من خصائصه صلى الله عليه وسلم :
جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها
السؤال
قد سمعت أن هناك رأياً بإجماع الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر محرما لكل نساء المسلمين لما قد أمره الله في الكتاب ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن )
وبهذا قد حرم عليه الله كل النساء فهل أصبح بذلك محرما أي يجوز التكشف أمامه كأحد المحارم بالنسبة للنساء الأوائل من قبل بالطبع أو كان رسول الله بعد هذا الأمر يبيت في بيوت المسلمين لأنه محرم لنسائهم ؟ .
الجواب
الحمد لله
ذهب كثير من أهل العلم إلى من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز خلوته بنساء أمته ونظره إليهن وإركابهن خلفه على الدابة .
قال الحطاب المالكي : "ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز خلوته بالأجنبية كما نقل الدماميني في حاشيته على البخاري في أول كتاب الجهاد في دخوله صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت ملحان و
قال الشيخ جلال الدين في المباحات : واختص صلى الله عليه وسلم بإباحة النظر للأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن ( أي إركابهن خلفه ) "
انتهى من مواهب الجليل 3/402
وقال البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب : ( أما هو – صلى الله عليه وسلم- فقد اختص بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن على الدابة خلفه ;
لأنه مأمون لعصمته ; وهذا هو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية , وأما الجواب بأنها كانت محرمة من رضاع فرده الدمياطي بعدم ثبوته )
انتهى من حاشية البجيرمي 3/372
وقال الحافظ ابن حجر في شرح حديث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قالت
: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ
: ( دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ ) رواه البخاري (4750)
قال الحافظ : ( والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة
بالأجنبية والنظر إليها ، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية ) انتهى من الفتح 9/203.
وقد اختار كثير من العلماء أن أم حرام كانت من محارم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل حكاه النووي اتفاقاً للعلماء .
وقال في مطالب أولي النهى (5/34) – من كتب الحنابلة-
: ( وله أن يردف الأجنبية خلفه لقصة أسماء . وروى أبو داود عن امرأة من غفار : أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفها على حقيبته . وله أن يخلو بها لقصة أم حرام ) اهـ .
وحديث أسماء الذي أشار إليه رواه البخاري (4823) ومسلم (4050) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ( والفرسخ ثلاثة أميال ) فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ ( كلمة تقال للبعير لمن
أراد أن ينيخه ) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ
غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
وأما حديث المرأة التي من غفار فقد رواه أبو داود (313) عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَتْ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ . . .
الحديث . ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
والرحل ما يركب عليه على البعير ، وحقيبة الرحل زيادة تجعل في مؤخرة الرحل .
وليست هذه المسألة من المسائل التي أجمع عليها العلماء ، بل في كلام بعضهم تصريح بخلاف ذلك ، قال العراقي في "طرح التثريب" (5/167) في شأن دخول النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير: (
دخوله عليه الصلاة والسلام على ضباعة عيادة أو زيارة وصلة فإنها قريبته كما تقدم وفيه بيان تواضعه وصلته وتفقده صلى الله عليه وسلم ، وهو محمول على أن الخلوة هناك كانت منتفية فإنه عليه الصلاة والسلام
لم يكن يخلو بالأجنبيات ولا يصافحهن وإن كان لو فعل ذلك لم يلزم منه مفسدة لعصمته , لكنهم لم يعدوا ذلك من خصائصه فهو في ذلك كغيره في التحريم ) اهـ .
والله أعلم .