نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 21
أم المنذر بنت قيس
اسمها : سلمى بنت قيس بن عمرو بن عبيد .
- إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم .
المصلية للقبلتين ..... المحافظة على البيعتين
إن الإيمان ليس أمرا على هامش الوجود .
انه سعادة الأبد أو شقاوته انه الجنة أبدا أو النار أبدا .
عندما نتحدث عن الإيمان ونتحدث عن آثاره في النفس إنما نعنى الإيمان القوى الدافق الإيمان حين يبلغ مداه ويشرق على القلوب سناه ويخط في أعماق النفوس مجراه، لا نتحدث عن الإيمان الضعيف المزعزع، الأيمان المخدر النائم، إنما نتحدث عن الأيمان الحي اليقظ .
هنا نتحدث عن صحابية ظهر أثر الأيمان وبركته عليها فقامت لتسطر على جبين التاريخ سطورا من النور
إنها أم المنذر بنت قيس .
إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم التي وبايعت البيعتين وصلت القبلتين
في رحاب المكارم
لها مكارم كثيرة منها :
1- إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم
2- أخت سليط بن قيس وهو فارس من فرسان مدرسة النبوة شهد بدر وأحد والخندق، أحد أبطال معركة الجسر الشهيرة مع أبى عبيدة حيث قتل يوم الجسر شهيدا سنة 14 هـ
3- لام منذر أختان هما ( أم سليم – عميرة ) قد أسلمت وبايعت الرسول صل الله عليه وسلم .
ثمرات الدعوة المباركة
بعد بيعة العقبة الأولى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة ليكون سفيرا للدعوة بعد أن تعلم على يد رسول الله صل الله عليه وسلم .
قد أسلم على يده كثير من أصحاب القلوب الطيبة النقية .
كان من بين من أسلم كانت أم المنذر بنت قيس ولامس الأيمان قلبها فأصبحت في مضمار السباقات .
وها هي تبايع الرسول صل الله عليه وسلم
كان الرسول صل الله عليه وسلم يحمل لها في قلبه كثير من الحب والتقدير والاحترام
بل كان يخصها بالزيارة ويأكل عندها ويشير إلى أن طعامها ذو بركه وذو نفع
عن أم المنذر بنت قيس قالت:
دخل على رسول صل الله عليه وسلم ومعه (علي ) (وعلي ) ناقة أي في فترة النقاهة من المرض ولنا (دوالي ) معلقة وهو ما تدلى من الشجر المثمر فقام رسول الله صل الله عليه وسلم يأكل منها فقام على ليأكل فطفق الرسول صل الله عليه وسلم يقول لعلي (( مه إنك ناقه )) حتى كف علي قالت : فصنعت شعيرا وسلقا فجئت به فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ( يا على أصب من هذا فهو أنفع لك) .
موقف كريم في غزوة بني قريظة
لما اجتمعت كتائب الكفر في غزوة الأحزاب ( الخندق) لمحاربة النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه وكان هناك معاهدة بين النبي صل الله عليه وسلم ويهود بني قريظة على أن يقفوا في وجه كل من أراد المدينة بسوء .
ولكن اليهود نقضوا العهد مع رسول الله صل الله عليه وسلم ولكن الله أنزل نصره على المؤمنين وهزم الأحزاب وحده .
في اليوم الذي رجع فيه الرسول صل الله عليه وسلم جاءه جبريل (عليه السلام) عند الظهر وهو يغتسل في بيت أم سلمة فقال: أوضعت السلاح؟
فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم ؟ وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بنى قريظه فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب فسار جبريل في موكبه من الملائكة فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم مؤذنا في الناس (( من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة فأتاهم رسول الله صل الله عليه وسلم فحاصرهم 25 ليله .
فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صل الله عليه وسلم فاستشاروا ( أبا لبابه بن عبد المنذر) فأشار إليهم أنه الذبح، فقالوا ننزل على حكم
( سعد بن معاذ) وبعث رسول الله صل الله عليه وسلم إلى معاذ فأتى به على حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه وحف به قومه وقالوا له : يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت فلم يرجع إليهم شيئا ولا يلتفت إليهم حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه وقال : دقد أتى لي أن لا يأخذني في الله لومة لائم *قال أبو سعيد فلما طلع قال رسول الله صل الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم فانزلوه فقال عمر: سيدنا الله قال : أنزلوه فأنزلوه قال رسول الله صل الله عليه وسلم أحكم فيهم أن تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم فقال رسول الله صل الله عليه وسلم *لقد حكمت فيهم بحكم الله (عز وجل ) .
وحكم رسوله قال : ثم دعا سعد فقال : اللهم أن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فابقنى إليك فانفجر( كلمه ) اى جرحه وكان قد برأ مثل الخرص وهى الحلقة الصغيرة من الحلمة .
قالت: ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله صل الله عليه وسلم قالت عائشة: فحضرت رسول الله صل الله عليه وسلم وابوبكر وعمر قالت والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي وكانوا كما قال الله (عز وجل) { رحماء بينهم } قال علقمة: فقلت: اى أمه فكيف كان رسول الله صل الله عليه وسلم يصنع ؟ قالت: كانت عينيه لا تدمع على احد، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته ,
في بني قريظة نزل قول الله تعالى {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا (26) تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شئ قديرا} (الأحزاب: 26-27).
عندما كان المسلمون ينفذون ما حكم به سيدنا سعد بن معاذ في بني قريظه، وفي تلك اللحظات كانت أم المنذر قرب النبي صل الله عليه وسلم ترى نهاية بني قريظة .
كان ( رفاعة بن سموأل القرظي ) له انقطاع إليها والى أخيها سليط بن قيس وأهل الدار .
وحين حبس رفاعة أرسل إلى أم المنذر أن كلمى محمد صل الله عليه وسلم في أن يتركه فإن لي بكم حرمه وانتى احد أمهاته ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ملامح الحيرة على وجهها فسألها" ما لك يا أم منذر ؟" قالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله رفاعة كان يزورنا وله بنا حرمه فهبه لي.
فقال لها الرسول صل الله عليه وسلم هو " نعم هو لك " ثم قالت: يا رسول الله، أنه يصلي ويأكل لحم الجمل.
فتبسم الرسول صل الله عليه وسلم ثم قال:" أن يصل فهو خير له، وان يثبت على دينه فهو شر له " ثم أطلقه الرسول الكريم صل الله عليه وسلم .
قالت أم المنذر: فأسلم رفاعة وهذه من حسناتها .
رفاعة هو خال صفية بنت حيي أم المؤمنين .
فازت بالرضوان يوم بيعة الرضوان
لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى مكة لأداء العمرة فعلمت قريش فصدوا المسلمين عن البيت .
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ليخبرهم أنه القتال .
فانطلق عثمان واحتبسته قريش عندها وتشاوروا بينهم وأرسلوا عثمان بالجواب .
ولكن طال الاحتباس فشاع بين المسلمين أن عثمان قتل .
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : " لا نبرح حتى نناجز القوم " .
ثم دعا أصحابه إلى البيعة فسارعوا إليه يبايعونه على أن لا يفروا وبايعته جماعة على الموت .
أول من بايعه أبو سنان الاسدى .
وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات .
أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم بيده قال هذه يد عثمان ولما تمت البيعة جاء عثمان وبايعه .
ولم يتخلف عن البيعة إلا رجل من المنافقين هو ( جد بن قيس ) .
أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم هذه البيعة تحت الشجرة وكان عمر آخذا بيد الرسول ومعقل بن يسار أخذ بغصن الشجرة يرفعه عن رسول الله صل الله عليه وسلم .
هذه بيعة الرضوان الذي أنزل الله فيها قوله تعالى: { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } ( الفتح : 18 ) .
وكانت أم المنذر ممن بايعن رسول الله صل الله عليه وسلم ففازت بخيري الدنيا والآخرة فلقد رضي الله عنها وحرم جسدها على النار .
فقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة " .
ان المتقين في جنات ونهر
قد كانت تحفظ الكثير والكثير من روايات النبي صل الله عليه وسلم حتى روت عنها أم سليط بن أيوب بن حكم وأيوب بن عبد الرحمن ويعقوب بن أبى يعقوب المدني
وبعد هذا العمر المبارك وتلك الرحلة الإيمانية الطويلة نامت على فراش الموت وفاضت روحها إلى بارئها (جل وعلا ) .
ولا نملك إلا أن نقول ونحن نودعها إلا قول الله تعالى : { أن المتقين في جنات ونهر (54) في مقعد صدق عند مليك مقتدر } ( القمر :54-55 ) .
فرضي الله عنها وأرضاها وجعل جنة الفردوس مثواها .
سهى درويش
إلى لقاء آخر في سيرة نساء عظيمات خلدهن التاريخ - 22
تحياتي