التاريخ الإسلامي من (الخلافة الراشدة وحتى الدولة العثمانية) للتثبــت - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التاريخ الإسلامي من (الخلافة الراشدة وحتى الدولة العثمانية) للتثبــت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2007-12-08, 15:41   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

فتوح إفريقية:

ومن الفتوح العظيمة ما كان في إفريقية ففي سنة 50 ولي معاوية عقبة بن نافع وكان مقيماً ببرقة وزويلة مذ فتحها أيام عمرو بن العاص وله في تلك البلاد جهاد وفتوح، فلما استعمله معاوية سير إليه عشرة آلاف فدخل إفريقية وانضاف من أسلم من البربر فكثر جمعه ووضع السيف في أهل البلاد لأنهم كانوا إذا دخل عليهم أمير أطاعوا وأظهر بعضهم الإسلام فإذا عاد الأمير عنهم نكثوا وارتد من أسلم ثم رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد فقصد موضع القيروان وكان دجلة مشتبكة فقطع الأشجار وأمر ببناء المدينة فبنيت وبنى المسجد الجامع وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم وكان دورها 3600 باع وتم أمرها سنة 55 وسكنها الناس وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا فتغير ودخل كثير من البربر في الإسلام واتسعت خطة المسلمين وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها.

البيعة ليزيد بولاية العهد:


فكر معاوية أن يأخذ على الناس البيعة ليزيد ابنه بولاية العهد وكان الواضع لهذه الفكرة المغيرة بن شعبة قبل وفاته، دخل على يزيد وقال له قد ذهب أعيان أصحاب رسول اللَّه R وكبراء قريش وذوو أسنانهم وإنما بقي أباؤهم وأفضلهم وأحسنهم رأياً وأعلمهم بالسنة والسياسة، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة. قال أو ترى ذلك يتم؟ قال نعم. فأخبر يزيد أباه بما قال المغيرة فأحضره معاوية وسأله عما قال ليزيد، فقال قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان وفي يزيد منك خلف فاعقد له فإن حدث بك حادث كان كهفاً للناس وخلفاً منك ولا تسفك دماء ولا تكون فتنة. قال ومن لي بذلك قال أكفيك أهل الكوفة، ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. قال فارجع إلى عملك وتحدث مع من تثق به في ذلك؟ وترى ونرى.

فسار المغيرة إلى الكوفة وذاكر من يثق به ومن يعلم أنه شيعة لبني أمية، أمر يزيد، فأجابوا إلى بيعته فأوفد منهم وفداً عليهم ابنه موسى فقدموا على معاوية فزينوا له بيعة يزيد فقال معاوية لا تعجلوا بإظهار هذا وكونوا على رأيكم. فرجعوا وقوي عزم معاوية على البيعة ليزيد، فأرسل إلى زياد يستشيره فأحضر زياد عبيد بن كعب النميري وقال إن لكل مستشير ثقة ولكل سر مستودعاً. وإن الناس قد أبدع بهم خصلتان إذاعة السر وإخراج النصيحة إلى غير أهلها وليس موضوع السر إلا أحد رجلين رجل آخرة يرجو ثوابها ورجل دنيا له شرف في نفسه وعقل يصون حبسه قد خبرتهما عنك وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصف، إن أمير المؤمنين كتب إلي يستشيرني في البيعة ليزيد، إنه يتخوف نفرة الناس ويرجو طاعتهم وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد فالق أمير المؤمنين وأد إليه فعلات يزيد وقل له رويدك بالأمر فأحرى لك أن يتم لكولا تعجل فإن دركا في تأخير من فوت في عجلة.

وكان معاوية قد كتب إلى عماله بتقريظ يزيد ووصفه، وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار. فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة، فقال محمد بن عمرو لمعاوية إن كل راع مسؤول عن رعيته فانظر من تولى أمر أمة محمد.

ثم إن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهري لما اجتمعت الوفود عنده إني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحثني عليها، فلما جلس معاوية للناس تكلم فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها وما أمر اللَّه به من طاعة ولاة الأمر ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة وعرض بيعته.
فقام الضحاك فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال يا أمير المؤمنين إن لا بد للناس من وال بعدك وقد بلونا الجماعة والألفة فوجدناهما أحقن للدماء وأصح للدهماء وآمن للسبل وخيراً في العاقبة، والأيام عوج رواجع واللَّه كل يوم هو في شأن، ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته أعلى ما علمت، وهو من أفضلنا علماً وحلماً وأبعدنا رأياً فوله عهدك واجعله لنا علماً بعدك ومفزعاً نلجأ إليه ونسكن في ظله، ثم تكلم غيره بمثل كلامه. فقال معاوية للأحنف بن قيس ما تقول يا أبا بحر؟ فقال نخافكم إن صدقنا ونخاف اللَّه إن كذبنا وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه للَّه وللأمة رضا فلا تشاور فيه، وإن كنت تعلم فيه غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر إلى الآخرة، وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا.

ونقول إن فكر معاوية في اختيار الخليفة يعده حسن جميل وإنه ما دام لم توضع قاعدة لانتخاب الخلفاء ولم يعين أهل الحل والعقد الذين يرجع إليهم الاختيار فأحسن ما يفعل هو أن يختار الخليفة ولي عهده قبل أن يموت لأن ذلك يبعد الاختلاف الذي هو شر على الأمة من جور إمامها وقد فعل معاوية ما يظهر معه أنه لم يستبد بالأمر دون الأمة فطلب وفود الأنصار فحضروا عنده وأجابوه إلى طلبته من بيعة يزيد ابنه

والذي ينقده التاريخ من أمره هو:

1.أنه استهان أولئك النفر _ هم: هم عبد اللَّه بن الزبير، وابن عمر، والحسين بن علي _ الذين لم يرضوا بيعة يزيدوهم من سادة الأمة الذين يتطلعون لولاية أمر المسلمين فلم يهم بخلافهم بل ادعى أنهم بايعوا لينال بيعته أهل مكة، وهذا غير لائق بمقام خليفة المسلمين.

2.مما انتقده الناس أنه اختار ابنه للخلافة، وبذلك سن في الإسلام سنة الملك المنحصر في أسرة معينة بعد أن كان أساسه الشورى ويختار من عامة قريش وقالوا إن هذه الطريقة التي سنها معاوية، تدعو في الغالب إلى انتخاب غير الأفضل الأليق من الأمة، وتجعل في أسرة الخلافة الترف والانغماس في الشهوات والملاذ والرفعة على سائر الناس، أما رأينا في ذلك فإن هذا الانحصار كان أمراً لا بد منه لصلاح أمر المسلمين وألفتهم ولم شعثهم فإنه كان كلما اتسعت الدائرة التي منها يختار الخليفة كثر الذين يرشحون أنفسهم لنيل الخلافة، وإذا انضم إلى ذلك اتساع المملكة الإسلامية وصعوبة المواصلات بين أطرافها وعدم وجود قوم معينين يرجع إليهم الانتخاب فإن الاختلاف لا بد واقع، إن أعظم من ينتقد معاوية في تولية ابنه هم الشيعة مع أنهم يرون انحصار ولاية الأمر في آل علي ويسوقون الخلافة في بنية يتركها الأب منهم للابن، وبنو العباس أنفسهم ساروا على هذه الخطة فجعلوا الخلافة حقاً من حقوق بيتهم لا يعدوهم إلى غيرهم. والنتيجة أن ما فعله معاوية كان أمراً لا بد منه مع الحال التي كانت عليها البلاد الإسلامية.

الإنجازات في عهد معاوية:

1ــ من المحدثات الجميلة التي حدثت في عهد معاوية البريد ومعنى ذلك أن تقسم الطرق منازل في كل منزل دواب مهيأة معدة لحمل كتب الخليفة إلى البلدان المختلفة، فتسلم الكتب بالحاضرة فيأخذها صاحب البريد ويمر مسرعاً حتى إذا وصل إلى أول منزلة سلمها لصاحب البريد فيها فيفعل بها كالأول وبذلك كانت تصل الكتب إلى الأمراء والعمال في أسرع وقت يمكن.

2ــ معاوية أول من اتخذ الحرس ولم يكن شيء من ذلك في عهد الخلفاء الراشدين وإنما اتخذه بعد أن كان من إرادة الخارجي قتله.

3ــ اتخذ معاوية ديوان الخاتم. وكان سبب ذلك أنه أمر لعمرو بن الزبير بمائة ألف درهم وكتب له بذلك إلى زياد. ففتح عمرو الكتاب وصير المائة مائتين فلما رفع زياد حسابه أنكرها معاوية وطلبها من عمرو وحبسه فقضاها عنه أخوه عبد اللَّه بن الزبير فأحدث معاوية عند ذلك ديوان الخاتم وحزم الكتب وكانت قبل لا تحزم.

4ــ كان كاتب معاوية سرجون الرومي لأن ديوان الشام كان لعهده بالرومية ويظهر أنه كاتب الخوارج، وكان سرجون صاحب أمره ومدبره ومشيره.

وكان حاجبه سعد مولاه.
وقاضيه فضالة بن عبيد الأنصاري ثم أبو إدريس الخولاني ومعنى ذلك أنه كان قاضي الشام وكان لكل ولاية قاض خاص.

وفاة معاوية:

مرض معاوية بدمشق في جمادي الثانية وكان يزيد ابنه غائباً، فأحضر معاوية الضحاك بن قيس ومسلم بن عقبة المري وأدى إليهما وصيته إلى يزيد وكان فيها: يا بني إني قد كفيتك الشد والترحال ووطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء وأخضعت رقاب العرب وجمعت لك ما لم يجمعه أحد، فانظر أهل الحجاز فإنه أصلك وأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملاً فافعل فإن عزل عامل أسهل من أن يشهر عليك مائة ألف سيف، وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وغيبتك فإن رابك من عدوك شيء فانتصر بهم فإذا أصبتهم فأردد أهل الشام إلى بلادك فإنهم إن قاموا بغير بلادهم تغيرت أخلاقهم. وإني لست أخاف أن ينازعك في هذا الأمر إلا أربعة من قريش الحسين بن علي وعبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر.

فأما ابن عمر فإنه رجل قد وقدته العبادة فإذا لم يبق أحد غيره بايعك.
وأما الحسين بن علي فهو رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه فإن خرج وظفرت به فأصفح عنه فإن له رحماً ماسة وحقاً عظيماً وقرابة من محمد .

وأما ابن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله ليس له همة إلا في النساء واللهو.
وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فذاك ابن الزبير فإن هو فعلها فظفرت به فقطعه إرباً أرباً، واحقن دماء قومك ما استطعت.

ثم مات بدمشق لهلال رجب سنة 60 هـ أبريل سنة 980 م. فخرج الضحاك بن قيس حتى صعد المنبر وأكفان معاوية على يديه فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال إن معاوية كان عود العرب وحد العرب وجد العرب قطع اللَّه به الفتنة وملكه على العباد وفتح البلاد إلا أنه قد مات وهذه أكفانه ونحن مدرجوه فيها ومدخلوه قبره ومخلون بينه وبين عمله ثم هو الهرج إلى يوم القيامة، فمن كان يريد أن يشهده فعنده الأولى وصلى عليه الضحاك وكان قد أرسل الخبر إلى يزيد ثم أقبل يزيد وقد دفن معاوية فأتى قبره فصلى عليه.

يتبــــــــــــــــــــــــع...............









 


رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 15:45   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

2 - يزيد الأول


ترجمته:

هو يزيد بن أبي سفيان، وأمه ميسون بنت بحدل ولد سنة 26 هـ وأبوه أمير الشام لعثمان بن عفان فتربى في حجر الإمارة ولما شب في خلافة أبيه كان يرشحه للإمارة فولاه الحج مرتين وولاه الصائفة وأرسله في الجيش الذي غزا القسطنطينية لأول مرة وكان مغرماً بالصيد وهذا مما أخذه عليه الناس إذ ذاك لأنهم لم يكونوا فارقوا البداوة العربية والجد الإسلامي بعد.

كيفية انتخابه:

عهد إليه أبوه بالخلافة من بعده بعد أن استشار في ذلك وفود الأمصار فبايعه الناس ولم يتخلف عن البيعة إلا نفر قليل من أهل المدينة وهم الحسين بن علي وعبد اللَّه بن الزبير وعبد اللَّه بن عمر.
فلما توفي معاوية لم يكن ليزيد إلا مبايعتهم له فأرسل إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أمير المدينة يقول له أما بعد فخذ حسيناً وعبد اللَّه بن عمر وابن الزبير أخذاً ليس فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام فلما أتاه نعى معاوية فظع به وكبر عليه فأرسل إلى هؤلاء النفر فأما حسين فجاءه فلما عرض عليه البيعة وأخبره بموت معاوية استرجع وترحم على معاوية وقال أما البيعة فإن مثلي لا يبايع سراً ولا يجتزي بها مني سراً فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم إلى البيعة ودعوتنا معهم كان الأمر واحداً.

فقال له الوليد وكان يحب العافية انصرف. وأما ابن الزبير فترك المدينة وذهب إلى مكة وقال إني عائذ بالبيت ولم يكن يصلي بصلاتهم ولا يفيض في الحج بإفاضتهم وكان يقف هو وأصحابه ناحية وخرج من المدينة بعده الحسين بن علي وأخذ معه بنيه وإخوته وبني أخيه إلا محمد بن الحنفية فإنه أبى الخروج معه ونصحه فلم يقبل نصحه.
أما ابن عمر فإنه قال إذا بايع الناس بايعت فتركوه وكانوا لا يتخوفونه ولما بايع الناس بايع هو وابن عباس.

حادثة الحسين:

جاء الحسين مكة فكان أهلها يختلفون إليه ويأتونه ومن بها من المعتمرين وأهل الآفاق وابن الزبير قد لزم جانب الكعبة فهو قائم يصلي عندها عامة النهار ويطوف ويأتي الحسين فيمن يأتيه ولا يزال يشير عليه بالرأي وهو أثقل خلق اللَّه على ابن الزبير لأن أهل الحجاز لا يبايعوه ما دام الحسين بالبلد. لما بلغ أهل الكوفة موت معاوية وبيعة يزيد أرجفوا بيزيد واجتمعت الشيعة إلى منزل كبيرهم سليمان بن صرد الخزاعي واتفقوا أن يكتبوا إلى الحسين يستقدمونه ليبايعوه، فكتبوا إلى نحواً من 150 صحيفة.

ولما اجتمعت الكتب عنده كتب إليهم أما بعد فقد فهمت كل الذي اقتصصتم وقد بعثت إليكم بأخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم فإن كتب إلي أنه قد اجتمع رأى ملئكم وذوي الحجى منكم على مثل ما قدمت به رسلكم أقدم إليكم وشيكاً إن شاء اللَّه فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والقائم والدائن بدين الحق والسلام. ثم دعا الحسين مسلم بن عقيل فسيره نحو الكوفة. وأمره بتقوى اللَّه وكتمان أمره واللطف، فإن رأى الناس مجتمعين عجل إليه بذلك فسار مسلم نحو الكوفة وأميرها النعمان بن بشير الأنصاري فأقبلت إليه الشيعة تختلف إليه.

خروج الحسين إلى الكوفة:

أما أمر الحسين فإنه لما عزم على المسير إلى الكوفة جاءه عمرو بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال له بلغني أنك تريد العراق وإني مشفق عليك أن تأتي بلداً فيه عماله وأمراؤه ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد الدرهم والدينار فلا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن أنت أحب إليه ممن يقاتلك معه فجزاه الحسين خيراً.

وجاءه ابن عباس فقال له قد أرجف الناس أنك تريد العراق فخبرني ما أنت صانع؟ فقال قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين فقال له ابن عباس أعيذك باللَّه من ذلك خبرني رحمك اللَّه أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم فإن كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ويستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس عليك، فقال الحسين فإني أستخير اللَّه وأنظر ما يكون.

ثم جاءه ابن عباس ثاني يوم فقال يا ابن عم إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال. فإن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوهم، ثم اقدم عليهم فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فإن بها حصوناً وشعاباً وهي أرض عريضة طويلة ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك فإني أرجوك أن يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية.
فلم يسمع منه الحسين فقال له ابن عباس فإن كنت سائراً فلا تسر بنسائك وصبيتك فإني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه فلم يفد كلامه شيئاً.

ثم سار بأهله وأولاده فقابله بالطريق الفرزدق الشاعر فسأله عن خبر الناس فقال له قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء واللَّه يفعل ما يشاء.
ثم جاء كتاب من عبد اللَّه بن جعفر يقسم عليه باللَّه إلا ما انصرف ومع كتابه كتاب من عمرو بن سعيد أمير المدينة فيه الأمان له ويسأله الرجوع فأبى وتم على وجهه فقابله عبد اللَّه بن مطيع ولما علم بوجهه قال له أذكرك اللَّه يا ابن بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحرمة الإسلام أن تنتهك أنشدك اللَّه في حرمة العرب. فواللَّه لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحداً. واللَّه إنها لحرمة الإسلام وحرمة قريش وحرمة العرب فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبني أمية، فأبى إلا يمضي.

ولما كان بالثعلبية جاءه مقتل مسلم بن عقيل فقال له بعض أصحابه ننشدك اللَّه إلا ما رجعت من مكانك فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف أن يكونوا عليك. فوثب بنو عقيل وقالوا واللَّه لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق كما ذاق مسلم.
فسار حتى نزل بطن العقبة وهناك لقيه رجل من العرب فقال أنشدك اللَّه إلا ما انصرفت فواللَّه ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف. إن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الأشياء فقدمت عليهم لكان ذلك رأياً. فأما على هذه الحال التي تذكر فلا أرى إلا أن ترجع.

ولما ترك شراف قابلته خيل عدتها ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي فقال لهم الحسين أيها الناس إنها معذرة إلى اللَّه وإليكم وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أن أقدم علينا فليس لنا إمام لعل اللَّه أن يجعلنا بك على الهدى جئتكم فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهود أقدم مصركم وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه فلم يجيبوه بشيء في ذلك ثم قال له الحر إنا أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد اللَّه بن زياد فقال الحسين الموت أدنى إليك من ذلك ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا فمنعهم الحر من ذلك، فقال الحسين ثكلتك أمك ما تريد؟

فقال أما واللَّه لو غيرك من العرب يقولها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان ولكني واللَّه مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه ثم صار براقبه حتى لا يتمكن من الانصراف إلى المدينة فسار الحسين يتجه إلى الشمال حتى وصل نينوى وحينذاك قدم عليهم جيش سيره ابن زياد لقتال الحسين رسولاً يسأله ما الذي جاء به فقال الحسين كتب إلى أهل مصركم هذا أن أقدم عليهم فأما إذا كرهوني فإني أنصرف عنهم فكتب عمر إلى ابن زياد بذلك فقال:


الآن إذا عرضت مخالبنا به يرجو النجاة ولا حين مناص


ثم كتب إلى ابن سعد يأمره أن يعرض على الحسين بيعة يزيد، فإذا قبل ذلك رأينا، وأن ينمعه وهو من معه الماء؛ وكان الحسين يعرض عليهم أن يدعوه يرجع إلى المكان الذي خرج منه، وليس بصحيح أنه عرض عليهم أن يضع يده في يد يزيد فلم يقبلوا منه تلك العودة وعرضوا عليه أن ينزل على حكم ابن زياد ومثل هذا الطلب لا يقبله الحسين مهما يكن من الأمر فلم يكن إلا القتال.

وفي عاشر المحرم سنة 61 انتشب القتال بين هاتين الفتئتين جيش العراق الذي لم يكن فيه أحد من أهل الشام وهذه الفئة القليلة ومن معه. وهم لا يزيدون عن 80 رجلاً ولم يكن إلا قليل وقت حتى قتل الحسين وسائر من معه، وعدة من قتل اثنان وسبعون رجلاً وقتل من أصحاب ابن سعد 88 رجلاً ثم أخذوا رأس الحسين وحملوها إلى ابن زياد ومعها بنات الحسين وإخوته ومعهم علي بن الحسين صغير مريض فأمر ابن زياد بحمل الرأس ومعها النساء والصبيان إلى يزيد فلما بلغوا الشام وأخبر يزيد بالخبر دمعت عيناه وقال كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن اللَّه ابن سمية أما واللَّه لو أني صاحبه لعفوت عنه.

وقعة الحرة:

لم تقف مصائب المسلمين عند قتل الحسين ومن معه بل حدثت حادثة هي في نظرنا أدهى وأشنع وهي انتهاك حرمة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي الإلهي وهي التي حرمها عليه السلام كما حرم إبراهيم مكة فصارت هاتان المدينتان مقدستين لا يحل فيهما القتال فانتهاك حرمة إحداهما من الشرور العظيمة والمصائب الكبرى فكيف انتهاك حرمتهما معاً في سنة واحدة؟

أما حادثة المدينة فإنه في عهد إمارة عثمان بن أبي سفيان عليها أوفد إلى يزيد بدمشق وفداً من أشراف أهل المدينة فيهم عبد اللَّه بن حنظلة الأنصاري وعبد اللَّه بن أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي والمنذر بن الزبير وغيرهم ولما قدموا على يزيد أكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم فأعطى عبد اللَّه بن حنظلة وكان شريفاً فاضلاً عابداً سيداً مائة ألف درهم وكان معه ثمانية بنين فأعطى كل ولد عشرة آلاف وأعطى المنذر بن الزبير مائة ألف فلما قدموا إلى المدينة أقاموا أهلها فأظهروا شتم يزيد وعيبه وأعلنوا أنهم خلعوه فتابعهم الناس وولوا أمرهم عبد اللَّه قومه فجاءهم وأمرهم بلزومهم الطاعة وخوفهم الفتنة وقال لهم إنكم لا طاقة لكم بأهل الشام فلم تجد نصيحته نفعاً فعاد عنهم وحينذاك قام هؤلاء الثائرون وحصروا من في المدينة من بني أمية في دار مروان فكتبوا إلى يزيد يتسغيثون به فلما جاءه كتابهم قال متمثلاً:


لقد بدلوا الحكم الذي في سجيتي فبدلت قومي غلظة بليان


وحينذاك جهز جيشاً أمر عليه مسلم بن عقبة المري وكان عدة من تجهز معاً اثنا عشر ألفاً وقال له يزيد ادع القوم ثلاثاً فإن أجابوك وإلا فقاتلهم فإن ظهرت عليهم فأبحها ثلاثاً فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند فإذا مضت الثلاث فأكفف عن الناس وانظر علي بن الحسين فأكفف عنه واستوصي به خيراً فإنه لم يدخل مع الناس وإنه قد أتاني كتابه.

ثم سار مسلم حسب وصية عبد الملك فلما ورد المدينة دعا أهلها وقال إن أمير المؤمنين يزعم أنكم الأصل وإني أكره إراقة دمائكم وإني أؤجلكم ثلاثاً فمن ارعوى وراجع الحق قبلنا منه وانصرفت عنكم وسرت إلى هذا المحل الذي بمكة وإن أبيتم كنا قد أعذرنا إليكم فلم يبالوا وحاربوا وكان القتال بين الفريقين شديداً جداً ولكن انتهى بهزيمة أهل المدينة بعد أن قتلت ساداتهم وأباح مسلم المدينة ثلاثاً يقتلون الناس ويأخذون المتاع والأموال وبعد ذلك دعا مسلم الناس للبيعة ليزيد على أنهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم، فمن امتنع عن ذلك قتله. ثم أتى بعلي بن الحسين فأكرمه لوصية يزيد ولم يلزمه بالبيعة وكانت هذه الواقعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 63.

حصار مكة:

وثالثة الحوادث التي يقع معظم تبعتها على عبد اللَّه بن الزبير حصار مكة فإن مسلماً لما انتهى من أمر المدينة سار قاصداً مكة لحرب ابن الزبير واستخلف على مكة روح بن زنباع الجذامي، وقد أدركت المنية مسلماً بالشلل فاستخلف على الجند الحصين بن نهير كما أمر يزيد فسار بالجند إلى مكة فقدمها لأربع بقين من المحرم سنة 64 وقد بايع أهلها وأهل الحجاز لعبد اللَّه بن الزبير وقدم عليه نجدة بن عامر الحنفي الخارجي لمنع البيت، فخرج ابن الزبير للقاء أهل الشام فحاربهم حرباً انكشف فيها أصحابه فسار راجعاً إلى مكة فأقاموا عليه يقتلونه بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من ربيع الأول رموا البلد بالمنجنيق ولم يزل الحصار حتى بلغهم نعي يزيد بن معاوية فوقف القتال.

هذه ثلاث فتن كبرى داخلية حصلت في أيام يزيد جعلت اسمه عند عامة المسلمين مكروهاً حتى استحل بعضهم لعنه ونحن بعد أن بسطنا أمامكم هذه الحوادث وآثارها لا نرى من العدل أن يتحمل يزيد كل تبعتها بل إن الذي يتحمله جزء صغير منها لأنه بايعه معظم المسلمين وخالف عليه قليل منهم من المعقول أن يتركهم وما يشتهون لتفرق الكلمة وليس من السهل أن ينزل لهم عما تقلده فيما ترى على فعل ما فعل وإنما الذي عليه تلك الشدة التي أجرتها جنوده بعد أن تم لها النصر.

الفتوح في عهد يزيد:

استعمل يزيد عقبة بن نافع على إفريقية كما وعده معاوية بذلك، فسار إليها ولما وصل إلى القيروان قبض على أبي المهاجر وأوثقه في الحديد وترك بالقيروان جنداً مع الذراري والأموال ثم سار في عسكر حتى دخل مدينة باغاية وقد اجتمع بها كثير من الروم فقاتلوه قتالاً شديداً وانهزموا عنه ودخل المنهزمون المدينة.

فحاصرهم عقبة ثم كره المقام عليهم فسار إلى بلاد الزاب وهي بلاد واسعة فيها عدة مدن وقرى كثيرة فقصد مدينتها العظمى واسمهاأربعة فامتنع من بها من الروم فقاتلتهم الجنود الإسلامية حتى هزمتهم ثم رحل إلى تاهرت، فلما بلغ الروم خبره استعانوا بالبربر فأجابوهم ونصروهم فاجتمعوا في جمع كثير واشتد الأمر على المسلمين لكثرة العدو ولكن العاقبة كانت لهم فانهزمت الروم والبربر وغنم المسلمون أموالهم وسلاحهم.

ثم سار حتى نزل على طنجة فلقيه بطريق رومي اسمه يليان فأهدى له هدية حسنة ونزل على حكمه ثم سار نحو السوس الأدنى وهو مغرب طنجة فلقيته البربر في جموع كثيرة فقاتلهم وهزمهم هزيمة منكرة.

ثم سار نحو السوس الأقصى وقد اجتمع له جمع عظيم من البربر فقاتلهم وهزمهم.
وسار بعد ذلك حتى بلغ بحر الظلمات، فقال يا رب لولا هذا البحر لمضيت في البلاد مجاهداً في سبيلك ثم عاد فنفر الروم من طريقة خوفاً منه.

يتبــــــــــــع.........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 15:48   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]3. معاوية الثاني:[/align]

بعد موت يزيد كانت هناك بيعتان إحداهما بالشام لمعاوية بن يزيد، والثانية بمكة والحجاز لعبد اللَّه بن الزبير.
فأما معاوية فكانت سنه إحدى وعشرين سنة اختاره أهل الشام للخلافة بعد موت أبيه إلا أنه بعد قليل من خلافته نادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني قد ضعفت عن أمركم فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم ثم دخل منزله وتغيب حتى مات بعد ثلاثة أشهر من خلافته.
هكذا فعل الشاب الضعيف حينما رأى عصا المسلمين منشقة ولم ير من نفسه القدرة على لَم شعثها وإصلاح أمرها.

عبد اللَّه بن الزبير:

أما ابن الزبير فإن يزيد مات وحصين بن نمير محاصر له وقد اشتد الحصار عليه فجاءه الخبر قبل أن يصل لرئيس الجند المحاصر فناداه علام تقاتلون وقد هلك طاغيتكم فلم يصدقوه لما وصل الخبر الحصين بعث إلى ابن الزبير يريد محادثته فجاءه فكان فيما قال له أنت أحق بهذا الأمر هلم فلنبايعك ثم أخرج معنا إلى الشام فإن هذا الجند الذين معي هم وجوه الشام وفرسانه فواللَّه لا يختلف عليك اثنان وتؤمن الناس وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك وبين أهل الحرم فقال له أنا لا أهدر الدماء واللَّه لا أرضى أن أقتل بكل رجل منهم عشرة منكم وأخذ الحصين يكلمه سراً وهو يجهر ويقول واللَّه لا أفعل فقال له الحصين قد كنت أظن لك رأياً وأنا أكلمك سراً وتكلمني جهراً وأدعوك إلى الخلافة، وأنت لا تريد إلا القتل والهلكة. ثم فارقه ورحل إلى المدينة فالشام فوصلوها وقد بويع لمعاوية بن يزيد.

هذا حال الشام لا إمام فيه والحجاز فيه ابن الزبير. أما العراق فإن عبيد اللَّه بن زياد لم بلغه نعي يزيد نادى الصلاة جامعة فلما اجتمع الناس قال يا أهل البصرة إن مهاجرنا إليكم ودارنا فيكم ومولدي فيكم وليتكم... الخ ثم دعا لنفسه بالبيعة. فقالوا له قد سمعنا مقالتك وما نعلم أحداً أقوى عليها منك فهلم فلنبايعك فأبى عليهم ذلك ثلاثاً ثم بسط يده فبايعوه ثم انصرفوا عنه يمسحون أيديهم بالحيطان ويقولون أيظن ابن مرجانة أنا ننقاد له في الجماعة والفرقة ثم أرسل إلى أهل الكوفة من يطلب بيعتهم له فأبوا عليه. ولما علم أهل البصرة بآبائهم أظهروا النفرة منه وخلعوه ودعا بعضهم إلى بيعة ابن الزبير فأجابه إلى ذلك أكثرهم وضعف أمر ابن زياد وخاف أهل البصرة على نفسه فاستجار بالحارث بن قيس الأزدي ثم بمسعود بن عمر سيد الأزد فأجاره حتى هرب إلى الشام.

واختار أهل البصرة والياً عليهم عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل الملقب ببية فبايعوه وأقبلوا به إلى دار الإمارة وذلك أول جمادى الآخرة سنة 64 وكذلك اختار أهل الكوفة لهم أميراً وكتب أهل المصرين إلى ابن الزبير بالبيعة فأرسل لهم العمال من عنده. وكذلك دخل في بيعة ابن الزبير أهل مصر ولم يبق إلا الشام.

حال الشام:

كان رأس بني أمية بالشام مروان بن الحكم، وكان أمير دمشق الضحاك بن قيس وكان هواه في ابن الزبير يدعو له وأمير حمص النعمان بن بشير وأمير قنسرين زفر بن الحارث الكلابي وهواهم كلهم في ابن الزبير يدعون له وكان أمير فلسطين حسان بن مالك الكلبي وهواه في بني أمية وقد بايعه على الدعوة لهم أهل الأردن على شرط أن يجنبهم هذين الغلامين عبد اللَّه وخالداً ابني يزيد لأنهم قالوا إنا نكره أن يأتينا الناس بشيخ نأتيهم بغلام فكتب حسان إلى الضحاك بن قيس كتاباً يعظم فيه حق بني أمية وحسن بلائهم عنده ويذم ابن الزبير وأنه خلع خليفتين وأمره أن يقرأ كتابه على الناس وكتب كتاباً آخر سلمه لرسوله وقال له إن قرأ الضحاك كتابي على الناس وإلا ففم واقرأه عليهم فلما ورد كتابه على الضحاك لم يقرأه على الناس فقام رسول حسان وقرأ عليهم الكتاب فقال الوليد بن عتبة بن أبي سفيان صدق حسان وقام غيره فقالوا مثل مقاله فأمر بهم الضحاك فحبسوا ولكن عشائرهم أخرجوهم من الحبس وكان الذين في دمشق فريقين فقيس تدعوا إلى ابن الزبير وكلب تدعو إلى بني أمية.

[align=center]4. مروان بن الحكم: [/align]

خرج الضحاك بمجموعة فنزل مرج راهط بيده واجتمع بنو أمية بالجابية فتشاورا فيمن يلي أمر المسلمين واتفق رأيهم أخيراً على تولية مروان ابن الحكم فبايعوه لثلاث عشرون من ذي القعدة سنة 64 هـ.

ولما تمت بيعته بالناس من الجابية إلى مرج راهط وبه الضحاك بن قيس ومن على رأيه واجتمع على مروان كلب وغسان والسكاسك والكون وكانت بين الفريقين مواقع هائلة عشرين ليلة في مرج راهط وكانت الغلبة أخيراً لمروان.
ولما تم الأمر لمروان بالشام سار إلى مصر فافتتحها وبايعه أهلها ثم عاد إلى دمشق فأقام بها.
لم تطل مدة مروان في سلطانه فإنه توفي في رمضان سنة 65 هـ وكان قد عهد بالخلافة لأبنيه عبد الملك ثم عبد العزيز.

ترجمة مروان:

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان الكناني ولد في السنة الثانية من الهجرة وأسلم أبوه الحكم يوم الفتح فنشأ مروان مسلماً وكان في عهد عثمان بن عفان كاتباً له ومدبراً وولي لمعاوية المدينة جملة مرات ولما مات يزيد أوشك أن يذهب إلى ابن الزبير فبايعه لولا عبد اللَّه بن زياد فإنه أشار عليه أن يطلب الخلافة لنفسه لأنه شيخ بني أمية فاستشرف لها ووجد من ينصره على ذلك وتم له الأمر بعد وقعة مرج راهط وكان أمره في الشام ومصر لم يتجاوزهما حتى مات وولي أمر الأمة من بعده ابنه.

يتبــــــــــع...........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 15:51   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]5. عبد الملك بن مروان:[/align]

ترجمته:

هو عبد الملك بن مروان بن الحكم ولد سنة 26 هـ بالمدينة وأمه عائشة بنت معاوية بن الوليد بن المغيرة بن العاص بن أمية. ولما شب كان عاقلاً حازماً أديباً لبيباً وكان معدوداً من فقهاء المدينة يقرن بسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقال الشعبي ما ذاكرت أحداً إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك فإني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً إلا زادني فيه.

توليه الحكم:

ولي الخلافة بعد أبيه بعهد منه. وكانت الحال في البلاد الإسلامية على غاية الاضطراب. فإن الحجاز به عبد اللَّه بن الزبير. وقد بايعه أهله وبلاد العراق أهلها ثلاث فرق زبيرية قد بايعوا ابن الزبير ودخلوا في طاعته، وشيعة تدعوا إلى آل البيت، وخوارج وهم من عرفتم حديثهم قبل. فتلقى الأمر بقلب ثابت وعزيمة صادقة حتى دان الناس واجتمعت الكلمة عليه.

المعركة مع التوابين:

كان مروان قبل وفاته قد جهز جيشاً يقوده عبد اللَّه بن زياد إلى الجزيرة ومحاربة زفر بن الحارث بقرقيسيا واستعمله على كل ما يفتحه فإذا فرغ من الجزيرة توجه إلى العراق وأخذه من ابن الزبير فلما كان بالجزيرة بلغه موت مروان وأتاه كتاب عبد الملك يستعمله على ما استعمله عليه أبوه ويحثه على المسير إلى العراق فسار حتى إذا كان بعين الوردة قابلته جنود مقبلة من العراق لم يبعثهم أمير ولكنهم خرجوا للمطالبة بدم الحسين وسموا أنفسهم التوابين وهم جماعة الشيعة ندموا على خذلانهم الحسين بن علي ولم يروا أنهم يخرجون من هذا الذنب إلا إذا قاموا للمطالبة بثأره وقتلوا قتلته وكان رئيسهم كبير الشيعة بالكوفة سليمان بن صرد الخزاعي فما زالوا يجمعون آلة الحرب ويدعون الناس سراً إلى ما عزموا عليه حتى تم لهم ما أرادوا سنة 65 فخرجوا حتى إذا كانوا بعين الوردة قابلتهم جنود الشام فكان بين الفريقين موقعة عظيمة قتل فيها سليمان بن صرد رئيس الشيعة ومعظم من معه ونجا قليل منهم وكانوا نحواً من ستة آلاف ولما بلغ عبد الملك قتل سليمان قام خطيباً في أهل الشام فقال إن اللَّه قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنه ورأس ضلالة سليمان بن صرد ألا وإن السيوف قد تركت رأس المسيب خذاريف وقد قتل اللَّه منهم رأسين عظيمين ضالين مضلين عبد اللَّه بن سعد الأزدي وعبد اللَّه بن وال البكري. ولم يبق بعدهم من عنده امتناع.

بعد مقتل هؤلاء ثار بالكوفة رجل الفتنة الكبير المختار بن أبي عبيد الثقفي وكان وثوبه بها رابع عشر ربيع الأول سنة 66 فأخرج منها عامل ابن الزبير وهو عبد اللَّه بن مطيع وكان وثوبه باسم محمد بن الحنفية. زاعماً أنه هو الذي أرسله للأخذ بثأر الحسين ولقبه بالإمام المهدي.
ثم إن المختار تخير الجند لمحاربة ابن زياد وجعل قائدهم إبراهيم بن الأشتر فسار حتى التقى بجنود الشام على نهر الخارز فكان بين الفريقين موقعة هائلة انتصر فيها ابن الأشتر وقتل عبيد اللَّه بن زياد بعد أن ذهب من جند الشام عدد وافر قتلاً وغرقاً في نهر الخازر ولما انتهت الموقعة أرسل ابن الأشتر العمال إلى البلاد الجزرية.

وبذلك عاد أمر العراق لابن الزبير وكان الأمر بالشام ومصر لعبد الملكبن مروان أن يجمع كلمة الناس عليه فتجهز لقصد العراق.

ثم سار عبد الملك إلى العراق فبلغ خبره مصعباً فتجهز له وجعل على مقدمته إبراهيم بن الأشتر فتقابل الجيشان بمسكن، وكان كثير من أهل العراق كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فكانت نياتهم فاسدة فلما حصلت الموقعة انهزم أهل العراق وبقي مصعب مع قليل من المخلصين له.
بذلك لم يبق خارجاً عن سلطان عبد الملك إلا الحجاز فوجه وهو بالكوفة جنداً إلى مكة بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي لقتال عبد اللَّه بن الزبير فسار إليه في جمادي الأولى سنة 72 هـ فلما وصل مكة حصر ابن الزبير بها ورماها بالمجانيق ولم يزل الأمر على ذلك حتى اشتدت الحال على أهل مكة من الحصار فتفرقوا عن ابن الزبير وخرجوا بالأمان إلى الحجاج وكان ممن فارقه ابناه حمزة وحبيب ولما رأى ابن الزبير أنه لم يبق معه إلا قليل لا يغنون عنه شيئاً.
فقاتل ابن الزبير حتى قتل وكانت سنه ثلاثاً وسبعين سنة وبعد قتله صلبت جثته ثم أنزلت بأمر من عبد الملك.

مكث ابن الزبير خليفة بالحجاز تسع سنين لأنه بويع له سنة 64 وبقتل ابن الزبير صفا الأمر لعبد الملك في جميع الأمصار الإسلامية، واجتمعت عليه الكلمة وبقي الحجاج والياً على مكة والمدينة حتى سنة 75 وفيها عزله عبد الملك عنهما وولاه العراقين فسار إلى الكوفة في اثني عشر راكباً على النجائب حتى دخلها فبدأ بالمسجد فصعد المنبر وهو متلثم بعمامة خز حمراء فاجتمع إليه الناس. وهو ساكت قد أطال السكوت حتى أراد بعضهم أن يحصبه ثم كشف اللثام عن وجهه.

وفي سنة 89 ولى الحجاج عبيد اللَّه بن أبي بكرة سجستان فغزا رتبيل وقد كان يفعل مصالحاً وقد كانت العرب قبل ذلك تأخذ منه خراجاً وربما امتنع فلم يفعل فبعث الحجاج إلى ابن أبي بكرة يأمره بغزوه فتوغلوا في بلاده فأصيبوا وهلك معظمهم ونجا أقلهم فرأى الحجاج أن يجهز إليهم جنداً فجهز عشرين ألفاً من البصرة ومثلهم من الكوفة.

وجد في ذلك وشمر وأعطى الناس أعطياتهم كملاً وأخذهم بالخيول الروائع والسلاح الكامل واستعرض ولا يرى رجلاً تذكر منه شجاعة إلا أحسن معوفته ولما استتب أمر ذينك الجندين ولى عليهم عبد الرحمن بن الأشعث فسار حتى قدم سجستان فصعد منبرها وقال أيها الناس إن الأمير الحجاج ولاني ثغركم وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم وأباد أخياركم فإياكم أن يتخلف منكم رجل فيحل بنفسه العقوبة اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس.

ولما دخل الناس فارس قال بعضهم لبعض إذا خلعنا الحجاج فقد خلعنا عبد الملك فخلعوه وبايعوا عبد الرحمن على كتاب اللَّه وسنه ورسوله وخلع أئمة الضلالة وجهاد المحلين، ولما بلغ الحجاج خبره بعث إلى عبد الملك يخبره ويسأله أن يوجه الجنود إليه فهاله الأمر وبادر بإرسال الجنود الشامية إليه والحجاج مقيم بالبصرة فلما اجتمعت الجنود إليه سار بها حتى نزل تستر وقدم بين يديه مقدمته فقابلتها جنود ابن الأشعث فهزمت مقدمة الحجاج يوم الأضحى سنة 81 وأتت الحجاج الهزيمة فانصرف راجعاً حتى نزل الزاوية وجاءت جنود ابن الأشعث حتى نزلت البصرة فبايعه أهلها وكان دخوله إليها في آخر ذي الحجة ثم تقابل الجندان بالزاوية فهزمت جنود الحجاج.

أما ابن الأشعث، فقد تقلبت به الأحوال؛ وانتهى أمره إلى أن توجه إلى رتبيل مستغيثاً به، فكتب الحجاج إلى رتبيل يأمره أن يرسل إليه ابن الأشعث ويتوعده إن لم يفعل، فأراد رتبيل أن يرسله، فقتل ابن الأشعث نفسه بأن ألقى نفسه من فوق قصر فمات ثم ضرب رتبيل عنق بضعة عشر رجلاً من أقاربه، وأرسل بالرؤوس إلى الحجاج.
وفاة عبد الملك:

في يوم الخميس منتصف شوال سنة 86 هـ (أكتوبر سنة 705 م) توفي عبد الملك بدمشق فكانت مدة خلافته منذ بويع بالشام إحدى وعشرين سنة وشهراً ونصفاً من مستهل رمضان سنة 65 هـ إلى منتصف شوال سنة 86 هـ وكانت خلافته منذ قتل ابن الزبير واجتمعت عليه الكلمة ثلاث عشرة سنة وخمسة أشهر بناء على أن ابن الزبير قتل في 17 جمادي الأولى سنة 73 وكان عمر عبد الملك ستين سنة لأنه ولد سنة 26 هـ.
بيت عبد الملك:

تزوج عبد الملك:

1ــ ولادة بنت العباس بن جزء العبسي فولدت له الوليد وسليمان ومروان الأكبر.
2ــ عاتكة بنت يزيد بن معاوية فولدت له يزيد ومروان ومعاوية وأم كلثوم.
3ــ أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي« فولدت له هشاماً.
4ــ عائشة بنت موسى بن طلحة التيمي فولدت له أبا بكر واسمه بكار.
5ــ أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان فولدت له الحكم.
6ــ أم المغيرة بنت المغيرة بن خالد المخزومي فولدت له فاطمة.
7ــ شقراء بنت سلمة بن حليس الطائي.
8ــ ابنة لعلي بن أبي طالب.
9ــ أم أبيها بنت عبد اللَّه بن جعفر.

وله من الأولاد عبد اللَّه ومسلمة والمنذر وعنبسة ومحمد وسعيد الخير والحجاج لأمهات الأولاد.

صفة عبد الملك:

كان عبد الملك قوي العزيمة ثابت النفس لا تعزعزه الشدائد، ولي أمر الأمة في غاية الاضطراب والاختلاف فما زال حتى جمعها وصيرها واحدة تدين لخليفة واحد وسلمها لابنه الوليد وهي على غاية من الهدوء والطمأنينة.

يتبـــــــــــع.........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 15:54   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]6. الوليد بن عبد الملك (الأول):[/align]

ترجمته:

هو الوليد بن عبد الملك بن مروان وأمه ولادة بنت العباس بن جزء العبسي. ولد سنة 50 من الهجرة ولم تكن له ولاية العهد إلا بعد وفاة عمه عبد العزيز بن مروان ولما توفي أبوه عبد الملك بويع بالخلافة في اليوم الذي مات فيه. لما رجع من دفنه بدمشق لم يدخل منزله حتى صعد على منبر دمشق، فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إنه لا مقدم لما أخر اللَّه، ولا مؤخر لما قدم اللَّه، وقد كان من قضايا اللَّه وسابق علمه، وما كتب على أنبيائه وحملة عرشه الموت وقد صار إلى منازل الأبرار ولي هذه الأمة بالذي يحق عليه للَّه من الشدة على المريب واللين لأهل الحق والفضل وإقامة ما أقام اللَّه من منار الإسلام وأعلامه من حج البيت وغزو هذه الثغور وشن هذه الغارة على أعداء اللَّه فلم يكن عاجزاً ولا مفرطاً.

أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوج الجماعة فإن الشيطان مع الفرد. أيها الناس من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ومن سكت مات بدائه. ثم قام إليه الناس فبايعوه.

الحال في عهد الوليد:

كانت مدة الوليد غرّة في جبين الدولة الأموية ففيها قام بإصلاح داخلي عظيم، واشتهر في الأمة قواد عظام فتحوا الفتوح العظيمة وأضافوا إلى المملكة الإسلامية بلاداً واسعة واستردوا هيبتها في أنفس الأمم المجاورة لها. وسبب ذلك أن الوليد تولى بعد أن وطأ عبد الملك الأمور ومهدها فاستلمها الوليد والأمة هادئة مطمئنة مجتمعة الكلمة وخبت نار الأهواء فإن الخوارج ذهبت حدتهم وشوكتهم وقلت جموعهم وشيعة آل البيت نالهم ما جعلهم يهتمون بأنفسهم، فلم يحركوا ساكناً، ولم يوقظوا فتنة.

الإصلاح الداخلي:

كان الوليد ميالاً إلى العمارة فاهتم في زمنه بإصلاح الطرق وتسهيل السبل في الحجاز وغيره في سنة 88 إلى عامله بالمدينة عمر بن عبد العزيز في تسهيل الثنايا وحفر الآبار في البلدان وكتب إلى سائر البلاد بذلك فعمل عمر بالمدينة الفوارة التي يستقي منها أهل المدينة وأجرى إليها الماء وأمر لها بقوام يقومون عليها.
وإصلاح الطرق من أهم ما يذكر لولاة الأمر في إصلاح البلاد.

ومن أعماله العظيمة بناء ذينك المسجدين العظيمين مسجد المدينة وجامع دمشق ففي السنة المتقدمة أمر عمر بن عبد العزيز بهدم المسجد النبوي وهدم بيوت أزواج الرسول وإدخالها في المسجد وأن يشتري دوراً في مؤخره ونواحيه ليتسع حتى يكون مئتي ذراع في مثلها ومن أبى فليقوم داره قيمة عدل وتهدم ويدفع إليهم ثمنها فإن لك في ذلك سلف وصدق عمر وعثمان.
وأرسل إليه الوليد بالفعلة والبنائين من الشام فعمل في ذلك عمر مع فقهاء المدينة وبعث الوليد إلى ملك الروم يعلمه أنه أمر بهدم مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويطلب منه أن يعينه فيه فبعث إليه بمائة ألف مثقال ذهب وبعث إليه بمائة عامل وبعث إليه من الفسيفساء بأربعين جملاً فابتدىء بعمارته وأدخلت جمع الحجر التي لأزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يبق إلا حجرة عائشة التي فيها القبور الثلاثة وكان من رأي بعض أهل المدينة أن لا تكون في المسجد حذر أن يستقبلها بعض المسلمين في صلاتهم يشبهونها بالكعبة ففكر في ذلك عمر وقد هداه الفكر أن يثلث جهتها الشمالية حتى تنتهي بزاوية لا يمكن استقبالها فصار شكل الحجرة مخمساً.

أما جامع دمشق وهو المعروف بالجامع الأموي فإن الوليد احتفل له احتفالاً عظيماً حتى خرج مناسباً لعظمة المملكة الإسلامية ولا يزال شيء من آثاره شاهداً بتلك العظمة وكان الناس في حايته قد شغفوا بالعمارة تبعاً له حتى كانت مسألتهم عنها إذا تقابلوا. وبنى الوليد المصانع في الشام لتسهيل الاستقاء.

ومن الإصلاح العظيم حجره على المجذومين أن يسألوا الناس وجعل لهم من العطاء ما يقوم بحياتهم وأعطى كل مقعد خادماً وكل ضرير قائداً.
ومن حسنات الوليد استعانته في عمله بعمر بن عبد العزيز الذي أعاد سيرة سلف هذه الأمة الصالح فقد ولاه المدينة سنة 77 فقدمها وسنه 25 سنة فنزل دار مروان ولما صلى الظهر دعا عشرة من فقهاء المدينة عروة بن الزبير وعبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد بن أبي بكر وسالم بن عبد اللَّه بن عمرو وعبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد وهم إذ ذاك سادة فقهاء الدنيا فلما دخلوا عليه أجلسهم ثم حمد اللَّه وأثنى عليه إني إنما دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعواناً على الحق ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم فإن رأيتم أحداً يتعدى أو بلغكم عن عامل لي ظلامة فأحرج اللَّه على من بلغه ذلك إلا بلغني. فخرجوا يجزونه خيراً وافترقوا وبهذا العمل جدد فيهم سيرة عمر بن الخطاب وهو جده من قبل أمه.
قد عزله الوليد عن المدينة سنة بسبب شكوى من الحجاج.

الفتوح في عهد الوليد:

اشتهر في زمن الوليدأربعة قواد عظام كان لهم أجمل الأثر في الفتح الإسلامي وهم:
1ــ محمد بن القاسم بن محمد الثقفي.
2ــ قتيبة بن مسلم الباهلي.
3ــموسى بن نصير.
4ــ مسلمة بن عبد الملك بن مروان.

فأما القاسم بن محمد:

فإنه كان أميراً على ثغر السند من قبل الحجاج بن يوسف وكان الحجاج قد ضم إليه ستة آلاف من جند أهل الشام وجهزه بكل مااحتاج إليه فسار القاسم إلى بلاد السند حتى أتى الديبل فنزل عليه وكان به بد عظيم والبد منارة عظيمة تتخذ في بناء لهم فيه صنم أو أصنام لهم وكان كل شيء أعظموه من طريق العبادة فهو عندهم بد وكانت كتب الحجاج ترد على محمد وكتب محمد ترد على الحجاج بصفة ما قبله واستطلاع رأيه فيما يعمل به كل ثلاثة.

ولم يزل القاسم حاصراً للديبل حتى خرج العدو إليه مرة فهزمهم ثم أمر بالسلاليم فوضعت وصعد عليها الرجال ففتحت عنوة وقتل عامل داهر عليها ثم بنى مسجداً وأنزلها أربعة آلاف، ثم أتى البيرون فأقام أهله العلوفة للقاسم وأدخلوه مدينتهم وكانوا قد بعثوا سمينين إلى الحجاج فصالحوه فوفى لهم محمد بن القاسم بالصلح ثم جعل لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهر دون مهران فأتاه سمين سريبدس فصالحوه على من خلفهم ووظف عليهم الخراج وسار إلى سهبان ففتحها ثم إلى مهران فبلغ ذلك داهر ملك السند فاستعد لمحاربته ثم إن محمد عبر مهران وهو نهر السند على جسر عقد فالتقى بداهر في جنوده الكثيرة؛ وهو على فيل وحوله الفيلة فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يسمع وترجل داهر وقاتل فقتل عند المساء وانهزم المشركون.

ولما قتل داهر غلب محمد على بلاد السند، ثم فتحوا راور عنوة ثم أتى برهمناباذ العتيقة فقاتله بها فل داهر ولكنهم انهزموا فخلف بها عاملاً، ثم سار فتلقاه أهل ساوندرى وسألوه الأمان فأعطاهم الأمان فأعطاهم إياه واشترط عليهم ضيافة المسلمين، ودولتهم ثم تقدم إلى يسمد فصالح أهلها على مثل صلح مثل صلح ساوندرى.

ثم انتهى إلى الرور وهي من مدائن السند فحصر أهلها ثم فتحها صلحاً على أن يقتلهم ولا يعرض لبدهم؛ وقال ما البد إلا ككنائس النصارى، واليهود، وبيوت نيران المجوس، ووضع عليهم الخراج وبنى بالرور مسجداً، ثم سار حتى قطع نهر بباس إلى الملتان فقاتله أهل الملتان فهزمهم حتى أدخلهم المدينة وحصرهم ثم نزلوا على حكمه فقتل كثيراً منهم وأصاب فيها مغانم كثيرة وافرة وكان بد الملتان تهدي إليه الأموال وتنذر له لنذور ويحج ويحلقون رؤوسهم ولحاهم عنده فحاز محمد ذلك كله.

وفي ذلك الوقت بلغته وفاة الحجاج فرجع عن الملتان إلى الرور وبغرور وكان قد فتحها فأعطى الناس ووجه إلى البيلمان جيشاً فلم يقاتلوه وأعطوا الطاعة وسالمه أهل سرست ثم أتى الكرج فخرج إليه دوهر فقاتله فانهزم العدو وهرب دوهر. بعد هذه الفتوح العظيمة التي نشرت ظل الإسلام على جميع بلاد السند مات الوليد بن عبد الملك فوقف أمر محمد وسنتكلم بعد على خاتمة حياته.

وأما قتيبة بن مسلم:

فكان أميراً على خراسان للحجاج بن يوسف ولاه عليها بعد المفضل بن المهلب سنة 86.
ثم عرض الجند في السلاح والكراع وسار واستخلف على مرو. فلما كان بالطالقان تلقاه دهاقين بلخ وعظماؤهم فساروا معه ولما قطع النهر تلقاه ملك الصغانيان بهدايا ومفتاح من ذهب فدعاه إلى بلاد فأتاه وأتى ملك مفتان بهدايا وأموال، ودعاه إلى بلاده فمضى مع الصغانيان فسلم إليه بلاده وكان ملك آخرون وشومان قد أساءه جواره وضيق عليه فسار قتيبة إلى آخرون وشومان وهما من طخستان فجاءه الملك فصالحه على فدية أداها فقبلها قتيبة ورضي ثم عاد إلى مرو واستخلف على الجند ولما علم بذلك الحجاج كتب إليه يلومه ويعجز رأيه في تخليفه الجند وكتب إليه إذا غزوت فكن في مقدم الناس وإذا قفلت فكن في أخرياتهم وساقتهم.

وفي سنة 87 قدم على قتيبة نيزك وصالحه وكان سبب ذلك أنه كان في يد نيزك أسرى من المسلمين، فكتب إليه قتيبة يأمره بإطلاقهم ويتهدده، فخالفه نيزك فأطلق الأسرى فوجه إليه قتيبة يطلب منه القدوم عليه وحلف باللَّه لئن لم يفعل ليغزونه وليطلبنه حيث كان لا يقلع عنه حتى يظفر به أو يموت قبل ذلك. فقدم عليه نيزك وصالحه على أهل بادغيس على أن لا يدخلها.

وبعد ذلك غزا قتيبة بيكند وهي أدنى مدائن بخارى إلى النهر فلما نزل بهم استنصر الصغد واستمدوا من حولهم فأتوهم في جمع كثير وأخذوا بالطريق فلم ينفذ لقتيبة رسول ولم يصل إليه رسول ولم يجز له خبر شهرين وأبطأ خبره على الحجاج فأشفق على الجند والقتال دائر بين قتيبة وعدوه وذات يوم لقي المسلمون عدوهم بجد أنزل اللَّه عليهم نصرهم فانهزم العدو عنهم يريدون دخول المدينة فحال المسلمون بينهم وبينها فتفرقوا وركب المسلمون أكنافهم واعتصم بالمدينة عدد قليل دخلها ولما رأوا قتيبة ابتدأ بهدمها سألوه الصلح فصالحهم وولى عليهم أميراً وسار عنهم فلما كان على خمسة فراسخ بلغه أن أهل بيكند غدروا بالعامل فقتلوه وأصحابه فرجع إليهم وفتح المدينة عنوة فقتل مقاتلها وأصاب فيها مغانم كثيرة ثم عاد إلى مرو.

ولما كان الربيع سار عن مرو في عدة حسنة من الدواب السلاح وعبر النهر حتى أتى نومشكث وهي من بخارى فصالحه أهلها ثم سار إلى رامثينة فصالحه أهلها فانصرف عنهم وزحف إليه الترك معهم الصغد وأهل فرغانة فاعترضوا المسلمين في طريقهم فقاتلهم المسلمون قتالاً شديداً أبلى فيه نيزك بلاء حسناً وهو مع قتيبة حتى انهزم الترك وفض جمعهم ثم رجع إلى مرو فقطع النهر من ترمذ يريد بلخ ثم أتى مرو.

ثم أراد أن يفتح بخارى فعبر النهر ومضى إلى بخارى فنزل خرقانة السفلى فلقيته جموع كثيرة فقاتلهم وهزمهم ولما وصل بخارى استعد له ملكها فلم يظفر من البلد بشيء فرجع إلى مرو وكتب إلى الحجاج فكتب إليه الحجاج أن صورها لي فبعث إليه بصورتها فكتب إليه الحجاج أن ارجع إلى مراغتك فتب إلى اللَّه مما كان منك وائتها من مكان كذا فخرج قتيبة من مرور سنة 90 فانتصر ملك بخارى بالصغد والترك من حولهم، ولكن قتيبة سبقهم إلى بخارى فحصروها وفي أثناء الحصار جاء أهل بخارى المدد فخرجوا لقتال المسلمين فصبروا لهم ثم جال المسلمون وركبهم المشركون فحطموهم حتى دخلوا عسكر قتيبة في القلب وجاوزه حتى ضرب النساء وجوه الخيل وبكين فكر الناس راجعين وانطوت مجنبتا المسلمين على الترك فقاتلوهم حتى ردهم إلى مواقفهم فوقف الترك على نشر فقال قتيبة من يزيلهم لنا من هذا الموضع فلم يجبه أحد فمشى إلى بني تميم وقال لهم يوم كأيامكم أبي لكم الفداء فأخذ وكيع وهو رأسهم اللواء بيده وقال يا بني تميم أتسلمونني اليوم قالوا لا يا أبا مطرف وكان هزيم بن أبي طلحة المجاشعي على خيل بني تميم فقال وكيع اقدم يا هزيم ودفع إليه الراية وقال قدم خيلك فتقدم هزيم ودب وكيع في الرجال فانتهى هزيم إلى نهر بينه وبين العدو فقال له وكيع أقحم يا هزيم فنظر إليه هزيم نظر الجمل الصؤول وقال أنا أقحم خيلي هذا النهر فإن انكشفت كان هلاكها واللَّه إنك لأحمق فقال وكيع مغضباً أتخالفني وحذفه بعمود كان معه فضرب هزيم فأقحمه قال ما بعد أشد منه وعبر هزيم في الخيل وانتهى وكيع إلى النهر فدعا بخشب فقنطر النهر وقال لأصحابه من وطن منكم نفسه على الموت فليعبر ومن لا فليثبت مكانه فعبر معه 800 راجل فدب فيهم حتى إذا أعيوا أقعدهم فأراحوا ثم دنا العدو فجعل الخيل مجنبتيه وقال هزيم إني مطاعن القوم فأشغلهم عنا بالخيل وقال للناس شدوا فحملوا فما تثنوا حتى خالطوهم وحمل هزيم خيله عليهم فطاعنونهم بالرماح فما كفوا عنهم حتى حدروهم عن موقفهم وهزموهم وجرح في هذا اليوم خاقان ملك الترك وابنه. ولما تم الفتح كتب به قتيبة إلى الحجاج ولما تم لقتيبة ما أراد من بخارى هابه أهل الصغد فطلبوا صلحه فصالحهم على فدية يؤدونها.

وفي سنة 93 فتح قتيبة مدائن خوارزم صلحاً وكانت مدينة الفيل أحصنهم ثم غزا سمرقند وهي مدينة الصغد ففتحها بعد قتال شديد وبنى بها مسجداً وصلى فيه وكان معه في هذه الغزوة أهل بخارى وخوارزم ولما فتحها دعا نهار بن توسعة فقال يا نهار أين قولك:

ألا ذهب الغزو المقرب للغني
أقام بمرو الروذ رهن ضريحه ومات الندى والجود بعد المهلب
وقد غيبا عن كل شرق ومغرب

أفغزوا هذا يا نهار قال هذا أحسن وأنا الذي أقول:

وما كان مذ كنا ولا كان قبلنا
أعم لأهل الترك قتلا بسيفه ولا هو فيما بعدنا كابن مسلم
وأكثر فينا مقسماً بعد مقسم

ثم ارتحل قتيبة راجعاً إلى مرو واستخلف على سمرقند عبد اللَّه بن مسلم وخلف عنده جنداً كثيفاً وآله من آلات الحرب كثيرة. ثم انصرف إلى مرو فأقام بها.

وفي سنة 94 غزا قتيبة شاش وفرعانة حتى بلغ خجندة وكاشان مدينتي فرغانة وقاتله أهل خجندة قتالاً شديداً فهزمهم ثم أتى كاشان فافتتحها وفي سنة 96 افتتح مدينة كاشغر وهي أدنى مدائن الصين سار إليها من مرو فمر بفرغاته وجاءه وهو بها موت الوليد بن عبد الملك فلم يقعده ذلك عن الغزو وسار إلى كاشغر فافتتحها وكان بينه وبين ملك الصين هناك مراسلات وأرسل إليه قتيبة وفداً عليهم هبيرة بن المشمرخ الكلابي فلما كلمهم ملك الصين قال لهم قولوا لقتيبة ينصرف فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت إليكم من يهلككم ويهلكه، فقال له هبيرة كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادراً عليها وغزاك وأما تخويفك إيانا بالقتل فإنا لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل فلسنا نكرهه ولا نخافه. قال فما الذي يرضي صاحبك، قال إنه قد حلف أن لا ينصرف حتى يطأ أرضكم ويختم ملوككم ويعطي الجزية. قال فأنا نخرجه من يمينه نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم ونبعث إليه بجزية يرضاها ثم دعا بصحاف من ذهب فيها تراب وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من ملوكهم ثم أجاز الوفد فساروا حتى قدموا على قتيبة فقبل الجزية وختم الغلمة وردهم ووطىء التراب ثم عاد إلى مرو.
هكذا فتح هذا القائد العظيم تلك البلاد الواسعة وضمها إلى المملكة الإسلامية فانتشر فيها الإسلام حتى أخرجت العظماء من كتاب المسلمين وفقائهم ومحدثيهم وعلمائهم. كانت لقتيبة همة لم تعرف عن الكثير من قواد الجنود وكان له في سياسة جنده الغاية فأحبهم وأحبوه وساقهم إلى الموت فلم يبالوا وسنتكلم بعد على خاتمة حياته.

وأما موسى بن نصير:

فإنه ذلك القائد العظيم الذي فتح الأندلس وأدخل الإسلام في قارة أوروبا.
وأما مسلمة بن عبد الملك فإن عزيمته ظهرت في حروب الروم فكان كل سنة يسير الجنود فيفتتح ما أمامه من الحصون العظيمة التي أقامها الروم لحفظ بلادهم وربما كان يغزو معه العباس بن الوليد بن عبد الملك. ومن الحصون التي افتتحوها حصن طوانة وحصن عمورية وإذاورلية وهرقلة وقمونية وسيسطية والمرزبانين وطرسوس وكثير وغيرها حتى هابهم الروم.

ولاية العهد:

كان عبد الملك قد ولي عهده ابنيه الوليد ثم سليمان ولم يعتبر بما كان منه في حق أخيه عبد العزيز وقد أعاد الوليد عمل أبيه فأراد عزل سليمان وتولية عبد العزيز بن الوليد ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه إلا الحجاج بن يوسف وقتيبة بن مسلم وخواص من الناس فأشار على الوليد بعض خاصته أن يستقدم سليمان ويريده على خلع نفسه وبيعة عبد العزيز فكتب إليه فاعتل فأراد الوليد أن يسير إليه فأمر الناس بالتأهب ولكن منيته حالت دون ذلك. ومن هذا كان الجفاء الشديد بين سليمان والحجاج ومن على رأيه.

وفاة الوليد بن عبد الملك:

في منتصف جمادى الآخرة سنة 96 هـ توفي بدير مران الوليد بن عبد الملك (25 فبراير سنة 715 م) بعد أن مكث في الخلافة تسع سنين وثمانية أشهر من منتصف شوال سنة 86 إلى منتصف جمادى الثانية سنة 96.وكانت سنه إذ توفي ستاً وأربعين سنة وكان له من الأولاد تسعة عشر ابناً.


يتبــــــــــــع..............










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 15:58   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]7. سليمان بن عبد الملك[/align]

هو سليمان بن عبد الملك بن مروان ولد سنة 54 من الهجرة.
بويع بالخلافة بعد موت أخيه وكان بالرملة من أرض فلسطين، وكانت لأول عهده أحداث خير وشر.

كان سليمان يبغض الحجاج وأهله وولاته وكان الحجاج يخشى أن يموت الوليد قبله فيقع في يد سليمان فعجل اللَّه به وكان على العكس من ذلك يميل إلى يزيد بن المهلب عدو الحجاج الألد، فلما ولي سليمان كان أول عمل بدأ به أن ولي يزيد بن أبي كبشة السكسي السند فأخذ محمد بن القاسم وقيده وحمله إلى العراق فقال محمد ممثلاً:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر

فبكى أهل السند على محمد، فلما وصل إلى العراق حبس بواسط.
ثم عذبه صالح بن عبد الرحمن في رجال من آل أبي عقيل حتى قتلهم وبذلك انتهت حياة هذا القائد إرضاء لأهواء الخليفة حتى تقر نفسه بالانتقام وتناسى ما فعله ذلك القائد من عظيم الأعمال، ولا ندري كيف تنبغ القواد وتخلص قلوبهم إذا رأوا أن نتيجة أعمالهم تكون على مثل ذلك.

أما القائد الثاني قتيبة بن مسلم

فإنه كان ممن وافق الوليد على غرضه في عزل سليمان وتولية ابنه عبد العزيز فاضطغنها عليه سليمان وهو يعد من صنائع الحجاج فلما ولي سليمان أشفق منه قتيبة وخاف أن يولي خراسان يزيد بن المهلب، فكتب إليه كتاباً يهنئه ويعزيه عن الوليد وبعلمه بلاءه وطاعته لعبد الملك والوليد وأنه لو على مثل ما كان لهما عليه من الطاعة والنصيحة إن لم يعزله عن خراسان وكتب كتاباً ثانياً يعلمه فيه فتوحه ونكايته وعظم قدره عند ملوك العجم وهيبته في صدورهم وعظم صوته. ويذم المهلب وآل المهلب ويحلف لئن استعمل يزيد على خراسان ليخلعنه.

وكتب كتاباً ثالثاً فيه خلعه وأرسل الكتب الثلاثة مع رجل باهلي وقال له ادفع إليه الكتاب الأول. فإن كان يزيد بن المهلب حاضراً فقرأ ورماه إليه فادفع إليه الثاني، فإن قرأه ورماه إليه فادفع إليه الثالث. فإن قرأ الكتاب الأول ولم يرمه إليه، فاحتبس الكتابين الآخرين. فقدم رسول قتيبة على سليمان وعنده يزيد بن المهلب فدفع إليه الكتاب الأول فقرأه ورماه إلى يزيد فدفع إليه الثاني فقرأه ورماه إلى يزيد فأعطاه الثالث فقرأه.

فتعمر وجهه واحتبس الكتاب في يده وحول الرسول إلى دار الضيافة. ولما أمسى أجاز الرسول وأعطاه عهد قتيبة على خراسان فخرج حتى إذا كان بحلوان بلغه ما كان من أن قتيبة غير مطمئن إلى سليمان فأجمع رأيه على خلعه فدعا الناس الذين معه إلى ذلك فأبى عليه الناس وولوا أمرهم وكيعاً سيد بني تميم فثاروا على قتيبة حتى قتلوه هو وإخوته وأكثر بنيه. قال رجل من عجم خراسان يا معشر العرب قتلتم قتيبة واللَّه لو كان منا فمات فينا جعلناه في تابوت فكنا نستفتح به إذا غزونا وما صنع أحد قط بخراسان ما صنع قتيبة إلا أنه قد غدر وذلك أن الحجاج كتب إليه أن أحتلهم واقتلهم وكانوا يسمون قتيبة هناك ملك العرب فانظروا كيف كانت قوة قتيبة وسيادته في الجماعة وكيف ضاع ذلك كله بسبب هذه الفتنة التي تعجلها قتيبة وما كان ضره لو تأنى.
كانت قيس تزعم أن قتيبة لم يخلع وإنما تجنى عليه وكيع وعلى كل حال فإن الذي حصل كان موافقاً لهوى سليمان بن عبد الملك.

وأما القائد الثالث وهو موسى بن نصير

فإن خاتمة حياته كانت أتعس من صاحبيه فإنه قبل أن يتوفى الوليد استقدمه إلى دمشق فقدم وقد مات الوليد وكان سليمان منحرفاً عنه فعزله عن جميع الأعمال وحبسه وأغرمه مالاً عظيماً لم يقدر على وفائه فكان يسأل العرب في معونته وعلى الجملة فإن فاتحة عهد سليمان لم تكن مما يسر لما أصاب هؤلاء القواد العظام من التعس بعد بلائهم.
أما العامة فإنهم استبشروا به لأنه أزاح عنهم عمال الجور والعسف الذين كانوا عليهم في عهد أخيه وأطلق الأسارى وخلى أهل السجون وأحسن إلى الناس.

الفتوح في عهده:

في عهد إمارة يزيد بن المهلب خراسان فتح دهستان بعد أن حاصرها مدة طويلة ثم أتى جرجان فصالحه أهلها وخلف فيهم جنداً وسار إلى طبرستان فقاتله بها الأصبهبذ قتالاً شديداً ثم صالحه أخيراً وبينا هو محاصر طبرستان بلغه أن أهل جرجان غدروا بعامله وقتلوه هو ومن معه فعاد إليهم وفتح جرجان الفتح الأخير وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وكان فتحه لهذه البلاد فتحاً عظيماً لأنها كانت ارتدت وقطعت الطريق على المسلمين وكتب يزيد إلى سليمان بن عبد الملك أما بعد فإن اللَّه قد فتح لأمير المؤمنين فتحاً عظيماً وصنع للمسلمين أحسن الصنع فلربنا الحمد على نعمه وإحسانه في خلافة أمير المؤمنين على جرجان وطبرستان وقد أعيا ذلك سابور ذا الأكتاف وكسرى ابن قباذ وكسرى بن هرمز وأعيا الفاروق عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ومن بعدهما من خلفاء اللَّه حتى فتح اللَّه ذلك لأمير المؤمنين كرامة من اللَّه له وزيادة في نعمه عليه وقد صار عندي من خمس ما أفاء اللَّه وأنا حامل ذلك لأمير المؤمنين إن شاء اللَّه.

في بلاد الروم:

في عهد سليمان سنة جهز أخاه مسلمة بن عبد الملك بجند عظيم لفتح القسطنطينية وأمره أن يقيم عليها حتى يفتحها أو يأتيه بها أمره فجاءها وحصرها وشتى بها وصاف ومات سليمان وهو له محاصر.

ولاية العهد:

كان سليمان بن عبد الملك قد عهد لابنه أيوب فمات وهو ولي عهده فلما مرض سليمان استشار رجاء بن حيوة في تولية عمر بن عبد العزيز فوافقه على ذلك وكتب بسم اللَّه الرحمن الرحيم هذا كتاب من عبد اللَّه سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز إني قد وليتك الخلافة من بعدي ومن بعدك يزيد بن عبد الملك فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا اللَّه ولا تختلفوا فيطمع فيكم عدوكم وختم الكتاب وأمر بجمع أهل بيته فلما اجتمعوا قال لرجاء اذهب بكتابي هذا إليهم فأخبرهم أن هذا كتابي ومرهم فليبايعوا من وليت فبايعوا كلهم من غير أن يعلموا من سماه.

وفاة سليمان:

يوم الجمعة لعشر بقين من صفر سنة 99 هـ توفي سليمان بن عبد الملك بدابق من أرض قنسرين بعد أن حكم سنتين وثمانية أشهر وخمسة أيام وكانت سنه إذ توفي 45 سنة«


يتبـــــــــــــــع...........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:02   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]8. عمر بن عبد العزيز:[/align]

ترجمته:

هو عمر بن عبد العزيز بن مروان ولد سنة 62 هجرية وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك باستخلافه إياه.
لما مات سليمان خرج رجاء بعهده الذي لم يكن فتح وجمع بني أمية في مسجد دابق وطلب منهم المبايعة مرة ثانية لمن سماه سليمان في كتابه فلما تمت بيعتهم أخبرهم بوفاة أمير المؤمنين وقرأ عليهم الكتاب ولما انتهى أخذ بضبعي عمر فأجلسه على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه وهشام بن عبد الملك يسترجع لما أخطأه.

ولما تمت البيعة بمراكب الخلافة البراذين والخيل والبغال ولكل دابة سائس فقال ما هذا قالوا مركب الخلافة قال دابتي أوفق لي وركب دابته فصرفت تلك الدواب ثم أقبل سائراً فقيل له منزل الخلافة فقال فيه عيال أبي أيوب وفي فسطاطي كفاية حتى يتحولوا فأقام في منزله حتى فرغوه بعد.
كان عمر بن عبد العزيز بعيداً عن كبرياء الملوك وجبروتهم فأعاد إلى الناس سيرة الخلفاء الراشدين الذين كانوا ينظرون إلى أمتهم نظر الأب البار ويعدلون بينهم في الحقوق ويعفون عن أموال الرعية والدنيا عندهم أهون من أن يهتم بجمعها كذلك كان عمر بن عبد العزيز.

في أول خلافته أرسل كتاباً عاماً إلى جميع العمال بالأمصار هذه نسخته أما بعد فإن سليمان بن عبد الملك كان عبداً من عبيد اللَّه أنعم اللَّه عليه ثم قبضه واستخلفني ويزيد بن عبد الملك من بعدي إن كان، وإن الذي ولاني اللَّه من ذلك وقدر لي ليس على بهين ولو كانت رغبتي في اتخاذ أزواج واعتقال أموال كان في الذي أعطاني من ذلك ما قد بلغ بي أفضل ما بلغ بأحد من خلقه وأنا أخاف فيما ابتليت به حساباً شديداً ومسألة غليظة إلا ما عافى اللَّه ورحم وقد بايع من قبلنا فبايع من قبلك. وهذا الكتاب ينبىء عن حقيقة الرجل وتواضعه وبعده عن الزهو والكبرياء وشعوره بعظيم ما ألقي عليه من أمر المسلمين.مما يدل على حبه للعدل والوفاء أن أهل سمرقند قالوا لعاملهم سليمان بن أبي السرح إن قتيبة غدر بنا وظلمنا وأخذ بلادنا وقد أظهر اللَّه العدل والإنصاف فأذن لنا فليفد منا وفد إلى أمير المؤمنين يشكون ظلامتنا فإن كان لنا حق أعطيناه فإن بنا إلى ذلك حاجة فأذن لهم فوجهوا منهم قوماً إلى عمر فلما علم عمر ظلامتهم كتب إلى سليمان يقول له إن أهل سمرقند قد شكوا ظلماً أصابهم وتحاملاً من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمرهم فإن قضى لهم فأخرجهم إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن ظهر عليهم قتيبة فأجلس لهم سليمان جميع بن حاضر.

ومن أعماله العظيمة

تركه لسب علي بن أبي طالب على المنابر وكان بنو أمية يفعلونه فتركه وكتب إلى الأمصار بتركه.

وكان الذي وقر ذلك في قلبه أنه لما ولي المدينة كان من خاصته عبيد اللَّه بن عتبة بن مسعود من فقهاء المدينة فبلغه عن عمر شيء مما يقول بنو أمية فقال عبيد اللَّه متى علمت أن اللَّه غضب على أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضيعنهمفقال لم أسمع ذلك قال فما الذي بلغني عنك في علي فقال عمر معذرة إلى اللَّه وإليك وترك ما كان عليه فلما استخلف وضع مكان ذلك {إن اللَّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 9] فأي شر رفع وأي خير وضع قال في ذلك كثير عزة:

وليت فلم تشتم عليا ولم تخف تكلمت بالحق المبين وإنما
وصدقت معروف الذي قلت بالذي ألا إنما يكفي الفتى بعد زيغه
بريا ولم تتبع مقالة مجرم تبين آيات الهدى بالتكلم
فعلت فأضحى راضياً كل مسلم من الأود البادي ثقات المقوم

ومن إصلاحه أمره

بعمل الخانات في البلدان القاصية فقد كتب إلى سليمان بن أبي السرح أن اعمل خانات فمن مر بك من المسلمين فأقروه يوماً وليلة وتعهدوا دوابهم ومن كانت به علة فأقروه يومين وليلتين وإن كان منقطعاً فأبلغه بلده.

ومما يذكر له أن أبطل مغارم كثيرة كانت قد استحدثت في عهد الحجاج بن يوسف فقد كتب إلى أمير العراق أما بعد فإن أهل الكوفة قد أصابهم بلاء وشدة وجور في أحكام اللَّه وسنة خبيثة سنها عليهم عمال السوء وإن قوام الدين العدل والإحسان فلا يكون شيء أهم إليك من نفسك فلا تحملها إلا قليلاً من الإثم ولا تحمل خراباً على عامر وخذ منه ما طاق وأصلحه حتى يعمر ولا يؤخذن من العامر إلا وظيفة الخراج في رفق وتسكين لأهل الأرض ولا تأخذ أجور البيوت ولا درهم النكاح ولا خراج على من أسلم من أهل الذمة فاتبع في ذلك أمري فإني قد وليتك من ذلك ما ولاني اللَّه.

ومما فعله أنه نهى عن تنفيذ حكم أو قطع إلا بعد أن يراجع فيه بعد أن كانت الدماء قبله تراق من غير حساب بل على حسب هوى الأمير.
ومن الحكمة أن لا يتساهل في مثل هذه الحدود وضم رأي الخليفة إلى رأي القاضي الذي حكم ضمان كبير لأن يكون الحكم قد وقع موقعه.

رده المظالم لأهلها لما ولى الخلافة أحضر قريشاً ووجوه الناس فقال لهم إن فدك كانت بيد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان يضعها حيث أراد اللَّه ثم وليها أبو بكر وعمر كذلك ثم أقطعها مروان ثم إنها قد صارت إلي ولم تكن من مالي أعود منها علي وإني أشهدكم قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال لمولاه مزاحم أن أهلي أقطعوني ما لم يكن لي أن آخذ ولا لهم أن يعطونيه وإني قد هممت برده على أربابه.

كان عمر غير مترف فكان مصرفه كل يوم درهمين وكان يتقشف في ملبسه كجده عمر بن الخطاب ولم يتزوج كعمر غير فاطمة بنت عبد الملك بن مروان وكان أولاده يعينونه على الخير وكان أشدهم معونة له ابنه عبد الملك.
وعلى الجملة فإن عمر بن عبد العزيز من أفراد الخلفاء الذين لا يسمح بهم القدر كثيراً ويرى المسلمون أن عمر هو الذي بعث على رأس المائة الثانية ليجدد للأمة أمر دينها كما جاء في حديث " إن اللَّه يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها ".

لم يحدث في عهد عمر شيء من الحوادث الداخلية المهمة إلا ما كان من القبض على يزيد بن المهلب واحضاره إلى عمر فسأله عن الأموال التي كتب بها إلى سليمان بن عبد الملك فقال كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت وإنما كتبت إلى سليمان لأسمع الناس وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني به فقال لا أحد في أمرك إلا حبسك فاتق اللَّه وأد ما قبلك فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني تركها وحبس بحصن حلب.

ومن الحوادث الخارجية في عهده

أنه كتب إلى ملوك السند يدعوهم إلى الإسلام وقد كانت سيرته بلغتهم فأسلم ملوك السند وتسموا بأسماء العرب.
واستقدم مسلمة بن عبد الملك من حصار القسطنيطينية وأمر أهل طرندة بالقفول عنها إلى ملطية وطرندة داخلة في البلاد الرومية من ملطية ثلاث مراحل وكان عبد اللَّه بن عبد اللَّه قد أسكنها المسلمين بعد أن غزاها سنة 83 وملطية يومئذ خراب وكان يأتيهم جند من الجزيرة يقيمون عندهم إلى أن ينزل الثلج ويعودون إلى بلادهم فلم يزالوا إلى أن ولي عمر فأمرهم بالعودة إلى ملطية وأخلى طرندة خوفاً على المسلمين من العدو وأخرب طرندة.
وفاة عمر بن عبد العزيز:

في 25 رجب سنة 101 توفي عمر بن عبد العزيز بدير سمعان وكانت مدته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام.


يتبــــــــــع...................










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:04   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]9. يزيد بن عبد الملك[/align]

ترجمته:

هو يزيد بن عبد الملك بن مروان ولد سنة 65 وعهد إليه سليمان بن عبد الملك بالخلافة بعد عمر بن عبد العزيز فلما توفي عمر بويع بها فلما تولى عمد إلى كل صالح فعله عمر فأعاده إلى ما كان عليه وهو أول خليفة من بني أمية عرف بالشراب وقتل الوقت في معاشرة القيان. وفي أول عهده كانت فتنة يزيد بن المهلب فإنه لما هرب من محبس عمر وبلغه موته وخلافة يزيد بن عبد الملك قصد البصرة وعليها عدي بن أرطاة فاستولى عليها وعلى ما يليها من فارس والأهواز فبعث إليه يزيد بن عبد الملك جيشاً عظيماً يقوده أخوه مسلمة بن عبد الملك.

خطب ابن المهلب أهل البصرة وأخبرهم أنه يدعوهم إلى كتاب اللَّه وسنته وحثهم على الجهاد وزعم أن جهاد أهل الشام أعظم ثواباً من جهاد الترك والديلم. فسمعه الحسن البصري سيد فقهاء أهل البصرة فقال واللَّه لقد رأيناك والياً وموالياً عليك فما ينبغي لك ذلك فقام إليه أناس فأسكتوه خوفاً من أن يسمعه ابن المهلب.

وروى الطبري أن الحسن مر على الناس وقد اصطفوا صفين وقد نصبوا الرايات والرماح وهم ينتظرون خروج ابن المهلب وهم يقولون يدعونا إلى سنة العمرين فقال الحسن إنما كان يزيد بالأمس يضرب أعناق هؤلاء الذين ترون ثم يسرح بها إلى بني مروان يريد بهلاك هؤلاء القوم رضاهم فلما غضب غضبة نصب نصباً ثم وضع عليها خرقاً ثم قال إني قد خالفتهم فخالفوهم قال هؤلاء القوم نعم وقال إني أدعوكم إلى سنة العمرين وإن من سنة العمرين أن يوضع قيد في رجله يرد إلى محبس عمر الذي فيه حبسه.
وولي ابن هبيرة سعيد الخرشي على خراسان وكانت له مع الصغد أهل سمرقند وقائع عظيمة من كثرة ما نقضوا كاد يستأصلهم فيها.

وفي عهده دخل جيش للمسلمين بلاد الخزر من أرمينية وعليهم ثبيت النهراني فاجتمعت الخزر في جمع كثير وأعانهم قفجاق وغيرهم من أنواع الترك فلقوا المسلمين بمكان يعرف بمرج الحجارة فاقتتلوا هناك قتالاً شديداً فقتل من المسلمين بشر كثير واحتوت الخزر على عسكرهم وغنموا جميع ما فيه وأقبل المنهزمون إلى الشام فقدموا على يزيد بن عبد الملك وفيهم ثبيت فوبخهم يزيد على الهزيمة فقال يا أمير المؤمنين ما جبنت ولا نكبت عن لقاء العدو ولقد لصقت الخيل بالخيل والرجل بالرجل ولقد طاعنت حتى انقصف رمحي وضاربت حتى انقطع سيفي، غير أن اللَّه تبارك وتعالى يفعل ما يريد.

ولما غلب الخزر هذه المرة طمعوا في بلاد المسلمين فجمعوا وحشدوا واستعمل يزيد الجراح بن عبد اللَّه الحكمي حينئذ على أرمينية وأمده بجيش كثيف وأمره بغزو الخزر وغيرهم من الأعداء فسار الجراح حتى وصل برذعة، وبعد أن استراح سار نحو الخزر فعبر نهر الكرو، ولما وصل إلى مدينة الباب والأبواب لم يجد فيها أحداً من الخزر فدخلها بغير قتال ثم أقبل إليه الخزر وعليهم ابن ملكهم فقاتلهم الجراح وظفر بهم ظفراً عظيماً ثم سار حتى نزل على حصن يعرف بالحصين أهله بالأمان على مال يحملونه فأمنهم وتسلم حصنهم ونقلهم عنه.

ثم سار إلى بلنجر، وهو حصن عظيم من حصونهم فنازله وافتتحه عنوة بعد قتال زاغت فيه الأبصار، ثم إن الجراح أخذ أولاد صاحب بلنجر وأهله وأرسل إليه فحضر ورد إليه أمواله وأهله وحصنه وجعله عيناً لهم يخبره بما يفعل العدو، ثم سار عن بلنجر فنزل على حصن الوبندر وبه نحو أربعين ألفاً من الترك فصالحوا الخراج على مال يؤدونه، وعلى الجملة فقد كان الجراح أعظم الولادة أثراً وفتحاً في تلك البلاد القاصية.

ولاية العهد:

كان يزيد يريد تولية ابنه الوليد من بعده، فقيل له إنه صغير، فولى أخاه هشاماً ومن بعده ابنه الوليد.

وفاة يزيد:

لأربع عشرة من شهر ربيع الأول سنة 64 (10 نوفمبر سنة 683 م) توفي يزيد بن معاوية بحوران من أرض الشام وسنه تسع وثلاثون سنة ومدة خلافته ثلاث سنوات وثمانية أشهر وأربعة عشر يوماً.


يتبــــــــــــــــــــــــع.................










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:07   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]10. هشام بن عبد الملك[/align]

ترجمته:

هو هشام بن عبد الملك بن مروان عاشر الأمويين وسابع المروانيين ولد سنة 92 من الهجرة وكان أبوه عبد الملك إذ ذاك يحارب مصعب بن الزبير، وأمه عائشة بنت هشام بن المخزومية.
وكان حين مات أخوه يزيد مقيماً بحمص وهناك جاءه البريد بالعصا والخاتم وسلم عليه بالخلافة فأقبل حتى أتى دمشق وتمت له البيعة فأقام خليفة إلى سادس ربيع الأول سنة 125 أي تسع عشرة سنة وستة أشهر وأحد عشر يوماً وكان هشام معدوداً من خير خلفاء بني أمية ولعمري إن من كان من خلقه الحلم والعفة لجدير من ذلك.

الأحوال الداخلية في عهده:

في العراق والشرق ــ كان أمير العراق ــ حين ولي هشام عمر بن هبيرة وكان لهشام فكر حسن في أهل اليمن فعزل ابن هبيرة وولي بدله خالد بن عبد اللَّه القسري وهو قحطاني. فاختار لولاية خراسان أخاه أسد بن عبد اللَّه واستعمل الجنيد بن عبد الرحمن على السند.
ولَّى هشام خراسان أشرس بن عبد اللَّه السلمي وأمره أن يكاتب خالداً وكان أشرس فاضلاً خيراً وكانوا يسمونه الكامل لفضله، فلما قدم خراسان فرحوا به ولأول عهده أرسل إلى أهل سمرقند وما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام على أن توضع عنهم الجزية فسارع الناس هناك إلى الإسلام فكتب صاحب الخراج إلى أشرس إن الخراج قد انكسر فكتب أشرس سمرقند إن في الخراج قوة للمسلمين وقد بلغني أن أهل الصغد وأشباههم لم يسلموا رغبة إنما أسلموا تعوذاً من الجزية فانظر من اختتن وأقام الفرائض وقرأ سورة من القرآن فارفع خراجه.

كان رسول أشرس إلى الصغد بدعوة الإسلام أبا الصيداء صالح بن طريف فلما رأى العمال يطالبون من أسلم بالجزية منعهم من ذلك فلجوا ولج وكانت النتيجة أن عصى الصغد وأعانهم أبو الصيداء ومن كان معه فاحتال أمير جند أشرس على أبي الصيداء وبقية الرؤساء الذين ساعدوه حتى جيء بهم فحبسهم واستخف بعدذلك بعظماء العجم والدهاقين فكفر أهل الصغد واستجاشوا الترك فأعانوهم.

لما علم بذلك أشرس خرج غازياً في جنوده حتى عبر النهر من عند آهل فأقبل الصغد والترك وكانت بين الفريقين موقعة عظيمة كاد المسلمون ينهزمون فيها لولا أن رجعوا فثبتواحتى هزموا عدوهم، ثم سار أشرس حتى نزل بيكند فقطع العدو عنهم الماء وكادوا يهلكون عطشاً لولا أن انتدب شجعانهم إلى الترك فأزالوهم عن الماء واستقى الناس ثم غلبوهم على مواقعهم فأزالوا عنها وهزموهم.

وفي سنة 111 عزل هشام أشرس بن عبد اللَّه عن خراسان واستعمل بدله الجنيد بن عبد الرحمن المري فلما جاء خراسان فرق عماله ولم يستعمل إلا مضرياً.

وفي سنة 112 خرج غازياً يريد طارستان فوجه جنداً عدده ثمانية عشر ألفاً إلى طخارستان وجنداً عدده عشر آلاف إلى وجه آخر فكتب إليه أمير سمرقند أن خاقان ملك الترك جاش فخرجت إليهم فلم أطلق أن أمنع حائط سمرقند فالغوث الغوث فأمر الجنيد الجند بعبور النهر.

فقال له ذوو الرأي ممن معه إن أمير خراسان لا يعبر النهر في أقل من خمسين ألفاً وأنت قد فرقت جندك، قال فكيف بسورة (أمير سمرقند) ومن المسلمين لو لم أكن إلا في بني مرة أو من طلع معي من الشام لعبرت ثم عبر فنزل كش وتأهب للمسير فبلغ الترك خبره فغوروا الآبار فسار الجند بالناس حتى صار بينه وبين سمرقند أربعة فراسخ ودخل الشعب فصبحه خاقان في جمع عظيم وزحف إليه أهل الصغد وفرغانة والشاش وطائفة من الترك وهنا ظهرت العزائم الثابتة من قواد المسلمين فأبلوا بلاء حسناً مع قلة عددهم وكثرة عدوهم ولما اشتد القتال ورأى الجنيد شدة الأمر استشار أصحابه فقال له عبد اللَّه بن حبيب اختر إما تهلك أنت أو سورة بن الحر، قال هلاك سورة أهون علي قال فاكتب إليه فليأتك في أهل سمرقند فإنه إذا بلغ الترك إقباله توجهوا إليه فقاتلوه فكتب الجنيد إلى سورة يأمره بالقدوم، فرحل سورة عن سمرقند في اثني عشر ألفاً فلما كان بينه وبين الجنود فرسخ واحد لقيهم فقاتلهم أشد قتال فانكشف الترك وثار الغبار فلم يبصروا وكان من وراء الترك لهب فسقطوا فيه وسقط العدو والمسلمون وسقط سورة فاتقدت فخذه وتفرق الناس فقتلهم الترك ولم ينج منهم إلا القليل.

وفي سنة 116 عزل الجنيد عن خراسان وولي بدله عاصم بن عبد اللَّه الهلالي وكان هشام قد غضب على الجنيد لأنه تزوج الفاصلة بنت يزيد المهلب فقال لعاصم إن أدركته وبه رمق فأزهق نفسه فجاء عاصم وقد مات الجنيد فأراحه اللَّه من هذا الشر الذي صار عادة في هذه الدولة ولم يكتف عاصم بذلك بل أخذ عمال الجنيد وعذبهم.

وفي عهده خرج عليه الحارث بن سريج لابساً السواد داعياً إلى كتاب اللَّه وسنة نبيه والبيعة للرضا وتبعه خلق كثير فاستولى على البلخ والجوزجان ثم قصد مرو بها عاصم فقابله على أبوابها فهزمه هزيمة منكرة وغرق من جنده بشر كثير في أنهار مرو وفي النهر الأعظم وهرب الحارث.

وفي سنة 119 غزا أسد الختل وغلب على قلعتهم العظمى وفرق العسكر في أودية الختل فملئوا أيديهم من الغنائم والسبي وهرب أهله إلى الصين وفي سنة 120 توفي أسد ببلخ وكان من خيرة الولاة بخراسان وأبعدهم همة وأشدهم شكيمة.

وفي سنة 111 عزل هشام مسلمة ورد الجراح فدخل بلاد الخزر من ناحية نفليس ففتح مدينتهم البيضاء وانصرف سالماً فجمعت الخزر جموعها واحتشدت وساعدتهم الترك من ناحية اللان فلقيهم الجراح فيمن معه من أهل الشام فاقتتلوا أشد قتال رآه الناس فصبر الفريقان وتكاثرت الخزر والترك على المسلمين فقتل الجراح ومن معه بمرج أردبيل، وبذلك طمع الخزر في البلاد وأوغلوا فيها حتى قاربوا الوصل وعظم الخطب. فلما علم ذلك هشام استعمل على تلك البلاد سعيداً الحرشي وأتبعه بالجنود، ولما وصل وأرزن فلول الجراح فأخبرهم معه حتى وصل إلى خلاط فافتتحها عنوة ثم سار عنها وفتح القلاع والحصون شيئاً بعد شيء إلى أن وصل برذع فنزلها.

وفي سنة 114 قدم على هشام مروان بن محمد فشكا إليه مسلمة وأنه لم يفعل شيئاً مع هذا العدو الشديد وطلب إليه أن يوليه أرمينية وأن يمده بمائة وعشرين ألف مقاتل ليوقع بالخزر والترك وقعة يؤدبهم بها فأجابه إلى ذلك هشام وعزل مسلمة وولي مروان الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وسير الجنود إليه فدخل مروان بلاد الخزر وسار فيها حتى انتهى إلى آخرها وملك الخزر ينفض بجموعه أمامه ذليلاً فأقام مروان في تلك البلاد أياماً ودخل بلاد السرير فأوقع بأهله وفتح أقلاها ودان له الملك ولما رأى أهل تلك البلاد ما عليه مروان من القوة صالحوه فعاد عنهم وكان مروان أن يلح على أهل تلك البلاد بإظهار القوة حتى لم يكونوا يحدثون أنفسهم بحربه وخافه الترك خوفاً شديداً ودانت له جميع البلاد على شاطىء بحر الخزر.

في الشمال:

كانت الحرب لا تنقطع بين المسلمين والروم من جهة الحد الشمالي للبلاد الإسلامية ولتلك كانت حماية الثغور مما يهتم به الخلفاء جد الاهتمام ويولون أمرها كبار القواد وكانت الشواتي والصوائف دائمة الحركة، وممن اشتهر بقيادة الجيوش في تلك الأصقاع مروان بن محمد قبل أن يولي أرمينية ومسلمة بن عبد الملك ومعاوية بن هشام وسعيد بن هشام وسليمان بن هشام، وقد افتتحوا في غزواتهم بلداناً كثيرة رومية منها قونية وخرشنة وقيسارية وكثيراً من الحصون والقلاع.

وكانت مراكب البحر لا تزال تغير على الروم من البحر وكان أمير البحر في عهد هشام عبد الرحمن بن معاوية بن خديج ومن أكبر القواد عبد اللَّه بن عقبة.
ومما ينبغي ذكره في حروب الروم قتل عبد الوهاب بن بخت سنة 113، وكان يعزو مع عبد اللَّه البطال أرض الروم فانهزم الناس عن البطال فحمل عبد الوهاب وصاح أنا عبد الوهاب بن بخت، أمن الجنة تفرون ثم تقدم في نحر العدو فمر برجل يقول واعطشاه، فقال تقدم الري أمامك فخالط القوم فقتل، وفي سنة 122 قتل عبد اللَّه البطال وكان كثير الغزو إلى بلاد الروم والإغارة على بلادهم وله عندهم ذكر عظيم وكانوا يخافونه خوفاً شديداً وسيره عبد الملك بن مروان مع ابنه مسلمة إلى بلاد الروم وأمره على رؤوس أهل الجزيرة والشام وأمره أن يجعله على مقدمته وطلائعه وقال إنه ثقة شجاع مقدام فجعله مسلمة على عشرة آلاف فارس فكان بينه وبين الروم.

في الحجاز:

كان والي الحجاز محمد بن هشام المخزومي خال عبد الملك بن مروان وفي سنة 106 حج هشام بن عبد الملك.
واستمر أمير الحجاز محمد بن هشام وهو الذي يقيم الناس حجهم إلا في سنة 116 فإن الذي أقام الحج هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ولي العهد وفي سنة 123 حج يزيد بن هشام بن عبد الملك.
ولم يحصل في الحجاز حوادث ولا ثورات في عهد هشام.

ولاية العهد:

كان ولي العهد بحسب وصية يزيد بن عبد الملك هو الوليد بن يزيد فبدا لهشام أن يعزله ويولي بدله ابنه مسلمة واحتال لذلك فلم يفلح وإن كان قد أجابه بعض القواد إلى ما أراد وقد انتهى زمن هشام والوليد مباعد له نازل بالأزرق على ماء له بالأردن.

وفاة هشام:

لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة 125 توفي هشام بن عبد الملك وكانت خلافته تسع عشرة سنة وستة أشهر وأحد عشر يوماً من 25 شعبان سنة 105 إلى ربيع الأول سنة 125

صفته:

كان هشام مشهوراً بالحلم والعفة، شتم مرة رجلاً من الأشراف فقال له الرجل أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة اللَّه في الأرض. فاستحيا منه هشام وقال اقتص مني قال إن أنا سفيه مثلك قال فخذ مني عوضاً من المال قال ما كنت لأفعل، قال فهبها للَّه، قال هي للَّه ثم لك. فنكث هشام رأسه واستحيا وقال واللَّه لا أعود لمثلها أبداً.

يتبـــــــــــــع..........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:10   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

11. الوليد بن يزيد الثاني

12. يزيد بن الوليد بن عبد الملك (الثالث)


[align=center]13. مروان بن محمد بن مروان (الثاني)[/align]

ترجمته:

هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وأمه أم ولد كردية كانت لإبراهيم بن الأشتر فأخذها محمد بن مروان يوم قتل إبراهيم فولدت له مروان سنة 70 من الهجرة وكان والياً على الجزيرة وأرمينيا كما كان أبوه قبل ذلك وكان الناس يلقبونه بالجعدي لأنه تعلم من الجعد بن درهم مذهبه في القول بخلق القرآن والقدرة وغير ذلك. وبويع بالخلافة في دمشق بعد انتصاره على أهلها سنة 127.

كانت مدة مروان كلها مملوءة بالفتن والاضطرابات منذ بويع إلى أن قتل.
وأول ما كان من ذلك خروج عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة داعياً إلى نفسه وكان معه من الشيعة عدد عظيم جداً وكان والي العراق عبد اللَّه بن عمر بن عبد العزيز فجد في حربه، وكانت العامة تميل إليه لمحبتهم لأبيه فساعد ذلك على أن غلب عبد اللَّه بن معاوية ونفاه عن العراق.

ثم كان بالشم أفظع من ذلك وهو الخلاف المتوالي على مروان من أهل الأمصار الكبرى فانتفض عليه أهل حمص، وكان له معهم واقعة هائلة انتصر فيها عليهم وقتل منهم مقتلة عظيمة.

ثم خالف عليه أهل الغوطة فحاربهم وانتصر عليهم. ثم خالف عليه أهل فلسطين فكانت له معهم وقائع انتصر فيها عليهم؛ ثم ثار عليه سليمان بن هشام بن عبد الملك فإنه قد حسن له بعض دعاة الشر والفتنة خلع مروان وقالوا له أنت أوضأ عند الناس من مروان وأولى بالخلافة. فأجابهم إلى ذلك وسار بإخوته ومواليه معهم فعسكر بقنسرين وكاتب أهل الشام فأتوه من كل وجه وبلغ الخبر مروان وكان بقرقيسياد فأقبل إليه بالجنود ولاقاه بقرية خساف من أرض قنسرين وكانت النتيجة أن انهزم سليمان وجنده وأسر مروان منهم عدداً عظيماً.

ومضى سليمان في هزيمته حتى وصل حمص فاجتمعت عليه الفلول فقصده مروان، وفي الطريق قابلته جنود سليمان فانهزموا، ولما علم سليمان بهزيمتهم ترك حمص وسار إلى تدمر فأقام بها، وأما مروان فأتى حمص واستولى عليها. فأنتم ترون أن القوة التي كان يرتكز عليها ملك بني أمية وهي جنود الشام فقد انشقت انشقاقاً محزناً تبعاً لانشقاق البيت المالك وهذا أعظم ما يساعد العدو الذي يعرف كيف ينتهز الفرص.

لم تقف الاضطرابات عند هذا الحد بل وجدت بقايا الخوارج الفرصة لإظهار ما في أنفسهم فخرج الضحاك بن قيس الشيباني وأتى الكوفة واستولى عليها من يد أميرها عبد اللَّه بن عبد العزيز فهرب عبد اللَّه إلى واسط فتبعوه ولما اشتدت الحرب سلم عبد اللَّه الأمر إلى الضحاك وبايعه وصار من عداد الحرورية وكذلك دخل في هذه البيعة سليمان بن هشام بن عبد الملك ولما تم ذلك للضحاك عاد إلى الموصل فافتتحها واستولى على كورها وكان مروان إذ ذاك محاصراً حمص فلما بلغه الخبر كتب إلى ابنه عبد اللَّه وهو خليفته بالجزيرة يأمره أن يسير إلى نصيبين فيمن معه ليمنع الضحاك عن توسط الجزيرة، فسار إليها في سبعة آلاف فسار إليه الضحاك وحصره في نصيبين وكان مع الضحاك نحو من مائة ألف ولما انتهى مروان من أمر حمص سار لمقابلة الضحاك فالتقى به في نواحي كفر توتا فحصلت بين الفريقين موقعة عظيمة قتل فيها الضحاك فولى الخوارج عليهم سعيد بن بهدل الخيبري أحد قواد الضحاك وأعادوا الكرة على جند مروان فانهزم القلب وفيه مروان ووصل الخيبري إلى خيمته وثبتت الميمنة والميسرة ولما رأى أهل العسكر قلة من مع الخيبري ثار إليه العبيد بعمد الخيم فقتلوه هو ومن معه وبلغ الخبر مروان وقد جاز المعسكر بخمسة أميال منهزماً فانصرف إلى عسكره ورد خيوله إلى مواقعها وبات ليلته في عسكره.

ولما علم الخوارج بقتل الخيبري ولو بدله شيبان بن عبد العزيز اليشكري فأقام يقاتل مروان ولكنه لما رأى أن الناس يتفرقون عنه انصرف بمن معه إلى الموصل فتبعهم مروان وأقام يقاتلهم ستة أشهر.

في أثناء ذلك سير مروان يزيد بن عمر بن هبيرة إلى العراق بالجنود فأجلى الخوارج عن أمصاره وضبطها ولما تم له ذلك سير جنداً لمساعدة مروان فلما علم شيبان بذلك كره أن يكون بين عدوين فرحل عن الموصل فسير مروان في أثره جنداً وأمر القائد أن يقيم حيث يقيم شيبان وأن لا يبدأه بقتال فإن قاتله شيبان قاتله فلم يزل يتبعه حتى لاقاه بجيرفت وهزمه هزيمة منكرة فمضى شيبان إلى سجستان فهلك لها وذلك سنة 130.

ومن الذين خرجوا على مروان وشغلوه المختار بن عوف الأزدي الشهير بأبي حمزة وكان يوافي الموسم كل سنة يدعو إلى خلاف مروان بن محمد ولم يزل على ذلك حتى وافى عبد اللَّه بن يحيى في آخر سنة 128 فقال يا رجل اسمع كلاماً حسناً آراك تدعو إلى حق فانطلق معي فإني رجل مطاع في قومي فخرج حتى ورد حضرموت فبايعه أبو حمزة على الخلافة ودعا إلى خلاف مروان وآل مروان.

وبينما الناس بعرفة سنة 129 إذا طلعت عليهم أعلام وعمائم سود على رؤوس الرماح وهم سبعمائة ففزع الناس حين رأوهم وسألوهم عن حالهم فأخبرهم بخلافهم مروان وآل مروان فراسلهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك وهو يومئذ على مكة والمدينة وطلب منهم الهدنة فقالوا نحن بحجنا أضن وعليه أشح فصالحهن على أنهم جميعاً آمنون بعضهم من بعض حتىينفر الناس النفر الأخير.

فوقفوا بعرفة على حدة ولما كان النفر الأول نفر عبد الواحد فيه وخلى مكة فدخلها أبو حمزة بغير قتال ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة فضرب على أهلها البحث وزادهم في العطاء عشرة واستعمل عليه عبد العزيز بن عبد اللَّه بن عمر بن عثمان فمضوا حتى إذا كانوا بقديد لقيتهم جنود أبي حمزة فأوقعت بهم وقتلت منهم مقتلة عظيمة وذلك لسبع بقين من صفر سنة 130 ثم سار أبو حمزة حتى دخل المدينة من غير أن يلقى فيها حرباً.

ثم إن أبا حمزة ودع أهل المدينة وسار نحو الشام وكان مروان قد انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي وأمره أن يجد في السير ويقاتل الخوارج فإذا ظفر بهم سار حتى يبلغ اليمن ويقاتل عبد اللَّه بن يحيى فسار ابن عطية حتى لقي أبا حمزة بوادي القرى فقاتله حتى قتله وهزم أصحابه ثم سار إلى المدينة فأقام بها شهراً وبعد ذلك سار إلى اليمن وبلغ عبد اللَّه بن يحيى مسيره إليه وهو بصنعاء فأقبل إليه بمن معه ولما التقيا قتل عبد اللَّه وحمل رأسه إلى الشام.

كل هذه المشاغل والفتن التي كانت بالشام والحجاز شغلت مروان عن خراسان وما كان يجري فيها فكان ذلك أعظم مساعد لشيعة بني العباس ورئيسهم المقدام أبي مسلم الخراساني على أخذ خراسان ومبايعة أهلها على الرضا من بني العباس ثم مدوا سلطانهم إلى العراق فاستولوا عليه من عمال بني أمية وسنفصل حديثهم وما كان منهم حينما نشغل بتاريخ الدولة العباسية.

وفي شهر ربيه الأول سنة 132 بويع بالكوفة لأبي العباس السفاح أول الدولة العباسية. وبعد أن تم له الأمر بالعراق فكر في إرسال الجند لمروان حتى يقضي عليه القضاء الأخير، فاختار عمه عبد اللَّه بن علي قائداً لذلك الجند حتى التقى بمروان وجنده على نهر الزاب لليلتين خلتا من جمادي الآخرة سنة 132 وهناك كانت الموقعة العظمى بين الجندين وانتهت بهزيمة مروان بن محمد بعد أن قتل ممن معه مقتلة عظيمة وكانت الهزيمة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادي الآخرة وصار مروان ينتقل من بلد إلى آخر وعبد اللَّه بن علي يتبعه ولما جاز مروان أرض الشام قاصداً مصر أرسل عبد اللَّه في أثره أخاه صالح بن علي فلم يزل وراءه حتى عثر به نازلاً في كنيسة بقرية بوصير وبعد قتال خفيف قتل مروان لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 132 وبقتله انتهت أيام الدولة الأموية وابتدأ عصر الخلافة العباسي {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26].

يتبــــــــــــــع..........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:13   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]أسباب سقوط الدولة الأموية:[/align]

-1 تولية العهد اثنين، أورثت شقاقاً ومنافسة بين أفراد البيت الأموي.
-2 ظهور روح العصبية : مضرية يمنية.
-3 انغماس بعض الخلفاء في التَّرف.
-4 تعصب الأمويين للعرب.

سقطت الدولة الأموية سنة (132 هـ = 750 م) لتقوم في الأندلس على يد عبد الرحمن الداخل (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان - صقر قريش) سنة 138 هـ.

[align=center]الدولة العباسية [/align]


البيت العباسي:

عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بقي عقبه من كثير من أولاده، ولكن العدد الأكبر والجمهور العظيم كان من ولديه العباس وأبي طالب.

1. العباس بن عبد المطلب:

أمه نتيلة بنت جناب بن كليب من النمر بن قاسط إحدى قبائل ربيعة بن نزار، ولد قبل حادث الفيل بثلاث سنين، فهو أسن من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بثلاث سنين.
وأعقب من الولد الفضل وهو أكبر أولاده وكان يكنى، وعبد اللَّه وعبيد اللَّه وعبد الرحمن وقثم ومعبد وأم حبيبة، وأمهم جميعاً لبابة بنت الحارث بن حزن من بني هلال بن عامر من قيس عيلان.

وليس للفضل وعبد الرحمن وقثم وكثير وتمام عقب. وعقب العباس من سواهم، ولا سيما من عبد اللَّه فإنه هو الذي انتشر منه عقب العباس، وهو جد الخلفاء العباسيين.

2. عبد اللَّه بن العباس:

هو ثاني ولد العباس بن عبد المطلب. ولد قبل الهجرة بسنتين، فكانت سنة حين توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ثلاث عشرة سنة.
وعبد اللَّه هو الذي نما من نسله البيت العباسي لأن إخوته لم يكن لهم نسل باق. وعقب عبد اللَّه الذي نما إنما هو ولده علي بن عبد اللَّه بن العباس.

3. علي بن عبد اللَّه بن العباس:

ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب سنة 40 من الهجرة، فسمي باسمه وكني بكنيته أبي الحسن. وقد أقطعه بنو أمية قرية اسمها الحميمة بالشراة وهي صقع بالشام في طريق المدينة من دمشق بالقرب من الشويك وهو من إقليم البلقاء فأقام بها وفيها ولد أكثر أولاده، وكانت وفاته سنة117.

وأعقب على اثنين وعشرين ولداً ذكراً وإحدى عشرة أنثى. وذكور أولاده هم محمد وداود وعيسى وسليمان وصالح أحمد وبشر ومبشر وإسماعيل وعبد الصمد وعبد اللَّه الأكبر وعبيد اللَّه وعبد الملك وعثمان وعبد الرحمن وعبد اللَّه الأصغر ويحيى وإسحاق ويعقوب وعبد العزيز وإسماعيل الأصغر وعبد اللَّه الأوسط. ستة منهم لا عقب لهم والباقون أعقبوا كثيراً. ومنهم انتشر البيت العباسي وكثر جداً وبيت الخلافة في محمد أكبر أولاده.

4. محمد بن علي:

هو والد إبراهيم الإمام وأبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور الذين هم مبدأ الخلافة العباسية. وهو الذي ابتدأت الدعوة على يديه، وكان ذلك في حياة أبيه علي، ولكن لم يكن لأبيه ذكر في هذه الدعوة.

يتبــــــــــــع.........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:16   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]كيف نشأت فكرة الخلافة في بني العباس؟[/align]


توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وليس يؤثر عنه خبر مكشوف فيمن يتولى خلافة المسلمين بعده، وكان العباس بن عبد المطلب قد أشار على علي بن أبي طالب أن يدخل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وهو مريض فيسأله عن الخلافة بعده فإن كانت فيهم وإلا أوصى بهم من سيكون خليفة. فامتنع من ذلك علي قائلاً: إنه إن منعنا إياها لا ننالها أبداً.

عاش علي والعباس في عهد أبي بكر، ثم بايعا عمر لما عهد إليه أبو بكر بالخلافة وظلا مدة حياته محترمين مطيعين. إلى أن استخلف ثالث الخلفاء عثمان بن عفان بعد مناظرات طويلة بين رجال الشورى الذين عهد إليهم عمر اختيار الخليفة من بعده.

وفي أواخر خلافة عثمان توفي العباس بن عبد المطلب تاركاً عقباً كثيراً أشهرهم عبد اللَّه بن عباس وهو ثاني أولاده.
بعد مضي ست سنوات من خلافة عثمان، وجدت حركة في بعض النفوس تتجه إلى نقل الخلافة من عثمان بن عفان إلى علي بن أبي طالب.

ألفت وفود غوغاء من الأمصار الثلاثة، ممن تأثر بهذه الفتن فذهبت إلى المدينة، فأشكاهم عثمان من جميع ما شكوا منه، ولانَ لهم جداً حتى لا يوجد لهم سبيلاً إلى الفتنة، فأظهروا الاقتناع وأزمعوا الرحيل إلى أوطانهم، وبعد أيام عادت هذه الغوغاء متمسكة بكتاب مزور زعموه صادراً من عثمان إلى عامله بمصر يأمره فيه بقتل رجال الوفد من المصريين عقاباً لهم وتنكيلاً، والكتاب مختوم بخاتم عثمان. فلما أروه إياه حلف لهم أنه ما كتبه ولا أمر بكتابته، وهو صادق في يمينه، فاتهموا بذلك كاتبه مروان بن الحكم وطلبوا منه أن يسلمهم إياه فأبى فأعلنوا العداء وصرحوا بما في أنفسهم من الشر، وحصروا عثمان في دراه مدة ثم اقتحموا عليه داره وقتلوه ظلماً وعدواناً ففتحوا على المسلمين باب فتنة وانقسام لا يغلقه مرور الزمان ولا كر الأيام.

بعد أن تم لهم ما أرادوا عرضوا الخلافة على علي بن أبي طالب فقبلها بعد تردد. أمضى رحمه اللَّه حياته في حرب مخالفيه في البصرة والنهروان وصفين، ولم تصف له الخلافة يوماً واحداً إلى أن اغتاله أحد الخوارج في رمضان سنة40 من الهجرة في حاضرة خلافته وهي الكوفة.
لما قتل رحمه اللَّه رأت الشيعة أن يقوم في الخلافة مقامه ابنه الحسن، وقد رأى رضي اللَّه عنه بثاقب فكره أن يتنازل عن الخلافة مفضلاً جمع كلمة المسلمين والسكنى بطيبة مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأقام على ذلك حتى توفي بها سنة 50 من الهجرة.

وظل معاوية يسوس الناس بما عرف عنه من لين العريكة وسخاوة اليد، فاجتمعت الأمة على طاعته والرضا به.

أدلى معاوية بالخلافة لابنه يزيد، فلما تولاها هبت أعاصير الفتنة في المدينة ومكة والكوفة.


فأما المدينة

فثارت تطلب عزل يزيد وتولى زمام الثورة بعض أبناء الأنصار ولكن هذه الثورة قمعت بشدة مسلم بن عقبة المري الذي أوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة.

وأما مكة فلاذ بها عبد اللَّه بن الزبير طالباً الخلافة لنفسه.

وأما الكوفة

فإن من بها من الشيعة أرسلوا يطلبون إليهم الحسين بن علي شقيق الحسن ليبايعوه بالخلافة وينزعوا من أعناقهم بيعة يزيد، فلم يكن من الحسين إلا أن لبى دعوتهم مع علمه بتاريخهم مع أخيه وأبيه، وسار إليهم من غير جند يركن إليه ولا مال يستعين به.

فقابلته ببعض الطريق جنود عبد اللَّه بن زياد عامل يزيد بالعراق وكلها جنود عراقية ليس بها أحد من أهل الشام، فلم يكن له قبل بمدافعتهم وقتل رحمة اللَّه بكربلاء.

انتهت هذه الحوادث ومات يزيد، وعظم أمر ابن الزبير ودخل في دعوته أهل الحجاز ومصر والعراق.

أما محمد بن علي

فإنه بايع عبد الملك بن مروان بعد أن استقر الأمر له وقضى على فتنة ابن الزبير ودانت له الأقاليم الإسلامية كلها، ومع قيامه بهذه البيعة لم تزل له شيعة تراه أحق بالخلافة إلا أنه مغلوب على أمره، حتى إنه لما مات غلا فيه بعضهم فأنكر موته.

-1 اضطربت أفكار الشيعة بعد موت محمد بن علي فمنهم من استمر على ولائه وقال بغيبته ورجعته كما قلنا. ومنهم من تولى بعده ابنه أبا هاشم، ويقال لهذا الفريق والذي قبله الكيسانية؛ ينسبون إلى كيسان وهو لقب للمختار بن أبي عبيد.

-2 ومنهم من تولى بعد الحسين ابنه علياً المعروف بزين العابدين وهو ممن بايع يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان ولم يعرف عنه أنه طلب الخلافة لنفسه _ قال هؤلاء إن الخلافة محصورة في أولاد علي من فاطمة رضي اللَّه عنها.

كان أكبر ولد العباس في ذلك الوقت علي بن عبد اللَّه بن عباس وهو الذي انتشر منه العباسيون. وكان قد فارق الحجاز وأقام بالحميمة التي أقامه بها بنو أمية والتي أنزله بها الوليد بن عبد الملك. وقد ظهرت فكرة انتقال الخلافة إلى ولد العباس منذ علي هذا، ويقال إن السبب في ذلك أن أبا هاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب لما حانت منيته كان مقيماً بالحميمة عند بني عمه فأدلى بنصيبه من الخلافة إلى علي هذا وأولاده وأوصى أولياءه به فصارت الشيعة الكيسانية في جانب علي بن عبد اللَّه بن عباس.

أما بقية الشيعة

فإنهم بعد وفاة علي زين العابدين افترقت بهم الطرق فمنهم من تولى بعده ابنه محمداً الباقر زاعمين أنه الإمام بعد أبيه.
ومنهم من قال إن الخلافة حق لكل فاطمي اتصف بصفات العلم والشجاعة والسخاء، ومن هؤلاء من قام بمساعدة زيد بن علي بن الحسين، وهم المعروفون بالشيعة الزيدية.

والذين حاولوا الوصول إلى الخلافة وانتزاعها من بني أمية هم الشيعة الكيسانية الذين ساعدوا علي بن عبد اللَّه، والشيعة الزيدية الذين ساعدوا زيداً وابنه يحيى.

وكانت وفاة علي بن عبد اللَّه ومحمد الباقر في زمن متقارب بالحميمة، فانتقل ولاء الكيسانية إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس لأن أباه أوصى إليه وانتقل ولاء الإمامية إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر، ولم يفعل أنصار الأئمة شيئاً ليرجعوا الخلافة إلى ذوي الحق فيها حسب رأيهم.

أما الشيعة الزيدية

فقد دعاهم إلى النصر زيد بن علي فقاموا بنصرته حيث خرج بالكوفة طالباً الخلافة، إلا أن بني أمية لم تكن قد ظهرت فيهم العيوب التي أودت بحياتهم بعد؛ فسرعان ما انتصروا على زيد وأطفأوا ثورته وقتلوه وصلبوه.

وثار بعده ابنه يحيى فكانت خاتمته خاتمة أبيه.

أما محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس فهو يعسوب القوم وذو العقل الراجح فيهم.

فإنه رأى أنه نقل السلطان من بيت إلى بيت لا بد أن يسبق بإعداد أفكار الأمة إلى هذا النقل وأن كل محاولة فجائية لا بد أن تكون عاقبتها الفشل، فرأى أن يسير في المسألة بالأناة المصحوبة بالحزم فعهد إلى شيعته أن يؤلفوا منهم دعاة يدعون الناس إلى ولاية أهل البيت بدون أن يسموا أحداً خوفاً من بني أمية أن يقضوا على المدعو إليه إذا عرف، ورأوا أن أحسن منطقة يبثون فيها الدعوة هي الكوفة وبلاد خراسان.

وقد كان محمد بن علي بن عبد اللَّه قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار
عليكم بخراسان، فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء.

[align=center] تأليف الجمعية السرية للدعوة العباسية[/align]

ابتدأ تأليف هذه الجمعية وعلي بن عبد اللَّه بن عباس حي لم يمت بعد لأنها ابتدأت في أول القرن الثاني وعلي لم يمت إلا سنة117 على قول وسنة114 على قول. وكان الخليفة من بني أمية إذ ذاك عمر بن عبد العزيز بن مروان، وكانت تتألف من كثير من الدعاة والرؤساء.
وجعل للدعوة مركزان أحدهما بالكوفة التي اعتبرت نقطة المواصلات وأقيم فيها ميسرة مولى علي بن عبد اللَّه. والثاني بخراسان التي هي محل الدعوة الحقيقي، ووجه إليه محمد بن خنيس وأبو عكرمة السراج، واختير من الدعاة اثنا عشر نقيباً وهم:

(1) سليمان بن كثير الخزاعي
(2) مالك بن الهيثم الخزاعي
(3) طلحة بن زريق الخزاعي
(4) عمرو بن أعين الخزاعي
(5) عيسى بن أعين الخزاعي
(6) قحطبة بن شبيب الطائي
(7) لاهز بن قريظ التميمي
(8) موسى بن كعب التميمي
(9) القاسم بن مجاشع التميمي
(10) أبو داود خالد بن إبراهيم الشيباني
(11) أبو علي الهروي شبل بن طهمان الحنفي
(12) عمران بن إسماعيل المعيطي

واختار سبعين رجلاً ليكونوا مؤتمرين بأمر هؤلاء، وكتب إليهم محمد بن علي كتاباً ليكون لهم مثالاً وسيرة يسيرون بها.

وقد ظل رجال الدعوة يشتغلون بها من مفتتح القرن الثاني إلى سنة132، وهي السنة التي تم فيها النجاح وبويع فيها لأبي العباس السفاح.

وهذه المدة تنقسم إلى قسمين متمايزين:

الأول عصر الدعوة المحضة الخالية عن استعمال القوة وذلك قبل أن ينضم إلى القوة أبو مسلم الخراساني، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الدولة الأموية فيه متماسكة القوى لم ينقسم فيها البيت المالك على نفسه ولم تحصل العصبية القومية بين جند هذه الدولة بخراسان، وذلك نحو27 سنة.

والعصر الثاني عصر استعمال القوة مع الدعوة حينما تهيأت الأسباب الداعية إلى ذلك.


يتبـــــــــــع.........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:20   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]العصر الأول: (100 - 127هـ) [/align]


كان الدعاة فيه يجوبون البلاد الخراسانية، ظاهر أمرهم التجارة وباطنه الدعوة، ينتهزون الفرص، ثم يبلغون أمرهم إلى القائم بالكوفة وهو يوصله إلى الحميمة أو إلى مكة حيث يجتمع المسلمون لأداء فريضة الحج. وكان ذلك المجتمع أعظم ساتر لأمر الدعاة لأنهم كانوا إذا قفلوا من خراسان سافروا حجاجاً. وكانت إقامة محمد بن علي بالحميمة سبباً آخر في انتظام المواصلات وكتم سرها.

وكان أول ما ظهر من أمرهم بخراسان سنة102 حيث جاء رجل من تميم إلى أمير خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص الذي يقال له سعيد خذينة وقال له: إن ههنا قوماً قد ظهر منهم كلام قبيح، فبعث إليهم سعيد فأتى بهم فسألهم: من أنتم؟ قالوا: أناس من التجار؟ قال: فما هذا الذي يحكى عنكم؟ قالوا: لا ندري؟ قال: جئتم دعاة؟ فقالوا: إن لنا في أنفسنا وتجارتنا شغلاً عن هذا. فسأل من يعرف هؤلاء. فجاء أناس من أهل خراسان جلهم من ربيعة واليمن، فقالوا نحن نعرفهم وهم علينا إن أتاك منهم شيء تكرهه. فخلى سبيلهم.

وفي سنة105 انضم إلى هذه الجمعية بكير بن ماهان وهو شيخ عظيم من شيوخ هذه الدولة وكبار دعاتها وكان موسراً فساعد القوم بماله، وصادف أن توفي في ذلك الوقت ميسرة القائم بالكوفة، فأقامه محمد بن علي مقامه فكان هو ربان هذه الدعوة يأتمر الدعاة بأمره ويسيرون في الطريق التي يشرعها لهم.

كان من أول النكبات الي لحقت بهم أنه وشي بجمع من دعاتهم إلى أسد بن عبد اللَّه القسري أمير خراسان وهو والٍ شديد قاس فأتى بهم وفيهم أبو عكرمة وأبو محمد الصادق ومحمد بن خنيس وعمار العبادي فقطع أيدي من ظفر به منهم وأرجلهم وصلبهم، وأفلت عمار العبادي حتى أتى الكوفة فأخبر بكير بن ماهان بذلك الخبر المشؤوم، فكتب به إلى محمد بن علي فأجابه: الحمد للَّه الذي صدق مقالتكم ودعوتكم وقد بقيت منكم قتلى ستقتل وقد وقع بعد ذلك عمار العبادي في يد أسد فألحقه بإخوانه.

وكان أسد بن عبد اللَّه أشد ولاة خراسان على الشيعة فكان لا يرحم أحداً منهم وقع في يده بل شرد بهم ونكل ونفي من نفي وقتل من قتل ولذلك لم يكن للدعوة في أيامه كبير أثر حتى عزل عن خراسان سنة109 وتلك ولايته الأولى ثم ولي خراسان مرة ثانية فأعاد معهم سيرته الأولى ففي سنة117 أخذ جماعة منهم فقتل بعضهم ومثل ببعضهم وحبس بعضهم.
حصل بعد ذلك في العالم الإسلامي ما كان له أعظم الفضل في نجاح الشيعة وقصور أعدائهم عن فل حدهم وذلك:

أولاً: انشقاق البيت الأموي حتى تزعزع بنيانه وتصدعت أركانه وأول ذلك كان بخروج يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان على ابن عمه الوليد بن يزيد بن عبد الملك واستعان على ذلك بالقدح في الوليد ونسبته إلى العظائم من الفسوق والكفر وإحلال ما حرم اللَّه.

ولما تم ليزيد أمره ولم يعبأ بقول ناصح انتهز بعض أهل بيته هذه الفرصة لينال الخلافة وهو مروان بن محمد بن مروان فإنه كتب إلى الغمر بن يزيد أخي الوليد يهيجه للمطالبة بدم أخيه.
وكان مروان في ذلك الوقت أميراً للجزيرة وأرمينية ومعه جيش كبير يأتمر بأمره ولم يزل حتى أقدم على طلب الخلافة مستمسكاً بهذا الحبل حتى نالها ولم يكن نيله لها بمزيل أسباب الخلاف والانشقاق في هذا البيت ولا شبهة أن انشقاق البيت المالك يحدث بطبيعة الحال انشقاقاً في قوة الدولة فلا تقوى على مصادمة عدوها.

ثانياً: ظهور العصبية القومية في خراسان وانشقاق القبائل العربية وذلك أن العرب يرجعون إلى شعبين عظيمين قحطان ونزار، وملك العرب القديم كان في اليمن فلما جاء الإسلام تحول إلى نزار لمكان رسول اللهَّ صلى اللَّه عليه وسلم منهم وكان أمر النبوة والوحي قد باعد بين الناس وحمية الجاهلية فتآخى اليمانيون والنزاريون ووجهوا قوتهم المتحدة إلى أعدائهم فنالوا في زمن قليل ما لم تنله أمة قبلهم في مثل الزمن الذي ارتفع فيه قدرهم.

وظهر الانشقاق في عهد نصر بن سيار هذا بين النزارية واليمانية وكان رئيس النزوارية وكبيرهم نصر بن سيار الأمير وكبير اليمانية جديع بن شبيب المعني المعروف بالكرماني.
في أثناء وقوع هذه الحوادث توفي محمد بن علي إمام الشيعة الذي يدعون إليه وأدلى بالأمر من بعده إلى ابنه إبراهيم وأعلم الشيعة بذلك فقاموا بالدعوة إليه مكان أبيه. ثم توفي بكير بن ماهان شيخ الشيعة بالكوفة فأقام إبراهيم بن محمد مكانه حفص بن سليمان المعروف بأبي سلمة الخلال.

واتصل بإبراهيم في تلك الأوقات شاب من نوابغ الشبان وذوي المقدرة والعزيمة وهو أبو مسلم الخراساني، وكانت الشيعة بخراسان في حاجة إلى مثله ليشرعوا في العمل بعد أن أمكنتهم الفرصة بما وقعت فيه الدولة الأموية من الخلاف وما يقع فيه عرب خراسان من الانشقاق فاختار إبراهيم أبا مسلم لتلك المهمة وكتب إلى أصحابه إني قد أمرته بأمري فاسمعوا منه واقبلوا قوله فإني قد أمرته على خراسان.

وإنما أمره بتقريب أهل اليمن لأنهم أعداء الدولة الحاضرة للعصبية التي كانت نارها مشتدة بين أهل خراسان إذ ذاك ولهذا السبب أوصاه بالشدة على مضر فإنهم كانوا أصحاب الدولة. سار أبو مسلم يدبر الأمور. وبعد سنة تهيأ لزيارة الإمام ومعه عدد كبير من الدعاة ولما بلغ قومس أتاه كتاب من الإمام يقول فيه وإني قد بعثت إليك براية النصر فارجع من حيث ألقاك كتابي ووجه إلى قحطبة بما معك يوافني به في الموسم فعاد أبو مسلم إلى مرو مستعداً للعمل.


[align=center]افتضاح الأمر[/align]

مضت هذه المدة كلها وليس عند بني أمية علم بمن تدعو إليه الشيعة فإنهم كانوا يدعون إلى الرضا من آل محمد اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولا يعلم السر إلا النقباء والدعاة أما العامة فمبلغ علمها أنها تدعى لرجل من آل البيت حتى وقع في يد مروان بن محمد كتاب لإبراهيم إلى أبي مسلم جواب كتاب لأبي مسلم يأمره فيه بقتل كل من يتكلم بالعربية بخراسان فأرسل مروان في الحال إلى عامله بدمشق يأمره بالكتاب إلى صاحبه بالبلقاء أن يسير الحميمة ويأخذ إبراهيم بن محمد يوجه به إليه ففعل العامل ما أمر به وقبض على إبراهيم ولما أحس إبراهيم بما يراد به نعى نفسه إلى أهل بيته وأوصى إلى أخيه أبي العباس وأمر أهله بالسير إلى الكوفة والسمع والطاعة لأبي العباس. أما إبراهيم فحبس في سجن حران مع جماعة من أعداء مروان من بني أمية ولم يزل في سجنه حتى مات.

وأما أهل بيته فتجهزوا يريدون الكوفة حتى قدموها في صفر سنة132 ورئيس القوم وقائدهم أبو سلمة الخلال الذي كان يعرف في ذلك الوقت بوزير آل محمد فأنزلوهم في إحدى دور الكوفة وكتم أمرهم عن سائر القواد أربعين ليلة وكان لا يزال في معسكره بحمام أعين خارج الكوفة.

خرج أبو العباس يوم الجمعة13 ربيع الأول فصلى بالناس وكان في خطبته بعد حمد اللَّه والثناء عليه أن افتخر بقرابته من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم ذكر الخلفاء الراشدين وأثنى عليهم ونعى على بني حرب وبني مروان أثرتهم وظلمهم ثم قال: وإني لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح وما توفيقنا أهل البيت إلا باللَّه.

يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا أنتم الذين لم تتغيروا عن علي ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زمننا وأتاكم اللَّه بدولتنا فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المتيح وبهذه الجملة الأخيرة لقب السفاح.

بعد أن بلغوا هذا المبلغ بقي عليهم أن يقضوا على مروان بن محمد والقوة العظمى التي بالجزيرة وعلى ابن هبيرة والقوة التي معه بواسط.

كان مروان بحران معه قوة عظيمة ومنها سار حتى أتى الموصل فاختار أبو العباس من أهل بيته عمه عبد اللَّه بن علي ليكون قائداً للجنود التي اختيرت لحرب مروان. وكان ملتقى هذين الجيشين على نهر الزاب الأعلى وهو أحد روافد نهر دجلة يأتيها من الشرق وكانت الواقعة شديدة جداً انتهت بانتصار عبد اللَّه وجنده فهرب مروان واحتوى عبد اللَّه معسكره كله وذلك لإحدى عشرة خلون من جمادى الآخرة سنة132 وكان مع مروان من الجنود120 ألفاً من نخبة أهل الشام وخيرة جنودها. انهزم مروان حتى أتى حران وعاملها ابن أخيه أبان بن يزيد بن محمد فأقام بها نيفاً وعشرين يوماً ولما دنا منه عبد اللَّه رحل عنها بأهله وولده وقدم عبد اللَّه فلقيه أبان مسوداً مبايعاً له ودخل في طاعته فأمنه ومن كان بحران والجزيرة.

مضى مروان حتى أتى قنسرين وعبد اللَّه يتبعه ثم مضى منها إلى حمص ثم أتى دمشق وعليها الوليد بن معاوية بن مروان فلما أحس باقتراب عبد اللَّه رحل عنها فجاءها عبد اللَّه ودخلها عنوة معترضاً أهلها وقتل الوليد بن معاوية أميرها فيمن قتل.
مر مروان بالأردن وفلسطين ومضى حتى أتى الفسطاط ومنها خرج إلى بوصير وهي قرية من مركز الواسطي ببني سويف.

أما عبد اللَّه بن علي

فجاءه كتاب من أبي العباس يأمره أن يوجه صالح بن علي في ملاحقة مروان فسار صالح في ذي القعدة سنة132 وكان يسير على ساحل البحر والسفن حذاءه حتى وصل إلى مصر ومن هناك سار حتى أتى بوصير وهناك قتل مروان بن محمد لثلاث بقين من ذي الحجة سنة132 وبقتله انتهت دولة بني أمية من المشرق وتوطدت دعائم الدولة.

وأما يزيد بن عمير بن هبيرة

فإنه لما انهزم من جيش خراسان أتى واسطاً وتحصن بها وكان مشيروه قد أشاروا عليه بأن يذهب إلى الكوفة فيقاتل حتى يقتل أو يظفر وحذروه واسطاً كيلا يصير في حصار وليس بعد الحصار إلا القتل فخالف تلك الشورى فسير أبو سلمة الجيوش تحت قيادة الحسن بن قحطبة فكانت بينهم وقائع ثم احتمى ابن هبيرة ومن معه بحصونهم. ولما طال الأمر أرسل أبو العباس أخاه أبا جعفر على الجيش فاحتدم القتال بين الفريقين وظلوا هكذا أحد عشر شهراً.

ولما أتى ابن هبيرة قتل مروان بن محمد طلب بمن معه الصلح وجرت السفراء بينه وبين أبي جعفر حتى جعل له أماناً وكتب به كتاباً مكث يشاور العلماء فيه أربعين ليلة حتى رضيه ابن هبيرة ثم أنفذه إلى أبي جعفر فأنفذه أبو جعفر إلى السفاح فأمر بإمضائه وكان رأي أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه وكان السفاح لا يقطع أمراً دون أبي مسلم فكتب أبو مسلم إلى السفاح يقول له إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد لا واللَّه لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة.
ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر فدخل عليه وحادثه ساعة وبعد أيام أمر أبو جعفر بقتل ابن هبيرة ومداد الأمان لم يجف وقتل معه عدة من وجوه أصحابه.

يتبــــــــــــــع........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:29   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]قيام الدولة العباسية[/align]

قامت الدولة العباسية ودخل في حوزتها هذا الملك الطويل العريض الذي وضع أساسه خارج جزيرة العرب أبو بكر خليفة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وشاد بنيانه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ومكن قواعده وزان جوانبه بنو أمية بن عبد شمس.

وصف المملكة الإسلامية حين استيلاء بني العباس:

كانت المملكة الإسلامية تمتد من أقصى المشرق عند كاشغر إلى السوس الأقصى على شاطىء بحر الظلمات وطولها على ما ذكره أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد المقدسي المعروف بالبشاري في كتابه الموسوم بأحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم2600 فرسخ وتمتد عرضاً من شاطىء بحر قزوين إلى أواخر بلاد النوبة وهي منقسمة إلى أقسام كبرى وكل قسم يشتمل على ولايات وها نحن أولاء نذكر هذه الأقسام وما فيها من الولايات:

(1) جزيرة العرب وتشتمل على أربع كور جليلة:

الأولى: الحجاز وقصبته مكة ومن مدنه: طيبة، وينبع، والجار، وجدة، والطائف وغيرها.
الثانية: اليمن وما كان نحو البحر فهو غور واسمه تِهامة وقصبته زبيد وما كان من ناحية الجبل فهو نجد وقصبته صنعاء.
الثالثة: عمان وقصبتها صحار على شاطىء بحر الهند.
الرابعة: هجر وقصبتها الأحساء.

(2) إقليم العراق وبه ست كور:

الأولى: الكوفة وقصبتها الكوفة وهي من المدن الإسلامية وبها من المدن: القادسية وعين التمر.
الثانية: البصرة وقصبتها البصرة وهي من المدن الإسلامية وبها من المدن: الأبلة وعبادان.
الثالثة: واسط وقصبتها واسط وهي من المدن الإسلامية وبها من المدن: فم الصلح.
الرابعة: المدائن وقصبتها المدائن وهي مدينة كسروية وبها النهروان، والدسكرة، وجلولاء.
الخامسة: حلوان وقصبتها حلوان وبها من المدن: خانقين والسيروان.
السادسة: سامراء وقصبتها سامراء وبها من المدن: الكرخ، وعكبرا، والأنبار، وهيت، وتكريت.

(3) إقليم الجزيرة جزيرة أقور أو أثور أو أشور وهي ما بين دجلة والفرات وبها ثلاث كور:

الأولى: ديار ربيعة وقصبتها الموصل ومن مدنها: الحديثة، وسنجار، ونصيبين، ودارا، ورأس العين وثمانين وبها ناحية جزيرة ابن عمر.
الثانية: ديار مضر وقصبتها الرقة وبها من المدن: باجروان، وحصن مسلمة، وحران، والرها.
الثالثة: ديار بكر وقصبتها آمد وبها من المدن:ميافارقين، وحصن كيفا.

(4) إقليم الشام وبه ست كور:

الأولى: قنسرين وقصبتها حلب ومن مدنها إنطاكية، وبالس، وسميساط، ومنبج، وقنسرين ومرعش، واسكندرونة، ومعرة النعمان.
الثانية: حمص وقصبتها حمص ومن مدنها سلمية، وتدمر، واللاذقية، وانطرسوس.
الثالثة: دمشق وقصبتها دمشق ومن مدنها بانياس، وصيدا، وبيروت، وطرابلس.
الرابعة: الأردن وقصبتها طبرية ومن مدنها صور، وعكا، وبيسان، وأذرعات.
الخامسة: فلسطين وقصبتها الرملة وبها بيت المقدس، وعسقلان، ويافا، وأرسوف، وقيسارية، وأريحا، وعمان.
السادسة: الشراة وقصبتها صفد ومن مدنها مآب، وعمان، وتبوك، وأذرح وهذا الإقليم دخله العرب قبل الإسلام وملكوا به وزاحموا من كان به من الأمم القديمة.

(5) إقليم مصر وبه سبع كور على حسب التقويم القديم:

الأولى: الجفار وقصبتها الفرما وبها من المدن البقارة، والواردة، والعريش.
الثانية: الحوف وقصبتها بلبيس وبها من المدن مشتول، وفاقوس، وغيرهما.
الثالثة: الريف وقصبتها العباسية وبها من المدن دمنهور، وسنهور، وبنها العسل، وشطنوف، ومليج، والمحلة الكبيرة، ودقهلة.
الرابعة: اسكندرية وقصبتها اسكندرية وبها من المدن رشيد، ومريوط، والبرلس، وذات الحمام.
الخامسة: مقدونيا وقصبتها الفسطاط ومن مدنها العزيزية، والجيزة، وعين شمس.
السادسة: الصعيد وقصبتها أسوان وبه من المدن قوص، وإخميم، والبلينا والفيوم وغيرها.
السابعة: الواحات.

(6) إقليم المغرب وهو ثماني كور:

الأولى: برقة وقصبتها برقة وبها من المدن رمادة، وطرابلس.
الثانية: إفريقية وقصبتها القيروان وبها من المدن سفاقس، وسوسة، وتونس، وبونة وجزيرة بني زغناية_ ومنستير.
الثالثة: تاهرت وقصبتها تاهرت وبها من المدن مطماطة، ووهران، وغيرهما.
الرابعة: سجلماسة وقصبتها سجلماسة وبها من المدن درعة، وامصلي، وتازروت.
الخامسة: فاس وقصبتها فاس وتسمى هذه الكورة السوس الأدنى. وأما فاس فمحدثه بعد عهد العباسيين. ومن مدنها البصرة، وورغة، وصتهاجة، وهواره، وسلا.
السادسة: السوس الأقصى وقصبتها طرفانة ومن مدنها إغمات، وماسة وغيرهما.
السابعة: الأندلس وقصبتها قرطبة وكانت لعهد بني أمية تتبع أمير إفريقية وعليها والٍ من قبله.

(7) إقليم المشرق وهو إقليم ذو جانبين الأول في المشرق وهو ما كان شرقي جيحون أو أموداريا ويسمى بما وراء النهر أو هيطل والثاني في المغرب وهو ما كان غربي جيحون ويسمى خراسان.

أما وراء النهر، قال البشاري: هذا الجانب أخصب بلاد الله تعالى وأكثرها خيراً وفقهاً وعمارة ورغبة في العلم واستقامة في الدين وأشد بأساً وأغلظ رقاباً وأدوم جهاداً وأسلم صدوراً وأرغب في الجماعات مع يسار وعفة ومعروف وضيافة وتعظيم لمن يفهم.
وبهذا القسم ست كور:

الأولى: فرغانة وقصبتها اخسيكت ومن مدنها نصر أباذ، وأوزكند، ومرغينان وغيرها.
الثانية: اسبيجاب وقصبتها اسبيجاب ومن مدنها فاراب، وترار، وطراز، وبلاسكون وغيرها.
الثالثة: الشاش وقصبتها بنكث ومن مدنها نكث وغيرها.
الرابعة: أشر وسنة وقصبتها بنجكث.
الخامسة: الصغد وقصبتها سمرقند وهي مصر الإقليم.
السادسة: بخارى وقصبتها بخارى ومن مدنها بيكند.

وهذا الإقليم يمر به نهر جيحون العظيم ويتشعب منه أنهار كثيرة ويقلب فيه أنهار ستة وعليه كور ومدن. فالكور هي الختل وقصبتها هلبك. ثم قواديان ومدينتها نير. ثم خوارزم وهي على حافتي جيحون قصبتها العظمى شرقي النهر وهي كاث ولها قصبة أخرى غربية وهي الجرجانية وعلى النهر من المدن ترمذ وكالف ونويدة زم وفربر وآمل.

(ب) خراسان وبها تسع كور:
الأولى: بلخ قصبتها بلخ وبها ناحية طخارستان ومن مدنها ولوالج والطالقان.
الثانية: غزنين وقصبتها غزنين وبها من المدن كابل.
الثالثة: بست وقصبتها بست. وبعض الناس يجمع غزنين إلى بست ويجعلهما كورة واحدة يسميها كابلستان.
الرابعة: سجستان وقصبتها زرتج.
الخامسة: هراة وقصبتها هراة ومن مدنها باذغيس.
السادسة: جوزجانان وقصبتها اليهودية.
السابعة: مرو الشاهجان وهي القصبة وبها ناحية مرو الروز.
الثامنة: نيسابور والقصبة إيرانشهر وبها من المدن بيهق وطوس ونسا وأبيورد.
التاسعة: قهستان وقصبتها قابن.

(8) إقليم الديلم به خمس كور:

الأولى: قومس وقصبتها الدامغان ومن مدنها سمنان وبسطام.
الثانية: جرجان وقصبتها شهرستان ومن مدنها استر اباذ وآبسكون.
الثالثة: طبريستان وقصبتها آمل ومن مدنها سالوس وسارية.
الرابعة: الديلمان وقصبتها بروان.
الخامسة: الخزر وقصبتها إتل ومن مدنها بلغار وسمندر وبهذه الكورة نهر إتل وهذا الإقليم لم يفش الإسلام به إلا في عهد الدولة العباسية ولم يتأثر كثيراً باللغة العربية.

(9) إقليم الرحاب وهو ثلاث كور:

الأول: أران وقصبتها برذعة ومن مدنها تفليس وشروان وباب الأبواب وملازكرد.
الثاني: أرمينية وقصبتها أردبيل ومن مدنها مدليس وخلاط وخوي وسلماس وأرمية ومراغة ومرتد وقاليقلا.
الثالث: أذربيجان وقصبتها أردبيل ومن مدنها تبريز.

(10) إقليم الجبال وبه ثلاث كور:

الأولى: الري وقصبتها الري وبها من المدن آوة وساوة وقزوين وأبهر.
الثانية: همذان وهي القصبة ومصر الإقليم.
الثالثة: أصفهان وقصبتها اليهودية.

(11) إقليم خوزستان ويعرف بالأهواز وبه سبع كور وهي :

الأولى: السوس وهي تتاخم العراق والجبال.
الثانية: جنديسابور وهي القصبة وكانت مصر الاقليم.
الثالثة: تستر وهي القصبة وليس بالإقليم أجل منها.
الرابعة: عسكر مكرم وهي القصبة وبها من المدن جوبك وزيدان وسوق الثلاثاء.
الخامسة: الأهواز وبها من المدن تيري ومناذر الكبرى ومناذر الصغرى.
السادسة: الدورق كورة تتاخم العراق ومن مدنها آزر وأجم وغيرهما، وقصبتها الدورق.
السابعة: رامهرمز كورة تتاخم فارس وهي القصبة.

(12) إقليم فارس وبه ست كور:

الأولى: أرجان وهي القصبة.
الثانية: أدرشير خرة وقصبتها سيراف وهي ممتدة على البحر.
الثالثة: درايجرد وهي القصبة وكانت في القديم مصر الإقليم.
الرابعة: شيراز قصبتها على اسمها وهي مصر الإقليم وبها من المدن البيضاء وفسا.
الخامسة: سابور وقصبتها شهرستان ومن مدنها كازرون، والنوبندجان، وتوز.
السادسة: اصطخر وهي أوسع الكور وقصبتها على اسمها.
وبهذا الإقليم عدد عظيم من الأكراد وباسمه سميت البلاد الفارسية كلها.

(13) إقليم كرمان وبه خمس كور:

الأولى: بردسير وقصبتها على اسمها ومن مدنها ماهان، وكوغون، وزرند.
الثانية: نرماسير وهي القصبة.
الثالثة: السيرجان وقصبتها على اسمها. وهي مصر الإقليم.
الرابعة: بم وهي تتاخم فارس.
الخامسة: جيرفت وهي على البحر.

(14) إقليم السند وبه خمس كور:

الأولى: مكران وقصبتها بنجبور.
الثانية: طوران وقصبتها قصدار.
الثالثة: السند وقصبتها المنصورة ومن مدنها ديبل.
الرابعة: ويهند والقصبة باسمها.
الخامسة: قنوج وهي القصبة.

فهذه أربعة عشر إقليماً منها ستة عربية وثمانية أعجمية والمراد بكونها عربية تغلب اللسان العربي على أهلها.


يتبـــــــــــــع..........










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-08, 16:32   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

[align=center]1. السفاح (132 - 136هـ) [/align]

ترجمته:

هو أبو العباس عبد اللَّه بن علي بن عبد اللَّه بن عباس. وأمه ريطة بنت عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن المدان الحارثي. ولد سنة104 بالحميمة. بويع بالخلافة يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول سنة132 (30 أكتوبر سنة749 . ومن هذا اليوم يبتدىء التاريخ خلافة أبي العباس ولم يزل خليفة إلى أن توفي بمدينة الأنبار يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة136 (9 يونيو سنة754 .

الأحوال الداخلية:

لم تكن هزيمة مروان وقتله منتهى متاعب العباسيين فإنه كان لا يزال في الأمة العربية قواد ضلعهم مع بني أمية ولا يزال عندهم شيء من القوة فكانوا يثورون إما خوفاً على أنفسهم من بني العباس الذين أظهروا قسوة شديدة في معاملة مغلوبيهم وإما طمعاً في إعادة تلك الدولة العربية التي كان لهم منها نصيب وافر. فقضى أبو العباس أكثر حياته في إخماد تلك الثورات التي كانت كثيرة ولا سيما بالشام والجزيرة والتغلب على يزيد بن هبيرة الذي كان أمير العراق لمروان بن محمد وتحصن بمدينة واسط بعد غلبة العباسيين على الكوفة وما معها.

ولاية العهد:

في سنة136 عقد السفاح لأخيه أبي جعفر الخلافة من بعده وجعله ولي عهد المسلمين ومن بعد أبي جعفر عيسى بن موسى بن محمد بن علي وكتب العهد بذلك وصيره في ثوب وختم عليه بخاتمه وخواتيم أهل بيته ودفعه إلى عيسى بن موسى وقد ابتدأ السفاح بفعله هذا الغلطة الشنيعة التي سبق بها في عهد بني أمية وهو تولية اثنين العهد وكانت من أسباب ما أصاب بني أمية من الخلاف والفرقة.

وفاة السفاح:

أصيب السفاح بالجدري وهو بالأنبار وتوفي بها في13 ذي الحجة136 ودفن بالأنبار في قصره وبلغت وفاته أبا جعفر وهو عائد من حجته.


يتبـــــــــــــع........










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc