المجتمع المدني في عهد الحبيب عليه الصلاة والسلام - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المجتمع المدني في عهد الحبيب عليه الصلاة والسلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2007-12-13, 17:26   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]قدوم وفد بني سعد بن بكر على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن الوليد بن نويفع, عن كريب مولى ابن عباس, عن ابن عباس, قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضِمَام بن ثعلبة وافداً إلى رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فقدم عليه, فأناخ بعيرَهُ على بابِ المسجدِ فعقلَهُ, ثم دخل على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وهو في المسجد جالسٌ في أصحابِهِ, فقال" أيكم ابنُ عبد المطلب؟ فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (أنا ابنُ عبد المطلب), فقال: محمد؟ فقال: (نعم), فقال: يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومُغْلِظٌ عليك في المسألةِ, فلا تجدنَّ في نفسِك, فقال: (لا أجدُ في نفسي, فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ), فقال: أنشدك الله إلهك, وإله أهلك, وإله من كان قبلك, وإله من هو كائِنٌ بعدك, آلله بعثك إلينا رسولاً؟ قال: (اللهم نعم), قال: فأنشدك الله إلهك, وإله من كان قبلك, وإله من هو كائن بعدك, آلله أمرك أن نعبده لا نشرك به شيئاً, وأن نخلعَ هذه الأندادَ التي كان آباؤنا يعبدون؟ فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (اللهم نعم), ثم جعل يذكرُ فرائضَ الإسلام فريضةً فريضةً: الصلاة, والزكاة, والصيام, والحج, وفرائض الإسلام كُلَّها, ينشده عند كُلِّ فريضةٍ كما نشدَه في التي قبلها حَتَّى إذا فرغَ, قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وسأؤدي هذه الفرائض, وأجتنب ما نهيتني عنه, لا أزيدُ ولا أنقُصُ, ثم انصرف راجعاً إلى بعيرِهِ, فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- حين ولَّى: ((إنْ يَصْدُقْ ذُو العَقِيصَتَيْنِ يَدْخُلِ الجَنَّةَ(1))), وكان ضِمام رجلاً جلداً أشعرَ ذا غديرتين, ثم أتى بعيره, فأطلق عِقالَهُ, ثم خرجَ حَتَّى قَدِمَ على قومِهِ, فاجتمعُوا عليه, وكان أوَّلَ ما تكلَّم به أنْ قالَ: بئستِِ اللاتُ والعُزَّى, فقالوا: مَهْ يا ضِمام, اتَّقِ البرصَ, والجنونَ والجُذامَ. قال: ويلكم, إنهما ما يضرانِ ولا ينفعانِ, إنَّ الله قد بعث رسولاً, وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتُم فيه, وإني أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ, وإني قد جئتُكم من عندِهِ بما أمركم به, ونهاكم عنه فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضرتِهِ رجلٌ ولا امرأةٌ إلا مُسلماً.

قال ابن إسحاق: فما سمعنا بوافدِ قومٍ أفضل مِن ضِمام بن ثعلبة(2).

والقصة في " الصحيحين " من حديث أنس بنحو هذه(3).


[align=center]قدوم طارق بن عبد الله وقومه على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

ذكر البيهقي أنَّ رجلاً يُقال: له طارق بن عبد الله, قال: إني لقائم بسوق المجاز إذ أقبل رجلٌ عليه جُبَّةٌ له, وهو يقول: "يا أيها النَّاسُ! قولُوا لا إله إلا الله تُفلحوا", ورجلٌ يتبعُهُ يرميه بالحجارةِ, يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ! إنه كذَّابٌ لا تُصدِّقُوه, فقلتُ من هذا؟ فقالوا: هذا غلامٌ من بني هاشم الذي يزعم أنه رَسُولُ اللهِ, قال: قلتُ: مَن هذا الذي يفعل به هذا؟ قال: هذا عمُّهُ عبد العزى, قال: فلمَّا أسلم النَّاسُ وهاجروا خرجنا من الرَّبَذةِ نريد المدينة نَمْتَارُ من تَمْرِهَا, فلما دنونا من حيطانِها ونخلِها, قلنا: لو نزلنا فلبسنا ثياباً غيرَ هذه, إذا رجلٌ في طِمْرين(4) له, فسلَّمَ, وقالَمِن أين أقبل القومُ؟) قلنا: مِنَ الرَّبَذَةِ. قال: (وأين تريدون؟), قلنا: نريد هذه المدينةَ, قال: (ما حاجتكم فيها؟) قلنا: نمتارُ من تمرِها, قال(5): ومعَنا ظعينةٌ(6) لنا, ومعنا جمل أحمر مخطوم, فقال: (أتبيعون جملَكم هذا ؟) قالوا: نعم بكذا وكذا صاعاً من تمرٍ, قال: فما استوضعنا مما قلنا شيئاً, فأخذ بخطام الجمل فانطلق, فلمَّا توارى عنا بحيطان المدينة ونخلِها, قلنا: ما صنعنا والله ما بعنا جملنا ممن نعرف, ولا أخذنا له ثمناً, قال تقول المرأة التي معنا: والله لقد رأيتُ رجلاً كأن وجهه شقة القمر ليلة البدر, أنا ضامنةٌ لثمنِ جملِكم.(7) وفي روايةِ ابنِ إسحاقَ, قالتِ الظَّعينةُ: فلا تَلاوموا, فلقد رأيتُ وجه رجلٍ لا يغدرُ بكم, ما رأيت شيئاً أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهِهِ, فبينما هم كذلك إذ أقبل رجلٌ, فقال: أنا رسولُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-إليكم, هذا تمرُكم, فكُلوا, واشبعُوا, واكتالُوا, واستوفُوا فأكلنا حَتَّى شبعنا, واكتلنا واستوفينا, ثم دخلنا المدينةَ, فدخلنا المسجدَ, فإذا هو قائمٌ على المنبر يخطبُ الناسَ, فأدركنا من خطبتِهِ, وهو يقولُ: (تصدَّقوا فإنَّ الصدَقَةَ خَيْرٌ لكم, اليَدُ العُلْيا خيرٌ من اليد السُّفلى, أُمَّكَ وأَبَاك وأُخْتَكَ وأخَاكَ وأدْنَاكَ أدْنَاك(8)) إذ أقبل رجلٌ من بني يربوع, أو قال من الأنصار, فقال: يا رَسُولَ اللهِ! لنا في هؤلاء دماء في الجاهلية, فقال: (إنَّ أُمَّاً لا تَجْني عَلَى وَلَدٍ(9)) ثلاثَ مَرَّاتٍ(10).


[align=center]في قدوم وفد تُجيب(11) على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

قدم على رَسُول اللهِ–صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفد تُجِيب، وهم من السَّكُون، ثلاثة عشر رجلاً, قد ساقوا معهم صدقاتِ أموالهم التي فرض الله عليهم, فَسُرَّ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بهم وأكرم منزلهم, وقالوا: يا رَسُول اللهِ سقنا إليك حق الله في أموالنا, فقال رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-رُدُّوها فاقسموها على فقرائكم) قالوا: يا رَسُول اللهِ ما قدمنا عليك إلا بما فَضَل عن فقرائنا. فقال أبو بكر: يا رَسُول اللهِ ما وفدٌ من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تُجيب. فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (إن الهدى بيد الله -عز وجل-, فمن أراد به خيراً شرح صدره للإيمان)، وسألوا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أشياء فكتب لهم بها, وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن, فازداد رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فيهم رغبة, وأمرَ بلالاً أن يُحسن ضيافتَهم فأقاموا أياماً, ولم يُطيلوا اللَّبْثَ, فقيل لهم: ما يُعِجلُكم ؟ فقالوا: نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وكلامِنَا إياه وما ردَّ علينا. ثم جاؤوا إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يُودِّعونه, فأرسل إليهم بلالاً, فأجازهم بأرفع ما كانَ يُجيز به الوفود. قال: (هل بقي منكم أحدٌ ؟) قالوا: نعم. غلام خلَّفناه على رِحالنا هو أحدُثنا سِنَّاً قال: (فأرسلوه إلينا), فلما رجعوا إلى رحالهم قالوا للغلام: انطلق إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فاقض حاجتك منه, فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودَّعْنَاه فأقبلَ الغلامُ حَتَّى أتى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فقال: يا رَسُول اللهِ إني امرؤ من بني أَبْذَى -قال الواقدي: هو أبذى بن عدي، وأم عدي تُجيب بنت ثَوْبان بن سُليم بن مَذْحِج، وإليها يُنسبون- يقول الغلام: من الرهط الذين أتوك آنفاً فقضيتَ حوائجهم, فاقضِ حاجتي يا رَسُول اللهِ. قال: (وما حاجتك؟), قال: إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي, وإن كانوا قدموا راغبين في الإسلام, وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم, وإني والله ما أعملني(12) من بلادي إلا أن تسأل الله -عز وجل- أن يغفر لي, ويرحمني, وأن يجعل غناي في قلبي, فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وأقبل إلى الغلام: (اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه), ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه, فانطلقوا راجعين إلى أهليهم, ثم وافوا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-في الموسم بمنى سنة عشر فقالوا: نحن بنو أبذى, فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ما فعل الغلام الذي أتاني معكم؟) قالوا: يا رَسُول اللهِ ما رأينا مثله قط, ولا حُدثنا بأقنعَ منه بما رزقه الله, لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر ولا التفت إليها. فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (الحمد لله إني لأرجو أن يموت جميعاً)(13) فقال رجل منهم أو ليس يموت الرجل جميعاً يا رَسُول اللهِ ؟ فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (تَشَعَّبُّ أهواؤه وهمومُه في أودية الدنيا, فلعلَّ أجلَه أن يُدركَه في بعض تلك الأودية, فلا يبالي الله -عز وجل- في أيها هلك). قالوا: فعاش ذلك الغلام فينا على أفضل حال وأزهدِه في الدنيا وأقنعِه بما رُزق, فلما توفي رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ورجعَ من رجعَ من أهل اليمن عن الإسلام, قام في قومه فذكرهم الله والإسلام, فلم يرجع منهم أحد, وجعل أبو بكر الصديق يذكره ويسأل عنه حَتَّى بلغه حاله وما قام به فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيراً(14).

[align=center]قدوم وفد بني سعد هذيم من قضاعة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بنو سعد هذيم، من قضاعة في سنة تسع.

ذكره الواقدي عن ابن النعمان عن أبيه من بني سعد هذيم, قال: قدمت على رَسُول اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وافداً في نفر من قومي, وقد أوطأ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- البلاد غلبةً وأذَاخَ(15) العربَ, والنَّاسُ صنفان, إما داخل في الإسلام راغب فيه, وإما خائف من السيف, فنزلنا ناحية من المدينة, ثم خرجنا نؤمُّ المسجدَ, حَتَّى انتهينا إلى بابه, فنجدُ رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يُصلَّي على جنازة في المسجد, فقمنا خلفَه ناحيةً, ولم ندخل مع النَّاس في صلاتهم, حَتَّى نلقى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ونبايعه, ثم انصرف رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فنظرَ إلينا, فدعا بنا فقال: (من أنتم ؟) فقلنا: من بني سعدِ هُذيم, فقال: (أمسلمون أنتم؟), قلنا: نعم. قال: (فهلا صَلَّيتم على أخيكم؟) قلنا: يا رَسُول اللهِ ظننا أن ذلك لا يجوز لنا حَتَّى نبايعك, فقال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (أينما أسلمتم فأنتم مسلمون), قالوا: فأسلمنا وبايعنا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-على الإسلام, ثم انصرفنا إلى رِحالنا, قد خلَّفنا عليها أصغرَنا, فبعثَ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-في طلبنا, فأُتي بنا إليه, فتقدَّمَ صاحبُنا إليه فبايَعه على الإسلام. فقلنا: يا رَسُول اللهِ إنه أصغرُنا وإنه خادُمنا. فقال: (أصغر القوم خادمهم, بارك الله عليه) قال: فكان والله خيرَنا وأقرأنا للقرآن, لدعاء رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-له, ثم أمَّرهَ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-علينا, فكان يَؤمُّنَا, ولما أردنا الانصراف أمرَ بلالاً فأجازَنا بأواقٍ من فضة, لكلَّ رجل منا, فرجعنا إلى قومنا, فرزقهم الله الإسلام(16).


[align=center]يتبـــــع........[/align]









 


رد مع اقتباس
قديم 2007-12-13, 17:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]قدوم وفد النخع على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفْدُ النَّخْعِ, وهُمْ آخِرُ الوفود قدوماً عليه في نصف المحرم سنة إحدى عشرةَ في مِائتي رجل, فنزلُوا دارَ الأضيافِ, ثم جاؤوا رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مقرِّينَ بالإسلام, وقد كانُوا بايعوا معاذ بن جبل, فقال رجل منهم يقال له: زرارة بن عمرو: يا رَسُول اللهِ! إني رأيت في سفري هذا عجَباً, قال: (وما رأيت؟) قال: رأيتُ أتاناً تركتُها في الحيِّ كأنها ولدت جدياً أسفَع(1) أحوَى, فقال له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (هل تركت أمَةً لَكَ مُصِرَّةً عَلى حَمْلِ؟) قال نعم: قال: (فإنها قد ولدت غلاماً وهو ابنك), قال: يا رَسُول اللهِ! فما باله أسفع أحوى؟ فقال: (ادن مني) فدنا منه, فقال: (هل بك من برص تكتمه ؟) قال والذي بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك, قال: (فهو ذلك) قال: يا رَسُول اللهِ! ورأيت النعمان بن المنذر عليه قُرطان مُدَملجَانِ ومسكتان, قال: (ذلك مَلِكُ العَرَبَ رجع إلى أحسن زِيَّهِ وبَهْجَتِهِ) قال: يا رَسُول اللهِ! ورأيت عجوزاً شمطاء قد خرجت من الأرض . قال: (تلك بَقيَّةُ الدُّنيا) قال: ورأيتُ ناراً خرجت من الأرض, فحالَتْ بيني وبين ابنِ لي يُقال له: عمرو وهي تقولُ: لَظَى لَظَى, بصير, وأعمى, أطعموني آكلُكم أهلَكم ومالَكم. قال رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-تلك فتنة تكون في آخر الزَّمان). قال: يا رَسُول اللهِ! وما الفتنة؟ قال: (يقتل النَّاس إمامهم ويَشْتَجِرُونَ اشتِجَارَ أطبَاقِ الرَّأْس).

وخالف رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بين أصابعه-يحسب المسيءُ فيها أنه محسن- (ويكون دم المؤمن عند المؤمن فيها أحلى من شرب الماء, إن مات ابنُكَ أدركت الفِتْنة, وإن مِتَّ أنت أَدْركَها ابْنُك) فقال: يا رَسُول اللهِ! ادع الله أن لا أدركها, فقال له رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-اللهم لا يدركها) فمات وبقي ابنه, وكان ممن خلعَ عثمان(2).

[align=center]{قدوم وفد ثعلبة على رَسُول اللهِ–صلى الله عليه و سلم-}[/align]

عن رجل من بني ثعلبة عن أبيه قال: لمّا قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-من الجِعِرّانَة سنة ثمان قدمنا عليه أربعة نفر وقلنا: نحن رسل من خلفنا من قومنا, ونحن وهم مقِرّون بالإسلام, فأمر لنا بضيافة وأقمنا أياماً ثمّ جئناه لنودعه, فقال لبلال: أجِزْهُمْ كما تُجيِزُ الوََفْدَ, فجاء بنقر من فضّة وأعطى كلّ رجلٍ منا خمس أواقٍ, قال ليس عندنا دراهم, فانصرفنا إلى بلادنا(3).


[align=center]قدوم و فد كلاب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

قدم وفد بني كلاب في سنة تسع على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وهم ثلاثة عشر رجلاً, فيهم لبيد بن ربيعة, وجبّار بن سَلْمَى فأنزلهم دار رَمْلة بنت الحارث, وكان بين جبار وكعب بن مالك خُلَة فبلغ كعباً قدومهم فرحبّ بهم وأهدى لجبار وأكرمه, وخرجوا مع كعب فدخلوا على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فسلّموا عليه بسلام الإسلام, وقالوا: إن الضحّاك بن سفيان سار فينا بكتاب الله وبسنتك التي أمرته, وإنّه دعانا إلى الله فاستجبنا لله ولرسوله, وإنّه أخذ الصدقة من أغنيائنا فردّها على فقرائنا(4).


[align=center]قدوم وفد رؤاس بن كلاب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

عن وكيع الرؤاسي عن أبيه عن أبي نفيع طارق بن علقمة الرؤاسي, قال: قدم رجل منّا يقال له عمرو بن مالك بن قيس بن بُجيد بن رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة على النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلم ثمّ أتى قومه فدعاهم إلى الإسلام, فقالوا: حَتَّى نُصيبَ من بني عُقَيل بن كعب مثل ما أصابوا منّا, فخرجوا يريدونهم, وخرج معهم عمرو بن مالك فأصابوا فيهم, ثم خرجوا يسوقون النعمَ, فأدركهم فارس من بني عقيل يقال له ربيعة بن المنتفق بن عامر بن عقيل وهو يقول:

[align=center]أقسمْتُ لا أطعُنُ إلا فارساً ***** إذا الكماةُ لبِسوا القَوانِسَا[/align]

قال أبو نفيع فقلت: نجوتم يا معشر الرّجالة سائر اليوم, فأدرك العقيلي رجلاً من بني عُبيد بن رُؤاس، يقال له: المُحْرِسُ بن عبد الله بن عمرو بن عُبيد بن رُؤاس, فطعنه في عضده فاختلها, فاعتنق المُحرسُ فرسه وقال: يا آل رؤاس! فقال ربيعة: رؤاس خيل أو أناس؟ فعطف على ربيعة عمرو بن مالك فطعنه فقتله, قال: ثم خرجنا نسوق النعمَ, وأقبل بنو عقيل في طلبنا حَتَّى انتهينا إلى تُرَبَةَ, فقطع ما بيننا وبينهم وادي تربة, فجعلت بنو عقيل ينظرون إلينا ولا يصلون إلى شيء, فمضينا, قال عمرو بن مالك: فأسقط في يديّ وقلتُ قتلتُ رجلاً وقد أسلمتُ وبايعتُ النَّبيّ-صلىالله عليه وسلم-فشددت يدي في غُلّ إلى عنقي ثمّ خرجت أريد النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وقد بلغه ذلك فقال: لئن أتاني لأضربن ما فوق الغُلّ مِنْ يَدِهِ, قال: فأطلقت يدي ثمّ أتيته فسلمت عليه فأعرض عني, فأتيته عن يمينه فأعرض عني, فأتيته عن يساره فأعرض عني, فأتيته من قبل وجهه, فقلت: يا رَسُول اللهِ إن الرّب ليُترضى فيرضى فارضَ عني, رضي الله عنك, قال: قَدْ رَضِيتُ عَنْكَ(5).


[align=center]قدوم وفد عقيل بن كعب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

عن هشام بن محمد بن السائب, عن رجل من بني عقيل, عن أشياخ قومه, قالوا: وفد منّا من بني عقيل على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ربيع بن معاوية بن خفاجة بن عمرو بن عقيل, ومطرف بن عبد الله بن الأعلم بن عمرو بن ربيعة بن عقيل, وأنس بن قيس بن المنتفق ابن عامر بن عقيل, فبايعوا وأسلموا وبايعوه على مَن وراءهم من قومهم, فأعطاهم النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-العقيق عقيق بني عقيل, وهي أرض فيها عيونٍ ونخل, وكتب لهم بذلك كتاباً في أديم أحمر: "بسم الله الرحمن الرحيم, هذا ما أعطى محمدٌ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ربيعاً ومُطرّفاً وأَنساً أعطاهم العقيق ما أقاموا الصلاة, وآتوا الزكاة, وسمعوا وأطاعوا, ولم يعطهم حقاً لمسلم", فكان الكتاب في يد مطرّف, قال: ووفد عليه أيضاً لقيط بن عامر بن المنتفق بن عامر بن عقيل, وهو أبو رزين, فأعطاه ماءً يقال له: النّظيم وبايعه على قومه, قال: وقدم عليه أبو حرب بن خويلد بن عامر بن عقيل, فقرأ عليه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-القرآن وعرض عليه الإسلام, فقال: أما وايم الله لقد لقيتَ الله أو لقيت من لقيه, وإنّك لتقول قولاَ لانحسن مثله, ولكني سوف أضرب بقداحي هذه على ما تدعوني إليه, وعلى ديني الذي أنا عليه, وضرب بالقداح فخرج عليه سهم الكفر ثمّ أعاده فخرج عليه ثلاث مرات, فقال لرَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-أبى هذا إلاّ ما ترى, ثم رجع إلى أخيه عقال بن خويلد فقال له: قل خيَسُك! هل لك في محمد بن عبد الله يدعو إلى دين الإسلام ويقرأ القرآن, وقد أعطاني العقيق إن أنا أسلمتُ؟ فقال له عقال: أنا والله أُخطّك أكثر مما يخُطّك محمد! ثم ركب فرسه وجرّ رمحه على أسفل العقيق فأخذ أسفله وما فيه من عين, ثم إن عقالاً قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فعرض عليه الإسلام, وجعل يقول له: أتشهد أنّ محمداً رَسُول اللهِ؟ فيقول: أشهد أن هبيرة بن النُّفاضة نعم الفارس يوم قَرْنَيْ لَبان, ثمّ قال: أتَشْهَدُ أنّ محمداً رَسُول اللهِ؟ قال: أشهد أن الصريح تحت الرغوة, ثم قال له الثالثة: أتشهد؟ قال: فشهد وأسلم, قال وابن النفاضة هبيرة بن معاوية بن عبادة بن عقيل, ومعاوية هو فارس الهَرّار, والهَرّار اسم فرسه, ولَبان هو موضع خيسك خيرك. قالوا: وقدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الحصين بن المعلّى بن ربيعة بن عقيل وذو الجوشن الضبابي فأسلما(6).


[align=center]قدوم وفد جعدة على رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

عن هشام بن محمد عن رجل من بني عقيل قال: وفد إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الرقّاد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة بن كعب, وأعطاه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالفَلْج ضيعة وكتب له كتاباً وهو عندهم(7).


[align=center]قدوم وفد قشير بن كعب على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى عن هشام بن محمد, عن رجل من بني عقيل, عن علي بن محمد القرشي, قالا: وفد على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-نفر من قشير, فيهم ثور بن عروة بن عبد الله بن سلمة بن قشير, فأسلم فأقطعه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قطيعة وكتب له بها كتاباً, ومنهم حيدة بن معاوية بن قشير, وذلك قبل حجة الوداع وبعد حُنَين, ومنهم قُرّة بن هبيرة بن سلمة الخير بن قشير فأسلم, فأعطاه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وكساه بُرداً وأمره أن يتصدّق على قومه, أي يلي الصدقة, فقال قرة حين رجع:


[align=center]حبــاها رَسُـول اللهِ إذ نزلـتْ بـه ***** وأمكنها من نائل غيـر مُنفَـد
فأضحت بروض الخضر وهي حثيثة ***** وقد أنجحت حاجاتها من محمدِ
عليها فتىً لا يـُردِفُ الـذمَّ رحلـَه ***** تَرُوكٌ لأمر العاجز المتردّدِ(8)
[/align]


[align=center] قدوم وفد بني البكاء على رَسُول اللهِ-صلى الله عليه و سلم-[/align]

ذكر ابن سعد في كتاب الطبقات أنه قدم وفد من بني البكاء على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-سنة تسع ثلاثة نفر: معاوية بن ثور بن عبادة بن البكاء, وهو يومئذٍ ابن مائة سنة, ومعه ابن له يقال له بشر, والفُجَيع بن عبد الله بن جندح بن البكّاء, ومعهم عبد عمرو البكائي, فأمر لهم رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بمنزل وضيافة, وأجازهم ورجعوا إلى قومهم, وقال معاوية للنبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-إني أتبرك بمسّك, وقد كبرت وابني هذا برّ بي فامسح وجهه, فمسح رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وجه بشر بن معاوية وأعطاه أعنزاً عفراً وبرّك عليهن, قال الجعد: فالسنة ربّما أصابت بني البكاء ولا تصيبهم, وقال محمد بن بشر بن معاوية بن ثور بن عبادة ابن البكاء:


[align=center]وأبي الذي مسح الرسولُ برأسـه ***** ودعـا لـه بالخيـر والبـركاتِ
أعطـاه أحمـدُ إذ أتاه أعنـــزا ***** وقد أنجحت حاجاتها من محمـدِ
بوركــن من مَنْحٍ وبـورك مانحا ***** وعليــه مني ما حييتُ صلاتي
[/align]


وعن هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: كتب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-للفُجَيع كتاباً: "مِنْ مُحَمّدٍ النَّبيّ لِلْفُجَيعِ ومَنْ تَبِعَهُ وَأسلم, وَأقام الصّلاةَ, وآتى الزكاةَ, وأعطى الله ورسوله, وأعطى مِن المَغانِمِ خُمْسَ اللهِ, ونَصَرَ النَّبيّ وَأصْحَابَهُ, وأشْهَدَ عَلى إسْلامِهِ, وفارق المشركين, فإنه آمِنٌ بأمَانِ اللهِ وأمَانِ محمدٍ. قال: هشام وسمى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-عبد عمرو الأصمّ عبد الرَّحمن, وكتب له بمائة الذي أسلم عليه ذي القَصّة, وكان عبد الرَّحمن من أصحاب الظّلّة, يعني الصّفّة صفة المسجد(9).


[align=center]قدوم وفد كنانة على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-[/align]

ذكر ابن سعد في الطبقات: أنه قدم وفد واثلة بن الأسقع الليثي على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فقدم المدينة ورَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يتجهز إلى تبوك, فصلى معه الصبح, فقال له: (ما أنت؟ وما جاء بك؟ وما حاجتك؟) فأخبره عن نسبه, وقال: أتيتك لأومن بالله ورسوله, قال: فبايع على ما أحببت وكرهت, فبايعه ورجع إلى أهله فأخبرهم, فقال له أبوه والله لا أكلمك كلمة أبداً, وسمعت أخته كلامه فأسلمت وجهزته, فخرج راجعاً إلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فوجده قد صار إلى تبوك, فقال من يحملني عقبه وله سهمي؟ فحمله كعب بن عجرة حَتَّى لحق برَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وشهد معه تبوك, وبعثه رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مع خالد بن الوليد إلى أكيدر, فغنم فجاء بسهمه إلى كعب بن عجرة, فأبَى أن يقبله وسوّغه إيّاه وقال: إنما حملتك لله(10).

يتبــــــــع..........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-13, 17:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 انتهـــى بعــون الله

[align=center]عــام الوفـــود[/align]


إنَّ العكوفَ على دراسةِ الوفودِ التي وفدتْ على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يُمكن أنْ يُثريَ فقه التعاملِ مع البشرِ بأنماطِهم المختلفةِ, وأحوالِهم المتعددةِ, ومَشَارِبهم المتباينةِ, وفي دراسةِ ذلكَ بيانٌ لعظمةِ ورَوعةِ تعامل النَّبيِّ الكريمِ مع النَّاسِ, وكيف استوعبهم النَّبيُّ مع هذا الاختلافِ الكبيرِ في طبائعِهم ومشاربِهم, وفيه دروسٌ للقادةِ في كيفيةِ التعاملِ مع النَّاسِ مع اختلافِ أخلاقِهم وطبائعِهم, وفيه دروسٌ لعلماءِ التربيةِ في كيفيةِ تربيةِ النَّاسِ كبيرِهم وصغيرِهم, وإلزامِهم الخيرَ والصَّلاحَ, وفيه دروسٌ لعلماءِ النَّفسِ في كيفيةِ التعاملِ مع النَّفسِ البشريةِ مع بُعْدِ غورِها وتعددِ روافدِها, وفيها أكبرُ زادٍ للمعلِّمين والمدرِّسين في سياستِهم مع طلابِهم, وهذا مما يدلكَ على أنَّ السِّيرةَ النَّبويةَ نِعمةٌ من أعظمِ النِّعمِ-بعد الإيمان-؛ لأنَّ فيها من الدُّروسِ والعِبَرِ ما لو عَكَفَ على دراستِهِ المسلمون, واستوعبُوه لعادُوا إلى نهضتِهم وقيادتِهم للأُمَّةِ؛ ولذلكَ فإنَّ دعوةَ الإحياءِ القائمة الآنَ لابُدَّ أنْ تشتملَ على إحياءِ دراسةِ السِّيرة النَّبويةِ, والسَّعي للعملِ بها, وجعلها حية بين الناس؛ فإنها مَصْدرٌ ثَرٌّ للنُّهوضِ ومعرفةِ الطَّريقِ الصَّحيحِ, ومن أجلِ ذلكَ ذكرنا هذه الوفود؛ حَتَّى نُلفتَ الأنظارَ إلى هذِهِ الثَّروةِ الهائلةِ في التعاملِ مع النَّاسِ من قبله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم-؛ فيكون ذلك زاداً عَظِيماً لجميعِ المسلمينَ على اختلافِ طبقاتِهم ومشاربِهم, واللهُ المُوفِّقُ والهادي إلى أقومِ سبيلٍ.

لمَّا فتحَ رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مكَّةَ،وفَرَغَ من"تبوك", وأسلمتْ ثقيف وبايعت، وضرب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-أمدَ أربعةِ أشهرٍ لقبائلِ العَرَبِ المشركين؛ لكي يُقرروا مصيرَهم بأنفسِهم قبلَ أنْ تتخذَ الدَّولةُ الإسلاميةُ منهم مَوْقِفاً مُعيَّناً، ضربتْ إليه وفودُ العربِ آباطَ الإبلِ مِنْ كلِّ وجهٍ, مُعلنةً إيمانَها وولاءَها لهذا الدِّينِ الحنيفِ.

إنَّ قصصَ الوفود وأخبارها وكيفية تعامل رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-معها من الأهميةِ بمكانٍ. لقد تركتْ لنا تلك الأخبارُ والقصصُ منهجاً نبويَّا كريماً في تعاملِهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-مع الوفودِ يمكننا الاستفادة من هديه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-في تعامله مع النفسية البشرية, وتربيته, ودقته, وتنظيمه, ففيها ثروة هائلة من الفقه الذي يدخل في دوائر التعليم والتربية والتثقيف, وبعد النظر, وجمع القلوب على الغاية, وربط أفراد بأعيانهم بالمركز بحيث تبقى في كلِّ الظروفِ والأحوالِ مرتكزاتٌ قويةٌ إلى الإسلام إلى غير ذلك من مظاهر العظمة للعاملين في كل الحقول نفسيَّاً واجتماعياَّ واقتصادياً وإداريًّا وسياسيًّا وعسكريًّا تعطي لك عامل في جانب من هذه الجوانب دروساً تكفيه وتغنيه, هذا وقد تميز العام التاسع بتوافد العرب إلى المدينة، وقد استعدت الدول الإسلامية لاستقبالهم وتهيئة المناخ التربوي لهم، وقد تمثل هذا الاستقبال, بتهيئة مكان إقامة لهم, وكانت هناك دار للضيافة، ينزل فيها الوافدون، وهناك مسجد رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الذي كان ساحة للاستقبال، ثم كان هناك تطوع أو تكليف رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-لأحد الصحابة باستضافة بعض القادمين، واهتم-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بتلك الوفود وحرص على تعليمها وتربيتها، وقد كانت تلك الوفود حريصة على فهم الإسلام وتعلم شرائعه وأحكامه، وآدابه، ونظمه في الحياة، وتطبيق ما علموه تطبيقاً عمليّاً، جعلهم نماذج حياة لفضائله، وقد كان لكثير منهم سؤالات عن أشياء كانت شائعة بينهم ابتغاء معرفة حلالها وحرامها، وكان النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- حريصاً أشد الحرص على تفقيههم في الدين، وبيان ما سألوه عنه، وكان-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يدني منهم من يعلم منه زيادة حرص على القرآن العظيم وحفظ آياته تفقهاً فيه ويقول لأصحابه: فقِّهوا إخوانكم، وكان-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يسأل عمن يعرف من شرفائهم, فإذا رغبوا في الرحيل إلى بلادهم أوصاهم بلزوم الحق، وحثَّهم على الاعتصام بالصبر، ثم يجزيهم بالجوائز الحسان، ويسوِّي بينهم فإذا رجعوا إلى أقوامهم رجعوا هُداة دعاة، مشرقة قلوبهم بنور الإيمان، يعلمونهم مما علِّموا، ويحدثونهم بما سمعوا، ويذكرون لهم مكارم النَّبيِّ وبره وبشره, واستنارة وجهه سروراً بمقدمهم عليه، ويذكرون لهم ما شاهدوه من حال أصحابه في تآخيهم وتحاببهم, ومواساة بعضهم بعضاً ليثيروا في أنفسهم الشوق إلى لقاء رَسُول اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، ولقاء أصحابه، ويحببوا إليهم التأسي بهم في سلوكهم ومكارم أخلاقهم، واختارت بعض الوفود البقاء على نصرانيتها كوفود نصارى نجران ووافقت على دفع الجزية، ونحاول في هذا المبحث أن نذكر بعض الوفود ونذكر الفقه والفوائد الدروس والعبر إن وجد، فإلى الوفود(1).


[align=center]سنة بداية الوفود:[/align]

اختلفَ العلماءُ في تاريخ مَقدمِ الوفودِ على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفي عددِها, حيث أشارتِ المصادرُ الحديثيةُ والتاريخيةُ إلى قدومِ بعضِ الوفودِ إلى المدينة في تاريخ مبكِّرٍ عن السنة التاسعة، ولعلَّ ذلك مما أدَّى إلى الاختلافِ في تحديدِ عددِ الوفودِ بين ما يزيد عن ستين وفداً عند البعض، وليرتفع فيبلغ أكثر من مائة وفد عند آخرين، ولعل البعض قد اقتصر على ذكر المشهور منهم(2).

وقد استقصى ابنُ سعد-رحمه الله- في جمع المعلومات عن الوفود، وقدم ترجمات وافية عن رجال الوفود، ومن كانت له صحبة منهم، وما ورد عن طريقهم من آثار، ولا تخلو أسانيد ابن سعد أحياناً من المطاعن، كما أن فيها أسانيد للثقاة أيضاً(3)، ولا شك في أن الأخبار التي أوردها المؤرخون ليست ثابتة بالنقل الصحيح المعتمد وفق أساليب المحدثين، رغم أن عدداً كبيراً من المرويات عن تلك الوفود ثابتة وصحيحة(4)، فقد أورد البخاري معلومات عن وفد قبيلة تميم وقدومه إلى النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ووفود أخرى مثل: عبد القيس وبني حنيفة، ووفد نجران، ووفد الأشعريين وأهل اليمن، ووفد دوس(5)، وتعززت أخبار هذه الوفود بمعلومات إضافية وردت في مصادر تاريخية إلى جانب ما ورد عنها في كتب السِّيرة والمغازي, وقد أورد مسلمٌ أخباراً عن أغلب الوفود المذكورة آنِفاً,كما أوردت بقية الكتب الستة معلومات أوسع شملت عدداً كبيراً من الوفود(6).

وقال ابن إسحاق: قدمت وفودُ العربِ على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، في سنة تسع للهجرة وكانتْ تُسمَّى بذلك، ففيها قدم وفد بني تميم، وفيها قدم وفد بني عامر، فيهم عامر بن الطُّفَيل، وأرْبَدُ بن قيس بن جَزء بن خالد بن جعفر، وجَبَّار بن سلمى بن مالك بن جعفر، قاله ابن إسحاق(7).

قال ابن إسحاق: لما افتتح رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- مكة, وفرغ من تبوك, وأسلمت ثقيف وبايعت, ضربت إليه وفود العرب من كلِّ وجه, فدخلوا في دين الله أفواجا يضربون إليه من كل وجه(8).

قال ابن هشام: حدّثني أبو عُبيدة: أنّ ذلك في سنة تسع، وأنها كانت تُسمّى سنة الوفود(9).

قال ابن إسحاق: وإنّما كانت العرب تَربّص بالإسلام أمر هذا الحيّ من قريش وأمر رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، وذلك أن قريشاً كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم-عليهما السلام-، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وخلافه، فلما افتُتحت مكة، ودانت له قريش، ودخلها الإسلام, وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ولا عداوته، فدخلوا في دين الله، كما قال –عز وجل- لنبيِّه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} سورة النصر1-3). أي فاحمد الله على ما أظهر من دِينكَ، واستغفره إنه كان تَوَّاباً(10).










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc