نعم هذه جرعة دوائنا الأولى
هيا معي اقرئي بقلبك رددي كثيرا
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة: 186].
بهذه الكلمات يسألُ الصحابةُ رسولَهم - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله! أقريبٌ ربُّنا فنناجيه؟ أم بعيدٌ فنناديه؟,,,, سكت النبي - صلى الله عليه وسلم - وما أجاب ، فأجاب الله من فوق سبع سموات، نزل الروح الأمين على قلب سيد المرسلين فنزلت هذه الآية الكريمة التي تحمل أعلى درجات الرجاء في الله سبحانه وتعالى
وفي الآية قربٌ ما بعده قرب، وملاطفة ما مثلها ملاطفة، وكأن الله يقول: وإذا سألك عبادي عني يا محمد، فلا تجِبهم بلسانك، فإنك وإن كنت الرسول بيننا، فهذا الجواب لي وحدي، فأنا الذي أتولاه: «فَإِنِّي قَرِيبٌ»..
وكأن الله سبحانه يقول عبدي إنما تحتاج إلى الواسطة في غير الدعاء، أما في الدعاء فلا واسطة بيني وبينك!
ومن كرمه أنه بدأ باستجابة دعائك فلم يقل سبحانه فليستجيبوا لي ثم أجيبهم ولكنه بدأ أجيب دعوة الداع إذا دعان
القرب من الله القريب الذي يرى ويسمع ولا يخفى عليه شيء !
انكِ عجزتي عن الطاعة وقسى قلبك وشعرتِ بالوحدة والوحشة لأنكِ ابتعدتِ عن الله القريب
بحثتِ عن كل شيء بعيدًا عن الله وهو يملك كل شيء سبحانه
الله سبحانه وتعالى قريب منكَ
ممكن بتنهيدة.. نظرة في السماء..دون أن تتكلمي كلمة
يعلم سبحانه ما بداخلك وما يؤلمك وما تحتاجينه..يغير حالك من الضعف إلى القوة يثبت قلبك يقربك ويدنيكِ ويسعدك
في أي وقت من ليل أو نهار يستجيب دعائك
الله قدير على إجابة دعائك.. كريم سيعطيكِ..المهم أن تصدقي وتقتربي وتلجئي إلى الله بقلبك
إنه أولى من كل حبيب ...إنه أعلى من كل قريب ...إنه سميع قريب مجيب
عرف هذا القُرْب الإلهي، ورأى أثره أنبياءُ الله وصفوته من خلقه.
رأى أَثَر هذا القُرْب نبيُّ الله يونس بن متى، فنادى في أعماق البحار, في بطْن الحوت، ظُلُمات في ظلمات، وكُرُبات في كربات، نادى:
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فكان اللهُ قريبًا منه، مُجيبًا لدعواته وتسبِيحاته فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
ورأى أثر هذا القُرب خليلُ الرحمن إبراهيم - عليه السلام -حين تآمَرَ عليه قومُه، وتمالؤوا وخَطَّطوا وقَرَّروا؛ {حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 68]
فنادى عندها الخليلُ: حسبُنا الله ونعم الوكيل، فقال الله: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69].
ورأى هذا القُرب أيضًا سيد ولد آدم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]
فقال هو وصحابته الأوفياء: {حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}، فانْقلبوا بعدها {بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174].
هيا حبيبتي اقتربي من الله ارفعي يديكِ بالدعاء مفتقرة إليه منكسرة بين يديه وقولي يا رب يا قريب قربني منك فلا حول ولا قوة لي إلا بك
فهل تظنين أن أحداً يملك صلاحكِ غيره أم هل تملكينه أنتِ بنفسك أم هل تظنين أن أحداً من الخلق يقدر أن يقربك إليه سبحانه أو أن يكشف عنكِ ضرا أو يملك لكِ نفعاً
اطرحي قلبكِ بين يديه بذل وانكسار
افزعي إلى الله المجيب القريب بقلبك وقولي له يا رب وكلتك أمري فأنت نِعم الوكيل.
هو سبحانه أنشأ بداخلك الحاجات وأنزل عليك الابتلاءات من أجل أن تنشأ منك التوسلات إليه سبحانه
ووقوفك على بابه والتوسل إليه سبب من أسباب غفران ذنوبك حتى لو بلغت عنان السماء..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ)).
الدعاء فيه التضرع إلى الله وإظهار الضعف والحاجة وهذا من أعظم ما يجعل الدعاء هو العبادة.
الدعاء هو العبادة لأن الدعاء ملازم للتوكل وللاستعانة، فإن التوكل هو اعتماد القلب على الله، والاستعانة هي اللجوء إليه طلباً للعون.
الدعاء الذي فيه ذل وانكسار وطلب، أكمل بكثير من كثير من أحوال العبادة، وأكمل بكثير من أحوال طاعة لا يوجد فيها هذا الذل والانكسار.
وانتبهي أنّ هناك من يردك عن هذه الحال القوية وهي (وليؤمنوا بي) ، بابه مفتوح لك دائمًا لكن هناك من تقول (مليش نفس أدعي لنفسي .. مش قادر أدعي .. مش عارف أدعي لفلان) .. فانتبهي !! هذا دليل تمكن الشيطان من قلبك.
لأن الشيطان يعلم جيدًا أنّ الله سبحانه قريب مُجيب لك ، فيقف الشيطان لكِ في الخطوة الأولى ليقطع عنكِ ذاك الباب أصلًا لأن الدعاء هو العبادة. فاجمعي قلبك وقت الدعاء أن لا يكون مقصدك فقط ما تدعين وتطلبين وإنما يكون مقصدك أن تعبدي، فالدعاء هو العبادة
هيا حبيبتي الغالية ما زالت أمامنا الفرصة لنقترب هيا ارفعي يديكِ وانكسري وافتقري وتبرأي من حولكِ وقوتك وسترين العجب !!
إلهنا.. ضعفت قوتنا، وقلَّت حيلتنا، فلا ملجأ ولا منجا منك إلَّا إليك.
يا قريب..إن أوحَش قلوبَنا البعدُ عنك، فآنسِها بطاعتك ولذة القرب منك..
يا قريب..نشكو إليك قسوة قلوبنا، وجمود أعيننا، وكثرة ذنوبنا، وضعف توبتنا، وكثرة الكلام، وقلة العلم، وضعف العمل، وأفول الهمة، وخور العزيمة.
يا قريب..ما من دابة إلَّا أنت آخذ بناصيتها؛ فخذ بأيدينا ونواصينا إليك أخذ الكرام عليك..
يا قريب..ارزقنا القرب منك في أحب الأوقات إليك، ولا تحرِمنا عطاءك بالليل من أثر ذنوب النهار..
يا قريب..أقرب إلى كل عبد من حبل الوريد. امنن علينا بلحظة من لحظات القُرب، فلا نشكو بعدها وحشة البعاد وألم الطريد.
تابعوني وروشتة علاج دقيقة جدا ومركزة لهذا الأسبوع بإذن الله