حكم اشتراط البائع بيع سلعتين معا
السؤال :
هناك بعض محلات الجملة تجبر الزبون على شراء سلعة إضافية إذا أراد سلعة معينة ، وكمثال : أن الزبون إذا أراد شراء نوع حليب معين يٌلزمه صاحب المحل أن يشتري نوع عصير معين ، فهل هذا شرط فاسد ، ويصبح به البيع محرما ؟ مع العلم أحيانا صاحب المحل قد يكون أجبر على شراء السلعتين معا ، وأن السلعة الإضافية قد تكون كاسدة
وقد لا تكون . الأمر الآخر أنه إذا أصر الزبون على شراء سلعة واحدة دون الأخرى قد يبيعها له صاحب المحل بسعر مرتفع ، فهل في هذه الحالة يعتبر وكأن الأمر عرض تجاري ، بمعنى أنه إذا اشتريت السلعتين معا سيكون السعر أقل وإلا فلا ، أم إنه تحايل ؟
الجواب
الحمد لله
لا حرج في اشتراط البائع بيع سلعتين معا، إذا كانتا معلومتين، وكان الثمن معلوما، كأن يبيع اللبن مع العصير، أو الشاة مع ابنها، أو سلعة رائجة مع سلعة كاسدة، سواء جعل لهما ثمنا واحدا دون تفصيل، أو بين ثمن كل سلعة، فله مطلق الحرية في ذلك، ومن شاء أن يشتري منه على هذا النحو فعل.
سئل الشيخ عليش المالكي رحمه الله: "عن ما يقع في بعض الأرياف من بيع الرجل البقرة بنتاجها، أو النعجة بنتاجها, ولم يفصّل ما لكل منهما من الثمن. فهل إذا قام أحد المتبايعين يريد إبطال البيع بسبب ذلك، ليس له ذلك؟
فأجاب: نعم، ليس له ذلك؛ لانتفاء الجهل عن الثمن، والمثمن جملة، وتفصيلا؛ لعلم المتبايعين أن الثمن، والمثمن البقرة، وولدها مثلا, ولا ينافي هذا عدم تفصيل ما لكل منهما"
انتهى من "فتح العلي المالك" (2/ 99).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ما حكم الشرع في التاجر الذي يبيع لك شيئاً ويشترط عليك شيئاً آخر لتأخذه معه ، نظراً لعدم إقبال الناس على هذا النوع من البضاعة، وما حكم البيع هل هو صحيح أم لا؟ وهل يلحقني إثمٌ في شراء ذلك؟
فأجاب: نعم. هذا لا بأس به، أي لا بأس من أن يقول لك البائع: أنا لا أبيع عليك هذه السلعة إلا أن تشتري السلع الأخرى، فإن رضيت بذلك فلا حرج؛ لعموم قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم»، ولقوله: «إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» .
فالأصل في الشروط ، كالأصل في العقود ، وهو الإباحة والحل حتى يقوم دليلٌ على المنع، فإذا اشترط عليك البائع أن تشتري السلعة الأخرى ، مع ما تريده من السلع : فلا حرج عليك في أن تشتري منه .
إلا إذا كان اشترط عليك سلعة يجري فيها الربا ، مع الثمن الذي اشتريت به ؛ مثل أن تشتري طعاماً بطعام ، كبرٍ ببر مثلاً، فيشترط عليك أن تشتري منه براً آخر : فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى التفاضل
في بيع الجنسين بعضهما ببعض، والجنس إذا بيع بعضه ببعض لا يجوز التفاضل؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد» .
ذكرنا أنه لا بأس إن اشترط البائع على المشتري أن يشتري سلعةٍ أخرى مع ما يريده ، إلا إذا تضمن ذلك محظوراً شرعياً .
كذلك مثالاً آخر: لو طلبت أن تشتري منه ساعة مثلاً فقال: لا أبيع عليك هذه الساعة إلا أن تشتري مني سلعة أخرى ، سلعة لهو ، آلةٌ موسيقية مثلاً فإن هذا لا يجوز، لأن هذا الشرط يتضمن محظوراً شرعياً فيكون باطلا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط»"
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" على موقع الشيخ:
والله أعلم.