مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 21 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-24, 15:35   رقم المشاركة : 301
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت أن عمر رضي الله عنه كتب كتابا إلى نيل مصر ليجري ماؤه بإذن الله ؟

السؤال


ما صحة القصة التي تقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب رسالة إلى نيل مصر ؟

تبدو لي غير منطقية لأن القرآن والسنة لا يؤيدان مثل هذه القصص.


الجواب

الحمد لله

قال ابن كثير رحمه الله :

" روينا من طريق ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال : لما افتتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص - حين دخل بؤونة من أشهر العجم

فقالوا : أيها الأمير ، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . قال: وما ذاك ؟

قالوا: إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل .

فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله .

قال : فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت ، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي

فألقها في النيل .

فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها


" من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر :

أما بعد ، فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك "


قال : فألقى البطاقة في النيل ، فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة ، وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم "

انتهى من "البداية والنهاية" (7 /114-115)

وهكذا رواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص165) واللالكائي في "شرح اعتقاد أهل السنة" (6/463) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44 /336) وأبو الشيخ في "العظمة" (4/1424) من طريق ابن لهيعة به .

وهذا إسناد ضعيف لا يصح ، ولا يثبت بمثله هذا الخبر ، وابن لهيعة ، واسمه عبد الله بن لهيعة بن عقبة ، ضعيف كان قد اختلط ، وهو مع ذلك مدلس

راجع "التهذيب" (5/327-331)

"ميزان الاعتدال" (2/475-484)

وقيس بن الحجاج صدوق من الطبقة السادسة عند الحافظ ابن حجر ، وهم الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة .

انظر : "تقريب التهذيب" (1 /25) .

وكان تارة يرويه مرسلا ، وتارة يرويه عمن حدثه ، ومن حدثه مجهول لا يعرف .

فالخبر ضعيف لا يصح .

وهذه القصة لو كانت صحيحة لذاع صيتها ، ولانتشر خبرها ، ولتوافرت الهمم على نقلها بالأسانيد الثابتة ؛ لأنه حدث عظيم ، وأمر جليل ، لا يغفل مثله ، بل أدنى منه ، المؤرخون والرواة .

والله أعلم








 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2018-12-24 في 15:36.
رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 15:42   رقم المشاركة : 302
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لمحة عن سبي صفية بنت حيي

السؤال

كيف ستشعر هذه المرأة التي قُتل أبوها وأخوها وزوجها في الحرب على أيدي جيش محمد وهي ترى نفسها في آخر النهار على نفس السرير مع قاتلهم ؟

وأشير بذلك إلى صفيّة بنت حيي ! لا يمكن لربٍّ أن يقول بذلك أبداً ، لا أظن إلا أن المسألة كلها مُختلقة ، فكروا معي قليلاً وسترون !


الجواب

الحمد لله

بخصوص صفية رضي الله عنها : فإليك بعض الحقائق المفيدة في دحض شبهة الكفار الطاعنين في التشريع الحكيم :
1. انتفعت صفية رضي الله عنها نفعاً عظيماً بسبيها ويكفيها أنها أسلمت ونجاها الله تعالى من الكفر .

2. ويكفيها شرفاً بعد الإسلام أن صارت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمّاً لكل مؤمن

وقد جمع الله تعالى لها شرفاً عظيماً لم يحصل لغيرها من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو كونها من نسل نبي ، وعمها نبي ، وزوجها نبي .

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : بَلَغَ صَفِيَّةَ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ بِنْتُ يَهُودِيٍّ !! فَبَكَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ ( مَا يُبْكِيكِ ) فَقَالَتْ

قَالَتْ لِي حَفْصَةُ : إِنِّي بِنْتُ يَهُودِيٍّ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّكِ لَابْنَةُ نَبِيٍّ ، وَإِنَّ عَمَّكِ لَنَبِيٌّ ، وَإِنَّكِ لَتَحْتَ نَبِيٍّ ؛ فَفِيمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ ) ثُمَّ قَالَ ( اتَّقِي اللَّهَ يَا حَفْصَةُ ) .

رواه الترمذي ( 3894 ) وصححه .

فصفية من نسل هارون بن عمران عليه السلام ، وعمها هو موسى بن عمران عليه السلام ، وهي زوجة نبي هو أفضل البشر ، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام .

3. لم يحصل من النبي صلى الله عليه وسلم جماع لصفية رضي الله عنها إلا بعد أن انقضت عدَّتها .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ

فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا ... .

رواه البخاري ( 2120 ) .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

قوله " حلَّت " أي : طهرت من الحيض .

" فتح الباري " ( 7 / 480 ) .

وعند مسلم ( 1365 ) عن أنس : " ثم دفعها - أي : صفية - إلى أم سليم تصنُعها له وتهيئُها وتعتد في بيتها " .

قال النووي – رحمه الله - :

أما قوله " تعتد " فمعناه : تستبرىء ؛ فإنها كانت مسبيَّة يجب استبراؤها وجعلها في مدة الاستبراء في بيت أم سليم ، فلما انقضى الاستبراء جهزتها أم سليم وهيأتها أي : زيَّنتها وجمَّلتها على عادة العروس

بما ليس بمنهي عنه من وشْم ووصل وغير ذلك من المنهي عنه.

" شرح مسلم " ( 9 / 222 ) .

4. ولم يحصل جماع النبي صلى الله عليه وسلم لصفية إلا بعد أن أعلنت إسلامها ، وبعد أن أعتقها ، فهو لم يجامعها وهي يهودية ، ولا وهي أمَة ، بل كانت زوجة له وقد أمهرها وكان مهرها عتقها ، وصنع لها وليمة عرس .

عن إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال : لما دخلتْ صفيَّةُ على النَّبي صلى الله عليه وسلم قال لها ( لم يزل أبوك من أشد يهود لي عداوة حتى قتله الله )

فقالت : يا رسول الله إن الله يقول في كتابه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الأنعام/ 164 ، فقال لها رسول الله : اختاري ، فإن اخترتِ الإسلام أمسكتُكِ لنفسي ، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك

فقالت : يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني ، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب ، وما لي فيها والد ولا أخ ، وخيَّرتني الكفرَ والإسلامَ

فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي ، قال: فأمسكها رسول الله لنفسه .

" الطبقات الكبرى " ( 8 / 123 ) .

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ...

فَبَنَى بِهَا ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا

إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ .

رواه البخاري ( 2120 ) .

" فبنى بها " : دخل بها والبناء الدخول بالزوجة ، " حيساً " : خليطاً من التمر والأقط والسمن ويقال من التمر والسويق أو التمر والسمن ،

" نطع " جلود مدبوغة يجمع بعضها إلى بعض وتفرش ، " آذِن مَن حولك " : أعلمهم ليحضروا وليمة العرس ، " يحوِّي " : يدير كساء فوق سنام البعير ثم يركبه .

5. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر صفية رضي الله عنها بما حصل عليه وعلى الإسلام من والدها ، فما زال يخبرها ويعتذر لها حتى ذهب ما في نفسها عليه

فلم يعاشرها وهي مبغضة له كما يزعم المغرضون الكاذبون ، بل كان ذلك بعد إسلامها وزواجها وزوال ما في نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم حتى استحقت شرف أمومة المسلمين .

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ...

قالت صفية : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إليَّ قَتل زوجي وأبي وأخي فما زال يعتذر إليَّ ويقول : ( إن أباك ألَّب علي العرب وفعل وفعل ) حتى ذهب ذلك من نفسي .

رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 11 / 607 ) ، وحسنه الألباني .

6. وكانت صفية قد رأت رؤيا عبَرها لها زوجها اليهودي بأنها تتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : .

. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيني صفية خضرة فقال : ( يا صفية ما هذه الخضرة ؟ )

فقالت : كان رأسي في حجر ابن أبي حقيق ، وأنا نائمة فرأيتُ كأن قمراً وقع في حجري فأخبرته بذلك ، فلطمني وقال : تمنِّين ملِكَ يثرب ؟ .

رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 11 / 607 ) وحسنه الألباني .

فهذا توضيح وبيان لحادثة صفية بنت حيي رضي الله عنها ، فعسى أن يكون في ذلك فائدة للموافق وهداية للمخالف .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 15:48   رقم المشاركة : 303
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لماذا ابتلى الله عز وجل أيوب عليه السلام ؟

السؤال


لماذا ابتلى الله عز وجل أيوب عليه السلام ، فقد سمعت أن أحد ضعفاء الناس قد استجاره فلم يُجِره ، فعاقبه الله عز وجل بذلك ، هل هذه القصة صحيحة ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

ظاهر القرآن الكريم يدل على أن ابتلاء الله عز وجل نبيه أيوب عليه السلام لم يكن على وجه العقوبة على ذنب أو مخالفة

وإنما كان لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى ، لعل منها أن يرفعه بصبره الدرجات العلى ، وينال به المقام السامي إلى يوم الدين .

فقد أثنى سبحانه وتعالى على صبره في قوله تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) (ص/44)، وهو سياق ثناء ومدح ورفع مقام ،

يختلف عن سياق العتاب الوارد في قصة يونس عليه السلام ، في قوله تعالى : ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ . فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ) الصافات/142-145.

ثانيا :

في السنة النبوية ما يدل على براءة أيوب عليه السلام من أي ذنب يمكن أن يكون سبب المرض الذي أصابه .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( إِنَّ أَيُّوبَ نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ فِي بَلَائِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ ، إِلَّا رَجُلَانِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصَّ إِخْوَانِهِ ، كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ إِلَيْهِ

فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَتَعْلَمُ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ ، قَالَ صَاحِبُهُ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللَّهُ فَيَكْشِفُ عَنْهُ .

فَلَمَّا رَاحا إِلَيْهِ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ أَيُّوبُ : لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ ، غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرِّجْلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ ، فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ

فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ إِلَّا فِي حَقٍّ ) إلى آخر الحديث .

رواه أبو يعلى في " المسند " (6/299)، وابن حبان في " صحيحه " (7/159)

والحاكم في " المستدرك " (2/635).

وصححه ابن حبان ، وقال الحاكم : " على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ونص عليه الذهبي أيضا في " التلخيص "، ووصفه ابن حجر في " فتح الباري " (6/421)

أنه أصح ما في الباب ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/17) ، وأعله بعض العلماء

انظر : " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " (ص/54)

وانظر " البداية والنهاية " (1/254-259)

ثالثا :

يقرر العلماء أن الحكمة الغالبة في ابتلاء الأنبياء رفع الدرجات وإعلاء الذكر .

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله :

" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم

ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) – رواه الترمذي (2398)- ..

. فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل ، رفعا في الدرجات ، وتعظيما للأجور ، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (4/370-371)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 15:55   رقم المشاركة : 304
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مرام مشاهدة المشاركة
جعله الله في ميزان حسناتك
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 16:41   رقم المشاركة : 305
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



وقفه مع المغالطات اللغوية لمنكري السنه

لا يملك القراني للدلالة على حجته الا المغالطات اللغوية لرفض السنة يعني تقول له الرسول له وحي اسمه القرآن يقول صحيح وتقول له وهناك وحي اخر اسمه السنة يقول هذه لم تصح ولم يرد دليل على هذا من القران

الحقيقة ان هذا انكار لاجل الانكار فقط ولما ترد عليه وتقول دلل على ما تقول هو هنا لا يتجه للتاريخ كمثال ليدلل على ما يدعيه بل يتجه للمغالطات اللغوية التي يزعم بانها حجة من حججه القوية

في موضوع تواتر الاسلام عرفنا ان الاسلام انتقل بالتواتر بين طبقات الصحابة والتابعين واتباع التابعين ولا يوجد انقطاع بمعنى انه بعد انتقال الرسول لجوار ربه وجدت طبقة الصحابة وهناك من اسلم من الناس

تمت تسميتهم بالتابعين ولما انتهى عصر الصحابة ايضا كان هناك من اسلم ولم يلق احد من الصحابة فتمت تسميته بانه من اتباع التابعين هذه الطبقات كانت متصلة لا يوجد بينها انقطاع

يعني هذا انه لم تنقرض طبقة الصحابة تماما ثم بعد مدة اتت طبقة وقالت نحن اتباع الصحابة ثم انقرضت هذه الطبقة واتت طبقة وقالت نحن اتباع التابعين فلا يوجد فاصل زمني بين كل طبقة بل هي متصلة

ايضا من المتواتر في الاسلام بين هذه الطبقات هي

1- القران الكريم وهذا انتقل الينا بالتواتر ولا نعني انه انتقل بالتواتر هنا ونقصد به النص فقط بل كل ماله علاقة بالقران الكريم مثل التفسير او القراءات او التجويد او اسباب النزول هذه كلها نقلت الينا بالتواتر

2- السنة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام هذه نقلت الينا ايضا عبر التواتر لكونها حررت في مذاهب

ولم ينتظر اصحاب هذه المذاهب ظهور البخاري ومسلم واصحاب السنن ليكتبوا السنة ثم منها تنتج او تستخرج المذاهب بل العكس حصل حررت المذاهب ثم صنفت كتب السنة والصحاح

3- من المتواتر ايضا اللغة العربية فهذه نقلت الينا جيلا بعد جيل بعلومها النحو او الصرف او الادب والبلاغة والفت فيها الكتب وحررت فيها المذاهب النحوية والادبية والبلاغية

العقل القراني يعرف هذا جيدا ويعيه لكنه يتجه للمغالطات

نعطيك امثلة للمغالطات من اقوالهم ثم نفسر معنى المغالطات المنطقية

احدهم يقول

الحِكمة هى الكتاب والكتاب هو الحكمة

هو يحتج بان الله وصف كتابه بهذا

الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]

لكنه تناسى ان الله ايضا اعطى الحكمة لغيره مثلا

فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا ﴿٥٤ النساء﴾

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴿٧٩ الأنبياء﴾

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴿١٢ لقمان﴾

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ﴿٢٦٩ البقرة﴾

وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴿٢٦٩ البقرة﴾

ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ﴿٣٩ الإسراء﴾

وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴿٢٠ ص﴾

فهل هؤلاء ايضا اعطاهم الله الكتاب

الحكمة في القران وردت في اكثر من موضع لكن لماذا هذا القراني يحتج بايات دون غيرها

خلاصة قوله هذه مثل هذه اذا هذه هي هذه

يعني الله وصف القران بالحكمة اذا كل حكمة لها نفس المعنى وهذا مغالطة

لفظ الحكمة ورد بعدة معاني في الايات السابقة وهنا محل المغالطة اني استخدم لفظا صالحا لعدة معاني هذه مغالطة مكشوفة لكن ما معنى مغالطة اصلا

هي حجج باطلة تتخذ مظهر الحجج الصحيحة وهي انواع متعددة

هناك انواع من المغالطات لكن هنا مغالطة تقوم على اشتباه لفظي مثل ان تقول عن تمثال انسان هذا انسان والانسان ناطق فالمغالطة تكون بقولك التمثال ناطق

مثال اخر

الزنجي اسود

الزنجي ابيض اللون

تكون المغالطة الزنجي ابيض اسود

او تقول احمد شاعر سيء

وهو خياط ماهر

فالمغالطة هنا ان تقول احمد شاعر ماهر

والامثلة كثيرة ومتعددة

فمغالطة هذا القراني في استعمال كلمة الحكمة والدلالة على انها القران

مع ان القران لا يسمى حكيم بخلاف لقمان يسمى الحكيم هي تعميم لكل كلمة حكمة في القران وهذه سفسطة فاقد الحجة

القران يقال له القران الكريم بينما لقمان نقول عنه لقمان الحكيم

ايضا من المغالطات هو استعمال الفاظ لها اصل واحد او جذر واحد لكن لها حركات مختلفة الحركات هنا هي الفتح والضم والكسر للايهام بان لها نفس المعنى وهذه مغالطة

وهذه المغالطة ندلل عليها من اقوالهم هم ومثالها لفظ الصلاة وما هو معناه لديهم

يزعمون ان الصلاة معناها الايصال وقالوا دليلنا هو قوله تعالى : قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ

هنا نجد أن معنى الصلاه (الإيصال. بمعني توصيل الشي مثل أوصل سلك الشاحن)

وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ

لاحظ ان الصلاة اصلا جذرها كلمة صل وهي مكونة من حرفين لكن ماذا لو وضعنا لحرف الصاد حركاته الثلاث ونظرنا للمعنى


صَل

صِل

صُل


هذه ثلاث كلمة لها معاني مختلفة لاحظ ان اختلاف المعاني اتى من تغيير الحركة مع ان كل هذه الكلمات المختلفة المعنى هنا لها او مكونة من حرفين فقط

لكن ما هو معنى كل كلمة

صَل فعل امر مضارعه يُصَلي

صِل فعل امر مضارعه يَصِل

صُل فعل امر والاسم منه صَولة وصال وتعني السطوة

هذه ثلاث كلمات لها او تشترك في حروفها ومع هذا يأتي المغالط ويقول ان الصلاة تعني ان الايصال بل وبكل بجاحه يضع الآيات للتدليل مثل : وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 16:51   رقم المشاركة : 306
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

فقد اثبت علماء اهل السنه و الجماعه بكل اثبات بما لا يدع مجال للشك لذلك ما قيل عنهم فيه الاكتفاء عن كل شئ

و هنا اذكر بعد ادله حجية السنه من اجتهاد مجموعة من مؤيدي السنه النبويه الشريفة


الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية - الجزء الأول - ( لا ريب فيه )


يقول الله تعالى فى أول سورة : ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) [البقرة (1)].

ولنتأمل قوله تعالى : ( لا ريب فيه ) ، ونتدبر الحكمة فى أن الله تعالى قال : ( ريب ) ، ولم يقل : " شك ".

· إذا رجعنا إلى معاجم اللغة وقواميسها ، وجدنا أغلبها يفسر كلا منهما على أنها الأخرى. فيقولون الشك هو الريب ، والريب هو الشك.


· وهذا الكلام إذا جاز فى اللغة فإنه لا يجوز فى كلام الله. وأقصد بقولى هذا أن كل كلمة فى كتاب الله تقوم بمعنى لا يقوم بها كلمة أخرى. والمترادفات تشترك فى أصل المعنى

ولكن لكل مفردة منها خصوصية لا تؤديها ولا تقوم بها ولا تدلل عليها لفظة أخرى.

· وهذا ما أسميه بعلم المعانى.

· وقضية المترادفات اللغوية واشتراكها أو افتراقها فى المعنى ، قضية خلافية قديمة بين علماء اللغة والبلاغة ، فهم على قولين :

= القول الأول : يقولون بأن المترادفات يمكن أن تتطابق فى المعنى ، بحيث تقوم الواحدة بجميع معانى اللفظة التى ترادفها تطابقاً كاملاً.

= والقول الثانى : يذهب إلى غير ذلك ،فيقولون أن المترادفات تشترك فى أصل المعنى ، وتختلف من حيث الدلالة النهائية لكل منها.

وأجد نفسى أكثر ميلاً إلى هذا القول الأخير. ولكننى لست بذلك الذى يرجح بين كلام العلماء ، فيقول هذا صواب وذاك خطأ ، ولا أستطيع أن أبخس حق الفريق الأول ولا أن أنفى ما قالوه جملة وتفصيلاً.

ولكننى – فى نفس الوقت – أؤمن إيماناً قاطعاً أن كل كلمة فى كتاب الله لها معنى تنفرد به عن جميع مفردات اللغة ، وهذا المعنى لا يمكن أن يوجد أو تقوم به كلمة أخرى. لماذا؟

لأنه لو افترضنا – جدلاً - وجود كلمة فى كتاب الله يمكن أن نستبدلها بكلمة أخرى تؤدى نفس معناها ، نكون بهذا قد استدركنا شيئاً على الله ، وهذا محال ، وحاشى لله أن يحدث هذا ، ومن قال به فقد كفر.

وعليه فلو صحت وجهة نظر الفريق الأول وهو جواز أن توجد كلمتان مترادفتان فى اللغة ، وكل منهما تدل دلالة كاملة على معانى مرادفتها

أقول : لو أننا وجود هاتين الكلمتين ، لَما جاز أن تكون إحداهما موجودة فى كتاب الله.

ولنعد إلى قوله تعالى : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ولنتأمل اختيار الله لكلمة : ( ريب ) وليس : " شك " .

بحثت عن الفرق بين معنى الكلمتين فوجدت أن المعاجم والقواميس تشير - اختصاراً - إلى أن كلاً منهما بمعنى الأخرى.

ولكن فى كتاب : " فروق اللغة " قال : الريب هو الشك بتهمة ".

وهو يقصد أن القرآن الكريم الذى كان النبى – صلى الله عليه وسلم – يتلوه على الكافرين صباح مساء ، هذا القرآن لا شك فيه ، كما أنه لا تهمة فى مُبلّغه ألا وهو النبى صلى الله عليه وسلم.

نتأمل ونتدير هذا الاستخدام العجيب لكلمة : ( ريب ) فى هذا الموضع بالذات والذى يأتى بتبرئة للرسالة وهى القرآن وللرسول فى نفس الوقت.

ولنتأمل أيضاً هذا التلازم والترابط المهم بين الرسالة والرسول ، وهذا التلازم والترابط موجود بكثرة فى كتاب الله ، لنعلم أنه لا رسالة بلا رسول ، ولا رسول بلا رسالة.

وكما أن الرسالة هى رسالة صدق ، فكذلك فإن المرسل يجب أن يكون صادقاً ، وعلى قدر صدق الرسول يكون صدق الرسالة. فإذا بطل إحداها بطلت الأخرى ، فهذه وسيلة لتلك الغاية.

وهنا أتوجه بسؤالى إلى من ينكرون السنة المحمدية ، وأقول لهم : ما تفسيركم لقول الله تعالى : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ؟ وما معنى : ( ريب )؟

إن كنتم ستفسرونها بأنها الشك

فسأقول لكم : حسناً

إن جاز لكم ما قلتم

فهلموا جميعاً إلى كتاب الله وانزعوا منه قوله تعالى : ( لا ريب فيه ) ، وحلوا محلها : " لا شك فيه " ، فإن فعلتم أو حاولتم هذا فقد كفرتم بإجماع الأمة

علمائها وعامتها ، وإن أبيتم فقد أقررتم بلسان حالكم على استحالة انفصال الرسالة عن الرسول

وأقررتم كذلك أنه لا يمكن أن نستبدل قوله تعالى : ( لا ريب فيه ) ليحل محلها : " لا شك فيه "

وذلك لأن قوله تعالى : ( لا ريب فيه ) تشير إلى معنى إضافى لا يوجد فى : " لا شك فيه " وهو شئ خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن يستغنى عنه.

أليس فى هذا دليل قاطع على حجية السنة؟!!!!!!









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 16:57   رقم المشاركة : 307
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية - الجزء الثاني ( أقيموا الصلاة )

الصلاة هي الركن الثاني من أركان هذا الدين ، بعد شهادة , لا اله إلا الله , محمد رسول الله ,,

وهى الركن العملي التعبدي الأول . ولم تنل عبادة من العبادات , من الأهمية والمكانة كالصلاة وهى العبادة الوحيدة التي تفصل بين الإيمان والكفر , أستنبط هذا من حديثين شريفين :

الأول: ما أخرجه أحمد فى مسنده (رقم 22428) والترمذى ( 2621) والنسائى ( 463) وابن ماجة (1079)

وغيرهم من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله ـ صلى الله علية وسلم ـ قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ).

وللعلماء في هذا الصدد أقوال عدة فمنهم من قال مَن ترك الصلاة بالكلية جاحدا بها فهو كافر .

ومنهم من قال من تركها بالكلية عمداً كفر ولم يكن جاحداً , ومشهور عن الإمام أحمد بن حنبل فتواه بأن ترك فريضة واحدة حتى يخرج وقتها فهو كفر.

المهم أن الصلاة هي الشعيرة الوحيدة التي يعد تركها كفرا يخرج صاحبها من الملة . مع الاختلاف فى صفة هذا الترك.

الحديث الثاني الذي أستنبط منه أن الصلاة هي العبادة الوحيدة التي تفصل بين الإيمان والكفر, ما أخرجه الإمام مسلم فى صحيحه ( برقم 1855 ) عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال لا ما أقاموا فيكم الصلاة ...)

وقريب منه ما أخرجه أحمد فى مسنده (برقم 10840 ، 10847) عن أبي سعيد الخدري قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود فقال رجل أنقاتلهم يا رسول الله قال لا ما أقاموا الصلاة )

فإذا ضممنا هذا الحديث إلى ما أخرجه البخارى فى صحيحه ( 7056) ومسلم ( 1709) عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال :

عانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان.

نستدل أن ترك الصلاة هي فاصل بين الإسلام والكفر , وأنها العبادة الوحيدة التي على أساسها يحكم على أمراء الجور بالكفر الذي يجيز الخروج عليهم وقتالهم.

وقد ذكرت الصلاة في القرآن الكريم فى حوالى مائتى موضعاً أو يزيد وبأكثر من صيغة :

فأولاً : صيغة الأمر المباشر كقوله تعالى : (( أقيموا الصلاة )) فى اثنى عشر موضعاً فى كتاب الله.

وبصيغة الأمر المباشر: (( أقم الصلاة )) فى ثلاثة مواضع فى كتاب الله.

ثانياً : بصيغة مدح وتزكية الذين يقيمون الصلاة ووصفهم بالتقوى والصلاح والسداد كقوله تعالي : (( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يِؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة " [البقرة : 1]

ثالثا: الإخبار بحسن عاقبة المصلين كقوله تعالي : (( إن الإنسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) )) [المعارج]

رابعاً : بذم تاركها كقوله تعالي : (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )) [الماعون]

وغير هذا الكثير في كتاب الله .

. ولكن الذي يدعو إلى التأمل ويثير الانتباه أننا نجد أنه رغم كثرة الآيات القرآنية التي تأمر بالصلاة وتحت عليها والتي لا تخلو منها سورة في القرآن الكريم وربما في أكثر من موضع في نفس السورة أقول :

رغم كل هذا فإننا لا نجد آية واحدة تتحدث عن عداد الصلوات المفروضة ـ صراحة

ولاعن هيأتها التفصيلية ولا عن مواقيتها تحديداً ولا كيفية تنظيم صلاة الجماعة ولا نجد آية في كتاب الله تحدثنا عن شروط صحة الصلاة ولا أركانها ولا واجباتها .

ومن المفارقات الجديرة بالملاحظة كذلك أننا نجد القرآن يترك مثل هذه الأمور الجوهرية ونجده يركز في حديثة علي كيفية الوضوء والطهارة والتيمم ورغم أن الوضوء والتيمم والاغتسال هذه وسائل لغاية هي الصلاة .

لا شك أن مَن تَعرض له صورة كهذه من السهل أن يظن أن هناك قصوراً تشريعياً ولكن هذا غير صحيح ذلك أن القرآن الكريم قد ترك

عمداً ـ الحديث عن تلك الأمور الجوهرية ، وأحال فيها إلى السنة النبوية بعدما أصّل القاعدة الضابطة في هذا بقوله : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )) [ سورة الحشر ]

وفي هذا دليل قاطع وقوى علي حجية السنة النبوية في التشريع مثلها كالقرآن الكريم تماما بتمام .

ورغم المحاولات المضنية لمنكري السنة لاستنباط الأحكام التفصيلية من القرآن الكريم إلا أن تلك المحاولات لا تزيدهم إلا بعداً عن دين الإسلام فأصبحوا ينكرون أشياءً معلومة

من الدين بالضرورة لا لشئ إلا لفشلهم في استنباط من القرآن الكريم , فأنكروا الخمسة المفروضات وادعوا أنهن ثلاث فقط , وبهذا خرجوا من دين الإسلام جملة وتفصلاً.

ولا شك أنهم قد بنوا بيتهم كما يبني العنكبوت بيته : (( وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت )) ذلك أننا إذا نحينا السنة جانباً فلسوف نصطدم بأمور , جد عسيرة , ولا قِبل لنا بها .

فلا أدري كيف يفسر المنكر للسنة قول الله تعالي (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا علية وسلموا تسليماً ))

فماذا سيجيبنا المنكر للسنة إذا ما سألناه : كم ركعات الصلاة علي النبي ؟ وما وقتها ؟ وهل الطهارة شرط لصحتها ؟ وماذا لو تعذر علينا استقبال القبلة وتحديداً اتجاهها هل تسقط عنا الصلاة علي النبي ؟

عندما أمرّ علي هذه الآية بالذات وأتذكر الموقف الحرج الذي يقع فيه منكرو السنة عند تأويلها , لا أدري لماذا أتذكر قول أحد النصارى وهو يحاورنى وقد ذكر لي هذه الآية ثم قال

: { لمن يصلي الله }؟ تُرى لو أن ذلك النصراني الكافر إذا ما وجه سؤاله هذا إلى المنكر للسنة ,

فبماذا سيجيبه . أتخيل الأن الابتسامة العريضة الصفراء التي ستبدو علي وجه النصراني عندما يتوتر المنكر للسنة ويسقط في يديه و يتصصب منه العرق عندما يسمع هذا السؤال وهو حائر لا يجد مخرجاً له.

فإن قال المنكر للنصراني أن الصلاة علي النبي غير الصلاة المعروفة فسيقول له النصراني : أين الدليل علي هذا من القرآن الكريم ؟

وسيقول له النصراني كذلك : إن هذا القول هو قول أهل السنة فأن كان حقاً فلماذا لا تتبعهم , وأن كان غير ذلك فلماذا لا تتبعني ؟

كذلك من أعجب الأمور التي تواجه المنكرين للسنة في شأن الصلاة هو اختلافهم وتذبذبهم وعدم اتفاقهم علي قول جامع في الشئ الواحد .

ـ ناظرت اثنين من المنكرين للسنة , في مناظرتين منفصلتين , ودار حوارنا في كل مرة عن الصلاة المفروضة : عددها ومواقيتها وكيفيتها ـ ووجدت من هؤلاء شهوة كبيرة في الكتانة , ماذا يكتبون ؟ أي شئ المهم أنهم يكتبون .

الأول يقول هم ثلاثة ولكن بدون الظهر والعصر . والثانى يقول : بل هم ثلاثة بدون الظهر والمغرب ، أما الكيفية التي ذكرها كل منهما فاختلافهما في ذلك أوسع من أن نحصره .

وهنا وقفت مع نفسي لحظة لأتأمل , الصلاة.

الركن العملي الأول في الإسلام , الصلاة التي أجمعت عليها الأمة قاطبة علماءً وعامهً ,

الصلاة التي أصبح غير المسلمين يميزون المسلمين بها عن غيرهم , الصلاة التي يصليها جميع فرق الأمة الثلاث

والسبعون دون اختلاف يأتي اليوم منكرو السنة ويقولون : لا هي ليست كما يصلون ,

نحن سنضع لكم صلاة بمواصفات جديدة عند هذه اللحظة أدركت يقينياً أنة كما أن اجتماع الأمة هو عز لها كذلك فأن في افتراقها عز لها . كيف هذا ؟

ويكون هذا دليل قاطع علي بطلان مذهب منكري السنة . لماذا؟

لأنة لو افتراضنا أن هناك صلاة غير هذه الصلاة المعروفة ألم يكن تلك الفرق أن تحافظ عليها بهيئتها وتشنع علي أية فرقة أخري تغير في هيئة الصلاة ؟

من هنا أجد أن كل آية تتحدث عن الصلاة والطهارة والاغتسال في كتاب الله دليل قاطع علي حجية السنة النبوية المطهرة .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 17:13   رقم المشاركة : 308
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية - الجزء الثالث ( وأنزلنا إليك الذكر )

( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ) [ النحل : 44 ]<O:p

عندما يتحاور أصحاب العقائد المختلفة ، فإن كل فريق منهما يستند إلى مجموعة من الأدلة والبراهين التى يحاول أن يثبت بها صحة مذهبه وحسن معتقده.<O:p

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ،بل يتعداه إلى ضرورة أن يفند كل طرف أدلة الطرف الآخر ، وينقضها ، ويحاول أن يزيل عنها دلالتها عل صحة ذلك المنهج والمعتقد المخالف.<O:p

وعندما كنا نتحاور مع منكري السنة ، كنا نأتى بأدلة كثيرة من القرآن الكريم نثبت بها حجية السنة النبوية فى التشريع الإسلامى

مثلها مثل القرآن سواءً بسواء. وهى أدلة كثيرة وغزيرة ومتوافرة بحمد الله تعالى ، ولا يردها إلا من حُرم نعمة العقل.<O:p

ومن تلك الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية قول الله تعالى فى سورة النحل

: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ) وأهل السنة والجماعة يذهبون إلى أن ( الذكر ) الوارد فى الآية الكريمة هو السنة النبوية ، وأن ( ما نُزّل إليهم ) تشير إلى القرآن الكريم. وبهذا الفهم

وبناءً على هذا التفسير ، فإن هذه الآية هى نصٌ صريح على حجية السنة النبوية فى التشريع.<O:p

وبطبيعة الحال فإنه يحلوا لمنكري السنة أن ينزعوا دلالة هذه الآية على حجية ، فيحرفون الكلم عن مواضعه ، ويذهبون بتأويلاتها إلى معنى آخر سوف نذكره قريباً إن شاء الله ، ثم نبين فساد قولهم فيها.<O:p

ومن البديهى أن نعلم أنه لو كانت هذه الآية لا تدل نصاً ولا فهماً على حجية السنة ، فإن هذا لا يعنى – بالضرورة – انعدام كون السنة حجة فى التشريع ، لماذا؟

لوجود أدلة أخرى كثيرة تثبت هذا ،وانعدام أحد هذه الأدلة لا يعنى بالضرورة انعدام الكل.

ويحاول منكرو السنة التشكيك فى معنى الآية الكريمة ،وينسون أو يتناسون أن الذين فسروا لنا هذه الآية وقالوا أنها تدل على حجية السنة

هم أنفسهم الذين نقلوا لنا هذه الآية وهذا القرآن وهم أنفسهم الذين عرفونا أن هذا القرآن هو كلام الله ، فهذه حجة على منكري السنة

إذ كيف يقرون بصدق الصحابة والتابعين وأهل السنة فى تبليغ كلام الله نصاً ، ولا يقرون لهم بصدقهم وأمانتهم فى تبليغ كلام الله فهماً!؟<O:p

ويذهب منكرو السنة فى تفسيرهم لقوله تعالى : ( وأنزل إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم ) إلى أن الذكر الوارد فى الآية الكريمة هو القرآن الكريم ، وهو يبين للناس ما نُزّل إليهم من الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل وغيرها.<O:p

هذا قولهم بأفواههم ، وسندهم فى هذا أن الآية الكريمة قد جاءت فى سياق الحديث عن الأمم السابقة ، وليس فى إطار أو سياق الحديث عن السنة النبوية.<O:p

والحقَ أقول ، أننى عندما تلقيت هذا القول ، وتلك الحجة ،كنت أتحسب قليلاً عن الاستدلال بهذه الآية على حجية السنة ، وظل الأمر يشغل خاطرى.<O:p

ولكن لإيمانى القوى واليقينى بصحة منهج أهل السنة والجماعة فى التلقى والاستدلال ، وخطأ كل من يخالفهم ،أخذت أتأمل الآية الكريمة مرات ومرات

مرة على مستوى عموم السورة ، ومرة ثانية على مستوى خصوص الآية ، ومرة ثالثة على مستوى ألفاظها ، ومرة رابعة على مستوى حروفها.<O:p

فثبت ، عندى ، بما لا يدع مجالاً لشك أن الآية الكريمة دليل قاطع على حجية السنة النبوية فى التشريع الإسلامى.

والأدلة على هذا قوية جداً وكثيرة ، فمن الناحية الأصولية هناك قاعدتان تختصان بالاستدلال فى هذه الآية.

القاعدة الأولى : هى القاعدة التى تقول : "السياق والسباق واللحاق من المقيدات" ، فالنظر إلى السياق ذو أهمية كبيرة فى عملية الاستدلال

والقاعدة الثانية : هى قاعدة العبرة بعموم الفظ لا بخصوص السبب

وإن كان منكرو السنة لجأوا إلى سياق الآية لاستنباط أنها لا تدل على السنة وغير متعلقة بها ، فليس هذا من قبيل تمسكهم بالقواعد الأصولية ، ولكن فقط الدافع لهم إلى هذا هو إخراج الآية عن مدلولها فحسب.

ولا يظن أحد أن هناك ثمة تعارض بين القواعد الأصولية

فيدعى أن ثمة قاعدة تدل على شئ وأخرى تدل على نقيضه ، لا ولكن عملية الاستدلال هى عملية تحكمها حيثيات كثيرة ، والصواب أن نطبق القاعدة الصحيحة فى المكان الصحيح

وإذا كان منكرو السنة قد لجأوا إلى سياق ليستدلوا بها على عدم تعلقها بالسنة النبوية

وهذا ما سنثبت خطأه فيما بعد – إلاأن قاعدة :" العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" توجب علينا أن نفهم الآية على أنها تتعلق بحجية السنة النبوية. لماذا؟

لأننا لو نزعنا خاصية عموم اللفظ من القرآن الكريم لأمسى القرآن نصا ًجامداً لا يحمل ميزة الصلاحية لكل زمان ولكل مكان

إلى هذا الحد فإن الاستدلال بقواعد علم أصول الفقه بلغت بنا حداً لا نستطيع من خلاله أن نقطع هل الآية تشير إلى السنة أم.

ولكن مهلاً ، فعما قريب سيثبت لنا أن قاعدة السياق هى أيضاً دليل قاطع على حجية السنة من خلال هذه الآية

إذا تأملنا سياق سورة النحل وجدنا الكثير والكثير من الملاحظات والأدلة الدامغة على أن قول الله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس من نزل إليهم ) قد جاءت فى معرض الحديث عن السنة النبوية المطهرة.

ولنبدأ مسيرتنا مع السورة المباركة.

1- يقول الله سبحانه وتعالى :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)

نلاحظ - بادئ ذى بدء - أن السورة ليست من السورة المبدوءة بالحروف المقطعة ، والتى افتتحت بها تسع وعشرين سورةفى القرآن الكريم. ومن هذا نستنتج -

مبدئياً - أن السورة لم تأت للحديث عن القرآن الكريم بصفة خاصة وأن موضوعها يتناول أمور أخرى غير القرآن ، ذلك أننا إذا تأملنا جميع السور التى بدئت بالحروف المقطعة : ( الم ، حم ، ص ، ق ...... إلخ )

وجدن أن القاسم المشترك بين جميع هذه السور هو أنها تتناول وتتحدث عن القرآن الكريم.

ولا يمتنع - بطبيعة الحال - أن يأتى ذكر القرآن الكريم فى سور أخرى غير مبدوءة بالحروف الهجائية المقطعة ، ولكننا نقول أن فى السور العادية - غير المبدوءة بالحروف الهجائية المقطعة -

لا تعد قضية القرآن هى القضائية الأساسية الأولى ، بل إن هناك أمور عقائدية أخرى هى التى تركز عليها تلك السور كالإيمان بالله أو اليوم الآخر أو الإيمان بالرسل وهكذا. بينما تأتى قضية القرآن

فى تلك السورة فى منزلة تالية ، فى الوقت الذىتتصدر فيه قضيةالقرآن والكتب السماوية والإيمان بها المنزلة الأولى فى السور المبدوءة بالحروف المقطعة

2- سورة النحل جاءت لتقدم لنا مقابلةبين هداة الحق وهداة الباطل.

هداة الحق الذين هم رسل الله ، سواء رسله الملائكيين أو رسله البشريين ، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبين هداة الباطل.

حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى عن هداة الباطل فى هذه السورة الكريمة :

= (( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) ))

ويقول سبحانه : (( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) )).

وقوله تعالى : (( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) )).

وتأمل هنا هذه المقابلة الواضحةبين هداة الحق وهداة الباطل.

ثم قوله تعالى عن هداة الباطل كذلك : (( وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) ))

وقوله تعالى : ((الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ )).

أما هداة الحق فقد قال الله فيهم: (( يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) )). وفى هذه الآية جمع لحديث

عن الرسل الملائكية والرسل البشرية ، وكلاهما حلقة فى سلسلة التبليغ.

وتأمل قوله تعالى : (( بالروح )) فى هذه الآية

ولم يقل ربنا ( القرآن ) ، والروح : هو الوحىمن قرآن وغيره ،ولو أراد الله سبحانه القرآن على وجه الخصوص لصرح به. ولكنه سبحانه وتعالى عَدَلَ عن كلمة ( القرآن ) إلى كلمة ( الروح ) لإفادة الشمول ، شمول الوحىمن قرآن وسنة.

ويقول سبحانه أيضاً عن هداة الحلق : (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) [ النحل :36 ]

ويقول : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) )).

ويقول : (( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) )). والمقابلة هنا واضحة جداً وفى أجلى صورها.

ويقول أيضاً عن هداة الحق : ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) )).

= نخلص مما سبق أن سياق السورة قدجاء فىمعرض الحديث عن رسل الله إلى خلقه ، وليس فى معرض الحديث عن الكتب المنزلة إلى هؤلاء.

فبعد أن ذكر ربنا سبحانه - فى بداية السورة - أنه ينزل الملائكة بالروح على من يشاء من عباده ، ضرب لنا مثل حق يتمثل فى سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث يقول ربنا جل وعلا

: (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) )).

ثم يأتى الأمر الإلهى بأن يتبع النبى صلى الله عليه وآله وسلم ملة أبيه إبراهيم عليه السلام ثم تختتم السورة المباركة بالتوجيهات الربانية والإرشادات الإلهية للرسول صلى الله عليه وسلم

أن يدع إلىسبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يجادلهم بالتى هى أحسن.

وتأمل قوله تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك ) ولم يقل " ادع إلى ربك" كما فى قوله تعالى : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )) [ يوسف : 108 ]

فالسبيل هو الوسيلة إلىالغاية ،وهو الله سبحانه وتعالى ، أى أن الخطاب هنا جاء عن الوسيلة لا الغاية.

وإذا كانت الغاية من إرسال الرسول هو تبليغ القرآن الكريم ، فلا شك ولا جدال ولا مراء أن النبى صلى الله عليه وسلم هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ هذه الغاية. ومن ضل عن الوسيلة فحتماً مقضياً أنه سيضل عن الغاية.

فتأمل هذا الترادف العجيب والجميل فى ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الذى هو وسيلة تبليغ القرآن وبين السبيل الذى هو الوسيلة للقاء الله وذلك فى قوله تعالى : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ))

ثم نعود ونتأمل سياق السورة الكريمة ، ونتدبر ونتأمل ، لننبهر بما جاءت به فى معرض إثبات حجيةالسنة المحمدية.

هيا بنا نتأمل قول الله تعالى : (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون )) [ النحل : 68 ] إن هذه الآية دليل على حجية السنة النبوية. ( كيف؟ ).

لنتأمل الحكمة من ذكر الوحى إلى النحل فى معرض الحديث عن الوحى إلى الرسل. وقبل أن ألمس هذه المسألةيجب أن نبين أولاً أن الوحى إلى الرسل يختلف عن الوحى إلى النحل

ولكنهما يشتركان فى الأصل اللغوى لمعنى كلمة ( وحى ) والتى هى إعلام فى خفاء. أما الوحى إلى الرسل فيقصد به إبلاغهم بالشرائع

أما الوحى إلى النحل فيقصد به ما أودعه الله سبحانه وتعالى من غريزة داخلية وفطرة تجعلها تهتدى لما أرادها الله أن تهتدى إليه مصداق قوله تعالى : (( الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى )) [ سورة الأعلى : 2-3 ] .

أرى - والعلم عند ربى - أن الحكمة فى الجمع بين ذكر الوحى إلى الرسل والوحى إلى النحل هو أن ندرك أن هناك أشكالاً متعددة من الوحى فالله سبحانه يقول :

(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) )) [ سورة الأنبياء ] . كذلك فإن الله سبحانه يوحى إلى عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيقول

: (( إن هو إلا وحي يوحى )) [ سورة النجم ] ، ثم ها هو الله سبحانه يوحى إلى النحل : (( وأوحى ربك إلى النحل )) مع الاختلاف بين صفتى الوحىفى الحالتين لنعلم أن للوحى أشكالاً متعددة

وليست كلها الوحى بمعنى إنزال كلام الله بلفظه على رسوله ، بل إن هناك أنواع أخرى مث أن ينزل الله كلامه علىرسله بالمعنى لا باللفظ كما فى حالة إنزال السنة .

وهنا يتبادر إلى ذهنى تساؤل : هل يعجز العقل السليم ذو الفطرة الصحيحة النقية أن يدرك أن السنة وحى من عند الله؟! إذا كان الله سبحانه يوحى إلى النحل وحياً يناسبها

وهووحى فى أمور الدنيا ، أيمتنع أن يوحى الله إلى نبيه بأشكال متعددة من الوحى منها ما هو باللفظ والمعنى " القرآن " ومنها ما هو وحى بالمعنى دون اللفظ " السنة" القولية

ومنها ما هو وحى إقرارى كما فى السنة الفعلية ؟!


ألم أقل لكم أن هذه الآية دليل على حجية السنة؟









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-01, 17:18   رقم المشاركة : 309
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوية

( ثم إن علينا بيانه )

قال تعالى : (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)) [سورة القيامة]

قال ابن كثير رحمه الله : "هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله الأدلة القرآنية السنة النبوية الدليل الرابع علينا بيانه في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه

ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه.

فالحالة الأولى: جمعه في صدره.

والثانية: تلاوته.

والثالثة: تفسيره وإيضاح معناه.

ولهذا قال: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) أي: بالقرآن.

كما قال: ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) [ طه : 114 ] .

ثم قال: ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ) أي: في صدرك،

( وَقُرْآنَهُ ) أي: أن تقرأه.

( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ) أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله عز وجل.

( فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) أي: فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك.

( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا".
انتهى من تفسير ابن كثير.

قلت (أبو جهاد الأنصاري) : فى قوله تعالى : ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) دليل صريح وبرهان واضح على حجية السنة النبوية المطهرة ، غفل عنه كثير من الناس.

ذلك أن عملية (البيان أو التبيين) تحتاج إلى: (مُبَيَّن) ، و (مبيِّن) فأما (المبيَّن) فهو القرآن ، وهذا معلوم بالبديهة وواضح الدلالة ، أما (المبيِّن) فهو السنة التى ستبين القرآن.

فقوله تعالى: (بيانه) أى بيان القرآن كاملاً غير منقوص تفيد أن المبيِّن خارج ومنفصل عن المبيَّن وليس فيه ذاته. إذ كيف يكون بيانه فى ذاته ، ولو كان بيانه فى ذاته ، فكيف يكون وأين يكون بيان ذلك الذى بيّن الأول؟ وهكذا .

... وهذا يدخلنا فى دائرة سرمدية لن نخرج منها.

ويؤكد هذا المعنى ، وذلك الفهم حرف (ثم) والتى تفيد الترتيب مع التراخى ، أى أن عملية البيان ستأتى لاحقة ومتأخرة وفى ترتيب بعيد ومنفصل عن عملية القراءة والجمع.


وهنا أقول لمنكرى السنة : هل قرأتم هذه الآية من قبل؟


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-07, 15:24   رقم المشاركة : 310
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شكوك في تاريخ تدوين الفقه


السؤال

منذ أن اعتنقتُ الإسلام بدأت الوساوس والتساؤلات ترد إلى ذهني واحدة تلو الأخرى ، فأريد توضيحاً للآتي : من أين أتى الفقهاء التابعون لعصر الصحابة بهذا الفقه المدوّن في كتبهم

ما الأسباب التي دفعتهم إلى تأليف هذه المؤلفات ، ولم لم يؤلف الصحابة أنفسهم في هذا الشأن إذا كان الأمر بهذه الأهمية ، إذا كان الصحابة أعلم الناس بالشريعة - وهم بلا شك كذلك

- فلماذا لم يؤلّفوا ، اعلم أن هذه وساوس ، فكيف أتعامل معها ؟ .

إنني أعيش بمفردي حيث لا يوجد علماء ، هل يلزمني البحث عن أهل العلم وسؤالهم عن هذه التفاصيل والتساؤلات ؟

أم الأفضل أن أتناسى هذا كله ، وأنصرف إلى أمور أخرى ، وهل آثم إن تركت السؤال عنها ؟

فالله تعالى يقول : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .


الجواب

الحمد لله

لا نكتمك الحقيقة أننا في استغراب بالغ من هذا السؤال الذي أوردته على وجه الشبهة أو على وجه الوسواس على حد تعبيرك

فالعلوم الإنسانية كلها هي نتاج اجتهادات فكرية وعلمية بشرية تتراكم عبر العصور

وتمر بمراحل من التمحيص والتدقيق والمراجعة ، ولا تكاد تدون إلا بعد عشرات السنين من تداولها في أذهان الناس ومحاوراتهم ، فتدوين العلم مرحلة متأخرة دائما على نشأة العلم نفسه

وفي كل زمان تدون علوم جديدة ، بل وتنبثق تخصصات حديثة لم تكن مؤطرة ولا مقننة في العهد القديم .

وتأمل سريع في التخصصات العلمية والإنسانية الحديثة التي تخصص لها مساقات دراسية في جامعات اليوم يدلك على هذه الحقيقة ، فهل من المعقول أن تتناسى هذا البناء الطبيعي للعلوم

وتلك التركيبة المنطقية لتطورها ، ثم تشتغل بتساؤل لا يقدم ولا يؤخر لتبحث عن سر تدوين هذا العلم هذا العام دون غيره ، ألا ترى أن هذا التساؤل أو " الوسواس "

يمكن أن يرد في جميع السنوات وفي جميع العلوم أيضا ، ففي كل سنة يدون فيها علم جديد أو يفتتح فيها تخصص حديث تقول : لماذا لم يتم ذلك في عهد مضى وسبق .

إن أحدا من الباحثين في " تاريخ العلوم " لم يرد إلى ذهنه أن يكون " التاريخ " عقدة باعثة على الشك والتردد ، بل باعثة على التأمل في العوامل التي بها نضج العلم وبلغ بها مرحلة التدوين

حتى التدوين نفسه يمر بمراحل عديدة ، ويلاحظ الباحثون فيها التقدم والتطور والتخصص أكثر فأكثر ، لذلك نحن ننصحك بالقراءة في الموسوعات العلمية التي تحدثت عن جميع العلوم

لترى التشابه العام في حركتها عبر التاريخ ، وتنظر كيف أن علوم اللغة واللسانيات على سبيل المثال لم تكن مدونة رغم أهميتها وارتباطها بحياة الناس اليومية

ثم بدأ التدوين بأشكال بدائية تقتصر على شيء من الأشعار والرسوم البسيطة

ثم يبدأ تقنين قواعد اللغة بشكل مجمل أيضا ، لتقرر بعد ذلك تفريعات علوم اللغة إلى قواعد النحو والصرف والبلاغة والمفردات والشعر والنثر وغيرها.

ولعل الاطلاع على المراجع الآتية يفيد في فهم فلسفة العلوم : " موسوعة تاريخ العلوم العربية " من إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية ، " قصة الحضارة " لويل ديورانت

" تاريخ العلم " لجورج سارتون ، " دراسات في تاريخ العلوم عند العرب " للدكتور أحمد عطية ، " أضواء على تاريخ العلوم عند المسلمين " للدكتور محمد محاسنة .

لذلك نقول لك أيضا ، إن علوم الفقه بدأ تدوينها في عهد الصحابة الكرام أيضا ، تمثل ذلك في بعض الصحف القديمة المختصرة التي دون فيها الصحابة أحكاما فقهية تناقلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم

ككتاب أبي بكر الصديق في أمور الصدقات والزكوات ، وكتاب عمرو بن حزم في الديات (ص/139) ، وصحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي فيه بعض أحكام الحرم وأحكام الديات وغيرها

وقد كان يحتفظ بها في قراب سيفه (ص/127) ، وكتاب أنس بن مالك رضي الله عنه في سنة عمر (ص/102) ، ومنسك جابر بن عبدالله في الحج (ص/104) ، وكتاب الحسن بن علي في قول أبيه في خيار البيع (ص/107)

وكتاب زيد بن ثابت في فريضة الجد لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (ص/108) ، وهو أول من ألف في الفرائض ، وصحيفة عبدالله بن عمرو في المغازي ، وصحيفته الصادقة أيضا (ص/124)

وكتاب معاذ بن جبل في الصدقات (ص/140) ، وهكذا يمكن الاطلاع عليها كلها – وبجانبها أرقام الصفحات - في كتاب الدكتور محمد مصطفى الأعظمي " دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه " (ص/92-142) .

كما إن نظرة فاحصة في الدواوين التي نقلت آثار الصحابة الكرام ، كمصنف عبد الرزاق ، ومصنف ابن أبي شيبة ، و "المحلى " لابن حزم ، و" السنن الكبرى " للبيهقي

وغيرها تدلك على كثير من الفقه والأحكام الشرعية التي كان الصحابة يتناقلونها ويتدارسونها فيما بينهم ، وأن من جاء بعدهم من التابعين وأتباعهم إنما استقوا عنهم

وحملوا ما سمعوه منهم فأضافوا إليه ، وقرروه بأوجه شتى ، وحققوا ما فيه ، وفرعوا عليه ، ليؤخذ فيما بعد إلى بطون الكتب والمدونات الفقهية الكبيرة .

ثم إن من المعلوم أيضا أن الأعلمية لا ترتبط بالتأليف لزوما ضروريا

فالأعلم كثيرا ما ينحو منحى العمل والتعليم وبث الوعي في نفوس الناس ، فيطغى ذلك على جانب التأليف والكتابة ، خاصة في القرون الأولى التي تذهب فيها الأجيال الأولى وقودا لإنجاح الدعوة والفكرة

وتلك حكمة نراها ماثلة في جميع دعوات الأنبياء السابقين ، لا يشتغل أصحابهم بالكتابة بقدر ما يشتغلون في التعليم ونشر الدين ، في عصور لم تكن الكتابة والتأليف وسيلة كبيرة الجدوى

ضعف النشر وعدم توفر أدوات الكتابة والقراءة لكل أحد ، فمن يحاكم ذلك الزمان بما في زماننا من وسائل المعرفة الحديثة فقد أبعد النجعة في موازينه ومقاييسه .

وما سبق جميعه يدفعك إلى بذل مزيد من العناية لتحصيل أسباب العلم الشرعي ، وذلك بالقراءة الفاحصة ، وتنويع مصادر المعرفة ، والارتباط بأهل العلم والفكر الذين تستعين بهم في الفهم والتحليل والجواب على المشكلات .

من المراجع المفيدة " المدخل الفقهي العام " للشيخ مصطفى الزرقا (1س/173-202)، " خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي " للشيخ عبدالوهاب خلاف .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-07, 15:30   رقم المشاركة : 311
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت أن بني أمية كانوا إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه ؟

السؤال


هل يصح ما يقال : إن بني أمية - أيام حكمهم - كانوا لا يرتضون اسم علي رضي الله عنه ، وكانوا يقتلون المولود بهذا الاسم ! وأن شخصا اسمه " رباح " غيَّر اسم ابنه " عليا " إلى ( عُلَي ) بضم العين خوفا من سلطانهم

وعليه فكيف ندافع عنهم . يقول المزي : كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه " علي " قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا فقال : هو- يعني علي بن رباح - ( عُلي ) بضم العين ، وكان يغضب من " علي "

ويُحَرِّجُ على من سمَّاه به . راجع " تهذيب الكمال " ج13 وتهذيب التهذيب ج7 وهل ذكر فضائل علي رضي الله عنه كان ممنوعا ، وأن سبه ولعنه كان جائزا ، بل يمدح صاحبه ، ولماذا

ولأية غاية . ينقل الإمام الذهبي عن عبدالله بن شداد قوله : " وددت أني قمت على المنبر من غدوة إلى الظهر فأذكر فضائل علي بن أبي طالب ثم أنزل فيضرب عنقي ". راجع " سير أعلام النبلاء " ج3. بارك الله فيكم .


الجواب

الحمد لله

أولا :

يخطئ من يظن أننا حين نكتب عن الدولة الأموية أو الدولة العباسية أو غيرها من الدول أننا نكتب بروح المدافع والمنافح عن كل ما وقع فيها ، حاشا وكلا

ولا يجوز لمسلم أن يتحمل وزر الظلم في أي مرحلة من مراحل التاريخ ، فهو حين يدافع عنه اليوم في الأوساط العلمية والثقافية يناله نصيب من إثمه .

بل نعتقد أن الدولة الأموية كغيرها من الدول لها ما لها من فضائل ، وعليها ما عليها من المظالم ، لها المآثر الحميدة بنشر الإسلام ، وتثبيت أركان الأمن والنظام

ونشر العلم والتشجيع عليه ، وعليها بعض المساوئ التي من أقبحها التجافي

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وآل بيته الكرام ، وإظهار شتمهم والتنقص منهم ، وسفك دماء المسلمين في سبيل تثبيت الحكم لدولتهم ، والاستئثار بحظوظ الدنيا وأموال الأمة .

روى مسلم في " صحيحه " (2409) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :

( اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ ، قَالَ : فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا قَالَ :

فَأَبَى سَهْلٌ فَقَالَ لَهُ : أَمَّا إِذْ أَبَيْتَ فَقُلْ : لَعَنَ اللهُ أَبَا التُّرَابِ ، فَقَالَ سَهْلٌ : مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِي التُّرَابِ ، وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهَا ) إلى آخر الحديث .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" التلاعن وقع من الطائفتين كما وقعت المحاربة ، وكان هؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم ، وهؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم ، وقيل : إن كل طائفة كانت تقنت على الأخرى ،

والقتال باليد أعظم من التلاعن باللسان ، وهذا كله - سواء كان ذنباً أو اجتهاداً مخطئاً أو مصيباً - فإن مغفرة الله ورحمته تتناول ذلك بالتوبة ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة ، وغير ذلك "

انتهى باختصار من " منهاج السنة " (4/468)

ثانيا :

يؤمن أهل السنة أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أفضل الصحابة الكرام

فهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته ، ورابع الخلفاء الراشدين ، ومن العشرة المبشرين بالجنة ، وردت فضائله في السنة الصحيحة والآثار الكثيرة

حتى قال رضي الله عنه : ( وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ : أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ ) رواه مسلم (78)

ولذلك ما زال أهل السنة يحاربون النواصب الذين يناصبون علي بن أبي طالب العداء ، ويواجهون الخوارج الذين وقعوا في علي رضي الله عنه وكفروه ، وكتب عقائد السنة مليئة بذلك لمن أراد التثبت .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ولله الحمد ، ومن طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني

" انتهى من " منهاج السنة النبوية " (8/165)

ويقول أيضا رحمه الله :

" وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله "

انتهى من " منهاج السنة " (7/218)

ويقول أيضا رحمه الله :

" كتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله مناقبه ، وبذم الذين يظلمونه من جميع الفرق

وهم ينكرون على من سبه ، وكارهون لذلك ، وما جرى من التساب والتلاعن بين العسكرين ، من جنس ما جرى من القتال ، وأهل السنة من أشد الناس بغضاً وكراهة لأن يتعرض له بقتال أو سب .

بل هم كلهم متفقون على أنه أجل قدراً ، وأحق بالإمامة ، وأفضل عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيراً منه

وعلي أفضل ممن هو أفضل من معاوية رضي الله عنه ، فالسابقون الأولون الذين بايعوا تحت الشجرة كلهم أفضل من معاوية ، وأهل الشجرة أفضل من هؤلاء كلهم

وعلي أفضل من جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة ، بل هو أفضل منهم كلهم إلا الثلاثة

فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحداً غير الثلاثة ، بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان ، وعلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار "

انتهى من " منهاج السنة " (4/396)

فإذا وقع العداء لعلي بن أبي طالب من بعض الخلفاء الأمويين ، واشتهر النصب في زمانهم لجميع آل البيت الكرام الأطهار ، فليس ذلك بحجة على أهل السنة

لأن أهل السنة يتبرؤون من الناصبة ومن كل من يقع في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وجهودهم في الرد على الناصبة والإنكار عليهم مشهورة لا يحصرها ديوان .

ثالثا :

بعد ذلك كله نقول : إن الأثر المروي في السؤال ورد من كلام أبي عبدالرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ( المتوفى سنة 213هـ) قال :

" كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه ( علي ) قتلوه ، فبلغ ذلك رباحا فقال : هو عُلَيٌّ ، وكان يغضب مِن علي ، ويحرج من سماه به " انتهى.

رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (41/480) قال

: قرأت على أبي القاسم بن عبدان ، عن أبي محمد بن علي بن أحمد بن المبارك

أنا رشأ بن نظيف ، أنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، أنا محمد بن محمد ، نا عبد الرحمن بن سويد بن سعيد ، نا سلمة بن شبيب قال : سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ...فذكره .

وهذا إسناد ضعيف جدا:

العلة الأولى : عبد الرحمن بن سويد بن سعيد : لم نقف له على ترجمة ، بل لم نجد من يحمل هذا الاسم في كتب العلماء ولا في كتب الشيعة .

العلة الثانية : محمد بن محمد ، هو ابن داود بن عيسى الكرجي ، نزيل طرسوس : لم نقف على من يذكره بجرح أو تعديل .
العلة الثالثة : محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، هو محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد أبو الفتح الجحدري الطرسوسي الغازي البزاز المعروف بابن البصري ، ترجمته في " تاريخ بغداد " (2/315)، لم ينقل توثيقه سوى عن الأزهري

وذلك غير كاف في قبول تفرده بمثل هذا الخبر الخطير الشأن ، وانظر ترجمته في " تاريخ دمشق " (51/233)، وفي " تاريخ الإسلام " للذهبي (9/155)

رابعا :

ثم إن في متن الأثر المذكور غرابة أو نكارة من وجوه كثيرة :

منها : أن أحدا من المؤرخين الكبار أو الرواة أو العلماء لم يذكر نحو هذا الكلام ، ولا شك أن مثل هذه الفعلة الشنيعة ، لو كانت حقا قد وقعت ، لتوفرت الهمم على نقلها.

ومنها : أن العلماء والرواة والناس الذين يحملون اسم " علي " وعاشوا في الحقبة الأموية لا يحصون كثرة

فكيف عاش هؤلاء ولم يلاحقوا ، ويكفي الباحث أن يدخل اسم ( علي ) في كتاب كـ " سير أعلام النبلاء "، وينظر عدد النتائج في تلك الحقبة ، فسيجد من ذلك عددا كثيرا.

ومنها : أن علي بن رباح هذا ولد في أول خلافة عثمان قبل دولة بني أمية ، فكيف يقال إن أباه غيَّر اسمه عند مولده خوفا من سطوة بني أمية .

يقول الإمام الذهبي رحمه الله :

" قوله : ( مولود ) لا يستقيم ؛ لأن عليا هذا ولد في أول خلافة عثمان ، أو قبل ذلك بقليل ، وكان في خلافة ابن أمية رجلا لا مولودا "

انتهى من " تاريخ الإسلام " (7/251)

ومنها : أن ابن حبان رحمه الله ذكر سببا آخر لتغير اسم ( علي ) ، وذلك في قوله : "علي بن رباح اللخمي ، أبو موسى ، من ثقات أهل مصر ، وهو الذي يقال له : عُلي بن رباح ، وكان يقول : من قال لي عَلي ليس مني في حل

وذاك أن أهل الشام كانوا يصغرون كل عَلي لِما في قلوبهم لأمير المؤمنين علي بن أبى طالب "

انتهى من " مشاهير علماء الأمصار " (ص/197)

فذكر ههنا أن سبب تصغير اسم علي بن رباح ليس الخوف من حكام بني أمية ، وإنما لانتشار النصب في بلاد الشام يومئذ

وكان علي منهم ، فأبى أن يسمَّى إلا بالتصغير مخالفة لاسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وبهذا يتبين أن الخبر المنقول لا قيمة له من حيث الإسناد ، ولا قبول له من حيث المتن.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-07, 15:36   رقم المشاركة : 312
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

افتراء اليهود في اتهام داود عليه السلام بالباطل وتفسير ( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ )

السؤال

أخبرني أحد أصدقائي أن النبي داود عليه السلام ارتكب الزنا مع زوجة أحد رفقائه ، لذا فالذي أريد معرفته : هل ما يقوله زميلي حق أم لا ؟ وبارك الله فيكم على ما تقدمونه من خير.

الجواب


الحمد لله

أولاً:

ما قاله زميلك في حق نبي الله داود عليه السلام باطل منكَر ، ولا نظن مسلماً يعتقد ذلك فضلاً أن ينشره في الناس ، ولو قاله أحد فإنه يستحق القتل ، قال ابن العربي المالكي رحمه الله : " من قال إنَّ نبيّاً زنى فإنه يُقتل " .

انتهى من " أحكام القرآن " ( 7 / 73 ) .

وإنما تصدر تلك الاتهامات من كذبة أهل الكتاب الذين لا يتورعون عن اتهام الأنبياء والمرسلين بفعل المنكرات ، وهو ما عرفوه نتيجة تحريف كتبهم ، وبسبب علماء الضلالة في أديانهم .

وأما أهل الإسلام فإنهم يوقرون الأنبياء والمرسلين ويثبتون لهم كمال الأخلاق ، وقد عصمهم ربهم عز وجل من فعل الكبائر ، ولا خلاف بين علماء الإسلام في هذا .

قال ابن عطية الأندلسي – رحمه الله - :

وأجمعت الأمة على عصمة الأنبياء في معنى التبليغ ، ومن الكبائر ، ومن الصغائر التي فيها رذيلة .

انتهى من " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " ( 1 / 221 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر : هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام ، كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول الأشعرية

وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 4 / 319 ) .

ثانياً:

أما ما جاء في كتب الإسرائيليات من وقوع نبي الله داود عليه والسلام في الزنا فهو من القبائح المنكرة ، وهي من جملة افتراءات الكذبة على رسل الله المحرِّفين لدينهم ، فقد جاء في " العهد القديم " صموئيل الثاني

الإصحاح الحادي عشر ( ص 498 ) ما نصُّه : " وأما داود فأقام في أورشليم ، وكان وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم

وكانت المرأة جميلة المنظر جدّاً ، فأرسل داود وسأل عن المرأة

فقال واحد : أليست هذه " بَثْشَبَعَ بنت أَلبِعَام " امرأة أُوريا الحثي ، فأرسل داود رسلاً وأخذها ، فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مُطهرة من طمثها ، ثم رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة ، فأرسلت وأخبرت داود وقالت : إني حبلى !!
... .
إلى أن قالوا – كاذبين - :

كتب داود مكتوبًا إلى " يواب " وأرسله بيد " أوريا " ، وكتب في المكتوب يقول : " اجعلوا " أوريا " في وجه الحرب الشديدة وأرجعوا مَن وراءه ، فيُضرب ويموت ، وكان في محاصرة

" يواب " المدينة : أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البائس فيه ، فخرج رجال المدينة وحاربوا " يواب " فسقط بعض الشعب من عبيد " داود " ، ومات " أوريا " الحثي أيضاً .

إلى أن قالوا – مفترين - :

فلما سمعت امرأة " أوريا " أنه قد مات " أوريا " رجلها ندبت بعلها ، ولما مضت المناحة أرسل " داود " وضمها إلى بيته ، وصارت له امرأة ، وولدت له ابناً ، وأما الأمر الذي فعله داود فَقَبح في عيني الرب ! " أ.هـ .

وقد تسرَّبت هذه القصة إلى بعض كتب التفسير التي لا يُعنى أصحابها بالتحقيق ، ولم ينزهوا تفاسيرهم عن

الإسرائيليات ، فذكروها عند قوله تعالى ( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ . إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ .

إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ

. قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ

عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ . فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) ص/ 21 – 25 .

قال ابن حزم – رحمه الله – بعد أن ساق الآيات السابقة - :

وهذا قول صادق صحيح لا يدل على شيء مما قاله المستهزئون الكاذبون المتعلقون بخرافات ولَّدها اليهود ، وإنما كان ذلك الخصم قوماً من بني آدم بلا شك ، مختصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم

بغَى أحدهما على الآخر على نص الآية ، ومَن قال إنهم كانوا ملائكة معرِّضين بأمر النساء :

فقد كذب على الله عز وجل وقوَّله ما لم يقل ، وزاد في القرآن ما ليس فيه ، وكذب الله عز وجل وأقر على نفسه الخبيثة أنه كذَّب الملائكة ؛ لأن الله تعالى يقول ( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ )

فقال هو : لم يكونوا قط خصميْن ولا بغى بعضهم على بعض ولا كان قط لأحدهما تسع وتسعون نعجة ولا كان للآخر نعجة واحدة ولا قال له ( أَكْفِلْنِيهَا ) فاعجبوا لما يقحم فيه أهل الباطل أنفسهم

ونعوذ بالله من الخذلان ، ثم كل ذلك بلا دليل ، بل الدعوى المجردة ، وتالله إن كل امرئ منَّا ليصون نفسَه وجارَه المستور عن أن يتعشق امرأة جاره ثم يعرِّض زوجها للقتل عمداً ليتزوجها

وعن أن يترك صلاته لطائر يراه ، هذه أفعال السفهاء المتهوِّكين الفسَّاق المتمردين لا أفعال أهل البر والتقوى

فكيف برسول الله داود صلى الله عليه وسلم الذي أوحى إليه كتابَه وأجرى على لسانه كلامَه ؟!

لقد نزهه الله عز و جل عن أن يمر مثل هذا الفحش بباله فكيف أن يستضيف إلى أفعاله ؟! .

وأما استغفاره وخروره ساجداً ومغفرة الله تعالى له : فالأنبياء عليهم السلام أولى الناس بهذه الأفعال الكريمة والاستغفار فعل خير لا يُنكر مِن ملك ولا مِن نبي ولا من مذنب ولا من غير مذنب ...

وأما قوله تعالى عن داود عليه السلام ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) وقوله تعالى ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ) فقد ظن داود عليه السلام أن يكون ما آتاه الله عز وجل من سعة الملك العظيم فتنة

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في أن يثبت الله قلبه على دينه ، فاستغفر الله تعالى من هذا الظن فغفر الله تعالى له هذا الظن إذ لم يكن ما أتاه الله تعالى من ذلك فتنة .

" الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحَل " ( 4 / 14 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله - :

قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس

ويزيد وإن كان من الصالحين ، لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة ، فالأولى أن يُقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة ، وأن يرد علمها إلى الله عز وجل ؛ فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضاً .

" تفسير ابن كثير " ( 7 / 60 ) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

واعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة، مما لا يليق بمنصب داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معوّل عليه

وما جاء منه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح منه شيء .

" أضواء البيان " ( 6 / 339 ) .

وبما ذكرناه يتبين لكل منصف أن تلك القصة القبيحة عن داود عليه السلام إنما تسربت لكتب التفسير

من طريق اليهود وكتبهم المحرَّفة المنسوبة لرب العالَمين والتي لم تأبه لمقام النبوة والرسالة فراحوا يطعنون بصفوة خلق الله بلا حياء ولا خجل .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-07, 15:44   رقم المشاركة : 313
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ترجمة موجزة عن القعقاع بن عمرو التميمي

السؤال

من هو القعقاع بن عمرو التميمي ، هل هو صحابي ، هل صحيح أن أبا بكر الصديق قال : إن جيشا فيه القعقاع جيشٌ لا يُهزم ؟

الجواب

الحمد لله

يمكننا تلخيص ما ورد في كتب التاريخ والتراجم عن شخصية القعقاع بن عمرو التميمي في الفقرات الآتية :

أولا : اسمه ونسبه

هو القعقاع بن عمرو بن مالك التميمي ، توسع في تفريع نسبه الإمام الطبري في " تاريخ الأمم والملوك " (3/275) بما لا حاجة إليه في هذا الجواب المختصر .

وأما مولده ونشأته فلم يرد في الأخبار طرف منها ، ولم نجد عند المؤرخين أي حديث عنها .

ثانيا : طبقته

يقال إنه من الصحابة ، لذلك ذكره في الصحابة ابن قانع في " معجم الصحابة " (2/367)، وابن عبد البر في "

الاستيعاب " (3/1283)، وابن الأثير في " أسد الغابة " (4/109)، وابن حجر في " الإصابة " (5/342)

ذكره في القسم الأول، وَهُم: " من وردت صحبته بطريق الرواية عنه ، أو عن غيره ، سواء كانت الطريق صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان " انتهى.

ولكن ذلك لم يثبت بالدليل الصحيح ، فقد استدل على صحبته بحديثين لا يثبتان :

الحديث الأول : روي عنه أنه قال : قال لي رسول اللَّه صلّى اللَّه تعالى عليه وآله وسلم :

( ما أعددت للجهاد ؟ قلت : طاعة اللَّه ورسوله ، والخيل . قال : تلك الغاية )

رواه ابن قانع في " معجم الصحابة " (2/367)

الحديث الثاني : كما روي عنه أنه قال :

( شهدت وفاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ، فلما صلينا الظهر جاء رجل حتى قام في المسجد ، فأخبر بعضهم أن الأنصار قد أجمعوا أن يولوا سعدا - يعني ابن عبادة - ويتركوا عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم

فاستوحش المهاجرون ذلك )

رواه ابن السكن – كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة " (5/343)-.

وكلا هاتين الروايتين في إسنادها سيف بن عمر الضبي التميمي ، وهو في ميزان المحدثين من الضعفاء ، بل قال أبو داود: ليس بشيء .

وقال ابن عدي : عامة حديثه منكر . وقال أبو حاتم : متروك . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات

. انظر: " تهذيب التهذيب " (4/295-296)

لذلك قال ابن أبي حاتم رحمه الله :

" قعقاع بن عمرو قال : شهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه سيف بن عمر عن عمرو بن تمام ، عن أبيه عنه ، وسيف متروك الحديث ، فبطل الحديث ، وإنما كتبنا ذكر ذلك للمعرفة "

انتهى من " الجرح والتعديل " (7/136)

فالخلاصة أنه لم تثبت صحبته ، فيبقى أنه من كبار التابعين .

لذلك قال ابن عبد البر رحمه الله – عن القعقاع وأخيه عاصم - :

" لا يَصِحّ لهما عند أهل الحديث صُحبة ، ولا لقاء ، ولا رواية ، وكان لهما بالقادسية مشاهد كريمة ، ومقامات محمودة ، وبلاء حسن "

انتهى من " الاستيعاب " (2/784)

وقال الصغاني رحمه الله :

" في صحبته نظر "

انتهى من " جامع التحصيل " (ص/257)

ثالثا : الثناء عليه بالفروسية والشجاعة

اشتهر القعقاع بن عمرو في كتب التاريخ بفروسيته التي لا تبارى ، وشجاعته في ميادين الجهاد ، وشخصيته القيادية القوية ، حتى روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال :

" لصوت القعقاع بن عمرو في الجيش خير من ألف رجل "

أقدم من ذكر هذه الكلمة – فيما رأينا – ابن الأثير في " أسد الغابة " (4/390)

وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال أيضا :

" لا يهزم جيش فيه مثل هذا "

أقدم من ذكر هذه الكلمة – فيما رأينا – أبو علي مسكويه (ت421هـ) في كتابه " تجارب الأمم " (1/332)

وقالوا :

" كتب عمر إلى سعد : أيّ فارس كان أفرس في القادسيّة ؟ قال :

فكتب إليه : إني لم أر مثل القعقاع بن عمرو ، حمل في يوم ثلاثين حملة ، يقتل في كل حملة بطلا "

انتهى من " الإصابة " (5/343)

وقال ابن عساكر رحمه الله :

" وكان أحد فرسان العرب الموصوفين وشعرائهم ، شهد اليرموك وفتح دمشق ، وشهد أكثر وقائع أهل العراق مع الفرس ، وكانت له في ذلك مواقف مشكورة ، ووقائع مشهورة "

انتهى من " تاريخ دمشق " (49/352)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" هو الّذي غنم في فتح المدائن أدراع كسرى ، وكان فيها درع هرقل ، ودرع لخاقان ، ودرع للنعمان وسيفه ، وسيف كسرى ، فأرسلها سعد إلى عمر . وذكر سيف بسند له عن عائشة أنه قطع مشفر الفيل الأعظم ، فكان هزمهم "

انتهى من " الإصابة " (5/344)

وهكذا كانت حياة هذا المجاهد حياة قتالية جهادية ، تفاصيلها ساحات المعارك ، وأخبارها روايات الحروب

فقد شارك في حروب الردة إلى جانب خالد بن الوليد بحزم وقوة ، وشارك في فتوح العراق وشهد أكبر المشاهد فيها كالقادسية ، وشارك في فتوح الشام وشهد اليرموك ، كما شارك في فتوح مصر

كما كان صاحب مواقف ثابتة ومعروفة في فتنة الصحابة ، ونحن لسنا بصدد بيان تفاصيل تلك المشاركات

وتوثيق المصادر التي نقلت مشاركة القعقاع فيها ، فذلك شأن آخر محله الدراسات المتخصصة التاريخية ، ولكننا نود أن نشير هنا إلى جوانب من شخصيته يمكن أن تساعد الباحث على بغيته منها .

رابعا : الثناء عليه لشعره

ومن أهم جوانب شخصية القعقاع أيضا الشاعرية ، فقد امتلأت بطون كتب التاريخ شعرا من شعره ، وكان المؤرخون يأخذون تفاصيل الأحداث من وصفه الدقيق لمجريات المعارك .

يقول الباحث عبد الباسط مدخلي :

" يعتبر القعقاع بن عمرو التميمي من الفرسان الذين قالوا الشعر ، ولم يذكر المؤرخون شيئا عن شعره قبل الإسلام ، وإنما اتفقوا على قوله الشعر بعد إسلامه .

وكان القعقاع من أولئك المتحمسين للفتوحات الإسلامية ، ووجد فيها ضالته عندما اشترك فيها ، وكان له تأثير كبير جعله يقرض الشعر في المعارك والحروب الإسلامية .

ويعد شعره وثيقة تاريخية بالغة الأهمية ، حيث لم يترك معركة اشترك فيها إلا وصورها بشعره تصويرا دقيقا ، يتفق مع الأحداث التاريخية اتفاقا تاما ، ويشيد فيه ببطولته وبطولة إخوانه المسلمين وبلائهم في هذه الفتوح

حيث نراه قد قرض الشعر في أكثر المعارك التي اشترك فيها في بلاد فارس...ويكاد يكون القعقاع أكثر شعراء الفتوح شعرا ، فله في كل معركة ، وفي كل موقف ، مقطوعة شعرية أو أكثر

على حسب أهمية الحدث...وأكثر ما يتناول في شعره عبارات الجهاد ، والإيمان بالله ، وطلب الشهادة التي كان يتمناها ، وهو يرجو بذلك وجه الله وجنته التي أعدها للذين يجاهدون في سبيله

منطلقا في ذلك من قوله تعالى : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران/142"

انتهى من " القعقاع بن عمرو التميمي ودوره في الفتوح الإسلامية وأحداث عصر الراشدين " – رسالة ماجستير في التاريخ الإسلامي – جامعة أم القرى . (ص/87-88)

خامسا : الجدل في حقيقة وجود هذه الشخصية

لعل أقدم المصادر التي توسعت في الإخبار عن شخصية القعقاع بن عمرو هو الواقدي في كتابه " فتوح الشام "، وأيضا كتب سيف بن عمر الضبي ، ثم تتابعت على ذلك معظم كتب التاريخ الموسعة .

وذلك ما قاد – في ظننا - إلى جدل واسع في عصرنا الحاضر عن حقيقة هذه الشخصية ، ما بين منكر لوجودها ، ومثبت لها .

والحق يقال : إن أخبار القعقاع بن عمرو وسيرته الجهادية لا نكاد نقف عليها إلا من خلال كتب سيف بن عمر الضبي التميمي والواقدي ، وقد سبق بيان كلام النقاد فيهما وأن كلا منهما متروك الحديث لا تقبل رواياته الحديثية .

ولكن هل تقبل رواياتهما التاريخية ؟

ذهب المتأخرون من المحدثين إلى قبول ما يحكيانه على سبيل التاريخ والأخبار ، ولكن بشرطين اثنين :

1- أن لا تتعارض مروياتهما التاريخية مع التاريخ الثابت بالأسانيد والأخبار الصحيحة .

2- أن لا تشتمل هذه الأخبار على الأحكام الشرعية والمسائل العلمية .

فإن تم هذان الشرطان فلا يجد العلماء غضاضة في حكاية كلام كل من سيف بن عمر والواقدي ، ونقل أخبارهما .
لذا يقول الحافظ الذهبي رحمه الله – في سيف بن عمر - :

" وكان إخباريا عارفا " انتهى من " ميزان الاعتدال "

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" ضعيف الحديث ، عمدة في التاريخ "

انتهى من " تقريب التهذيب " (262)

على أن الواقدي أحسن حالا بكثير من سيف بن عمر .

رابعا : وفاته

يقول الباحث عبد الباسط مدخلي

" لم نعد نجد للقعقاع بن عمرو بعد معركة صفين ذكر في المصادر أو مشاركة في الأحداث بعد هذه المعركة .
وهناك اضطراب في تاريخ وفاته

فالطبري يذكر أن معاوية بن أبي سفيان أخرج من الكوفة إلى إيليا بفلسطين قعقاع بن عمرو بن مالك في سنة (41هـ)

فعلى ذلك تكون وفاته بعد سنة (41هـ)، ولم تذكر المصادر سنة وفاته بالتحديد ولا المكان الذي دفن به .

ويذكر الزركلي أنه توفي نحو سنة (40هـ)، ولكنني أشكك في ذلك ؛ لأنه لم يستق ذلك من مصدر قديم ، وإنما بنى ذلك على عدم ذكر المصادر للقعقاع بعد معركة صفين ، فذكر أنه توفي نحو سنة (40هـ) " .

انتهى من " القعقاع بن عمرو التميمي ودوره في الفتوح الإسلامية وأحداث عصر الراشدين " (ص/264)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-08, 17:27   رقم المشاركة : 314
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



آزر اسم أبي إبراهيم عليه السلام

السؤال

من الذي أشار إليه القرآن بأنه الأب الحقيقي لإبراهيم عليه السلام ، وما هو الرأي الأرجح الموافق لأهل السنة والجماعة ، هل هو " آزر " أم " تارخ " ؟


الجواب

الحمد لله

اختلف العلماء في اسم والد خليل الله إبراهيم عليه السلام ، على قولين :

القول الأول : اسمه " تارح "، أو " تارخ "، وهو قول أكثر العلماء والمفسرين ، بل قال الزجاج :

" لا خلاف بين النسابين في أن اسم أبي إبراهيم تارح "

انتهى من " معاني القرآن " (2/265)

وقد اعترض الإمام القرطبي على نقل الإجماع بإثبات وجود الخلاف .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" جمهور أهل النسب - منهم ابن عباس - على أن اسم أبيه تارح ، وأهل الكتاب يقولون تارخ "

انتهى من " البداية والنهاية " (1/163)

وقد ورد ذلك في صريح كلام ابن عباس : كما عند ابن أبي حاتم في " التفسير " (4/1324-1325) بإسنادين عنه .
وصريح كلام مجاهد أيضا : كما في " جامع البيان " للطبري (11/466)

وصريح كلام ابن جريج : أخرجه ابن المنذر بسند صحيح كما قال السيوطي في " الدر المنثور " (3/300)، وفي " الحاوي " (2/259)

ومع شهرة هذا القول ، فلا نعلم له أصلا من كتاب الله ، أو السنة الصحيحة ، ولعل عمدة من قاله من أهل العلم أحاديث أهل الكتاب ، وأقوال النسابين الذين يستقون منهم .

ويبقى السؤال – بناء على هذا القول – ما المقصود بـ " آزر " إذن في الآية الكريمة : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الأنعام/74.

فنقول ، اختلفوا في توجيه الآية إلى أقوال كثيرة :

1- قال بعض المفسرين : إن لوالد إبراهيم عليه السلام اسمين ، آزر ، و " تارح "، كما روى الطبري في " جامع البيان " (11/466) بسنده عن سعيد بن عبد العزيز قال : هو " آزر " ، وهو " تارح " ، مثل " إسرائيل " و " يعقوب "
.
وقال كثير من المفسرين إن أبا إبراهيم اسمه بالسريانية تارح وبغيرها آزر .

2- وصرح بعضهم بأن " آزر " اسم صنم ، كما قال مجاهد :

آزر لم يكن بأبيه ، إنما هو صنم . رواه الطبري في " جامع البيان " (11/466) من طريقين عنه ، وخاض القائلون بهذا في إيجاد تأويلات معنوية وإعرابية للآية بما يطول على القارئ نقله ولا حاجة له به.

3- وقال آخرون : " هو سبٌّ وعيب بكلامهم ، ومعناه : معوَجٌّ ، كأنه تأوّل أنه عابه بزَيْغه واعوجاجه عن الحق "

انتهى من " جامع البيان " (11/467)

4- وجوز الطبري رحمه الله أيضا أن يكون " آزر " لقبا لوالد إبراهيم ، وليس اسما . ذكر ذلك في " جامع البيان " (11/469)، ونقله بعض المفسرين عن مقاتل بن سليمان، وفي معنى هذا اللقب " آزر " أقوال كثيرة .

إلى آخر التأويلات والتخريجات التي لا يقوم عليها دليل .

القول الثاني : اسمه " آزر "، أخذا بظاهر الآية الكريمة :

( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الأنعام/74.

وبظاهر الحديث الشريف الذي يرويه الإمام البخاري رحمه الله في " صحيحه " (3350):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لاَ تَعْصِنِي ؟

فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لاَ أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ

فَأَي خِزْىٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ )

وأشهر من قال بهذا القول إمام المغازي والسير: محمد بن إسحاق

كما روى ذلك عنه ابن جرير الطبري بسنده في " جامع البيان " (11/466) قال :

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة بن الفضل قال ، حدثني محمد بن إسحاق قال : " آزر "، أبو إبراهيم ، وكان - فيما ذكر لنا والله أعلم - رجلا من أهل كُوثَى ، من قرية بالسواد ، سواد الكوفة.

ورواه الطبري في تفسيره (11/467) عن السدي .

واختاره الإمام الطبري فقال :

" أولى القولين بالصواب منهما عندي قولُ من قال : هو اسم أبيه ؛ لأن الله تعالى ذكره أخبر أنه أبوه ، وهو القول المحفوظ من قول أهل العلم ، دون القول الآخر الذي زعم قائلُه أنه نعتٌ "

انتهى من " جامع البيان " (11/468)

قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله – في تعليقه على تأويلات القول الأول:

" هذه الأقوال وغيرها مما ذهب إليه بعض المفسرين لا تستند إلى دليل ، وأقوال النسابين لا ثقة بها ، وما في الكتب السالفة ليس حجة على القرآن

فهو الحجة ، وهو المهيمن على غيره من الكتب ، والصحيح أن آزر هو الاسم العَلَم لأبي إبراهيم كما سماه الله في كتابه " ا

نتهى باختصار من تحقيق كتاب "

المعرب " للجواليقي (ص/77).

ثم عقد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في آخر تحقيقه للكتاب مبحثا خاصا بعنوان : " آزر تحقيق أنه اسم أبي إبراهيم عليه السلام " (ص/407-413)، وكان مما قال فيه :

" وبعد : فإن الذي ألجأهم إلى هذا العنت شيئان اثنان : قول النسابين ، وما في كتب أهل الكتاب .

أما قول النسابين فإن هذه الأنساب القديمة مختلفة مضطربة ، وفيها من الخلاف العجب – وذكر مثالا على اختلاف النسابين ، ثم قال -

وأما كتب أهل الكتاب فإن الله سبحانه وصف هذا القرآن

فقال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/48. والمهيمن الرقيب ، فهذا القرآن رقيب على غيره من الكتب ، وليس شيء منها رقيبا عليه .

والحجة القاطعة في نفي التأويلات التي زعموها في كلمة " آزر "

وفي إبطال ما سموه قراءات تخرج باللفظ عن أنه علم لوالد إبراهيم ، الحديث الصحيح الصريح في البخاري – فذكر الحديث السابق ، ثم قال - فهذا النص يدل على أنه اسمه العلم ، وهو لا يحتمل التأويل ولا التحريف .

ووجه الحجة فيه : أن هذا النبي الذي جاءنا بالقرآن من عند الله فصدقناه

وآمنا أنه لا ينطق عن الهوى هو الذي أخبر أن آزر أبو إبراهيم ، وذكره باسمه العلم في حديثه الصحيح ، وهو المبين لكتاب الله بسنته ، فما خالفها من التأويل أو التفسير باطل .

وهذه الأخبار عن الأمم المطوية في دفائن الدهور المتغلغلة في القدم قبل تأريخ التواريخ ، لا نعلم عنها خبرا صحيحا إلا ما حكاه النبي المعصوم ، إخبارا عن الغيب بما أوحى الله إليه في كتابه

أو ألقى في روعه في سنته وحيا أو إلهاما ، إذ لا سبيل غيره الآن لتحقيقها تحقيقا علميا تاريخيا ، وما ورد في كتب أهل الكتاب لم تثبت نسبته إلى من نسب إليه بأية طريق من طرق الثبوت ، فلا يصلح أن يكون حجة لأحد أو عليه .

وليس لمعترض أن يشكك في صحة الحديث الذي روينا ، فإن أهل العلم بالحديث حكموا بصحته ، وكفى برواية البخاري إياه في صحيحه تصحيحا

وهم أهل الذكر في هذا الفن ، وعنهم يؤخذ ، وبهم يقتدى في التوثق من صحة الحديث " انتهى من تحقيق كتاب " المعرب " للجواليقي (ص/411-413)

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (4/216-217) :

" آزر هو أبو إبراهيم ، لقوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً )، وهذا نص قطعي صريح لا يحتاج إلى اجتهاد ، ورجح ذلك الإمام ابن جرير وابن كثير " انتهى.

عبد العزيز بن باز – عبد الرزاق عفيفي – عبد الله بن غديان – عبد الله بن قعود .

وبهذا يتبين أن " آزر " هو اسم والد إبراهيم الحقيقي كما هو ظاهر القرآن والسنة ، وهو القول الراجح إن شاء الله تعالى ، وذلك لا يعني نفي أن يكون " تارح " أيضا اسم علم له

سواء في لغة أخرى ، أو عند قوم آخرين ، خاصة وأن بعض الدارسين في اللسانيات يقررون أن اسم " آزر " هو نفسه اسم " تارح " وإنما طرأ عليه شيء من التغيير مع مرور الزمان وتغير اللهجات .

يقول الدكتور عبد الرحيم الهندي :

" وهناك احتمال آخر ، وهو أن لفظ آزر هو تارح ، طرأ عليه شيء من التغيير ، قد يبدو هذا غريبا ، ولكن الحقائق تؤيد هذا الاحتمال .

إن اسمه المذكور في التوراة (التكوين 11/26) (تيرح)، وفي ترجمة التوراة اليونانية المعروفة بالترجمة السبعينية كتب اسمه هكذا : (....)

ونطقه : " ثرّا " ، وقد حذفت منه الحاء ، ويرى " غيجر " أن " ثرا " بالقلب المكاني أصبح " آثر "، ثم " آزر " .

ومثل هذا التغيير جائز الوقوع ، ومثال آخر لذلك " عيسى "، وأصله بالعبرية " يشوع " فقد انتقلت فيه العين من آخر الكلمة إلى أولها ، وأصبحت الواو ياء "

انتهى من تحقيق " المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم " للجواليقي (ت540هـ) (ص/135)

ومن مراجع التفسير : " زاد المسير " (2/46)، " الجامع لأحكام القرآن " (7/22-23)، " تفسير القرآن العظيم " (3/288-289)، " التحرير والتنوير " (7/310-312)

ولا يفوتنا التنبيه هنا إلى أن الاختلاف في اسم أبي إبراهيم عليه السلام ليس من مسائل العقيدة التي يبحث فيها عن قول أهل السنة والجماعة ، بل هي مسألة علمية اجتهادية للاجتهاد فيها حظ واسع من النظر

وقد قال بكلا القولين من كبار المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .

والله أعلم
.









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-08, 17:33   رقم المشاركة : 315
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كان يحيى عليه السلام معصوما من الذنوب

السؤال


هل سمع أحد أن نبي الله يحيى قد بلغ درجة الكمال كما كان عيسى عليه السلام ؟ وقد كان عيسى رجلا كاملا حيث لم يرتكب أية أخطاء أو ذنوب

فهل كان يحيى عليه السلام أو إلياس عليه السلام مثل عيسى في بلوغ الكمال؟

وماذا تعنى هذه الآية : (وسلام عليه يوم ولد) كما قال في حق عيسى؟


الجواب

الحمد لله

أولاً :

الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم في ذروة الكمال البشري ؛ فهم صفوة البشر ، وهم أعلم الخلق بالله ، وأخوفهم منه ، وأتقاهم له

وهم أطهر العباد قلوباً ، ولهذا اصطفاهم الله تعالى وجعلهم أمناءه على وحيه ورسالاته

قال الله تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/124 ، وقال تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ) الحج/75 .

قال السعدي رحمه الله :

"أي : يختار ويجتبي من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً ، يكونون أزكى ذلك النوع وأجمعه لصفات المجد وأحقه بالاصطفاء ، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق

والذي اختارهم واجتباهم ليس جاهلاً بحقائق الأشياء ، أو يعلم شيئاً دون شيء ، وإن المصطفي لهم السميع البصير ، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء

فاختياره إياهم عن علم منه أنهم أهل لذلك ، وأن الوحي يصلح فيهم ، كما قال تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)

" انتهى من "تفسير السعدي" (546) .

غير أن الكمال درجات ، والله تعالى جعل بعض الرسل أكمل من بعض ، وفَضَّل بعضهم على بعض ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) الإسراء/55

وقال : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) البقرة/253 .

فالرسل هم أكمل البشر ، وأكملهم هم أولو العزم الخمسة

وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، وأفضلهم الخليلان : إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وأفضلهما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

ثانياً :

أما عصمة يحيى عليه السلام من الذنوب وكونه لم يرتكب معصية ، فقد ورد في السنة ما يدل على ذلك، وفي القرآن ما يشهد له.

قال الله تعالى عن عبده ونبيه زكريا عليه السلام : ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران / 39 .

فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى (حَصُورًا) هو الذي لا يأتي النساء ، وذهب آخرون إلى أنه المعصوم من الذنوب
.
قال السعدي رحمه الله :

"هذا المبشر به وهو يحيى ، سيد من فضلاء الرسل وكرامهم : و"الحصور" ، قيل : هو الذي لا يولد له ، ولا شهوة له في النساء ، وقيل : هو الذي عصم وحفظ من الذنوب والشهوات الضارة ، وهذا أليق المعنيين" انتهى .

وقال القاضي عياض رحمه الله : "معناه : أنه معصوم من الذنوب ، أي : لا يأتيها ، كأنه حُصر عنها ، وقيل : مانعا نفسه من الشهوات ، وقيل : ليست له شهوة في النساء"

انتهى من"الشفا" (1/88) .

وقد أثنى الله تعالى على يحيى عليه السلام ثناءً حسنا ف

قال تعالى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) مريم / 12 – 15 .

فقوله : ( وزكاةً ) قال ابن جرير رحمه الله : "هو الطهارة من الذنوب ، واستعمال بدنه في طاعة الله ....

ثم نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا) قال : "طهر فلم يعمل بذنب"

انتهى من"تفسير الطبري" (18/159) .

وروى الإمام أحمد (2294) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ما من أحد من ولد آدم إلا قد أخطأ ، أو همّ بخطيئة

ليس يحيى بن زكريا) وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند ، والألباني في "الصحيحة" (2984) ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" : "رواه البزار ورجاله ثقات" ، وانظر : "التلخيص الحبير" (4/481) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

"لا نعلم أحداً أعطي طاعة الله حتى لم يخلطها بمعصية إلا يحيى بن زكريا" .انتهى من "مختصر تاريخ دمشق" (8 / 195) .
وينظر : و"سبل السلام" (4 / 180) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"ما من بني آدم إلا من أخطأ ، أو هم بخطيئة ، إلا يحيى بن زكريا"

انتهى من"مجموع الفتاوى" (14/461) .

وأما عيسى عليه السلام ، ففي حديث الشفاعة الطويل ، حينما يعتذر كل نبي عن الشفاعة عند ربه ، إجلالا له في هذا المقام ، وهيبة من نفسه أن يكون أهلا لذلك المقام :

( فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى:

إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي

اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ .. )

رواه البخاري(4712) ومسلم (194) .

فهذا يحتمل أنه لم يذكر ذنبا ، لأنه لا ذنب له ، كما هو الظاهر .

ويحتمل أنه لم يذكره في هذا المقام ، لأن الله تعالى أخبره بمغفرته لذنبه في الدنيا .

فالله أعلم .

ثالثا :

أما قوله تعالى : ( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) فقال الطبري رحمه الله

: " يقول : وأمان من الله يوم ولد ، من أن يناله الشيطان من السوء ، بما ينال به بني آدم

وذلك أنه رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (كُلُّ بَنِي آدَمَ يَأْتي يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ ذَنْبٌ إلا ما كانَ مِنْ يَحْيَى بنِ زَكَريَّا) . وقوله : (وَيَوْمَ يَمُوتُ) يقول : وأمان من الله تعالى ذكره له من فَتَّاني القبر

ومن هول المطلع (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) يقول : وأمان له من عذاب الله يوم القيامة ، يوم الفزع الأكبر ، من أن يروعه شيء ، أو أن يفزعه ما يفزع الخلق"

انتهى باختصار من"تفسير الطبري" (18/160-161) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

"قال ابن جرير : وسلام عليه أي أمان له . وقال ابن عطية : والأظهر عندي أنها التحية المتعارفة

فهي أشرف من الأمان ، لأن الأمان متحصل له بنفي العصيان عنه وهو أقل درجاته ، وإنما الشرف في أن سلم الله عليه وحياه في المواطن التي الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة

وقلة الحيلة والفقر إلى الله تعالى عظيم الحول . انتهى كلام ابن عطية . ومرجع القولين إلى شيء واحد ؛ لأن معنى سلام : التحية والأمان والسلامة مما يكره .

وإنما خص هذه الأوقات الثلاثة بالسلام التي هي وقت ولادته ، ووقت موته ، ووقت بعثه ، في قوله : (يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) ؛ لأنها أوحش من غيرها .

والظاهر أن سلام الله على يحيى في قوله : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ..) الآية

أعظم من سلام عيسى على نفسه في قوله : (وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً) كما هو ظاهر"

انتهى مختصرا من"أضواء البيان" (3/381- 382) .

والسبب في أن السلام على يحيى كان أعظم من السلام على عيسى عليهما السلام ، أن السلام على يحيى كان من الله تعالى ، والسلام على عيسى كان من نفسه هو عليه السلام .

أما إلياس عليه السلام ، فهو نبي من بني إسرائيل ، قص الله علينا خبره في قوله عز وجل : (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ *

أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) الصافات/123 – 131.

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:38

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc