الأدلّة النقلية على أنّ دعوة
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
كانت دعوة
سلفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنّي لمّا رأيت كثرة الطاعنين في جمعية العلماء الجزائريين -التي أسسها الإمام المصلح عبد الحميد بن باديس وجماعة من خيرة علماء الجزائر- وتشكيكهم في غايتها ومنهج دعوتها، حتى أصبح بعض من ينتسبون إلى السلفية –للأسف- ينبزونها ورجالها ويرمونها بشتّى الطعون والتهم رأيت أن أجمع كلام بعض رجالها وكلام من عاصرها من غير رجالها تبيّن أنّ منهجها كان سلفيا أثريا وكذا عقيدتها وعقيدة رجالها.
وهذا الجمع هو في الحقيقة مستلٌّ من شرحي على قصيدة الشيخ الطيب العقبي رحمه الله تعالى ((إلى الدين الخالص)) وهو مخطوط أوشك على إتمامه بعون الله تعالى.
وأنا لا أزعم أنّ الجمعية ورجالها كانوا خالين من الأخطاء والملاحظات ولستُ أدّعي للجمعية وروّادها الكمال.
بل أنا أقول إنّ للجمعية –كغيرها- أخطاء وملاحظات يدركها من تتبّع نشاطها ونشاط رجالها. ولكنّ تلك الأخطاء تذوب في بحر حسنات الجمعية وفضائلها.
وهذا ليس من منهج الموازنات المبتدع في شيء وإنّما الحال كما قال محدّث الديار اليمنية قامع البدعة الشيخ العلامة مقبل ابن هادي الوادعي رحمه الله :
((أما المحب للخير ولكنه أخطأ في بعض الأشياء فلا بأس أن تذكر بعض حسناته مثل أبان بن أبي عياش إذ قال بعض معاصريه: إنه إذا حدّث أتى بأمر عظيم. وله من الفضل والعبادة، فسئل بعض معاصريه فقال: اذكر ما فيه من الخير، وحذر عنه أن يقبل حديثه.
فمسألة الموازنة بين الحسنات والسيئات لا نقبلها مطلقًا ولا نردها مطلقًا، لكن حزبي يدعو إلى الحزبية وينفق الأموال الطائلة من أجل الحزبية فلا نذكر حسناته ولا كرامة.
( تحفة المجيب بأسئلة الحاضر و الغريب سؤال رقم 139) .
وقال العلامة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله: ..فجميع أقوال الناس وأعمالهم ميزانها عندنا شيئان : النص والإجماع؛ فمن وافق نصـًّا أو إجماعا قُبل منه، ومن خالف نصا أو إجماعا رُدَّ عليه ما جاء به من قول أو فعل كائنا مَن كان .
ثم إن كان هذا المخالف أصوله سنة، ودعوته سنة، وكل ما جاء عنه سنة فإنَّ خطأَه يرد ولا يُتابع على زلته وتُحفظ كرامته .
وإن كان ضالاًّ مبتدعا لم يعرف للسنة وزنا ولم تَقم لها عنده قائمة مؤسسـًا أصوله على الضلال فإنه يُرد عليه كما يُرد على المبتدعة الضُلاَّل، ويقابل بالزَّجر والإغلاظ والتحذير منه، إلا إذا ترتبت مفسدة أكبر من التحذير منه .اهـ ( أصول وقواعد في المنهج السلفي للشيخ عبيد الجابري)
والمقصود من نقل كلام هذين العالمين الجليلين أن يُعلم أنّه ليس كلّ من أخطأ فلا كرامة له! وهذا للأسف منتشر كثيرا في أوساط الشباب الجديد العهد بالإستقامة على دين الله وبالإلتزام بالمنهج السلفي بل الحق أنّه من كانت أصوله سنّة ودعوته سنّة فإنّنا نردّ على أخطاءه ونبيّن زللـه ونحفظ له كرامته ونعرف له قدرهُ.
وأمّا من كانت أصوله بدعة ودعا إلى البدعة فيرّد عليه ويبيّن خطأه وزللـه ولا كرامة له. وهذا هو منهج السلفيين حقا.
وعدم حفظ كرامة كلّ من أخطأ والتشهير به والتقليل من قدره وهدر جهده ولو كانت أصوله سنّة هو منهج الحدّاديين حقا.
فشتّان شتّان بين المنهجين وشتّان شتّان بين الطريقتين.
وفي هذا الجمع المبارك أيضا ردٌّ على من زعم أنّ السلفية في الجزائر حديثة الولادة أو أنّ علي بن حاج (!) وأتباعه هم أوّل من أدخل السلفية إلى الجزائر (!!) (لولا أنّنا ابتلينا بمن يقول هذا المنكر لما ذكرته!)
هذا وأسأل الله أن ينفعني بعملي هذا وينفع غيري وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم المعاد والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
السحاب السلفية