فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 20 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-19, 18:22   رقم المشاركة : 286
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أفعال الملائكة وأحوالهم لا تقاس بأفعال وأحوال البشر

السؤال

بداية أشكركم إخواني الكرام على مجهودكم العظيم في هذا الموقع المبارك،

سؤالي بخصوص فتوى في موقعكم تتحدث عن اليوم الذي يساوي ألف سنة، هل لكم أن توضحوا لنا يا شيخ إذا كان اليوم يساوي ألف سنة كما ذكر في سورة السجدة وأن سمك السموات 500 عامًا

وأن ما بين السماء والأرض 500 عامًا، كما في تفسير ابن كثير، فكيف تحمل الملائكة الأوامر والأفعال وتخترق السموات في لمح البصر؟

ولقد سمعت أيضًا من "ذاكر نايك" أن كلمة "يوم" في اللغة العربية تعني أيضًا "الفترة"، فما رأيكم يا شيخ في ضوء القرآن والسنة؟

سؤالي الثاني : سمعت أن أحد أسباب الرزق هو الزواج، فهل هذا صحيح؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

قال الله عز وجل :

( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة/ 5

قال ابن كثير رحمه الله :

" ترفع الأعمال إلى ديوانها فوق سماء الدنيا، ومسافة ما بينها وبين الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وسمك السماء خمسمائة سنة.

وقال مجاهد، وقتادة، والضحاك : النزول من الملك في مسيرة خمسمائة عام، وصعوده في مسيرة خمسمائة عام، ولكنه يقطعها في طرفة عين؛ ولهذا قال تعالى: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (6 /359)

وينظر:"تفسير البغوي" (6 /300) .

ومثل هذا الغيب لا بد من التسليم فيه للنص الشرعي إذا ثبت فيه ، ولا يقال لم ؟ ولا يقال كيف ؟

لأن الله تعالى على كل شيء قدير ، وقد أحاط بكل شيء علما ، لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض ، ولا يُسأل عما يفعل .

وإذا كان الواحد منا اليوم يمكنه أن يتصل بمن في أقصى الأرض فيراه ويسمع صوته في ذات الوقت

وإذا كنا نشاهد على شاشات التليفزيون المشاهد وقت حصولها وحدوثها وبيننا وبينها آلاف الأميال

فكيف نتساءل أو نتعجب لنزول الملائكة من السماء ثم صعودها في يوم واحد ، وذلك لا يحصل إلا بإذن الله تعالى وقدرته .

ثم انظر إلى ما أمكن الله عباده منه الآن من السفر بالطائرات على اختلاف أنواعها ، ومركبات الفضاء

: هل كان الناس يتصورن قديما أن البشر يسافرون في مثل هذا ، ويقطعون المسافات بتلك السرعة ؟!

وأين تقع قدرة البشر بالنسبة إلى قدرة الله العلي القدير سبحانه ، وهو العزيز الغالب الذي لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض

وهو القائل : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) البقرة/ 117

وقال سبحانه : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) النحل/ 40

فلا يستعصي عليه شيء ، ولا يمتنع منه .

والملائكة إنما تنزل وتصعد بأمر الله ، فهو سبحانه الذي أقدرهم على ما أقدرهم عليه من الأعمال والتكاليف .
والملائكة خلق عظيم لا يقدر قدره إلا الله . ولهم من الإمكانات والقدرات ما لا يحيط به علم عالم من البشر .

وهذا ملك الموت عليه السلام يقبض أرواح الخلائق في لحظة ، ومنهم من هو في أقصى الغرب ومنهم من هو في أقصى الشرق .

فإذا علمت أن هذه القدرة إنما خصهم الله بها ، ولولا الله ما قدروا على فعل شيء ، فهي في الحقيقة منسوبة إليه سبحانه زال عنك العجب .

ثانيا :

اليوم في اللغة مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها .

وقد يُرادُ باليوم في لغة العرب : الوقتُ مطلقاً ؛ أيا كان قدره ، ومنه الحديث ( بين يديّ السّاعة أَيّامُ الهَرْج )

رواه البخاري (7067) ومسلم (2672) أَي وقتُه ، ولا يختص ذلك بالنهارِ دون الليل .

راجع : "لسان العرب" (12 /649)

وجاء في "المصباح المنير" (2/683) :

" والعرب قد تطلق ( اليَوْمَ ) وتريد الوقت والحين نهارا كان أو ليلا

فتقول : ذخرتك لهذا اليوم ؛ أي : لهذا الوقت الذي افتقرتُ فيه إليك ، ولا يكادون يفرقون بين : يومئذ ، وحينئذ ، وساعتئذ " انتهى .

فإذا كانت اللغة تدل على أن اليوم ربما أرادت به العرب : مطلق الفترة والوقت ، فقد ورد بذلك الإطلاق أيضا في الاستعمال الشرعي ؛ فلا تعارض إذاً بين اللغة وما جاء في الشرع .

وما أحسن ما رواه الطبري رحمه الله في "تفسيره" (13/602) بسند صحيح عن ابن أبي مليكة، أن رجلا سأل ابن عباس عن يوم كان مقداره ألف سنة

فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ؟ قال: إنما سألتك لتخبرني

قال: " هما يومان ذكرهما الله في القرآن، الله أعلم بهما " فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.

ثالثا :

الزواج لطلب العفاف ، سبب من أسباب حصول الرزق لصاحبه ، بإذن الله وتقديره

قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32 .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي (1655) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .

والله أعلم .








 


قديم 2019-02-19, 18:35   رقم المشاركة : 287
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الاستعارة في قوله تعالى : ( أدركه الغرق )، ( سكت عن موسى الغضب )، ( يريد أن ينقض )

السؤال

من أنواع البلاغة التشخيص ، وهو : إعطاء غير العاقل صفة العاقل كما هو معلوم

مثل قوله تعالى عن فرعون : ( حتى إذا أدركه الغرق )، فالغرق أعطيَ صفة العاقل .

فهل يمكن أن نحمل قوله تعالى : ( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض )

وقوله تعالى : ( فلما سكت عن موسى الغضب ) على التشخيص ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

الآيات الكريمات المقصودة في السؤال هي قول الله عز وجل :

( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/90

وقوله سبحانه : ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) الأعراف/154

وقول الله جل وعلا : ( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ) الكهف/77.

وعلماء البلاغة والبيان يقولون إنها كلها من لطيف الاستعارة وبليغ المجاز

وذلك في قوله عز وجل : ( أدركه الغرق )، و( سكت عن موسى الغضب )، وقوله سبحانه : ( يريد أن ينقض ).

وبيان ذلك أن الاستعارة هي

" نقل اللفظ من معناه الذي عُرف به ووُضع له ، إلى معنى آخر لم يعرف به من قبل "

وهكذا كل من ( الإدراك ) و ( السكوت )، و ( الإرادة ) عرفت أنها من صفات العقلاء وأفعالهم ، فنسبتها لغير العقلاء أو للمعاني استعارة واضحة ، ويسمى أيضا مجازا لغويا لدى أكثر البيانيين .

ونحن ننقل هنا أقوال علماء التفسير واللغة والبيان في كل آية منها لتوضيح ما فيها من الاستعارة والمجاز :
الآية الأولى : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ )

يقول الشعراوي رحمه الله :

" ( حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق قَالَ آمَنتُ ) [يونس: 90] ، الإدراك : قصد للمدرك أن يلحق بالشيء ،

والغرق معنى ، فكيف يتحول المعنى إلى شيء يلاحق الفرعون ؟ نعم ، فكأن الغرق جندي من الجنود ، وله عقل ينفعل ؛ فيجري إلى الأحداث "

انتهى من " تفسير الشعراوي " (10/ 6181).

الآية الثانية : ( سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ )

يقول أبو منصور الثعالبي رحمه الله (429هـ):

" من استعارات القرآن ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ) "

انتهى من " فقه اللغة وسر العربية " (ص273).

ويقول ابن رشيق القيرواني (463هـ):

" الاستعارة كثيرة في كتاب الله عز وجل ، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم

من ذلك قوله تعالى : ( لما طغى الماء )، وقوله : ( فلما سكت عن موسى الغضب ) "

انتهى من "العمدة في محاسن الشعر" (1/275).

ويقول السكاكي رحمه الله (626هـ):

" وقوله : ( ولما سكت عن موسى الغضب ) .

( فالمستعار منه ) هو إمساك اللسان عن الكلام ، وأنه أمر معقول .

و( المستعار له ) تفاوت الغضب عن اشتداده على السكون ، وأنه أيضا أمر وجداني عقلي .

و( الجامع ) هو أن الإنسان مع الغضب إذا اشتد وجد حالة للغضب كأنها تغريه ، وإذا سكن وجده كأنه قد أمسك عن الإغراء "

انتهى من "مفتاح العلوم" (389-390).

الآية الثالثة : ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ )

يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي (170هـ):

" وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل ، وإنما هذا على المجاز ، كقول الله جل وعز في البقرة :

( فما ربحت تجارتهم )، والتجارة لا تربح ، فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها . ومثله ( جدارا يريد أن ينقض ) ولا إرادة للجدار " ا

نتهى من " الجمل في النحو " (ص/72).

ويقول ابن فارس رحمه الله :

" من سُنن العرب إضافة الفعل إلى ما ليس فاعلاً في الحقيقة ، يقولون : أراد الحائطُ أن يقعَ . وفي كتاب الله جلّ ثناؤه : ( جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ )، وهو في شعر العرب كثير ".

انتهى من "الصاحبي" (160).

ويقول أبو هلال العسكري رحمه الله (395هـ):

" أما ما جاء في كلام العرب منه [يعني من الاستعارة]، فمثله قوله تعالى : ( جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ ) ".

انتهى من كتاب "الصناعتين" (277) .

ويقول ابن رشيق القيرواني (463هـ):

" وقال في قول الله عز وجل: " فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه " لو قلنا لمنكر هذا كيف تقول في جدار رأيته على شفا انهيار ؟ لم يجد بداً من أن يقول : يهم أن ينقض ، أو يكاد

أو يقارب ، فإن فعل فقد جعله فاعلاً ، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى في شيء من ألسنة العجم إلا بمثل هذه الألفاظ .

والمجاز في كثير من الكلام أبلغ من الحقيقة ، وأحسن موقعاً في القلوب والأسماع ، وما عدا الحقائق من جميع الألفاظ ثم لم يكن محالاً محضاً فهو مجاز ؛ لاحتماله وجوه التأويل

فصار التشبيه والاستعارة وغيرهما من محاسن الكلام داخلة تحت المجاز ، إلا أنهم خصوا به أعني اسم المجاز باباً بعينه ؛ وذلك أن يسمى الشيء باسم ما قاربه أو كان منه سبب "

انتهى من "العمدة في محاسن الشعر" (1/266).

وهذه " الاستعارة " – في هذه الأمثلة – يسميها المختصون في الأدب المعاصر بـ " التشخيص "

أو بـ " التجسيد "، على اختلاف بينهم في التفريق بين هذين المصطلحين أو ترادفهما .

والتشخيص" عند البلاغيين : هو بث الحركة والحياة والنطق في الجماد

أو هو خلع الحياة على المحسوسات الجامدة والظواهر الطبيعية الصامتة ، حتى إنها لتخاطب مخاطبة الذي يعقل ويفهم ، وتخلع عليها صفات المخلوقات النابضة بالحياة .

فهو نمط استعاري يقوم على علاقة المشابهة بين طرفين ، أحدهما حسي جامد أو ذهني ، والآخر إنساني .

وانظر : "الصورة الأدبية" -

تاريخ ونقد (ص 126) / لعلي علي صبح .

ويقول إبراهيم فتحي :

" التشخيص ( تجسيد ) (personification) : تعبير بلاغي يسبغ فيه على التجريدات والحيوانات والمعاني والأشياء غير الحية شكلا وشخصية وسمات انفعالية إنسانية .

وفي التشخيص قد يعتبر كائن أو شخص من نسج الخيال ممثلا لفكرة أو موضوع .

ولكون التشخيص نوعاً من الاستعارة نجده منبعا مطروقا في الشعر

كما يظهر في أنواع أخرى من الكتابة الأدبية ، ومن أمثلة التشخيص زهرية كيتس اليونانية ، التي يقول عنها إنها مؤرخ للأحداث . ويقترب من نزعة التشبيه الإنسانية ".

انتهى من "معجم المصطلحات الأدبية" (ص/85).









قديم 2019-02-19, 18:37   رقم المشاركة : 288
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ثانيا :

ما ذكر في توجيه الآيات السابقة ، إنما هو على القول المشهور بين علماء العربية ، والأصول : من إثبات المجاز في القرآن الكريم .

وأما على قول من نفى المجاز في القرآن : فلا يتجه ذلك ، وإنما يحمل الكلام على حقيقته ، وسياقه ، وقرائن الكلام : يوضح معناه .

والقول بمنع وقوع المجاز في القرآن : هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتبعه على ذلك جمع من المحققين ، منهم : تلميذه ابن القيم

والعلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، وهو أيضا اختيار الشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين ، رحمهم الله جميعا .
وعلى هذا القول : يختلف توجيه الآيات السابقة .

قال الشنقيطي رحمه الله :

" قَوْلُهُ تَعَالَى : ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ )

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَكْبَرِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَسْتَدِلُّ بِهَا الْقَائِلُونَ : بِأَنَّ الْمَجَازَ فِي الْقُرْآنِ زَاعِمِينَ أَنَّ إِرَادَةَ الْجِدَارِ الِانْقِضَاضَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا هِيَ مَجَازٌ .

وَقَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ إِرَادَةِ الْجِدَارِ حَقِيقَةً ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ لِلْجَمَادَاتِ إِرَادَاتٍ وَأَفْعَالًا وَأَقْوَالًا لَا يُدْرِكُهَا الْخَلْقُ ، كَمَا صَرَّحَ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَعْلَمُهُ خَلْقُهُ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا

: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )، فَصَرَّحَ بِأَنَّنَا لَا نَفْقَهُ تَسْبِيحَهُمْ ، وَتَسْبِيحُهُمْ وَاقِعٌ عَنْ إِرَادَةٍ لَهُمْ يَعْلَمُهَا هُوَ جَلَّ وَعَلَا وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهَا ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.

فَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا

يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ )

؛ فَتَصْرِيحُهُ تَعَالَى بِأَنَّ بَعْضَ الْحِجَارَةِ يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ : دَلِيلٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْخَشْيَةَ بِإِدْرَاكٍ يَعْلَمُهُ اللَّهُ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهُ .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ) الْآيَةَ ، فَتَصْرِيحُهُ جَلَّ وَعَلَا بِأَنَّ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ أَبَتْ وَأَشْفَقَتْ

أَيْ : خَافَتْ ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ بِإِرَادَةٍ وَإِدْرَاكٍ يَعْلَمُهُ هُوَ جَلَّ وَعَلَا ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهُ.

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ بِمَكَّةَ )

وَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَنِينِ الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَعًا لِفِرَاقِهِ

فَتَسْلِيمُ ذَلِكَ الْحَجَرِ ، وَحَنِينُ ذَلِكَ الْجِذْعِ كِلَاهُمَا بِإِرَادَةٍ وَإِدْرَاكٍ يَعْلَمُهُ اللَّهُ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُهُ ، كَمَا صَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) .

وَزَعْمُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ ضَرْبُ أَمْثَال ٍ، زَعْمٌ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا عَنْ مَعْنَاهَا الْوَاضِحِ الْمُتَبَادَرِ ، إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا .

وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ إِبْقَاءِ إِرَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى حَقِيقَتِهَا ، لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلِمَ مِنْهُ إِرَادَةَ الِانْقِضَاضِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خَلْقُهُ تِلْكَ الْإِرَادَةَ ، وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا كَمَا تَرَى .

مَعَ أَنَّهُ مِنَ الْأَسَالِيبِ الْعَرَبِيَّةِ إِطْلَاقُ الْإِرَادَةِ عَلَى الْمُقَارَبَةِ وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

فِي مَهْمَهٍ قَلِقَتْ بِهِ هَامَتُهَا ** قَلَقَ الْفُئُوسِ إِذَا أَرَدْنَ نُضُولَا

فَقَوْلُهُ : إِذَا أَرَدْنَ نُضُولًا ، أَيْ قَارَبْنَهُ .

وَقَوْلِ الْآخَرِ :

يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبِي بَرَاءٍ ** وَيَعْدِلُ عَنْ دِمَاءِ بَنِي عَقِيلِ

أَيْ : يَمِيلُ إِلَى صَدْرِ أَبِي بَرَاءٍ "

. انتهى من "أضواء البيان" (3/ 339-340) .

وقال ابن كثير رحمه الله

في قوله تعالى : ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) قَالَ :

" وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَجَازِ ؛ وَهُوَ إِسْنَادُ الْخُشُوعِ إِلَى الْحِجَارَةِ كَمَا أُسْنِدَتِ الْإِرَادَةُ إِلَى الْجِدَارِ فِي قَوْلِهِ : ( يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) قَالَ الرَّازِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ : وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/ 305) .

وكذلك قوله تعالى : ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ) الأعراف/ 154، المقصود : سكن عنه الغضب

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَصَفَ الْغَضَبَ بِالسُّكُوتِ ، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَعِكْرِمَة َ

: ( وَلَمَّا سَكَنَ ) بِالنُّونِ ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ ( بِالتَّاءِ ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : سَكَتَ الْغَضَبُ أَيْ سَكَنَ . وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ ؛ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : سَكَتَ الْغَضَبُ مِثْلُ سَكَنَ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 568) .

ومثل هذا يقال في سائر المواضع التي يحملها البلاغيون على المجاز .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-20, 17:31   رقم المشاركة : 289
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



من معاني كلمة ( الحكمة ) في القرآن الكريم أنها السنة النبوية

السؤال

فسَّر العلماء السابقون معنى " الحكمة " بأنها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهل هنالك من دليل على هذا التفسير ، وكيف فسَّر الرسول صلى الله عليه وسلم الحكمة

وهل هنالك حديث يدل على ذلك . فأنا أرى أنَّ الآيات الكريمة الآتية تدل على معاني مختلفة عن تلك التي جاء بها علماء التفسير : - ففي سورة " البقرة " – الآية : 231

: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ) حيث أخبروني أنَّ " الحكمة " هي نفسها " الكتاب " - الكتاب في هذا الآية هو القرآن- والدليل على ذلك هو كلمة ( بِهِ ) في آخر الآية

التي جاءت بصيغة المفرد ، وعليه يكون معنى الكتاب القرآن ، ومعنى الحكمة : حكمة الله . - وفي سورة " المائدة " – الآية : 110 (

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا . وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ) لا يمكن أن يكون معنى " الحكمة "

هنا بأنها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أتى بعد عيسى عليه السلام . فما المقصود بالحكمة في هذه الآية . - وأيضاً في سورة " البقرة "- الآية : 129

: ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ . إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) لا يمكن أن يكون معنى " الحكمة " هنا بأنها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم . -

وفي سورة " البقرة " – الآية : 269: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) . فهل هذا يعني أن يمكن لأي أحد يختاره الله أن يعلم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

لو أراد الله قصد معنى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لاستخدم كلمات دالة ( محددة ) على قصده ، كما قال في سورة " الأحزاب "- الآية : 62 ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا )

وكما في سورة " المرسلات "- الآية : 50 ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) . وقد قال الله عز وجل في سورة " الزمّر "- الآية : 28 ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) فاستخدم هنا كلمة القرآن

ولو أراد ذكر الحديث أو السنة لذكرهما صراحة ، فالله عز وجل يعرف مصطلح السنة والحديث

فلماذا لا يلقي العلماء بالاً إلى المعاني التي قصدها الله عز وجل بلغة واضحة ، وليست مبهمة ، ويحرفون المعاني ؟


الجواب

الحمد لله


مما يسرنا أن نجد المسلمين مهتمين ببيان معاني القرآن الكريم ، والبحث في ذلك

لأننا لا يمكننا العمل بالقرآن الكريم على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى إلا بعد أن نعرف معناه معرفة صحيحة .
فمما يشكر عليه السائل ويمدح عليه بحثه في معاني القرآن الكريم .

ولكن ينبغي لمن أشكل عليه شيء من معاني القرآن الكريم أو غيرها مما يتعلق بالعلوم الشرعية ، أو وجد شيئا مما قاله العلماء يخالف ما يظهر له من المعنى ينبغي أن يحسن الظن بالعلماء

فإنهم بطبيعتهم البشرية ليسوا معصومين من الخطأ ، غير أنه لا يجوز اتهامهم بقصد تحريف معاني كلام الله ، فقد يكونون مخطئين فعلا ، ولكن عن غير قصد ، بل عن اجتهاد فيكون لهم أجر

كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن اجتهد وأخطأ أن له أجرا ، ومن أصاب فله أجران .

وقد يكون العالم مصيبا ولكن القارئ لكلامه هو الذي لم يفهمه على وجهه الصحيح ، كما وقع للسائل في هذا السؤال .
ثانيا :

أما ما سأل عنه السائل ، فقد جاءت كلمة ( الحكمة ) في آيات كثيرة من القرآن الكريم ويراد بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه الآيات بعض الآيات التي أوردها السائل في سؤاله .

فمن ذلك : قول الله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) البقرة /231.

وقوله تعالى : ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) النساء/113.

فهذه الآيات تدل على أن الله تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئين ، وهما الكتاب والحكمة

فالكتاب هو القرآن الكريم ، والحكمة ، لم يبق لها معنى إلا أن تكون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى فقال : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) رواه أبو داود (4604)
.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري :

" ( أوتيت الكتاب ومثله معه ) قال أهل العلم : أراد بذلك السنة التي أوتي" . انتهى من شرح ابن بطال (19/473) بترقيم الشاملة .

وقال أيضا (19/473) :

" كان جبريل ينزل عليه بالسنن كما يأتيه بالقرآن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( أوتيت الكتاب ومثله معه ) يعنى : من السنن" انتهى .

وقال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (1/58) بترقيم الشاملة :

" قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوتيت الكتاب ومثله معه ) يريد : أنه أوتي الكتاب ومثل الكتاب من السنة " انتهى .

وبهذا يتبين أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وحي منزل من الله تعالى ، وهي الحكمة التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم .

وأما الضمير في قوله ( يعظكم به ) فإنه عائد على ( ما ) في قوله تعالى : ( وما أنزل عليكم ) وليس عائدا على الكتاب ولا الحكمة على سبيل الانفراد .

ومن هذه الآيات أيضا :

قول الله تعالى : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة/151

وقوله سبحانه : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) البقرة/151

وقوله عز وجل: ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) آل عمران/164.

وقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الجمعة/2.

فما الذي عَلَّمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم للناس الذين بعث فيهم ولأمته ؟

أليس هو القرآن الكريم ، والسنة النبوية ؟

وتأمل قوله سبحانه مخاطبا أمهات المؤمنين : ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) الأحزاب/34، وما الذي كان يتلى ويذكر في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ؟

أليس هو القرآن والسنة ؟

إذن فالكتاب هو القرآن ، والحكمة هي السنة .

وقد ذكر الإمام الشافعي رحمه الله هذه الآيات ونحوها ثم قال :

" ذكر الله الكتاب ، وهو القُرَآن ، وذكر الحِكْمَة ، فسمعتُ مَنْ أرْضى من أهل العلم بالقُرَآن يقول : الحكمة سنة رسول الله ؛ لأن القُرَآن ذُكر وأُتْبِعَتْه الحكمة ، وذكرَ الله منَّه على خَلْقه بتعليمهم الكتاب والحكمة

فلم يَجُزْ - والله أعلم - أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنةُ رسول الله . وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله

وأن الله افترض طاعة رسوله ، وحتَّم على الناس اتباع أمره ، فلا يجوز أن يقال لقول : فرضٌ ، إلا لكتاب الله ، ثم سنة رسوله "

. انتهى من " الرسالة " (1/78).

وقال العلامة ابن رجب رحمه الله :

" من قال الحكمة : السنة ، فقوله الحق ؛ لأن السنة تفسر القرآن ، وتبين معانيه ، وتحض على اتباعه "

انتهى من " لطائف المعارف " (ص/84).

وأما قول السائل : لماذا استعمل اسم " الحكمة "، ولم يقل " السنة " ؟

فالجواب على هذا أنها أسماء مترادفة لشيء واحد ، فالسنة هي الحكمة

وهي الطريقة ، وهي البيان ، وهي الهَدْي .. إلى آخر الأوصاف والأسماء التي أطلقت في الكتاب والسنة عليها ، فأي ضير في اختيار أحدها وإطلاقه في الآيات الكريمات .

وفي هذا الإطلاق ( الحكمة ) مدح للسنة وحث على التمسك بها ، فمن أراد الصواب في القول والعمل فعليه بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته .









قديم 2019-02-20, 17:32   رقم المشاركة : 290
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثالثا :

أما ما أورده السائل في الآيات التي لا يمكن تفسير الحكمة فيها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينفي ذلك أن الحكمة قد جاءت في آيات آخرى وأريد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

وذلك لأن كلمة ( الحكمة ) لها عدة معانٍ ، وليس معنى واحدا ، والذي يحدد معناها هو السياق الذي وردت فيه ، فليست كلمة ( الحكمة ) في جميع الآيات لها نفس المعنى .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" الحكمة كلمة مشتركة ، تطلق على معان كثيرة ، تطلق على النبوة ، وعلى العلم والفقه في الدين ، وعلى العقل ، وعلى الورع

وعلى أشياء أخرى ، وهي في الأصل كما قال الشوكاني رحمه الله : الأمر الذي يمنع عن السفه ، هذه هي الحكمة . والمعنى : أن كل كلمة ، وكل مقالة تردعك عن السفه

وتزجرك عن الباطل ، فهي حكمة . وهكذا كل مقال واضح صريح ، صحيح في نفسه ، فهو حكمة ، فالآيات القرآنية أولى بأن تسمى حكمة

وهكذا السنة الصحيحة أولى بأن تسمى حكمة بعد كتاب الله ، وقد سماها الله حكمة في كتابه العظيم

كما في قوله جل وعلا : ( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) يعني السنة

وكما في قوله سبحانه : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ) الآية

فالأدلة الواضحة تسمى حكمة ، والكلام الواضح المصيب للحق يسمى حكمة "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (1/336).

والخلاصة : أن ( الحكمة ) في آيات القرآن الكريم وردت وأريد بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما وردت في آيات أخرى ولها معان أخرى .

والله أعلم .









قديم 2019-02-20, 17:37   رقم المشاركة : 291
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل : ( ما أنا بقارئ ) لمَّا قال له جبريل : ( اقرأ ) ؟

السؤال

عندما قال جبريل عليه السلام للنبي صلي الله عليه وسلم - وهو في غار حراء - : اقرأ ، وقال له النبي صلي الله عليه وسلم : ( ما أنا بقارئ )

هل كان النبي صلي الله عيه وسلم أمامه اللوح المحفوظ في ذلك الوقت ليقرأ منه ؟ أم ما معنى اقرأ؟

أما في قوله تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/ 48 . ذكر أحد الأشخاص شبهة أن المقصود من تلك الآية : أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب قبل البعثة

أما بعد ما بُعِث : فهو الذي كتب القرآن ، بل وخطَّه بيمينه ، حتى يتأكد أنه يأتينا صحيحا ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يقرأ ويكتب سوى القرآن ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

للعلماء في قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم له : ( ما أنا بقارئ ) أقوال :

- قيل : أتاه بنمط من ديباج فيه كتاب ، ثم قال له : اقرأ ، يعني اقرأ ما في هذا الكتاب .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقع عِنْد ابن إِسْحَاقَ فِي مُرْسَلِ عُبَيْدِ بِنِ عُمَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(أَتَانِي جِبْرِيلُ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ قَالَ اقْرَأْ . قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ) قَالَ السُّهَيْلِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ قَوْلَهُ ( ألم ذَلِكَ الْكتاب لَا ريب فِيهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ حَيْثُ قَالَ لَهُ (اقْرَأْ) "

انتهى من " فتح الباري " (8/ 718) .

وقال الحافظ ابن حجر - أيضا - :

" تَكَلَّمَ شَيْخُنَا - يعني البلقيني - عَلَى مَا كَانَ مَكْتُوبًا فِي ذَلِكَ النَّمَطِ فَقَالَ: (اقْرَأْ) أَيِ الْقَدرَ الَّذِي أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ وَهِيَ الْآيَاتُ الْأُولَى مِنِ (اقْرَأ باسم رَبك) وَيحْتَمل أَن يكون جملَة الْقُرْآن

وعَلى هَذَا يَكُونُ الْقُرْآنُ نَزَلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِاعْتِبَارٍ وَنَزَلَ مُنَجَّمًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ "

انتهى من " فتح الباري " (12/ 357) .

أما القول بأنه كان أمامه اللوح المحفوظ ، فقول فاسد ، لأن اللوح المحفوظ في الملأ الأعلى في السماء .

انظر جواب السؤال القادم

- وقيل : معنى (اقرأ) ، يعني ردِّد خلفي ما أقوله ، ومعنى (ما أنا بقارئ) يعني : لم أتعلم القراءة ، كما هو المعتاد فيمن يقرأ .

قال الحافظ ابن حجر :

" قَوْلُهُ (فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ) : اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ : ( افعل ) : تَرِدُ لِلْتَنْبِيهِ ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ

ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَابِهَا لِطَلَبِ اَلْقِرَاءَةِ ، عَلَى مَعْنَى : أَنَّ الْإِمْكَانَ حَاصِلٌ.

قَوْلُهُ (فَقَالَ اقْرَأْ) قَالَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: دَلَّتِ الْقِصَّةُ عَلَى أَنَّ مُرَادَ جِبْرِيلَ بِهَذَا أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ مَا قَالَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ (اقْرَأْ) .

ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (اقْرَأْ) إِلَى مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّمَطِ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَة ابن إِسْحَاقَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ (مَا أَنَا بِقَارِئٍ) ؛ أَيْ : أُمِّيٌّ لَا أُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْكُتُبِ .

قَالَ : وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ . وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ( اقْرَأْ ) : التَّلَفُّظَ بِهَا "

انتهى مختصرا من" فتح الباري " (12/ 357)

وينظر : " طرح التثريب " ، للعراقي (4/ 187-188) ،

" مرقاة المفاتيح " (9/ 3730) .

- وقيل : لا يلزم من أَمرِه بالقراءة أن يكون هناك مكتوب يريد منه أن يقرأه

وإنما المعنى : اقرأ ما يتلى عليك فيما يستقبل ، ويكون معنى ( ما أنا بقارئ ) الاعتذار له عن القراءة التي لا يعرف حقيقتها في ذلك الوقت ، فهو رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب .

قال ابن عاشور رحمه الله :

" وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (اقْرَأْ) أَمْرٌ بِالْقِرَاءَةِ، وَالْقِرَاءَةُ نُطْقٌ بِكَلَامٍ مُعَيَّنٍ مَكْتُوبٍ أَوْ مَحْفُوظٍ عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ.

وَالْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ ، مِنَ الطَّلَبِ لِتَحْصِيلِ فِعْلٍ فِي الْحَالِ أَوِ الِاسْتِقْبَالِ، فَالْمَطْلُوبُ بِقَوْلِهِ: اقْرَأْ : أَنْ يَفْعَلَ الْقِرَاءَةَ فِي الْحَالِ أَوِ الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ مِنَ الْحَالِ،

أَيْ أَنْ يَقُولَ مَا سَيُمْلَى عَلَيْهِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ بِقِرَاءَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ : أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِمْلَاءُ كَلَامٍ عَلَيْهِ مَحْفُوظٍ ، فَتُطْلَبَ مِنْهُ قِرَاءَتُهُ، وَلَا سُلِّمَتْ إِلَيْهِ صَحِيفَةٌ ، فَتُطْلَبَ مِنْهُ قِرَاءَتُهَا، فَهُوَ

كَمَا يَقُولُ الْمُعَلِّمُ لِلتِّلْمِيذِ: اكْتُبْ، فَيَتَأَهَّبُ لِكِتَابَةِ مَا سَيُمْلِيهِ عَلَيْهِ "

انتهى من " التحرير والتنوير " (30/ 435) .

ثانيا :

القول بأن المقصود من قوله تعالى : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) العنكبوت/ 48

أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يقرأ ولا يكتب قبل البعثة ، أما بعد البعثة فهو الذي كتب القرآن ، وخطه بيمينه ، وأنه لم يقرأ ولم يكتب سوى القرآن : قول باطل من وجوه :

الأول : أن الصواب المقطوع به : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، من يوم ولد إلى أن توفاه الله .

انظر جواب السؤالين الثاني و الثالث القادم
.
الثاني : أنه ليس في الآية ، ولا في غيرها من الآيات ، ولا فيما ثبت من السنن والآثار : أنه صلى الله عليه وسلم قرأ وكتب بعد البعثة ، وإنما فيها أنه لم يكن يكتب ولا يقرأ

ولم يأت ما يدل على تعلمه القراءة والكتابة ، وهذا آكد في الحجة ، وأعظم في البرهان ، والقول بخلاف ذلك ، أو دعوى أنه كان يكتب الوحي بيده صلى الله عليه وسلم

: دعوى باطلة في نفسها ، عاطلة عن الدليل الصحيح.

الثالث : قول هذا المدعي : كتبه بيده حتى يتأكد من وصوله إلينا صحيحا ، مِن أفسد القول

لأن فيه غمزا للصحابة رضي الله عنهم ، كأنه يقول : كان لا يأمن الصحابة على كتابة القرآن فكتبه بيده ، فيقال : فكيف استأمنهم من بعد موته على نقله ونقل الشريعة إلى الأمة بأسرها ؟









قديم 2019-02-20, 17:41   رقم المشاركة : 292
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

النبي الأمي

السؤال


هل هناك دليل على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر على القراءة والكتابة ؟ .

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ

وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(157)

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :

قوله تعالى : "الأمي" .. قال ابن عباس رضي الله عنه : كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب ;
قال الله تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك " [العنكبوت: 48] .

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الأخيرة :

ثم قال تعالى "وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك"

أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة بل كل أحد من قومك وغيرهم يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب وهكذا صفته في الكتب المتقدمة

كما قال تعالى "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر" الآية وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما إلى يوم الدين لا يحسن الكتابة

ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده بل كان له كُتّاب يكتبون بين يده الوحي والرسائل إلى الأقاليم . .

. قال الله تعالى "وما كنت تتلو" أي تقرأ "من قبله من كتاب" لتأكيد النفي "ولا تخطه بيمينك" تأكيد أيضا ..

وقوله تعالى "إذا لارتاب المبطلون" أي لو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من الناس

فيقول إنما تعلم هذا من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنه أمي لا يحسن الكتابة "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا".

وقال عزّ وجلّ :

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ(2) الجمعة

قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية :

قيل: الأميون الذين لا يكتبون . وكذلك كانت قريش . وروى منصور عن إبراهيم قال: الأمي الذي يقرأ ولا يكتب . "رسولا منهم" يعني محمدا صلى الله عليه وسلم

.. وكان أميا لم يقرأ من كتاب ولم يتعلم صلى الله عليه وسلم. قال الماوردي: فإن قيل ما وجه الامتنان في أن بعث نبيا أميا ؟

فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :

أحدها: لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء .

الثاني: لمشاكلة حاله لأحوالهم فيكون أقرب إلى موافقتهم

. الثالث: لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها . قلت: وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته .

انتهى ملخصا من تفسير القرطبي رحمه الله

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-20, 17:44   رقم المشاركة : 293
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هو اللوح المحفوظ وما معناه

السؤال

نرجو شرحاً مفصلاً مصحوباً بتفسير العلماء العظام مثل ابن كثير أو الطبري أو غيرهما لقول الله عز وجل : (في لوح محفوظ) سورة البروج آية 22 .

الجواب

الحمد لله

1. قال ابن منظور :

اللوح : كل صفيحة عريضة من صفائح الخشب .

وقال الأزهري : اللوح صفيحة من صفائح الخشب والكتف إذا كتب عليها سميت لوحا .

واللوح الذي يكتب فيه .

و اللوح : اللوح المحفوظ ، وفي التنزيل في لوحٍ محفوظٍ يعني : مستودعٌ مشيئات الله تعالى .

وكل عظم عريض : لوح .

والجمع منها : ألواح .

وألاويح : جمع الجمع . " لسان العرب " ( 2 / 584 ) .

2. قال ابن كثير رحمه الله :

في لوح محفوظ أي : هو في الملإ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل . " تفسير ابن كثير " ( 4 / 497 ، 498 ) .

3. وقال ابن القيم رحمه الله :

وقوله محفوظ : أكثر القراء على الجر صفة للوح ، وفيه إشارة إلى أن الشياطين لا يمكنهم التنزّل به لأن محله محفوظ أن يصلوا إليه ، وهو في نفسه محفوظ أن يقْدِر الشيطان على الزيادة فيه والنقصان .

فوصفه سبحانه بأنه محفوظ في قوله إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، ووصف محله بالحفظ في هذه السورة .

فالله سبحانه حفظ محله ، وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل ، وحفظ معانيه من التحريف كما حفظ ألفاظه من التبديل ، وأقام له مَن يحفظ حروفه مِن الزيادة والنقصان ، ومعانيه مِن التحريف والتغيير .

" التبيان في أقسام القرآن " ( ص 62 ) .

4. أما ما جاء في بعض كتب التفسير ، أن اللوح المحفوظ في جبهة " إسرافيل " ، أو أنه مخلوق من زبرجدة خضراء ، وغير ذلك فهو مما لم يثبت ، وهو من الغيب الذي لا يقبل إلا ممن أوحي إليه منه بشيء .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-20 في 17:46.
قديم 2019-02-20, 17:51   رقم المشاركة : 294
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بيده ؟

السؤال

كان النبي صلى الله عليه وسلم أمياً لا يكتب ، ولذلك كان له خاتم يلبسه ويختم به مراسلاته ، ولكن كيف يمكن التوفيق بين ذلك وبين ما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال

: " يوم الخميس ، وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء ، فقال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال : ( ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) ، فتنازعوا

ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ) ، وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب

وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة " قال يعقوب بن محمد : سألت المغيرة بن عبد الرحمن ، عن جزيرة العرب ، فقال : " مكة والمدينة واليمامة واليمن "

وقال يعقوب ، والعرج : أول تهامة" (4.228) ، وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها (صحيح البخاري 7.88) ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم ليس لأنه أمي لا يكتب

ولكن ليختم كتبه ورسائله التي كان يرسل بها إلى ملوك الأرض ، وقد كانت عادتهم في ذلك الوقت أن لا يقبلوا كتابا إلا مختوما من صاحبه .

روى البخاري (2938) عن أنس رضي الله عنه قال

: " لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ ، قِيلَ لَهُ : إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " .

ثانيا :

كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا أميا ، لا يقرأ ولا يكتب

كما وصفه ربه عز وجل بقوله : ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف/ 158.

وقال تعالى : (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت/ 48 .

فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ كتابا أو يكتب شيئا قبل نزول الوحي .

وقد اختلف أهل العلم : هل تعلم النبي صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة بعد نزول الوحي أم لا ؟

فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه كتب صلى الله عليه وسلم

يوم الحديبية وغيره

فقد روى البخاري (4251) في خبر الحديبية : (... فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... ) .

وكذلك الحديث الذي رواه البخاري (3053) ، ومسلم (1637) وهو الحديث الذي ذكره السائل في سؤاله .

وأكثر العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم ما قرأ ولا كتب شيئا حتى مات .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَهَكَذَا كَانَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَا يَخُطُّ سَطْرًا وَلَا حَرْفًا بِيَدِهِ ، بَلْ كَانَ لَهُ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْوَحْيَ وَالرَّسَائِلَ إِلَى الْأَقَالِيمِ

وَمَنْ زَعَمَ مِنْ مُتَأَخَّرِي الْفُقَهَاءِ ، كَالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَتَبَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ : "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ"

فَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ أَخَذَ فَكَتَبَ): وَهَذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى:

( ثُمَّ أَمَرَ فَكَتَبَ) ، وَلِهَذَا اشْتَدَّ النَّكِيرُ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا مِنْهُ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا وَخَطَبُوا بِهِ فِي مَحَافِلِهِمْ : وَإِنَّمَا أَرَادَ الرَّجُلُ -أَعْنِي الْبَاجِيَّ،

فِيمَا يَظْهَرُ عَنْهُ -أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ ، لَا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ ، وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَعَلَّمَ الْكِتَابَةَ ، فَضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 285-286) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَدْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ - يعني رواية يوم الحديبية -

أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فَادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ يَكْتُبُ ، فَشَنَّعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ وَأَنَّ الَّذِي قَالَه مُخَالف الْقُرْآنَ ..

. وَذكر ابن دِحْيَةَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ وَافَقُوا الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ

وَاحْتج بَعضهم لذَلِك بأحاديث ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عنها بضعفها، وَعَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَالْكَاتِبُ فِيهَا عَلِيٌّ ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بِأَنَّ عَلِيًّا هُوَ الَّذِي كَتَبَ ، فمعنى (كتب) أي : ( أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى باختصار من "فتح الباري" (7/ 503-504) .

فالراجح - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب ولم يقرأ حتى مات ، وما ورد من كونه كتب - كما في حديث الحديبية - ، فإنما معناه : أمر عليا رضي الله عنه أن يكتب .

وعلى ذلك فقوله في حديث ابن عباس : ( ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا) إنما يعني :

آمر من يكتب لكم ، لا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيكتب بنفسه ، وخاصة أنه في مرض الموت ، وقد أصابه من التعب والضعف ما أصابه

فالمناسب - ولو كان يحسن الكتابة - أن يأمر أحدا ممن بحضرته أن يكتب .

ثالثا :

قول السائل :

" وكتابة الرسول صلى الله عليه وسلم لعقد زواجه على عائشة رضي الله عنها " غير صحيح ؛ فلم تكن العقود تكتب وتوثق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

وكتابة عقد النكاح وتوثيقه إنما يقصد به ضمان الحقوق ، وليست كتابة العقد ركنا من أركان النكاح أو شرطا في صحته .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد .









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-20 في 17:53.
قديم 2019-02-20, 17:59   رقم المشاركة : 295
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي العزى التي كان المشركون يعبدونها من دون الله ؟

السؤال


هل كانت العزى التي هدمها خالد بن الوليد حجرًا مصورًا ؟

أم امرأة ؟

أم امرأة داخل حجر؟


الجواب

الحمد لله


كانت العرب قد اتخذت طواغيت يعبدونها من دون الله ، وكان من أشهرها : اللات والعزى ومناة ، قال الله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ) النجم/ 19 -20 .

قال الطبري رحمه الله :

" وأما العُزَّى : فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : كانت شجرات يعبدونها .

وهو قول مجاهد .

وقال آخرون : كانت العُزَّى حَجَرا أبيض ، وهو قول سعيد بن جبير .

وقال آخرون : كان بيتا بالطائف تعبده ثقيف ، وهو قول ابن زيد .

وقال آخرون : بل كانت ببطن نَخْلة "

انتهى بمعناه من " تفسير الطبري " (22/524) .

وقال الثعلبي في " تفسيره " (9/145) :

" وَالْعُزَّى اختلفوا فيها : فقال مجاهد : هي شجرة لغطفان يعبدونها ، وهي التي بعث إليها رسول الله خالد بن الوليد فقطعها ، وجعل خالد يضربها بالفأس ويقول :

يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَك ... إنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ

فخرجت منها شيطانة ، ناشرة شعرها داعية ويلها ، واضعة يدها على رأسها .

وقال الضحاك : وهي صنم لغطفان وضعها لهم سعد بن ظالم الغطفاني .

وقال ابن زيد : هي بيت بالطائف كانت تعبده ثقيف " انتهى مختصرا .

وقال ياقوت الحموي رحمه الله :

" العزّى: سَمُرَة ( أي : شجرة ) كانت لغطفان يعبدونها وكانوا بنوا عليها بيتا وأقاموا لها سدنة ، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد إليها فهدم البيت وأحرق السّمرة .

والعزّى تأنيث الأعزّ مثل الكبرى تأنيث الأكبر ، والأعزّ بمعنى العزيز والعزى بمعنى العزيزة

وقال ابن حبيب : العزى شجرة كانت بنخلة عندها وثن تعبده غطفان وسدنتها من بني صرمة بن مرّة

قال أبو منذر بعد ذكر مناة واللّات : ثم اتخذوا العزّى وهي أحدث من اللات ومناة ، وذلك أني سمعت العرب سمّت بها عبد العزّى

وكان الذي اتخذ العزّى ظالم بن أسعد ، وكانت بواد من نخلة الشامية ، فبني عليها بيتا

وكانوا يسمعون فيه الصوت ، وكانت العرب وقريش تسمّي بها عبد العزّى ، وكانت أعظم الأصنام عند قريش ، وكانوا يزورونها ويهدون لها ويتقرّبون عندها بالذبائح

انتهى من " معجم البلدان " (4/116-117) .

والراجح أن العزى كانت بيتا بنخلة يعبدونه ويعظمونه كما يعظمون الكعبة ، على ثلاث شجرات مقدسة عندهم ، فيها شيطانة ، فيعبدون البيت ويطوفون به ، وتكلمهم هذه الشيطانة من داخله

فتزيدهم غيا إلى غيهم ، وضلالا إلى ضلالهم ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه ، فهدم البيت ، وقطع الشجرات ، وقتل الشيطانة - وهي التي كانوا يعبدونها في الحقيقة من دون الله -
.
روى النسائي (11483) عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ

قَالَ: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى ، فَأَتَاهَا خَالِدٌ , وَكَانَتْ عَلَى ثَلَاثِ سَمُرَاتٍ ، فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ ، وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا

ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : ( ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ) , فَرَجَعَ خَالِدٌ ، فَلَمَّا بَصُرَتْ بِهِ السَّدَنَةُ وَهُمْ حَجَبَتُهَا ، أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ , وَهُمْ يَقُولُونَ : يَا عُزَّى يَا عُزَّى ، فَأَتَاهَا خَالِدٌ , فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ

, نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا , تَحْتَفِنُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ، فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : ( تِلْكَ الْعُزَّى )

وهذا إسناد حسن ، وحسنه الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند " (533) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ : " وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ اتَّخَذَتْ مَعَ الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ وَهِيَ بُيُوتٌ تُعَظِّمُهَا كَتَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ

بِهَا سَدَنَةٌ وَحُجَّابٌ وَتُهْدِي لَهَا كَمَا يُهْدَى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بِهَا، وَتَنْحَرُ عِنْدَهَا

وَهِيَ تَعْرِفُ فَضْلَ الْكَعْبَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا بَيْتُ إبراهيم عليه السلام ومسجده : فكانت لقريش ولبني كِنَانَةَ الْعُزَّى بِنَخْلَةَ، وَكَانَتْ سَدَنَتُهَا وَحُجَّابُهَا بَنِي شَيْبَانَ مِنْ سُلَيْمٍ ، حُلَفَاءَ بَنِي هَاشِمٍ .

قُلْتُ ( ابن كثير ) : بَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، فَهَدَمَهَا وَجَعَلَ يَقُولُ :
يا عزّى كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكِ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/ 423) .

وقال الفيروزآبادي رحمه الله :

" العزى : صَنَمٌ ، أو سَمُرَةٌ عَبَدَتْهَا غَطفَانُ ، أولُ منِ اتَّخَذَهَا ظَالِمُ بنُ أسْعَدَ ، فَوْقَ ذاتِ عِرْقٍ إلى البُسْتَانِ بِتِسْعَةِ أميالٍ ، بنَى عليها بَيْتاً ، وسَمَّاهُ بُسّاً . وكانوا يَسْمَعونَ فيها الصَّوْتَ

فَبَعَثَ إليها رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم ، خالِدَ بنَ الوَليدِ ، فَهَدَمَ البيتَ ، وأحْرَقَ السَّمُرَةَ "

انتهى من " القاموس المحيط " (ص/517) .

والله أعلم
.









قديم 2019-02-20, 18:05   رقم المشاركة : 296
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ذكرت الثقوب السوداء في قول الله تعالى ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) ؟

السؤال

ندرس حالياً في مادة العلوم عن الثقوب السوداء ( في الفضاء )، فهل يوجد لهذه الثقوب أي ذكر أو معلومات عنها في القرآن أو في السنة .

فأنا أريد أن أشارك هذه المعلومات مع الطلاب في صفي ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

من الضروري في هذا الإطار التنبيه على أن القرآن الكريم نزل كتاب هداية للبشرية ، يدلهم على طريق الصلاح

ويحذرهم من الفساد والغواية ، ويدعوهم إلى كل خير ، وينهاهم عن كل شر

ولذلك فإن الإشارات الكونية في آيات القرآن الكريم لم تسق ليكون كتاب معلومات فضائية أو كونية ، وإنما سيقت لغرض الدلالة على الغاية الأولى ، وهي الهداية

فلا ينبغي للمسلم أن ينسى المقصد ، ويركز على الوسيلة ، فيظن أن هذا الكتاب العظيم إنما نزل وصفا دقيقا لمظاهر الكون وأجرام السماء

وهذا ظن خاطئ أوقع كثيرا من الناس في المبالغة ، وجر إلى كثير من الجدال العقيم الذي سببه التكلف والتنطع في فهم آيات الله سبحانه .

ثانيا :

ومع ذلك ، نحن لا نرى أنه يجوز لأحد أن ينفي اشتمال القرآن الكريم على أوصاف دقيقة لمظاهر الكون وآيات السماء ، بل فيه من ذلك الكثير الطيب

الذي يبهر العقول ، ويحير الألباب ، ولا يزال يتكشف للناس منه ما يدل على أنه كلام العليم الخبير

الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأن مثل هذا الكلام ، لا يقدر على أن يأتي به أحد من البشر ، كائنا من كان .

ولكن يبقى السؤال عن مدى انطباق الآية ، أو النص القرآني ، مع اسم محدد من تلك المظاهر ، كالثقوب السوداء مثلا ، ومن الذي يملك حق الجزم بأن دلالة الآية تنطبق عليها .

ثالثا :

وهنا نقول : إن الآية التي يشير إليها كثير من الباحثين المعاصرين أن المقصود بها " الثقوب السوداء "

هي قول الله عز وجل : ( فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) التكوير/15-16

فقد ذهب جمهور المفسرين من السلف وأصحاب المصنفات إلى أن المقصود بها ( النجوم ) ، وأن المقصود بالخنس والكنس : هو ظهورها بالليل ، وغيابها بالنهار .

فقد روى ذلك الإمام الطبري عن علي بن أبي طالب ، والحسن ، وقتادة

ومجاهد ، وبكر بن زيد ، كما في " جامع البيان " (24/251-252) على اختلاف طويل في شأن الخنس والكنس ، وهل بينهما فرق ، أم هما مترادفان ، يدلان على شيء واحد ، مع اختلاف وصفه فقط .

وذكر أقوالا أخرى عن مدرسة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، يقول فيها إن المقصود : بقر الوحش ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما تفسيرها بالظباء .

ثم قال الطبري رحمه الله :

" أولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن الله تعالى أقسم بأشياء تخنس أحيانا

: أي تغيب وتجري أحيانا ، وتكنس أخرى ، وكنوسها : أن تأوي في مكانسها ، والمكانس عند العرب : هي المواضع التي تأوي إليها بقر الوحش والظباء ، واحدها : مَكْنِس وكِناس .

فالكناس في كلام العرب ما وصفت ، وغير مُنكر أن يستعار ذلك في المواضع التي تكون بها النجوم من السماء ، فإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن في الآية دلالة على أن المراد بذلك النجوم دون البقر

ولا البقر دون الظباء ، فالصواب : أن يُعَمّ بذلك كلّ ما كانت صفته الخنوس أحيانا والجري أخرى ، والكنوس بآنات ، على ما وصف جلّ ثناؤه من صفتها "

انتهى من " جامع البيان " (24/254) .

رابعا :

أخذ بعض الباحثين المعاصرين بالقول الأول ، وأن المراد بالآية وصف النجوم التي تسير في هذا الكون الفسيح

لكن قالوا : إن وصفها بأنها خنس ، وجوار كنس ، ينطبق ، أكثر ما ينطبق ، على نوع خاص من هذه النجوم ، تسمى " الثقوب السوداء " .

قالوا :

" سميت بالثقوب لقدرتها الفائقة على ابتلاع كل ما تمر به ، أو يدخل في نطاق جاذبيتها ، من مختلف صور المادة والطاقة ، من مثل الغبار الكوني ، والغازات

والأجرام السماوية المختلفة .‏ ووصفت بالسواد لأنها معتمة تماما ، لعدم قدرة الضوء علي الإفلات من مجال جاذبيتها ، على الرغم من سرعته الفائقة المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية ‏(299792,458‏ كم‏/‏ ث‏)‏

وقد اعتبرت الثقوب السود مرحلة الشيخوخة في حياة النجوم ، وهي المرحلة التي قد تسبق انفجارها وعودة مادتها إلى دخان السدم ، دون أن يستطيع العلماء حتى هذه اللحظة معرفة كيفية حدوث ذلك‏ "

انتهى من مقال للدكتور زغلول النجار .

ونحن لا نرى مانعا من أن يكون ذلك القول محتملا ، وأن يكون الآية تدل عليه ، إما على وجه العموم لها ولغيرها ، مما يصح أن ينطبق عليه هذا الوصف ، كما هي طريقة الإمام الطبري السابق ذكرها

وأصله في الآية ، وهو جار على مذهب من يصحح دلالة المشترك على أكثر من معنى في السياق الواحد ، وهو اختيار الشافعي وغيره من الأصوليين .

وإما على أن يكون المراد من هذا اللفظ العام : بعض أفراده ، كما هي طريقة من يرى أن الآية تدل على شيء واحد من الأقوال السابقة

والباحثون في إعجاز القرآن ، لم يخرجوا هنا عن ذلك الأصل ، ولم يأتوا بقول جديد كل الجدة ، بل ذهبوا إلى أن المراد بهذا اللفظ العام : بعض أفراده فقط ، وليس كل ما ينطبق عليه هذا الوصف .

ثم أضافوا فردا جديدا ، ليس بخارج ، كلية ، عن الأقوال السابقة .

ثم إن هذا القول ، لم يخرج أيضا عن مقتضى لغة العرب في معنى " الخنس" و" الكنس " ، كما سبق ذكره ، وإن كان قد أضاف تحديدا جديدا

أو دلل على دخول " فرد " جديد ، في ضمن " أفراد " اللفظ " العام " : الخنس ، والكنس .

يقول ابن فارس رحمه الله :

" ( كنس ) الكاف والنون والسين أصلان صحيحان :

أحدهما : يدل على سفر شيء عن وجه شيء ، وهو كشفه .

والأصل الآخر : يدل على استخفاء .

فالأول : كَنس البيت ، وهو سفر التراب عن وجه أرضه . والمِكنسة : آلة الكنس . والكُناسة : ما يكنس
.
والأصل الآخر : الكناس : بيت الظبي . والكانس : الظبي يدخل كناسه . والكنس : الكواكب تكنس في بروجها كما تدخل الظباء في كناسها . قال أبو عبيدة : تكنس في المغيب "

انتهى من " معجم مقاييس اللغة " (5/141) .

فقالوا : يمكن تفسير ( الكُنَّس ) على أنها جمع ( كانس ) على صيغة المبالغة ، بمعنى كأنها آلة للكنس ، تسفر وتزيل الشيء عن وجه شيء آخر وتكشفه .

وهذا كله على فرض ثبوت وجود هذا النوع من النجوم ( الثقوب السوداء )، وإلا فدلالة الآية لا تتوقف على نتائج العلوم الكونية وعلوم الفضاء

بل هي دلالة كاملة واضحة بحمد الله ، كما ثبت نقله عن أئمة التفسير

ولو ثبتت يقينا حقيقة تلك ( الثقوب السوداء ) فغايتها أنها تفصيل لأنواع النجوم التي تنطبق عليها الآية الكريمة ، أو ذكر لقول محتمل ، ليس من الصواب في شيء : القطع بأنه الآية تدل عليه ، ولا تدل على شيء سواه .

والله أعلم .









قديم 2019-02-20, 18:08   رقم المشاركة : 297
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من المراد بـ " عبده " في قوله تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) ؟

السؤال

هل نزلت الآية ( أليس الله بكاف عبده ) في أحد ؟

الجواب

الحمد لله


قال تعالى : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) الزمر : 36 .

قال السعدي رحمه الله :

" أي : أليس من كرمه وجوده ، وعنايته بعبده ، الذي قام بعبوديته ، وامتثل أمره واجتنب نهيه

خصوصا أكمل الخلق عبودية لربه ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تعالى سيكفيه في أمر دينه ودنياه ، ويدفع عنه من ناوأه بسوء "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص/725) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" قَرَأَ الْجُمْهُورُ (عَبْدَهُ) بِالْإِفْرَادِ . وَقَرَأَ حَمْزَةُ ، وَالْكِسَائِيُّ (عِبَادَهُ) بِالْجَمْعِ

فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى : الْمُرَادُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ، أَوِ الْجِنْسُ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى ، الْمُرَادُ : الْأَنْبِيَاءُ ، أَوِ الْمُؤْمِنُونَ ، أَوِ الْجَمِيعُ "

انتهى من " فتح القدير " (4/533)

وينظر : تفسير الطبري (20/209) .

فالمقصود بالآية على قول الجمهور هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كل من اقتفى أثره وعمل بسنته واهتدى بهديه .

وقد قال السيوطي رحمه الله في سبب نزولها :

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : قال لي رجل : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لتكفن عن شتم آلهتنا ، أو لنأمرنها ، فلتخبلنك ؟!

فَنزلت : ( ويخوفونك بالذين من دونه ) "

انتهى من " الدر المنثور " (7/229) .

والله أعلم .









قديم 2019-02-20, 18:13   رقم المشاركة : 298
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما المقصود بالقُشعريرة في قوله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) ؟

السؤال

قال تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد ) ، فما هي القشعريرة ؟

هل هي انتفاضه الجسم من الخشية ؟

ومن لم تحدث له هذه الحالة هل يُعتبر ممن لا يخشون الله ؟


الجواب


الحمد لله

أولا :

وصف الله تعالى عباده المؤمنين عند ذكر الله وتلاوة القرآن بأنهم تقشعر جلودهم ، وتوجل قلوبهم ، وتبكي أعينهم من خشية الله .

قال الله عز وجل : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) الزمر/ 23 .

والاقشعرار : انتفاض شعر الجلد وقيامه من الخوف والفزع ، فيرتعد الجسد من الخوف رِعدة وانتفاضة يسيرة لا تخرج عن حد الاعتدال .

تقول العرب : اقْشَعَرّ جِلْدُهُ اقْشِعْراراً ، فَهُوَ مُقْشَعِرٌّ : أَخَذَتْه قُشَعْرِيرَةٌ ، أَي رِعْدَة .

" تاج العروس " (13/420) .

وقال ابن القطاع الصقلي رحمه الله :

" اقشَعّر" تغير الجلد من فزع "

انتهى من " كتاب الأفعال " (3/71) .

وقال أبو محمد السرقسطي رحمه الله :

" وَالِاقْشِعْرَارُ مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ ، وَهُوَ انْتِفَاشُ الشَّعْرِ وَقِيَامُهُ "

انتهى من " الدلائل في غريب الحديث " (2/562) .

وقال ابن منظور رحمه الله : " القُشَعْرِيرة : الرِّعْدَة "

انتهى من " لسان العرب " (5/95) .

وجاء في " الموسوعة الفقهية " (21/253-354) :

" ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى حَال الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ الذِّكْرِ ، فَنَعَتَهُمْ تَارَةً بِالْوَجَل

كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) ، وَبِالْخُشُوعِ

كَمَا قَال تَعَالَى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَل مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْل فَطَال عَلَيْهِمُ الأْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) ، وَنَعَتَهُمْ تَارَةً أُخْرَى بِالطُّمَأْنِينَةِ عِنْدَ الذِّكْرِ

كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) .

وَجَمَعَ بَيْنَ الأْمْرَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى : ( اللَّهُ نَزَّل أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمِنْ يُضْلِل اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) .

فَأَمَّا الْوَجَل : فَهُوَ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا يَقُومُ بِالْقَلْبِ مِنَ الرَّهْبَةِ عِنْدَ ذِكْرِ عَظَمَتِهِ وَجَلاَلِهِ وَنَظَرِهِ إِلَى الْقُلُوبِ وَالأْعْمَال ، وَذِكْرِ أَمْرِ الآْخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِسَابِ وَالْعِقَابِ ، فَيَقْشَعِرُّ الْجَلْدُ بِسَبَبِ الْخَوْفِ الآْخِذِ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ

وَخَاصَّةً عِنْدَ تَذَكُّرِهِمْ مَا وَقَعُوا فِيهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّفْرِيطِ فِي جَنْبِ اللَّهِ .

وَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فَهِيَ مَا يَحْصُل مِنْ لِينِ الْقَلْبِ وَرِقَّتِهِ وَسُكُونِهِ

وَذَلِكَ إِذَا سَمِعُوا مَا أُعِدَّ لِلْمُتَّقِينَ مِنْ جَزِيل الثَّوَابِ ، وَذَكَرُوا رَحْمَتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَصِدْقَ وَعْدِهِ لِمَنْ فَعَل الطَّاعَاتِ وَاسْتَقَامَ عَلَى شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ يَصْحَبُ الْخَشْيَةَ الْبُكَاءُ وَفَيْضُ الدَّمْعِ " انتهى .

ثانيا :

أما ما يحدثه أهل البدعة من الصياح والصراخ والشهيق والاضطراب الشديد : فمن عمل الشيطان .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَوْلُهُ : ( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) أَيْ هَذِهِ صِفَةُ الْأَبْرَارِ ، عِنْدَ سَمَاعِ كَلَامِ الْجَبَّارِ ، الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، لِمَا يَفْهَمُونَ مِنْهُ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ .

وَالتَّخْوِيفِ وَالتَّهْدِيدِ ، تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُهُمْ مِنَ الْخَشْيَةِ وَالْخَوْفِ ، ( ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) لِمَا يَرْجُونَ ويُؤمِّلون مِنْ رَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ، فَهُمْ مُخَالِفُونَ لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ وُجُوهٍ :

أَحَدُهَا : أَنَّ سَمَاعَ هَؤُلَاءِ هُوَ تِلَاوَةُ الْآيَاتِ ، وَسَمَاعُ أُولَئِكَ نَغَمات لِأَبْيَاتٍ ، مِنْ أَصْوَاتِ القَيْنات .

الثَّانِي : أَنَّهُمْ إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيَّا ، بِأَدَبٍ وَخَشْيَةٍ ، وَرَجَاءٍ وَمَحَبَّةٍ ، وَفَهْمٍ وَعِلْمٍ .

الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ يَلْزَمُونَ الْأَدَبَ عِنْدَ سَمَاعِهَا ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِنْدَ سَمَاعِهِمْ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ تِلَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ

ثُمَّ تَلِينُ مَعَ قُلُوبِهِمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ . لَمْ يَكُونُوا يتصارخُون وَلَا يَتَكَلَّفُونَ مَا لَيْسَ فِيهِمْ ، بَلْ عِنْدَهُمْ مِنَ الثَّبَاتِ وَالسُّكُونِ وَالْأَدَبِ وَالْخَشْيَةِ مَا لَا يَلْحَقُهُمْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ ؛ وَلِهَذَا فَازُوا بالقِدح المُعَلّى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : حَدَّثَنَا مَعْمَر قَالَ: تَلَا قَتَادَةُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: ( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) قَالَ: " هَذَا نَعْتُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ، نَعَتَهُمُ اللَّهُ بِأَنْ تَقْشَعِرَّ جُلُودُهُمْ

وَتَبْكِيَ أَعْيُنُهُمْ ، وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، وَلَمْ يَنْعَتْهُمْ بِذَهَابِ عُقُولِهِمْ وَالْغَشَيَانِ عَلَيْهِمْ ، إِنَّمَا هَذَا فِي أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَهَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/55-56)

وينظر : " تفسير القرطبي " (12/59) .

ثالثا :

إذا لم تحدث هذه القشعريرة عند تلاوة القرآن أو سماعه : فلا يعني ذلك بالضرورة أن التالي أو السامع ليس ممن يخشى الله ، إذا كان مستحضرا معاني القرآن

ولكن يكون حاله من الخشية أقل من حال المقشعر الوجل ، الذي ينفعل قلبه وجلده وعينه للذكر

كما أن البكاء من خشية الله ليس شرطا في حصول الخشية ، إلا أن حال الباكي أكمل .

فالذي ذكره الله من ذلك هو حال الكمال في الخشية ، ولا يعني نقص القشعريرة ، أو انتفاءها ، أن الخشية منتفية بالكلية ؛ بل قد يكون ذلك لنقصان حاله من الكمال والخشية ، وقد يكون ذلك في وقت دون .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" مَا يحصل عِنْد الذّكر الْمَشْرُوع من الْبكاء ووجل الْقلب واقشعرار الجسوم : فَمن أفضل الْأَحْوَال الَّتِي نطق بهَا الْكتاب ... وَأما السّكُون ، قسوةً وجفاء : فَهَذَا مَذْمُوم "

انتهى من " مختصر الفتاوى المصرية " (ص/100) .

وينظر للفائدة إلى جواب السؤال القادم

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-21, 18:14   رقم المشاركة : 299
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



لا يخشع قلبه عند سماع القرآن ، ويتأثر عند سماع النشيد

السؤال

عندما أسمع القرآن أو أقرأه فإني لا أتأثر من سماعه ولا يتحرك قلبي ولا يخشع بينما أحياناً عندما أستمع إلى نشيد فإني أتأثر جداً فما هو الحل؟؟


الجواب

الحمد لله


القرآن هو خير الكلام وأنفعه ، وأكثره تأثيراً وإصلاحاً للنفس

قال الله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23

وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الأنفال/2 .

وكون المسلم لا يتأثر عند سماع القرآن أو قراءته ويتأثر عند سماع الأناشيد

هذا نذير خطر، وسؤالك يدل على أنك غير راضٍ عن هذه الحال فعليك أن تبادر بمعالجة الأمر قبل أن يشتد الخطر ، وعلاج ذلك يكون بما يلي :

1- الإكثار من قراءة القرآن الكريم ، فهجر القرآن قد يكون سبباً لحرمان الشخص من الانتفاع بالقرآن الكريم .

2- الاهتمام بمعرفة معاني القرآن الكريم ، ولو من تفسير مختصر ، كتفسير السعدي رحمه الله ، فقد يكون السبب لعدم الخشوع والتأثر عند القرآن الكريم هو عدم معرفة معناه
.
3- الإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته ، فذلك سبب قوي من أسباب رقة القلب وإزالة القسوة عنه .

4- التوبة إلى الله من جميع المعاصي ، والاستقامة على أمر الله ، فقد يعاقب الإنسان على معصيته ، فيحرم من الخير ومن الخشوع ومن التدبر .

5- الإقلال من سماع الأناشيد أو عدم ذلك بالكلية ، حتى يصح القلب وتعود له الحياة والتأثر والانتفاع بكلام الله .
وإليك فتاوى لبعض العلماء في ذلك :

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية : فقد أُعطي أكثر مما يستحق من الوقت ، والجهد ، والتنظيم ، حتى أصبح فنّاً من الفنون ، يحتل مكاناً من المناهج الدراسية

والنشاط المدرسي ، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت

وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات ، حتى شغل كثيراً من وقتهم ، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم ، والسنَّة النبوية ، والمحاضرات ، والدروس العلميَّة المفيدة " انتهى.

"البيان لأخطاء بعض الكتاب" ( ص 342 ) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" أحسن ما يوصى به لعلاج القلب وقسوته العناية بالقرآن الكريم ، وتدبره والإكثار من تلاوته مع الإكثار من ذكر الله عز وجل ، فإن قراءة القرآن الكريم بالتدبر والإكثار من ذكر الله

وقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، كل هذه من أسباب إزالة القسوة " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (24 /388)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أسباب قسوة القلب : الإعراض عن الله عز وجل والبعد عن تلاوة القرآن واشتغال الإنسان بالدنيا وأن تكون الدنيا أكبر همه ولا يهتم بأمور دينه ؛ لأن طاعة الله تعالى توجب لين القلب ورقته ورجوعه إلى الله تبارك وتعالى

ودواء ذلك بالإقبال على الله والإنابة إليه وكثرة ذكره وكثرة قراءة القرآن وكثرة الطاعات بحسب المستطاع " انتهى
.
"فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين ( 12/171)

والله أعلم .









قديم 2019-02-21, 18:19   رقم المشاركة : 300
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل أخذ الله الميثاق على الناس جميعا أول الخلق : أنه ربهم ؟

السؤال

هل خلق الله أرواح الآدميين كلها جميعاً ، ثم أخذ عليهم العهد بأنه ربهم في لحظة واحدة ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

قال الله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ *

أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) الأعراف/ 172، 173 .

قال الشنقيطي رحمه الله :

" فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَجْهَانِ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعْرُوفَانِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ مَعْنَى أَخْذِهِ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ : هُوَ إِيجَادُ قَرْنٍ مِنْهُمْ بَعْدَ قَرْنٍ

وَإِنْشَاءُ قَوْمٍ بَعْدَ آخَرِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ)

وَقَالَ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ) ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ: ( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى )

: أَنَّ إِشْهَادَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا هُوَ بِمَا نُصِبَ لَهُمْ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ بِأَنَّهُ رَبُّهُمُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمْ لِأَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ ، وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى (قَالُوا بَلَى) أَيْ: قَالُوا ذَلِكَ بِلِسَانِ حَالِهِمْ لِظُهُورِ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهِ .

الْوَجْه الْآخَر فِي مَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ جَمِيعَ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مِنْ ظُهُورِ الْآبَاءِ فِي صُورَةِ الذَّرِّ

وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِلِسَانِ الْمَقَالِ : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) ثُمَّ أَرْسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّسُلَ مُذَكِّرَةً بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ الَّذِي نَسِيَهُ الْكُلُّ وَلَمْ يُولَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهُ، وَإِخْبَارُ الرُّسُلِ بِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْيَقِينُ بِوُجُودِهِ .

وهَذَا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ يَدُلُّ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ "

انتهى من " أضواء البيان " (2/ 42-43) .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ ، شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى فَطَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَلَهُمْ عَلَيْهِ "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (3/ 500) .

وروى الإمام أحمد (2455) ، والحاكم (75) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ

ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا ، قَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) .

وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي

وأعله ابن كثير في "تفسيره" (3/502) بالوقف على ابن عباس

قال الألباني :

" هو كما قال رحمه الله تعالى ، ولكن ذلك لا يعني أن الحديث لا يصح مرفوعا

وذلك لأن الموقوف في حكم المرفوع ، لسببين :

الأول : أنه في تفسير القرآن ، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع .

الآخر: أن له شواهد مرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جمع من الصحابة

وهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وأبو أمامة وهشام بن حكيم

أو عبد الرحمن بن قتادة السلمي - على خلاف عنهما - ومعاوية بن أبي سفيان وأبو الدرداء وأبو موسى ، وهي إن كان غالبها لا تخلو أسانيدها من مقال ، فإن

بعضها يقوي بعضا ، بل قال الشيخ صالح المقبلي في " الأبحاث المسددة " : " ولا

يبعد دعوى التواتر المعنوي في الأحاديث والروايات في ذلك " ، ولاسيما

وقد تلقاها أو تلقى ما اتفقت عليه من إخراج الذرية من ظهر آدم وإشهادهم على

أنفسهم ، السلف الصالح من الصحابة والتابعين دون اختلاف بينهم ، منهم عبد الله

بن عمرو وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسلمان الفارسي ومحمد بن كعب والضحاك بن مزاحم والحسن البصري وقتادة وفاطمة بنت الحسين وأبو جعفر الباقر وغيرهم "

انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (4/ 159) .

ويشهد لهذا المعنى ما رواه مسلم (2805) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا ؟

فَيَقُولُ: نَعَمْ ، فَيَقُولُ : قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ : أَنْ لَا تُشْرِكَ - أَحْسِبُهُ قَالَ: وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ - فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ ) .

وروى الفريابي في "القدر" (53) بسند صحيح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ... ) قَالَ :

" جَمَعَهُمْ ثُمَّ جَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا فَاسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ، (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) .

ورواه الدولابي في " الكني " (1222) بنفس السند ، ولفظه : ( جَمَعَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ ) .

وقال الإمام إِسْحَاق بْنِ رَاهَوَيْهِ في قوله : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) قَالَ إِسْحَاقُ :

" أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ ، فَاسْتَنْطَقَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى )

فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ لَا تَقُولُوا ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) "

انتهى من " الاستذكار" (3/ 107) .

فعلى هذا القول المشهور المروي عن كثير من السلف : فقد جمع الله تعالى ذرية آدم في أول الخلق في صورهم -

وقيل أرواحهم ، وقيل أرواحهم ثم صورهم - وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى .

ولكن أحدا من بني آدم لا يتذكر هذا الميثاق .

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول الآخر ، وأن هذا الإشهاد والإقرار : إنما هو خلقهم على الفطرة الحنيفية ، قبل أن يتهودوا أو يتنصروا ، أو يتحولوا إلى غيرها من الأديان
.
قال رحمه الله

في تفسير قوله تعالى : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ) البقرة/116:

" وَهَذَا إِخْبَار عَمَّا فطروا عَلَيْهِ من الْإِقْرَار بِأَن الله رَبهم

كَمَا قَالَ : ( وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى ) الْآيَة [سُورَة الْأَعْرَاف 172] ؛

فَإِن هَذِه الْآيَة بَينه فِي إقرارهم وشهادتهم على أنفسهم بالمعرفة الَّتِي فطروا عَلَيْهَا : أَن الله رَبهم .

وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( كل مولولد يولد على الْفطْرَة ) .

وَطَائِفَة من الْعلمَاء جعلُوا هَذَا الْإِقْرَار لما اسْتخْرجُوا من صلب آدم وَأَنه أنطقهم وأشهدهم ، لَكِن هَذَا لم يثبت بِهِ خبر صَحِيح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وَالْآيَة لَا تدل عَلَيْهِ .

وَإِنَّمَا الَّذِي جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث الْمَعْرُوفَة أَنه استخرجهم وأراهم لآدَم وميز بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار مِنْهُم فعرفوا من يَوْمئِذٍ ، هَذَا فِيهِ مأثور من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره بِإِسْنَاد جيد

وَهُوَ أَيْضا من حَدِيث عمر بن الْخطاب الَّذِي رَوَاهُ أهل السّنَن وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ ، وَهُوَ يصلح للاعتضاد .

وَأما إنطاقهم وإشهادهم فروى عَن بعض السّلف ، وَقد روى عَن أبيّ وَابْن عَبَّاس "

انتهى من "جامع الرسائل" (1/ 11-12)

وينظر : " درء تعارض العقل والنقل" (8/482) وما بعدها .

والله تعالى أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc