مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 20 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-20, 16:51   رقم المشاركة : 286
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



من هم بنو قريظة ؟

وماذا حدث لهم ؟


السؤال

من هم بنو قريظة ؟

وماذا حدث لهم ؟

فقد قرأت سطراً عنهم في إجابتكم على علامات بلوغ الطف


الجواب

الحمد لله

أولا :

لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، كان بالمدينة ثلاث قبائل من اليهود : بنو قينقاع

وبنو النضير ، وبنو قريظة ، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فأبى عامتهم إلا الكفر ، فكتب بينه وبينهم كتابا (أي عهداً يلتزمون به) ، ثم إنهم حاربوه ، قال ابن القيم رحمه الله :

" وَحَارَبَهُ الثَّلَاثَةُ، فَمَنَّ عَلَى بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَقَتَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَسَبَى ذُرِّيَّتَهُمْ، وَنَزَلَتْ (سُورَةُ الْحَشْرِ) فِي بَنِي النَّضِيرِ، وَ (سُورَةُ الْأَحْزَابِ) فِي بَنِي قُرَيْظَةَ " . "

زاد المعاد" (3/ 59)

ثانيا :

ملخص ما ذكره أهل السير والمغازي بشأن بني قريظة :

أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ حفر الْخَنْدَقِ، أَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَحَابِيشِهِمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَأَقْبَلَتْ غَطَفَانُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُون

حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سَلْعٍ - جبل بالمدينة - فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَضَرَبَ هُنَالِكَ عَسْكَرَهُ، وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ وَأَمَرَ بِالذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ فَجُعِلُوا فَوْقَ الْآطَامِ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ .

وَخَرَجَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضَرِيُّ حَتَّى أَتَى كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ الْقُرَظِيَّ صَاحِبَ عَقْدِهِمْ وَعَهْدِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ كَعْبٌ أَغْلَقَ بَابَ حِصْنِهِ دُونَ حُيَيٍّ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ، فَنَادَاهُ: وَيْحَكَ يَا كَعْبُ! افْتَحْ لِي

قَالَ: وَيْحَكَ يَا حُيَيُّ! إِنَّكَ امْرُؤٌ مَشْئُومٌ، وَإِنِّي قَدْ عَاهَدْتُ مُحَمَّدًا، فَلَسْتُ بِنَاقِضٍ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَمْ أَرَ مِنْهُ إِلَّا وَفَاءً وَصِدْقًا. قَالَ: وَيْحَكَ! افْتَحْ لِي أُكَلِّمْكَ. فلم يزل به حتى فتح له

ثم لَمْ يَزَلْ يَفْتِلُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى نَقض عَهْد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ حُيَيٌّ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ: لَئِنْ رَجَعَتْ قُرَيْشٌ وغَطَفَانُ وَلَمْ يُصِيبُوا مُحَمَّدًا؛ أَنْ أَدْخُلَ مَعَكَ

فِي حِصْنِكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ. فَنَقَضَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ عَهْدَهُ، وَبَرِئَ مِمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ، بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ،، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْأَوْسِ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ

وَمَعَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَخَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ. فَدَخَلُوا مَعَهُمْ حِصْنَهُمْ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى الْمُوَادَعَةِ وَتَجْدِيدِ الْحِلْفِ، فَقَالُوا: الْآنَ وَقَدْ كُسِرَ جَنَاحُنَا وَأَخْرَجَهُمْ؟! يُرِيدُونَ بَنِي النَّضِيرِ

وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يُشَاتِمُهُمْ، ثُمَّ نَادَاهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَا بَنِي قُرَيْظَةَ

وَأَنَا خَائِفٌ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ أَوْ أَمَرَّ مِنْهُ. فسبوه ونَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: مَنْ رَسُولُ اللَّهِ؟ لَا عَهْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَلَا عَقْدَ. فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَشَاتَمُوهُ، وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدَّةٌ .

فرجعوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروه ، وَاشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ وَالْخَوْفُ وَأَتَاهُمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، حَتَّى ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ظَنٍّ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ .

فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَابِطًا ، وَأَقَامَ الْمُشْرِكُونَ يُحَاصِرُونَهُ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلَّا رميا بِالنَّبْلِ .

وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي مَا وَصَفَ اللَّهُ مِنَ الْخَوْفِ وَالشِّدَّةِ؛ لِتَظَاهُرِ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ وَإِتْيَانِهِمْ إِيَّاهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ.

ثُمَّ إِنَّ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(إِنَّمَا أَنْتَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فَخَذِّلْ عَنَّا إِنِ اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ). فَخَرَجَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ لَهُمْ نَدِيمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ

فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ قَدْ جَاءُوا لِحَرْبِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ ظَاهَرْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ، وَبَلَدُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ بِغَيْرِهِ ، فَلَيْسُوا كَأَنْتُمْ، فَإِنْ رَأَوْا نُهْزَةً أَصَابُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ لَحِقُوا بِبِلَادِهِمْ

وَخَلَّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرَّجُلِ بِبَلَدِكُمْ، وَلَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ إِنْ خَلَا بِكُمْ، فَلَا تُقَاتِلُوا مَعَ الْقَوْمِ حَتَّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ يَكُونُونَ بِأَيْدِيكُمْ؛ ثِقَةً لَكُمْ عَلَى أَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُنَاجِزُوهُ. قَالُوا: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ.

ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ رِجَالِ قُرَيْشٍ: تَعْلَمُوا أَنَّ مَعْشَرَ يَهُودَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ،

وَقَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا فَعَلْنَا، فَهَلْ يُرْضِيكَ أَنْ نَأْخُذَ لَكَ مِنَ الْقَبِيلَتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ رِجَالًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَنُعْطِيَكَهُمْ فَتَضْرِبَ

أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ نَكُونَ مَعَكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَتَّى تَسْتَأْصِلَهُمْ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنْ نَعَمْ. فَإِنْ بَعَثَتْ إِلَيْكُمْ يَهُودُ يَلْتَمِسُونَ مِنْكُمْ رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ، فَلَا تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ مِنْكُمْ رَجُلًا وَاحِدًا.

ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى غَطَفَانَ، فقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِقُرَيْشٍ، وَحَذَّرَهُمْ مَا حَذَّرَهُمْ.

فخَذَّلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَجَعَلَتْ تَكْفَأُ قُدُورَهُمْ وَتَطْرَحُ أَبْنِيَتَهُمْ.

ونزل قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) إلى قوله تعالى :

( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ

وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ

فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) الأحزاب/ 9 - 27

أَيْ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَدُوَّهُمْ بِالرِّيحِ الَّتِي أَرْسَلَهَا عَلَيْهِمْ وَالْجُنُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمُ الَّتِي بَعَثَهَا اللَّهُ إِلَيْهِمْ (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ) أَيْ؛ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى مُنَازَلَتِهِمْ وَمُبَارَزَتِهِمْ، بَلْ صَرَفَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ .

روى البخاري (4114) ومسلم (2724) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلاَ شَيْءَ بَعْدَهُ)

ولَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ - كما رواه البخاري (4117) - أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَالَ: " قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ قَالَ: فَإِلَى أَيْنَ؟

قَالَ: هَا هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ وحاصرهم بِكَتَائِبِ الْمُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ،

وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ، فَحَكَمَ فِيهِمْ بحكم الله : أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ .

فَحَبَسَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ، ثُمَّ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فَخَنْدَقَ بِهَا خَنَادِقَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ فِي تِلْكَ الْخَنَادِقِ، فَخُرِجَ بِهِمْ إِلَيْهِ أَرْسَالًا

وَقَدْ قَالُوا لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ وَهُمْ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَالًا:

يَا كَعْبُ مَا تَرَاهُ يُصْنَعُ بِنَا؟ قَالَ: أَفِي كُلِّ مَوْطِنٍ لَا تَعْقِلُونَ، أَلَا تَرَوْنَ الدَّاعِيَ لَا يَنْزِعُ، وَأَنَّهُ مَنْ ذُهِبَ بِهِ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُ، هُوَ وَاللَّهِ الْقَتْلُ. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الدَّأْبَ حَتَّى فُرِغَ مِنْهُمْ .

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ أَنْبَتَ مِنْهُمْ ، ومن لم ينبت تركوه ، فروى أبو داود (4404) بسند صحيح عن عَطِيَّة الْقُرَظِيّ رضي الله عنه قَالَ:

" كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ، فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ "

وفي رواية : " فَكَشَفُوا عَانَتِي، فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ، فَجَعَلُونِي مِنَ السَّبْيِ " .

انظر : "البداية والنهاية" (6/ 34-94) ، "سير أعلام النبلاء" (1/ 470-480) ، "تاريخ الإسلام" (2/ 307-318) ، "الروض الأنف" (6/ 262-294)

وهكذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من يهود بني قريظة الذين نقضوا العهد ، وتحالفوا مع المشركين لاستئصال الإسلام وأهله ، فعاد كيدهم في نحورهم ، واستُئصلوا هم عن آخرهم ، والحمد لله رب العالمين .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:22   رقم المشاركة : 287
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ali harmal مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا

الحمد لله الذي لفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
و مازلت في انتظار مرورك العطر

بارك الله فيك
و جزاك اللله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:28   رقم المشاركة : 288
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل هدم يزيد بن معاوية الكعبة ؟

السؤال

قرأت في الإنترنت أن يزيد هدم الكعبة ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله

يجب التحري عند قراءة التاريخ ، وأخذه من مصادره الموثوقة ، وعدم اعتماد ما يتناقله الناس عبر الانترنت وغيره إلا بعد التأكد من صحته ؛ فإن كثيرا من الروايات التاريخية لا تصح ، بل إن كثيرا منها لا أصل له .

ويزيد بن معاوية لم يهدم الكعبة ، إنما هدمها ابن الزبير ليبنيها من جديد على الوجه الذي كان يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون عليه .

فروى البخاري (1586) ومسلم (1333) عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : ( يَا عَائِشَةُ ، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ

فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ، بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا ، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ ) ، فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى هَدْمِهِ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأما ملوك المسلمين من بني أمية وبني العباس ونوابهم : فلا ريب أن أحدا منهم لم يقصد إهانة الكعبة ، لا نائب يزيد ، ولا نائب عبد الملك : الحجاج بن يوسف

ولا غيرهما ؛ بل إن المسلمين كانوا معظمين للكعبة ، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير ، والضرب بالمنجنيق كان له لا للكعبة ، ويزيد لم يهدم الكعبة ولم يقصد إحراقها

لا وهو ولا نوابه باتفاق المسلمين ، ولكن ابن الزبير هدمها تعظيما لها ، لقصد إعادتها وبنائها على الوجه الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها

وكانت النار قد أصابت بعض ستائرها فتفجر بعض الحجارة

ثم إن عبد الملك أمر الحجاج بإعادتها إلى البناء الذي كانت عليه زمن رسول لله صلى الله عليه وسلم إلا ما زاد في طولها في السماء فأمره أن يدعه فهي على هذه الصفة إلى الآن "

انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4 /348) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" قال ابن جرير: وفي هذه السنة - يعني سنة أربع وستين - هدم ابن الزبير الكعبة، وذلك لأنه مال جدارها من رمي المنجنيق ، فهدم الجدار حتى وصل إلى أساس إبراهيم ، وكان الناس يطوفون ويصلون من وراء ذلك

وجعل الحجر الأسود في تابوت في سرق من حرير ، وادخر ما كان في الكعبة من حلي وثياب وطيب ، عند الخزان ، حتى أعاد ابن الزبير بناءها على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبنيها عليه من الشكل

ثم لما غلبه الحجاج بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين : هدم الحائط الشمالي ، وأخرج الحجر كما كان أولا ، وأدخل الحجارة التي هدمها في جوف الكعبة فرصها فيه، فارتفع الباب وسد الغربي "

انتهى من "البداية والنهاية" (8 /275).

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:36   رقم المشاركة : 289
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا قدر الله ما قدره من الأحداث والفتن في المسجد الحرام عبر الزمان وقد شرّفه وحرّمه ؟

السؤال

قرأت في الإنترنت أن يزيد هدم الكعبة ، فهل هذا صحيح ؟

فالله يقول : إنه يؤمن بيته بنفسه ؛ كما أن السيول قد اجتاحت الكعبة قديما، وكذلك الفتنة التي وقعت في الثمانينات من رجل زعم أنه المهدي ! فلماذا أذن الله بوقوع مثل هذا ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

ويزيد بن معاوية لم يهدم الكعبة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال السابق

ثانيا :

لا شك أن الله تعالى شرّف بيته وعظمه حيث جعله قبلة للناس ، ومن دخله كان آمنا

قال تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ) البقرة /125 .

قال السعدي :

" أي: مرجعا يثوبون إليه ، لحصول منافعهم الدينية والدنيوية ، يترددون إليه ، ولا يقضون منه وطرا ، وجعله أمنا يأمن به كل أحد ، حتى الوحش ، وحتى الجمادات كالأشجار.

ولهذا كانوا في الجاهلية - على شركهم - يحترمونه أشد الاحترام ، ويجد أحدهم قاتل أبيه في الحرم ، فلا يهيجه ، فلما جاء الإسلام ، زاده حرمة وتعظيما ، وتشريفا وتكريما "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 65) .

وما حصل من أحداث في المسجد الحرام مما يخالف حرمته وتشريفه يحمل على أحد أمرين :

أولهما : أن ذلك من إرادة الله الكونية القدرية التي يشاؤها بحكمته وعلمه ، ليبتلي الخلق ويختبرهم فيما شرعه وقضاه بحكمه .

وقد تقدم في جواب السؤال القادم

الفرق بين إرادة الله الشرعية الدينية وإرادته الكونية القدرية ، وبينا أن الإرادة الشرعية تتعلق بما يحبه الله ويرضاه ، وأن الإرادة الكونية تتعلق بمشيئته سبحانه وخلقه بمقتضى حكمته وعلمه

فالله عز وجل يريد إرادة شرعية تعظيم البيت الحرام وتشريفه وتأمينه وتأمين من يدخله

ثم إن الله تعالى قد يقدر في الواقع خلاف ذلك ليبتلي الناس ، ويميز الخبيث من الطيب ، ويعلم مَن مِن خلقه يطيعه ومن منهم يعصيه ، ومن يعظم حرماته ومن يجترئ عليها .

والله عز وجل أمر بتطهير البيت وتعظيمه وتشريفه ، وقد حرمه الله تعالى ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، ومن دخله كان آمنا ، هذا ما شرعه الله وأمر به ، وهذه هي المشيئة الشرعية .

ولكن هذه المشيئة قد تتخلف لحكمة يعلمها الله تعالى ويريدها ، فيقدر الرب سبحانه خلاف ما شرع وأحب ، فيقع ما لا يرضى ، من عدم تعظيم البيت والاستهانة به وبحقه وحرمته

وعدم تأمين من يفد إليه من الحجاج والمعتمرين والزائرين

كما حصل أيام القرامطة إذ قتلوا الحجيج ، وطموا بئر زمزم ، وقلعوا الحجر الأسود ، وأخذوه ونكلوا بالناس أشد تنكيل ، وهذه هي المشيئة القدرية التي يقدرها الله بحكمته وعلمه يبتلى الناس ويختبرهم بها لينظر كيف يعملون
.
قال ابن كثير رحمه الله :

" وروي عن بعضهم أنه قال : كنت في المسجد الحرام يوم التروية في مكان الطواف

فحمل على رجل كان إلى جانبي فقتله القرمطي ، ثم قال : يا حمير، ورفع صوته بذلك ، أليس قلتم في بيتكم هذا : (ومن دخله كان آمنا) آل عمران/ 97

فأين الأمن ؟ قال : فقلت له : اسمع جوابك ، قال: نعم . قلت : إنما أراد الله : فأمِّنُوه .

قال : فثنى رأس فرسه وانصرف "

انتهى من "البداية والنهاية" (11 /183) .

وقد يقدر الله عز وجل وقوع ما لا يحب ، وخلاف ما يأمر به لحكم كثيرة ، منها : - - حصول مقتضيات أسمائه وصفاته وآثارها .

- تمييز الخبيث من الطيب والمؤمن من الكافر والمطيع من العاصي .

- اصطفاء الشهداء واجتباء الصلحاء .

- رفع درجات من أراد الله بهم الحسنى من أهل السعادة .

ثانيا :

هذه الأحداث التي حصلت لبيت الله الحرام لم تزده إلا حرمة وتشريفا ، ولو أن شيئا كيد بما كيد به البيت الحرام عبر العصور لما بقيت له اليوم من باقية

ولكنك لا تجد البيت الحرام يزداد مع الأيام إلا شرفا ، ومع الأحداث إلا رفعة وحرمة في أعين المؤمنين وقلوبهم ، فتشتاق أفئدة الملايين من المسلمين في شتى بقاع الأرض إلى زيارته ، والصلاة فيه والطواف حوله .

وهذا وحده كاف لإثبات شرفه وحرمته ، وهو مما يدل على أن الله تعالى أراد بالبيت التعظيم والرفعة والحرمة شرعا وقدرا

كما قال تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ *

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) البقرة/ 125، 126 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" ومضمون ما فسر به هؤلاء الأئمة هذه الآية : أن الله تعالى يذكر شرف البيت وما جعله موصوفًا به شرعًا وقدرًا من كونه مثابة للناس ، أي: جعله مَحَلا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه

ولا تقضي منه وطرً ا، ولو ترددَت إليه كلَّ عام ، استجابة من الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم

عليه السلام، في قوله : ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) إلى أن قال: ( رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ) إبراهيم / 37 -40 ، ويصفه تعالى بأنه جعله أمنًا ؛ من دخله أمن ، ولو كان قد فعل ما فعل ، ثم دخله : كان آمنًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان الرجل يلقى قاتل أبيه وأخيه فيه فلا يَعْرض له ، كما وصفها في سورة المائدة بقوله تعالى : ( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ) المائدة / 97 .

أي: يُرْفَع عنهم بسبب تعظيمها السوءُ ، كما قال ابن عباس : لو لم يحج الناسُ هذا البيت لأطبق الله السماءَ على الأرض " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (1 /413) .

وخلاصة الجواب عن هذه المسألة :

أن ما حصل من أحداث للمسجد الحرام لم يزده إلا تشريفا وتعظيما

وما وقع فيه من الشر والفتنة فمن قدر الله الذي شاءه سبحانه بحكمته وعلمه ؛ ليبتلي الناس ويختبرهم ويصطفي الأولياء والشهداء والأتقياء والأخيار من عباده .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:40   رقم المشاركة : 290
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الأشياء السيئة التي تقع في الكون تحدث بإرادة الله ؟

السؤال

هل كل ما يقع في هذا الكون هو بإرادة الله تعالى ؟

وإذا كان كذلك فكيف تقع الأشياء التي لا يحبها الله في ملك الله وبإرادته ؟.


الجواب

الحمد لله

اعلم وفقك الله تعالى أن بعض الناس قد ضل في باب القدر لأنهم ظنوا أن إرادة الله للفعل تقتضي محبته له فجرهم ذلك إلى القول بأن أفعال الشر تقع بغير إرادة الله

فنسبوا إلى الله العجز والضعف حيث أثبتوا أنه يقع في ملكه ما لا يريد ، وبالتالي فقد يريد الشيء ولا يقع ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ

والحق أنه لا تلازم بين ما يحبه الله ويريده شرعا ، وبين ما يقضيه ويريده ويقدره كوناً ويتضح ذلك بالنقاط التالية :

أولاً: إرادة الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة على قسمين :

القسم الأول :

الإرادة الكونية القدرية : وهي مرادفة للمشيئة ، وهذه الإرادة لا يخرج عن مرادها شيء ؛ فالكافر والمسلم تحت هذه الإرادة الكونية سواء ؛ فالطاعات ، والمعاصي ، كلها بمشيئة الرب ، وإرادته .

ومن أمثلتها قوله تعالى : ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ ) الرعد/11

وقوله : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) الأنعام/125

القسم الثاني :

الإرادة الشرعية الدينية : وهي مختصة بما يحبه الله ويرضاه .

ومن أمثلتها قوله ـ تعالى ـ : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ) البقرة/185

وقوله : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) النساء/27 ، وقوله ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) المائدة/6 .

ثانياً : الفرق بين الإرادتين :

بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فروق تميز كل واحدة منهما عن الأخرى ، ومن تلك الفروق ما يلي :

1ـ الإرادة الكونية تتعلق بما يحبه الله ويرضاه ، وبما لا يحبه ولا يرضاه .

أما الشرعية فلا تتعلق إلا بما يحبه الله ويرضاه فالإرادة الكونية مرادفة للمشيئة ، والإرادة الشرعية مرادفة للمحبة .

2ـ الإرادة الكونية قد تكون مقصودة لغيرها كخلق إبليس مثلاً ، وسائر الشرور ؛ لتحصل بسببها أمور كثيرة محبوبة لله تعالى كالتوبة ، والمجاهدة ، والاستغفار .

أما الإرادة الشرعية فمقصودة لذاتها ؛ فالله تعالى أراد الطاعة وأحبها ، وشرعها ورضيها لذاتها .

3ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها ؛ فالله إذا شاء شيئاً وقع ولا بد ، كإحياء أحد أو إماتته ، أو غير ذلك .

أما الإرادة الشرعية ـ كإرادة الإيمان من كل أحد ـ فلا يلزم وقوعها ، فقد تقع وقد لا تقع ، ولو كان لابد من وقوعها لأصبح الناس كلهم مسلمين .

4ـ الإرادة الكونية متعلقة بربوبية الله وخلقه ، أما الشرعية فمتعلقة بألوهيته وشرعه .

5ـ الإرادتان تجتمعان في حق المطيع ، فالذي أدى الصلاة ـ مثلاً ـ جمع بينهما

وذلك لأن الصلاة محبوبة لله ، وقد أمر بها ورضيها وأحبها ، فهي شرعية من هذا الوجه ، وكونها وقعت دل على أن الله أرادها كوناً فهي كونية من هذا الوجه ؛ فمن هنا اجتمعت الإرادتان في حق المطيع .

وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي ، فكونها وقعت فهذا يدل على أن الله شاءها ؛ لأنه لا يقع شيء إلا بمشيئته ، وكونها غير محبوبة ولا مرضية لله دليل على أنها كونية لا شرعية .

وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر المأمور به ، وطاعة العاصي المطلوبة منه بدل معصيته

فكونها محبوبة الله فهي شرعية ، وكونها لم تقع ـ مع أمر الله بها ومحبته لها ـ دليل على أنها شرعية فحسب ؛ إذ هي مرادة محبوبة لم تقع .

هذه بعض الفوارق بين الإرادتين ، فمن عرف الفرق بينهما سلم من شبهات كثيرة

زلت بها أقدام ، وضلت بها أفهام ، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن العباد بهاتين العينين كان بصيراً ومن نظر إلى الشرع دون القدر أو العكس كان أعور .

ثالثاً : أفعال الله كلها خير وحكمة وعدل :

فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها هو ، وقد يُعْلم العباد أو بعضهم من حكمته ما يطلعهم عليه ، وقد يعجز العباد بعقولهم القاصرة عن إدراك كثير من الحكم الإلهية .

والأمور العامة التي يفعلها سبحانه تكون لحكمة عامة ، ورحمة عامة كإرساله محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/107

يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ " إنه سبحانه حكيم ، لا يفعل شيئاً عبثاً ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة ، وهي الغاية المقصودة بالفعل

بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فَعَل ، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل ، وقد دل كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا "

هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور / عبد الرحمن المحمود )

و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:45   رقم المشاركة : 291
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عوج بن عنق " شخصية خرافية لا وجود لها .

السؤال


أريد أن أعرف من هو "عوج بن عناق"، هل وجدت هذه الشخصية حقاً أم لا؟ لقد سمعت قصصاً عن شجاره مع موسى عليه السلام ، وأنه كان يقف في وسط المحيط فلا يصل إلا إلى ركبيته

وأنه كان يصطاد الحيتان ويشويها في عين الشمس ... الخ.

فما صحة هذه القصص ، وهل ورد حديث صحيح في ذِكره ؟


الجواب

الحمد لله

"عوج بن عنق" ، ويقال : "عوج بن عوق" ، ويقال : "عوج بن عناق" ، شخصية وهمية أسطورية لا وجود لها بهذا الوصف الذي وصفه الواصفون ، إلا في الخيال الجامح

والإسرائيليات المغرقة في المبالغة والتهويل ، وعن هذا الطريق ( الإسرائيليات ) تلقاها من حشاها في كتبه من المفسرين والقصاص وأصحاب التاريخ وأهل اللغة

بل وبعض المحدثين ، كابن عساكر وأبي الشيخ الأصبهاني وابن المنذر وغيرهم .

وما يذكر من وصفه الهائل ، وأنه كان طويلا جدا ، يصطاد الحيتان فيشويها في عين الشمس، وأخباره مع نبي الله نوح ونبي الله موسى عليهما السلام : فباطل محال ، وقد ردّ ذلك المحققون من أهل العلم .

وغاية ما هنالك أن يقال : إذا كان لهذه الشخصية وجود ، فهو من جملة المردة الكفرة ، من القوم الجبارين العمالقة بقية قوم عاد ، إلا أن الكذابين والقصاصين هوّلوا من شأنه

وأسرفوا في وصفه ، ووضعوا فيه الأقاصيص المكذوبة والحكايات المزورة ؛ ترويجا لغرضهم الفاسد عند العوام .

وانظر : "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" لملا علي القاري (ص448) .

ولا يمكن أن يكون قد بقي من زمن نوح إلى زمن موسى عليهما السلام

لأن الله تعالى يقول : ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ) الشعراء/ 119، 120.

وقال تعالى : ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) نوح/ 26 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبْقِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، فَكَيْفَ يَزْعُمُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ عُوَجَ بْنَ عُنُقَ، وَيُقَالُ: ابْنَ عِنَاقَ ، كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَبْلِ نُوحٍ إِلَى زَمَانِ مُوسَى ؟! وَيَقُولُونَ: كَانَ كَافِرًا مُتَمَرِّدًا جَبَّارًا عَنِيدًا

وَيَقُولُونَ: كَانَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ ، بَلْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عُنُقُ بِنْتُ آدَمَ مِنْ زِنًا ، وَأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِهِ السَّمَكَ مِنْ قَرَارِ الْبِحَار ِ، وَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِنُوحٍ ، وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ: مَا هَذِهِ الْقُصَيْعَةُ الَّتِي لَكَ

وَيَسْتَهْزِئُ بِهِ ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ كَانَ طُولُهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَثُلُثًا

إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ الَّتِي لَوْلَا أَنَّهَا مُسَطَّرَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفَاسِيرِ، وَغَيْرِهَا مِنَ التَّوَارِيخِ ، وَأَيَّامِ النَّاسِ ، لَمَا تَعَرَّضْنَا لِحِكَايَتِهَا لِسَقَاطَتِهَا، وَرَكَاكَتِهَا، ثُمَّ إِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ :

أَمَّا الْمَعْقُولُ : فَكَيْفَ يَسُوغُ فِيهِ أَنْ يُهْلِكَ اللَّهُ وَلَدَ نُوحٍ لِكُفْرِهِ ، وَأَبُوهُ نَبِيُّ الْأُمَّةِ وَزَعِيمُ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَلَا يُهْلِكُ عُوجَ بْنَ عُنُقَ ، وَهُوَ أَظْلَمُ وَأَطْغَى عَلَى مَا ذَكَرُوا ؟!

وَكَيْفَ لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا ، وَيَتْرُكُ هَذَا الدَّعِيَّ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الْفَاجِرَ الشَّدِيدَ الْكَافِرَ الشَّيْطَانَ الْمَرِيدَ عَلَى مَا ذَكَرُوا ؟!
وَأَمَّا الْمَنْقُولُ

: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ) ، وَقَالَ : ( رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) .

ثُمَّ هَذَا الطُّولُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ) .

فَهَذَا نَصُّ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ، أَيْ : لَمْ يَزَلِ النَّاسُ فِي نُقْصَانٍ فِي طُولِهِمْ مِنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ ، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ ، فَكَيْفَ يُتْرَكُ هَذَا وَيُذْهَلُ عَنْهُ ؟

وَيُصَارُ إِلَى أَقْوَالِ الْكَذَبَةِ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ بَدَّلُوا كُتَبَ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةَ وَحَرَّفُوهَا وَأَوَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَا هُمْ يَسْتَقِلُّونَ بِنَقْلِهِ أَوْ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ

وَهُمُ الْكَذَبَةُ الْخَوَنَةُ ، عَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عُوجَ بْنِ عَنَاقَ إِلَّا اخْتِلَاقًا مِنْ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ وَفُجَّارِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْدَاءَ الْأَنْبِيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".

انتهى من "البداية والنهاية" (1/ 266-268) .

وقال ابن القيم رحمه الله ::

" ومن الأمور التي يعرف بها كون الحديث موضوعا : أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مِمَّا تَقُومُ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ عَلَى بِطْلانِهِ ، كَحَدِيثِ عَوْجِ بْنِ عُنُقٍ الطَّوِيلِ الَّذِي قَصَدَ واضعه الطعن في أخبار الأنبياء

فإنهم يجترئون عَلَى هَذِهِ الأَخْبَارِ ، فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ "أَنَّ طُولَهُ كَانَ ثَلاثَةَ آلافِ ذِرَاعٍ وَثَلاثِ مئة وَثَلاثَةَ وَثَلاثِينَ وَثُلْثًا ، وَأَنَّ نُوحًا لَمَّا خَوَّفَهُ الْغَرَقُ قَالَ لَهُ احْمِلْنِي فِي قَصْعَتِكَ هَذِهِ ، وَأَنَّ الطُّوفَانَ لَمْ يَصِلْ إِلَى كَعْبِهِ

وَأَنَّهُ خَاضَ الْبَحْرَ فَوَصَلَ إِلَى حُجْزَتِهِ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْحُوتَ مِنْ قَرَارِ الْبَحْرِ فَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَنَّهُ قَلَعَ صَخْرَةً عظيمة عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِ مُوسَى وَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيهِمْ بِهَا فَقَوَّرَهَا اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الطَّوْقِ"!

وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ جَرَأَةِ مِثْلَ هَذَا الْكَذَّابِ عَلَى اللَّهِ ، إِنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ يُدْخِلُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ مِنَ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهِ وَلا يُبَيِّنُ أَمْرَهُ

وَهَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٍ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَةِ نُوحٌ ، فَلَوْ كَانَ لِعَوْجٍ هَذَا وُجُودٌ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ نُوحٍ .

وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ سُتُونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلُ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ ) رواه البخاري (3326) ومسلم (2841) "

انتهى من "المنار المنيف" (ص: 76-77) .

"الفتاوى الحديثية" لابن حجر الهيتمي (ص: 133)

"الحاوي للفتاوي" للسيوطي (4/6)

"الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص80)

"أسنى المطالب" للبيروتي (ص 352) .

والله تعالى أعلم ..









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:52   رقم المشاركة : 292
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة مختصرة عن الحارث بن أسد المحاسبي رحمه الله .

السؤال

من هو حارث بن المحاسبي ؟

وهل يجوز قراءة كتبه ؟

وهل هي مفيدة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

الحارث المحاسبي رحمه الله هو أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي صاحب التصانيف الزهدية .

كان زاهدا ورعا ناسكا شديد التقشف ، روى الحديث عن يزيد بن هارون وغيره ، وروى عنه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وأحمد بن القاسم بن نصر الفرائضي ، وغيرهما .

له مصنفات في أصول الديانات ، وكتب في الزهد ، والرقائق ، وكتب في الرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة ، لكنه تكلم في شأنه وشأن مصنفاته بأمرين اقتضيا - عند من تكلم فيه - ألا يُعتنى بكتبه :

الأمر الأول :

بدع الكُلاَّبية ( وهم أسلاف الأشعرية ) التي وقع فيها ، من التزام بعض أصولهم البدعية ، وما اقتضاه ذلك من إنكار بعض صفات الله الخبرية ، وأفعاله الاختيارية ، فإنكار البعض

هو الذي جرأ الجهمية على إنكار باقي الصفات ، وهو الذي جرأ غيرهم على إنكار الأسماء

وهلم جرا ، فالقول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر ؛ فمن أثبت شيئا منها ، لزمه طرد الباب بإثبات الجميع ، ومن أنكر شيئا منها ، لزمه إنكار الجميع .

الأمر الثاني :

ما كثر في مصنفاته من التدقيق في باب الخطرات والوساوس ، على خلاف ما كان عليه السلف الصالح والصدر الأول ، وما يقتضيه يسر الشريعة وسماحتها .

قال الذهبي في ترجمته من "الميزان" (1/430-431) :

" صدوق في نفسه ، وقد نقموا عليه بعض تصوفه وتصانيفه .

قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعى : شهدت أبا زرعة - وقد سئل عن الحارث المحاسبى وكتبه - فقال للسائل : إياك وهذه الكتب ، هذه كتب بدع وضلالات ، عليك بالأثر ، فإنك تجد فيه ما يغنيك .

قيل له : في هذه الكتب عبرة .

فقال : من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة ، بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس ؟! ما أسرع الناس إلى البدع ! " انتهى.

وقد اشتهر بين أهل العلم أن الإمام أحمد رحمه الله هجر الحارث المحاسبي حتى مات ، وكان ينهى عن مجالسته والنظر في كتبه .

قال الخطيب البغدادي :

" وكان أحمد بن حنبل يكره لحارث نظره في الكلام، وتصانيفه الكتب فيه، ويصد الناس عنه. " .

"تاريخ بغداد" (8 /210) .

وكان الإمام أحمد يكره أن يصحبه أهل الحديث لما هو وأصحابه عليه من المبالغة في الزهد والتقشف التي لم يأت بها الشرع ، ولما دخل فيه من الكلام ، قال ابن كثير :

" قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يحْتمِلُ أَنَّهُ كَرِهَ لَهُ صُحْبَتَهُمْ لِأَنَّ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ ، وَإِنْ كان زاهدا، فإنه كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ ذَلِكَ

أَوْ كَرِهَ لَهُ صُحْبَتَهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ سُلُوكَ طَرِيقَتِهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ .

قُلْتُ – يعني ابن كثير - : بل إنما كره ذلك لأن في كلامهم من التقشف وشدة السلوك التي لم يرد بها الشرع والتدقيق والمحاسبة الدقيقة البليغة

ما لم يأت بها أَمْرٌ، وَلِهَذَا لَمَّا وَقَفَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ على كتاب الحارث الْمُسَمَّى بِالرِّعَايَةِ قَالَ : هَذَا بِدْعَةٌ " .

انتهى من "البداية والنهاية" (10/ 330)

وقال الغزالي في "الإحياء" (1/95) :

" قال أحمد بن حنبل لا يفلح صاحب الكلام أبدا ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل

وبالغ – يعني الإمام أحمد - في ذمه حتى هجر الحارث المحاسبي مع زهده وورعه بسبب تصنيفه كتابا في الرد على المبتدعة وقال له : ويحك ألست تحكي بدعتهم أولا ثم ترد عليهم ؟!

ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة والتفكر في تلك الشبهات فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث ؟! " انتهى
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-21, 15:52   رقم المشاركة : 293
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


لكن شيخ الإسلام ابن تيمية نفى ذلك ، فقال :

" هجران أحمد للحارث لم يكن لهذا السبب الذي ذكره أبو حامد ، وإنما هجره لأنه كان على قول ابن كُلّاب الذي وافق المعتزلة على صحة طريق الحركات ، وصحة طريق التركيب

ولم يوافقهم على نفي الصفات مطلقا ، بل كان هو وأصحابه يثبتون أن الله فوق الخلق عال على العالم موصوف بالصفات ويقررون ذلك بالعقل

وإن كان مضمون مذهبه نفي ما يقوم بذات الله تعالى من الأفعال وغيرها مما يتعلق بمشيئته واختياره ، وعلى ذلك بنى كلامه في مسألة القرآن .

وهذا هو المعروف عند من له خبرة بكلام أحمد من أصحابه وغيرهم من علماء أهل الحديث والسنة .

وقد ذكر ذلك أيضا أبو بكر الخلال في كتاب السنة ، وذكر ذلك ابن خزيمة وغيره ممن يعرف حقيقة هذه الأمور ، وكذلك السري السقطي كان يحذر الجنيد بن محمد من شقاشق الحارث ،

ثم ذكر غير واحد أن الحارث رجع عن ذلك ، كما ذكره معمر بن زياد في أخبار شيوخ أهل المعرفة والتصوف

، وذكر أبو بكر الكلاباذي في كتاب التعرف لمذاهب التصوف عن الحارث المحاسبي أنه كان يقول : إن الله يتكلم بصوت . وهذا يناقض قول ابن كلاب " .

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (3 /370) .

وقال الذهبي في "السير" (9/ 488):

" المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ من الكلام ، فَنُقِمَ عَلَيْهِ. وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ ، وَحَذَّرَ مِنْهُ ....
.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: تَفَقَّهَ الحَارِثُ ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ ، وَعَرَفَ مَذَاهِبَ النُّسَّاكِ، وَكَانَ مِنَ العِلْمِ بِمَوْضِعٍ إِلاَّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ وَمَسْأَلَةِ الإِيْمَانِ . وَقِيْلَ: هَجَرَهُ أَحْمَدُ، فَاخْتَفَى مُدَّةً " انتهى .

وقال ابن الجوزي رحمه الله :

" ذكر أَبُو بَكْر الخلال فِي كتاب السنة عَن أحمد بْن حنبل أنه قَالَ : حذروا من الحارث أشد التحذير

الحارث أصل البلية - يعني فِي حوادث كلام جهم - ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إِلَى رأى جهم ، مَا زال مأوى أصحاب الكلام ، حارث بمنزلة الأسد المرابط ! انظر أي يوم يثب على الناس .

قال ابن الجوزي : وَقَدْ كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل عَلَى الْكِتَاب والسنة وإنما لبس الشَّيْطَان عليهم لقلة علمهم "

انتهى من "تلبيس إبليس" (ص 151) .

وينظر أيضا :

"المنتظم" (11/ 309) ، "الفروع" لابن مفلح (3/ 270) .

والحاصل : أن الذي أنكر على الحارث كان للسببين اللذين ذكرناهما ، لكن ينبغي ـ أيضا ـ مراعاة أمور في تقدير ذلك :
الأول :

أن ما أخذ عليه ، وأنكر من كلامه ، لم يكن غالبا عليه بحيث يخرجه جملة من جمهور أهل السنة ، بل إنما أنكر ذلك بحسب حال الأئمة في ذلك الزمان ؛ من ظهور السنة المحضة ، ووفرة أهلها ، وتقرر منهاجها

والحذر من البدع ، قليلها وجليلها ؛ ولأجل ذلك وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض كلامه بأنه من السلف وأهل السنة ؛ قال :

" ولهذا كان في كلام السلف كأحمد والحارث المحاسبي وغيرهما اسم العقل يتناول هذه الغريزة ... "

انتهى من "الصفدية" (2/ 257)

الثاني :

أنه قد ذكر عنه توبة في آخر عمره ، وصلاح حال ، كما سبق في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض المصنفين في الأخبار ذكر توتبه ورجوعه ؛ وهذا هو الظن بمثله ، إن شاء الله .

الثالث :

أن طالب العلم ، وصاحب السنة ، لن يعدم في تلك الكتب منفعة وخيرا ، متى ما تنبه إلى ما فيها من المآخذ

وانتفع بما فيها من الفوائد ؛ خاصة رسالته النافعة " رسالة المسترشدين " التي حققها وعلق عليها تعليقات نافعة : الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، رحمه الله .

يقول الحارث في كتابه "شرح المعرفة وبذل النصيحة" (ص70) :

"وأعون الأمور لك علي التقوى لزوم طريق أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ، وإياك والمحدثات من الأمور ، والرغبة عن طريقهم ؛ فإن كل محدثة بدعة

وكل بدعة ضلالة . والضلالة وأهلها في النار ، أعاذنا الله تعالي وإياك من النار .

واعلم أنك إذا أخذت طريق أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ، فقد أخذت بغاية الصدق

، وأفلحت حجتك ، ونلت بغيتك ، فلا تخالفهم في شيء من الأشياء ؛ فإنهم كانوا علي الحق المبين ، والنور الواضح ، فاتبع سبيلهم ومنهاجهم ، ولا تعرج عنهم فيعرَّج بك ، ولا تخالفهم فيخالَف بك" انتهى .

راجع لمزيد الفائدة :

"حلية الأولياء" (10 /73)

"الأنساب" للسمعاني (12/ 104)

"وفيات الأعيان" (2 /57) .

راجع : "تاريخ بغداد" (8 /211)

"تهذيب التهذيب" (2/ 135)

"سير أعلام النبلاء" (9/488)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-22, 20:36   رقم المشاركة : 294
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



من هو ذو الثُّدَيَّة ؟

السؤال

من هو ذو الثديَّة ؟

وما قصته مع سيدنا علي ؟


الجواب

الحمد لله


" ذو الثدية " هو حُرْقُوص بن زُهير البَجَلي ، من أولئك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وسعوا في الأرض بالفساد وسفكوا الدم الحرام

فقاتلهم عليّ رضي الله عنه يوم النهروان فقتلهم ، فما نجا منهم إلا نفر يسير .

وقد حرض رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين على قتالهم ، وكان أولهم ذو الخويصرة التميمي الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : اعدل !

وكان رجلا أسود شديد السواد ذا ريح منتنة ، صغير اليد ناقصها ، له عضد وليس له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي ، عليها شعرات بيض .

وهم المارقة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا – يعني نسله -

قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ) .

وكان ذو الثدية آيتهم وعلامتهم ، فكان آية الفتنة وعلامة الفساد والشر .

ولما قاتلهم عليّ رضي الله عنه ومن معه من المؤمنين طلب أن يُلتمَس هذا في القتلى ، فوجدوه ، ففرح علي رضي الله عنه ومن معه بذلك فرحا شديدا وسجد لله شكرا .

روى البخاري (3610) ومسلم (1064) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ

فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ، فَقَالَ : ( وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) ، فَقَالَ عُمَرُ " يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ

فَقَالَ : ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ

آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ (أي تضطرب) وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ ) .

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ

فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ " .

وفي رواية لهما : ( إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ) .

وعن نافع بن مسلمة الأخنسي قال : " كان ذو الثدية رجلا من عرنة مِنْ بَجِيلَةَ، وَكَانَ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ ، لَهُ ريح منتنة معروف في العسكر، وكان يرافقنا قبل ذَلِكَ وَيُنَازِلُنَا وَنُنَازِلُهُ " .

"البداية والنهاية" (7/ 289) .

وروى مسلم (1066) عَن عُبيْدة السّلْمانِيّ عَنْ عَلِيٍّ رضِي الله عَنْه أنّه ذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ : "

فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ أَوْ مُودَنُ الْيَدِ أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قُلْتُ آنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟

قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " .

قال النووي رحمه الله :

" ( الْمُخْدَج ) أَيْ نَاقِص الْيَد وَ ( الْمُودَن ) نَاقِص الْيَد , وَيُقَال أَيْضًا : وَدِينٌ , وَ ( الْمَثْدُون ) صَغِير الْيَد مُجْتَمِعُهَا كَثُنْدُوَةِ الثَّدْي "

انتهى من " شرح مسلم " (7/171) .

وروى مسلم (1066) وأبو داود (4768) عن سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ قَال : " حَدّثَني زَيْد بْن وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :

أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَتْ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ شَيْئًا وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ شَيْئًا وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ شَيْئًا

يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ) لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ

وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَتْ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ

أَفَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ؟!

وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ ، وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ .
قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: فَنَزَّلَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا مَنْزِلًا حَتَّى مَرَّ بِنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ

قَالَ : فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ : لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا السُّيُوفَ مِنْ جُفُونِهَا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ

قَالَ : فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَاسْتَلُّوا السُّيُوفَ وَشَجَرَهُمْ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ قَالَ : وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ . قَالَ : وَمَا أُصِيبَ مِنْ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْتَمِسُوا فِيهِمْ الْمُخْدَجَ

فَلَمْ يَجِدُوا ، قَالَ : فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ : أَخْرِجُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ فَكَبَّرَ وَقَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ

فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟

فَقَالَ إِي وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ يَحْلِفُ " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-22, 20:41   رقم المشاركة : 295
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكوك في تاريخ تدوين الفقه

السؤال

منذ أن اعتنقتُ الإسلام بدأت الوساوس والتساؤلات ترد إلى ذهني واحدة تلو الأخرى ، فأريد توضيحاً للآتي : من أين أتى الفقهاء التابعون لعصر الصحابة بهذا الفقه المدوّن في كتبهم

ما الأسباب التي دفعتهم إلى تأليف هذه المؤلفات ، ولم لم يؤلف الصحابة أنفسهم في هذا الشأن إذا كان الأمر بهذه الأهمية ، إذا كان الصحابة أعلم الناس بالشريعة - وهم بلا شك كذلك - فلماذا لم يؤلّفوا

اعلم أن هذه وساوس ، فكيف أتعامل معها ؟

. إنني أعيش بمفردي حيث لا يوجد علماء ، هل يلزمني البحث عن أهل العلم وسؤالهم عن هذه التفاصيل والتساؤلات ؟

أم الأفضل أن أتناسى هذا كله ، وأنصرف إلى أمور أخرى ، وهل آثم إن تركت السؤال عنها ؟

فالله تعالى يقول : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .


الجواب

الحمد لله

لا نكتمك الحقيقة أننا في استغراب بالغ من هذا السؤال الذي أوردته على وجه الشبهة أو على وجه الوسواس على حد تعبيرك

فالعلوم الإنسانية كلها هي نتاج اجتهادات فكرية وعلمية بشرية تتراكم عبر العصور ، وتمر بمراحل من التمحيص والتدقيق والمراجعة ، ولا تكاد تدون إلا بعد عشرات السنين من تداولها في أذهان الناس ومحاوراتهم

فتدوين العلم مرحلة متأخرة دائما على نشأة العلم نفسه ، وفي كل زمان تدون علوم جديدة ، بل وتنبثق تخصصات حديثة لم تكن مؤطرة ولا مقننة في العهد القديم .

وتأمل سريع في التخصصات العلمية والإنسانية الحديثة التي تخصص لها مساقات دراسية في جامعات اليوم يدلك على هذه الحقيقة ، فهل من المعقول أن تتناسى هذا البناء الطبيعي للعلوم

وتلك التركيبة المنطقية لتطورها ، ثم تشتغل بتساؤل لا يقدم ولا يؤخر لتبحث عن سر تدوين هذا العلم هذا العام دون غيره ، ألا ترى أن هذا التساؤل أو " الوسواس " يمكن أن يرد في جميع السنوات وفي جميع العلوم أيضا

ففي كل سنة يدون فيها علم جديد أو يفتتح فيها تخصص حديث تقول : لماذا لم يتم ذلك في عهد مضى وسبق .

إن أحدا من الباحثين في " تاريخ العلوم " لم يرد إلى ذهنه أن يكون " التاريخ " عقدة باعثة على الشك والتردد ، بل باعثة على التأمل في العوامل التي بها نضج العلم وبلغ بها مرحلة التدوين

حتى التدوين نفسه يمر بمراحل عديدة ، ويلاحظ الباحثون فيها التقدم والتطور والتخصص أكثر فأكثر ، لذلك نحن ننصحك بالقراءة في الموسوعات العلمية التي تحدثت عن جميع العلوم

لترى التشابه العام في حركتها عبر التاريخ ، وتنظر كيف أن علوم اللغة واللسانيات على سبيل المثال لم تكن مدونة رغم أهميتها وارتباطها بحياة الناس اليومية

ثم بدأ التدوين بأشكال بدائية تقتصر على شيء من الأشعار والرسوم البسيطة ، ثم يبدأ تقنين قواعد اللغة بشكل مجمل أيضا ، لتقرر بعد ذلك تفريعات علوم اللغة إلى قواعد النحو

والصرف والبلاغة والمفردات والشعر والنثر وغيرها.

ولعل الاطلاع على المراجع الآتية يفيد في فهم فلسفة العلوم : " موسوعة تاريخ العلوم العربية " من إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية ، " قصة الحضارة " لويل ديورانت ، " تاريخ العلم " لجورج سارتون

" دراسات في تاريخ العلوم عند العرب " للدكتور أحمد عطية ، " أضواء على تاريخ العلوم عند المسلمين " للدكتور محمد محاسنة .

لذلك نقول لك أيضا ، إن علوم الفقه بدأ تدوينها في عهد الصحابة الكرام أيضا ، تمثل ذلك في بعض الصحف القديمة المختصرة التي دون فيها الصحابة أحكاما فقهية تناقلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم

ككتاب أبي بكر الصديق في أمور الصدقات والزكوات ، وكتاب عمرو بن حزم في الديات (ص/139) ، وصحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي فيه بعض أحكام الحرم وأحكام الديات وغيرها

وقد كان يحتفظ بها في قراب سيفه (ص/127) ، وكتاب أنس بن مالك رضي الله عنه في سنة عمر (ص/102) ، ومنسك جابر بن عبدالله في الحج (ص/104) ، وكتاب الحسن بن علي في قول أبيه في خيار البيع (ص/107) ،

وكتاب زيد بن ثابت في فريضة الجد لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (ص/108) ، وهو أول من ألف في الفرائض ، وصحيفة عبدالله بن عمرو في المغازي ، وصحيفته الصادقة أيضا (ص/124)

وكتاب معاذ بن جبل في الصدقات (ص/140) ، وهكذا يمكن الاطلاع عليها كلها – وبجانبها أرقام الصفحات - في كتاب الدكتور محمد مصطفى الأعظمي " دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه " (ص/92-142) .

كما إن نظرة فاحصة في الدواوين التي نقلت آثار الصحابة الكرام ، كمصنف عبد الرزاق ، ومصنف ابن أبي شيبة ، و "المحلى " لابن حزم ، و" السنن الكبرى " للبيهقي

وغيرها تدلك على كثير من الفقه والأحكام الشرعية التي كان الصحابة يتناقلونها ويتدارسونها فيما بينهم ، وأن من جاء بعدهم من التابعين وأتباعهم إنما استقوا عنهم

وحملوا ما سمعوه منهم فأضافوا إليه ، وقرروه بأوجه شتى ، وحققوا ما فيه ، وفرعوا عليه ، ليؤخذ فيما بعد إلى بطون الكتب والمدونات الفقهية الكبيرة .

ثم إن من المعلوم أيضا أن الأعلمية لا ترتبط بالتأليف لزوما ضروريا ، فالأعلم كثيرا ما ينحو منحى العمل والتعليم وبث الوعي في نفوس الناس ، فيطغى ذلك على جانب التأليف والكتابة

خاصة في القرون الأولى التي تذهب فيها الأجيال الأولى وقودا لإنجاح الدعوة والفكرة ، وتلك حكمة نراها ماثلة في جميع دعوات الأنبياء السابقين

لا يشتغل أصحابهم بالكتابة بقدر ما يشتغلون في التعليم ونشر الدين

في عصور لم تكن الكتابة والتأليف وسيلة كبيرة الجدوى ، لضعف النشر وعدم توفر أدوات الكتابة والقراءة لكل أحد ، فمن يحاكم ذلك الزمان بما في زماننا من وسائل المعرفة الحديثة فقد أبعد النجعة في موازينه ومقاييسه .

وما سبق جميعه يدفعك إلى بذل مزيد من العناية لتحصيل أسباب العلم الشرعي ، وذلك بالقراءة الفاحصة ، وتنويع مصادر المعرفة ، والارتباط بأهل العلم والفكر الذين تستعين بهم في الفهم والتحليل والجواب على المشكلات .

من المراجع المفيدة " المدخل الفقهي العام " للشيخ مصطفى الزرقا (1س/173-202)، " خلاصة تاريخ التشريع الإسلامي " للشيخ عبدالوهاب خلاف .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-22, 20:45   رقم المشاركة : 296
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة مختصرة عن تاريخ دخول الإسلام بلاد الهند .

السؤال

أريد أن أعرف ، من خلال المصادر والكتب والمراجع ، تأريخ الإسلام في الهند ، كيف ، ومتى دخل إليها ؟ لقد جمعت بعض الأحاديث بهذا دخول الإسلام الهند ، ولكني في الحقيقة لا

أعرف صحة بعض هذه الأحاديث ، فعلى سبيل المثال : ورد في بعض كتب الحديث كما في مستدرك الحاكم ، من رواية أبي سعيد الخدري : " أن ملك الهند أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية ، عبارة عن مخلل فيه شي

من الزنجبيل ، فوزّعه النبي صلى الله عليه وسلم على من حوله من الصحابة ، وقال أبو سعيد : وحصلت على شيء منه فأكلته " . "مستدرك " للحاكم ، ( كتاب الأطعمة، المجلد الرابع، صفحة 150) .

فما صحة هذا الحديث؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

أما عن تاريخ دخول الإسلام بلاد الهند : فقد دخل الإسلام الهند عن طريق الفتوحات الإسلامية والحملات الجهادية التي قادها قادة المسلمين لفتح البلاد ونشر دين الله بين العباد .

وكان الإسلام يدخل وينتشر في بلاد الكفر عادة عن طريق أحد أمرين هامين : عن طريق الجهاد

فيتعرف أهل تلك البلاد على سماحة الإسلام وسماحة أهله وكمال شرائعه

وعن طريق تجار المسلمين الذين كانوا ينشرون الإسلام في تلك البلاد ويتخلقون بخلق الإسلام ، مما أثر في أهلها ، فيدخلون في دين الله أفواجا .

ففي سنة أربع وأربعين من الهجرة غزا المهلب بن أبي صفرة أرض الهند ، وسار إلى قندابيل ، وكسر العدو وسلم وغنم

كما في " تاريخ الإسلام" ، للحافظ الذهبي (4 /12) .

وكان هذا أول غزو المسلمين لبلاد الهند ، وبه تعرّف أهل تلك البلاد على الإسلام وشرائعه ، فدخل منهم من دخل فيه .

وفي سنة ثمان وأربعين من الهجرة كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد بن عبيد : انظر رجلا يصلح لثغر الهند ، فوجه زياد إليه سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي ، وكان أحد الشجعان المشهورين ، فقام بغزو الهند " .

انظر "تاريخ الإسلام" (4 /18) .

قال الذهبي :

" استعمله زياد بن عبيد على غزو الهند " .

"تاريخ الإسلام" (6 /74) .

وفي سنة ثلاث وتسعين افتتح محمد بن القاسم - وهو ابن عم الحجاج بن يوسف - مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند ، وكان قد ولاه الحجاج غزو الهند وعمره سبع عشرة سنة

فسار في الجيوش فلقوا الملك داهر - وهو ملك الهند - في جمع عظيم ومعه سبع وعشرون فيلا منتخبة ، فاقتتلوا فهزمهم الله وهرب الملك داهر

فلما كان الليل أقبل الملك ومعه خلق كثير جدا فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل الملك داهر وغالب من معه ، وتبع المسلمون من انهزم من الهنود فقتلوهم .

ثم سار محمد بن القاسم فافتتح مدينة الكبرج وبرها ورجع بغنائم كثيرة وأموال لا تحصى كثرة ، من الجواهر والذهب وغير ذلك .

"البداية والنهاية" (9 /104) .

وفي سنة خمس وتسعين افتتح محمد بن القاسم مدينة المولينا – ويقال : الملتان - من بلاد الهند، وأخذ منها أموالا جزيلة .
"البداية والنهاية" (9 /136) .

وفي سنة ستين ومائة جهّز الخليفة المهدي العباسي عبد الملك بن شهاب المسمعي لغزو بلاد الهند ، فدخل مدينة باربد من الهند في جحفل كبير فحاصروها ونصبوا عليها المجانيق

ورموها بالنفط فأحرقوا منها طائفة ، وهلك بشر كثير من أهلها، وفتحوها عنوة وأرادوا الانصراف فلم يمكنهم ذلك لاعتلاء البحر ، فأقاموا هنالك فأصابهم داء في أفواههم ، فمات منهم ألف نفس

فلما أمكنهم المسير ركبوا في البحر فهاجت عليهم ريح فغرق طائفة أيضا ، ووصل بقيتهم إلى البصرة ومعهم سبي كثير، فيهم بنت ملكهم .

"تاريخ الإسلام" (9 /371) ، "البداية والنهاية" (10/140) .

وفي سنة ثنتين وتسعين وثلثمائة في محرمها غزا السلطان الملك يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين التركي بلاد الهند فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم فاقتتلوا قتالا شديدا

ففتح الله على المسلمين ، وانهزمت الهنود ، وأسر ملكهم جيبال ، وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار، وغنم المسلمون منهم أموالا عظيمة ، وفتحوا بلادا كثيرة

ثم إن محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارا له واستهانة به ، ليراه أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله فاحترق ، لعنه الله .

"البداية والنهاية" (11 /379)

وكان السلطان محمود بن سبكتكين قد فرض على نفسه كل سنة غزو الهند ، فافتتح بلادا شاسعة ، وكسر الصنم سومنات ، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه

ويقربون له النفائس ، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية ، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال ، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس ، ومائة جوقة مغاني رجال ونساء

فكان بين بلاد الإسلام وبين قلعة هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفا، فيسر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام ، واستولى محمود على أموال لا تحصى

وقيل: كان حجرا شديد الصلابة طوله خمسة أذرع ، منزل منه في الأساس نحو ذراعين، فأحرقه السلطان، وأخذ منه قطعة بناها في عتبة باب جامع غزنة .

"سير أعلام النبلاء" (17 /485) .

وانظر جواب السؤال القادم

ثانيا :

هذا الحديث المشار إليه في السؤال رواه الحاكم في "مستدركه" (7190) . وقد سبق الكلام عليه مفصلاً في جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-22, 20:50   رقم المشاركة : 297
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما ورد في السنَّة من أحاديث في غزو " الهند " رواية ودراية

السؤال

لدى سؤال يتعلق بـ " غزوة الهند " ، والتي يدَّعي البعض بأنها ستحدث ، ويقولون : بأنه مَن سيقتل فى هذه الغزوة سيدخل الجنة ، ويقتبسون هذا الحديث : روى النسائي - الحديث ( 3124 ) -

عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنْ النَّارِ عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام ) .

وفي " سنن النسائي - الحديث ( 3123 ) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْهِنْدِ ، فَإِنْ أَدْرَكْتُهَا أُنْفِقْ فِيهَا نَفْسِي وَمَالِي ، فَإِنْ أُقْتَلْ كُنْتُ مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ

وَإِنْ أَرْجِعْ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرَّرُ . بداية : هل هذه الأحاديث صحيحة ؟ وإذا كانت كذلك فهل هى تشير حقّاً إلى حرب فى شبه القار ة قرب نهاية العالم ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

أما الحديث الأول وهو حديث ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فهو حديث صحيح.

وقد رواه النسائي في " سننه " ( 3175 ) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " ، ورواه أحمد في " مسنده " ( 37 / 81 ) وحسَّنه المحققون .

وأما الحديث الثاني وهو حديث أَبِي هُرَيْرَةَ : فهو حديث ضعيف .

وقد رواه النسائي ( 3173 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف النسائي " ، ورواه أحمد في " مسنده " ( 12 / 28 ) ط الرسالة ، وضعفه محققو الطبعة.

وثمة طرق أخرى لحديث أبي هريرة كلها ضعيفة ، وثمة أحاديث أخرى في الباب لا تخلو من مقال ، والذي ثبت وصحَّ هو حديث ثوبان .

ثانياً:

قد حصل غزو الهند ، وافتتحها المسلمون ، وحطموا أصنامها ، مراراً ، وقد ابتدأ ذلك في عهد الوليد بن عبد الملك بقيادة القاسم بن محمد الثقفي

وغزيت وافتتحت أيضاً في زمان العباسيين ، وذلك بقيادة القائد المظفر " محمود بن سُبُكتِكين " رحمه الله ، وقد فرض على نفسه غزو الهند مرة في كل عام .

قال الشيخ صدِّيق حسن خان – رحمه الله – توفي عام 1307 هـ - :

وأما الهند : ففتح في عهد " الوليد بن عبد الملك " على يد " محمد بن قاسم الثقفي " سنة اثنتين وتسعين الهجرية ، وبلغت راياته المظلة على الفوج من حدود " السند " إلى أقصى " قنوج " سنة خمس وتسعين .

وبعد ما عاد عاد ولاة الهند إلى أمكنتهم وبقي الحكام من الخلفاء المروانية والعباسية ببلاد " السند "
... .
قال صاحب " المغني " :

... وقصد السلطان محمود الغزنوي أواخر المائة الرابعة غزو " الهند " وأتى مراراً ، وغلب ، وأخذ الغنائم ، وانتزع " السند " من الحكام الذين كانوا من قبل " القادر بالله بن المقتدر العباسي "

ولكن السلطان " محمود " لم يقم بالهند وكان أولاده متصرفين من " غزنين " إلى " لاهور " حتى استولى السلطان " معز الدين سام الغوري "

على " غزنين " وأتى " لاهور " وقبض على " خسروملك "

ختْم الملوك الغزنوية ، وضبط " الهند " وجعل " دهلي " دار الملك سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، ومن هذا التاريخ إلى آخر المائة الثانية عشر كانت ممالك الهند في يد السلاطين الإسلامية .

" أبجد العلوم " ( 1 / 344 ، 345 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله - في حوادث سنة أربع وتسعين - :

وفيها : افتتح القاسم بن محمد الثقفي أرض الهند ، وغنم أموالاً لا تعد ولا توصف .

" البداية والنهاية " ( 9 / 113 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله - في حوادث سنة ست وتسعين وثلاث مئة -
:
وفيها : غزا يمين الدولة " محمود بن سُبُكْتِكين " بلاد الهند ، فافتتح مدناً كباراً ، وأخذ أموالاً جزيلة ، وأسر بعض ملوكهم - وهو ملك " كراشي " - حين هرب لما افتتحها ، وكسر أصنامها.

" البداية والنهاية " ( 11 / 358 ) .

وقال أيضاً – رحمه الله - في حوادث سنة تسع وأربع مئة - :

وفيها غزا " محمود بن سبكتكين " بلاد الهند ، وتواقع هو وملك الهند ، فاقتتل الناس قتالاً عظيماً

ثم انجلت عن هزيمة عظيمة على الهند ، وأخذ المسلمون يقتلون فيهم كيف شاءوا ، وأخذوا منهم أموالاً عظيمة من الجواهر والذهب والفضة ، وأخذوا منهم مائتي فيل ، واقتصوا أثار المنهزمين منهم ، وهدموا معامل كثيرة .

" البداية والنهاية " ( 12 / 8 ) .

وهذا الذي حصل من غزو الهند من دلائل النبوة ، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعه وهو من علْم الغيب الذي أوحاه الله إليه .

قال الأستاذ محمد عبد الوهاب بحيري – رحمه الله - :

فائدة : الحديث المذكور – أي : حديث ثوبان – من أعلام النبوة فقد غزا المسلمون الهند والسند في عهد بني أمية – ثم شرع في ذِكر أحداث غزو الهند وفتحها - .

" بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني " ( 22 / 411 ) .

وليس هناك ما يدل على أن هناك غزوا آخر للهند يكون آخر الزمان قرب القيامة أو في أيام عيسى عليه السلام كما ذهب إليه بعض أهل العلم

بل الظاهر أن المشار إليه في الحديث هو هذا الذي وقع الأمر ، وحديث ثوبان ليس فيه الربط بين العصابتين ، بل كل عصابة لها وقتها ، وكلاهما قد اشتركا في فضل واحد .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 15:17   رقم المشاركة : 298
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل صلَّى عمر بن الخطاب في الكنيسة عندما فتح بيت المقدس ؟

السؤال

حين كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في القدس وقاموا بفتح القدس ، وكان معهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينها صلَّى الصحابة الكرام في بهو الكنيسة بدعوة من كبير القساوسة

ولكن لم يشاركهم عمر بن الخطاب لأسباب أخرى . فهل هذا صحيح أن الصحابة صلوا بالكنيسة ؟


الجواب

الحمد لله

ليس في كتب السنَّة والآثار التي اطلعنا عليها أسانيد لحادثة صلاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الكنيسة عند فتح بيت المقدس ، وكذا لم يرد شيء عن الصحابة في صلاتهم فيها

وأقدم من رأينا ذكر تفصيل الحادثة هو ابن خلدون رحمه الله وذكر أن تعليل رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصلاة فيها خشية أن يتخذها المسلمون من بعده مسجداً .

قال ابن خلدون – رحمه الله - :

" ودخل عمر بن الخطاب بيت المقدس ، وجاء كنيسة القمامة ! فجلس في صحنها ، وحان وقت الصلاة فقال للبترك : أريد الصلاة ، فقال له : صلِّ موضعك

فامتنع وصلَّى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفرداً ، فلما قضى صلاته قال للبترك :

لو صليتُ داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي وقالوا هنا صلَّى عمر ، وكتب لهم أن لا يجمع على الدرجة للصلاة ولا يؤذن عليها "

انتهى من " تاريخ ابن خلدون " ( 2 / 225 ) .

وليس لهذه الحادثة إسناد يُذكر فلا يجوز نسبتها لعمر رضي الله عنه .

والذي يظهر لنا نكارة متنها وعدم صحتها لأمرين :

الأول : أن الكنيسة لا تستحق للمسلمين إذا صلَّى فيها حاكم أو محكوم من المسلمين ، ولا يُعرف هذا القول عند أئمة الفقه .

الثاني : أن الثابت عن عمر رضي الله عنه جواز الصلاة في الكنيسة إذا خلت من التماثيل والصور ، وأنه في حال وجودهما في كنيسة فإن عمر بن الخطاب يمتنع من دخولها فضلا عن الصلاة فيها .

روى البخاري في " صحيحه " ( 1 / 167 ) عن عمر رضي الله عنه قوله : " إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور " . انتهى

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 15:21   رقم المشاركة : 299
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة تحريق علي بن أبي طالب لبعض الزنادقة

السؤال

في إحدى المحاضرات الإسلامية سمعت أنه في زمن خلافة سيدنا علي رضي الله عنه كان هناك أناس يرمون أنفسهم في النار حبّاً له ، هؤلاء يفدون سيدنا علي رضي الله عنه بأنفسهم

وهم - أيضاً - ارتبطوا به بشدة ، مما جعلهم يضرمون ناراً عظيمة ثم يرمون بأنفسهم فيها واحداً تلو الآخر ، نسيت السبب الذي من أجله فعلوا هذا ، ولكنهم فعلوه ، فهل هذه هي الحقيقة ؟


الجواب

الحمد لله

هذا الذي يذكره الأخ السائل لا نعرفه في سيرة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

ولم نطلع عليه فيما وقفنا عليه من مصادر تاريخية

ولعله حصل وهم من المحاضر أو من السامع

والقصة الحقيقية هي : أن عليّاً رضي الله عنه حرَّق بعض الزنادقة الذي ادَّعوا له الألوهية

وقد استتابهم حتى يرجعوا عن قولهم فأبوا ، فأمر بحفرة فأضرمت فيها النار ثم أحرقهم فيها ، وقد بلغ ذلك ابنَ عباس فأنكر عليه الحرق للنهي عنه ، ولم يُنكر عليه أصل قتلهم .

وقصةَ تحريق علي رضي الله عنه لهم قد رواها البخاري في صحيحه في موضعين :

الأول : رواه عن عكرمة - ( 2854 ) –

: أنَّ عليًّا حرَّق قوماً ، فبلغ ابنَ عباس فقال : لو كنتُ أنا لم أحرِّقهم ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ( لا تُعذِّبوا بعذاب الله ) ولَقَتَلتُهم كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( مَن بدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) .

والثاني : عن عكرمة – ( 6524 ) -

قال : أُتي عليٌّ بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابنَ عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرِّقهم ؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله ) ولَقتَلتُهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) .

وأما من طعن في الحديث من أجل عكرمة مولى ابن عباس ، فقد تكلم بهوى وجهل ؛ لأنه لم يثبت عليه ما يستحق رد حديثه .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

" فأمَّا البدعة : فإن ثبتت عليه : فلا تضرُّ حديثَه ؛ لأنَّه لم يكن داعيةً ، مع أنَّها لم تثبت عليه "

انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 425 ) .

وتفصيل قولهم ، وتحريق علي رضي الله عنه لهم ، جاء بإسنادٍ حسَّنه الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وقد قال : " وزعم أبو المظفر الإسفراييني في " الملل والنِّحَل " أنَّ الذين أحرقهم علي طائفةٌ من الروافض ادَّعوا فيه الإلهية

وهم السبائية ، وكان كبيرُهم " عبد الله بن سبأ " يهوديًّا ثم أظهر الإسلام وابتدع هذه المقالة

وهذا يمكن أن يكون أصله ما رويناه في الجزء الثالث من حديث أبي طاهر المخلص من طريق عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال : قيل لعلي : إنَّ هنا قوماً على باب المسجد يدَّعون أنَّك ربُّهم ! فدعاهم فقال لهم :

ويلكم ما تقولون ؟! قالوا : أنت ربُّنا وخالقُنا ورازقنا ! فقال : ويلكم ! إنَّما أنا عبدٌ مثلُكم آكلُ الطعامَ كما تأكلون وأشرب كما تشربون إن أطعتُ اللهَ أثابَنِي إن شاء

وإن عصيتُه خشيتُ أن يُعذِّبَني فاتَّقوا الله وارجعوا ، فأبَوا ، فلمَّا كان الغد غدوا عليه ، فجاء قنبر فقال : قد - والله - رجعوا يقولون ذلك الكلام ، فقال : أدخِلهم

فقالوا كذلك ، فلمَّا كان الثالث قال : لئن قلتُم ذلك لأقتلنَّكم بأخبث قتلة ، فأبوا إلاَّ ذلك ، فقال : يا قنبر ! ائتني بفعلة معهم مرورهم ، فخدَّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر

وقال : احفروا فأبعدوا في الأرض ، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود ، وقال : إنِّي طارحُكم فيها أو ترجعوا ، فأبوا أن يرجعوا ، فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال :

إنِّي إذا رأيت أمراً منكرا *** أوقدتُ ناري ودعوتُ قنبرا

وهذا سند حسن "

انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 270 ) .

وننبه إلى ورود بعض الروايات أن عليّاً رضي الله عنه لم يحرقهم ، وإنَّما دخَّن عليهم بدخان نار حتى ماتوا ، ولم يصح ذلك ، وروي أنه قتلهم أولاً ثم حرَّقهم ، ولم يصح ذلك أيضاً .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 15:26   رقم المشاركة : 300
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة مختصرة عن الحنابلة وتاريخهم

السؤال

أريد أن أسأل عن شيء ألا وهو من أين أتت تسمية الحنابلة ؟

فبعض الناس يقول أنت حنبلى أو لا تكن حنبلياً ونحو ذلك ، وأي المصادر تنصحنى بها لكى أراجع هذه المسألة وتاريخها وكل شئ عنها ؟


الجواب

الحمد لله

الحنابلة هم أتباع المذهب الحنبلي ، وهم من فقهاء الأمة وعلمائها ، الذين لهم قدم صدق في دين الله ، سموا بذلك نسبة لإمامهم وقدوتهم إمام أهل السنة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله تعالى صاحب المذهب .

وتاريخ الحنابلة تاريخ مشرق مشرف كانوا ولا يزالون يقومون في وجه الفساد والظلم وتخاذل السلطان يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينشرون السنة ويحاربون البدعة

فوقفوا في وجه المعتزلة دعاة التأويل المؤدي إلى تعطيل النص القرآني

ووقفوا في وجه الروافض ومنكراتهم ونياحهم وبدعهم ، واصطدموا بالأشعرية في معارك كثيرة متعددة ، نصر الله فيها أهل السنة وأعلى قدرهم على أيدي الحنابلة ، مع ما كان يصيبهم في ذلك من البلاء والفتنة .

وكانوا من أشد الناس التزاما بالنص الشرعي لا يتعدونه .

وقد اشتهر عنهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال إسحاق بن أحمد العلثي الحنبلي رحمه الله : " وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيوف

لا يخافون في الله لومة لائم ، ولا يبالون بشناعة مشنع ، ولا كذب كاذب ، ولهم من الاسم العذب الهني ، وتركهم الدنيا وإعراضهم عنها اشتغالاً بالآخرة : ما هو معلوم معروف " انتهى .

"ذيل طبقات الحنابلة" (ص 269) .

وكانوا ينكرون على الملوك والسلاطين والأمراء ، بل وعلى الخلفاء

ويكتبون لهم في الأمر يرونه مخالفا للشرع ، ويقومون بالحسبة ، فداروا في الأسواق وأراقوا الخمور وحطموا آلات الطرب

بحسب تقدير المصلحة والمفسدة في ذلك ، وكانوا مع ذلك كله زهادا فقراء لا يستشرفون إلى مناصب الدنيا .

وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي رحمه الله :

" كتب بعضُهم إلى أبي الوفاء بن عقيل يقول له : صِف لي أصحابَ الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف.

فكتب إليه يقول: هُم قوْم خُشُنٌ ، تقَلّصتْ أخلاقهم عن المخالطة ، وغلظت طباعهم عن المداخلة ، وغلب عليهم الجدّ ، وقلَّ عندهم الهزل ، وغربتْ نفوسهم عن ذل المراءاة

وفزعوا عن الآراء إلى الروايات ، وتمسكوا بالظاهر تحرّجًا عن التأويل

وغلبت عليهم الأعمال الصالحة ، فلم يدققوا في العلوم الغامضة ، بل دققوا في الورع ، وأخذوا ما ظهر من العلوم ، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها ، لم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا

إنما غلبت عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار، والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة ، خالية من البدع ، سوى من سلك هذا الطريق "

انتهى من "ذيل طبقات الحنابلة" (ص 61) .

وكان أهم ما اتصفوا به التزامهم منهج السلف الصالح في كل شيء ، وخاصة في المسائل الاعتقادية كمسائل الأسماء والصفات ، فيثبتون لله تعالى أسماءه وصفاته من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَالْعَجَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ إذَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ مِنْ الصِّفَاتِ

قَالَ : قَالَتْ الْحَنَابِلَةُ : إنَّ اللَّهَ : كَذَا وَكَذَا بِمَا فِيهِ تَشْنِيعٌ وَتَرْوِيجٌ لِبَاطِلِهِمْ وَالْحَنَابِلَةُ اقْتَفَوْا أَثَرَ السَّلَفِ وَسَارُوا بِسَيْرِهِمْ وَوَقَفُوا بِوُقُوفِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (4 /186) .

وكان فيهم من علماء الفقه والحديث والتفسير والعقيدة واللغة أئمة هدى وصلاح ، منهم أبو بكر الأثرم ، وأبو بكر المروزي ، وأبو بكر الخلال ، وأبو بكر عبد العزيز

وأبو داود السجستاني ، وأبو الحسن التميمي ابن حامد ، وأبو يعلى ، وابن عقيل ، وأبو القاسم الخرقي ، وعبد الغني المقدسي ، وأبو محمد بن قدامة ، وغيرهم كثير لا يحصون كثرة .

وما يقال عنهم من التعصب والتشدد في دين الله غير صحيح ؛ فإنهم لما أرادوا انتهاج منهج السلف والعمل بمقتضى النصوص الشرعية ، وكان في مخالفيهم ميل إلى بعض الأهواء والشهوات ، اتهموهم بذلك بغيا وحسدا .

على أنهم في ذلك كله بشر من البشر ، لهم ما لهم ، وعليهم ما عليهم ، ليسوا بمعصومين .

والواجب على المسلم أن يُجلّ أهل العلم ويعرف لهم فضلهم وشرفهم

لأن العلماء ورثة الأنبياء ، سواء كانوا من المذهب الحنبلي أو غيره من مذاهب أهل السنة ، التي تعمل على نشر السنة وتطبيقها حسب قدراتهم واجتهاداتهم وما أدتهم إليه معرفتهم بالعلوم الشرعية .

ثانيا :

من الكتب التي تتحدث عن تاريخ الحنابلة وتراجمهم ، والتي ننصح بمراجعتها :

- "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" للعلامة عبد القادر بن بدران الدمشقي ، وهو من أفضل الكتب في أصول المذهب والتعريف به باختصار .

- "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى .

- "ذيل طبقات الحنابلة" لابن رجب الحنبلي .

- "سنوات الحنابلة" لعلي بن محمد آل بابطين ، وهو كتاب نافع جدا بخصوص هذا الموضوع

- "سير أعلام النبلاء" للحافظ شمس الدين الذهبي .

- "تاريخ الإسلام" للحافظ شمس الدين الذهبي .

- "البداية والنهاية" للعماد ابن كثير .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc