فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 24 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-25, 18:13   رقم المشاركة : 346
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثالثاً:

مما يبين كذب الروافض في زعمهم أن الصحابة الأجلاء أبا بكر وعمر وعثمان من أولئك المرتدين : أنه قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه قد حصلت ردة ، وقتال للمرتدين

فمَن قاتل مَن ؟ إن الذي ارتد هم الذين ذكرنا وصفهم ، من بعض قبائل العرب ، وإن الذي قاتلهم هو أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه ، وإخوانه من المهاجرين والأنصار - وقد شاركهم في قتالهم :

علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وسبى من بني حنيفة امرأة ، أنجبت له فيما بعد الإمام العلَم " محمد بن الحنفية " - ؛ فإذا كان الصحابة الكرام : أبو بكر وعمر ، ومن معهما من المهاجرين والأنصار :

مرتدين ؛ فماذا يكون حال مسليمة وأتباعه ، والعنسي وأتباعه ؟! إلا إن هذا هو عين النفاق والشقاق ، وقول الباطل وشهادة الزور .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

الله أكبر على هؤلاء المرتدين المفترين ، أتباع المرتدين ، الذين برزوا بمعاداة الله ورسوله وكتابه ، ودينه ، ومرقوا من الإسلام ، ونبذوه وراء ظهورهم ، وشاقوا الله ورسوله وعباده المؤمنين

وتولوا أهل الردة والشقاق ؛ فإن هذا الفصل وأمثاله من كلامهم : يحقق أن هؤلاء القوم المتعصبين على الصدِّيق رضي الله عنه وحزبه ـ من أصولهم ـ من جنس المرتدين الكفار ، كالمرتدين الذين قاتلهم الصدِّيق رضي الله عنه .

" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 490 ) .

وقال – رحمه الله - :

وفي الجملة : فأمر مسيلمة الكذاب ، وادعاؤه النبوة ، واتباع بني حنيفة له باليمامة ، وقتال الصدِّيق لهم على ذلك : أمر متواتر ، مشهور ، قد علمه الخاص ، والعام

كتواتر أمثاله ، وليس هذا من العلم الذي تفرد به الخاصة ، بل عِلْم الناس بذلك أظهر من علمهم بقتال " الجمَل " و " صفِّين " ، فقد ذُكر عن بعض أهل الكلام أنه أنكر " الجمل " ، و " صفين "

وهذا الإنكار وإن كان باطلا : فلم نعلم أحداً أنكر قتال أهل " اليمامة " ، وأن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة ، وأنهم قاتلوه على ذلك .

لكن هؤلاء الرافضة مِن جحدهم لهذا ، وجهلهم به : بمنزلة إنكارهم لكون أبي بكر وعمر دُفِنَا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنكارهم لموالاة أبي بكر ، وعمر للنبي صلى الله عليه وسلم

ودعواهم أنه نص على " علي " بالخلافة ، بل منهم من ينكر أن تكون زينب ، ورقية ، وأم كلثوم من بنات النبي صلى الله عليه وسلم ! ويقولون : إنهن لخديجة من زوجها الذي كان كافراً قبل النبي صلى الله عليه وسلم .

" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 492 ، 493 ) .

وقال – أيضاً - :

وهم – أي : الرافضة - يدَّعون أن أبا بكر وعمر ، ومن اتبعهما ارتدوا عن الإسلام ! وقد علم الخاص والعام : أن أبا بكر هو الذي قاتل المرتدين ، فإذا كانوا يدَّعون أن أهل اليمامة مظلومون

قتلوا بغير حق ، وكانوا منكرين لقتال أولئك ، متأولين لهم : كان هذا مما يحقق أن هؤلاء الخلف تبع لأولئك السلف ، وأن الصدِّيق وأتباعه يقاتلون المرتدين في كل زمان .

وقوله – أي : ابن المطهر الحلي الرافضي – " إنهم سمُّوا بني حنيفة مرتدين لأنهم لم يحملوا الزكاة إلى أبي بكر " : فهذا مِن أظهر الكذب ، وأبينِه ؛ فإنه إنما قاتل بني حنيفة لكونهم آمنوا بمسيلمة الكذاب

واعتقدوا نبوته ، وأما مانعو الزكاة : فكانوا قوماً آخرين ، غير بني حنيفة ، وهؤلاء كان قد وقع لبعض الصحابة شبهة في جواز قتالهم ، وأما بنو حنيفة فلم يتوقف أحد في وجوب قتالهم ..
. .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 493 ، 494 ) .

رابعاً:

يقال لهؤلاء الروافض : لماذا ارتد الخلفاء الثلاثة دون علي ؟! وما الذي استثنى مثل " عمار بن ياسر " و " المقداد بن الأسود " و " أبا ذر " و " سلمان الفارسي " من الردة ؟! أم هو التحكم والهوى ؟! .

ونحن نعتقد أن المهاجرين والأنصار في الجنة خالدين فيها أبداً

قال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/ 100 .

ونعتقد أن أبا بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وهكذا كل من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم

وأن هؤلاء جميعاً سيشربون من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شراباً هنيئاً ، والويل والثبور لمن لعنهم ، وكفرهم ، فهو أولى أن يكون يوم القيامة في صف المرتدين الذين حاربهم أولئك الأطهار .

خامساً:

هذه الأحاديث حجة على الروافض ؛ حيث يثبتون فيها ردة الصحابة رضي الله عنهم إلا نفراً قليلاً ، ويزعمون أنهم " أحدثوا " بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

ومعنى هذا أنهم كانوا على الإيمان قبل ذلك ! فأي دين اعتقدوه بعد ذلك ؟ وماذا فعلوا ما استحقوا به التكفير ؟!

فإن قالوا : سلب الخلافة من علي رضي الله عنه : فيقال لهم هذه معصية ! تكفرها الحسنات ، ويكفي الصحابة سبكم ولعنكم لهم حتى توضع أوزارهم عليكم إن شاء الله .

وإن قالوا : قتل جنين فاطمة ! : قلنا قد قُتل في زمن علي رضي الله عنه الآلاف ! فهل تطبقون عليه القاعدة نفسها في التكفير ؟! .

فتبين مما سبق : أن الصحابة الأجلاء هم الذين دافعوا عن دين الله

وهم الذين أوقفوا مدَّ الردة ، والتي قام على إذكائها ونشرها سلف أولئك الروافض

من أمثال مسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي ، وأن الله تعالى قد أثنى في كتابه الكريم على المهاجرين والأنصار في قرآن يُتلى إلى قيام الساعة ، وقد نزههم ربهم عن الوقوع في البدعة

فكيف يقعون في الردة ، وهم الذين نشروا الإسلام في الآفاق ؟! .

والله أعلم








 


قديم 2019-02-25, 18:18   رقم المشاركة : 347
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا تدل الآية الكريمة على أن سن الأربعين هو حد الحساب والعقاب

السؤال

قال الله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) الأحقاف/15 إلى آخر الآية ، لماذا اختص الله هذا السن ؟

وهل هذا يدل أن الشباب لديهم فسحة من دينهم ؟


الجواب

الحمد لله

اختصاص سن الأربعين بالذكر في هذه الآية الكريمة دليل على أنه سن استيفاء كمال العقل والفهم ، وذروة تمام نعمة الله على الإنسان في كمال القوى التي منحه الله إياها

وهي مرحلة زائدة على بلوغ الأشد الذي يتم ببلوغ الحلم

يقول الله عز وجل : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً

قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الأحقاف/15

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" ذكر عز وجل أن من بلغ أربعين فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرها

قال مالك : أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا ، ويخالطون الناس ، حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة ، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس "

انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (7/276)

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" ( حتى إذا بلغ أشده ) أي : قوي وشب وارتجل ( وبلغ أربعين سنة ) أي : تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه ، ويقال : إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين

وقال مسروق : إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك ، ( قال رب أوزعني )

أي : ألهمني ( أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه )

أي : في المستقبل ( وأصلح لي في ذريتي )

أي : نسلي وعقبي ، ( إني تبت إليك وإني من المسلمين )، وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله عز وجل ويعزم عليها "

انتهى باختصار من " تفسير القرآن العظيم " (7/280-281) .

ويقول الإمام الشوكاني رحمه الله :

" ( بلغ أشده ) قيل : بلغ عمره ثماني عشرة سنة ، وقيل : الأشد الحلم ،

قاله الشعبي وابن زيد .

وقال الحسن : هو بلوغ الأربعين ، والأول أولى ؛ لقوله : ( وبلغ أربعين سنة ) فإن هذا يفيد أن بلوغ الأربعين هو شيء وراء بلوغ الأشد ، قال المفسرون : لم يبعث الله نبيا قط إلا بعد أربعين سنة

وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي لمن بلغ عمره أربعين سنة أن يستكثر من هذه الدعوات "

انتهى من " فتح القدير " (5/22) .

والحاصل

أن سن الأربعين ليس هو حد الحساب والعقاب ، ولا تدل الآية بوجه من الوجوه أن الشباب في فسحة من دينهم ، فالبلوغ هو مناط التكليف وسن المحاسبة

بدليل الحديث المشهور من قوله صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ

وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبوداود (رقم/4403) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " ، ولكن المقصود في الآية أن سن الأربعين هو سن تمام استواء البنية العقلية والجسمية

فذلك أحرى أن يشكر نعمة الله تعالى عليه ، ويبذل عمره في طاعة الله .

والله أعلم









قديم 2019-02-25, 18:23   رقم المشاركة : 348
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) وردّ شبهة تناقض آي القرآن

السؤال

هناك من غير المسلمين من يدّعي وجود تناقض في القرآن الكريم وذلك بخصوص من هو المسلم الأول ، فبعض الآيات ذكرت أن موسى عليه السلام كان أول المسلمين

وآيات أخرى ذكرت أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو أول المسلمين ، وآية أخرى ذكرت أن إبراهيم عليه السلام هو أول المسلمين ، وآيات ذكرت أنه آدم عليه السلام . فكيف نردّ على هذه الشبهه؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

نزل القرآن المجيد يصدق بعضه بعضا ، فلا تناقض فيه ولا اختلاف ، قال تعالى : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/ 82 .

راجع جواب السؤال القادم

ثانيا :

تقدم في جواب السؤال بعد الفادم

بيان أن أول رسل الله صلى الله عليهم وسلم إلى أهل الأرض هو نوح عليه السلام ، فهو أسبق الرسل زمانا إلى الإسلام .
ثالثا :

الأولوية في قول الله تعالى :

( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام/ 162، 163 .

وقوله : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) الأعراف/ 143 .

هي أولوية نسبية ؛ فكل نبي هو أول المسلمين من قومه ؛ حيث كان هو أول من دعاهم إلى الله

فهو أولهم إسلاما ، وفائدة معرفة ذلك حيث كان معروفا فيهم بالصدق والأمانة أن يتابعوه ويقتدوا به ، وليبين لهم أنه لا يخالفهم فيما يأمرهم به ، بل يبادر إليه عن يقين تام .

قال ابن عباس ومجاهد

في قوله تعالى ( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )

: "يعني : من بني إسرائيل . واختاره ابن جرير.

انتهى من "تفسير ابن كثير" (3 /472) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قوله تعالى : ( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) قيل : من قومي ، وقيل : من بني إسرائيل في هذا العصر ، وقيل : .. بأنك لا ترى في الدنيا لوعدك السابق ، في ذلك

" انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (7 /279) .

وقال السدي في قوله : (

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) الزمر/ 11، 12 ، قال : " يعني من أمته صلى الله عليه وسلم " .

"تفسير ابن كثير" (7 /89) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" فإن قيل : أو ليس إبراهيم والنبيون قبله ؟

قلنا عنه أجوبة ... ومنها : أنه أول المسلمين من أهل ملته ؛ قاله ابن العربي ، وهو قول قتادة وغيره " انتهى .

"الجامع لأحكام القرآن" (7 /155) ، وينظر : "تفسير الطبري" (21 /270) .

ويدل عليه قول سحرة فرعون بعد أن آمنوا : ( إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) الشعراء/ 51

ولم يكونوا أسبق إلى الإيمان بطبيعة الحال من موسى وهارون عليهما السلام ، وإنما المعنى أنهم أول المؤمنين عند ظهور الآية .

"تفسير القرطبي" (13/98)

"فتح القدير" (4/144)

وقيل : الأولوية هنا للدلالة على المبادرة إلى الإيمان وعدم التقاعس عنه والتواني ، فضلا عن الشك
.
فالأولوية لإثبات تمام اليقين وقوة الإيمان .

قال ابن عاشور رحمه الله : " وقوله : ( وأنا أول المؤمنين ) : أطلق ( الأول ) على المُبادر إلى الإيمان ، وإطلاق الأول على المبادر مجاز شائع مساو للحقيقة

والمرادُ به هنا وفي نظائره الكناية عن قوة إيمانه ، حتى إنه يبادر إليه حين تردد غيره فيه ، فهو للمبالغة ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : ( ولا تكونوا أولَ كافر به ) ، وقوله : ( وأنا أول المسلمين )

انتهى من "التحرير والتنوير" (9 /94) .

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" قوله: ( وأنا أول المسلمين ) ، يحتمل أن المراد الأولية الزمنية ، فيتعين أن تكون أولية إضافية ويكون المراد أنا أول المسلمين من هذه الأمة ؛ لأنه سبقه في الزمن من أسلموا .

ويحتمل أن المراد الأولية المعنوية ؛ فإن أعظم الناس إسلاما وأتمهم انقيادا هو الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فتكون الأولية أولية مطلقة .

ومثل هذا التعبير يقع كثيرا أن تقع الأولية أولية معنوية ، مثل أن تقول: أنا أول من يصدق بهذا الشيء ، وإن كان غيرك قد صدق قبلك

لكن تريد أنك أسبق الناس تصديقا بذلك ، ولن يكون عندك إنكار أبدا ، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( نحن أولى بالشك من إبراهيم ) ، حينما قال : ( رب أرني كيف تحي الموتى ) البقرة/260 .

رواه البخاري (3372) ومسلم (151)

. فليس معناه أن إبراهيم شاك ، لكن إن قدر أن يحصل شك فنحن أولى بالشك منه ، وإلا فلسنا نحن شاكين ، وكذلك إبراهيم ليس شاكا "

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (9 /210) .

فالحاصل

أن هذه الأولوية إما أن تكون أولوية زمانية ؛ فتكون حينئذ أولوية نسبية ، يعني : بحسب الزمان المعين ، أو قوم معينين

أو تكون أولوية معنوية ؛ لتفيد تمام اليقين والإيمان ، وعدم حصول الشك .

أما أول المسلمين من البشر على الإطلاق فهو آدم عليه السلام ؛ لأنه أبوهم .

فتبين بما تقدم أن لا تناقض في آي القرآن الحكيم ، وحاشاه من ذلك ، وأن من يدعي التناقض فيه فإنما يؤتى من جهله ، وفساد عقله .

ملاحظة :

لم يرد في القرآن المجيد أن إبراهيم عليه السلام قال أنا أول المسلمين ، كما ورد في سؤال السائل.

والله تعالى أعلم










آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-25 في 18:25.
قديم 2019-02-25, 18:30   رقم المشاركة : 349
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ليس هناك تعارض في القرآن حول تبديل كلام الله وعدم تبديله

السؤال

تلك أقوال بعض النصارى أن تلك الآيات تتناقض في القرآن فهل هي كذلك ؟ (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس/64 .

(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27

. تناقضها سورة النحل وسورة الرعد وسوره البقرة : (وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) النحل/101

. (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39

. (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة/106

. تلك الآيات السابقة يقولون إن هذا تناقض في القرآن ، فهل هو تناقض أم ماذا؟


الجواب

الحمد لله

القرآن الكريم كلام الله تعالى ، لا يمكن أن يقع فيه التناقض والاختلاف

وإنما يقع التناقض إذا كان المتكلم ممن يجوز عليه الخطأ ، والله تعالى منزه عن ذلك . قال الله سبحانه : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء/82 .

ولهذا وقع الاختلاف والتناقض في الأناجيل التي بين أيدي النصارى لأنها كتبها أناس غير معصومين

وقد بَيَّن العلامة رحمة الله الهندي رحمه الله في كتابه "إظهار الحق" وجود 125 اختلافاً وتناقضاً في كتابهم المقدس .

والشبهة التي ذكرتها شبهة ضعيفة في غاية الضعف ، وجوابها من وجهين :

الأول : أن الآيات التي فيها نفي التبديل لكلمات الله ، كقوله تعالى : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس/64 .

وقوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الكهف/27

المقصود منها أنه لا أحد يبدّل كلمات الله ، أما الله تعالى فله أن يبدل آية مكان آية ، وهو النسخ

كما قال سبحانه : (وَإِذَا بَدَّلْنَـا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَـا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) النحل/101
.
وقال تعالى : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/106 .

وأما قوله تعالى : : (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/39 . فالمراد به المحو والإثبات في صحف الملائكة

والوجه الثاني : أن المراد بكلمات الله التي لا تبدل : كلماته الكونية ، كسننه في خلقه ، وما أخبر به من إثابة الطائعين ومعاقبة العاصين ودخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، فلا أحد يمكنه أن يبدل سنة الله وكلمته القدرية

. ولهذا جاء في أول الآية : (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَـا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيـلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، فسنة الله وكلمته القدرية هنا :

هي أن المؤمنين المتقين لهم البشرى في الحياة وبعد الممات ، فمن يمكنه أن يغير ذلك ؟!

وأما قوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَـابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) فإن حمل المعنى على الكلمات الكونية

فالأمر كما سبق . وإن حمل على الكلمات الشرعية ، أي القرآن الكريم الذي أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا مبدل لهذا القرآن ، فقد تكفل الله سبحانه بحفظه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"قوله : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) الكهف/27 .

قوله : (مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ) ؛ يعني : القرآن ، والوحي لا يكون إلا قولا ؛ فهو إذا غير مخلوق .

وقوله : (مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ) : أضافه إليه سبحانه وتعالى ؛ لأنه هو الذي تكلم به ، أنزله على محمد ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواسطة جبريل الأمين .

(لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) يعني : لا أحد يبدل كلمات الله ، أما الله عز وجل ؛ فيبدل آية مكان آية

كما قال تعالى : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النحل/101
.
وقوله : (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) : يشمل الكلمات الكونية والشرعية :

- أما الكونية : فلا يستثنى منها شيء ، لا يمكن لأحد أن يبدل كلمات الله الكونية :

إذا قضى الله على شخص بالموت ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

إذا قضى الله تعالى بالفقر ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

إذا قضى الله تعالى بالجدب ؛ ما استطاع أحد أن يبدل ذلك .

وكل هذه الأمور التي تحدث في الكون ؛ فإنها بقوله ؛ لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 .

- أما الكلمات الشرعية ؛ فإنها قد تبدل من قبل أهل الكفر والنفاق ، فيبدلون الكلمات : إما بالمعنى ، وإما باللفظ إن استطاعوا ، أو بهما"

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (8/ 370).

والحاصل : أن كلمات الله تعالى الكونية لا يستطيع أحد تبديلها ، وكذلك كلماته الشرعية التي تكفل بحفظها وهي القرآن الكريم ، وهذا لا يعارض أن الله سبحانه ينسخ منها ما شاء

وينزل آية مكان آية إذا أراد ، لأنه كما قال : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

والله أعلم .









قديم 2019-02-25, 18:34   رقم المشاركة : 350
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل إدريس أول الرسل ؟

السؤال

قرأت في بعض كتب التاريخ بأن إدريس هو أول الرسل وأنه قبل نوح ، فهل هذا صحيح ؟.

الجواب

الحمد لله

" أول الرسل عليهم الصلاة والسلام نوح عليه الصلاة والسلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وأما قبل نوح فلم يبعث رسول ، وبهذا نعلم خطأ المؤرخين الذين قالوا : إن إدريس صلى الله عليه وسلم كان قبل نوح

لأن الله سبحانه وتعالى يقول : في كتابه : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) النساء / 163 .

وفي الحديث الصحيح في قصة الشفاعة " أن الناس يأتون إلى نوح فيقولون له : أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض "

فلا رسول قبل نوح ، ولا رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم

لقوله تعالى : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) الأحزاب / 40

وأما نزول عيسى بن مريم ، عليه السلام في آخر الزمان فإنه لا ينزل على أنه رسول مجدد

بل ينزل على أنه حاكم بشريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأن الواجب على عيسى وعلى غيره من الأنبياء الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم

كما قال الله تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه

قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) آل عمران / 81

وهذا الرسول المصدق لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم كما صح ذلك عن ابن عباس وغيره ".

مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 1/315

وانظر السؤال القادم للمزيد عن هذا الموضوع
.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-26, 17:48   رقم المشاركة : 351
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



أوّلُ الأنبياء ، وأوّل الرسُلْ

السؤال

أريد معرفة ما إذا كان آدم عليه السلام نبيا . وإذا لم يكن آدم عليه السلام هو نبينا الأول , فمن يكون نبينا الأول إذن ؟.

الجواب

الحمد لله

آدم عليه السلام هو أول الأنبياء ، كما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه

أن النبي صلى الله عليه وسلم : سُئِلَ عن آدم أنبي هو ؟ قال : ( نعم نَبِِيٌ مُكَلَّمْ ) ، ولكنه ليس برسول لما جاء في حديث الشفاعة أن الناس يذهبون إلى نوح فيقولون : " أنت أول رسول بعثه الله إلى الأرض " .

وهذا نص صريح بأن نوحا أول الرسل

والله أعلم .

مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/317

فآدم أبو البشر وهو نبي ، فهو أول الأنبياء .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-26, 18:00   رقم المشاركة : 352
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أنزل الله القرآن هداية للناس وأمرهم بتدبره ، وبين النبي عليه السلام ما أُشكِل منه وفصل ما أُجمل ، ولم يجعل فيه سرا لأحد .

السؤال

هل شرح النبي صلى الله عليه وسلم كل معاني القرآن الكريم لأصحابه ، سواء المعنى الظاهر أو المعنى الباطن ؟

هل وضح النبي صلى الله عليه وسلم كل معاني آيات القرآن الكريم لأصحابه؟ على سبيل المثال ، قوله عز وجل " قل هو الله أحد " ، هل فسّر النبي صلى الله عليه وسلم كل الأوجه المحتملة لكلمة " أحد " ؟

هل تعتقد أن هناك كثيرًا من معاني القرآن الكريم لم يشرحها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ؟

أم أن معانيه فقط هي ما وضحها صلى الله عليه وسلم لأصحابه ؟ - هل يجوز لباحث أن يبحث في معاني القرآن الكريم ، ويحصل على معاني جديدة له ، ولا شك تكون هذ المعاني متوافقة مع تعاليم الإسلام ؟

- هل تعتقد أنه بسبب أن قصة "آصف بن برخيا " لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجب تصديقها ؟

ولا نؤمن بها ؟

- بمعنى آخر، هل القرآن لا فائدة منه إلا القراءة فقط ، فلا يجب أن نتمعن ونستخلص من آياته بعض الخواطر والأفكار ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

أنزل الله القرآن هداية للناس ليخرجهم به من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط العزيز الحميد ، أنزله الله تبيانا لكل شيء ، وهدى وشفاء ورحمة للمؤمنين .

وأمرنا الله عز وجل بتدبر آياته ،

فقال سبحانه : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/ 82

وقال عز وجل : ( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ) المؤمنون/ 68

وقال عز وجل : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) سورة ص/ 29 .

ومعنى تدبر آيات الله :

" التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه ، وفي مبادئه وعواقبه ، ولوازم ذلك ، فإن تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف

وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم ، وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته

فإنه يعرِّف بالرب المعبود ، وما له من صفات الكمال ; وما ينزه عنه من سمات النقص

ويعرِّف الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه ، ويعرِّف العدو الذي هو العدو على الحقيقة ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وصفة أهلها، وما لهم عند وجود أسباب العقاب .

وكلما ازداد العبد تأملا فيه ازداد علما وعملا وبصيرة ، لذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن .

ومن فوائد التدبر لكتاب الله :

أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين والعلم بأنه كلام الله، لأنه يراه يصدق بعضه بعضا، ويوافق بعضه بعضا "

"تفسير السعدي" (ص: 189)

وليس معنى التدبر المأمور به تسلط الذهن والفكر على آيات الكتاب المجيد بالشطح والدعاوى والأكاذيب والتقول على الله بزعم أن ذلك من آثار التدبر وعواقب التفكر في آيات الله .

ومن ذلك شطحات الصوفية ، وخطرات ومزاعم أهل البدعة ، وأكاذيب الفلاسفة .

ولا يصح التعويل على الخواطر ، وما يظهر للذهن لأول وهلة ، فإن ذلك من المناهج الخاطئة في تدبر القرآن الكريم ، وقد جاءت آثار متعددة عن السلف في التحذير من تفسير القرآن بالرأي.

راجع لمعرفة المزيد جواب السؤالين القادمين

ثانيا :

قال الله عز وجل : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/ 44.

قال ابن كثير رحمه الله :

" أي : لعلمك بمعنى ما أنزل عليك ، وحرصك عليه ، واتباعك له ، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم

فتفصل لهم ما أجمل ، وتبين لهم ما أشكل : وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ أي: ينظرون لأنفسهم فيهتدون، فيفوزون بالنجاة في الدارين "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /574) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" ومن تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله تعظيم سنته , والدعوة إليها وتنفيذ مقاصدها , والتحذير من خلافها ,

وتفسير القرآن الكريم بها فيما قد يخفى من آياته , فإنه يفسر بالسنة ويوضح بها , فالسنة توضح القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه , كما قال عز وجل : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (1 /248).

فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر لهم القرآن ، وأعلمهم بأحكامه ، وبين لهم ما أشكل عليهم

وقد روى الطبراني في الكبير (1647) عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) .

وصححه الألباني في " الصحيحة " (1803) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه

وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا كما قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .

راجع جواب السؤال الثالث القادم

ولكن لا بد أن نعرف أن الصحابة رضي الله عنهم أهل لسان فصيح وعربية مستقيمة

والقرآن أنزل بلسان عربي مبين ، فكثير من آياته لا يستعصي فهمها ومعرفة معناها على أحد من الصحابة

كما أن كثيرا من آياته معلوم المعنى بداهة ، لا يحتاج إلى من يفسره ويشرحه ؛ ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : " التفسيرُ على أربعةِ أوجهٍ : وجهٌ تعرفه العربُ من كلامها

وتفسير لاَ يُعذر أحدٌ بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لاَ يعلمه إلا الله تعالى ذكره " – يعني المتشابه .

انتهى من "تفسير الطبري" (1 /75) .

ثالثا :

لا يخفى على من دون الصحابة في العلم والفهم معنى قول الله تعالى : ( قل هو الله أحد ) وهو الإقرار لله عز وجل بالوحدانية في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته .

وهذا الاعتقاد هو الذي قام عليه الدين كله ، فلا يعقل أن يخفى على أحد من الصحابة الإقرار به والعمل بمقتضاه ، ولا يلزم القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم عمل لهم مجلسا خاصا يفسر لهم معنى هذه الآية الكريمة .

وقول السائل : " هل فسّر النبي صلى الله عليه وسلم كل الأوجه المحتملة لكلمة "أحد"؟

قول غريب ، يوضحه قوله قبل ذلك

: " سواء المعنى الظاهر أو المعنى الباطن " وهو مما يدل على أن السائل يظن أن هناك من معاني القرآن معان ظاهرة وأخرى باطنة .

وهذا قول محدث في دين الله ، لا يعرفه سلف هذه الأمة ، ولا يعرف عن أحد من أئمتها وعلمائها أنهم قالوا به

إذ ليس في الإسلام ولا في القرآن بواطن وأسرار يخص الله بها من يشاء من عباده ، وهو الذي تسميه طوائف الصوفية " العلم اللدني " !

وقد روى البخاري (1870) ومسلم (1370) وأحمد (957) – واللفظ له - :

" سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَلْ خَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ ؟

فَقَالَ : ( مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمَّ بِهِ النَّاسَ كَافَّةً إِلَّا مَا كَانَ فِي قِرَابِ سَيْفِي هَذَا )

قَالَ : فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ) .

ورواه النسائي (4422) ولفظه :

" سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا : هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ ؟ فَغَضِبَ عَلِيٌّ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ وَقَالَ : مَا كَانَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا دُونَ النَّاسِ غَيْرَ أَنَّهُ حَدَّثَنِي بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَأَنَا وَهُوَ فِي الْبَيْتِ فَقَالَ :

( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ) .

أما ما يدعيه أهل الانحراف من الصوفية والشيعة من أن لآيات القرآن ظاهرا وباطنا وحَدّا ومطلعا ؛ ولذلك استعملوا طريقة الكشف والأحلام والخواطر في تفسير القرآن الكريم : فقول باطل محدث لا دليل عليه

، إنما الدليل على خلافه ، ولذلك لما انتهجوا هذا النهج تقولوا على الله بغير علم ، وتكلموا في كتاب الله بأهوائهم ، فأتوا بالطامات .

وهذا لا يعني عدم وجود أوجه متعددة محتملة في تفسير بعض آيات القرآن المجيد

فإن هذا موجود فعلا ، ولكنه على الوجه الذي يتضح به معنى الآية متكاملا ، وهو من اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَمِثَالُ " هَذَا التَّفْسِيرِ " كَلَامُ الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فَهَذَا يَقُولُ: هُوَ الْإِسْلَامُ وَهَذَا يَقُولُ هُوَ الْقُرْآنُ أَيْ اتِّبَاعُ الْقُرْآنِ وَهَذَا يَقُولُ: السُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ وَهَذَا يَقُولُ: طَرِيقُ الْعُبُودِيَّةِ وَهَذَا يَقُولُ: طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّرَاطَ يُوصَفُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَيُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ كُلِّهَا وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَلَّ الْمُخَاطَبَ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ الصِّرَاطُ وَيَنْتَفِعُ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ النَّعْتِ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 160) .

ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه المقصود من قول الله تعالى : ( قل هو الله أحد ) على التمام ، وذلك بالبيان العلمي والعملي

فحياته كلها معهم صلى الله عليه وسلم مبناها على التوحيد ، ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ولذلك لم يقع أحد من الصحابة رضي الله عنهم في الشرك

والعياذ بالله – فإن الله تعالى عصمهم من الشرك ، كما عصمهم من البدعة ؛ لأنهم مصابيح الهدى وأئمة التقوى ، وإنما ضل من ضل بخلافهم وترك ما كانوا عليه ، والذي كانوا عليه هو التوحيد

وهو معنى قوله تعالى : ( قل هو الله أحد ) .

أما تصور أن يكون هناك من المعاني الباطنة الخفية لهذه الآية ما لم يطلع عليه كثير من الصحابة ولا يعلمه أئمة التفسير وأهل العلم : فهذا تصور فاسد باطل

لأن موجبه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم العلم عن أصحابه ، ولم يؤد رسالة ربه على التمام ، وهذا الاعتقاد لا يعتقده أحد ممن يؤمن بالله واليوم الآخر .

فكل ما احتاجه الناس من تفسير كتاب الله على الوجه الذي لا يضلون بعده ولا ينحرفون عن صراط الله المستقيم فقد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينه أصحابه من بعده .









قديم 2019-02-26, 18:01   رقم المشاركة : 353
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعا :

ما تقدم لا يعني أن الله لا يخص أحدا من خلقه بفهم صحيح لكتابه ، بل إن هناك مَن يَمنّ الله عليهم بفهم صحيح ومعان كريمة قد تُحجب عن غيره .

فمن ذلك ما رواه البخاري (4294) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ

: " كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ ؟ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ . قَالَ : فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ ، وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي .

فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ) ؟ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ

فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا نَدْرِي أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا ، فَقَالَ لِي : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ ؟ قُلْتُ لَا قَالَ : فَمَا تَقُولُ ؟

قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ فَذَاكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ، قَالَ عُمَرُ : مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ ".

وروى البخاري (143) وأحمد (2393) – واللفظ له

- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي أَوْ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ : ( اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ).

ومن ذلك استدلال عليّ رضي الله عنه على أن أقل الحمل ستة أشهر بالجمع بين قوله تعالى : (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) البقرة/233

وقوله تعالى : ( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان/ 14

وقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) الأحقاف /15

ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم .

"تفسير ابن كثير" (6/336) .

ومن ذلك استدلال الإمام الشافعي رحمه الله وغيره بقوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء/ 115 ،

على حجية الإجماع ، كما في "إرشاد الفحول" (1/198) ، وغير ذلك كثير مشهور .

وهذا إنما يكون لأهل العلم من أهل السنة ممن له فيها قدم صدق ، أما أهل الأهواء والتقول على الله وعلى رسوله فلا حظ لهم في ذلك .

وضابط هذا الفهم حتى يكون صحيحا أن يُعرض على الكتاب والسنة فإن وافق الكتاب والسنة فهو فهم صحيح ، وإن خالفهما فهو فهم باطل .

خامسا:

لا شك أن هناك الكثير من آيات القرآن الكريم لم يتعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم بالتفسير

فقد قدمنا أن من القرآن ما يعرفه أهل اللسان العربي ، ومنه ما لا يعذر أحد بجهله لظهور معناه ، فهذا وأمثاله لا يتعرض له النبي صلى الله عليه وسلم عادة بالتفسير ؛ لأن أصحابه قد أحاطوا به علما .

فلا شك أن الصحابة كانوا يعرفون معنى قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة/ 218 .

فمثل هذا قد لا يتعرض له النبي صلى الله عليه وسلم بالبيان لظهور معناه وإحاطتهم به .

أما مثل قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) المؤمنون/ 60

فقد يخفى على بعضهم معناه فيحتاج إلى بيان نبوي

كما أخرج الترمذي (3175) أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ :

" سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ :( لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ

وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ )

صححه الألباني في " الصحيحة " برقم (162) .

سادسا :

قول السائل : هل يجوز لباحث أن يبحث في معاني القرآن الكريم، ويحصل على معان جديدة له ؟

فنقول : نعم ، ولكن بشروط ، منها : أن يكون هذا الباحث طالب علم

له إلمام بعلوم القرآن والسنة ولسان العرب ، ومنها : أن لا يخالف ما توصل إليه ، التفسير المعروف لآيات القرآن المجيد ، بحيث يكون القول بها إحداثا لقول جديد ، وإنشاء لمعنى محدث في تفسير الآية .

وهذا مثل أن يتوصل بعض الباحثين إلى أن العسل يشفي بإذن الله من كثير من الأمراض والتي منها كذا وكذا ، وهو نافع لكذا وكذا ، ويذكر قول الله تعالى : ( فيه شفاء للناس ) النحل /69.

وهذا من التفكر والتدبر لآيات الله ؛ ولذلك قال الله بعدها : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )

أو يتوصل بعضهم إلى معرفة الأضرار التي يسببها الجماع في الحيض ع

ند الكلام على قول الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) البقرة/ 222.

أو يتكلم بعضهم على مضار الإسراف في الطعام والشراب فيأتي بأشياء جديدة في الطب

وذلك عند الكلام على قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/ 31

ونحو ذلك ، فهذا لا بأس به ، بل هو مطلوب مرغوب فيه .

أما شطحات الصوفية ودعاوى أهل البدعة وتقولات كثير من الذين يتكلمون عن الإعجاز العلمي في القرآن بغير علم ، فكثير من هذا ، بل أكثره ، من المنكر والزور .

سابعا :

أما قصة آصف بن برخيا وغيرها من قصص أهل الكتاب :

فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن أهل الكتاب بقوله : ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ؛ فإنه كانت فيهم الأعاجيب ) رواه أحمد في "الزهد" (ص16)

وصححه الألباني في "الصحيحة" (2926) .

وهذا فيما عسى أن يكون صحيحا ، أما المقطوع بكونه لا يصح لمخالفته ما عندنا أو لمخالفته المعقول : فهذا لا يرخص فيه

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَإِنَّمَا أَبَاحَ الشَّارِعُ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: "وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا حَرَجَ" فِيمَا قَدْ يُجَوِّزُهُ الْعَقْلُ، فَأَمَّا فِيمَا تُحيله الْعُقُولُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظُّنُونِ كَذِبُهُ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ .

وَقَدْ أَكْثَرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَكَذَا طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْخَلَفِ، مِنَ الْحِكَايَةِ عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَلَيْسَ بِهِمُ احْتِيَاجٌ إِلَى أَخْبَارِهِمْ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 394) .

وقال أيضا :

" صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( إِذَا حَدَّثكم أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ) ، ثُمَّ أَخْبَارُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :

فَمِنْهَا: مَا عَلِمْنَا صِحَّتَهُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ، بِمَا دُلَّ عَلَى خِلَافِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيْضًا. وَمِنْهَا: مَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَهُوَ الْمَأْذُونُ فِي رِوَايَتِهِ، بِقَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ

: ( حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرج ) وَهُوَ الَّذِي لَا يصدَّق وَلَا يُكَذَّبُ، لِقَوْلِهِ: ( فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ) "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/ 528) .

فأمثال هذه القصص التي تروى عن أهل الكتاب إذا كانت لا تخالف الشرع أو العقل فلا حرج في روايتها وحكايتها ، ولا تصدق ولا تكذب حتى ترد عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وحينئذ تصدق وعلى الرأس والعين .

والخلاصة :

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى بلغ رسالة ربه على الوجه الأكمل ، وبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم

ولم يدع شيئا يقربهم من الجنة إلا أمرهم به ورغبهم فيه وحضهم عليه ، ولم يدع شيئا يقربهم من النار إلا نهاهم عنه وحذرهم منه .

وأن الله عز وجل يسر القرآن لعباده

كما قال سبحانه : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) القمر/ 17

فمن طلب خيره نال منه ، ومن تعلمه رفع الله به

وليس فيه من غوامض الأمور والمعاني الباطنة ما اختص الله به طائفة دون أخرى ، إلا ما يفتح الله به على بعض أهله من الفهم الصحيح والقول السديد الذي لا يخالف أمر الدين في شيء منه صغير أو كبير.

وأن القرآن المجيد لم ينزله الله على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم لمجرد التلاوة فقط ، وإنما أنزله ليتدبروه ويتفكروا في آياته ؛ فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم ؛ كما قال تعالى :

( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ) التوبة/ 124، 125.

فعلى المسلم أن يتجرد لله ، وأن يهتدي بهداه سبحانه ، وأن لا يخرج عن صراط الله المستقيم

وأن يتبع ولا يبتدع ولا يقلد المبتدع ، وأن يلزم جماعة المسلمين ، وأن لا يأخذ إلا عن أهل العلم الذين خصهم الله بفضله ، وعصم طريقهم من الزلل ؛ لأنهم ورثة الأنبياء .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-26, 18:04   رقم المشاركة : 354
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أيهما أفضل قراءة سورة من القرآن بتدبر وفهم أم قراءة القرآن كله من غير تدبر

السؤال

هل هناك حديث يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من يقرأ سورة العصر بانتباه وفهم أفضل ممن يقرأ القرآن كاملا دون فهم ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

لم يصح في فضائل سورة " العصر " شيء سوى أنها من المفصل .

جاء في " موسوعة فضائل سور وآيات القرآن " (القسم الصحيح 2/319)

" لم يصح فيها شيء سوى أنها من المفصل " انتهى.

وتقول الباحثة آمال سعدي :

" لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة العصر شيء ، بل وردت في فضلها روايات ضعيفة وموضوعة ، منها : ( من قرأ سورة العصر غفر الله له ، وكان ممن تواصى بالحق وتواصى بالصبر ) " انتهى.

" الصحيح والسقيم في فضائل القرآن الكريم " (ص/96)

ثانيا :

ننقل ههنا كلاما نفيسا للعلامة ابن القيم رحمه الله ، يبين فيه أقوال العلماء في المفاضلة بين قراءة القدر اليسير من القرآن بتدبر وفهم ، وبين قراءة القدر الكثير من القرآن من غير تدبر ولا تفكر .

يقول ابن القيم رحمه الله :

" اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة ، أو السرعة مع كثرة القراءة : أيهما أفضل ؟ على قولين :

فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها .

واحتج أرباب هذا القول بأن المقصود من القراءة فهمه ، وتدبره ، والفقه فيه ، والعمل به ، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نزل القرآن ليعمل به

فاتخذوا تلاوته عملا ، ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله ، وإن أقام حروفه إقامة السهم .

قالوا : ولأن الإيمان أفضل الأعمال ، وفهم القرآن وتدبره هو الذي يثمر الإيمان

وأما مجرد التلاوة من غير فهم ولا تدبر فيفعلها البر والفاجر والمؤمن والمنافق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومثل المنافق الذي يقرأ القران كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ).

والناس في هذا أربع طبقات : أهل القرآن والإيمان ، وهم أفضل الناس . والثانية : من عدم القرآن والإيمان . الثالثة : من أوتي قرآنا ولم يؤت إيمانا . الرابعة : من أوتي إيمانا ولم يؤت قرآنا .

قالوا : فكما أن من أوتي إيمانا بلا قرآن أفضل ممن أوتي قرآنا بلا إيمان ، فكذلك من أوتي تدبرا وفهما في التلاوة أفضل ممن أوتي كثرة قراءة وسرعتها بلا تدبر .

قالوا : وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، وقام بآية حتى الصباح .

وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كثرة القراءة أفضل ، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة

والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه .

قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في ركعة ، وذكروا آثارا عن كثير من السلف في كثرة القراءة .

والصواب في المسألة أن يقال :

إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :

فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .

والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .

وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان يمد مدا ) .

وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل

فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .

وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن الصوت – فقال : رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .

وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .

- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر -.

وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين آمنوا ) فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه . " انتهى.

" زاد المعاد " (1/337-340)

والله أعلم .









قديم 2019-02-26, 18:14   رقم المشاركة : 355
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إذا كان القرآن كاملا مكتملا وافيا للشريعة فما الحاجة إلى السنة ؟!

السؤال

إذا كان القرآن كاملا مكتملا وافيا للشريعة فما الحاجة إلى السنة ؟ .

الجواب


الحمد لله

أولاً :

لا يزال أعداء الدِّين يحرصون على النيل من دين الله تعالى بشتى الصور والأساليب

وينشرون شبهاتهم وضلالاتهم بين عامة المسلمين ، فينساق وراءهم بعض ضعاف الإيمان ، والجهلة من المسلمين ، ولو أن واحداً من هؤلاء العامة فكَّر قليلاً لعلم أن شبههم خاوية ، وأن حجتهم داحضة
.
ومن أيسر ما يمكن أن يرد به العامي على هذه الشبهة المتهافتة أن يسأل نفسه : كم ركعة أصلي الظهر ؟

وكم هو نصاب الزكاة ؟ وهذا سؤالان يسيران ، ولا غنى بمسلم عنهما ، ولن يجد إجابتهما في كتاب الله تعالى ، وسيجد أن الله تعالى أمره بالصلاة ، وأمره بالزكاة

فكيف سيطبق هذه الأوامر من غير أن ينظر في السنَّة النبوية ؟

إن هذا من المحال ، ولذا كانت حاجة القرآن للسنَّة أكثر من حاجة السنَّة للقرآن ! كما قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله - : " الكتاب أحوج إلى السنَّة من السنَّة إلى الكتاب "

كما في " البحر المحيط " للزركشي ( 6 / 11 )

، ونقله ابن مفلح الحنبلي في " الآداب الشرعية " ( 2 / 307 ) عن التابعي مكحول .

ولا نظن بالأخ السائل إلا خيراً ، ونظن أنه سأل مستفهماً عن أوجه الرد على من يقول بمثل هذه الأقاويل زاعماً تعظيمه للقرآن الكريم .

ثانياً :

من أوجه الرد على من يزعم أنه لا حاجة للمسلمين للسنَّة المشرفة

وأنه يُكتفى بالقرآن الكريم : أنه بهذا القول يرد كلام الله تعالى في كتابه الكريم ، حيث أمر في آيات كثيرة بالأخذ بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالانتهاء عما نهى عنه ، وبطاعته ، وقبول حكمه ، ومن ذلك :

قال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر:من الآية7 .

وقال تعالى : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) النور/54 .

وقال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) النساء/من الآية64 .

وقال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65 .

فماذا يصنع هذا الزاعم المدعي أنه يُكتفى بالقرآن ويُستغنى به عن السنَّة في هذه الآيات ؟ وكيف سيستجيب لأمر الله تعالى فيها ؟ .

وهذا بالإضافة إلى ما قلناه أولاً باختصار ، وهو أنه كيف سيقيم الصلاة التي أمره الله تعالى بها في كتابه الكريم ؟

وما عددها ؟

وما أوقاتها ؟

وما شوطها ؟

وما مبطلاتها ؟

وقل مثل ذلك في الزكاة ، والصيام ، والحج ، وباقي شعائر الدين وشرائعه .

وكيف سيطبق قول الله تعالى ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) المائدة/38 ؟

فكم هو نصاب السرقة ؟

ومن أين تُقطع اليد ؟

وهل هي اليمين أم الشمال ؟

وما هي الشروط في الشيء المسروق ؟

وقل مثل ذلك في حد الزنا والقذف واللعان وغيرها من الحدود .

قال بدر الدين الزركشي – رحمه الله - :

وقال الشافعي في " الرسالة " - في باب فرض طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم - :

قال تعالى : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) وكل فريضة فرضها الله تعالى في كتابه : كالحج ،

والصلاة ، والزكاة : لولا بيان الرسول ما كنا نعرف كيف نأتيها , ولا كان يمكننا أداء شيء من العبادات , وإذا كان الرسول من الشريعة بهذه المنزلة : كانت طاعته على الحقيقة طاعة لله .

" البحر المحيط " ( 6 / 7 ، 8 ) .
\
وكما يرى المسلم العاقل أن الزاعم أنه معظم لكتاب الله تعالى هو من أعظم المخالفين للقرآن

ومن أعظم المنسلخين عن الدين ؛ حيث جعل القرآن كافيا لإقامة الدين والأحكام ، وهو بالضرورة إما أنه لا يفعل ما جاء بالسنة فيكفر ، أو أنه يفعلها فيتناقض !

ثالثاً :

والله تعالى بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالإسلام ، وهذه النعمة العظيمة ليست القرآن وحده ، بل هي القرآن والسنَّة ، ولما امتنَّ الله على الأمة بإتمام الدين وإكمال النعمة لم يكن المقصود منه إنزال القرآن

بل إتمام الأحكام في القرآن والسنَّة ، بدليل نزول آيات من القرآن الكريم بعد إخبار الله تعالى بمنته على عباده بإكمال الدين وإتمام النعمة .

قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً ) المائدة/من الآية3 .

قال بدر الدين الزركشي – رحمه الله - :

قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) أي : أكملت لكم الأحكام ، لا القرآن ؛ فإنه نزل بعد ذلك منه آيات غير متعلقة بالأحكام .

" المنثور في القواعد " ( 1 / 142 ) .

وقال ابن القيم – رحمه الله - :

فقد بيَّن الله - سبحانه - على لسان رسوله بكلامه وكلام رسوله جميع ما أمره به ، وجميع ما نهى عنه ، وجميع ما أحله ، وجميع ما حرمه

وجميع ما عفا عنه , وبهذا يكون دينُه كاملا

كما قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) .

" إعلام الموقعين " ( 1 / 250 ) .









قديم 2019-02-26, 18:14   رقم المشاركة : 356
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعاً :

وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن السنَّة التي جاء بها هي مثل القرآن في كونها من الله تعالى ، وفي كونها حجة ، وفي كونها ملزمة للعباد

وحذَّر من الاكتفاء بما في القرآن وحده للأخذ به والانتهاء عن نهيه ، وبيَّن مثالاً لحرامٍ ثبت في السنَّة ولم يأت له ذِكر في القرآن ، بل في القرآن إشارة لحلِّه ، وكل ذلك في حديث واحدٍ صحيح .

عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ :

عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ ) .

رواه أبو داود ( 4604 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود .

وهذا الذي فهمه الصحابة رضي الله من دين الله تعالى :

عن عبد الله قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت

فقال : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله ؟ فقالت : لقد قرأتُ ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول

قال : لئن كنتِ قرأتيه لقد وجدتيه ؛ أما قرأت : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر/7 ؟ ،

قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه ، قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه ، قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً ، فقال : لو كانتْ كذلك ما جامعَتنا .

رواه البخاري ( 4604 ) ، ومسلم ( 2125 ) .

وهو الذي فهمه التابعون وأئمة الإسلام من دين الله تعالى ، ولا يعرفون غيره ، أنه لا فرق بين الكتاب والسنَّة في الاستدلال والإلزام ، وأن السنَّة مبينة ومفسرة لما في القرآن .

قال الأوزاعي عن حسان بن عطية : كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسنَّة تفسر القرآن .
وقال أيوب السختياني : إذا حدَّث الرجل بالسنَّة فقال : دعنا من هذا

حدِّثنا من القرآن : فاعلم أنه ضال مضل .

وقال الأوزاعي : قال الله تعالى ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ، وقال ( وما آتاكم الرسول فخذوه ) ..
.. .
وقال الأوزاعي : قال القاسم بن مخيمرة : ما توفي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام : فهو حرام إلى يوم القيامة , وما توفي عنه وهو حلال : فهو حلال إلى يوم القيامة .

انظر : " الآداب الشرعية " ( 2 / 307 ) .

قال بدر الدين الزركشي – رحمه الله - :

قال الحافظ الدارمي : يقول : ( أوتيت القرآن , وأوتيت مثله ) : من السنن التي لم ينطق بها القرآن بنصه , وما هي إلا مفسرة لإرادة الله به , كتحريم لحم الحمار الأهلي , وكل ذي ناب من السباع ,

وليسا بمنصوصين في الكتاب .

وأما الحديث المروي من طريق ثوبان في الأمر بعرض الأحاديث على القرآن , فقال الشافعي في " الرسالة " :

" ما رواه أحد ثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير " , وقد حكم إمام الحديث يحيى بن معين بأنه موضوع , وضعته الزنادقة ، قال ابن عبد البر في كتاب " جامع بيان العلم "

: قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا حديث : ( ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله , فإن وافق كتاب الله فأنا قلته , وإن خالف فلم أقله ) ، قال الحافظ : وهذا لا يصح , وقد عارضه قوم ,

وقالوا : نحن نعرضه على كتاب الله فوجدناه مخالفا للكتاب ; لأنا لم نجد فيه : لا يقبل من الحديث إلا ما وافق الكتاب , بل وجدنا فيه الأمر بطاعته , وتحذير المخالفة عن أمره حكم على كل حال . انتهى .

وقال ابن حبان في " صحيحه " في قوله صلى الله عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ) : فيه دلالة على أن السنَّة يقال فيها : آي .

" البحر المحيط " ( 6 / 7 ، 8 ) .

خامساً :

قد ذكر العلماء أوجهاً لبيان السنة للقرآن ، ومنها : أنها تأتي موافقة لما في القرآن ، وتأتي مقيدة لمطلقه ، ومخصصة لعمومه ، ومفسرة لمجمله ، وناسخة لحكمه ، ومنشئة لحكم جديد ، وبعض العلماء يجمع ذلك في ثلاث منازل .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

والذي يجب على كل مسلم اعتقاده : أنه ليس في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة سنَّة واحدة تخالف كتاب الله ، بل السنن مع كتاب الله على ثلاث منازل :

المنزلة الأولى : سنَّة موافقة شاهدة بنفس ما شهد به الكتاب المنزل .

المنزلة الثانية : سنَّة تفسر الكتاب ، وتبين مراد الله منه ، وتقيد مطلقه .

المنزلة الثالثة : سنَّة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب ، فتبيِّنه بياناً مبتدأً .

ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة ، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة .

وقد أنكر الإمام أحمد على من قال " السنة تقضي على الكتاب " فقال : بل السنَّة تفسر الكتاب وتبينه .

والذي يشهد الله ورسوله به أنه لم تأت سنَّة صحيحة واحدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تناقض كتاب الله

وتخالفه ألبتة ، كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين لكتاب الله ، وعليه أنزل ، وبه هداه الله ، وهو مأمور باتباعه ، وهو أعلم الخلق بتأويله ومراده ؟! .

ولو ساغ رد سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فهمه الرجل من ظاهر الكتاب لردت بذلك أكثر السنن ، وبطلت بالكلية .

وما من أحد يُحتج عليه بسنَّة صحيحة تخالف مذهبه ونحلته إلا ويمكنه أن يتشبث بعموم آية ، أو إطلاقها ، ويقول : هذه السنة مخالفة لهذا العموم والإطلاق فلا تقبل .

حتى إن الرافضة قبحهم الله سلكوا هذا المسلك بعينه في رد السنن الثابتة المتواترة ، فردوا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا نُورث ما تركنا صدقة ) وقالوا : هذا حديث يخالف كتاب الله

قال تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .

وردت الجهمية ما شاء الله من الأحاديث الصحيحة في إثبات الصفات بظاهر قوله ( ليس كمثله شيء ) .

وردت الخوارج من الأحاديث الدالة على الشفاعة ، وخروج أهل الكبائر من الموحدين من النار بما فهموه من ظاهر القرآن .
وردت الجهمية أحاديث الرؤية مع كثرتها وصحتها بما فهموه من ظاهر القرآن في قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .

وردت القدرية أحاديث القدر الثابتة بما فهموه من ظاهر القرآن .

وردت كل طائفة ما ردته من السنة بما فهموه من ظاهر القرآن .

فإما أن يطرد الباب في رد هذه السنن كلها ، وإما أن يطرد الباب في قبولها ، ولا يرد شيء منها لما يفهم من ظاهر القرآن ، أما أن يرد بعضها ويقبل بعضها - ونسبة المقبول إلى ظاهر القرآن كنسبة المردود - : فتناقض ظاهر .

وما مِن أحد رد سنَّة بما فهمه من ظاهر القرآن إلا وقد قبل أضعافها مع كونها كذلك .

وقد أنكر الإمام أحمد والشافعي وغيرهما على من ردَّ أحاديث تحريم كل ذي ناب من السباع بظاهر قوله تعالى ( قل لا أجد في ما أوحى إليَّ محرماً ) الآية .

وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من رد سنَّته التي لم تذكر في القرآن ، ولم يدَّعِ معارضة القرآن لها : فكيف يكون إنكاره على من ادعى أن سنَّته تخالف القرآن وتعارضه ؟ .

" الطرق الحكمية " ( 65 – 67 ) .

وللشيخ الألباني – رحمه الله - رسالة بعنوان " منزلة السنة في الإسلام ، وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن " ، وفيها :
تعلمون جميعاً أن الله تبارك وتعالى اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم بنبوته

واختصه برسالته ، فأنزل عليه كتابه القرآن الكريم

وأمره فيه - في جملة ما أمره به - أن يبينه للناس ، فقال تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ) النحل/44 ، والذي أراه أن هذا البيان المذكور في هذه الآية الكريمة يشتمل على نوعين من البيان :

الأول : بيان اللفظ ونظمه ، وهو تبليغ القرآن ، وعدم كتمانه ، وأداؤه إلى الأمة ، كما أنزله الله تبارك وتعالى على قلبه صلى الله عليه وسلم

وهو المراد بقوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك ) المائدة/67 ، وقد قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها - في حديث لها " ومن حدثك أن محمداً كتم شيئاً أُمر بتبليغه :

فقد أعظم على الله الفرية " ، ثم تلت الآية المذكورة " - أخرجه الشيخان - ، وفي رواية لمسلم : " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً أُمر بتبليغه لكتم قوله تعالى

: ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) الأحزاب/37 .

والآخر : بيان معنى اللفظ ، أو الجملة ، أو الآية الذي تحتاج الأمة إلى بيانه

وأكثر ما يكون ذلك في الآيات المجملة ، أو العامة ، أو المطلقة ، فتأتي السنَّة ، فتوضح المجمل ، وتُخصِّص العام ، وتقيِّد المطلق ، وذلك يكون بقوله صلى الله عليه وسلم ، كما يكون بفعله وإقراره .

وقوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة/38 ، مثال صالح لذلك

فإن السارق فيه مطلقٌ كاليد ، فبينتِ السنَّة القوليَّة الأول منهما ، وقيدته بالسارق الذي يسرق ربع دينارٍ بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً ) - أخرجه الشيخان -

كما بينتِ الآخَرَ بفعله صلى الله عليه وسلم أو فعل أصحابه وإقراره ، فإنهم كانوا يقطعون يد السارق من عند المفصل ، كما هو معروف في كتب الحديث

وبينت السنة القوليَّة اليد المذكورة في آية التيمم : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) النساء/43

و المائدة /6 بأنها الكف أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( التيمم ضربة للوجه والكفين ) أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما .

وإليكم بعض الآيات الأخرى التي لم يمكن فهمها فهماً صحيحاً على مراد الله تعالى إلا من طريق السنة :

1. قوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام /82 ، فقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله( بظلم ) على عمومه الذي يشمل كل ظلم ولو كان صغيراً

ولذلك استشكلوا الآية فقالوا : يا رسول الله أيُّنا لم يلبس أيمانه بظلم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس بذلك ، إنما هو الشرك ؛ ألا تسمعوا إلى قول لقمان : ( إن الشرك لظلم عظيم ) لقمان/13 ؟ ) أخرجه الشيخان وغيرهما .

2. قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) النساء/101 ، فظاهر هذه الآية يقتضي أن قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف

ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما بالنا نقصر وقد أَمِنَّا ؟ قال : ( صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) - رواه مسلم - .

3. قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) المائدة/3 ، فبينت السنة القولية أن ميتة الجراد والسمك ،

والكبد والطحال ، من الدم حلال ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أحلت لنا ميتتان ودمان :

الجراد والحوت - أي : السمك بجميع أنواعه - ، والكبد والطحال ) - أخرجه البيهقي وغيره مرفوعاً وموقوفاً ، وإسناد الموقوف صحيح ، وهو في حكم المرفوع ؛ لأنه لا يقال من قِبَلِ الرأي - .

4. قوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي مُحرَّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً، أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ) الأنعام/145

ثم جاءت السنَّة فحرمت أشياء لم تُذكر في هذه الآية ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير حرام ) ، وفي الباب أحاديث أخرى في النهي عن ذلك

كقوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر : ( إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الإنسية ؛ فإنها رجس ) - أخرجه الشيخان - .

5. قوله تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الأعراف/32

فبينت السنة أيضاً أن من الزينة ما هو محرم ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوماً على أصحابه وفي إحدى يديه حرير ، وفي الأخرى ذهب

فقال : ( هذان حرام على ذكور أمتي ، حلٌّ لإناثهم ) - أخرجه الحاكم وصححه - .

والأحاديث في معناه كثيرة معروفة في " الصحيحين " وغيرهما ، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المعروفة لدى أهل العلم بالحديث والفقه .

ومما تقدم يتبين لنا - أيها الإخوة - أهمية السنَّة في التشريع الإسلامي ، فإننا إذا أعدنا النظر في الأمثلة المذكورة - فضلا عن غيرها مما لم نذكر - نتيقن أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم فهماً إلا مقروناً بالسنَّة .

" منزلة السنة في الإسلام " ( ص 4 – 12 ) .

وننصح بالرجوع إلى رسالة الشيخ الألباني – رحمه الله – فهي في صلب موضوع السؤال .

وبه يتبين :

أنه لا يحل لأحدٍ أن يفصل القرآن عن السنَّة في إثبات الأحكام ولزومها للمكلَّف

وأن من فعل ذلك فهو من أعظم المخالفين لما في القرآن من أوامر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والأخذ بسنَّته والانتهاء عن نهيه

، وأن السنَّة النبوية جاءت مؤيدة لما في القرآن وموضحة له ومقيدة لمطلقه ومخصصة لعمومه ، وجاءت كذلك مستقلة في إنشاء الأحكام ، وكل ذلك لازم للمسلم الأخذ به .

وأمر أخير :

هب أننا نعدُّ هذا تنازعاً بيننا وبين خصومنا الذين يرون الاكتفاء بالقرآن : فإننا نقول : إننا أُمرنا في القرآن الكريم عند التنازع أن نرجع إلى القرآن والسنَّة !

فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) النساء/59

فماذا هو صانعٌ خصمنا بهذه الحجة القرآنية ؟

إن قبلها : رجع إلى السنَّة فبطل قوله ، وإن لم يرجع : فقد خالف القرآن الذي يزعم أنه كافٍ عن السنَّة .

والحمد لله رب العالمين









قديم 2019-02-26, 18:17   رقم المشاركة : 357
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي طبيعة سلطة القرآن على المسلمين

السؤال

أدرس دورة في ديانات العالم ، وأجد مشكلة في إيجاد حل للسؤال التالي :

ما هي طبيعة سلطة القرآن تبعاً للعرف الإسلامي ؟ وما هو دور القرآن في التشريع الإسلامي طبقاً للتراث الإسلامي الحنيف ؟


الجواب

الحمد لله


القرآن أنزله الله عز وجل شريعة ومرجعا في الحلال والحرام والأمر والنهي لزاما على الناس

فما فيه من الأمر امتثلوه وما فيه من نهي اجتنبوه وما فيه من حلال أحلوه وما فيه من حرام حرموه ، وفيه خبر ما قبلنا ونبأ ما بعدنا وحكم ما بيننا ،

قال الله عز وجل : " ما فرطنا في الكتاب من شئ "

وبعد أن تم نزوله قال الله عز وجل : " اليوم أكملت لكم دينكم "

وجاءت السنة مبينة ومكملة للقرآن قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إنني أوتيت القرآن ومثله معه "

ومعنى قوله ومثله أي السنّة ، حديث صحيح ، وأمر الله عز وجل بالرجوع إلى هذين الدستورين

قال الله عز وجل : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )

فالرد إلى الله يعني إلى القرآن والرد إلى الرسول يعني إلى السنة ، فالقرآن هو المصدر الأول للتشريع ثم تأتي السنة

والله تعالى أعلم .

: الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-26, 18:25   رقم المشاركة : 358
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إباحة التسري بملك اليمين محكم غير منسوخ بإجماع المسلمين

السؤال

نزلت الآية الرابعة من سورة المائدة :" اليوم أُحل لكم الطيبات..." الآية يوم عرفة عام حجة الوداع ، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام " تفسير الجلالين ؛ هذه الآية حسب التفسير توضح أن المحللات بالوطء بشرط الإحصان ، أي : الزواج

هن المؤمنات عموما ًوالمحصنات الكتابيات الحرائر ، وليس هنالك ذكر لملك اليمين ! ألا يعنى ذلك ضمنياً نسخ إباحة التسري بملك اليمين دون عقد نكاح ؟

أرجو الإفادة ، وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله


أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا .

ويقال للأمة المتخذة للوطء ( سرية ) مأخوذة من السِّرِّ وهو النكاح .

ودل على ذلك القرآن والسنة ، وفعله الأنبياء فقد تسرَّى إبراهيم عليه السلام من هاجر فولدت له إسماعيل عليهم السلام أجمعين .

وفعله نبينا صلى الله عليه وسلم ، وفعله الصحابة والصالحون والعلماء وأجمع عليه العلماء كلهم ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن يمنعه ومن يحرم فعل ذلك فهو آثم مخالف لإجماع العلماء .

قال الله تعالى : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا النساء / 3 .

معنى ملكت أيمانكم : أي : ما ملكتم من الإماء والجواري .

وقال الله تعالى : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة

إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما ) الأحزاب / 50 .

وقال : والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون المعارج / 29 – 31 .

قال الطبري :

يقول تعالى ذكره : والذين هم لفروجهم حافظون ، حافظون عن كل ما حرم الله عليهم وضعها فيه ، إلا أنهم غير ملومين في ترك حفظها على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم من إمائهم .

" تفسير الطبري " ( 29 / 84 ) .

قال ابن كثير :

وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرى بها على سارة .

" تفسير ابن كثير " ( 1 / 383 ) .

وقال ابن كثير أيضاً :

وقوله تعالى : وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك الأحزاب / 50

أي : وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم ، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما .

" تفسير ابن كثير " ( 3 / 500 ) .

وقد أجمع العلماء على إباحته .

قال ابن قدامة :

ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء ؛ لقول الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين .

وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم وهي أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها " أَعِتَقَها ولدُها "

وكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام سُرِّيَّة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة ، وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد ،

ولكثير من الصحابة ، وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات الأولاد . يعني أن هؤلاء الثلاثة علي والقاسم وسالم كانت أمهاتهم من الإماء .

" المغني " ( 10 / 411 ) .

وأم الولد : هي الأمَة التي تلد من سيدها.

وقال الشافعي رحمه الله تعالى :

قال الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون - إلى قوله - غير ملومين ، فدل كتاب الله عز وجل على أن ما أباحه من الفروج فإنما أباحه من أحد الوجهين النكاح أو ما ملكت اليمين .

" الأم " ( 5 / 43 ) .

ولا رأي للزوجة لا في ملك زوجها للإماء ولا في جماعه لهن .

ثانيا :

يقول الله عز وجل في سور المائدة : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ

إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة/ 5 .

فقوله تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )

أي : أحل لكم نكاح المحصنات ، وهن الحرائر العفيفات من المؤمنات ، والحرائر العفيفات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم أي: من اليهود والنصارى .

"تفسير السعدي" (ص 221) .

والاستدلال بهذه الآية على نسخ إباحة التسري بدعوى أنها آخر ما نزل من القرآن ، وليس فيها إلا إباحة وطء

المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب بالزواج ، قول باطل مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة .

ويمكن تلخيص بيان أن الآية لا تدل على ذلك فيما يلي :

أولا :

أن الآية إنما تتكلم عن النكاح الذي هو الزواج ، ولم تتعرض للتسري بوجه ، وإنما يستفاد حكمه من الأدلة الأخرى ، وهي معروفة في موضعها.

فقول السائل : ليس هناك ذكر لملك اليمين ، هو عين ما نحتج به على أن ملك اليمين باق على الأصل

لأن الآية إنما تتكلم عن الزواج ، فالمرأة إنما توطأ بالزواج أو بملك اليمين ، وأحكام النكاح ليست كأحكام التسري كما هو معلوم .

ثانيا :

أن هذا القول مخالف لإجماع الأمة وفعل خيارها من الصحابة والتابعين فمن بعدهم دون مخالف واحد منهم ، فلم يزل الصحابة والتابعون يجاهدون في سبيل الله ويتسرون بالإماء ، ولا نعلم عن واحد منهم أنه توقف في ذلك .

ثالثا :

سميت سورة النساء بهذا الاسم لكثرة ما ورد بها من أحكام النساء ؛ وقد جاء فيها ذكر ملك اليمين في عدة آيات بذكر بعض الأحكام التي تخص ملك اليمين ، فلو كان لهذا الكلام أصل لورد ذكره

في هذه السورة التي اعتنت بذكر أحكام النساء أكثر من غيرها من سور الكتاب المجيد

. قال تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ) النساء/ 3

وقال تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) النساء/ 25

إلى قوله : ( فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) النساء/ 25

وقال سبحانه : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ

وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) النساء/ 36 .

رابعا :

قال الله عز جل مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي

هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/ 50؛

أفيعقل أن يأتي النص الصريح في حل ملك اليمين للنبي صلى الله عليه وسلم وتعداد ما أحل الله له على التفصيل

، ثم لا يذكر الله عز وجل له في كتابه أنه نسخ حل ذلك له ولغيره من المؤمنين ولا في آية واحدة ، مع كثرة ما ورد في القرآن من ذكر ملك اليمين وذكر ما يخصهن من الأحكام ؟!

والواقع أن النصوص في ذلك كثيرة جدا ، وفيما مضى إشارة إلى ما يكفي منها ، وقد تواترت الأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة

إجماعا علميا وعمليا ، على أن ذلك تشريع محكم ، لم ينسخ منه شيء .

والله أعلم .









قديم 2019-02-26, 18:28   رقم المشاركة : 359
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار )

السؤال:

أرجو تفسير قوله تعالى : ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) الزمر / 20، ما هي الغرف ؟

وهل الغرف مبنية على الأنهار أم لا ؟


الجواب

الحمد لله

يقول الله تعالى :( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) سورة الزمر/ 19 ، 20.

قال ابن كثير رحمه الله :

في قوله تعالى: ( مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ )، أي : طباق فوق طباق، مَبْنيات محكمات مزخرفات عاليات "

انتهى من تفسير ابن كثير (7/91) .

وقال السعدي رحمه الله

: " أي: منازل عالية مزخرفة، من حسنها وبهائها وصفائها، أنه يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، ومن علوها وارتفاعها، ترى كما يرى الكوكب الغابر في الأفق الشرقي أو الغربي، ولهذا قال:

( مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ ) أي: بعضها فوق بعض ( مَبْنِيَّةٌ ) بذهب وفضة، وملاطها المسك الأذفر "

انتهى من تفسير السعدي(1/722) .

وقوله تعالى: ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ).

قال الشوكاني رحمه الله

: أي : من تحت تلك الغرف، وفي ذلك كمال لبهجتها ، وزيادة لرونقها "

انتهى من "فتح القدير" (6/278).

والله أعلم









قديم 2019-02-26, 18:31   رقم المشاركة : 360
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

سبب نزول المعوذتين

السؤال

ما هو سبب نزول المعوذتين ؟

وما معنى في جفّ طلعة تحت راعوفة ؟


الجواب

الحمد لله

أولاً :

ذكر بعض أهل التفسير أن سبب نزول المعوذتين هو قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم ، والقصة أصلها في الصحيحين ، لكن دون ذكر نزول المعوذتين فيها .

انظر : " أسباب النزول للواحدي " ص410 .

وقد نقل ابن كثير في تفسيره (4/918)

عن الثعلبي قصة مطولة ، في سحر اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه : أن المعوذتين نزلتا في ذلك ، ثم قال :

" هكذا أورده بلا إسناد وفيه غرابة ، وفي بعضه نكارة شديدة ، ولبعضه شواهد " انتهى .

وقال السيوطي في " لباب النقول " ص347 بعد إيراده لهذه القصة : " لأصله شاهد في الصحيح بدون نزول السورتين ، وله شاهد بنزولهما " انتهى .

وقال ابن حجر في " فتح الباري " (10/235) :

" وقد وقع في حديث ابن عباس فيما أخرجه البيهقي في " الدلائل " بسند ضعيف في آخر قصة السحر الذي سحر به النبي صلى الله عليه وسلم ، أنهم وجدوا وترًا فيه إحدى عشرة عقدة

وأنزلت سورة الفلق والناس ، وجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، وأخرجه ابن سعد بسند آخر منقطع عن ابن عباس " انتهى .

وضعفه أيضًا في " تلخيص الحبير " (4/1348) .

ثانيًا :

وأما الألفاظ المسؤول عن معناها في القصة

فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" والراعوفة حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه ، يقوم عليه المستقي ، وقد يكون في أسفل البئر

قال أبو عبيد: هي صخرة تنزل في أسفل البئر إذا حفرت ، يجلس عليها الذي ينظف البئر ، وهو حجر يوجد صلبًا لا يستطاع نزعه ، فيترك .. "

انتهى من "فتح الباري" (11/399) .

وينظر : "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (3/577)

"لسان العرب" لابن منظور (9/125) .

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-26 في 18:31.
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc