 هذا اللفظ فيه تجوّزٌ كما ذكرنا فإن الصحاح هما صحيح البخاري ومسلم ونحوهما وتقدم بيان ذلك ص 189.
5 تقدم تخريج هذا التفسير فقد ورد في أثرين أحدهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً وهو حديث موضوع. انظر: 196 وورد من حديث رافع بن خديج ووصفه الذهبي بأنه موضوع. انظر: ما تقدم ص 198
__________________________________________
بالقبول1 ولم يرده إلا من لا يعتد بخلافه.
قال هذا المخالف: ولأن عند هذا القائل وأهل مذهبه أن العبد يثاب ويعاقب ويذم ويمدح بما لم يفعل، لأن الطاعات والمعاصي خلق غيرهم وهذا نفس قول المجوس، وحكي أنهم يأخذون عنزاً ويدفعونها من شاهق ويضربون رأسها فإذا ماتت أكلوا لحمها وقالوا: عصت الله، هذا عمدة قوله.
والجواب: أن هذا جهل منه بمذهب أهل السنة على ما مضى من رميه لهم بمذهب المجبرة الذي قولهم أشبه بقولهم2، ولسنا نقول: إن أفعال العباد من الله دون العباد ولا من العباد دون الله ولا من الله ومن العباد على حد واحد، لأنها لو كانت من الله دون العباد لعذبهم على غير ذنب ولم يصف نفسه بذلك، ولو كانت من العباد دون الله لشاركوا الله في الخلق، وقد قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 3 ولو كانت من الله ومن العباد على حد واحد لأشتبهت صفات الخالق بالمخلوق، وقد قال الله تعالى: {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} 4. وإذا بطلت هذه الأقسام ثبت أنها من الله خلقاً وتقديراً، ومن العباد عملاً واكتساباً.

__________
1 لعل المقصود بذلك معناه، أما الخبر فهو باطل أما المعنى فإن السلف وصفوا القدرية بأنهمن مجوس هذه الأمة وأنهم الذيين يقولون: إن العباد يخلقون أفعالهم أو إن الله لا يخلق المعاصي وقد عنون اللالكائي - رحمه الله - فصلاً بذلك في كتابه فقال: "سياق ما روي في أن القدري الذي يزعم أن الله لم يخلق أفعال العباد ولم يقدرها عليهم ويكذب بخلق الله لها وينسب الأفعال إلى نفسه دونه" وروي في ذلك عن يحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي ونحوه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما. انظر: شرح اعتقاد أهل السنة 4/694-704.
2 تقدم بيان هذا ص 191.
3 فاطر آية (3) .
4 الرعد آية (16) .
___________________________________
وأما ما ادعاه من أن أهل السنة يشابهون المجوس بما ذكر فغير صحيح. لأن أكثر ما قالوا: إن أفعالهم أشياء وسماها الله أشياء وقد قال: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 1، وإنما المشابه لهم هم القدرية لأنهم يقولون: إن الله سبحانه يريد الخير ويقدر عليه ولا يريد الشر ولا يقدر عليه2 وإبليس لا يريد الخير ولا يقدر عليه ويريد الشر ويقدر عليه، وهذا كما قالت المجوس: من أن النور يريد الخير ويقدر عليه، ولا يريد الشر ولا يقدر عليه، والظلام لا يريد
__________
1 الرعد آية (16) .
2 هذا يحتاج إلى تفصيل فإن المعتزلة يقولون في أفعال العباد إذا كانت حسنة فهي على ضربين إما أن تكون مباحة وهذه لا يجوز أن يكون الله مريداً لها، وإما أن تكون واجبة أو مندوبة فالله تعالى يكون مريدا لها وأما إن كانت قبيحة فإن الله لا يريدها البتة ولا يجوز أن يريدها.
وهم يجعلون الإرادة والمحبة والرضا من باب واحد، ولا يفرقون بين الإرادة الكونية القدرية التي هي بمعنى المشيئة، ولا بين الإرادة الدينية الشرعية التي يتعلق بها الحب والرضا، لهذا أجمعوا على أن الله لا يريد المعاصي أي أن ما وقع منها وقع بغير مشيئة، وهذا خلاف نص القرآن الصريح في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} وقوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} الآيات في هذا كثيرة. انظر: شرح الأصول الخمسة 431، 457، 464، مقالات الإسلاميين 1/299.
أما قول المصنف عنهم إنهم يقولون: (إن الله لا يقدر على الشر) فإنهم في هذا قسمان: قسم قالوا: إن الله تعالى موصوف بالقدرة على ما لو فعله لكان قبيحاً وبه قال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة وهو الذي نصره القاضي عبد الجبار.
والقسم الآخر ومنهم النظام وأبو علي الأسواري ذهبوا إلى أن الله تعالى غير موصوف بالقدرة على ما لو فعله لكان قبيحاً. فقال النظام: "إن الله لا يقدر أن يفعل بعباده خلاف صلاحهم"، ووافقه الأسواري على هذا وقال محمد بن عبد الله الإسكافي منهم: "إن الله تعالى يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال والمجانين ولا يوصف بالقدرة على ظلم العقلاء"، فعلى هذا فقول القدرية في الإرادة يشبه قول المجوس في أن النور يريد الخير والظلمة يريد الشر، أما القدرة على الخير وعدم القدرة على الشر فإن هذا القسم من المعتزلة وهم النظام وأبو علي الأسواري هم الذين يصدق عليهم مشابهة المجوس في زعمهم أن النور يريد الخير ويقدر عليه ولايريد الشر ولا يقدر عليه. وقد شبه الإسفرائيني قول النظام في هذه المسألة بقول المانوية. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 313، مقالات الإسلاميين 1/275، الفرق بين الفرق ص 133، 134، 151، 169.
______________________
الخير ولا يقدر عليه ويريد الشر ويقدر عليه1، فنقلت القدرية صفة النور إلى الله وصفة الظلام إلى إبليس، فلذلك سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم- " مجوس هذه الأمة "2 وبهذا المعنى فسر ابن عباس هذا الحديث على ما نقله عنه أهل النقل3.
ومما موه به هذا القدري المخالف على العامة في الاستدلال أن ادعى أن خصمه يقولون: المعصية من اثنين أحدهما محمود عليها وهو الله، والآخر مذموم عليها وهو العبد، وهذا مثل مذهب المجوس في قولهم إن العالم من صانعين أحدهما محمود والآخر مذموم، هذا نكتة قوله.
والجواب عن ذلك: أن يقال له: قولك المعصية من اثنين غير مسلم أنها تسمى معصية في حق الله سبحانه وإنما هي معصية في حق العبد، ووجودها من أحدهما غير وجودها من الثاني على ما مضى قبل هذا4، فقولنا إنّ كون الفعل خلقاً لله وكسباً للعبد لا يقتضي مشابهته لقول المجوس، وإنما يشبه قول المجوس من يقول إنه مريد الخير غير مريد الشر

__________
1 انظر: الملل والمحل بهامش الفصل 2/72.
2 تقدم الحديث في ذلك ص 190.
3 روى اللالكائي بإسناده عن ابن عباس قوله من كلام له طويل في القدرية "إن المجوس زعمت أن الله لم يخلق شيئاً من الهوام والقذر ولم يخلق شيئاً يضر إنما يخلق المنافع وكل شيء حسن وإنما القذر هو الشر والشر كله خلق إبليس وفعله. وقالت القدرية: إن الله لم يخلق الشر ولم يبتلي به وإبليس رأس الشر كله وهو مقر بأن الله خالقه، قالت القدرية: إن الله أراد من العباد أمراً لم يكن وأخرجوه عن ملكه وقدرته وأراد إبليس من العباد أمراً كان" شرح اعتقاد أهل السنة للالكائي 4/694.
وإسناده ضعيف فإن فيه شعيب بن بكار، قال الأزدي ضعيف. انظر: الميزان 2/275. وفيه ثلاثة مجاهيل وهم شيخ شعيب بن بكار مهاجر البرذعي وشيخه محمد بن سليمان الأزدي وشيخه سحيم بن العلاء العبدي لم أجد من ترجمهم، وكذلك أيضاً أفاد محقق الكتاب الدكتور أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي.
4 أي قوله ص 231 "إنها من الله خلقاً وتقديراً ومن العباد عملاً واكتساباً".









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-13, 23:57   رقم المشاركة : 380
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي القدرية جعلوا لله شريكاً في الخلق

ومن يقول: إن للعباد صانعاً ولحركاتهم في الأفعال صانعاً غيره وهم القدرية فقد جعلوا لله شريكاً في الخلق وقد كذب الله من ادعى له شريكاً في الخلق.
ومما موه به هذا القدري على العامة والضعفاء بالاستدلال على أن القدرية هم أهل السنة بقوله: لأنهم يقولون لكل ما وقع منهم من الفساد والمعاصي هو بقضاء من الله وقدر لهجوا بذلك ومن لهج بشيء ينسب إليه.
وقال: نحن ننفي عن الله القضاء بالباطل ولا يقضي إلا بالحق، وقد قال الله تعالى بكتابه: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} 1 ولا شك أن المعاصي باطل، قال فإذا ثبت أنهم يثبتون لله ما ينفيه وتلهج ألسنتهم به كانوا أولى بهذا الاسم لأن المثبت للشيء هو أولى بأن يشتق له اسم منه دون من نفاه. ألا ترى أن الثنوي اسم لمن أثبت لله ثانيا، والمشبه اسم لمن أثبت التشبيه لله لا لمن نفاه، وكذلك ينسب الشيء إلى من لهج به فيسمى التمري2 من يلهج به، هذا نكتة قوله.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدهما: أن تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم- في القدرية أولى من تفسير غيره، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "القدرية هم الذين يقولون: الخير من الله والشر من إبليس ومن أنفسهم"3.
وهذا كاف في جميع ما أورده المخالف من التمويهات في كتابه، ولكني مع هذا لا آلو جهداً في إبطال ما أورده من طريق المعاني التي أوردها، فأقول في الجواب الثاني عن قوله: إن أهل السنة أولى باسم القدرية لأنهم

__________
1 غافر آية (20) .
2 قال في الدامغ الباطل ورقة 7/أ: "ولهذا يقال فلان تمري وفلان لبني للذي يلهج به".
3 تقدم تخريجه ص 196.
____________________________
يثبتون القدر لله في جميع أفعال العباد، ونحن ننفي ذلك عن الله فكانوا أولى بالاسم أن يقال: هذا المعنى غير صحيح لأنك علقت على العلة ضد مقتضاها ومقتضى العلة أن اسم القدرية أولى أن يقع على من يثبت القدر لنفسه على جميع الأفعال وينفيه عن الله فنسبة الشيء إلى من يدعيه لنفسه وينفيه عن غيره ألوى من نسبته إلى من ينفيه عن نفسه ويثبته لغيره، ألا ترى أنه لا يقال النحوي واللغوي إلا لمن وجد معه نحو ولغة، وكذلك الخارجي لا يقال إلا لمن خرج على علي - رضي الله عنه -، والرافضي لمن رفض الصحابة وكذلك الثنوي1 إنما سمي ثنوياً لأنه أثبت لله ثانياً يشاركه في الإلهية، فيجب على هذا أن يسمى القدري من أثبت لله من يشاركه في القدر. وألسنة القدرية لهجة بأن لهم قدراً وقدرة على أفعالهم دون الله فهم أولى بتسميتهم قدرية.
وأما استدلاله بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} 2 ولا شك أن المعاصي من الباطل وأراد بذلك أن الله لا يقضي بالباطل.

والجواب على ذلك أن يقال: القضاء في القرآن ينصرف إلى وجوه3 كثيرة وكذلك لفظة (الحق) تنصرف في القرآن إلى معان كثيرة4 ولا تكون

__________
1 الثنوي نسبة إلى الثنوية وهم فرقة من المجوس، ومن الفرق بينهم وبين المجوسية الأصلية أن الثنوية يقولون بإثبات أصلين مدبرين قديمين يقتسمان الخير والشر والنفع والضر والصلاح والفساد يسمون أحدهما النور والثاني الظلمة.
أما المجوسية الأصلية فإنهم يقولون بالأصلين إلا أنهم يقولون لا يجوز أن يكون الأصلان قديمان بل النور أزلي والظلمة محدثة. انظر: الملل والنحل بهامش الفصل 2/72-73.
2 غافر آية (20) .
3 ذكر الحافظ في الفتح 8/389، في (قضى) تسعة عشر معنىً.
4 ذكر فيها الراغب الأصفهاني أربعة أوجه:
الأول: أن الحق يقال لموجِد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق.
الثاني: يقال للموجَد بحسب مقتضى الحكمة لهذا يقال فعل الله تعالى كله حق.
الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء نفسه كقولنا اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.
الرابع: للفعل الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق. المفردات ص 125.
__________________________________
الآية حجة على مذهبه إلا إن صرف لفظة القضاء إلى الإرادة، فيكون المعنى والله يريد الحق، ولم يقل أحد إن القضاء يعبر به عن الإرادة بالجملة، ولا يتوجه المعنى بالحق على هذا، وإن حمل على هذا كان مجازاً واتساعاً كان ذلك استدلالاً منه بدليل الخطاب وهو ممن لا يقول به.
وإن صرف لفظ القضاء إلى الخلق فهو مما ينصرف إليه القضاء في القرآن لقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} 1 أي خلقهن في يومين2 وقالوا: أراد به لم يخلق الباطل من أفعال العباد، قيل: فعلى مقتضى هذا أن يكون خلق ما ليس بباطل من أفعالهم وهم لا يقولون بذلك3، فعلم أن هذا الاستدلال منه تمويه لا يعلم معناه، ومع هذا فقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} 4 فأخبر أن الذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً من أفعالهم، فتكون الآية حجة عليه لا له لأن لفظة الذين جمع لما يعقل وذلك ينصرف إلى ما كانوا يعبدون من الملائكة والجن لا إلى الأصنام5 وعلى أن المراد بهذه الآية غير ما أراد من ذلك، والمعنى

__________
1 فصلت آية (12) .
2 انظر: تفسير ابن جرير 24/99، وانظر: اللسان في مادة قضى 5/3665.
3 لأن المعتزلة ينكرون أن الله يخلق أفعال العباد سواء الطاعة أو المعصية.
4 غافر آية (20) .
5 هذا الكلام من المصنف في مقابل ما ادعاه المعتزلي من إنكار أن الله يخلق أفعال العباد لأن فيها المعاصي وهي من الباطل الذي لا يقضي الله به على زعمه على ضوء قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقّ} ، فأبان المصنف هنا أن آخر الآية يرد عليه إذا فسر هذا التفسير وهو أن الله وصف الآلهة من دون الله أنها لا تقضي بشيء، أي لاتخلق أفعالها فيكون الله خالقها، وهذا كله في مقابل قول المعتزلي وإلا الصواب فيها أن (لا يقضون) (لا يحكمون) كما سيأتي.
____________________________
فيها: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} أي يحكم بالعدل [1] هي كقوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} [2] .
ومما موه به هذا القدري على العامة أن ادعى أن الذين نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن مجالستهم [3] هم أصحاب الحديث لمعان ادعاها لا معنى لإعادة أكثرها لكثرة ترداده لذكرها في الاستدلال أو وقوع الجواب عنها.
فمنها: أن قال: لأن قولهم يؤدي إلى أنه لا فائدة في بعثة الرسل، وأن ذلك يؤدي إلى ختم باب التوبة لأن المذنب إذا علم أن الله هو الخالق لفعله في المعصية قال: لا سبيل لي إلى توبة عمَّا لم أفعله.
ولأن ذلك يؤدي إلى سوء الظن بالله لأنه يعذب العبد على ما لم يفعله. وهذا نكتة ما طول بذكره بذلك.
والجواب أن هذا منه إلزام لا يلزم إلا المجبرة الذي قوله بقولهم أحق وهم بهم أليق على ما مضى [4] ، وأما قوله: إن ذلك يؤدي إلى سوء الظن بالله فقوله بذلك أيضاً أولى لأن عنده إن الله لا يغفر الذنوب الكبيرة ولو تاب المذنب منها [5] رداً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [6] .

__________
[1] انظر: تفسير القرطبي 15/303، تفسير ابن كثير 4/75.
[2] الزمر آية (69) .
[3] يشير إلى حديث عمر - رضي الله عنه - مرفوعاً "لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم" وقد تقدم تخريجه ص 189.
[4] انظر: ص 191.
[5] سيفرد المصنف - رحمه الله - فصلاً في الرد على المعتزلة في دعواهم إن الله لا يغفر لأصحاب الكبائر.
[6] الزمر آية (53) .











رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 00:08   رقم المشاركة : 381
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 شبه الأخ يوغرطة

23- فصل
قال هذا القدري المخالف بكتابه: لو كان الله هو الخالق لما يوجد من العباد من الظلم والجور والكذب لوجب أن يسمى ظالماً وكاذباً وجائراً ويتعالى الله عن ذلك.
والجواب عن ذلك أن يقال: هذا الاستدلال صدر ممن يجهل حد الظلم والظالم في اللغة وذلك أن الظلم في اللغة هو: مجاوزة الحد1، ولهذا قيل في المثل: "من أشبه أباه فما ظلم"2 أي لم يجاوز الحد.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- فيمن زاد على الثلاث في الوضوء: " فقد أساء وظلم "3.
فإذا تقرر هذا فالظالم هو: من حد له حد فجاوزه، وليس فوق الله سبحانه من يحد له الحدود فيجاوزها.
وجواب آخر: وهو أن يقال بالإجماع إن الله قد خلق لهم الاستطاعة4 التي وقع بها منهم الظلم والكذب والجور مع علمه أنهم يظلمون بها فيلزمكم على اعتلاكم5 هذا أن يسمى بذلك ظالماً ومعيناً على الظلم.
وجواب آخر أن يقال: إن كان بخلقه الظلم يسمى ظالماً فينبغي أن يكون بخلقه حركة الاضطرار يسمى متحركاً وبخلقه السقم سقيماً، وإذا لم يلزم ذلك عليهم لم يلزم علينا.

__________
1 انظر: اللسان 4/2756.
2 انظر: كتاب الأمثال للميداني 3/312.
3 أخرجه د. في كتاب الطهارة (ب. الوضوء ثلاثاً) 1/21، جه. كتاب الطهارة وسننها (ب. ما جاء في القصد في الوضوء) 1/146، ن. كتاب الطهارة (ب. الاعتداد في الوضوء) 1/18، حم 2/180، كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: "جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثاً قال: هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم" قال الزيلعي: "قال الشيخ تقي الدين في الإمام: وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لصحة الإسناد إلى عمرو". نصب الراية 1/29.
4 تقدم بيان قول المعتزلة في الاستطاعة وأنها الصحة والسلامة وهي مخلوقة لله.
انظر: ص 214.
5 أي ما ذكرتموه من علة لنفيكم خلق أفعال العباد.
________________________________________________
24- فصل
ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 1 وأخبر سبحانه أنه خلقهم ونفس أعمالهم، كما أخبر أنه يجازيهم على نفس أعمالهم بقوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 2، فانصرف ذلك إلى حركاتهم في العمل وصار التقدير (خلقكم وعملكم) .
فأجاب القدري المخالف وقال: لا حجة لهذا المستدل بهذه الآية، لأن المراد بالآية والله خلقكم والحجارة التي تعملونها أصناماً بدليل قوله تعالى: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} 3 وأراد الأصنام لأنهم عبدوها ولم يعبدوا أعمالهم، هذا نكتة قوله.
ولنا عن ذلك أجوبة أحدها: أن يقال: هذا صرف للكلام عن ظاهره وتبديل، والتصريف يشهد لصحة ما قلنا وذلك أنه يقال: عمل يعمل عملاً فهو عامل، والعين معمول فيها، فالعمل هو المصدر وهو اسم العمل وهو حركته بالعمل أو آثار عمله، فاسم العمل يقع على ذلك حقيقة فمن حمل العمل عليه صرفه إلى الحقيقة، والعين المعمول فيها وهي الأخشاب والأحجار المنحوتة لا تسمى عملاً وإنما تسمى معمولاً بها وتسمى معمولاً بها مجازاً لا حقيقة لأنه لا يعملها حقيقة4.
جواب ثان: أنه يصح نفي العمل عن العين المعمول بها ولا يصح نفي العمل عن حركات العامل ولا عن آثار عمله بأن تقول: ما رأيت بناء زيد ولا نحته، وإنما رأيت الأحجار والأخشاب التي بنى بها ونحتها بعد زوال بنائه ونحته، ويصح أن تقول: رأيت عمل زيد ونحته إذا رآه يتحرك بالبناء والنحت وإن لم ير العين التي بنى بها ولا أثر نحته، ولا يصح أن تقول:

__________
1 الصافات آية (96) .
2 السجدة آية (17) .
3 الصافات آية (95) .
4 مراده هنا بـ (لا يعملها حقيقة) أي لا يخلقها بإيجادها من العدم.
___________________________________
ما رأيت عمله إذا رأى حركته في العمل أو آثار عمله، وإن رأى العين بعد زوال عمله بها.
جواب ثالث: أن المشركين إنما كانوا يعبدون من الأخشاب والأحجار أوثاناً وأصناماً، فالأوثان: ما نحتوه على مثال ما ليس له صورة، والأصنام على مثال ما له صورة1 فقوم إبراهيم عليه السلام إنما عبدوا تلك الأوثان والأصنام لأجل نحتهم وتصويرهم الذي نحتوه وصوروه تعظيماً للنحت والتصوير لا للأعيان2 بدليل أنهم كانوا لا يعبدونها قبل ذلك، ولما كسرها إبراهيم عليه السلام وأزال تصويرها ونحتها بطلت عندهم أن تكون آلهة، فرد الله عليهم ذلك وأخبرهم أن هذا النحت والتصوير الذي عبدوها لأجله لا يقتضي كونها معبوده لأنه الخالق له فقال: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} أي خلقكم وخلق عملكم ويدل هذا التأويل أن الصنعة في الأعيان تدل على حكمة الصانع لها ولهذا قال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} 3 فالمسلمون إنما استدلوا على الله وعلى

__________
1 انظر: النهاية لابن الأثير 5/151، اللسان 4/2511، 6/4765.
وقد ورد فيها غير ما ذكر المصنف وهو أن الوثن: ما كان له جثة من خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد. والصنم: الصورة بلا جثة.
2 عبادة المشركين للأصنام منها ما يكون تعظيماً لمعظم لديهم فينحت الصنم على هيئته ويعبد كما هو الحال في (ود وسواع ويغوث ويعوق زنسراً) ، فقد روى البخاري بسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال فيهم: "أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت" خ. كتاب التفسير، تفسير سورة نوح 6/133.
ومنها ما كانوا ينحتونه لمجرد العبادة فيعبدون الصورة المنحوتة كما ذكر ابن إسحاق أن الناس في الجاهلية اتخذ كل أهل دار صنماً في دارهم يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفراً تمسح به حين يركب وإذا قدم من سفر تمسح به. انظر: البداية والنهاية 2/210.
3 آل عمران آية 190) وسقط من الأصل قوله تعالى: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} .
_________________________________
حكمته وعلمه بآثار صنعته في الأعيان، وكذلك المشركون إنما عبدوا الأصنام لأجل الصنعة فيها.
جواب رابع: وهو أن قول القائل نحت كقوله ضرب وذلك يشتمل على ستة أشياء: على الفاعل، وعلى المصدر وهو الضرب والنحت وهو المفعول حقيقة وإنما فعل الفاعل فعلاً أو قعه فيه فيسمى مفعولاً له مجازاً، والفاعل لها هو الله1، وعلى ظرف الزمان وظرف المكان وهما مفعول فيهما حقيقة2، وعلى الحال وهو مفعول فيه أيضاً حقيقة3 فإذا كان الله هو الخالق للخمسة الأشياء وجب أن يكون خالقاً للسادس وهو المصدر.
جواب خامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " إن الله صانع الخزم وصانع كل صنعة" 4، وهذا نص في موضع الخلاف يؤيد ما ذهبنا إليه من تأويل الآية.

__________
1 قوله هنا "يسمى مجازاً مفعولاً له" من ناحية أن الإنسان ليس خالقاً للمضروب أو المنحوت والفاعل له أي الخالق له حقيقة هو الله.
2 المراد بظرف الزمان أي وقت حدوثه وظرف المكان أي مكان حدوثه وهو الحجر في مثل نحت زيد الحجر، وعلى هذا يكون ظرف الزمان مفعول فيه من ناحية وقوع الفعل فيه وظرف المكان هو الواقع عليه الفعل مفعول فيه بحدوث النحت أو الضرب فيه.
3 مثال ذلك: (ضربت المذنب قائما) فقائماً حال وهو مفعول فيه حيث وقع عليه على تلك الحال.
4 أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد ص 17، وابن أبي عاصم في السنة 1/158، والبيهقي في الأسماء والصفات ص 332، والحاكم في المستدرك 1/31، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/538، كلهم من طريق أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش عن حذيفة مرفوعاً ولفظه عندهم "أن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته" وبعضهم يورده "أن الله خالق …" الحديث. والحديث صححه الحاكم وقال: هو على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: حديث صحيح. فتح الباري 13/498، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/183، وورد ذكر الخزم في كلام حذيفة - رضي الله عنه - موقوفاً أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد بسنده ص 17، وكذلك أبو عبيد القاسم بن سلام كما يذكر المصنف في غريب الحديث 4/127.
والخزم هو شبيه بالخوص وليس بخوص. انظر: غريب الحديث 4/127، وقال في اللسان: شجر له ليف تتخذ من لحائه الحبال. اللسان 2/1153.
_________________________________










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 00:17   رقم المشاركة : 382
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










B11 شبه الأخ يوغرطة-2

29- فصل
ذكر القدري بكتابه في التشنيع على من خالفه فقال: وزعموا أن ما يحدث في العالم من المخازي والفضائح والمعاصي والخبائث والقبائح فالله خالقه ومبتدعه والكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال، بل نهاهم عن شيء أوجده فيهم وعذبهم على أمر حتمه عليهم، كأنهم لم يسمعوا الله يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1.
فأخبر الله تعالى أنه ما بدأ بتغيير حتى بدأواهم فغيروا ما بأنفسهم فبدلوا نعمة الله كفراً، ولو كان الله هو الذي ابتدأهم بخلق الكفر فيهم لكان قد بدأهم بأشد التغيير.
والجواب عن تسميته لأفعال العباد في المعصية قبائح وخبائث ومساوئ أن يقال له: هل سُميت هذه الأفعال بهذه الأسماء لعين الأفعال أو لمعنى غير أعيانها؟
فإن قال: سُميت لأعيانها بهذه الأسماء. قلنا: فيلزمك على هذا أن تسمي هذه الأفعال معاصي وخبائث ومساوئ وقبائح قبل ورود الشرع2 بتحريمها، كما تسمى أجساماً وأعراضاً قبل ورود الشرع، وإذا كانت كذلك استغنى الخلق بعقولهم عن بعث الرسل بتحليل الحلال وتحريم الحرام وهذا نفس اعتقاد القدرية وقد مضى بيانه3.
__________
1 الأنفال آية (53) .
2 المعتزلة يقولون: بأن الحسن والقبح صفة ذاتية في الأفعال والشرع كاشف عن تلك الصفات. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 310، الفتاوى لشيخ الإسلام 8/431.
3 تقدم بيان بأن المعتزلة يزعمون أن معرفة الله وجبت بالعقل ولو لم يبعث الرسل لكان في العقل ما يدل على الله. انظر: ص 152 والمعتزلة يرون أن الأفعال يعرف قبحها وحسنها بالعقل، وأن الرسل يجب بعثهم حتى يبينوا وجه المصلحة والمفسدة في الأفعال، وإن كان قد تقرر في العقل حسنها وقبحها فيأتي الرسل بتفضيل ما تقرر في العقل. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 564.
_______________________________________
وإن قال: بل سميت بهذه الأسماء لمعنى غيرها قلنا: فذلك1 المعنى الذي سماها معاصي وخبائث وقبائح هو الشرع، هذا مذهب أهل التوحيد أن القبيح ما قبحه الشرع، والحسن ما حسنه الشرع2، وإذا كان كذلك بطل
__________
1 في الأصل (فلذلك) وفي - ح - (فذلك) وبها يستقيم الكلام.
2 هذا القول هو قول الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة أن الحسن والقبيح لا يعرف إلا بالشرع، والحق في ذلك أن الحسن والقبيح منه ما يعرف بالعقل وهذا أمر ظاهر والأدلة عليه من القرآن كثيرة منها قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ، فبين القرآن هنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث، فالشارع أبان عن الحل والحرمة أما وصف كونها طيبة أو قبيحة فإنه ثابت في العقل ومنها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} . قال ابن القيم - رحمه الله - عند هذه الآية: "وهذا دليل على أنها فواحش في نفسها لا تستحسنها العقول، فتعلق التحريم بها لفحشها فإن ترتيب الحكم على الوصف المناسب المشتق يدل على أنه هو العلة المقتضية له، فدل على أنه حرمها لكونها فواحش وحرم الخبيث لكونه خبيثاً وأمر بالمعروف لكونه معروفاً، والعلة يجب أن تغاير المعلول فلو كان كونه فاحشة هو معنى كونه منهياً عنه وكونه خبيثاً هو معنى كونه محرما كانت العلة عين المعلول وهذا محال. ومن هذا قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} فعلل النهي بكون المنهي عنه فاحشة ولو كان جهة كونه فاحشة هو النهي لكان تعليلاً للشيء بنفسه ولكان بمنزلة أن يقال لا تقربوا الزنا، لأنه يقول لكم لاتقربوه فإنه منهي عنه". مفتاح دار السعادة 2/7.
قال شيخ الإسلام: "للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: الأول: أن قبحها معلوم بالعقل وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم رسولا، وهو قول المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره.
الثاني: لا قبح ولا حسن ولا شر فيها قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل والحسن ما قيل افعل أو ما أذن في فعله، وهو قول الأشعرية ومن تابعهم من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كالقاضي أبي يعلى وأبي الوليد الباجي والجويني وغيرهم.
الثالث: أن ذلك شر وقبيح قبل مجئ الرسول ولكن العقوبة تستحق بمجئ الرسول وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة" ثم ذكر - رحمه الله - الأدلة على ذلك من القرآن والسنة وانتصر له. انظر: مجموع الفتاوى 1/676-682، وانظر: أيضاً مجموع الفتاوى 8/428/436، اللمع ص 71، المعتمد في أصول الدين ص 106، الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص 228، المواقف في علم الكلام ص 322، لوامع الأنوار البهية 1/286-288.
__________________________________________________ _____
أن تسمى هذه الأفعال في حق الله تعالى قبائح ومعاصي وخبائث ومساوئ وإن كان الخالق لها، وإنما تسمى بذلك في حق من حرم عليه فعلها1، وفي حق الله حسنة في الصنع والتدبير كما أن وجه القرد واسته2 قبيحان في المنظر في حقنا، وهما حسنان في صنع الله وتدبيره وقد قال الله سبحانه: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ} 3 ويدل على صحة هذا
__________
1 تقدم أن العقل له أثر في التقبيح والتحسين وأن التقبيح والتحسين ليس من الشرع فقط، لهذا فهذه الأفعال إنما سميت قبيحة وخبيثة في حق من قامت به أو اتصف بها كما يوصف الإنسان بالجوع والعطش بسبب قيام الجوع والعطش به، والله عزوجل لا يوصف بهذه الفعال وإن كان خالقاً لها لأنها لا تقوم به ولا يتصف بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على الخلق والمخلوق والفعل والمفعول: "وأكثر المعتزلة على أن فعل الرب تعالى لا يكون إلا بمعنى مفعوله مع أنهم يفرقون في العبد بين الفعل والمفعول.
وأما من قال: خلق الرب تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته، قال: إن أفعال العباد مخلوقة كسائر المخلوقات ومفعولة للرب كسائر المفعولات، ولم يقل: إنها نفس فعل الرب وخلقه، بل قال: إنها نفس فعل العبد وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال: الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتصف بها من كانت فعلاً له كما يفعلها العبد وتقوم به ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أنه سبحانه لا يتصف بما خلقه في غيره من الطعوم والألوان والروائح والأشكال والمقادير والحركات وغير ذلك، فإذا كان قد خلق لون الإنسان لم يكن هو المتلون به، وإذا خلق رائحة منتنة أو طعما مراً أو صورة قبيحة ونحو ذلك مما هو مكروه مذموم مستقبح لم يكن هو متصفاً بهذه المخلوقات القبيحة المذمومة المكروهة والأفعال القبيحة، ومعنى قبحها كونها ضارة لفاعلها وسبباً لذمه وعقابه وجالبة لألمه وعذابه وهذا أمر يعود على الفاعل الذي قامت به، ولا على الخالق الذي خلقها فعلاً لغيره، يوضح هذا أن الله تعالى إذا خلق في الإنسان عمى ومرضاً وجوعاً وعطشاً كان العبد هو المريض الجائع العطشان فضرر هذه المخلوقات وما فيها من الأذى والكرهة عاد إليه لا يعود إلى الله تعالى شيء من ذلك، فكذلك ما خلق فيه من كذب وظلم وكفر ونحو ذلك هي أمور ضارة مكروهة مؤذية، وهذا معنى كونها سيئات وقبائح، أي أنها تسوء صاحبها وتضره، وقد تسوء أيضاً غيره وتضره، كما أن مرضه ونتن ريحه قد يسوء غيره ويضره". انتهى بتصرف. مجموع الفتاوى 8/122-124.
2 في - ح - (وأشباهه) .
3 السجدة آية (7) وفي النسختين كتبت الآية هكذا (الذي أحس كل شيء خاقه ثم هدى) وهو خطأ.

___________________________________________
المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الخمر أم الخبائث "1، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "الكلب خبيث خبيث2، ثمنه" 3 فسمى الخمر والكلب خبيثين والله سبحانه خلقهما ويسميان في خلق4 الله وتدبيره حسنين5 وقال الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} 6، وأراد به ما حرم أكله من الميتة والخنزير والدم، ومعلوم أن الله خلق ذلك كله.
ويدل على صحة هذا المعنى أن الله سبحانه أخبر عن النصارى أنهم قالوا: المسيح ابن الله، والله ثالث ثلاثة، وأخبر أن اليهود قالوا7: عزير ابن الله ويد الله مغلولة، وقول الله في ذلك صدق وحق، وقول اليهود والنصارى بذلك كذب باطل.

__________
1 ذكره علي المتقي الهندي في كنز العنمال، ونسبه إلى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر ولم أقف عليه في مجمع الزوائد بهذا اللفظ. انظر: كنز العنمال 5/349، وذكر الهيثمي عن الطبراني في الأوسط نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - مرفوعاً ولفظه "الخمر أم الفواحش" وقال: "فيه شيخ الطبراني سباب بن صالح لم أعرفه". مجمع الزوائد 5/72.
ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً "الخمر أم الفواحش" المعجم الكبير 11/165-203، وفي إسناده رشدين بن سعد وهو ضعيف. انظر: التقريب ص 103، وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية وهو ضعيف أيضاً. انظر: التقريب ص 217.
2 ساقط من - ح -.
3 لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما أخرج الحاكم نحوه بمعناه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً " ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه ".
قال الحاكم: "هذا حديث راوته كلهم ثقات فإن سلم من يوسف بن خالد السمتي فإنه صحيح على شرط البخاري". قال الذهبي في التلخيص: "يوسف واه" المستدرك 1/155. ولبعضه شاهد صحيح وهو ثمن الكلب، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ثمن الكلب خبيث" الحديث. م. كتاب المساقاة (ب. تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن 2/9/119.
4 في - ح - (صنع) .
5 في - ح - (حسنان) .
6 الأعراف آية (147) .
7 في - ح - (وأخبر عن اليهود أنهم قالوا) .

__________________________________________________ ______
وأما الجواب عن قوله: إن الكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال فنقول: هم غير مبرئين عن اكتسابه، بل وقع منهم باختيارهم غير مجبرين عليه، والأمر والنهي والذم ينصرف إلى اكتسابه1 الذي أقدروا عليه، وأما ابتداعه وخلقه فهم يعجزون عما لم يقدرهم الله عليه ولم يرده منهم، كما يعجزون عن خلق أجسامهم وألوانهم، وما وقع من كسبهم بذلك فبإرادة الله وقع ذلك منهم قال الله سبحانه {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} 2.
وأما قوله: نهاهم عن شيء أوجده فيهم، فنقول: نهاهم عما لم يجبرهم على إيجاده فيهم وعما لا يستحيل منهم تركه بتوفيقه لهم، ولكن التوفيق منه لهم بالترك تفضل منه وإنعام غير واجب عليه فعله، وله ترك التفضل والإنعام، ولا يسمى بترك ذلك بخيلاً ولا جائراً، لأن البخيل من ترك فعل ما توجب عليه، والجائر من فعل غير ما أمر به وحد له.
وأما قوله: عذبهم على أمر حتمه عليهم، فنقول له: إن أردت بقولك حتمه عليهم أمرهم به أو3 أوجبه عليهم فلسنا نقول ذلك، وإن أردت بذلك كتبه وقدره عليهم فكذا نقول، ولم نقل إلا كما قال الله سبحانه {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} 4 الآية، ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل منهم لم يكن ظالماً لهم ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة، كما أنه خلق أطفالاً وخلق فيهم آلاما وعاهات، الجذام5، والبرص6، وقطع أو صالهم بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً

__________
1 في - ح- اكتسابهم) .
2 الأنعام آية (107) .
(أمرهم به أو) ساقطة من - ح -.
4 الأعراف آية (179) .
5 الجذام: مرض معد مزمن منه ما يكون على شكل أورام صغيرة على الجسم وخاصة الوجه ومنه ما يكون بقع على سطح الجلد لونها أفتح من لون بشرة المريض وتتميز بفقدانها الإحساس. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ص 616.
6 البرص: مرض يصيب الجلد فيغير لونه إلى البياض. انظر: المعجم الوسيط 1/49.

__________________________________________________ ____________
بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً على أن يعافيهم ويعطيهم المنزلة الرفيعة في الآخرة من غير عذاب منه لهم في الآلام والأسقام والآفات ولكنه محكم بمماليكه وعبيده، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون1.
__________
1 قول المصنف - رحمه الله - "ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل.. الخ" يحتاج إلى توضيح، فإن قوله: "لو خلقهم وعذبهم ابتداءً من غير عمل لم يكن ظالماً ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة" فرض باطل، لأن هذا لا يكون لأنه من الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه في آيات عديدة منها قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} وقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} قال ابن جرير في تفسيره 16/217 فلا يخاف من الله أن يظلمه حسناته فينقصه ثوابها" وأسند هذا التفسير عن ابن عباس وقتادة والحسن وغيرهم وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" أخرجه م. كتاب البر 4/1994 من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وهذا القول عائد إلى معنى الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه فإن للناس فيه ثلاثة أقوال.
القول الأول: قول أكثر أهل السنة أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد نفى الله عزوجل أن يظلم الناس شيئاً أو أنه يضع عليهم سيئات لم يعملوها ولا يبخسهم من حسناتهم شيئاً وأدلتهم في ذلك الآيات المتقدمة.
القول الثاني: قول المعتزلة القدرية أنهم جعلوا كل ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون من الله عزوجل ظلماً وقبيحاً فقاسوا أفعال الله بأفعال خلقه - وهذا باطل فإن الله عزوجل الرب الغني القادر والخلق هم الفقراء المقهورون، كما أن هذا القول أدخلهم في أقوال باطلة كثيرة منها: زعمهم أن الله يجب أن يعمل لعباده الأصلح ولو لم يفعل ووقع من العباد كفر وفسق فعذبهم عليه كان ظالماً لهم، ونحو ذلك مما تقدم بعضه من كلام القدري، مما هو في الحقيقة داخل تحت تفضل الله ورحمته وليس داخلاً تحت الواجب عليه الذي إن أخل به فهو مقصر فيما يجب عليه، وذلك مثل الهداية والتوفيق إلى الخير فإنها من فضل الله ورحمته وله المشيئة التامة في التفضل بها أو منعها، كما أن له الحكمة البالغة في ذلك والحمد أيضاً، ولهذا القدرية لا يحمدون الله على ما أنعم به على العباد، إذ يرون ذلك من الواجب عليه والإخلال به قبيح، كما أنهم يرون أنه من باب العرض المستحق، وأما أهل السنة فإنهم يرون ذلك غير واجب عليه بل هو تفضل وإنعام منه فيحمدونه الحمد كله عليه ويسألونه الفضل والزيادة.
القول الثالث: قول من زعم أن الظلم بالنسبة للخالق هو كل ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت قدرته فليس فعله ظلماً، وقالوا أيضاً: الظلم التصرف في ملك الغير، وهذا القول عزاه شيخ الإسلام وغيره إلى طائفة من مثبتة القدر من المتقدمين والمتأخرين من الجهمية وأهل الكلام وبعض الفقهاء وأهل الحديث، وهذا القول في مقابل قول القدرية الذين جعلوا كل ظلم ما العباد هو ظلم من الله، فقابلهم هؤلاء بأن الظلم ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت القدرة فله أن يفعله ولا يكون ظلماً كتعذيب الصالحين وإثابة العاصين، ونحو ذلك مما توصل به كثير منهم إلى نفي الحكمة ومخالفة صريح القرآن بأن الله لا يساوي بين الفريقين: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} ونحوها من الآيات.
واستدل أصحاب هذا القول بما رواه أبو داود عن ابن الديلمي عن أبي بن كعب وابن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت أنهم قالوا: "إن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم" وقد تقدم تخريجه ص 143.
فظن هؤلاء أن هذا يكون من غير استحقاق منهم للعذاب، والصحيح أن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه لم يكن ظالماً لهم لعظم حقه عليهم، وعدم قيام الخلق بما له جل وعلا عليهم من الحقوق، وعظيم سابق النعمة والفضل الذي لا يستطيعون شكره والقيام بحقه إما عجزاً وجهلاً وإما تفريطاً وإضاعة لحقه أو تقصيراً منهم في شكر المنعم ولو من بعض الوجوه، لهذا قال - صلى الله عليه وسلم-: في حديث أبي هريرة "لن يُنْجي أحداً منكم عمله"، قال رجل: ولا إياك يا رسول الله؟ قال: "إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ولكن سددوا" أخرجه خ. الرقاق، كتاب صفات المنافقين 4/2169. فدل على أنه لو عذبهم لكان ذلك عن استحقاق، لأن عملهم لا ينجيهم من النار كما في بعض روايات الحديث عند مسلم عن جابر "لا يُدْخلُ أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله"، فلا يسع الخلق إلا رحمة الله عزوجل وتفضله ونعمته.
والمصنف العمراني - رحمه الله - يوافق أصحاب القول الثالث وقياسه هذا القول على ما يصيب الله عزوجل به الأطفال من العاهات والأمراض من غير عمل منهم ولا ذنب، قياس مع الفارق، لأن هذا يتعلق بحالهم في الدنيا، والدنيا دار ابتلاء وامتحان فيبتلي الله عزوجل هؤلاء الأطفال امتحاناً لذويهم وأهلهم، وقد يكون في بعضه عقوبة لأهليهم، كما أن في هذه الأسقام والأمراض إنفاذاً لمشيئة الله في وقوع الآجال بالموت بهذه العلل، كما أن كثيراً من هذه الأمراض له أسباب معروفة وفي كثير من الأحيان يكون سببها فعل بني آدم أنفسهم كتناول طعام مضر أو الإهمال ونحو ذلك.
وقول المصنف: "ولكنه محكم في مماليكه وعبيده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"، علة قوله السابق، "وقوله محكم في مماليكه. الخ" قول حق، إلا أن المصنف وأصحاب القول الثالث لا يثبتون له الحكمة التامة في أفعاله كلها بناءً على هذا القول، أما كثير من أهل السنة فمع إثبات هذا يثبتون له جل وعلا الحكمة البالغة في كل فعل فهو لا يفعل جل وعلا ما يخالف الحكمة والعدل علمه من علمه وجهله من جهله، وكل أمر نص الله عزوجل على أنه لا يفعله لا يعنى ذلك أنه غير قادر عليه، بل له جل وعلا القدرة المطلقة وإنما لا يفعله لأنه ينافي الحكمة والعدل، والله أعلم. انظر: الفتاوى 8/505، جامع العلوم والحكم ص 211، شرح العقيدة الطحاوية ص 507-511.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 00:23   رقم المشاركة : 383
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار
تأليف: يحي بن أبي الخير العمراني
تحقيق: سعود بن عبد العزيز الخلف
أنا أنقل من الشاملة

https://www.waqfeya.com/book.php?bid=1951









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 12:36   رقم المشاركة : 384
معلومات العضو
العنبلي الأصيل
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
أقوال يوغرطة تحتوي على كثير من الصواب، وأنا أوافقه فيه، اللهم عدا بعض الأمور البسيطة وأنا أحترم فكره ورأيه فيها.
إن كان إنكاره أن الله هو من قدر الزلازل والفيضانات والكوارث أمرا بسيطا فالله المستعان.
إن كان طعنه في الصحيحين وفي أئمة الحديث واستهزاؤه بعلماء الفقه والعقيدة والتفسير أمرا بسيطا . فاللهَ نسأل العافية.
اقتباس:
لم يقل يوغرطة بأن المعاقين ليست مخلوقات لله، وبهذا ليس لهم حق الطاعة والعبادة، بل قال:
بل قال أن المعاقين ليسوا من خلق الله ، أو لأكون أمينا في النقل قال " الله لم يخلق المعاقين" وفي حال لم تنتبه عد إلى ما سبق لتتيقن.
فكيف تريدني أن أعبد من لم يخلقني لو أني كنت معاقا مثلا .
اقتباس:
وأنا أقول بأن سؤالك لأخي يوغرطة من الذي يخلق المعوقين سؤال خاطئ، لأنك قد حددت الإجابة سلفا باستعمالك من بدل ما، فسؤالك غير بريء.
لماذا فرقتَ بين "ما" و" من" وصاحبك أكد أن لا فرق بينهما!!! ثم...هلا أجبتَ على سؤالي : من يخلق المعاقين ؟ وأريده صراحة : هل هو الله ؟ أم ليس الله ؟ فقط هذا ما أريد.
اقتباس:
وأما مثالك غير البريء أيضا بخصوص ضرب زيزو ليوغرطة، واعتمادا على معرفتي الجيدة بيوغرطة فإنه لن تكون إجابته ضربتني العصا، بل سيقول ضربني التطرف والاستبداد الديني.
في حال لم تلاحظ فأنا ضربت المثال بعد دخولي في مسألة اللغة العربية والفرق بين "ما" و "من" ومثالي كان لغويا لا شرعيا!!! ولله الحمد فليست العصا هي التي ضربته فكيف يريد ان يصدق أن الطفرة الوراثية هي التي أنشأت المعاق وليس الله الذي قدر وشاء ان تكون تلك الطفرة . " وكل شيء عنده بمقدار ".
أو ليس الله هو من قدّر له أن يكون نتيجةً لطفرةٍ ما .










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 12:43   رقم المشاركة : 385
معلومات العضو
العنبلي الأصيل
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لينة نور مشاهدة المشاركة
السلام عليكم

يبدو ان هناك خطا ما !

لا أظن أن الاخ يوغرطا يقصد أن الله لم يخلق المعوقين من حيث أنهم بشر ملزمون بطاعته .

بل يقصد العاهة التي المت بهم ومسبباتها .أي أن الله بالطبيعة يخلق الانسان في أحسن تقويم لكن هناك مسببات من

افتعال البشر هي التي تتدخل وتقوم بتغير ذلك الخلق وقد اعطى امثلة على ذلك .
نحن لم نتكلم عن الأسباب بل نتكلم عن الخلق ،فيوغرطة قال أن الله لا يخلق إلا ما هو تام ولأن كل معاق هو شخص غير "متقن الخلق" فلا يمكن -إذ ذاك- أن يكون من خلق الله . أما مسالة العبادة فأنا الذي أسأله إن كان المعاق ليس من خلق الله فلماذا يُلزم بعبادته ؟

ان الله خلق لنا العلم لنرتقي ....كم من الارواح ضاعت في مستشفياتنا بسبب الجهل وقلة العلم والمادة

ونحن المسلمون مطالبون باحياء الارواح لا قبرها وكم من الارواح انقذت عند غير المسلمين بسبب التقدم الطبي

كم امراة حامل تموة وجنينها في بطنها في بلادنا وكم امرة تستعد للذهاب الى الولادة وهي مستبشرة حيث الرقي

الطبي .الفرق هو العلم و احترام النفس البشرية وعدم الاتكال ......عدم الاتكال, وعند وقوع المحذور نخذر الانفس

بالكذب على الله وأنه القدر الى متى نهرب من الحقيقة .

اعطيك مثالا على الابكم لقد توصل الطب ان الجنين في بطن امه اذا ما ركبت الطائرة في مدة معينة يفقد السمع

فيولد الطفل اصم وبالتالي سوف يكون ابكم .

ترى هل خلقه الله ابكما؟ أم أن أمه ركبت الطائرة أو جلست عند مكبرات الصوت في الاعراس أو انها كانت تعمل حيث

الظجيج .....مما أدى لضعف السمع عنده ...أو ...حتي الصراخ بصوت مرتفع قرب الام أو من الام ذاتها يمكنه ان يفقد

الجنين سمعه .

وفي فرنسا مثلا لقد بدا منذ حوالي خمس سنوات اخظاع الطفل لفحص طبي لاذنيه ساعة الولادة وهذا الذي نريد مثله

وهذا الذي أرى أن الاخ يوغرطا يدعو اليه .

وعن مثال الايدز الذي استشهد بهالاخ يعني الامر راجع الى الذنوب فهذه حقيقة

نعم الكثير من الكوارث سببها الذنوب البشرية ...التجارب النووية في صحرائنا الا تتحسسون عن نتائجها ؟

وما قصة السرطان المنتشرة في وسط شبابنا ؟

ملاحظة :

أخي العنبلي الاصيل : لقد كرهت منك تغير اسم اخيك من يوغرطة الى يوغلطة

هل يعتبر هذا اثما .؟..لا تنسو أن هناك عرب غير مسلمين يجيدون لغتنا وأفظل منا أحيانا

يقرؤون لنا فلنحسن تعاملنا مع بعض ولنكن قدوة لغيرنا و في النهاية نحن نبحث عن الحق .

ولا يهم من قائله .المهم أن نرى الحق حقا والباطل باطلا .

والسلام عليكم
كما انك تذكرين نفيه ان تكون الزلازل والفيضانات من أمر الله .بل قال انها أمور تحدثها "الطبيعة" !!! وليس لله فيها إرادة أو مشيئة .
كما لا تنسي استهزاءه بالسلف الأُوُل من مفسرين ومحدثين وأئمة ، والله المستعان.









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 13:14   رقم المشاركة : 386
معلومات العضو
لينة نور
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
نحن لم نتكلم عن الأسباب بل نتكلم عن الخلق ،فيوغرطة قال أن الله لا يخلق إلا ما هو تام ولأن كل معاق هو شخص غير "متقن الخلق" فلا يمكن -إذ ذاك- أن يكون من خلق الله . أما مسالة العبادة فأنا الذي أسأله إن كان المعاق ليس من خلق الله فلماذا يُلزم بعبادته ؟


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العنبلي الأصيل مشاهدة المشاركة
كما انك تذكرين نفيه ان تكون الزلازل والفيضانات من أمر الله .بل قال انها أمور تحدثها "الطبيعة" !!! وليس لله فيها إرادة أو مشيئة .
كما لا تنسي استهزاءه بالسلف الأُوُل من مفسرين ومحدثين وأئمة ، والله المستعان.
السلام عليكم

اذا سوف ننتظر عودت الاخ يوغرطة لنرى ما يقول اذا كان يقصد ما وضحت أخي .

اضافة الى ماذكرت عن عبادة المعوقين لله قضية [ الروح ]

الكل يعلم ان الروح امر غيبي لا جدال فه .

قال تعالى :

[ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ]

اذا كيف لمعوق فيه روح ولم يخلقه الخالق ؟ أم وضع الله روحا في قالب من غير صنعه !

لا اله الا الله أكيد أن الله خلق الموعق والكلام يدور حول السبب ,اللهم أن هناك أمور أجهلها

تعلمونها أو أنني لم أفهم .

لم أتجاهل أمر الزلازل وما جاء في ردك الاخير أخي.........[ للتوضيح ] .









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 14:07   رقم المشاركة : 387
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
jugurtha
حتى السلفية ينسبون الشر لله تعالى بسبب عقيدتهم في القضاء


والقدر فيقولون أن الله هو من يخلق المعوقين والمرضى

ومن يحدث الزلازل والكوارث و هو من يرسل التسونامي على

اليابانيين لأنهم كفار ملحدين وأن الله هو من إبتلى أهل الصومال

بالمجاعة والأوبئة وأن الله هو قدر للحربين العالميتين التي أهلكت

الحرث والنسل عقابا للكفار و أن الله هو الذي صنع هذه الأنظمة

العربية الطاغية لأن المسلمين مقصرين بل وصل ببعض مشايخهم

ليقول أن تسلط الكفار على المسلمين كحرب العراق هو من تقدير

الله ليبتليهم ولو إتبعنا منطق القوم هذا لاعتبرنا أن الله هو الذي قدر

لدخول فرنسا للجزائر وقيامها بمجازرها تعال الله عن قولهم علوا

عظيما

كلام خطيرا جدا وهذا معتقد الفرقة القدرية إما كلام ينم عن جهل أو مقصود زهنا صاحبه نتمنى ان يتوب الى ربه..









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 14:50   رقم المشاركة : 388
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zizou_setif مشاهدة المشاركة
29- فصل
ذكر القدري بكتابه في التشنيع على من خالفه فقال: وزعموا أن ما يحدث في العالم من المخازي والفضائح والمعاصي والخبائث والقبائح فالله خالقه ومبتدعه والكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال، بل نهاهم عن شيء أوجده فيهم وعذبهم على أمر حتمه عليهم، كأنهم لم يسمعوا الله يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1.
فأخبر الله تعالى أنه ما بدأ بتغيير حتى بدأواهم فغيروا ما بأنفسهم فبدلوا نعمة الله كفراً، ولو كان الله هو الذي ابتدأهم بخلق الكفر فيهم لكان قد بدأهم بأشد التغيير.
والجواب عن تسميته لأفعال العباد في المعصية قبائح وخبائث ومساوئ أن يقال له: هل سُميت هذه الأفعال بهذه الأسماء لعين الأفعال أو لمعنى غير أعيانها؟
فإن قال: سُميت لأعيانها بهذه الأسماء. قلنا: فيلزمك على هذا أن تسمي هذه الأفعال معاصي وخبائث ومساوئ وقبائح قبل ورود الشرع2 بتحريمها، كما تسمى أجساماً وأعراضاً قبل ورود الشرع، وإذا كانت كذلك استغنى الخلق بعقولهم عن بعث الرسل بتحليل الحلال وتحريم الحرام وهذا نفس اعتقاد القدرية وقد مضى بيانه3.
__________
1 الأنفال آية (53) .
2 المعتزلة يقولون: بأن الحسن والقبح صفة ذاتية في الأفعال والشرع كاشف عن تلك الصفات. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 310، الفتاوى لشيخ الإسلام 8/431.
3 تقدم بيان بأن المعتزلة يزعمون أن معرفة الله وجبت بالعقل ولو لم يبعث الرسل لكان في العقل ما يدل على الله. انظر: ص 152 والمعتزلة يرون أن الأفعال يعرف قبحها وحسنها بالعقل، وأن الرسل يجب بعثهم حتى يبينوا وجه المصلحة والمفسدة في الأفعال، وإن كان قد تقرر في العقل حسنها وقبحها فيأتي الرسل بتفضيل ما تقرر في العقل. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 564.
_______________________________________
وإن قال: بل سميت بهذه الأسماء لمعنى غيرها قلنا: فذلك1 المعنى الذي سماها معاصي وخبائث وقبائح هو الشرع، هذا مذهب أهل التوحيد أن القبيح ما قبحه الشرع، والحسن ما حسنه الشرع2، وإذا كان كذلك بطل
__________
1 في الأصل (فلذلك) وفي - ح - (فذلك) وبها يستقيم الكلام.
2 هذا القول هو قول الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة أن الحسن والقبيح لا يعرف إلا بالشرع، والحق في ذلك أن الحسن والقبيح منه ما يعرف بالعقل وهذا أمر ظاهر والأدلة عليه من القرآن كثيرة منها قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ، فبين القرآن هنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث، فالشارع أبان عن الحل والحرمة أما وصف كونها طيبة أو قبيحة فإنه ثابت في العقل ومنها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} . قال ابن القيم - رحمه الله - عند هذه الآية: "وهذا دليل على أنها فواحش في نفسها لا تستحسنها العقول، فتعلق التحريم بها لفحشها فإن ترتيب الحكم على الوصف المناسب المشتق يدل على أنه هو العلة المقتضية له، فدل على أنه حرمها لكونها فواحش وحرم الخبيث لكونه خبيثاً وأمر بالمعروف لكونه معروفاً، والعلة يجب أن تغاير المعلول فلو كان كونه فاحشة هو معنى كونه منهياً عنه وكونه خبيثاً هو معنى كونه محرما كانت العلة عين المعلول وهذا محال. ومن هذا قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} فعلل النهي بكون المنهي عنه فاحشة ولو كان جهة كونه فاحشة هو النهي لكان تعليلاً للشيء بنفسه ولكان بمنزلة أن يقال لا تقربوا الزنا، لأنه يقول لكم لاتقربوه فإنه منهي عنه". مفتاح دار السعادة 2/7.
قال شيخ الإسلام: "للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: الأول: أن قبحها معلوم بالعقل وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم رسولا، وهو قول المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره.
الثاني: لا قبح ولا حسن ولا شر فيها قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل والحسن ما قيل افعل أو ما أذن في فعله، وهو قول الأشعرية ومن تابعهم من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كالقاضي أبي يعلى وأبي الوليد الباجي والجويني وغيرهم.
الثالث: أن ذلك شر وقبيح قبل مجئ الرسول ولكن العقوبة تستحق بمجئ الرسول وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة" ثم ذكر - رحمه الله - الأدلة على ذلك من القرآن والسنة وانتصر له. انظر: مجموع الفتاوى 1/676-682، وانظر: أيضاً مجموع الفتاوى 8/428/436، اللمع ص 71، المعتمد في أصول الدين ص 106، الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص 228، المواقف في علم الكلام ص 322، لوامع الأنوار البهية 1/286-288.
__________________________________________________ _____
أن تسمى هذه الأفعال في حق الله تعالى قبائح ومعاصي وخبائث ومساوئ وإن كان الخالق لها، وإنما تسمى بذلك في حق من حرم عليه فعلها1، وفي حق الله حسنة في الصنع والتدبير كما أن وجه القرد واسته2 قبيحان في المنظر في حقنا، وهما حسنان في صنع الله وتدبيره وقد قال الله سبحانه: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ} 3 ويدل على صحة هذا
__________
1 تقدم أن العقل له أثر في التقبيح والتحسين وأن التقبيح والتحسين ليس من الشرع فقط، لهذا فهذه الأفعال إنما سميت قبيحة وخبيثة في حق من قامت به أو اتصف بها كما يوصف الإنسان بالجوع والعطش بسبب قيام الجوع والعطش به، والله عزوجل لا يوصف بهذه الفعال وإن كان خالقاً لها لأنها لا تقوم به ولا يتصف بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على الخلق والمخلوق والفعل والمفعول: "وأكثر المعتزلة على أن فعل الرب تعالى لا يكون إلا بمعنى مفعوله مع أنهم يفرقون في العبد بين الفعل والمفعول.
وأما من قال: خلق الرب تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته، قال: إن أفعال العباد مخلوقة كسائر المخلوقات ومفعولة للرب كسائر المفعولات، ولم يقل: إنها نفس فعل الرب وخلقه، بل قال: إنها نفس فعل العبد وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال: الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتصف بها من كانت فعلاً له كما يفعلها العبد وتقوم به ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أنه سبحانه لا يتصف بما خلقه في غيره من الطعوم والألوان والروائح والأشكال والمقادير والحركات وغير ذلك، فإذا كان قد خلق لون الإنسان لم يكن هو المتلون به، وإذا خلق رائحة منتنة أو طعما مراً أو صورة قبيحة ونحو ذلك مما هو مكروه مذموم مستقبح لم يكن هو متصفاً بهذه المخلوقات القبيحة المذمومة المكروهة والأفعال القبيحة، ومعنى قبحها كونها ضارة لفاعلها وسبباً لذمه وعقابه وجالبة لألمه وعذابه وهذا أمر يعود على الفاعل الذي قامت به، ولا على الخالق الذي خلقها فعلاً لغيره، يوضح هذا أن الله تعالى إذا خلق في الإنسان عمى ومرضاً وجوعاً وعطشاً كان العبد هو المريض الجائع العطشان فضرر هذه المخلوقات وما فيها من الأذى والكرهة عاد إليه لا يعود إلى الله تعالى شيء من ذلك، فكذلك ما خلق فيه من كذب وظلم وكفر ونحو ذلك هي أمور ضارة مكروهة مؤذية، وهذا معنى كونها سيئات وقبائح، أي أنها تسوء صاحبها وتضره، وقد تسوء أيضاً غيره وتضره، كما أن مرضه ونتن ريحه قد يسوء غيره ويضره". انتهى بتصرف. مجموع الفتاوى 8/122-124.
2 في - ح - (وأشباهه) .
3 السجدة آية (7) وفي النسختين كتبت الآية هكذا (الذي أحس كل شيء خاقه ثم هدى) وهو خطأ.

___________________________________________
المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الخمر أم الخبائث "1، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "الكلب خبيث خبيث2، ثمنه" 3 فسمى الخمر والكلب خبيثين والله سبحانه خلقهما ويسميان في خلق4 الله وتدبيره حسنين5 وقال الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} 6، وأراد به ما حرم أكله من الميتة والخنزير والدم، ومعلوم أن الله خلق ذلك كله.
ويدل على صحة هذا المعنى أن الله سبحانه أخبر عن النصارى أنهم قالوا: المسيح ابن الله، والله ثالث ثلاثة، وأخبر أن اليهود قالوا7: عزير ابن الله ويد الله مغلولة، وقول الله في ذلك صدق وحق، وقول اليهود والنصارى بذلك كذب باطل.

__________
1 ذكره علي المتقي الهندي في كنز العنمال، ونسبه إلى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر ولم أقف عليه في مجمع الزوائد بهذا اللفظ. انظر: كنز العنمال 5/349، وذكر الهيثمي عن الطبراني في الأوسط نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - مرفوعاً ولفظه "الخمر أم الفواحش" وقال: "فيه شيخ الطبراني سباب بن صالح لم أعرفه". مجمع الزوائد 5/72.
ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً "الخمر أم الفواحش" المعجم الكبير 11/165-203، وفي إسناده رشدين بن سعد وهو ضعيف. انظر: التقريب ص 103، وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية وهو ضعيف أيضاً. انظر: التقريب ص 217.
2 ساقط من - ح -.
3 لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما أخرج الحاكم نحوه بمعناه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً " ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه ".
قال الحاكم: "هذا حديث راوته كلهم ثقات فإن سلم من يوسف بن خالد السمتي فإنه صحيح على شرط البخاري". قال الذهبي في التلخيص: "يوسف واه" المستدرك 1/155. ولبعضه شاهد صحيح وهو ثمن الكلب، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ثمن الكلب خبيث" الحديث. م. كتاب المساقاة (ب. تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن 2/9/119.
4 في - ح - (صنع) .
5 في - ح - (حسنان) .
6 الأعراف آية (147) .
7 في - ح - (وأخبر عن اليهود أنهم قالوا) .

__________________________________________________ ______
وأما الجواب عن قوله: إن الكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال فنقول: هم غير مبرئين عن اكتسابه، بل وقع منهم باختيارهم غير مجبرين عليه، والأمر والنهي والذم ينصرف إلى اكتسابه1 الذي أقدروا عليه، وأما ابتداعه وخلقه فهم يعجزون عما لم يقدرهم الله عليه ولم يرده منهم، كما يعجزون عن خلق أجسامهم وألوانهم، وما وقع من كسبهم بذلك فبإرادة الله وقع ذلك منهم قال الله سبحانه {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} 2.
وأما قوله: نهاهم عن شيء أوجده فيهم، فنقول: نهاهم عما لم يجبرهم على إيجاده فيهم وعما لا يستحيل منهم تركه بتوفيقه لهم، ولكن التوفيق منه لهم بالترك تفضل منه وإنعام غير واجب عليه فعله، وله ترك التفضل والإنعام، ولا يسمى بترك ذلك بخيلاً ولا جائراً، لأن البخيل من ترك فعل ما توجب عليه، والجائر من فعل غير ما أمر به وحد له.
وأما قوله: عذبهم على أمر حتمه عليهم، فنقول له: إن أردت بقولك حتمه عليهم أمرهم به أو3 أوجبه عليهم فلسنا نقول ذلك، وإن أردت بذلك كتبه وقدره عليهم فكذا نقول، ولم نقل إلا كما قال الله سبحانه {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} 4 الآية، ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل منهم لم يكن ظالماً لهم ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة، كما أنه خلق أطفالاً وخلق فيهم آلاما وعاهات، الجذام5، والبرص6، وقطع أو صالهم بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً

__________
1 في - ح- اكتسابهم) .
2 الأنعام آية (107) .
(أمرهم به أو) ساقطة من - ح -.
4 الأعراف آية (179) .
5 الجذام: مرض معد مزمن منه ما يكون على شكل أورام صغيرة على الجسم وخاصة الوجه ومنه ما يكون بقع على سطح الجلد لونها أفتح من لون بشرة المريض وتتميز بفقدانها الإحساس. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ص 616.
6 البرص: مرض يصيب الجلد فيغير لونه إلى البياض. انظر: المعجم الوسيط 1/49.

__________________________________________________ ____________
بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً على أن يعافيهم ويعطيهم المنزلة الرفيعة في الآخرة من غير عذاب منه لهم في الآلام والأسقام والآفات ولكنه محكم بمماليكه وعبيده، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون1.
__________
1 قول المصنف - رحمه الله - "ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل.. الخ" يحتاج إلى توضيح، فإن قوله: "لو خلقهم وعذبهم ابتداءً من غير عمل لم يكن ظالماً ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة" فرض باطل، لأن هذا لا يكون لأنه من الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه في آيات عديدة منها قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} وقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} قال ابن جرير في تفسيره 16/217 فلا يخاف من الله أن يظلمه حسناته فينقصه ثوابها" وأسند هذا التفسير عن ابن عباس وقتادة والحسن وغيرهم وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" أخرجه م. كتاب البر 4/1994 من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وهذا القول عائد إلى معنى الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه فإن للناس فيه ثلاثة أقوال.
القول الأول: قول أكثر أهل السنة أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد نفى الله عزوجل أن يظلم الناس شيئاً أو أنه يضع عليهم سيئات لم يعملوها ولا يبخسهم من حسناتهم شيئاً وأدلتهم في ذلك الآيات المتقدمة.
القول الثاني: قول المعتزلة القدرية أنهم جعلوا كل ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون من الله عزوجل ظلماً وقبيحاً فقاسوا أفعال الله بأفعال خلقه - وهذا باطل فإن الله عزوجل الرب الغني القادر والخلق هم الفقراء المقهورون، كما أن هذا القول أدخلهم في أقوال باطلة كثيرة منها: زعمهم أن الله يجب أن يعمل لعباده الأصلح ولو لم يفعل ووقع من العباد كفر وفسق فعذبهم عليه كان ظالماً لهم، ونحو ذلك مما تقدم بعضه من كلام القدري، مما هو في الحقيقة داخل تحت تفضل الله ورحمته وليس داخلاً تحت الواجب عليه الذي إن أخل به فهو مقصر فيما يجب عليه، وذلك مثل الهداية والتوفيق إلى الخير فإنها من فضل الله ورحمته وله المشيئة التامة في التفضل بها أو منعها، كما أن له الحكمة البالغة في ذلك والحمد أيضاً، ولهذا القدرية لا يحمدون الله على ما أنعم به على العباد، إذ يرون ذلك من الواجب عليه والإخلال به قبيح، كما أنهم يرون أنه من باب العرض المستحق، وأما أهل السنة فإنهم يرون ذلك غير واجب عليه بل هو تفضل وإنعام منه فيحمدونه الحمد كله عليه ويسألونه الفضل والزيادة.
القول الثالث: قول من زعم أن الظلم بالنسبة للخالق هو كل ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت قدرته فليس فعله ظلماً، وقالوا أيضاً: الظلم التصرف في ملك الغير، وهذا القول عزاه شيخ الإسلام وغيره إلى طائفة من مثبتة القدر من المتقدمين والمتأخرين من الجهمية وأهل الكلام وبعض الفقهاء وأهل الحديث، وهذا القول في مقابل قول القدرية الذين جعلوا كل ظلم ما العباد هو ظلم من الله، فقابلهم هؤلاء بأن الظلم ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت القدرة فله أن يفعله ولا يكون ظلماً كتعذيب الصالحين وإثابة العاصين، ونحو ذلك مما توصل به كثير منهم إلى نفي الحكمة ومخالفة صريح القرآن بأن الله لا يساوي بين الفريقين: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} ونحوها من الآيات.
واستدل أصحاب هذا القول بما رواه أبو داود عن ابن الديلمي عن أبي بن كعب وابن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت أنهم قالوا: "إن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم" وقد تقدم تخريجه ص 143.
فظن هؤلاء أن هذا يكون من غير استحقاق منهم للعذاب، والصحيح أن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه لم يكن ظالماً لهم لعظم حقه عليهم، وعدم قيام الخلق بما له جل وعلا عليهم من الحقوق، وعظيم سابق النعمة والفضل الذي لا يستطيعون شكره والقيام بحقه إما عجزاً وجهلاً وإما تفريطاً وإضاعة لحقه أو تقصيراً منهم في شكر المنعم ولو من بعض الوجوه، لهذا قال - صلى الله عليه وسلم-: في حديث أبي هريرة "لن يُنْجي أحداً منكم عمله"، قال رجل: ولا إياك يا رسول الله؟ قال: "إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ولكن سددوا" أخرجه خ. الرقاق، كتاب صفات المنافقين 4/2169. فدل على أنه لو عذبهم لكان ذلك عن استحقاق، لأن عملهم لا ينجيهم من النار كما في بعض روايات الحديث عند مسلم عن جابر "لا يُدْخلُ أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله"، فلا يسع الخلق إلا رحمة الله عزوجل وتفضله ونعمته.
والمصنف العمراني - رحمه الله - يوافق أصحاب القول الثالث وقياسه هذا القول على ما يصيب الله عزوجل به الأطفال من العاهات والأمراض من غير عمل منهم ولا ذنب، قياس مع الفارق، لأن هذا يتعلق بحالهم في الدنيا، والدنيا دار ابتلاء وامتحان فيبتلي الله عزوجل هؤلاء الأطفال امتحاناً لذويهم وأهلهم، وقد يكون في بعضه عقوبة لأهليهم، كما أن في هذه الأسقام والأمراض إنفاذاً لمشيئة الله في وقوع الآجال بالموت بهذه العلل، كما أن كثيراً من هذه الأمراض له أسباب معروفة وفي كثير من الأحيان يكون سببها فعل بني آدم أنفسهم كتناول طعام مضر أو الإهمال ونحو ذلك.
وقول المصنف: "ولكنه محكم في مماليكه وعبيده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"، علة قوله السابق، "وقوله محكم في مماليكه. الخ" قول حق، إلا أن المصنف وأصحاب القول الثالث لا يثبتون له الحكمة التامة في أفعاله كلها بناءً على هذا القول، أما كثير من أهل السنة فمع إثبات هذا يثبتون له جل وعلا الحكمة البالغة في كل فعل فهو لا يفعل جل وعلا ما يخالف الحكمة والعدل علمه من علمه وجهله من جهله، وكل أمر نص الله عزوجل على أنه لا يفعله لا يعنى ذلك أنه غير قادر عليه، بل له جل وعلا القدرة المطلقة وإنما لا يفعله لأنه ينافي الحكمة والعدل، والله أعلم. انظر: الفتاوى 8/505، جامع العلوم والحكم ص 211، شرح العقيدة الطحاوية ص 507-511.

لما هذا الكلام الكثير
أختي لينه لا تتخذي يوغرطة سلفا لك
والله ما نقلته حرفيا يكفي و فظلت ذكر كلام أهل العلم على ذكر كلامي لكي يلقى بفظل من الله ورحمته قبولا عند من وقع في هذه الشبهة والله يعلم كم سيفرحني جدا رجوع من وقع في هذه الشبهة الخطيرة









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 16:14   رقم المشاركة : 389
معلومات العضو
لينة نور
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zizou_setif مشاهدة المشاركة
لما هذا الكلام الكثير
أختي لينه لا تتخذي يوغرطة سلفا لك
والله ما نقلته حرفيا يكفي و فظلت ذكر كلام أهل العلم على ذكر كلامي لكي يلقى بفظل من الله ورحمته قبولا عند من وقع في هذه الشبهة والله يعلم كم سيفرحني جدا رجوع من وقع في هذه الشبهة الخطيرة
السلام عليكم

شكرا أخي وهذا من طيب أخلاقك معي ودليل سلامة نيتك في ما تعتقد .


[ بهدوء ] اولا أنا لا أتخذ الاخ يوغرطة سلفا لي بل بالفعل أنا اؤمن بما يقول وليس عنادا أو تعصبا

أو مجرد انكار كلام فرقة والانتصار لنفسي أو لاي كان .

لا يا أخي أعيدها فعلا هذا الذي أعتقده وسبق وقلت أني أتعلم كاي انسان يريد أن يعرف الحقيقة

الحقيقة التي ترضي الله . الحقيقة التي تجعلني أواجه غير المسلم فلا يجد لي فيها شائبة .

الحقيقة التي تجعلني أربي أطفلاي على رفع الهامة على الكلام المعتدل الغير قابل للتؤويل .

والكلام الكثير هو الذي يقودنا للتعلم اولسنا بالامس القريب لم نكن نعرف الفرق بين الالف والباء ولا خطهما .

فكيف توصلنا الى نسج الجمل !

وقد قلت أنك فظلت كلام أهل العلم على كلامك وهذا ان دل فقد يدل على أن كلامهم هو نفسه كلامك

لانه لو لم يوافق معتقدك لما قبلته اليس كذلك ؟

هو معتقدك حسب حوصلتك العلمية التي تدخلت فيها تاثيرات من محيطك وربما في جيناتك عن ما

ورثته من أبويك وأجدادك .

ومثلك نحن تماما ,فلا تتعجب أخي ان كان هناك مخالفين ,ان كانو على خطا ورايت ذلك فاعذرهم الى أن يعودو

وعليك أن تسال نفسك هل أنت فعلا على حق ؟ أنت أنت ....

هل أنت على حق ....لا اتكلم بالعموم فنحن مسلمين ربنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد

أتكلم عن مثل هذه القضية .[ انا في انتضار الاخ يوغرطة كي يوظح قصده ]

لقد تعلمت في هذا المنتدى أن أستمع للجميع وأن أنظر اليهم وهم أمامي وليس من فوق برج

نتبادل الافكار ونحلل سويا ونحتظن الحقيقة في اخر المطاف . تعلمت ذلك سوء كنت مشاركة أو

متتبعة لمواضيع الاخوة .

شكرا على ما نقلت ,حقيقتا لم أقرا منه حرفا والسبب لا أستطيع القراءة على الكمبيوتر بهذا الخط من أجل ذلك

تجدني أفرق بين الاسطر في كتابتي .

لكن سوف أطبع كل ما نقلت ان شاء الله وأقراه في أقرب فرصة .

أعتذر ان وجدت كلامي كثيرا هذه المرة فخذه من باب كم استهلك من زمن ومن تعب في خطه

فسوف تعلم أن هناك من شاركك في التفكير وتشغيل العقل .

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .









رد مع اقتباس
قديم 2012-09-14, 20:16   رقم المشاركة : 390
معلومات العضو
أخ كريم
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية أخ كريم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخي العنبلي الأصيل:

اقتباس:
إن كان إنكاره أن الله هو من قدر الزلازل والفيضانات والكوارث أمرا بسيطا فالله المستعان.
إن كان طعنه في الصحيحين وفي أئمة الحديث واستهزاؤه بعلماء الفقه والعقيدة والتفسير أمرا بسيطا . فاللهَ نسأل العافية.
أنا لا أشك أبدا في أن يوغرطة مسلم والحمد لله، وهو يعتقد أن الله خالق كل شيء.
ولكنه يرفض نسبة الشر إلى الله عز وجل، بل يعتقد بأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكذلك الطبيعة. ومع ذلك فقد حذرنا من عدة أمور لأنها قد تؤدي إلى إخلال بالتوازن البيولوجي والإيكولوجي، وإذا عصيناه فلا محالة سيؤدي ذلك إلى أمور غريبة منها الزلازل والإعاقات والأمراض والفتن جميعها.
هي كلها أمور تجعلنا نفهم معنى أحسن تقويم بأحسن تفكير، ونشكر الله على نعمه الكثيرة فلولا وجود الشر لما عرفنا معنا الخير.

أما الصحيحان فلم يطعن فيهما ولكنه فقط يرفض فكرة أن كل ما في الصحيح صحيح.
والاستهزاء بعلماء الفقه والعقيدة يعلم كلانا من يستهزئ بمن، وانت تعلم جيدا أقوال علمائكم وعامتكم في العلماء المخالفين، فلا تنه عن خلق وتأتي مثله.


اقتباس:
بل قال أن المعاقين ليسوا من خلق الله ، أو لأكون أمينا في النقل قال " الله لم يخلق المعاقين" وفي حال لم تنتبه عد إلى ما سبق لتتيقن.
فكيف تريدني أن أعبد من لم يخلقني لو أني كنت معاقا مثلا .

ربما حدث سوء فهم، ولقد شرحت لك ما يقصده حسب ما فهمته أنا - أي أنه لا يجوز لنا أن ننسب الشر إلى الله عز وجل-، وعلى كل هو غائب عنا.


اقتباس:
لماذا فرقتَ بين "ما" و" من" وصاحبك أكد أن لا فرق بينهما!!! ثم...هلا أجبتَ على سؤالي : من يخلق المعاقين ؟ وأريده صراحة : هل هو الله ؟ أم ليس الله ؟ فقط هذا ما أريد.
من للعاقل وما لغير العاقل، أما سؤالك فالله يخلق الإنسان في أحسن تقويم يعني أنه خلق آدم في أحسن خلقة، ثم جاء النسل بعده فظهرت الأمراض والفتن، تلك غيرت صورة الإنسان فأحدثت خللا فيه. فالله لما خلق الإنسان خلقه غير معاق، ولكن بفعل فاعل (لكل حدث سبب) أصبح الإنسان معاقا.
ببساطة فإن الله لم يخلق الشر ولا الخلل، فهذا لا يجوز في ذاته، ولكن هذا الخلل حدث بعلمه وكان قادرا على رده، وتركه لحكم عديدة، منها أن نرى نعمه علينا نحن الأسوياء، ونفهم سوء ما نقوم به من أخطاء وغلطات.

ثم إن كنت ترى أن هذه العقيدة خاطئة فلا إشكال في ذلك عسى الله أن يهدينا إلى سواء السبيل، فهو برحمته يغفر الذنوب مهما كانت كبيرة، ولكن كن متأكدا أيها العنبلي الأصيل أن الله لن يغفر لي ذنبا أرتكبه في حقك أنت مثلا أن أناديك بغير اسمك بل وأشوهه إلى ما تكره، فالرجاء سارع إلى تعديل ما كتبته عن يوغرطة واحترم الأسماء.

...///...









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
...تزندق, العلم, بالكلام


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc