قايد صالح أكد حياد الجيش وبوتفليقة دافع عن المؤسسة
العسكر في قلب رئاسيات 2014
أثار الصراع السياسي في أعلى هرم السلطة حول الانتخابات الرئاسية، تساؤلات لدى الرأي العام الوطني، وحتى الدولي حول محل المؤسسة العسكرية من الاستحقاقات القادمة، وأي دور قد يلعبه الجيش، وهل سيلتزم الحياد ويترك المجال مفتوحا، أم أنه سيرمي بثقله في حسم نتائج اللعبة.
كشفت الاتهامات "الخطيرة" التي وجهها الأمين العام للأفلان، عمار سعداني، قبل أسابيع، ضد جهاز المخابرات وقائده الفريق محمد مدين المدعو توفيق، عن حجم الصراع الحاصل بين جماعتي الرئاسة والمخابرات، وأكدت أن هذا الأخير بقيادة "توفيق" يعارض العهدة الرابعة، وهو ما أكده سعداني، بقوله أن تفجير فضائح سوناطراك وجلب عبد المومن خليفة، كان بهدف قطع الطريق على الرئيس بوتفليقة للاستمرار في الحكم لخمس سنوات أخرى.
ولم تقف الأمور عند تصريحات سعداني، بل أصبحت المؤسسة العسكرية حديث العام والخاص بعد أن تواصل الجدال ليمتد إلى تأليب الطبقة والنخبة على سعداني، آخرها تصريحات الجنرال المتقاعد بن حديد، ورسالة هشام عبود ضد شقيق الرئيس، لتمتدّ بعدها إلى جر الجنرال حسان، رئيس مصلحة مكافحة الإرهاب بمديرية الاستخبارات للمحكمة العسكرية.
وأكدت لاحقا رسالة الرئيس بوتفليقة، التي وجهها إلى قائد الأركان بمناسبة حادث سقوط الطائرة العسكرية، ونظيرتها التي وجهها أول أمس، بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، أن جميع الأطراف "المتناحرة" تبحث عن مخرج من الأوضاع التي وصفها الرئيس، في رسالته بالخطيرة، أو على الأقل أن تعطي إشارات بانتهاء "الحرب الباردة" بين أجنحة النظام.
وبالرغم من اختلاف القراءات حول مضمون رسالة وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن جميعها كانت صحيحة في نظر المتلقين رغم تناقضها في بعض الأحيان، وهذا ما يوحي إلى أن الغموض لا يزال سيّد الموقف.
فهناك من يرى أن رسالة بوتفليقة، نتيجة توافق بعد صراع بين الرئاسة وقيادة الأركان والمخابرات، لتجاوز مرحلة الخطر، وتقديمه لإيحاءات نفى فيها وجود صراع بين مؤسستي الرئاسة والمخابرات، وإعادة ترتيب أوراق اللعبة وضبط التوازنات بين الطرفين.
وعزّز هذا الاعتقاد الرسائل المشفّرة التي ألقى بها حمروش، في بركان الرئاسيات، والتي أكد فيها على دور المؤسسة العسكرية في صناعة القرار، وحديثه عن الحفاظ على مصالح جميع الجماعات، وتأكيده على أنه لن يترشح للرئاسيات إذا قدم الجيش مرشحه.
وبالعودة إلى تاريخ العلاقة بين الطرفين يعتقد متابعون أن المخابرات هي من تصنع رؤساء البلاد، ويفهم البعض الآخر من رسالة الرئيس على أنها دليل على تمكن "الرئاسة" من جهاز المخابرات، وإضعاف رجله القوي الجنرال توفيق، وعزز في نفس الوقت بحسب أنصار العهدة الرابعة قوة قائد الأركان، وهو ما يعني أن دور الجيش يبقى محوريا في صناعة المشهد، فقط انتقل الثقل من جهاز المخابرات إلى قيادة الأركان.
وخلاصة القول فإن التطورات الأخيرة ــ برأي مراقبين ــ والتي أعقبت تصريحات سعداني، أثبتت أن جميع الأطراف المتناحرة جلست إلى طاولة واحدة، وأكدت أن كل المناورات من قبل لم تكن مناورات حسم بقدر ما كانت موقع قوة، كما أن جميع المؤشرات توحي بأن الرئيس القادم للجزائر لن يخرج من دائرة الذي تختاره المؤسسة العسكرية، أو على الأقل الذي ترضى عنه بالرغم من التطمينات التي نقلتها زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، عن قائد الأركان القايد صالح بعدم تدخل الجيش في الرئاسيات.