جاء في كتاب "أوراق الموساد المفقودة" [1]؛ ان اليهود هم الذين أرسلوا القذافي إلى بريطانيا، وانهم هم الذين كانوا وراء انقلابه، يقول الكتاب الذي يُظهر اليهود - كعادتهم في تمجيد الذات - أنهم الأقدر على التخطيط، والأفهم لكيفية تجنيد العملاء: (كانت خطتنا في البداية تقتضي إجراء الترتيبات اللازمة للقذافي بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يوجد لدينا ترتيبات واتصالات من الدرجة الأولى في برامج الجيش الأمريكي، غير أننا اضطررنا إلى الغاء تلك الخطة بعد أن اكتشفنا بأن المخابرات الأمريكية تلجأ إلى اأساليب ينقصها الكثير من البراعة في سبيل استقطاب وتجنيد هؤلاء الطلبة الأجانب من جانبها، لذا قررنا تغيير وجهة التدريب صوب إنجلترا) [2].
ويواصل الكتاب بيان ما تم إعداده من برامج من أجل تجنيد القذافي، وكيف خيروه بين أن؛ "يقود بلاده وربما العالم العربي بأجمعه، أو أن يعود إلى وحدته العسكرية في "بنغازي"، وربما يبقى ضابطاً برتبة لا تزيد على ملازم أول أو نقيب تابع لسلاح المخابرة" [3].
ثم يأتي الكتاب على ذكر المساعدة التي قدمها اليهود للقذافي من أجل انجاح انقلابه المشؤوم، فيقول: (لقد أحطنا القذافي علماً كذلك بما ينبغي عليه أن يتوقعه من جانبنا، وبالمقابل ما نريده نحن منه، وكيف أنه في الوقت المناسب سوف يُزود من قبلنا ببرنامج ومخطط لكيفية سيطرته على زمام الحكم في البلاد، وكيف أن هذا المخطط يحتوي على أسماء لأشخاص يمكنه الوثوق بهم، وأن يعتمد عليهم، وكذلك فقد قدمنا له النصائح والتوجيهات بشأن التوقيت الذي ينبغي أن بتحرك فيه، وأهداف التحرك، ومصادر التمويل، وحتى التأييد المادي إذا ومتى احتاجه) [4].
وبعد سبعة أشهر من الانقلاب المشؤوم؛ قام القذافي بعملية إجلاء القواعد الصليبية البريطانية والأمريكية عن أرض ليبيا وبدون أي شرط او قيد كما ادعى وزعم!!
وكانت بريطانيا تمتلك في مدينة "طبرق"؛ قاعدة "العدم" بالإضافة إلى قواتها في عدة أماكن من البلاد، وكانت قاعدة "العدم" تتمتع بأهمية خاصة، لأنها كانت تستخدم لنقل العدة والعتاد والقوات إلى الشرقين - الأقصى والأوسط - والخليج العربي وأفريقيا.
أما أمريكا؛ فكانت تمتلك قاعدة "هويلس" والتي اجرّها النظام الملكي للأمريكان بمبلغ زهيد، وتعتبر قاعدة "هويلس" أضخم قاعدة أمريكية في القارة الأفريقية [5].
وهذه القواعد والقوات التي كانت موجودة على أرض ليبيا هي التي أرعبها القذافي بقواته المكونة في بداية قيامه بالثورة من مسدس جمع له 150 طلقة خلال سنة - كما حكى هو بنفسه قصة وقائع قيام الثورة - فخرجت هاربة من وجهه وبأسرع وقت دون قيد أو شرط!!
ولأننا لسنا بهذه البلاهة والسذاجة حتى تنطلي علينا مثل هذه السخافات والترهات حول قصة الانقلاب والجلاء، فإننا نجزم أن الأمر كان مدبراً ومخططاً له من قبل أسياد القذافي، ليُكمل القذافي دور الرئيس القومي الوحدوي الأممي، أمين القومية العربية - كما يحلو له أن يلقب نفسه - كغطاء للزندقة والخيانة العظمى لأمة الإسلام والمسلمين، ولبث النزاعات والخلافات في العالم العربي والإسلامي.
جاء في كتاب "أوراق الموساد المفقودة": (كانت مساعدتنا للقذافي بمثابة مقامرة كبرى، ولكنها كانت ذات فائدة عظيمة لنا، لقد كان من بين أهم ما جنيناه من وراء وقفتنا خلفه هذه الصراعات والنزاعات التي نجح القذافي في خلقها، والعداوات التي أشعلها بين الدول العربية المختلفة) [6]. والواقع يشهد بصدق كل كلمة من هذه الكلمات، فلم يترك بلداً عربياً إلا واختلف معه، وناصبه العداء، وفي لحظة تجده يُعيد العلاقة معه دون أية بوادر تشير إلى ذلك في الأفق [7]!!
عقدة النسب المشبوه:
إن الأصول اليهودية للقذافي [8] هي التي تفسر المقدار الهائل من الحقد الذي يحمله القذافي تجاه الشعب الليبي المسلم، والذي أظهره بالفعل في أقواله وأعماله، فلا يمكن لإنسان تربى بين أحضان هذا الشعب المسلم وترعرع على أرض المسلمين وأكل من خيراتها أن يتنكر لهذا كله، ويقلب لشعبها ظهر المجن ويسومهم سوء العذاب ويريهم الويلات ويجرعهم الغصص والنكبات، ويقذف بشبابها في أتون الحروب الجاهلية الخاسرة ويستنزف موارد البلاد الاقتصادية في مشاريعه الشيطانية ويعمل كل ما يعود بالخراب على البلاد وأهلها، لا يمكن أن يصدر هذا الأمر إلا من إنسان عنده من الوضاعة والدنائة والخسة وخبث الطوية القدر الكافي لإنجاز كل هذه الأعمال، ولا يمكن أن تتوفر كل هذه الصفات إلا في شخص تطارده عقدة النسب المشبوه ويخشى افتضاح الأمر، وهذا الشخص هو؛ معمر محمد أبو منيار القذافي ابن اليهودية "ميمونة" أو "زعفرانة بنت رحمين" أو " حالو راشيل السرتاوية" [9]، ولأنه يعلم جيداً أنه ابن سفاح، أراد بذلك أن يُعرَّض بشرف كل المسلمين والمسلمات في ليبيا باتخاذه من الفتيات الليبيات حرساً خاصاً به مع أنه لا يعتمد عليهن في حراسته، ولكنه أراد أن ينتقم لأمر يتعلق بشرفه العائلي!!
وهو يحب أن تشيع الفاحشة في كل الليبيات، وهذا ما يفسر نشره للعري والفساد وتقييده لحريات ما يعرف بـ "شرطة الآداب"، وسحب صلاحياتها في مكافحة الانحلال وتفسخ الأخلاق.
القذافي وكراهية الإسلام:
إن المتأمل في طريقة القذافي في حربه للأمة وللمسلمين يدرك أمرين مهمين:
الأمر الأول: أنه يسير وفق مخطط مرسوم له بعناية فائقة، فهو منذ وصوله إلى الحكم - 1969م - بتلك المسرحية التي لا تنطلي على أحد، أظهر نفسه كرجل ملتزم بالإسلام، يسعى إلى تطبيقه في المجتمع، وبمجرد أن ثبت نفسه في الحكم - كأي طاغوت - بدأ شيئاً فشيئاً بإظهار مخططه الشيطاني وبرنامجه اليهودي لزعزعة عقائد الشعب المسلم في ليبيا، ولإحلال عقائد كفرية أخرى محل عقيدته الإسلامية، وعلى رأسها "كتابه الأخضر" ونظريته الجاهلية.
الأمر الثاني: إن الناظر والمدقق في سيرة القذافي يرى أنه يُكنّ بغضاً شديداً لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك ظاهر في خطاباته ولقاءاته، وهذا يؤكد يهودية أصل القذافي، بل وتراه ينسب نفسه إلى بعض الفرق الباطنية الكفرية كالقرامطة والفاطمية، ويصرح في خطبة عيد الفطر في أبريل 1992م أنه قد يعلن الدولة الفاطمية الثانية!!
وللعلم؛ فالدولة الفاطمية الأولى أو الدولة العبيدية التي يريد القذافي أن يجددها هي دولة باطنية كفرها علماء الإسلام وأئمة الدين لما أظهرته من الكفر والزندقة واستحلال المحرمات - كنكاح المحارم ونحوها -
وقد نقل القاضي عياض المالكي في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" فتوى العلماء الذين عاصروا دولة العبيدين في تكفير هذه الدولة، فيقول: (وقال يوسف بن عبد الله المرعيني في كتابه؛ أجمع علماء القيروان - أبو محمد بن أبي زيد وأبو القاسم المقابسي وأبو القاسم بن شلبون, وأبو علي بن خلدون وأبو محمد الطبيقي، وأبو بكر بن عذرة - أن حال بني عُبيد حال المرتدين والزنادقة، فحال المرتدين بما أظهروه من خلاف الشريعة، فلا يورثون بالإجماع، وحال الزنادقة بما أخفوه من التعطيل، فيُقتلون بالزندقة، قالوا؛ ولا يُعذر أحد بالإكراه على الدخول في مذهبهم بخلاف سائر أنواع الكفر، لأنه أقام بعد علمه بكفرهم، فلا يجوز له ذلك إلا أن يختار القتل دون أن يدخل في الكفر، وعلى هذا الرأي كان أصحاب سحنون يفتون المسلمين) [10].
إن حقد القذافي وكراهيته للأمة أشهر من نار على علم، فهو الذي أنكر السنة النبوية وحرق كتب الحديث، وهو الذي حرف القرآن وفسره تفسيراً باطنياً يلائم أهواءه، وهو الذي سخر من رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه "ساعي بريد".
والقذافي هو الذي استهزأ بمقدسات المسلمين، فوصف الحج بأنه "عبادة ساذجة"، والحجاب بأنه "من عمل الشيطان"، وأنكر المعراج، وادعى النبوة، وزعم أن فرقة اللجان الثورية هي "نبي هذا العصر"، وغيرها كثير وكثير.
وفوق كل ذلك حارب المسلمين وطارد الموحدين وعلقهم على أعواد المشانق وقت إفطار المسلمين في شهر رمضان المبارك، وقتل الدعاة والعلماء الصادعين بكلمة الحق، محاولاً بذلك أن يؤخر المعركة الفاصلة مع اليهود وأذنابهم في المنطقة، والتي هي قادمة لا محالة بإذن الله.