المدخل لدراسة حقوق الانسان - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المدخل لدراسة حقوق الانسان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-07, 10:29   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(7)


وعلى هذا الأساس صدرت الدساتير والقوانين التي حمت هذه الحقوق ففي الولايات المتحدة الأمريكية صدرت تشريعات عادية تضمنت بعض الحقوق التي اشرنا إليها بعد الأزمة الاقتصادية التي حدثت سنة 1935 والتي أطلق عليها اسم (السياسة الجديدة)، أما في انكلترا فقد قررت بعض الحقوق ذات المضامين الاقتصادية والاجتماعية بموجب قوانين صدرت عن البرلمان الانكليزي ابتداءاً من نهاية الحرب العالمية الأولى، ولم تكن فرنسا بعيدة عن هذه التطورات إذ تضمن دستور 1946 في مقدمته تحديداً شاملاً لهذه الحقوق ومنها تضمين القوانين لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في المجالات كافة، وضمان حقوق العمال، بالتأكيد على حق العمل، وعدم جواز ان يضار إنسان من عمله بسبب الجنس أو الرأي أو العقيدة، والحق في ان ينضم أي إنسان إلى النقابة التي يمكن ان تدافع عن مصالحه، وأقر الحق في الاضراب ضمن حدود القانون الذي ينظمه، فضلاً عن ضمان التأمين الصحي والراحة، والحق في التمتع بأوقات الفراغ وتوفير الوسائل الضرورية لاستمرار حياة العاجزين عن العمل نتيجة الشيخوخة أو المرض(81).

وفي الدستور الفرنسي النافذ والصادر عام 1958 فقد نص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنتها المبادئ السابقة ولكن بطريقة غير مباشرة إذ أُشير إلى تمسك الشعب الفرنسي بإعلان سنة 1789 ومقدمة دستور 1946.

وهنا يمكن الإشارة إلى حقيقة تتمثل في ان الديمقراطيات الغربية لم تعطِ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نفس القدر من الأهمية التي تعطيها للحقوق والحريات الفردية فمجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دساتير الدول الرأسمالية هي مجرد أهداف عامة يجب على الحكومات ان تحاول تحقيقها في حين ان الحريات التقليدية تتمتع بحماية تشريعية وقضائية تمنع الاعتداء عليها أو الحد من فعاليتها(82).
ومن المهم القول بان الدستور العراقي لعام 2005 قد اكد في المادة (22) منه على ان العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة ، كما نص على الحقوق الاخرى التي تساهم في كفالة هذا الحق من قبيل تأسيس النقابات والاتحادات المهنية وحرية الانضمام اليها .
وفي المادة (30) منه اورد ( تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل او التشرد او اليتيم او البطالة ، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقه ,وتوفر لهم ,السكن والمناهج الخاصه لتاهيلهم والعنايه بهم , وينظم ذالك بقانون ) .

ومن جانبه اكد الدستور الاردني النافذ لعام 1952 في الماده (23) منه على حق العمل لجميع الاردنيين , كما اشار الى واجب الدوله في توفيره لهم باجور تتناسب مع كمية العمل وكيفيته , كما قرر تعويض خاص للعمال المعيلين , وفي احوال التسريح و المرض والعجز واصابات العمل .

الفرع الثاني
حق الملكية
يعد حق الملكية من الحقوق الأساسية والمهمة بالنسبة لكل فرد وربما كانت مشكلة الإنسان قد بدأت عندما وضع شخص ما قدمه على قطعة أرض وقال هذه ملكي، وكتب لوك يقول (إن السلطة العليا يجب إلا تسلب الفرد جزء من ملكه دون ان تحصل على رضاه، وذلك لأن حماية الملكية هو الغرض الذي من أجله أُنشئت الحكومة، وكون الأفراد الجماعة)، ووجد هذا الكلام صداه في إعلان عام 1789 الذي أكد على ان (الملكية حق مقدس لا يمكن المساس به ولا يجوز ان تنزع الملكية الخاصة لشخص إلا إذا كان ذلك للمصلحة العامة وطبقاً للقانون على ان يكون ذلك في مقابل دفع تعويض سابق وعادل)(84).

والنص المتقدم يعبر عن النظرة التي سادت لهذا الحق في نهاية القرن الثامن عشر والنص الأول من القرن التاسع عشر حيث كان يعد من الحقوق الطبيعية للأفراد بعد الحرية وقبل الضمان ومقاومة الطغيان، وهذا يعني ان النص الذي جاء به إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 قد عبر عن إيمان الثورة الفرنسية بان الملكية الخاصة تمثل القلعة الحصينة للحريات الفردية فهي التي تعبر أصدق تعبير عن حرية الإنسان، وان شخصية كل إنسان لا يمكن ان تنمو إلا إذا نشأت بحرية لا تحت رحمة الغير، لذا فان مُكنة تملك الأموال هي خصيصة جوهرية وأساسية لجميع المكنات الفردية المكونة لحريات الفرد، وعبرت النظرية التقليدية لحقوق الأفراد العامة عن مفهوم يربط بين الملكية والحرية حيث اعتبرت ان الفرد يستوفي مقومات استقلاله عن الدولة ويستطيع ان يستغني عن مساعدتها متى ما توافرت الملكية والحرية، وعلى هذا الأساس عدت الملكية مثل الحرية حق طبيعي يمكن الاحتجاج به أمام الكافة بما فيهم الدولة ذاتها، إلا ان المفهوم المتقدم للملكية باعتبارها حق مقدس وطبيعي وغير قابل للزوال تحت ضغط التطورات الاقتصادية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وربما قبل ذلك بفترة قصيرة حيث يمكن تحديد ثلاث اتجاهات فكرية عبرت عن موقفها من حق الملكية هي:
1- اتجاه يذهب إلى تضييق الملكيات الفردية وإحلال ملكية الدولة أو الملكيات الجماعية محلها.
2- اتجاه ثانٍ يذهب إلى تغير طبيعة النظرة إلى الملكية وذلك عن طريق اعتبارها تقوم بوظيفة اجتماعية (نظرية الملكية كوظيفة اجتماعية) ويراد بها تقيد حق الملكية بإخضاعه لمجموعة من الالتزامات التي تقود إلى تحقيق الحاجات الاجتماعية فالمالك عليه عندما يقوم باستخدام ملكية ان يراعي حاجات الجماعة قبل كل شيء.
3- اتجاه ثالث جمع العناصر الجيدة في الاتجاهين السابقين إذ يفضل هذا الاتجاه نقل الملكية من الفرد إلى الدولة أو إلى الجماعة إذا كان أداء المال لوظيفته الاجتماعية لا يتحقق إلا بنقله إلى الدولة أو الجماعة وهذا ما يتحقق عن طريق التأميم، ومن الأمثلة على التأميم كجزء نجده فيما قامت به الحكومة الفرنسية من تأميم لمصانع رينو للسيارات بعد الحرب العالمية الثانية بسبب النشاط المعادي لمالك هذه المصانع لفرنسا أثناء الاحتلال الألماني، والحالة الثانية تتمثل بتغيير طبيعة الحق بحيث يحل طابع نسبي للملكية محل الطابع المطلق لها وذلك عن طريق تحديد سلطات المالك على ملكه وهذا يعني الاعتراف بالملكية الخاصة لكن مع اعطاء السلطة السياسية القائمة بتفسير المصلحة الاجتماعية التي لا تستطيع فكرة الملكية الهروب منها(85).

من جانب آخر أكدت الاتفاقيات الدولية على حق الملكية وكذلك الاعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث نصت المادة 17 منه على حق كل فرد في التملك سواء بمفرده أو مع غيره وأضافت إلى ذلك عدم جواز تجريد شخص من ملكه تعسفاً، والمضمون ذاته أشارت إليه المادة (5) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وإعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 تشرين الثاني 1967 وكذلك الحال مع الإعلان الخاص بحقوق المعوقين(86).

الفرع الثالث-
الحقوق الثقافية
من أهم الحقوق الثقافية الحق في التعليم والثقافة حيث تم الاعتراف في القوانين الداخلية للدول والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بالحق في الثقافة والتعليم بهدف توجيه الثقافة نحو بناء وتنمية الشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها والاشتراك بشكل مؤثر وفعال في نشاط المجتمع الحر، وهذا ما يتم تحقيقه عبر إتاحة فرصة التعليم الابتدائي وجعله إلزامياً ومجانياً للجميع، والعمل على جعل التعليم الثانوي والفني والمهني متاحاً وميسوراً وبكل الوسائل المناسبة وعلى وجه التحديد عن طريق جعل الثقافة مجانية للجميع، فضلاً عن جعل التعليم العالي ميسوراً للجميع على أساس كفاءة كل شخص والعمل على تطوير المناهج المدرسية واحترام حق الآباء وحريتهم في اختيار ما يرونه من مدارس لتعليم أبنائهم واحترام حرية البحث العلمي والانتفاع بالتقدم العلمي وتطبيقاته، وكذلك حرية الأفراد في تأسيس المعاهد التعليمية ضمن المبادئ التي تنسجم مع الحد الأدنى للمستويات التي تقررها الدولة.

ان حق الآباء في تعليم أبناءهم قد أشير إليه منذ القرن الثامن عشر على ان يكون ذلك تحت رقابة الدولة بالشكل الذي يمكنها من اختيار المدرسين واشرافها على برامج التعليم والنظريات والأفكار التي تلقن للطلاب(87).

فعلى سبيل المثال كان التعليم في انكلترا حتى نهاية القرن الثامن عشر محتكراً تقريباً من جانب الكنيسة الرسمية ونتيجة للثورة الصناعية والاقتصادية وأفكار الثورة الفرنسية طرحت آراء من قبل جوزيف لانكستر دعا فيها إلى ايجاد تعليم حر لا يلقن التلميذ فيها ديانة معينة بينما دعا أندروبيل إلى التمسك بالنظام القديم، وفي عام 1833 بدأ البرلمان الانكليزي يهتم بالتعليم فمنح إعانات للاتجاهين السابقين وفي عام 1870 صدر قانون التعليم الأولي حيث تدخلت الدولة طبقاً لنصوصه لتنظيم التعليم العام حيث اعتمد هذا التنظيم على إتاحة الفرصة لكل طفل في ان يتلقى تعليماً أولياً واتخذت إجراءات عملية لتحقيق هذا الهدف عن طريق إنشاء هيئة تدريسية في كل مقاطعة، فضلاً عن بناء المدارس ثم صدرت بعد ذلك قوانين أخرى نظمت العملية التعليمية في هذا البلد(88).

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان من الأمور المهمة بالنسبة للمجتمع الديمقراطي الصحيح طبقاً لتوجهات جيفرسون، ان تقوم فيه الثقافة الشعبية، فهذه هي التي تحرر عقل الإنسان وتعمل على اتساع أفقه ومداركه، وهو أمر يؤدي إلى خلق إنسان أكثر قدرة على تطوير المجتمع بنواحيه المتعددة(89).

ويلاحظ مما تقدم ان بداية تنظيم التعليم كان لأسباب دينية ولازال العامل الديني يثير بعض التحفظات على مستوى العملية التعليمية ككل، فموضوع التعليم من المواضيع المهمة بحيث يجب تطويعه لتحقيق الغايات الإنسانية النبيلة فلكل فرد حق في التعليم وحق في العمل يرتبط به ويمكن من خلال الحق في التعليم اعمال الحق في العمل حيث يستغل المتعلم ما لديه من معلومات وبدون تعليم وطني متاح للجميع تصبح المساواة في الحقوق تعبيراً بلا معنى.

المطلب الثالث
الجيل الثالث من الحقوق
تتسع مجالات حقوق الإنسان مع مرور الزمن وتتطور فأصبحت هناك مجموعة من الحقوق التي تحتاج إلى تعاون الجميع سواء على المستويين الداخلي أو الدولي لكون هذه الحقوق ذات بعد انساني عام كالحق في التنمية، والحق في السلام، والحق في التضامن، والحق في بيئة نظيفة، والحق في الثروة الموجودة في قاع البحار، والحق في الإغاثة عند الكوارث الكبرى.

الفرع الأول
الحق في التنمية
يوجد بعد انساني لمفهوم التنمية وإعطاء تعريف يشتمل على جانب واحد من هذا المصطلح ليس بالأمر الصحيح فالتنمية كمفهوم أعطيت لها تعاريف متعددة وقد تطورت هذه التعاريف بتطور الزمن حيث اقترنت بالنمو الاقتصادي ثم تطور مفهوم التنمية ليشتمل على البعد السياسي والاجتماعي والثقافي إلى جانب البعد الاقتصادي ومجموع المضامين المتقدمة يعبر عنها بالتنمية البشرية ويعرف اعلان الحق في التنمية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1986، عملية التنمية بأنها (عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي يمكن عن طريقها اعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية).

والهدف من وراء الحق في التنمية القضاء على الفقر والعمل على تدعيم كرامة الإنسان واعمال حقوقه، فضلاً عن إدارة المجتمع والدولة بصورة جيدة بتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد فهذه الإدارة الجيدة إذا ما تحققت يمكن تحقيق كل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية(90).

أما تقرير التنمية البشرية فمنذ بداية صدوره عام 1990 عرفها بانها عملية توسيع لخيارات الناس بزيادة القدرات البشرية وطرق العمل وحدد هذه القدرات الأساسية الواجب توافرها لأعمال التنمية البشرية بثلاث هي:
أ- ان يعيش الناس حياة طويلة وصحية.
ب- ان يكونوا مزودين بالمعرفة.
ج- ان يكون بامكانهم الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق.

وسبق ان صدر الإعلان العالمي للحق في التنمية عام 1986 حيث أكد على اعتبار التنمية حقاً من حقوق الإنسان وهو جعل الهدف من التنمية تمكين الإنسان من الحصول على حقوقه فحقوق الإنسان والتنمية سيدعم كل منهما الآخر فالتنمية البشرية بمعناها الواسع لن تتحقق إذا لم تتحقق المساواة بين الأفراد في المجتمع الواحد كما ان الجهود الرامية لتعزيز احترام حقوق الإنسان ستكون أكثر حظاً في النجاح إذا ما تم القضاء على الفقر ورفع مستوى المعيشة(91).

أما المسألة الثالثة فهي الربط بين الحق في التنمية والحق في المشاركة الشعبية والتوزيع العادل لفوائد التنمية وهذا ما يتحقق عن طريق تمكين الناس من أخذ القرار وبالشكل الذي يربط بين الديمقراطية والتنمية عن طريق ايجاد مؤسسات دستورية تعمل على تعميق مشاركة الناس في الشأن العام كما تلعب المنظمات غير الحكومية دوراً مهماً بهذا الاتجاه لأنها تملك القدرة على الاتصال والتعامل مع الفئات المهمشة وخرق مركزية الدولة(92).

الفرع الثاني
الحق في بيئة نظيفة
وضع اعلان المؤتمر الخاص بالبيئة البشرية الذي دعت إليه الأمم المتحدة عام 1972 بهدف الهام الشعوب وارشادها للمحافظة على البيئة وتعزيزها ونصت الفقرة الأولى من الديباجة على (الإنسان هو، في الوقت نفسه، مخلوق بيئته ومحدد شكلها، فهي تؤمن له عناصر وجوده المادي وتتيح له فرصة النمو الفكري والاجتماعي والروحي، وخلال التطور الطويل والقاسي للجنس البشري على هذا الكوكب، تم الوصول الآن إلى مرحلة أكتسب فيها الإنسان، عبر التقدم السريع للعلم والتكنولوجيا، القدرة على تحويل بيئته بأساليب لا تحصى وعلى نطاق لم يسبق له مثيل، وكلا الجانبين من بيئة الإنسان، الطبيعي والذي من صنع الإنسان، ضروري لرفاهيته وللتمتع بحقوق الإنسان الأساسية، وحتى بالحق في الحياة).

وقد أكد المبدأ الأول من اعلان ستوكهولم على (للانسان حق أساسي في الحرية، والمساواة وظروف عيش مناسبة، في بيئة ذات نوعية تتيح حياة الكرامة والرفاه، وهو يتحمل مسؤولية جليلة في حماية بيئته وتحسينها للجيل الحاضر وللأجيال المقبلة .)(93).

ان الاهتمام بالحق في بيئة نظيفة لا يعني الوصول إلى تحقيق بيئة مثالية لعيش الإنسان بل ان الغاية هو المحافظة على التكوين الطبيعي للمحيط الذي يعيش فيه الإنسان وحماية هذا المحيط من أي تدهور خطير وتطويره بالشكل الذي يؤدي إلى خدمة الإنسان وهناك نصوص دستورية في العديد من دساتير دول العالم نصت على حماية الحق في البيئة إذ نصت المادة 54 من الدستور الاسباني لعام 1978 على تمتع الإنسان ببيئة مناسبة تساهم في تطويره، بينما نصت المادة 123 من دستور بيرو لعام 1979 على (الحق بالعيش في بيئة سليمة وملائمة لتطوير الحياة والحفاظ على الريف والطبيعة)(94).
ولعل الدستور العراقي من الدساتير العربية القليله التي اهتمت بهذا الحق فقد اورد في المادة (33) منه (اولاً:- لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة .
ثانياً :- تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الاحيائي والحفاظ عليهما .)
وإذا كانت حقوق الإنسان على وجه العموم، تمثل التزاماً على الأفراد أو الدولة في الوقت نفسه التي تعد فيها حقوقاً لمصلحة الإنسان فقد حدد المبدأ رقم 23 من الميثاق العالمي للطبيعة 1982 بوضوح مضمون المشاركة الفردية حيث نص على (يجب اتاحة الفرصة لجميع الأشخاص وفقاً لتشريعهم الوطني للاسهام منفردين أو مشاركين مع غيرهم في صياغة القرارات ذات الصلة المباشرة ببيئتهم، واتاحة وسائل الانتصاف أمامهم إذا الحق بهم ضرر أو تدهور).

واعمالاً للاتجاه المتقدم نصت المادة 66 من الدستور البرتغالي على (1- للجميع الحق ببيئة بشرية سليمة ومتوازنة وعليهم واجب حمايتها. 2- تلتزم الدولة عن طريق مؤسساتها بالمناشدة وبمساندة المبادرات الجماهيرية في أ- منع التلوث والسيطرة على آثاره وأشكال التآكل المؤذية التي يسببها. ب- تنظيم مساحة اقليمية وذلك بغية اقامة مناطق مستقرة بايلوجياً. ج- خلق وتطوير المتنزهات الطبيعية. د- تشجيع الاستمتاع العقلاني بالموارد الطبيعية مع الحفاظ على مسؤوليتها واستقرارها البيئي)(95).

وعلى مستوى التطبيقات القضائية الوطنية يمكن الإشارة إلى قرار المحكمة الهندية العليا التي أكدت بان الالتزام بالمحافظة على التوازن الآيكولوجي لا يقتصر على الدول فحسب وإنما يمتد إلى الأفراد(96).

كذلك تعرضت المؤسسات القضائية الدولية للحق في البيئة فقد أكدت محكمة العدل الدولية في الفتوى الصادرة عنها عام 1996 بخصوص مشروعية استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها على الحق في بيئة نظيفة وأقرت بوجود القانون البيئي العرفي وذكرت (ان وجود التزام عام على الدول بضمان احترام الأنشطة الجارية في إطار ولايتها أو سيطرتها لبيئة الدول الأخرى أو المناطق الواقعة خارج السيطرة الوطنية، شكل الآن جزءاً من القانون الدولي المتصل بالبيئة)(97).

الفرع الثالث
الحق في التضامن
يقوم الحق في التضامن على أساس ما ورد في المادة 1 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أكدت على ان الناس جميعاً (قد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء)، فضلاً عن كون التضامن واقع اجتماعي ويفترض ان يمتثل الفرد لإرادة الجماعة باعتبارها تعبيراً عن ذلك التضامن، ويبدو ان المعاني المتقدمة تحمل في طياتها جانباً أخلاقياً كبيراً إلا ان هذا البعد الأخلاقي المميز لا يعني انها غير متمتعة بوصف الالزام باعتبارها قواعد قانونية طالما تم النص عليها في اتفاقيات دولية أو في تشريعات داخلية.

وعلى اساس الحق في التضامن يقع التزام أخلاقي أولاً وقانوني ثانياً بضرورة تقديم المساعدة والعمل على نجدة الإنسان أو المجتمعات التي يمكن ان تتعرض لبعض النكبات أو المشاكل أو الاعتداءات في حالات الحروب والكوارث الطبيعية.

ان الحق في التضامن يجد له أساساً قانونياً وأخلاقياً متيناً في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على (.. ان نأخذ أنفسنا بالتسامح، وان نعيش معاً في سلام وحسن جوار. ).

الفرع الرابع
الحق في السلام
يجد الحق في السلام الأساس له في نصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف وعلى رأسها تحقيق السلم والأمن الدوليين وديباجة الميثاق تصدرتها الكلمات الآتية (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا ان ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف ..).

وإعمالا لنص الميثاق اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 12 تشرين الثاني 1984 اعلاناً بشأن حق الشعوب في السلم أكدت فيه (ان الحياة دون حرب هي بمثابة الشرط الدولي الأساسي للرفاهية المادية للبلدان ولتنميتها وتقدمها وللتنفيذ التام لكافة الحقوق والحريات الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة).

وأضافت الجمعية العامة في هذا الإعلان انها (. تدرك ان اقامة سلم دائم على الأرض، في العصر النووي، يمثل الشرط الأولى للمحافظة على الحضارة الإنسانية وعلى بقاء الجنس البشري، وإذ تسلم بان ضمان حياة هادئة للشعوب هي الواجب المقدس لكل دولة 1- تعلن رسمياً ان شعوب كوكبنا لها حق مقدس في السلم. وان المحافظة على حق الشعوب في السلم وتشجيع تنفيذ هذا الحق يشكلان التزاماً أساسياً على كل دولة . وان ضمان ممارسة حق الشعوب في السلم يتطلب من الدول ان توجه سياساتها نحو القضاء على أخطار الحرب، وقبل أي شيء آخر الحرب النووية، ونبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية، وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية على أساس ميثاق الأمم المتحدة .. وناشدت الجمعية العامة جميع الدول والمنظمات الدولية ان تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في ضمان تنفيذ حق الشعوب في السلم باتخاذ التدابير الملائمة على المستوى الوطني والدولي لتحقيق هذا الهدف(98).

يتبع >








 


قديم 2008-11-07, 10:30   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هوامش الفصل الرابع

1. نعيم عطية، الدستور المصري وحقوق الإنسان، مجلة السياسة الدولية، العدد 39، السنة 1975، ص34.
2. شمس مرغني علي,القانون الدستوري,1978,عالم الكتب,ص665
3. عبد الغني بسيوني,النظم السياسيه,1984,ص351
4. منيب محمد ربيع,ضمانات الحريه في مواجهة سلطات الضبط الاداري,القاهره.1981 ص 115
5. محسن خليل,النظم السياسيه والقانون الدستوري,1981 ص104
6. عبد الغني بسيوني, المصدر السابق,ص384
7. ثروت بدوي ,النظم السياسيه,الجزء الاول,النظريه العامه للنظم السياسيه,1970,ص368
8. محسن العبودي,الحريات الاجتماعيه,دار النهضه العربيه ,1990,ص7
9. سعاد الشرقاوي,نسبية الحريات العامه وانعكاسها على التنظيم القانوني ,دار النهضه العربيه,1979,ص 71
10. حسان محمد شفيق، نحو تصنيف جديد للحريات العامة، المصدر السابق، ص53.
11. محمد فائق، حقوق الإنسان والتنمية، المستقبل العربي، العدد 251، السنة كانون الثاني 2000، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص101.
12. حسان محمد شفيق، المصدر السابق، ص54.
13. محمد فائق، المصدر السابق، 101.
14. حسان محمد شفيق، المصدر السابق، ص59-60.
15. محمد فائق,المصدر السابق, ص101
16. دور الدولة في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والحريات الفردية، منشور صادر عن قسم الدراسات القانونية في مركز العراق للأبحاث، آب 2004.
17. أنور أحمد رسلان، المصدر السابق، ص170-171.
18. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص116-117.
19. فاتح سميح عزام، الحقوق المدنية والسياسية في الدساتير العربية، المستقبل العربي، العدد 277، آذار 2002، مركز دراسات الوحدة العربية، ص21-22.
20. أنظر نصوص هذا البروتوكول في، محمد شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الأول، الوثائق العالمية، الطبعة الأولى، دار الشروق، القاهرة، 2003، ص101-103.
21. تقرير الأمين العام، منشور، منع الجريمة والعدالة الجنائية، عقوبة الإعدام وتنفيذ الضمانات التي تكفل حماية حقوق اللذين يواجهون عقوبة الإعدام، الأمم المتحدة، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الدورة الموضوعية لعام 2000، 5تموز – 1 آب 2000، ص21-22.
22. المصدر نفسه، ص19.
23. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص22.
24. المصدر نفسه، ص24.
25. المصدر نفسه، ص25.
26. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص118-119.
27. المصدر نفسه، ص120.
28. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص26.
29. محمود محمود مصطفى، حماية حقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية، مجلة المحامون السورية، العدد 12، السنة 1978، ص320.
30. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص136.
31. المصدر نفسه، ص141.
32. المصدر نفسه، ص142.
33. محمود محمود مصطفى، المصدر السابق، ص321.
34. تقرير المقرر الخاص عابد حسين، الحقوق المدنية والسياسية بما في ذلك مسالة حرية التعبير (بريطانيا) المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لجنة حقوق الإنسان، الدورة 56، ص20.
35. حسن الهداوي، غالب الداودي، القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العراق، ص275.
36. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص151.
37. أنور أحمد رسلان، المصدر السابق، ص179.
38. عبد الحميد متولي، المصد رالسابق، ص464.
39. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص379-380.
40. المصدر نفسه، ص381.
41. عثمان خليل، المصدر السابق، ص139-140.
42. المصدر نفسه، ص141.
43. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص282.
44. عثمان خليل، المصدر السابق، ص141.
45. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص282.
46. المصدر نفسه، ص383.
47. المصدر نفسه، ص385.
48. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص26.
49. ايريكا- ايرين أ.دايسي، واجبات الفرد ازاء المجتمع والقيود المفروضة على حقوق الإنسان وحرياته بمقتضى المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك، 1984، ص229.
50. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص395.
51. المصدر نفسه، ص395-396.
52. نعيم عطية، إعلانات حقوق الإنسان والمواطن في التجربة الدستورية الانكلوسكسونية، المصدر السابق، ص391-393.
53. المصدر نفسه، ص394-395.
54. المصدر نفسه، ص396.
55. المصدر نفسه، ص400-402.
56. المصدر نفسه، ص468.
57. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص23-24.
58. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص392.
59. عثمان خليل، المصدر السابق، ص147.
60. نعيم عطية، إعلانات حقوق الإنسان في التجربة الدستورية الانكلوسكسونية، المصدر السابق، 416-417.
61. المصدر نفسه، ص418.
62. المصدر نفسه، ص466-467.
63. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص23.
64. تقرير عبيد حسين المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير (تقرير البعثة إلى تونس) المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لجنة حقوق الإنسان، الدورة 56، E/CN.4/2000/63/Add.4 ، ص5
65. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص400.
66. المصدر نفسه، ص393-394.
67. نعيم عطية، إعلانات حقوق الإنسان والمواطن في التجربة الدستورية الانكلوسكسونية، المصدر السابق، ص463-465.
68. تقرير عبد الفتاح عمرو وفقاً لقرار لجنة حقوق الإنسان 1996/23 ، المجلس الاقتصادي والاجتماعي/ لجنة حقوق الإنسان، الدورة 54، E/CN.4/1998/6/Add.1، ص4.
69. نعيم عطية، إعلانات حقوق الإنسان والمواطن في التجربة الدستورية الانكلوسكسونية، المصدر نفسه، ص463-465.
70. المصدر نفسه، ص465-466.
71. عصام نعمة اسماعيل، حول حجاب المسلمات في فرنسا، يبقى القضاء ملاذاً نهائياً لحماية الحرية الدينية، المستقبل العربي، العدد 301، السنة 3/2004، ص13.
72. المصدر نفسه، ص18-19.
73. تقرير الأمين العام/ حقوق الإنسان والحرمان التعسفي من الجنسية/ المجلس الاقتصادي والاجتماعي- لجنة حقوق الإنسان، الدورة 56، E/CN.41/2000/56/Add.1. 28 January 2000 ، ص2.
74. أنظر بحث فؤاد عبد المنعم رياض، الجنسية كحق من حقوق الإنسان "دراسة مقارنة لبعض التشريعات العربية" المنشور في محمد شريف بسيوني، دراسات تطبيقية عن العالم العربي، الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، بيروت، 1989، ص456.
75. فاتح سميح عزام، المصدر السابق، ص27-28.
76. عصام العطية، القانون الدولي العام، الطبعة الرابعة، 1987، ص222-223.
77. أحمد جمال الظاهر، دراسات في الفلسفة السياسية، المصدر السابق، ص471.
78. أنور أحمد رسلان، المصدر السابق، ص175.
79. نعيم عطية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في الدساتير الحديثة، مجلة مصر المعاصرة،، العدد 345، السنة 1971، ص113.
80. المصدر نفسه، ص114.
أيريكا – ايرين أ.دايسي، المصدر السابق، ص501.
81. المصدر نفسه، ص114-115.
82. أنور أحمد رسلان، المصدر السابق، ص175-176.
83. المصدر نفسه، ص177.
84. مصطفى كامل ليلة، المصدر السابق، ص390-391.
85. نعيم عطية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في الدساتير الحديثة، المصدر السابق، ص119-121.
86. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص58.
87. عثمان خليل، المصدر السابق، ص147.
88. نعيم عطية، إعلانات حقوق الإنسان والمواطن في التجربة الدستورية الانكلوسكسونية، المصدر السابق، ص406.
89. المصدر نفسه، ص418.
90. محمد فائق، المصدر السابق، ص101.
91. المصدر نفسه، ص102.
92. المصدر نفسه، ص103.
أنظر كذلك عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص79.
93. المصدر نفسه، ص83.
94. صلاح الحديثي، النظام القانوني الدولي لحماية البيئة، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون/ جامعة بغداد ، 1997، ص10، هامش رقم 1.
95. المصدر نفسه، ص11 هامش رقم 1.
96. المصدر نفسه، ص 14 هامش رقم 4.
97. لويز دوسوالدبيك، القانون الدولي الإنساني وفتوى محكمة العدل الدولية بشأن مشروعية التهديد بالأسحلة النووية أو استخدامها، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 35، شباط 1997، ص50.
98. أنظر نص هذا الإعلان منشوراً في محمد شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، الوثائق العالمية، المجلد الأول، المصدر السابق، ص960.

الفصل الخامس
الحماية الداخلية لحقوق الانسان
ترتب على نضال الشعوب وثوراتها وانتصاراها في مواجهة قهر السلطة في كثير من مراحل التاريخ البشري ، ان انتقلت الحرية من مجرد افكار ورؤى يدعو اليها الكتاب والمفكرين وتتطلع اليها الشعوب الى حقوق معترف بها ويحميها القانون باعتبارها شرط من شروط استقرار الدول وحماية نظامها السياسي والاجتماعي .
وعلى ذلك يجب ان توفر السلطة ضمانات جدية تكفل احترام هذه الحقوق وتتعهد باحترامها وفي مقدمة هذه الضمانات ادراج الحقوق والحريات في صلب الوثيقة الدستورية فلا حرية بدون قانون يحميها من اعتداء الحكام او الافراد انفسهم.
وقد يسر ذلك انتشار الدساتير والوثائق القانونية واعلانات الحقوق التي اضحت ضمانات اكيدة في مواجهة الانظمة السياسية القائمة وخارجه عن مجال سيطرتها إلا إنها ضمانات غير كافية يجب تعزيزها على المستوى الداخلي من خلال وجود قضاء مستقل يملك ولاية الغاء قرارات السلطة التنفيذية الماسة بالحقوق والحريات ، اذا ما خالفت القانون او تعسفت باستخدام سلطاتها وتقرير مبدأ الرقابة على دستورية القوانين وكفالة ديمقراطية التجاء الافراد الى القضاء لا لغاء القوانين غير الدستورية وايجاد نضم جديدة لتحقيق العدالة واحترام حقوق وحريات الافراد خارج النظام القضائي .
الى غير ذلك من وسائل اخرى تساهم على المستوى الوطني في تعزيز احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية . وهو موضوع هذا الجزء من الدراسة .

المبحث الاول
ادراج الحقوق والحريات في صلب الوثيقة الدستورية
من المبادئ المسلم بها في النظم الديمقراطية إن يمثل الدستور الوثيقة القانونية العليا واجبة الاحترام من السلطات الأساسية الثلاث في الدولة. بحكم إن الدستور يتضمن المبادئ القانونية التي تتعلق بشكل الدولة ونظام الحكم فيها وعلاقته بالمواطنين وينظم السلطات العامة في الدولة وحقوق وحريات الأفراد ويعد الدستور أعلى التشريعات في الدولة ويقع في قمة الهرم القانوني ويسمو على القواعد القانونية الأخرى جميعا. مما ينبغي إن تلتزم سلطات الدولة جميعها بالتقيد بأحكامه وإلا عدت تصرفاتها غير مشروعة. فالسلطة التنفيذية تلتزم بقواعد الدستور ولا يحق لها مخالفتها في أعمالها إذ إن ذلك يعرض أعمالها للإلغاء والتعويض عما تسببه من ضرر. كما إن السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان تتقيد هي الأخرى بأن تحترم تشريعاتها القواعد الدستورية وإلا كانت عرضه للإلغاء استنادا إلى مخالفتها لمبدأ المشروعية . ومن الجدير بالذكر في هذا المجال إن نؤكد انه ليس المهم إن يسجل الدستور المبادئ العامة التي تحكم السلطات الأساسية في الدولة. إنما يجب العمل على كفالة احترام الدستور وتقدير الضمانات التي إلى تعزيز هذا الاحترام وفي هذا الجزء من الدراسه نتناول الضمانات القانونية والواقعية لاحترام القواعد الدستورية.

المطلب الاول
مضمون القواعد الدستورية
يختلف محتوى الدستور من دولة إلى أخرى حسب التنظيمات الدستورية السائدة فيها لذلك ليس من السهولة التحديد الدقيق لما يحتويه الدستور غير إن الخطوط الرئيسية المجمع عليها من فقهاء القانون الدستوري تقوم على تقسيم القواعد الدستورية إلى جزئين: يتعلق الجزء الأول منها بدراسة القواعد المنظمة لممارسة السلطة. أما الجزء الثاني فيتعلق بدراسة الحقوق والحريات.

أولا : القواعد المنظمة لممارسة السلطة:
يتضمن الدستور القواعد التي تنظم ممارسة نشاط السلطات الحاكمة في الدولة والعلاقة بينها وحدود عمل كل سلطة حتى لا تطغي سلطة على الأخرى وفق مبدأين أساسيين هما فصل السلطات والتوازن بينهما.
فقد درج الفقهاء على تقسيم وظائف الدولة القانونية إلى ثلاث ( تشريعية ، تنفيذية ، قضائية) ويقوم التوازن بين السلطات بان لاتطغي السلطة التنفيذية على الشعب ممثلا بالبرلمان ولا يطغي البرلمان على السلطة التنفيذية وهذا الأمر يحتاج إلى ضابط حازم يؤدي إلى الحفاظ والثبات في النظام السياسي القائم.
وفي هذا المجال تثار مشكلة تتصل بتنظيم هذه السلطات والعلاقة بينها وهو ما يتكفل به الدستور باعتباره الوثيقة القانونية الأعلى في الدولة.
وقد كان لفكرة توزيع السلطات في الدولة قبولا لدى واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787 ورجال الثورة الفرنسية فورد النص عليه في إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام1789 الملحق بدستور عام 1791 ، ويتفق معظم الدستوريون اليوم على إن هناك نموذجين أساسيين لتوزيع السلطات احدهما يتمثل بالنظام البرلماني والآخر بالنظام الرئاسي يأخذ الأول بالفصل المعتدل بين السلطات بينما يعتمد الثاني على الفصل شبه المطلق.
من جانب آخر تتضمن الوثيقة الدستورية القواعد التي يرجع إليها في أسلوب تقلد السلطة وانتقالها( الوراثة ، الانتخاب ) ، كما يتضمن شكل الدولة ما إذا كان بسيطا أم مركبا ، وإذا كان فدراليا فان الدستور يبين تقسيم السلطة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات.

ثانيا:. القواعد المنظمة للحقوق والحريات.
يحدد الدستور في الجزء الثاني من أحكامه تلك القواعد المنظمة لحقوق الأفراد وحرياتهم.
فقد حرصت الوثائق الدستورية المختلفة على أن تتضمن في جانب منها الحقوق والحريات التقليدية لاسيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية. وفي جانب آخر الحقوق والحريات ذات المضامين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولم يقف المشرع الدستوري عند حد تسجيل هذه الحقوق والحريات بل عمل على كفالة احترامها وتقدير ضمانات ممارستها ووضع القيود التي تحد من تقييد السلطات العامة لها. بشرط إن تبقى في حدود عدم مساسها بحقوق وحريات الآخرين وعدم الأضرار بالمصالح الأخرى للمجتمع.
وهذا التقييد الضابط للحرية من الخطورة بحيث لايمكن تركه لتقدير الدولة ولا يمكن التعويل على نبل مقاصدها. ومن اجل إن لا تتجاوز السلطة على هذه الحقوق والحريات كان لا بد من وجود ضابط لتلك السلطة يتمثل في نص الدستور على احترام تلك الحقوق والحريات وان يتم إدراج المبادئ الرئيسية التي تنظم الحريات العامة في صلب الوثيقة الدستورية وان لا يترك للسلطة التنفيذية أن تنضمها عن طريق المراسيم فتتوغل في تلك الحريات وتجعل ممارستها استثناءا من المنع.
ولم يتبع المشرع الدستوري في اغلب الدول العربيه أسلوب تقرير الحقوق والحريات العامة في إعلانات الحقوق أو في ديباجة دساتيره ولعل في ذلك تجنب لما قد يثار بشأن القيمة القانونية لهذه الإعلانات.
كما لم يتبع ما نصت عليه بعض الدول من تقرير هذه الحقوق في قوانينها العادية كما هو الحال في انكلترا وما قد يؤدي إليه هذا الأمر من إمكانية المشرع العادي في تعديل هذه الحقوق بالزيادة أو النقصان.
فقد تبنت هذه الدساتير الأسلوب الذي اتبعه الدستور الأمريكي في تقرير الحقوق والحريات العامة في نصوص وردت في صلب الوثيقة الدستورية مما اسبغ عليها من القوة ما للنصوص الدستورية الأخرى.

المطلب الثاني
الضمانات القانونية لتطبيق القواعد الدستورية
ينتج عن مبدأ سمو الدستور على القواعد القانونية الأخرى بمختلف مراتبها - سواء كانت تشريعاً عادياً صادرا من السلطة التشريعية أو تشريعا فرعياً صادراً عن السلطة التنفيذية - إن تعلو أحكام الدستور على كل أعمال السلطات في الدولة ، اعتباره المعبر الوحيد عن الإرادة الشعبية وتكون هذه الأعمال لاغيه وباطلة إذا ما خلقته.
ولكن السؤال هو من الذي يقرر ما إذا كانت تلك الأعمال الصادرة من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية تتناقض مع الدستور وما هي الإجراءات الواجب مراعاتها لضمان تطبيق القواعد الدستورية.

الفرع الاول:
( الرقابة على دستورية القوانين ) .
الدستور يقيد المشرع العادي في الحدود التي رسمها له ومن ثم تمنع السلطة التشريعية عن إصدار التشريعات التي تتعارض مع نصوص الدستور وفق ما يسمى بمبدأ دستورية القوانين . ولضمان التزام السلطة التشريعية بتلك الحدود من الضروري فرض الرقابة عليها.
والملاحظ إن الدساتير مختلفة في إتباع الطريقة التي تحقق بها تلك الرقابة وسلكت في هذا المجال سبل مختلفة أهمها ما يلي:

اولاً :-الطعن في دستورية القوانين أمام لجنة أو مجلس دستوري.
تباشر الرقابة على دستورية القوانين في بعض الأحيان من قبل هيئة أو لجنة ذات صيغة سياسية غير قضائية.
وقد انفردت فرنسا منذ أواخر القرن الثامن عشر في الدعوة إلى إيجاد هيئة سياسية يكون من اختصاصها إلغاء جميع القوانين التي تسن مخالفة لأحكام الدستور. ولم تعهد بهذه المهمة إلى القضاء بسبب السمعة السيئة له في ذلك الوقت (1)
وقد أخذت العديد من الدول عن فرنسا هذا النوع من الرقابة مع اختلاف بين دستور وآخر. فاخذ الاتحاد السوفيتي السابق بهذا الأسلوب في دستور عام1977 وجعل الرقابة من اختصاص السلطة التشريعية كما اخذ به دستور ألمانيا الديمقراطية في دستورها لعام 1949 و بلغاريا في دستورها لعام1947 والصين في دستورها لعام1954.
وقد أناط الدستور الفرنسي الحالي الصادر عام 1958 مهمة الرقابة إلى هيئة اسماها المجلس الدستوري تتكون من نوعين من الأعضاء : تسعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ. كما يضم المجلس رؤساء الجمهورية السابقون للاستفادة من خبراتهم السياسية التي اكتسبوها من سني خدمتهم من ناحية أخرى. أما رئيس المجلس فيعين من بين أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية. (2)
ويتميز هذا النوع من انواع الرقابة على دستورية القوانين في انه يمارس رقابه وقائية على القوانين غير الدستورية وهي في مرحلة تشريعها قبل ان تصدر ، لكنه بالرغم من ذلك تعرض للانتقاد من حيث إن تحريكه يعود أما للسلطة التشريعية أو التنفيذية مما يقيم الرقابة على اعتبارات سياسية أكثر من إقامتها على اعتبارات قانونية وموضوعية(3) بحكم ان جهة الرقابة غالباً تتكون من هيئة يتم تعيينها أو اختيارها من إحدى هاتين السلطتين ولا شك إن الطابع السياسي يتدخل في هذا التعيين مما يفقدها الاستقلال والحياد الأمني في ممارسة دورها الرقابي.

ثانياً : الرقابة القضائية على دستورية القانون:
بموجب هذا النوع من الرقابة يمارس القضاء مهمة الفصل فيما إذا كان القانون دستوريا من عدمه ويتم ذلك في الغالب بإتباع طريقين هما:
1-رقابة الامتناع أو الدفع الفرعي:
ويتم ذلك بان يهمل القضاء القانون غير الدستوري ويمتنع عن تطبيقه في القضية المعروضة. وقد اتبعت هذه الطريقة من طرق الرقابة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتتم من خلال نزاع قضائي يدفع فيه احد الخصوم بان القانون المراد تطبيقه عليه غير دستوري فتنظر المحكمة في هذا الدفع فإذا ثبت لديها انه مخالف للدستور امتنعت عن تطبيقه وإذا ظهر العكس استمرت في نظر النزاع.
ومن الجدير بالذكر انه ليس في الدستور الأمريكي نص صريح يرجح أو يقر مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين. لكن نص المادة السادسة من الدستور قد أكد إن (( هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي تصدر طبقا له.. تكون هي القانون الأعلى للبلاد، ويكون القضاة في جميع الولايات ملزمين به،ولا يعتد بأي نص في الدستور أو قوانين أية ولاية يكون مخالفا ًلذلك)). (4)
وقد ذهب الرأي الراجح في الفقه الدستوري الأمريكي إلى القول بان الرقابة على دستورية القوانين هي بطبيعتها من اختصاص السلطة القضائية بحكم إنها تمتلك ميزة البعد عن التأثير السياسي فضلا عن الخبرة(5)
مع إن البعض قد ذهب إلى إن إسناد هذه السلطة للقضاء فيه اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية ويجعل منها سلطة سياسية أعلى من سلطة الأمة الممثلة ببرلمانها. (6)
ووفق هذا النوع من الرقابة وعندما تحكم إحدى المحاكم في دعوى أمامها بعدم دستورية قانون ما فإنها لا تلغي القانون وإنما تمتنع عن تطبيقه ويضل القانون سليما على الرغم من ذلك ويجوز لمحكمة أخرى إن تطبقه كما يصح إن تطبقه ذات المحكمة التي امتنعت عن تطبيقه في قضية أخرى إذ إن حجية الحكم بعدم الدستورية نسبية يقتصر أثرها على طرفي النزاع. ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الدستورية صادرا من المحكمة الاتحادية العليا.
ويعد هذا الطريق الأسلوب الأكثر نجاحا في فرض الرقابة على دستورية القوانين في الدول التي تخلو دساتيرها من النص صراحة على حق القضاء في الرقابة على دستورية القوانين ، إذا ما دفع أمامه – أثناء نظر دعوى مرفوعة – بعدم دستورية قانون ما واجب التطبيق. ومن ذلك ما درج عليه القضاء المصري في ظل دستور عام 1956 ودستور عام 1958 رغم خلوهما من نصوص تنظيم الرقابة.(7)
2-الطعن في دستورية القوانين بطريق الدفع الأصلي أو رقابة الإلغاء.
يجيز هذا النوع من الرقابة لبعض المحاكم إلغاء القانون غير الدستوري وإنهاء العمل به وقد يكون هذا الحكم قبل صدور القانون فتسمى رقابة الإلغاء السابقة أو بعده فيسمى رقابة الإلغاء اللاحقة. وبسبب خطورة الأثر المترتب على هذا الحكم والمتمثل بإلغاء تشريعات البرلمان ، حرصت الدول على إن تمارسه محاكم دستورية عليا متخصصة أو أعلى درجات القضاء في الدولة ، كما لم تجز كثر منها للأفراد إن يطعنوا مباشرة في دستورية القوانين بينما أجاز بعضها ذلك بطريق غير مباشر بان يتقدموا بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام بعض المحاكم، فان اقتنعت هذه المحكمة بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية. (8)
ومن الدول التي أخذت بهذا الأسلوب من طرق الرقابة، العراق في ظل القانون الأساسي عام 1925 حيث أناط فحص دستورية القوانين بمحكمة عليا وجعل حق الطعن في دستورية القانون من اختصاص السلطة التنفيذية دون الأفراد.
وهذا الامر منتقد لأنه حرم المواطنين من ضمانة أساسية لكفالة احترام الدستور وما يتضمنه من حقوق وحريات.
كما اخذ الدستور الايطالي لعام 1947 بتشكيل محكمة دستورية من خمسة عشر قاضياً تمتلك سلطة إلغاء القانون غير الدستوري اعتباراً من تاريخ صدور الحكم.
واخذ به الدستور المصري الحالي الصادر في 11 سبتمبر 1971 بان جعل الرقابة على دستورية القوانين من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بعد إن نبذ المشرع الدستوري نظام الرقابة السياسية على دستورية القوانين.
على انه بالرغم من مزايا الرقابة القضائية بطريق الدعوى المباشرة إلا إنها لم تسلم من النقد من جانب من الفقه باعتبار إنها تمثل خروجا على حدود مهمة القضاء وتؤدي إلى إقحامه في المجال التشريعي وإهداره لعمل السلطة التشريعية ، مما يعتبر مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات. كما إن إعطاء المحكمة سلطة إلغاء القانون، يعطيها مركزا قويا ونفوذا كبيراً باتجاه سلطات الدولة الأخرى لاسيما السلطة التشريعية. (9)

تابع القادم > :
المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(8)









قديم 2008-11-07, 10:31   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(8)

المطلب الثاني
الضمانات القانونية لتطبيق القواعد الدستورية
ينتج عن مبدأ سمو الدستور على القواعد القانونية الأخرى بمختلف مراتبها - سواء كانت تشريعاً عادياً صادرا من السلطة التشريعية أو تشريعا فرعياً صادراً عن السلطة التنفيذية - إن تعلو أحكام الدستور على كل أعمال السلطات في الدولة ، اعتباره المعبر الوحيد عن الإرادة الشعبية وتكون هذه الأعمال لاغيه وباطلة إذا ما خلقته.
ولكن السؤال هو من الذي يقرر ما إذا كانت تلك الأعمال الصادرة من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية تتناقض مع الدستور وما هي الإجراءات الواجب مراعاتها لضمان تطبيق القواعد الدستورية.

الفرع الاول
( الرقابة على دستورية القوانين ) .
الدستور يقيد المشرع العادي في الحدود التي رسمها له ومن ثم تمنع السلطة التشريعية عن إصدار التشريعات التي تتعارض مع نصوص الدستور وفق ما يسمى بمبدأ دستورية القوانين . ولضمان التزام السلطة التشريعية بتلك الحدود من الضروري فرض الرقابة عليها.
والملاحظ إن الدساتير مختلفة في إتباع الطريقة التي تحقق بها تلك الرقابة وسلكت في هذا المجال سبل مختلفة أهمها ما يلي:

اولاً :-الطعن في دستورية القوانين أمام لجنة أو مجلس دستوري.
تباشر الرقابة على دستورية القوانين في بعض الأحيان من قبل هيئة أو لجنة ذات صيغة سياسية غير قضائية.
وقد انفردت فرنسا منذ أواخر القرن الثامن عشر في الدعوة إلى إيجاد هيئة سياسية يكون من اختصاصها إلغاء جميع القوانين التي تسن مخالفة لأحكام الدستور. ولم تعهد بهذه المهمة إلى القضاء بسبب السمعة السيئة له في ذلك الوقت (1)
وقد أخذت العديد من الدول عن فرنسا هذا النوع من الرقابة مع اختلاف بين دستور وآخر. فاخذ الاتحاد السوفيتي السابق بهذا الأسلوب في دستور عام1977 وجعل الرقابة من اختصاص السلطة التشريعية كما اخذ به دستور ألمانيا الديمقراطية في دستورها لعام 1949 و بلغاريا في دستورها لعام1947 والصين في دستورها لعام1954.
وقد أناط الدستور الفرنسي الحالي الصادر عام 1958 مهمة الرقابة إلى هيئة اسماها المجلس الدستوري تتكون من نوعين من الأعضاء : تسعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ. كما يضم المجلس رؤساء الجمهورية السابقون للاستفادة من خبراتهم السياسية التي اكتسبوها من سني خدمتهم من ناحية أخرى. أما رئيس المجلس فيعين من بين أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية. (2)
ويتميز هذا النوع من انواع الرقابة على دستورية القوانين في انه يمارس رقابه وقائية على القوانين غير الدستورية وهي في مرحلة تشريعها قبل ان تصدر ، لكنه بالرغم من ذلك تعرض للانتقاد من حيث إن تحريكه يعود أما للسلطة التشريعية أو التنفيذية مما يقيم الرقابة على اعتبارات سياسية أكثر من إقامتها على اعتبارات قانونية وموضوعية(3) بحكم ان جهة الرقابة غالباً تتكون من هيئة يتم تعيينها أو اختيارها من إحدى هاتين السلطتين ولا شك إن الطابع السياسي يتدخل في هذا التعيين مما يفقدها الاستقلال والحياد الأمني في ممارسة دورها الرقابي.

ثانياً : الرقابة القضائية على دستورية القانون:
بموجب هذا النوع من الرقابة يمارس القضاء مهمة الفصل فيما إذا كان القانون دستوريا من عدمه ويتم ذلك في الغالب بإتباع طريقين هما:
1-رقابة الامتناع أو الدفع الفرعي:
ويتم ذلك بان يهمل القضاء القانون غير الدستوري ويمتنع عن تطبيقه في القضية المعروضة. وقد اتبعت هذه الطريقة من طرق الرقابة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتتم من خلال نزاع قضائي يدفع فيه احد الخصوم بان القانون المراد تطبيقه عليه غير دستوري فتنظر المحكمة في هذا الدفع فإذا ثبت لديها انه مخالف للدستور امتنعت عن تطبيقه وإذا ظهر العكس استمرت في نظر النزاع.
ومن الجدير بالذكر انه ليس في الدستور الأمريكي نص صريح يرجح أو يقر مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين. لكن نص المادة السادسة من الدستور قد أكد إن (( هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي تصدر طبقا له.. تكون هي القانون الأعلى للبلاد، ويكون القضاة في جميع الولايات ملزمين به،ولا يعتد بأي نص في الدستور أو قوانين أية ولاية يكون مخالفا ًلذلك)). (4)
وقد ذهب الرأي الراجح في الفقه الدستوري الأمريكي إلى القول بان الرقابة على دستورية القوانين هي بطبيعتها من اختصاص السلطة القضائية بحكم إنها تمتلك ميزة البعد عن التأثير السياسي فضلا عن الخبرة(5)
مع إن البعض قد ذهب إلى إن إسناد هذه السلطة للقضاء فيه اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية ويجعل منها سلطة سياسية أعلى من سلطة الأمة الممثلة ببرلمانها. (6)
ووفق هذا النوع من الرقابة وعندما تحكم إحدى المحاكم في دعوى أمامها بعدم دستورية قانون ما فإنها لا تلغي القانون وإنما تمتنع عن تطبيقه ويضل القانون سليما على الرغم من ذلك ويجوز لمحكمة أخرى إن تطبقه كما يصح إن تطبقه ذات المحكمة التي امتنعت عن تطبيقه في قضية أخرى إذ إن حجية الحكم بعدم الدستورية نسبية يقتصر أثرها على طرفي النزاع. ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الدستورية صادرا من المحكمة الاتحادية العليا.
ويعد هذا الطريق الأسلوب الأكثر نجاحا في فرض الرقابة على دستورية القوانين في الدول التي تخلو دساتيرها من النص صراحة على حق القضاء في الرقابة على دستورية القوانين ، إذا ما دفع أمامه – أثناء نظر دعوى مرفوعة – بعدم دستورية قانون ما واجب التطبيق. ومن ذلك ما درج عليه القضاء المصري في ظل دستور عام 1956 ودستور عام 1958 رغم خلوهما من نصوص تنظيم الرقابة.(7)
2-الطعن في دستورية القوانين بطريق الدفع الأصلي أو رقابة الإلغاء.
يجيز هذا النوع من الرقابة لبعض المحاكم إلغاء القانون غير الدستوري وإنهاء العمل به وقد يكون هذا الحكم قبل صدور القانون فتسمى رقابة الإلغاء السابقة أو بعده فيسمى رقابة الإلغاء اللاحقة. وبسبب خطورة الأثر المترتب على هذا الحكم والمتمثل بإلغاء تشريعات البرلمان ، حرصت الدول على إن تمارسه محاكم دستورية عليا متخصصة أو أعلى درجات القضاء في الدولة ، كما لم تجز كثر منها للأفراد إن يطعنوا مباشرة في دستورية القوانين بينما أجاز بعضها ذلك بطريق غير مباشر بان يتقدموا بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام بعض المحاكم، فان اقتنعت هذه المحكمة بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية. (8)
ومن الدول التي أخذت بهذا الأسلوب من طرق الرقابة، العراق في ظل القانون الأساسي عام 1925 حيث أناط فحص دستورية القوانين بمحكمة عليا وجعل حق الطعن في دستورية القانون من اختصاص السلطة التنفيذية دون الأفراد.
وهذا الامر منتقد لأنه حرم المواطنين من ضمانة أساسية لكفالة احترام الدستور وما يتضمنه من حقوق وحريات.
كما اخذ الدستور الايطالي لعام 1947 بتشكيل محكمة دستورية من خمسة عشر قاضياً تمتلك سلطة إلغاء القانون غير الدستوري اعتباراً من تاريخ صدور الحكم.
واخذ به الدستور المصري الحالي الصادر في 11 سبتمبر 1971 بان جعل الرقابة على دستورية القوانين من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بعد إن نبذ المشرع الدستوري نظام الرقابة السياسية على دستورية القوانين.
على انه بالرغم من مزايا الرقابة القضائية بطريق الدعوى المباشرة إلا إنها لم تسلم من النقد من جانب من الفقه باعتبار إنها تمثل خروجا على حدود مهمة القضاء وتؤدي إلى إقحامه في المجال التشريعي وإهداره لعمل السلطة التشريعية ، مما يعتبر مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات. كما إن إعطاء المحكمة سلطة إلغاء القانون، يعطيها مركزا قويا ونفوذا كبيراً باتجاه سلطات الدولة الأخرى لاسيما السلطة التشريعية. (9)

المبحث الثاني
الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية
مما لا شك فيه ان السلطة التنفيذية عندما تمارس وظيفتها قد تنتقص من حقوق وحريات الافراد خلافاً لما هو مقرر في الدستور . لذلك يجب ان لا تترك لها هذه السلطة دون ضابط يرسم الحدود التي لا تتجاوزها ويعرض تصرفاتها للبطلان .
ويفرض ذلك وجود ضمانات ووسائل تراقب عمل السلطة التنفيذية . وتختلف هذه الضمانات باختلاف الدولة والنظم القانونية المتبعة فيها . غير ان المستقر في اغلب الدول ان الضمانات القانونية في مواجهة السلطة التنفيذية تتمثل برقابة البرلمان لاعمال السلطة التنفيذية ورقابة القضاء وأخيراً رقابة الهيئات المستقلة .

المطلب الاول
رقابة البرلمان لاعمال السلطة التنفيذية
يتمثل هذا الطريق من الرقابة برقابة البرلمان على اعمال السلطة التنفيذية وذلك عن طريق الشكاوى المقدمة من الافراد والمتضمنة طلباتهم التي قد يجد البرلمان انها على قدر من الوجاهة مما يدعو الى مواجهة الوزراء بحق السؤال او الاستجواب او سحب الثقة من الوزارة كلها(10) .
ويتحدد شكل الرقابة بما هو مرسوم في الدستور . وهي تختلف من دولة الى اخرى وتكون الرقابة البرلمانية اقوى في النظم النيابية منها في النظم الاخرى ، حيث تكون الوزارة مسؤولة امام البرلمان مسؤولية تضمانية ناهيك عن المسؤولية الفردية لكل وزير عن اعمال وزارته .
وقد كفل الدستور العراقي لعام 2005 رقابة البرلمان على اعمال الحكومة احتراماً لمبدأ المشروعية عن طريق توجيه السؤال الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء في أي موضوع يدخل في اختصاصهم ، كما يجوز لخمسة وعشرين عضواً في الاقل من مجلس النواب طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء ، ولعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً ، توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء ، لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم .
وقد ورد في المادة 61/ ثامناً من الدستور ان لمجلس النواب سحب الثقة من احد الوزراء بالاغلبية المطلقة ، ويعد مستقيلاً من تاريخ قرار سحب الثقة ، كما يملك المجلس بناءً على طلب خمس اعضائه وبالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بعد استجواب وجه له .
ومن جانبه تبنى الدستور الاردني الرقابة البرلمانيه على اعمال الحكومة عن طريق توجيه السؤال الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء.
فقد ورد في المادة 96 من الدستور : لكل عضو من اعضاء مجلس الاعيان و النواب ان يوجه الى الوزراء اسئله واستجوابات حول اى امر من الامور العامه وفقا لما هو منصوص عليه في النظام الداخلي للمجلس الذي ينتمي اليه ذالك العضو ، ولا يناقش استجواب ما , قبل مضي ثمانة ايام على وصوله الى الوزير الا اذا كانت الحاله مستعجله ووافق الوزير على تقصير المده المذكوره ."
في حين ورد في الماده 53 منه :" 1- تطرح الثقه بالوزاره او باحد الوزراء امام مجلس النواب . 2- اذا قرر المجلس عدم الثقه بالوزاره بالاكثريه المطلقه من مجموع عدد اعضائه وجب عليها ان تستقيل .3- واذا كان قرار عدم الثقه خاصا باحد الوزراء وجب عليه اعتزال منصبه " .
لكن مع ما تتمتع به الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية من اهمية في مجال احترام وسيادة القانون فان دورها مقيد غالباً بالارادة الحزبية السائدة في البرلمان التي تكون في احيان متوافقة مع ارادة الحكومة لو صادف انها من الحزب نفسه فتكون الحكومة الخصم والحكم(11) .
كما ان عدم نضج الوعي السياسي لدى اعضاء البرلمان وافتقارهم الى الخبرة وضعف المعارضة قد تؤدي الى ضعف هذه الضمانة ويختفي دورها الحقيقي في حماية حقوق الافراد وحرياتهم .

المطلب الثاني
رقابة القضاء على اعمال الادارة
تعد رقابة القضاء على اعمال السلطة التنفيذية ممثلة بالادارة واحدة من اهم عناصر الرقابة واكثرها ضماناً لحقوق الافراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وحياد . وما تتمتع به احكام القضاء من قوة وحجية يلتزم الجميع بتنفيذها واحترامها والا تعرض المخالف للمسائلة وما في ذلك من تبني لشرعية دولة القانون .
ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على اعمال الادارة هما نظام القضاء الموحد ونظام القضاء المزدوج .

النوع الاول
نظام القضاء الموحد :
يسود هذا النظام في انكلترا والولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الاخرى ومقتضاه ان تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الافراد انفسهم او بينهم وبين الادارة او بين الهيئات الادارية نفسها .
وهذا النظام يتميز بانه اكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعية اذ يخضع الافراد والادارة الى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يمنح الادارة أي امتيازات في مواجهة الافراد(12) . بالاضافة الى اليسر في اجراءات التقاضي .

النوع الثاني
نظام القضاء المزدوج :
يقوم هذا النظام على اساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد او بينهم وبين الادارة عندما تتصرف كشخص من اشخاص القانون الخاص ويطبق على هذا النزاع احكام القانون الخاص . وجهة القضاء الاداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد والسلطات الادارية عندما تظهر بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الافراد ويطبق القضاء الاداري على المنازعة قواعد القانون العام ، وتعد فرنسا مهد القضاء الاداري ومنها انتشر الى كثير من الدول كبلجيكا واليونان ومصر والعراق .
ومن المهم القول بان هذا النظام قد نشأ اساساً على مبدأ الفصل بين السلطات ومقتضاه منع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون الادارة طرفاً فيها احتراماً لاستقلال السلطة التنفيذية .
وقد اتسم القضاء الإداري بسرعة الفصل في المنازعات الادارية والبساطة في الاجراءات ضماناً لحسن المرافق العامة.
كما ان وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية يمثل ضمانة حقيقية لحقوق الافراد وحرياتهم في مواجهة تعسف الادارة ، وتتجلى اهمية وجود قضاء اداري متخصص للفصل في المنازعات الادارية في ان رقابة القضاء على اعمال الادارة تعتبر الجزاء الاكبر لمبدأ الشرعية والضمانة الفعالة لسلامة تطبيق القانون والتزام حدودة وبه تكتمل عناصر الدولة القانونية وحماية حقوق وحريات الافراد من جور وتعسف الادارة .
ومن الدول التي اتبعت اسلوب القضاء المزدوج الاردن والتي كانت في اول عهد تنظيمها القضائي تتخذ اسلوبا متميزا يتمثل في ازدواجية القانون ووحدة القضاء .
الا انها عدلت عن هذا التوجه بعد فصل محكمة العدل العليا عن محكمة التمييز بموجب القانون المؤقت رقم 11 لسنة 1989 حيث اصبحت الاردن من دول القضاء المزدج.
غير ان الاردن لازالل بحاجه الى دعم استقلال القضاء الاداري في الاردن وتفعيل دوره بالغاء الاستثناءات الواردة على ولاية محكمة العدل العليا في الغاء القرارات الادارية واعتبارها صاحبة الولاية العامة في نظر طلبات الافراد في الغاء القرارات الادارية لما في بقاء هذه الاستثناءات من تجاوز على مبدأ المشروعية وخضوع الادارة للقانون ، ويفتح المجال امام تعسفها وانتهاك حقوق الافراد وحرياتهم .
كما انه من الضروري ان يمنح المشرع الاردني للاداره سلطة الغاء احكام القوانين المؤقته المخالفه للدستور او الانظمه المخالفه للقانون او الدستور لامجرد تجميدها او وقف العمل باحكامها .
ويبرز دور القضاء الاداري عندما تتخذ الادارة مجموعة من الاجراءات والاوامر والقرارات بهدف المحافظة على النظام العام وقد تؤدي هذه الاجراءات الى فرض قيود على الحريات الفردية وحماية لمصلحة المجتمع .
مما يستدعي وضع حدود لاختصاصات الادارة في ممارستها لسلطات تقييد الحرية ويتم هذا من خلال الموازنة بين متطلبات النظام العام وضمان حقوق وحريات الافراد ، وقد درجت احكام القضاء الاداري على منح الادارة حرية واسعة في ممارسة سلطات ضبط او تقييد الحريات او كما يطلق عليها بسلطات الضبط الاداري ، غير انها اخضعتها في ذلك لرقابة القضاء الاداري من نواح عدة .
وفي هذا المجال نبين باختصار حدود سلطات الضبط الاداري في الاوقات العادية ثم نعرض لحدود هذه السلطة في الظروف الاستثنائية .

الفرع الاول
رقابة القضاء في الظروف العادية
تخضع سلطة الادارة في الظروف العادية لمبدأ المشروعية الذي يستدعي ان تكون الادارة خاضعة في جميع تصرفاتها للقانون ، وإلا كانت تصرفاتها وما تتخذه من قرارات باطلاً غير مشروعاً وتتمثل رقابة القضاء على سلطات الادارة في هذه الظروف فيما يلي :

أولاً :- الرقابة على الهدف .
يجب ان تتقيد الادارة بالهدف الذي من اجله قرر المشرع منحها هذه السلطات ، فليس للادارة تخطي هذا الهدف سواء كان عاماً ام خاصاً ، فاذا استخدمت سلطتها في تحقيق اغراض بعيدة عن حماية النظام العام . او سعت الى تحقيق مصلحة لا تدخل ضمن الاغراض التي قصدها المشرع فان ذلك يعد انحرافاً بالسلطة ويخضع قرار الادارة لرقابة القضاء المختص .

ثانياً : الرقابة على السبب .
يقصد بالسبب الظروف الخارجية التي دفعت الادارة الى التدخل واصدار قرارها ، ولا يعد تدخل الادارة مشروعاً إلا اذا كان مبنياً على اسباب صحيحة وجدية من شأنها ان تخل بالنظام العام بعناصره الثلاثة الامن العام والصحة العامة والسكينة العامة . وقد بسط القضاء الاداري رقابته على سبب القرار الضابط للحرية مثلما هو الحال في القرارات الادارية الاخرى وكما استقر عليه القضاء في فرنسا ومصر والاردن .

ثالثاً : الرقابة على الوسائل .
يجب ان تكون الوسائل التي استخدمتها الادارة مشروعة ، ومن القيود التي استقر القضاء على ضرورة اتباعها في استخدام الادارة لوسائل الضبط الاداري انه لا يجوز ان يترتب على استعمال هذه الوسائل تعطيل الحريات العامة بشكل مطلق لان ذلك يعد الغاء لهذه الحريات ، فالحفاظ على النظام العام لا يستلزم هذا الالغاء وانما يكتفي بتقييدها . ومن ثم يجب ان يكون الحظر نسبياً ، أي ان يكون قاصراً على زمان ومكان معينين . وعلى ذلك تكون القرارات الادارية التي تصدرها سلطة الضبط الاداري بمنع ممارسة نشاط عام منعاً عاماً ومطلقاً غير مشروعة.(13).

رابعاً :- رقابة الملائمة .
لا يكفي ان يكون قرار الضبط الاداري جائزاً قانوناً او انه صدر بناءً على اسباب جدية ، انما تتسع رقابة القضاء لبحث مدى اختيار الادارة الوسيلة الملائمة للتدخل ، فيجب ان لا تلجأ الى استخدام وسائل قاسية او لا تتلائم مع خطورة الظروف التي صدر فيها .
ومن الضروري ان نبين ان سلطة القضاء في الرقابة على الملائمة هي استثناء على القاعدة العامة في الرقابة على اعمال الادارة فالاصل هو استقلال الادارة في تقدير ملائمة قرارتها ، لكن بالنظر لخطورة قرارات الضبط على الحقوق والحريات فان القضاء يبسط رقابته على الملائمة .(14)
وفي هذا المجال لا يجوز مثلاً لرجال الامن ان يستخدموا اطلاق النار لتفريق تظاهرة في الوقت الذي كان استخدام الغاز المسيل للدموع او خراطيم المياه كافياً لتحقيق هذا الغرض .

الفرع الثاني
رقابة القضاء في الظروف الاستثنائية
قد تطرأ ظروف استثنائية تهدد سلامة الدولة كالحروب والكوارث الطبيعية ، وتجعلها عاجزة عن توفير وحماية النظام العام باستخدام القواعد والاجراءات السابق بيناها . وفي هذه الحالة لابد ان تتسع سلطات هيئات الضبط لمواجهة هذه الظروف من خلال تمكينها من اتخاذ اجراءات سريعة وحازمة لمواجهة الظرف الاستثنائي .
على ان الظرف الاستثنائي اياً كانت صورته حرباً او كوارث طبيعية لا يجعل الادارة في منأى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو ان يكون الامر توسعاً لقواعد المشروعية ، فالادارة تبقى مسؤولة في الظروف الاستثنائية على اساس الخطأ الذي وقع منها ، غير ان الخطأ في حالة الظروف الاستثنائية يقاس بميزان آخر غير ذلك الذي يقاس به الخطأ في الظروف العادية .

اولاً :- التنظيم القانوني لسلطة الضبط في الظروف الاستثنائية .
حيث ان نظام الظروف الاستثنائية من شأنه المساس المباشر بحقوق وحريات الافراد التي يكفلها الدستور ، فلابد ان يتدخل المشرع بتحديد ما اذا كان الظرف استثنائياً او لا ، ويتم ذلك باتباع اسلوبين :
الاول ان تصدر قوانين تنظم السلطات الإدارية في الظروف الاستثنائية بعد وقوعها ، ويتسم هذا الاسلوب بحماية حقوق الافراد وحرياتهم لانه يحرم السلطة التنفيذية من اللجوء الى سلطات الظروف الاستثنائية إلا بعد موافقة السلطة التشريعية ، ويعيبه ان هناك من الظروف الاستثنائية ما يقع بشكل مفاجئ لا يحتمل استصدار تلك التشريعات بالاجراءات الطويله المعتادة(15) ، بينما يتمخض الاسلوب الثاني عن وجود قوانين منظمة سلفاً لمعالجة الظروف الاستثنائية قبل قيامها ويرخص الدستور للسلطة التنفيذية باعلان حالة الظروف الاستثنائية والعمل بمقتضى هذا القانون .
ولا يخفي ما لهذا الاسلوب من عيوب تتمثل في احتمال اساءة الادارة سلطتها في اعلان حالة الظروف الاستثنائية في غير اوقاتها للاستفادة مما يمنحه لها المشرع من صلاحيات في تقيد الحريات الافراد وحقوقهم .
وقد اخذ المشرع الفرنسي بالاسلوب اذا منحت المادة السادسة عشرة من دستور الجمهورية الخامسة الصادر عام 1958 رئيس الجمهورية الفرنسية سلطات واسعة ، كذلك فعل المشرع الاردني في المواد 124 و125 من دستور عام 1952 فقد ورد في الماده 124 " اذا حدث مايستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طواريء فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطي بموجبه صلاحيه وقف قوانين الدوله العاديه لتامين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذالك باراده ملكيه تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء" .

ثانيا : الرقابة القضائية على سلطات الضبط في الظروف الاستثنائية .
يمارس القضاء الاداري دوراً مهماً في الرقابة على سلطات الادارة في الظروف الاستثنائية مع ان هذه السلطات تتسع بشكل كبير لمواجهة ما يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة فقد وضع القضاء الاداري في فرنسا ومصر حدوداً لسلطات الضبط الاداري في ظل الظروف الاستثنائية ، حتى لا تتعسف الادارة في استعمال سلطاتها تلك او تنتهك حقوق وحريات الافراد(16) .
وفي هذا المجال لا يجوز ان تستخدم الادارة سلطاتها الاستثنائية دون ضابط ، كما ان التوسع في استخدام سلطات الضبط الاداري يجب ان يكون بالقدر اللازم لمواجهة خطورة الظرف الاستثنائي وان تتحدد ممارسة هذه السلطات بمدة الظرف الاستثنائي ولا يجوز ان تستمر فيه لمدة تزيد عن ذلك .
فالقاضي يراقب في هذه الظروف قرارات الادارة من حيث اسبابها والغاية التي ترمي اليها من اتخاذها ولا يتجاوز في رقابته الى العيوب الاخرى – الاختصاص والشكل والمحل – وهو ما استقر عليه القضاء الاداري في العديد من الدول(17) .
وعلى ذلك فان الظرف الاستثنائي ايا كانت صورته حرباً او كوارث طبيعية لا يجعل الادارة في منأى من رقابة القضاء بشكل مطلق ، فلا يعدو الامر ان يكون توسعاً لقواعد المشروعية . تأسيساً على مقولة "الضرورات تبيح المحضورات" .
ويمارس للقضاء الاداري دورا مهما في تحديد معالم نظرية الظروف الاستثنائية ، فان احكام القضاء الاداري في فرنسا ومصر قد قطعت شوطاً كبيراً في ذلك ، ووضعت شروط الاستفادة من هذه النظرية وبسطت الرقابة على الادارة في استخدام صلاحيتها الاستثنائية حماية لحقوق الافراد وحرياتهم وهذه الشروط هي :-
1- وجود ظرف استثنائي يهدد النظام العام وحسن سير المرافق العامة سواء تمثل هذا الظرف بقيام الحرب او اضطراب او كارثة طبيعية .
2- ان تعجز الادارة عن اداء وظيفتها باستخدام سلطتها في الظروف العادية فتلجأ لاستخدام سلطتها الاستثنائية التي توفرها هذه النظرية .
3- ان تحدد ممارسة السلطة الاستثنائية بمدة الظرف الاستثنائي فلا يجوز للادارة ان تستمر في الاستفادة من المشروعية الاستثنائية مدة تزيد على مدة الظرف الاستثنائي.(18)
4- ان يكون الاجراء المتخذ متوازناً مع خطورة الظرف الاستثنائي وفي حدود ما يقتضيه .
وللقضاء الاداري دور مهم في الرقابة على احترام الادارة لهذه الشروط وهو ما يميز هذه النظرية عن نظرية اعمال السيادة التي تعد خروجاً على مبدأ المشروعية ويمنع القضاء من الرقابة على الاعمال الصادرة استناداً اليها .

يتبع >









قديم 2008-11-07, 10:32   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المطلب الثالث
رقابة الهيئات المستقلة لاعمال السلطة التنفيذية
استحدثت المتغيرات العالمية نظماًبديلة لتحقيق العدالة خارج النظام القضائي منها ما لا يفصل في النزاع كنظم الرقابة المستقلة ولجان التوفيق او الوساطة او حقوق الانسان ومنها ما يفصل في النزاع كما هو الحال في نظام التحكيم القائم على اتفاق الخصوم .
ويتماشى استحداث هذه النظم مع النتائج المترتبة على اتساع تدخل الدولة في نشاط الأفراد تحت شعارالحفاظ على النظام العام والمصلحة العامة والتي تشكل غاية العمل الاداري ومناطه والتي تدور حولها مشرعية وعدم مشروعية تصرفات الادارة .
وقد كان الامر ملحاً لاتخاذ مواقف معينة لكبح جماح الادارة وردها الى الطريق القويم اذا ما انحرفت في ممارستها لامتيازاتها في مواجهة الافراد . وعزز هذه الضرورة زيادة شعور الافراد بعدم كفاية الوسائل التقليدية في الرقابة على اعمال الادارة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم من جهة وللعيوب التي تكتنف تلك الوسائل من تعقيد في اجراءاتها وبطئها وتكاليفها الباهضة من جهة اخرى .
ومن الوسائل البديلة والتي اثبتت نجاحها في ممارسة مهمة الرقابة نظام الامبودسمان او المفوض البرلماني الذي انتشر في الدول الاوربية الاسكندنافية ونظام الوسيط الفرنسي والادعاء العام الاشتراكي وغيره من النظم الاخرى والتي سنتطرق اليها ونعرض لنظامها القانوني .

الفرع الاول
نظام لامبودسمان Omboudsman او المفوض البرلماني
الامبودسمان كلمة سويدية يراد بها المفوض او الممثل . وهو شخص مكلف من البرلمان بمراقبة الادارة والحكومة وحماية الافراد وحرياتهم(19) .
وقد استحدثت السويد هذا النظام في دستورها لعام 1809 ليكون وسيلة لتحقيق التوازن بين الافراد بين سلطة البرلمان والسلطة التنفيذية وللحد من تعسف هذه الاخيرة في استخدامها لامتيازاتها في مواجهة الافراد ، ومن اسباب ظهور هذا النظام في السويد هو ما عانته من صراعات بين الملك والبرلمان في تلك الفترة ، فتارة ينتصر الملك فيستقل بالسلطة بلا منازع وتارة اخرى ينتصر البرلمان فتقيد سلطة الملك الى اقصى حدها ، وقد ادت هذه الفوضى الى ضرورة استحداث نظام يحقق التوازن بين هاتين السلطتين فكان هذا النظام ما اصطلح عليه بالامبودسمان والذي تطور حتى بات يطلق عليه اسم ( حامي المواطن) فهو الشخص الذي يلجأ اليه المواطن طالباً حمايته وتدخله اذا ما صادفته مشاكل او صعوبات مع الحكومة او الجهات الادارية(20) .
وبالنظر للنجاح منقطع النظير لهذا النظام فقد اخذت الكثير من الدول بانظمة مشابهة له ففي عام 1919 اخذت به فلندا ثم الدنمارك بمقتضى دستورها لعام 1953 وتم اول انتخاب للامبودسمان فيها عام 1955 ثم نيوزلندا بمقتضى قانون سنة 1962 ومارس العمل فيها عام 1963 ثم اخذت به المملكة المتحدة في قانونها لعام 1967 واخذت كندا بهذا النظام عام 1967 ايضاً .
وقد استحدثت فرنسا قانوناً مشابهاً لنظام الامبودسمان السويدي اسمه الوسيط Lemediatair لانه يتوسط بين البرلمان والحكومة او لانه وسطاً بين الرقابة البرلمانية والقضائية . وجاء انشاء هذا النظام نتيجة لمناقشات ودراسات مستفيضة جعلته بصورة خاصة لا تطابق النظم السابقة ، وان كان يتمتع ببعض اختصاصات الامبودسمان ونراه جديراً بالدراسة ايضاً(21).

اولاً : النظام القانوني للامبودسمان او المفوض البرلماني .
صدر القانون رقم 928 لعام 1967 في 29/9/1967 متضمناً القواعد القانونية والاختصاصات للامبودسمان والتي نصت على ان يتم انتخاب الامبودسمان والذي من الممكن ان يكون قاضياً او موظفاً او استاذاً في القانون لمدة اربع سنوات بواسطة 48 عضواً من اعضاء البرلمان 24 من كل مجلس(22) .
وقبل عام 1915 سار العمل على انتخاب امبودسمان واحد يسمى Justitue omboudsman يمارس جميع الاختصاصات الموكلة له فيما يتعلق بالرقابة الادارية والمحاكم والقوات المسلحة ، لكن بعد هذا التاريخ اصبحت المسائل المتعلقة بالقوات المسلحة من اختصاص امبودسمان آخر .
وبموجب قانون التعديل في 28/9/1986 الغي التقسيم الثنائي الى عسكري ومدني وادمج عملهم في مكتب واحد برئاسة ثلاثة موظفين يسمى كل منهم Justitue omboudsman اختص احدهم بما يتعلق بحماية حريات الافراد وما يتعلق بالسجون ومؤسسات الاطفال والمسنين وذوي العاهات اما الثاني فيتعلق نشاطه بالرقابة على اعمال القوات المسلحة والضرائب ، ويتعلق الثالث بالرقابة على اعمال المحاكم ورجال الشرطة والامن المحلي واعمال الادارة(23) . هذا ويقدم الامبودسمان تقريراً سنوياً الى البرلمان يتضمن ما قام به من اعمال خلال تلك السنة .

ثانياً : اختصاصات المفوض البرلماني .
تنص المادة 96 من دستور السويد لعام 1908 (( للمفوض حق اقامة الدعوى امام المحاكم المختصة ضد من ارتكبوا اعمالاً مخالفة للقانون بسبب التحيز او المحسوبية او أي سبب آخر او أهملوا في تأدية واجباتهم على النحو المطلوب)) . وعلى هذا الاساس يمارس الامبودسمان اختصاصه في ثلاث مجالات .
1- الرقابة الادارية .
للمفوض البرلماني الحق في التدخل من تلقاء نفسه او بناء على شكوى يتلقاها من الافراد ، او باي وسيلة اخرى يعلم من خلالها بوقوع مخالفة كحقه باجراء التفتيش الدوري على المؤسسات الادارية وله في سبيل ذلك الحق في الاطلاع على المستندات والملفات وله ان يحظر المناقشات والمداولات التي تعقدها الاجهزة الادارية كما يملك استدعاء أي موظف ويستجوبه فيما ينسب اليه ، وله اقامت الدعوى على الموظفين المقصرين في اداء واجباتهم ومطالبتهم بالتعويض لمن لحقه ضرر من جراء التصرف غير الشرعي للادارة(24) .
كما يتمتع بصلاحية توجيه الادارة الى وجوب اتباع اسلوب معين في عملها تتدارك فيه خطأها ولو لم يكن منصوص علية في القانون الا انه يرى فيه تطبيقا لمبادئ العدالة فيه وروح القانون وضمانا لمصلحا الفرد من جهة والمصلحة العامة ممثلة بالادارة من جهة اخرى .
واختصاص الامبودسمان السويدي في هذا المجال شاملاً الا فيما يتعلق باالملك فهو مصون اما الوزراء فينحصر اختصاصة في تحريك الدعوى بحقهم اما مسائلتهم فهي من شأن البرلمان كما يخرج عن اختصاصاته اعضاء البرلمان والمواطنين العاديين(25).
2- الرقابة على جهاز القضاء
يختص المفوض البرلماني وفقا للدستور بالرقابة على القضاء وتطبيقهم لوظائفهم ومسائلتهم عن اخطائهم التي يقعون بها اثناء تنفيذهم لاعمالهم فيما يخص تأخير حسم الدعاوى او عدم محافظتهم على المستندات والسجلات وسوء تنفيذهم للاحكام او اخلالهم بالسلوك الواجب اتباعه في الجلسة او خارج المحكمة، كما يسأل الامبودسمان القضاة عن الاحكام الصادرة خلافا للقانون اذا كان الاخلال بسوء نية او كان الخطأ جسيما وله في هذا السبيل الالتقاء بالمتهمين والتأكد من عدم مرور وقت طويل على توقيفهم قبل محاكمتهم وزيارة المحاكم ومكاتب الادعاء العام .
ومن الدول التي اخذت بالرقابة على القضاء وجعلته من ضمن اختصاصات المفوض البرلماني فنلندا والدنمارك اما فرنسا ونيوزلندا والنروج والمملكة المتحدة والكثير من الدول الاخرى التي تاخذ بهذا النظام فانها لا تجيز هذا النوع من الرقابة على اساس مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والتقاليد والمبادئ الدستورية التي تحمي هذا الجهاز المهم وترفض اي تاثير خارجي عليه . الااننا لانجد في ممارسة هذه الرقابة خروجا على مبدا استقلال القضاء ، فرقابة الامبودسمان لاتساهم في اصدار الاحكام ولا تغير في مضمون قناعة القاضي واستقلاليته في اصدار قراراته ، وغاية ما في الامر هو الاشراف على الجانب الاداري من عمل القاضي كمدة تأجيله للدعاوى وفترة حسمها وأسلوب إدارته للجلسات والتزامه بقواعد المرافعات .
الا اذا تعلق الامر بمخالفة جسيمة للقانون وفي هذه الحالة لا يشكل الأمر خرقا للاستقلال بقدر ما يحقق الصالح العام .
3- الرقابة على القوات المسلحة
يراقب المفوض البرلماني في السويد القوات المسلحة ويهدف من ذلك الرقابة على الادارة العسكرية وحماية حقوق منتسبي القوات المسلحة ، وله في ذلك مراقبة تنفيذ القوانين والانظمة المتعلقة بالجيش ومراقبة الادارة الاقتصادية العسكرية واجهزة الرقابة الداخلية العسكرية كما يتعرض لمختلف الاخطاء التي تخل بحسن ادارة مرفق الدفاع الوطني .
وهو في ذلك يتمتع به الامبودسمان المدني من حق تلقي الشكوى واجراء التفتيش الدوري ، وقد لاقى هذا الاختصاص الرقابي للامبودسمان على القوات المسلحة الترحيب من الكثير من الدول التي اخذت بهذا النظام فأخذت به فنلندا والدنمارك والنرويج ، بل اقتصر عمل الامبودسمان الالماني wehrbe faen ftrgg على الشؤون العسكرية .
بينما امتنعت بعض الدول عن الاخذ بالرقابة على الامور العسكرية وقصرت اختصاصات المفوض البرلماني على الادارة المدنية فيها ومنها المملكة المتحدة وفرنسا والهند وبعض الدول الاخرى .

ثالثاً: الاجراءات المتبعة في عمل المفوض البرلماني procedures a respecter
يتلقى المفوض البرلماني الموضوع المراد بحثه اما عن طريق شكوى مباشرة من الافراد ، ولا يشترط في هذه الحالة شكل معين لتلك الشكوى وتسلم الشكوى الى مكتب المفوض باليد او بالبريد وبدون اي رسم . ويتكون هذا المكتب من رئيس المكتب وستة رؤساء لاقسام المكتب ، قسمان للقضاء وقسمان للمسائل الحربية وقسم للمسائل الخدمة المدنية ،واربع نواب رؤساء الى جانب ستة من الموظفين وهؤلاء من رجال القانون والقضاء ويعاونهم خمسة عشر كاتبا وسكرتيرا.
وقد يصل موضوع العمل المراد بحثه الى علم الامبودسمان عن طريق الجولات التفتيشية التي يقوم بأجرائها دورياً الى مختلف الاجهزه الادارية والمحاكم والقوات المسلحة لتأكد من قيام العاملين فيها بواجباتهم على الوجه الصحيح ، وقد يعلم الامبودسمان بتلك المخالفات عن طريق الصحافة وما تنشره من معلومات يتحقق من صحتها ويمارس اختصاصه في مواجهة المقصرين . للتأكد من صحة الشكوى وصلاحية نظرها من قبله ، على عكس الامر في السويد وفنلندا والنرويج والكثير من الدول الاخرى التي اخذت بالنظام المفوض البرلماني والتي سمحت بالتصال المباشر بين الافراد والمفوض .
هذا ويملك الامبودسمان السويدي سلطة اتهام اي موظف او قاضي وتقديمه للمحاكمة اذا وجد انه ارتكب خطأ او خرقا يستوجب مسائلته بالإضافة إلى المقترحات والتوصيات التي يوجهها للإدارة .
اما الوسيلة الأكثر فعالية فهي التقرير السنوي المقدم الى البرلمان في بعض الدول ورئيس الجمهورية في بعض الدول الأخرى ، والذي يتعين نشره علناً ، وهو أمر ذو تأثير على الادارة اذ يجعلها موضع للمسائلة والاختبار فهو يؤثر على ثقة الافراد بالإدارة والتي يسعى الوزراء الى كسبها دائماً .

رابعاً: تقييم نظام المفوض البرلماني .
يتمتع هذا النظام بخصائص مهمة تميزه عن سائر وسائل الرقابة فهو على العكس الرقابة القضائية لا يتطلب اي رسوم او مصاريف كما يتمتع بصفة السرعة التي تفتقر اليها الرقابة القضائية بالإضافة الى عدم اشتراطه اي شكلية في تقديم الشكاوى اليه. فهو يراقب موضوع الملائمة في اصدار الادارة بقراراتها في مواجهة الأفراد ويستمد سلطته تلك من مبادئ العدالة والقيم العليا للمجتمع بالإضافة الى ما يتمتع به من اختصاصات مهمة في مجال السلطة التشريعية وإسهامه في اقتراح وتعديل التشريعات على وفق ما يلائم التطبيق السليم لها في المجتمع بأسلوب يحفظ حقوق وحريات الأفراد ويمنع المساس بها إلا بالقدر الذي يسمح به القانون تحقيق لصالح العام .
الا انه يؤخذ على هذا النظام انه ليس ملزما باتخاذ أجراء معين في الشكوى المرفوعة اليه كما انه لا يتمتع بسلطة إصدار قرارات ملزمه للإدارة وغاية الأمر انه يوجهها الى إتباع أسلوب معين في تعاملها مع الأفراد ومن خلاله يطلب تعديل او إلغاء قراراتها ، فسلطته أدبية في هذا الشأن .

الفرع الثاني
نظام الادعاء العام الاشتراكي المصري.
أخذت مصر بهذا النظام كأسلوب للرقابة على الجهاز الإداري فيها فقد نص الدستور المصري لعام 1971 في المادة 179 منه على ان ( يكون المدعي العام الاشتراكي مسؤول عن اتخاذ الإجراءات التي تكفل تأمين حقوق الشعب وسلامة المجتمع ونظامه السياسي والحفاظ على المكاسب الاشتراكية والتزام السلوك الاشتراكي ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى ويكون خاضع لرقابة مجلس الشعب).

اولاً : اختصاصات المدعي العام الاشتراكي :
صدر القانون رقم 95 لسنة 1980 ليحدد اختصاصات المدعي العام الاشتراكي ومن الاختصاصات في هذا القانون ( حماية القيم السياسية للمجتمع وتطبيق المبادئ المقررة في الدستور والقانون والتي تهدف الى حماية حقوق الشعب وقيمه الدينية والمقومات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والحفاظ على الطابع الاصيل للاسرة المصرية ، وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد حماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ). كما نصت المادة 15 من القانون المذكور على ان يقدم المدعي العام الاشتراكي الى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب تقريراً سنوياً عما قام به من اعمال ، وما اجراه من تحقيق وما اتخذ من اجراءات ، وله ان يشير في التقرير الى ما يراه من اقتراحات لحماية النظام السياسي بالدولة او لمعالجة اي ثغرات في القوانين او النظم الخاصة بحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي .
كما يتولى المدعي العام الاشتراكي سلطة التحقيق والادعاء امام محكمة القيم بالنسبة للمسؤولية الناشئة من الانفعال المنصوص عليها في هذا القانون بناء على ما يصل الى عمله او بناء على ابلاغ احد المواطنين او احد ماموري الضبط .
كما يتمتع باختصاص التحقيق بالموضوعات التي تمس مصلحة عامة للمواطنين بناء على تكليف من رئيس الجمهورية او مجلس الشعب او بناء على طلب من رئيس الوزراء .
ويبدو ان هذا النظام يتمتع بالكثير من اختصاصات المفوض البرلماني فهو انشأ ليكون اداة للمحافظة على الحرية والمبادئ الأساسية التي يقدمها الأفراد دينياً وسياسياً واجتماعياً وتوجيه السلطة لما يساعد في سد الثغرات التشريعية في النظم القائمة لما فيه من حماية لحقوق وحريات المواطنين .
إلا إنه يختلف عن المفوض البرلماني في صبغته السياسية من خلال سعيه إلى تطبيق النظام السياسي في الدولة وضمانه لتنفيذ السياسة العامة لها ، ولا أدل على ذلك انه يعين بقرار من رئيس السلطة التنفيذية ، الأمر الذي قاد في النهاية إلى توسيع اختصاصاته ليكون أداة في يد النظام السياسي في مواجهة والأفراد بدلاً من ان يكون عوناً لهم لاسيما اختصاصه بإصدار قرارات المنع من التصرف والتداعي أمام محكمة الحراسة لغرض الحراسة والتحفظ على الأشخاص المفروضة عليهم . مما استدعى إعادة النظر في القانون رقم 95 لسنة 1980 الذي عرف بقانون حماية القيم والذي تم إلغائه وبالقانون رقم 221 لسنة 1994 .
وبصدور القرار بقانون رقم 221 لسنة 1994 لم يبق للمدعي الاشتراكي إلا ثلاثة اختصاصات هي :
1- الحراسة على الأموال : كان المدعي العام الاشتراكي يختص بالاستناد إلى القانون رقم 34 لسنة 1971 بأجراء التحقيقات المتعلقة بالأموال والتحفظ على الأشخاص إلا إن هذه المادة ألغيت وأصبحت الحراسة تلاحق المال فقط(26) .
2- التحقيق في تخلف او زوال شرط من شروط تأسيس الأحزاب وفقاً للمادة 17 من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 .
3- التحقيق فيما يكلف به من موضوعات من رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب او بناء على طلب من رئيس مجلس الوزراء وفقاً للقانون رقم 95 لسنة 1980 ولائحة مجلس الشعب .

ثانياً : الطبيعة القانونية لاختصاصات المدعي العام الاشتراكي .
أثارت مسألة تحديد الطبيعة القانونية لاختصاصات المدعي العام الاشتراكي في مصر اختلافاً في الفقه والقضاء ، فقد ذهب البعض الى ان هذا الجهاز جزء من السلطة القضائية في حين ذهب آخرون الى انه جزء من السلطة التنفيذية بينما ذهب البعض إلى انه جزء من السلطة التشريعية .
اعتمد الاتجاه الأول على أساس ممارسة المدعي العام جانباً من اختصاصات السلطة القضائية كالادعاء والتحقيق في الدعاوي التي تختص بها محكمة القيم وقد لاقى هذا الاتجاه بعض التأييد في أحكام القضاء(27).
غير ان هذا القول محل نظر من حيث ان المدعي العام الاشتراكي يتمتع بالكثير من الاختصاصات غير القضائية كما انه يختار من أعضاء السلطة القضائية مثلما يمكن أن يختار من غيرها . كما انه لا يتمتع بالضمانات التي يتمتع بها أعضاء السلطة القضائية فهو يعين ويعزل بقرار من مجلس الشعب وبناء على اقتراح من رئيس بالجمهورية(28).
من جهة أخرى لا يمكن اعتبار المدعي العام الاشتراكي جزء من السلطة التنفيذية بحكم خضوعه لمجلس الشعب على النحو الذي نظمه الدستور والقانون . مثلما لا يمكن اعتباره جزء من السلطة التشريعية لعدم ممارسته للوظيفة التشريعية .
ومن ذلك يتبين ان المدعي العام الاشتراكي جهاز يتمتع باختصاصات متنوعة منها ما هو ذي طبيعة قضائية ومنها ما هو ذو طبيعة سياسية ومنها ما هو ذو طبيعة إدارية ، وهو جهاز يتبع مجلس الشعب ويخضع له ولا يمكن القول باستقلاليته عنه مثلما لا يمكن القول باستقلاليته عن السلطة التنفيذية ومن ثم هو يقترب من نظام الامبودسمان السويدي.

الفرع الثالث
نظام الوسيط في فرنسا .
وفقاً لهذا النظام يعين وسيط الجمهورية Lemediateur de la Republique لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد بمرسوم من رئيس الجمهورية باقتراح وموافقة مجلس الوزراء ، وهو ما تنص عليه المادة الثانية من القانون وهو لا يستطيع ان يمارس مهامه التي حددها القانون إلا بعد حصوله على التدريب اللازم .
ولا يمكن عزل الوسيط خلال هذه المادة او إنهاء ممارسة أعمال وظيفته إلا عندنا يتعذر عليه القيام بواجباته الوظيفية ويترك أمر تقرير ذلك الى لجنة مكونة من نائب رئيس مجلس إدارة الدولة ورئيس محكمة النقض ورئيس ديوان الرقابة المالية ويتخذ القرار وبالإجماع .
ويتمتع الوسيط باستقلال تام فلا يتلقى اي تعليمات من اي سلطة ولا يمكن إلقاء القبض عليه او ملاحقته او توقيفه او حجزه بسبب أعمال وظيفته او الآراء التي يدلي بها(29).

اولاً : اختصاصات الوسيط .
تحدد المادة الأولى من القانون رقم 6 في 3/1/1973 اختصاصات وسيط الجمهورية في تلقي الشكاوى المقدمة من الأفراد ذوي العلاقة مع الإدارات الحكومية والمؤسسات العامة والمحلية وكافة المرافق التي تقدم الخدمات العامة .
بينما اجاز القانون الصادر في 6/2/1992 للأشخاص المعنوية كالشركات والنقابات والهيئات المحلية اللجوء الى الوسيط على ان يشترط في من يلجأ للوسيط سواء أكان شخصاً طبيعياً ام معنوياً ان يكون له مصلحة وفي ذلك يختلف نظام الوسيط الفرنسي عن نظام الامبودسمان السويدي .
كما يملك الوسيط تقديم التوجيهات المؤدية الى تحسين مستوى اداء الإدارة وتسهيل حل المواضيع محل النزاع وتوجيه الادارة الى اتباع أسلوب معين في العمل . ويحدد الوسيط مدة معينة تجيب الإدارة على هذا التوجيه فاذا امتنعت عن الإجابة او رفضت الرأي المقترح يرفع الوسيط تقريراً بذلك الى رئيس الجمهورية .
هذا وقد أوجب المشرع الفرنسي على الموظفين الإجابة على أسئلة واستفسارات الوسيط وله في ذلك ان يطلب من الوزراء تسليم المستندات والملفات التي تخص الموضوعات التي يبحثها ، ولا يجوز لهم الامتناع عن ذلك وان كانت الملفات سرية إلا إذا تعلق الامر بالدفاع الوطني او المصالح السياسية العليا للدولة(30) .
ويخرج من اختصاصات الوسيط على وفق نص المادة 8 من قانون عام 1973 اعمال الادارة المتعلقة بالمنازعات ذات الطابع الوظيفي بسبب إناطة الفصل بها الى مجلس الدولة وحسبه كفيلاً بتوفير الحماية اللازمة للموظفين .

ثانياً : الإجراءات المتبعة في عمل الوسيط .
من الجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي استلزم تقديم تظلم إلى جهة الإدارة قبل تقديم الشكوى امام الوسيط للتخفيف عن كاهله ولإتاحة الفرصة للإدارة لتصحيح أخطائها ، كما ان تقديم الشكوى الى الوسيط لا يقطع المدة المحددة للطعن امام القضاء الإداري والمحددة بشهرين وعلى هذا الأساس لا مانع من تقديم الطعن امام القضاء في نفس الوقت الذي تقدم فيه الشكوى امام الوسيط .
فاذا تبين للوسيط صحة الشكوى او وجاهة الطلب فيها يقوم الوسيط بتقديم التوصيات او المقترحات الى الادارة المشكو منها ويبين ما يراه ضرورياً لتجاوز موضوع الشكوى ويقدم الحلول التي يراها ملائمة ، فاذا لم يتوصل الى جواب من الإدارة خلال المدة التي حددها للاجابة يمكنه عندئذ ان يعلن عن تلك التوصيات من خلال وسائل الإعلام او من خلال تقريره السنوي الذي يعلنه لرئيس الجمهورية والبرلمان ، وفي ذلك إحراج للإدارة ، بالإضافة إلى ذلك للوسيط ان يطلب احالة الموظف المقصر للقضاء المختص .
وعلى الرغم من ان الوسيط في فرنسا لا يستطيع أن يحل محل الإدارة في إزالة المخالفة او يوجه إليها أمر فان توصياته بالغة الأهمية وكانت سبباً للكثير من الإصلاحات الإدارية (31) . وبسبب اهميته فقد تلقى عام 1974 حوالي 1695 شكوى بينما وصل عدد الشكاوى التي تلقاها عام 1991 الى ما يقارب 30.000 شكوى .

الفرع الرابع
هيئة الادعاء العام في الاتحاد السوفيتي السابق .
انشأ الاتحاد السوفيتي السابق نظام هيئة الادعاء العام سنة 1922 خمسة مواد لتحديد اختصاصه ، ومن اختصاصاته الاشراف على تنفيذ الأنظمة والقوانين ومراقبة تقيد الادارة به وشرعية اجراءاتها وحماية حقوق الافراد وحرياتهم في ظل القانون .
كما يتمتع الادعاء العام بحق اجراء التحقيق الابتدائي بنفسه والإشراف على ما يجريه جهاز التحقيق ومباشرة الدعاوى الجنائية والمدنية والطعن في الاحكام المخالفة للقانون . لعل من اهم اختصاصاته تلقيه لشكاوى الموظفين المتعلقة بمخالفات القانون، والبحث عن اوجه تلك المخالفات والتي قد يتوصل اليها من خلال ما يتردد في الصحف او من خلال التفتيش الدوري الذي يقوم به على الأجهزة الإدارية ويملك طلب فتح التحقيق بشأن المخالفات التي يلمسها في تلك الادارات ، واذا وجد ان تلك الجهات قد ارتكبت فيما بعد مخالفة للقانون فانه يقوم بتقديم اعتراضا لها او الى السلطة الرئاسية يبين فيه المخالفة والإجراءات الواجب اتخاذها تجاهها مما يترتب على ذلك وقف العمل المعترض عليه الى حين البت في الاعتراض ، فاذا قبل الاعتراض فيها كان بها اما اذا رفض او لم يبحث فيه خلال عشرة ايام يعرض المدعي العام الاعتراض على المدعي العام الذي يعلوه مرتبة لتجديد تقديم الاعتراض امام سلطة اعلى ويستمر هذا التسلسل الى ان يصل الامر الى مجلس وزارة الاتحاد الوطني . هذا ويقتصر عمل المدعي المدعي العام على التأكد من مطابقة العمل الاداري للقانون دون البحث في ملائمة الاجراء الاداري او كفايته وذلك على عكس الاسلوب المتبع في عمل الامبودسمان السويدي والوسيط الفرنسي حيث يبحثان في ملائمة التصرف الاداري ولا ينحصر بمطابقة عملها للقانون .

تابع القادم > :
المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(9)









قديم 2008-11-07, 10:33   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(9)

وكان يتم تعيين المدعي العام السوفيتي بواسطة السوفيت الاعلى لمدة سبع سنوات ويمثل السوفيت اعلى هيئة سياسية ممثلة للشعب هناك ويشرف هذا المدعي العام على المدعين العامين على اختلاف مستوياتهم في البحث والامن القومي ومعسكرات العمل وتحدد لائحة الادعاء العام المؤهلات القانونية والخبرة المتطلبة للتعيين في وظيفة الادعاء العام .
يتضح من هذا السرد ان هذا النظام يتمتع بالكثير من الاختصاصات التي تمكنه من الرقابة على اعمال الادارة وضمان مطابقة اعمالها وتصرفاتها للقانون وهو في ذلك يعد مساعدا للقضاء في ذلك الامر وحاميا للافراد من خلال حفاظه على مبدأ الشرعية اللازمة لحماية حقوقهم وحرياتهم رغم ما يكشف عمله بعض الأحيان من عدم ألزام آراءه للإدارة وعدم قدرته على تغير مسلكها اذا ما اصرت على رأيها . وللأهمية التي كان يتمتع بها هذا النظام في الاتحاد السوفيتي نجد ان دستور عام 1993 الروسي قد أبقى عليه رغم تفكك الاتحاد السوفيتي.

المبحث الثالث
الضمانات الواقعية لاحترام حقوق الانسان
الى جانب الضمانات القانونية لتطبيق القواعد الدستورية وحقوق وحريات الافراد هناك ضمانات واقعية غير منظمة تعزز دور الضمانات القانونية التي قد تعجز احياناً عن توفير الحماية اللازمة للدستور واحترام حقوق الافراد وحرياتهم وتتمثل هذه الضمانات في رقابة الرأي العام ومقاومة الطغيان .

المطلب الاول
رقابة الرأي العام
يراد بمصطلح الرأي العام مجموعة الآراء التي تسود مجتمع معين في وقت ما بخصوص موضوعات معينة تتعلق بمصالحهم العامة والخاصة (32).
ان رقابة الراي العام تعد في الواقع العامل الرئيس في ردع الحكام واجبارهم على احترام الدستور وما يتضمنه من حقوق وحريات للافراد فكلما كانت هذه الرقابة قوية كلما كان التقيد بالدستور قوياً . وكلما كانت رقابة الرأي العام ضعيفة او منعدمة كلما ضعف تبعاً لذلك احترام الدستور .
إذ إن احترام القواعد الدستورية انما يرجع الى مراقبة الافراد لحكامهم ، إلا ان هؤلاء لا يمكنهم التأثير على تصرفات الحكام ما لم يكن رايهم مستنيراً ناضجاً ومنضماً من جهة اخرى .
ومن الواضح ان هذا النوع من الرقابة له الاثر البالغ في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ومنعها من التعسف في استعمال السلطة غير ان هذا الطريق لا يتسع تأثيره إلا في الدولة التي تكفل حرية التعبير والتي يبلغ فيها الرأي العام من النضج ما يؤهله القيام بواجب الرقابة وعدم الخضوع لمصالح فئات معينة تسخر الارادة الشعبية والرأي العام لتحقيق اهدافها ومصالحها الخاصة فتفقد بذلك حقيقة تعبيرها عن المصلحة العامة .
ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات والتنظيمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب عن طريق طرح افكارها والدعوة اليها في مختلف الوسائل التي تؤدي الصحافة والوسائل السمعية والبصرية دوراً كبيراً في نشرها وتعبئة الجماهير وتوجيههم من خلالها .

اولاً : مؤسسات المجتمع المدني .
برز مفهوم المجتمع المدني في اطار افكار ورؤى بعض المفكرين والفلاسفة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر والتي تعتمد افكارهم اساساً على ان الانسان يستمد حقوقه من الطبيعة لا من قانون يضعه البشر وهذه الحقوق لصيقة به تثبت بمجرد ولادته . وان المجتمع المتكون من اتفاق المواطنين قد ارتأى طواعية الخروج من الحالة الطبيعية ليكون حكومة نتيجة عقد اجتماعي اختلفوا في تحديد اطرافه.
والمفهوم المستقر للمجتمع المدني يقوم على اساس انه مجموعة المؤسسات والفعاليات والانشطة التي تحتل مركزاً وسطياً بين العائلة باعتبارها الوحدة الاساسية التي ينهض عليها البنيان الاجتماعي والنظام القيمي في المجتمع من ناحية والدولة ومؤسساتها واجهزتها ذات الصبغة الرسمية من جهة اخرى(33) .
وبهذا المعنى فان منظمات المجتمع المدني تساهم بدور مهم في ضمان احترام الدستور وحماية حقوق الافراد وحرياتهم وتمثل الاسلوب الامثل في احداث التغيير السلمي والتفاهم الوطني مع السلطة في سبيل تعزيز الديمقراطية وتنشئة الافراد على اصولها وآلياتها. فهي الكفيلة بالارتقاء بالفرد وبث الوعي فيه وتعبئة الجهود الفردية والجماعية للتأثير في السياسات العامة وتعميق مفهوم احترام الدستور وسيادة القانون.

ثانياً : وسائل الاعلام
تلعب وسائل الاعلام دوراً سياسياً مهماً يساهم في تعبئة الرأي العام الشعبي من خلال كتابات واقوال المفكرين والصحف والفضائيات المرأية والمسموعة والاجتماعات والندوات التي تساهم في اطلاع الجماهير على المشاكل الاكثر إلحاحاً والتي يتعرض لها المجتمع وتكون مراقب جماعي لصالح الشعب من خلال انتقاد سياسات الحكام وكشف فضائحهم وفسادهم وانتهاكهم لسيادة القانون(34) .

ثالثاً :- الاحزاب السياسية
من اساسيات العمل الديمقراطي ان تسعى الاحزاب السياسية الى تحقيق الاتصال الجماهيري . فالدور الاساسي الذي تقوم به الاحزاب السياسية هو السعي للحصول على تأييد الافراد لبرامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعد بتنفيذها اذا ما وصلت الى السلطة عبر الانتخاب . وحتى تحقيق ذلك تبقى الاحزاب مراقبة لعمل الحكومات لضمان احترامها للدستور وسيادة القانون .

المطلب الثاني
مقاومة طغيان السلطة
قد لا تؤدي الضمانات القانونية دورها في حماية حقوق الافراد وحرياتهم ويتمادى الحكام في انتهاك الدستور اما لضعف المؤسسات القانونية او لسيطرة الحكام عليها . مما يستدعي رد فعل شعبي لردع السلطات عن تعسفها وجورها .
وقد حفل تاريخ الشعوب بكثير من الثورات والانقلابات فما مدى مشروعية مقاومة الطغيان لضمان احترام القواعد الدستورية وحقوق الافراد وحرياتهم ؟

الفرع الاول
موقف الفكر السياسي من حق مقاومة الطغيان .
كان الخضوع للسلطة يمثل فضيلة وواجب في الديانة المسيحية ، ففي رسالة ( بولس الرسول) الى اهل روما يقول (لتخضع كل نفس للسلطات العليا ، فما السلطان إلا لله والسلطات القائمة على الارض انما هي من امره ، فمن يعص السلطات الشرعية فأنما يعصي الرب ومن يعصها حلت عليه اللعنه ))(35) .
وان التزام المسيحي بطاعة الحكام مبدأ راسخ لا يمكن انكاره إلا إن هذه الطاعة قد تدرجت من كونها طاعة عمياء مطلقة حتى اصبحت مشروطة بفعل الاراء التي قال بها الفقهاء ورجال الدين المسيحيون(36) .
وكان اول من خرج على نظرية الطاعة العمياء الفقيه ورجل الدين ((جون نوكس)) الذي ذهب الى ان من واجب المسيحي تصحيح وقمع اي خروج من الملك على كلمة الرب وشرفه ومجده ، ((فهو يقول ان القول بأن الله امر بطاعة الملوك عندما يفتقدون التقوى والصلاح لا يقل تجديفاً عن القول بأن الله بسنته هو المبدع والمحافظ على كل جور)).(37) .
وبذلك دافع جون نوكسن عن حق مقاومة الطغيان والخروج على طاعة السلطان الظالم بل انه جعل ذلك واجباً دينياً واخلاقياً يلتزم به المسيحي فالحاكم يكون مطاعاً ما كان قائماً بواجباته الدينية والدنيوية وفق ما تمليه عليه العدالة والايمان فأذا انحرف عن ذلك كان الافراد في حل من طاعته واصبح واجباً عليهم ان يخلعوه .
اما في الشريعة الاسلامية فقد اكد القرآن الكريم على واجب طاعة الله ورسوله واولي الامر قال تعالى (( يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ))(8 3) ويظهر من هذه الاية الكريمة ان طاعة اولي الامر واجبه . وفي حديث للرسول (( من اطاعني فقد اطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن اطاع اميري فقد اطاعني ومن عصى اميري فقد عصاني)).(39)
لكن السؤال ما حدود هذه الطاعة وهل هي مقيدة ام لا ؟
ذهب الجانب الاكبر من الفقهاء المسلمون الى القول بان الاسلام حينما اوجب على الرعية ان تطيع اميرها لم يأمر بان تكون هذه الطاعة عمياء ، وانما حددها في اطار دائرة معينة لا تخرج عنها ، فطاعة الامير واجبة ما دام مؤمناً محافظاً على المصالح التي يحميها الاسلام.(40)
والاصل ان يأمر الحاكم المسلم الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر وينشر العدل والفضائل بينهم فان فعل ذلك استحق الطاعة من رعيته ، اما اذا خالف ذلك حرمت طاعته.
ضوابط مقاومة الطغيان في الشريعة الاسلامية .
اذا وجبت طاعة الحاكم القائم بأمور الحكم في الشريعة الاسلامية فان مقاومته وبلا سبب ظاهر يعد جريمة (( حرابة)) لان ذلك يعد افساداً في الارض . وعليه فيحرم على الرعية او أي فرد من افرادها ان تعص امر الحاكم المسلم اذا كان هذا الامر اجتهادياً وان كان يخالف رأيه.
اما اذا خرج الحاكم عن اصول الحكم وعاث فساداً في امور الدين والرعية فان طاعته غير واجبة وتجوز مقاومته وفق قيود معينة حفاظاً على اقامة الامن والاستقرار في المجتمع ، وانقاذه من الفتنة وما تجره على الامة من ويلات .
فقد تدرج الفقهاء في كيفية الخروج على الامير ودرجة مقاومته بحسب كل حال وحسب التدرج الآتي :-
أ- انكار القلب من الاعتزال : اول رد فعل على المنكر هو انكار القلب ولا يعذر المسلم بتركه لقول الرسول "ص" ( من راى منكم منكراً فليغره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان) .
ب- انكار اللسان : من اكبر الجهاد عند الله الكلمة عند السلطان والسكوت على هذه الكلمة مشاركة في المعصية.
ج- اسقاط حق الطاعة والامتناع عن تنفيذ الامر : اذا لم تجد الوسيلتان السابقتان يمتنع المسلم عن تنفيذ امر الحاكم تبعاً لقدر المعصية التي ارتكبها الحاكم .
د- الخروج على الحاكم : بعد استنفاذ الوسائل السابقة يكون من الواجب الثورة على الحاكم والخروج لعزلة بشرط الاستطاعة على الخروج والقدرة على النجاح .

الفرع الثاني
موقف الوسائل الدستورية القانونية من حق مقاومة الطغيان .
من الصعب ان تتضمن الدساتير والقوانين الاعتراف للافراد بحق مقاومة السلطة على الرغم من اعتراف بعض نصوص اعلانات الحقوق بذلك ومنها العهد الاعظم في انكلترا سنة 1215 واعلان الحقوق الامريكي 1776 والاعلانات الفرنسية لعامي 1789 (المادة2) ولعام 1793 في المواد 33و34 .
بل نجد ان من النظم الوضعية قد جرمت الثورة ومحاولات الانقلاب باعتبارها عنف سياسي غير مشروع . لشل ارادة الجماهير في السعي للتغيير السياسي والاجتماعي . فقد يلجأ الافراد الى المقاومة بقصد اقصاء الحكومة وتولي السلطة او تصحيح مسارها فيقعون تحت طائلة القانون الذي يجرم ذلك باعتباره جريمة سياسية في منظور القانون الداخلي .
إلا إنه واستثناءً من هذا المنع هناك بعض المظاهر المشروعة لمقاومة الطغيان من قبيل :
أ- المظاهرات العامة : وتكون لمطالب محددة او احتجاجاً على وضع معين وقد اعترفت الكثير من الدساتير بحق الافراد في التظاهر السلمي .
ب- حق الاضراب: وهو حق العمال او الموظفين بالامتناع عن تأدية عمالهم او وظائفهم بصفة مؤقتة تعبيراً عن عدم الرضا عن امر من الامور او لحمل السلطة على تلبية طلباتهم دون ان تنصرف نيتهم الى ترك العمل نهائياً
وحق الاضراب من الحقوق السياسية التي اعترفت بها بعض الدول إلا انه ليس هناك موقف موحد بشأنه ومدى مشروعيته فهنالك من الدول التي تسمح به بحدود ضيقة ومنها فرنسا وكندا والمكسيك ومن الدول التي تحرمه بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا وبلجيكا .
ومن الدول العربية التي تحرمه جمهورية مصر العربية التي تجرم الاضراب وتجعل عقوبته الاشغال الشاقة المؤبدة(41) ) والعراق الذي يعاقب في الماده 364 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969بالحبس مده لاتزيد على سنتين وبغرامه لاتزيد على مئتي دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل موظف اومكلف بخدمه عامه ترك وظيفته ولو بصورة الاستقاله او امتنع عمدا عن واجب من واجبات وظيفته او عمله متى كان من شان الترك او الامتناع ان يجعل حياة الناس اوصحتهم او امنهم في خطر وكان من شان ذلك ان يحدث اضطرابا او فتنه بين الناس او اذا عطل مرفقا عاما.
وقد عد هذا القانون ارتكاب هذا الفعل بالاتفاق من ثلاثة اشخاص او اكثر ضرفا مشددا .

هوامش الفصل الخامس
1- د. اسماعيل مرزة – مبادئ القانون الدستوري والعلوم السياسية – النظرية العامة في الدساتير – الطبعة الثالثة ، 2004 ، ص169 .
2- د. احسان المفرجي ، نظرية الدستور ، ص173 .
3- د. احسان المفرجي ، المصدر السابق ، ص175 .
4- جيروم أ. بارون و س. توماس دينس ، الوجيز في القانون الدستوري ، المبادئ الاساسية للدستور الامريكي ، الجمعية المصرية لنشر المعرفة ، 1980 ، ص51 .
5- جيروم أ. بارون ، المصدر السابق ، ص52 .
6- د. اسماعيل مرزا ، المصدر السابق ، ص180 .
7- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 2000 ، ص756.
8- د. اسماعيل مرزا ، المصدر السابق ، ص93 .
9- د. احسان المفرجي ، المصدر السابق ، ص182 .
10- د. محسن خليل ، القضاء الاداري ورقابته لاعمال الادارة ، القاهرة 1968 ، ص77.
11- د. عبد القادر باينه ، القضاء الاداري الاسس العامة والتطور التاريخي ، دار توبقال للنشر ، المغرب ، 1985 ، ص40 .
12- د. مازن ليلو راضي ، القضاء الاداري ، دراسة الاسس ومبادئ القضاء الاداري في الاردن ، دار قنديل ، عمان – الاردن ، 2005 ، ص60 .
13- د. عبد الغني بسيوني – القانون الاداري – منشأةى المعارف 1991 ، ص 931 .
14- د. محمود ابو السعود حبيب – القانون الاداري – ص386 .
15- صبيح بشير مسكوني – القضاء الاداري – جامعة بنغازي ، 1974 ، ص71
16- للمزيد ينظر : د. احمد مدحت – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة – 1978 – ص129 .
17- عبد القادر باينه – القضاء الاداري الاسس العامة والتطور التاريخي دار توبقال المغرب – ص28 .
18- د. احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – القاهرة – 1978 – ص192 .
19- د.حمدي عبد المنعم –نظام الامبودسمان او المفوض البرلماني –مجلة العدالة – 1981ص61 .
20- د.مازن ليلو راضي – نظام الامبودسمان ضمانة لحقوق الافراد وحرياتهم – مجلة القادسية مجلد 3 عدد 2- 1998 -249 .
21- في 24/9/1970 قدم احد اعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية مشروعا لانشاء لجنة عليا للدفاع عن حقوق الانسان ويحتوي هذا المشروع العديد من اختصاصات الامبودسمان السويدي الا ان هذا المشروع لم يحظ بالموافقة اللازمة لاصدار.
22- وفي عام 1972 قدم عضوا اخر مشروعا جديد معدلا اسماه الوسيط وتمت الموافقة على هذا المشروع فصدر في 3-1-1973 .
23- د. محمد انس قاسم جعفر – نظام الامبودسمان السويدي مقارنا بناظر المظالم والمحتسب في الاسلام – مجلة العلوم الادارية القاهرة 14 لسنة 1975 – ص78 . هذا وبموجب تعديل الدستور السويدي لعام 1971 اصبح الامبودسمان ينتخب من 48 عضوا في مجلس واحد .
24- د. حمدي عبد المنعم – المصدر السابق – ص63 .
25- د. محمد انس قاسم جعفر – المصدر السابق –ص82 .
26- د. جابر جاد نصار – مستقبل نظام المدعي العام الاشتراكي في النظام القضائي المصري – بحث مقدم الى المؤتمر السنوي الثامن لجامعة المنصورة –ص35 .
27- مجموعة احكام محكمة القيم – العدد الثالث 1987 – جهاز المدعي العام الاشتراكي –ص146. اشار اليه د.جابر جاد نصار –المصدر السابق –ص28.
28- د. حاتم علي لبيب جبر – نظام المفوض البرلماني في اوربا – مجلة المعاصرة – ص941 .
29- د. ليلا تكلا– نظام الامبودسمان – المجلة الانجلو مصرية -1979 – ص29
30- حاتم علي جبر ص939 .
31- د. علي محمد بدير – الوسيط في النظام القانوني الفرنسي – مجلة العلوم القانونية – كلية القانون – جامعة بغداد – المجلد 11 ع2 1996 ص86 .
32- لاري الويتز ،ترجمة جابر سعيد ,نظام الحكم في الولايات المتحده الامريكيه, الجمعيه المصريه لنثر المعرفه, 1996 ص 46.د د. عبد الحميد اسماعيل الانصاري ، نحو مفهوم عربي اسلامي للمجتمع المدني ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 2002 ، ص18 .
33- د.عبد الحميد اسماعيل الانصاري, نحو مفهوم عربي اسلامي للمجتمع المدني . دار الفكر العربي ,القاهره 2002, ص18
34- للمزيد ينظر : لاري الويتز ، المصدر السابق ، ص66 .
35- رسالة بولس الرسول الى اهل روما ، الاصحاح 13 ، الكتاب المقدس .
36- ول ديورنت ، قصة الحضارة ، الجزء الثالث ، المجلد الثالث ، قيصر والمسيح ، ترجمة محمد بدران ، ص370.
37- جورج سباين ، تطور الفكر السياسي ، دار المعارف ، مصر الكتاب الثالث ، ص512.
38- سورة النساء ، الآية 59 .
39- د. صبحي عبده سعيد ، الحاكم واصول الحكم في النظام الاسلامي ، دار الفكر العربي ، 1985 ، ص191 .
40- د. محمد عبد القادر ابو فارس ، النظام السياسي في الاسلام ، ط3 ، 1986 ، ص561 .
41- د. ماجد راغب الحلو ، القانون الاداري ، 1988 ، ص30 -31 .

الفصل السادس
الحماية الدولية لحقوق الإنسان

إذا كانت القوانين الداخلية قد اهتمت بحقوق الإنسان بقصد توفير وسائل حماية فعالة لها، فان النظام القانوني الدولي قد فعل الشيء نفسه بعد ان تكونت القناعة لدى دول العالم المختلفة ونظراً لما عاناه الإنسان في القرن العشرين تحديداً من ويلات وآلام نتجت عن حربين عالميتين فقد بدء اهتمام القانون الدولي بالفرد من خلال صيغ وأشكال مختلفة منها الاهتمام بتفاصيل الحقوق والحريات التي نادى بها المفكرون والفلاسفة وتبنتها الدساتير واعلانات الحقوق فضلاً عن خلق آليات للحماية مقررة لمصلحة الفرد في مواجهة الدولة، والحقيقة ان كل هذا العمل قديم طبقاً للوسائل الدولية، أي الأساليب التي يعبر بها النظام القانوني الدولي عن أفكار واتجاهات أشخاصه وهم الدول والمنظمات الدولية فكانت المعاهدات والأعراف والمبادئ العامة للقانون التي أقرتها الأمم المتمدنة.
ان البوادر الأولى لوجود نوع من الحماية لحقوق الإنسان دولياً محددة الأهداف وذات فكرة واضحة قد ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى، وهذا أمر ارتبط حتى قبل هذا التاريخ بتحديد مركز الفرد في القانون الدولي.
وبقصد توضيح الجوانب المختلفة لتطور الحماية الدولية لحقوق الإنسان سنقوم بالبحث في هذه الجوانب أو المظاهر المتعددة طبقاً للمباحث الآتية:

المبحث الأول
تطور موقف القانون الدولي من الفرد وحقوقه
لم يكن الموقع الذي يشغله الفرد حالياً في النظام القانوني الدولي قد حصل عليه دفعة واحدة، فالقانون التقليدي الذي ينظم العلاقات بين الدول لم يكن يسمح للفرد بأية مساحة ولو كانت محدودة في بنيانه إلا ان المسالة لم تعد كذلك مع بدايات القرن العشرين، وقد تجلت أولى ملامح هذا التغيير بعد انشاء عصبة الأمم التي لعبت دوراً في مجال التعامل مع الشخصية الإنسانية، ومن ثم سنتعرض في هذا المبحث للوضع القانوني الذي يتمتع به الفرد في ظل النظام القانوني الدولي التقليدي والتطورات التي حدثت في عهد عصبة الأمم.

المطلب الأول
موقع الفرد في النظام القانوني الدولي التقليدي
ظلت الدولة القومية منذ إبرام معاهدة صلح وستفاليا عام 1648 هي اللاعب المباشر والوحيد على مستوى العلاقات الدولية باعتبارها الشخص الوحيد للقانون الدولي وما يعنيه ذلك من القدرة على التمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات التي يفرضها النظام القانوني الذي يحكم العلاقات بين الدول، وقد ترتب على هذا الأمر حقيقتين: الأولى ان الدولة كانت تصنع قواعد القانون الدولي وتخضع لها، والثاني ان مبدأ السيادة كان يعتبر طيلة هذه الفترة هو المبدأ الأساسي أو الحاكم المنظم للعلاقات المتبادلة فيما بين الجماعة الدولية.(1)
ومع ذلك فان الحقيقة المتقدمة لم تمنع المتخصصين في العلوم الإنسانية ومنها القانون الدولي من الاهتمام بحماية حقوق الإنسان الأساسية، فوضع الفرد في القانون الدولي على وجه التحديد كان ومازال موضع نقاش منذ ظهور القانون الدولي التقليدي، ولكن النتائج كانت تقود بصورة دائمة الى إنكار أي دور للفرد يلعبه بصورة مباشرة في النظام القانوني الدولي، رغم الاعتراف بانه يمثل الوحدة الإنسانية التي يقوم ويرتكز عليها أي نظام قانوني، فالقانون الدولي بقي ينظر إلى الفرد باعتباره مجرد شيء لا يمكن ان يتمتع بأي حقوق أو يلتزم بأي واجب بصورة مباشرة، وهكذا كان الفرد العادي بما له من حقوق وما عليه من التزامات مستبعداً من دائرة القانون الدولي فهو أحد مواضيع هذا القانون لا أحد أشخاصه، وكان يحق لصاحب السلطان أو الملك الذي يدين له الأفراد بالولاء والطاعة السهر على حماية مصالح رعاياه في الخارج دون ان يترتب على ذلك أي واجب تجاهه إذ ان الملك عندما يقرر حماية رعاياه في الخارج فهو يفعل ذلك من منطلق حقه الخاص.
ورأت بعض الدول الأوربية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على وجه التحديد وبعد ان اتسعت تجاربها وعلاقاتها مع بعض الدول انه من الضروري ان تقوم بعقد معاهدات تتضمن احكاماً محددة تقضي بحماية مجموعة معينة من رعاياها، وهو ما قامت به المملكة المتحدة التي أبرمت عدة معاهدات مع المغرب وافق بموجبها على وجه التحديد على معاملة جميع رعاياه من مسيحيين وغير مسيحيين على قدم المساواة.(2)
ان المرحلة التي بدأت مع تكون أولى قواعد القانون الدولي في العصر الحديث فيما يتعلق بمركز الفرد حصل فيها نوع من التكوين لقيم مشتركة ومفاهيم متفق عليها على المستوى الدولي عبر جهود فكرية ذات طابع قانوني.

يتبع >









قديم 2008-11-07, 10:33   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

على المستوى الفقهي يمكن الحديث عن اتجاهين يتحدد بموجبها الموقف من الفرد، الاتجاه الأول يرى ان الفرد يتمتع بالشخصية الدولية سواء كانوا من المنتمين لمدرسة القانون الطبيعي أو من الذين ينتمون لمدرسة القانون الموضوعي، فانصار مدرسة القانون الطبيعي يؤمنون بوحدة القانون ولا يترددون عن الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية للفرد إذ انهم يرون ان القواعد القانونية يجب ان تتفق وتنسجم مع الطبيعة العاقلة للإنسان حيث يرى جروشيوس ان الأفراد هم أشخاص القانون الداخلي والدولي مما يترتب عليه الاعتراف لهم بحقوق طبيعية أساسية، كالحق في مقاومة الظلم، والحق في الملاحة عبر البحار، والحق في تملك الأقاليم التي لا سيادة عليها، والحق في شراء الأشياء الضرورية بثمن عادل، كما يتحمل الأفراد بعض الالتزامات وقت الحرب، كالالتزام بعدم الاشتراك في الحرب غير العادلة، أو الحق في عقد الاتفاقات مع الدول، مثل الاتفاق الذي يبرمه أسير الحرب مع الدولة في نظير تحريره.
وأنصار مدرسة القانون الموضوعي يعترفون للفرد بالشخصية القانونية الدولية كذلك لأنهم يعتقدون بضرورة تخليص القانون من الأفكار والافتراضات والشوائب التي علقت به نتيجة ظروف التطور التي مر بها، فيرون ان الدولة مجرد حيلة قانونية أو صياغة قانونية قائمة على الافتراض، وهي منحت الشخصية القانونية بناءً على هذا الأساس وان الشخص الحقيقي للنظامين القانونيين الداخلي والدولي هو الفرد، وهم يأخذون كذلك بوحدة القانون.(3)
الاتجاه الثاني عبرت عنه المذاهب الوضعية، وهؤلاء يرون عدم امكانية الاعتراف للفرد بأي دور في القانون الدولي، فالأخير عبارة عن نظام قانوني يهتم بالدول ولا يجوز ان تعنى المعاهدات الدولية بالأفراد كما انه ليس للفرد حقوق ولا التزامات في القانون الدولي.(4)
وانسجاماً مع الاتجاه الأول (مدرسة القانون الطبيعي ومدرسة القانون الموضوعي) فقد ظهر تعزيز لدور الفرد في نطاق القانون الدولي حيث تم القضاء على محاولات تشبيه الإنسان بالأرض أو السلع عن طريق تحريم الرق منذ انعقاد مؤتمر برلين عام 1855 الذي قاد إلى إبرام اتفاقية برلين التي جعلت من تجارة الرقيق عملاً غير مشروع في القانون الدولي العام، وألزمت الدول الأطراف فيها بالقضاء على هذه الظاهرة، كما تم تحريم الاتجار بالمخدرات حيث أبرمت اتفاقية دولية عام 1912 وأخرى عام 1926 وتعاقبت بعدها الاتفاقيات التي اهتمت بهذا الموضوع فضلاً عن اهتمام القانون الدولي بمكافحة الأمراض والأوبئة حيث أنشئ مكتب الصحة الدولي عام 1903 وفي عام 1904 أنشئ مكتب مماثل بين الدول الأمريكية، وهما يعدان الأساس التاريخي لوجود منظمة الصحة العالمية، وكان هناك اهتمام دولي بحماية الملكية الأدبية والفنية والصناعية للفرد منذ عام 1883 حيث أبرمت اتفاقية دولية بهذا الخصوص.(5)
ومع كل ما تقدم فان الحقيقة هي ان القانون الدولي التقليدي كان عاجزاً عن تقديم حماية حقيقية للفرد في مواجهة سلطات دولية في ظل سطوة مبدأ السيادة إلا في الحالات التي يطبق فيها القانون الداخلي مبدأ الاندماج الذاتي الذي يعتبر القاعدة القانونية الدولية بعد اندماجها في النظام القانوني الداخلي جزءاً من الأخير وبالتالي فهي سوف تتمتع بقوة القواعد الدستورية الوطنية.(6)

المطلب الثاني
حقوق الإنسان في ظل عصبة الأمم
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وما خلفته هذه الحرب من مآسي وويلات، اتفقت الدول المنتصرة في الحرب على إنشاء منظمة عصبة الأمم، وجاءت معاهدات السلام التي أبرمها الحلفاء مع دول المحور الخاسرة متضمنة لنظام العصبة الذي لا تضم نصوصه تنظيماً قانونياً محدداً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية بل على العكس من ذلك إذ قوبل اقتراح الرئيس الأمريكي ولسون تضمين عهد العصبة نصاً بشأن المساواة الدينية بالرفض، ولكن معاهدات الصلح تضمنت للمرة الأولى نظاماً دولياً لحقوق الإنسان تعلق بالاقليات القومية التي تعيش بصورة أساسية ضمن الدول الجديدة أو القديمة التي كانت قائمة قبل الحرب إلا انها توسعت بضم أقاليم جديدة إليها كتشيكوسلوفاكيا، وبولندا، ويوغسلافيا، ورومانيا، واليونان، وكذلك على بعض الدول المهزومة والتي نشأت من أنقاضها (تركيا وإمبراطورية النمسا والمجر وبلغاريا).(7)
من جانب آخر بذلت جهود صينية يابانية في مؤتمر الصلح الذي أعقب الحرب كانت تهدف إلى ضرورة تضمين ميثاق العصبة النص على التزام أعضائها بالتسوية في المعاملة بين الأجانب دون تفرقة أساسها الأصل أو الجنس إلا ان هذه الجهود لم تثمر، وفي عام 1933 وأثناء مناقشة قضية الأقليات ومعاملة اليهود في ألمانيا، تقدمت هاييتي باقتراح إلى جمعية العصبة يهدف إلى ان تعبر الجمعية عن أملها في إبرام اتفاقية دولية لضمان حقوق الإنسان، ولم تتخذ خطوات جدية باتجاه إبرام مثل هذه المعاهدة.(8)
فنظام حماية الأقليات عبر عن الاهتمام بحقوق الإنسان في ظل عصبة الأمم، وهو نظام لم يذكر في ميثاق العصبة إلا بالنسبة للدول المهزومة أو الدول الجديدة التي ظهرت بعد انهيار الإمبراطوريات القديمة وأعفت الدول المنتصرة من الخضوع لهذا النظام الذي ذكر في المادتين 86 و 93 من معاهدة فرساي، وكان الهدف الأساسي من المعاهدات الخاصة بالاقليات تأمين التمتع بصورة قانونية وفعلية بالحقوق الأساسية المعترف بها للفرد في جميع الدول المتحضرة مثل حماية الأشخاص المنتمين لهذه الاقليات، وتأمين حريتهم، وكرامتهم، والمساواة في المعاملة بينهم وبين غالبية السكان، وقد احيلت بعض المشاكل المتعلقة بالاقليات إلى محكمة العدل الدولية الدائمة كالمسالة المتعلقة بالأقلية الألمانية في بولندا، وفيما يخص حالة الألمان المقيمين في بولندا حددت المحكمة مفهومها لكلمة المساواة إذ أكدت ان هذه الكلمة استعملت في المعاهدات الخاصة بالاقليات لتعني المساواة الفعلية وليست الشكلية، وقد تعني هذه الكلمة كذلك لكي تستفيد أية أقلية من المساواة الحقيقية في المعاملة ضرورة منحها معاملة تفضيلية بالنسبة لما تعامل به الغالبية التي تعيش الأقلية بينها.(9)
ان التطبيق الفعلي لنظام الأقليات وضع في الأشكال الآتية:
1. معاهدات الأقليات، وهي معاهدات خاصة أبرمت بين الحلفاء وكل من يوغسلافيا ورومانيا واليونان وتشيكوسلوفاكيا وبولندا.
2. نصوص خاصة بحماية الأقليات وضعت في معاهدات الصلح التي أبرمت مع النمسا وبلغاريا والمجر وتركيا.
3. نصوص خاصة بحماية الأقليات وضعت في معاهدات ثنائية أبرمت بين بعض الدول كالمعاهدة المبرمة بين بولندا وتشيكوسلوفاكيا عام 1921.
4. تصريحات صادرة من جانب واحد قامت بها بعض الدول عندما انضمت إلى عصبة الأمم كالتصريحات الصادرة عن فنلندا وألبانيا والعراق باحترام حقوق الأقليات عند انضمام كل منها إلى عصبة الأمم.
أما الضمانات الخاصة لحقوق الأقليات فكانت على ثلاثة أنواع:
1. ان المعاهدات الدولية وغيرها من الوثائق القانونية التي نصت على حماية حقوق الأقليات لم تكن تخضع للتغير أو الإلغاء إلا بموافقة مجلس العصبة.
2. أجازت هذه المعاهدات للأقليات التقدم بشكاوى إلى مجلس العصبة الذي يملك الحق بتوجيه ملاحظات للدول المشكو منها.
3. ان الجهة المختصة بتفسير نصوص هذه المعاهدات أو تطبيقها هي محكمة العدل الدولية الدائمة.(10)
فهذا النظام الذي يهدف إلى منع التمييز بين الأغلبية والأقليات هو نفسه كان قائماً على التمييز بين الدول المنتصرة المطالبة بتطبيق هذا النظام والدول المهزومة التي فرض عليها هذا النظام، كما سمح هذا النظام بتدخل بعض الدول بشؤون الدول الأخرى بحجة حماية الأقليات، وقد انهار نظام الأقليات مع انهيار عصبة الأمم إذ انه كان نظاماً مرتبطاً بها.
إلا انه مع ذلك فان حقوق الاقليات قد تم حمايتها ضمن الحماية المقررة لحقوق الإنسان في الاتفاقيات المعنية بهذه المسالة، وقد صدر إعلان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يتعلق بحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات وأصبحت هناك آليات لحماية وتعزيز حقوق الاقليات في ظل الأمم المتحدة.
أما دستور منظمة العمل الدولية الذي تم النص عليه في معاهدة فرساي وكافة معاهدات السلام التي أعقبت الحرب فقد تضمن في مقدمته ما يلي:
(لما كان الغرض من عصبة الأمم إقامة السلام العالمي، وكان هذا الغرض لا يمكن تحقيقه إلا على أساس من العدل الاجتماعي، ولما كانت توجد ظروف للعمل تتضمن لعدد كبير من الأشخاص الظلم، والبؤس، والحرمان، مما يولد سخطاً يؤدي إلى تهديد السلام والتناسق العالمي. ولما كان من الواجب العمل عاجلاً على تحسين تلك الظروف … لذا فان الدول المتعاقدة، مدفوعة بشعور العدل والإنسانية وبالرغبة في توطيد سلام عالمي، قد اتفقت على إنشاء منظمة دائمة لتحقيق تلك الأغراض).
ويكمن الهدف الأساسي للمنظمة في العمل على تحقيق الرفاهية للعمال ماديا ومعنوياً وثقافياً، وهي تعمل على تحيقيق هذه الأهداف من خلال خلق قانون عالمي موحد يضمن حقوق العمال بعقد الاتفاقيات الدولية والتوصيات التي تصدر عن مؤتمر العمل الدولي أحد أهم أجهزة المنظمة، وهو ينعقد سنوياً في مقر المنظمة في جنيف.(11)
ويشمل نشاط المنظمة مسائل هامة مختلفة تنصب بصورة أساسية على مجموعة الحقوق ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي كالعمالة، والبطالة، والشروط العامة للعامل، وشروط تشغيل الأطفال والنساء، والمسائل المتعلقة بصحة العمال وأمنهم وضماناتهم الاجتماعية، والعلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وسياسة التشريع الاجتماعي ولا يقتصر دور هذه المنظمة على عقد الاتفاقيات وإصدار التوصيات المتعلقة بشؤون العمال لكنها ساهمت بدور مهم في إعداد التشريعات الوطنية الخاصة بحقوق العمال.(12)
وقد تأكدت مبادئ وأغراض المنظمة في الإعلان الخاص بأهداف وأغراض منظمة العمل الدولية الذي أقره المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية بمدينة فيلادلفيا عام 1944 وقد أدمج هذا الإعلان بشكل ملحق في دستور المنظمة طبقاً لتعديل تم سنة 1946 حيث أكد هذا الإعلان المبادئ التي قامت عليها المنظمة، ومنها على وجه الخصوص ان العمل ليس سلعة، وان حرية الرأي وحرية الاجتماع لا غنى عنهما لأطراد التقدم، وان الفقر أينما وجد يولد خطراً يهدد الرفاهية في كل مكان وبعد مراجعة دستور المنظمة في مدينة مونتريال عام 1946 أعلن ان لجميع البشر بصرف النظر عن فوارق الجنس أو العقيدة الحق في تحقيق رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في ظروف عيش تكفل الحرية والكرامة والاستقرار الاقتصادي وتكافؤ الفرص، وهكذا فقد أصبح الحق في الرفاهية هدفاً أساسياً تضمنه إعلان رسمي.(13)

المبحث الثاني
حماية حقوق الإنسان في ظل منظمة الأمم المتحدة
اتجهت البشرية بعد الحرب العالمية الثانية إلى العمل على إقامة نظام دولي بهدف تحقيق السلام والرفاهية، وقد عمل ميثاق الأمم المتحدة على تحقيق هذه المبادئ والأهداف عن طريق خلق مناخ دولي مناسب وظروف ملائمة لعلاقات دولية مبنية على السلم، وهذا ما يمكن ان يتحقق من خلال احترام المساواة في الحقوق بين الشعوب، وان يكون لكل منها تقرير مصيرها، وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته بدون تمييز بسبب الأصل أو الجنس أو اللغة أو الدين دون تفرقة بين الرجال والنساء، وقد عملت الأمم المتحدة بهذا الاتجاه وتكون نتيجة لهذه الجهود ما عاد يعرف اليوم بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.

المطلب الأول
حقوق الإنسان في الميثاق
تضمن ميثاق الأمم المتحدة العديد من المواضع التي أشارت إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان سواء المضامين التي وردت في الديباجة أو في نصوص الميثاق ذاته.

الفرع الاول
ديباجة الميثاق
تضمنت الديباجة مبدأين يمثلان في نظر واضعي الميثاق الجزء الأساسي في تحقيق الهدف الذي قامت عليه الأمم المتحدة وهو حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهذا الهدف لا يتحقق دون احترام حقوق الإنسان أفراداً وجماعات دون تمييز، فضلاً عن احترام المساواة بين الدول صغيرها وكبيرها، وهو العنصر الأول لتحقيق أهداف المنظمة الدولية، أما العنصر الثاني فيؤكد على ضرورة احترام العدالة والالتزامات الدولية.
وترى الديباجة ان الضمانة الحقيقية لاحترام هذه القواعد لا تكمن في الانصياع لها بتأثير عنصر الجزاء الذي قد يقترن بها لكن الالتزام الحقيقي بها ينبع من قيام المخاطبين بهذه القواعد بصورة طوعية وبحسن نية باحترامها، ومن ثم فان هذا المبدأ يعد الضمانة لاحترام ما ورد في الديباجة من مبادئ.
وهنا يجوز لنا ان نتساءل عن الأثر القانوني أو القيمة القانونية للمبادئ الواردة في ديباجة الميثاق؟
انقسم الفقه الدولي إلى اتجاهين للإجابة عن السؤال المتقدم، فذهب الاتجاه الأول إلى ان الديباجة لا تفرض التزامات محددة على عاتق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث ان أثرها يقتصر على توضيح السبب الذي قامت الأمم المتحدة من أجله كما انها تساعد على تفسير التزامات الدول الأطراف في الميثاق وتحديد مضمونها، دون ان تكون بمفردها مصدراً لالتزامات محددة على عاتق الدول.
أما الاتجاه الثاني فيذهب إلى عدم جواز التفرقة بين القيمة القانونية للديباجة، وما تتمتع به من إلزام، وبين ما جاء في المادتين الأولى والثانية من الميثاق المتضمنتين لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها حيث ان العبرة ليست بالموضع الذي يأتي فيه الحكم أو الشكل الذي يتخذه، وإنما العبرة بحقيقته ومضمونه، كما ان هناك أفكاراً أساسية قامت عليها الأمم المتحدة تتعلق بحقوق الإنسان لا نجدها إلا في الديباجة فضلاً عن ان نصوص الميثاق المتعلقة بحقوق الإنسان لا تعكس هذه الفلسفة أو الأفكار، ومن ثم فإن الخروج بنظرة شاملة وصحيحة عن موقف الميثاق من حقوق الإنسان لا يتحقق إلا إذا فسرت هذه النصوص طبقاً لعدة اعتبارات منها ان الحرب العالمية الثانية كانت في جوهرها حرباً ضد العنصرية كما ان الديباجة قد تحدثت عن الشعوب كطرف أساسي في النظام القانوني الدولي وربطت الديباجة كذلك بين تحقيق حقوق الإنسان والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما كرسته المادة (55) من الميثاق.(14)
ان ديباجة الميثاق قد تطرقت لحقوق الإنسان متضمنة العبارات الآتية (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا ان ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وان نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية …… وان ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وان نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح …. وان نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها….).

الفرع الثاني
حقوق الإنسان في نصوص الميثاق
عالج ميثاق الأمم المتحدة حقوق الإنسان في الديباجة وفي المواد 1، 13، 55، 56، 62، 68، 76 ولعل أهم هذه المواد هي 1، 55، 56.

فالمادة (1) تجعل من حقوق الإنسان احدى أهداف الأم المتحدة فضلاً عن ان الدول الأعضاء تلتزم بالتعاون مع المنظمة الدولية لتحقيق الهدف المشار إليه، واحترام الالتزامات الواردة في المادة (55) من الميثاق حول الاحترام العالمي لهذه الحقوق، وهكذا فان الميثاق يلزم الدول الأعضاء والمنظمة بالعمل على احترام حقوق الإنسان كافة، ولا تستطيع أية دولة ان تتحلل من التزاماتها المتعلقة بهذه الحقوق بحجة ان ما تقوم به يعد من مسائل الاختصاص الداخلي للدول التي تنظم على المستوى الوطني فقط من الناحية التشريعية والقضائية.(15)
أي ان ميثاق الأمم المتحدة لم يعتبر المشاكل ذات الصلة بحقوق الإنسان من الأمور الداخلة في صميم الاختصاص الداخلي للدول الأعضاء في المنظمة بل على العكس من ذلك حيث يكفي ان يكون الأمر معروضاً عليها ليثير اهتماماً دولياً ليثبت اختصاصها، ولقد اعتبرت الأمم المتحدة جميع المسائل التي تعرض عليها ذات الصلة بحقوق الإنسان حتى ولو تعلق الأمر بمعاملة دولة لرعاياها من المسائل الدولية وتستطيع بحثها دون ان يمنعها ذلك قيد الاختصاص الداخلي المنصوص عليه في المادة (2) فقرة (7) من الميثاق(16) التي نصت على (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء ان يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على ان هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع).
أما المادة (55) من الميثاق فهي ترسي نوعاً من العلاقة بين تحقيق الأمن والسلم الدوليين وبين ضرورة العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبين احترام وضمان حقوق الإنسان، والحقيقة ان هذه المادة بصياغتها الحالية تفرض مجموعة من الالتزامات على الأمم المتحدة وأجهزتها مضمونها ضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير إيجابية لتحقيق هذه الغاية عن طريق البحث عن آليات أو وسائل تحقيق هذه الأهداف فالمادة (55) تنص على (رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبان يكون لكل منها تقرير مصيرها، تعمل الأمم المتحدة على:
(أ) تحقيق مستوى أعلى للمعيشة وتوفير أسباب الاستخدام المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.
(ب) تقديم الحلول للمشاكل الدولية الاقتصادية والاجتماعية والصحية وما يتصل بها، وتعزيز التعاون الدولي في أمور الثقافة والتعليم.
(ج) ان يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء، ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً).
فضلاً عما تقدم فان المادة (56) من الميثاق قد فرضت التزاماً على الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بان يقوموا منفردين أو مجتمعين بما يجب عليهم من عمل لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في المادة (55) وبالتعاون مع الأمم المتحدة.

الفرع الثالث
أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان
أناط الميثاق الجزء الأكبر من المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان إلى الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي إلا ان ذلك لم يلغِ دور الأجهزة الأخرى، وهو ما سيتوضح طبقاً للتفصيل الآتي:

أولاً: الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي
تعد الجمعية العامة ثاني أهم جهاز بعد مجلس الأمن الدولي وهي بالدرجة الأساس جهاز للمداولة والإشراف والاستعراض لأعمال الأجهزة الأخرى، وبقدر تعلق الأمر بحقوق الإنسان فان المادة الثالثة عشرة من الميثاق تنص على قيام الأمم المتحدة بإنشاء دراسات وعمل توصيات بقصد (إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، والإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء) وتنشأ الجمعية العامة طبقاً للمادة (22) من الميثاق ما تراه ضرورياً من الأجهزة الفرعية للقيام بوظائفها، ومن هذه الأجهزة لجنة القانون الدولي، واللجنة الخاصة لمناهضة التمييز العنصري، واللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف وغيرها، … .
أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو جهاز متخصص في المسائل الاقتصادية والاجتماعية، فهو طبقاً للمادة الستون يعمل تحت إشراف الجمعية العامة، وهي جهاز سياسي بالدرجة الأساس، وطبقاً للمادة (62/2) من الميثاق فان للمجلس ان يقدم توصيات فيما يتعلق بإشاعة ونشر واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها فضلاً عن تقديم دراسات في مجالات الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وتقديم توصيات إلى الجمعية العامة وأعضاء الأمم المتحدة وإلى الوكالات ذات الشأن وإعداد مشاريع القوانين في المواضيع التي تدخل تحت اختصاصه ومنحت المادة (68) من الميثاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي الحق بإنشاء لجان تعنى بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز حقوق الإنسان وغيرها من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظائفه، وهو ما قام به المجلس بصورة فعلية فأنشأ عدداً كبيراً من الأجهزة الفرعية التابعة له لتعمل ضمن وظائفه، وهذا ما دعا الجمعية العامة لإنشاء لجنة خاصة لتنسيق العمل بين هذه الأجهزة الفرعية.(17)
ومن أهم اللجان التي أنشأت من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي تهتم بهذا الموضوع هي لجنة حقوق الإنسان التي تتمتع بنظام قانوني خاص بها إذ انها الوحيدة التي خصها الميثاق بحكم تضمنته المادة (68) (ينشئ المجلس الاقتصادي لجاناً للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ولتقرير حقوق الإنسان كما ينشئ غير ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظائفه) والحقيقة ان هذه اللجنة قد تم إنشائها طبقاً لقرارين أصدرهما المجلس الاقتصادي والاجتماعي أولهما القرار رقم 5/1 الصادر في نيسان 1946 وبموجبه تم إنشاء لجنة حقوق الإنسان من تسعة أعضاء لتقوم بتقديم التقارير إلى المجلس المذكور كما تقدم له المقترحات والتوصيات في مسائل حقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية في صورة إعلانات أو مشروعات معاهدات، أما ثانيهما فهو الصادر في 12 يونيو 1946 والذي يحمل الرقم (9) وبموجبه حدد كيفية تشكيل هذه اللجنة واختصاصاتها التي لم تكن شاملة في جميع مسائل حقوق الإنسان، وفي مواجهة كافة أجهزة الأمم المتحدة وإنما تحدد اختصاصها على تقديم مقترحات وتوصيات إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، و كانت تتكون من (53) عضواً ينتخبون لمدة 3 سنوات على أساس التوزيع الجغرافي العادل، و كانت اللجنة تستطيع ان تنشئ أجهزة فرعية تابعة لها إذا كان ذلك ضرورياً لأداء وظائفها، وقامت بذلك فعلاً وأنشأت ثلاثة أجهزة فرعية لها عام 1946 هي اللجنة الفرعية لحرية الإعلام، واللجنة الفرعية لحماية الأقليات، واللجنة الفرعية للقضاء على التمييز العنصري، واختصرت هذه اللجان إلى لجنة واحدة هي اللجنة الفرعية لمقاومة التمييز العنصري وحماية الاقليات وتتكون من (26) عضواً.(18)
وقد ساهمت لجنة حقوق الانسان خلال الستين عاما الماضيه من عمرها بانجازات كبيره في مجال احترام حقوق الانسان الا ان الكثير من السلبيات رافقت عملها, مما استدعى الى تاسيس جهاز اخر ليحل محلها هو مجلس حقوق الانسان .

تابع القادم > :
المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(10)









قديم 2008-11-07, 10:34   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

لمدخل لدراسة حقوق الإنسان...(10)

ثانيا: مجلس حقوق الانسان
لتجاوز السلبيات التي رافقت عمل لجنة حقوق الانسان بسبب تسييسها والانتقائيه والازدواجيه في تقاريرها وطريقة اختيار اعضائها , وفي ضوء السعي المتزايد لاصلاح الامم المتحده ومؤسساتها ولتفعيل احترام مبادئ حقوق الانسان , اقرت الجمعيه العامه للامم المتحده في 15/3/2006 تاسيس مجلس حقوق الانسان ليحل محل لجنة حقوق الانسان , وقد صوتت 170 دوله لصالح القرار من مجموع 191 دوله بينما عارضته اربعة دول هي الولايات المتحده الامريكيه واسرائيل وجزر مارشال وبالاو , وامتنعت ثلاثة دول اخرى عن التصويت هي ايران وبيلوروسيا وفنزويلا .
ومن المقرر ان يتبع هذا المجلس الجمعيه العامه مباشره مما يعطيه منزله رفيعه تتناسب مع اهمية الوظيفه الموكله به ويتجاوز مشكلة الارتباط بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التي طالما عانت منها اللجنه سابقا .
وقد نص القرار على ان يتم اختيار اعضاء المجلس البالغ عددهم 47 عضوا بالاقتراع الفردي السري وبالاغلبيه المطلقه لاعضاء الجمعيه العامه , اي حوالي 96 صوتا . ويشترط في اختيار الاعضاء ان يلتزمو ا باحترام المعايير الدوليه لحقوق الانسان ,مع امكانية اسقاط العضويه باغلبية ثلثي عدد اعضاء الجمعيه العامه في حالة انتهاك هذه المعايير .
ومن الجدير بالذكر ان مدة عضوية المجلس هي ثلاثة سنوات قابله للتجديد مره واحده فقط , ويتم اختيار الاعضاء على اساس التوزيع الجغرافي العادل بواقع 13 مقعدا لافريفيا و13 مقعدا لآسيا وستة مقاعد لاوربا الشرقيه وسبعة مقاعد لدول اوربا الغربيه بما فيها الولايات المتحده الامريكيه وكندا ونيوزلندا و استراليا وثمانية مقاعد لدول امريكا الاتينيه والكاريبي .
ويعقد المجلس اجتماعاته في مقره الدائم في جنيف ومن المقرر ان يعقد ثلاثة اجتماعات في السنه على الاقل ولمدة عشرة اسابيع وليس ستة اسابيع كما كان عليه الامر في عهد اللجنه, كما يملك المجلس الاجتماع في اي وقت آخر للنصدي للازمات الطارئه في مجال حقوق الانسان .
ومن المنتظر ان يساهم المجلس في تعزيز الاحترام الدولي لحقوق الانسان ويساهم في تجاوز الانتقائيه في التعامل مع انتهاكات بعض الدول لمعايير حقوق الانسان التي كانت سائده في ظل لجنة حقوق الانسان .
كما سيساهم في تقديم التوصيات الى الجمعيه العامه بما يؤدي الى مواصلة تطوير القانون الدولي في مجال حقوق الانسان, وسيستعرض بشكل دوري شامل وموثق مدى وفاء كل من الدول الاعضاء بالتزاماته وتعهداته في مجال حقوق الانسان على نحو من المساواة والعداله .

ثالثا : الأجهزة الأخرى
يعد مجلس الأمن الدولي الجهاز الرئيسي في المنظمة الدولية الذي عهد إليه بمهمة حفظ الأمن والسلم الدوليين طبقاً لما ورد في المادة (24) من الميثاق، ومجلس الأمن الدولي مطالب في المادة المذكورة ان يعمل بالانسجام مع مبادئ الأمم المتحدة وواحداً منها (م1/3) هو (تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بينهم بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين) وقد بحث المجلس الكثير من المشاكل ذات المساس بحقوق الإنسان منها تقارير عن تعذيب المسجونين السياسين ووفاة عدد من المحتجزين وتصاعد موجات القمع ضد الأفراد والمنظمات ووسائل الإعلام في جنوب أفريقيا (القرار 417 لسنة 1977) وعدم توفير إسرائيل الحماية الملائمة للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة (القرار 471 لسنة 1980).(19)
كما أصدر مجلس الأمن قراره المرقم 808 بتاريخ 22/2/1993 القاضي بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتهمين المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة في أراضي يوغسلافيا السابقة منذ عام 1991 ومن أخطر هذه الجرائم جرائم التطهير العرقي التي تعد شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية ثم أصدر المجلس قراره المرقم 955 في 8/11/1994 القاضي بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة في رواندا.(20)
أما الأمانة العامة فلها مركز يسمى مركز حقوق الإنسان يشكل حلقة الوصل بين أعمال الأمم المتحدة في ميدان حقوق الإنسان وفّر هذا المركز مجموعة من الخدمات التي تقدمها الأمانة العامة لأجهزة الأمم المتحدة المهتمة بحقوق الإنسان.(21)
كذلك تلعب محكمة العدل الدولية دوراً في هذا المجال(22) فضلاً عن الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة كمنظمة اليونسكو (1945) التي تستهدف بصورة أساسية ضمان حق الإنسان في التربية والتعليم والثقافة، ومنظمة الصحة العالمية (1946) التي تسعى إلى ضمان حق كل إنسان في الصحة، ومنظمة التغذية والزراعة التي تستهدف تحرير الإنسان من الجوع، والاتحاد الدولي للمواصلات السلكية واللاسلكية الذي يعمل على تنظيم حرية المراسلة بجميع أشكالها، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية التي تسعى إلى ضمان الحق في الملكية الفكرية.
مما تقدم يبدو واضحاً ان هناك دور معين تلعبه منظمة الأمم المتحدة في مجال حماية حقوق الإنسان وبأشكال مختلفة من خلال أجهزة المنظمة وبالتعاون مع الدول الأعضاء فيها إلا ان هذا الدور يبقى في إطار تشجيع وتطوير قضية حقوق الإنسان فهي لا تتدخل لحماية هذه الحقوق إلا في حالة وجود انتهاك لها من شأنه تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.

المطلب الثاني
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
جاء هذا الإعلان متضمناً مقدمة وثلاثين مادة، ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إصداره بالإجماع يوم 10 كانون الأول 1948 وهو يعد من أكثر الإعلانات شهرة، وأكثرها إثارة للجدل والنقاش، وهناك وجه شبه بين هذا الإعلان وإعلانات الحقوق الداخلية كالإعلان الفرنسي الصادر عام 1789 وإعلان الحقوق والاستقلال الأمريكي لسنة 1776 وهو أول إعلان دولي لحقوق الإنسان إتصف بالشمول إلى حدٍ ما.
تشير المادتان الأولى والثانية من هذا الإعلان إلى ان جميع الناس دونما تمييز يولدون أحراراً ومتساويين في الكرامة والحقوق ثم تم تعداد المبادئ الأساسية للمساواة وعدم التمييز عند التمتع بالحقوق والحريات الأساسية، وبعدها تعدد المواد التسع عشرة التالية الحقوق المدنية والسياسية التي يحق لكل إنسان التمتع بها، ومنها الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، والحرية من العبودية والرق، وعدم الخضوع للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، والاعتراف بالشخصية القانونية لكل إنسان كما نص الإعلان على ان الناس متساوون أمام القانون، ويمكن لأي إنسان اللجوء إلى القضاء أو المحاكم الوطنية للانتصاف من أية أعمال تنتهك حقوق الإنسان، وعدم التعرض إلى الاعتقال أو الاحتجاز أو النفي على نحو تعسفي فضلاً عن تثبيت المبدأ الذي مضمونه ان المتهم برئ حتى تثبت إدانته، والحق في التمتع بجنسية، والحق في الزواج وتأسيس أسرة، وحرية الفكر والضمير والدين، وحق التملك، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الاشتراك في الاجتماعات، والحق في المشاركة في الشؤون العامة لبلده وغيرها من الحقوق.
أما المواد من 22-28 فهي تنص على مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشتمل على الحق في الضمان الاجتماعي، والحق في العمل وحرية اختيار العمل، والحق في الحصول على أجر متساوٍ ومكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة فضلاً عن الحق في إنشاء النقابات والانضمام إليها، والحق في الراحة والرعاية في مجالات المرض أو البطالة أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة، والحق في التعليم، وغيرها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

أما المادة 28 فهي تنص على ان لكل فرد الحق بالتمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن ان تتحقق في ظله الحقوق والحريات التي جاء بها هذا الإعلان بينما تؤكد المادة 29 على ان كل فرد تقع عليه واجبات ازاء المجتمع ولا تخضع حقوق أي فرد إلا للقيود التي يقررها القانون ولا يجوز هدم كل هذه الحقوق بأي شكل عن طريق تفسير نص على نحو يفيد انه يتضمن مثل هذا الأمر، فالإعلان أشار إلى ان الحقوق الواردة فيه ليست مطلقة وللدولة ان تصدر القوانين التي ترسم بموجبها حدود هذه الحقوق بشرط ان يكون الهدف الوحيد من هذه القوانين ضمان الاعتراف والاحترام بهذه الحقوق للآخرين فضلاً عن احترام النظام العام والآداب العامة والرفاهية في مجتمع ديمقراطي، بينما نصت المادة 30 على انه (ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على انه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه).

الفرع الأول
القيمة القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يذهب الاتجاه الراجح في الفقه الدولي إلى ان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يتمتع بقوة الإلزام طالما لم يأخذ صورة معاهدة دولية حيث أخذ صورة توصية صادرة عن الجمعية العامة، وهي تشبه بعض المواد التحذيرية الواردة في دساتير دول العالم الثالث كدستور غينيا 1958 والجزائر 1963 والكاميرون 1972 التي تؤكد اخلاصها والتزامها بالمبادئ الواردة في الإعلان فضلاً عن ان المادة الثانية والعشرون من الإعلان تقر بأن تحقيق الحقوق المنصوص عليها يجب ان يتم من خلال التنظيم القانوني الداخلي لكل دولة وحسب مواردها، وقد ضمت بعض الدول إلى قوانينها المحلية فقرات من الإعلان كما ان اتفاقيات دولية ضمت جميع الحقوق التي جاء بها هذا الإعلان.(23)
وقد أنكرت المحكمة العليا الأمريكية الصفة الإلزامية للإعلان، وكذلك فعل مجلس الدولة الفرنسي(24)، عليه فانه طبقاً للاتجاه المتقدم فان الإعلان هو تعبير عن مثل قال عنها أحد الرواد في مجال حقوق الإنسان انه يجب ان تصبح هذه المثل على مر السنين مبادئ قانونية تعترف بها وتطبقها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهذا الكلام قيل لأن نص الإعلان جاء مبهماً لا يتضمن أية توصيات للدول الأعضاء أو إحكاما تحدد الوسائل القانونية الدولية التي يمكن اللجوء إليها في حالة انتهاك حقوق الإنسان.(25)
ومن الفقهاء الذين ينكرون تمتع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بقوة ملزمة الفقيه الفرنسي شومون الذي يؤكد ان الإعلان يردد بعض الحقوق دون ذكر امور محددة إذ انه يشير مثلاً إلى الحق في الحياة أو العمل أو في ان تكون له جنسية، ولكنه في الوقت نفسه لا يذكر على أي نحو يستطيع التمتع بهذه الحقوق، ويرى هذا الفقيه ان الحقوق الواردة في الإعلان لا تتحدد ملامحها إلا باتخاذ إجراءات وطنية أو دولية لاحقة كإصدار تشريعات مختلفة تكون كفيلة بوضع هذه الحقوق حيز التنفيذ أو عن طريق إبرام اتفاقيات دولية تفصل هذه الحقوق وتنص على آليات لاحترامها وتحقيقها من الناحية العملية.(26)
الاتجاه الثاني يقول بتمتع هذه الوثيقة بقوة إلزام في حدود معينة، وهو يؤدي إذا ما توافرت شروط معينة إلى تكوين وارساء قواعد قانونية تلتزم الدول بها عن طريق العرف الدولي.(27)
وفريق آخر ضمن الاتجاه الثاني يقول ان الإعلان يتضمن تفسيراً رسمياً أو تحديداً لمضمون حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المشار إليها في الميثاق، وأخذ بهذا التفسير اتجاه فقهي وحكومي منها ما أعرب عنه ممثل فرنسا، ومن بين الوثائق الرسمية التي أخذت بهذا الاتجاه إعلان طهران لسنة 1969 الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي حضرته وفود من مائة دولة.(28)
وقبل ذلك اشارت إعلانات مؤتمر باندونغ عام 1955 فضلاً عن قرارات صادرة عن المؤتمرات التي عقدت في أمريكا اللاتينية لهذا الإعلان، وكان له أثر كبير في الاتفاقيات الدولية، وأشير إليه في العديد من أحكام المحاكم الوطنية التي تبين بشكل واضح ممارسات الدول، وهذه تشارك في تطوير القانون الدولي المعاصر ولعل الدور المتفق عليه الذي يقوم به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان انه يمثل (المستوى المشترك) فهو المرشد أحياناً في تفسير القوانين الوطنية وتطبيقها، ويستشهد به باعتباره دليلاً على وجود قانون حديث طور التكوين في مجال حماية حقوق الإنسان وحريات الأفراد الأساسية.(29)
وخلاصة ما تقدم ان من الصعب تجريد إعلان عام 1948 من أية قيمة قانونية فضلاً عن تأثيراته الفكرية على مستوى المشرع الوطني والدولي، فقد حرصت بعض الدول مثلاً على الإشارة إلى أنها تلتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في دساتيرها بل ان دولة بيرو قد تبنت نصوصه كاملة بموجب قانون أصدرته عام 1959 فضلاً عن أن محكمة العدل الدولية قد أشارت في العديد من أحكامها وفتاويها إلى هذا الإعلان والحقوق التي جاء بها كالقرار الصادر في قضية شركة برشلونة تراكشن عام 1970 فضلاً عن قرارات أخرى كما ان الصفة الإلزامية يمكن الدفاع عنها إذا ما قبلنا وجهة النظر التي مضمونها ان المبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان تعد قواعد آمرة في النظام القانوني الدولي.(30)

الفرع الثاني
السمات الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يتميز هذا الإعلان بالسمات الآتية:
1. لا يختلف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كثيراً في صياغته عن الأسلوب الفرنسي المتبع في مثل هذه الإعلانات، إذ انه لا يُفَصِلْ في توضيح مضمون الحق الذي يثبته للإنسان، كما لا يرسم صورة واضحة له لكنه يكتفي بوضع المبدأ العام أو الاتجاه العام لمضمونه، ومع ذلك فهو يأخذ في بعض الأحيان بالاتجاه الانكلوسكسوني الذي يعبر عن صياغة اكثر تفصيلاً، فهو لا يكتفي بذكر مضمون الحق بصورة عامة لكنه يحدد مضمونه، ومن الأمثلة على الصياغة الشبيهة بالاتجاه الانكلوسكسوني يمكن الإشارة إلى المادة (2) بشأن عدم التمييز التي نصت على (لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلاً عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود).
والمادة (18) بشأن حرية التفكير التي نصت (لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الاعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة)، والمادة (25) بخصوص حق كل إنسان في مستوى جيد من المعيشة حيث تنص على (1- لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته. 2- للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية.)

2. يؤكد الإعلان على الحقوق الفردية التقليدية ولا تحتل الحقوق ذات الطابع الاقتصادي الاجتماعي والثقافي سوى مكاناً متواضعاً فيه وهذا مرده لأسباب سياسية نظراً لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على المنظمة وقت إصدار الإعلان مما ترتب عليه تغليب المفهوم الليبرالي على المفهوم الماركسي للحريات، ومع ذلك فان مفهوماً وسطاً تم تبنيه في العديد من الصياغات الواردة في الإعلان فمقدمته مثلاً تتحدث عن عالم حر انبثق حديثاً يتمتع به الفرد بصورة فعليه لا نظرية بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة، وهذه صياغة ترضي الدول الاشتراكية بينما تأخذ المادة الأولى من الإعلان ذاته بالمذهب الفردي وبنظرية الحقوق الطبيعية إذ تنص على (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق).
وكذلك الحال مع المادة (17) التي توفق بين الفكرين الليبرالي والماركسي حيث تنص على (لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره)، ولا نجد من جهة أخرى أي ذكر لحق الإضراب الذي لا تقره الدول الشيوعية كما لا نجد إشارة إلى حرية التجارة والصناعة المقررة في الدول الرأسمالية، فهذا السكوت هو نوع من التوفيق كذلك.
3. ان نصوص الإعلان عالمية النزعة فهي موجهة إلى الإنسان أينما وجد بغض النظر عن ديانته ولونه وجنسه، وجنسيته أي انه إعلان لا يحمل السمة الوطنية لدولة معينة أو الخصائص المميزة لأمة معينة طالما انه يتجاوز نطاق الدولة الواحدة.

المطلب الثالث
العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان لعام 1966
المقصود بالعهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان هما الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية، وكذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية اللتين اقرتهما الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها المرقم 2200 أ (د-21) فضلاً عن البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والخاص باستلام ودراسة تبليغات الأفراد الذين يدعون بانهم ضحايا الاعتداء على الحقوق المنصوص عليها في العهد، وقد بدأ نفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتاريخ 3 كانون الثاني 1976 في حين دخلت الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية بتاريخ 23 آذار 1976 بتمام تصديق خمس وثلاثين دولة على كل منهما وهو ما قضت به المادة (49) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (27) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودخل البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية حيز التنفيذ في الوقت ذاته بتمام تصديق عشر دول عليه، وهو ما قضت به المادة (9) من البروتوكول، والعراق من الدول التي صادقت على هاتين المعاهدتين دون ان تصادق على البروتوكول الملحق بالاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية،(31) وبموجب هاتان الاتفاقيتان تحولت الحقوق التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 إلى التزامات دولية مصدرها القانون الدولي الاتفاقي مما يعني نهاية الجدل حول القيمة القانونية لإعلان عام 1948، كما أنشأت هاتان الاتفاقيتان نظاماً قانونياً دولياً للرقابة يعمل على ضمان تطبيق واحترام الحقوق والحريات التي جاءت بها هاتين الاتفاقيتين.(32)
ان جهود الأمم المتحدة التي بذلت بهذا الخصوص تنقسم إلى مستويات عدة، المستوى الأول يتمثل بإحساس المنظمة الدولية بضرورة وجود قواعد تكرس حقوق الإنسان وهي تعبر عن هذا المستوى أو الإحساس عن طريق إجراء دراسات في مختلف المجالات المرتبطة بهذا الموضوع.
المستوى الثاني يتجسد بالاعتراف بوجود هذه الحقوق أو تقوم بالإعلان عن وجودها بصورة فعلية وهي تعبر عن هذا المستوى ببحث الانتهاكات لهذه الحقوق في أجهزة الأمم المتحدة المختلفة، وتقوم بإصدار التوصيات، وتدين الانتهاكات لها.
المستوى الثالث يتمثل بالعمل على توفير نوع من آليات الحماية للحقوق المعترف بها والمعلن عنها عن طريق المعاهدات الدولية، وهي بذلك تنتقل بها من المستوى الأخلاقي غير الملزم إلى المستوى القانوني الملزم.(33)
فضلاً عما تقدم تتضمن هاتان الاتفاقيتان بعض الأحكام المشتركة كمقدمة كل منهما، والمواد (1، 3، 5) حيث ان ديباجة أو مقدمة كل اتفاقية منهما تذكِّر الدول بالتزاماتها طبقاً لميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، وتذكِّر الفرد بالمسؤولية الملقاة عليه في السعي إلى تعزيز هذه الحقوق واحترامها وتشير المقدمة كذلك إلى المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها الاتفاقيتين المتمثلة بالكرامة اللصيقة في جميع أعضاء الأسرة الدولية وحقوقهم المتساوية وصدور هذه الحقوق كذلك عن الكرامة اللصيقة بالإنسان، وتضيف ان لا فرق من حيث الأهمية بين حقوق الإنسان المختلفة، فالتحرر من الخوف والحاجة يتحقق فقط إذا استطاع كل فرد ان يتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك بحقوقه المدنية والسياسية.

وتعلن المادة (1) من الاتفاقيتين ان حق تقرير المصير حق عالمي، ودعت الدول إلى احترام هذا الحق وتعزيزه، وتؤكد المادة الثالثة من الاتفاقيتين على حق المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بكافة الحقوق وطالبت الدول إلى تحويل هذا المبدأ إلى حقيقة مطبقة، بينما تنص المادة الخامسة من الاتفاقيتين على ضمانات ضد القضاء على أي حق من الحقوق أو الحريات الأساسية أو تقييدها دون مسوغ، كما تضمنت ضمانات ضد سوء تفسير أي نص من نصوص الاتفاقيتين واتخاذ هذا التفسير كمبرر لانتهاك أي حق من الحقوق أو حرية من الحريات الواردة فيهما.
والحقيقة ان تفكير الأمم المتحدة كان قد اتجه أولاً إلى وضع اتفاقية واحدة تضم جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلا ان اختلاف طبيعة الالتزامات التي تفرضها كل من الحقوق المدنية والسياسية من جانب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جانب آخر والملقاة على الدولة جعل التعامل مع هذا الموضوع يقضي بضرورة عقد اتفاقيتين منفصلتين إذ ان الحقوق المدنية والسياسية تفرض التزاماً سلبياً على الدولة يتمثل بالامتناع عن التدخل إلى حدٍ ما بينما تفرض الحقوق ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي التزامات إيجابية فالحق في مستوى جيد أو عادل من المعيشة يقتضي توافر إمكانات اقتصادية جيدة إلى حدٍ ما للدولة لكي تستطيع ان تضع هذا الحق موضع التطبيق والدول كما هو معروف تختلف في إمكانياتها الاقتصادية(34) وأشارت الفقرة الرابعة من المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى هذه المسالة حيث أشارت إلى طبيعة الالتزامات التي تقع على عاتق الدول الأطراف من هذه الاتفاقية عن طريق تبني أسلوب أو منهج تدريجي في تحقيق هذه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما في ذلك على وجه التحديد تبني خطوات تشريعية، ويلاحظ على هذين العهدين أو الاتفاقيتين انهما تستهدفان تحقيق نوع من الحماية الدولية ذات الطابع العالمي لحقوق الإنسان فهما تستهدفان وضع نظام دولي عالمي لحقوق الإنسان يحكم الجماعة الدولية بأسرها.
كما انهما قد اهتمتا بجميع أعضاء الجماعة البشرية وليس الفرد فقط، وهذا يعني ان الحماية تمتد للأسرة والتجمعات العرقية والاقليات والشعوب، أي ان النظرة إلى الإنسان قد امتدت لتشمله في إطاره الاجتماعي لا بصفته كفرد فقط.

أما من ناحية التعديل لهذين العهدين فإن الإجراءات الخاصة بذلك تعكس مدى سيطرة الأمم المتحدة على عملية التعديل، فالمادة 29/2 من الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة 51/2 من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية تنصان على (يبدأ نفاذ التعديلات متى أرقتها الجمعية العامة للامم المتحدة وقبلها أغلبية ثلثي الدول الأطراف في هذا العهد وفقاً للإجراءات الدستورية لدى كل منها).(35)
وإذا كانت اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية قد ألحق بها بروتوكول بدأ نفاذه عام 1976 مع نفاذ الاتفاقية وتتعهد الدول التي انضمت إليه بتمكين اللجنة المختصة بحقوق الإنسان من القيام طبقاً لأحكام العهد باستلام ونظر الرسائل المقدمة من الأفراد الذين يدعون انهم ضحايا أي انتهاك لأي حق من الحقوق المقررة في العهد فانه من جانب آخر اعتمدت الجمعية العامة البروتوكول الاختياري الثاني الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام وبدأ نفاذه بتاريخ 11 تموز 1991 والصادر في 15 كانون الأول 1989، وهو ملحق كذلك باتفاقية الحقوق المدنية والسياسية.(36)
أما أهم الأحكام أو الحقوق التي جاءت بهما هاتين الاتفاقيتين فقد وردت في القسم الثالث منهما إذ وردت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المواد 6-15 من اتفاقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذه تشمل الحق في العمل، والحق في التمتع بشروط عمل صالحة وعادلة، وحق تشكيل النقابات والانضمام إليها، والحق في الإضراب، والحق في الضمان الاجتماعي وحماية الأسرة، والحق في مستوى معيشي مناسب، والحق في الصحة البدنية والعقلية، وحق كل فرد في الثقافة مع وجوب جعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومجانياً للجميع مع تيسير التعليم الثانوي والمهني والفني والتعليم العالي فضلاً عن حرية البحث العلمي وحماية الإنتاج العلمي.

يتبع >









قديم 2008-11-07, 10:35   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

أما الحقوق المدنية والسياسية فقد جاء تفصيلها في المواد 6-27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهذه النصوص تعترف بالحق في الحياة مع وجوب عدم توقيع عقوبة الإعدام فيما عدا الجرائم الأكثر خطورة وبشروط وضمانات خاصة، وتحريم التعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية وغير الإنسانية، وحظر اخضاع أي فرد دون رضاه للتجارب الطبية أو العلمية، وتحريم الاسترقاق والسخرة والحق في الحرية والسلامة الشخصية، وحق كل منهم في معاملة إنسانية، وتحريم سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته التعاقدية (عدم حبس المدين المعسر) والحق في التنقل والمساواة أمام القضاء والنص على مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وحق كل إنسان في ان يعترف به كشخص أمام القانون وحرمة الحياة الخاصة، وحرية الفكر والضمير والديانة، وتحريم الدعاية للحرب، والدعوات الهادفة إلى بث الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، والحق في الاجتماعات السلمية، والحق في إنشاء الجماعات كتشكيل النقابات والانضمام إليها، والحق في الزواج، وحق الأطفال في الحماية بما في ذلك الحق في الاسم والجنسية، وحق المشاركة في إدارة الشؤون العامة، والمساواة أمام القانون، وعدم التمييز، وحماية الاقليات العنصرية أو الدينية أو اللغوية والتي تتضمن حقهم في التمتع بثقافتهم أو الإعلان عن ديانتهم وإتباع تعاليمهم أو استعمال لغتهم.

المطلب الرابع
الاتفاقيات الأخرى والجرائم الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان
إذا كانت الحماية الدولية لحقوق الإنسان في ظل الأمم المتحدة قد شهدت تطوراً ملحوظاً على المستوى الدولي سواء تعلق الأمر بنشاطات أجهزة المنظمة أو الاتفاقيات الدولية التي تعرضت لحقوق الإنسان بهدف حمايتها فانه لا يمكن انكار الدور الذي لعبته الأمم المتحدة في إبرام هذه الاتفاقيات التي أصبحت تشكل ما يعرف بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو فرع جديد للقانون الدولي العام يقوم بتنظيم القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في حالة السلم، وعلى الرغم من ان النقاش الذي سبق ان أثير حول ما إذا كانت المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية تقع ضمن الاختصاص الداخلي لكل دولة قد تم حسمه باتجاه عدم اعتبارها كذلك طبقاً للرأي الراجح في الفقه الدولي فان هناك تساؤولات مختلفة طرحت على مستوى الفقه مضمونها هل ان تحقق الديمقراطية في المجتمعات الوطنية لكل دولة هي واحدة في المبادئ الأساسية الجديدة التي يرتكز عليها القانون الدولي؟ والحقيقة ان جانباً مهماً من المفاهيم الديمقراطية تتحقق فيما لو تم تطبيق مضمون الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وهي اتفاقيات متعددة منها ما أصبحت تكون جزءاً من القانون الجنائي الدولي، وسنتعرض لهذه المفردات عبر فرعين:

الفرع الأول
الصكوك الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان
توجد اتفاقيات دولية متعددة نظمت جوانب تتعلق بحقوق الإنسان منها:

أولاً: الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذه الاتفاقية عام 1965 وبدأت في السريان عام 1969 وهي تهدف إلى تقنين فكرة المساواة بين الأجناس البشرية المتنوعة.(37)

وتعرف المادة 1/1 منها التمييز العنصري بانه (عبارة تمييز عنصري تعني كل شكل من أشكال التفرقة أو الاستثناء أو التقييد أو التفضيل بسبب الجنس أو اللون أو النسب أو الأصل الوطني أو العرقي، يكون من أغراضه أو آثاره تقويض أو تهديد الاعتراف أو التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو ممارستها في ظروف قوامها المساواة في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة).
ويبدو من هذا التعريف ان المعنى المقصود للتمييز العنصري مفهوم مركب يشترط فيه حدوث فعل محدد أو ترك ينظر إليه ويوصف بانه تمييز أو استثناء أو تفضيل، وان يكون هذا الإجراء أو الترك (الإغفال) الواقعان في نطاق هذا التعريف الوارد في الاتفاقية مبنيين على دوافع معينة هي الجنس واللون والنسب والمنشأ القومي أو العرقي، وان يستهدف هذا الإجراء غرض أو هدف معين أو أثر يتمثل في تقويض أو تهديد الاعتراف أو التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
والحقيقة ان ميثاق الأمم المتحدة يحظر كذلك الممارسات التميزية بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين في المواد (1/3) و (13/ب) و (55/ج) و (76/ج) وهذا هو الحال بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يمنع أي تمييز بسبب اللون … أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر طبقاً لمادته الثانية، وتكرر هذه الاعتبارات في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المواد 2/1 ، 24/1) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 2/2).
وتتطرق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لمجموعة من الحقوق السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منها حق الوصول إلى كافة الأماكن والمرافق المعدة للاستخدام العام كوسائط النقل والفنادق والمطاعم والمنتزهات، وغيرها من الحقوق المدنية الأخرى التي تعددها المادة (5/د) وهي على وجه التحديد الحق في حرية التنقل واختيار السكن وحق مغادرة أي بلد وحق العودة إليه بما فيه بلد الشخص نفسه.(38)
وتحدد المادة (2) من الاتفاقية التزامات الدول الأطراف فيها للقضاء على سائر أشكال التفرقة بالآتي:
1. تتعهد كل دولة طرف في الاتفاقية بالامتناع عن القيام بأي عمل أو ممارسة أي إجراء يتضمن تمييزاً ضد الأشخاص أو المؤسسات، كما ان الدول الأطراف تضمن ان تعمل سلطاتها ومؤسساتها الوطنية طبقاً لهذا الالتزام.
2. تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقية بعدم دعم الممارسات التميزية التي تمارس من قبل أي شخص أو منظمة، وعدم الدفاع عنه أو تأييده.
3. تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقية باتخاذ الإجراءات الفعالة بهدف مراجعة السياسيات الحكومية، وتعديل أو إلغاء أو إبطال أية قوانين أو لوائح يكون من نتائجها خلق أو إبقاء التمييز العنصري أينما وجد.
4. تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقية بمنع التمييز العنصري، وان تنهي كافة الوسائل بما في ذلك التشريع هذه المسالة الممارسة من قبل أي شخص أو مجموعة أو منظمة.
5. تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقية بتشجيع المنظمات والحركات الاندماجية المتعددة الأجناس، وغيرها من أساليب إزالة العوائق بين الأجناس المتعددة كلما كان ذلك مناسباً فضلاً عن عدم تشجيع كل ما من شأنه تقوية الانقسام العنصري.(39)
وتلزم الاتفاقية (المادة 6) كل دولة طرف فيها ان تؤمن لكل شخص خاضع لولايتها الحماية الفعلية عن طريق توفير سبل الانتصاف إذا ما تعرض لفعل يشكل خرقاً للاتفاقية، وما جاءت به من حقوق فردية وحريات أساسية سواء أمام المحاكم الوطنية أو أية هيئات حكومية أخرى مختصة ويحق لكل شخص انتهكت حقوقه المضمونة في هذه الاتفاقية المطالبة بالتعويض عن الضرر.
أما المادة (8) من الاتفاقية فقد أكدت على المبدأ الذي نصت عليه المادة (2/3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتمثل بقيام النظم القانونية الوطنية أو المحلية بتأمين حق رفع الدعوى ضد أي خرق لحقوق الإنسان، كما تنص الاتفاقية على إنشاء لجنة من أجل القضاء على التمييز العنصري تتكون من (18) خبيراً مشهوداً لهم بعدم التحيز والخلق العالي تختارهم الدول الأطراف من بين رعاياها تقوم بالأعمال الآتية:
أ- فحص التقارير التي تتسلمها من الحكومات وتقديم التوصيات والاقتراحات بصددها.
ب- التوصل إلى تسويات بصدد بعض المنازعات الدولية المتعلقة بتطبيق الاتفاقية.
ج- استلام وفحص البلاغات الصادرة عن أشخاص أو مجموعات من الأشخاص يشكون من اعتداء وقع عليهم من جانب دولة طرف اشتركت في الإعلان المنصوص عليه في المادة (14) من الاتفاقية.
د- التعاون مع أجهزة الأمم المتحدة المختصة فيما يتعلق بالتظلمات الصادرة عن سكان الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي.(40)

ثانياً: التنظيم الخاص بالوضع القانوني للمرأة
ساوى ميثاق الأمم المتحدة بين الرجل والمرأة بعبارات وردت في ديباجته والتي أكدت على ان شعوب الأمم المتحدة قد آلت على نفسها (ان تؤكد من جديد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء …… من حقوق متساوية) ، وأكدت المادة (1) من الميثاق على عدم وجود تفريق بين الرجال والنساء في مساعي الأمم المتحدة المتعلقة بتعزيز احترام حقوق الإنسان، وهذا النهج سارت عليه نصوص الميثاق الأخرى كالمواد (8) و (13) و (55) و (76) ، وينص العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان لعام 1966 على مبدأ عدم التمييز بين الرجل والمرأة وورد هذا المبدأ في صكوك دولية متعددة تناولت الحقوق الخاصة بالمرأة، كاتفاقية الحقوق السياسية للمرأة، والاتفاقية الدولية بشأن جنسية المرأة المتزوجة، والاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والاعراف والممارسات الشبيهة بالرق.(41)
ان أبرز الاتفاقيات التي نظمت الوضع القانوني للمرأة المتعلق بحقوقها وحرياتها هي اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة التي وافقت عليها الجمعية العامة عام 1952 والتي أشارت مقدمتها إلى رغبة الدول في احترام مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.(42)
كما تضمنت أحكامها المساواة بين الرجال والنساء وحق التصويت في جميع الانتخابات بشروط متساوية (المادة 1) بينما نصت المادة (2) على ان (للنساء أهلية في ان يتم انتخابهن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز).
أما المادة (3) فقد أشارت إلى حق النساء وأهليتهن في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط متساوية مع الرجال ودون تمييز.(43)

الاتفاقية الثانية التي أنصبت على مكافحة التمييز ضد المرأة تعرف باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة في 18 كانون الأول 1979 والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 3 أيلول 1981 حيث تم انشاء لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة طبقاً للمادة (17) من الاتفاقية عام 1982 وهي تختص بالنظر في تقارير الدول الأطراف عن التدابير التي قامت بها لتنفيذ أحكام الاتفاقية فضلاً عن إعداد مقترحات وتوصيات ورفع تقرير سنوي إلى الجمعية العامة، وهي تتألف من (23) عضواً تنتخبهم الدول الأطراف لمدة أربع سنوات، وتجتمع في فيينا لمدة أسبوعين مرة واحدة في السنة.(44)
وتنص هذه الاتفاقية في المادة (7) على ان الدول الأطراف تتعهد بكفالة المساواة مع الرجل في مجالات متعددة منها التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام فضلاً عن المشاركة في صنع سياسة الحكومة وتنفيذها، وفي شغل الوظائف العامة، وتأدية المهام العامة على المستويات الحكومية كافة كما تلتزم الدول طبقاً للاتفاقية بمشاركة النساء على قدم المساواة مع الرجال في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تعنى بالحياة العامة السياسية للبلد، وتكفل الحكومة مشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرارات على الصعيد الوطني والحكومي والمحلي بواسطة تدابير تشريعية وإدارية كما ينبغي القيام بأنشطة خاصة لزيادة توظيف وتعيين وترقية المرأة وعلى وجه الخصوص في مناصب اتخاذ القرارات وتقرير السياسات.(45)
أما الاتفاقية المعنية بجنسية المرأة المتزوجة اتفق الأطراف فيها على انه لا يجوز ان يكون لعقد الزواج أو انفصال الرابطة الزوجية فيما بين مواطنين وأجانب أو لتغيير جنسية الزوج أثناء الزواج أثر تلقائي في جنسية المرأة.(46)
أخيراً نشير إلى صدور إعلانات متعددة من جهات مختلفة ومؤتمرات دولية عقدت في أكثر من بلد تطرقت لموضوع أوضاع المرأة بقصد تحسينها أو الدفع بهذا الاتجاه منها الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993(47) فضلاً عن صدور البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1999.(48)

ثالثاً: الاتفاقيات الخاصة بالجنسية وانعدامها واللاجئين
تعد المسائل المتعلقة بالجنسية واللاجئين من القضايا المهمة المطروحة على مستوى البحث والحقيقة ان هناك ارتباط حقيقي بين مستوى الجنسية وانعدامها والوضع الخاص باللاجئين إذ ان مشكلات اللجوء قد أخذت في التفاقم بدرجة ملحوظة مع تزايد حدة الصراعات والمنازعات الداخلية والدولية فضلاً عن استمرار بقاء نظم الحكم الشمولية التي غالباً ما تبالغ في انتهاكات حقوق الإنسان والتنكيل بالمعارضين السياسيين، وهذا الوضع يصاحبه اسقاط للجنسية في حالات معينة، ومن ثم فان هناك مجالين للبحث هنا: الأول يتعلق بالتنظيم القانوني للجنسية وحالة انعدامها والثاني يخص الوضع القانوني للاجئين.
1. الاتفاقيات الخاصة بالجنسية وانعدامها
تعرف الجنسية باعتبارها رابطة قانونية وسياسية بين شخص ودولة تترتب عليها مجموعة من الحقوق والالتزامات المتقابلة وطبقاً للمادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فان الجنسية حق لكل شخص.
والحقيقة ان الجنسية تعد شرطاً مسبقاً لنشاط دولي معين إذ انها ذو صلة في مجال القانون الدولي بقدر تعلق الأمر بالولاية على الأشخاص، وعلى وجه التحديد بموضوع الحماية الدولية التي تؤمنها دولة ما لشخص معين باعتبار الجنسية أحد شروط ممارسة هذه الحماية، وقد تم إقرار عدد من الاتفاقيات الدولية تحت إشراف ورعاية الأمم المتحدة نظمت بعض الجوانب القانونية المتعلقة بالجنسية وحالة اللاجنسية منها الاتفاقية المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة لعام 1957 والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 11 آب 1958.
الاتفاقية الثانية هي الاتفاقية المتعلقة بوضع عديمي الجنسية المعتمدة بتاريخ 28 ايلول 1954 والتي تولت معالجة بعض الجوانب الخاصة بوضع عديمي الجنسية، وهو وضع فيه امتهان لكرامة الإنسان واهدار لإنسانيته ولامكانية تمتعه بالحقوق والحريات في دولة ما إلا بصفته كأجنبي مع استمرار حالة اللاجنسية لصيقة به، وطبقاً للمادة (1) من الاتفاقية يقصد بمصطلح (عديم الجنسية) (كل شخص لا تعتبره أية دولة واحداً من رعاياها بمقتضى أحكام تشريعاتها)، وتنص هذه الاتفاقية على مجموعة من الواجبات التي تقع على كاهل عديم الجنسية تجاه البلد الذي يعيش فيه كالامتثال لقوانين هذا البلد وأنظمته وخضوعه للتدابير التي تتخذ للمحافظة على النظام العام، والحقيقة ان المعاملة التي يعامل بها عديم الجنسية لا تختلف على وجه العموم عن معاملة اللاجئ بموجب الاتفاقية الخاصة باللاجئين، وبناءاً على ما تقدم نصت المادة (3) المشتركة في الاتفاقيتين على (تطبق الدول المتعاقدة أحكام هذه الاتفاقية على عديمي الجنسية (اللاجئين) دون أي تمييز بسبب الجنس أو الديانة أو بلد المنشأ).

إلا انه بخصوص بعض الحقوق يلاحظ ان عديمو الجنسية يحصلون على وضع أقل من وضع اللاجئين فحق الاجتماع والعمل بأجر يتعين على الدول المتعاقدة ان تمنح الأشخاص عديمو الجنسية المقيمون بشكل قانوني على أراضيهم معاملة مماثلة بقدر الإمكان، وهي لا تقل رعاية بأي من الأحوال عن تلك الممنوحة في الظروف نفسها للأجانب على وجه العموم، وهذا ما قضت به المواد (15) و (17).(49)
الاتفاقية الأخرى المتعلقة بحق الجنسية هي اتفاقية تقليل حالات انعدام الجنسية المعتمدة بتاريخ 30 آب 1960 والتي دخلت حيز التنفيذ في 13 كانون الأول 1975 وحاولت من خلال نصوصها تحسين أوضاع عديمي الجنسية حيث تضمنت بعض الأحكام منها ضرورة قيام الدول الأطراف بمنح جنسيتها لأي شخص ولد على أراضيها، وإذا لم يمنح جنسية هذه الدولة سيصبح عديم الجنسية إذ تمنح هذه الجنسية عند الولادة بحكم القانون أو بناءاً على طلب يقدم طبقاً لقانون الجنسية في الدولة المعنية إلى الجهة المختصة من جانب صاحب الشأن أو من ينوب عنه إلا انه يجوز للدولة الطرف في المعاهدة اخضاع منح جنسيتها لشروط معينة، وهذا هو حكم المادة (1) من الاتفاقية.
المادة الثانية نصت على ان أي لقيط يعثر عليه داخل أراضي الدولة الطرف يعتبر ما لم يثبت العكس، انه مولود على أراضي هذه الدولة من أبوين يحملان جنسيتها.
وفي حالة وجود نص في قانون جنسية دولة طرف يتضمن سقوط الجنسية بسبب تغيير في الحالة المدحنية كالزواج او الإقرار بالشرعية او الاعتراف أو التبني يشترط قبل إسقاط الجنسية ان يكون الشخص حائزاً لجنسية دولة أخرى أو مكتسباً لها (م5) كما نصت المادة (8) منها على عدم جواز ان تقوم دولة ما بحرمان شخص من جنسيته إذا ترتب على هذا الحرمان قيام حالة اللاجنسية مع وجود بعض الاستثناءات على هذه الحالة، بينما نصت المادة (9) على عدم جواز حرمان أي شخص من جنسيته أو أية مجموعة لأسباب تتعلق بالجنس أو العرق أو الديانة أو السياسة.(50)
2. الحماية الدولية للاجئين(51)
تعد اتفاقية عام 1933 الخاصة بوضع اللاجئين على المستوى الدولي المعاهدة الأولى التي حددت وضعاً دولياً للاجئين، ثم عقدت اتفاقية أخرى عام 1938 تخص اللاجئين المنحدرين من ألمانيا، وأخيراً عقدت الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تموز 1951(54) ودخلت حيز النفاذ بتاريخ 22 نيسان 1954 وتعرف الاتفاقية في مادتها الأولى اللاجئ باعتباره (كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته/ جنسيتها أو بلد إقامته/ إقامتها المعتادة وعنده خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر أو الدين أو القومية أو الإنتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب الرأي السياسي ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد ان يستظل/تستظل بحماية البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد).(53)
وتحدد الاتفاقية حقوق اللاجئين بما في ذلك حقوقه المتعلقة بحرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق في التعلم، والحصول على وثائق السفر، واتاحة الفرصة للعمل، وتشدد على أهمية التزاماته تجاه الحكومة أو الدولة المضيفة حيث ينص أحد الأحكام الرئيسية في الاتفاقية على حظر إعادة اللاجئين أو ردهم إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد، وتحدد الاتفاقية الأشخاص أو مجموعة الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية، وهم الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد السلام، أو جريمة حرب، أو الجرائم الإنسانية أو جرائم جسيمة غير سياسية خارج بلد اللجوء.(54)
وقد تعهدت الاتفاقية بإعطاء اللاجئين معاملة لا تقل من حيث الدعاية عن تلك الممنوحة لمواطنيها خاصة فيما يخص بعض الحقوق مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية، والتقاضي أمام المحاكم، والتعليم الأولي، والأمن الاجتماعي، والإغاثة العامة، ويعطى اللاجئون فيما يتعلق بحقوق الملكية معاملة لا تقل في جميع الأحوال عن تلك الممنوحة للأجانب عموماً، وتنص الاتفاقية على عدم جواز طرد أو رد اللاجئ دون إرادته إلى حدود أراضي البلد الذي هرب منه أو ان يتم طرده إلى بلد تكون حياته فيه وحريته عرضة للخطر بسبب جنسه أو جنسيته أو آرائه السياسية أو معتقداته الدينية أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، إلا انه لا يحق للاجئ التمسك بهذه الأحكام إذا ما توافرت بحقه أسباب مقبولة وجيهة تقود إلى اعتباره خطراً على أمن البلد الموجود فيه أو سبق وادين طبقاً لحكم بات بجرم هام يشكل خطراً على مجتمع ذلك البلد (م33).
أما بروتوكول 1967 الذي عد نافذاً في 4 تشرين الأول 1967 بانضمام ست دول إليه وأدى إلى اعتماده، فقد جاء باضافة جديدة إذ ان المادة الأولى من اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين لعام 1951 قد أوردت قيدين لتحديد مفهوم اللاجئ عند صدورها: الأول زمني، والثاني جغرافي إذ اقتصر مفهوم اللاجئ على الذين اصبحوا لاجئين نتيجة أحداث وقعت قبل الأول من كانون الثاني 1951 دون غيرهم بينما تعرضت الاتفاقية لمشكلة تمثلت بعدم امكان اعتبار أي شخص لاجئاً إذا كان تركه لبلده للأسباب المبينة في الاتفاقية قد وقع بعد التاريخ المذكور أعلاه والبروتوكول الصادر عام 1967 أدى إلى ان يفقد القيد الزمني أهميته.(55)
ان التنظيم القانوني الخاص باللاجئين لا يمكن فصله عن مفاهيم حقوق الإنسان إذ انهم أناس انتهكت حقوقهم الإنسانية على مستوى خطير فمفهوم حماية اللاجئ لا ينفصل في ذاته عن الفكرة الأساسية المشار إليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمتمثلة بحق كل إنسان في ان يتمتع بملجأ وهذا ما تنص عليه اتفاقية جنيف لعام 1951 وهناك أهمية لحق عودة اللاجئ إلى بلده، وهذا حق منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يؤكد على انه (لا يجوز حرمان أي شخص تعسفاً من حق دخول بلده).(56)

رابعاً: التنظيم القانوني لتحريم الرق والعبودية والتعذيب
توجد مجموعة من الاتفاقيات الدولية المحرمة للرق والممارسات الشبيهة منها اتفاقية 1926 التي أعدت برعاية عصبة الأمم إذ عرفت في المادة (1) الرق بانه (حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها أو بعضها)، بينما جاءت المادة (2) منها لتؤكد منع الاتجار بالرقيق وقمعه والعمل بصورة تدريجية وبالسرعة الممكنة للقضاء على هذه الممارسة بجميع صورها كلياً واستكملت هذه الاتفاقية بالاتفاقية التكميلية لابطال الرق التي عقدت بتاريخ 7 أيلول 1956.
وأبطل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الرق في المادة (4) منه التي نصت على (لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورها) ويلاحظ في هذا السياق ان عبارة (استرقاق) تعني القضاء على الشخصية القانونية، وهذا مفهوم محدود نسبياً إذ ان الاستعباد مفهوم أكثر عمومية وسعة ويشمل جميع الصور التي يسيطر فيها إنسان على آخر كما ان هناك ممارسات شبيهة بالرق تقود إلى الحط من الكرامة الإنسانية وأشير إلى هذه الممارسات في الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق لعام 1956 باعتبارها الأعراف والممارسات الشبيهة بالرق.(57)
وتشمل صور الرق حالة الاستيلاء على الفرد لوفاء ديونه، وحالة عبيد الأرض، وتزويج النساء كرهاً بمقابل نقدي أو عيني، والتنازل عن الزوجة من جانب الزوج أو أسرته أو قبيلته إلى الغير، وحالة انتقال الزوجة بعد وفاة زوجها عن طريق الميراث لشخص آخر، وحالة التخلي عن الطفل أو ممن هو دون سن البلوغ من جانب والديه أو أي منهما أو عن طريق الوصية إلى الغير بمقابل أو دون مقابل بقصد استغلال الشخص أو عمله، كما تحرم الاتفاقية تجارة الرقيق التي تعرف باعتبارها العمل على نقل العبيد أو محاولة ذلك من دولة إلى أخرى بأية وسيلة أو الاشتراك في هذه النشاطات.(58)
كما أبرمت اتفاقيات عديدة تحرم الاتجار بالرقيق الأبيض كالاتفاقيات التي أبرمت في الأعوام 1902 و 1904 و 1910 واتفاقية 1933 فضلاً عن اتفاقية 1951 وجرى فضلاً عما تقدم تحريم تسخير الفرد أو إجباره على أداء عمل معين عن طريق الإكراه، وهنا يلاحظ ان مفهوم السخرة يعني كل عمل يفرض على الإنسان، دون ان تكون لارادته دخل في قبوله سواء كان مقابل أجر أو من دون مقابل.(59)
ومن الاتفاقيات التي حرمت الرق وأعمال السخرة اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية في المادة (8) منها واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.(60)

يتبع >









قديم 2008-11-07, 10:36   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ونصت الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان على تحريم التعذيب والعقوبات والمعاملات غير الإنسانية أو الاستثنائية أو المهينة، وهو ما نصت عليه المادة (7) من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية، والمادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.(61)
أخيراً من المفيد الإشارة إلى وجود جوانب أخرى تمت العناية بها في إطار الحماية الدولية لحقوق الإنسان سواء من خلال إبرام اتفاقيات تكرس هذه الحماية أو عبر إعلانات أو توصيات أو قرارات صدرت عن الأمم المتحدة أو كان لها دور في ظهورها إلى حيز الوجود منها إعلان حقوق الطفل لعام 1959، والإعلان الخاص بحماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة الصادر عن الجمعية العامة عام 1974، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1990 التي فصلت الحقوق التي جاء بها إعلان حقوق الطفل وصدر لهذه الاتفاقية ملحقان عام 2000 الأول يخص القيود التي يجب أن تفرض على اشتراك الأطفال في الأعمال المسلحة، والثاني يخص قمع الممارسات التي تستهدف استغلال الأطفال في أعمال غير أخلاقية أو في أعمال اباحية والحقيقة ان اتفاقية حقوق الطفل صدقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أي 191 دولة.(62)

الفرع الثاني
الجرائم الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان
ساهم الترابط بين الجهود الساعية إلى تدويل المسؤولية الجزائية، وإيجاد نوع من الحماية لحقوق الإنسان على المستوى الدولي، وعدم إفلات المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان من العقاب إلى إيجاد جرائم ذات طابع دولي نظمت بموجب اتفاقيات دولية فقد ذكرت حقوق الإنسان في الميثاق أو الديباجة ثماني مرات والسعي إلى حماية حقوق الإنسان من مقاصد الأمم المتحدة، ومن ثم ظهرت جرائم دولية مرتبطة بهذا الموضوع نشير إلى أهمها وهي:

أولاً: اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري
أقرت هذه الاتفاقية من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 ودخلت حيز النفاذ سنة 1951 وكان سبب إيجاد هذه الاتفاقية سياسة الإبادة التي اتبعتها بعض الدول قبل الحرب العالمية الثانية وأثنائها وأكدت محكمة العدل الدولية المعنى المتقدم في الرأي الاستشاري الصادر عنها والمتعلق بالتحفظات الخاصة باتفاقية منع إبادة الجنس البشري إذ ذكرت (من الواضح ان الاتفاقية اعتمدت على غرض إنساني وحضاري بحت، بل لا يمكن تصور اتفاقية لها هذا الطابع المزدوج بدرجة أعلى من هذه الاتفاقية إذ ترمي من ناحية إلى ضمان الوجود ذاته لبعض الجماعات البشرية، ومن ناحية أخرى إلى تأكيد وتوثيق مبادئ الأخلاق الأولية. وليس للدول المتعاقدة في مثل هذه الاتفاقية مآرب خاصة، وإنما لها ولكل منها مصلحة مشتركة وهي الحفاظ على المقاصد العليا التي من أجلها خرجت هذه الاتفاقية إلى عالم الوجود).(63)
والحقيقة ان اتفاقية 1948 اقتبست أحكامها من مبادئ نورمبرغ المتعلقة بجريمة الإبادة إلا ان الاتفاقية المذكورة بموجب المادة (1) منها اعتبرت الإبادة جريمة بموجب القانون الدولي سواء ارتكبت وقت السلم أو بالجرائم المخلة بالسلم أو جريمة الحرب.(64)
وقد ذكرت هذه الاتفاقية شكل أو طائفة الأفعال التي تتكون منها جريمة الإبادة الجماعية بشرط توافر قصد جنائي خاص لدى المتهم يتمثل في نية التحطيم الكلي أو الجزئي لجماعة وطنية أو عرقية أو دينية.(65)
ويشمل مفهوم الإبادة الجماعية: أ- قتل أفراد الجماعة. ب- الاعتداء الخطير على السلامة الجسدية أو النفسية لأعضاء الجماعة. ج- إخضاع الجماعة عمداً إلى ظروف معيشية من شأنها أن تؤدي إلى هلاكها الجسدي (العقلي) كلياً أو جزئياً. د- عرقلة أو منع الولادات الجماعية (التعقيم القسري) أي فرض تدابير تستهدف منع الانجاب داخل الجماعة. هـ- نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى.(66)
أما نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية فهو نص كذلك على هذه الجريمة واورد الأشكال المذكورة في اتفاقية 1948 الخاصة بجريمة الإبادة الجماعية للجنس البشري في المادة السادسة منه.(67)

المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(11)

ثانياً: الجرائم ضد الإنسانية
عرفت الأشكال الخاصة بهذه الجريمة في ميثاق نورمبرغ، ونظام محكمة طوكيو، وأن كان هناك من يقول انه قد عرفت قبل هذا التاريخ وردوها إلى جروشيوس الذي فرق بين الحرب العادلة والحرب غير العادلة وبخصوصها ثبتت محكمتي نورمبرغ وطوكيو مبدئيين أساسيين هما:
1)عدم الاعتداد بالحصانة المقررة لأعضاء الحكومة فيما يتعلق بأعمال السيادة.
2) عدم جواز الدفع الذي يتقدم به الموظف العام ومضمونه انه كان ينفذ الأوامر الصادرة عن رئيسه الأعلى في حالة قيامه بتنفيذ أعمال غير مشروعة طبقاً للقانون الدولي العام.(68)
ونصت المادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 على الأشكال المكونة لهذه الجريمة إذا ما أرتكب أحد هذه الأشكال في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم.(69)
وبعد انتهاء الفترة الزمنية التي استغرقتها محاكمات نورمبرغ وطوكيو بقيت الملامح العامة للاتجاهات القانونية الدولية تدين الجرائم ضد الإنسانية دون ان نشهد تطبيقات عملية حتى صدر قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 808 بتاريخ 25/9/1991 القاضي بتشكيل محكمة جنائية لمحاكمة المسؤولين اليوغسلاف عن انتهاكات وجرائم مختلفة، والقرار رقم 955 الصادر بتاريخ 8/11/1994 حيث شهدت هذه المحاكم إضافة صور جرمية جديدة للجرائم ضد الإنسانية، كالاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والاستعباد الجنسي، والحمل القسري، والبغاء، وقد شهد نظام روما الأساسي تطوراً آخر فيما يتعلق بموقفه من الجرائم ضد الإنسانية حيث أخرجت هذه الجرائم تماماً من نطاق جرائم الحرب إذ كان يشترط لتحقيقها ارتكابها أثناء الحرب أو تكون مرتبطة بجريمة من الجرائم ضد السلام إلى صيغة وشكل جديد حيث لا يشترط ارتكابها أثناء الحرب.(70)
وتعد جريمة الفصل العنصري احدى الأشكال المكونة للجرائم ضد الإنسانية، والحقيقة ان الفصل العنصري يعد جريمة بموجب الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها المعتمدة عام 1973 والتي دخلت حيز النفاذ عام 1976.(71)

ثالثاً: جرائم الحرب
اهتمت الجمعية العامة لعصبة الأمم بهذه الجريمة وأصدرت قراراً عام 1937 وصفت فيه حرب الاعتداء بأنها جريمة دولية(72) وهي جريمة تنتهك حق الإنسان في الحياة ونص عليها نظام روما الأساسي كذلك في المادة (8) منه إذ أكدت الفقرة الأولى منها على (يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب، ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة سياسية عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم)، بينما تولت الفقرة (2) من المادة ذاتها إيراد الصور المكونة لها، ومن أبرزها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12/8/1949 والتي ترتكب ضد الأشخاص أو الممتلكات موضوع الحماية لأحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.
أخيراً نشير إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت عام 1968 اتفاقية دولية تقضي بعدم تقادم جرائم الحرب، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 11 تشرين الثاني 1970.(73)

رابعاً: جريمة العدوان
كانت الحروب تشن تحت مختلف الذرائع حتى بدأت وثائق دولية معينة تشير إلى عدم جواز اللجوء إلى الحرب لفحص المنازعات كاتفاقية لاهاي الثانية 1907 ومعاهدة فرساي (م227) وميثاق عصبة الأمم 1920 وبروتوكول جنيف 1924 واتفاق لوكارنو 1925 وميثاق بريان كيلوج 1928 ، والحقيقة ان أولى الخطوات الجادة التي بدأت لمحاسبة ومعاقبة مجرمي الحرب العدوانية قد نظمت بموجب وثائق دولية منها الاتفاق المتعلق بمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب الرئيسيين في جانب المحور، وهو ميثاق نورمبرغ الموقع في لندن بتاريخ 8 آب 1945 وميثاق طوكيو لسنة 1946، فضلاً عن قرارات الجمعية العامة المرقمة (65) لسنة 1946 و (2625) لسنة 1970 و (3314) لسنة 1974 وهذا الأخير صدر تحت عنوان تعريف العدوان.(74)
أخيراً من المفيد الإشارة إلى ان اتفاقيات دولية مختلفة، قد نصت على جرائم ذات طابع دولي تضمن بعض أشكالها نظام روما الأساسي منها جريمتا القرصنة، والاتجار بالرقيق.(75)

المبحث الثالث
الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان
لا تقتصر الحماية الدولية لحقوق الإنسان على الوثائق العالمية المشار إليها آنفاً إذ توجد وثائق إقليمية سعت طبقاً لها مجموعة من الدول إلى تكريس تنظيم دولي إقليمي لحقوق الإنسان مما يعني وجود نصوص وقواعد قانونية إقليمية تتناول هذا الجانب، وهي على وجه العموم تستهدف الاستجابة للثقافات التي تتميز بها هذه المجموعة الإقليمية عن طريق إضافة لمسات تميزها عن الوثائق العالمية.
ومن الجدير بالذكر ان هناك أساس قانوني لهذا التنظيم الإقليمي لحقوق الإنسان الذي قامت ولازالت تقوم به منظمات دولية إقليمية إذ تنص المادة (52) من الميثاق على (ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ الأمن والسلم الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً مادامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها)، كما دعت الجمعية العامة إلى انشاء أنظمة إقليمية لحقوق الإنسان تساعد على توفير الحماية لها، ومن أهم الوثائق الإقليمية أو مظاهر الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان يمكن الإشارة إلى:

المطلب الأول
الحماية الأوربية لحقوق الإنسان
أنشأت منظمة مجلس أوربا عام 1949 من قبل مجموعة من الدول الأوربية بهدف تحقيق وحدة هذه الدول بصورة أوثق والعمل على توفير حماية للمبادئ والقيم المشتركة، ودفع التقدم الاقتصادي والاجتماعي إلى الأمام، وهو ما يمكن أن يتحقق عن طريق تطوير مفاهيم حقوق الإنسان وحمايتها.(76)
وتم التوقيع على الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية نتيجة لجهود منظمة مجلس أوربا في مدينة روما بتاريخ 4 أيلول 1950 ودخلت حيز النفاذ يوم 3 أيلول 1953، وتحتوي الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان على ديباجة، وخمسة أبواب، موزعة على (66) مادة.
تؤكد الديباجة على (ان حكومات الدول الأوربية، التي تتماثل في التفكير، وذات ميراث مشترك من التقاليد السياسية، والمثل العليا، والحرية وسيادة القانون …… قررت ان تتخذ الخطوات الأولى للتنفيذ الجماعي لحقوق معينة مقررة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) واشتملت الاتفاقية على أهم الحقوق والحريات التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهي لم تتضمن قائمة متكاملة للحقوق لكن هذا النقص تم تفاديه بموجب مجموعة من البروتوكولات التي أُلحقت بالاتفاقية في مراحل لاحقة ابتداءا ًمن البروتوكول الأول لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنة 1952 وانتهاءاً بالبروتوكول رقم (12) للاتفاقية ذاتها لعام 2000.(77)
ومع ان الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان تركز بشكل أكبر على الحقوق المدنية والسياسية إلا ان هناك مجالاً كذلك للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذ تؤكد المواد (2-10) منها على ضرورة تمتع كل إنسان بالحقوق والحريات الشخصية كالحق في الحياة، والحق في محاكمة عادلة فضلاً عن حرية الفكر والعقيدة والدين، وحرية الرأي، وحرية الاجتماع، وحقوقاً أخرى كحظر التعذيب والعقوبات والمعاملات الوحشية أو الحاطة بالكرامة، وحظر الرق والعمل الجبري، والحق في الحرية والأمان، والحق في الحياة الخاصة والحياة العائلية وحرمة مسكن الشخص ومراسلاته، والحق في تكوين الجمعيات بما فيها الاشتراك في النقابات، والحق في الزواج وتأسيس أسرة وعدم التمييز، وقد أضافت البروتوكولات الإضافية عدداً من الحقوق الأخرى، كالحق في احترام الملكية، والحق في التعليم، والحق في انتخابات حرة، وحظر الحبس بسبب العجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي، وحرية الانتقال، وحظر ابعاد رعايا الدولة، وحظر الابعاد الجماعي للأجانب، وتحريم عقوبة الإعدام.
كذلك تضمنت الاتفاقية إنشاء جهازين لضمان احترام التعهدات هما اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، ويبدو واضحاً ان هذه الاتفاقية قد تولت الكشف عن حقوق موجودة سبق الاعتراف بها على مستوى القوانين الداخلية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان فضلاً عن ان واضعي هذه الاتفاقية قد فضلوا تخصيص وثيقة منفصلة للحقوق الاجتماعية هي الميثاق الاجتماعي الأوربي الموقع عام 1961 ودخل حيز النفاذ يوم 26 شباط عام 1965(78) ولا تقتصر الحقوق المثبتة في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان على الإنسان الأوربي وإنما هي مقررة لمصلحة كل البشر، وهو ما تشير إليه المادة الأولى من الاتفاقية كما ان لكل دولة طرف في الاتفاقية الحق بمطالبة الدول الأطراف الأخرى أو احداها باحترام الحقوق الواردة فيها سواء أكان ذلك لمصلحة مواطنيها أو غيرهم حتى وان كان لا يحمل جنسية أية دولة، وهذا يشمل الزائرين للدول الأطراف في المعاهدة في حالة انتهاك حقوقهم طبقاً لما تقرره المعاهدة والاتفاقية تسمح للدول الأعضاء باتخاذ تدابير مخالفة للالتزامات التي تطبقها داخل اقليمها في حالة الطوارئ وحالة الحرب أو أي ظرف آخر يهدد حياة الأمة بالخطر كما سمحت المادة (11) منها بالحد من حرية التجمع والاجتماع، وعندما اعتبرت ممارسة هذه الحرية مضرة بالنظام العام واجازت المادة (15) لكل دولة طرف في الاتفاقية باتخاذ تدابير مخالفة للميثاق الأوربي في حالات الحرب أو الأخطار الأخرى المهددة لحياة الأمة مع عدم المساس بالحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في عدم الاسترقاق والعبودية، والحق في محاكمة عادلة.
ان النظام القانوني الأوربي يشتمل في حقيقة الأمر على عدة وثائق أو اتفاقيات أولها الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 التي أُلحق بها حتى عام 2000 اثنا عشر بروتوكولاً، والاتفاقية الأوربية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة غير الإنسانية أو المهينة لعام 1989 التي أُلحق بها بروتوكولان عام 1993 والاتفاقية الأوربية بشأن ممارسة حقوق الأطفال 1996 والاتفاق الأوربي المتعلق بالأشخاص المشاركين في إجراءات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1996 والمعاهدة المنشئة للمجتمع الأوربي (المعدلة) 1997 والميثاق الاجتماعي الأوربي (المعدل) 1996 وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي لسنة 2000.(79)

المطلب الثاني
النظام القانوني الأمريكي لحماية حقوق الإنسان
يتضمن النظام القانوني الإقليمي في القارة الأمريكية المتعلق بحماية حقوق الإنسان مجموعة من النصوص القانونية المعبر عنها بصفة إعلانات واتفاقيات دولية كالإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان لعام 1948 والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1969 والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 والبروتوكول الخاص بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لالغاء عقوبة الإعدام لعام 1990 والاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب والعقاب عليه لعام 1987 والاتفاقية الأمريكية بشأن منع واستئصال العنف ضد النساء والعقاب عليه عام 1994 والاتفاقية الأمريكية بشأن الاختفاء القسري للأشخاص الصادرة عام 1996 والاتفاقية الأمريكية بشأن إزالة كافة أشكال التمييز ضد الأشخاص المعاقين 1999 والإعلان الأمريكي المقترح بشأن حقوق السكان الأصليين 1997 والنظام الأساسي للمحكمة الأمريكية لحقوق الإنسان 1980 والنظام الأساسي للجنة الأمريكية لحقوق الإنسان 1993.(80)

والحقيقة ان ميثاق الدول الأمريكية المعروف باسم ميثاق بوغوتا لعام 1948 قد تضمن عدة نصوص بشأن حقوق الإنسان إذ ان مقدمته توضح ان المهمة التاريخية التي قدرت لأمريكا تتمثل في تقديمها للإنسان أرضاً للحرية ومكاناً مناسباً لتطوير شخصيته ولتحقيق آماله المشروعة، وهي تؤكد كذلك على ان التضامن الحقيقي بين دول أمريكا وحق الجوار لا يمكن ان يتحقق دون إقرار نظام من الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية اللتان تقومان على احترام الحقوق الأساسية للإنسان في إطار من المؤسسات الديمقراطية في القارة كما يؤكد الميثاق على ان العدل والأمن الاجتماعي هما أساس السلام الدائم، وهذا الميثاق يفرض على الدول احترام حقوق الإنسان دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو الدين أو الجنسية كما ورد في المادة (5) والمادة (13) منه وتشير المادة (16) إلى حق كل دولة في تطوير حياتها الثقافية بحرية مع احترام حقوق الإنسان ومبادئ الأخلاق العالمية، كما يشتمل الميثاق على نصوص تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المواد 28-31) إلا انه يتعامل معها باعتبارها مجرد توجيهات موجهة إلى الدول التي يجب عليها ان تعترف بها وتشجع احترامها فقط.
ويربط الإعلان بين الحقوق والواجبات إذ ان قيام كل شخص بواجباته هو شرط مسبق لحق الجميع فضلاً عن ان حق كل إنسان مقيد بحقوق الآخرين وبأمن المجموع ومقتضيات العدالة والرفاهية العامة.(81)
أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان فقد أبرمت عام 1969 ولم تدخل حيز التنفيذ إلا في 18 تموز 1978 بإتمام إيداع عشر دول لوثائق التصديق وقد صيغت في الكثير من أحكامها على نمط الإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان لعام 1966 وتتضمن الاتفاقية الأمريكية أثنين وثمانين مادة أقرت ما يزيد على أربع وعشرين حقاً من حقوق الإنسان المستمدة من الوثائق المذكورة آنفاً كما ان هناك اعتراف بعدد من الحقوق غير المذكورة في الاتفاقية الأوربية والبروتوكولات الملحقة بها، كالحق في عدم الخضوع للرقابة المسبقة على حرية الفكر والتعبير والاعتراف بجميع الأطفال بمن فيهم الذين يولدون خارج نطاق الرابطة الزوجية، وبحق كل فرد في جنسية وحقه في جنسية الدولة التي يولد فيها إذ لم يكن له الحق في التمتع بجنسية أخرى والحق في اللجوء مع عدم السماح بابعاد الأجنبي إلى بلد آخر إذا كان حقه في الحياة قد يتعرض للخطر بسبب جنسه أو جنسيته أو دينه أو وضعه الاجتماعي أو آرائه السياسية،(82) فضلاً عن حظر الرق والحق في احترام الخصوصية وحرية الاعتقاد والديانة(83) والحق في اسم (م18) وحق الشخص الذي يدان بموجب حكم نهائي أو بات مبني على خطأ قضائي في التعويض، وفي المقابل يلاحظ ان الاتفاقية لا تشير إلى الحق في تقرير المصير وحقوق الأقليات.
وتشير الاتفاقية إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلزم الدول باتخاذ الخطوات التي تحقق هذه الحقوق وتضعها موضع التنفيذ بصورة تدريجية، ويلاحظ عدم تحديد الاتفاقية لهذه الحقوق لكنها تحيل بهذا الخصوص إلى ميثاق منظمة الدول الأمريكية المعدل بموجب بروتوكول بوينس آيرس (م 26).(84)

المطلب الثالث
حقوق الإنسان في المواثيق الأفريقية
يتضمن النظام القانوني الأفريقي لحقوق الإنسان على المستوى الإقليمي مجموعة من الوثائق هي الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب 1981 والبروتوكول الخاص بالميثاق الأفريقي لإنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب 1997 وقواعد الإجراءات الخاصة باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب 1995 والميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل 1990 والاتفاقية التي تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللاجئين في أفريقيا 1974 ووثيقة أديس أبابا بشأن اللاجئين والتشريد القسري للسكان في أفريقيا 1994 وإعلان كمبالا بشأن الحرية الفكرية والمسؤولية الاجتماعية1990.(85)
والحقيقة ان أفريقيا التي ورثت أنظمة حكم شبيهة بالأنظمة البرلمانية السائدة في الدول المستعمرة والتي تبنت في دساتيرها أي الدول الأفريقية المستقلة حديثاً نصوص الحقوق التي جاءت بها دساتير الدول المستعمرة إلا ان هذا التوجه لم يكتب له البقاء بسبب فشله فلا النظام البرلماني ولا الدساتير التي وضعت بعد الاستقلال كانت تعبر عن حقيقة الواقع الأفريقي، فضلاً عن تبريرات أخرى أدت إلى ان تقوم في الدول الأفريقية أنظمة حكم تسيطر عليها أجهزة تنفيذية قوية أو يسيطر عليها عسكريون أو ديكتاتوريون مما ساهم في تهميش مواثيق الحقوق الوطنية، وهو ما أدى بدوره إلى ان تبرز الحاجة إلى نوع من التنظيم الإقليمي لحقوق الإنسان على مستوى القارة الأفريقية، وجاءت أول إشارة إلى هذا الموضوع في قانون لاغوس الصادر عن المؤتمر الذي دعت إليه اللجنة الدولية للفقهاء في لاغوس عاصمة نيجيريا عام 1961 إذ دعا فيه المؤتمرون الدول الأفريقية إلى دراسة فكرة وضع ميثاق أفريقي لحقوق الإنسان بهدف توفير ضمانات إضافية تحقق الحماية على المستوى العملي وقدر لهذه الفكرة ان تكون محل نقاش في مؤتمرات أفريقية عدة حتى عرض الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان على مؤتمر القمة الأفريقي في نيروبي عام 1981 وتمت الموافقة عليه ودخل حيز النفاذ عام 1986.(86)
يتألف هذا الميثاق من ديباجة وثمان وستين مادة حيث أكدت الديباجة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الميثاق على ان الدول الأعضاء مقتنعة بضرورة كفالة الاهتمام الخاص بالحق في التنمية، وعدم فصل الحقوق المدنية والسياسية عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وان الوفاء بالحقوق الثانية هو الذي يكفل التمتع بالحقوق الأولى، كما أكدت الديباجة على عزم الدول الأفريقية على إزالة كل اشكال الاستعمار، وعن وعيها للفضائل التي تتمتع بها التقاليد ذات الطابع التاريخي وقيم الحضارة في أفريقيا التي يجب ان تنبع منها وتتسم بها أفكارها حول مفهوم حقوق الإنسان والشعوب، وهذا يبرر الطابع المميز والخاص لحقوق الإنسان وأولوية بعضها على بعضها طبقاً لمفهوم أفريقي ينبع من مشاكل وحاجات القارة السوداء.
كما يربط الميثاق بين حقوق الإنسان وحقوق الشعوب بطريقة تؤكد التكامل وتكفل الترابط فيما بينها ويتم التأكيد في الديباجة كذلك على الربط بين حقوق الأفراد وواجباتهم باعتبار ان التمتع بالحقوق والحريات مسألة تتطلب ان ينهض كل شخص بواجباته وذكرت الفقرة (7) من الديباجة على ضرورة اعطاء أهمية خاصة للحق في التنمية فضلاً عن تأكيد الفقرة (8) من الديباجة على التزام الدول الأفريقية بمساعدة التحرر الأفريقي، والقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري القائم بسبب العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، أما الفقرتين الأخيرتين من الديباجة فتؤكدان تمسكها بحريات وحقوق الإنسان والشعوب كما جاءت في وثائق دولية متعددة.
أشار الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان إلى ضرورة التمتع بمجموعة من الحقوق السياسية والمدنية كعدم التمييز بين الأشخاص في تمتعهم بالحقوق والحريات المكفولة في الميثاق لأي سبب كان وهذه مضمونة لكل شخص يقيم في بلد طرف في هذا الميثاق، إلا ان الميثاق فرق بين المواطنين وغيرهم بخصوص ممارسة بعض الحقوق كالحق في تكوين جمعيات، والحق في المشاركة في إدارة شؤون البلاد وتولي المناصب العامة ، أما فيما عدا ذلك فلكل فرد الحق في المساواة أمام القانون في الحماية المتساوية أمام القانون وعدم انتهاك حرمته واحترام حياته وسلامة شخصه من الناحية البدنية والمعنوية واحترام كرامته وعدم تعرضه للاهانة أو الاستعباد، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في اللجوء إلى القضاء، والحق في حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، والحق في التعبير والحصول على المعلومات والاجتماع بحرية مع الآخرين، والحق في التنقل، والحق في الحصول على ملجأ، وكفلت المادة (14) الحق في الملكية التي لا يجوز المساس بها إلا لضرورة أو مصلحة عامة طبقاً لأحكام القوانين المعمول بها.

يتبع >









قديم 2008-11-07, 10:39   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ويلاحظ هنا ان بعض الحقوق كالحق في الحصول على المعلومات المنصوص عليه في المادة (9) جاء دون قيد على ممارسته في حين ان التعبير عن الأفكار ونشرها هو حق مسموح به في إطار القوانين واللوائح كما ان الميثاق الأفريقي يخلو من نصوص تجيز تعطيل ضمان بعض الحقوق لأسباب طارئة على الرغم من العمل بهذه الفكرة أو الاقرار بها لظروف استثنائية في الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية السياسية.(87)
أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد أشار الميثاق الأفريقي إلى جانب منها كالحق في العمل، والحق في التمتع بحالة صحية جيدة، والحق في التعليم وفي الاشتراك بحرية في الحياة الثقافية للمجتمع، وحق الأسرة في الحماية، وحق كل امرأة في عدم التمييز، فضلاً عن حقوق الأطفال وكبار السن والمعوقين.
المواد (19-24) تطرقت لحقوق الشعوب التي تكلم عنها الميثاق الأفريقي، وهذا أمر يتميز به هذا الميثاق عن غيره وهذه الفئة من الحقوق تعرف كذلك بحقوق التضامن أو حقوق الجيل الثالث كحق الشعوب في الوجود وفي تقرير مصيرها وفي التصرف بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية وفي تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وفي السلام وفي بيئة مرضية وشاملة لتنميتها، وبهذا الصدد يثور السؤال الآتي وهو كيف يمكن ان نحدد المقصود بكلمة شعب؟ فهل تقتصر الكلمة على تلك الدولة ذات السيادة على أراضيها أم هي تشمل المجموعات العرقية الكبيرة التي لا تقبل بوضعها السياسي القائم؟
يؤكد أحد الكتاب في معرض أجابته عن هذا السؤال ان الميثاق الأفريقي يتخذ موقفاً وسطاً إذ انه يتحدث عن حق الشعوب المستعمرة المقهورة في تحرير نفسها، ويتحدث في المادة (23) عن ان العلاقات بين الدول تحكمها مبادئ التضامن والعلاقات الودية التي أكدها ميثاق الأمم المتحدة وأكدها مجدداً ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، وهذه إشارة إلى احترام دول القارة الأفريقية للحدود السياسية القائمة، وان تقرير المصير لا يسري على المجموعات المختلفة التي تسعى إلى الانفصال.(88)

المطلب الرابع
حماية حقوق الإنسان في القارة الآسيوية
ان تطور التنظيم القانوني الاقليمي لفكرة حقوق الإنسان في أوربا وأمريكا خاصة في أقسامها الشمالية لا يعني ان كل أجزاء العالم تتمتع بنفس القدر من الحماية فيما يخص حقوق الإنسان فيها، ومع وجود بدايات تنظيم دولي للحقوق والحريات في القارة الأفريقية فان القارة الآسيوية تعد من أكثر قارات العالم افتقاداً لمثل هذا التنظيم وربما كان ذلك بسبب سعة القارة الآسيوية جغرافياً وكثافة عدد السكان فيها مما قاد إلى اختلاف الثقافات والنظم القانونية بين بلدانها الكثيرة حيث هناك شعوب وأجناس ولغات وقوميات وأديان وعادات وتقاليد وأعراق متباينة إلى حدٍ كبير، كما يوجد رفض نسبي للعمل على تطوير أفكار حول حقوق الإنسان بين حكومات الدول الآسيوية، ومع ذلك فقد اتخذت خطوات محدودة باتجاه تكوين لجنة فرعية تغطي منطقة جنوب الباسفيك عندما عقد اجتماع في هاواي عام 1985 نظم من جانب لجنة Law Asia لحقوق الإنسان، فضلاً عن وجود محاولات باتجاه عقد معاهدة تشمل منطقة جنوب الباسفيك.
كما توجد منظمات وطنية تعمل في مجال حماية حقوق الإنسان في القارة الآسيوية، وهي تركز عملها على مجموعات محددة من المواضيع كتلك المتعلقة بصائدي الأسماك والفلاحين وعمال الريف والسكان الاصليين منها منظمة Law Asia والاتحاد الآسيوي لحقوق الإنسان، والمجلس الإقليمي لحقوق الإنسان في آسيا، ولجنة حقوق الإنسان الآٍسيوية ومنظمة Asiawatch.
ويذهب جانب من الفقه القانوني في آسيا إلى القول ان فكرة حقوق الإنسان لا تعد اكتشافاً غربياً فهي ترجع في جذورها إلى تاريخ وجود الجنس البشري فكل المجتمعات لديها أفكار حول حقوق الإنسان، وان كل الفلسفات البشرية مع تنوعها عمقت فكرة الإيمان بحقوق الإنسان لكن الاختلاف بين هذه الفلسفات أو الأفكار قاد إلى تنوع التفسير المقدم للحقوق الأساسية.(89)

المطلب الخامس
الحماية العربية لحقوق الإنسان على المستوى الإقليمي
لم يتضمن ميثاق جامعة الدول العربية التي تأسست عام 1945 إشارة إلى حقوق الإنسان وحرياته الأساسية واستمر الموقف هكذا حتى وافقت جامعة الدول العربية على إنشاء لجنة سميت (باللجنة الإقليمية العربية الدائمة لحقوق الإنسان) وهي في حقيقتها لجنة مداولة تركز في عملها على حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة ولم تهتم بموضوع حقوق الإنسان في البلدان العربية كما ان هذه اللجنة هي هيئة سياسية تتكون من ممثلي الدول الأعضاء في الجامعة.(90)
وفي عام 1977 وافق مجلس جامعة الدول العربية على مشروع إعلان سمي بإعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية ويتكون الإعلان من مقدمة و (31) مادة تكلمت عن مجموعة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

والحقيقة ان جامعة الدول العربية هي المنظمة الاقليمية الوحيدة التي تأخرت في الوصول إلى إقرار صيغة لحماية حقوق الإنسان حتى عام 1997 عندما صدر الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمده مجلس الجامعة بموجب قراره المرقم 5427 عام 1997 وهو يقع في ديباجة وأربع أقسام إذ تشير الديباجة إلى إيمان الأمة العربية بكرامة الإنسان من خلال تاريخها الطويل وتأكيداً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحكام العهدين الدوليين وإعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام فقد تم إقرار هذا الميثاق.
وتشير المادة (1) من الميثاق إلى حق الشعوب في تقرير المصير والسيطرة على ثرواتها ومواردها الطبيعية، فضلاً عن حقها في ان تقرر نمط كيانها السياسي وان تواصل بحرية تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتؤكد الفقرة (2) على رفض العنصرية والصهيونية والاحتلال ويفرض الميثاق التزاماً على الدول الأطراف فيه ان تكفل لكل إنسان موجود على أراضيها وخاضع لسلطتها حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة فيه دون تمييز (م 2).
ولا يجيز الميثاق العربي فرض قيود على الحقوق والحريات المكفولة بموجبه إلا ما ينص عليه القانون ويعتبر ضرورياً لحماية الأمن والاقتصاد الوطنيين أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاخلاق أو حقوق وحريات الآخرين، ويجوز للدول الأطراف في أوقات الطوارئ ان تتخذ الإجراءات التي تقيد فيها من هذه الحقوق مع مراعاة التناسب على ان لا تمس في كل الأحوال الضمانات والحقوق الخاصة بحظر التعذيب والإهانة والعودة إلى الوطن واللجوء السياسي وشرعية الجرائم والعقوبات والمحاكمة (م 4)، ثم تتولى بقية المواد الواردة في الميثاق ذكر مجموعة من الحقوق المختلفة منها ما أكدت عليه المادة (10) ومضمونها (لا تكون عقوبة الإعدام إلا في الجنايات البالغة الخطورة ولكل محكوم عليه بالإعدام الحق في طلب العفو أو تخفيض العقوبة)، والمادة (11) التي نصت على (لا يجوز في جميع الأحوال الحكم بعقوبة الإعدام في جريمة سياسية).

أما المادة (19) فهي تشير إلى ان (الشعب مصدر السلطات والأهلية السياسية حق لكل مواطن رشيد يمارسه طبقاً للقانون).(91)
بينما تشير (35) إلى ان (للمواطن الحق في الحياة في مناخ فكري وثقافي يعتز بالقومية العربية، ويقدس حق الإنسان ويرفض العنصرية والدينية وغير ذلك من أنواع التفرقة ويدعم التعاون وقضية السلام العالمي).
وتنص المادة (37) على (لا يجوز حرمان الاقليات من حقها في التمتع بثقافتها أو اتباع تعاليم دياناتها).(92)
وإذا أردنا تقييم واقع حقوق الإنسان في البلدان العربية فان الحقيقة تفرض علينا ان نقول انه واقع مرير على المستوى العملي، أما على المستوى القانوني الداخلي فهو وان كان لم يبلغ ما بلغته الدول الأوربية في هذا المجال إلا ان الأسس القانونية والفكرية لاحترام هذه الحقوق موجودة لكنها تصطدم بواقع غياب الديمقراطية وسيطرة الحزب الواحد أو الأنظمة الشمولية على معظم البلدان العربية مما يفرغ النصوص الدستورية المنظمة لحقوق الإنسان من أية قيمة فعلية.

هوامش الفصل السادس
1. أحمد الرشيدي، بعض الاتجاهات الحديثة في دراسة القانون الدولي العام، المجلة المصرية للقانون الدولي، 1999، ص65.
2. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص1.
3. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص66.
4. المصدر نفسه، ص67.
5. المصدر نفسه، ص68، الهامش رقم 28.
إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص2.
6. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص69-70
7. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص46.
8. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص72-73.
9. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص4.
10. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص75.
11. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص48.
12. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص73.
13. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص4.
14. أنظر بحث محمد السعيد الدقاق الموسوم حقوق الإنسان في نطاق الأمم المتحدة المنشور في، محمد شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، حقوق الإنسان الإنسان /3، المصدر السابق، ص58-59.
15. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص79-80.
16. أنظر بحث محمد السعيد الدقاق الموسوم حقوق الإنسان في نطاق الأمم المتحدة، المصدر السابق، ص60.
17. المصدر نفسه، ص61-62.
18. المصدر نفسه، ص62-63.
19. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص89.
20. ضاري خليل محمود، باسيل يوسف، المحكمة الجنائية الدولية، هيمنة القانون أم قانون الهيمنة، الطبعة الأولى، بيت الحكمة، بغداد، 2003، ص43-45.
21. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص95.
22. سنتطرق لهذه المسألة بصورة مفصلة عند الحديث عن ضمانات حقوق الإنسان على المستوى الدولي.
23. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص28، والهامش رقم 1.
24. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص63.
25. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص76.
26. أنظر بحث محمد السعيد الدقاق، المصدر السابق، ص75-76.
27. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص83.
28. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص85.
29. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص64.
30. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص65.
31. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص84.
يقول الدكتور محمد السعيد الدقاق (لقد اختلفت آراء الفقهاء والمعلقين عند صدور هذين المشروعين، وتراوحت تعليقاتهم بين الإغراق في التفاؤل كما فعل أوثانت الأمين العام للأمم المتحدة عندئذٍ والذي وصف هذا العمل بأنه مرحلة جديدة وحاسمة في مجال حقوق الإنسان، بينما أغرق البعض الآخر في التشاؤم إلى حد القول: لقد تمخض الجبل فولد فأراً)
أنظر بحث محمد السعيد الدقاق الموسوم التشريع الدولي في مجال حقوق الإنسان المنشور في محمد شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، دراسات حول الوثائق العالمية والاقليمية، الطبعة الأولى، بيروت، 1989، ص78.
32. المصدر نفسه، ص79.
33. المصدر نفسه، ص79-80.
34. أنظر نص البروتوكول الثاني منشوراً في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص101-103.
35. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص97، الهامش رقم 40.
36. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص9-10.
37. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص97-98، الهامش رقم 40.
38. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص10-11.
أنظر نصوص الاتفاقية في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص385-396.
39. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص197-198.
40. عبد العزيز محمد سرحان، ص229، هامش رقم 164.
أنظر نصوص هذه الاتفاقية منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص433-435.
41. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص206.
42. المصدر نفسه، ص99.
أنظر نصوص هذه الاتفاقية منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص440-451.
43. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص206-207.
44. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص14.
45. أنظر نصوص هذا الإعلان منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص459-463.
46. أنظر نصوص هذا البروتوكول منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص452-458.
47. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص14-16.
48. المصدر نفسه، ص16.
49. أنظر بخصوص الالتزامات التي تقع على اللاجئ، محي الدين محمد قاسم، التزامات اللاجئ، دراسة في التشريعات الدولية والاقليمية، المجلة المصرية للقانون الدولي، 1998، ص152-191.
50. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص14.
51. أنظر اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، منشور صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين/ قسم شؤون الإعلام، ص6.
من جانب آخر تذكر إيريكا- إيرين ان مصطلح اللاجئ ينطبق (على كل شخص اعتبر لاجئاً تطبيقاً لنصوص 12 ايار 1926 و 30 حزيران 1928، أو تطبيقاً لاتفاقيات 28 تشرين الأول 1953 و 10 شباط 1938 وبروتوكول 14 أيلول 1939، وكذلك دستور المنظمة الدولية للاجئين، وينطبق المصطلح أيضاً على كل شخص تواجد خارج البلد الذي يحمل جنسيته عقب أحداث سابقة للأول من كانون الثاني 1951 وأحس لأسباب قوية بالخوف من ان يضطهد بسبب جنسه أو ديانته، أو جنسيته أو انتمائه لفئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، ولم يستطع أو لم يشأ بدافع الخوف نفسه الاستناد إلى حماية هذا البلد، أو كل شخص لا يحمل أية جنسية وتواجد خارج البلد الذي به مقر إقامته المعتادة على أثر أحداث مماثلة، ولم يستطع أو، لم يشأ بدافع ذلك الخوف العودة إلى هذا البلد)، إيريكا- إيرين، المصدر السابق، ص14.
52. اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، منشور، المصدر السابق، ص6-15
53. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص219.
54. أنظر بخصوص الحماية الدولية للاجئين، فيصل شطناوي، المصدر السابق، ص233-262.
55. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص45-46، والهامش رقم 1.
56. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص129.
57. المصدر نفسه، ص130 .
58. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص47.
59. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص117.
60. أنظر نصوص الإعلانات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الطفل منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص863-909.
61. أنظر نصوص هاتين الاتفاقيتين منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص236-258.
62. إيريكا- إيرين أ. دايس، المصدر السابق، ص9.
63. باسيل يوسف، ضاري خليل، المصدر السابق، ص21.
أنظر كذلك في التعاون الدولي لمنع الجرائم المرتكبة ضد السلم وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والمعاقبة عليها، عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص245-251.
64. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص96 والهامش رقم 40.
65. باسيل يوسف، ضاري خليل، المصدر السابق، ص79.
66. المصدر نفسه، ص78-82.
أنظر كذلك مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية، روما، 15 حزيران – 17 تموز 1998، الوثائق الرسمية، المجلد الأول، الوثائق الختامية، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والوثيقة الختامية لمؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية، الأمم المتحدة، ص5.
67. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص40.
68. باسيل يوسف، ضاري خليل، المصدر السابق، ص83-84.
69. المصدر نفسه، ص90-92.
70. أنظر نصوص هذه المعاهدة منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص297-302.
71. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص89 هامش رقم 40.
72. أنظر نصوص هذه الاتفاقية منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص1020-1023.
73. باسيل يوسف، ضاري خليل، المصدر السابق، ص104-105.
74. عبد العزيز محمد سرحان، المصدر السابق، ص91، هامش رقم 40.
75. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص74.
76. إبراهيم العناني، دراسة حول الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان، بحث منشور في محمد شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، المصدر السابق، ص362-363.
77. أنظر النصوص الكاملة لهذه المواثيق منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص49-185.
78. المصدر نفسه،ـ ص185-346.
79. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص78-79.
عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص156-157.
80. المصدر نفسه، ص158، الهامش رقم 1.
81. محمد يوسف علوان، المصدر السابق، ص80-81.
أنظر كذلك بحث لوليا كوكوت، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في القارة الأمريكية، النظام الأمريكي الدولي لحماية حقوق الإنسان، منشوراً في محمد شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، حقوق الإنسان/ المجلد الثاني، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، الطبعة الأولى، بيروت، 1989، ص381.
82. أنظر نصوص هذه المواثيق منشورة في محمد شريف بسيوني، المصدر السابق، ص375.
83. أنظر بحث علي سلمان فضل الله، ماهية الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، منشوراً في محمد شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، حقوق الإنسان، المجلد الثاني، المصدر السابق، ص388.
84. المصدر نفسه، ص389.
85. أنظر بحث السيد اليماني المنشور في المصدر نفسه، ص402-408.
86. عبد الكريم علوان، المصدر السابق، ص167.
87. هناك دول عربية تؤكد دساتيرها مضموناً مغايراً فهي دساتير ممنوحة أو قامت بطريق التعاقد كدستور البحرين وسلطنة عمان وقطر والكويت، بينما تشير المادة 35 إلى ان (للمواطنين الحق في الحياة في مناخ فكري وثقافي يعتز بالقومية العربية، ويقدس حق الإنسان ويرفض العنصرية والدينية وغير ذلك من أنواع التفرقة ويدعم التعاون الدولي وقضية السلام العالمي).
وتنص المادة 37 على (لا يجوز حرمان القليات من حقها في التمتع بثقافتها أو اتباع تعاليم دياناتها)، أنظر بخصوص هذا الميثاق محمد شريف بسيوني، الوثائق الدولية، المصدر السابق، ص508-514.










قديم 2009-08-04, 14:35   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
شوشو21
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ممكن كتب في علم النفس للتحميل؟










قديم 2009-09-07, 12:49   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
ملاك عدار
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ملاك عدار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم وجزاكم ألف خير










قديم 2010-11-24, 16:14   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
عبد القادر
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد القادر
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااا










قديم 2010-12-06, 18:16   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
imidz
عضو جديد
 
الصورة الرمزية imidz
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم وجزاكم ألف خير










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc