ما أشبه يوم سوريا بأمس أفغانستان
ونحن على أبواب الأسبوع الثالث للغزو الروسي لسوريا دعماً لنظام الأسد , يبدو أن الرهانات الروسية على تدخلها العسكري بالتعاون مع إيران ومليشياتها" الطائفية" متعددة الجنسيات . قد فشل,أو على الأقل حساباتها لم تكن دقيقة لجهة إمكانية صمود الثوار على الأرض وقدراتهم العسكرية .
دخلنا الأسبوع الثالث للغزو الروسي ولم تتمكن روسيا بإمكانياتها العسكرية الهائلة في تحقيق أي خرق ملموس على الأرض يمكن نظام الأسد ليكون في موقف تفاوضي أقوى , فما زالت قواته تتكبد يوماً بعد يوم مزيد من القتلى ,وثوار سوريا يرسلون يومياً مزيداً من قوافل التوابيت إلى إيران وضاحية بيروت الجنوبي , محملة بكبار قادتهم "الثوريين" وجنرالات موتهم العسكريين .
يبدو أن الخناق يضيق على عنق الروس وهم "مذهلون" من صمود الثوار , وعدم تمكنهم من إحداث خرق سياسي في المجتمع الدولي خاصتاً في الموقفين الأمريكي والسعودي ومعهم الأتراك .
من جانبه الرئيس الفرنسي "هولا ند" لم يكن رحيماً بالروس حين قال: إنّ التدخل العسكري الروسي "يمكن أن يدعم النظام في سوريا غير أنه لن ينقذ بشار الأسد". وأضاف "هولا ند" "يجب التحرك بأقصى سرعة ممكنة نحو عملية انتقالية سياسية" في سوريا، مؤكدًا "بشكل واضح للغاية أن بشار لا يمكن أن يكون المستقبل".
الأمر الذي لم يجد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" مخرجًا له منه, إلا بالتحالف مع العدو الصهيوني ويضمه بشكل رسمي إلى حلف المقاومة والممانعة تحت عباءته , لعله بذلك يكسب دعمها في حربه العبثية التي يشنها على الشعب السوري دعماً لطاغية الشام , ولعله بذلك يكسب اللوبي الصهيوني في أمريكا الذين يصنعون القرار الأمريكي لجرها إلى صفــه , ولا يبدو أن هذا التوجه قد كتب له النجاح .
فهاهو بوتين نفسه " ينعي " المقترح الذي قدمته موسكو لعقد لقاء دولي من أجل تسوية القضية السورية .
وزف لنا وزير خارجيته "لافروف"أن واشنطن رفضت استقبال الوفد الروسي , واعتذرت عن إرسال وفد أمريكي .
وبدأ عديد من الخبراء الاقتصاديين ينشرون تقاريرهم ويشككون في إمكانية استمرار روسيا في غاراتها الجوية على سوريا لمدة تزيد عن أربعة أشهر وأن " تكلفة الغارات الجوية والطلعات الجوية العسكرية غير القتالية, نحو مليوني دولار يوميًّا على الأقل".
من العاصمة التركية أنقرة قالها وزير الخارجية السعودي، "عادل الجبير" إن المملكة العربية السعودية متفقة مع تركيا، على عدم وجود دور لـ "بشار الأسد" ضمن الحل في سورية، وعلى دعم المعارضة السورية.
وكانت السعودية من بين سبع دول أخرى ، من بينها قطر وتركيا وأمريكا، كانت قد أصدرت بياناً مشتركاً ، طالبت فيه موسكو بـ"التوقف فوراً عن مهاجمة المعارضة السورية والمدنيين، وتركيز غاراتها على تنظيم داعش"، البيان الذي ضم كلاً من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وقطر.
ولم يعد خيار تسليح المعارضة السورية المعتدلة , بالتنسيق مع تركيا و تلك الدول التي وقعت على البيان , مجرد تكهنات أو توقعات صحفية وتنبؤات المحللين الاستراتيجيين, بل أصبح حقيقة واقعة ، خصوصاً بعد إعلان واشنطن مؤخراً إنزالها لأسلحة لفصائل معارضة والمؤشرات كلها تشير إلى رغبة الرياض بفعل الشيء نفسه.
لابد لنا من الإشارة إلى ما ذكره مصدر سعودي "مسؤول" لهيئة الإذاعة البريطانية، أن حكومة بلاده صعدت من حجم إمداداتها للثوار في سوريا عقب التدخل الروسي هناك، مؤكداً أنها زودت ثلاثة فصائل سورية مسلحة بأسلحة توجيه مضادة للدبابات ولوازم حديثة وأسلحة نوعية.
باختصار مكثف نقول . ونحن في الأسبوع الثالث للغزو الروسي لسوريا, أن الخناق بات يضيق أكثر فأكثر على عنق الدب الروسي , وما هي إلا أسابيع حتى تبدأ التقارير عن تكلفة هذا العدوان بالظهور للعلن وربما جرد حساب كبير ينتظر الرئيس بوتين في الانتخابات النيابية القادمة .
يبدو لنا بكل وضوح من خلال متابعة ثلاث أسابيع للغزو الروسي على سوريا الوطن والإنسان,أنه فشل ويستمر بالفشل وهو يسير في بطئ إلى الهاوية ونهايته المحتومة و"ما أشبه يوم سوريا بأمس أفغانستان".
حتى الآن لم ينجح الروس بتحقيق أي هدف من أهدافهم المعلنة محاربة الإرهاب, وتمكين نظام الأسد من استعادة المناطق التي يسيطر عليها الثوار,ولم يستطع أن يجر المجتمع الدولي لحرب بالوكالة أو القبول برؤيته السياسية.
قد يكون الإنجاز الوحيد الذي حققه "الغزو" الروسي على سوريا قتل ما يزيد عن "مائَتَيْنِ "مدني نصفهم من النساء والأطفال العزل. و مزيد من الدمار والخراب، وأعداد متزايدة تدق أبواب أوربا هربا من الغارات الروسية, واالضغط الاقتصادي يزداد على روسيا نتيجة الحرب وهي التي تعاني أصلاً من انهيار اقتصادي نتيجة العقوبات الدولية، بينما يبدو بكل وضوح أن الثوار السوريين ومعهم الفصائل المسلحة , قد تمكنوا من استيعاب التدخل الروسي وبدؤوا يتكيفون معه.
خلاصة القول
لم يتمكن الروس من أجبار الأمريكيين على الخضوع والتنسيق معهم لمحاربه ما يسمونه "الإرهاب " حيث تدرك كل دول التحالف الدولي , ضد تنظيم الدولة" داعش" أن روسيا تحارب الثوار دعماً لنظام متهالك أرتكب من المجازر ما لم يسبقه إليها أحد في العصر الحديث
https://orient-news.net/ar/news_show/...AA%D8%A7%D9%86