من مواقف علماء الجزائر - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر > قسم شخصيات و أعلام جزائرية

قسم شخصيات و أعلام جزائرية يهتم بالشخصيات و الأعلام الجزائرية التاريخية التي تركت بصماتها على مرّ العصور

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

من مواقف علماء الجزائر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-17, 19:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من المدن المرابطة في سبيل الله مدينة قالمة المجاهدة التي قاومت الإستدمار الفرنسي منذ أن وطئت أقدامه ارض الجزائر الطاهرة، وداس بخيوله تراب هذه الولاية، وما مجازر (حوادث) 8 ماي 1945 ببعيدة والتي كان لولاية قالمة ومدنها وقراها النصيب الأوفى من بطش الطغاة قاتلهم الله، وقد عرفت جمعية العلماء المسلمين ما لهذه المدينة من أهمية فأنشأت فيها شعبة لجمعيتها، وقد زار مدينة قالمة الإمام عبد لحميد بن باديس يوم الخميس 29 محرم 1357 هـ / 31 مارس 1937م، وكان يوما حافلا في تاريخ الحركة الإصلاحية بالمدينة، وهذا مقال من جريدة الشهاب تضمن وصفا لهذه الزيارة الميمونة:

((... على الساعة العشرة صباحا نزل بقالمة فضيلة الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قادما من قسنطينة إلى قالمة بقطار الضحى إجابة لدعوة أهل المدينة.وقد تلقاه بالمحطة عند النزول بعض أعيان المدينة وطلبتها، وبعد التحية والترحيب بفضيلته توجه الجميع إلى مركز شعبة الجمعية حيث تقرر على إثر الوصول برنامج أعمال الرئيس الذي قدم خصيصا لها في ذلك اليم وليلتة المقبلة.
ونظرا ضيق حجم هذه المجلة وكثرة موادها فإني استسمح لقراء الكرام أن أغفلت وصف مهرجانات الاحتفاء والاحتفال بقدوم الرئيس العظيم الأستاذ ابن باديس إلى قالمة وإكرامهم مثواه فقد كان إقتبال أهل قالمة له وسرورهم به بالغا الغاية وكان لما أسدى إليهم اليوم من نصائح وإرشادات قيمة في محاضرته ودرسه الجامعين المانعين الأثر الحميد في نفوسهم،والى القراء الأفاضل خلاصة المقصود من زيارة الأستاذ إلى قالمة وما عمله بها.
إن القصد من زيارة الأستاذ إلى قالمة – وفق رغبة سكانه المسلمين – هو حث عامة هذه النواحي على التآخي والتعاون على الخير ونصرة المشاريع الإسلامية النافعة والتضامن في كل ما يهم المسلمين ونبذ كل خلاف ينسيهم روابط الأخوة الإسلامية التي جمعهم الله بها على الهدى والحق، وان يعلموا حق العلم ان لا حزبية بينهم إزاء القضايا العمة والمشاريع الهامة التي هم مسؤولون أمام الله ورسوله [ صلى الله عليه وسلم] والناس أجمعين عن حقها عليهم وما حقها عليهم سوى تعاونهم على إحيائها تعاونا مستمدا من وحي الضمير.
بعد ظهر اليوم المذكور نادى مناد في المينة أن الأستاذ ابن باديس يلقي محاضرة بفسحة السينما بعد صلاة العصر، وما أزفت الساعة المعينة حتى اكتظت ردهة المحل وشغلت جميع كراسيه بالوافدين الذين من بينهم من جاؤوا من أماكن بعيدة لسماع محاضرة الأستاذ وعلى اثر ذلك صعد فضيلته منصة الخطابة وشرع يمتع السامعين بما تهفو إليه أرواحهم وتنجذب إليه عواطفهم وتستعذبه مشاعرهم من خالص النصح وسديد الإرشاد وبديع الخطب.
بدأ الأستاذ محاضرته بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تطرق إلى التحدث لسامعيه عن محاسن الإسلام التي تجل عن الوصف فأبان لهم ما يجب عليهم للمحافظة على الإسلام الثمين وكتابه الإلهي ذي اللسان العربي المبين، بيانا هو الشمس وضوحا والحق نورا فقال: " إن هذا الإسلام هو رحمة من الله لبني آدم فانظروا رحمكم الله قوله تعالى: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ () الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ () الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كيف كرر الله عز وجل لفظ الرحمة أربع مرات في موطن واحد ولم يقل لنا " القهار الجبار" مع أنه عز وجل قهار جبار كل ذلك لنستشعر سعة رحمة الله بخلقه، فإذا كان رب الناس الذي هو المالك لهم على الحقيقة يعامل عباده بمقتضى هذه الرحمة التي وسعت كل شيء فأحرى أن يتخلق عباده بأخلاقه وتظهر عليه هذه الأخلاق في معاملة بعضهم لبعض وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لا يَرحم لا يُرحم".
ثم إن السلام بقدر ما فيه من رحمة للبشرية ورأفة واحترام لها فهو يمقت الظلم والجبروت والطغيان أشد المقت ويندد بالمتصفين بهذه الصفات من العباد أمر تنديد، فهو لا ربوبية فيه باسم الدين، بل الربوبية الحقيقية هي لرب العالمين وحده على عباده، وهذا هو السر في سرعة انتشار الإسلام في جل أقسام المعمورة في مدة 25 عاما، وبفضل هذا الإسلام.
أيها السادة اهتدى أوائلنا العظام واهتدينا نحن، لما تضمنته مبادئه السامية من رحمة وسماحة وعدل يغبط عليه، نعم بفضل هذه الخصال الكريمة ونظرائها في الإسلام تحول العرب من الجهل إلى العلم، و[ من] القسوة إلى الدين، ومن الهمجية إلى المدنية التي مدنوا بها الأمم يومئذ، وكان للعرب بها لأفضل على سواهم رم أنف من جحد منهم وما يجحد بها إلا كل أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، وفي ما كان للعرب من رحمة اكسبها اياهم الاسلام السمح، قال غوستاف لوبون: ( لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من المسلمين)! فهذا الإسلام أمانة عندنا وبه سعادتنا وعزنا فلنحافظ عليه وذلك بالمحافظة على كتابه الكريم ولسانه العربي المبين تعلما وتعليما، ايها السادة كما تلقيناه عن آبائنا وأجدادنا، وكل من عارضنا في هذا التعليم رددنا معارضته ردة الأباة الكرام وأولى الناس بالمحافظة على القرآن [ الكريم] هم حفاظه الذين استحقوا به لقب " السياد " إن علموا!.
إن قواعد الاسلام التي شرعها الله لعباده جعلت عواطفنا وشعورنا مطبوعة على أن لا نحس إلا إحساسا متحدا { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } [ البقرة: (138)] فالصائمون مثلا يحسون إحساسا واحدا بما ينشأ لهم من جوع وعطش، وقس على ذلك فديننا دين الرحمة والاتحاد على الخير ونحن مسلمون لا نتحد على الشر أبدا ولا نضمره لأحد من الناس، كما لا نقبله من أي أحد منهم كائنا من كان"
هذه محاضرة الأستاذ ابن باديس نقلناها نقلا اختزاليا أثناء إلقائها على المنصة، وحافظنا على ألفاظها ومعانيها حتى لا يفلت من ذلك شيء، وهي نفس الخطاب الذي ألقاه ليلا بنادي الشباب الإسلامي القالمي بعد أن أفرغها في قالب يناسب طبع الشباب ومزاجه الكهربائي الذي عبر عنه الأستاذ بالشعلة المقدسة وتفنن فيه ما شاء له البيان وأراد وزاد على ذلك مخاطبا الشباب ومرغبا في الاستزادة من العلم النافع بأي لغة كان ومن أي شخص جد، والاعتراف بجميل من يكون لهو واسطة في نيل العلم خالصا من شوائب المس والدس، فقال: " إن طلاب العلم عندنا ثلاثة أقسام، قسم طلبوا العلم من الغير فنالوه إلا أن الغير طبعه بطبعه، فهو عوض أن يأتونا به مطبوعا بطابعنا الفطري الذي هو بل الاتصال بين أفراد أمتنا وبين جامعتهم القومية أصبحوا متأثرين بطابع الغير.
وقسم نالوا العلم ولم يحسنوا التصرف فيه لنفع مجتمعهم ووسطهم، وقسم نالوا العلم من الغير وأحسنوا التصرف فيه ونفعوا به بلبادهم وقومهم، فهذا الفريق هو الذي نحتاجه اليوم وعلى يديه يكون رقي البلاد وخيرها.
فأرجوكم أيها الشباب الحازمون أن تأخذوا العلم بأي لسان كان وعن أي شخص وجدتموه وأن تطبعوه بطابعنا لننتفع به الانتفاع المطلوب كما أخذه الأوروباويون من أجدادنا وطبعوه بطابعهم النصراني وانتفعوا به وهم إذ أنكر بعضهم اليوم فضلنا عليهم فذلك شأنهم، أما نحن فلا ننكر فضل من أسدى إلينا الخير الخالص ونعترف له بالجميل الذي لا يراد به سوى الجميل ولا علينا فيمن: { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [ الصف8)]
ولا يكن في صدرنا من حالهم حرج، فصدورنا بالإيمان بالله والثقة به أوسع وعقولنا أرجح وديننا أرحم وأكمل"

(........)[لم يذكر الناقل لهذا الخطاب اسمه]

- البصائر عدد 109 السنة الثالثة، قسنطينة يوم الجمعة 2 صفر 1357 هـ الموافق 22 أفريل 1938 م الصفحة 3 كلها








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-06-27, 09:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشتهر الإمام عبد الحميد بن باديس بأنه كان طرازا وحده في الحركة الاصلاحية والتعليمية، من خلال وضعه لمناهج التربية والتعليم، حيث مزج بين النظريات القديمة والحديثة، دون أن ينسى أن يكون واقعيا في تطبيقاته للمناهج والبرامج الدراسية حسب متطلبات العصر، وظروف الجزائر التي كانت ترزخ تحت نير الاستدمار الفرنسي.
ويشهد لهذه العبقرية كل من كتب أو أطلع على تاريخ حركته الاصلاحية، وكذا شهادات وكتابات تلامذته الكثيرين، وتعجبني ونحن في مقام الحديث عن إبداعات هذا الامام الهمام، تلك المبادرات التي كان يتخذها لتشجيع طلبته وتلامذه وتعويدهم على المشاركة بكتاباتهم في جرائد وصحف جمعية العلماء المسلمين، وهذه نماذج منها مع تعليقات أو تعقيبات الامام.
كان الإمام ابن باديس يكتب في ركن " ثمار العقول والمطابع" بمجلة الشهاب يعرف من خلاله قرائها على الكتب والمجلات التي تصدر في مختلف بقاع العالم الاسلامي، أو التي يرسلها أصحابها هدية للمجلة، ونظرا لكثرة أشغاله، وتشجيعا منه لأحد تلامذه النجباء، فقد كلفه بتحرير هذا الركن بدلا عنه، فكتب ابن باديس في تقديم تلميذه ما يلي:
" "كثيرا ما قعدت بنا الدروس عن القيام بالواجبات الكتابية، ومنها تقريظ ما يهدي للشهاب من الكتب والصحف والمجلات، وقد وفقت بحمد الله للقيام بهذا الواجب بإسناده لابني وصديقي الكبير المفكر الحر الشيخ محمد بن العالم الخير الشيخ العابد الجلالي، وقد تفضل فقبل بهذا التكليف عن نشاط وأريحية ، وسيكون في كتاباته مثالا للحرية والأدب والإخلاص ، أعانه الله وأفاد منه".
وأجاب التلميذ الشيخ بما يلي:
" عهدت لي إدارة تحرير الشهاب فحص الكتب والمجلات التي ترد عليها من أصدقائها بطريق الإهداء أو المبادلة، والكتابة عنها بما يؤدي واجب الشكر لأصدقائها وبما يقوم بنقدها وإظهار الفائدة منها، وهو حق ثان لقرائها، ويجب أن يعلم القراء أن لمنشئ هذه المجلة علي حق الأستاذية ولمديرها حق الصداقة، فمن لي بقوة أقدر بها على حمل هذه الواجبات كلها؟ وثم حق خامس ربما يكون أشد خطورة من جميعها ، وهو حق الوجدان ومعنى خطورته أنه إذا ديس فقد ديس معه شرف الإخلاص ، وأعوذ بالله من عمل يثمر هذه النتيجة المرة، نتيجة إهمال الوجدان وطرح حلية الإخلاص، وأي شيء يبقى في الضمير بعد خلوه من الإخلاص إلا الغش والكذب، وهو ما لا يرضاه لنفسه عاقل.
الشهاب: السنة العاشرة، شوال 1353 هـ/ جانفي 1934م ص80
(10/86).









رد مع اقتباس
قديم 2009-07-06, 09:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم تكن نشاطات الإمام عبد الحميد بن باديس ( وغيره من رجال جمعية العلماء) التعليمية والتربوية مقتصرة على المساجد والمدارس في مدينة قسنطينة فقط، فقد امتد نشاطه إلى المدن الجزائرية الأخرى فكانت له زيارات ورحلات إلى معظم أنحاء القطر الجزائري رغم المضايقات والحواجز التي كان يضعها المستدمر الفرنسي وأذنابه في طريقه، ورغم بعد الشقة وطول المسافة، فقد تنقل في القطار وفي السيارة وفي أية وسيلة يجدها متوفرة في سبيل نشر الوعي وزرع الفهم الصحيح للإسلام على هدي السلف الصالح، وهذه نماذج من تسجيلات وكتابات بعضها بقلم الإمام، وبعضها بقلم تلامذته في وصف المدن والقرى التي زارها أو زاروها:

مدينة عين البيضاء [ ولاية أم البواقي حاليا]:

عاصمة الحراكتة ومركز تجارتهم، حللتها ضيفا على الأديب السيد العربي موسوي الصايغي الوكيل الشرعي بها وانزلني ببيت الضيوف من جامعها الذي كانت توسعته وتأثيثها من آثار هذا الرجل ومن آزره من أهل الخير والدين، كما ضفت عند فضيلة الشيخ القاضي سيدي عبود الونيسي أخ شيخي وأستاذي العلامة الفقيه سيدي حمدان الونيسي دفين طيبة الطيبة عليه الرحمة والرضوان، وعند الشاب السري السيد عبد الرحمن بن الشيخ الكامل بن عزوز رحمه الله.
في هذه البلدة جماعة من أهل العلم والأدب منهم الشيخ السعيد الزموشي المدرس تطوعا بجامعها، ومنهم الشيخ حسن بولحبال ومنهم الشيخ الطاهر بن الامين ومنهم السيد العربي المذكور ومنهم الشيخ عبود الونيسي قاضيها والشيخ زواوي بن معطي إمام الجامع وغيرهم ، وبها نشء علمي متهيئ لطلبه.
اقترح الأستاذ السعيد الزموشي علي إلقاء درس في قوله تعالى: { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} فألقيت درسا بالجامع في الآية المذكورة فبينت دعوة الله عباده إليه ودعوة الخلق إلى خالقهم، ودعوتهم خالقهم وان الدعاء عبادة، وأن العبادة لا تكون إلا لله، فالدعاء لا يكون إلا لله فدعاء غير الله ضلال ودعاء غيره معه شرك، وسأل الشيخ المدني الخنقي عن التوسل وهو قول الداعي: " اللهم إني أتوسل إليك بفلان" فاجبنا بجواز ذلك في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحديث الأعمى، وأما غيره فلا نقيسه عليه، وبينت أن المراد من دعاء الكافرين عبادتهم ودعاؤهم لطواغيتهم، وأما دعاء الكافر إذا كان مظلوما فإنها مستجابة كدعوة كل مظلوم، لأن الله تعالى حرم الظلم من كل أحد، على أي أحد.

مسكيانة [ ولاية أم البواقي حاليا
]أخذني من البيضاء الى مسكيانة الشاب المهذب الماجد السيد السعيد بن زكري خوجة حاكمها ونزلت في بيت جامعها، ولقيت مزيد عناية من إمامه الشيخ مامي الشريف وأضافنا قائدها السيد إبراهيم آل بن بوزيد بيت الحراكتة من قديم، والسيد أحمد بن فجني معين الطبيب، وبالغ أهلها في الاحتفاء والاعتناء وكانت لنا مجالس في عدد من محلاتهم التجارية لم تخل من تعليم وتذكير، وألقيت بجامعها بعد العشاء الليلة الأولى درسا في قوله تعالى " َيا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} فذكرت حاجة الأعمال العظيمة إلى الجد والنهوض والصبر والثبات وان أعظم محصل للصبر هو إخلاص العمل لله، وما يجب لله من تكبير، وما يجب للخلق من نفع، وما يجب للنفس من تطهير حسي ومعنوي وما في الآية من بديع الترتيب، وألقيت في الليلة الثانية درسا في قوله تعالى: { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} وذكرت شرف هذا الاسم وهذه التسمية، وما تقتضيه من صفات السلم والسلامة والإسلام، أي الانقياد بالأعمال الشرعية لله والإخلاص فيها له.

بقلم عبد الحميد بن باديس.
مجلة الشهاب: الجزء التاسع، المجلد الخامس، جمادى الأولى 1348هـ/ أكتوبر 1929م. ( 5/469 - 470).
-----------------

مليانة [ ولاية عين الدفلى حاليا]

" ممن عرفنا بها المفتي الشيخ وكال محمد، عالم قرأ سنوات بالأزهر وأعجبني منه أنني وجدته يطالع شرح تجريد أحاديث البخاري فشكرت له عنايته بالسنة، وقلت له إننا نعرف عقلية الرجل من معرفتنا بالكتب التي يطالعها فمن لا نرى له عناية بكتب السنة فإننا لا نثق بعلمه في الدين.
واجتمعنا بالعالم المفكر المثقف الثقافة الصحيحة الشيخ السبيع الباش عدل ، وبالعالم الزكي الخبير الشيخ أحمد آل الحاج حمو القاضي وبغيرهما من الفضلاء، وأضافنا الشيخ السبيع والسيد عبد القادر بن عبد الوهاب وكانت مجالس التذكير في بيت الشيخ المفتى أولا، ثم كان قبيل المغرب بالمسجد ، وقد ظهر لي أن عامة مليانة قليلة الرغبة في العلم فيها فتور وخمود قيض الله لهم من يوقضهم.خميس مليانة:
" ممن عرفنا بها السيد عليش من طلبة العلم النشيطين وهو داعية من دعاة النهوض للعلم في تلك النواحي بعقل صحيح وعقيدة سليمة، والشيخ الفقيه ابن علي الإمام بالمسجد، وأممنا المسجد فكان المجلس غالبا معمورا بالسامعين ، وكان الشيخ ابن علي متصديا لإلقاء الأسئلة العديدة المتنوعة بأسلوب هو غاية في الأدب واللطف وعقدنا مجلسا عاما للتذكير حضره جم غفير من الناس فأزال عنا ما شاهدناه في الخميس من النشاط والرغبة والإقبال ما حملناه من الهم من فتور عامة مليانة وخمودهم.
وأضافنا بالخميس السيد عليش والسيد بن علي والسيد عمر بن خلادي والسيد بوكراع الحاج محمد النائب البلدي.

الاصنام [ الشلف ]:
" ممن عرفنا من فضلائها مفتيها العالم الماجد الشيخ الوانوغي بن الشيخ بومزراق الزعيم المقراني المشهور، والشيخ يمثل شهامة أسرته وكرمهم وهمتهم إلى معارف أكسبته إياها الأسفار والتجارب، وهو القائم بالخطبة والتدريس في جامعها، والعلامة الألمعي طالب شعيب القاضي بها( والقاضي الآن بالعاصمة) فما شئت من علم وأخلاق وفصاحة واطلاع على شؤون الوقت وعدالة ونزاهة، وعقدنا مجلس التذكير بساحة الجامع مساء بحضرة الشيخ المفتى والعلامة الشيخ ابن عشيط، واغتنم الشيخ المفتى فرصة الاجتماع فذكر للشيخ ابن عشيط مسائل شاذة جدا كان يقول فيها وناقشه فيها فأبى الشيخ ابن عشي إلا التمسك بها، فقلت له إنني أعظمك واحبك ولتلك المحبة ارغب منك أن تسكت عن هذه المسائل فلا تذكرها ولا تتحمل مسؤوليتها ، فرأيت من حضرته انعطافا لقولي وقبولا له.
وبلدة الأصنام بلدة تجارية وفي أهلها ذكاء وفهم وقبول للتعليم.
وأضافنا فيها قاضيها ومفتيها المعظمان.بقلم عبد الحميد بن باديس.
مجلة الشهاب: عدد رجب 1350 هـ/ نوفمبر 1931م
الجزء: 11 المجلد: 7 ، ص 664 - 665.(7/726).









رد مع اقتباس
قديم 2009-07-17, 18:15   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نواصل مع الامام عبد الحميد وصف رحلاته وزياراته
غيليزان:
"أول من اجتمعنا به من فضلائها الأخ الشيخ مولاي محمد احد أهل العلم وشيخ الزاوية بها، وهذا من شيوخ الزوايا الذين لهم رغبة في نشر العلم وهداية الناس وسعة صدر في سماع الحق وأدلته وذهب بنا إلى دكان التاجر النشيط المهذب السيد ابن منصور مصطفى التلمساني ثم اجتمعنا بقاضي البلد العالم الماجد الهمام الشيخ بوخلوة آل بوعبد الله رجل شهامة وعمل وكرم، واجتمعنا بالسيد المنور كلال رجل يتقد ذكاء ويفيض معرفة ويفوح ادبا ولطفا، وكنت مشتاقا للاجتماع بسيدي الحاج العربي التواتي وبلغني انه كان بغيليزان ثم بلغني انه سمع بنا ورآنا ولم يشأ أن يجتمع بنا، فعجبنا لذلك وأسفنا، ثم زال عجبنا لما بلغنا أن في قلبه شيئا على جمعية العلماء - وقاها الله شر كل ذي شر - وقلنا ليته تنازل فاجتمع بنا فكنا لا نفترق - بإذن الله - إلا على محبة وخير ورجوع للحق، ولهذا الأخ الشيخ العربي كتاب عندنا يعاتبنا فيه على دعوتنا للتوحيد ويخلط فيه بين دعاء المخلوق وطلب المؤمن الدعاء من أخيه، ولعلنا نجد فرصة لنشر هذا الكتاب والتعليق عليه، ووجدنا بغيليزان السيد مهدي بن الشيخ بوعبد الله آل بوعبد الله في انتظارنا وهو شاب نجيب تلميذ بجامع الزيتونة فرافقنا إلى تمام الرحلة بوهران، ورأينا منه آدابا وأخلاقا شريفة ، وزارنا في النزل الأخ العالم الفاضل الشيخ محمد آل سيدي عدة فأكد علينا في القدوم الى تيارت، وقد كنت عازما على الذهاب إليها من قبل واستدعانا إلى النزول ضيوفا عندهم فشكرنا له كرمه ولطفه ووعدناه بالقدوم إليهم. وبلدة غليزان مثل بلدة الأصنام من ناحية التجارة بل أكثر ومثل مليانة من ناحية المعارف، وقد أضافنا فيها فضيلة الشيخ القاضي والشيخ مولاي محمد.
مستغانم:
قصدنا من المحطة الى مسجد الأخ الشيخ بلقاسم بن حلوش لما بيننا من سابق المعرفة بالمكاتبة وروابط المودة المتأكدة ولأن ابنه الشيخ مصطفى أحد مريدينا ومن أعزهم علينا فتلقيانا بالحفاوة والسرور الزائدين وانزلنا على الرحب والسعة ومن غده دعا للعشاء معنا أعيان البلد منهم فضيلة الشيخ المفتى سيدي عبد القادر بن قارة مصطفى وسماحة الشيخ احمد بن عليوة شيخ الطريقة المشهورة ، وكان هذا أول تعرف بحضرتهما فكان اجتماعا حافلا بعدد كثير من الناس ولما انتهينا من العشاء ألقيت موعظة في المحبة والأخوة ولزوم التعاون والتفاهم على أساسهما وان لا نجعل القليل مما نختلف فيه سببا في قطع الكثير مما نتفق عليه، وان الاختلاف بين العقلاء لا بد ان يكون ، ولكن الضار والممنوع المنع البات هو ان يؤدي بنا ذلك الاختلاف إلى الافتراق، وذكرنا الدواء الذي يخفف من الاختلاف ويعصم من الافتراق وهو تحكيم الصريح من كتاب الله والصحيح من سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستحسن الشيوخ الحاضرين ذلك وحل من الجميع محل القبول، والحق يقال أن اغلب الناس ممن رأينا صاروا يشعرون بألم الافتراق وينفرون منه ويصغون الى دعوة الوفاق والتحاب.
...أهل مستغانم أهل ذكاء وحسن نية وإقبال على العلم والشيخ مصطفى بن حلوش قائم في مسجده بالتعليم والإرشاد للعامة بدروس ليلية وساع في تحصيل رخصة من الحكومة لتعليم الصغار، وقد اضافنا فيها الشيخ ابن حلوش ابو مثوانا والشيخ الحاج الأعرج والشيخ احمد بن عليوة والسيد الجيلاني التادلوتي عائلة دين وفضل وعمل، ولو اتسعت المدة لكنا تشرفنا بكثير غيرهم منهم صاحب الفضيلة الشيخ المفتي العالم المطلع المنصف الذي كاد ان لا يسامحنا بالسفر في اليوم الذي عيناه.
زاوية الشيخ ابن طيكوك:
لزاوية الشيخ ابن طكوك في مستغانم وكيل بلغه أنني ارغب في الذهاب إلى الزاوية للتعرف بأهلها وتعريفهم بالجمعية ومقاصدها فجاءنا بالسيارة إلى النزل فامتطيناها إلى الزاوية في بوقيرات فتلاقانا السيد الحاج مصطفى احد الإخوة الثلاثة أصحاب الزاوية وشيخ الزاوية السيد عبد القادر كان غائبا وأخوه الشيخ محمد كان متمرضا فأكرم نزولنا وبتنا ليلة وودعناهم في صبيحتها، وحدثناه عن الجمعية فاظهر ابتهاجه بها وقدم مائتي فرنك لإعانتها.

مجلة الشهاب عدد رجب 1350 هـ/ نوفمبر 1931م
ج11 م 7 ص 664 (7/726).










رد مع اقتباس
قديم 2009-07-26, 10:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تتمة رحلات وزيارات الامام عبد الحميد بن باديس بقلمه

قرية آرزيو: نزلنا ضيوفنا على الاديب العالم الشيخ ابو عبد الله آل ابي عبد الله ، عالم فصيح اللسان صحيح الادراك مستقيم الفكرة مهيب الطلعة معترف له بالعلم والفضل، وصادف قدومنا يوم الجمعة فصلينا خلفه والقينا درسا اثرها وتوافد الناس علينا مساء من تلك النواحي فوسعهم كلهم كرم الشيخ ابي عبد الله وباتوا في ضيافته وقدم الينا فضيلته قصيدة بليغة في ذكر جمعية العلماء سنحلي بها بعض الأجزاء القادمة.

وهران:
لما وصلنا وجدنا في انتظارنا جما من اعيانها منهم فضيلة الشيخ الحبيب بوخالفة وفضيلة الشيخ الطيب المهاجي وغيرهما. وكانت حفلة الفطور في بيت آل المهاجي الكريم، وكانت حفلة العشاء عند الجمعية الخيرية الاسلامية بمحلها، وكانت حفلة حفلى دعيت اليها طبقات الناس وكنا يومنا الثاني في ضيافة الشيخ المفتى وكنا في كل حفلة من هذه الحفلات نلقي ما يسر الله من الوعظ والتذكير وخصوصا في حفلة الجمعية الخيرية وكان الذي افتتح الحفلة مرحبا بالضيوف بلسان الجمعية العالم الالمعي السلفي الشيخ الطيب المهاجي، وقد رايت من اهل هذه العاصمة الغربية لقطرنا الجزائري تعطشا للعلم واقبالا على سماعه ، ولقيت فيها نخبة الفضلاء ذوي المعارف المتعلمين بالفرنسية على جانب من الدين والقومية.
وما كان اليومان اللذان أقمناهما بتلك العاصمة الكبيرة ليكفيا في التعرف عليها وكمال الغرض من الاجتماع بفضلاء اهلها وقفلنا منها الى الجزائر العاصمة لنحضر اجتماع مجلس ادارة جمعية العلماء

مجلة الشهاب عدد شعبان 1359هـ/ ديسمبر 1931
ج 11 م 7 ص 773 (7/842)
--------------
البليدة:

بلدة الورد والماء البارد العذب وفي اهلها من هذين طيبة وعذوبة رأيتهما في طبقة طلبتها وخاصة فضيلة مفتيها وفي باقي طبقاتها، وقد اكرموا مثوانا واخسنوا الضيافة واظهروا من الاقبال على العلم والرغبة في سماعه ما لا مزيد عليه ولما القينا درسا بالجامع الاعظم في قوله تعالى: { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ...} الآية باقتراح من بعض المريدين امتلأ الجامع حتى لم تبق فيه بقعة فارغة، ورغم ما عندهم من تفرق طرقي وتعصب عليه، وقديم عهد موروث فيه، وما يسمعونه من بعض دعاته ومؤيديه - فإنهم تلقوا درسنا بمزيد من القبول والتأثر بفضل الله - وفي اليوم الثاني حسبوا اني القي درسا آخر فبلغني ان جماعة ممن لم يكونوا ياتون المسجد تطهروا وجاءوا للمسجد لسماع الدروس وقدر الله تعالى انني كنت متمرضا يومها فلم اذهب للمسجد وما بلغني ما ذكرته من امر المتطهرين الا بعد فوات الوقت ولو شاء الله وبلغني قبله لكان سروري به يبعث في نشاطا لا يقاومه مرض ولكن كل شيئ بامر الله مقسوم.

مجلة الشهاب عدد رمضان 1350 هـ/ جانفي 1932م / ج 1 م 8 ص 60 (8/62)









رد مع اقتباس
قديم 2009-08-24, 14:25   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
♥ وآثقة الخطــــى ♥
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية ♥ وآثقة الخطــــى ♥
 

 

 
الأوسمة
وسام طبق المشاركة 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا

جزاك الله خيرا

ووبارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-14, 12:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
حميدة90
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية حميدة90
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-07, 15:24   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
لظفار بوعلام
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لظفار بوعلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك يااخي
وجعله الله في ميزان حسناتك
وننتظر منك المزيد
تقبل مروري









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-08, 16:29   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نينا الجزائرية
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية نينا الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام احسن عضو 2010 وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-10, 11:06   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يقتصر الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله في نشر الوعي الصحيح، وتعريف الأمة بمبادئ دينها الحنيف، على دروس الوعظ والإرشاد في المساجد وجور العبادة، أو في المدارس العربية الحرة للجمعية، ولكنه بتوفيق من الله عز وجل أدرك أن هناك شرائح من المجتمع لابد أن تخاطَب بوسائل إعلامية أخرى، فدخل ميدان الصحافة، و"... أنشأ صحافة عربية كانت منبرًا رحبًا، يعلن في عزم وثقة أن الحركة الإصلاحية الجزائرية، حركة شعبية أصيلة، تعمل لإحياء التراث الثقافي للأمة، وتنقيته من الشوائب التي علقت به، وتنشر الوعي الديني والاجتماعي والوطني، وهكذا أصدر جريدة (المنتقد) عام 1925م، ثم صحيفة (الشهاب الأسبوعي)، التي حولها إلى مجلة الشهاب الشهرية، منذ فبراير 1939م، ومجلات أخرى منها (الشريعة)، و(السنة)، و(الصراط)، و(البصائر).. وقد قامت هذه الصحافة بعمل إيجابي ضخم في مجال اليقظة الفكرية والوعي الوطني، والإصلاح الديني، وإحياء اللغة العربية، محبطًا بذلك كله مخططات الاستعمار الرامية إلى تشويه الشخصية الجزائرية في كل ميدان) [مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، ص482].
وهذا نموذج من كتاباته الصحفية، تتجلى فيه شجاعته وصرامته في الحق،
فقد عُرِفَ عن الشيخ ابن باديس أنه كان في كثير من مواقفه ليّنًا من غير ضعف، لكنه حين تمس مبادئ الدين الحنيف، ويحس بأن هناك كيدا لجمعية العلماء المسلمين ينقلب إلى ليث هصور وثابٍ غير هيابٍ، فينطبق عليه ما وصفه به أحد رفاقه:" فهو في الحق صارم... وحين تخور العزائم، فهو شجاع شجاعة مَن لا يخاف في الله لومة لائم، ولا غطرسة ظالم متجبّر".
وهذا المقال الذي يرد فيه على خطاب ألقاه في مجلس النواب المدعو " علي ابن غراب " أحد النواب الجزائريين من علماء وأذيال فرنسا الإستدمارية، وقد هاجم فيه الحركة الاصلاحية ممثلة في جمعية العلماء المسلمين، داعيا السلطات الفرنسية إلى التضييق على نشاطاتها وغلق مدارسها وتوقيف صحفها.
وقد نشر هذا الرد في صحيفة " الصراط السوي " التي كانت تطبع وتصدر بمدينة قسنطينة وهي التي خلفت صحيفة الشريعة [ وقد صدر العدد الأول من صحيفة " الصراط السوي " يوم الاثنين 21 جمادى الأولى 1352 هـ/ 11 سبتمبر 1933م، وقد أصابها ما أصاب أخواتها من تضييق ومصادرة، فتوقفت هي الأخرى نهائيا، وكان آخر عدد يصدر عنها بتاريخ 22 رمضان 1352 هـ/ 08 جانفي 1934م.]
[ انظر " ابن باديس: حياته وآثاره ، الدكتور عمار طالبي ، دار الغرب الاسلامي بيروت، الطبعة الثانية 1403 هـ/ 1983م " ( 1 / 87) ]

نشر هذا الرد على دفعتين في العددين الأول والثاني من صحيفة " الصراط السوي ".

تحت عنوان : "رد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين على خطاب ابن غراب"

" لو كان هذا الرجل وجه على الجمعية أضعاف ما وجه عليها من تهم واعتدى عليها بأضعاف ما اعتدى به عليها من سب وإذاية من عند نفسه، وفي مجلس من أي مجالس مثله، لكان محققا من الجمعية ألا تسمعهن ولو سمعته لكان حقا عليها أن لا تقول له إلا " سلاما" ... ولكن الرجل كان - عن رضى واختيار- آلة هدم وتخريب، وبوق شر وفساد، في مجلس رسمي قد استدعى الناس له الناس ويحتج بأقوالهم، فلهذا تنازلت الجمعية لرد افتراءات النائب واعتداءاته.
زعم أن الفتنة والقلاقل والمشاغب منتشرة في الوطن، وأن سببها هو الجمعية وكذب في الاثنين.
فأما الزعم الأول: فإن المشاهد في الوطن كله هو السير المعتاد في الأعمال دون تظاهر ولا تجمهر ولا مصادمة بين قوتين ولا توقف عن أداء حكومي ولا تصدي لأحد بسوء، وإنما الموجود في الوطن حركة هادئة عامة نحو ما وعدت فرنسا الجزائريين من حقوق تعطى لهم في القريب، ولعمر الحق إن تسمية هذا فتنة وقلاقل ومشاغب لمن الكذب الحبريت وقلب للحقائق اللذين لا يصدران إلا عن ذمة خربة وقلب مريض ونفس شريرة لا تبالي ماذا تجني، أو جاهلة لا تدري ماذا تقول، وإذا كنا نسمي توجه الجزائريين بمطالبهم في هدوء ونظام إلى فرنسا فتنة، فبماذا نسمي ما قام به أصحاب الأعتاب من التظاهر في بلدان عديدة بعنف وشدة وتهديد حتى عطلوا إحدى الجلسات في النيابة المالية لإظهار استيائهم؟
إن الأشياء - يا هذا - لا تخرج عن حقائقها بما يخلع عليها من الأسماء حسب الأغراض والأهواء.
وأما الزعم الثاني: فان حركة الجزائريين نحو مطالبهم من دولتهم إنما سببه ما علموه من عناية بعض رجال فرنسا بها، وما بلغهم من بروجي م قرني وبروجي م فيوليت [ الحاكم العام الفرنسي صاحب المشروع المشهور] ، ثم ما شاهدوه من حزم بعض نوابهم وذهابهم إلى فرنسا، أولا بصورة فردية، وثانيا بصورة عمومية، ثم كان ما كان من استياء من أن نوابهم ردوا ولم يقبلوا وفهموا من عدم قبول نوابهم عدم قبول مطالبهم ثم أحسوا بضغط من ناحية وضعف من الناحية الأخرى فرجعوا إلى سكوتهم كسابق عادتهم واستعصموا بالانتظار الذي تعودوه من أمد طويل، فهم ساكتون منتظرون.
هذه هي الأسباب المنطقية التي يؤيدها الحس ويجسمها الواقع لما كان من حركة في الأمة ولن يستطيع تمويه غراب ومن لقنه أن يزيد عليها أو ينقص منها.
وزعم أن الحكومة ساعدت أولا الجمعية ورخصت لها، والحكومة ما عرفت منها الجمعية مساعدة خاصة لا أولاً ولا أخيرا، وأي مساعدة شاهدناها من الحكومة وقد أقرت قرار بريفي [ كلمة فرنسية معناها الحاكم أو الوالي الفرنسي] الجزائر الذي يمنع الجمعية من وعظ العامة وإرشادهم في المساجد، وأي مساعدة والحكومة قد أغلقت مكاتب وأمتنعت من الترخيص في مكاتب أخرى لمجرد انتماء المعلمين أو الطالبين للتعليم للجمعية، فمن الأولى مدرسة سيق ومدرسة بلعباس ومدرسة قمار، ومن الثانية مدرسة القنطرة، هذا هو الواقع مع الأسف الشديد، ولكن من الحق الذي يجب أن نقوله وأن نتسلى به أنه ليس كل واحد من رجال الحكومة راضيا بهذه المعاكسة التي لا مبرر لها والتي هي صد لجمعية إصلاحية تهذيبية عن الإصلاح والتهذيب، وأما ترخيص الحكومة للجمعية فالفضل في ذلك للقانون، ولولا ثقتنا بذلك القانون والرجال الساهرين على تنفيذه ما كان لنا ان نصدع بهذه الحقائق التي يريد النائب غراب وملقنوه تغطيتها.
زعم أن الجمعية تدخلت في شؤون لا علاقة لها بالتعليم وانفجرت بتعاليم منافية للعلم ومثيرة للأحقاد والتحزبات.
كأن الملقنين لهذا الغراب يفهمون من التعليم أنه هو أن يجلس لشيخ في وسط حلقة ثم يلقي عليهم مسائل من النحو، ومسائل من كتاب الصلاة ، هذا فقط هو التعليم، فأما مكتب ابتدائي يعلم فيه أبناء المسلمين وبناتهم مبادئ دينهم ولغتهم ويحفظون فيه من مواطن الفساد ومهاوي الشقاء وبراثن المضللين، ويهيئون للحياة تهيئة صحيحة تكوّن منهم رجالا مسلمين يخدمون أمتهم ووطنهم ودولتهم ويشرفون سمعتها، وأما إلقاء دروس الوعظ والإرشاد على طبقات العامة التي تفقههم في دينهم وتعرفهم بالفضائل الإنسانية وتحذرهم من الرذائل الحيوانية وتفتح بصائرهم لإدراك حقائق الحياة الدنيا وما يفيدهم في الحياة الأخرى، وتصحيح عقائدهم وتهذيب أخلاقهم وتقويم أعمالهم.
حتى يعيشوا بذلك كله سعداء في الدنيا مع أنفسهم وجيرانهم
، ويكونوا على أقوى الأسباب لنيل السعادة في آخرتهم - فهذا كله شؤون لا علاقة لها بالتعليم، ولهذا لما اشتغلت بها الجمعية- زيادة على دروس رجالها لطلبة العلم، قال هذا المنقول المقول: إن الجمعية تدخلت في شؤون لا علاقة لها بالتعليم ؟!
أما التعليم كما يفهمه كل أحد، وكما جاء به الدين، وكما كان عليه سلف المسلمين، فهو نشر العلم لكل أحد، الكبير والصغير والمرأة والرجل: بحلق الدرس ومجالس الوعظ وخطب المنابر وبكل طريق موصل، وهذا ما اشتغلت به الجمعية وتوسلت بالطرق الموصلة إليه، ولن يستطيع الغراب ولا غيره أن يثبت عليها شيئا غيره.
ولا نظنه يعني التعاليم المنافية للعلم إلا ما قامت به الجمعية من بناء وعظها وإرشادها على آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ووصايا أئمة السلف، فإن كل هذا كان مهجورا في هذه الديار، وفي غير هذه الديار ، فإذا كانت هذه هي التعاليم المنافية للجهل المغيظة لأهل الجهل الماحقة لكل جهل ودجل وأنها هي هي مصدر الدين والعلم وكل خير وسعادة للبشر وأرغم الله أنف كل أفاك أثيم.
ثم يقول الغراب: إن هذه التعاليم مثيرة للأحقاد والتحزبات؟؟؟ ولقد صدق وهو الكذوب، فقد أثارت علينا هذه التعاليم الأحقاد، وأي حقد أعظم من الحقد الذي أكل قلبه وقلب مثله حتى اعتدى علينا هذا لاعتداء العظيم، وافترى علينا هذا الافتراء المبين، وكيف لا يحقد علينا الجهال الذين يعيشون على الجهل ونحن نحارب الجهل والمتعيشين عليه؟ وكيف لا يحقد علينا الذين يقولون للناس كونوا عبادا لنا بفنون من لسان المقال ولسان الحال، ونحن نقول للناس لا تكونوا عبادا إلا لله، وهم يقولون للناس اعبدونا وارزقونا، ونحن نقول لهم لا تعبدوا إلا الذي يرزقكم وهو وحده لا شريك له، وكيف لا يحقدون علينا من يريدون بقاء المسلمين عضوا أشلاٌ أو مريضا في الهيئة الجزائرية ونحن نريده عضوا حيا عاملا كسائر الأعضاء فيها يفيد ويستفيد يعين ويستعين.
فهذه الأصناف كلها وغيرها من أمثالها امتلأت صدورها على الجمعية حقدا حتى انفجرت بالشر أقوالها وأعمالها، وكانت حزبا واحدا في الكيد للجمعية والمكر بها والسعاية عليها والوشاية بها، وموقف هذا النائب الظالم المفتري مظهر من مظاهرها ومشهد من مشاهدها، وهذه الأصناف وغيرها من أمثالها هي الحاقدة المتحزبة دون عموم الأمة وسوادها التي ظهر للعيان التفافها حول الجمعية وسخطها على أضدادها، وما تملك الجمعية لتلك الأصناف من حقدها وتحزبها إلا أن تسأل الله هدايته، وتقاومها بالطرق المشروعة لترد كيدها وتخنق حقدها، وتدفع شر تحزبها عندما تدعوها الضرورة لمدافعتها، مثلما دعتها الضرورة للرد على هذا النائب بالحجة والبرهان لا بما سلكه هو -وسلكه أمثاله قبله- من الوشاية والإذاية والكذب والبهتان.
ثم يرمي الجمعية بدس الدسائس وقد علم الناس صراحة الجمعية في جميع مواقفها والجمعية التي يلقي رئيسها باسمها تلك الخطبة المشهورة في حفلة النادي بالجمعية في حفل حاشد من جميع الطبقات لا يتصور عاقل أن يكون الدس من خلقها.
ثم يرميها بنصب الحيل لجمع الأموال وقد علم الناس ضبط حساب الجمعية الدقيق بما يتلوه في أجتماعاتها العمومية أمين ماليتها وينشره على الناس.
ثم يرميها بنشر الشحناء، وكيف هذا وكلمات الجمعية التي كانت وفودها تلقيها على الناس وتلقنهم اياها هي: تعلموا تحابوا، تسامحوا.
وإذا كانت هذه الكلمات تثير الشحناء، والعداوة في القلوب المريضة التي لم تألف سماع هذه الكلمات ولم تخلق للإتصاف بها، فماذا تملك الجمعية لها؟
ثم يقول عن الجمعية " خالطت الطوائف الانتخابية" وماذا يعني هذا الجاهل بالطوائف الانتخابية؟ ولو كانت في الامة طوائف انتخابية تسير عل برامج منظمة لما كان مثله نائبا يهذي بهذا الهذيان؟؟؟
لكن لعلعه يعني شخصا او شخصين من النواب العماليين الذين أنطقهم شرفهم وغيرتهم بما يعلمونه عن الجمعية من خدمة الحق والخير، وهؤلاء لم يكن يبنهم وبين بعض رجال الجمعية إلا معرفة شخصية لست أكثر من المعرفة الشخصية التي بين هذا النائب الجهول وبين بعض رجال الجمعية الذين في قسمه، والجمعية نفسها لا خلطة لها، لا بهذا ولا بذاك، ثم كان ماذا لو أن الجمعية اعتمدت على أهل الصدق والشرف والغيرة لترد بهم كيد مثلك يا مسكين؟ فينكر على جمعية سلمية أن تتقوى بالأحرار الصادقين - والنواحي القوية لا تتنزه عن التقوي عند الحاجة بالعبيد الكاذبين؟ إلا أن الجمعية جمعية علم وتهذيب، فهي تتأيد بأهل العلم والتهذيب، جزائريين وفرنسيين، مسلمين وغير مسلمين ، وتمقت وتتبرأ من الجهل والوحشية من أي ملة وجنس.
ثم يرمي الجمعية بأنها تنشر المذهب الوهابي ، أفتعد الدعوة إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وطرح البدع والضلالات واجتناب المرديات والمهلكات ؛ نشرا للوهابية ؟!! ، أم نشر العلم والتهذيب وحرية الضمير وإجلال العقل واستعمال الفكر واستخدام الجوارح ؛ نشرا للوهابية ؟ !! ، إذاً فالعالم المتمدن كله وهابي! فأئمة الإسلام كلهم وهابيون ! ما ضرنا إذا دعونا إلى ما دعا إليه جميع أئمة الإسلام وقام عليه نظام التمدن في الأمم إن سمانا الجاهلون المتحاملون بما يشاءون ، فنحن - إن شاء الله - فوق ما يظنون ، والله وراء ما يكيد الظالمون .

ثم يقول : " إننا مالكيون " ومن ينازع في هذا ؟ !! وما يقرئ علماء الجمعية إلا فقه مالك ، ويا ليت الناس كانوا مالكية حقيقة إذاً لطرحوا كل بدعة وضلالة ، فقد كان مالك - رحمه الله - كثيرا ما ينشد :
وخير أمور الدين ما كان سنة *** وشر الأمور المحدثات البدائع
ثم يقول: " إن الأمة الإسلامية منذ قرون وهي متمتعة بدينها وحريتها وعاكفة على دروس علمائها" ونحن نريد في هذا القرن أن تزداد تمتعا بحريتها وانتفاعا بفقه دينها واتساعا في دائرة علمها على سنة التطور والرقي والتدريج، فثارت ثائرة هذا الجاهل ومن وراءه، ومن كان في الشر والجهل مثله يحاول ثارة الفتنة، والله يطفئها ويكيدون للجمعية والله يحفظها، ويكذبوا على الجمعية والله يظهر نزاهتها، حتى فضح الله أمرهم وعرفت الأمة أمرهم وعرفت الأمة دخيلتهم، وأصبحوا كلهم في غضب من الله وسخط من الناس، والله لا يهدي كيد الخائنين، ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين.
عبد الحميد بن باديس.










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-11, 10:35   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشيخ أحمد حمّاني رحمه الله تعالى، مفتي الجزائر ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى خير من يتحدث عن مواقف أستاذه العلامة عبد الحميد بن باديس وشيوخ جمعية العلماء المسلمين ، وفي كتابه الذي خصصه للحديث عن شهداء الثورة التحريرية المباركة من تلامذة معهد الإمام ابن باديس، أقتطف لكم منه هذه المواقف التي يتجلى فيها الحرص على حفظ القرآن الكريم والاهتمام والاحترام الذي يحضى به حفظته وغيرها ... :
- يذكر الشيخ أحمد حمّاني رحمه الله تعالى أنه أنتقل من مقر سكناه دوار تمنجر بلدية العنصر، دائرة الميلية ولاية جيجل رفقة ابني عمه الصادق حماني ( من شهداء المعهد)،و مسعود حماني الذين كانوا لا يفترقون إلا ليلا للمبيت، أو كما قال: "... فكنا معشر الثلاثة هكذا، فنحن أبناء عم أشقاء نشأنا معا وحفظنا القرآن الكريم وطلبنا العلم معا" إلى مدينة قسنطينة لمتابعة دراستهم بها حيث كان قد سبقهم إليها شقيقه الأكبر محمود حماني وهو أيضا من تلامذة ابن باديس وكان يدرس القرآن الكريم في الزاوية مولاي الطيب (الطيبية)، لينخرطوا في سلك طلبة الإمام عبد الحميد ابن باديس سنة 1930م.
يذكر الشيخ أحمد حمّاني أنه في سنة 1931م : " أقترح علي أخي أن أساعده في تحفيظ القرآن الكريم لطلبة الزاوية، وكان ذلك بسعي من الشيخ المدني رحمه الله لدى الشيخ الزواوي بن عقابو، وكانت بينهما صلات متينة... وقد انتقل إليها رفقة ابني عمي الصادق ،و مسعود بالإضافة إلى أخيه.
ولأترك الشيخ رحمه الله يواصل ذكرياته قائلا: "... وكنا قد اشتهرا بصلات المودة مع ابن باديس، فعمرنا الزاوية وزال عنها خمولها، وتهاطل علينا التلاميذ، وصرنا نقرأ الحزب جماعة في الصباح خمسة أحزاب وقبل العشاء حزبين، وفي وقت الفراغ نسرده، فكان إتقان الحفظ عظيما، واذكر أنني صليت التراويح به ثلاث مرات ...
لما جاء شهر رمضان عام 1931 قدمني أخي – رحمه الله- إلى صلاة التراويح في الزاوية الطيبية، وكان جزائي من شيخ الزاوية الشيخ عمرو بن شريط رحمه الله (خمسون) 50 فرنكا قديما، اشتريت منها – على ما أذكر – حذاءا جديدا وبذلة جديدة ( قاباردين) ، وكانت قيمة 50 فرنكا عظيمة يستطيع الإنسان أن يشتري بها كبشا يساوي اليوم مائتي ألف.
تحفظ القرآن [ الكريم] فأنت رجل:
جاء رمضان ولم يكن شيء من علامات البلوغ ظهر علي ، وترددت [هل أصوم أم لا ]؟ وقال لي الشيخ مسعود حماني الصيام لازم عليك، فقلت له لا بد أن استشير الشيخ عبد الحميد ابن باديس، فذهبت الى غرفته واستأذنت وسرعان ما أذن لي، ورحب بي وسألني عن سبب حالي، وحال قراءتي فسر سرورا شديدا بخبر حفظي القرآن [الكريم] كله، وقال لي : متى تحضر عندي للدروس؟ فقلت فورا وكان ذلك في فصل الربيع، ثم سألي عن غرضي من الزيارة، فقلت : هل أصوم رمضان؟ فقال لي : بما أنك تحفظ القرآن [الكريم] فأنت رجل فصم رمضان.
ومن تلك اللحظة أمسكت ورجعت فرحا إلى أخي وأبي رحمهما الله فاستبشرا بالزيارة وخبر القراءة والصيام، وكان الشيخ الصادق رحمه الله كجزء مني فيما أعمل، فذهب إلى العزم بما عزمت عليه، إذ أنه كان مثلي يحفظ القرآن [الكريم] فهو إذن رجل فعليه أن يصوم مثلي.

من كتاب " شهداء علماء معهد ابن باديس"
الشيخ احمد حماني
قصر الكتاب، البليدة الجزائر ، الطبعة الأولى سنة 2004م
ج 2 ص 9- 10









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-14, 19:34   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من المواقف الإيمانية التي تتجلى فيها ثبات شجرة الإيمان في قلب الإمام ابن باديس، وكذا صلابة دينه وصبره في الشدائد، وكذا وعيه بأن الغاية من الابتلاء هو تمحيص المؤمن ومعرفة قوة إيمانه فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر، هذا الموقف المؤثر:
(( في اليوم الذي توفي فيه ابنه وفلذة كبده الوحيد عبده إسماعيل ابن باديس (في سنة 1919 م، وكان سن الطفل حوالي 15 عاما، بسبب رصاصة بندقية صيد لأحد حراس مزرعة جده محمد المصطفى، حيث شاهد الطفل الحارس يعلق البندقية على شجرة تين، فدفعه تطفله إلى أخذها بين يديه وبينما هو يلهو بها، إذ برصاصة طائشة تخرج من فوهة البندقية لتصيبه في صدره، فيخر صريعا لا حراك به) قلت في أمسبة نفس اليوم لم يتخلف الشيخ ابن باديس عن درسه المعتاد في الجامع الأخضر، وبعد انتهاء الدرس انفرد في زاوية خاصة يذرف الدمع.
ويذكر سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان - حفظه الله - أن بعض إخوانه من العلماء عاتب ابن باديس على ذلك، فماذا كان جواب هذا الإمام المصلح؟
قال: " أي مبرر لي أمام الله والواجب إذا ما تخلفت عن الدرس وأضعت على الطلبة وقتا من أوقاتهم الثمينة؟" [ ذكرها الشيخ شيبان في محاضرة بعنوان " الجانب الحيوي في شخص ابن باديس " نشرتها جريدة النهضة التونسية العدد 6978، بتاريخ 22 رجب 1365هـ/ 22 جوان 1946م].
ويعلق سماحة الشيخ قائلا: "... وما هذا لعمري إلا ظاهرة لمبلغ ما يكمن في طلعه من الانقياد إلى غرضه السامي، والاستجابة لذلك الجانب الروحي المكين من جهة ودرس عملي في التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل المصلحة العامة من جهة ثانية، وآية صادقة على أن ابن باديس ما خلق ليكون أبا لفرد من الأسرة الباديسية ، وإنما خلق ليكون أبا لأبناء الجزائر أجمعين، من جهة ثالثة..."
مع العلم أن نفس الموقف تكرر مع الإمام عبد الحميد بن باديس عند وفاة شقيقه سليم، حيث التحق في مساء نفس اليوم بدروسه في الجامع ولم يتخلف رغم إلحاح إخوانه من العلماء والطلبة على تأجيل الدرس.

[ محاضرة الشيخ عبد الرحمن شيبان حفظه الله " الجانب الحيوي في شخص ابن باديس " موجودة في كتابه : "جمعية العلماء المسلمين، حقائق وأباطيل"
الطبعة الثانية، منشورات تالة الأبيار، الجزائر 2009م.].









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-17, 10:20   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي من ذكريات ومقالات بعزيز بن عمر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعزيز بن عمر، إسمه الإداري (عبد العزيز بعزي) حسب ما هو مسجل في المصالح الإدارية لمسقط رأسه قرية آث حماد الواقعة في عرش إعزوزن دائرة (أزفون) ولاية تيزي وزو.
ولد في (10/2/1906م)، درس على يد والده، ثم انتقل إلى زاوية عبد الرحمن اليلولي المشهورة في بلاد القبائل، ومنها إلى قسنطينة ليلتحق بدروس الإمام ابن باديس ويلازمه حتى وفاته رحمه الله، سافر إلى تونس بنية الدراسة في جامع الزيتونة المعمور، لكنه عاد بعد فترة وجيزة.
يعتبر باعزيز بن عمر من الرجال العصاميين الذي اعتمدوا – بعد الله – على إرادتهم وحبهم للعلم والثقافة، حيث أنه أتقن بجهوده الشخصية اللغة الفرنسية كتابة ونطقا، وأهتم بالتراث المحلي فأصبح مرجعا وحجة فيه، كما قرأ وطالع الكتب التاريخية فكانت له اسهامات ودراسات تاريخية معتبرة.
بعد أن أكمل دراسته امتهن التعليم والصحافة في إطار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فكان مدرسا ناجحا في مدرسة الشبيبة بالعاصمة التي كان يديرها شاعر الجمعية محمد العيد آل خليفة، ومن زملائه في التدريس بها عبد الرحمن الجيلالي، فرحات ابن الدراجي، باعزيز بن عمر، الهادي السنوسي، وغيرهم.

أشتهر بكتاباته الإصلاحية والأدبية في جرائد ومجلات جمعية العلماء المسلمين كالشهاب والبصائر، توفي رحمه الله (06/05/1977م)
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن المقالات التي كان يكتبها يمضيها باسم " الفتى الزواوي " ولهذا الإسم المستعار قصة سنرويها في كتابات قادمة.
هذه المقدمة التي كتبتها للتعريف بهذا الرجل المصلح الذي كتب الكثير من ذكرياته عن الامامين الرئيسين عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الابراهيمي، وسأقوم بإذن الله بنقل ما تيسر من ذكرياته عن جمعية العلماء المسلمين ورجالاتها، وكذا مقالاته حتى يطلع عليها الإخوة والأخوات.

-----------

" شعور طلبة الزوايا بالزواوة نحو جمعية العلماء المسلمين "

اجتمعت في هذه الأيام بكثير من طلبة الزوايا بمناسبة رجوعي من قسنطينة في ختام السنة الدراسية فوجدتهم قد بلغهم تأسيس هذه الجمعية المباركة بسرور، جمعية العلماء التي هي مطمح كل مسلم يريد الخير لهذه البلاد ، وأنهم سيعملون على نصرتها إلى النفس الأخير ، وذلك بان يحسنوا الاستعداد من الآن بطلب العلم الصحيح وسهر الليل الطويل حتى يكونوا بحول الله وقوته من رجال تلك الأدوار المقبلة وشيوخ هاتيك الجماعات الآتية في الطريق.
هكذا كانت جمعيتكم أيها السادة عاملا عظيما في تشجيعنا وتنشيطنا معشر الشباب المتعلم ، وكل عامل يعمل لخير هذه الأمة رغم صعوبة المسلك، كما سيكون إقبالنا على الاسترشاد بهديكم والاستنارة بأنوار علومكم الغزيرة وآرائكم الصائبة مشجعا منشطا على عملكم المبرور.
إن الزوايا التي كانت تضم في ساحتها هذا الشعور الحي وهذا الوجدان الحر، والتي كانت أنجبت رجالا قديما كانوا المثال الأعلى للنبوغ في هذه الربوع لجديرة باهتمام جمعيتكم واهتمام كل مسلم يحمل بين جنبيه إيمانا صحيحا، ويفكر فيما أبناء جلدته إليه صائرون من التقهقر الساحب عليهم أذياله والقابض على أزمة عقولهم في عصر تقدم فيه الزنجي في مجاهيل أمريكا.
ذاك أن هذه الزوايا بصفتها معاهد علمية ومدارس نظامية بالنسبة إلى عصر تأسيسها كانت حاجتنا اليوم ماسة إلى رجال مفكرين مصلحين يقومون بإصلاح التعليم فيها، وبإدخال الأنظمة العصرية المفيدة في أقرب وقت ...

بعزيز بن عمر الزواوي

مجلة الشهاب، السنة السابعة: ربيع الثاني 1350هـ/ أوت 1932 م









رد مع اقتباس
قديم 2010-05-18, 10:52   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي حفظ القرآن الكريم هو أساس التعليم والتكوين والتوجيه عندنا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حفظ القرآن الكريم هو أساس التعليم والتكوين والتوجيه عندنا

كما سبق لي وأن ذكرت فإن الأستاذ بعزيز بن عمر من تلاميذ الإمام عبد الحميد بن باديس الأوفياء الذي لازمه فترة لا بأس بها، ورافقه في بعض جولاته ورحلاته التربوية عبر تراب الوطن.
وفي هذه الكلمة يذكر ويصور لنا كيف كان أول لقاء ( تعارف) بالأستاذ عبد الحميد بن باديس.
" ... عرفت الأستاذ الرئيس عبد الحميد بن باديس لأول مرة في عاصمة الجزائر وكان ذلك على ما أذكر في سنة 1928م فقد قدمني إليه أستاذنا أبو يعلى الزواوي المعروف بمواقفه الإصلاحية وشرح له رغبتي في الالتحاق بقسنطينة للإنخرط في سلك طلبته الكثيرين الذين كانوا يؤمون عاصمة الشرق الجزائري لمزاولة دروسه فيها والاستفادة من علومه الواسعة والتزود من آدابه العالية، فسألني متلطفا عما تعلمت وعما أريد أن أتعلم في قسنطينة ؟ فترددت أولا في الإجابة عن هذا السؤال وبدا علي نوع من التهيب والخجل، ولكن لم يلبث أن أزال عني كل ذلك بقوله" تكلم ولا تهب فما أنا إلا معلم " فأدركت من انتسابه إلى هذا اللقب الذي لم يكن له يومئذ شأن معتبر في أوساطنا تواضعه الجم، وما يعلق على المعلم من أمل وطيد في وضع أسس النهضة وشق الطريق للشعب نحو مستفبل زاهر، ثم أنطلقت في الجواب قائلا: " ما علمت شيءً زائدا عما تعلمه أمثالي فقد حفظت القرآن [ الكريم] وحفظت مختصر الشيخ خليل عن والدي في بيتنا، وزدت فقرأت الأجرومية قراءة لم أخرج منها بطائل" فسر كثيرا من جوابي وقال مشجعا منشطا: " إن حفظ القرآن [الكريم] هو أساس التعليم والتكوين والتوجيه عندنا يا بني فأنت مقبول من الآن ونحن في انتظارك عندنا، فأقدم إلينا في مستهل السنة الدراسية المقبلة تجد ما يسرك، ويفتح آفاقا جديدة في وجهك"

باعزيز بن عمر
" من ذكرياتي عن الإمامين الرئيسين عبد الحميد ابن باديس ومحمد البشير الابراهيمي" منشورات الحبر، بني مسوس الجزائر: الطبعة الثانية، 2007 م، ص 21.










رد مع اقتباس
قديم 2010-05-19, 11:14   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي هدف واحد وهو خدمة دينهم ووطنهم ورفع شأن أمتهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد أحدث الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله ثورة تعليمية في الجزائر كان هو رائدها من خلال دروسه الحية ومنهجه التربوي القويم، والتعاليم الإسلامية الحقة التي كان يبثها في نفوس مريديه، ومما كان يحث عليه ويشجعه تعلم اللغات الأجنبية ( الفرنسية بالخصوص) لأن تعلمها سيفيد الجزائريين في التعرف على المستدمرين وأفكارهم، والسعي لتجنب مكرهم وخبثهم ودسائسهم تطبيقا للمقولة : " من تعلم لغة قوم أمن مكرهم "، بالإضافة إلى إرشاد وتوعية أبناء وطنهم الذين تعلموا بالفرنسية رغما عنهم.
وفي هذا الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر معلمي اللغة الفرنسية بقسنطينة،
يبدو الإمام في منتهى الشجاعة في التعبير عن رأيه، فقد كان "... رحمه الله جريئًا في غير تهوّر، شجاعًا في غير حمق، يطرح مواقفه، ويعرض قضايا الأمة ومشكلاتها، وكلّه استعداد للبذل والتضحية، غير مبالٍ بصولة المستعمر وظلمه، متمثلاً قول الرسول صلى الله عليه و سلم: (" أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ " [أبو داود ح (4334)، والترمذي ح (2265)، والنسائي، كتاب البيعة، باب فضل من تكلم بالحق، ح (4220) وصححه الألباني، انظر: صحيح الجامع: (1/163)].

وإلى المقال:
" مؤتمر معلمي اللغة الفرنسية بقسنطينة"
عقدت جمعية معلمي اللغة الفرنسية من المسلمين مؤتمرها السنوي بقسنطينة، فانتهز أستاذنا عبد الحميد بن باديس فرصة انعقاد هذا المؤتمر، وأقام حفلة تكريم لأعضائه وألقى فيها خطابا نقتطف منه ما يلي:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الإخوان
إننا نلتقى معكم في ميدان نشر العلم وإعداد نشء الأمة لخدمة الجزائر النهوض بالشعب الجزائري إلى مستوى الشعوب الراقية، إن مجتمعنا في حاجة إلى العلم فمن نشره باللغة الفرنسية فقد خدمه، ومن نشره باللغة العربية فقد خدمه، وما دام العلم واحد فلا ضير في تعدد لغاته"
أيها الإخوان...
" إن على المدرسين بالعربية والفرنسية في الجزائر أن يتعاونوا على توجيه أبنائنا نحو هدف واحد وهو خدمة دينهم ووطنهم ورفع شأن أمتهم، ونجاحهم يتوقف طبعا على مقدار ما يبدبه المعلمون منا ومنكم من الاستعداد للتعاون والتفاهم بينهم، وإذا أبت أوضاعنا إلا أن ينشأ كثير من أبنائنا في مدارس أجنبية في لغتها عن دينهم وقوميتهم ولغتهم وتاريخهم، فإن من واجبنا جميعا إلا أن نأبى إلا توحيدهم وإخضاع ما تعلموه من لغات الأجانب لصالحهم وصالح شعوبهم"
أيها الإخوان....
إننا لا ننكر أن اللغة الفرنسية لغة علمية وعالمية معا، ولكن الاستعمار يريد أن تكون أداة لفرنسة أبنائنا وصرفهم بها عن لغتهم وجزائريتهم فكان عليكم أن تثبتوا له بمؤتمركم أنكم جزائريون تعّلمون جزائريين لا فرنسيين، كما كان علينا معاشر معلمي العربية أن نثبت له أننا لا نبغض اللغة الفرنسية ولا نحاربها، ولكننا لا نرضى بحال مهما انتشرت وتعددت مدارسها، أن تخلف لدى أبنائنا لغة قومنا وديننا ووطننا، وإن في إقبال الشعب على تأييدنا اليوم فيما نؤسسه من مدارس ومعاهد لتعليم أبنائه لغتهم على بالرغم ما نلقاه من مضايقات إدارية لرَّدُ فِعْلٍ ضد السياسة الاستعمارية التعليمية القائمة على محاربة اللغة العربية ... "

بعزيز بن عمر
"من ذكرياتي عن الإمامين الرئيسين عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي"
منشورات الحبر: بني مسوس، الجزائر ط2 سنة 2007 م
ص 85 - ص86









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc