(الدرر السنية )
قال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق – رحمه الله – :
ومما انتحله بعض هؤلاء الجهلة المغرورين الاستخفاف بولاية المسلمين والتساهل بمخالفة إمام المسلمين ، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يعرف ذلك كل ذي عقل وإيمان، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، وإن الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد والعدول عن سبيل الهدى والرشاد – ثم قال – ومن ذلك ما وقع من غلاة هؤلاء من اتهام أهل العلم والدين، ونسبتهم إلى التقصير وترك القيام بما وجب عليهم من أمر الله سبحانه وتعالى، وكتمان ما يعلمون من الحق ، ولم يدر هؤلاء أن اغتياب أهل العلم والدين والتفكه بأعراض المؤمنين سم قاتل وداء دفين وإثم واضح مبين، قال الله تعالى وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً أقلوا عليهم لا أبا لأبيكموا من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا ا.هـ
(الدرر السنية )
وقال العلامة السعدي ـ رحمه الله ـوأمر بطاعة أولي الأمر ، وهم الولاة على الناس من الأمراء والحكام والمفتين ، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم طاعة لله ، ورغبة فيما عنده ، ولكن بشرط أن لا يأمروا بمعصيةٍ ، فإن أمروا بذلك ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم ، وذكره مع طاعة الرسول فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بطاعة الله ، ومن يطعه فقد أطاع الله ، وأما أولو الأمر فَشَرْطُ الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" ( 2/ 89 ))
وقال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله
فقد قال الله عز وجل ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (النساء 59 )
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة , وهي فريضة في المعروف . والنصوص من السنة تبين المعنى , وتفيد بأن المراد : طاعتهم بالمعروف , فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي , فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية , لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه وسلم : ألا من ولي عليه وال , فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدا من طاعة , ومن خرج من الطاعة , وفارق الجماعة, فمات , مات ميتة جاهلية وقال صلى الله عليه وسلم على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة
وسأله الصحابة - لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرونا ؟ قال : أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم .
قال عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " .
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا , وشرا عظيما , فيختل به الأمن , وتضيع الحقوق , ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم , وتختل السبل ولا تأمن , فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير , إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان , فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة , أما إذا لم يكن عندهم قدرة , فلا يخرجوا , أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج , رعاية للمصالح العامة , والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه , بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه .
وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين , فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا وعندهم قدرة تزيله بها , وتضع إماما صالحا طيبا , من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الإغتيال , إلى غير هذا من الفساد العظيم , فهذا لا يجوز , بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير , والإجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير , هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة , ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير , ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر , نسأل الله للجميع التوفيق والهداية .
(فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة)
وَقَالَ العلامة ابن عثيمين الإمام هُوَ ولي الأمر الأعلى فِي الدولة، ولا يُشترط أن يكون إمامًا عامًا للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة ..من عهد أمير المؤمنين عُثْمَان بن عَفَّان ...وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لِمن تأمَّر عَلَى ناحيتهم، وإن لَم تكن له الخلافة العامة.
(فِي الشرح الممتع (8/12
وقال الشيخ العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله
“فالله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان، وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس، وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور، فهذا عين المفسدة، و أحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس…، قال: وكذا ملء القلوب على العلماء، يحدث التقليل من شأن العلماء، وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها…، قال: الواجب أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه السلطان، وأن يضبط الإنسان نفسه، وأن يعرف العواقب. و لْيُعْلَم أنَّ من يثورُ إنما يخدمُ أعداءَ الإسلام، فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال بل العبرة بالحكمة.
و لست أريد بالحكمة السكوت عن الخطأ، بل معالجة الخطأ لنصلح الأوضاع لا لنغير الأوضاع، فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها
(حقوق الراعي والرعية)
وقال الشيخ العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .
فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء: 59) .
ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك .
أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟
فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء .
وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك
وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا
أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .
أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطيع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا . فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية . (شرح رياض الصالحين المجلد الثالث)
وقال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله
وفي الأصل الثالث يقول إن من تمام الاجتماع الذي تقدم ذكره السمع والطاعة إذ لا يحصل الاجتماع ولا تستقيم السلطة إلا بالسمع والطاعة ولا يستقيم الدين إلا بالسلطة ولا تستقيم السلطة إلا بالسمع والطاعة إذن السمع والطاعة يعتبر هذا الأمر من الواجبات الأساسية في الإسلام لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً ، أي بصرف النظر عن موقع ومكانة هذا الوالي ومن أي جنس كان ومن أي لون كان ،عادلاً كان أو فاجراً .
ولا يشترط أن يكون الوالي التي تجب طاعته والسماع له والولاء له والدعوة له لا يشترط أن يكون عادلاً ؛ بل من تولى أمور المسلمين وجمع الله على يده كلمة المسلمين وجبت طاعته والسمع له . فبين النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شائعاً ذا عيان ذاع بين المسلمين قديماً وحديثاً وبكل وجه من أنواع البيان شرعاً وقدراً بين ذلك شرعاً بما شرع الله وما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام قدراً فيما قدر الله .. علم وكتب عنده وشاء .. شاءَ الطاعة .. السمع والطاعة .. أو شاء خلاف ذلك بالنسبة للقدر . وما أراد الله شرعاً وديناً ودعا إليه وأمر به ليس بلازم أن يتحقق إذ قد أمر الله الناس جميعاً بالإيمان ولم يؤمن الجميع وأمر العباد جميعاً بالطاعة أطاع من أطاع وخالف من خالف ولكن الإرادة التي لا يتخلف مرادها هي الإرادة القدرية الكونية إذاً فرقٌ بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية . وأمر الله سبحانه وتعالى العبادَ جميعاً بطاعة الرسل وبطاعة أولي الأمر وبطاعته قبل ذلك منهم من أطاع ومنهم من عصى وعلم الله وقدر من يعصي ومن يطيع وما أراده الله كوناً وعلم وكتب وقدر وشاء لابد من تحققه فالله سبحانه وتعالى يريد بالإرادة الكونية الإيمان والكفر والطاعة والمعصية والخير والشر إذ لا يقع في ملكه إلا ما يشاء . ومن الخطأ اعتقاد بعض الناس إن الله إنما يريد الخير فقط ، من يطلق هذا إن أراد بالإرادة الإرادة الشرعية الدينية فصحيح ، وإن أطلق ينصرف عند الإطلاق إلى الإرادة الكونية القدرية ويريد الله سبحانه وتعالى بهذه القدرة كل كائن إذ لا يكون في ملكه إلا ما يشاء ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن بعد هذا صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم أمر الطاعة والسمع لا يعرف على الحقيقة عند أكثر من يدعي العلم فكيف العمل به إذا كان العلم نفسه مفقود فالعمل من باب أولى .
وربما علم بعضهم إن الطاعة إنما تجب ، والسمع إنما يجب إذا كان الوالي عادلاً عالماً تجب طاعته ، وتجب بيعته ، ويجب السمع له ، وإذا كان بخلاف ذلك فلا طاعة ولا سمع ولا بيعة هذه من الأخطاء الشائعة اليوم بين الناس وهذا خطأ شرعاً وعقلاً .
ومن رزقه ا لله العقل السليم ويدرك الأمور على حقيقتها وله معرفة بتاريخ سلفنا وله معرفة بالدين يدرك تماماً بأن السمع والطاعة والبيعة والمحافظة على ذلك واجبة مطلقاً سواءٌ كان الوالي عادلاً أو فاجراً أو مؤثراً أو منفقاً محسناً مسيئاً مطلقاً .
مالم يظهر منه الكفر البواح معنى البواح الكفر الذي يبوح به ويعلنه هذا معنى البواح ليس الكفر الخفي الذي لا يدرك بل الكفر الذي يعلن به هو ويدعو إليهلو دعا الحاكم إلى ترك الصلاة أباح بكفره أعلن ،لو أمر المجتمع بأن يتركوا صيام رمضان لئلا يضعفوا عن الإنتاج لينتجوا أعلن بكفره فهو كافر لا طاعة له ولا بيعة له ولا سمع له ولو أعلن أن الشريعة الإسلامية في الوقت الحاضر غير صالحة للعمل بها وقد كانت صالحة في العهد السابق أما الآن فلا تصلح ولابد من استيراد القوانين إما من الخارج أو من وضعها محلياً قوانين مرنة توافق رغبات الناس وهذه الشريعة جافة لا تصلح أعلن بكفره كفراً بواحاً لا طاعة له ولا سمع ولا بيعة هذا معنى الكفر البواح الكفر الذي أباح به أي أعلن به ولم يخف مالم يصل الحاكم إلى هذه الدرجة تجب طاعته والسمع له. لو راجعنا تاريخنا نجد إن بعض الصحابة صغار الصحابة الذين أدركوا بعض الخلفاء والملوك الجائرين الظالمين كالحجاج كانوا يصلون خلفهم لأنه في العهد السابق الخلفاء هم الذين يؤمون الناس ،يصلون خلفهم ، ويجاهدون تحت رايتهم ،ويطيعونهم في كل ما يأمرون وينهون مالم يأمروا بمعصية على هذا مضوا السلف الصالح الذين أدركوا زمن الأهواء بعد أن فسدت أخلاق كثير من الأمراء والحكام هذا الذي عليه الناس قديماً واليوم لا يسع المسلمين إلا ما وسع الأولين يقول إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله لا يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها
وفي رواية لا يصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولوها ولعله لا يُصلح أوضح .
لا يصلح أمر المسلمين اليوم إلا ما أصلح أمر المسلمين الأولين وإنما صلح أمرهم بالاجتماع وعدم التفرق ،وإنما صلح أمرهم بالطاعة والسمع ،بالسمع والطاعة وعدم الخروج .ولا يعني الخروج دائماً الخروج بالسلاح بل التمرد يعتبر خروجاً على السلطة ؛التمرد على الأوامر يعتبر خروجاً على السلطة هذا ما يجهله كثير من المنتسبين إلى العلم فما بال الذين لا علم لديهم وإذا جهلوا هذا الجهل والعمل تابع لأن العلم قبل القول والعمل ؛أولاً العلم ثانياً العمل ، ولا يتم العلم بمجرد الاطلاع على النصوص لأن النصوص الناس تتصرف فيها فيجب أن تفهم النصوص بمفهوم السلف الصالح طالما نحاول أن نفهم نصوص الكتاب والسنة بمفهوم السلف الصالح فنحن على خير فإذا أعرضنا عن منهجهم وعن مفهومهم وشققنا لنا طريقاً جديداً لنسير إلى الله مستقلين عن سلفنا الصالح ضعنا ضياعاً لا يمكن أن يعالج إلا بالتوبة والرجوع .
هذا ما وصل إليه أمر جمهور المسلمين اليوم إذ تركت العقيدة السلفية التي كان عليها سلف هذه الأمة وتركت الأحكام ؛ الأحكام الكتاب والسنة تركاً واضحاً وأُعرض عنها
واستبدلت بأحكام وضعية وجهلت السياسة الشرعية تماماً واستبدلت بسياسة النفاق والكذب السياسة العصرية التي كلها كذب ونفاق هكذا أعرض جمهور المسلمين خصوصاً المثقفين عن دين الله تعالى الذي جاء به هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إذن لابد من الاجتماع على الدين ولا يتم الاجتماع إلا بالسمع والطاعة على ما شُرح (شرح الأصول الستة )
وقال الإمام صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم السَّمعُ والطّاعة؛ يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء: 59.).
والنبي صلى الله عليه وسلم كما مرَّ في الحديث يقول: أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي هذا الحديث يوافق الآية تمامًا. ويقول صلى الله عليه وسلم: مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني(رواه البخاري )
إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحثِّ على السّمع والطّاعة، ويقول صلى الله عليه وسلم:اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك( رواه مسلم) من حديث حذيفة رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا..
فوليُّ أمر المسلمين يجب طاعته في طاعة الله، فإن أمر بمعصيةٍ؛ فلا يطاع في هذا الأمر يعني: في أمر المعصية، لكنّه يُطاع في غير ذلك من أمور الطّاعة.
وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال: فإن كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله. أمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم عاش في مكة ثلاثة عشرة سنة بعد البعثة، والولاية للكفَّار، ومع من أسلم من أصحابه، ولم يُنازلوا الكفَّار، بل كانوا منهيِّين عن قتال الكفَّار في هذه الحقبة، ولم يُؤمَر بالقتال إلا بعدما هاجر صلى الله عليه وسلم وصار له دولةٌ وجماعةٌ يستطيع بهم أن يُقاتل الكفَّار.
هذا هو منهج الإسلام: إذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدّعوة، أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة.(المنتقى من فتاوى الفوزان)
قال الإمام ربيع المدخلي حفظه الله
السمع والطاعة لأمير المؤمنين برّهم وفاجرهم، من اجتمعت عليهم الأمة وصل إلى مرتبة الخليفة, وصل بالسيف، خرج على إمام قبله وتغلّب عليه ثم قامت دولته لا يجوز الخروج عليه، لأنك إذا خرجت عليه مرة ثانية تخرج مرة ثالثة وتخرج مرة رابعة وتصبح الأمة في صراع من خارج إلى خارج، لا، الأصل لا يجوز الخروج، فإذا سلط اللّه على هذا الإنسان من خرج عليه وانتصر على دولته وقام على أنقاضه دولة جديدة , فيجب أن يقف المسلمون عند هذا الحد, ويسلمون القياد لهذا المتغلب.وهذا المتغلب سواء جاء عن طريق الاختيار والشورى والبيعة، أو جاء عن طريق الغلبة وصل إلى الإمارة بالسيف وأصبح له شوكة وأصبح له قوة – بارك الله فيكم – يجب أن تسلم له , وتحقن دماء المسلمين , فهذا سواء كان برا أو كان فاجرا تجب له الطاعة .
وانظر الى الإمام احمد , وانظر الى البخاري , وانظر الى أئمة الاسلام جميعا يجعلون هذا أصلا من أصول الإسلام: طاعة ولاة المسلمين أصل من أصول الإسلام وسواء كان برا أو فاجرا. الخوارج والروافض وغيرهم قد يوافقونهم إذا كان برا، وقد لا يوافقونهم إذا كان فاجرا أبو بكر ليس برا عند الروافض وعمر كذلك ليس برا عند الروافض, وعلي ليس برا عند الخوارج، لكن الصفات في العموم لا يخالفون فيها كونه برا، لكن يخالفون في الفاجر. الخليفة الفاجر الجائر الظالم الفاسق هذا ما دام لم يخرج من دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه بحال من الأحوال، وورد في ذلك أحاديث كثيرة:منها: بايعنا رسول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله حتى تروا كفرا بواحا. فلا يجوز الخروج عليه مهما بلغ من الفسق.وكما في حديث أم سلمة: إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد سلم ومن كره فقد برئ, ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول اللّه؟ قال: لا، ماصلَّوا فما داموا يصلون فلا يجوز الخروج عليهم، كيف إذا كان يصلي ويصوم ويزكي ويحج،ويؤمِّن كل هذه الأمور للمسلمين ويؤمِّن لهم الطرق وإلى آخره، كيف هذا؟!.
أين نحن الاَن من الثوريين الموجودين الاَن؟ أين هم من قوله: لا، ما صلوا؟ الرسول صلى الله عليه وسلم ينهاهم لا، ما صلوا؟ مع أنهم فرطوا في كثير من الإسلام وقال: لا، ما صلوا لا, ما قال: لا ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا.... وإلى آخره، قال: لا، ما صلوا؟ لماذا؟ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد، ضياع الاسلام، وضياع المسلمين، وإهلاك الأمة، وإهلاك الحرث والنسل، وانتهاك الأعراض, وإذلال المسلمين وإضعافهم، حتى يصبحوا لقمة سائغة لأعدائهم، إذا خروج، بعد خروج، بعد خروخ
الاَن -يا إخوة !- هؤلاء الثوريون قامت لهم دول عن طريق الانقلابات وعن طريق الانتخابات وعن طريق كذا وكذا، ماذا صنعوا؟ ماذا حققوا من الشعارات هذه؟ مِن أبعد الناس عن تطبيق الشريعة الإسلامية، بل يزيدون على الحكام الاَخرين المنحرفين بعقد مؤتمرات وحدة الأديان وتشييد الكنائس وتقريب النصارى, وإذلال المسلمين وإفقارهم وإهلاكهم في دينهم ودنياهم، واللّه وصلوا بالانتخابات ووصلوا بالانقلابات ووصلوا بشتى الأمور، وشاركوا في وزارات، كله كلام فارغ، ما تميزوا على غيرهم في شيءإذن لا نثق في هؤلاء، هؤلاء همهم الوصول إلى الكراسي بأي حال من الأحوال، ثم بعد ذلك يديرون ظهورهم إلى الإسلام! كما جربتم وعرفتم، هنا وهناك في بلدان كثيرة ثمَّ أحياناً يأتون بانقلاب باسم الإسلام فينقلب عليهم شيوعي أو أي منهج ضال آخر إذن الحكمة في توجيهات هذا الشارع الحكيم الرحيم الرؤوف الشجاع البطل والذي يربي الأمة على الشجاعة، لكن في هذا الباب يقول لهم: اصبروا مهما رأيتم، إلا الكفر
.( شرح السنة للامام أحمد للشيخ ربيع )