|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
2018-09-12, 21:20 | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
اقتباس:
|
|||||
2018-09-12, 21:22 | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
اقتباس:
منذ زمن ليس ببعيد كانت الأقمار الاصطناعية تعتبر من الإنجازات العلمية التي يحيطها هالة كبيرة من السرية والغموض حيث انحصر استخدامها في بادئ الأمر على الأغراض العسكرية فقط مثل أعمال الملاحة البحرية والمراقبة الجوية وعمليات التجسس،أما الآن فقد أصبحت تمثل جزءا ضروريا من حياتنا اليومية وتعددت استخداماتها لتشمل مجالات عديدة مثل الإستعانة بها للتنبؤ بالأحوال الجوية والاستقبال التلفزيوني الفضائي فضلا عن الاتصالات الهاتفية التي تتم بين الملايين من الناس بمختلف دول العالم. وسوف نستعرض معكم وبإيجاز النظرية التي تعتمد عليها الأقمار الاصطناعية والأغراض المستخدمة فيها بالإضافة إلى الإبحار في أعماقها والتعرف على مكوناتها الرئيسية والمدارات المختلفة التي تدور حولها. القمر الاصطناعي ببساطة شديدة هو جسم يدور حول كوكب فضائي في مسار دائري أو بيضاوي، فالقمر في حقيقة الأمر ما هو إلا قمر طبيعي من خلق الله وهناك أقمار اصطناعية أخرى قريبة من الكرة الأرضية هي من صنع الإنسان، ولقد جرى العرف على أن يتم إطلاق مسمى القمر الاصطناعي على أي شيء يدور حول الأرض ومن هذا المنطلق فإن هناك أقماراً اصطناعية للأرصاد الجوية وأخرى للاتصالات اللاسلكية وبعضها للاستخدام في الأغراض العلمية المختلفة. إلى المدار الفضائي يتم تحميل القمر الاصطناعي على صاروخ معد خصيصا لهذه الأغراض حيث يقوم الصاروخ باختراق الغلاف الجوي للكرة الأرضية بسرعة خارقة متجها نحو المدار الفضائي المحدد له بواسطة أجهزة تحكم تقوم بتوجيه الصاروخ يمينا أو شمالا، شرقا أو غربا، وعندما تصل سرعة الصاروخ إلى 120ميل/ساعة (أي ما يعادل 193 كيلومتر/ساعة) تقوم الأجهزة الملاحية بالصاروخ بتعديل الوضع ليصبح رأسيا وعندها يتم تثبيت القمر الاصطناعي في المدار المحدد له. أنواع الأقمار تختلف الأقمار الاصطناعية من ناحية الشكل والحجم طبقا للأغراض المستخدمة فيها وهي على النحو التالي: * أقمار الأرصاد الجوية : يتم إطلاق هذه الأقمار للتنبؤ بالأرصاد الجوية ومن أشهر الأقمار التي تم إطلاقها TIROS,COSMOS AND GOES (تايروس وكوزموس وجويس)، وتحتوي هذه الأقمارعلى كاميرات متخصصة في التقاط الصور وإرسالها للمحطات الأرضية تمهيدا لبثها عبر الأقمار الفضائية إلى مختلف دول العالم. * أقمار الاتصالات: وتتيح إمكانية الاتصال بين الناس عبر الأقمار الاصطناعية المعروفة مثل Telstar & Intelsat (تلستار وإنتلسات)، وتحتوي هذه الأقمار على المئات بل الآلاف من الترددات اللاسلكية المستخدمة في استقبال الترددات وتضخيمها وتحميلها على ترددات أخرى ومن ثم إعادة إرسالها مرة ثانية للمحطات الأرضية التي تبثها عبر الأثير ليستقبلها الملايين من الناس. * أقمار البث التلفزيوني الفضائي: وتعتمد على نفس نظرية أقمار الاتصالات التي تقوم باستقبال وإرسال الإشارات التلفزيونية من مكان لآخر. * الأقمار العلمية: وتقوم بالعديد من المهام العلمية المتخصصة مثل تتبع المتغيرات الكونية ومن أشهر تلك الأقمار Hubble Space Telescope (التلسكوب الفلكي). * الأقمار الملاحية: وتستخدم في أغراض الإرشاد الملاحي للطائرات والسفن البحرية ومن بينها أقمار GPS NAVSTAR (جي بي إس نافستار). * أقمار الإنقاذ: تستخدم لاستقبال وإرسال إشارات الإنقاذ في حالات الطوارئ والكوارث البيئية والطبيعية. * أقمار المراقبة الأرضية: تقوم هذه الأقمار بمراقبة كوكب الأرض والتغيرات المناخية والتضاريس الطبيعية التي تطرأ عليه كل فترة زمنية ومن بينها سلسلة أقمار LANDSAT (لاندسات). * الأقمار العسكرية: تعمل هذه الأقمار دائما تحت مظلة من السرية والغموض حيث تستخدم في أغراض عسكرية مختلفة ومن بينها: فك شفرة الإشارات اللاسلكية المرسلة بين القوات العسكرية. مراقبة الاستخدامات والاختراقات النووية. مراقبة التحركات العسكرية للأعداء. الإنذار المبكر لقاذفات الصواريخ. التنصت على الإشارات اللاسلكية. متابعة الرادارات الأرضية. التقاط صور للأهداف الحيوية. وعلى الرغم من اختلاف الاستخدامات والتطبيقات للأقمار الاصطناعية إلا أنها تشترك جميعها في نفس المكونات الفنية والتصميمات الهندسية الأساسية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي: * إطار وجسم معدني. * مصدر للطاقة ويستمد عادة من الطاقة الشمسية بالإضافة إلى بطاريات لتخزين الطاقة. * حاسب آلي مدمج للتحكم في الأجهزة الإلكترونية. * جهاز للإرسال والاستقبال اللاسلكي. * أجهزة إلكترونية للتحكم في الموقع المداري. ماهو الستالايت الستالايت بوجة عام هو اي جسم فضائي يدور حول نفسة او حول جسم فضائي اخر وقد درج العلماء علي اطلاق هذا الاسم علي الاقمار الصناعية التي يتم اطلاقها في الفضاء لتدور حول الارض وهي عدة انواع منها ماهو مخصص للبحث العلمي ودراسة الارض وطبيعتها ومنها ماهو مخصص للطقس وتغيراتة ومنها ماهو مخصص لتحديد المواقع الجغرافية ومنها ماهو مخصص للتجسس ومنها ماهو مخصص للاتصالات ولكل نوع منها تكوينة الخاص لكننا نركز في المتحف علي اقمار الاتصالات والبث التليفزيوني الفضائي اقمار في المدار هناك الاف الاقمار الصناعية التي تدور حول الارض كل جزء من الثانية وتتيح سرعه دوران هذة الاقمار بالتزامن مع سرعه دوران الارض ان تواجة هذة الاقمار جزء معين من الارض او عدة اجزاء وفق الهدف المحدد لها فمثلا اقمار البث الفضائي تركز علي جزء معين من الارض بفضل سرعه دورانها حول الارض بحيث تبدو وكانها مثبتة فوق هذا الموقع علي عكس اقمار التجسس التي تواجة نقاط متعددة من سطح الارض كل دقيقة بهدف التقاط الصور وجمع البيانات ومثلها اقمار الطقس مكونات القمر الصناعي مكونات اي قمر صناعي هي مجموعه الاجزاء والمعدات المختلفة التي يحتاجها لاداء المهمة المكلف بها وهناك مكونات اساسية توجد في جميع الاقمار مثل اجنحة الخلايا الشمسية التي تمد القمر بالطاقة اللازمة لتشغيلة وهناك بطارية احتياطية من الهيدروجين او النيكل كايدوم لتشغيل القمر في حالات الطوارئ او في حالات الكسوف الشمسي وهناك الهوائيات اللازمة لاتصال القمر بمحطات التحكم الارضية وبث الصور والبيانات اليها واستقبال الاوامر منها وهناك الكاميرات الرقمية الدقيقة جدا خاصة في اقمار التجسس واقمار الطقس واقمار الابحاث العلمية وتصل دقة هذة الكاميرات الي تصوير سيارت متحركة علي الارض بكل تفاصيلها وهناك النواقل كما في اقمار البث الفضائي والاتثالات وهي التي يتم تحميل القنوات الفضائية والتليفونية عليها وتتميز اقمار الاتصالات والبث التليفزيوني عن جميع الاقمار الصناعية بالهوائيات العملاقة الموجودة فيها والتي تتيح لها نقل الصور والبيانات والاتصالات من مكان الي اخر علي سطح الكرة الارضية وتوجد كل هذة المحتويات في وعاء خارجي يحمل اسم البص او الاتوبيس وهو الغلاف الخارجي للقمر الصناعي او الهيكل الاساسي له والذي يضم بدورة مجموعه كبيرة من الدواسر والرقائق الالكترونية واجهزة الكومبيوتر الدقيقة ومولد للطاقة ومعدات الاتصال ------------------------------------------------------------------------ المدار هو الموقع الذي يتخذة القمر الصناعي في الفضائء الخارجي حول الارض وبعدة عنها وسرعه دورانة حولها بالتزامن مع سرعه دورانها حول نفسها ويختلف مدار كل قمر عن الاخر وفقا لطبيعه القمر ومهمتة الملكف بها وهناك اربه انواع من المدارت التي تتخذها الاقمار الصناعية حول الارض هي الليو او المنخفض والبولار والجيو والبيتكال البولار وفيه يتخذ القمر الصناعي موقعا قريبا من الارض ويكون شكل دورانة من الشمال الي الجنوب وهكذا حتي يغطي المساحة المطلوبة منة علي الارضكما هو موضح في الشكل الت اقمار هذا المدار يتيح هذا المدار للاقمار الموجودة فيه امكانية مسح الكرة الارضية في وقت قياسي وتسجيل الصور والبيانات بكل دقة لذلك تستخدمة اقمار الابحاث العلمية خاصة العاملة في مجال البيئة والطقس ودراسة الصحاري والمياه الجوفية وكذلك اقمار التعدين والبحث عن البترول المدار المنخفض- ليو عندما يدور القمر الصناعي في مدار في شكل دائري منخفض وقريب من سطح الارض يسمي هذا المدار ليو او المنخفض وهو يبعد حوالي200 الي 500 ميل فوق سطح الارض ولان هذا المدار قريب جدا من سطح الارض فأن الاقمار الصناعية الموجودة فيه تدور بسرعات كبيرة جدا بفعل الجاذبية الارضية التي تجذبها الي غلاف الارض وتصل سرعة الاقمار هنا الي اكثر من 27 الف و 359 كيلو متر في الساعه وتستطيع الاقمار الموجودة في هذا المدار الدوران حول الارض في 90 دقيقة فقط اقمار هذا المدار يتيح المدار القريب من الارض لهذة الاقمار التقاط الصور المقربة جدا لمساحات شاسعه من سطح الكرة الارضية يمكن استخدامها في الدراسات الجغرافية والخرائط المساحية والتعدينية ونظم الكلاحة الجوية والبحرية ومعزم اقمار هذا المدار تنتمي الي الاقمار العلمية المدار المتزامن - الجيو سنكرونازيشين المدار المتزامن يقع علي ارتفاع22 الف و 300 ميل في الفضاء الخارجي ويتيح للاقمار الصناعية الموجودة فيه الدوران بسرعه تتزامن مع سؤعه دوران الارض حول نفسها ويقع هذا المدار فوق خط الاستواء لذلك يستغرق القمر الصناعي الموجود في هذا المدار 24 ساعة كاملة للدوران حول كوكب الارض وهذا يعني ان الارض والقمر الصناعي يدوران معا في وقت واحد لذلك تبقي جميع الاقمار في هذا المدار فوق المناطق الجغرافية المخصصة للتغطيتها فمثلا القمر الذي يغطي الشرق الاوسط يبقي في موضعه بفضل دورانة تزامنيا مع الارض وهكذا وبالمناسبة فإن هذا المدار هو الابعد عن سطح الارض وتستخدمة معظم اقمار الاتصالات والبث التليفزيوني الفضائي نطاق التغطية نطاق التغطية اوبصمة القمر(فوتو برنت) هي المساحة الجغرافية التي يغطيها القمر وهو موجود في مدارة من خلال نقاط اشعاع الاشارت الخاصة به فمثلا اشاع القمر نايلسات يغطي معظمم قارة اوربا والشرق الاوسط وشمال شرق افريقيا بفضل وجودة فوق منطقة المحيط الاطلنطي واقمار ايكوستار تغطي بصمتها مساحة كبيرة من امريكا الشماليه لانها موجودة ايضا فوق المحيط الاطلنطي وهكذا ولان اقمار المدار المتزامن تبقي دائما فوق نقاط التغطية الخاصة بها بفضل سرعه دورانها المتزامنة مع سرعه دوران الارض لذلك كان من السهل جدا التقاط بثها من خلال توجية الاطباق اللاقطة او الهوائيات اليها لاستقبال بثها لذلك فأن معظم اقمار الاتصالات تستخدم هذا المدار وهي توجد متراصة فوق خط الاستواء لذلك تم تقسم هذا المدار الي مواقع ودرجات افتراضية تنقسم الي غرب وشرق وكل قسم يبدا من درجة 1 الي 180 وهكذا وعلي سبيل المثال فإن الاقمار التي تغطي قارة اوربا وافريقيا والشرق الاوسط تأخذ اتجاة الشرق من الموقع المداري3 الي الموقع المداري 68.5 شرقا اما الاقمار التي تغطي اجازاء اوسع من ذلك فتتمركز كلها فوق الميحط الاطلنطي من درجه 1 الي58 غرب اما الاقمار التي تغطي اسيا فتأخذ الدرجات المدارية من من 57.5 شرق الي 180 شرق والاقمار التي تغطي امريكا الشماليه والجنوبية تقع كلها فوق الميحط الاطلنطي من درجة61.5 الي157 غرب اعتمدت الاتصالات الالكترونية البعيدة المدى حتى الستينات من هذا القرن ، اما على الكابلات او على انعكاسات الاشارة الراديوية من على الغلاف الجوي، ومن المعروف ان هذه الكابلات تحوى على عدد محدود من الاسلاك، اما الاشارات المنعكسة فكانت تتخامد بسرعة مما يجعل الاتصال ذو نوعية سيئة. في عام 1945 اقترح العلماء فكرة استخدام الاقمار الصناعية التي تطير فوق الكرة الارضية ، لزيادة فعالية الاتصالات الالكترونية، حيث يمكن رؤية القمر الصناعي من منطقة شاسعة من الارض. ونظرا لارتفاعه العالي ، يستطيع ان يحقق الاتصال ما بين عدة محطات بطرق متعددة خلافا للكابل الذي يستطيع ان يصل بين محطتين فقط. انواع الاقمار الصناعية: اول قمر صناعي للاصالات كان القمر Echo 1 الذي اطلق عام 1960، وكان هذا القمر من النوع غير الفعال Passive اي لم يكن يحوي اي دوائر الكترونية، وانما كان عبارة عن عاكس للاشارات الالكترونية. لقد قام هذا القمر والقمر Echo 2 الذي اطلق في عام 1964 عبارة عن بالون كبير بقطر 32 متر، مغطى برقائق الالمنيوم ، وكان يدور حول الارض بارتفاع 1610 كم. ومثل اي كرة زجاجية او فولاذية التي تعطي زاوية انعكاس واسعة للمناظر حولها، فان هذه الاقمار كانت تعيد عكس الاشارة الموجهة اليها ، ولكن بقوة اخفض. ونظرا لمساوئها ومشاكلها الكثيرة ، لم تعد تستخدم الاقمار غير الفعالة في ايامنا هذه. الاقمار الصناعية الفعالة: Active Satellites وهذه القمار عبارة عن محطات تقوية ، تقوم باستقبال اشارة من محطات ارضية معينة وتكبرها ثم تعيد ارسالها باتجاه محطات أرضية اخري وفي هذه الايام تستخدم هذه الاقمار لنقل الاشارات التلفزيونية بين دول العالم. مدارات الاقمار الصناعية: تخضع حركة القمار الصناعية حول الكرة الارضية الى قوانين كيبلر التي تحدد حركة الكواكب. وهذه القوانين تنص انه كلما كان القمر واقعا في مدار أعلى ، كلما تحرك بسرعة أبطأ. وهكذا فان القمر Echo 1 الذي كان في مدار منخفض نوعا ما ، فقد كان يسير بسرعة عالية حيث كان يدور حول الكرة الارضية خلال مدة ساعتين وهكذا كان على هوائيات المحطات الارضية ان تتابع حركة القمر الصناعي بسرعة والا فانها تفقد أثره. مام القمار التي تطير على ارتفاع 36000 كم فانها تدور حول الكرة الارضية خلال 23 ساعة و 56 دقيقة. واذا كان القمر الصناعي فوق خط الاستواء فانه يتم دورة كاملة خلال فترة 24 ساعة ولهذا فهو يبدو الى المراقب على سطح الارض وكانه ثابتا في الفضاء لانه يدور متوامنا بنفس سرعة دوران الارض حول نفسها. ان معظم الاقمار الصناعية المخصصة للاتصالات تطير فوق خط الاستواء لانها تعطي ميزة جيدة، حيث يمكن توجيه هوائيات المحطات الارضية باستمرار الى نفس النقطة في السماء. وهذه الاقمار تغطي اكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان والتي تقع بين خط الاستواء وخط عرض 60. ولتغذية الاجهزة الالكترونية لهذه الاقمار بالتيار الكهربائي ، فانه تستخدم الخلايا الشمسية التي تقوم بتحويل ضوء الشمس الي تيار كهربائي. مساوئ الاقمار الصناعية التي تطير على ارتفاعات عالية فوق خط الاستواء، تتمثل بالمسافة الكبيرة التي يجب تقطعها الاشارة ، وهذا يتطلب اشارة ذات طاقة عالية. بالاضافة الى ذلك هناك التاخير الزمني الحاصل بين ارسال الاشارة واعادة استقبالها مرة ثانية. فالاشارة كما هو معلوم تسير بسرعة 300000 كم في الثانية، وهناك تأخير قدره 120 ميلي ثانية وهو الزمن اللازم لقطع المسافة بين المحطة الارضية والقمر الصناعي، وفي بعض الحالات يصل هذا الزمن حتى 1 ثانية اذا كانت المسافة المقطوعة كبيرة جدا. مثلا عند اجراء مكالمة هاتفية بين دولة لدولة اخري بعيدة عبر الاقمار الصناعية فاننا نشعر بهذا التاخير الزمني. من ناحية اخري قام التحاد السوفياتي باطلاق سلسلة اقمار صناعية للاتصالات تحت اسم Molniya وهي تدور في مدارات اهليجية عالية حول الارض كل 12 ساعة . وعوضا على ان يكون القمر في مسار استوائي ، فان مساره يميل بشكل زاوية الاوج فوق اراضي التحاد السوفياتي وبذلك يقضي القمر الصناعي حوالي 8 ساعات فوق الاتحاد السوفياتي. تقنية الاقمار الصناعية: يمكن توجيه هوائيات الاقمر الصناعي بدقة نحو سطح الارض وذلك بجعل القمر الصناعي متوازيا في مداره. ويتم ذلك بجعل جسم القمر الصناعي يدور حول نفسه مرة كل ثانية ، وهذا يمكن من توجيهه دائما باتجاه نقطة محددة (بشكل متوازي مع محور الارض). من ناحية اخرى تدور هوائيات القمر الصناعي بنفس السرعة ولكن باتجاه معاكس وهذا يجعل الهوائيات باتجاه نقطة معينة ثابتة من سطح الارض . اما الواح الخلايا الشمسية فيجب ان تتوجه باستمرار نحو الشمس. ان داخل القمر الصناعي يجب ان يكون ذو حرارة ثابتة ، وذلك بسبب حساسية الاجهزة الالكترونية . ولهذا تستخدم اجهزة خاصة للتبريد والتسخين ، كما يدهن الجسم الخارجي للقمر بمواد ماصة لحرارة الشمس. في العادة تحوى الاقمار الصناعية على هوائيات ارسال واستقبال منفصلة. وتكون هوائيات الارسال بشكل صحون لتقوم بتوجيه الاشارات الى منطقة محددة من سطح الارض حيث تقوم المحطات الارضية باستقبالها. ويستطيع المهندسون توجيه هوائيات القمر الصناعي الي اي نقطة وذلك بواسطة ارسال اشارات تحكم خاصة. كذلك يحوي القمر على اجهزة تضخيم الاشارة الملتقطة الى بضعة عشرات الالف مليون من المرات من اجل اعادة ارسالها مرة ثانية الى المحطات الارضية ورغم ان القمر الصناعي يلتقط عدد كبير من الترددات المختلفة فانه لا يحدث تداخل في ما بينها ، بسبب استخدام الموجات الميكروية Microwave ، والتى لا تتأثر بالطبقات المتأنية في الغلاف الجوي التي تعكس الاشارات الاخري. في معظم الاقمار الصناعية يبلغ تردد الاشارة الملتقطة 6 ميجاهرتز وتردد الاشارة المرسلة 4 جيجاهيرتز وفي بعض الانواع تبلغ 7 و8 جيجاهيرتز او 11 و 14 جيجاهيرتز على التوالي. يتم تغذية الاجهزة الالكترونية في هذه الاقمار بواسطة الطاقة الشمسية حيث تقوم خلايا شمسية بتحويلها الى تيار كهربائي. المحطات الارضية: يزداد عدد المحطات الارضية بسرعة ومعظم هذه المحطات مزودة بهوائي على شكل صحن يصل قطره الى 30 متر . وهذا الهوائي يمكن تحريكه في كافة الاتجاهات تعمل معظم المحطات الارضية على ارسال واستقبال الاشارات اللاسلكية التي تحمل المكالمات الهاتفية والاقنية التلفزيونية. الاستخدامات: برغم ان معطم الناس يعتقدون ان الاقمار الصناعية تستخدم فقط لنقل الصور التلفزيونية عن الاحتفالات العالمية ومباريات كرة القدم فانها في الواقع تستخدم ايضا لنقل المكالمات الهاتفية واشارات التلكس و الكمبيتر......الخ. تتميز الاتصالات عبر الاقمار الصناعية بانها تتم بسرعة وبامان ودون الحاجة الى مد كابلات عبر المحيطات والصحاري. وكثير من المدن الافريقية والهندية الموجودة عبر الصحاري والبراري ، تصل مع العالم الخارجي بواسطة القمار الصناعية . والان تم استخدام البث المباشر من القمار الصناعية الى هوائيات خاصة في المنازل حيث يمكننا إلتقاط اي اشارة من القمر الصناعي دون الحاجة الى المحطة الارضية. https://www.startimes.com/?t=8321205 |
||||
2018-09-12, 21:28 | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
اقتباس:
جامــعــة قـاصـــــدي مـــــــربـاح – ورقـــلـة خطة البحث المبحث الأول :مفهوم المعاهدة . المطلب الأول:تعريف المعاهدة وخصائصها . المطلب الثاني أنواع المعاهدات . الفرع الأول: تصنيف المعاهدات من حيث عدد الدول الأطراف . الفرع الثاني : تصنيف المعاهدات من حيث الطبيعة. الفرع الثالث: تصنيف المعاهدات من حيث إجراءات الإبرام (من حيث الشكل) المطلب الثالث : شروط انعقاد المعاهدة . الفرع الأول :الأهــلــية . الفرع الثاني :الرضــــا . الفرع الثالث : المحـــل . المبحث الثاني :إبرام المعاهدة وأثارها المطلب الأول :إجراءات إبرام المعاهدة . الفرع الأول : المفاوضة . الفرع الثاني : تحرير المعاهدة الفرع الثالث : التـــــوقيـــــــع . الفرع الرابع : الـــتصديــــق . الفرع الخامس : التحفظات . الفرع السادس : التسجيــــل والنشـــــر . المطلب الثاني : أثـــار الـمـعـاهـدات . الفرع الأول : النطاق الشخصي للمعاهدات . الفرع الثاني : النطاق المكاني للمعاهدات . الفرع الثالث : تطبيق المعاهدات الدولية من حيث الزمان . الفرع الرابع : تطبيق المعاهدات الدولية من طرف القاضي الوطني. المطلب الثالث : تفسير المعاهدة . الفرع الأول : الجهة المختصة بتفسير المعاهدة . الفرع الثاني : طرق ومبادئ تفسير المعاهدة . المبحث الثالث : تعديل وإنهاء المعاهد . المطلب الأول: تعديل المعاهدة . الفرع الأول : المبادئ العامة لإنهاء المعاهدة . الفرع الثاني : قواعد تعديل المعاهدة الثنائية. الفرع الثالث : قواعد تعديل المعاهدات الجماعية . المطلب الثاني : إنهاء العمل بالمعاهدة . الفرع الأول : الأسباب الاتفاقية لإنهاء المعاهدة . الفرع الثاني : الأسباب الخارجية (غير الإرادية) لإنهاء المعاهدة . الخاتـمة المقدمة بدا ظهور المعاهدات الدولية كوسيلة اتصال بين الشعوب مند العصور القديمة ،حيث عرفت مند مصر الفرعونية وبابل وأشور ،حيث كانت في شكل معاهدات تحالف او صلح بحيث كانت تحكم عملية إبرام المعاهدات قواعد العرف الدولي . لقد سعى العرف الدولي الى وضع قواعد منظمة للإجراءات المتعلقة بالمعاهدات والتي كانت كلها إجراءات عرفية و قد تم تدوين جميع هده الإجراءات ودلك عن طريق لجنة القانون الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بوضع مشروع لقانون المعاهدات الدولية عام1969 م و صلب معاهدة فيينا حول قانون المعاهدات و تسمى بـ " اتفاقية فيينا للمعاهدات " و دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ عام 1980م و هي تعتبر اليوم المرجع الأساسي و القاعدة العامة فيما يتعلق بالمعاهدات بين الدول المختلفة من حيث أطرافها ومن موضوعاتها ومن حيث الإجراءات المتبعة بشأنها لكن هذه المعاهدة أكتفت بتدوين قانون المعاهدات المبرمة بين الدول فقط و لذلك وقع لاحقاً إبرام معاهدتان لاحقتين مكملتين للمعاهدة الأولى و هما معاهدة فيينا حول تعاقب الدول في المعاهدات عام 1978م . و معاهدة فيينا حول المعاهدات المبرمة بين الدول و المنظمات الدولية و بين المنظمات الدولية فيما بينها عام 1986 م. طبعاً أهمها معاهدة فيينا للمعاهدات عام 1969 وتدور الدراسة الآتية لإبراز تلك الإجراءات المتخذة بشان هده المعاهدات والظروف الدولية الداعية لدلك والمتحكمة في مجرياتها وحقيقة أهدافها . وعليه ماهي هده الإجراءات و المراحل التي على إثرها تبرم المعاهدة ؟ وتبنى هده الدراسة على ما يخص الموضوع من انواع هده المعاهدات و شروط انعقادها من شروط شكلية المتمثلة في المفاوضات ثم التحرير فالتوقيع والتصديق والتحفظات وأخيرا التسجيل والنشر بجانب الشروط الموضوعية المتطلبة لصحة إبرامها والمتمثلة في الأهلية وسلامة الرضا ومشروعية المحل والسبب ويأتي تطبيق المعاهدات الدولية مثيرا للعديد من المشاكل منها ما يتعلق بالسريان الزماني والمكاني ومن حيث الأشخاص ، ومسالة تعاقب المعاهدات الدولية ، وسمو المعاهدات ومكانتها أمام القاضي الوطني ، وكدا تفسيرها ومراجعتها وتعديلها ،وأخيرا بطلانها او انتهائها او تعليق تنفيذها وتقسم هده الدراسة وفق الخطة التالية المبحث الاول : مفهوم المعاهدة لعبت الاتفاقية الدولية دورا لايمكن إنكاره في تطور القانون الدولي العام في شتى المجلات ابتداء من مسائل الحرب والسلام انتهاء بالتعاون الاقتصادي والمساعدات الفنية لهذا نرى ان المعاهدات الدولية تحتل المكانة الدولية الأولى في تنظيم العلاقات الدولية وعليه فالمعاهدة الدولية عدة أنواع ومبنية على شروط محدد. المطلب الأول : تعريف المعاهدة وخصائصها . « ويقصد بالمعاهدة الدولية او الاتفاق الدولي بالمعنى الواسع توافق إرادة شخصين او أكثر من أشخاص القانون الدولي على إحداث آثار قانونية معينة طبقا لقواعد القانون الدولي. »(1) وتعني المعاهدة الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي سواء تضمنته وثيقة واحدة او وثيقتان واو أكثر . « تعرف المعاهدة الدولية على انها اتفاق مكتوب يتم بين أشخاص القانون الدولي بقصد ترتيب اثار قانونية معينة وفقا لقواعد القانون الدولي العام » (2) « وتعرف المعاهدة على انها اتفاق يكون أطرافه الدول او غيرها من أشخاص القانون الدولي ممن يملكون أهلية إبرام المعاهدات ويتضمن الاتفاق إنشاء حقوق والتزامات قانونية على عاتق أطرافه كما يجب ان يكون موضوعه تنظيم علاقة من العلاقات التي يحكمها القانون الدولي »(3) خصائصها يتضح من هذا التعريف ما يلي: 1ـ أن الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق يعبر عن التقاء إرادات موقعيها على أمرٍ ما، فهي ذات صفة تعاقدية لغرض إنشاء علاقة قانونية بين الأطراف المتعاقدة. لذلك تخرج عن وصف الاتفاقية الدولية أو المعاهدة الوثائق الدولية التالية: - المذكرة: هي وثيقة دبلوماسية تحتوي على خلاصة وقائع معينة مثارة بين دولتين أو بين دولة ومنظمة دولية أو ما شابه ذلك. - الاقتراح: هو وثيقة تتضمن إيجاباً أو عرضاً من دولة لأخرى. - الكتاب الشفوي: وهو وثيقة غير موقعة تتضمن خلاصة محادثات بشأن حادث معين أو ما شابه ذلك. المحضر: وهو السجل الرسمي لمحاضر اجتماعات مؤتمرٍ ما أو إجراءاته أو النتائج غير الرسمية التي توصل إليها الممثلون المجتمعون. (4) - التسوية المؤقتة: وهو اتفاق مؤقت يُرغب في استبدال غيره به فيما بعد، باتفاق أكثر دقة ووضوحاً. وتعقد التسوية المؤقتة عندما لاتريد الدولتان الارتباط فوراً بالتزامات دائمة ومطلقة، والغرض منها معالجة الصعوبات الوقتية المستعجلة. - تبادل المذكرات: وهو أسلوب غير رسمي تحاول الدول بموجبه التعاون على إيجاد تفاهم بينها، أو الاعتراف ببعض الالتزامات الواجبة عليها. - التصريحات الوحيدة الطرف: هي بيانات تصدرها دولة من جانبها توضح فيها موقفاً معيناً من مسألة ما. 2ـ الاتفاقية أو المعاهدة هي اتفاق مكتوب ولذا لاتعد الاتفاقات الشفوية ولاسيما ما يعرف باتفاقيات الجنتلمان أو ما يسميه بعضهم «اتفاقيات الشرفاء» معاهدات بالمعنى الدقيق للمصطلح مع أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات المبرمة عام 1969 لم تنكر ما قد يكون لهذه الاتفاقات الشفوية من قيمة قانونية. ومثال اتفاقات الجنتلمان الاتفاق الشفوي الحاصل عام 1945على توزيع المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن بين دول المناطق الجغرافية المختلفة. وقد عدل باتفاق شفوي آخر في عام 1964 بعدما ارتفع عدد هذه المقاعد غير الدائمة من ستة مقاعد إلى عشرة عقب تعديل الميثاق الذي أصبح نافذاً في 1965.أما إذا كان الاتفاق ين شخصين دوليين أو أكثر مكتوباً فيعدّ اتفاقية دولية مهما كانت الصيغة التي كتب بها ومهما تعددت الوثائق التي تضمنته، بغض النظر عن الاسم الذي يطلق عليه. فقد يسمى معاهدة او اتفاقية أو ميثاقاً أو عهداً أو صكاً أو دستوراً أو شرعة أو غير ذلك بحسب ما يتفق الفرقاء. فمعاهدة المعاهدات لعام 1969 مثلاً سميت «اتفاقية فيينة لقانون المعاهدات». -أما تعبير بروتوكول في مجال الاتفاقيات الدولية، فقد يطلق على خلاصة محاضر الاجتماعات التي أدت إلى توقيع المعاهدة، وقد يطلق على ملحق الاتفاقية، وقد يطلق على الاتفاقية ذاتها. 3ـ والاتفاقية الدولية بين شخصين دوليين أو أكثر، وهذا يعني أنها قد تكون بين دول، وقد تكون بين دولة ومنظمة دولية، وقد تكون بين منظمات دولية. وفي حين نظمت اتفاقية فيينة لعام 1969 المعاهدات بين الدول، فإن اتفاقية أخرى أعدتها لجنة القانون الدولي وتم إقرارها في 1989 نظمت المعاهدات التي تكون المنظمات الدولية أحد أطرافها. والمعاهدتان متشابهتان في الجوهر مع مراعاة خصوصية المنظمة الدولية على أنها شخص دولي اعتباري على خلاف الدول التي تُعد تجاوزاً، الشخص الطبيعي في العلاقات الدولية. ويطلق على اتفاقية فيانا لعام 1969 اسم «معاهدة المعاهدات» لأنها الأساس الذي انبنت عليه المعاهدة الثانية. وعلى هذا الأساس فالمعاهدات المعقودة بين الفاتيكان وإحدى الدول الكاثوليكية والتي تسمى اتفاقيات بابوية (كونك وردات هي معاهدات بالمعنى الصحيح للكلمة، مثلها في ذلك مثل أية معاهدة يعقدها البابا، بوصفه رئيساً لدولة الفاتيكان، مع أية دولة أخرى، بعدما اعترفت له معاهدة لاتران لعام 1969 بالصفة الدنيوية إضافة لصفته الدينية، وألغت بذلك قانون الضمانات الذي حصر صلاحياته بالأمور الدينية. 4ـ والمعاهدة هي الاتفاق الذي من شأنه أن ينشئ حقوقاً والتزامات متبادلة بين الأطراف المرتبطة، يحكمها القانون الدولي العام. (5) المطلب الثاني أنواع المعاهدات الفرع الأول: تصنيف المعاهدات من حيث عدد الدول الأطراف تضف المعاهدات من هذه الناحية الى معاهدات ثنائية ومعاهدات جماعية أو متعددة الأطراف وتعقد بين عدة دول اولا : معاهدات ثنائية أدا كانت المعاهدة ثنائية كانت المشكلة الناجمة عن التحفظات قليلة ا ان الطرف الأخر إما ان يبرم الاتفاقية مع التحفظات المضافة إليها وإما ان يرفض إبرامها وبالتالي يقضي عليها . والراجح فقهيا ان التحفظ على المعاهدات الثنائية من الأمور الجائزة سواء سمحت به المعاهدة موضوع التحفظ ام لم تسمح وانه يعتبر في جميع الأحوال بمثابة إيجاب جديد او اقتراح بالتعديل ومن ثمة يتوقف مصيره بل ومصير المعاهدة بكاملها على موقف الطرف الأخر ان شاء قبلها بصورتها الجديدة وان شاء رفضها مع التحفظ عليها ، ومن المتفق عليه في هدا المجال ان قبول التحفظ كما يتم صراحة قد يتم أيضا بطريقة ضمنية وان السكوت عن رفض التحفظ صراحة يعتبر بعد مضي اثنا عشر شهرا من تاريخ استشارة الدولة بالتحفظ او التاريخ الذي أعلن لبدء نفاد الالزام بمثابة القبول الضمني له . (6) ثانيا : معاهدات متعددة الأطراف (جماعية) المعاهدات الجماعية تشترك في ان عدد أطرافها يزيد عن دولتين ،وهي قد تكون من حيث المدى الجغرافي إقليمية وقد تكون دات اتجاه عالمي ،وتنشا المنظمات الدولية عن هدا النوع من المعاهدات الذي تطبق عليه اتفاقية فيينا كما تنطبق على أي معاهدة تعتمد في نطاق منظمة دولية (المادة 5 من اتفاقية فينا ) . وتعد معاهدة باريس التي وضعت نهاية حرب القرم والمعقود في 30 مارس 1856 اول اتفاقية جماعية تم التفاوض عليها مباشرة وبهده الصفة وقد وقع على الاتفاقية الدول المتحاربة ودولتان محايدتان هما بروسيا والنمسا وكانت المعاهدات الجماعية تنعقد خلال القرن التاسع شر في مؤتمرات دبلوماسية تلتئم لتنظيم المسائل ذات المصلحة المشتركة ولا تزال هده الطريقة تستخدم حتى الوقت الراهن ولكن أهميتها أصبحت تتراجع امام ظاهرة إعداد المعاهدات الجماعية في نطاق (داخل) المنظمات الدولية ،أي على حد إحدى الهيئات او فرع منظمات التي تمثل فيها الدول الأعضاء او تحت رعاية هده المنظمات وعدد المعاهدات الجماعية كبير للغاية ،لكنه أقل من المعاهدات الثنائية وهي من حيث الموضوع قد تكون دات طبيعة سياسية أو عسكرية أو حربية أو اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية ....... وقد تتعلق بالمجال الدولي غير انها تتضمن في كثير من الأحيان قواعد قانونية موضوعية أو غير شخصية وتنصرف الى مسائل تتصل بالمصلحة العامة لمجموع الدول. والواقع أنه لا يوجد فارق بين كلا النوعين السابقين من المعاهدات من حيث الاثار القانوني . (7) الفرع الثاني : تصنيف المعاهدات من حيث الطبيعة. ابرز بعض الفقهاء مند زمن طويل الوظائف التي تؤديها المعاهدات الدولية وعدم خضوعها لنظام قانوني موحد و يرى هؤلاء ان المعاهدات تنقسم من الناحية المادية أو من حيث المهمة الى معاهدات شارعة عامة ومعاهدات عقدية خاصة (Cool اولا : المعاهدة الشارعة هي الاتفاقيات دات الطبيعة الشارعة فهي التي يهدف اطرافها من وراء ابرامها سن قواعد دولية جديدة تنظم العلاقات بين الاشخاص القانون الدولي ولما كانت القاعدة القانونية قاعدة عامة بطبيعتها فمن غير الممكن اعتبارها معاهدة شارعة في ابرامها عدد كبير من الدول والمعاهدة الشارعة هي وثيقة تعلن الدول بمقتضاها عن ارتضائها بحكم معين من الاحكام القانونية فهده المعاهدات في حقيقتها تشريع اكتسى ثوب المعاهدة لانها لا تستمد قوتها من اتفاق المخاطبين بها ،وانما من صدورها عن مجموعة الدول الكبرى الممارسة للسلطة العليا في المجتمع الدولي نيابة عن الجماعة الدولية ، ومن أمثلة المعاهدات الشارعة ،اتفاقية فيينا سنة 1815 اتفاق البريد العالمي سنة 1874، واتفاق لاهاي 1899،وعصبة الأمم 1920،وميثاق الأمم المتحدة 1945، وعليه فان المعاهدات الشارعة هي تلك التي يتولد عنها أحداث مراكز قانونية بالنسبة للدول لكونها صادرة عن اجماع دولي فان قواعدها يضفي عليها نوع من الأهمية . (9) ثانيا :المعاهدات العقدية فالاتفاقيات التي تعد من العقود هي تلك التي تبرم بين الأشخاص القانون الدولي في امر خاص بهم ،أي بين دولتين او عدد محدد من الدول او بين شخص دولي فرد او هيئة خاصة ،ويراعي ان الأشخاص الدين يبرمون هدا النوع من الوفاق بإرادتهم الخاصة لا يلزم بطبيعة الحال غير المتعاقدين والدي لا يتعدى اثر أساس الدول غير الموقعة عليه لانها ليست طرفا فيه كما ان هده الاتفاقيات تحكمها في مظاهرها الأحكام والقوانين الخاصة ،بمعني أخر ان الأشخاص القانون الدولي لا يستطعون إبرام هده الاتفاقيات الخاصة مالم تكن متفقة في جوهرها مع احكام القانون الدولي والا تعرضت للمسؤولية الدولية ،ومثال المعاهدات العقدية :معاهدات التحالف والصلح ، وتعيين الحدود والمعاهدات التجارية والثقافية وتبادل المجرمين . (10) الفرع الثالث: تصنيف المعاهدات من حيث إجراءات الإبرام (من حيث الشكل) : تنقسم المعاهدات من حيث أسلوب التعبير عن الرضا النهائي والالتزام بها الى معاهدات بالمعنى الضيق أو الشكلي ومعاهدات تنفيدية . اولا : المعاهدات بالمعنى الضيق (معاهدات مطولة او ارتسامية ) وتكون هده المعاهدات شكلية (مطولة) لا تنعقد الا بعد ان تمر بثلاثة مراحل المفاوضة التوقيع والتصديق . (11) ثانيا : معاهدات مبسطة او تنفيدية عادة ما يكون الاتفاق التنفيذي في أكثر من أداة قانونية ،فهو يتم التبادل الرسائل او المذكرات او الخطابات او التصريحات أو بالتوقيع على محضر مباحثات ويشترط في ابرامها المرور بمرحلتين فقط المفاوضة والتوقيع ولا يلزم لنفادها التصديق عليها من السلطة المختصة بابرام المعاهدات (رئيس الدولة عادة ) ، بل تنفد بمجرد التوقيع عليها من وزير الخارجية أو الممثلين الدبلوماسيين أو الوزراء الآخرين او الموظفين الكبار في الدولة ولاعتبارات عملية واضحة تزايد عدد الاتفاقيات التنفيذية في الوقت الراهن وربما ياخد أكثر من نصف التعهدات الدولية حاليا هدا الشكل من المعاهدات . (12) وفي هده المعاهدة المبسطة التي لا تستوجب التصديق لكفاء التوقيع على دخولها حيز النفاد ودلك لا يعني ان الدستور يكون متمثلا من خلال المجلس التشريعي للدولة . (13) - هذا التصنيف لا يخلو من نقائص متمثلة في الآتي : ففي معاهدة واحدة يمكن أن نجد في نفس الوقت قواعد شارعة و قواعد عقدية مثلاً : ( في إتفاقية قانون البحار نجد فيها في الآن نفسه قواعد شارعة و قواعد عقدية في آن واحد معاً ، شارعة مثل طريقة ضبط الحدود البحرية بين الدول و العقدية مثل القواعد المتعلقة بالتعاون بين الدول المطلة على البحار و الدول التي ليس لها سواحل ) ، و من ناحية أخرى نجد أنه لا ينتج آثر قانوني معين سواءً كانت شارعة ام عقدية كلها لها نفس الآثر القانوني .(14) المطلب الثالث : شروط انعقاد المعاهدة الفرع الأول :الأهلية يملك أشخاص القانون الدولي العام أي الدول والبابا والمنظمات الدولية أهلية إبرام المعاهدات ، وعلى دلك لا تعتبر معاهدة دولية الأعمال التي يأتيها الأشخاص القانون الداخلي حتى لو اتخذت في بعض الظروف شكل المعاهدات ،وبما ان إبرام المعاهدات هو مظهر من مظاهر السيادة للدولة فان الدولة ناقصة السيادة لا يجوز لها إبرام المعاهدات الا في حدود الأهلية الناقصة وفقا لما تتركه لها علاقة الشعبية من الحقوق لدا يجب دائما الرجوع الى الوثيقة التي تحدد هده العلاقة لمعرفة ما ادا كانت الدولة ناقصة السيادة تملك إبرام معاهدة معينة ،غير انه ادا حدث وأبرمت دولة ناقصة السيادة معاهدة ليست أهلا لإبرامها لا تعتبر هده المعاهدة باطلة بطلانا مطلقا وإنما تكون فقط قابلة للبطلان بناءا على طلب الدولة صاحبة الولاية على الشؤون الخارجية للدولة التي أبرمت المعاهدة فلها ان شاءت ان تبطلها وان شاءت ان تقرها اما بالنسبة للدول الموضوعية في حالة حياد دائم فلا يجوز لها ان تبرم من المعاهدات ما يتنافى مع تلك الحالة كمعاهدة التحالف والضمان اما الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي (الولايات ،الأقاليم ،الكاثونات )فيرجع بالنسبة لها الى الدستور الاتحاد المعروف ،لمعرفة ما ادا كانت كل منها تملك إبرام المعاهدات على انفراد ام لا . وفي العادة لا تجبر الدساتير الاتحادية دلك وإنما تحتكر الحكومة المركزية مثل هده المواضيع . اما بالنسبة لأشخاص القانون الدولي عدا الدول ،كالبابا والمنظمات الدولية فهم يملكون حق عقد المعاهدات التي تتفق مع الاختصاص المحدد والمعترف به لهم . اما بالنسبة للسلطة التي تملك إبرام المعاهدات في داخل الدولة فهدا ما يحدده دستور الدولة نفسها . (15) الفرع الثاني :الرضــــا من المتفق عليه في النظم القانونية الداخلية ان العقد قوامه الإرادة التي يفصح عنها الأطراف من كامن النفس إلى العالم الخارجي والتي جاءت نتيجة لإحداث اثر قانوني معين والإرادة المقصودة هي الإرادة الحرة السليمة البريئة ،ومع هدا فان الرضا تشوبه عيوب تعرف بعيوب الرضا والمتمثلة في الغلط،، التدليس ، الإكراه ، إفساد ذمة ممثل دولة ،المحل . (16) أولا : الغــلـــط: ان إصلاح الغلط في المعاهدات الدولية له معنيان اثنان الأول الغلط في صياغة نص المعاهدة فادا ما ظهر بعد إضفاء الصفة الرسمية على المعاهدة أنها تحتوي على خطا ، فالإجراءات في هده الحالة هو تصحيح الخطأ . والثاني هو الغلط في الرضا ادا كان يتصل بواقعة معينة او موقف معين كان من العوامل الأساسية في ارتضاء الأطراف الالتزام بالمعاهدة . (17) ثانيا : التدليـــس يمكن تسمية التدليس او الغش بالتغيير او الخداع وهي من الأسباب المفسدة للرضا التي تدعوا إلى إلغاء والغش والتدليس يفترض وجود عمل ايجابي يدفع احد الأطراف في المعاهدة على فهم امر على غير حقيقة مما يسهل عليه التوقيع على المعاهدة هدا العمل الايجابي يتمثل في سلوك تدليسي بقصد حمل احد الأطراف على فهم امر معين على غير حقيقته ،ومن ثم يكون قبوله للمعاهدة بناءا على هدا الفهم الخاطئ ،أي النتيجة المؤدية لهدا السلوك التدليسي المعتمد أساسا على نية مبينة قائمة على التحايل وادا كان القضاء الدولي قد أخد بالتدليس او الغش كسبب من أسباب بطلان المعاهدات ،الا ان دلك كان محدودا ، ومن الأمثلة على دلكما حكمت به محكمة نورمبورغ العسكرية بخصوص اتفاق ميونخ المبرم بين ألمانيا وفرنسا و بريطانيا سنة 1938حيث قضت المحكمة بان الحكومة الألمانية . قد سلكت مسلكا تدليسي عند إبرام هدا الاتفاق ولم يكن في نيتها احترامه ،وكان هدفها الأساسي طمأنة بريطانيا وفرنسا حتى تتمكن من ضم بوهيمياو ،مورافيا نتيجة فصلها عن تشيكوسلوفاكيا وقد استندت محكمة نورمبورغ في حكمها على الوثائق الرسمية للحكومة الألمانية سنة1945 وقد اخدت المادة 49 من اتفاقية قيينا لقانون المعاهدات بمبدأ جواز إبطال المعاهدات بسبب الغش او التدليس حيث نصت على« يجوز للدولة التي يدفعها السلوك التدليسي لدولة متفاوضة أخرى إلى إبرام معاهدة أن تستند إلى الغش كسبب لإبطال ارتضاءها الالتزام بالمعاهدة » . (18) ثالثا : إفساد ذمة ممثل الدولة يقصد بدلك التأثير على ممثل الدولة بمختلف وسائل الإغراء المادية والمعنوية كي ينصرف وفق رغبات الطرف الأخر صاحب المصلحة في ابرام المعاهدة على نحو معين لم تكن لتقبله الدولة التي يمثلها لو انها كانت على علم بكافة الأوضاع والملابسات المتصلة بالمعاهدة على حقيقتها ومن هده الوسائل تقديم الهدايا المالية والعينية كرشوة ،او دفع المفاوض الى الانغماس في الملذات الشخصية . ويتميز عيب إفساد ذمة ممثل الدولة عن الغلط والتدليس كون ممثل الدولة ضحية مناورات خارجية أساسها سوء نية الطرف الأخر لحمله الارتضاء بالمعاهدة أما في حالة الإفساد فان ممثل الدولة يدرك ويعلم ان موقفه يتعارض مع مصالح دولته ولكنه يتفاوض عن دلك نتيجة لمقابل يحصل عليه . (19) رابعا : الإكراه يؤدي الإكراه إلى إفساد التصرفات القانونية فتنعدم الإرادة الحرة والمستقلة للممثلين فيحملهم الإكراه الذي يمارس على القبول بما يفرض عليهم من الالتزامات الإكراه الذي يقع على الممثلين لا يكون الا بالنسبة الى المعاهدات التي تسري أحكامها من تاريخ التوقيع (20) كما يصعب اللجوء إلى هدا النوع من من الإكراه بالنسبة إلى المعاهدات التي تشترط التصديق ،هدا الإكراه في الحقيقة هو إكراه غير مباشر يقع على الدولة ويتخذ هنا الإكراه شكل أفعال وتهديدات موجهة الى هؤلاء الممثلين . وقد نصت اتفاقية فيينا على بطلان المعاهدات التى تبرم نتيجة لإكراه اما الإكراه الذي يقع على الدولة فانه يثير العديد من المسائل لا يترتب على هدا الإكراه إبطال المعاهدات اد أبرمت نتيجة الحرب والإكراه هو وسيلة ضغط تمارسها دولة مفاوضة من اجل إبرام معاهدة والإكراه قد يقع على الممثل او على الدولة ذاتها فالإكراه الذي يمارس على المفاوض من شانه ان يكون سببا في إبطال المعاهدة . والإكراه الذي يقع على الدولة ياتي مصحوبا بالقوة و هو الأكثر خطورة من الإكراه الذي يقع على ممثليها ، لانه في الغالب يكون بالتهديد . (21) الفرع الثالث : المــــــحـل يقصد بمشروعية المحل وسبب المعاهدة بعدم وجود تعرض بين موضوع المعاهدة والفرض منها وبين أي من قواعد القانون الدولي الامرة العامة المقبولة والمعترف بها في الجماعة الدولية كقواعد لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها الا بقواعد جديدة من قواعد القانون الدولي العام لها دان الصفة فكل معاهدة تتعارض مع هده القواعد تعتبر باطلة ولا يعتد بها Jus cogens وهدا قد نصت المادة 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 او عام 1986 على « تعتبر المعاهدة لاغيه ادا كانت وقت عقدها تتعارض مع قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام » وفي تطبيق هده الاتفاقية يراد بالقاعدة القطعية من قواعد القانون الدولي العام اية قاعدة مقبولة ومعترف بها من المجتمع الدولي ككل بوصفها قاعدة لا يسمح بالأشخاص منها ولا يمكن تغييرها الا بقاعدة لاحقة من قواعد القانون الدولي العام ويكون لها نفس الطابع وليس دلك فحسب بل ان المادة 64 من ذات الاتفاقية ذهبت الى ابعد من دلك حيث نصت على « ادا ظهرت قاعدة قطعية جديدة في القانون الدولي العام تصبح ايه معاهدة قائمة تخالف هده القاعدة لاغيه ومنتهية » وهدا عكس الحال في الإسلام حيث ان الشريعة الإسلامية لا تعترف بوجود قواعد أمرة لاحقة بحكم انها صالحة لكل زمان ومكان وثابتة التطبيق والسريان كما ان مسالة عدم مشروعية المعاهدات في الشريعة الإسلامية يتجاوزه القانون الوضعي حيث لا تجبر إبرام معاهدات التحالف والمعاهدات العسكرية مع الكفار لان هدا النوع من المعاهدات يتعارض مع مقاصدها الحقيقية التي ترفض عقد المسلمين لها والأمثلة على عدم مشروعية موضوع المعاهدة حكم احد المحاكم العسكرية المشكلة في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية بأنه ادا كان« لافال » رئيس وزراء فرنسا وسفير حكومة فيشي في برلين قد ابرم مع ألمانيا اتفاقية حول استخدام أسرى الحرب الفرنسيين في المصانع الألمانية فالمحكمة قضت بان الاتفاق يعد باطلا لكونه جاء مخالفا للآداب والأخلاق العامة الدولية. ومن الأمثلة على عدم مشروعية المعاهدة خاصة ان موضوعها مخالف للآداب العامة الدولية ،الاتفاق الفرنسي الانجليزي و الإسرائيلي المعقود في سيفر والدي كان موضوعه الاعتداء على مص في 29 أكتوبر 1956 . (22) المبحث الثاني :إبرام المعاهدة وأثارها يخضع إبرام المعاهدات إلى عديد من الإجراءات و تمر المعاهدة قبل بداية نفاذها بعدة مراحل فلا تعتبر المعاهدة مستوفية لجميع شروطها إلا بعد تعبير الأطراف عن رضاهم النهائي بالالتزام ببنودها و المراحل هي كالآتي المطلب الأول :إجراءات إبرام المعاهدة تعتبر المعاهدة تصرف رضائي يتم بشكل معين حتى يمكن وصفها بالمعاهدة الدولية بالمعنى الضيق ، ولدالك فالمعاهدة بهدا المفهوم تمر بعدة مراحل لإبرامها (عقدها) بدءا بمرحة المفاوضة والتحرير مرورا بالتوقيع وانتهاء بالتصديق والتحفظ وقد تمر بمرحة أخرى هي التسجيل والنشر . (23) الفرع الاول : المفاوضة وتسبقها مرحلة الاتصالات وهي اتصال الدولتين او العديد من الأطراف للاتفاق مبدئياً على موضوع المعاهد والإجراءات اللازمة لانعقادها. (24) ثم المفاوضة هي تبادل وجهات النظر بين ممثلي دولتين او أكثر والراغبة في ابرام تلك المعاهدة الدولية من اجل محاولة الوصول الى اتفاق فيما بينهما بشان مسالة معينة من المسائل . ثم ليست للمعاهدة نطاق معين ، فقد يكون موضوعها تنظيم العلاقات السياسية بين الدولتين المتفاوضتين ،وقد يكون موضوعها الشؤون الاقتصادية او العلاقات القانونية القائمة بينها ،وقد تكون موضوع المفاوضة تبادل وجهات النظر بين الدولتين وبالطرق السلمية . (25) كما ليس للمفاوضة شكل محدد يجب أتباعه ،ثم قد يقوم بالتفاوض رؤساء الدول او رؤساء الحكومات او وزراء الخارجية للدول او بعض المندوبين الدبلوماسيين وصيغة التفويض تختلف باختلاف الدول وتغاير أحكام الدساتير القائمة فيها ، وهي على وجه العموم مستندا مكتوب صادر من رئيس الدولة ،يحمله المفاوض لإثبات صفته والسلطات التي يخولها له رئيس الدولة في الإفصاح عن وجهة نظر الدولة . (26) الفرع الثاني : تحرير المعاهدة بعد التوصل الى اتفاق بشان الأمور والمسائل المتفاوض عنها فانه يتم صياغة كل ما اتفق عليه في شكل مكتوب تمهيدا للتوقيع عليه ، فتحرير تلك المعاهدة يعد شرطا ضروريا للمعاهدة الدولية واثبات الاتفاق الذي من شانه ان يقطع الخلاف في حال وجوده ،ويتكون نص المعاهدة من قسمين أساسيين : (27) - الـــــديــبــــــاجــة . - صلب الموضوع . فالديباجة هي تشمل أسماء الدول المتعاقدة* او أسماء رؤساءها او تحتوي على بيان به أسماء المفوضين عن الدول المتعاقدة وصفاتهم . وقد عرفت المادة 2/1/ج من اتفاقية فيينا بوثيقة التفويض « الوثيقة الصادرة عن السلطة المختصة في دولة ما بتعيين شخص او أشخاص لتمثيل الدولة في التفاوض بشان نص معاهدة ما او اعتمادها او توقيعها ،او في الإعراب عن موافقة الدولة على الالتزام بمعاهدة او في القيام باي عمل أخر إزاء معاهدة ما. » . وتعتبر الديباجة وفقا للراي الراجح قسما من اقسام المعاهدة له نفس صفة الإلزام لأحكام المعاهدة . اما صلب المعاهدة (المنطوق)فيتكون من مجموعة من المواد التي تشكل احكام المعاهدة التي تم الاتفاق عليها وبين أطرافها . وقد يلحق بالمعاهدة في بعض الأحيان ملاحق تتضمن بعض الأحكام التفصيلية او تنظيم بعض المسائل الفنية ،ولهده الملاحق نفس القوة الملزمة التي تتمتع بها أحكام المعاهدة نفسها . (28) كما انه أصبح استخدام اللغة في تحرير المعاهدة مسالة لا يختلف بشانها المفاوضون ،اد تجري تحرير نصوص المعاهدة باكثر من لغة ،ولم تعد توجد لغة واحدة في تحرير المعاهدة ولم يعد دلك مشكلة لدى الدول المتعاقدة حيث أصبح بإمكان الدول الموقعة فيي المعاهدة والتي تنتمي الى ثقافة واحدة الى اعتماد اللغة المشتركة للدول المفاوضة ،الا ان المشكلة تبرز ادا كانت الدول مختلفة في ثقافتها ولغتها فهنا تطرح اللغة التي يجري بها التفاوض وبها يتم تحرير المعاهدة . (29) الفرع الثالث : التـــــوقيـــــــع بمجرد الانتهاء من مرحلة التفاوض والتحرير ، تاتي المرحلة التالية والمتمثلة في التوقيع على نص هده المعاهدة ،ودلك من قبل المفاوضين لكي يسجلوا ما تم الاتفاق عليه فيما بينهم ويتبنوه ،لدلك فالتوقيع هو المرحلة الأساسية الأولى التي تليها مرحلة التصديق الدستوري . (30) ويعبر التوقيع عن رضا المفاوضين ، ولا يعني ان المعاهدة أصبحت بدلك نافدة حيث ان التوقيع في المعاهدات الثنائية يفترض موافقة الطرفين ،اما في المعاهدات الجماعية فقاعدة الإجماع لا تطبق ،والموافقة على النص يفرض بالأغلبية. (31) إلا أن اتفاقية فيينا أوردت حالات استثنائية تكتسب فيها المعاهدة وصف الإلزام بمجرد التوقيع عليها و من دون الحاجة الى التصديق ، حيث نصت المادة 12 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969« موافقة الدول على الالتزام بمعاهدة ما يعبر عنها بتوقيع ممثليها من ما يلي : - ان يكون للتوقيع هدا الأثر او... - ثبت بطريقة أخرى ان الدول المتفاوضة متفقة على ان يكون للتوقيع هدا الأثر او... - تبين عزم الدولة على إضفاء هدا الأثر على التوقيع من وثيقة تفويض او تم التعبير عنه أثناء المفاوضات »(32) وفي غير هده الحالات لا يكون للتوقيع على المعاهدة أي اثر قانوني ملزم قبل من وقوعها الا بالتصديق عليها وهدا ما يميزها عن الاتفاقيات التنفيذية ذات الشكل المبسط عن المعاهدات بالمعنى الفني الدقيق . ويتخذ التوقيع شكلين ان يتم بأسماء ممثلي الدول كاملة وقد يكون التوقيع بالأحرف الأولى من أسماء المفاوضين لأسمائهم كاملة وهدا في حالات التردد في الموافقة نهائيا على نص المعاهدة ورغبتهم في العودة الى حكوماتهم قبل التوقيع النهائي . (33) الفرع الرابع :الـــتصديــــق يعتبر التصديق على المعاهدة دلك التصرف القانوني الذي يقصد به الحصول على إقرار السلطات المختصة داخل الدولة للمعاهدة التي تم التوقيع عليها /وهده السلطات اما لرئيس الدولة منفردا ، واما لرئيس الدولة مشتركا مع السلطة التشريعية ،واما السلطة التشريعية لوحدها كما لكل دولة إجراءات وطنية تعتمد عليها في عملية التصديق على المعاهدة ،ومع ان النصوص القانونية تختلف اختلافا كبيرا بين دولة وأخرى إلا أنها تشترك في المصادقة على المعاهدة من اجل نفادها . (34) وقد نصت المادة 2/1/ب من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة1969التصديق بأنه « القبول » ، « الإقرار» ، « الانضمام » ويعتبر التصديق إحدى الوسائل التي تعبر من خلاله الدولة عن ارتضاءها عن الالتزام بأحكام المعاهدة ،لكن التصديق يعتبر إجراء واجب الإتباع حتى تصبح المعاهدة نافدة ودلك في حالات معينة ،وهدا ما جاء في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدة في المادة 14« تعبر الدولة عن ارتضاءها الالتزام بمعاهدة بالتصديق عليها في الحالات التالية : - نصت المعاهدة على ان يتم التعبير عن تلك الموافقة بالتصديق ،أو .. - ثبت بطرقة أخرى ان الدول المتفاوضة قد اتفقت على اقتضاء التصديق ،او.. - وقع ممثل الدولة المعاهدة مع جعلها مرهونة بالتصديق ،او.. - بينت نية الدولة في توقيع المعاهدة مع جعلها مرهونة بالتصديق من وثيقة تفويض ممثليها او تم التعبير عنها أثناء المفاوضات .» (35) ولقد صاغ الفقه ضرورة التصديق على المعاهدات ،لتنفد في الدائرة الدولية بمسوغات عديدة أهمها : - إعطاء الدولة فرصة أخيرة للتروي وإعادة النظر قبل الالتزام نهائيا بالمعاهدة . - تجنب ما قد يثور من خلافات حول حقيقة إبعاد التفويض الممنوح للمفوضين عن الدولة في التفاوض وتوقيع المعاهدة. - إتاحة الفرص لعرض المعاهدة على ممثلي الشعب في الأنظمة الديمقراطية التي تشترط موافقة السلطة التشريعية على كل المعاهدات او على المهمة منها قبل تصديق رئيس الدولة عليها. (36) الفرع الخامس : التـــحـــفــــضـــات التحفظ إجراء رسمي يصدر عن إحدى الدول او المنظمات الدولية ، ودلك عند التوقيع او التصديق او الانضمام إلى معاهدة دولية تسعى من ورائه الى تعديل او استبعاد أحكام معينه في تلك المعاهدة . فالأثر المباشر للتحفظ هو إلغاء الحكم القانوني الوارد في نص او أكثر من معاهدة واعتبار هدا الحكم غير نافد في مواجهة الدولة او المنظمة الدولية التي أبدته او اعتباره نافدا ،ولكن تحت شروط معينة لم ترد في المعاهدة . (37) فالدولة تبدي ما لها من تحفظات عند التوقيع او التصديق او القبول او الانضمام ، ومن المعلوم ان التحفظات قد ترد على كل من المعاهدات الثنائية ، كما قد ترد أيضا على المعاهدات المتعددة الأطراف ،وان اختلفت وتباينت أثارها واحكامها القانونية . (38) الفرع السادس : التسجيــــل والنشـــــر تسجيل المعاهدات الدولية ليس فكرة جديدة أبدا ،كما انه بحكم عمل الدولة الى حد كبير مبدأ الدبلوماسية السوية ،أدي دلك الى البحث عن أسباب الحرب العالمية الأولى الى انتقاد مبدا الدبلوماسية السرية وكان بروز الرئيس الأمريكي ولسن كزعيم لاتجاه لا يحبد الدبلوماسية المكشوفة ويحبد التسجيل المعاهدة كوسيلة لنشر أنباء عقدها وتفاصيلها . 1 – عصبة الأمم : « نصت المادة 18من عهد العصبة على ان كل معاهدة او ارتباط دولي تعقده دولة عضو في عصبة الامم من الان فصاعدا يجب تسجيله لدى الأمانة العامة ونشره في اقرب وقت ممكن ولن تكون اية معاهدة كما لن يكون أي ارتباد دولي ملزم ما لم يسجل » ولقد كان السبب في وضع هدا النص هو الرغبة في تفادي النتائج السيئة التي كانت على عقد المعاهدات والمخالفات السرية وحمل الدول على إتباع خطة الدبلوماسية السرية . 2– الأمم المتحدة : أدى ميثاق الأمم المتحدة الى حسم النقاش الذي كان بين الفقهاء منهم من قال يعني عدم التزام أطراف المعاهدة بها حتى يتم تسجيلها ،وفريق أخر رأى انه يعني عدم جواز تنفيذها جبرا مع جواز تنفيذها اختيارا،والتزام أطرافها بها بمجرد تمام التصديق حول تفسير نص المادة 18من العهد حينما قضت المادة 102من الميثاق « كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة بعد العمل بهدا الاتفاق ، يجب ان يسجل في أمانة الهيئة وان يقوم بنشره بأسرع ما يمكن ، ليس لاي طرف في المعاهدة او اتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هده المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة او دلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة . » ومفاد هدا النص ان عدم التسجيل لا يحول دون قيام المعاهدة بكل ما يترتب عليها من حقوق وواجبات ،وانها تكون ملزمة لأطرافها وقابلة للتنفيذ بينهم وانه يمكن التمسك بها في مواجهة الدول الأخرى . (39) https://sciencesjuridiques.ahlamontada.net/t1482-topic |
||||
2018-10-26, 13:39 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
السلام عليكم احتاج لمراجع بحث حول النظرية النقدية التقليدية |
|||
2018-10-30, 20:34 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
السلام عليكم |
|||
2018-11-02, 09:52 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
السلام عليكم اختي تعيشي اعطيني مراجع حول كتابة التاريخ عند المسلمين وشكرااا لك |
|||
2018-11-28, 17:08 | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
اقتباس:
عنوان الكتاب: مناهج كتابة التاريخ الاسلامي بين المؤرخين المسلمين والمستشرقيناسم المؤلف: دكتور/ الريح حمد النيل الليث https://www.alkutubcafe.com/book/GLcfpK.html |
||||
2018-11-28, 17:09 | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
اقتباس:
https://vdocuments.site/-56d6bfa71a28ab3016971a5a.html |
||||
2018-11-28, 17:11 | رقم المشاركة : 9 | ||||
|
اقتباس:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :- لاشك أن رواية الخبر التاريخي يختلف عن رواية الحديث النبوي ، ولكل فن منهج خاص به ، وإن كانا يشتركان في بعض الأصول .. وهنا لابد أن نتنبه إلى شيء مهم وهو : أنه يجب أن نفرق بين رواية ( الحديث ) و رواية ( الأخبار الأخرى ) ، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود ، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع ، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية . لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار ، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث ، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على الإخباريين . و من درس مناهج دراسة التاريخ الإسلامي عرف هذا ، لكن من لم يدرس تخبط و أخذ يهرف بما لا يعرف ، وإليك تفصيل ذلك :- شروط الرواية المقبولة : من العسير تطبيق منهج النقد عند المحدثين بكل خطواته على جميع الأخبار التاريخية ، وإن اشتراط العلماء في المؤرخ ما اشترطوه في راوي الحديث من أربعة أمور : العقل و الضبط و الإسلام والعدالة ، لأن الأخبار التاريخية لا تصل في ثبوتها وعدالة رواتها واتصال أسانيدها إلى درجة الأحاديث النبوية إلا فيما يتعلق ببعض المرويات في السيرة والخلافة الراشدة مما تأكدت صحته عن طريق مصنفات السنة ، أما أكثرها فمحمول عن الإخباريين بأسانيد منقطعة يكثر فيها المجاهيل والضعفاء والمتروكين . و لهذا فرق العلماء بين ما يتشدد فيه من الأخبار و بين ما يتساهل فيه تبعاً لطبيعة ما يروى ، على أن تطبيق قواعد نقد الحديث في التاريخ أمر نسبي تحدده طبيعة الروايات . فإذا كان المروي متعلقاً بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بأحد من الصحابة رضي الله عنهم ، فإنه يجب التدقيق في رواته والاعتناء بنقدهم . و يلحق بهذا ما إذا كان الأمر متعلقاً بثلب أحد من العلماء والأئمة ممن ثبتت عدالته أو تنقصهم و تدليس حالهم على الناس – لأن كل من ثبتت عدالته لا يقبل جرحه حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه ، كما قال ابن حجر في التهذيب (7/273) - . و كذلك إذا كان الأمر يتعلق بقضية في العقيدة أو موضوع شرعي كتحليل و تحريم ، فإنه لابد من التثبت من حال رواته ومعرفة نقلته ، ولا يؤخذ من هذا الباب إلا من الثقات الضابطين . أما إذا كان الخبر المروي لا يتعلق بشيء من الأحكام الشرعية – وإن كان الواجب التثبت في الكل – فإنه يتساهل فيه قياساً على ما اصطلح عليه علماء الحديث في باب التشدد في أحاديث الأحكام والتساهل في فضائل الأعمال . ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا التساهل لا يعني الرواية عن المعروفين بالكذب و ساقطي العدالة ، لأن ساقط العدالة لا يحمل عنه أصلاً ، و إنما قصد العلماء بالتساهل إمرار أو قبول رواية من ضعف ضبطه بسبب الغفلة أو كثرة الغلط ، أو التغّير والاختلاط ، و نحو ذلك ، أو عدم اتصال السند كالرواية المرسلة أو المنقطعة ، و وفق هذه القاعدة جوّز بعض الفقهاء العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب – مع التنبيه على ضعف الحديث - . وبناء على ذلك إذا كانت الرواية التاريخية لا تتعلق بإثبات أمر شرعي أو نفيه سواء كان لذلك صلة بالأشخاص – كالصحابة رضوان الله عليهم – أو الأحكام – كالحلال والحرام – فإن الأمر عندئذ يختلف ، فيقبل في هذا الباب من الروايات الضعيفة ما يقبل في سابقه ، فيستشهد بها ، لأنها قد تشترك مع الروايات الصحيحة في أصل الحادثة ، و ربما يُستدل بها على بعض التفصيلات و يُحاول الجمع بينها و بين الروايات الأخرى التي هي أوثق سنداً . يقول الكافيجي – هو محمد بن سليمان بن سعد الرومي الحنفي الكافيجي ( ت 879 هـ ) له معرفة باللغة والتاريخ والتفسير وعلوم أخرى – في هذا الصدد : يجوز للمؤرخ أن يروي في تاريخه قولاً ضعيفاً في باب الترغيب و الترهيب والاعتبار مع التنبيه على ضعفه ، و لكن لا يجوز له ذلك في ذات الباري عز وجل و في صفاته ولا في الأحكام ، و هكذا جوز رواية الحديث الضعيف على ما ذكر من التفصيل المذكور . المختصر في علوم التاريخ ( ص 326 ) . و يقول الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه دراسات تاريخية (ص 27) : أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار التاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسف كثير ، و الخطر الناجم عنه كبير ، لأن الروايات التاريخية التي دونها أسلافنا المؤرخون لم تُعامل معاملة الأحاديث ، بل تم التساهل فيها ، و إذا رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستمثل هوّة سحيقة بيننا ، و بين ماضينا مما يولد الحيرة والضياع والتمزق والانقطاع .. لكن ذلك لا يعني التخلي عن منهج المحدثين في نقد أسانيد الروايات التاريخية ، فهي وسيلتنا إلى الترجيح بين الروايات المتعارضة ، كما أنها خير معين في قبول أو رفض بعض المتون المضطربة أو الشاذة عن الإطار العام لتاريخ أمتنا ، و لكن الإفادة منها ينبغي أن تتم بمرونة آخذين بعين الاعتبار أن الأحاديث غير الروايات التاريخية ، وأن الأولى نالت من العناية ما يمكنها من الصمود أمام قواعد النقد الصارمة . و هذا التفريق بين ما يتشدد فيه من الأخبار و يتساهل فيه نلحظه بوضوح في تصرف الحافظ ابن حجر في جمعه بين الروايات في كتابه الفتح ، ففي الوقت الذي يقرر فيه رفض رواية محمد بن إسحاق إذا عنعن و لم يصرح بالتحديث ، و رفض رواية الواقدي ، لأنه متروك عند علماء الجرح والتعديل فضلاً عن غيرهما من الإخباريين الذي ليس لهم رواية في كتب السنة من أمثال عوانة والمدائني ، فإنه يستشهد برواياتهم ، و يستدل بها على بعض التفصيلات ، و يحاول الجمع بينها و بين الروايات الأخرى التي هي أوثق إسناداً . و هذا يدل على قبوله لأخبارهم فيما تخصصوا فيه من العناية بالسير والأخبار ، و هو منهج معتبر عند العلماء المحققين وإن لم يقبلوا روايتهم في الأحكام الشرعية ، فنجد ابن حجر يقول في محمد بن إسحاق : إمام في المغازي صدوق يدلس .طبقات المدلسين (ص 51 ) . و يقول عن الواقدي : متروك مع سعة علمه . التقريب (2/194) . و يقول في سيف بن عمر : ضعيف في الحديث ، عمد في التاريخ . التقريب (1/344) . هذا مختصر ما يمكن أن يقال في الحكم على الروايات التاريخية والفرق بينها وبين رواية الحديث . القواعد التي تتبع في قبول أو رد الروايات التاريخية .. القاعدة الأولى : اعتماد المصادر الشرعية وتقديمها على كل مصدر . لأنها أصدق من كل وثيقة تاريخية فيما ورد فيها من أخبار ، كما أنها وصلتنا بأوثق منهج علمي ، ولئن كانت المادة التاريخية في كتب السنة ليست بنفس المقدار الموجود في المصادر التاريخية ، إلا أنها لها أهميتها لعدة اعتبارات منها :- 1 – أن معظم مؤلفيها عاشوا في فترة مبكرة ، وأغلبهم من رجالات القرن الثاني والثالث الهجري ، مما يميز مصادرهم بأنها كانت متقدمة . 2 – ثم إن المحدثين يتحرون الدقة في النقل ، الأمر الذي يجعل الباحث يطمئن إلى رواياتهم أكثر من روايات الإخباريين . القاعدة الثانية : الفهم الصحيح للإيمان ، و دوره في تفسير الأحداث . إن دارس التاريخ الإسلامي إن لم يكن مدركاً للدور الذي يلعبه الإيمان في حياة المسلمين ، فإنه لا يستطيع أن يعطي تقييماً علمياً وواقعياً لأحداث التاريخ الإسلامي . القاعدة الثالثة : أثر العقيدة في دوافع السلوك لدى المسلمين . إن منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتفسير حوادثه يعتمد في أصوله على التصور الإسلامي ، ويجعل العقيدة الإسلامية ومقتضياتها هي الأساس في منطلقاته المنهجية ، وفي تفسير حوادثه والحكم عليها . وإن معرفة أثر الإسلام في تربية أتباعه في صدر الإسلام وتزكية أرواحهم ، والتوجه إلى الله وحده بالعبادة والمجاهدة ، يجعل من البديهي التسليم بأن الدافع لهم في تصرفاتهم وسلوكهم لم يكن دافعاً دنيوياً بقدر ما كان وازعاً دينياً وأخلاقياً . ولأجل ذلك يجب استعمال الأسلوب النقدي في التعامل مع المصادر التاريخية ، وعدم التسليم بكل ما تطرحه من أخبار ، فتوضع الوجهة العامة للمجتمع الإسلامي وطبيعته وخصوصيته في الحسبان ، وينظر إلى تعصب الراوي أو الإخباري أو المؤرخ من عدمه ، فمن لاحت عليه أمارات التعصب والتحيز بطعن أو لمز في أهل العدالة والثقة من الصحابة ، أو مخالفة لأمر معلوم من الشريعة أو عند الناس ، أو معاكسة طبيعة المجتمع وأعرافه وقيمه الثابتة ، ففي هذه الأحوال لا يؤخذ منه ولا يؤبه بأخباره ؛ لأن التحيز والتعصب حجاب ساتر عن رؤية الحقيقة التاريخية . القاعدة الرابعة : العوامل المؤثرة في حركة التاريخ . إن المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ منهج شامل لكل الدوافع والقيم التي تصنع التاريخ ، غير واقف أما حدود الواقع المادي المحدود الظاهر للعيان فقط ، بل إنه يتيح فرصة لرؤية بعيدة يستطيع المؤرخ معها أن يقدم تقييماً حقيقياً وشاملاً أكثر التحاماً مع الواقع لأحداث التاريخ الإنساني ، وهذا سر المفارقة بين المنهج الإسلامي وبقية المناهج الأخرى الوضعية التي تفسر التاريخ تفسيراً عرقياً أو جغرافياً أو اقتصادياً . القاعدة الخامسة : العلم بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم والتثبت فيما يقال عنهم . قال ابن تيمية رحمه الله : إن الحكم على أي طائفة أو قوم ، يقوم على أصلين ، أحدهما : المعرفة بحالهم ، و الثاني : معرفة حكم الله في أمثالهم . مجموع الفتاوى (28/510 ) . وهذان الأصلان يقومان على العلم المنافي للجهل ، والعدل المنافي للظلم ؛ إذ الكلام في الناس لا يجوز بغير علم وبصيرة . وعلى هذا الأساس ينبغي التحري فيما يروى عن الوقائع التي كانت بين أعيان الصدر الأول من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، فالمعرفة بحالهم تدل على كمال إيمانهم ، وصدقهم وحسن سريرتهم ، إذ توافرت النصوص الشرعية في تزكيتهم وتعديلهم . وبناء على هذا لابد من الرجوع إلى المصادر الأصلية الموثوقة لمعرفة الحقيقة ، فلا يؤخذ من الكذابين والفاسقين وأصحاب الأهواء ؛ لأن فسقهم وهواهم يدفعهم إلى تصوير الأمر على خلاف حقيقته . وهنا مجموعة من المقاييس ينبغي الأخذ بها في هذا الشأن ، و هي :- 1 – عدم إقحام الحكم على عقائد ومواقف الرجال بغير دليل في ثنايا سرد الأعمال ، إذ أن الحكم على أقدار الناس يجب أن يكون قائماً على حسن الظن حتى يثبت خلاف ذلك . 2 – عدم تجاوز النقل الثابت إلى إيراد الظنون والفرضيات ، فهذا من فضل الدين أن حجزنا عنه ، ولم يفعل هذا مؤرخ فاضل ، ولم يقل أحد أن حسن الأدب هو السكوت عن الذنوب ، وإنما حسن الأدب هو رده وتنقية سيرة الصدر الأول منه ، كما أن حسن الأدب يقتضي السكوت عن الظنون والكف عن اقتفاء مالا علم لنا به يقيناً ، وكثيراً ما تلحّ على المرء في هذا شهوة الاستنتاج ودعوى التحليل ، وقد أمرنا الشرع أن تكون شهادتنا يقينية لا استنتاجية فيما نشهد من حاضرنا ، ففي الآية { إلا من شهد بالحلق وهم يعلمون } ، فكيف بمن يشهد بالظن والهوى فيمن أدبر من القرون ؟؟! 3 – إن الإسلام له منهجه في الحكم على الرجال والأعمال ، فهو يأمر بالشهادة بالقسط وعدم مسايرة الهوى في شنآن أو في محبة ، ويأمر باتباع العلم لا الظن ، وتمحيص الخبر والتثبت فيه لئلا يصاب قوم بجهالة ، وهذا في حق كل الناس ، فكيف بخير القرون ؟؟! القاعدة السادسة : الكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل وإنصاف . الأصل في هذه القاعدة قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون }. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في منهاج السنة ( 4/337 ) : والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل ، لا بجهل وظلم كحال أهل البدع . ويدخل ضمن هذه القاعدة ، العدل في وصف الآخرين ، والمقصود به هو العدل في ذكر المساوئ والمحاسن والموازنة بينهما . فمن المعلوم أن أحداً لا يسلم من الخطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند (3/198 ) : كل بني آدم خطّاء . ولذلك ينبغي للمسلم إذا وصف غيره ألا يغفل المحاسن لوجود بعض المساوئ ، كما لا ينبغي أن يدفن المحاسن ويذكر المساوئ لوجود عداوة أو شحناء بينه وبين من يصفه ، فالله عز وجل أدبنا بأحسن الأدب وأكمله بقوله { ولا بخسوا الناس أشياءهم } . وحين نجد من يذم غيره بذكر مساوئه فقط ، ويغض النظر عن محاسنه ، فإن ذلك يرجع في العادة إلى الحسد والبغضاء ، أو إلى الظنون والخلفيات والآراء المسبقة ، أو إلى التنافس المذموم ، ولكن المنصفين هم الذين يذكرون المرء بما فيه من خير أو شر ولا يبخسونه حقه ، ولو كان الموصوف مخالفاً لهم في الدين والاعتقاد أو في المذهب والانتماء . القاعدة السابعة : العبرة بكثرة الفضائل . فإن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث ، وكذلك من غلبت فضائله هفواته اغتفر له ذلك ، وفي هذا الصدد يقول الحافظ الذهبي رحمه الله : وإنما العبرة بكثرة المحاسن . السير ( 20 / 46 ) . وهذه قاعدة جليلة تعد بمثابة منهج صحيح في الحكم على الناس ، لأن كل إنسان لا يسلم من الخطأ ، لكن من قل خطؤه وكثر صوابه فهو على خير كثير ، والإنصاف يقتضي أن يغتفر للمرء الخطأ القليل في كثير صوابه . ومنهج أهل السنة هو اعتبار الغالب على المرء من الصواب أو الخطأ والنظر إليه بعين الإنصاف ، وهناك قاعدة أخرى يمكن اعتبارها في هذا الباب وهي كما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 8 / 412 ) : العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية . القاعدة الثامنة : إحالة الحوادث على الخطأ في الاجتهاد . نحن لا نعصم فرداً أو مجتمعاً ، إلا أن يكون نبياً أو رسولاً ، ومن هنا يجب أن نعلم أن الذين صنعوا التاريخ رجال من البشر ، يجوز عليهم الخطأ والسهو والنسيان ، وإن كانوا من كبار الصحابة وأجلائهم ، إلا أنه ينبغي إحالة الحوادث إلى الخطأ في الاجتهاد . القاعدة التاسعة : الطريقة المثلى في معالجة القضايا والأخطاء . يلزم دارس التاريخ أن يدرس الظروف التي وقعت فيها أحداثه ، والحالة الاجتماعية والاقتصادية التي اكتنفت تلك الأحداث ، حتى يكون حكمه أقرب إلى الصواب . القاعدة العاشرة : الاستعانة بعلم الجرح والتعديل للترجيح بين الروايات المتعارضة وبناء الصورة التاريخية الصحيحة . ينبغي الاستعانة بمنهج المحدثين في نقد أسانيد الروايات ، فهو الوسيلة المثلى للترجيح بين الروايات المتعارضة ، كما أنه خير معين على رفض بعض المتون المضطربة أو الشاذة عن الإطار العام لتاريخ صدر الإسلام . وعلى هذا الأساس يتم اعتماد الروايات الصحيحة ثم الحسنة لبناء الصورة التاريخية لأحداث المجتمع الإسلامي في عصر صدر الإسلام ، وعند التعارض يقدم الأقوى دائماً ، أما الروايات الضعيفة التي لا تقوى ، فيمكن الإفادة منها في إكمال الفراغ الذي لا تسده الروايات الصحيحة والحسنة ، على شرط أن تتماشى مع روح المجتمع الإسلامي ، ولا تناقض جانباً عقدياً أو شرعياً ، لأن القاعدة : التشدد فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة ، كما قال الدكتور أكرم ضياء العمري في المجتمع المدني ( ص 25 ) . ومن ناحية ثانية إذا كان أهل الحديث يتساهلون في الرواية عن الضعفاء إن كانت رواياتهم تؤيد أحاديث صحيحة موثقة : فلا بأس إذاً من الأخذ بهذا الجانب في التاريخ ، وجعله معياراً ومقياساً إلى تحري الحقائق التاريخية ومعرفتها . ومن هذا المنطلق تتخذ الأخبار الصحيحة قاعدة يقاس عليها ما ورد عند الإخباريين مثل سيف بن عمر والواقدي وأبي مخنف .. وغيرهم ، فما اتفق معها مما أورده هؤلاء تلقيناه بالقبول ، وما خالفها تركناه ونبذناه . القاعدة الحادية عشر : الرجوع إلى كتب السنة كمصدر مهم لأخبار صدر الإسلام . إن من المفيد جداً في كتابة التاريخ الإسلامي الرجوع إلى كتب السنة كمصدر موثوق وراجح لأخبار الصدر الأول ، لوجود روايات تاريخية كثيرة فيها على درجة عالية من الصحة ، ونظراً لأن كتب الحديث خُدمت أكثر من كتب التاريخ من قبل النقاد . وتتضاعف كمية هذه الأخبار الموثوقة بالرجوع إلى كتب السنن والمسانيد والمصنفات ومعاجم الصحابة وكتب الفضائل والطبقات والتواريخ التي صنفها المحدثون ، وكتابات العلماء الذين كانت لهم عناية بشرح كتب الحديث ، وذلك أن ثقافتهم الحديثية الممحصة واقتباساتهم من كتب التاريخ المفقودة التي دونها المحدثون الأولون جعلت شروحهم غنية بنصوص تاريخية . فعلى سبيل المثال يعتبر كتاب : فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر رحمه الله مثلاً واضحاً لهذه الكتب وهؤلاء العلماء ، إذ يشمل من الفوائد التاريخية كمية لا يستهان بها كما هو كتاب حديث . القاعدة الثانية عشر : معرفة حدود الأخذ من كتب أصحاب الأهواء والفرق . اعتنى أهل السنة بضبط مذهب الفرق وأقوالهم لتعرف أحوالهم ومواقفهم ويكون المسلم على بينة منها ، فلا يخدع من قبلهم ، ولأجل هذا لابد للمؤرخ المسلم من التعرف على اتجاهات هؤلاء وعقائدهم ، لأن ذلك يمكنه من التعامل مع النصوص التي وأوردوها بما لديه من خلفية عن اتجاهاتهم وآرائهم ومواقفهم ، ثم يقارنها بغيرها من الآراء التي عند المؤرخين أو العلماء العدول الثقات . وعلى ضوء المقابلة والمقارنة بين النصوص ينظر إلى تعصب الراوي من عدمه ، فمن لاحت عليه أمارات التحزب أو التحيز لنحلة أو طائفة أو مذهب لا يؤخذ منه في هذه الحال ، أما من لا يلحظ عليه التعصب – وإن كان من أهل البدع – وكان صدوقاً في نفسه معروفاً بالورع والتقوى والضبط تقبل روايته . القاعدة الثالثة عشر : معرفة ضوابط الأخذ من كتب غير المسلمين . إذا كان للتاريخ الإسلامي قواعد وأصول وضوابط شرعية يجب على المؤرخ المسلم أن يلتزم بها ، فذلك يعني الاحتياط عند الأخذ من كتب غير المسلمين ، خصوصاً وأن الحرية بلا قيود وبلا ضوابط تلقاها العلمانيون في الغرب أو الشرق ، وطبقوها على التاريخ الإسلامي بسبب الاختلاف في التصورات والمفاهيم والمبادئ ، مما جعل نتائج أبحاثهم ودراساتهم مناقضة للأحكام الإسلامية ، وواقع المجتمع الإسلامي ، لهذا فإن القضايا التي تطرحها كتب غير المسلمين من يهود ونصارى وغيرهم ، والتي تعالج التاريخ الإسلامي – خصوصاً الصدر الإسلامي الأول – ينبغي أن تدرس بعناية وحذر شديدين ، لأنهم لا يصدقون في كثير مما يقولونه عن الإسلام ونظمه ورجاله ، ولا يحل وفق ذلك لمسلم أن يروي عنهم أو يأخذ منهم ، لا سيما وأن من شروط البحث في هذه القضايا عرض الأقوال والأعمال على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ثم إذا كان علماء الإسلام لا يثبتون الأحكام بما يرويه المسلم الضعيف الضبط ، فكيف يحق لقوم مؤمنين أن يحملوا عن كافر ساقط العدالة ! ويضمر من الحقد والبغضاء لهذا الدين مالا يعلمه إلى الله . القاعدة الرابعة عشر : مراعاة ظروف العصر الذي وقعت فيه الحادثة . ينبغي أن نعلم أن بعض تلك الأحداث الواقعة في صدر الإسلام لا يبررها غير ظروفها التي وقعت فيها ، فلا نحكم عليها بالعقلية أو الظروف التي نعيش فيها نحن أو بأية ظروف يعيش فيها أصحاب تلك الأحداث ، لأن الحكم حينئذ لن يستند إلى مبررات موضوعية ، وبالتالي تكون نظرة الحاكم إلى هذه الوقائع غير مطابقة للواقع . ومن الملاحظ أن الخلط بين الواقع المأساوي الذي يعيشه المسلمون في هذا العصر ، وبين واقع المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام يرجع إلى الخطأ في الفهم الناتج في الغالب عن الصورة القاتمة والمغرضة التي يتلقاها النشء عن تاريخ الإسلام وحضارته بواسطة المناهج المحرفة التي تعمم الأحكام وتشوه بذلك التاريخ . ولاشك أن مصدر الخطأ في هذه المنهاج هو تدخل أصحابه بالتفسير الخاطئ للأحداث التاريخية وفق مقتضيات وأحوال عصرهم الذي يعيشون فيه ، دون أن يراعوا ظروف العصر الذي وقعت فيه الحادثة ، وأحوال الناس وتوجهاتهم في ذلك الوقت ، والعقيدة التي تحكمهم ويدينون بها ، أو بعبارة أخرى إن مصدر الخطأ في منهجهم هو تطبيق واقع العصر الحاضر ومفاهيمه على العصور السابقة ، مع أن لكل عصر مميزاته الواضحة التي تسمى في منهج البحث العلمي ( روح العصر ) . القاعدة الخامسة عشر : استعمال المصطلحات الإسلامية . تعد قضية المصطلحات من أشد العناصر أثراً وأهمية وخطورة في ثقافة الشعوب ، لأنه عن طريقها يتم تثبيت المفاهيم والأفكار ، ولأن المصطلحات بهذا القدر من الأهمية فإنه منذ أن تقرر في أوكار الصهيونية والصليبية تدمير الخلافة الإسلامية ، وأعداء الأمة الإسلامية يحرصون على تخريب الفكر الإسلامي وتشويه العقل المسلم من باب المصطلحات والمفاهيم . فقد كان من تأثير الغزو الثقافي الأوربي للمسلمين أن شاعت بينهم مصطلحات ومفاهيم غريبة عن عقيدتهم وثقافتهم حتى كادت أن تختفي المصطلحات الإسلامية . على أن هذا المنزلق يتمثل في عدم وعي الباحثين المعاصرين بأن المصطلحات الحديثة إنما تنبثق من رؤية خاصة للفكر الغربي .. فالمثقفون في العالم الإسلامي كانوا إلى مشارف الخمسينيات لا يدركون أن المصطلح جزء لا يتجزأ من التركيبة أو البنية الحضارية لأي مجتمع ، و كانوا في حالة الدفاع عن الذات ، يحاولون أن يوجدوا لكل عنوان برّاق في المدنية الغربية مثيله في الإسلام . ولنذكر على سبيل المثال مصطلح : اليمين و اليسار و الاشتراكية و الديمقراطية و الرأسمالية .. الخ ، و رغم أن هذه المصطلحات لعبة صهيونية ، إلا أن بعض الباحثين مع الأسف وظفوها بصورة آلية ، حتى أن بعضهم ألفوا كتباً يصنفون فيها الصحابة رضي الله عنهم إلى يمين و يسار و اشتراكي و رأسمالي . فيجب الحذر من التقليد الأعمى ، و في ذلك يكمن خطر الذوبان في الفكر الجاهلي الغربي ، والضياع وسط مصطلحاته الكثيرة التي تفقدنا ذاتيتنا المستقلة ، و ينبغي استعمال المصطلحات الإسلامية ؛ لأنها ذات دلالة واضحة و محددة ، ولأنها معايير شرعية لها قيمتها في وزن الأشخاص والأحداث . الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :- إن دراسة التاريخ بحاجة إلى منهجية في معرفة الضوابط .. وهذه الضوابط لا تتأتى من فراغ .. بل بالممارسة والتجربة والتحليل والنقد .. ولعل هذه الدراسات – التي سأذكرها بعد قليل – قد حاولت الالتزام بالمنهج الصحيح في نقد بعض النصوص التاريخية وتأصيل المنهج الإسلامي للتفسير التاريخي ، ذلك المنهج الذي يعتمد التصور الإسلامي للتاريخ ، ويفيد من منهج المحدثين في التعامل مع الرواية التاريخية .. ولعلها أيضاً بما قدمته من حقائق تاريخية مستندة إلى هذا المنهج أن تكون لبنة من لبنات الجهود الجادة في بناء علم إسلامي قائم على تجربة تاريخية صحيحة وموثقة .. وقد بدأت محاولات التنظير الحديثة لبناء منهج إسلامي في تفسير التاريخ الإسلامي – حسبما أعلم – من خلال مجموعة من العلماء الجادين ، من أمثال الشيخ محب الدين الخطيب في تعليقاته على العواصم من القواصم لابن العربي ، ومن خلال مقاله عن المراجع الأولى في تاريخنا ، في مجلة الأزهر ( المجلد 24 / جزء / 2 ص 210 / صفر 1372هـ ) ، ومن أمثال الشيخ محمد قطب و محمد الصادق عرجون ، والدكتور أكرم ضياء العمري ، وقد قام – وهو رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية – بتوجيه عدد من الرسائل التي سجلت في قسم الدراسات العليا لنيل درجتي الماجتسير والدكتوراه نحو نقد المرويات التي احتوتها كتب الحديث والمغازي والتواريخ عن السيرة النبوية بهدف توثيق المعلومات عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين .. وحلقة اليوم تتعلق بذكر عدد من الكتب القيمة و المفيدة في هذا الباب والتي تعين على معرفة المناهج و الأصول والضوابط لقراءة وكتابة التاريخ الإسلامي ، والتي أنصح باقتنائها .. 1 – منهج كتابة التاريخ الإسلامي ، للدكتور محمد بن صامل السلمي . 2 – منهج دراسة التاريخ الإسلامي ، للدكتور محمد أمحزون . 3 – كيف نكتب التاريخ الإسلامي ، للأستاذ محمد قطب . 4 – فقه التاريخ ، للأستاذ عبد الحميد بن عبد الرحمن السحيباني . 5 – في أصول تاريخ العرب الإسلامي ، للأستاذ محمد محمد حسن شُرّاب . 6 – التاريخ الإسلامي بين الحقيقة والتزييف ، للدكتور عمر سليمان الأشقر . 7 – نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية ، للدكتور سليمان بن حمد العودة . 8 – قضايا ومباحث في السيرة النبوية ، للدكتور سليمان بن حمد العودة . 9 – المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ وتفسيره ، للدكتور محمد رشاد خليل . 10 – نحو رؤية جديدة للتاريخ الإسلامي ، نظرات و تصويبات ، للدكتور عبد العظيم محمود الديب . 11 – تاريخنا من يكتبه ؟ للدكتور عبد الرحمن علي الحجي . 12 – حول إعادة كتابة التاريخ الإسلامي ، للدكتور عماد الدين خليل . 13 – قضايا كتابة التاريخ الإسلامي وحلولها ، للدكتور محمد ياسين مظهر الصديقي . 14 – منهج كتابة التاريخ الإسلامي لماذا وكيف ؟ ، للدكتور جمال عبد الهادي و الدكتورة وفاء محمد . 15 – دراسة وثيقة للتاريخ الإسلامي ومصادره ، من عهد بين أمية حتى الفتح العثماني لسورية ومصر ( 40 – 922هـ / 661 – 1516م ) ، للدكتور محمد ماهر حمادة . 16- المدخل إلى علم التاريخ ، للدكتور : محمد بن صامل السلمي . والله أعلم والحمد لله رب العالمين .. https://saaid.net/Doat/Althahabi/35.htm |
||||
2018-11-28, 17:13 | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
اقتباس:
الإبداع عند المؤرخين المسلمين؛ إضافة في منهجية علم التاريخ أوجد المسلمون علوما، والعلوم لا تقوم إلا على المنهجية؛ فهم لم يكونوا مجرد نقلة. ولا شك أن علم التاريخ، وهو من مظاهر تقدم حضارة المسلمين في العصور الوسطى، قد ألفوا فيه كتبا عديدة، وزاد عدد المؤرخين عندهم زيادة كبيرة؛ حتى أنها لا تقارن بما كان يوجد قبلهم، أو لدى غيرهم؛ بحيث أن علم التاريخ في عصرنا يدين لهم بالكثير. والواقع؛ كان للمؤرخين المسلمين قدم راسخة في إبراز منهجية علم التاريخ؛ لتعنى ما يتمثل من قواعد ومعايير ضرورية يلتزم بها القائمون به؛ إذ الحقيقة التاريخية ليست شيئا جامدا، وإنما بالأولى هي مرحلة فاصلة في شيء تجريبي متصل بغيره؛ يعتبر جزءا من وعي المؤرخ؛ بقصد التوضيح والوصول إلى غاية محددة. ومع أن معظم إدراكنا لمنهجية علم التاريخ في وقتنا وقد أتى من أوربا؛ إلا أن الواقع يبين أن المؤرخين المسلمين يعتبرون واضعي أسسها؛ نتيجة لتراث تاريخي إسلامي عريض، استمر عدة قرون. ومن قبل لم يكن يوجد عند العرب في الجاهلية غير الخبر(1) ، مصطلحا ليعي مضمون التاريخ، وله ميزة المعرفة الواسعة ؛ بسبب أنه كانت لهم ذاكرة قوية تحفظه، لم تتوفر لأي شعب من الشعوب الأخرى. ولقد وردت لفظة "المنهجية"(2) ، في كتب المؤرخين المسلمين الأوائل، إلا أنها لم تظهر محددة المعنى؛ ربما على أساس أنها بديهية وضرورية للعلم. إضافة إلى أن العلوم الإسلامية كانت لا تزال متداخلة، وأن علم التاريخ في أول أمره لم يظهر في تقسيم العلوم كعلم مستقل، وإنما ارتبط مثل غيره بالعلوم الدينية(3) ، أو ما سمي أيضا بالعلوم الشرعية أو النقلية أو الوضعية أو الطبيعية؛ لأنها مستمدة من الدين، ومنقولة عنه. يضاف إلى ذلك أن المسلمين استخدموا عبارة لم يستخدمها مؤرخون قبلهم، وهي عبارة: "فن التاريخ"(4) ؛ التي لم تظهر إلا في العصر الحديث؛ فهم ذكروا صراحة أن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال، واعتبروا علم التاريخ صناعة(5) ؛ وله ملكته الخاصة(6) ؛ كما رتبوا القائمين به في درجات، ومنهم؛ "فحول المؤرخين"(7) أو "المشاهير"(8) ؛ ويعنون بهؤلاء المبدعين، الذين لهم عبقرية الهضم، والقدرة على التفكير. * * * * فكان أول مظهر لإبداعهم في علم التاريخ أن اهتموا بصحة مصادره، وكان الحفاظ هم الوسطاء الذين ينقلونه من الذاكرة، أو الشاهد العيان الذي يدرك الصورة والزمن؛ مما دعا إلى ظهور ما عرف: بالسند أو الإسناد أو الأسانيد(9) ، أو العنعنة بمعنى رفع القول إلى قائله، أو ما سماه المؤرخون المسلمون بعد ذلك بالنقل المتواتر الذي لا شبهة فيه، وأصبحت الطريقة المثلى للإجماع على صحة الخبر التاريخي، وكانت هذه الطريقة عينها؛ قد اتبعت عند جمع الأحاديث النبوية، حتى يطمئن جامعو الأحاديث في اتصالها بالرسول r (10) . وللتأكيد من صحة السند التاريخ يطبقوا عليه ما طبق على سند الحديث من الجرح والتعديل(11) . مما يبين أن التاريخ أخذ طريقة الحديث في أول تأليفه؛ حيث كان علم الحديث يسمى علم الرجال(12) ؛ لارتباطه بعلوم كثيرة. وقد استمر الإسناد أو السند وقتا طويلا من مصادر التاريخ؛ حتى لما كثرت الكتب المؤلفة فيه؛ فظهر لأول مرة ما عرف أيضا بأسانيد الكتب(13) ، واكتسب هو الآخر قداسة مماثلة للإسناد الشفهي؛ بسبب أن المسلمين في أي وقت لم يكونوا يستطيعون أن يكتبوا تاريخهم دون أن يذكروا المصادر، التي استقوا منها أخبارهم. فكان حرص المؤرخين المسلمين على ذكر مصادرهم من الكتب إضافة جديدة لإبداعهم في هذا العلم، وهو تطوير واضح في اتجاه الموضوعية التاريخية؛ لا زلنا نقوم بها إلى الآن فيما يعرف بالتهميش أو الحواشي، وهو الإبداع في التوثيق التاريخي. كذلك ظهر إبداع آخر على أيديهم؛ يتمشى مع المناخ السياسي الإسلامي؛ فيما سمي بالتدوين بالحوليات؛ جمع حولية، وهي طريقة لجمع الأخبار تعتبر اتجاها من عربيا إسلاميا لم يعرف قبل؛ عبارة عن تزامن أو معاصرة لمعلومات التاريخ، لفترة معينة تحدد بالسنة؛ وإن كان بعضها قد يستمر لمدة سنين، فمن قبل كانت شعوب مثل المصريين القدماء أو اليونان، أو حتى الفرس الذين أخذ العرب كثيرا من نظمهم في الإسلام لا يرتبون معلوماتهم على حسب السنين، وإنما على حسب الملوك والأسر الحاكمة، وكليهما سادة العالم القديم(14) ؛ وإن أخذ الفرس المسلمون بعد ذلك في تدوين معلوماتهم بالترتيب التاريخي على حسب السنين. وقد أخذت شعوب أخرى غير إسلامية عن المسلمين ترتيب المعلومات على حسب السنين، مثل: الإسبان الذين سموها: مدونات (Cronicas)، والفرنسيين الذين سموها الأنال (Anales)؛ بحيث ظهرت في فرنسا مدرسة(15) خاصة بها (Ecole des Annales). فهذا الترتيب على السنين أو الحوليات؛ بقصد ألا تعرض الأخبار عشوائيا، ولترتبط بعضها ببعض، بجعلها في حيز واحد؛ مهما تعددت روافدها؛ باعتبار أن الزمن وعاء لتحرك الإنسان. ثم إن ترتيب الخبر في الإسلام بترتيب السنين، يتمشى مع الاتجاه الإسلامي، الذي أصبح يهتم بالإنسان؛ بصرف النظر عن أن يكون وارثا لعرش، أو من أسرة نبيلة؛ فيقتصر الخبر عليه. فهذا الترتيب على السنين، له إذن فلسفة؛ فالحوليات لا تشتمل على أبناء الصفوة من الناس، وإنما على أخبار كل الناس؛ حتى أن مؤرخا مثل الجبرتي فيما بعد، لا يهتم في تاريخ عصره بالحكام فقط، وإنما يهتم بالشعب أيضا؛ فأتى بالحوادث من الحواري والقرى. ويؤيد هذا الاتجاه الإنساني في الخبر التاريخي، أنه أصبح يمتد عندهم إلى بدء الخليقة(17) ؛ مما يدل على ارتباط الإنسان بالإنسان؛ مهما امتدت به عدد السنين. حقا إن التاريخ سوف يهتم بالصفوة أحيانا، ولا سيما الملوك، حينما كان يضعف الاتجاه الإسلامي الديموقراطي؛ ليدخل التاريخ في متاهات الشعوبية على الخصوص. والواقع؛ فإن كبار المؤرخين المسلمين، قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر(18) . ومن المؤكد أن المؤرخ ابن جرير الطبري (ت 210هـ/923م)، اعتبر العمدة في كتابة أخبار التاريخ، على ترتيب السنين أو الحوليات، وذاع صيت مؤلفه: تاريخ الرسل والملوك، الذي أصبح يعرف بتاريخ الطبري أيضا. كذلك حاول مؤرخون مسلمون آخرون أتوا بعد الطبري أن يقلدوه، مثل ابن الأثير (ت 620هـ/1233م)، الذي سار على نهجه في الأخذ بالترتيب الزمني على السنين، أو حتى بالشهر. حقا؛ إن كتابة الخبر التاريخي على ترتيب السنين؛ قد ظهر أول ما ظهر في العراق، ولكن بعد ذلك، لما برزت المدرسة المصرية التاريخية؛ فإنها أوجدت ترتيب الخبر التاريخي على حسب القرون؛ مما يبين مجهودها في تطوير ترتيبه؛ باعتبار أن القرون تستوعب عددا أكبر من الأخبار التاريخية؛ ليست في حوزة الحوليات؛ وإن اختلف لغويا(19) في تعريف القرن، الذي قد يعني مائة أو ثمانين أو أربعين أو ثلاثين عاما؛ بحيث ظهر من مؤرخي المدرسة التاريخية المصرية من تناول بأخباره مائة عام كاملة. وإذا ما قارنا تفاصيل الأخبار في كتب المؤرخين المسلمين بما كان يوجد في العصور السابقة؛ فإنه من الملاحظ أنها قد تعددت بشكل لم يسبق إليه؛ بحيث كانت تكتب بأسلوب الشفرة قصيرة جدا، ودسمة جدا، والسطر الواحد قد يشتمل على أخبار بجزئيات نادرة تجعل منها أشبه بمتحف للمعلومات. ومثل هذا الجمع للأخبار التاريخية، لا يوجد إلا عند المؤرخين المسلمين وحدهم، ولم يظهر في حجمه الكبير هذا من قبل ولا من بعد؛ مما يحير الأفكار. فكانت هذه الأخبار التاريخية شاملة لنواح متعددة؛ خاصة بطوائف المجتمع، وبالمدن، وبالأفراد، وبالحروب، وحتى بالخبر العلمي والفكري، بحيث وجدت أنماط من الكتابة التاريخية لم تعرف قبلهم، يكمل بعضها بعضا. فمؤرخ مصري مثل السخاوي أورد أربعين نمطا من الكتابة التاريخية(20) ، كما بين أن التصنيف في التاريخ قد يصل إلى نحو من ألف تصنيف(21) ؛ تظهر في كتب مؤرخي الإسلام، وذكرت بعض عناوينها مختصرة، مثل: سير، وأخبار، ومغازي، وفتوح، وتاريخ، ومختصر، وذيل وشرح، وأنساب، وتراجم، وطبقات، ووفيات، ومعاجم، وغرائب، وتحفة، وعقود، ونزهة، وروضة، ودر، وحديقة، وحسن، وحقائق، وخريدة، وخطط، وغير ذلك. كذلك ربط المسلمون التاريخ بكل العلوم، مثل: الأدب، والسياسة، والاجتماع، والفقه، والجغرافيا، وغير ذلك؛ فكان بحق علم العلوم. * * * * وفوق ذلك؛ فإن المؤرخين المسلمين لم يكتفوا باستيعاب الخبر فقط بشكل مذهل، والالتزام بنقله صحيحا؛ مما يؤكد إبداعهم في علم التاريخ، ولكنهم عمدوا إلى تحري صحة الخبر في ذاته. فكان هذا الاتجاه يعتبر مرحلة جديدة حاسمة في كتابة التاريخ؛ بحيث أن التاريخ لم يعد الخبر وحده، وإنما المؤرخ أيضا، الذي لم يعد همزة الوصل بين الخبر وناقله، وإنما أصبح يفحص الخبر في ذاته؛ بحيث خصص مؤرخون كبارا كتبا تناولت معظمها ضرورة فحص الخبر. فألف ابن خلدون (ت 808هـ/1407م): المقدمة، والسخاوي ت 831هـ/1427م): الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، والسيوطي (ت 911هـ/1505م): الشماريخ في علم التاريخ. وبسبب هذا الاتجاه الجديد في المنهجية التاريخية برز دور المؤرخ على أساس ما يضيفه إلى المادة التاريخية من حيثيات، قائمة على الدراسة والقدرة على التفكير؛ فهو الذي ينتخبها من المادة الأرشيفية الهائلة، وهو الذي يعرضها، ويحللها، وينقدها؛ ليستنبط فيها، ويصل بها إلى نتائج. وبذلك أصبح للتاريخ نبض، وليس كالمومياء الهامدة في المتحف بدون حياة، أو اجترار للماضي فقط. ولا شك أن ابن خلدون، وهو الشيخ العلامة العالم، يعتبر أول من أشار بوضوح إلى ضرورة فحص الخبر التاريخي في ذاته في مقدمته المشهورة، التي ألفها وهو في القاهرة، واحتوت على معرفة تامة بعلم التاريخ. فتكلم ابن خلدون كثيرا عن أن التاريخ؛ وإن كان يبدو في ظاهره وقائع وأخبار؛ إلا أنه بالأولى سبب ومسبب؛ وأنه في باطنه(22) نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق؛ وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق. ولذلك هاجم ابن خلدون المؤرخين الأوائل لاعتمادهم على مجرد ما نقلوه أو سمعوه، وعدم تأمل حقيقة الخبر ومناقشتها؛ إذ في رأيه أن الفحص عن صحة الخبر قليل، والتنقيح في الغالب كليل(23) . بل ينصح أن يكون التاريخ مفيدا(24) للأجيال الناشئة، ويتساءل ما الفائدة منه إذا لم يكن كذلك. فمعنى هذا أن رؤى ابن خلدون في علم التاريخ غير رؤى سابقيه. فيطالب المؤرخ بألا ينفصل عن روح العصر ومجتمعه؛ وألا يكون سلبيا أو محايدا/ وإنما يتدخل في التاريخ بنظرته فيه، وذلك على عكس ما هو معروف من طلب الحيدة من المؤرخ. وقد دعاه إبداعه في علم التاريخ أنه بحث في أغوار مجتمعاته؛ ليس فقط الإسلامية، وإنما الإنسانية بعامة؛ ويبدو ذلك بسبب اتساع رقعة الإسلام، والاتصال بالأمم المختلفة. وقد كان ابن خلدون يقدر قيمة هذه النظرة المتعمقة في التاريخ الإنساني؛ وحتى أنه رأى أن ملاحظاته عنها، وكأنها بداية لعلم جديد ألهم إليه إلهاما، ولم يجده من قبل في علوم الأوائل. مثل الفرس والفراعنة واليونان؛ وأطلق عليه: العمران(25) الاجتماعي البشري أو الإنساني. ولعل علماء العصر الحديث؛ بسبب اكتشافه لمعايير اجتماعية، جعلوه مؤسسا لعلم الاجتماع. ولكن من المؤكد أن ابن خلدون لم يقصد بعلمه الجديد أو بنظريته الجديدة عن العمران البشري أن يخرج بقوانين اجتماعية، وإنما بالأولى قصد تقصي الأسباب والأصول وحركات العوامل لمعرفة التاريخ، الذي هو أحد رجاله؛ معرفة سليمة. فالتاريخ في رأيه هو خبر عن الاجتماع الإنساني، الذي هو العمران؛ فيقول بلفظه: أنشأت في التاريخ كتابا(26). وعلى صعيد آخر سلط ابن خلدون الأضواء بشدة على الحضارة وتركيبها، وأطلق عليها أيضا: التمدين(27) أو التمدن أو المدنية، وقصد بها رفاهية العيش، وكأنه طبيب يشرحها، حتى جعلها تمر بأطوار(28) في الحياة مثل الإنسان. ثم هو وإن كان يرى أن الحضارة ترتبط أساسا بالحضر وما في نوعها؛ إلا أنه جعلها ترتبط بالعلوم والفنون، واعتبر ازدهار المدن يعني ازدهار العلوم والفنون، وتدهورها تدهور لها. ولذلك؛ فهو يأتي بعبارات لا توجد إلا عنده، ومنها: إن تفصيل(29) الثياب من مذاهب الحضارة وفنونها. * * * * والخلاصة أن هذا التوهج الإبداعي في علم التاريخي، ظهر بسبب أن الإسلام اهتم بالعقل، وأن البيئة الإسلامية قد ساعدت على ذلك؛ فظهر مؤرخون كبار يبحثون عن دوره ويطورونه؛ إلى أن هذا العلم قد يمتهن بالكذب والتزييف والتعصب والذهول عن المقاصد، ولا سيما بالتقرب به إلى الحكام؛ كما يقول ابن خلدون. (1) انظر: ماجد، "الخبر التاريخي عند المسلمين" نشر في مجلة المؤرخ العربي، بغداد، 1988. (2) يقول ابن خلدون إن أغلب التواريخ عامة المناهج. انظر: مقدمة ابن خلدون، القاهرة، 1322هـ/1904، ص.3، ص. 13؛ انظر: ماجد، ذيل على مقدمة لدراسة التاريخ الإسلامي، القاهرة، 1979، ص. 16، س 11. (3) مقدمة ابن خلدون، ص. 45؛ الغزالي، إحياء علوم الدين، مصر 1346هـ، ج 1، صص.13 -15-16؛ انظر: https://zarkan56.blogspot.com/2011/12/blog-post_17.html |
||||
2018-11-28, 17:42 | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
اقتباس:
يسعدنا ان نعرض لكم كل ما هو جديد في مجال البحث العلمي كل ماهو جديد في ابحاث علمية 2018 - 2018 يخية أهمية المنهج مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين -------------------------------------------------------------------------------- التاريخ الإسلامي، منهج كتابة. المنهج في الدراسات التاريخية، يعني القواعد والشروط التي يجب مراعاتها عند معالجة أي حدث تاريخي. وتتناول هذه الشروط الكاتب أو المتكلم نفسه، والمصادر التي يستمد منها معلوماته، كما أنها تعني الهدف من الكتابة أو الدراسة، والأسلوب والمصطلحات. أهمية المنهج. يعطي المنهج مدلولين، يختص الأول بالمبادئ والأسس التي يضعها الإسلام لتكون حدودًا تحكم دراسة التاريخ الإسلامي، ويُحتاجها عند تفسير الواقعة التاريخية المعينة والحكم عليها. ويختص الآخر بالقواعد والطرق التي تُتبع في إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، ويُحتاجها في إثبات صحة الواقعة موضوع الدراسة، ثم تفسيرها بعد ذلك. وبناء على هذا، فإن الباحث المسلم المؤمن يحتاج نوعين من المصادر: مصادر في طرق إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، وأخرى في تفسير وتحليل الحوادث التاريخية والحكم عليها. وسيأتي توضيح ذلك في مصادر هذا المنهج. إن المنهج الإسلامي في تناول أحداث التاريخ الإسلامي منبثق من ت الإسلام للكون والحياة والإنسان؛ فهو يقوم في أساسه على أركان الإيمان في الدين الإسلامي، ومبني على فهم دوافع السلوك في المجتمع الإسلامي الأول، مما يجعل حركة التاريخ الإسلامي ذات طابع مميز عن حركة التاريخ العالمي الذي لا أثر فيه للوحي الإلهي. وتوزن أعمال ومناهج ومذاهب المؤرخين والباحثين على هذا الأساس من الالتزام بالعقيدة الإسلامية. فليس من حق المسلم أن يتهم أحدًا بناءً على رواية ضعيفة، ثم إذا ثبتت الرواية فإن هناك قيودًا شرعية يلزم مراعاتها في نقد الأشخاص وملاحظة مقاماتهم التي حددها كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد ³؛ لأن الكلام في الأنبياء والصحابة ليس كالكلام في أحد غيرهم، كما أن الكلام في عموم الناس له حدود وضوابط سوف نقف عليها. أما غير المسلم، فإنه عندما يتناول قضايا التاريخ الإسلامي، يتخبط في الظنون والأوهام لإعراضه عن الوحي الرباني، واعتماده في المقام الأول على التفسير المادي للتاريخ، ولذا تأتي نتائج أبحاثه متناقضة. مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية. لقد اعتنى علماء السنة بوضع قواعد وضوابط يعرفون بها صحة المرويات، واتبعوا منهجًا دقيقًا في نقدها، عندما ظهر الوضَّاعون. وينبغي للمؤرخ المسلم أن يطلع على ذلك، ويفيد منه في دراساته التاريخية. والمصادر المهمة في هذا الجانب هي كتب مصطلح الحديث ، وعلم الرجال وعلم الجَرْح والتعديل وعلم علل الحديث. انظر: الحديث النبوي. وهذه الكتب لازمة للمؤرخ لتعينه على نقد الروايات والترجيح بينها ومعرفة صحيحها من سقيمها. أما كتب التاريخ الإسلامي المتخصصة، سواء أكانت مصادر أولية مثل السيرة النبوية لابن إسحاق التي هذبها ابن هشام وعرفت به وتاريخ الطبري ، أم مصادر ثانوية، مثل كتاب الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية لابن الطقطقي (660-709هـ)، فإنها تحوي مادة علمية تاريخية تحتاج تمحيصًا، فهي مصادر في المعلومات التاريخية، وليست مصادر في نقد الأخبار. مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها. لما كان منهج كتابة التاريخ الإسلامي يعتمد في أصوله على العقيدة الإسلامية ـ كما ذكرنا ـ لذا يمكن القول بأن مصادر هذا المنهج هي نفس مصادر الشريعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس...إلخ. ففي مجال تفسير الحوادث التاريخية، نجد أنه ليس تفسيرًا تبريريًا، أي أنه لا يعتذر فيه عما حدث في الماضي، إذا كان ذلك مخالفًا لمقاييس العصر الذي نعيش فيه، بل تبرز فيه خصائص الإيمان المستعلي على ما سواه. كما أنه ليس تفسيرًا ماديًا يحصر المؤثرات على حركة التاريخ البشري في العوامل المادية، مثل تبدُّل وسائل الإنتاج ـ كما في الفكر الماركسي ـ أو التفسيرات المعتمدة على أثر البيئة الخارجية ـ من جغرافيا واقتصاد ـ كما في الفكر المادي الغربي، بل يوضح دور الإنسان ومسؤوليته عن التغيير الاجتماعي والتاريخي في إطار المشيئة الإلهية. قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين نرسم هنا منهجًا مثاليًا في البحث العلمي كما نراه مطبقًا في مؤلفات المحققين من علماء التاريخ الإسلامي، لاسيما القدماء منهم. ونستطيع أن نلخص سمات أو أصول أو قواعد هذا المنهج في النقاط الآتية: 1ـ استخدام الأدلة والوثائق بعد التأكد من صحتها. 2ـ حسن استخدام الأدلة والوثائق، وذلك باتباع التنظيم الملائم للأداة مع تحرير المسائل وحسن عرضها. 3ـ الإيمان بكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة، ومن ذلك: الإيمان بالغيب والجزاء والقضاء والقدر، وردُّ كل ما خالف ذلك. 4ـ تحري الصدق في استقصاء جميع الروايات والأدلة حول الحدث الواحد وإيرادها، ثم الجمع بينها إذا أمكن ذلك، أو الترجيح بين الروايات المختلفة وفقًا للقواعد المقررة في التحقيق، مع الاستعانة بأقوال العلماء الثقات. 5ـ بيان المصادر والمراجع التي استمد منها معلوماته مع الضبط المتقن في نقل الأقوال ونسبتها لأصحابها. 6ـ الاعتماد على النصوص الشرعية والحقائق العلمية ونبذ الخرافات. 7ـ الالتزام بقواعد اللغة العربية، وعدم إخراج اللفظ عن دلالته إلا إذا وجدت قرينة صارفة له عن دلالته المباشرة. 8ـ استعمال المصطلحات الشرعية في الكتابة التاريخية، مثل، المؤمن والكافر والمنافق؛ إذ لكل من هذه المصطلحات صفات محددة ثابتة وردت في القرآن الكريم وأحاديث الرسول ³. ولذا لا ينبغي العدول عن هذه المصطلحات إلى مصطلحات نبتت في أوساط غير إسلامية. كذلك، فإن الحكم على الأعمال والمنجزات الحضارية ينبغي أن تستخدم فيه المصطلحات الشرعية، كالخير والشر والحق والباطل والعدل. 9ـ اعتماد المصادر الشرعية والأصلية وتقديمها على كل مصدر، إذ يجب على الباحث المسلم أن يعتمد على القرآن الكريم ويعتبره مصدرًا أساسيًا في استقاء معلوماته عن الأنبياء والأمم السابقة وسيرة الرسول ³ لأن القرآن الكريم قطعي الثبوت، ويأتي بعده الحديث النبوي في قوة الثبوت. اتبع علماء الحديث منهجًا علميًا دقيقًا في تدوين السنة ـ كما ذكرنا ـ وقد جاء في القرآن والسنة أيضًا الإشارة إلى جملة من القوانين التاريخية، والسنن الربانية مما يعطي الباحث نظرة شمولية وعميقة في التحليل للأحداث. ولا بد أن يكون عالم التاريخ عالمًا بالقرآن وعلومه والحديث وعلومه ليحسن استخدام هذين |
||||
2018-11-28, 17:54 | رقم المشاركة : 12 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2018-11-28, 17:56 | رقم المشاركة : 13 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2018-11-28, 17:57 | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
اقتباس:
أوجد المسلمون علوما، والعلوم لا تقوم إلا على المنهجية؛ فهم لم يكونوا مجرد نقلة. ولا شك أن علم التاريخ، وهو من مظاهر تقدم حضارة المسلمين في العصور الوسطى، قد ألفوا فيه كتبا عديدة، وزاد عدد المؤرخين عندهم زيادة كبيرة؛ حتى أنها لا تقارن بما كان يوجد قبلهم، أو لدى غيرهم؛ بحيث أن علم التاريخ في عصرنا يدين لهم بالكثير.والواقع؛ كان للمؤرخين المسلمين قدم راسخة في إبراز منهجية علم التاريخ؛ لتعنى ما يتمثل من قواعد ومعايير ضرورية يلتزم بها القائمون به؛ إذ الحقيقة التاريخية ليست شيئا جامدا، وإنما بالأولى هي مرحلة فاصلة في شيء تجريبي متصل بغيره؛ يعتبر جزءا من وعي المؤرخ؛ بقصد التوضيح والوصول إلى غاية محددة.ومع أن معظم إدراكنا لمنهجية علم التاريخ في وقتنا وقد أتى من أوربا؛ إلا أن الواقع يبين أن المؤرخين المسلمين يعتبرون واضعي أسسها؛ نتيجة لتراث تاريخي إسلامي عريض، استمر عدة قرون. ومن قبل لم يكن يوجد عند العرب في الجاهلية غير الخبر(1) ، مصطلحا ليعي مضمون التاريخ، وله ميزة المعرفة الواسعة ؛ بسبب أنه كانت لهم ذاكرة قوية تحفظه، لم تتوفر لأي شعب من الشعوب الأخرى.ولقد وردت لفظة "المنهجية"(2) ، في كتب المؤرخين المسلمين الأوائل، إلا أنها لم تظهر محددة المعنى؛ ربما على أساس أنها بديهية وضرورية للعلم.إضافة إلى أن العلوم الإسلامية كانت لا تزال متداخلة، وأن علم التاريخ في أول أمره لم يظهر في تقسيم العلوم كعلم مستقل، وإنما ارتبط مثل غيره بالعلوم الدينية(3) ، أو ما سمي أيضا بالعلوم الشرعية أو النقلية أو الوضعية أو الطبيعية؛ لأنها مستمدة من الدين، ومنقولة عنه.يضاف إلى ذلك أن المسلمين استخدموا عبارة لم يستخدمها مؤرخون قبلهم، وهي عبارة: "فن التاريخ"(4) ؛ التي لم تظهر إلا في العصر الحديث؛ فهم ذكروا صراحة أن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال، واعتبروا علم التاريخ صناعة(5) ؛ وله ملكته الخاصة(6) ؛ كما رتبوا القائمين به في درجات، ومنهم؛ "فحول المؤرخين"(7) أو "المشاهير"(8) ؛ ويعنون بهؤلاء المبدعين، الذين لهم عبقرية الهضم، والقدرة على التفكير.* * * *فكان أول مظهر لإبداعهم في علم التاريخ أن اهتموا بصحة مصادره، وكان الحفاظ هم الوسطاء الذين ينقلونه من الذاكرة، أو الشاهد العيان الذي يدرك الصورة والزمن؛ مما دعا إلى ظهور ما عرف: بالسند أو الإسناد أو الأسانيد(9) ، أو العنعنة بمعنى رفع القول إلى قائله، أو ما سماه المؤرخون المسلمون بعد ذلك بالنقل المتواتر الذي لا شبهة فيه، وأصبحت الطريقة المثلى للإجماع على صحة الخبر التاريخي، وكانت هذه الطريقة عينها؛ قد اتبعت عند جمع الأحاديث النبوية، حتى يطمئن جامعو الأحاديث في اتصالها بالرسول صلى الله عليه وسلم (10) . وللتأكيد من صحة سند التاريخ يطبقوا عليه ما طبق على سند الحديث من الجرح والتعديل(11) . مما يبين أن التاريخ أخذ طريقة الحديث في أول تأليفه؛ حيث كان علم الحديث يسمى علم الرجال(12) ؛ لارتباطه بعلوم كثيرة.وقد استمر الإسناد أو السند وقتا طويلا من مصادر التاريخ؛ حتى لما كثرت الكتب المؤلفة فيه؛ فظهر لأول مرة ما عرف أيضا بأسانيد الكتب(13) ، واكتسب هو الآخر قداسة مماثلة للإسناد الشفهي؛ بسبب أن المسلمين في أي وقت لم يكونوا يستطيعون أن يكتبوا تاريخهم دون أن يذكروا المصادر، التي استقوا منها أخبارهم. فكان حرص المؤرخين المسلمين على ذكر مصادرهم من الكتب إضافة جديدة لإبداعهم في هذا العلم، وهو تطوير واضح في اتجاه الموضوعية التاريخية؛ لا زلنا نقوم بها إلى الآن فيما يعرف بالتهميش أو الحواشي، وهو الإبداع في التوثيق التاريخي.كذلك ظهر إبداع آخر على أيديهم؛ يتمشى مع المناخ السياسي الإسلامي؛ فيما سمي بالتدوين بالحوليات؛ جمع حولية، وهي طريقة لجمع الأخبار تعتبر اتجاها عربيا إسلاميا لم يعرف من قبل؛ عبارة عن تزامن أو معاصرة لمعلومات التاريخ، لفترة معينة تحدد بالسنة؛ وإن كان بعضها قد يستمر لمدة سنين، فمن قبل كانت شعوب مثل المصريين القدماء أو اليونان، أو حتى الفرس الذين أخذ العرب كثيرا من نظمهم في الإسلام لا يرتبون معلوماتهم على حسب السنين، وإنما على حسب الملوك والأسر الحاكمة، وكليهما سادة العالم القديم(14) ؛ وإن أخذ الفرس المسلمون بعد ذلك في تدوين معلوماتهم بالترتيب التاريخي على حسب السنين. وقد أخذت شعوب أخرى غير إسلامية عن المسلمين ترتيب المعلومات على حسب السنين، مثل: الإسبان الذين سموها: مدونات (Cronicas)، والفرنسيين الذين سموها الأنال (Anales)؛ بحيث ظهرت في فرنسا مدرسة(15) خاصة بها (Ecole des Annales).فهذا الترتيب على السنين أو الحوليات؛ بقصد ألا تعرض الأخبار عشوائيا، ولترتبط بعضها ببعض، بجعلها في حيز واحد؛ مهما تعددت روافدها؛ باعتبار أن الزمن وعاء لتحرك الإنسان. ثم إن ترتيب الخبر في الإسلام بترتيب السنين، يتمشى مع الاتجاه الإسلامي، الذي أصبح يهتم بالإنسان؛ بصرف النظر عن أن يكون وارثا لعرش، أو من أسرة نبيلة؛ فيقتصر الخبر عليه. فهذا الترتيب على السنين، له إذن فلسفة؛ فالحوليات لا تشتمل على أبناء الصفوة من الناس، وإنما على أخبار كل الناس؛ حتى أن مؤرخا مثل الجبرتي فيما بعد، لا يهتم في تاريخ عصره بالحكام فقط، وإنما يهتم بالشعب أيضا؛ فأتى بالحوادث من الحواري والقرى. ويؤيد هذا الاتجاه الإنساني في الخبر التاريخي، أنه أصبح يمتد عندهم إلى بدء الخليقة(17) ؛ مما يدل على ارتباط الإنسان بالإنسان؛ مهما امتدت به عدد السنين. حقا إن التاريخ سوف يهتم بالصفوة أحيانا، ولا سيما الملوك، حينما كان يضعف الاتجاه الإسلامي الديموقراطي؛ ليدخل التاريخ في متاهات الشعوبية على الخصوص. الحواشي : (1) انظر: ماجد، "الخبر التاريخي عند المسلمين" نشر في مجلة المؤرخ العربي، بغداد، 1988. (2) يقول ابن خلدون إن أغلب التواريخ عامة المناهج. انظر: مقدمة ابن خلدون، القاهرة، 1322هـ/1904، ص.3، ص. 13؛ انظر: ماجد، ذيل على مقدمة لدراسة التاريخ الإسلامي، القاهرة، 1979، ص. 16، س 11. (3) مقدمة ابن خلدون، ص. 45؛ الغزالي، إحياء علوم الدين، مصر 1346هـ، ج 1، صص.13 -15-16؛ انظر: Ency de l’Isl, (art uim), l’ed, cf (4) مقدمة ابن خلدون، ص. 2، س. 12، ص. 22، س.4. (5) نفسه، ص. 3، س. 17. (6) نفسه، ص. 23، (في آخر سطر). (7) نفسه، ص. 2، س.22. (8) نفسه، ص. 2، س. 9. (9) نفسه، ص. 452، س. 11. (10) حاجي خليفة، كشف عن أسامى الكتب والفنون، ط1، ج1،ص.422. (11) نفسه، ج 1، ص.39؛ مقدمة ابن خلدون، ص.28، س.5. (12) نفسه، ج1، ص.390؛ مسلم، صحيح، القاهرة 1329-1331، ص.240. (13) السخاوي، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، دمشق 1349/1930، ص. 13. (14) انظر: روز نثال، علم التاريخ عند المسلمين، ترجمة، مقدمة، ص. 16؛ صرنشو، علم التاريخ، ترجمته، ص. 67. (15) انظر مفرنس، "التاريخ والمؤرخون"، عالم الفكر، العدد الأول، 1974، ص. 109. (16) انظر: روزثال، علم التاريخ، ترجمة، ص. 102. (17) انظر: ماجد، "مقدمة لدراسة التاريخ الإسلامي"، تعريف بمصادر التاريخ الإسلامي ومنهاجه الحديث، ط.4، القاهرة 1946، ص. 37. والواقع؛ فإن كبار المؤرخين المسلمين، قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر(18) . ومن المؤكد أن المؤرخ ابن جرير الطبري (ت 210هـ/923م)، اعتبر العمدة في كتابة أخبار التاريخ، على ترتيب السنين أو الحوليات، وذاع صيت مؤلفه: تاريخ الرسل والملوك، الذي أصبح يعرف بتاريخ الطبري أيضا. كذلك حاول مؤرخون مسلمون آخرون أتوا بعد الطبري أن يقلدوه، مثل ابن الأثير (ت 620هـ/1233م)، الذي سار على نهجه في الأخذ بالترتيب الزمني على السنين، أو حتى بالشهر. حقا؛ إن كتابة الخبر التاريخي على ترتيب السنين؛ قد ظهر أول ما ظهر في العراق، ولكن بعد ذلك، لما برزت المدرسة المصرية التاريخية؛ فإنها أوجدت ترتيب الخبر التاريخي على حسب القرون؛ مما يبين مجهودها في تطوير ترتيبه؛ باعتبار أن القرون تستوعب عددا أكبر من الأخبار التاريخية؛ ليست في حوزة الحوليات؛ وإن اختلف لغويا(19) في تعريف القرن، الذي قد يعني مائة أو ثمانين أو أربعين أو ثلاثين عاما؛ بحيث ظهر من مؤرخي المدرسة التاريخية المصرية من تناول بأخباره مائة عام كاملة. وإذا ما قارنا تفاصيل الأخبار في كتب المؤرخين المسلمين بما كان يوجد في العصور السابقة؛ فإنه من الملاحظ أنها قد تعددت بشكل لم يسبق إليه؛ بحيث كانت تكتب بأسلوب الشفرة قصيرة جدا، ودسمة جدا، والسطر الواحد قد يشتمل على أخبار بجزئيات نادرة تجعل منها أشبه بمتحف للمعلومات. ومثل هذا الجمع للأخبار التاريخية، لا يوجد إلا عند المؤرخين المسلمين وحدهم، ولم يظهر في حجمه الكبير هذا من قبل ولا من بعد؛ مما يحير الأفكار. فكانت هذه الأخبار التاريخية شاملة لنواح متعددة؛ خاصة بطوائف المجتمع، وبالمدن، وبالأفراد، وبالحروب، وحتى بالخبر العلمي والفكري، بحيث وجدت أنماط من الكتابة التاريخية لم تعرف قبلهم، يكمل بعضها بعضا. فمؤرخ مصري مثل السخاوي أورد أربعين نمطا من الكتابة التاريخية(20) ، كما بين أن التصنيف في التاريخ قد يصل إلى نحو من ألف تصنيف(21) ؛ تظهر في كتب مؤرخي الإسلام، وذكرت بعض عناوينها مختصرة، مثل: سير، وأخبار، ومغازي، وفتوح، وتاريخ، ومختصر، وذيل وشرح، وأنساب، وتراجم، وطبقات، ووفيات، ومعاجم، وغرائب، وتحفة، وعقود، ونزهة، وروضة، ودر، وحديقة، وحسن، وحقائق، وخريدة، وخطط، وغير ذلك. كذلك ربط المسلمون التاريخ بكل العلوم، مثل: الأدب، والسياسة، والاجتماع، والفقه، والجغرافيا، وغير ذلك؛ فكان بحق علم العلوم. * * * *وفوق ذلك؛ فإن المؤرخين المسلمين لم يكتفوا باستيعاب الخبر فقط بشكل مذهل، والالتزام بنقله صحيحا؛ مما يؤكد إبداعهم في علم التاريخ، ولكنهم عمدوا إلى تحري صحة الخبر في ذاته. فكان هذا الاتجاه يعتبر مرحلة جديدة حاسمة في كتابة التاريخ؛ بحيث أن التاريخ لم يعد الخبر وحده، وإنما المؤرخ أيضا، الذي لم يعد همزة الوصل بين الخبر وناقله، وإنما أصبح يفحص الخبر في ذاته؛ بحيث خصص مؤرخون كبارا كتبا تناولت معظمها ضرورة فحص الخبر. فألف ابن خلدون (ت 808هـ/1407م): المقدمة، والسخاوي ت 831هـ/1427م): الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، والسيوطي (ت 911هـ/1505م): الشماريخ في علم التاريخ. وبسبب هذا الاتجاه الجديد في المنهجية التاريخية برز دور المؤرخ على أساس ما يضيفه إلى المادة التاريخية من حيثيات، قائمة على الدراسة والقدرة على التفكير؛ فهو الذي ينتخبها من المادة الأرشيفية الهائلة، وهو الذي يعرضها، ويحللها، وينقدها؛ ليستنبط فيها، ويصل بها إلى نتائج. وبذلك أصبح للتاريخ نبض، وليس كالمومياء الهامدة في المتحف بدون حياة، أو اجترار للماضي فقط. ولا شك أن ابن خلدون، وهو الشيخ العلامة العالم، يعتبر أول من أشار بوضوح إلى ضرورة فحص الخبر التاريخي في ذاته في مقدمته المشهورة، التي ألفها وهو في القاهرة، واحتوت على معرفة تامة بعلم التاريخ. فتكلم ابن خلدون كثيرا عن أن التاريخ؛ وإن كان يبدو في ظاهره وقائع وأخبار؛ إلا أنه بالأولى سبب ومسبب؛ وأنه في باطنه(22) نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق؛ وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق. ولذلك هاجم ابن خلدون المؤرخين الأوائل لاعتمادهم على مجرد ما نقلوه أو سمعوه، وعدم تأمل حقيقة الخبر ومناقشتها؛ إذ في رأيه أن الفحص عن صحة الخبر قليل، والتنقيح في الغالب كليل(23) . بل ينصح أن يكون التاريخ مفيدا(24) للأجيال الناشئة، ويتساءل ما الفائدة منه إذا لم يكن كذلك. فمعنى هذا أن رؤى ابن خلدون في علم التاريخ غير رؤى سابقيه. فيطالب المؤرخ بألا ينفصل عن روح العصر ومجتمعه؛ وألا يكون سلبيا أو محايدا/ وإنما يتدخل في التاريخ بنظرته فيه، وذلك على عكس ما هو معروف من طلب الحيدة من المؤرخ.وقد دعاه إبداعه في علم التاريخ أنه بحث في أغوار مجتمعاته؛ ليس فقط الإسلامية، وإنما الإنسانية بعامة؛ ويبدو ذلك بسبب اتساع رقعة الإسلام، والاتصال بالأمم المختلفة. وقد كان ابن خلدون يقدر قيمة هذه النظرة المتعمقة في التاريخ الإنساني؛ وحتى أنه رأى أن ملاحظاته عنها، وكأنها بداية لعلم جديد ألهم إليه إلهاما، ولم يجده من قبل في علوم الأوائل. مثل الفرس والفراعنة واليونان؛ وأطلق عليه: العمران(25) الاجتماعي البشري أو الإنساني. ولعل علماء العصر الحديث؛ بسبب اكتشافه لمعايير اجتماعية، جعلوه مؤسسا لعلم الاجتماع. ولكن من المؤكد أن ابن خلدون لم يقصد بعلمه الجديد أو بنظريته الجديدة عن العمران البشري أن يخرج بقوانين اجتماعية، وإنما بالأولى قصد تقصي الأسباب والأصول وحركات العوامل لمعرفة التاريخ، الذي هو أحد رجاله؛ معرفة سليمة. فالتاريخ في رأيه هو خبر عن الاجتماع الإنساني، الذي هو العمران؛ فيقول بلفظه: أنشأت في التاريخ كتابا(26).وعلى صعيد آخر سلط ابن خلدون الأضواء بشدة على الحضارة وتركيبها، وأطلق عليها أيضا: التمدين(27) أو التمدن أو المدنية، وقصد بها رفاهية العيش، وكأنه طبيب يشرحها، حتى جعلها تمر بأطوار(28) في الحياة مثل الإنسان. ثم هو وإن كان يرى أن الحضارة ترتبط أساسا بالحضر وما في نوعها؛ إلا أنه جعلها ترتبط بالعلوم والفنون، واعتبر ازدهار المدن يعني ازدهار العلوم والفنون، وتدهورها تدهور لها. ولذلك؛ فهو يأتي بعبارات لا توجد إلا عنده، ومنها: إن تفصيل(29) الثياب من مذاهب الحضارة وفنونها. * * * * والخلاصة أن هذا التوهج الإبداعي في علم التاريخي، ظهر بسبب أن الإسلام اهتم بالعقل، وأن البيئة الإسلامية قد ساعدت على ذلك؛ فظهر مؤرخون كبار يبحثون عن دوره ويطورونه؛ إلى أن هذا العلم قد يمتهن بالكذب والتزييف والتعصب والذهول عن المقاصد، ولا سيما بالتقرب به إلى الحكام؛ كما يقول ابن خلدون. مجلة التاريخ العربي العدد3 صيف 1997 م الدكتور عبد المنعم ماجد أستاذ التاريخ الإسلامي بقسم التاريخ بكليةالآداب والخبير الوطني بمركز الدراسات البردية في جماعة عين شمس - القاهرة الحواشي : (18) المقدمة، لابن خلدون ص. 2، س. 23. (19) لسان العرب، ج17، ص. 211 وما بعدها. (20) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، دمشق 1349/1930، ص. 96 (في آخر سطر). (21) نفسه، ص. 84، س. 14. (22) نفسه، ص. 2، س. 20 وما بعدها. (23) نفسه، ص. 3، س. 1. (24) نفسه، ص. 3، س. 25. (25) نفسه، ص. 30، س. 25؛ (انظر: ماجد، العمران، نظرية لابن خلدون في تفسير التاريخ"، بحيث ألقي في ندوة الحضارة الإسلامية بمناسبة مرور عام على وفاة المرحوم أحمد فكري، نشر في كتاب خاص عن جامعة الإسكندرية. (26) مقدمة ابن خلدون، ص. 27، س. 20. (27) نفسه، ص. 97، س. 9: انظر: ماجد، "منهجية جديدة لابن خلدون في علم التاريخ"، مجلة المؤره العربي، تونس 1979. (28) نفسه، ص. 132 وما بعدها. (29) نفسه، ص. 326، س. 25 https://webanssab.wixsite.com/webanassab/----c15v5 |
||||
2018-11-28, 17:59 | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
اقتباس:
التاريخ عند العرب المسلمين بقلم د.جمال الدين فالح الكيلاني يمكن أن نتوقف عند القرن الثاني للهجرة، ولدى بعض رواة التاريخ والمغازي والسيرة، من أمثال "وهب بن منبه" (1) المتوفى 411هـ ـ732م. وعروة بن الزبير (ت 94هـ ـ 712م(2) . وشرحبيل بن سعد (ت 123هـ ـ 740م) وعاصم بن عمر بن قتادة (ت 120هـ ـ 737م). وقد كانت كتابات هؤلاء في المغازي تمهيداً هيأ الأرضية اللازمة لمن جاء بعدهم كالزهري والواقدي وابن اسحق. فالزهري (ت 124هـ ـ 741م) هو الذي توسع في جمع الروايات وتمحيصها واستخدام عبارة "السيرة" بدلاً من المغازي. حتى إذا وصلنا إلى ابن اسحق (ت 151هـ ـ 761م) نجده يمضي شوطاً في الجمع بين الروايات التاريخية والأحاديث الشريفة والشعر والقصص الشعبي. وقد وصلتنا السيرة التي كتبها ابن اسحق منقحة على يد ابن هشام (ت 218هـ ـ 813م) ومن أعلام تلك المرحلة "الواقدي" (ت 207هـ ) في كتابه المغازي وكتبه الأخرى. وتبرز لدينا أسماء مثل أبي مخنف(3) وعوانة بن الحكم(4) ونصر بن مزاحم(5) ، وذلك في سياق رواية الأخبار، ولعل أبرز هؤلاء الإخباريين (المدائني 225هـ)(6)، (وابن الكلبي 204هـ) (7) ، والهيثم بن عدي (206هـ)(8) وأبو عبيدة(9) (211 هـ). وقبل أن نغادر القرن الثالث للهجرة يقف أمامنا "البلاذري ت 279هـ"(10) صاحب /فتوح البلدان/ و/أنساب الأشراف/. وهو وإن كان يعتمد على أخبار من سلفه، إلا أنه ينتقد تلك الأخبار ويفحصها وينتقي منها. وكذلك يفعل معاصره اليعقوبي(11) (ت 284هـ) في كتاب "البلدان" الذي يعتبر أول كتاب في الجغرافية التاريخية. ثم ابن قتيبة (ت 270هـ) (12) في كتاب "المعارف" والدينوري (ت 288هـ) في كتاب "الأخبار الطوال". حتى إذا دلفنا إلى بداية القرن الرابع الهجري نجد (الطبري ت 310هـ) الذي تكتمل لديه مرحلة نضوج البدايات والتكوين للكتابة التاريخية. وقد اعتمد الطبري على ثقافته الواسعة ومنهجه كمحدث وفقيه يدقق في السند ويمحص الروايات. وهكذا نجد تفاوت مدارس الكتابة التاريخية في مراحلها عبر القرون الثلاثة، وعبر الأماكن المختلفة في المدينة والكوفة والبصرة وبقية الأمصار وصولاً إلى القرن الرابع الهجري الذي نتوقف معه عند مسكويه(13) وتطويره للمنهج التاريخي ثم عند ابن الخطيب وابن خلدون والمقريزي كأمثلة لأبرز المؤرخين أصحاب المنهج الواضح في الكتابات التاريخية. ترك أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب المعروف بمسكويه أكثر من أربعين كتاباً(14). أبرزها كتابه الهام "تجارب الأمم" المطبوع في طهران بتحقيق وتقديم أبي القاسم إمامي. وقد عاش مسكويه قرناً كاملاً (320-421هـ) واعتمد على الطبري بصورة واسعة، كما اعتمد على مشاهداته وتجاربه في حياته الطويلة، واطلاعه على علوم العصر من فلسفة وأديان وحديث ورواية. ويمثل مسكويه خطوة متقدمة في الكتابة التاريخية الموضوعية، فإنه على الرغم من معاصرة السلاطين والوزراء البويهيين لا نجده يمدحهم أو يتملقهم في كتاباته. ولم يظهر ميلاً إلى تيار أو ملك أو اتجاه، بل حاول أن يرصد عصره ويحلل أحداثه بعقلانية، إلى درجة أنه لقّب بالمعلم الثالث نظراً لتمكنه من الفكر الفلسفي والإفادة منه في الكتابة التاريخية. ويمكن تلخيص ملامح المنهج التاريخي لدى مسكويه على النحو التالي: ـ التاريخ أحداث يمكن أن يستفيد منها الإنسان في أمور تتكرر ، أو يمكن أن تحدث مستقبلاً . ـ أمور الدنيا متشابهة في الإطار العام وعلى الإنسان تجربتها . ـ مقارنة الماضي بالحاضر للإفادة من خبرات الماضي . ـ ضرورة غربلة الأخبار من الأساطير والأسمار والمعجزات . ـ محاولة تفسير أحداث التاريخ وفق منهج علمي تجريبي قائم على الحذر في تلقي الروايات ، والدقة في تحليلها . ـ استفاد مسكويه من فكره الفلسفي في تفسير التاريخ . فهو بذلك أول من بدأ فلسفة التاريخ . ـ مسكويه موضوعي لا ينطلق من تصور مسبق . وحيادي في قراءة مصادره والإفادة منها . ـ يعتبر كتابه : " تجارب الأمم " من أهم المراجع التاريخية لأنه سجل حي لأحداث القرن الرابع الهجري. وقد سجل مسكويه تلك الأحداث من أصحابها وقام بتفسيرها على أساس الاستدلال الفلسفي الواعي، والنظرة العملية، والذهن البنّاء المنظم، والنظرة المحايدة. ونلمح أثر هذا المنهج بصور مختلفة لدى المؤرخين المسلمين الذين أتوا في العصور اللاحقة مثل رشيد الدين فضل الله (ت 718هـ) وهو صاحب كتاب "جامع التواريخ" وابن خلدون والسخاوي والمقريزي وبعض مؤرخي الأندلس ممن سوف نتوقف عندهم. وقد اعتمدت نشأة علم التاريخ في الأندلس على تأثيرات مشرقية، وتبرز لدينا في الأندلس أسماء هامة تراكمت لديها خبرات أخذت تتبلور مع الزمن. ومن هذه الأسماء عبد الملك بن حبيب وأبناء الرازي، وابن القوطية وعريب بن سعد. ثم تغدو الكتابة التاريخية أكثر نضوجاً وأرسخ قدماً لدى أبي مروان بن حيان صاحب المقتبس. وابن حزم العلامة الموسوعي صاحب الجمهرة والفصل، ثم ابن صاحب الصلاة، وبني سعيد في كتابيهم الموسوعيين "المُغرب" و"المُشرق"، وسواهم. (15) وحينما نصل إلى القرن الثامن الهجري" الرابع عشر الميلادي"تكون الكتابة في علم التاريخ قد بلغت أوجها لدى ابن الخطيب العلامة الموسوعي، وابن خلدون صاحب فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع. * * * ونتوقف قليلاً عند المنهج التاريخي لدى لسان ابن الخطيب في كتبه التاريخية المختلفة، وبخاصة الإحاطة في أخبار غرناطة (16) واللمحة البدرية(17) ونفاضة الجراب (18). وتبدو أبرز عناصر منهجه التاريخي في الملاحظات التالية: -التاريخ فـنٌ غايته نقل الأخبار. 2-الفن التاريخي مأرب البشر ووسيلة ......... النشر، يعرفون به أنسابهم في ذلك شرعاً وطبعاً ما فيه، ويكتسبون به عقل التجربة في حال السكون والرفيه، ويرى العاقل من تصريف قدرة الله تعالى ما يشرح صدره ويشفيه...." (19) وهكذا فالتاريخ معرفة الماضي للإفادة منها في رؤية الحاضر. 3-التاريخ لدى ابن الخطيب ليس مجرد نقل للأحداث السياسية وسيَر الملوك والسلاطين، بل هو تصوير للحياة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية بما تشمله هذه الحياة من رقي وازدهار، أو تخلف وتدهور. وهو في ذلك يتابع التفاصيل الدقيقة للموضوع الذي يتحدث عنه. يتحدث في الرحلة الأندلسية" خطرة الطيف" عن مشهد استقبال السلطان من قبل سكان إحدى المناطق في وادي فرذش، فيقول: "واستقبلتنا البلدة حرسها الله- نادى بأهل المدينة، موعدكم يوم الزينة، فسمحت الحجال برباتها والقلوب بحباتها، والمقاصر بحورها والمنازل بدورها، فرأينا تزاحم الكواكب بالمناكب، وتدافع البدور بالصدور، بيضاً كأسراب الحمام،...." ثم يقول:" واختلط النساء بالرجال، والتقى أرباب الحجا بربات الجمال..ز فلم نفرق بين السلاح والعيون الملاح، ولا بين البنود حمر الخدود.... ويلاحظ هنا دقة ابن الخطيب، كما يلاحظ وصفه للحياة الاجتماعية التي يظهر فيها النساء والرجال. كما يشير في مكان آخر إلى وجود رعايا مسيحيين في مملكة غرناطة خرجوا لاستقبال السلطان وهم يتمتعون بكامل حقوقهم. 4-يركز ابن الخطيب على الوصف الجغرافي للأماكن التي يتحدث عنها ويجعل هذا الوصف مدخلاً لبحثه التاريخي. وهذا ما فعله في حديثه عن غرناطة في مقدمة كتابه"الإحاطة" وكذلك في كتابه "نفاضة الجراب" حينما يصف الأماكن التي زارها. ومن ذلك حديثه عن مدينة أغمات في كتاب "نفاضة الجراب" حيث يقول: "ثم أتينا مدينة أغمات في بسيط سهل موطأ لا نشز فيه، ينال جميعه السقي الرغد، وسورها محمر الترب، مندمل الخندق، يخترقها واديان اثنان من ذوب الثلج، منيعة البناء، مسجدها عتيق عادي، كبير الساحة، ومئذنته لا نظير لها في معمور الأرض..." (20). 5-يحترم ابن الخطيب التسلسل الزمني بدقة وموضوعية، شان المؤرخين المحترمين، فهو يستعرض الدول ونشوءها وسقوطها استعراضاً تاريخياً دقيقاً، ولا يقرب دولة لشرفها أو مكانتها كالأدارسة مثلاً. وقد فعل سواه ذلك تقرباً لسلاطين عصرهم. 6-يدأب ابن الخطيب على ذكر مصادر معلوماته، ويحرص على ذكر المؤرخين السابقين باحترام. وقد أورد من الأسماء ما يشير إلى سعة إطلاع وعمق معرفته. فهو يذكر في مقدمة الإحاطة الكتب التي اطلع عليها كتواريخ للمدن أراد أن ينافسها في كتابه "الإحاطة" ومن ذلك على سبيل المثال: تاريخ بخارى لأبي عبد الله الفخار، وتاريخ أصبهان لصاحب الحلية، وتاريخ همذان لغنا خسرو الديلمي،.... وتاريخ الرقّة للقشيري، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ الإسكندرية لوجيه الدين الشافعي، وتاريخ مكة للأزرقي... الخ. إن ذكر هذه الأسماء دليل على سعة المعرفة، وأمانة النقل، واحترام الرأي الآخر. 7-حرص على الاستعانة بالمعلومات من مصادرها القريبة. ومن ذلك طلبه من صديقه سفير قشتالة يوسف بن وقارق معلومات عن تاريخ الممالك النصرانية: قشتالة وأراغون والبرتغال وذلك لتكون معلوماته موثقة ومستندة إلى مراجعها (21). 8-اعتماده على مشاهداته من النقوش والكتابات على العمائر والأضرحة والمنشآت المختلفة، وتوثيق تلك النقوش والكتابات والإفادة منها في مادته التاريخية. 9-أخلاقيته العالية في منهجه التاريخي، وصدقه وموضوعيته ومثال ذلك رسالته التي نصح فيها الملك القشتالي بدرو القاسي، وقد أوردها المستشرقون الأسبان كشاهد على أخلاقية ابن الخطيب. وقد أورد الحادثة المؤرخ الأسباني المعاصر دي إيالا. ووصفها المؤرخ "جاريباي" بأنها قيم أخلاقية جاءت من هذا المسلم ابن الخطيب، وهي تفوق في قيمها ما كتبه سينكا وغيره من فلاسفة الرواقيين الأقدمين(22). 10-مزج ابن الخطيب بين التاريخ والجغرافية والرحلات في إطار من النثر الفني الرشيق والبليغ. بحيث جاءت كتاباته التاريخية يغلب عليها الطابع الأدبي والسجع اللطيف. هذه الملاحظات العشر هي التي تميز المنهج التاريخي لابن الخطيب ويمكن مقارنتها مع مؤرخين آخرين أحدهما من القرن الرابع الهجري هو مسكويه. والآخر معاصر لابن الخطيب وهو شيخ المؤرخين العرب ابن خلدون. وتقوم عناصر المنهج التاريخي عند ابن خلدون على الملاحظات الموجزة التالية(23): 1- التاريخ علم 2- محتويات التاريخ والفكرة عنها 3- العناصر التي تجتمع لصنع التاريخ البشري 4- قوانين التاريخ 5- التاريخ علم فلسفي عند ابن خلدون(والفلسفة كل ما ليس له صفة دينية) 6- التاريخ عند ابن خلدون أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وهو نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها .. 7- ابن خلدون يدحض الأساطير 8- ابن خلدون يضع القواعد اللازمة لمقارنة الحقيقة 9- النقد التاريخي عند ابن خلدون يبدو في: - تبدل الأحوال بتبدل الأيام. - وحدة النفسية الاجتماعية - ظروف الأقاليم الجغرافية - التاريخ الحضاري البشري أما منهج البحث التاريخي عند ابن خلدون فيعتمد على : - ملاحظة ظواهر الاجتماع لدى الشعوب التي أتيح له الاحتكاك بها والحياة بين أهلها. - تعقب هذه الظواهر في تاريخ الشعوب نفسها في العصور السابقة لعصره - تعقب أشباهها في تاريخ شعوب أخرى لم يتح الاحتكاك بها والحياة بين أهلها. - الموازنة بين هذه الظواهر جميعاً. - التأمل في مختلف الظواهر للوقوف على طبائعها وعناصرها الذاتية وصفاتها العرضية واستخلاص قانون تخضع له هذه الظواهر في الفكر السياسي وفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع. ويرى ابن خلدون في مقدمته : 1- ان دراسة التاريخ ضرورية لمعرفة أحوال الأمم وتطور هذه الأحوال بفعل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية . 2- يركز ابن خلدون على موضوع الاستبداد والبطش الذي يقوم به السلطان ضد شعبه وأثر ذلك في الشعب. 3- يشرح ابن خلدون كيف أن بعض السلاطين ينافسون رعيتهم في الكسب والتجارة . ويسخرون القوانين لخدمة مصالحهم الخاصة وتسلطهم على أموال الناس، وإطلاق يد الجند في الأموال العامة مما يرسخ الشعور بالظلم والإحساس بالحقد لدى الشعب . 4- يوضح ابن خلدون أن هذه العوامل الداخلية هي التي تؤدي إلى الخلل في أحوال الدولة أكثر من العوامل الخارجية .لأن المجتمع الذي يعاني من خلل داخلي لا يستطيع مجابهة عدو خارجي. 5- تمكن ابن خلدون من الربط الدقيق بين العوامل الاقتصادية سابقاً بذلك مفكرين أوروبيين بعدة قرون 6- استوعب ابن خلدون الإرهاصات السابقة في الفكر السياسي لدى الفارابي والماوردي والغزالي وإخوان الصفا والطرطوشي ومسكويه وسواهم. وصاغ من كل ذلك نظريته الناضجة في الفكر السياسي وفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع. 7- يتضح من قراءة مقدمة ابن خلدون فهمه لفلسفة التاريخ من خلال ثلاث نقاط أساسية: - الأولى : أن التاريخ علم، وليس مجرد سرد أخبار بلا تدقيق ولا تمحيص. - الثانية : أن هذا العلم ليس منفصلاً عن العلوم الأخرى كالسياسة والاقتصاد والعمران وعلوم الدين والأدب والفن. - الثالثة : أن هذا العلم يخضع لقوانين تنتظم بموجبها أحوال الدول من قوة وضعف، ورفعة وانحلال. وقد طبق ابن خلدون هذه النظرية على كتابه "العبر" في سرده للأحداث والتعليق عليها وتحليل نتائجها. 8- يرى ابن خلدون أن الظلم مؤذن بخراب العمران، ويعدد أشكال هذا الظلم من اعتداء على الناس، وتضييق على حرياتهم، وسلب أموالهم، وإضعاف فرص معاشهم وتحصيل رزقهم. والعمران يفسد بفساد العوامل التي تصنعه، والفساد يؤدي إلى الخراب. 9- إن الفساد يؤدي إلى هرم الدولة وشيخوختها. والهرم من الأمراض المزمنة التي قد تكون طبيعية مع عمر الدول والأفراد. وقد تكون طارئة بفعل تفاقم الظلم والفساد والعدوان. 10- كان ابن خلدون على قدر كبير من الموضوعية والحياد العلمي في قراءته لأحداث التاريخ وتفسيرها رغم صعوبة الحياد في عصره. واستمراراً لمنهج ابن خلدون وتطويراً له، ودخولاً في التفاصيل الدقيقة يأتي المقريزي في وقت غدت فيه القاهرة مركز العالم الإسلامي ثقافياً واقتصادياً وسياسياً أيام حكم المماليك . وفي القاهرة ولد المقريزي لأسرة أصلها من بعلبك. ويذكر أنه كان سعيداً بولادته وعيشه في القاهرة (24) وقد ترك عدداً من الكتابات التاريخية الفائقة الأهمية مثل: - السلوك لمعرفة دول الملوك - اتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الفاطميين الخلفا - عقد جواهر الأسفاط في تاريخ مدينة الفسطاط. - المواعظ والاعتبار (المعروف باسم خطط المقريزي). - إغاثة الأمة بكشف الغمة. وقد أفاد المقريزي من تجارب حياته العملية كاتباً في ديوان الانشاء وقاضياً وخطيباً . كما أفاد من اطلاعه الواسع على الكتابات التاريخية السابقة وبخاصة ابن خلدون. ولعل أهم ما يميزه : 1- الموضوعية والأمانة التاريخية في السرد والعرض.(25) 2- وتنبثق عن الموضوعية صفة العفة والأخلاق الرفيعة والترفع عن الإساءة إلى الآخرين. 3- التدقيق والتقصي والتحقيق والتعليل (26) 4- الدخول في التفاصيل الدقيقة : أحوال النيل – الحياة اليومية – الفساد – الرشوة – الغلاء – إغراق الأسواق بالنقود. 5- التركيز على الموضوع وعدم الاستطراد، وعدم الخروج على الموضوع . 6- الحيادية تجاه الحكام وعدم مداهنتهم والتقرب إليهم . - التنبه إلى ربط حركة التاريخ بالعوامل الاقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة وانتقال أموال وتوزيع ثروات واقطاعات (27) - رصد كثير من الظواهر الاجتماعية بدقة : شهادة الزور، الزنا، اللواط، الفسوق، الخمر. * * * والآن نخلص إلى بعض الملاحظات العامة والاستنتاجات التي تشمل مراحل تطور الكتابات التاريخية عند العرب: 1- ان الفكر العربي التاريخي اتجه أساساً إلى سرد الوقائع والأحداث من خلال الرصد أو الرواية المسندة، مستفيداً من علم الحديث. 2- إن كلمة "التاريخ" تعني في المعجم الغاية والوقت الذي ينتهي إليه كل شيء. وبذلك يتصل المعنى بحركة الزمن المرصودة وليس بالحكاية الاسطورية التي تشير إليها كلمة History باللغات الأوروبية. 3- الغاية النبيلة من كتابة التاريخ كعلم، ويندرج ذلك في إطار العلوم جميعاً كعمل يتقرب به صاحبه إلى الله وكأنه شكل من أشكال العبادة، وليس عملاً نفعياً يتوخى مصلحة آنية. 4- سرد الروايات القديمة بصورة حيادية وترك التعليق عليها وإلقاء مسؤولية روايتها على من أسندت إليه. 5- الاعتراف بالآخر وعرضه بموضوعية إلى حد بعيد وعدم إلغاء من يخالف الرأي أو الدين أو المذهب أو العرق. 6- يلاحظ في الدراسات التاريخية الحديثة والمعاصرة تأثر المؤرخين العرب بالمدارس القومية أو الماركسية أو العلمانية أو الليبرالية أو البراغماتية . وهم في أغلب الأحيان متأثرون بالعوامل السياسية الضاغطة بصورة أو بأخرى. 7- بروز التخصصات الدقيقة في الدراسات التاريخية : - قديمة – حديثة - مشرقية – أندلسية - حضارات: مصر القديمة، بابل، بلاد الشام، المغرب - الحركات الإسلامية – الشعوبية - تاريخ الأدب - التاريخ الاجتماعي - علم الآثار - التراث غير المادي 8- محاولة إظهار جانب العبقرية لدى المؤرخين العرب، وبيان مدى تأثر المؤرخين الغربيين بهم. 9- اللجوء إلى صفحات التاريخ المشرقة هرباً من الإحباط المتلاحق الذي يعيشه العرب اليوم. https://majles.alukah.net/t136021/ |
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مرجع, يبدة, ساساعده |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc