إنما الأعمال بالنيات.......
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
خرجت جماعة من اللصوص ذات ليلة تقطع الطريق على قافلة أتاهم خبرها، فلما جدوا في السعي للقائها، و توغل الليل و لم يعد لهم من جهد أو وسيلة لتبينها، فهي لا شك قد حطت رحالها حتى الصباح، حيث لم يستطع اللصوص تبين مكانها، و وجدوا عن بعد منزلاً مهدما به أثر من نار، فذهبوا إليه و طرقوا الباب، و قالوا : نحن جماعة من الغزاة المجاهدين في سبيل الله، أظلم علينا الليل، و نريد أن نبيت في ضيافتكم و أحسن الرجل استقبالهم، و أفرد لهم غرفته، و قام على خدمتهم، و قدم لهم أكل أهل بيته، و كان للرجل ولد مقعد قد شله المرض عن الحركة.
و فى الصباح خرج اللصوص، و قام الرجل و أخذ الوعاء الذي كان فيه فضل مياههم و باقي اغتسالهم، و قال لزوجته : امسحي لولدنا بهذا الماء أعضاءه، فلعله يشفى ببركة هؤلاء الغزاة المجاهدين في سبيل الله، فهذا الماء باقي وضوئهم و اغتسالهم. و فعلت الأم ذلك.
و فى المساء رجع اللصوص إلى دار الرجل و قد غنموا و سرقوا و انتبهوا ليقضوا ليلتهم في خفية عن أعين قد تكون تترصدهم، و وجدوا الولد المقعد يمشى سوياً !
فقالوا لصاحب الدار و قد تعجبوا و اندهشوا : أهذا الولد الذي رأيناه بالأمس و فى الصباح مقعداً ؟
قال الرجل : نعم، فلقد أخذت فضل مائكم و بقية وضوئكم، و مسحته به، فشفاه الله ببركتكم ..، ألستم غزاة مجاهدين من أهل الله ؟ ! ! .
فأخذوا في البكاء و النشيج و قالوا له : أيها الرجل اعلم أننا لسنا غزاة، و إنما نحن لصوص قطاع طريق... غير أن الله قد عافى ولدك بحسن نيتك، و لقد تبنا إلى الله توبة نصوحاً.......
و خرجوا يوزعون المال على الفقراء و المحتاجين، و تحللوا من الذنب، و تحرروا من الكذب،
و تقدموا إلى جيش المسلمين يلتحقون به، ليكونوا فعلاً ـ كما كذبوا أولاً ـ غزاة مجاهدين في سبيل الله .........