السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و الله لم أنته من قراءة المشاركات السابقة حتى دمعت عيناي من كثرة الضحك .
إخواني الأفاضل ، لا تنسوا أن أمامكم أطفالا صغارا ، تعودوا على الحرية عند أهاليهم ، يقومون متى شاءوا و يجلسون متى شاءوا ، و يتكلمون متى شاؤوا ، و لم يسند لكم أقسام من الجنود المنظمين و المنضبطين .
من المؤكد أن جميعكم شاهد أشرطة تلفزيونية عن عالم الحيوانات ، و كيف أن صغارها بعدما تصبح قادرة على الحركة تقضي معظم وقتها في القفز و التصارع فيما بينها ، فنقول أنها تلعب ، لكن الحقيقة أنها بذلك اللعب تتعلم أساسيات التصرف لمواجهة الحياة .
و كذلك الأطفال الصغار ، فهم ميالون للعب و الحركة ، لكنهم يتعلمون أشياء كثيرة و هم يصخبون و يكسرون و يثيرون الجلبة ، لذا يجب استغلال هذه الميزة فيهم لتحقيق أهداف المدرسة ، على أن يكون ذلك كله في إطار منظم .
كما قال الزميل سعيدي في مشاركته السابقة ، لا يجب أن تتركوا فترات فراغ بين الدروس فيستغلها الأطفال فيما يحلو لهم من كلام و حركة ، يجب أن يكون هناك توالي في الدروس ، مع اعتماد الطرائق النشطة التي تستهوي الأطفال ، و هنا يأتي دور التحضير الجيد للدروس ، فالمعلم الذي يحضر جيدا دروسه لا يكون مضطرا للرجوع للكتاب من حين لآخر فيفسح المجال للأطفال بالالتفات أو إلقاء كلمة أو الانحناء ، و بين مادة و مادة يجب خلق فترات ليتنفس فيها الطفل ، لكن بمعية المعلم : يجعلهم يقفون لأداء النشيد ( حتى لو لم يكونوا قد تعلموا نشيدا يتعلمونها في هذه الفترات القصيرة التي لا تتجاوز 5 دقائق ) ، أو يقومون بحركات رياضية بسيطة بجانب مقاعدهم كرفع الأيدي و رفع الأرجل بالتناوب ، أو حكاية صغيرة ، أو أي نشاط يلهيهم ليجددوا قدرتهم على الانتباه و المتابعة و المشاركة في الدروس .
أما صخبهم أثناء المشاركة ( ينادون أنا أنا ، أو سيدتي سيدتي أو سيدي سيدي ...) و قيامهم باتجاه المعلم لطلب المشاركة ، فلا تقبلوها إطلاقا ، كلما يلقي المعلم سؤالا يطالب التلاميذ بالرجوع إلى أماكنهم و رفع الأيدي فقط ، و لا يكلف بالمشاركة إلا من امتثل للتعليمات مع شكره و تشجيعه حتى يقتدي به الآخرون ، يجب ألا تملوا من تنبيههم للنظام باستمرار ، أي يجب أن يتحول المعلم (ة) في قسمه (ها) إلى شرطي(ة) .
و إياكم و الضرب فإنه لا يجدي نفعا ، فبمجرد أن يسكن الألم يعود الطفل لعادته و طبيعته التي جبل عليها .
أما الاصطفاف فهذا أيضا ليس شيئا سهلا ، بل يجب تدريب التلاميذ عليه باستمرار . عند الدخول في الصباح يصففهم المعلم أمام الباب واحدا واحدا ، و يدخلهم إلى القسم و هم يسيرون في صف ، و نفس العمل مع الخروج ، كما يمكن استغلال حصص التربية البدنية في تعويدهم على الاصطفاف و التنقل في صفوف مع النظر إلى الأمام .
إخواني ، يجب التحلي بالصبر ثم الصبر ثم الصبر ، أعرف أن هذه الإجراءات التي أشرت إليها و أخرى لم تحضر بذهني اللحظة تجعل المعلم يصاب بالصداع لما يخرج في المساء ، لكن الله غالب ، هكذا هم الأطفال ، و هذه هي مهنتنا .
و صدقوني بقدر ما تتعبون في تقويم اعوجاج الأطفال و تهذيبهم في هذه البداية ، بقدر ما تستريحون فيما بقي لكم من المشوار معهم .
أرجو أني وفقت و لو قليلا في إفادتكم .