مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 24 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-22, 16:13   رقم المشاركة : 346
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



زيد بن أسلم وأبوه من موالي عمر بن الخطاب رضي الله عنه

السؤال

في ترجمة زيد بن أسلم ، يُذكر أنه مولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ووفاة زيد بن أسلم كانت سنة 136هـ أو نحوها ، أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ففي سنة 23هـ ، فيستبعد أن يكون أدركه .

. فكيف يكون مولًى له ؟

في بعض المصادر وجدت أن ( أسلم ) والد ( زيد بن أسلم ) كان مولى لعمر رضي الله عنه ، هل لهذا علاقة ؟


الجواب

الحمد لله


اشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه " أسلم " وكنيته أبو زيد ، اشتراه بمكة في موسم الحج في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ذكر ذلك محمد بن إسحاق .

واختلفت الروايات في نسبه ، فقيل هو حبشي ، وقيل يماني من الأشعريين ، وقيل قرشي عدوي ، والله أعلم بالصواب .

وقد لازم أسلمُ عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه ، وحفظ عنه ، وروى عنه الأحاديث الكثيرة

وروى عن أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم ، حتى وصفه الإمام الذهبي بأنه الفقيه الإمام ، وهو من رواة الكتب الستة ، توفي سنة ثمانين للهجرة
.
انظر : "سير أعلام النبلاء" (4/98-99) .

وأما ابنه " زيد بن أسلم " فهو من أئمة العلم والحديث أيضا ، وصفه الذهبي بأنه الإمام الحجة القدوة الفقيه ، وله من الأبناء من رواة الحديث والتفسير : أسامة ، وعبد الله ، وعبد الرحمن

وقال البخاري : كان علي بن الحسين يجلس إلى زيد بن أسلم ، فكُلِّمَ في ذلك فقال : إنما يجلس الرجل إلى مَن ينفعه في دينه . توفي " زيد بن أسلم " سنة (136هـ) .

وزيد لم يدرك عمر بن الخطاب قولا واحدا ، بل لم يدرك الكثير من الصحابة ،

وحديثه عن كثير منهم مرسل ، وإنما يقال عنه إنه مولى عمر بن الخطاب لأن أباه كان مولاه ، فيجوز وصفه ووصف جميع أبنائه بأنهم من موالي عمر بن الخطاب وإن لم يدركوه .

وكثيرا ما يكون قصد الكاتب وصف والده " أسلم " أنه مولى عمر بن الخطاب

فيقول : " زيد بن أسلم مولى عمر " فيفهم القارئ أن قوله " مولى عمر " تعود على زيد ، وإنما المقصود عودها على " أسلم "، وإن كان عودها على " زيد " صحيح أيضا كما سبق.

وننقل هنا شيئا من ترجمة الإمام زيد بن أسلم ، لما فيها من فوائد وعبر :

جاء في ترجمته في "تهذيب الكمال" (10/15) للحافظ المزي رحمه الله :

" قَال الواقدي ، عن مالك : كانت لزيد بن أسلم حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وَقَال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : قال لي أبو حازم : لقد رأيتنا في مجلس أبيك أربعين حبرا فقهاء ، أدنى خصلة منا التواسي بما في أيدينا ، فما رئي منا متماريان ، ولا متنازعان في حديث لا ينفعهما قط .

قال : وكان أبو حازم يقول : اللهم ، إنك تعلم أني أنظر إلى زيد فأذكر بالنظر إليه القوة على عبادتك ، فكيف بملاقاته ومحادثته ؟ .

وَقَال مالك : كان زيد بن أسلم يحدث من تلقاء نفسه ، فإذا سكت قام ، فلا يجترئ عليه إنسان . قال : وكان يقول : ابن آدم ، اتق الله يحبك الناس وإن كرهوا .

وَقَال مصعب بن عَبد الله الزبيري ، عَن أبيه ، عن جده : سمعت زيد بن أسلم يقول : انظر من كان رضاه عنك في إحسانك إلى نفسك ، وكان سخطه عليك في إساءتك إلى نفسك

فكيف تكون مكافأتك إياه " انتهى باختصار .

وانظر : "سير أعلام النبلاء" (5/316) .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 16:16   رقم المشاركة : 347
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل حدث زلزال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال

هل وقعت زلازل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب

الحمد لله

لم يثبت في كتب السنة والأثر بالسند المتصل الصحيح أن المدينة زلزلت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وما ورد في ذلك إنما جاء بأسانيد ضعيفة مرسلة ، وهذا بيانها :

أولا:

عن محمد بن عبد الملك بن مروان قال : ( إن الأرض زلزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضع يده عليها ثم قال : اسكني فإنه لم يأن لك بعد

ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه ) رواه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" (رقم/18) قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني علي بن محمد بن إبراهيم

قال : أخبرنا أبو مريم ، قال : أخبرنا العطار ابن خالد الحرمي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الملك بن مروان به .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عدة علل ، منها :

1- الإعضال والإرسال ، فوفاة محمد بن عبد الملك بن مروان كانت سنة (266) ، فكيف يُحَدِّثُ عن أمر وقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقله غيره
.
2- العطار بن خالد الحرمي : لم أجد له ترجمة .

ثانيا:

عن شهر بن حوشب قال : ( زلزلت المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه ) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/357) قال : حدثنا حفص عن ليث عن شهر به .

وهذا إسناد ضعيف ، فيه عدة علل :

1- الإرسال ، فشهر بن حوشب توفي سنة (112هـ) ، ولم يدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم .

2- ثم هو مضعف في نفسه عند بعض أهل العلم ، قال شعبة : لم أعتد به . وقال النسائي

: ليس بالقوي . وقال ابن حبان : كان ممن يروي عن الثقات المعضلات ، وعن الأثبات المقلوبات .

وقال البيهقي : ضعيف . ووثقه آخرون ، لذلك قال فيه الحافظ ابن حجر : صدوق كثير الإرسال والأوهام

. انظر "تهذيب التهذيب" (4/371) .

3- ليث بن أبي سليم : اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك

. انظر: "تهذيب التهذيب" (8/468) .

لذلك قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/222) : " هذا مرسل ضعيف " انتهى .

وقد روي هذا القول من كلام ابن مسعود رضي الله عنه ، كما جاء في تفسير الطبري (17/478) : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة

قوله : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ) ، وإن الله يخوّف الناس بما شاء من آية لعلهم يعتبرون ، أو يذَّكَّرون ، أو يرجعون ، ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود ، فقال : يا أيها الناس ! إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه .

والحاصل أنه لم يثبت وقوع الزلزال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما وقع بعده في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، روى ذلك ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/358) وغيره

عن نافع عن صفية قالت : زلزلت الأرض على عهد عمر فخطب الناس فقال : لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم . ذكر ذلك ابن الجوزي في "المنتظم" في أحداث سنة عشرين للهجرة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 16:21   رقم المشاركة : 348
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يوجد أحدٌ الآن من " آل البيت " ؟

وماذا عن ادعاءات كثيرين له ؟


السؤال

هل يوجد أحد من نسل النبي صلى الله عليه وسلم ويكون جدهم عن طريق فاطمة رضي الله عنها ؟

وما قولك في الذين يدعون أنهم من آل البيت من السنَّة والشيعة في يومنا هذا ، ويقولون : نحن لا نأكل الصدقات ؟ .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

علم الأنساب علم جليل ، وقد كان أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه أعلم الناس بالنسب

وقد أخطأ من قال : إنه علمٌ لا ينفع ، والجهل به لا يضر ، وكيف يكون هذا مع الأمر منه صلى الله عليه وسلم بالتعرف على النسب لأجل صلة الرحم ؟ وكيف يكون هذا مع الوعيد على من انتسب إلى غير أبيه ، أو إلى غير قبيلته ؟ .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ) . رواه الترمذي ( 1979 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

( مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ) يَعْني : زِّيَادَة فِي الْعُمُرِ .

قال ابن عبد البر رحمه الله : " ولعمْري ما أنصف القائل : " إن عِلْم النسب عِلْم لا يَنفع ، وجَهالة لا تضر " ؛ لأنه بيِّن نفعُه لما قدّمنا ذكره ؛ ولما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

قال : ( كُفْرٌ بالله تبرُّؤ من نسب وإن دق ، وكفر بالله ادعاء إلى نَسب لا يُعرف ) – رواه أحمد وابن ماجه ، وحسَّنه الأرناؤط والألباني - .

وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مثلُه .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه : فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صَرفاً ولا عدلاً ) – رواه الترمذي ، وصححه الألباني - .

فلو كان لا منفعة له : لمَا اشتغل العلماء به ، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان أعلم الناس بالنسب ، نسب قريش ، وسائر العرب

وكذلك : جُبير بن مطعم ، وابن عباس ، وعقيل بن أبي طالب ، كانوا مِن أعلم بذلك ، وهو عِلم العرب الذي كانوا به يتفاضلون ، وإليه ينتسبون " انتهى .

"الإنباه عن قبائل الرواة" ( ص1 ) .

ثانياً:

النسب الشريف ادَّعاه كثيرون ، من أجل الشهرة ، وتسويق البدع والانحرافات ، ومن أجل الاستيلاء على أموال الناس ، وأكثر من ادَّعى هذا النسب الشريف للنبي صلى الله وسلم هم الرافضة

والمتصوفة ، ومنهم رؤوس لتلك الفرق الضالة .

1. قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة أبي الحسن الشاذلي ( توفي 656 هـ ) وهو رأس الطائفة الشاذلية - :

" وقد انتسب في بعض مؤلفاته في التصوف إلى " علي بن أبي طالب " ، ثم ذكر هذا النسب الذي ادعاه : ابن يوشع بن ورد بن بطال بن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي رضي الله عنه .

ثم قال الذهبي : وهذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت ، وكان الأولى به تركه ، وترك كثير مما قاله في تواليفه في الحقيقة " انتهى .

"تاريخ الإسلام" (48/273 ، 274) .

2. وفي " العبيديين " – أبناء عبيد بن ميمون القداح – الباطنية ، الذين تسموا – كذباً وزوراً بـ " الفاطميين "

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فالشاهد لهم بالإيمان : شاهد لهم بما لا يعلمه ؛ إذ ليس معه شيء يدل على إيمانهم مثل ما مع منازعيه ما يدل على نفاقهم وزندقتهم ، وكذلك " النسب " ، قد عُلم أن جمهور الأمة تطعن في نسبهم

ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود ، هذا مشهور من شهادة علماء الطوائف من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وأهل الحديث

وأهل الكلام ، وعلماء النسب ، والعامة ، وغيرهم ، وهذا أمر قد ذكره عامة المصنفين لأخبار الناس وأيامهم

حتى بعض من قد يتوقف في أمرهم كابن الأثير الموصلي في تاريخه ونحوه ؛ فإنه ذكر ما كتبه علماء المسلمين بخطوطهم في القدح في نسبهم .

وأما جمهور المصنفين من المتقدمين والمتأخرين حتى القاضي ابن خلكان في تاريخه : فإنهم ذكروا بطلان نسبهم ، وكذلك ابن الجوزي ، وأبو شامة ، وغيرهما من أهل العلم بذلك

حتى صنَّف العلماء في كشف أسرارهم ، وهتك أستارهم ، كما صنف القاضي أبو بكر الباقلاني كتابه المشهور في كشف أسرارهم وهتك أستارهم ، وذكر أنهم من ذرية المجوس

وذكر من مذاهبهم ما بيَّن فيه أن مذاهبهم شرٌّ من مذاهب اليهود والنصارى ، بل ومن مذاهب الغالية الذين يدعون إلهية " علي " ، أو نبوته ، فهم أكفر من هؤلاء " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (35 / 128 ، 129) .

وأما الذين يدعون هذا النسب الشريف من الرافضة العجم فهم كثير في زماننا هذا .

ثالثاً:

ثبوت النسب الشريف له طرق كثيرة :

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" وأما طريق ثبوت النسب الشريف : فذلك يعرف من أمور كثيرة :

أحدها : النص من المؤرخين الثقات أن البيت الفلاني ، أو آل فلان من أهل البيت ، ويعرف أن الشخص الذي يشتهر فيه من أهل ذلك البيت المنصوص عليه من المؤرخين الثقات .

ومنها : أن يكون بيد من يدَّعي أنه من أهل البيت وثيقة شرعية من بعض القضاة المعتبرين ، أو العلماء الثقات : أنه من أهل البيت .

ومنها : الاستفاضة عند أهل البلد أن آل فلان من أهل البيت .

ومنها : وجود بيِّنة عادلة ، لا تنقص عن اثنين ، تشهد بذلك ، مستندة في شهادتها إلى ما يحسن الاعتماد عليه ، من تاريخ موثوق ، أو وثائق معتبرة ، أو نقل عن أشخاص معتبرين .

وأما مجرد الدعوى التي ليس لها مبرر : فلا ينبغي الاعتماد عليها ، لا في هذا ، ولا في غيره " انتهى .

"فتاوى إسلامية" (4/531) .

رابعاً:

لا يمكن لأحدٍ إنكار وجود من ينتسب إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم انتساباً صحيحاً ، سواء من بني هاشم -

وهم آل علي ، وآل عباس ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الحارث بن عبد المطلب - ، أو من بني المطلب – والمطلب هو أخو هاشم - .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" إذا قال قائل : هل هؤلاء موجودون ؟ أعني : بني هاشم ، والمطلب ؟ .

قلنا : نعم ، موجودون ، وقد ذكروا أن مِنْ أثبت الناس نسباً لبني هاشم : ملوك اليمن الأئمة

الذين انتهى ملكهم بثورة الجمهوريين عليهم قريباً ، فهم منذ أكثر من ألف سنة متولون على اليمن ، ونسبهم مشهور ، معروف بأنهم من بني هاشم .

ويوجد ناس كثيرون أيضاً ينتمون إلى بني هاشم ، فمن قال : أنا من بني هاشم : قلنا : لا تحل لك الزكاة ؛ لأنك من آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم " انتهى .

" الشرح الممتع " ( 6 / 257 ) .

والنسب الشريف لا يجوز حصره في آل علي – وهم ذرية علي بن أبي طالب – فقط دون غيره ، فقد سبق أن هذا النسب يسع غيرهم ممن ذكرناهم .

مع التنبيه على أن النسب الشريف لا ينفع صاحبه إن كان كافراً ، أو فاجراً ، ولا يضر المسلم الطائع لربه تعالى أن يكون عبداً مملوكاً ، فالمسلم يلقى ربه بأعماله الصالحة

وهو مما يملك أن يزيد فيها وينقص ، وأما النسب الشريف : فهو ليس في اختيار المسلم ، ولن يكون لصاحبه فضل في الآخرة بمجرد انتسابه ذاك .

قال الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13 ، وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .

خامساً:

أما بخصوص تحريم الصدقات : فننبه على أمرين :

1. الصدقات الممنوعة على آل النبي صلى الله عليه وسلم هي الصدقات الواجبة ـ كالزكاة والكفارات ـ دون صدقات التطوع .

2. لا تحرم الزكاة على كل الأشراف ، بل المنع والتحريم على " بني هاشم " منهم فقط ، وهم ذرية هاشم بني عبد مناف ، وهو الجد الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ولفظ " الأشراف " لا يتعلق به حكم شرعي ، وإنما الحكم يتعلق بـ " بني هاشم " ، كتحريم الصدقة ، وأنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم ، وغير ذلك " انتهى .

" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 559 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" إذا كانت الصدقة صدقة تطوع : فإنها تُعطى إليهم ، ولا حرج في هذا ، وإن كانت الصدقة واجبة : فإنها لا تعطى إليهم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ )

وبنو هاشم شرَّفهم الله عز وجل بألا يأخذوا من الناس أوساخهم ، أما صدقة التطوع : فليست وسخاً في الواقع

وإن كانت لا شك تكفر الخطيئة ، لكنها ليست كالزكاة الواجبة ، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنهم يعطون من صدقة التطوع ، ولا يعطون من الصدقة الواجبة " انتهى .

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/429)
.
والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 16:24   رقم المشاركة : 349
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لم تلبس النساء النقاب أمام الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؟

السؤال

روى البخاري ومسلم من حديث عمر رضي الله عنه حينما استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده بعض النساء يسألنه ، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب ، إلى آخر الحديث

فهل تدل هذه الحادثة أن النقاب كان معروفاً لدى النساء حينها ، ولكنه لم يكن فرضاً عليهن فلم ترتديه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب

الحمد لله

روى البخاري ( 3120 ) ومسلم ( 2396 ) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ : ( اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ

عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَالَ : عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ ، قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ

كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ، ثُمَّ قَالَ أَيْ : عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قُلْنَ : نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

وليس في هذا الحديث ما يدل على جواز كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها .

1. لأن هؤلاء النسوة اللاتي كن عند النبي صلى الله عليه وسلم هن بعض أمهات المؤمنين ، بدليل قوله : (يستكثرنه) ، أي : يسأله زيادة النفقة .

قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 7 / 47 )

: "( وعنده نسوة من قريش ) هنَّ مِن أزواجه ، ويحتمل أن يكون معهنَّ من غيرهن ، لكن قرينة قوله : ( يستكثرنه ) يؤيد الأول" انتهى .

2. على فرض أنه كان مع أمهات المؤمنين غيرهن من النساء ، فليس في الحديث أن هذا كان بعد فرض الحجاب ، فيحتمل أنه كان قبل ذلك .

قال السندي في حاشيته على صحيح البخاري " ( 4 / 21 ) :

" لا يخفى أن المبادرة إلى الحجاب لازمة عند دخول الأجنبي سواء كان عمر أو لا ، فما وجه التعجب ؟ .

فلعلَّ الواقعة كانت قبل آية الحجاب ، أو لعل فيهن من يجوز لها الكشف عند عمر كحفصة مثلاً

فالتعجب بالنظر إلى قيامها ، أو لعل التعجب من إسراعهن قبل أن يعلمن أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يأذن له أم لا ؟

وهذا أقرب إلى لفظ الحديث ، والله تعالى أعلم " انتهى .

ثم لا يصح أن يقال : إن كشفهم وجوههن أمام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها ؛ وذلك لأن من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم

كما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ـ أنه يجوز له النظر إلى وجه المرأة ، وأن يخلو بها ، كما جاز له أن يتزوج أكثر من أربع ، وأن يتزوج بلا ولي .

وللفائدة ينظر جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 16:27   رقم المشاركة : 350
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من خصائصه صلى الله عليه وسلم :

جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها


السؤال

قد سمعت أن هناك رأياً بإجماع الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر محرما لكل نساء المسلمين لما قد أمره الله في الكتاب ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن )

وبهذا قد حرم عليه الله كل النساء فهل أصبح بذلك محرما أي يجوز التكشف أمامه كأحد المحارم بالنسبة للنساء الأوائل من قبل بالطبع أو كان رسول الله بعد هذا الأمر يبيت في بيوت المسلمين لأنه محرم لنسائهم ؟ .


الجواب

الحمد لله

ذهب كثير من أهل العلم إلى من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز خلوته بنساء أمته ونظره إليهن وإركابهن خلفه على الدابة .

قال الحطاب المالكي : "ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز خلوته بالأجنبية كما نقل الدماميني في حاشيته على البخاري في أول كتاب الجهاد في دخوله صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت ملحان و

قال الشيخ جلال الدين في المباحات : واختص صلى الله عليه وسلم بإباحة النظر للأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن ( أي إركابهن خلفه ) "

انتهى من مواهب الجليل 3/402

وقال البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب : ( أما هو – صلى الله عليه وسلم- فقد اختص بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن على الدابة خلفه ;

لأنه مأمون لعصمته ; وهذا هو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية , وأما الجواب بأنها كانت محرمة من رضاع فرده الدمياطي بعدم ثبوته )

انتهى من حاشية البجيرمي 3/372

وقال الحافظ ابن حجر في شرح حديث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قالت

: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ

: ( دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ ) رواه البخاري (4750)

قال الحافظ : ( والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة

بالأجنبية والنظر إليها ، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية ) انتهى من الفتح 9/203.

وقد اختار كثير من العلماء أن أم حرام كانت من محارم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل حكاه النووي اتفاقاً للعلماء .

وقال في مطالب أولي النهى (5/34) – من كتب الحنابلة-

: ( وله أن يردف الأجنبية خلفه لقصة أسماء . وروى أبو داود عن امرأة من غفار : أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفها على حقيبته . وله أن يخلو بها لقصة أم حرام ) اهـ .

وحديث أسماء الذي أشار إليه رواه البخاري (4823) ومسلم (4050) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى

رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ( والفرسخ ثلاثة أميال ) فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ ( كلمة تقال للبعير لمن

أراد أن ينيخه ) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ

غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .

وأما حديث المرأة التي من غفار فقد رواه أبو داود (313) عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَتْ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ . . .

الحديث . ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

والرحل ما يركب عليه على البعير ، وحقيبة الرحل زيادة تجعل في مؤخرة الرحل .

وليست هذه المسألة من المسائل التي أجمع عليها العلماء ، بل في كلام بعضهم تصريح بخلاف ذلك ، قال العراقي في "طرح التثريب" (5/167) في شأن دخول النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير: (

دخوله عليه الصلاة والسلام على ضباعة عيادة أو زيارة وصلة فإنها قريبته كما تقدم وفيه بيان تواضعه وصلته وتفقده صلى الله عليه وسلم ، وهو محمول على أن الخلوة هناك كانت منتفية فإنه عليه الصلاة والسلام

لم يكن يخلو بالأجنبيات ولا يصافحهن وإن كان لو فعل ذلك لم يلزم منه مفسدة لعصمته , لكنهم لم يعدوا ذلك من خصائصه فهو في ذلك كغيره في التحريم ) اهـ .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 16:32   رقم المشاركة : 351
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ترجمة موجزة للحافظ ابن كثير

السؤال


من هو ابن كثير ؟

عرفت أن ابن كثير كان شافعيًا فلماذا ؟

الجواب

الحمد لله

الكلام في ترجمة الحافظ ابن كثير ضمن الفقرات الآتية :

أولا : اسمه ونسبه ومولده .

هو الحافظ المؤرخ المفسر عماد الدين أبو الفداء : إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء القرشي البصروي

ثم الدمشقي .

ولد بمجدل من أعمال دمشق سنة (701هـ) ، ثم انتقل إلى دمشق مع أخيه كمال الدين سنة (707هـ) بعد موت أبيه .
ثانيا : طلبه للعلم .

حفظ القرآن الكريم وختم حفظه في سنة (711هـ) ، وقرأ القراءات وبرع في التفسير

وحفظ متن " التنبيه " في الفقه الشافعي سنة (718هـ) ، وحفظ مختصر ابن الحاجب ، وتفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري ، وكمال الدين ابن قاضي شهبة .

ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ، فتزوج ابنته زينب ، ولازمه ، وأخذ عنه ، وأقبل على علم الحديث

فتخرج عليه فيه ، وصحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وكانت له به خصوصية ، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق ، وامتحن بسبب ذلك وأوذي .

وقرأ الأصول على الأصفهاني وسمع علي أبي نصر ابن الشيرازي ، وأبي القاسم بن عساكر

وآخرين كثيرين جدا .

وأقبل على حفظ المتون ، ومعرفة الأسانيد والعلل والرجال والتاريخ ، حتى برع في ذلك وهو شاب ، وأفتى ودرس وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو ، وأمعن النظر في الرجال والعلل .

ثالثا : مكانته العلمية .

ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر ، منها : دار الحديث الأشرفية ، والمدرسة الصالحية ، والمدرسة النجيبية ، والمدرسة التنكزية ، والمدرسة النورية الكبرى .

رابعا : ثناء العلماء عليه وذكر بعض مصنفاته .

قال الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمته :

" إسماعيل بن عمر بن كثير : الإمام ، الفقيه ، المحدث الأوحد ، البارع ، عماد الدين البصروي الشافعي ، فقيه متقن ، ومحدث متقن ، ومفسر نقال ، وله تصانيف مفيدة

يدري الفقه ، ويفهم العربية والأصول ، ويحفظ جملة صالحة من المتون والتفسير والرجال وأحوالهم ، سمع مني ، وله حفظ ومعرفة " انتهى .

"معجم المحدثين" (1/56) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ، الشيخ عماد الدين .

ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير ، ومات أبوه سنة (703) ، ونشأ هو بدمشق ، وسمع من ابن الشحنة ، وابن الزراد ، وإسحاق الآمدي ، وابن عساكر ، والمزي ، وابن الرضى ، وطائفة .

وأجاز له من مصر الدبوسي ، والواني ، والختني ، وغيرهم .

واشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله ، فجمع التفسير ، وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يكمل ، وجمع التاريخ الذي سماه البداية والنهاية ، وعمل طبقات الشافعية

وخرج أحاديث أدلة التنبيه ، وأحاديث مختصر ابن الحاجب الأصلي ، وشرع في شرح البخاري ولازم المزي ، وقرأ عليه تهذيب الكمال ، وصاهره على ابنته ، وأخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه

وامتحن لسببه ، وكان كثير الاستحضار ، حسن المفاكهة ، سارت تصانيفه في البلاد في حياته

وانتفع بها الناس بعد وفاته ، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم ، وإنما هو من محدثي الفقهاء ، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح ، وله فيه فوائد " انتهى .

"الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" (1/445-446) .

خامسا : مذهبه .

تفقه الإمام ابن كثير على فقهاء الشافعية في زمانه ، فحفظ كتبهم ، ودرس علومهم ، بل وكتب الكتب المختصة بهم ، فقد كان مذهب الشافعية هو المذهب المنتشر في بلاد الشام ومصر .

يقول الإمام السبكي رحمه الله :

" وهذان الإقليمان – يعني الشام ومصر - وما معهما من عيذاب - وهي منتهى الصعيد إلى العراق - مركز ملك الشافعية منذ ظهر مذهب الشافعي ، اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد

لا يكون القضاء والخطابة في غيرهم ، ومنذ انتشر مذهبه لم يول أحد قضاء الديار المصرية إلا على مذهبه

إلا ما كان من القاضي بكار ، ولم يول في الشام قاض إلا على مذهبه ، إلا البلاساغوني ، وجرى له ما جرى ، فإنه ولي دمشق وأساء السيرة ، ثم أراد أن يعمل في جامع بني أمية إماما حنفيا

وجامع بني أمية منذ ظهور مذهب الشافعي لم يؤم فيه إلا شافعي ، ولا صعد منبره غير شافعي ، فأراد هذا القاضي إحداث إمام حنفي .

قال ابن عساكر : فأغلق أهل دمشق الجامع ، ولم يمكنوه ، ثم عزل القاضي ، واستمرت دمشق على عادتها لا يليها إلا شافعي إلى زمن الظاهر بيبرس التركي ، ضم إلى الشافعي القضاة من المذاهب الثلاثة .

قال الأستاذ أبو منصور البغدادي : وقبل ظهور مذهب الشافعي في دمشق لم يكن يلي القضاء بها والخطابة والإمامة إلا أوزاعي ، على رأي الإمام الأوزاعي " انتهى .

"طبقات الشافعية الكبرى" (1/326) .

فليس من المستغرب أن يكون ابن كثير شافعي المذهب .

ولا يلزم مما سبق خلو بلاد الشام من المذاهب الأخرى ، فقد كان للحنابلة – مثلا - حضور ظاهر في الشام

يتمثل حضورهم بعبد الغني المقدسي وعائلته ومن جاء بعدهم ، وبآل تيمية أيضا ، وبغيرهم من علماء المذاهب الأخرى .

سادسا : وفاته .

توفي في شعبان سنة (774هـ) ، وكان قد أضر في أواخر عمره .

انظر ترجمة موسعة له

في مقدمة تحقيق "البداية والنهاية"

بإشراف د. عبد الله التركي (1/13-33) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 15:18   رقم المشاركة : 352
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة


السؤال

هل تقسيم العرب إلى عرب عاربة ومستعربة صحيح ؟

وهل هذا يتعارض مع القرآن أم لا ؟

وهل صحيح أن هذا التقسيم أتى من اليهود ؟


الجواب

الحمد لله

توارد الأخباريون والمؤرخون والنسَّابون على تقسيم العرب – من حيثُ القِدَمُ - إلى طبقات ثلاثة : عربٌ بائدة ، وعربٌ عاربة ، وعربٌ مستعربة .

1- أما العرب البائدة : فهم مثل أقوام عاد ، وثمود ، وجديس ، وعبيل ، وجُرهُم ، أطلق عليهم اسم " البائدة " لقدمهم النسبي ، ولاندثارهم قبل الإسلام .

2- وأما العرب العاربة فهم القحطانيون ، أبناء قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، كما يذكر ذلك أكثر النسابين .

3- وأما العرب المستعربة أو المتعربة ، ويقال لهم " العدنانيون "

أو " النزاريون " ، أو " المعديون " ، وهم من صلب سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ، الذي تزوج من رعلة الجرهمية ، فتعلم منهم العربية

فسموا المستعربة ، وصار نسلهم من العرب ، واندمجوا فيهم ، وهم ينتسبون إلى عدنان من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام ، غير أن ثمة خلافا كبيرا بين النسابين في عدد الآباء بينهما .

ومضمون هذا التقسيم لا تكاد تختلف فيه كتب التاريخ والأنساب ، ولكن الخلاف واقع في الأسماء ، فبعضهم يسمي العرب البائدة بالعاربة ، وآخرون يسمونهم بالعرباء ونحو ذلك من الخلاف .

ولا نجد أي تعارض بين هذا التقسيم وبين الحقائق الواردة في القرآن الكريم ، كما نستبعد جدا أن يكون مضمون هذا التقسيم مأخوذا عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وذلك لسببين اثنين :

السبب الأول :

توارد جميع كتب التاريخ والأنساب على تقسيم العرب إلى القحطانيين والعدنانيين ، حتى قال الحافظ ابن عبد البر في مقدمة كتابه "الإنباه على قبائل الرواه" (ص/2) :

" هذا كتاب أخذته من أمهات كتب العلم بالنسب وأيام العرب ، بعد مطالعتي لها ، ووقوفي على أغراضها ، فمن ذلك : كتاب أبي بكر محمد بن إسحاق

وكتاب أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، وكتاب أبي عبيدة معمر بن المثنى

وكتاب محمد بن سليمان ، وكتاب محمد بن حبيب ، وكتاب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد العدويّ في نسب قريش ، وكتاب الزبير بن بكار في نسب قريش

وكتاب عمه مصعب بن عبد الله الزبيري في ذلك ، وكتاب علي بن كيسان الكوفي في أنساب العرب قاطبة

وكتاب علي بن عبد العزيز الجرجاني ، وكتاب عبد الملك بن حبيب الأندلسي ، إلى فِقَرٍ قيّدتها من الحديث والآثار ، ونوادر اقتطفتها من كتب أهل الأخبار " انتهى .

فانظر عدد هذه المراجع القديمة ، فضلا عمن جاء بعدهم ، أو فات ابن عبد البر ذكرهم ، وقد ذكر الحافظ في كتابه هذا التقسيم المشهور للعرب .

السبب الثاني : عدم ورود شيء عن العرب البائدة في التوراة المحرفة التي بين أيدي الناس اليوم ، بل إن اليهود ينكرون وجود أقوام عاد وثمود ونحوهم ، فكيف يكون هذا التقسيم مأخوذا عنهم .

يقول الطبري رحمه الله : " فأما أهل التوراة ، فإنهم يزعمون أن لا ذكر لعاد ولا ثمود ولا لهود وصالح في التوراة ، وأمرهم عند العرب في الشهرة في الجاهلية والإسلام كشهرة إبراهيم وقومه " انتهى .

"تاريخ الأمم والملوك" (1/141) .

وقد تمكن علماء الآثار من الوقوف على حقائق جغرافية وتاريخية تدل على وجود هؤلاء الأقوام ، وعدمُ ذكر التوراة لهم إنما هو لأن أكثرهم عاشوا بعد التوراة ، أو لأن التوراة لا تهتم بأخبار العالم من غير العبرانيين .

يقول الدكتور جواد علي :

" اتفق الرواة وأهل الأخبار ، أو كادوا يتفقون ، على تقسيم العرب من حيث القدم إلى طبقات: عرب بائدة

وعرب عاربة ، وعرب مستعربة . أو عرب عاربة ، وعرب متعربة ، وعرب مستعربة . أو عرب عاربة وعرباء وهم الخلص ، والمتعربة .

واتفقوا أو كادوا يتفقون على تقسيم العرب من حيث النسب إلى قسمين : قحطانية ، منازلهم الأولى في اليمن . وعدنانية ، منازلهم الأولى في الحجاز .

واتفقوا ، أو كادوا يتفقون ، على أن القحطانيين هم عرب منذ خلقهم الله ، وعلى هذا النحو من العربية التي نفهمها ويفقهها من يسمع هذه الكلمة

فهم الأصل ، والعدنانية الفرع منهم أخذوا العربية ، وبلسانهم تكلم أبناء إسماعيل بعد هجرتهم إلى الحجاز

شرح الله صدر جدهم إسماعيل ، فتكلم بالعربية ، بعد أن كان يتكلم بلغة أبيه التي كانت الآرامية ، أو الكلدانية ، أو العبرانية على بعض الأقوال .

ونجد الأخباريين والمؤرخين يقسمون العرب أحيانًا إلى طبقتين : عرب عاربة ، وعرب مستعربة ...وظل الرواة يتوارثون هذا التقسيم كلما بحثوا في تأريخ العرب قبل الإسلام، وفي موضوع الأنساب .

وتقسيم العرب إلى طبقات - وذلك من ناحية القدم والتقدم في العربية - هو تقسيم لا نجد له ذكرًا لا في التوراة أو الموارد اليهودية الأخرى ، ولا في الموارد اليونانية أو اللاتينية

أو السريانية ، ويظهر أنه تقسيم عربي خالص ، نشأ من الجمع بين العرب الذين ذكر أنهم بادوا قبل الإسلام ، فلم تبقَ منهم غير ذكريات ، وبين العرب الباقين ، وهم إما من عدنان ، وإما من قحطان " انتهى باختصار .

"المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" (1/294 فما بعدها) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 15:33   رقم المشاركة : 353
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل حمل التتار الإسلام إلى آسيا ؟

السؤال

ما رأيكم فيمن يقول : إن التتار في هجومهم على المسلمين في بغداد دخلوا بعد ذلك دين الله ، وحملوا الدين إلى رقاع من آسيا ؟

الجواب

الحمد لله


أولا :

ينبه بعض المحققين من المؤرخين المعاصرين على أن الجيوش التي غزت بلاد المسلمين بقيادة " جنكيزخان " (ت 624هـ ، 1227م) فأهلكت الحرث والنسل هي جيوش مغولية الأصل

وليست تتارية ، وبين هذين الجنسين والعرقين فرق كبير ، وسبب الخلط بينهما هو أن المغول بقيادة " جنكيزخان " بعد أن تغلبوا على التتار أرغموا بعضهم على الانضمام إلى جيوشهم ومشاركتهم في حروبهم قسرا

ومع قيام بعض الأسباب السياسية ، وخاصة في العصور المتأخرة ، اشتهر اسم " التتار " على تلك الجيوش ، بل وأصبح وصف " التتار " علما على الهمجية والقسوة والوحشية

في تفاصيل معقدة من تاريخ شعوب تلك المنطقة ، يمكن الاطلاع عليها في دراسة متقنة للدكتور : أبرار كريم الله ، بعنوان " مَن هم التتار " .

ثانيا :

ديانة المغول الأولى عبادة الكواكب والسجود للشمس ، وكانوا يرون أن ( تَنْكَرَى ) وهو الرب الذي يعلو السماء الزرقاء يبارك خطواتهم ، وأنهم خلقوا ليحكموا العالم كله

ولهذا سمى زعيمهم نفسه بـ " جنكيز خان " أي : حاكم العالم . وكان يحكم بكتاب جمعه من شرائع مختلفة أسماه " الياسق " جعله القانون الذي يتحاكمون إليه .

غير أن المغول تأثروا بالبلاد التي غزوها – وهي بلاد واسعة تمتد من روسيا إلى أوروبا إلى بلاد الشام ، فكان بعضهم يعتنق البوذية أو النصرانية ، وآخرون يعتنقون الإسلام ، وبعضهم يبقى على ما هو عليه .

أما اعتناقهم للإسلام فقد ذكره المؤرخون في كتبهم عن كثير من كبار قادتهم ، أنهم انتسبوا للإسلام وأعلنوا انتماءهم له ، غير أن كثيرا من محققي العلماء والفقهاء في عصرهم

ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية - لم يقبلوا انتسابهم الاسمي إلى دين الإسلام

وطالبوهم بتحقيقه قولا وفعلا ، وأفتوا بكفر فئاتهم التي لم تعمل بالإسلام في شعائرها الظاهرة ، ومن أهمها الصلاة والأذان والحكم بالشريعة واعتقاد حرمة المسلم على المسلم .

ولكننا نذكر هنا ما ينقله المؤرخون ، كي نعطي صورة " مجتزأة " للإسلام الذي حمله المغول.

جاء في دراسة الدكتور محمود السيد " التتار والمغول " ( ص/150 – 154 ) :

" اعتنق " كورجوز " حاكم فارس من قبل " أجتاي خان " الديانة الإسلامية في أواخر عهده

بعد اعتناق بركة خان القبيلة الذهبية 654هـ - 666هـ للعقيدة الإسلامية في أول نصر حقيقي للإسلام

خاصة بعد أن تبعه السواد الأعظم من رعيته ، حتى إن كل رجال جيوشه كانوا مسلمين وهم مغول ، وتبع ذلك توثيق الروابط السياسية بين " بركة خان " و" بيبرس " سلطان مصر

وتحالف كلاهما ضد أسرة " هولاكو " في فارس .

ولما انتشر المغول في بلاد الصين ، واعتنق بعض ملوكهم دين الإسلام في القرن السابع الهجري

وجعلوا مدينة " كاشغر "/غرب الصين عاصمة دولتهم الجديدة ، أشير على ملك الصين المغولي " بركة خان " زعيم القبيلة الذهبية بمهادنة الخليفة المستعصم العباسي 640هـ.

ولما انتشر العنصر المغولي المسلم في الجبهة الغربية والشمالية من البلاد أخذ الصينيون الأصليون يتربصون بالمسلمين الدوائر ، لا سيما عندما أعلن الأمير " يعقوب خان " 679هـ استقلاله بمملكة " كاشغر " في الشمال الغربي .

ولما أراد دعم الوحدة الإسلامية بايع السلطان العثماني بالخلافة ، وانضوى تحت لوائه ، ليكون له سندا ، وطلب من دار الخلافة خبراء في الفنون الحربية ، وسائر الصناعات الهندسية .

كما توطدت العلاقات بين " بركة خان " زعيم القبيلة الذهبية والظاهر " بيبرس " ، بل وتحالف الفريقان ضد عدوهما المشترك الذي يمثل " هولاكو " في فارس ، ولم يدخر وسعا " هولاكو "

فأسرع في البحث عن حلفاء يناصرونه على هؤلاء المسلمين ، فتحالف مع زعماء الصليبيين في بلاد الشام ، وقد شجعت " هولاكو " زوجته المسيحية على هذا الخط لتصرفه عن الديانة الإسلامية .

وعلى الرغم من كل هذه الجهود ، وأن نفوذ المسلمين بدأ يقوى على مر الزمن ، دخل كثيرون من الحكام المغول في الإسلام .

فعندما تولى " غازان محمود " أحد إيلخانات الحكم في فارس 694 – 703هـ اعتنق الدين الإسلامي ، وطالب رعاياه بالدخول في الإسلام ، وأعلن أن دين الإسلام هو الدين الرسمي للدولة .

ومنذ ذلك الحين بدأ الإسلام ينتشر انتشارا سريعا في دولة إيلخانات المغول في فارس .

واستقر المغول في البلاد الإسلامية ، وتشبعوا بالروح الإسلامية تدريجيا

وأسسوا أسرة إيلخانات المغول في فارس ، وتطبعوا بالطابع الإسلامي مع ارتباطهم بالشعب المغولي في شرق آسيا ، مما أدى إلى سهولة تبادل المعلومات في مختلف نواحي الحياة بين شرق آسيا وغربها .

قوي نفوذ المسلمين بعد اعتناق " تكودار أحمد " الديانة الإسلامية 680هـ ، وهو أحد أبناء هولاكو

عمل على جذب أتباعه إلى الإسلام ، فقدم العطايا والمنح لكل من يعتنق الإسلام ، ومنحهم ألقاب الشرف في دولته " انتهى باختصار .

ويقول الدكتور عبد الرحمن المحمود :

" مسألة تأثر التتار واعتناق بعضهم الإسلام تحتاج إلى تفصيل ؛ لأن بعض التتار- من أبناء عم هولاكو- دخلوا في الإسلام قبل معركة عين جالوت ولذلك يمكن توضيح هذا الأمر كما يلي :

1- قسم جنكزخان مملكته بين أولاده ، فكان من نصيب أحدهم وهو " جوشى " أكبر أبنائه ؛ البلاد الواقعة بين نهر " أرتش " والسواحل الجنوبية لبحر قزوين

وكانت تلك البلاد تسمى القبشان ، ويطلق عليها اسم القبيلة الذهبية - نسبة إلى خيام معسكراتها ذات اللون الذهبي - فلما مات " جوشى " خلفه أحد أولاده الذي تلقب بـ " خان " القبائل الذهبية ثم تولى بعده ولده

ثم تولى بعده " بركة خان " سنة 654 هـ ، وكان بركة هذا مسلما ، لذلك عمل على نشر الإسلام بين قبيلته وأتباعه ، وأظهر شعائر الإسلام واتخذ المدارس وأكرم الفقهاء

وكان يميل إلى المسلمين ميلا شديدا . وقد بدا هذا في ظاهرتين :

أولاهما: محاربته لابن عمه " هولاكو " ، خاصة بعد استيلائه على بغـداد وقتله

للخليفة ، وقد ظهرت بينهما خصومات ومعارك . وقد أقلق موقفه وإسلامه الطاغية " هولاكو " الذي اتجه إلى محالفة المسيحين ضد " بركة " وحلفائه .

ثانيهما: دخوله ومن جاء بعده في حلف سلاطين المماليك

الظاهر " بيبرس " ، والناصر " قلاوون " وغيرهما ، وقد توطدت العلاقة بين هاتين الدولتين ، خاصة بعد المصاهرة التي تمت بينهم ، وتبادل الرسل والهدايا ، ومواجهتهم لعدو مشترك هم التتار الكفار .

2- أما دولة المغول الكبرى في إيران وما جاورها والتي منها انطلقت جحافلهم لغزو العراق والشام ، فقد حدث في عام 680 هـ أن أسلم أحد أولاد " هولاكو " وهو السلطان " تكودار بن هولاكو

" الذي تسمى بعد إسلامه باسم أحمد ، فصار اسمه : أحمد بن هولاكو ، وقد أعلن إسلامه في منشور أصدره لما جلس على العرش ووجهه إلى أهل بغداد

كما أرسل رسالة إلى السلطان المنصور " قلاوون " يعلن اهتداءه إلى الإسلام ، ويدعو إلى المصالحة ونبذ الحرب ، ولم يتخل - كما هو واضح من رسالته هذه -

عن افتخاره واستعلائه على سلطان المماليك ، وقد رد عليه السلطان " قلاوون "، ثم تبودلت الرسائل بينهم ، ولكن لم تكن العلاقات بينهم جيدة كما يظهر من صيغة الرسائل المتبادلة .

ومما يجدر ذكره أن السلطان أحمد دخل لوحده في الإسلام ، و لم يستطع أن يفرضه على أتباعه ولا على أمراء المغول من حوله ، فصار دخوله في الإسلام فرديا ،

وهذا ما يفسر سرعة القضاء عليه وقتله من جانب منافسيه من أمراء المغول الذين تآمروا عليه فقتلوه سنة 683 هـ

3- في سنة 693هـ تولى محمود قازان عرش المغول ، ثم في سنة 694هـ دخل في الإسلام ، يقول الذهبي عن هذه السنة :

" وفيها دخل ملك التتار غازان ابن أرغون في الإسلام ، وتلفظ بالشهادتين بإشارة نائبه " نوروز " ، ونثر الذهب واللؤلؤ على رأسه ، وكان يوما مشهودا

ثم لقنه " نوروز " شيئا من القرآن ، ودخل رمضان فصامه ، وفشا الإسلام في التتار "

وقد أعلن غازان الإسلام دينا رسميا للدولة المغولية في إيران ، كما غير المغول زيهم فلبسوا العمامة ، كما أمر بتدمير الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية

والأصنام البوذية ، كما أمر أهل الذمة بأن يتميزوا بلباس خاص بهم . وهكذا اختلف إسلام قازان عن إسلام السلطان أحمد بأن إسلامه لم يكن فرديا وإنما حوله إلى دين رسمي للدولة .

لكن هذه الصورة التي قد تبدو جميلة سرعان ما تتغير حين يتابع المرء الأحداث التي تمت في عهد هذا السلطان ، فقد هاجم وجيشه الشام مرات ودارت بينهم وبين أهل الشام

ومعه سلاطين مصر- معارك كبيرة ، وانتصر المغول في أولاها وهزموا فيما تلاها ، وقد عاث الجيش التتري فسادا في الأرض وفعلوا

كما قال ابن تيمية لقازان نفسه لما التقى به - ما لم يفعله أسلافه من حكام التتار الوثنيين . وقد بقيت الأمور على هذه الحال إلى ما بعد وفاة غازان سنة 703هـ

وقد كان التتار يقدسون دستورهم الذي وضعه لهم جنكيز خان ، وكان يسمى " إلياسا " أو " اليساق " وكانوا يتحاكمون إليه ، وبعد إسلامهم لم يتركوا التحاكم إلى هذا الدستور .

4- بعد وفاة قازان تولى من بعده أخوه " أولجاتيو خدابنده " ، وصار اسمه محمد بن أرغون ، وقد تولى عرش المغول سنة 703 هـ إلى سنة 716 هـ

وقد بدأ عهده بتحسين العلاقة مع سلطان المماليك

فأرسل إليه هدية وكتابا خاطب فيه السلطان بالأخوة " وسأله إخماد الفتن

وطلب الصلح ، وقال في آخر كلامه : عفا الله عما سلف ، ومن عاد فينتقم الله منه ، فأجيب ، وجهزت له الهدية ، وأكرم رسوله ".

ولكن لم يكد يمضي سنة من توليه سلطة المغول حتى حدث تحول خطير عند محمد بن أرغون هذا ، فقد اعتنق مذهب الشيعة

وعمل على نشره في الجهات الغربية من دولته ، حتى إنه غير الخطة ، وأسقط اسم الخلفاء سوى علي رضي الله عنه ، وأظهر عداءه للمماليك السنيين ، وطلب من النصارى أن يساعدوه ضدهم ، ثم هاجم الشام سنة 712 هـ

ومما ينبغي ملاحظته أن تشيع هذا السلطان كان بتأثير من أحد كبار الرافضة - وهو ابن المطهر الحلي - ، الذي صارت له منزلة كبيرة في عهده، وقد أقطعه عدة بلاد

ولعل نفوذ وشهرة هذا الرافضي- وهو صاحب كتاب منهاج الكرامة - دعا ابن تيمية رحمه الله إلى إفراد الرد على كتابه هذا بكتابه العظيم : " منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية ".

وقد استمر سلطان المغول على تشيعه حتى مات ، ثم تولى ابنه أبو سعيد -

وهو صغير - الذي لعب كثير ممن حوله به

ثم لما كبر مال إلى العدل وإقامة السنة وإعادة الخطبة بالترضي عن الشيخين ثم عثمان ثم علي وفرح الناس بذلك "

انتهى باختصار يسير من "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (1/99-102) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 15:33   رقم المشاركة : 354
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا :

ولعل الأقرب في الجواب عن السؤال أن يقال : لا شك أن تأثير الإسلام في النفوس تأثير بالغ عظيم ، حتى في قلوب الغزاة الذين يتربصون بأمة الإسلام الدوائر

فلا يستبعد أن تتأثر فئات من المغول - نتيجة اختلاطهم بالمسلمين واطلاعهم على النور الذي أنزل إليهم

– بدين الإسلام العظيم ، ولكن الإنصاف يقضي أيضا بخطأ اختزال العوامل الكثيرة التي ينتشر الإسلام بسببها في عامل واحد هو " المغول " .

يؤكد ذلك أمران اثنان :

1- أن دين الإسلام كان قد انتشر في آسيا منذ القرون الهجرية الأولى على يد القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي سنة ( 94هـ) ، حيث فتح " كاشغر "

عاصمة الصين آنذاك ، ثم توقفت الفتوحات العسكرية لتبدأ الفتوحات المعرفية بنشر الإسلام في جميع بقاع آسيا عن طريق العلم والدعوة والأخلاق الحميدة .

انظر كتاب "ظاهرة انتشار الإسلام" محمد فتح الله الزيادي (ص/222-224)

2- أن أكثر المغول الذين انتسبوا إلى الإسلام لم يعرفوه حق معرفته ، ولم يقفوا عند حدوده وشرعه ، ولم يمنعهم الدين الجديد الذي انتسبوا إليه من اقتحام بلاد المسلمين

وتكرار اعتداءاتهم عليها بعد عصر " جنكيز خان " الطاغية

ولم تختلف سيرتهم كثيرا عن سيرة أسلافهم من المجرمين ، مما حدا بأهل العلم إلى الفتوى بكفرهم وعدم صحة إسلامهم ، وهي فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية المشهورة ، حتى إنه كان يقول :

" إذا رأيتموني من ذلك الجانب – يعني الذي فيه المغول – وعلى رأسي مصحف فاقتلوني " ، لما كان يجزم به من كفرهم وظلمهم وعدوانهم .

انظر "البداية والنهاية" (14/24)

فكيف لهؤلاء أن يحملوا دعوة التوحيد والمعرفة والسلام إلى العالم ، وكيف للشعوب في بلاد آسيا أن تتبعهم على دينهم بعد أن لقوا منهم العذاب والنكال !!

( يمكن الرجوع إلى المصادر الآتية لاستكمال تفاصيل البحث : "

وثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي للعالم الإسلامي " محمد ماهر حمادة ، " المغول في التاريخ من جنكيز خان إلى هولاكو خان " فؤاد الصياد ، " تاريخ المغول " عباس إقبال ، وغيرها )

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 15:39   رقم المشاركة : 355
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف همّ يوسف بامرأة العزيز مع أنه عفيف

السؤال

ما تفسير الآية : ( ولقد همّت به وهمّ بها ) في سورة يوسف ، مع أن يوسف عليه السلام " عفيف " وقد رفض الانصياع لنزوة امرأة العزيز ، فكيف يهمّ بها ؟.


الجواب

الحمد لله


قال تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ ) يوسف/24

كان همها للمعصية ، أما يوسف عليه السلام فإنه لو لم ير برهان ربه لَهَمَّ بها - لطبع البشر - ولكنه لم يهم ؛ لوجود البرهان .

إذًا في الكلام تقديم وتأخير ، أي : لولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها .

قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله : ( ولقد همت به وهم بها ) قال أبو عبيد : هذا على التقديم والتأخير ؛ كأنه أراد : ولقد همت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.

القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 9/165 .

وقال الشنقيطي في أضواء البيان [ 3/58 ] .

" الجواب عنه من وجهين :

الأول : أن المراد بِهَمِّ يوسف خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوى ، وقال بعضهم : هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى ، وهذا لا معصية فيه ؛ لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف

كما في الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك ) يعني ميل القلب . أبو داود ، السنن ، رقم الحديث 2134 .

ومثل هذا ميل الصائم إلى الماء البارد والطعام مع أن تقواه تمنعه من الشرب والأكل وهو صائم .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة كاملة ) أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6491 ، ومسلم برقم 207 .

الجواب الثاني : أن يوسف عليه السلام لم يقع منه الهم أصلاً ، بل هو منفي عنه لوجود البرهان .

إلى أن قال : هذا الوجه الذي اختاره أبو حسان وغيره هو أجرى على قواعد اللغة العربية " اهـ .

ثم بدأ يستطرد الأدلة على ما رجحه ، وبناء على ما تقدم فإن معنى الآية والله أعلم أن يوسف عليه السلام لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، ولكنه لما رأى برهان ربه لم يهم بها ، ولم يحصل منه أصلاً .

وكذلك فإن مجرد الهم بالشيء دون فعله لا يعد خطيئة .

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 15:47   رقم المشاركة : 356
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

كلمة حول الإعجاز العددي في القرآن واستعمال التقويم الشمسي

السؤال


قرأت مؤخرا عن بعض " معجزات " القرآن الكريم ، التي شملت العديد من الأشياء مثل المراحل الثلاثة للجنين ، ومدارات الكواكب ، .. الخ ، إلا أن إحداها تحدثت عن أن كلمة " يوم " وردت في القرآن 365 مرة

وأن كلمة " قمر " تكررت 12 مرة ، وقد نسيت عدد المرات التي تكرر ذكر كلمة " أيام " في القرآن ، وقد قام أحد الأصدقاء بطباعة التقويم الإسلامي ( الهجري ) لكنه لم يكن يتكون من 365 يوماً

فما معنى ذلك حول التقويم الإسلامي ؟

أيعني ذلك أنه غير دقيق ؟

أم أن الله علم أن أغلب العالم سيستخدمون التقويم الميلادي وأنه إشارة إلى صحة هذا التقويم الأخير ؟


الجواب


الحمد لله

أولاً :

شُغف كثير من الناس بأنواع من الإعجازات في القرآن الكريم ، ومن هذه الأنواع " الإعجاز العددي " فنشروا في الصحف والمجلات وشبكات الإنترنت قوائم بألفاظ تكررت مرات تتناسب مع لفظها

أو تساوى عددها مع ما يضادها ، كما زعموا في تكرار لفظة " يوم " ( 365 ) مرة ، ولفظ " شهر " ( 12 ) مرة ، وهكذا فعلوا في ألفاظ أخرى نحو " الملائكة والشياطين " و " الدنيا والآخرة " إلخ .

وقد ظنَّ كثيرٌ من الناس صحة هذه التكرارات وظنوا أن هذا من إعجاز القرآن ، ولم يفرقوا بين " اللطيفة " و " الإعجاز " ، فتأليف كتابٍ يحتوي على عدد معيَّن من ألفاظٍ معيَّنة أمرٌ يستطيعه كل أحدٍ

فأين الإعجاز في هذا ؟ والإعجاز الذي في كتاب الله تعالى ليس هو مثل هذه اللطائف ، بل هو أمر أعمق وأجل من هذا بكثير ، وهو الذي أعجز فصحاء العرب وبلغاءهم أن يأتوا بمثل

القرآن أو بعشر سورٍ مثله أو بسورة واحدة ، وليس مثل هذه اللطائف التي يمكن لأي كاتب أن يفعلها – بل وأكثر منها – في كتاب يؤلفه ، فلينتبه لهذا .

وليُعلم أنه قد جرَّ هذا الفعل بعض أولئك إلى ما هو أكثر من مجرد الإحصائيات ، فراح بعضهم يحدد بتلك الأرقام " زوال دولة إسرائيل " وتعدى آخر إلى " تحديد يوم القيامة "

ومن آخر ما افتروه على كتاب الله تعالى ما نشروه من أن القرآن فيه إشارة إلى " تفجيرات أبراج نيويورك " ! من خلال رقم آية التوبة وسورتها وجزئها

وكل ذلك من العبث في كتاب الله تعالى ، والذي كان سببه الجهل بحقيقة إعجاز كتاب الله تعالى .

ثانياً :

بالتدقيق في إحصائيات أولئك الذين نشروا تلك الأرقام وُجد أنهم لم يصيبوا في عدِّهم لبعض الألفاظ

ووجدت الانتقائية من بعضهم في عدِّ الكلمة بالطريقة التي يهواها ، وكل هذا من أجل أن يصلوا إلى أمرٍ أرادوه وظنوه في كتاب الله تعالى .

قال الشيخ الدكتور خالد السبت :

قدَّم الدكتور " أشرف عبد الرزاق قطنة " دراسة نقدية على الإعجاز العددي في القرآن الكريم ، وأخرجه في كتاب بعنوان : " رسم المصحف والإعجاز العددي

دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم " وخلص في خاتمة الكتاب الذي استعرض فيه ثلاثة كتب هي (1) كتاب " إعجاز الرقم 19 " لمؤلفه باسم جرار ، (2) كتاب

" الإعجاز العددي في القرآن " لعبد الرزاق نوفل ، (3) كتاب " المعجزة " لمؤلفه عدنان الرفاعي ، وخلص المؤلف إلى نتيجة عبَّر عنها بقوله :

" وصلت بنتيجة دراستي إلى أن فكرة الإعجاز العددي " كما عرضتها هذه الكتب " غير صحيحة على الإطلاق

وأن هذه الكتب تقوم باعتماد شروط توجيهية حيناً وانتقائية حيناً آخر ، من أجل إثبات صحة وجهة نظر بشكل يسوق القارئ إلى النتائج المحددة سلفاً

وقد أدت هذه الشروط التوجيهية أحياناً إلى الخروج على ما هو ثابت بإجماع الأمة ، كمخالفة الرسم العثماني للمصاحف ، وهذا ما لا يجوز أبداً

وإلى اعتماد رسم بعض الكلمات كما وردت في أحد المصاحف دون الأخذ بعين الاعتبار رسمها في المصاحف الأخرى ، وأدت كذلك إلى مخالفة مبادئ اللغة العربية من حيث تحديد مرادفات الكلمات وأضدادها .

( ص 197 ) دمشق ، منار للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 1420هـ / 1999 .

وقد ذكر الدكتور فهد الرومي أمثله على اختيار الدكتور عبد الرزاق نوفل الانتقائي للكلمات حتى يستقيم له التوازن العددي ، ومن ذلك قوله : إن لفظ اليوم ورد في القرآن ( 365 ) مرة بعدد أيام السنة

وقد جمع لإثبات هذا لفظي " اليوم " ، " يوماً " وترك " يومكم " و " يومهم " و " يومئذ " ؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب عليه ! وكذلك الحال في لفظ " الاستعاذة " من الشيطان ذكر أنه تكرر ( 11 ) مرة

يدخلون في الإحصاء كلمتي " أعوذ " و " فاستعذ " دون " عذت " و " يعوذون " و " أعيذها " و " معاذ الله " .

انظر : " اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر " ( 2 / 699 ، 700 )

بيروت ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية 1414هـ .

وبهذا الكلام العلمي المتين يتبيَّن الجواب عن كلمة " يوم " وعددها في القرآن الكريم ، والذي جاء في السؤال .

ثالثاً :

وأما الحساب الذي يذكره الله تعالى في كتابه الكريم فهو الحساب الدقيق الذي لا يختلف على مدى السنوات ، وهو الحساب القمري .

وفي قوله تعالى : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) الكهف/25 ذكر بعض العلماء أن عدد ( 300 )

هو للحساب الشمسي ، وأن عدد ( 309 ) هو للحساب القمري ! وقد ردَّ على هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وبيَّن في ردِّه أن الحساب عند الله تعالى هو الحساب القمري لا الشمسي .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" ( وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين ، فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين ، قد يقول قائل : " لماذا لم يقل مائة وتسع سنين ؟ "

فالجواب : هذا بمعنى هذا ، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب ، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال : ( ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية

وازدادوا تسعاً بالقمرية ؛ فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا

مَن الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى ؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا ؛ لأن الحساب عند الله تعالى واحد .

وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله ؟

الجواب : هي الأهلَّة ، ولهذا نقول : إن القول بأن " ثلاث مائة سنين " شمسية ، ( وازدادوا تسعاً ) قمرية قول ضعيف .

أولاً : لأنه لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا .

ثانياً : أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة

قال تعالى : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ) يونس/5 ، وقال تعالى : ( يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) البقرة/189 " انتهى .

" تفسير سورة الكهف " .

والحساب بالقمر والأهلة هو المعروف عند الأنبياء وأقوامهم ، ولم يُعرف الحساب بالشمس إلا عند جهلة أتباع الديانات ، وللأسف وافقهم كثير من المسلمين اليوم .

قال الدكتور خالد السبت – في معرض رده على من استدل بآية ( لا يزال بنيانهم .. ) في سورة التوبة على تفجيرات أمريكا - :

" الخامس : أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي ، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية ، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة ، وهو الأدق والأضبط ، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر

والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ ‏‏إِبْرَاهِيمَ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏‏فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ

وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) أخرجه أحمد (4/107)

والبيهقي في " السنن " (9/188) ، وسنده حسن ، وذكره الألباني في " الصحيحة " (1575 ) .

وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة ، ويدل عليه أيضا الحديث المخرج في الصحيحين ‏عَنْ ‏‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏‏قَالَ : ‏ قَدِمَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏الْمَدِينَةَ ‏فَرَأَى ‏‏الْيَهُودَ ‏‏تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ :‏ ‏مَا هَذَا ؟

قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ ‏‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏‏مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ ‏‏مُوسَى ... الحديث , أخرجه البخاري ( 2004 ) ومسلم ( 1130 ) ، وقد صرَّح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس -

انظر : " الفتح " (4/291) ، وانظر ( 7/323 ) - .

وقال ابن القيم رحمه الله - تعليقا على قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ) يونس/5

وقوله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يس/38 ، 39 :

" ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط ، وأصح للضبط من الحساب الشمسي ، ويشترك فيه الناس دون الحساب

ولهذا قال تعالى : ( وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) يونس/5 ولم يقل ذلك في الشمس ، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب القمر وسيره حكمة

من الله ورحمة وحفظا لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب ، وتعذر الغلط والخطأ فيه ، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب "

انتهى من "مفتاح دار السعادة " ص 538 ، 539 .

وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب بالشمس ، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله بردِّه بعد أن نسبه لابن القيم -

انظر : " الفتح " (7/323 ) – .

والواقع أنه لم يكن معتبراً في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم " انتهى .

وفي فوائد قوله تعالى : ( يسئلونك عن الأهلة ... ) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ومنها : أن ميقات الأمم كلها الميقات الذي وضعه الله لهم - وهو الأهلة - فهو الميقات العالمي ؛ لقوله تعالى : ( مواقيت للناس ) ؛ وأما ما حدث أخيراً من التوقيت بالأشهر الإفرنجية : فلا أصل له من محسوس

ولا معقول ، ولا مشروع ؛ ولهذا تجد بعض الشهور ثمانية وعشرين يوماً ، وبعضها ثلاثين يوماً

وبعضها واحداً وثلاثين يوماً ، من غير أن يكون سبب معلوم أوجب هذا الفرق ؛ ثم إنه ليس لهذه الأشهر علامة حسيَّة يرجع الناس إليها في تحديد أوقاتهم ، بخلاف الأشهر الهلاليَّة فإن لها علامة حسيَّة يعرفها كل أحدٍ " انتهى .

" تفسير البقرة " ( 2 / 371 ) .

وقال القرطبي رحمه الله تعليقاً على قوله تعالى : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ) التوبة/36 :

" هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام في العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهراً

لأنها مختلفة الأعداد ، منها ما يزيد على ثلاثين ، ومنها ما ينقص ، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص

والذي ينقص ليس يتعين له شهر وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج " انتهى .

" تفسير القرطبي " ( 8 /133 ) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-24, 14:22   رقم المشاركة : 357
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



لا حق لليهود في دخول جزيرة العرب


السؤال

ذكر أن لبيد بن الأعصم اليهودي استطاع أن يأخذ من أثر النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جارية يهودية كانت تدخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم فهل هذا يعني جواز استخدام اليهود في العمل؟

وما مفهوم إجلاء اليهود الذي ورد في الأحاديث ، آمل التفصيل في وجود اليهود في المدينة مع أنه ورد انه صلى الله عليه وسلم أجلاهم منها .


الجواب

الحمد لله


أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود من جزيرة العرب ، وأخبر أنه لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ، وهو حكم شرعي ، فلا يجوز أن يبقى فيها مشرك

وأما وجودهم في المدينة وخيبر وغيرها فهذا قبل الأمر بإجلائهم كما هو معروف ، فالأمر والوصية بإخراجهم كان في مرض موت النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم أجلاهم عمر رضي الله عنه بعد ذلك .

: الشيخ : عبد الكريم الخضير









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-24, 14:24   رقم المشاركة : 358
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو الحلاج

السؤال

من هو منصور الحلاج ؟

وما هو وضعه في التاريخ الإسلامي ؟.

الجواب

الحمد لله

الحلاج هو الحسين بن منصور الحلاج ، ويكنى أبا مغيث . وقيل : أبا عبد الله .

نشأ بواسط . وقيل بتستر ، وخالط جماعة من الصوفية منهم سهل التستري والجنيد وأبو الحسن النوري وغيرهم .

رحل إلى بلاد كثيرة ، منها مكة وخراسان ، والهند وتعلم السحر بها ، وأقام أخيراً ببغداد ، وبها قتل .

تعلم السحر بالهند ، وكان صاحب حيل وخداع ، فخدع بذلك كثيراً من جهلة الناس ، واستمالهم إليه ، حتى ظنوا فيه أنه من أولياء الله الكبار .

له قبول عند عامة المستشرقين ويظهرونه على أنه قتل مظلوماً ، وذلك لما سيأتي من أن اعتقاده قريب من اعتقاد النصارى ، ويتكلم بكلامهم .

قتل ببغداد عام 309 هـ بسبب ما ثبت عنه بإقراره وبغير إقراره من الكفر والزندقة .

وأجمع علماء عصره على قتله بسبب ما نقل عنه من الكفر والزندقة .

وها هي بعض أقواله :

1- ادعى النبوة ، ثم تَرَقَّى به الحال أن ادعى أنه هو الله . فكان يقول : أنا الله . وأمر زوجة ابنه بالسجود له . فقالت : أو يسجد لغير الله ؟ فقال : إله في السماء وإله في الأرض .

2- كان يقول بالحلول والاتحاد . أي : أن الله تعالى قد حَلَّ فيه ، وصار هو والله شيئاً واحداً . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وهذا هو الذي جعل له القبول عن المستشرقين النصارى لأنه وافقهم على الحلول ، إذ إنهم يعتقدون في عيسى عليه السلام أن الله تعالى قد حَلَّ فيه . ولهذا تكلم الحلاج باللاهوت والناسوت كما يفعل النصارى . فمن أشعاره :

سبحان مـن أظهر ناسوته
سـر لاهوته الثاقـــب

ثم بدا في خلقـه ظــاهراً
في صورة الآكل والشارب

ولما سمع ابن خفيف هذه الأبيات قال : على قائل هذا لعنة الله . فقيل له : هذا شعر الحلاج . فقال : إن كان هذا اعتقاده فهو كافر اهـ

3- سمع قارئاً يقرأ آية من القرآن ، فقال : أنا أقدر أن أؤلف مثل هذا .

4- من أشعاره :

عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدا وأنا اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه

وهذا الكلام مع تضمنه إقراره واعتقاده لجميع الكفر الذي اعتقدته الطوائف الضالة من البشر ، فإنه مع ذلك كلام متناقض لا يقبله عقل صريح ، إذ كيف يعتقد التوحيد والشرك في آنٍ واحد ؟!

5- له كلام يبطل به أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، وهي الصلاة والزكاة والصيام والحج .

6- كان يقول : إن أرواح الأنبياء أعيدت إلى أجساد أصحابه وتلامذته ، فكان يقول لأحدهم : أنت نوح ، ولآخر : أنت موسى ، ولآخر : أنت محمد .

7- لما ذُهب به إلى القتل قال لأصحابه : لا يهولنكم هذا ، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً . فقتل ولم يَعُدْ .

فلهذه الأقوال وغيرها أجمع علماء عصره على كفره وزندقته ولذلك قتل ببغداد عام 309 هـ .

وكذا ذمه أكثر الصوفية ونفوا أن يكون منهم ، فممن ذمه الجنيد ، ولم يذكره أبو القاسم القشيري في رسالته التي ذكر فيها كثيراً من مشايخ الصوفية .

وكان من سعى في قتله وعقد له مجلساً وحكم عليه فيه بما يستحقه من القتل هو القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي رحمه الله . وقد امتدحه ابن كثير على ذلك

فقال : وكان من أكبر صواب أحكامه وأصوبها قَتْلَهُ الحسين بن منصور الحلاج اهـ

(البداية والنهاية 11/172).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

: ( مَنْ اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنْ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ : أَنَا اللَّهُ

. وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ . . . وَالْحَلاجُ كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ .

وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنْ الآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلاجُ )اهـ

مجموع الفتاوى ( 2/480 ) .

وقال أيضاً : ( وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلاجَ بِخَيْرِ لا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلا مِنْ الْمَشَايِخِ ; وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ ; لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَهُ ) .اهـ

مجموع الفتاوى ( 2/483 ) .

للاستزادة يراجع :

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ( 8/112-141) .

المنتظم لابن الجوزي ( 13/201-206)

. سير أعلام النبلاء للذهبي ( 14 / 313-354 ) .

البداية والنهاية لابن كثير ( 11/132-144) .

والله الهادي إلى سواء السبيل.

: الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-24, 14:28   رقم المشاركة : 359
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عدد نساء سليمان عليه السلام

السؤال

أرجو أن توضح لي الحقيقة حول أن سليمان عليه السلام كان له 999 زوجة أو عدد قريب منه ، وعن الأسباب وراء ذلك .

الجواب

الحمد لله


أكبر عدد لنساء سليمان عليه السلام ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه كان عنده مائة امرأة كما روى البخاري في صحيحه (5242 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلام : لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .

فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَلَمْ يَقُلْ ، وَنَسِيَ فَأَطَافَ بِهِنَّ وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ " وأخرجه مسلم ( 1654

) وفيه أنه قال تسعين امرأة ، وفي رواية أخرى أوردها البخاري معلقة في صحيحه في باب من طلب الولد للجهاد ، أنه قال : تسعا وتسعين امرأة .

فلعل من قال مائة جبر الكسر ، ومن قال تسعين ألغاه كما قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث .

لكن نقل الحافظ ابن كثير في قصة سليمان عليه السلام من ( البداية والنهاية ج 2 ) عن كثير من السلف أن عدة نساء سليمان عليه السلام ألف امرأة .

ومثله الحافظ ابن حجر في فتح الباري في أثناء شرحه لحديث رقم ( 3424 )

فهذا العدد منقول عن بني إسرائيل فلا نصدقه ولا نكذبه . وليس في الأحاديث السابقة ما ينفي ذلك أو يؤيده .

أما أسباب ذلك ، فإن الله سبحانه يهب لمن يشاء من عباده ما شاء من ملك الدنيا ومتعها

وذلك بحكمته البالغة وفضله الواسع ، لا يسأل عما يفعل سبحانه وبحمده ، وقد وهب لسليمان عليه السلام على وجه الخصوص ملكا عظيما لم يعطه أحدا من بعده

فلا يبعد أن يخصه الله بهذه القوة العظيمة التي تمكنه من الزواج بهذا العدد من النساء . ولا يمكن أن يتطرق لذهن أي مسلم أن هذا الأمر فيه منقصة لهذا النبي الكريم بل هو من تمام ملكه وفضله ورجولته

فها هو يتمنى أن يرزقه الله في ليلة واحدة مائة ولد كلهم يخرجون فرسانا مجاهدين في سبيل الله ، ونحن قبل ذلك وبعده نؤمن بأن الله سبحانه يخلق ما يشاء ويختار لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-24, 14:31   رقم المشاركة : 360
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبي الله يحيى عليه السلام

السؤال


هل يمكن إعطاؤنا معلومات عن نبي الله يحيى عليه السلام ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي – رحمة الله تعالى عليه - :

وقوله : ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) مريم/12 ، أي : خذ التوراة بقوة ، أي : بجد واجتهاد ، وذلك بتفهم المعنى أولا حتى يفهمه على الوجه الصحيح

ثم يعمل به من جميع الجهات فيعتقد عقائده ويحل حلاله ويحرم حرامه ويتأدب بآدابه ويتعظ بمواعظه إلى غير ذلك من جهات العمل به ، وعامة المفسرين على أن المراد بالكتاب هنا التوراة …

وقوله : ( وآتيناه الحكم صبيّاً ) ، أي : أعطيناه الحكم وللعلماء في المراد بالحكم أقوال متقاربة مرجعها إلى شئ واحد وهو أن الله أعطاه الفهم في الكتاب أي إدراك ما فيه والعمل به حال كونه صبيا ….

وقوله : ( وحناناً ) ، معطوف على الحكم ، أي وآتيناه حناناً من لدنّا ، والحنان هو ما جبل عليه من الرحمة والعطف والشفقة

وإطلاق الحنان على الرحمة والعطف مشهور في كلام العرب ومنه قولهم : حنانك وحنانيك يا رب بمعنى : رحمتك …

وقوله : ( وزكاةً ) أنه معطوف على ما قبله أي أو وأعطيناه زكاة أي طهارة من أدران الذنوب والمعاصي بالطاعة والتقرب إلى الله بما يرضيه …

وقوله : ( وكان تقيّاً ) أي : ممتثلاً لأوامر ربه مجتنباً كل ما نهى عنه ولذا لم يعمل خطيئة قط ولم يلم بها ….

وقوله : ( وبرّاً بوالديه ) ، البَرّ - بالفتح - : هو فاعل البِرّ - بالكسر - كثيراً ، أي : جعلناه كثير البر بوالديه أي : محسناً إليهما لطيفاً بهما لين الجانب لهما …

وقوله : ( ولم يكن جباراً عصيّاً ) أي : لم يكن مستكبراً عن طاعة ربه وطاعة والديه ولكنه كان مطيعاً لله متواضعاً لوالديه قاله ابن جرير

والجبار هو كثير الجبر أي القهر للناس والظلم لهم وكل متكبر عن الناس يظلمهم فهو جبار …

وقوله تعالى : ( وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً ) ، قال ابن جرير : " وسلام عليه أي : أمانٌ له " … والظاهر المتبادر أن قوله : ( وسلام عليه يوم ولد ) تحية من الله ليحيى ومعناها الأمان والسلامة …

وقوله في آل عمران : ( وسيِّداً وحصوراً ونبيّاً من الصالحين ) آل عمران/39 ، … قوله ( وسيِّداً ) … فالسيد من يطيعه ويتبعه سواد كثير من الناس …

وقوله : ( وحصوراً ) أنه الذي حصر نفسه عن النساء مع القدرة على إتيانهن تبتلاً منه وانقطاعاً لعبادة الله وكان ذلك جائزاً في شرعه ، وأما سنَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي التزوج وعدم التبتل …

وقوله : ( ونبيّاً من الصالحين ) وهو فعيل بمعنى مفعول من النبأ وهو الخبر الذي له شأن لأن الوحي خبر له شأن يخبره الله به …

والصالحون هم الذين صلحت عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم ونياتهم والصلاح ضد الفساد وقد وصف الله تعالى يحيى بالصلاح مع من وصف بذلك الأنبياء في سورة الأنعام في قوله :

( وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ) الأنعام/ 85 .

" أضواء البيان " ( 4 / 245 – 252 ) باختصار









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc