شروح الأحاديث - الصفحة 21 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-11-04, 16:56   رقم المشاركة : 301
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكلام على حديث : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ )

السؤال

جاء في الحديث أن الرؤيا الصادقة جزء من ستٍ وأربعين جزءا من النبوة ، فما الـ 45 جزءا المتبقية؟ أحيلوني إلى كتاب أو موقع تحدث عن هذا، أو زودوني بها مشكورين، وبارك الله فيكم.


الجواب

الحمد لله

روى البخاري (6989) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة

عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) .
وقد وردت رواية أخرى في عد أجزاء النبوة

ينظر : "فتح الباري" (12 /363) .

وقد اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث اختلافا واضحا :

فقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : أَجْزَاء النُّبُوَّة لَا يَعْلَم حَقِيقَتهَا إِلَّا مَلَك أَوْ نَبِيٌّ , وَإِنَّمَا الْقَدْر الَّذِي أَرَادَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّن أَنَّ الرُّؤْيَا جُزْء مِنْ أَجْزَاء النُّبُوَّة فِي الْجُمْلَة ، لِأَنَّ فِيهَا اِطِّلَاعًا عَلَى الْغَيْب مِنْ وَجْه مَا

وَأَمَّا تَفْصِيل النِّسْبَة فَيَخْتَصّ بِمَعْرِفَتِهِ دَرَجَة النُّبُوَّة .

وَقَالَ الْمَازِرِيّ : لَا يَلْزَم الْعَالِم أَنْ يَعْرِف كُلّ شَيْء جُمْلَة وَتَفْصِيلًا , فَقَدْ جَعَلَ اللَّه لِلْعَالِمِ حَدًّا يَقِف عِنْده , فَمِنْهُ مَا يَعْلَم الْمُرَادَ بِهِ جُمْلَة وَتَفْصِيلًا , وَمِنْهُ مَا يَعْلَمهُ جُمْلَة لَا تَفْصِيلًا , وَهَذَا مِنْ هَذَا الْقَبِيل .

وذهب بَعْض أَهْل الْعِلْم إلى أن وجه المناسبة في ذكر هذا العدد في الحديث أَنَّ اللَّه أَوْحَى إِلَى نَبِيّه فِي الْمَنَام سِتَّة أَشْهُر , ثُمَّ أَوْحَى إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ فِي الْيَقَظَة بَقِيَّة مُدَّة حَيَاته ,

وَنِسْبَتهَا مِنْ الْوَحْي فِي الْمَنَام جُزْء مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا ، لِأَنَّهُ عَاشَ بَعْد النُّبُوَّة ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة عَلَى الصَّحِيح . وقد أنكر هذا التأويل ابن بطال والخطابي وغيرهما .

وقَالَ النَّوَوِيّ

: لَمْ يَثْبُت أَنَّ زَمَن الرُّؤْيَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سِتَّة أَشْهُر .

وقَالَ الْمَازِرِيّ :

وَقِيلَ : الْمُرَاد أَنَّ لِلْمَنَامَاتِ شَبَهًا مِمَّا حَصَلَ لَهُ وَمَيَّزَ بِهِ من النُّبُوَّة ، بِجُزْءٍ مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا .

وقَالَ الْخَطَّابِيُّ

: وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الرُّؤْيَا تَأْتِي عَلَى مُوَافَقَة النُّبُوَّة , لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ مِنْ النُّبُوَّة .

وقال ابن الأثير :

" ليس المعْنى أن النُّبوّة تَتَجزَّأ ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوّة ، فإن النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة ، ولا مُجْتَلبَة بالأسباب ، وإنَّما هي كرامة من اللّه تعالى .

راجع :

"فتح الباري" (12/361-368)

– "الفروق" – للقرافي (4/410-414)

– "شرح مسلم" – للنووي (15/21)

– "شرح البخاري" – لابن بطال (9/515-516)

– "عون المعبود" (13 /246)

– "التمهيد" (1/279-285)

"النهاية" لابن الأثير(1 /741) .

على أننا نعود فننبه إلى أن سياق الحديث إنما هو في الرؤى الصادقة وشأنها ، وليس في ضبط أجزاء النبوة ، فمثل هذا لا يعرف إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم لنا ، ولم يأته به توقيف

ولا ينبني عليه كبير عمل ؛ فالنبوة قد انقطعت ، ولو لم تنقطع فلا مطمع في نيلها ببحث ولا طلب ، ولا جد ولا اجتهاد ؛ إنما هي فضل الله يؤتيه من يشاء ، وقد ختم هذا الفضل بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين

: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة )

فأجاب : " معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) أن رؤيا المؤمن تقع صادقة لأنها أمثال يضربها الملك للرائي ، وقد تكون خبرا عن شيء واقع

أو شيء سيقع فيقع مطابقا للرؤيا فتكون هذه الرؤيا كوحي النبوة في صدق مدلولها وإن كانت تختلف عنها ، ولهذا كانت جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

وتخصيص الجزء بستة وأربعين جزءا من الأمور التوقيفية التي لا تُعلم حكمتها كأعداد الركعات والصلوات " انتهى
.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1 /327-328) .

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:02   رقم المشاركة : 302
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى حديث ( كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك )

السؤال

ما هو حكم الحديث التالي في صحيح مسلم : عن معاوية بن الحكم قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟

فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصْمِتُونِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، وَاللَّهِ مَا قَهَرَنِي وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي

قَالَ: " إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ" أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: " فَلا تَأْتِهِمْ " . قَالَ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ ؟ قَالَ : " ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ "

قَالَ : قُلْتُ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ ، قَالَ : " كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ مِثْلَ خَطِّهِ فَذَاكَ ". وبعض الناس يقولون إنه دليل على جواز التنجيم برسم الخطوط على الرمال ، فأرجو الرد .


الجواب

الحمد لله

الضرب بالرمل وادعاء أن ذلك من علامات معرفة الغيب هو من فعل الكهَّان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، ويفسدون أديانهم وأديان الناس معهم .

والحديث الذي ذكره الأخ السائل هو حديث صحيح بلا شك ، لكنه لا يدل بحال على صحة ما يدعيه الكهان ؛ لأن خط ذاك النبي عليه السلام على الرمل كان آية من آيات الله

علَّمه الله تعالى إياه ، ليكون دلالة على ما يوحي الله تعالى له به ، وما يعلمه إياه ، ثم إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد علَّق أمر الخط على الرمل على مستحيل وهو موافقة الخط لخط ذاك النبي عليه السلام

وأنَّى لمدَّعٍ أن يصدِّقه الموحدون إذا زعم أن خطه على الرمل آية من الله ، أو أن خطه موافق لخط ذاك النبي ؟! .

وستجد فيما يأتي جملة من كلام أهل العلم توضيحاً لمعناه وبياناً لبطلان كلام من زعمه حجة للكهَّان .

قال الأستاذ عبد المجيد المشعبي – وفقه الله - :

واستدل أرباب هذه الصناعة على جواز وصحة صناعتهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك )

قالوا : إن علم الرمل ثبت عن إدريس عليه السلام فهو المعلم الأول ، وكان علم الرمل من معجزاته ! .

وهذا دليل يدل على بطلان هذا العلم وعلى تحريم هذه الصناعة ولا يدل على إباحتها مطلقاً ؛ حيث إن العلماء بينوا معنى هذا العلم ، وباتضاح المعنى تتضح الدلالة .

قال الخطابي رحمه الله بعد سرد هذا الحديث

: " يحتمل أن يكون معناه الزجر عنه ؛ إذ كان من بعده لا يوافق خطه ، ولا ينال حظه من الصواب ؛ لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبي ، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعاً في نيله . "

معالم السنن " ( 2 / 374 ) .

وقال النووي رحمه الله تعالى

: " اختلف العلماء في معناه ، والصحيح أن معناه : من وافق خطه فهو مباح له ، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة ؛ فلا يباح .

والمقصود : أنه حرام ؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة ، وليس لنا يقين بها ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فمن وافق خطه فذاك ) ولم يقل :

هو حرام بغير تعليق على الموافقة ، لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط ، فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي

مع بيان الحكم في حقنا ، والمعنى

: أن ذلك النبي لا مانع في حقه ، وكذا لو علمتم موافقته ، ولكن لا علم لكم بها .

وقال القاضي عياض :

" المختار : أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون إصابته فيما يقول ، لا أنه أباح ذلك لفاعله " ، قال : " ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا " .

ثم قال النووي : " فحصل من مجموع كلام العلماء فيه : الاتفاق على النهي عنه الآن " .

" شرح النووي على صحيح مسلم " ( 5 / 23 ) .

وقال ابن خلدون : " ليس في الحديث دليل على مشروعية خط الرمل كما يزعمه بعض من لا تحصيل لديه ؛ لأن معنى الحديث : كان نبي يخط فيأتيه الوحي عند ذلك الخط

ولا استحالة أن يكون ذلك عادة لبعض الأنبياء ، ( فمن وافق خطه فهو ذاك ) ، أي : فهو صحيح من بين الخط بما عضده من الوحي لذلك النبي الذي عادته أن يأتيه الوحي عند الخط

وأما إذا أخذ ذلك من الخط مجرداً من غير موافقة وحي فلا " . "

مقدمة ابن خلدون " ( ص 112 ) .

وقال ابن حجر الهيتمي : " تعلم الرمل وتعليمه حرام شديد التحريم ، وكذا فعله ؛ لما فيه من إبهام العوام أن فاعله يشارك الله في غيبه وما استأثر بمعرفته ..

. والحديث المذكور في مسلم يجب أن يحل على ما يطابق القرآن ، وما اتفق عليه إجماع أهل السنة ، وذلك بأن يحمل على الإنكار ، لا الإخبار ؛ لأن الحديث خرج جواباً على سؤال من اعتقد علم الخط على ما اعتقدت العرب

فكان جوابه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك من خواص علوم الأنبياء بما يقتضي الإنكار على من يتشبه به من الناس ، إذ هو من خصوصياتهم

ومعجزاته الدالة على النبوة ، فهو كلام ظاهره الخبر ، والمراد به الإنكار ، ومثله في القرآن والسنة كثير .

أو يحمل على أنه علَّق الحل بالموافقة بخط ذلك النبي ، وهي غير واقعة في ظن الفاعل ، إذ لا دليل عليها إلا بخبر معصوم ، وذلك لم يوجد

فبقى النهي على حاله ؛ لأنه علق الحل بشرط ، ولم يوجد ، وهذا أولى من الأول .

أو يحمل على أنه أراد : فمن وافق خطه فذاك الذي تجدون إصابته ، لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم ، وهذا يدل على أنه ليس على ظاهره

وإلا لوجب لمن وافق خطه أن يعلم علم المغيبات التي كان يعلمها ذلك النبي ، وأمر بها في خطه من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم ، وحينئذ يلزم مساواته له في النبوة

فلما بطل حمله له على ظاهره لزم تأويله ، وعلم أن الله تعالى خص ذلك النبي عليه السلام بالخط ، وجعله علامة لما يأمره به وينهاه عنه ، كما جعل لنوح عليه السلام من فور التنور علامة الغرق لقومه

وفقد الحوت علامة لموسى على لقاء الخضر عليه السلام ، وما في سورة الفتح علامة لنبينا صلى الله عليه وسلم على حضور أجله، ومثله كثير . "

الفتاوى الحديثية " ( ص 117 ، 118 ) .

فتبين من كلام هؤلاء العلماء أن الحديث يدل على تحريم العمل بعلم الخط ، لا على جوازه ، كما يدل على بطلان طريقة الناس في علم الرمل ، وفسادها

وذلك لأن الإباحة في هذا العلم معلقة بشرط لا يتحقق ، فأدى ذلك إلى عدم الإباحة ، فإن ذلك النبي له خط مخصوص ليس كخط هؤلاء ، أوحاه الله إليه

وهو مؤيد بالوحي فيما يذكره من المغيبات ، ولا سبيل إلى العلم بموافقة ذلك الخط ؛ لأن الموافقة تقتضي العلم به ، والعلم يكون بأحد طريقين :

أحدهما : النص الصريح الصحيح في بيان كيفية هذا العلم .

والثاني : النقل المتواتر من زمن ذلك النبي إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

وكلا الأمرين منتفٍ .

فدل ذلك على بطلان ما عليه الناس من الخط على الرمل بعد ذلك النبي ، وينبغي أن يعلم في هذا المقام أن الأنبياء لا يدعون علم الغيب ، ولا يخبرون الناس أنهم يعلمون الغيب

وما أخبروا الناس به من الغيب إنما هو من إيحاء الله إليهم فلا ينسبونه إلى أنفسهم ، كما قال الله تعالى ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن/ 26 ، 27

لأن الغيب مما اختص الله بعلمه ، فلا يدعيه أحد لنفسه إلا كان مدعياً لبعض خصائص الربوبية ، وهذا ما يفعله أرباب هذه الصناعة ، فظهر بهذا دجل هؤلاء في دعوى أن هذا النبي الكريم معلِّم لهم .

" التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام " ( ص 321 – 324 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:04   رقم المشاركة : 303
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى قوله - صلى الله عليه وسلم – ( وأعوذ بك منك )

السؤال


أرجو من فضلكم أن تشرحوا لي ما معنى (وأعوذ بك منك) في قول النبي صلى الله علية وسلم في السجود: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك

وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ؟


الجواب

الحمد لله

الحديث رواه مسلم في صحيحه (751) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ ، وَهُوَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ

وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ) .

قال المناوي رحمه الله:

" ( وأعوذ بك منك ) أي برحمتك من عقوبتك

فإن ما يستعاذ منه صادر عن مشيئته وخلقه ، بإذنه وقضائه

فهو الذي سبب الأسباب التي يستفاد به منها ، خلقا وكونا ، وهو الذي يُعيذ منها ، ويدفع شرها خلقا وكونا "

. انتهى من "فيض القدير شرح الجامع الصغير" (2/176) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" ( وأعوذ بك منك ) : فاستعاذ بصفة الرضا من صفة الغضب ، وبفعل العافية من فعل العقوبة ، واستعاذ به منه باعتبارين ؛ وكأن في استعاذته منه جمعاً لما فصله في الجملتين قبله

فإن الاستعاذة به منه ترجع إلى معنى الكلام قبلها ، مع تضمنها فائدة شريفة ، وهي كمال التوحيد ، وأن الذي يستعيذ به العائذ ، ويهرب منه : إنما هو فعل الله ومشيئته وقدره

فهو وحده المنفرد بالحكم ؛ فإذا أراد بعبده سوءا لم يعذه منه إلا هو ، فهو الذي يريد به ما يسوؤه ، وهو الذي يريد دفعه عنه ، فصار سبحانه مستعاذاً به منه باعتبار الإرادتين : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ )

فهو الذي يمس بالضر ، وهو الذي يكشفه ، لا إله إلا هو ، فالمهرب منه إليه ، والفرار منه إليه ، والملجأ منه إليه ، كما أن الاستعاذة منه ؛ فإنه لا رب غيره ولا مدبر للعبد سواه

فهو الذي يحركه ويقلبه ويصرفه كيف يشاء "

انتهى من "طريق الهجرتين وباب السعادتين"(1/431) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:09   رقم المشاركة : 304
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل " لماذا قُبل إسلام أبي طلحة ولم تُقبل هجرة مهاجر أم قيس مع أن الدافع واحد ؟! "

السؤال

أنا متحير بشأن النية وقبولها من عدم قبولها ، ألم تتزوج " أمُ سُليم " أبا طلحة شرط إن يُسلِم فأسلم فكان الإسلام صداقها ، وأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم ؟ في حين أنّا نرى في حادثة الهجرة

أن أحد الصحابة هاجر فقط لأن من أراد أن يتزوجها " أم قيس " اشترطت عليه الهجرة فأصبح اسمه " مهاجر أم قيس " ، وقد ورد في الحديث أن هجرته كانت لذلك الغرض ، وهو الزواج

وبالتالي فهجرته لم تُقبل لأنها لم تكن خالصة ، فأريد أن أفهم هنا لماذا قُبل إسلام أبي طلحة ولم تُقبل هجرة مهاجر أم قيس مع أن الدافع واحد ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

قبل الإجابة على السؤال نود أن نشكر الأخ السائل على دقة فهمه وقوة استشكاله ، ونحن نرحِّب بمثل هذه المسائل التي تفتح أبواباً - لطلاب العلم - من العلم والخير وتُغلق أبواباً - على المشككين في الشرع - من الجهل والشر .

ثانياً:

ولتتم الفائدة فلنذكر حديث أم سليم مع أبي طلحة رضي الله عنهما ، ولنذكر بعده قصة مهاجر أم قيس .

1. عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ كَافِرٌ وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي وَمَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا .

قَالَ ثَابِتٌ : فَمَا سَمِعْتُ بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الْإِسْلَامَ فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ .

رواه النسائي ( 3341 ) وصححه ابن حجر في " فتح الباري " ( 9 / 115 ) - وردَّ على من أعلَّ متنه - وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

وقد بوَّب عليهما النسائي بقوله " باب التزويج على الإسلام " .

2. وأما قصة مهاجر أم قيس : فالظاهر أنها صحيحة ، لكن لم يصح أنها سبب حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) .

عن شقيق قال : قال عبد الله

: " من هاجر يبتغي شيئا فهو له ، قال : هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها : أم قيس وكان يسمى مهاجر أم قيس " .

رواه الطبراني في " الكبير " ( 8540 ) .

قال ابن حجر - رحمه الله -

: " وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 10 ) .

وقال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -

: " وقد اشتُهر أن قصة " مهاجر أم قيس " هي كانت سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ) وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم ، ولم نرَ لذلك أصلاً يصح "

انتهى من " جامع العلوم والحِكَم " ( ص 14 ) .

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " وقصة " مهاجر أم قيس " رواها سعيد بن منصور قال : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئاً ... – وساق الأثر -
.
ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ " كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس "

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 10 ) .

ثالثاً:

خلاصة ما ذكره أهل العلم في الجواب عن الإشكال : أن هناك فرقا بين حال الداخلين في الإسلام وحال المهاجرين ، فمن دخل في دين الله تعالى خالصاً من قلبه معتقداً صحة الرسالة

وليس من أجل مالٍ ولا دنيا فهو في مرتبة أعلى ممن دخله من المؤلَّفة قلوبهم والذين دخلوا فيه طمعاً في المال ، وهذا في الابتداء ، وإلا فقد يَحسن إسلام هذا الثاني فيصير أعظم منزلة من الأول

ومثله يقال في المهاجر من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ، فمن كانت هجرته نصرة لدين الله ، وفراراً من بلاد الشرك فهو ليس كمن هاجر من أجل دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فالأول يحصِّل أجر الهجرة

وأما الثاني فإنه وإن جاء بصورة الفعل – وهو مفارقة بلاد الكفار نحو بلاد الإسلام – فإنه ليس له أجر الهجرة ، بل له ما هاجر من أجله ، وإن كان قد خلط بين نية الهجرة لله ونية التزوج وإصابة الدنيا

: فهو دون الأول بلا شك ، وله من الأجر بقدر ما وقع في قلبه من نية الهجرة الشرعية .

والذي يظهر لنا أنَّ أبا طلحة رضي الله عنه قد دخل الإسلام رغبة فيه ، وأنه قد جمع معها الرغبة بالتزوج بأم سليم ، بدليل أنه قد حسن إسلامه فيما بعد وكان من أجلاء الصحابة

والذي يظهر لنا – كذلك – أن " مهاجر أم قيس " لم يهاجر إلا بقصد التزوج فجاء بصورة الفعل دون قصد العبادة ، وليس فعله حراماً ولا تزوجه باطلاً ، لأن الهجرة ليست العبادات المحضة

كالصلاة والصيام ونحو ذلك ، وإنما هي بحسب قصد المهاجر ؛ فمن هاجر لتجارة أو نحوها من المباحات : فهجرته مباحة ، ومن هاجر لقربة : فهجرته طاعة وقربة

ومن هاجر لمحرم : فهجرته محرمة . وإن خلط في هجرته بين قصد المباح ، وقصد القربة والطاعة ، فهو بحسب ما غلب على قصده ونيته .

قال ابن حجر – رحمه الله - :

" وقال الكرماني : يحتمل أن يكون قوله ( إلى ما هاجر إليه ) متعلقاً بالهجرة فيكون الخبر محذوفاً والتقدير : قبيحة ، أو : غير صحيحة - مثلاً - ويحتمل أن يكون خبره ( فهجرته ) والجملة خبر المبتدأ الذي هو ( من كانت ) " . انتهى .

وهذا الثاني هو الراجح ؛ لأن الأول يقتضي أن تلك الهجرة مذمومة مطلقاً ، وليس كذلك ؛ إلا أن حمل على تقدير شيء يقتضي التردد أو القصور عن الهجرة الخالصة كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا

فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة ، بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة ، وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة

فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة ، لكن دون ثواب من أخلص ، وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف

ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال : " تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها

فقالت : إني قد أسلمت فإن أسلمت تزوجتك ، فأسلم فتزوجته . وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهة ، وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 17 ) .

وقال النووي – رحمه الله - :

" قوله صلى الله عليه وسلم ( فمن كان هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) معناه : من قصد بهجرته وجه الله : وقع أجره على الله ، ومن قصد بها دنيا أو امرأة :

فهي حظه ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة "

انتهى من " شرح مسلم " ( 13 / 54 ، 55 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:13   رقم المشاركة : 305
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : إن ابني هذا سيد

السؤال

ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حق الحسن بن علي رضي الله عنهما: ( إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ) ؟

الجواب

الحمد لله .

شرح الحديث المقصود في السؤال يمكن أن يقسم في المطالب المختصرة الآتية :

أولا : نص الحديث وسبب إيراده

روى البخاري في " صحيحه " (حديث رقم/2704) عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الحَسَنَ ، يَقُولُ :

اسْتَقْبَلَ وَاللَّهِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالِ الجِبَالِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ : إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لاَ تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ - وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ -

: أَيْ عَمْرُو ! إِنْ قَتَلَ هَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ، وَهَؤُلاَءِ هَؤُلاَءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ !

فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ، فَقَالَ : اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاعْرِضَا عَلَيْهِ ، وَقُولاَ لَهُ ، وَاطْلُبَا إِلَيْهِ .

فَأَتَيَاهُ ، فَدَخَلاَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمَا ، وَقَالاَ لَهُ ، فَطَلَبَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ : إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا . قَالاَ : فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا

وَيَطْلُبُ إِلَيْكَ وَيَسْأَلُكَ . قَالَ : فَمَنْ لِي بِهَذَا ؟ قَالاَ : نَحْنُ لَكَ بِهِ . فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلَّا قَالاَ: نَحْنُ لَكَ بِهِ ، فَصَالَحَهُ ، فَقَالَ الحَسَنُ : وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ

: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ -، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: ( إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ ) .

ثانيا : المعنى الإجمالي للحديث

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن ابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما له منزلة السيادة في الأمة ، ومن سيادته إصلاحه بين فئتين عظيمتين من المسلمين

وذلك ما وقع فعلا ، فقد كان بين أهل الشام بقيادة معاوية رضي الله عنه وأهل العراق بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه نزاع كبير

وحروب شديدة ، واستمر الأمر إلى أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فتولى بعده ابنه الحسن بن علي رضي الله عنه ، وسار بجيشه ليواجه جيش معاوية

فحصل الحوار الوارد في الحديث السابق ، وانتهى بتنازل الحسن بن علي رضي الله عنه عن الإمارة لصالح معاوية ، في مقابل التزام معاوية ببعض الشروط الواردة في كتب التاريخ

فكان في هذا الاتفاق حقن للدماء ، وسلامة للأمة ، ودرء لحروب طويلة لا يعلم شرها إلا الله عز وجل .

ولمن يريد التوسع في الاطلاع على مراحل الصلح الذي تم بين الحسن بن علي ومعاوية رضي الله عنهما يمكن مراجعة كتاب " مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري " (102-125) للدكتور خالد الغيث

فقد عقد فصلا مهما عن مراحل الصلح الذي تم بينهما ، وصلت إلى ثماني مراحل حتى اكتمل الصلح .

ثالثا : الفوائد المستنبطة من الحديث

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" في هذه القصة من الفوائد :

1. علم من أعلام النبوة .

2. ومنقبة للحسن بن علي ، فإنه ترك الملك لا لقلة ، ولا لذلة ، ولا لعلة ، بل لرغبته فيما عند الله ، لما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة .

3. وفيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه ، ومعاوية ومن معه ، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ، ومن ثم كان سفيان بن عيينة يقول عقب هذا الحديث

: قوله ( من المسلمين ) يعجبنا جدا ، أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الحميدي وسعيد بن منصور عنه .

4. وفيه فضيلة الإصلاح بين الناس ، ولا سيما في حقن دماء المسلمين .

5. ودلالة على رأفة معاوية بالرعية، وشفقته على المسلمين، وقوة نظره في تدبير الملك ونظره في العواقب.

6. وفيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل ؛ لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد في الحياة وهما بدريان ، قاله بن التين .

7. وفيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحا للمسلمين، والنزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بالمال، وجواز أخذ المال على ذلك وإعطائه بعد استيفاء شرائطه.

8. وفيه أن السيادة لا تختص بالأفضل ، بل هو الرئيس على القوم ، والجمع سادة ، وهو مشتق من السؤدد ، وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس

أي الأشخاص الكثيرة ، وقال المهلب : الحديث دال على أن السيادة إنما يستحقها من ينتفع به الناس لكونه علق السيادة بالإصلاح .

9. وفيه إطلاق الابن على ابن البنت .

10. واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي ، وإن كان علي أحق بالخلافة وأقرب إلى الحق ، وهو قول سعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسائر من اعتزل تلك الحروب

وذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) الآية ، ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية ، وقد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة

وهؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء ، بل يقولون : اجتهدوا فأخطئوا ، وذهب طائفة قليلة من أهل السنة - وهو قول كثير من المعتزلة - إلى أن كلا من الطائفتين مصيب

وطائفة إلى أن المصيب طائفة لا بعينها "

انتهى باختصار يسير من " فتح الباري " (13/66-68)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:18   رقم المشاركة : 306
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث ( المؤمن القوي ... ) وبيان معنى القوة فيه

السؤال


أنا شاب في الثالثة والعشرين ، وأنا نحيف جدّاً ، لست كباقي الناس ممن هم في مثل سني ، ولكني صحيح ولا أعاني من أي مرض ، إلا أني أشعر أحياناً أني أحتاج إلى مزيد من الوزن لكي أكون أقوى ، لذلك أسأل وأقول

: هل يجوز لي أن أسال الله أن يجعلني أكثر قوة ؟

ألا يُعد ذلك من قبيل عدم الرضا بما قسم الله لي ؟

وما المقصود بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ... ) الحديث ؟

وهل ينطبق على حالتي هذه ؟ .


الجواب


الحمد لله

أولاً:

نحافة الجسم قد تكون مرضاً وقد تكون طبيعية ، ومرجع تحديد الأمر عند أهل الاختصاص من الأطباء ، ويمكن علاج النحافة إذا كانت مرضاً ببعض الأطعمة الطازجة والأعشاب الطبيعية مما يعرفه أهل الفن

وفي بعض الأحيان يحتاج صاحب النحافة إلى علاج نفسي ، كما يمكن أن تكون النحافة راجعة إلى أمرٍ وراثي ، ولا بأس للمسلم الذي تكون نحافة بدنه مرضاً أن يطلب له العلاج بالمباح

وليكن قصده أن يتقوى بدنه على طاعة الله ويكون أقوى في النفع به وانتفاع الناس منه ، وليس ذلك من عدم الرضا بما قسم الله في شيء ؛ بل هو من التداوي المشروع ، والأخذ بالأسباب المباحة .

ثانياً:
الحديث الوارد طلب معناه في السؤال هو ما رواه أَبو هُرَيْرَةَ رضِيَ الله عنهُ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ

أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) .

رواه مسلم ( 2664 ) .

والقوة في هذا الحديث هي قوة الإيمان ، والعلم ، والطاعة ، وقوة الرأي والنفس والإرادة

ويضاف إليها قوة البدن إذا كانت معينة لصاحبها على العمل الصالح

لأن قوة البدن وحدها غير محمودة إلا أن تُستعمل فيما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال والطاعات ، بل قد تكون سبباً في المعاصي كالبطش بالناس وإيقاع الضرر بهم وحراسة أماكن المنكرات .

قال النووي – رحمه الله -

: " والمراد بالقوة هنا : عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة ، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد ، وأسرع خروجاً إليه وذهاباً في طلبه

وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك ، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى ، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ، ونحو ذلك "

انتهى من " شرح مسلم " ( 16 / 215 ) .

وفي شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " يَنَامُ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ قَالَتْ : وَثَبَ " – قال : " قولها " وَثَبَ " أي : قام بسرعة ، ففيه الاهتمام بالعبادة والإقبال عليها بنشاط

وهو بعض معنى الحديث الصحيح ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) "

انتهى من " شرح مسلم " ( 6 / 22 ) .

وقال محمد بن عبد الهادي السندي – رحمه الله -

: " قوله ( المؤمن القوي ) أي : على أعمال البر ومشاق الطاعة ، والصبور على تحمل ما يصيبه من البلاء ، والمتيقظ في الأمور ، المهتدي إلى التدبير والمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر في العاقبة "

انتهى من " حاشية السندي على ابن ماجه " ( حديث رقم 76 ) .

وسئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله :

ما مدى صحة الحديث القائل ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) ؟ وإن كان صحيحًا فما معناه ؟ وفي أي شيء تكون القوة ؟ .

فأجاب :

الحديث صحيح ، رواه الإمام مسلم في " صحيحه " ، ومعناه : أن المؤمن القوي في إيمانه ، والقوي في بدنه وعمله : خيرٌ من المؤمن الضعيف في إيمانه أو الضعيف في بدنه وعمله

لأن المؤمن القوي يُنتج ويَعمل للمسلمين وينتفع المسلمون بقوته البدنية وبقوته الإيمانية وبقوته العملية ، ينتفعون من ذلك نفعاً عظيماً في الجهاد في سبيل الله

وفي تحقيق مصالح المسلمين ، وفي الدفاع عن الإسلام والمسلمين وإذلال الأعداء والوقوف في وجوههم ، وهذا ما لا يملكه المؤمن الضعيف ، فمن هذا الوجه كان المؤمن القوي خيراً من المؤمن الضعيف

وفي كلٍّ خير ، كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإيمان كله خير ، المؤمن الضعيف فيه خير ، ولكن المؤمن القوي أكثر خيراً منه ، لنفسه ولدينه ولإخوانه المسلمين

فهذا فيه الحث على القوة ، ودين الإسلام هو دين القوة ، ودين العزة ، ودين الرفعة

دائماً وأبداً يُطلب من المسلمين القوة ، قال الله سبحانه وتعالى ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) الأنفال/ 60 ، وقال تعالى ( ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون/ 8

وقال تعالى ( وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 139

فالقوة مطلوبة في الإسلام : القوة في الإيمان والعقيدة ، والقوة في العمل ، والقوة في الأبدان ؛ لأن هذا ينتج خيراً للمسلمين "

انتهى من " المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " ( 5 / 380 ، 381 ) .

فالذي ينبغي عليك أن تنتبه إليه : أنَّ " النحافة " ليست بالضرورة أن تكون ضعفاً مذموما ؛ فقد يكون الإنسان نحيف البدن ، لكنه نشيط قويّ في الطاعة

كما أن " البدانة " ليست قوة ؛ فقد يكون البدين – أو حتى معتدل البنية – ضعيفاً في الطاعة كسولاً في القيام لها .
\
قال الشاعر :

تَرى الرَجُلَ النَحيفَ فَتَزدَريهِ وَفي أَثوابِهِ أَسَدٌ مُزيرُ

وَيُعجِبُكَ الطَريرُ فَتَبتَليهِ فَيُخلِفُ ظّنَّكَ الرَجُلُ الطَريرُ

فَما عِظَمُ الرِجالِ لَهُم بِفَخرٍ وَلَكِن فَخرُهُم كَرَمٌ وَخَيرُ

وبما أنك – أخي السائل - لا تشتكي مرضاً : فلتحمد الله تعالى على العافية ، وأدِّ ما أمرك الله تعالى به من طاعة ، ولا مانع من أن تسعى ليكون جسمك معتدلاً متناسباً مع طولك وعمرك

بالمباح من العلاجات والأطعمة وغيرهما ، كما أن الدعاء من جملة الأسباب الشرعية التي يجوز لك فعلها ، وليس في ذلك مخالفة للشرع ، كما سبق ، ولا هو اعتراض على ما قسمه الله لك

والمهم في ذلك كله أن يحرص المسلم على ما ينفعه - في دينه ودنياه - ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي جاء في السؤال طلب الوقوف على معناه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:28   رقم المشاركة : 307
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مسائل في حديث الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه

السؤال

ما أخرجه البخاري في صحيحه (445) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث ، اللهم اغفر له

اللهم ارحمه ، لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه ، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة ) عندي أسئلة حول هذا الحديث : 1. أراجع القرآن في المسجد وأنا منتظر الصلاة

ولكن وأنا أمشي في المسجد ، ولا أجلس ، فهل أدخل في الحديث ، أم أنه شرط الجلوس دون المشي ، أم كلاهما يدخلان في الحديث ؟

2. وهل إذا نمت في المسجد وأنا منتظر الصلاة فهل أدخل في الحديث ؟

3. وإذا انتقض وضوئي وأنا منتظر الصلاة في المسجد إما لحدث أو نوم ، وذهبت وتوضأت في المسجد ، فهل أدخل في الحديث

أم أنه إذا أحدثت وأنا منتظر الصلاة فلا يمكنني الدخول مرة أخرى في الحديث حتى لو توضأت مرة أخرى ?

4. وهل المتوضأ يعد من المصلى أم أن مجرد دخولي المتوضأ أخرج من الحديث مع أن المتوضأ في الطابق السفلي للمسجد ، وبابه من داخل المسجد ? أرجو التفصيل..


الجواب

الحمد لله

أولا :

الحديث المقصود في السؤال ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً

حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي - يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ - مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ )

رواه البخاري (477) ومسلم (649) ، وبوب عليه ـ في باب آخر ـ بقوله : " باب الحدث في المسجد "، وأيضا " باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد ".

وفي رواية للبخاري (2119) ومسلم (649) : ( مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ ) .

ثانيا :

من المسائل المهمة التي يناقشها العلماء في شرح هذا الحديث بيان ما إذا كان يشترط مكث المصلي في المكان الذي صلى فيه ولا ينتقل عنه إلى أي موضع آخر في المسجد

أم إن الأجر يشمل كل من بقي في المسجد ينتظر الصلاة في أي بقعة منه .

والذي يظهر أن الأجر يشمل من بقي في المسجد وإن انتقل من موضعه ، وذلك لأدلة :

الدليل الأول : أن المقصود إعمار المساجد ، والمرابطة فيها ، وحبس النفس في أماكن العبادة وقطعها عن المشاغل الدنيوية ، وذلك أمر متحقق فيمن بقي في المسجد وانتقل من موضع صلاته .

الدليل الثاني : أن الانتقال عن موضع الصلاة داخل المسجد فيه مصلحة لذلك المتعبد ، فقد يحتاج إلى مصحف أو حضور درس علم أو ينتقل إلى مكان يخلو فيه مع ربه

ومن المستبعد أن ينقص الأجر بسبب الوقوع في أمر هو من مصلحة العبادة .

الدليل الثالث : ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في مصلاه بعد صلاة الفجر ، ولكن بعد أن يغير موضعه فيتوجه إلى أصحابه بوجهه

ولا يعرف أنه كان يحرص على التزام مكانه وجلسته بعد الصلاة إلى الصلاة الأخرى أو إلى طلوع الشمس ، بل كان ينصرف عن القبلة كي ينصرف أصحابه من بعده .

وقد نص غير واحد من أهل العلم على ترجيح هذا الاحتمال في معنى الحديث .

قال ابن رجب رحمه الله :

" هل المراد بـ ( مُصلاه ) نفس الموضع الَّذِي صلى فِيهِ ، أو المسجد الَّذِي صلى فِيهِ كله مصلى لَهُ ؟ هَذَا فِيهِ تردد .
وفي صحيح مُسْلِم عَن جابر بن سمرة

: ( أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا صلى الفجر جلس فِي مصلاه حَتَّى تطلع الشمس حسناء )

وفي رِوَايَة لَهُ : ( كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مُصلاه الَّذِي يصلي فِيهِ الصبح أو الغداة حَتَّى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام )

ومعلوم أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يكن جلوسه فِي الموضع الَّذِي صلى فِيهِ ؛ لأنه كَانَ ينفتل إلى أصحابه عقب الصلاة ويقبل عليهم بوجهه ...

فهذا الحَدِيْث يدل عَلَى أن المراد بـ ( مصلاه الَّذِي يجلس فِيهِ ) : المسجد كله .

وإلى هَذَا ذهب طائفة من العلماء ، منهم : ابن بطة من أصحابنا وغيره "

انتهى باختصار من " فتح الباري " لابن رجب (4/56)









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:29   رقم المشاركة : 308
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


وقال الإمام زين الدين العراقي رحمه الله :

" ما المراد بمصلاه ؟ هل البقعة التي صلى فيها من المسجد حتى لو انتقل إلى بقعة أخرى في المسجد لم يكن له هذا الثواب المترتب عليه

أو المراد بمصلاه جميع المسجد الذي صلى فيه ؟ يحتمل كلا الأمرين ، والاحتمال الثاني أظهر وأرجح "

انتهى من " طرح التثريب " (2/367)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قوله : ( في مصلاه ) أي : في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد ، وكأنه خرج مخرج الغالب ، وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمرا على نية انتظار الصلاة كان كذلك "

انتهى من " فتح الباري " (2/136)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" مصلاه هل المعنى : ما دام في صلاته ، أو المعنى : ما دام في مكان صلاته ، بمعنى : أنه انتهى من الصلاة وجلس ، أو المعنى : ما دام في المسجد الذي هو أعم من مكان صلاته ؟

كل هذا محتمل ، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون الأخير ، أي : ما دام في المسجد ، وفضل الله واسع "

انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/225، صفحة 14 بترقيم الشاملة)

وبهذا يتبين أنه لا حرج عليك في المشي في المسجد والانتقال من مكان صلاتك الفريضة ، فكل المسجد مبارك ، وكله يشمله الأجر الوارد في الحديث .

ثالثا :

أما الإحداث في المسجد فيقطع الأجر الخاص ، ودعاء الملائكة ، إلى حين الوضوء ورفع الحدث مرة أخرى ، وذلك صريح الحديث الشريف

فإذا توضأ - ولو خارج المسجد - ثم دخل المسجد مرة أخرى رجع إلى عبادة انتظار الصلاة ، وكان من المرابطين في سبيل الله.

وعلى جميع الأحوال : فإن أجر الجلوس في المساجد بعد الصلوات أجر عظيم ، يناله العاكفون في المسجد كل حسب جلوسه ، فمن جلس ساعة نال أجرا بقدرها ، ومن جلس نهارا كاملا نال أجرا بقدره

قال تعالى : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الجمعة/4

قال ابن رجب رحمه الله :

" من مكفرات الذنوب الجلوس في المساجد بعد الصلوات ، والمراد بهذا الجلوس انتظار صلاة أخرى كما في حديث أبي هريرة : ( وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط )،

فجعل هذا من الرباط في سبيل الله عز وجل ، وهذا أفضل من الجلوس قبل الصلاة لانتظارها ، فإن الجالس لانتظار الصلاة ليؤديها ثم يذهب تقصر مدة انتظاره

بخلاف من صلى صلاة ثم جلس ينتظر أخرى ، فإن مدته تطول ، فإن كان كلما صلى صلاة ، جلس ينتظر ما بعدها استغرق عمره بالطاعة ، وكان ذلك بمنزلة الرباط في سبيل الله عز وجل .

وفي المسند وسنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ، فرجع من رجع ، وعقب من عقب

فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً قد حَفَزه النفَس ، وقد حسر عن ركبته فقال : ( أبشروا ! هذا ربكم قد فتح عليكم باباً من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة

يقول : انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى ) – " مسند أحمد " (11/363) وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة –

وفي المسند عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( منتظر الصلاة بعد الصلاة كفارس اشتد به فرسه في سبيل الله على كَشْحِهِ ، تُصلي عليه ملائكة الله ما لم يحدث أو يقوم

وهو في الرباط الأكبر ) – " مسند أحمد " (14/273) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة -.

ويدخل في قوله : " والجلوس في المساجد بعد الصلوات " الجلوس للذكر والقراءة وسماع العلم وتعليمه ونحو ذلك ، لا سيما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس

فإن النصوص قد وردت بفضل ذلك ، وهو شبيه بمن جلس ينتظر صلاة أخرى ، لأنه قد قضى ما جاء إلى المسجد لأجله من الصلاة وجلس ينتظر طاعة أخرى .

وفي " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم

إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده )

وأما الجالس قبل الصلاة في المسجد لانتظار تلك الصلاة خاصة فهو في صلاة حتى يصلي .

وفي " الصحيحين " عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه لما أخر صلاة العشاء الآخرة ، ثم خرج فصلى بهم ، قال لهم : إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة )

وفيهما أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث

اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ولا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة )

وفي رواية لمسلم : ( ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه )، وهذا يدل على أن المراد بالحدث حدث اللسان ونحوه من الأذى ، وفسره أبو هريرة بحدث الفرج ، وقيل : إنه يشمل الحدثين .

وفي " المسند " عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( القاعد يراعي الصلاة كالقانت

ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه ) وفي رواية له : ( فإذا صلى في المسجد ثم قعد فيه كان كالصائم القانت حتى يرجع ) –

" مسند أحمد " (28/648) وصححه محققو المسند - وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة .

وبالجملة فالجلوس في المساجد للطاعات له فضل عظيم .

قال سعيد بن المسيب : من جلس في المسجد فإنما يجالس الله عز وجل .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عد من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه .

وإنما كانت ملازمة المسجد للطاعات مكفرة للذنوب ؛ لأن فيها مجاهدة النفس ، وكفا لها عن أهوائها ؛ فإنها لا تميل إلا إلى الانتشار في الأرض لابتغاء الكسب

أو لمجالسة الناس ، أو لمحادثتهم ، أو للتنزه في الدور الأنيقة والمساكن الحسنة ومواطن النزه ، ونحو ذلك
.
فمن حبس نفسه في المساجد على الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله مخالف لهواها ، وذلك من أفضل أنواع الصبر والجهاد .

وهذا الجنس - أعني ما يؤلم النفس ويخالف هواها - فيه كفارة للذنوب وإن كان لا صنع فيه للعبد كالمرض ونحوه

فكيف بما كان حاصلا عن فعل العبد واختياره إذا قصد به التقرب إلي الله عز وجل ، فإن هذا من نوع الجهاد في سبيل الله الذي يقتضي تكفير الذنوب كلها "

انتهى باختصار من " اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى " (ص/67-71)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-04, 17:33   رقم المشاركة : 309
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شرح حديث: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذر من إيمان

السؤال

سمعت أنه لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.. فهل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد لله

الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة

: أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فالمسلم العاصي إذا مات ولم يتب من معصيته فأمره إلى الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه ، لكنه لا يخلد في النار بحال .

روى البخاري (44) ومسلم (193) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: ( يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ).

وهذا المعنى جاء مقررا في أحاديث أخر ، وبألفاظ متقاربة .

وأما قولك : لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فهذا ثابت أيضا ، لكنه محمول عند أهل العلم على أنه : لا يدخلها دخول الكفار

أي لا يخلد فيها ، مع أنه قد يدخلها ، جمعا بين هذا وبين النصوص الكثيرة التي تدل على أن من عصاة المؤمنين من يدخل النار مع وجود الإيمان في قلوبهم ، ثم يخرجون منها بالشفاعة وبغيرها .

روى الترمذي (1999) وأبو داود (4091) وابن ماجه (59) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ

. قَالَ : فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا وَنَعْلِي حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ ). والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .

قال الإمام الترمذي رحمه الله عقب إيراد الحديث : " و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَقَدْ فَسَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ هَذِهِ الْآيَةَ (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ )

فَقَالَ : مَنْ تُخَلِّدُ فِي النَّارِ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ " انتهى .

وأما الجملة الثانية ، وهي قولك : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فهذا ثابت أيضا ، كما في الحديث السابق

وقد رواه مسلم مقتصرا على هذه الجملة (91) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ).

ومعنى الحديث : أنه لا يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال المجازاة والعقاب ، فقد يعذب وقد يعفى عنه ، بخلاف المؤمن المطيع السالم من هذه الكبيرة فإنه يدخل الجنة دون تعرض لاحتمال دخول النار .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم"

: " بَلْ الظَّاهِرُ مَا اِخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاض وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُل الْجَنَّة دُون مُجَازَاةٍ إِنْ جَازَاهُ . وَقِيلَ : هَذَا جَزَاؤُهُ لَوْ جَازَاهُ , وَقَدْ يَتَكَرَّم بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيه ,

بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُل كُلّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّة إِمَّا أَوَّلًا , وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْد تَعْذِيبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَيْهَا . وَقِيلَ : لَا يَدْخُل مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّل وَهْلَة " انتهى .

والحاصل :

أن ما سألت عنه هو نص حديث أو حديثين صحيحين ، وأن معناهما على ما ذكرنا ، فلا يصح أن يتوهم أحد أن من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان أنه يستحيل دخوله النار مهما أتى من الكبائر

ولا أن يتوهم أن المسلم الذي في قلبه ذرة من كبر يستحيل أن يدخل الجنة مهما كان معه من الإيمان .

وهذه النصوص ضل في فهمها فرقتان من الناس: الخوارج والمرجئة ، فالخوارج غلّبوا نصوص الوعيد كالحديث الثاني ، والمرجئة غلّبوا نصوص الوعد كالحديث الأول

وهدى الله أهل السنة للقول الحق الذي تجتمع به النصوص وتتآلف ولا تتعارض .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:21   رقم المشاركة : 310
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


هل يحاسب السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة

السؤال

السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلّا ظله، هل يدخلون الجنة بغير حساب؟

الجواب

الحمد لله

عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ . قَالُوا : وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَلَا يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ..) رواه البخاري (5270) ومسلم (321) .

فهذه أربع صفات لا يحاسب أصحابها ولا يعذبون ، وأما غيرهم من الناس ممن لم تجتمع فيه هذه الصفات فيحاسبون.. ، ثم يغفر الله لهم .

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى قَالَ : (يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا

وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ) رواه البخاري (2261) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وأجمع المسلمون على ثبوت الحساب يوم القيامة.

وصفة الحساب للمؤمن : أن الله يخلو به فيقرره بذنوبه ، حتى إذا رأى أنه قد هلك . قال الله له : سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته .

وأما الكفار والمنافقون : فينادى بهم على رؤوس الخلائق : ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) متفق عليه من حديث ابن عمر .

والحساب عام لجميع الناس إلا من استثناهم النبي، صلى الله عليه وسلم

وهم سبعون ألفاً من هذه الأمة منهم عكاشة بن محصن يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب. متفق عليه. وروى أحمد من حديث ثوبان مرفوعاً أن مع كل واحد سبعين ألفاً

قال ابن كثير: حديث صحيح وذكر له شواهد "

انتهى من شرح "لمعة الاعتقاد" (1/38)

وقال الشيخ الفوزان حفظه الله:

" هذا فضل عظيم، والبقيّة من الخلائق تُحاسب، منهم من يُحاسب حساباً يسيراً، ومنهم من يناقش الحساب "

انتهى من "إعانة المستفيد شرح كتاب التوحيد" (1/87)

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

"ومعنى يقرره بذنوبه: يجعله يقر، أي : يعترف بها، كما في هذا الحديث: " أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا ".

ومن المؤمنين من يدخل الجنة بغير حساب، كما صح في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.
والحساب يختلف

فمنه اليسير وهو العرض، ومنه المناقشة. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك

فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ( إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب ) "

انتهى من شرح العقيدة الواسطية (1/113) .

والحاصل : أن الخصوصية التي جاء ذكرها في الحديث ( يدخلون الجنة بلا حساب..) خاصة بمن جاء ذكرهم في الحديث ، أما ما عداهم من الناس فإنهم يحاسبون .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:25   رقم المشاركة : 311
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث من دعا إلى عصبية ومن مات على عصبية

السؤال

ما صحة هذه الأحاديث وما شرحها وتفصيلها: روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس منّا من دعا إلى عصبية، أو من قاتل من أجل عصبية، أو من مات من أجل عصبية"

وفي حديث أخر قال صلى الله عليه وسلم محذراً من العصبية " دعوها فإنها منتنة.."

رواه البخاري ومسلم. وفي حديث أخر ورد في مشكاة المصابيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من دعا إلى عصبية فكأنما عض على هن أبيه." أو كما قال صلى الله عليه وسلم


الجواب

الحمد لله


الأحاديث المذكورة يدور معناها على ذم التعصب لأحد بالباطل ، كالتعصب للقوم والقبيلة والبلد ، بحيث يقف مع قومه أو قبيلته أو أهل بلده ضد من نازعهم ، سواء كانوا على الحق أو على الباطل .

ومثل ذلك حين حدث شجار بين أنصاري ومهاجر ، فتنادى البعض : يا للأنصار ، وتنادى آخرون : يا للمهاجرين ، فذم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك

وجعله من دعوى الجاهلية ؛ لأن مقتضاه أن ينصر الأنصاري أخاه الأنصاري ولو كان مبطلا ، وأن ينصر المهاجر أخاه المهاجر ولو كان مبطلا أيضا ، وإنما شأن المؤمن أن يقف مع الحق

وأن ينصر المظلوم برفع الظلم عنه ، وينصر الظالم بحجزه ومنعه عن الظلم ، لا يفرق بين من كان من قومه أو من خارج قومه ؛ إذ الجميع يشملهم وصف الإيمان والإسلام .

والحديث الأول رواه أبو داود (5121) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ).

وهو حديث ضعيف كما قال الألباني في ضعيف أبي داود .

قال في "عون المعبود" : " ( لَيْسَ مِنَّا ) : أَيْ لَيْسَ مِنْ أَهْل مِلَّتنَا ( مَنْ دَعَا ) : أَيْ النَّاس ( إِلَى عَصَبِيَّة ) : قَالَ الْمَنَاوِيُّ : أَيْ مَنْ يَدْعُو النَّاس إِلَى الِاجْتِمَاع عَلَى عَصَبِيَّة وَهِيَ مُعَاوَنَة الظَّالِم

. وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ إِلَى اِجْتِمَاع عَصَبِيَّة فِي مُعَاوَنَة ظَالِم . وَفِي الْحَدِيث " مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة " قَالَ صَاحِب النِّهَايَة : هُوَ قَوْلهمْ : يَا آلُ فُلَان ، كَانُوا يَدْعُونَ بَعْضهمْ بَعْضًا عَنْ الْأَمْر الْحَادِث ( مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّة )

: أَيْ عَلَى بَاطِل , وَلَيْسَ فِي بَعْض النُّسَخ لَفْظ (عَلَى).

( مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّة ) : أَيْ عَلَى طَرِيقَتهمْ مِنْ حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ . قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَة اِبْن الْعَبْد هَذَا مُرْسَل , عَبْد اللَّه بْن أَبِي سُلَيْمَان لَمْ يَسْمَع مِنْ جُبَيْر . هَذَا آخِر كَلَامه .

وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَكِّيّ وَقِيلَ فِيهِ الْعَكِيّ . قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيُّ : هُوَ مَجْهُول

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِمَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ , وَمِنْ حَدِيث جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ مُخْتَصَرًا .

لكن الحديث معناه صحيح ، وقد روى مسلم (1850) عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ) .

والحديث الثاني : رواه البخاري (4905) ومسلم (2584) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : يَا لَلْأَنْصَارِ !! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ !!

فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ( مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ؟ ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ .

فَقَالَ : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ) .

والكسْع : ضرب الدبر باليد أو بالرجل .

وروى مسلم (2584) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : اقْتَتَلَ غُلَامَانِ : غُلَامٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ ، وَغُلَامٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ؛ فَنَادَى الْمُهَاجِرُ ـ أَوْ الْمُهَاجِرُونَ

: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ !! وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ : يَا لَلْأَنْصَارِ !! فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟! دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ؟! قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا ، فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ .

قَالَ : فَلَا بَأْسَ ؛ وَلْيَنْصُرْ الرَّجُلُ أَخَاهُ ، ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ؛ إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ . وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ ) .

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم"

: " وَأَمَّا تَسْمِيَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ كَرَاهَة مِنْهُ لِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة مِنْ التَّعَاضُد بِالْقَبَائِلِ فِي أُمُور الدُّنْيَا وَمُتَعَلِّقَاتهَا , وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَأْخُذ حُقُوقهَا بِالْعَصَبَاتِ وَالْقَبَائِل ,

فَجَاءَ الْإِسْلَام بِإِبْطَالِ ذَلِكَ , وَفَصَلَ الْقَضَايَا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة . فَإِذَا اِعْتَدَى إِنْسَان عَلَى آخَر حَكَمَ الْقَاضِي بَيْنهمَا , وَأَلْزَمَهُ مُقْتَضَى عِدْوَانه كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام .

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِر هَذِهِ الْقِصَّة : ( لَا بَأْس ) فَمَعْنَاهُ لَمْ يَحْصُل مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة بَأْس مِمَّا كُنْت خِفْته ; فَإِنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُون حَدَثَ أَمْر عَظِيم يُوجِب فِتْنَة وَفَسَادًا ,

وَلَيْسَ هُوَ عَائِدًا إِلَى رَفْع كَرَاهَة الدُّعَاء بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة . قَوْله ( فَكَسَعَ أَحَدهمَا الْآخَر ) هُوَ بِسِينٍ مُخَفَّفَة مُهْمَلَة أَيْ ضَرَبَ دُبُره وَعَجِيزَته بِيَدٍ أَوْ رِجْل , أَوْ سَيْف وَغَيْره " انتهى .

والحديث الثالث : رواه النسائي في الكبرى (8865) وأحمد في المسند ( : عن أبي بن كعب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

: ( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا )، وفي رواية : ( فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أبيه ولا تَكْنُوا). والحديث حسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .

قال الملا علي القاري في "شرح مشكاة المصابيح" (14/ 183) :

" من تعزى : أي انتسب بعزاء الجاهلية ـ بفتح العين ـ أي نسب أهلها وافتخر بآبائه وأجداده . فأعضُّوه : بتشديد الضاد المعجمة ، من أعضضت الشيء جعلته يعضه

والعض أخذ الشيء بالأسنان أو باللسان على ما في القاموس . بِهَنِ أبيه : بفتح الهاء وتخفيف النون ، وفي النهاية : الهن بالتخفيف والتشديد كناية عن الفرج . أي قولوا له :

أعضض بذكر أبيك أو أيره أو فرجه . ولا تَكنوا : بفتح أوله وضم النون ، أي لا تكنوا بذكر الهن عن الأير ، بل صرحوا له بآلة أبيه التي كانت سببا فيه ، تأديبا وتنكيلا " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:32   رقم المشاركة : 312
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث ( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ) والجمع بينه وبين قوله تعالى ( فلا أنساب بينهم يومئذٍ )

السؤال

يقول الله تعالى ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ويقول نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ( كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي )

سؤالي : كيف يمكن التوافق بين هذه الآية وهذا الحديث النبوي ؟

وإذا أصبحنا أن نأخذ الآية - وهذا لا شك فيه – إذاً : ما هو درجة صحة الحديث ؟

. أفيدونا أفادكم الله ، وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

اختلفت أنظار نقَّاد الحديث حول النص المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي ) فمن قائل بتضعيفه ومن قائل بتحسينه أو تصحيحه.

أما على القول بتضعيفه فلن يكون هناك إشكال في التوفيق بينه وبين قوله تعالى ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ) المؤمنون/ 101

لأنه لا حاجة لذلك بسبب ضعف الحديث ، وأما على القول بقبوله فيحتاج الباحث للتوفيق بينه وبين الآية القرآنية .

ولهذا الحديث روايات كثيرة عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم ، فقد رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 129 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ورواه الطبراني في " المعجم الكبير "

( 1 / 124 ) والحاكم في " المستدرك " ( 3 / 142 ) والبيهقي في " سننه " ( 7 / 114 ) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ورواه أحمد في " مسنده "

( 31 / 207 ) من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه ، ورواه أحمد – أيضاً – في " مسنده " ( 17 / 220 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

ولكثرة طرق الحديث وتنوع مخارجه حكم عليه ابن الملقن في " البدر المنير " ( 7 / 487 -490 ) بالصحة ، ومثله فعل الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2036 ) ، وحكم عليه محققو مسند أحمد بالحُسن بشواهده .

ثانياً:

على القول بأن الحديث مقبول ، صحيح ، أو حسن ، فيقال في بيانه :

1. إن معنى " النسب " في الحديث هو ما كان عن طريق الولادة ، ومعنى " السبب " هو ما كان عن طريق المصاهرة ، وقد جاء في بعض الروايات ( صهري ) بدلاً من ( سببي )

ولذا فقد ذكر الحديثَ طائفةٌ من العلماء في فضائل معاوية رضي الله عنه

فقد روى الخلاّل في كتابه " السنَّة " ( 2 / 432 ) عن عبدالملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي ) ؟

قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال : نعم ، له صهر ونسب ، قال : وسمعت ابن حنبل يقول : ما لهم ولمعاوية ، نسأل الله العافية .انتهى

2. ليس الحديث في فضل من كان كافراً وله صلة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، سواء كانت نسباً أو مصاهرة .

3. معنى الحديث أن نسبه صلى الله عليه وسلم لا ينقطع يوم القيامة ، وهو يعني : أنه يستفيد منه أهله ، ولا شك أن المقصود به هم أهله المؤمنون .

قال ابن كثير – رحمه الله

– في ذِكر خصائص نسب النبي صلى الله عليه وسلم -

: " ومن الخصائص : أن كل نسب وسبب ينقطع نفعه وبرُّه يوم القيامة إلا نسبه وسببه وصهره صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ )
... .
قال أصحابنا : قيل :

معناه إنَّ أمته ينتسبون إليه يوم القيامة ، وأمم سائر الأنبياء لا تنتسب إليهم .

وقيل : يُنتفع يومئذ بالانتساب إليه ، ولا يُنتفع بسائر الأنساب ، وهذا أرجح من الذي قبله ، بل ذلك ضعيف ، قال الله تعالى ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) النحل/ 89

وقال تعالى ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) يونس، 47 ، في آي كثيرة دالة على أن كل أمَّة تدعى برسولها الذي أرسل إليها ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب "

. انتهى من " الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم " ( ص 342 - 344 ) .

4. ولا يتعارض هذا المعنى للحديث – عند من يحسنه أو يصححه

– مع الأحاديث التي يُخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته بضرورة العمل والطاعة وأنه لا يَملك لهم شيئاً ؛ لأن المراد بذلك أنه لا يملكه من تلقاء نفسه إلا أن يملِّكه الله تعالى إياه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -

: " الَّذِي يَنْفَع النَّاسَ طاعةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَأَمَّا ما سوَى ذَلك : فإِنَّه لَا يَنفَعُهُم لَا قَرَابَةٌ وَلَا مُجاوَرةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ ( يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا

يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ) – رواه مسلم - ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بأوليا

إنَّمَا وَلِيِّي اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وَقَالَ ( إنَّ أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ حَيْثُ كَانُوا وَمَنْ كَانُوا ) – رواه ابن حبان في " صحيحه " - " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 27 / 435 ) .

والمراد – أيضاً -

: أن النسب نفسه لا ينفع صاحبه بذاته إلا أن يكون معه عمل وطاعة ، كما في قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَله لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبه ) رواه مسلم .

قال النووي – رحمه الله -

: " معناه : مَن كان عمله ناقصاً : لم يُلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل "

. انتهى من " شرح مسلم " ( 17 / 22 ، 23 ) .

وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي – رحمه الله -

: " وهذا لا يعارضه حثه في أخبار أُخر لأهل بيته على خوف الله واتقائه وتحذيرهم الدنيا وغرورها وإعلامهم بأنه لا يغني عنهم من الله شيئاً ؛ لأن معناه

: أنه لا يملك لهم نفعاً لكن الله يملكه نفعهم بالشفاعة العامة والخاصة ، فهو لا يملك إلا ما ملَّكه ربُّه ، فقوله ( لا أغني عنكم ) أي : بمجرد نفسي من غير ما يكرمني الله تعالى به

أو كان [ يعني : ذكر هذا الحديث ] قبل علمه بأنه يشفع .
\
ولما خفي طريق الجمع على بعضهم : تأوله بأن معناه : أن أمته تنسب له يوم القيامة بخلاف أمم الأنبياء "

. انتهى من " فيض القدير " ( 5 / 27 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:33   رقم المشاركة : 313
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -

: " المراد بنفي الأنساب : انقطاع آثارها التي كانت مترتبة عليها في دار الدنيا ، من التفاخر بالآباء ، والنفع

والعواطف ، والصلات ، فكل ذلك ينقطع يوم القيامة ، ويكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه ، وليس المراد نفي حقيقة الأنساب من أصلها ، بدليل قوله ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ) عبس/ 34 ، 35 "

. انتهى من " أضواء البيان " ( 5 / 356 ) .

وعليه : فعند من يرى صحة الحديث يكون معناه عنده أن كل الأنساب تنقطع فائدتها ويتلاشى نفعها مما كان حالها في الدنيا

فلا ينفع أحدُ أحداً بنسبه إلا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما سيكرمه به ربُّه ؛ حيث سينفع نسبه وصهره بما يشفع لهم من الخير من بعد أن يأذن الله تعالى ويرضى

وأما أن يكون ذات النسب بدلاً عن الطاعات والأعمال : فهذا مما لا يكون ، والنصوص الواضحة البيِّنة تبين خطأه .

والذي يترجح ، والله أعلم ، أن الحديث ضعيف في إسناده ، وفي متنه نكارة . وللشيخ عثمان الخميس - وفقه الله - كلام متين حول هذا الحديث في كتابه

الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين جمعا وتخريجا ودراسة وحكما " وقد خلص فيه إلى تضعيف الحديث فلينظر .

وأما شفاعته صلى الله عليه وسلم فلا تعلق لها بنسبه ومصاهرته ، وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على خلَّص أقاربه أنه لا يغني عنهم شيئاً

وأنهم لن يستفيدوا من نسبهم شيئاً إذا لم يؤمنوا أو لم يعملوا صالحاً ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لا ينظر يوم القيامة إلى صور الناس ولا إلى أجسامهم ولكن ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم

وقد أخبر الله تعالى من قبل أن أكرم الناس عنده هم أتقاهم ، وليس مع من يرى صحة الحديث ما يستطيع تعيينه من وجه نفعه صلى الله عليه وسلم لنسبه أو لصهره دون غيرهم ، ولذلك كله

– مع ما في الحديث من ضعف آحاد أسانيده – لا يظهر لنا صحة الحديث ، ولا نرى داعياً للجمع بينه وبين الآية الكريمة ، والآية نصٌّ في عدم انتفاع الناس بأنسابهم

وقد وضحتها الآيات الأخرى بأنهم يفرون من بعضهم بعضاً ، وليس هناك ما يخصص نسباً عن نسب .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -

: " فلهذا كان أهل الأنساب الفاضلة يُظن بهم الخير ، ويُكرمون لأجل ذلك ، فإذا تحقق من أحدهم خلاف ذلك : كانت الحقيقة مقدمة على المظنة ، وأما ما عند الله :

فلا يثيب على المظان ولا على الدلائل ، إنما يثيب على ما يعمله هو من الأعمال الصالحة ؛ فلا يحتاج إلى دليل ، ولا يجتزىء بالمظنة

فلهذا كان أكرم الخلق عنده أتقاهم ، فإذا قُدِّر تماثل اثنين عنده في التقوى : تماثلا في الدرجة

وإن كان أبو أحدهما أو ابنه أفضل من أبي الآخر أو ابنه ، لكن إن حصل له بسبب نسبه زيادة في التقوى : كان أفضل لزيادة تقواه

ولهذا حصل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذا قنتنَ لله ورسوله وعملن صالحاً

لا لمجرد المصاهرة بل لكمال الطاعة ، كما أنهن لو أتين بفاحشة مبينة لضوعف لهن العذاب ضعفين لقبح المعصية ؛ فإن ذا الشرف إذا ألزم نفسه التقوى ، كان تقواه أكمل من تقوى غيره " .

انتهى من " منهاج السنة النبوية " ( 8 / 216 ، 217 ) .

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن عبد الوهاب – رحمه الله -

: " قوله ( اشتروا أنفسكم ) أي : بتوحيد الله وإخلاص العبادة له وعدم الإشراك به وطاعته فيما أمر والانتهاء عما عنه زجر ؛ فإن جميع ذلك ثمن النجاة والخلاص من عذاب الله

لا الاعتماد على الأنساب وترك الأسباب ؛ فإن ذلك غير نافع عند رب الأرباب .

ودفع بقوله ( لا أغني عنكم من الله شيئا ) ما عساه أن يَتوهم بعضُهم أنه يُغني عنهم من الله شيئاً بشفاعته ، فإذا كان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً

ولا يدفع عن نفسه عذاب ربه لو عصاه كما قال تعالى ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) : فكيف يملك لغيره نفعاً أو ضرّاً ، أو يدفع عنه عذاب الله ؟!

وأما شفاعته صلى الله عليه وسلم في بعض العصاة : فهو أمر من الله ابتداء ، فضلاً عليه وعليهم ، لا أنه يشفع فيمن يشاء ، ويدخل الجنة من يشاء " .

انتهى من " تيسير العزيز الحميد " ( ص 223 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:41   رقم المشاركة : 314
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تكفير الذنب بفعل الحسنات دليل على أنه من الصغائر

السؤال

كيف نفهم الحديث الآتي – في ضوء أن الصلاة تكفر الصغائر ولا تكفر الكبائر التي فيها حدود – :

عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : يا رسول الله ! ارتكبت خطيئة توجب إقامة الحد علي فطهرني . وكان وقت إقامة الصلاة ، فانتظر الرجل ليصلي مع الرسول صلى الله عليه و سلم

وعندما انتهت الصلاة ذهب الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكرر ما قاله للنبي من قبل ، وقال : يا رسول الله ! لقد ارتكبت خطيئة التي يقام فيها الحد فطبقها علي

كما في كتاب الله .فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم : هل صليت معنا ؟ قال الرجل : نعم . فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : فقد غفر الله لك حقا . رواه البخاري ومسلم .


الجواب

الحمد لله

أولا :

أشهر الأحاديث الصحيحة الواردة في هذه القصة حديثان اثنان :

الحديث الأول : ما يرويه أبو عثمان النهدي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً

فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَلِي هَذَا ؟ قَالَ : لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ )

رواه البخاري (رقم/526، ورقم/4687)، ومسلم (2763).

وفي هذا الحديث قال : ( أصاب من امرأة قُبلة )، أي فعلا دون الزنا الكامل ، يوضح ذلك بعض ألفاظ رواية الإمام مسلم رحمه الله للحديث ، حيث جاء فيها : ( أصاب رجل من امرأة شيئا دون الفاحشة ).

الحديث الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ .

قَالَ : وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ . قَالَ : هَلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قَدْ غُفِرَ لَكَ )

رواه البخاري (6823)، ومسلم (2764)، ونحوه (رقم/2765) عن أبي أمامة رضي الله عنه.

فكان تعبير الرجل في هذا الحديث مجملا حيث قال : ( أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ).

هذا وللحديثين روايات متعددة ، ومخارج متنوعة ، ومراسيل تشهد لها ، لم نشأ الإطالة بذكرها خشية الإملال .

ثانيا :

في مسائل هذين الحديثين قضايا محل اتفاق بين أكثر أهل العلم ، وأخرى محل اختلاف :

أما المتفق عليه بين أكثر العلماء فهو :

1- أن الحسنات والأعمال الصالحة تكفر صغائر الذنوب ، وتمحو عن صاحبها الإثم والمعصية ، وذلك لأدلة كثيرة مشتهرة في الكتاب والسنة ، منها قول الله جل وعلا : (

إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )، ولكن الحسنات لا تكفر كبائر الذنوب ؛ وإنما تكفرها التوبة الصادقة أو إقامة الحد الشرعي .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" أجمع العلماء على أن المعاصي الموجبة للحدود لا تسقط حدودها بالصلاة " انتهى من " شرح مسلم " (17/81)، وقد نقل الحافظ ابن رجب في " فتح الباري "

وفي " جامع العلوم والحكم " خلافا لبعض أهل العلم في هذه المسألة دون أن يسميهم، لذلك اخترنا التعبير بقولنا : اتفق أكثر أهل العلم.

2- أن لمس المرأة الأجنبية بشهوة وتقبيلها ليس من كبائر الذنوب التي تستوجب حد الزنا المذكور في القرآن الكريم ، وإنما هو إثم ، يعزر عليه القاضي الشرعي .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" قول الله عز وجل : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) نزلت في رجل أصاب من امرأة ما ليس بكبيرة "

انتهى من " التمهيد " (17/393)

وقال ابن بطال رحمه الله :

" دل هذا الحديث أن القُبلة وشبهها مما أصابه الرجل من المرأة غير الجماع - كل ذلك من الصغائر التي يغفرها الله باجتناب الكبائر ، والصغائر هي من اللمم التي وعد الله مغفرتها لمجتنب الكبائر

بقوله تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ) النجم/32، وهذه الآية تفسير قوله: ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) هود/114، وأما الكبائر

: فأهل السنة مجمعون على أنه لا بد فيها من التوبة والندم والإقلاع واعتقاد أن لا عودة فيها "

انتهى من " شرح صحيح البخاري " لابن بطال (2/155)

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

" هذا الذنب الذي أصابه ذلك الرجل وسأل عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزلت الآية بسببه كان من الصغائر "

انتهى من " فتح الباري " لابن رجب (4/205)









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-07, 17:42   رقم المشاركة : 315
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



على أنه مما يجب الانتباه إليه ، والاهتمام به هنا : أن صاحب الصغيرة إذا أصر على معصيته ، ولم يُتبِعها بالتوبة والإنابة ، انقلبت في حقه كبيرة ، أو أوشكت

كما قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا صغيرة مع الإصرار ؛ بل ربما كانت أضر على صاحبها من كبيرة ألم بها ، ثم لم يعد إليها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ صَارَ كَبِيرَةً وَقَدْ يَكُونُ الْإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ

أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ الْفَوَاحِشِ فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعِشْقِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ فَسَادِ زِنَا لَا إصْرَارَ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ

فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ: أَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/293) .

ثالثا :

وقع الاختلاف بعد ذلك بين العلماء في توجيه حديث أنس بن مالك وأبي أمامة الذي قال فيه الرجل : ( أصبت حدا )، فانقسموا فيه إلى مسلكين :

المسلك الأول : تأويل الحديث ، وعدم التسليم بأن مقصد الرجل هو الوقوع في الكبيرة ، والقرينة الباعثة على هذا التأويل هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الرجل بتكفير ذنبه بسبب صلاته مع جماعة المسلمين

والكبائر لا تكفرها الصلاة ، وإنما تكفرها التوبة أو الحد ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ

وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ) رواه مسلم (233)، وكما سبق نقل الإجماع على ذلك في كلام الإمام النووي رحمه الله .

ولذلك قال بعض أصحاب هذا المسلك في تفسير الحديث :

أن الرجل يريد أنه وقع في معصية من المعاصي تستحق التعزير ، والتعزير يسمَّى حدا بالمعنى العام ، وليس المقصود أنه وقع في فاحشة الزنا التي تستوجب الجلد أو الرجم
.
قال الإمام النووي رحمه الله
:
" هذا الحد معناه : معصية من المعاصي الموجبة للتعزير ، وهى هنا من الصغائر ؛ لأنها كفرتها الصلاة ، ولو كانت كبيرة موجبة لحد أو غير موجبة له لم تسقط بالصلاة...هذا هو الصحيح في تفسير هذا الحديث "

انتهى باختصار من " شرح مسلم " (17/81)

ونقل الحافظ ابن حجر تأويلات أخرى لأصحاب هذا المسلك في تفسير الحديث

فقال رحمه الله :

" لعله ظن ما ليس بحد حدًّا ، أو استعظم الذي فعله فظن أنه يجب فيه الحد "

انتهى من " فتح الباري " (12/134)

وقال أيضا :

" لعل الرجل ظن أن كل خطيئة فيها حد ، فأطلق على ما فعل حدا "

انتهى من " فتح الباري " (8/356)

المسلك الثاني : حمل الحديث على ظاهره

وأن هذا الصحابي قد وقع في كبيرة الزنا التي تستوجب الحد الشرعي .

وقد خاض أصحاب هذا الاتجاه في تعليل ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على من أقر به ، وهو خوض لا يعنينا كثيرا في هذا الجواب المختصر

ومن أراد التوسع فيه فليرجع إلى الكلام عليه في أبواب العقوبات من كتب الفقه وشروح الحديث .

والأهم – في خصوص جواب السؤال - هو كيف أجاب أصحاب هذا القول على حجة من قال بتأويل الحديث ، وكيف كانت صلاة الجماعة سببا في تكفير كبيرة الزنا .

فالذي وقفنا عليه في هذا الشأن أن بعضهم جعل الحديث خاصا بذلك الرجل ، وأن تكفير كبيرة الزنا بالصلاة فضلٌ خاصٌّ به ، أطلع الله عز وجل نبيه عليه ، ولا يقاس عليه غيره .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:02

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc