الحدود والتعزيرات الإسلامية - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحدود والتعزيرات الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-23, 12:58   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجواب عن حديث المخزومية التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ، مع أنها لم تسرق من حرز

السؤال

ما الدليل على اشتراط الحرز في السرقة ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد المخزومية التي تستعير المتاع وتجحده ، مع أنها لم تسرق من حرز ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

سبق في الفتوى قبل السابقه و السابقة بيان الدليل على أنه لا قطع على السارق حتى يسرق المال من حرزه ، وذكرنا شيئا من أقوال العلماء في ذلك .

ثانياً :
روى مسلم (1316) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا " .

وفي رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها – أيضاً - : أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟

فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟! ) ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ

ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) رواه البخاري (3475) ، ومسلم (1688) .

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله : في توجيه الرواية الأولى التي فيها أنها كانت تستعير المتاع وتجحد استعارته :
فذهب بعض العلماء – وهو مذهب الحنابلة - : أن جاحد العارية

تقطع يده ، حكمه في ذلك حكم السارق ، واستدلوا بظاهر الحديث .

وأما جمهور أهل العلم رحمهم الله ، فقد ذهبوا إلى أن جاحد العارية لا تقطع يده ، وأن حديث المخزومية محمول على أنها قد سرقت ، ودللوا على ذلك بالرواية الأخرى التي فيها أنها سرقت

وقالوا في لفظ : " أنها كانت تستعير المتاع وتجحده " أنه وصف اشتهرت به تلك المرأة ، وليس هو سببا في قطع يدها .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ , عَنْ أَحْمَدَ , فِي جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ , فَعَنْهُ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : " أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ ,

فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا ... الحديث " , قَالَ أَحْمَدُ : لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَعَنْهُ : لَا قَطْعَ عَلَيْهِ , وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ ... , وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ . وَهُوَ الصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لَا قَطْعَ عَلَى الْخَائِنِ )

وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ , وَالْجَاحِدُ غَيْرُ سَارِقٍ , وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ , فَأَشْبَهَ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ , وَالْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ إنَّمَا قُطِعَتْ لِسَرِقَتِهَا , لَا بِجَحْدِهَا , أَلَا تَرَى قَوْلَهُ : ( إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ

, وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ ) ، وَقَوْلَهُ : ( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ , لَقَطَعْت يَدَهَا ) ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ عَائِشَةَ

, أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ , وَذَكَرَتْ الْقِصَّةَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهَا سَرَقَتْ قَطِيفَةً , فَرَوَى الْأَثْرَمُ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ :

" لَمَّا سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمْنَا ذَلِكَ , وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ , فَجِئْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا : نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً .

قَالَ : تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا . فَلَمَّا سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ , أَتَيْنَا أُسَامَةَ , فَقُلْنَا : كَلِّمْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ سِيَاقِ عَائِشَةَ . وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ ,

وَأَنَّهَا سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ بِسَرِقَتِهَا , وَإِنَّمَا عَرَّفَتْهَا عَائِشَةُ بِجَحْدِهَا لِلْعَارِيَّةِ ; لِكَوْنِهَا مَشْهُورَةً بِذَلِكَ , وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا , كَمَا لَوْ عَرَّفَتْهَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا ,

وَفِيمَا ذَكَرْنَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ , وَمُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالْقِيَاسِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ , فَيَكُونُ أَوْلَى "

انتهى من " المغني " (9/94-95) .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 12:58   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وجاء في " طرح التثريب " (8/31) :

" اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدْرَ نِصَابِ السَّرِقَةِ ، وَجَحَدَهُ ، ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ : قُطِعَ بِهِ ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ، وَابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ..
.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ .

وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ :

(أَحَدُهَا) : أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ ، فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِجَمَاهِيرِ الرُّوَاةِ ، وَالشَّاذَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا ، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ .

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ : مَنْ رَوَى أَنَّهَا سَرَقَتْ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْحَدُ الْمَتَاعَ ، وَانْفَرَدَ مَعْمَرٌ بِذِكْرِ الْجَحْدِ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِحِفْظِهِ ...
..
وَقَالَ وَالِدِي [ يعني : الحافظ العراقي ] - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ : فَقَالَ اللَّيْثُ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ :

أَنَّهَا سَرَقَتْ . وَقَالَ مَعْمَرٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ : أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ وَجَحَدَتْ ........ انْتَهَى .

وَعَكَسَ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ ، فَقَالَ : لَمْ يُضْطَربْ عَلَى مَعْمَرٍ وَلَا عَلَى شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ في ذَلِكَ، وَهُمَا فِي غَايَةِ الثِّقَةِ وَالْجَلَالَةِ

وَإِنْ خَالَفَهُمَا اللَّيْثُ وَيُونُسُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ؛ فَإِنَّ اللَّيْثَ وَيُونُسَ قَدْ اُضْطُرِبَ عَلَيْهِمَا أَيْضًا ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا فَوْقَ مَعْمَرٍ وَشُعَيْبٍ فِي الْحِفْظِ ، وَقَدْ وَافَقَهُمَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ . انْتَهَى .

(الْجَوَابُ الثَّانِي) : أَنَّ قَطْعَها إنَّمَا كَانَ بِالسَّرِقَةِ ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَّةُ تَعْرِيفًا لَهَا ، وَوَصْفًا ؛ لَا لِأَنَّهَا سَبَبُ الْقَطْعِ . وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ؛ فَإِنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ .

وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ ، وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالنَّوَوِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ السَّرِقَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عِنْدَ الرَّاوِي ذِكْرُ مَنْعِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ ، لَا الْإِخْبَارِ عَنْ السَّرِقَةِ انْتَهَى " انتهى .

وقد اختار ابن القيم رحمه الله العمل بظاهر الرواية التي تفيد أنها قطعت من أجل جحدها العارية

فقال رحمه الله :

" وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ جَاحِد الْعَارِيَة لَا يُسَمَّى سَارِقًا

لَكَانَ قَطْعه بِهَذَا الْحَدِيث جَارِيًا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاس ، فَإِنَّ ضَرَره مِثْل ضَرَر السَّارِق ، أَوْ أَكْثَر ؛ إِذْ يُمْكِن الِاحْتِرَاز مِنْ السَّارِق بِالْإِحْرَازِ وَالْحِفْظ

وَأَمَّا الْعَارِيَة فَالْحَاجَة الشَّدِيدَة الَّتِي تَبْلُغ الضَّرُورَة مَاسَّة إِلَيْهَا ، وَحَاجَة النَّاس فِيمَا بَيْنهمْ إِلَيْهَا مِنْ أَشَدّ الْحَاجَات ، وَلِهَذَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى وُجُوبهَا

وَهُوَ مَذْهَب كَثِير مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ، وَأَحَد الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب أَحْمَد ، فَتَرْتِيب الْقَطْع عَلَى جَاحِدهَا طَرِيق إِلَى حفظ أموال الناس

وتركٌ لباب هَذَا الْمَعْرُوف مَفْتُوحًا ، وَأَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْجَاحِد لَا يُقْطَع ، فَإِنَّهُ يُفْضِي إِلَى سَدّ بَاب الْعَارِيَة فِي الْغَالِب .

وَسِرّ الْمَسْأَلَة : أَنَّ السَّارِق إِنَّمَا قُطِعَ ، دُون الْمُنْتَهِب وَالْمُخْتَلِس ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِن التَّحَرُّز مِنْهُ ؛ بِخِلَافِ الْمُنْتَهِب وَالْمُخْتَلِس ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَل ذَلِكَ عِنْد عَدَم اِحْتِرَاز الْمَالِك ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَارِيَة فِيمَا بَيْن النَّاس أَمْر تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَة

فَلَا يُمْكِن سَدّه وَالِاحْتِرَاز مِنْهُ ، فَكَانَ قَطْع الْيَد فِي جِنَايَته كَقَطْعِهَا فِي جِنَايَة السَّرِقَة ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق "

انتهى من " تهذيب السنن " (12/24) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فالمذهب أن الخائن في العارية يقطع ، واستدلوا بحديث المخزومية أنها كانت تستعير المتاع فتجحده ، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقطع يدها .

وليست الخيانة في العارية ، كالخيانة في الوديعة ؛ لأن قابض العارية قبضها لمصلحته ، وأما الوديعة فلمصلحة المالك ، فمن قاسها عليها فقد أخطأ

لأن الفرق بينهما ظاهر ، ولأننا إذا قطعنا جاحد العارية امتنع الناس من جحدها ، وإذا لم نقطعهم تجرأ الناس على جحدها ، وفي هذا سد لباب المعروف

لأن المُعير محسن ، فإذا كان المعير يُجْحَد ، ولا يؤخذ له حقه ، إلا بالضمان فقط ، فإن الناس قد يمتنعون من العارية ، وهي واجبة في بعض الصور ، وهذا يؤدي إلى عدم القيام بهذا الواجب.

ثم نقول أيضاً : هي قسم برأسها ، افرض أنها لا تدخل في السرقة لغة ، فما دام فيها نص ، فما موقفنا أمام الله عزّ وجل إذا كان يوم القيامة

والرسول صلّى الله عليه وسلّم قطع بها ، وقال : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) "

انتهى من " الشرح الممتع " (14/329) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:04   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما طرق تنفيذ القتل على المحكوم عليه بالقتل ؟

السؤال

عندما يقال في الشرع : " حُكم عليه بالموت " فكيف يُطبق حكم الموت هذا، هل بالشنق أم بالذبح ؟

الجواب

الحمد لله

طريقة تنفيذ الحكم بالقتل الصادر في حق شخص ما من طرف محكمة شرعية ؛ تختلف بحسب نوع الحكم أو سببه وتفصيل ذلك كالآتي :

أولا : الرجم :

1- رجم الزاني المُحصَن :

قال ابن قدامة :

" ... وجوب الرّجم على الزّاني المحصن ، رجلا كان أو امرأة . وهذا قول عامّة أهل العلم من الصّحابة ، والتّابعين ، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ..

. وقد ثبت الرّجم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله وفعله ، في أخبار تشبه التّواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وقد أنزله الله تعالى في كتابه ، وإنّما نسخ رسمه دون حكمه "

انتهى من " المغني " ( 12 / 309 ) .

2- جريمة اللواط :

في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 35 / 340 - 341 ) :

" ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ عقوبة اللاّئط هي عقوبة الزّاني ، فيرجم المحصن ويجلد غيره وَيُغَرَّب لأنّه زنا بدليل قوله تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) وقال تعالى: ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) ...

هذا في الجملة ، ولجمهور الفقهاء ولمخالفيهم في هذا الحكم تفصيل ...

وذهب المالكيّة إلى أنّ من فعل فعل قوم لوط رُجِم الفاعل والمفعول به ، سواء كانا مُحْصَنَيْنِ أو غير مُحْصَنَيْن ، وإنّما يشترط التّكليف فيهما ، ولا يُشْتَرط الإسلام ولا الحُرِّيَّة ...

والمذهب عند الشّافعيّة أنّه يجب باللّواط حدّ الزّنا، وفي قول يقتل الفاعل محصنا كان أو غيره لحديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) ... " انتهى.

ثانيا : القتل قصاصا :

اختلف أهل العلم فبعضهم ذهب إلى أن تنفيذ حكم القصاص على القاتل يكون بالسيف ، وذهب بعضهم إلى أن الحكم ينفذ بمثل الطريقة التي نفذ بها القاتل جريمته

فإن قَتَل بالسيف يُقتَل بالسيف ، وإن نفَّذ جريمتَه بالخنق ينفذ عليه القصاص بالخنق ... الخ ، إلا إذا كانت طريقة الجريمة محرمة في ذاتها ، كمن قتل امرأة بالاغتصاب ، أو قتل شخصا بالسحر

ففي هذه الحالة لا يقتل بمثل طريقة جريمته .

في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 33 / 272 - 273 ) :

" طريقة استيفاء القصاص في النّفس ؛ ذهب المالكيّة والشّافعيّة وهو رواية للحنابلة إلى أنّ القاتل يقتصّ منه بمثل الطّريقة والآلة الّتي قتل بها

لقوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ )

إلاّ أن تكون الطّريقة محرّمة ، كأن يثبت القتل بخمر فيقتصّ بالسّيف عندهم ، وإن ثبت القتل بلواط أو بسحر ، فيقتصّ بالسّيف عند المالكيّة والحنابلة، وكذا في الأصحّ عن الشّافعيّة ...

وذهب الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنّ القصاص لا يكون إلاّ بالسّيف ، ونصّ الحنابلة على أن يكون في العنق ، مهما كانت الآلة والطّريقة الّتي قتل بها " انتهى.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:04   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا : القتل بالسيف .

1- حدّا :

قتل المرتد .

عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : أُتِيَ عَلِيٌّ رضى الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ : " لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِنَهْىِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله )

وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ‏) رواه البخاري ( 6922 ) ".‏

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :

" القتلُ للكفر ، إما لكفر أصلي ، أو لردّة عن الإسلام ، فأكثر العلماء على كراهة المُثلة فيه أيضاً ، وأنَّه يُقتل فيه بالسيف "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( 1 / 366 ) .

2- تعزيرا :

والتعزير هو : " التأديب في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة "

انتهى من " الحدود والتعزيرات عند ابن القيم " للشيخ بكر أبو زيد ( ص 462 ) .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" هل يجوز أن يبلغ بالتّعزير القتل ؟ فيه قولان : أحدهما: يجوز ، كقتل الجاسوس المسلم ، إذا اقتضت المصلحة قتله ، وهذا قول مالك وبعض أصحاب أحمد

واختاره ابن عقيل . وقد ذكر بعض أصحاب الشّافعيّ وأحمد نحو ذلك في قتل الداعية إلى البدعة ، كالتّجهّم والرّفض ، وإنكار القدر ، وقد قتل عمر بن عبد العزيز غيلان القدريّ

لأنّه كان داعية إلى بدعته. وهذا مذهب مالك - رحمه اللّه - وكذلك قتل من لا يزول فساده إلَا بالقتل ... "

انتهى من " الطرق الحكمية في السياسة الشرعية " ( ص 283 – 285 ) .

وسبب استعمال السيف في تنفيذ عقوبة القتل في أغلب الحالات – باستثناء عقوبة الرجم والقصاص عند من يقول بالمماثلة في الآلة - : أن الضرب بالسيف على العنق أسهل وجوه القتل

فلا يتعذب المقتول ، وهذا من الإحسان في القتل .

عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (‏ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ

وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ) رواه مسلم ( 1955 ) .‏

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :

" والقِتلة والذِّبحة بالكسر ، أي: الهيئة ، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح ، وهيئة القتل . وهذا يدلّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباح إزهاقها على أسهل الوجوه

. وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة .

وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق

قال الله تعالى في حقّ الكفار: ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ) ، وقال تعالى: ( سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ) .

وقد قيل: إنّه عيَّن الموضع الذي يكون الضرب فيه أسهل على المقتول وهو فوق العظام دون الدماغ "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " ( 1 / 363 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:13   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سؤال عن قصة الصحابي الذي سُرِقت خميصته وهو نائم ، وهل تقطع يد المختلس لأموال الناس ؟

السؤال


أولا: سمعت من أحد المشايخ أن صحابيا كان نائما وتحت رأسه عباءته ، فجاء رجل ليسرقها من تحته فاستيقظ وأمسك به ، وكان ثمن العباءة 30 درهم

فأخذه للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يده ، فقال الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم : أسامحه ولا تقطع يده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ألا قبل أن تأتني به وقطع يده .

فقال : نستنتج من ذلك من أراد أن يسامح في حقه يكون قبل ذهاب اللص للقاضي ، أما إذا ذهب اللص للقاضي فليس لأي أحد أن يسقط قطع اليد فهل هذه القصة صحيحة وما نصها ؟

ثانيا : وفي فتواكم رقم : (9935 ) تقولون أن يكون أخذ الشيء على وجه الخِفْيَةِ

فإن لم يكن على وجه الخفية فلا تُقْطَع اليد . فهل إذا سرق شخص من الناس شيئا في زحام مثل المواصلات أو السوق فلا تقطع يده لأن المسروق منه رآه ؟

مثل : رجل سرق حقيبة امرأة تحملها على كتفها ، وأخذ يهرب ، فصرخت المرأة لكي يتمكن الناس من إمساكه فهل هذه الحالة ليس فيها قطع يد ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

القصة التي تسأل عنها هي ما جاء في الحديث التالي :

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : " كُنْتُ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى خَمِيصَةٍ لِي ثَمَنُ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي ، فَأُخِذَ الرَّجُلُ ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْطَعَ . قَالَ : فَأَتَيْتُهُ

فَقُلْتُ : أَنَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا ، أَنَا أَبِيعُهُ ، وَأُنْسِئُهُ ثَمَنَهَا ؟ قَالَ: فَهَلاَّ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ )

رواه أبو داود ( 4394 ) ، والحاكم في " المستدرك " ( 4 / 380 ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 2317 ) .

وما استنتجه هذا القائل ، من الحديث : صحيح مقرر ؛ أن التسامح في الحدود ، والعفو عنها : إنما يكون قبل أن يرفع ذلك إلى الإمام : الحاكم

أو القاضي ؛ فإذا رفعت القضية إليه ، فقد صارها نظرها ، والحكم فيها : حقا للشرع ، لا للشخص ، صاحب الواقعة .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي الْحُدُودِ إِذَا بَلَغَتْ إِلَى السُّلْطَانِ ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَفْوٌ لَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَجَائِزٌ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَافَوُا الْحُدُودَ مَا بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ ، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ عِنْدَهُمْ .

وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ ، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ ، فَإِذَا بَلَغَ السَّارِقُ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي عَفْوٍ وَلَا غَيْرِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يُتْبِعُهُ بِمَا سَرَقَ مِنْهُ إِذَا وَهَبَهُ لَهُ .

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ رَبُّ السَّرِقَةِ

وَلَوْ كَانَ لِرَبِّ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْرِفَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ "

انتهى من " التمهيد " (11/225-226) .

ثانيا :

ما ذكر في السؤال ، من سرقة شنطة ... ونحو ذلك ، هو ما يعرف في الفقه بـ" الاختلاس" ، وهناك فرق بينه وبين السرقة .

فالسرقة في اللغة ، وفي الفقه ؛ هي أخذ المال من المسروق منه خفية .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى :

" أما معناها – أي السرقة - : فتتفق كلمة أرباب اللسان على أن العنصر الأساسي في معنى مادة ( سرق ) هو ( الاختفاء ) .

ومنه قوله تعالى ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ) أي تسمع مختفيا .

ومنه قيل للأبحّ : سرق صوته ، فهو مسروق ، لاختفاءٍ حصل فيه .

ومنه هنا ، قيل لمن يأخذ المال من غيره مختفيا : ( سارق ) ؛ فإن أخذه من غير خفية فهو: مختلس . ومستلب . ومحترس .
فمعنى ( السرقة ) في اللغة إذًا هو ( الأخذ بخفية ) ...

تعريفها في لسان الشرع :

يجد الناظر في بيان أهل العلم لمعنى السرقة في اصطلاح الشرع : التقاء تعريف السرقة اصطلاحا ، مع المعنى اللغوي ، بجامع الاختفاء . فهو عنصر أساسي في التعريف الاصطلاحي شرعا "

انتهى من " الحدود والتعزيرات عند ابن القيم " ( ص 346 – 347 ) .

وأما : "الاِخْتِلاَسُ" و"الخَلْسُ" - في اللّغة – فهو : " أخذ الشّيء مخادعةً ، عن غفلة .

.. ويزيد استعمال الفقهاء عن هذا المعنى اللّغويّ أنّه : أخذ الشّيء بحضرة صاحبه جهرا ، مع الهرب به ، سواء جاء المختلس جهارا أو سرّا ، مثل أن يمدّ يده إلى منديل إنسان فيأخذه " .

انتهى من " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 2 / 288 ) .

فالمختلس : يغافل صاحب المتاع الذي يريد سرقته ، فيستخفي فقط في ابتداء اختلاسه ، لكنه يُعْلَم به أثناء أخذه الشيء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"والمختلس: الذي يجتذب الشيء ، فيعلم به قبل أخذه " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 333 ).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" وهو الذي يأخذ المال خطفاً ، وهو يركض ، فهذا أخذه علناً ، لكن معتمداً على هربه وسرعته ، نقول: هذا ـ أيضاً ـ ليس عليه قطع ؛ لأن هذه ليست سرقة ، فالسرقة اسمها يدل على أن الإنسان يأخذ المال خفية .

كذلك : لو أنه وقف عند دكان ، وقال لصاحب الدكان : هل عندك كذا وكذا ؟ ثم قال له: أعطني كذا الذي بالداخل ، فإذا دخل الرجل أخذ مما أمامه ما يريد ، ثم هرب ، فهذا نسميه مختلساً "

انتهى من " الشرح الممتع " ( 14 / 327 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:13   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهنا مسألتان :

المسألة الأولى :

أخذ المال من الناس بغير حق ، بأي شكل من الأشكال ، بالسرقة أو بالاختلاس ، أو بغيرهما ؛ هو ظلم عظيم ، وفاعله توعده الله تعالى بالعقوبة

ولا فرق ـ في عقوبة الآخرة ـ بين أن يكون قد أخذ مال غيره : سرقة ، أو يكون قد أخذه اختلاسا ـ بحسب التفريق الاصطلاحي السابق .

قال الله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى /42.

وقال تعالى : ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) المطففين / 1 – 6 .

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ : فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ )

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :‏ ( وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ‏) " رواه مسلم ( 137 ).‏

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ‏( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ‏؟ )

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ ، فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي ، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا

وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا . فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ . فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ . ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ‏)‏ " رواه مسلم ( 2581 ) .

فعدم قطع اليد على بعض أنواع الظلم لا يعني أنها معصية هينة ، ولا يعني أنها ليست سرقة وأكلا لأموال الناس بالباطل ، ولا يعني كذلك أنها لا عقوبة عليها في الآخرة

أو أن عقوبتها في الآخرة أهون من عقوبة السرقة ، بالمعنى الاصطلاحي المذكور ؛ فإن أخذ أموال الناس بالباطل ، أيا ما كانت وسيلته : هو من كبائر الإثم والعدوان ، وفاعله في خطر عظيم .

المسألة الثانية :

أما العقوبة الدنيوية فتختلف .

فالسارق : تقطع يده .

لقول الله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) المائدة /38 .

أمّا المُخْتَلِس :

فأهل العلم على أن المختلس لا تقطع يده .

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :

" أجمع أهل العلم ، على أنّ الخُلْسَة ، لا قطع فيها ، ولا في الخيانة ؛ ولا أعلم أحدا أوجب في الخُلْسَة القطع ، إلا إياس بن معاوية ، وسائر أهل العلم ؛ لا يرون فيها قطعا " .

انتهى من " الاستذكار " ( 24 / 236 ) .

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى :

" فإن اختطف أو اختلس : لم يكن سارقا ، ولا قطع عليه عند أحد علمناه ـ غير إياس بن معاوية ، قال : أقطع المختلس ؛ لأنه يستخفي بأخذه ، فيكون سارقا ، وأهل الفقه والفتوى من علماء الأمصار على خلافه "

انتهى من " المغني " ( 12 / 416 ) .

والدليل على عدم القطع :

حديث جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ وَلاَ مُخْتَلِسٍ : قَطْعٌ ‏) رواه الترمذي ( 1448 )‏ ، وقَالَ الترمذي : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ "

انتهى من " سنن الترمذي " ( 4 / 52 ) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 2403 ) .

وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ ) رواه ابن ماجه (2592 )

وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 4 / 123 ) ، والألباني في " إرواء الغليل " ( 8 / 65 ) .

فإن سئل لماذا تقطع يد السارق ، ولا تقطع يد المختلس ، وقد يختلس مالا أكثر من السارق ؟

فالجواب عن هذا :

1- السرقة خفية : تُغري السرّاق ، أكثر من أن يغريهم أخذ المال جهرة ، لأن أكثر السرّاق لا يحبون الفضيحة ؛ لذا جاء الحد على السرقة التي تشتهيها نفوس أكثر السرّاق

وهذا كشرب الخمر ، وأكل الميتة والخنزير ؛ فشرب الخمر تشتهيه نفوس كثير من عصاة المسلمين ، أما أكل الميتة والخنزير فتستقذره نفوس أغلب عصاة المسلمين ؛ لذا جاء الحدّ على شرب الخمر

ولم يأت على أكل الميتة كما ذكر ذلك أهل العلم .

2- قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم ، وترك قطع المختلس والمنتهب والغاصب فمن تمام حكمة الشارع أيضا ؛ فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه . فإنه ينقب الدور ، ويهتك الحِرْز ويكسر القُفل

ولا يمكن صاحبَ المتاع الاحتراز منه بأكثر من ذلك ، فلو لم يُشْرَع قطعه : لسرق الناس بعضهم بعضا ، وعظم الضرر ، واشتدت المحنة بالسُّرَّاق .

بخلاف المنتهب والمختلس ؛ فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس ، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه ، ويخلصوا حق المظلوم أو يشهدوا له عند الحاكم

وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه ، وغِرَّه ، فلا يخلو من نوع تفريط يُمكن به المختلس من اختلاسه ، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ ، لا يمكنه الاختلاس " .

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 3 / 285 ) .

3 - عدم قطع يد المختلس ؛ لا يعني عدم العقوبة ، فلولي الأمر أن يعزره ويعاقبه بما يردعه عن العودة إلى الاختلاس ، فيعاقبه بالضرب أو الحبس ونحو ذلك .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" ولكن يسوغ كفّ عدوان هؤلاء بالضرب والنكال ، والسجن الطويل ، والعقوبة بأخذ المال "

انتهى من " إعلام الموقعين " ( 3 / 285 ) .

عَنْ قَتَادَةَ: " أَنَّ غُلَامًا اخْتَلَسَ طَوْقًا ، فَرُفِعَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ ، فَسَأَلَ الْحَسَنَ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ ، وَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ ؟ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ ، فَلَمَّا اخْتَلَفَا كَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَدْعُوهَا : عَدْوَةَ الظَّهِيرَةِ ، لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ أَوْجِعْ ظَهْرَهُ ، وَأَطِلْ حَبْسَهُ ) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 14 / 499 بتحقيق عوّامة ) رقم ( 29258 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:17   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل للجمعية الخيرية استقبال مصادرات الخضار والفواكه ؟

السؤال

نحن جمعية خيرية ، وتأتينا مصادرات من فرع حلقة الخضار والفواكه ، وبعض الأحيان يكون جزء منها فاسد ، والجزء الآخر صالح للأكل ، فنقوم بتنظيفها

وفرزها ، ومن ثم توزيعها على المحتاجين من أرامل ، ومطلقات ، وأيتام ، وغيرهم

علما بأنه عند استفسارنا عن طبيعة هذه المصادرات أفادتنا إدارة فرع حلقة الخضار والفواكه بأن بعضها من الباعة المتجولين بالشوارع والمخالفين للأنظمة ، والبعض الآخر انتهاء فترة إيجار بسطه في حراج الخضار .

فنرجو توضيح حكم هذه المصادرات ؟ ، هل يجوز لنا استلامها ؟ علما بأنه في حالة رفضنا للاستلام تقوم باستلامها جمعيات أخرى ، وفي بعض الحالات تتلف ، ويقومون بعمل محضر إتلاف ورميها في النفايات .


الجواب

الحمد لله

المصادرة قد تكون بحق وقد تكون بغير حق :

فإن كانت بحق فلا بأس من استلامها وتوزيعها على الفقراء ؛ لأنها صارت ملكاً لبيت المال ، وهذا من مصارف بيت المال .
وإن كانت المصادرة بغير حق ، فهي في حكم المغصوب ، ويحرم قبضها والتصرف فيها ، ويجب إعادتها إلى صاحبها .
ولكن : إن كانت ستتلف أو تُتْلَف في جميع الحالات ، فلا شك أن إعطاءها للفقراء أولى من تركها تفسد .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-23, 13:30   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
Nadir1010
عضو جديد
 
إحصائية العضو










M001

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *عبدالرحمن* مشاهدة المشاركة


بارك الله فيك اخي الكريم
و جزاك الله عنا كل خير
و فيك بارك الله أخي عبد الرحمان









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 16:51   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




هل يقام الحد على البكر الحامل من الزنا ؟

السؤال

: هل يُطبق حد الزنا ؛ جلد مائة وتغريب عام ، على امرأة حامل في شهرها الرابع ؟

أم ننتظر إلى ما بعد فترة الرضاع ؟


الجواب

الحمد لله


أولاً :

من مقاصد الشريعة في تشريع الحدود : تأديب العاصي وزجره عن معصيته ، حتى لا يعود إليها مرة أخرى ، وليس من مقاصدها : إهلاكه

ولذلك قال الفقهاء بتأخير إقامة الحد عن الإنسان في الحال التي تكون إقامتها مظنة لهلاكه ، أو هلاك معصوم غيره
.
قال ابن القيم -رحمه الله- في " إعلام الموقعين "(3/ 14): "وَتَأْخِيرُ الْحَدِّ لِعَارِضٍ : أَمْرٌ وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ ، كَمَا يُؤَخَّرُ عَنْ : الْحَامِلِ ، وَالْمُرْضِعِ ، وَعَنْ وَقْتِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ، وَالْمَرَضِ " انتهى .

وقد ثبتت السنة بتأخير إقامة الحد على الحامل ، حتى تضع ما في بطنها .

روى مسلم في صحيحه (1695) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِي ، فَقَالَ : ( وَيْحَكِ

ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ ) ، فَقَالَتْ : أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ ؟ ، ( قَالَ وَمَا ذَاكِ ؟ ) ، قَالَتْ : إِنَّهَا حُبْلَى مِنْ الزِّنَى . فَقَالَ لَهَا : حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ .

قَالَ : فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ ؟ قَالَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : قَدْ وَضَعَتْ الْغَامِدِيَّةُ ، فَقَالَ : ( إِذًا لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ ) .

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، قَالَ فَرَجَمَهَا ".

قال النووي رحمه الله

: " فِيهِ أَنَّهُ لَا تُرْجَمُ الْحُبْلَى حَتَّى تَضَعَ ، سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُقْتَلَ جَنِينُهَا ، وَكَذَا لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ وَهِيَ حَامِلٌ لَمْ تُجْلَدْ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى تَضَعَ "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (11/344) .

وقال ابن قدامة : " وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًى أَوْ غَيْرِهِ ، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا ... وَلِأَنَّ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا إتْلَافًا لَمَعْصُومٍ ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ

وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا أَوْ غَيْرَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ تَلَفُ الْوَلَدِ مِنْ سِرَايَةِ الضَّرْبِ وَالْقَطْعِ ، وَرُبَّمَا سَرَى إلَى نَفْسِ الْمَضْرُوبِ وَالْمَقْطُوعِ ، فَيَفُوتُ الْوَلَدُ بِفَوَاتِهِ ".

انتهى من "المغني" (12/327) .

وقال الكاساني مبيناً شروط إقامة الحد : " وَمِنْهَا : أَنْ لَا يَكُونَ فِي إقَامَةِ الْجَلَدَاتِ خَوْفُ الْهَلَاكِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَّ شُرِعَ زَاجِرًا لَا مُهْلِكًا ، فَلَا يَجُوزُ الْإِقَامَةُ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ ؛ لِمَا فِي الْإِقَامَةِ فِيهِمَا مِنْ خَوْفِ الْهَلَاكِ

وَلَا يُقَامُ عَلَى مَرِيضٍ حَتَّى يَبْرَأَ ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ وَجَعُ الْمَرَضِ وَأَلَمُ الضَّرْبِ ؛ فَيُخَافُ الْهَلَاكُ ، وَلَا يُقَامُ عَلَى النُّفَسَاءِ حَتَّى يَنْقَضِيَ النِّفَاسُ ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ نَوْعُ مَرَضٍ .

وَلَا يُقَامُ عَلَى الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ وَتَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَوْفَ هَلَاكِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدَةِ ".

انتهى من " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " (7/ 59) .

ثانياً :

إذا ولدت الحامل ، فلا يقام عليها حد الزنا حتى تنتهي من نفاسها .

لحديث علي بن أبي طالب : " إِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَنَتْ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا ، فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ

فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَنْ أَقْتُلَهَا ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ( أَحْسَنْتَ ، اتْرُكْهَا حَتَّى تَمَاثَلَ ) " [ أي تقارب الشفاء ] ، رواه مسلم في صحيحه (1705).

قال النووي :

" فِيهِ أَنَّ النُّفَسَاءَ وَالْمَرِيضَةَ وَنَحْوَهُمَا يُؤَخَّرُ جَلْدُهُمَا إِلَى الْبُرْءِ ".

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (11/214) .

قال ابن قدامة : " وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا ، فَإِذَا وَضَعَتْ الْوَلَدَ ، وَانْقَطَعَ النِّفَاسُ ، وَكَانَتْ قَوِيَّةً يُؤْمَنُ تَلَفُهَا ، أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نِفَاسِهَا ، أَوْ ضَعِيفَةً يُخَافُ تَلَفُهَا ، لَمْ يُقَمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَقْوَى .

وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ "

انتهى من " المغني " (12/ 329) .

وجاء في " المدونة " للمالكية (4/ 514): " قُلْتُ : أَرَأَيْتَ الْبِكْرَ الْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا ، أَتُجْلَدُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الزِّنَا ؟ أَمْ تُؤَخَّرُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: تُؤَخَّرُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ : فَإِذَا وَضَعَتْ ، أَتَضْرِبُهَا أَمْ حَتَّى يَجِفَّ دَمُهَا وَتَتَعَافى مِنْ نِفَاسِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ ؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَرِيضِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ : إنَّهُ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ وَيُؤَخَّرُ وَيُسْجَنُ ، فأَرَى النِّفَاسَ مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ ، وَأَرَى أَنْ لَا يُعَجَّلَ عَلَيْهَا ". انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 16:51   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثالثاً :

إذا انتهت المرأة الزانية من نفاسها وتعافت من ضعفها يقام عليها حد الجلد ، ولا يؤخر حتى تنتهي من فطام رضيعها ؛ لأن الجلد لا يحول بينها وبين رضاع صغيرها.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (32/ 181) : " وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا ، فَلاَ أَثَرَ لِلْفِطَامِ فِيهِ ".

وهذا بخلاف حد الرجم ، فلا ترجم الزانية حتى ترضع صغيرها وتفطمه ، إن لم يوجد من يقوم برضاعته .

قال ابن قدامة : " فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا ، لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ [وهو اللبن أول النتاج لاحتياج الولد إليه غالبا] ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ

ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ ، أَوْ تَكَفَّلَ أَحَدٌ بِرَضَاعِهِ رُجِمَتْ ، وَإِلَّا تُرِكَتْ حَتَّى تَفْطِمَهُ ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ " .

انتهى من "المغني" (12/329) .

رابعاً :

ومن العقوبات الشرعية للزاني البكر : تغريبه وإبعاده عن بلده مسافة لا تقل عن مسافة القصر ، وهذا الحكم يشمل الرجل والمرأة على أرجح الأقوال .

والظاهر لا يؤخر هذا الحكم عن المرأة لكونها حامل ؛ لأن التغريب لا يضر حملها شيئاً .

قال الشبراملسي في " حاشيته على نهاية المحتاج " (7/ 303) :

" تُغَرَّبُ ، وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ التَّغْرِيبِ " انتهى .

ويحتمل أن يقال بتأخير التغريب أيضا ، كما يؤخر الرجم ؛ لما ذكره ابن حزم ، رحمه الله

في "المحلى بالآثار" (12/ 101)

" وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : " أَتَى رَجُلٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُخْتَهُ أَحْدَثَتْ - وَهِيَ فِي سِتْرِهَا وَأَنَّهَا حَامِلٌ -

فَقَالَ عُمَرُ: أَمْهِلْهَا حَتَّى إذَا وَضَعَتْ وَاسْتَقَلَّتْ فَآذَنِّي بِهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْ جَلَدَهَا مِائَةً وَغَرَّبَهَا إلَى الْبَصْرَةِ عَامًا ".

وظاهر هذا الأثر أن التغريب كان بعد وضع الحمل ، لكن لم نقف على هذا الأثر إلا في المحلى ، ولم يذكر ابن حزم سنده فيه عن عروة .

واشترط العلماء لتغريب المرأة : أن يكون معها من يحفظها من محرم أو زوج ، فلو لم يوجد المحرم لم يجز تغريبها

ومن المهم هنا التنبيه على أن الحدود لا يقيمها إلا السلطان الشرعي ، وليس من حق الأفراد إقامة الحدود على أنفسهم أو غيرهم .

قال فخر الدين الرازي في " تفسيره "(11/ 356) :

" وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى الْجُنَاةِ ، بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى الْأَحْرَارِ الْجُنَاةِ إِلَّا لِلْإِمَامِ

" انتهى ، وينظر جواب السؤال : (12461) .

فإذا لم يكن هناك إمام يقيم الحد ، فليجتهد العبد في أن يطهر نفسه بالتوبة النصوح ؛ إذ فاته التطهير بإقامة الحد الشرعي عليه

وليجتهد ـ بقية عمره ـ في عمل صالح ، لعل الله يذهب عنه بلاء ذنبه بذلك ، إن الحسنات : يذهبن السيئات !!

هذا ، مع أن من وقع في ذنب موجبٍ للحد ، فالمستحب له أن يستر نفسه ويتوب فيما بينه وبين الله

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 16:54   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من ارتكب حداً في بلد لا يحكم بما أنزل الله ، ماذا يفعل ؟

السؤال

إذا ارتكتب المسلم معصية فيها حد ، كالزنى ، وأراد أن يطهر نفسه بإقامة الحد عليه ، ولكن حكومته لا تحكم بما أنزل الله ، فماذا يفعل ؟

وإذا طلب من بعض أقاربه أو أصدقائه أن يقيموا الحد عليه ، فهل هذا صحيح ، ويغفر له ذنبه ؟.

الجواب

الحمد لله

" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا يُقِيمُ الْحَدَّ إلا الإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ , وَذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ , وَهِيَ صِيَانَةُ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ . وَالإِمَامُ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ لِشَوْكَتِهِ , وَمَنَعَتِهِ , وَانْقِيَادِ الرَّعِيَّةِ لَهُ قَهْرًا وَجَبْرًا ,

كَمَا أَنَّ تُهْمَةَ الْمَيْلِ وَالْمُحَابَاةِ وَالْتَوَانِي عَنْ الإِقَامَةِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّهِ , فَيُقِيمُهَا عَلَى وَجْهِهِ فَيَحْصُلُ الْغَرَضُ الْمَشْرُوعُ بِيَقِينٍ " اهـ . "

الموسوعة الفقهية" (17/145) .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (21/7) :

" ولا يقيم الحدود إلا الحاكم المسلم أو من يقوم مقام الحاكم ، ولا يجوز لأفراد المسلمين أن يقيموا الحدود لما يلزم على ذلك من الفوضى والفتنة "

وجاء فيها أيضاً (21/5-6) :

" لا يقيم الحدود إلا السلطان المسلم أو من ينوب عنه ، من أجل ضبط الأمن ، ومنع التعدي ، والأمن من الحيف ( الظلم ) ، وعلى العاصي الاستغفار والتوبة إلى الله والإكثار من العمل الصالح

وإذا أخلص لله في التوبة تاب الله عليه ، وغفر له بفضله وإحسانه . قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً *

يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/67-70

وقال : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82 ، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الإسلام يهدم ما كان قبله ، والتوبة تهدم ما كان ) اهـ.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 16:57   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يُغفر للزاني التائب ولو لم يُقم عليه الحد ؟

السؤال

أريد أن أعرف إذا ارتكب الشخص كبيرة الزنا وندم ندماً حقيقيّاً لله وتاب توبة صادقة لله هل سيعفو الله عنه يوم القيامة حتى لو لم يقم عليه الحد بجلده مائة جلدة في الدنيا ؟ .

وهل التوبة وحدها تكفر هذا الذنب ؟

أم أنه لن يغفر الله له وسيعاقب يوم القيامة ما لم يطبق بحقه الحد الشرعي حد الزنا ؟

أرجو الإجابة من الكتاب والسنة وجزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله


إقامة الحدِّ على الذنب الذي شرع فيه الحد : يكفِّر الذنب وما يترتب عليه من إثم .

والتوبة الصادقة من الذنوب تكفِّر ما يترتب عليه من إثم ، و " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " ، بل إن الله تعالى يبدِّل سيئاته حسنات .

فإن صدق في التوبة ، وأكثر من الاستغفار فلا يلزمه أن يعترف ليقام عليه الحد ، بل التوبة كافية إن شاء الله تعالى .

قال الله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً

. إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيماً . ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً الفرقان / 68 – 71 .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفَّى منكم : فأجره على الله

ومَن أصاب مِن ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا : فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله : فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " .

رواه البخاري ( 18 ) ومسلم ( 1709 ) .

وفي صحيح مسلم ( 1695 ) عندما جاء "ماعز" إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقر بالزنى وقال : "طهِّرني" (يعني بإقامة الحد) ، قال له : ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه .

قال النووي :

وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط إِثْم الْمَعَاصِي الْكَبَائِر بِالتَّوْبَةِ , وَهُوَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ .

وقال الحافظ ابن حجر :

ويؤخذ من قضيته – أي : ماعز عندما أقرَّ بالزنى - أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحدٍ . . .

وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال : أُحبُّ لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب اهـ .

" فتح الباري " ( 12 / 124 ، 125 ) .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يُبد لنا صفحته نُقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " . والقاذورات : يعني المعاصي .

رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) . وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 149 )









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 17:01   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم ضرب من سبّ الله تعالى وهو سكران ؟

السؤال

هل يجوز ضرب من يسب الله وهو فى حالة سكر

الجواب

الحمد لله

أولا :

شرب الخمر من كبائر الذنوب ، والخمر أم الخبائث ، ووسيلة الرذائل ، وجماع الإثم ، ومفتاح كل شر .

ثانيا :

لا يؤاخذ السكران بما يقول حال سكره ؛ لأنه لا عقل معه .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النساء/43، فَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى كَلَامِ السَّكْرَانِ حُكْمًا حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يَقُولُ؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يستنْكه [ أي يشم رائحة فمه ] الْمُقِرَّ بِالزِّنَا ؛ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا يَقُولُ أَوْ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يَقُولُ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ حَمْزَةَ بِقَوْلِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ:

" هَلْ أَنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي " ، وَلَمْ يُكفّر مَنْ قَرَأَ فِي حَالِ سُكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ: " أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ "

انتهى من "إعلام الموقعين" (3/ 87)

وقال ابن عثيمين رحمه الله :

" الصحيح أن من شرب مسكراً مع التحريم فإنه لا يعزَّر بأكثر مما جاءت به الشريعة، وهو أن يجلد أربعين جلدة

أو ثمانين جلدة، أو أكثر حسب ما يكون به ردع الناس عن هذا الشراب المحرم، وأما أن نؤاخذه بأقواله، وأفعاله، وهو لا يعقل فلا يمكن"

انتهى ، "الشرح الممتع" (14/ 443)

فمن سب الله تعالى - والعياذ بالله - حال سكره الذي لا يعلم فيه ما يقول فإنه لا يحكم بكفره.

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :

" السكران لا يحكم بردته إذا قال أو فعل أثناء سكره وزوال عقله ما يوجب الردة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النساء/43

فبين سبحانه وتعالى أن السكران لا يعلم ما يقول، ومن لا يعلم ما يقول فلا يؤاخذ بقول "

انتهى من "شرح زاد المستقنع" (396/ 9) بترقيم الشاملة .

ثالثا:

إذا وجد الناس من هذه حاله ، فإنهم لا يتعرضون له بضرب ولا غيره ، لأن إقامة الحد الشرعي والتعزير من الأمور المنوطة بولي الأمر فقط .

قال ابن رشد

: " وأما من يقيم هذا الحد – أي : جلد شارب الخمر - فاتفقوا على أن الإمام يقيمه ، وكذلك الأمر في سائر الحدود . "

بداية المجتهد " ( 2 / 233 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 17:05   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ضرب شخصا حتى أفقده الوعي ، وأخذ ماله ، فكيف يتوب من ذلك توبة صحيحة ؟

السؤال

إذا مارس الشخص الحرابة ، وقام بضرب شخص حتى فقد الوعي ، وسرق كل ماله ، ومن ثم اعتذر له ، وأعاد له كل ماله الذي سرقه : فهل يتوب بذلك ؟

أم يجب عليه أن يعرض نفسه للشخص ، لكي يأخذ حقه بيده ، كما أفقده الوعي ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

الْحِرَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ - وَتُسَمَّى قَطْعَ الطَّرِيقِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ - : هِيَ الْبُرُوزُ لأِخْذِ مَالٍ ، أَوْ لِقَتْلٍ ، أَوْ لإِرْعَابٍ عَلَى سَبِيل الْمُجَاهَرَةِ ، مُكَابَرَةً ، اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ .

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّرِقَةِ : بِأَنَّ الْحِرَابَةَ هِيَ الْبُرُوزُ لأِخْذِ مَالٍ أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إِرْعَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الشَّوْكَةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ .

أَمَّا السَّرِقَةُ فَهِيَ أَخْذُ الْمَال خُفْيَةً .

فَالْحِرَابَةُ : تَكْتَمِل بِالْخُرُوجِ عَلَى سَبِيل الْمُغَالَبَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ مَالٌ .

أَمَّا السَّرِقَةُ : فَلاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ أَخْذِ الْمَال عَلَى وَجْهِ الْخُفْيَةِ .

والْمُحَارِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: هُوَ كُل مُلْتَزِمٍ مُكَلَّفٍ أَخَذَ الْمَال بِقُوَّةٍ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْغَوْثِ

ولاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ عُقُوبَةَ الْمُحَارِبِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ لاَ تَقْبَل الإْسْقَاطَ وَلاَ الْعَفْوَ مَا لَمْ يَتُوبُوا قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ .

وَالأْصْل فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأْرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ

فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة / 33-34 .

ويَسْقُطُ حَدُّ الْحِرَابَةِ عَنِ الْمُحَارِبِينَ بِالتَّوْبَةِ قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ فِي شَأْنِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَقًّا لِلَّهِ ، وَهُوَ تَحَتُّمُ الْقَتْل ، وَالصَّلْبِ، وَالْقَطْعِ مِنْ خِلاَفٍ ، وَالنَّفْيِ ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ .

أَمَّا حُقُوقُ الآْدَمِيِّينَ فَلاَ تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ، فَيَغْرَمُونَ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الْمَال عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : إِنْ كَانَ الْمَال قَائِمًا، وَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ إِذَا قَتَلُوا ، وَلاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّ الْحَقِّ فِي مَالٍ أَوْ قِصَاصٍ .

انظر : "الموسوعة الفقهية" (17/ 153-164) ، (24/ 293) .

ثانيا :

" شروط التوبة الصحيحة هي:

1 - الإقلاع عن الذنب.

2 - الندم على ما فات.

3 - العزم على عدم العودة إليه.

وإن كانت التوبة من مظالم العباد في مال أو عرض أو نفس ،

فتزيد شرطا رابعا، هو: استباحته والتحلل منه، أو إعطاؤه حقه " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 310-311) .

وأيا ما كان الأمر في الصورة المذكورة في السؤال : هل هي حرابة حقا ، كما أسماها السائل ، أو إن واقع الحادثة لم يكن حرابة ؛ فإن شرط صحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم إلى أهلها

أو التحلل منهم ، فإن كانت المظلمة سرقة أو غصبا أو أكلا للمال بالباطل ، بأي وجه من الوجوه : فإنه يجب على الظالم التوبة إلى الله ورد المظلمة إلى أصحابها

وتمكينهم من أخذ حقهم ، والقصاص العدل من المعتدي والبغي ، أو التحلل منهم .

قال ابن حزم رحمه الله :

" وأما التوبة من ضرب إنسان : فهو بأن يمكن الإنسان من نفسه ليقتص منه أو ليعفو "

انتهى من رسائل ابن حزم" (3/ 183) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" اِخْتَلَفَ النَّاس فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة : وَهِيَ الْقِصَاص فِي اللَّطْمَة وَالضَّرْبَة وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يُمْكِن لِلْمُقْتَصِّ أَنْ يَفْعَل بِخَصْمِهِ مِثْل مَا فَعَلَهُ بِهِ مِنْ كُلّ وَجْه : هَلْ يَسُوغ الْقِصَاص فِي ذَلِكَ , أَوْ يَعْدِل إِلَى عُقُوبَته بِجِنْسٍ آخَرَ , وَهُوَ التَّعْزِير ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ ، أَصَحّهمَا : أَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ الْقِصَاص , وَهُوَ مَذْهَب الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ , ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، حَكَاهُ عَنْهُمْ أَحْمَد وَأَبُو إِسْحَاق الْجُوزَجَانِيُّ فِي الْمُتَرْجَم

, وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَام أَحْمَد فِي رِوَايَة الشَّالِنْجِيّ وَغَيْره , قَالَ شَيْخنَا رَحِمَهُ اللَّه : وَهُوَ قَوْل جُمْهُور السَّلَف "

انتهى من "تهذيب السنن" (2 /310) .

وقال ابن القيم رحمه الله ، أيضا :

" وَفِي الْعُقُوبَةِ بِجِنْسِ مَا فَعَلَهُ تَحَرٍّ لِلْمُمَاثِلَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَأَنْزَلَ بِهِ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ، فَإِنَّهُ قِصَاصٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ فِي مِثْلِ الْمَحَلِّ الَّذِي ضَرَبَ فِيهِ بِقَدْرِهِ ، وَقَدْ يُسَاوِيهِ

أَوْ يَزِيدُ قَلِيلًا، أَوْ يَنْقُصُ قَلِيلًا ، وَذَلِكَ عَفْوٌ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ "

انتهى من "إعلام الموقعين" (1/ 241-242) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-26, 17:09   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين توبة الكافر وتوبة قاطع الطريق بعد القدرة عليهما

السؤال

قرأت في سورة المائدة ، آية رقم (33-34) قبول توبة قاطع الطريق لكن قبل أن يقدر المسلمون عليه ، ولكن قرأت في صحيح البخاري ، كتاب (59) : أن أسامة بن زيد رضي الله عنه لمَّا قتل الرجل بعد أن شهد الشهادتين

أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفعل . يرجى التوضيح ، وجزاكم الله خيرا .


الجواب

الحمد لله

التوبة في الشريعة الإسلامية مقبولة

لقول الله تعالى : (قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) الزمر/53 .

قال ابن كثير رحمه الله :

وهذا عام في كل ذنب ، من كفر وشرك وشك ونفاق ، وقتل وفسق ، وغير ذلك ، كل من تاب من أي من ذلك تاب الله عليه" انتهى .

أما من حيث إسقاط التوبة للعقوبة في الدنيا فذلك يختلف باختلاف الذنب الذي تاب منه .

فالتوبة من الكفر ، وذلك بالدخول في الإسلام يسقط عقوبة الدنيا ، فمن أعلن إسلامه فقد عصم دمه وماله ، وحرم قتله وأخذ ماله ، ويدل على ذك حديث أسامة رضي الله عنه الذي ذكره السائل.

فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : (بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ – اسم مكان -، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ

فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا أُسَامَةُ ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ! قُلْتُ : كَانَ مُتَعَوِّذًا

. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) رواه البخاري (4269) ، ومسلم (96) .

وأما قاطع الطريق فإنه إن تاب قبل القدرة عليه فإن توبته تسقط عنه الحد

قال الله تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ

. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة/33-34 .

جاء في " الموسوعة الفقهية " (14/130) :

"اتفق الفقهاء على أن جريمة قطع الطريق (الحرابة) تسقط بتوبة القاطع قبل أن يُقدَر عليه ؛ لقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

فدلت هذه الآية على أن قاطع الطريق إذا تاب قبل أن يُظفَر به سقط عنه الحد" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إن تاب قطاع الطريق :

فإن كان بعد القدرة عليهم : فلا تقبل توبتهم .

وإن كان قبل : قُبِلَت ، ودليل ذلك قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة/34

فوجه الدلالة من الآية أن ختمها باسمين كريمين ، يدلان على العفو والمغفرة ، وأن مقتضى رحمته ومغفرته جل وعلا أن يغفر لهؤلاء ويرحمهم .

وفهم من قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) أنهم لو تابوا بعد القدرة فإنه لا تسقط عنهم العقوبة ؛ والحكمة من ذلك : أنهم إذا تابوا من قبل أن يقدر عليهم فإنه دليل على أن توبتهم صادقة ، فيتوب الله عليهم

أما إذا تابوا بعد القدرة عليهم فإن القرينة تدل على أن توبتهم خوفاً من النكال والعقوبة ، فلذلك لا تقبل .

أما الكافر فتقبل توبته ولو بعد القدرة عليه ، فإذا كان كافر حربي يظهر العداوة للمسلمين ، فقدرنا عليه ، فتاب بعد أن قدرنا عليه : فإننا نرفع عنه القتل

لقول الله تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38 ، وهذا عام .

ولحديث أسامة رضي الله عنه في قصة المشرك الذي لحقه أسامة حتى أدركه ، فلما علاه بالسيف قال : لا إله إلا الله ، فقتله أسامة ، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك

فقال له : (أقتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله ؟! قال : نعم يا رسول الله ، إنما قالها تعوُّذاً ، قال : قتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله ؟! قال : نعم ، فما زال يرددها عليه حتى قال أسامة : تمنيت أني لم أكن أسلمت بعد .

مع أن الرجل حسب ما يظهر - والعلم عند الله - قالها تعوذاً ، لكن فيه احتمال أنه قالها عن صدق ، وأنه لما رأى الموت قالها" انتهى باختصار .

"الشرح الممتع" (14/381-382) .

والحاصل : أنه لا تعارض بين الآية والحديث ، فالإسلام هو أفضل الحسنات ، ولذلك يغفر ذنوب صاحبه كلها ، ويسقط عنه العقوبة في الدنيا ، ولو كان بعد القدرة عليه .

وفي ذلك ترغيب للناس في الإسلام .

أما قاطع الطريق ، فلا تسقط توبته عنه العقوبة في الدنيا إلا إذا كانت قبل القدرة عليه .

وذهب الإمام أحمد والشافعي في أحد قوليه ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن جميع الحدود تسقط بالتوبة قبل القدرة عليه .

وانظر : "الإنصاف" (10/300)

و "المجموع" (22/240) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحدود والتعزيرات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc