كل ما يتعلق بالعقار - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كل ما يتعلق بالعقار

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-07-03, 16:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حميد20
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حميد20
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي كل ما يتعلق بالعقار

نظام الشهر العقاري في الجزائر

تمهيد:

لقد شهد نظام الشهر العقاري في الجزائر تطورا من خلال مروره بعدة مراحل إلى غاية صدور الأمر 75/74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري أين تبنى المشرع الأخذ بالنظام العقاري العيني ) البطاقات العقارية )، وما تلا هذا الأمر من صدور المرسومين التنفيذيين 76/62 و76/63، المؤرخين في 25 مارس 1976.
إن نظام الشهر العقاري في الجزائر هو نظام عيني يقوم على أساس مسك السجل العقاري، المتكون من مجموعة بطاقات عقارية، وهذا السجل العقاري تسبقه عملية هامة يرتكز عليها، وهي عملية المسح العقاري.
وعليه فقد ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث ، فنبين مختلف أنظمة الشهر العقار ( المبحث الأول )، ثم نتطرق إلى إظهار مفهوم عملية المسح وإجراءاتها ( المبحث الثاني )، ثم نتطرق إلى السجل العقاري( المبحث الثالث ).


المبحث الأول: أنظمة الشهر العقاري المختلفة

هناك عدة أنظمة للشهر العقاري، فنحاول أن نبين النوع الأول المتمثل في نظام الشهر العقاري الشخصي، ونتطرق إلى خصائصه وعيوبه( المطلب الأول)، وإلى تبيان النوع الثاني المتمثل في نظام الشهر العقاري العيني، وكذلك نتطرق إلى خصائصه، ومزاياه، والعيوب التي ترد عليه ( المطلب الثاني )، وكمرحلة لابد من إظهارها عند كل دراسة، التطرق إلى تطور نظام الشهر العقاري في الجزائر ونبين موقف المشرع منه(المطلب الثالث).

المطلب الأول: نظام الشهر العقاري الشخصي

نتناول بالدراسة في هذا المبحث نقطتين هامتين، مفهوم نظام الشهر العقاري الشخصي(الفرع الأول)، وتقدير هذا النظام (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مفهوم نظام الشهر العقاري الشخصي

يعد هذا النظام من أقدم الأنظمة العقارية في العالم، وهو أول نظام طبق في الجزائر، لاسيما أثناء الفترة الاستعمارية، ويقوم على مسك عدة سجلات في كل الأقاليم التي تتواجد بها إدارة للشهر العقاري [1]، حيث يتم قيد السندات والتصرفات المراد شهرها باسم مالكي العقارات، فطبقا لهذا النظام لا يعتد بمواصفات العقار، بل باسم الأشخاص المتصرفين فيه، أين تكون شخصيتهم محل اعتبار، فإذا أراد شخص ما شراء عقار تعين عليه الاتجاه إلى إدارة الشهر العقاري والبحث عن اسم مالكه في السجلات المعدة لذلك، والتي غالبا ما تكون سجلات حسب الترتيب الأبجدي، وسجلات حسب الترتيب الزمني [2]، فإذا وجد اسمه يعني أنه لا يزال مالكا للعقار، وإلا يعني تصرفه له، كما أنه يستطيع الإطلاع على كل هذه التصرفات، والتي تكون مدونة في سجلات خاصة بذلك.

الفرع الثاني: تقدير نظام الشهر العقاري الشخصي

أولا: مزايا نظام الشهر العقاري الشخصي
- من خصائص هذا النظام، أنه يعتبر طريقا للعلانية، ولإعلام الجمهور بانتقال الملكية العقارية من جهة، وبما ورد على العقار من جهة أخرى، فيكون الشهر هنا قرينة على الملكية حتى يثبت العكس من صاحب المصلحة الذي يستطيع اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم يقضي ببطلان العقد المشهر المستند إلى عقد باطل أو تقرَر بطلانه.
- بالإضافة إلى أنه يساعد الدولة من أجل فرض الضريبة على مجمل التصرفات الواردة على العقار [3].

ثانيا: عيوب نظام الشهر العقاري الشخصي
لم يخل هذا النظام من عيوب حالت دون تطبيقه، ومن أهمها:
1- لا يتمتع بالقوة الثبوتية، وليس له الحجية المطلقة، ولا يعطي الضمانات الكافية لصاحب الحق لثبوت التصرف له بصفة نهائية، أين يجعله عرضة للمنازعات القضائية، ويهدده بزوال الحق الذي اكتسبه.
2- صعوبة التعرف على المالك الحقيقي للعقار، وعن هويته الكاملة وذلك بالبحث عنها في مختلف السجلات، بالإضافة إلى خطر ضياع الملكية بالتقادم أو الميراث، ويؤدي حتما لحدوث تغيير في أسماء المالكين.
3- وفي ظل هذا النظام يكثر بيع ملك الغير، حيث يمكن للمالك غير الحقيقي التصرف في العقار، فيسجل التصرف باسمه، وعندما يتصرف المالك الحقيقي يسجل التصرف باسمه كذلك، فنكون أمام تصرفين متفرقين تحت اسمين مختلفين.
بالإضافة إلى أنه في هذا النظام لا يُتحرى من صحة التصرفات المبرمة بل تستمر كما هي، فإذا كانت صحيحة ظلت كذلك، ذلك أن شهر التصرف الناقل للملكية لا يضيف شيئا للحق الذي ينتقل بالعيوب العالقة فيه، ومن ثم فلا يكون للشهر أثر مطهر وهنا يظهر الدور السلبي للموظف المكلف بالشهر، والذي لا يملك صلاحية تفحص العيوب اللاحقة بالتصرف.
ونظرا لهذه المساوئ والعيوب والتي أثبتت فشل هذا النظام لنقل الملكية العقارية والتصرفات الواردة عليها، بسبب عدم تحديد العقارات تحديدا دقيقا ومحددا، ظهر نظام جديد للشهر العقاري، من شأنه تنظيم الملكية العقارية والحقوق العينية الواردة عليها، وفقا لتقنيات مستحدثة، أهمها مسح الأراضي العام وإعداد البطاقات العقارية، والتي تمسكها كل المحافظات العقارية، وهذا ما يكرسه نظام الشهر العقاري العيني.

المطلب الثاني: نظام الشهر العقاري العيني
نتطرق في دراسة هذا المبحث إلى مفهوم نظام الشهر العقاري العيني(الفرع الأول)، وتقدير هذا النظام(الفرع الثاني).

الفرع الأول: مفهوم نظام الشهر العقاري العيني
يعد هذا النظام من أحدث الأنظمة ظهورا وانتشارا، والتي تسعى إليه مختلف دول العالم، وتجدر الإشارة أن أول ظهور له كان في استراليا على يد مبتكره "سير روبار طورانس"، والذي قدم برنامجا متعلقا بتنظيم الملكية العقارية، وتبنته معظم الدول بعد ذلك.
وفي ظل هذا النظام يرتكز شهر التصرفات العقارية على العقار ذاته، أين يكون محل اعتبار، أي أن السجل يمسك بحسب العقارات وبياناتها [4] لا حسب الأشخاص خلافا لنظام الشهر العقاري الشخصي، حيث تخصص لكل عقار تقريبا صفحة كاملة تدون فيه كل التصرفات الواجبة الشهر الواردة على العقار مع كل البيانات المتعلقة به كالمساحة، الحدود، الرقم، ...، أين يسمح بمراقبتها وإجراء تحريات للتحقق من مدى توافر الشروط الشكلية والموضوعية للمحرر المراد إخضاعه لعملية الشهر [5]، ومن أسماء من وقع منهم التصرف، وأهليتهم.

الفرع الثاني: تقدير نظام الشهر العقاري العيني
أولا: مزايا نظام الشهر العقاري العيني
1- توفير الحماية القانونية للمتعاقدين: تتمتع كل التصرفات المقيدة في ظل هذا النظام بحماية قانونية وحصانة تامة، بحيث يحقق الطمأنينة في نفوس المتعاقدين الذين ليس لهما التحقق من صحة التصرف وباعتبار أن ملكية العقار ثابتة ومستقرة، كون العقار مطهر من كل حق عيني، ومن كل غش أو تدليس [6].
2- سهولة التعرف على الوضعية القانونية للعقار: بمجرد الإطلاع على البطاقة العقارية يتوضح موقع العقار، مساحته، حدوده، رقمه، اسم مالكه بصفة صحيحة ودقيقة، كما أن البيانات الواردة في السجل العقاري تعتبر حجة على ما تضمنته، ولا يمكن أن يعتريها أي غموض أو شك، مما يتجنب المساوئ الناجمة عن تشابه الأسماء.
3- إسناد العقار لصاحبه الحقيقي: من شأن هذا النظام تطهير العقار، والحقوق العينية العقارية من كل الشوائب التي قد تلحق به، وكذا إعطاءه مركزا قانونيا من شأنه إسناد العقار لصاحبه الحقيقي، وذلك بعد الإتمام من عملية مسح الأراضي العام، كما أنه لا يخشى ضياع العقار الممسوح [7] باعتبار أنه يعد له دفتر عقاري، وبطاقة عقارية، تعتبر بمثابة بطاقة تعريف له.

ثانيا: عيوب نظام الشهر العقاري العيني
لم يسلم هذا النظام من انتقادات بعض الفقهاء رغم الفوائد والإنجازات الكبيرة التي تترتب عن تطبيقه، ومن أهم هذه العيوب هو التكاليف الباهظة التي تتطلبها إجراء عملية مسح الأراضي والمدة الزمنية الطويلة التي تستدعيها، نظرا للإجراءات الأولية الواجب اتخاذها من أجل الحقوق العينية العقارية، والتي تستدعي توفير أشخاص تقنيين متخصصين في الميدان من جهة ونظرا للمساحات العقارية الكبرى التي تتطلبها عملية المسح وكل هذه النفقات الباهظة تقع على عاتق الخزينة العامة.
إلا انه يبقى على الدولة تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية من أجل تعميم تطبيق هذا النظام عبر كل القطر الوطني، خاصة وأننا نعلم مدى أهميته وأهمية ما يدره على الخزينة العامة من عائدات.

المطلب الثالث: تطور نظام الشهر في الجزائر
مر نظام الشهر العقاري في الجزائر بثلاث مراحل مختلفة، مرحلة العهد العثماني ( الفرع الأول )، ثم مرحلة الاحتلال الفرنسي ( الفرع الثاني )، ومرحلة الاستقلال ( الفرع الثالث ).

الفرع الأول: المرحلة العثمانية: وتمتد هذه المرحلة من سنة 1518 إلى 1830 [8] ، وكانت الشريعة الإسلامية هي النظام القانوني السائد في جميع المعاملات، سواء المالية، أو الشخصية، وقد كانت الأراضي ونظامها القانوني يتمحور في: الأراضي الخراجية، وأراضي الموات، وأراضي العروش، وأراضي الوقف، وبعد دخول العثمانيين إلى الجزائر أصبحت هذه العقارات مقسمة إلى: أراضي البايلك، أراضي العرش، أراضي الملك، أراضي الحبوس، وقد كان للأتراك نظام خاص بالشهر العقاري،حيث أنشأ السلطان سليمان القانوني الثاني لجنة مسح الأراضي سنة 1602، أين سلمت للمالكين آنذاك سندات ذات قوة ثبوتية مطلقة، كما أن السلطة العثمانية عرفت تنظيما للملكية العقارية، وذلك من خلال إصدارها لقانون الأراضي الصادر في 21/04/1858، وأنشأت وزارة الدفتر العقاري المكلفة بحفظ السجلات العقارية بنفس التاريخ، إلا أن هذه القوانين لم تطبق في الجزائر لصدورها بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة1830 [9] .

الفرع الثاني: مرحلة الاحتلال الفرنسي: كان الطابع المميز للملكية العقارية قبل الاحتلال الفرنسي هو الملكية الجماعية، فقد كانت هذه الملكية مقسمة إما إلى أراضي العرش، أو أراضي ملكية مشاعة للعائلة، وهذا الشكل من أشكال الملكية يعد من المعاملات العقارية، التي كانت تعيق الإدارة الفرنسية من بسط سيطرتها على أراضي الجزائريين، ومن أجل ذلك قامت هذه الإدارة بإبعاد العمل بالقوانين السائدة والمستمدة من الشريعة الإسلامية، وهذا من أجل بيع هذه الأراضي إلى المعمرين بعد الاستيلاء عليها، فصدر قانون 1834 الذي كان يرمي إلى امتداد تطبيق القوانين الفرنسية إلى الجزائر، كما صدرت عدة تشريعات منها الأمران الصادران في: 01/10/1844 و21/07/1846، حيث أجازا إثبات الملكية العقارية بكافة وسائل الإثبات، وبمقتضاها سلمت لأصحاب العقارات وثيقة تملك تقوم مقام سند الملكية، وصدر قانون التوثيق سنة 1855 الذي كرس مبدأ رسمية العقود، وصدر المرسوم المعروف بسيناتوس كونسيلت في: 22 أفريل 1863، والذي صدر بمشورة مجلس الشيوخ الفرنسي، وقد هدف إلى التفريق بين أراضي الملك الخاص، وأراضي العرش، ونص على توزيع الأراضي بين القبائل، وتحويل حق الاستغلال إلى حق ملكية تامة، حيث تم تجزئة بعض أراضي العرش إلى وحدات فردية تسهيلا لإجراء التصرفات القانونية عليها، وقد هدف القانون إلى تسهيل عملية انتقال الملكية، من يد الجزائريين إلى يد المعمرين، وبسبب فقر الجزائريين فقد اضطروا إلى بيع أراضيهم.
وفي سنة 1873 صدر القانون المعروف بمشروع ورني warnier ، والذي كان يهدف إلى فرنسة شاملة وكاملة للأراضي الجزائرية، حيث نصت المادة الأولى " إن تأسيس الملكية العقارية بالجزائر وحفظها، والانتقال التعاقدي للملكيات والحقوق العقارية مهما كان أصحابها تخضع للقانون الفرنسي "، فتم إجراء تحقيقات عقارية بموجب هذا القانون، أدت إلى تأسيس سندات ملكية سلمت لأصحابها في شكل مخططات وجداول اشهارية، وتم استبدال هذه الطريقة بقانون 16 فيفري 1879، حيث نص على إجراء تصفيات جزئية للأراضي، سواءا كانت أراضي ملك، أو عرش، وسواءا كانت تقوم بها الدولة أو الخواص، وعند الانتهاء من عملية التصفية، وفي حالة عدم تقديم أي اعتراض، أو في حالة رفضه قضائيا فيما يخص أراضي الملك الخاص، أو بقرار إداري في أراضي العرش، يسلم سند الملكية من طرف مصالح أملاك الدولة، بعد استكمال إجراءات البحث والمصادقة، من طرف الحاكم العام بالجزائر، ويعد هذا السند نقطة انطلاق الملكية المحققة، ولا يمكن لأي سند فرنسي آخر أن يعارضه ولو كان سابقا عليه، ويسمى هذا العقد عقد الصفاء [10].
وكان نظام الشهر المطبق نظاما شخصيا، ونظرا للحاجة إلى التدقيق في وثائق الشهر، صدرت عدة مراسيم منها المؤرخ في 26 مارس 1956، الذي هدف إلى إعادة تجميع الأراضي بطريقة جديدة لإعادة توزيعها، وكذا الأمر المؤرخ في: 03/01/1959، الذي كان يهدف إلى تأسيس ومعاينة حق الملكية، والحقوق العينية الأخرى.
وكان الاختصاص القضائي ينعقد إلى المحكمة العقارية بموجب هذا الأمر.
وتم تقسيم الأراضي الجزائرية إلى خمسة أنواع: أملاك الدومين العام، أملاك الدومين الخاص، العقارات الفرنسية، العقارات الملك، أراضي العرش.
وقد تعامل المشرع الفرنسي بازدواجية في المعاملات العقارية حيث كانت تخضع في جزء منها إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وقد عوض المشرع الفرنسي الأمر المؤرخ في 03 جانفي 1959 الذي عرف عدة عيوب بمرسوم 21 أكتوبر 1959 والذي تضمن بعض الحلول المستقاة من الشهر العيني، ثم تلاه إصلاح الشهر العقاري بموجب المرسوم الصادر في: 01 مارس 1961، والذي تضمن أيضا بعض أحكام نظام الشهر العيني.
فقد عرفت المرحلة الاحتلالية عدة تشريعات عقارية، أكثرها تميز بالصفة الشخصية ، كما أنها لم ترق إلى التنفيذ لعدم استقرار الأوضاع، أولا ولعدم تمكن فرنسا من فك الترابط العائلي، الموجود في المجتمع الجزائري، الذي حافظ على نظام الملكية الجماعية [11] .

الفرع الثالث: مرحلة الاستقلال: تميزت هذه المرحلة بصدور عدة مراسيم منها:
- القانون31/12/1962 الذي يمدد العمل بالتشريع المعمول به إلى 31/12/1962 باستثناء ما خالف السيادة الوطنية.
- الأمر المؤرخ في 24/08 1962 المتعلق بتنظيم الصلح، البيع، الكراء، والإيجار الزراعي، فمنع بموجب هذا المرسوم المعاملات التعاقدية في الأملاك الشاغرة بعد الفاتح من جويلية 1962 واعتبرها باطلة حسب المادة 04 منه.
وقد كانت الانطلاقة الفعلية، بعد سنة 1970 بصدور قانون التوثيق، ثم صدور قانون الثورة الزراعية 71/73، بالإشارة إلى نظام السجل العقاري في المادة 24 منه " تؤسس في نطاق دائرة كل بلدية خزانة للبطاقات العقارية، تتضمن إحصاء المزارع الناتجة عن العمليات الخاصة، بالثورة الزراعية ..."، والمادة 25 منه " عند انتهاء العمليات المشروع فيها برسم الثورة الزراعية في بلدية ما يباشر في وضع الوثائق المساحية لهذه البلديات بالاستناد إلى البطاقات العقارية ويوضع السجل المساحي العام للبلاد وفقا للشروط والكيفيات التي تستحدد فيما بعد [12].
وبصدور الأمر 75/74 والمراسيم التنفيذية له 76/63 و76/62، توضحت رؤية المشرع وتبنى نهائيا نظام السجل العيني.

المبحث الثاني: المسح العقاري
نتناول في هذا المبحث الأول، مفهوم عملية المسح ( المطلب الأول )، ثم نتناول إجراءات المسح ( المطلب الثاني )، ونتطرق إلى آثار المسح وإشكالاته القانونية(المطلب الثالث).

المطلب الأول: مفهوم عملية المسح العقاري
نتناول فيه تعريف عملية المسح(الفرع الأول)، أسس عملية المسح العقاري (الفرع الثاني)، الهيئة المكلفة بإعداد مسح الأراضي العام (الفرع الثالث).

الفرع الأول: تعريف عملية المسح: لم يعط المشرع الجزائري كبقية التشريعات تعريفا واضحا ودقيقا لعملية المسح، واكتفى فقط بتوضيح الغاية والهدف من وراء عملية المسح، وعليه فقد تكفل الفقه بإعطاء تعريفات مختلفة لهذه العملية، ويمكن تعريفها على أنها: عملية تقنية وفنية وقانونية وثابتة تقوم بها جهة رسمية بهدف وضع نظام عقاري عصري له ركيزة مادية هي " البنك العقاري " [13]، كما يمكن تعريفها بأنها " تحديد مواقع العقارات وأوصافها وتعيين الحقوق المترتبة عليها، وتعيين الأشخاص المترتبة لهم أو عليهم هذه الحقوق، وإجراء تسجيلها أول مرة في وثائق السجل العيني " [14].
إن الأمر 75/74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 والمتعلق بإعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري، لم يعط كما أسلفنا تعريفا لعملية مسح الأراضي، وإنما اكتفى بتوضيح الهدف من العملية، وذلك في نص المادة 2 منه بقوله:" إن مسح الأراضي العام يحدد ويعرف النطاق الطبيعي للعقارات ويكون أساسا ماديا للسجل العقاري"، غير أن المشرع قام بموجب المرسوم 84/400 المؤرخ في 24/12/1984 بتعديل المادة الرابعة من المرسوم 76/63 المتعلق بإعداد المسح العام للأراضي، وذلك بتوضيح بمعنى أدق لنطاق عملية مسح الأراضي العام لتشمل عملية المسح تحديد العقارات المملوكة ملكية عامة وذلك بنص المشرع في المادة 6 من المرسوم 76/62 على أن تقدم الدولة والولايات والبلديات والمؤسسات والهيئات العمومية جميع التوضيحات اللازمة فيما يخص حدود ملكيتها، وإن وضع الحدود للعقارات الأخرى يتم بمساعدة مالكيها.
ويقصد بموضوع عملية المسح مشتملات عملية المسح ونطاقها، أي ما هي العقارات التي تخضع لإجراء عملية المسح، هل هي تكون موضوع عملية المسح العقارات بجميع أنواعها، ومهما كان مالكها، وهل تكون موضوعا لعملية المسح.
وحسب نص المادة 15 من المرسوم 76/62 فإن مسح الأراضي المقسم إلى أقسام والى أماكن معلومة، يقسم بدوره إلى أجزاء للملكية والى قطع للأرض، فالقسم المساحي هو جزء من الإقليم البلدي المحدد بطريقة ما، والمكان المعلوم يطابق تجمعا من أجزاء الملكية داخل نفس القسم، والذي يطلق عليه السكان عادة بعض التسمية، أما جزء الملكية فيتكون من مجموع الأملاك المتجاورة ( قطع الأراضي) ويملكه عادة مالك واحد، أو يعود إلى شيوع واحد في مكان واحد معلوم ويكون وحدة عقارية مستقلة تبعا للترتيب المعطى للملكية، أما قطعة الأرض هي قسم من جزء الملكية لقطعة واحدة ويمثل طبيعة واحدة لشغل أو تخصيص الأرض.
ويطرح التساؤل هل تدخل الأملاك الوطنية ضمن عملية المسح العقاري [15]؟. الملكية العقارية حسب نص المادة 23 من القانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري تصنف إلى أملاك وطنية، أملاك الخواص أو الملكية الخاصة، الأملاك الوقفية، وتتكون الملكية الوطنية من أملاك وطنية عمومية وأملاك وطنية خاصة حسب نص المادة 2 من القانون 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية، وأخضع المشرع هذه الأملاك إلى عملية الجرد المنصوص عليه في المادة 8 من القانون 90/30 ويعني الجرد العام للأملاك الوطنية، التسجيل الوصفي والتقييمي لجميع الأملاك الخاصة والتابعة للدولة والولاية والبلدية، والتي تحوزها مختلف المنشآت والهيئات والمؤسسات، طبقا للمادة 2 من المرسوم 91/455 المؤرخ في 23/12/1991 المتعلق بجرد الأملاك الوطنية.
ويحدد ضمن القوام المادي وطبيعة الأراضي، إن اقتضى الأمر أنماط المزروعات الفلاحية التي تنجز فيما يخص العقارات الريفية، والقوام المادي وطبيعة شغل أو تخصيصها ونمط استعمال النباتات المقامة عليها أو استغلالها ووصفها حسب كل طابق فيما يخص العقارات الحضرية، كما يتم تحديد الملاك الظاهرين وكذلك كيفية الاستغلال، حيث يجب أن تكون هذه العمليات مصحوبة بتحديد الملكيات العمومية والخاصة، ويجب أن تكون الحدود على اختلاف أنواعها وحسب الحاجة مجسمة بكيفية دائمة، إما بواسطة معالم من حجر وإما بواسطة علامات أخرى، وذلك طبقا لتعليمات مصلحة مسح الأراضي.
إن لعملية المسح العقاري أهداف اقتصادية واجتماعية والأهم قانونية، وتهدف أيضا إلى تحديد محيط أقاليم البلديات، وتحديد وتعريف النطاق الطبيعي للعقارات ويكون أساسا ماديا للسجل العقاري، ووضع مخططات.
إن إنشاء مسح الأراضي العام حقيقة يبقى الخيار الوحيد من أجل الوصول إلى هدفين، هما التطهير العقاري، وتجهيز التراب الوطني بمخططات وسندات مقيدة تخدم التطوير الاقتصادي والاجتماعي على حد السواء، ومسح الأراضي العام المنشأ بموجب الأمر 75/74 هو الأجدر للقيام بذلك، لذا يقتضي الأمر أن يستند إنشاؤه وتقويته على قواعد تقنية وقانونية تسمح بالحصول في نفس الوقت على تعيين دقيق لحدود كل ملك والتعرف على الملاك، ويخضع تأسيس مسح الأراضي إلى سيرورة والى قواعد وضوابط غالبا ما تكون عالمية على الصعيد التقني، ومستوحاة من القانون المدني على الصعيد القانوني [16].

الفرع الثاني: أسس المسح العقاري
يقصد بأسس عملية المسح العقاري، الوثائق والسندات وجميع الوسائل القانونية التي على أساسها يتم تسجيل الحقوق العينية العقارية لأول مرة في السجل العيني أي في مجموع البطاقات العقارية.
وباستقراء نصوص الأمر 75/74 والمرسومين 76/62 و76/63 نجد أن المشرع ومن أجل القيام بعملية المسح، لم يستثن أية وثيقة معترف بها يمكن أن تساعد وتساهم في معرفة أصحاب الحقوق العينية، فقد تكون الوثائق عرفية وقد تكون رسمية، فلجنة المسح من مهامها حسب نص المادة 9 من المرسوم 76/62 البت بالاستناد إلى " جميع الوثائق " العقارية ولاسيما السندات وشهادات الملكية المسلمة على إثر عمليات المعاينة لحق الملكية المتممة في نطاق الثورة الزراعية في جميع المنازعات التي لم يمكن تسويتها بالتراضي، فعبارة جميع الوثائق لا تحصر الوثائق في نوع معين، ولو كانت الوثائق يشترط فيها شكلا خاصا لإثبات الحقوق لمَنَع القانون على اللجنة الاستناد إليه، كما أن المشرع رتب الترقيم المؤقت لمدة 04 أشهر بالنسبة للعقارات التي ليس لمالكيها الظاهرين سندات ملكية قانونية، والذين يمارسون حيازة طبقا للقانون [17]، كما رتب الترقيم المؤقت لمدة سنتين 02 بالنسبة للعقارات التي ليس لملاكها الظاهرين سندات إثبات كافية [18].

الفرع الثالث: الهيئة المكلفة بإعداد مسح الأراضي العام
تدخل مهمة المسح العقاري ضمن مهام واختصاص المديرية العامة للأملاك الوطنية، حسبما أسماها المرسوم التنفيذي رقم 95/54 المؤرخ في 15 فيفري 1995، والمرسوم التنفيذي رقم 95/55 الصادر أيضا بنفس التاريخ، الذي تضمن تنظيم الإدارة المركزية على مستوى وزارة المالية، فتضم المديرية العامة للأملاك الوطنية مديريتين، الأولى خاصة بعمليات أملاك الدولة والعقارية، والثانية إدارة الوسائل، وتشمل مديرية أملاك الدولة والعقارية أربع مديريات فرعية من بينها: المديرية الفرعية للحفظ العقاري ومسح الأراضي، وهي المديرية التي يعنيها نشاط المسح العقاري، حيث تشكل أعلى هيئة إدارية مركزية مكلفة بالقيام وبمتابعة مراقبة عمليات المسح، وإعداد المخطط العام له، ومن بين مهامها اقتراح وتحضير النصوص القانونية التي تدخل ضمن مهامها، ومتابعة وتفتيش ومراقبة المحافظات العقارية عبر شكاوى المواطنين والتقارير التي تصلها من المتعاملين، وكذلك متابعة عمليات مسح الأراضي، ومراقبتها ومراعاة مدى تطابقها مع القانون، والتنسيق مع الوزارات التي لها علاقة في إطار عملها كوزارة العدل والفلاحة والمالية.
وبموجب المرسوم التنفيذي 89/234 المؤرخ في 19 ديسمبر 1989، تم إنشاء وكالة وطنية لمسح الأراضي، وهي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تحت وصاية وزارة الاقتصاد ( وزارة المالية حاليا ).
وهي مكلفة بإنجاز العملية التقنية الرامية إلى إعداد مسح الأراضي العام في جميع أنحاء التراب الوطني.
وتتلخص مهامها حسب المادة 5 من المرسوم التنفيذي 89/234 المعدل بالمرسوم التنفيذي 92/63 المؤرخ في 12 فبراير 1992 بما يلي في إطار إعداد مسح الأراضي العام:
- تنفيذ أعمال التحقيق العقاري الخاصة برسم الحدود والطبوغرافيا بأساليب أرضية.
- ترقيم العقارات الممسوحة في السجل العقاري.
- تحضير العقود والملفات المتعلقة بأشغال لجان مسح الأراضي ورسم الحدود المنصوص عليها في إطار التنظيم الذي يخضع له إجراء إعداد مسح الأراضي العام وتتولى الكتابة لها.
- القيام بتحرير مخططات مسح الأراضي العام والوثائق الملحقة بها وضبطها باستمرار.
- إنشاء البطاقات العقارية التي تسمح بتكوين السجل العقاري.
- تطبيق عمليات تطابق مسح الأراضي مع السجل العقاري الذي تمسكه إدارات الحفظ العقاري.
- تنظيم الأرشيف والاستشارة ونشر الوثائق المتعلقة بمسح الأراضي بوسائل الإعلام الآلي.
- مراقبة الأشغال المنجزة من طرف المسَا ح ين ومكاتب الدراسات الطبوغرافية التابعة للخواص لفائدة الإدارات العمومية.
هذه المهام كانت من اختصاص إدارة أملاك الدولة والأملاك العقارية، وتم تحويلها بموجب نص المادة 30 من المرسوم 89/234 إلى الوكالة الوطنية لمسح الأراضي، وترتب على هذا التحويل:
- حلول الوكالة محل مفتشيات أقسام مسح الأراضي التابعة للولاية والأقسام التقنية لمسح الأراضي التابعة للإدارة المركزية في وزارة الاقتصاد ( المالية )، وانتهاء الصلاحيات التي تمارسها إدارة شؤون أملاك الدولة والأملاك العقارية في هذه المهام، وهو ما نصت عليه المادة 31 من المرسوم 89/234 .

المطلب الثاني: إجراءات المسح
سنتناول المرحلة التحضيرية(الفرع الأول)، والمرحلة الميدانية(الفرع الثاني).

الفرع الأول: المرحلة التحضيرية
أولا- افتتاح عملية المسح: يتم افتتاح عمليات المسح العقاري في كل بلدية، بناءا على قرار يصدره الوالي المختص إقليميا، ويبين فيه على الخصوص تاريخ افتتاح العمليات التي تبدأ على الأكثر بعد مدة شهر من تاريخ نشر هذا القرار.
يتم نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، وفي مجموعة القرارات الإدارية للولاية المعنية، ويكون محل نشر واسع في الجرائد اليومية الوطنية، كما يبلغ رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني بذلك [19].
وقبل افتتاح العملية بخمسة عشر يوما، يعلم المواطنون بهذه العمليات، بواسطة لصق الإعلانات في مقر الدائرة والبلدية المعنية، والبلديات المجاورة [20].

ثانيا- لجنة المسح: بمجرد افتتاح عملية المسح على مستوى بلدية ما تنشأ لجنة بلدية للمسح، وتتكون من قاض من المحكمة التي توجد البلدية ضمن دائرة اختصاصها وهو يرأسها، ويتم تعيينه من طرف رئيس المجلس القضائي، وتتكون من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو من يمثله ويكون هو نائب الرئيس، ومن ممثل للمصالح المحلية لإدارة الضرائب المباشرة، وممثل للمصالح المحلية للأملاك الوطنية، وممثل وزارة الدفاع، وممثل مصلحة التعمير في الولاية، وموثق تعينه الهيئة المخولة في المنظمة المهنية، ومهندس خبير عقاري تعينه الهيئة المخولة في المنظمة المهنية، والمحافظ العقاري المختص إقليميا أو ممثله، والمسؤول المحلي للوكالة الوطنية لمسح الأراضي أو ممثله [21].
تجتمع لجنة المسح بناءا على طلب مسؤول الولاية لمسح الأراضي وبناءا على دعوة من رئيسها، طبقا للمادة 8 من المرسوم 76/62.
إن مهام لجنة المسح تتمثل في:
- جمع الوثائق والبيانات من أجل تسهيل إعداد الوثائق المساحية، والتثبت إن اقتضى الأمر من اتفاق المعنيين حول حدود عقاراتهم، أو التوفيق بينهم في حالة عدم وجود اتفاق إن أمكن.
- كما يمكن لها البت بالاستناد إلى جميع الوثائق العقارية ولاسيما السندات وشهادات الملكية المسلمة على اثر عمليات المعاينة لحق الملكية المتممة في نطاق الثورة الزراعية في جميع المنازعات التي لم يمكن تسويتها بالتراضي [22].
- تتخذ اللجنة قراراتها بالأغلبية، ويجب أن يكون ثلث أعضائها على الأقل حاضرين، ويرجح صوت الرئيس في حالة تساوى الأصوات، وتنفذ قرارات اللجنة بموجب مقرر من الوالي [23].
- يعاب على هذه اللجنة أولا، أنها تتشكل من عدة أعضاء يصعب جمعهم بأكملهم في وقت واحد من أجل وضع الحدود في كل بلدية بمجرد افتتاح عمليات المسح، كما أن المشرع أعطى وجعل رئاسة هذه اللجنة منوطة بقاضي، أي إعطاء الصبغة القضائية للقرارات الصادرة عن هذه اللجنة غير أنها لا تنفذ إلا بقرار من الوالي وهو الصبغة الإدارية أي إفراغ الطبيعة القانونية لقرار اللجنة من الصبغة القضائية إلى الصبغة الإدارية. كما أن المشرع أغفل النص على الطعن في قرارات اللجنة صراحة وأشار إلى فترة ثلاثة أشهر الممنوحة إلى الأفراد بعد انقضاء ميعاد الإيداع القانوني لوثائق المسح في البلدية لرفع دعوى أمام القضاء، ولا يعتبر ذلك طعنا، وكان الأولى أن ينص المشرع على الطعن ويحدد كيفياته وآجاله كمرحلة أولى تسبق مرحلة اللجوء إلى العدالة، لأن ذلك قد يغني عن اللجوء إليها أصلا وهذا من باب تثمين وقت القضاء [24].

ثالثا- جمع الوثائق لتحديد محيط إقليم البلدية: قبل البدء في عملية المسح، لابد من جمع الوثائق اللازمة التي تساعد على تحديد محيط إقليم البلدية، ويتعلق الأمر بالوثائق المعدة تطبيقا للقانون رقم 84/09 المؤرخ في 04/02/1984 التضمن التنظيم الإقليمي للبلاد، وكذا مخططات الوحدات الإدارية القديمة، هاتان الوثيقتان تعتبران مهمتين لمعرفة محيط الإقليم البلدي.
وهناك وثائق أخرى تعد ضرورية لعمليات المسح المتعلقة بالأملاك التابعة للدولة والبلديات، كما وجدت قبل صدور الأمر المتضمن الثورة الزراعية، والأملاك التي كانت موضوع نزع الملكية على مستوى البلدية، وكذا المخططات الخاصة المتعلقة بالتنازل والتخصيص والتحويل، هذه الوثائق توجد على مستوى مصالح أملاك الدولة والوكالات الجهوية لمسح الأراضي، كما يجب طلب قائمة الملاك الذين لهم حقوق مشهرة من مصالح المحافظة العقارية، وكذا السجل الجبائي المتواجد على مستوى المصالح الجبائية [25].
لقد أوجب القانون على البلديات القيام بتحديد محيط أقاليمها، ويقوم بهذا التحديد موظف مكلف بعمليات مسح الأراضي، وبحضور وتحت إشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي للبلدية ورؤساء المجالس الشعبية للبلديات المجاورة، ويقوم وزير الداخلية بتفحص وحل الصعوبات التي تنجر عن تحديد حدود البلديات. ويجب على الدولة والولايات والبلديات والمؤسسات والهيئات العمومية تقديم جميع التوضيحات اللازمة فيما يخص حدود ملكيتها، كما أن وضع الحدود للعقارات الأخرى يتم بمساعدة ملاكها [26]. وتتم عملية وضع الحدود الإقليمية للبلدية أساسا في ثلاثة مراحل:
أ‌- أشغال الاستطلاع. ب- إعداد المخططات البيانية. ج - تحرير المحضر.

رابعا- تقسيم البلدية: بعد جمع الوثائق والمخططات الموجودة على مستوى جميع المصالح العمومية المعنية، تأتي خطوة أخرى من الأعمال التحضيرية وتتمثل في تقسيم البلدية إلى قطاعات وأقسام، حيث توضع جميع المخططات لدى إدارة المسح التي تقوم بواسطة تقنييها المختصين بإجراء دراسة تقنية معمقة ويعتمد هؤلاء في تقسيمها على معايير فنية بحتة.
وتقسم البلدية إلى : القطاع ( secteur ) وهو رقعة جغرافية أرضية تمثل جزءا من تراب البلدية عادة ما تكون حدودا تنتهي إلى فواصل طبيعية أو ثابتة مثل الطرق، المجاري المائية، كالوديان والسدود والقنوات، الفواصل الحديدية، والى القسم ( section ) وهو جزء من القطاع يحتوي مجموعة من أجزاء الملكية لها نفس طبيعة الوظيفة والتخصيص، وفي هذا الصدد يقوم تقنيو مسح الأراضي بإعداد مخطط لكل قسم حتى يسمح لهم بمتابعة الأشغال بكل دقة، وإجراء التحقيقات وعمليات التحديد بكل بساطة دون تعقيد.
وفي هذه المرحلة هناك عمليات تقنية بحتة لا مجال لها في دراستنا هذه.

الفرع الثاني: المرحلة الميدانية: ونتناول فيه التحقيق (أولا)، عملية وضع الحدود (ثانيا )، ثم إعداد مختلف وثائق المسح(ثالثا )، ثم إيداع وثائق المسح بمقر البلدية (رابعا )، ثم تقديم الشكاوى ودراسة الاحتجاجات (خامسا ).
أولا- التحقيق: وعملية التحقيق هي العملية التي تلي المرحلة التحضيرية، ويتم خلالها جرد وتحقيق للحالة العقارية في جوانبها الطبيعية والقانونية، وهي تهدف إلى جمع والتقاط كل العناصر الضرورية لمعاينة حق الملكية والحقوق العينية الأخرى أو أي أعباء تثقل العقار، وجمع المعلومات المتعلقة بتعريف هوية ذوي الحقوق وتطبيق هذه المعلومات.
يتم سير التحقيق بالموازاة مع عمليات تثبيت الحدود، كما أن على المحققين حث الأشخاص على تقديم مساعداتهم ويشرحوا لهم موضوع التحقيق وهدف المسح الذي يرتكز على تمتين قانون الأملاك العقارية، وهنا فإن مساهمة الملاك أو الشاغلين بتنوير التحقيق ليس فقط بالوضعية القانونية لأملاكهم ولكن أيضا بأملاك الجيران [27].
وفي هذه المرحلة يتم إجراء عملية إشهار واسعة، طبقا لنص المادة 3 و 10 من المرسوم 76/62، ويتم استدعاء كل شخص له علاقة بالعقار موضوع المسح بواسطة 03 استدعاءات، تفصل بين كل استدعاء مدة 15 يوما، وإلا فإن عملية التحديد تتم تلقائيا دون حضوره.
ويجري إعداد تحقيق عقاري ورسم تخطيطي للعقارات، ويشرف على عملية التحقيق العقاري محققان، الأول من المحافظة العقارية والثاني من إدارة أملاك الدولة، بالإضافة إلى حضور عون من البلدية عند عمليات التحقيق بصفته ممثلا لهذه الجماعة فيما يخص الأملاك العقارية البلدية، وكل هؤلاء الأعوان يؤدون مهامهم تحت رئاسة رئيس فرقة المسح وهم مكلفون بفحص السندات والوثائق المقدمة لهم، وجمع أقوال وتصريحات الأشخاص المعنيين، وإثارة وجلب كل الآراء والملاحظات التي قد تنير التحقيق، كما يقدرون وقائع الحيازة المثارة، والكشف عن الحقوق المحتملة للدولة على العقارات موضوع التحقيق، والأهم هو مقارنة المعلومات المستقاة ميدانيا بتلك الموجودة بأرشيف المحافظة العقارية، أو الموجودة على مستوى إدارة أملاك الدولة والوثائق الأخرى المجمعة أثناء الأشغال التحضيرية وإعداد بطاقة التحقيق العقارية. كما تسلم للحائز وثيقة التحقيق ليوقع عليها هو والشهود الذين يثبتون حيازته ويسجل مؤقتا بها.
وفي إطار التحقيق الذي يجري في هذه المرحلة، فإن المحققين عليهم الاستناد في إثبات حق الملكية إما بواسطة السند، وفي غيابه بواسطة التحري، فالإثبات بواسطة السند يرتكز على الفحص الدقيق للوثيقة المقدمة، وهنا يكون المحققون أمام السندات الرسمية ومن بينها، سندات الملكية المعدة من طرف إدارة أملاك الدولة في عهد التشريع العقاري القديم، العقود الإدارية المنشئة، الناقلة أوالمصرحة أو المثبتة، أو المعدلة للملكية العقارية، أو الحقوق العينية العقارية المعدة من طرف عامل عمالة أو رؤساء البلديات في السابق، العقود المتعلقة بالملكية أو حقوق عينية معدة من طرف الموثقين السابقين، كاتب ضبط الموثق، والخاضعة لإجراء الإشهار العقاري، وهناك عقود متعلقة بالملكية والحقوق العينية، معدة من طرف القضاة والموثقين سابقا والتي كانت المناطق الريفية خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، والقرارات القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي فيه.
وإذا كانت هذه السندات لا تعكس الوضعية الحقيقية للعقارات فهذا الأمر لا يمنع من إجراء تحريات وبحوث دقيقة [28].
أما السندات غير الرسمية، فهي العرفية التي لها تاريخ ثابت قبل 1 جانفي1971. [29]
وفي حالة غياب السند، فإن التحقيق يتم عن طريق التحرَي، الذي يرمي إلى جمع كل العناصر الضرورية لتقدير وقائع الحيازة المثارة، والتأكد ما إذا كان الشخص المعني بالتحقيق يمارس الحيازة طبقا لمقتضيات القانون المدني.
وعلى المحققين أو أعوان الفرق الميدانية بصفة عامة الانتباه إلى المعاملات العقارية التي قد تحدث أثناء وخلال التحقيقات العقارية، وذلك بواسطة التنسيق بين إدارة مسح الأراضي والمحافظة العقارية في البلدية محل المسح.
عند نهاية عملية التحقيق العقاري يتحصل المساحون على الحالات التالية، إما عقار له سندات ملكية قانونية، أو عقار ليس له سندات الملكية، أو عقار تم التحقيق فيه ولم يكن موضوع تصريح ولم يدَع أي شخص تملكه بالحيازة.

ثانيا- عملية وضع الحدود: يتم وضع حدود العقارات الموجودة في المناطق الحضرية والمناطق الريفية، بحضور كل الأطراف المعنية، ويجب أن تكون الحدود على اختلاف أنواعها، وحسب الحاجة مجسمة بكيفية دائمة إما بواسطة معالم من حجر وإما بواسطة علامات أخرى، ويفضل أن تكون هذه العلامات متسمة بالثبات [30]. وتؤدي عملية وضع الحدود إلى نقل الحدود المرفوعة على " المخطط البياني لوضع الحدود ".

ثالثا- إعداد مختلف وثائق المسح: بعد الانتهاء من عمليات التحقيق الميداني، وعملية تثبيت الحدود، تعد وثائق المسح وهي تحتوي:
- جدول للأقسام وسجل لقطع الأراضي.
- سجل مسح الأراضي.
- المخططات المساحية.
ويجب أن ترسل فور إعدادها صور رسمية ونسخ لهذه الوثائق إلى البلديات والإدارات المعنية [31].
رابعا- إيداع وثائق المسح بمقر البلدية: بمجرد الانتهاء من العمليات التقنية والتحقيقات العقارية وإعداد الوثائق، تودع وثائق مسح الأراضي بمقر البلدية لمدة شهر على الأقل لتمكين الجمهور من الإطلاع عليها وكل شخص معني بعملية المسح. وتسلم الوثائق من طرف رئيس مكتب المسح إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي يسلمه شهادة إيداع. ويلاحظ أن النص تناول الإيداع ولم يوجب إعلانه وكيفيته بشكل صريح، وتناول مدة الإيداع ولم يضبطها بدقة رغم ما لهذه العملية من أهمية، مما يترتب عليها من آثار قانونية، حيث أن انتهاء هذه المرحلة يجعل نتائج المسح بما فيها المخططات المنجزة والبيانات التي تحتويها نهائية. وأهمية الإعلان تكمن في أنه يؤدي وظيفتين الأولى هي إعلام المعنيين بانطلاق هذه المرحلة، والثانية أن يكون أساسا لبدأ حساب مدة الإيداع [32]. يقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بإعلام الجمهور بالإيداع عن طريق إشعار ممضي من طرفه، حيث ينشر في الأماكن المعتادة للصق المناشير للبلدية والبلديات المجاورة، وكذا بالوسائل أو الإعلانات الكتابية أو الشفوية [33].

خامسا- تقديم الشكاوى ودراسة الاحتجاجات: قبل مرحلة الإيداع وطيلة مدة شهر بعد الإيداع، تكون وثائق المسح مؤقتة، حيث يمكن لأي شخص تم المساس بحقه تقديم احتجاج، مبينا فيه الدوافع والأسباب، سواءا إلى رئيس المجلس الشعبي أو إلى رئيس الفرقة الذي يكون مداوما بمقر البلدية، وتقديم الشكاوى كتابة أو شفاهة، ويتعين على ممثل الإدارة تسجيل خلاصة الشكوى في سجل خاص بذلك يوقع من طرف الشاكي أو المعترض، ويوضع سجل الاحتجاجات أمام لجنة المسح من أجل فحصها وإبداء رأيها فيما يخص الشكاوى المقدمة، وتحاول التوفيق بين المعنيين، فإذا فشلت في ذلك تحدد الحدود المؤقتة للعقارات كما كان يجب أن تكون عليه في المخطط مع الأخذ بعين الاعتبار الحيازة [34]، ويحرر محضر لهذا الخلاف، وتنبه الأطراف إلى منحهم أجلا قدره 03 أشهر، فيما يخص الأجزاء المتنازع عليها، من أجل رفع دعوى أمام الجهات القضائية المختصة، وعند انتهاء هذا الأجل فإن الحدود وبصفة مؤقتة تصبح نهائية ما عدا تلك التي احتوت على غلط مادي معترف به، أو ماعدا حقوق المالك الحقيقي الذي يأتي ويكشف عن نفسه والذي لا تكون لشكواه أي أثر إلا بينه وبين جيرانه المباشرين [35].

المطلب الثالث: آثار المسح، والإشكالات القانونية له

الفرع الأول: آثار المسح
تنتهي مرحلة المسح العقاري بمجرد إيداع وثائق المسح بالمحافظة العقارية، لقيد الحقوق العينية العقارية في السجل العقاري، والمشرع الجزائري منح إمكانية الطعن في نتائج المسح، ولاسيما الترقيم المؤقت، مما رتب عليه حجة نسبية قابلة لإثبات العكس، ويظهر ذلك من خلال ما نصت عليه المادة 16 من المرسوم 76/63 بقولها:" لا يمكن إعادة النظر في الحقوق الناتجة عن الترقيم النهائي الذي تم بموجب المواد 12، 13، 14 من هذا الفصل إلا تغيير الحقوق الناتجة عن ترقيم لا يزال مؤقتا تطبيقا لأحكام المادتين 13و14 فإن هذا الترقيم يحافظ على طابعه المؤقت إلى غاية صدور حكم قضائي".
فيستشف من هذا النص إمكانية مراجعة جميع البيانات المسجلة في السجل العقاري في مجال الحقوق المرقمة، وذلك من طرف المحافظ العقاري، بمناسبة تقديم الأطراف المعنية الدعائم المجدية والمؤيدة لحقوقهم، أو توصُله شخصيا طبقا لما يمنحه القانون من صلاحيات للتحقيق، والفحص والتثبت من صحة الأسانيد، والادعاءات المطروحة أمامه، وذلك خلال مهلة السنتين، وفي حالة فشل المصالحة [36] يستطيع الطرف المعني اللجوء إلى القضاء بموجب دعوى قضائية يرمي من خلالها لتغيير وتعديل الحقوق الناتجة عن الترقيم المؤقت، ويرتب المشرع أثرا في هذه الحالة، ألا وهو بقاء الترقيم مؤقتا، إلى غاية صدور الحكم القضائي النهائي، مما ينتج عدة آثار أهمها بقاء الحقوق العينية العقارية معلقة وغير مستقرة إلى غاية صدور الحكم القضائي، وحتى بعد انتهاء فترة السنتين، أين بموجبها يتحول الترقيم المؤقت إلى نهائي.
وقد أمهل المشرع في هذه الحالة مدة 06 أشهر من أجل رفع الدعوى مما يجعله أجلا مسقطا لرفعها.
وتجدر الإشارة أن الطعن في نتائج الترقيم النهائي تتم مباشرة أمام القضاء، طبقا لما تنص عليه المادة 16 من المرسوم 76/63.
ونخلص إلى القول أن المادة 16 من المرسوم 76/63 قللت من شأن القوة الثبوتية المطابقة للسجل العقاري، حيث خولت الحق للأشخاص المنازعة في الحقوق الناتجة عن الترقيم النهائي، وإعادة النظر في قرارات المحافظ العقاري، دون إمهالهم بأجل مسقط، مما يفتح المجال لرفع الدعاوى للطعن في البيانات المدونة بالسجل العقاري، وحتى بعد صدور الدفتر العقاري وتسليمه، مما يؤثر بصفة سلبية على استقرار نظام الملكية العقارية.

الفرع الثاني: الإشكالات القانونية لعملية المسح
يعد المسح عملية تقنية وميدانية، تتطلب توافر مجهودات جبارة، على العديد من المستويات، المادية والبشرية وحتى القانونية، وتوفير جميع الإمكانيات بالقدر اللازم يشكل حتما عائقا يحول دون إتمام وتعميم عمليات المسح عبر جميع التراب الوطني من جهة، ومن جهة أخرى فإن المساحات الشاسعة للقطر الجزائري وبقاء الملكية مجهولة أو غائبة المالكين، وانتشار التصرفات والعقود العرفية من شأنه خلق مشاكل عويصة تصادف أعوان المسح والدولة لإتمام عملية المسح، وما يهمنا في دراستنا هو التطرق للمشاكل والعوائق القانونية ومن أهمها:
1- بقاء الملكية مجهولة المالك: تعد عقارات مجهولة المالك، الأراضي أو القطع التي يثبت أعوان المسح بعد إجرائهم للتحقيق العقاري ومحاولة معرفة المالكين بأنهم غير معروفين أو مجهولين، ويقيدون ذلك في وثائق يودعونها لدى المحافظة العقارية، أين يقوم المحافظ العقاري بتسجيل العقار مجهول المالك باسم الدولة، ويمنحه ترقيما مؤقتا لمدة سنتين، من أجل تلقي الاعتراضات، والاحتجاجات إن وجدت طبقا للمادة 15 من المرسوم 76/63 السابق الذكر.
فإذا ما قدم للمحافظ العقاري اعتراض يسعى هذا الأخير للبت فيه بالطرق القانونية، وبناءا على ما تم تقديمه له من وثائق ومستندات، وهنا نفرق بين 3 وضعيات [37]:
· الوضعية الأولى: تقديم المعترض لوثائق رسمية: إذا ما قدم المعترض وثائق ذات حجية قانونية كالعقد الرسمي، أو عقد عرفي ثابت التاريخ فإن المحافظ العقاري لا يملك سوى تسجيله باسم مالكه وإعطائه ترقيما نهائيا، فإذا ما تضمن العقد المساحة الإجمالية للعقار المسجل فلا يرتب أي إشكال، إنما يطرح الإشكال في حالة ما إذا قدم المعترض وثائق تغطي جزءا فقط من المساحة المسجلة في الترقيم المؤقت، هنا يجب إعداد محضر معاينة الحدود تحت إشراف مهندس خبير عقاري مع إخطار إدارة المسح بذلك، وبعد إلغاء الترقيم السابق يتولى المحافظ العقاري في كل الأحوال ترقيم القطعة أو العقار، وتسجيله بناءا على محضر المعاينة ووثائق القياس المقدمة من طرف الخبير.
· الوضعية الثانية: افتقاد المعترض لوثائق رسمية: قد يتقدم الشخص باعتراض أمام المحافظ العقاري دون حيازته لوثائق أو سندات رسمية [38]، فلا يكون أمام المحافظ العقاري سوى توجيه الشخص المعترض إلى القضاء بعد تبليغه بقرار رفض الاعتراض، إلا أن هذه الوضعية خلقت عدة إشكالات أمام المحاكم والمجالس القضائية والتي غالبا ما تبقى بدون حلول. وإثر ذلك أصدر المدير العام للأملاك الوطنية مذكرة بتاريخ 04/09/2004 [39] ألزم بموجبها الإدارة المعنية في حالة عدم وجود سند، إجراء تحقيق عقاري معمق للتأكد من توافر عناصر الحيازة على الأقل من يوم شروع فرقة المسح في تحديد مجموعة الملكية المعنية، فإذا ثبت من خلال التحقيق أن الحيازة تعود إلى فترة ما قبل عمليات المسح، يمكن الترقيم العقاري شريطة أن تكون أقوال وتصريحات الحائز مدعمة بشهادة شخصين مصرحة أمام موثق، بالإضافة إلى أنه لا يمكن تسجيل القطعة باسم الحائز إلا بعد مراسلة مصالح أملاك الدولة، وإثباتها لعدم تبعية العقار لأملاك الدولة.
· الوضعية الثالثة: عدم ظهور المجهول: في حالة عدم تسجيل أي اعتراض خلال مدة السنتين من الترقيم المؤقت، فإن المحافظ العقاري يتولى تسجيل العقار باسم الدولة، إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو حالة ظهور معترض بعد مضي المدة، وتسجيل العقار باسم الدولة، وسواءا كان هذا الشخص المعترض يملك سندات رسمية أو عرفية ثابتة التاريخ، فالسؤال المطروح ما هو الحل القانوني لهذه الإشكالية؟، لاسيما وأن النزاع متعلق بين شخص طبيعي من جهة, مالك العقار وهو لا يمكن تجاهله، وبين إدارة أملاك الدولة التي تبقى كذلك مالكة للعقار باسم الدولة. في ظل هذا الإشكال القانوني لا يسعنا إلا الإلحاح على ضرورة تعديل القانون، ولاسيما المرسوم 76/63، أو إصدار قوانين أخرى من شأنها سد هذا الفراغ، والقضاء على هذا الإشكال.

ثانيا: العقود العرفية: يعد انتشار العقود العرفية [40] من أهم المشاكل التي تعترض عملية المسح، خاصة وأن هذه العقود لا تحتوي على إشارات مدققة للمساحات العقارية، وأوصاف العقارات محل التصرف، وعدم ذكر أصل الملكية والحقوق العينية المثقلة بالعقار، وعدم ذكر أسماء المتعاقدين وهويتهم بالطريقة الدقيقة والواضحة، أو أسماء الورثة وهويتهم، كل هذه المعطيات من شأنها أن تشكل نزاعات عقارية عكست نتائجها بعد مرور ثلاث عقود من الزمن، في ظل العقود العرفية ولاسيما في الفترة الممتدة من الاستقلال، والى غاية 1970 تاريخ صدور القانون المتعلق بالتوثيق [41]، وحتى بعد صدور القانون المدني سنة 1975 [42]، والقانون 88/27 المتعلق بالتوثيق، أين أوجب هذا الأخير مبدأ الرسمية في التعاقد ووجوب الشهر العقاري لكافة التصرفات الناقلة للملكية، ورغم كل هذه الثورة التشريعية وتجسيدها من خلال العديد من قرارات المحكمة العليا [43]، إلا أن الأفراد ولعدة اعتبارات لا يزالون يفضلون التعامل بالعقود العرفية، مما نتج عنه ظاهرة الترقيم المؤقت، وما ظهر عنها من نتائج انعكست بصفة سلبية على إتمام إجراءات المسح العقاري في كامل التراب الوطني.

المبحث الثالث: السجل العقاري
إن مسح الأراضي العام، الذي تناولنا دراسته في المبحث الثاني، يعتبر الأساس المادي للسجل العقاري، الذي بدوره يبين الوضعية القانونية للعقارات وتداول الحقوق العينية.
وعند الانتهاء من عملية المسح تقيد الحقوق العينية في السجل العقاري، ويصبح القيد هو المصدر الوحيد لتلك الحقوق وهو يشكل بداية السلسلة في عمليات الانتقال التي تليه.
إن نظام الشهر العقاري العيني الذي يعتمد على السجل العيني والذي يسمى في القانون الجزائري السجل العقاري، له مبادئ وأحكام وإجراءات وهو يرتب آثارا مهمة، ويتمتع بحجية في مواجهة الغير، وهو ما سنقوم بدراسته في هذا المبحث، فندرس ماهية السجل العقاري ( المطلب الأول )، ثم نتناول القيد في السجل العقاري ( المطلب الثاني )، ثم نبين آثار الشهر وحجيته ( المطلب الثالث).

المطلب الأول: ماهية السجل العقاري
نظرا لأهمية دراسة ماهية السجل العقاري، نتطرق إلى تعريفه ( الفرع الأول )، ونبين المبادئ التي يقوم عليها ( الفرع الثاني )، ثم نتطرق إلى مختلف الوثائق وأنواع السجلات التي يتكون منها السجل العقاري ( الفرع الثالث ).

الفرع الأول: تعريف السجل العقاري
لم يعرف المشرع الجزائري السجل العقاري، بل اكتفى ببيان الهدف منه بقوله في نص المادة 03 من الأمر 75/74 " يعد السجل العقاري الوضعية القانونية للعقارات، ويبين تداول الحقوق العينية "، وبين في المادة 12 من نفس الأمر على كيفية مسكه، والتي تكون في كل بلدية على شكل مجموعة البطاقات العقارية التي تكون أساسا للسجل العقاري، ويتمثل الهدف من إنشائها في أنها تمثل النطاق الطبيعي، وكذلك الوضعية القانونية الحالية للعقارات.
إن مجموع البطاقات العقارية التي تكون السجل العقاري، تتكون من المخططات التي تظهر النطاق الطبيعي للعقارات، ومن بطاقات العقارات التي تبين الوضعية القانونية للأملاك.
وعرف المشرع المصري السجل العقاري الذي يعرف بالسجل العيني أيضا بقوله " هو مجموعة من الصحائف التي تبين أوصاف كل عقار وتبين حالته القانونية، وينص على الحقوق المترتبة له وعليه، وتبين المعاملات والتعديلات المتعلقة به " [44].

الفرع الثاني: مبادئ السجل العقاري
يرتكز نظام السجل العقاري أو نظام السجل العيني، على مجموعة مبادئ أساسية ينبغي مراعاتها عند القيد في هذا السجل وتتمثل في:
أولا: مبدأ التخصيص: طبقا لهذا المبدأ فإنه يخصص لكل عقار، والذي يسمى وحدة عقارية صفحة أو عدة صفحات من البطاقات العقارية، تدون فيها جميع التصرفات الواردة على هذا العقار، بالإضافة إلى رقمه، وحدوده ومساحته ...الخ، كما تدون فيه جميع التغيرات التي قد تطرأ عليه، والتي تكون موضوع بطاقة عقارية جديدة.
واستمد نظام الشهر أو السجل العيني، تسميته انطلاقا من مبدأ التخصيص، الذي كما أسلفنا يتطلب تخصيص صفحة عينية لكل وحدة عقارية.
ثانيا: مبدأ الشرعية: يتحقق هذا المبدأ، وفقا للصلاحيات الممنوحة للمحافظ العقاري، والذي يتعين عليه القيام بدراسة قانونية دقيقة لفحص وتقدير كل التصرفات العقارية المراد شهرها، وهذا للتأكد من خلوها من العيوب، دون أن تتعدى سلطته تعديل السند أو إلغائه، بل تقتصر مهامه في رفض شهر السند في حالة كون هذا السند مخالفا للنظام العام، أو وجد نقص في إحدى البيانات المطلوبة قانونا، وذلك بالإطلاع على كافة الوثائق المتعلقة بتحديد هوية الأشخاص وأهليتهم، والتأكد من خلو إرادتهم من العيوب والعوارض التي قد تشوبها.
ثالثا: مبدأ القوة الثبوتية: نظرا للرقابة السابقة التي يفرضها هذا النظام على التصرفات والحقوق العقارية، قبل قيدها في هذا السجل، وباعتباره مرآة عاكسة للوضعية الطبيعية والقانونية للعقارات، فإن السجل العيني يعد الوسيلة الوحيدة للاحتجاج بالحق في مواجهة الكافة على الرغم مما قد يشوب التصرف من عيوب، فهو يتمتع بقرينة قاطعة لإثبات الملكية، وهو يطهر أي-القيد- التصرف من العيوب السابقة عليه ويمنح الحق قوة مطلقة تستند إلى فكرة القرينة القاطعة، حيث يعد ما قُيَد في السجل سليما، وخاليا من كل العيوب، مما يمنح ضمانة للغير حسن النية في التعامل.
وبموجب هذا المبدأ فإنه يحتج على الغير بأي حق عقاري، مقيد في السجل العقاري(العيني)، ولا يمكن الاحتجاج على الغير بأي حق غير مقيد فيه [45].
كما أن السجل العيني يتميز من منطلق هذا المبدأ، أنه لا يمكن الطعن في الحق المشهر بدعوى البطلان أو الاسترداد، أو الاستحقاق، ولا يمكن الرجوع في الحقوق العينية العقارية المقيدة في السجل العيني كقاعدة عامة مطلقا ولو عن طريق القضاء.
غير أن جل التشريعات تورد لهذا المبدأ استثناءات لمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العقاري (العيني)، ومبنى هذه الاستثناءات هو تحقيق الثقة العامة التي تتمثل في تدعيم الائتمان العقاري، وتسهل تداول العقارات بالتوفيق بين المصلحة العامة وما تقتضيه من الاعتداد بكل ما هو مدون بالسجل، وعدم الاعتداد بما هو غير مثبت بالسجل وبين مصلحة صاحب الحق الحقيقي، فإذا قيد حق عيني بدون وجه حق، فلا يمكن أن يحتج بقيد الغير سيء النية الذي كان يعلم ببطلان القيد، أما إذا كان الغير حسن النية فيجب تعويض صاحب الحق بتخويله دعوى تعويض ضد المتسبب في الإضرار به. ذلك أنه إذا كان سند الملكية يعتبر عنوانا للحقيقة ومن يستند إليه يصبح في مأمن من كل دعوى منظورة، فإن هناك أشخاصا يمكن أن يضاروا بحقوقهم من جراء إعمال هذا المبدأ، فهم ضحايا قاعدة القوة المطلقة في السجل العيني والأثر التطهيري له، وهم لن يجدوا -ضحايا هذا المبدأ- أمامهم سوى الاحتماء بالقاعدة العامة التي لن تخولهم أكثر من الحق في التعويض، وهذا التعويض يمكن الحصول عليه إما من الدولة التي تعتبر مسؤولة عن أخطاء موظفيها وإما من أطراف الغش والتدليس إذا كان فوات حقوقهم يرجع إلى شيء من ذلك أو الرجوع بدعوى الإثراء بلا سبب [46].
رابعا: مبدأ القيد المطلق: لا تكتسب الملكية وفق هذا النظام وطبقا لهذا المبدأ ولا سائر الحقوق العينية الواردة على عقارات إلا بالقيد، سواءا كانت حقوق أصلية أو تبعية، وأيا كان سبب اكتسابها، وبدون هذا القيد فلا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم [47]. فلا يحتج بهذه الحقوق غير المقيدة، وتكون للحقوق المقيدة حجية مطلقة في مواجهة الكافة.
ويستثنى من ذلك حالات انتقال الحقوق العينية العقارية عن طريق الوفاة، أين يكون لها الأثر الرجعي وهو استثناء تقتضيه الضرورة [48].
أما المشرع الجزائري، فقد تبنى هذا الموقف بأن جعل انتقال الملكية متوقفا على إجراءات الشهر، طبقا المواد 165 و793 من القانون المدني، وجعل القيد والشهر الوسيلة الوحيدة للاحتجاج بالحقوق العينية وبعض الحقوق الشخصية، سواءا بين أطراف العقد أو في مواجهة الغير طبقا للمواد 15، 16 و17 من الأمر 75/74 .
خامسا: مبدأ الأثر الإضافي للقيد: هذا المبدأ مكمل لمبدأ القيد المطلق، ومفاده ألا يتم قيد الحقوق العقارية في السجل العقاري إلا إذا سبقها قيد مسبق، وهو ما نصت عليه المادة 88 من المرسوم 76/63، فالمحافظ العقاري لا يمكن له القيام بشهر أية وثيقة ناقلة للملكية العقارية ما لم يكن لها أصل ثابت في مجموعة البطاقات العقارية تثبت حق المتصرف الأخير في العقار، بحيث تنتقل الملكية العقارية بطريقة واضحة لا لبس فيها، يمكن من خلالها معرفة جميع الملاك السابقين الذين تداولوا على الملكية، وهذا من شأنه الحيلولة دون وقوع تصرفات مزدوجة على ذات العقار [49].
ولهذا المبدأ استثناءات نتناولها في حينها.
سادسا: مبدأ عدم سريان التقادم على الحقوق المشهرة: ونقصد به التقادم المكسب، وهو يعتبر من وسائل وأسباب كسب الملكية وبعض الحقوق العينية الأخرى، وهو وسيلة بمقتضاها تخول للحائز الذي استمرت حيازته لحق معين مدة معينة أن يتمسك بهذا الحق، وتعتبره الدولة التي تأخذ بنظام الشهر الشخصي سببا من أسباب كسب الملكية.
أما الدول التي تأخذ بنظام الشهر العيني فإن موقفها كأصل عام هو الحظر، ذلك أن القيد في السجلات العقارية، له قوة مطلقة بمعنى أن كل تصرف قانوني يرد في صفحات السجل العقاري، يعد عنوانا للحقيقة، وله حجية على الكافة فلا يعتبر مالكا للعقار غير الشخص المقيد باعتباره مالكا، لأن القيد هو سند الملكية، فلا تنشأ الحقوق ولا تزول إلا بالقيد، والتقادم المكسب يخالف هذا المبدأ.
كما يمكن القول أن المشرع الجزائري إذ سمح بالتقادم من خلال فترة ما قبل القيد لا يعد استثناءا على مبدأ الحظر، فهذه الفترة تتعلق بالقيد الأول، وقيد الحقوق لأول مرة في السجل العقاري، أو مجموعة البطاقات العقارية يمكن أن يستند إلى التقادم.
وانقسم الرأي والقضاء معا عندنا فيما يخص هذه النقطة، وهو ما نتطرق إليه بمناسبة التطرق إلى عقد الشهرة الوارد بالمرسوم 83/352 المؤرخ في 01/05/1983.

الفرع الثالث: الهيئة المكلفة بمسك السجل العقاري: هي المحافظة العقارية(أولا)، ويسيرها ويشرف عليها المحافظ العقاري(ثانيا).

أولا: المحافظة العقارية: تنص المادة 20 من الأمر 75/74 على إحداث محافظات عقارية.
1- تعريفها: هي هيئة إدارية عمومية تزاول مهامها تحت وصاية وزير المالية، وأحدثتها إضافة إلى المادة 20 من الأمر 75/74 المادة الأولى من المرسوم 76/63 بقولها تحدث لدى المديرية الفرعية للولاية لشؤون أملاك الدولة والشؤون العقارية، محافظة عقارية يسيرها محافظ عقاري ".
وأصبحت منذ صدور المرسوم 95/55 المحدد تنظيم الإدارة المركزية في وزارة المالية تحت وصاية وزير المالية.
حيث أن وزارة المالية أصبحت تضم المديرية العامة للأملاك الوطنية، التي بدورها تتكون من مديريتين، الأولى هي مديرية الأملاك الوطنية والعقارية، التي تضم في إحدى مديرياتها الفرعية، المديرية الفرعية للحفظ العقاري وسجل مسح الأراضي.
وطبقا للمرسوم 91/65 المؤرخ في 02/03/1991 المتعلق بتنظيم المصالح الخارجية لأملاك الدولة والحفظ العقاري، فإن المحافظات العقارية تعتبر هيئات إدارية تابعة للمديرية العامة للأملاك الوطنية، وتتضمن هذه المديرية على مستوى كل ولاية مديرية أملاك الدولة مديرية للحفظ العقاري، وعلى المستوى البلدي تتضمن المديرية العامة للأملاك الوطنية، مفتشية لأملاك الدولة، وإدارة للحفظ العقاري.
وعلى المستوى الولائي، فإن مديرية الحفظ العقاري تتكون من مصلحة عمليات الإشهار العقاري، ومصلحة التنسيق والمراقبة.
وتتكون مصلحة عمليات الإشهار العقاري من مكتب مراقبة عمليات الشهر العقاري والمنازعات والوثائق، مكتب تكوين الدفتر العقاري والتوافق مع مسح الأراضي.
وتحدد أقسام المحافظة العقارية " يتكون الحفظ العقاري تحت سلط المحافظ العقاري من: قسم الإيداعات وعمليات المحاسبة، قسم قيد السجل العقاري والبحوث وتسليم المعلومات، قسم تسجيل العقارات المحددة ضمن مسح الأراضي [50].
2- مهامها: طبقا لنص المادة 02 من المرسوم 76/63 فإن الدور الرئيسي للمحافظات العقارية هو التحديد والعمل على معرفة طرق الملكية والحقوق العينية الأخرى الموجودة على عقارات عن طريق الإشهار العقاري.

ثانيا: المحافظ العقاري: هو الموظف المكلف بتسيير المحافظة العقارية ويمسك السجل العقاري، وحددت المادة 03 من المرسوم 76/63 مهامه. وتتمثل مهام المحافظ العقاري فيما يلي:
1- إعداد ومسك مجموعة البطاقات العقارية كاملة.
2- إعطاء الإجراءات اللازمة لطلبات الإشهار للعقود المتضمنة الملكيات العقارية والحقوق العينية الأخرى.
3- فحص العقود.
4- كتابة البيانات على السجلات العقارية الخاصة بالحقوق العينية، والتكاليف العقارية المؤسسة على العقارات الخاضعة للإشهار وجميع الشكليات اللاحقة لهذا الإشهار.
5- المحافظة على العقود والمخططات وجميع الوثائق المتعلقة بالعقارات الخاصة بالإشهار.
6- إعطاء المعلومات إلى الجمهور والتي تكون موجودة في العقارات المذكورة.
7- كما يتحقق من هوية وأهلية الأطراف الموجودين على وسائل الإثبات وكذلك يتحقق من صحة الأوراق المطلوبة من أجل الإشهار.

الفرع الرابع: مشتملات السجل العقاري
ونقصد بها مكونات السجل العقاري، حيث بيَن المشرع أن السجل العقاري، يمسك على شكل مجموعة البطاقات العقارية، التي تمثل النطاق الطبيعي وكذلك الوضعية الحالية للعقارات، وهي تتضمن من جهة المخططات التي تظهر النطاق الطبيعي للعقارات، ومن جهة أخرى بطاقات العقارات التي تبين الوضعية القانونية لهذه الأملاك. ونتناول سجل البطاقات العقارية (أولا)،سجل الإيداع(ثانيا)، السجل الشخصي(ثالثا)، وثائق المسح(رابعا)، السندات الثبوتية(خامسا).
أولا: سجل البطاقات العقارية: وهو الوثيقة الأساسية في السجل العقاري، ويتكون من صفحات توصف بأنها عينية، حيث يكون موضوع هذه الصفحات العقارات نفسها، بأن تكون لكل عقار صفحة خاصة به، ويتكون سجل البطاقات العقارية من صفحات تحوي كل منها البيانات الكاملة عن كافة الحقوق العينية من حيث طبيعتها ومدتها، وكذلك أسماء الأشخاص الذين يستعملون هذه الحقوق، فمثلا إذا كان شخص واحد يملك عدة وحدات عقارية فإنه يفتح في السجل، صفحة أو بطاقة خاصة بكل وحدة من هذه الوحدات. والبيانات التي يجب أن تتضمنها البطاقة العقارية على نوعين:
النوع الأول: الحالة الوصفية للعقار [51]: وهي تمثل البيانات الخاصة بحالة وصف العقار، بحيث يجب أن تكتب بالنسبة لكل عقار حالته الوصفية، كما هو مبين بالمواد 24 و29 و30 من المرسوم 76/63 فيدرج في المكان المخصص لذلك من البطاقة العقارية، رقم العقار، وتاريخ إنشائه ومكان ومركز العقار، مع وصف تفصيلي له، ويجب أيضا أن يشمل وصف العقار بيان موقعه وحدوده مع الإشارة إلى الخريطة المساحية، وتكوين العقار، ومساحته والمنشآت والمزروعات القائمة عليه، وبيان حقوق الارتفاق الايجابية والسلبية المتعلقة بالعقار.
النوع الثاني: الحالة القانونية للعقار: تنص المادة 03 من الأمر 75/74 على ما يلي " يعد السجل العقاري الوضعية القانونية للعقارات، ويبين تداول الحقوق العينية ".
فالبطاقة العقارية، حسب المرسوم 76/63 [52] عبر الجداول التي تتضمنها يجب أن تبين الحقوق العينية والأصلية، والحقوق العينية التبعية،الواردة على العقار ابتداءا بحق الملكية عبر الجداول تباعا والحقوق المشتركة، والارتفاقات الايجابية والسلبية، الامتيازات والرهون وكذلك التعديلات والتشطيبات المتعلقة بهذه الحقوق، كما يتم قيد جميع التصرفات والوقائع القانونية ومصادر الحقوق بأنواعها.
كما يتم تحديد الهوية تحديدا دقيقا سواء تعلق الأمر بشخص طبيعي أو شخص معنوي، وكما هو مبين من خلال نص المادة 65 من المرسوم.
تنص المادة 20 من المرسوم 76/63 أن البطاقات العقارية، تكون إما بطاقات ريفية وهي بطاقات قطع الأراضي، وإما بطاقات حضرية وهي بطاقات العقارات الحضرية.

معيار التفرقة بين العقار الريفي والعقار الحضري: نصت المادة 21 من المرسوم 76/63 على المعيار الذي يتم على أساسه التمييز بين العقار الريفي والعقار الحضري، وهو معيار عدد السكان، فيعتبر عقارا حضريا العقار المبني أو غير المبني الموجود على الطرقات المرقمة بصفة نظامية للجهات السكنية التابعة للبلديات التي يزيد عدد سكانها عن 2000 نسمة، ويتم التعرف على هذه العقارات في الجداول أو المستخرجات أو النسخ، أو الصور المودعة عن طريق الإشارة إلى الشارع والرقم، أما جميع العقارات الأخرى فهي عقارات ريفية.
1- البطاقات الريفية بطاقات قطع الأراضي ): وهي تنشأ بمناسبة إيداع وثائق المسح الريفي، وتتم بمجرد الانتهاء من عملية فرز وترتيب الوثائق، وإلحاقها بالملف ( ملفات القطع الممسوحة ) في انتظار معالجتها، ويقوم بهذه المهمة قسم قيد السجل العقاري والبحوث وتسليم المعلومات [53].
ونص عليها المشرع في المادة 23 من المرسوم، وتنشأ مقابل كل وحدة عقارية موجودة في مسح الأراضي العام المنجز.
أ‌- تعريف الوحدة العقارية: هي مجموع القطع المجاورة التي تشكل ملكية واحدة، أو ملكية على الشيوع والمثقلة بنفس الحقوق والأعباء.
ب‌- بياناتها: حددت المادة 24 من المرسوم، علاوة البيانات التي يذكرها المحافظ، المتمثلة في اسم البلدية، التي يقع فيها العقار وبيان مسح الأراضي، يذكر في الجداول الخمسة جميع المعلومات التي تحدد النطاق الطبيعي والقانوني لهذا العقار، وفق قرار وزير المالية الصادر بتاريخ 27/05/1976 المتعلق بالبطاقات العقارية المستعملة من طرف المحافظ العقاري.
حيث تنص المادة الأولى منه على:" توضع بطاقة قطع الأراضي المنصوص عليها في المادة 23 من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 في مطبوع مطابق للنموذج الملحق بأصل هذا القرار ".
ج- كيفية ترتيبها: تنص المادة 26 من نفس المرسوم، على أن ترتيب بطاقات العقارات الحضرية في كل محافظة عقارية يكون بتجميع البطاقات أولا حسب البلدية، ثم يتم التجميع على أساس الترتيب الأبجدي لأسماء الأقسام وفي داخل كل قسم حسب الترتيب التصاعدي لأرقام مخطط مسح الأراضي.
2- البطاقات الحضرية ( بطاقة العقارات الحضرية ): وهي بطاقة عقارية تحدث لكل عقار حضري، ولكل جزء من عقار حضري، وتعد بطاقة ال عقار الحضري حتى في حالة عدم وجود مسح للأراضي، وفي هذه الحالة يعين العقار بالاستناد إلى البلدية التي يقع فيها وعلى اسم الشارع والرقم.
وبطاقة العقارات الحضرية على نوعين:
أ‌- البطاقة العامة للعقار: ونصت عليها المادة 28 من المرسوم 76/63، وهي تنشأ عندما يكون العقار مبني ويشمل أو لا يشمل على أجزاء مشتركة ومخصصة للاستعمال الجماعي، والتي يؤشر عليها عند الاقتضاء التجزئة أو التقسيم المخصص للعقار، ويعني بذلك كافة البيانات والإجراءات والتصرفات على مجموع أجزاء العقار، وحدد شكله القرار الوزاري الصادر عن وزير المالية بتاريخ 27/05/1976.
ب‌- البطاقة الخاصة للملكية المشتركة: وتنشأ في حالة ما إذا كان العقار موضوع نظام خاص بالملكية المشتركة، وتحدث عند التخصيص الأول الفعلي لكل قطعة ولكل جزء مقسم، هذه البطاقة تكتب عليها جميع التأشيرات التي تهم الجزء المعني، أي أنها تشمل كل جزء منقسم من العقار الكلي أو الجماعي المملوك بهذه الصفة، وحدد القرار الوزاري شكل هذه البطاقة بالاستناد إلى الجداول المبينة في المادة 30 من المرسوم 76/63.
ويتم ترتيب هذه البطاقات طبقا للبطاقات العامة، وحسب الترتيب العددي للقطع وترتب البطاقات العامة في كل محافظة ضمن مجموعة متميزة حسب كل بلدية، وبالنسبة لكل بلدية حسب الشوارع والأرقام، وعند الاقتضاء في البلديات التي يوجد بها مسح الأراضي حسب القسم ورقم مخطط مسح الأراضي.
أما العقارات التي لم يشملها المسح العام للأراضي بعد، توضع لها بطاقات عقارية مؤقتة تفهرس على الشكل الأبجدي للأشخاص، ويستغنى عنها لمجرد القيام بالمسح العقاري وهو ما نصت عليه المادة 113 والمادة 115 من المرسوم 76/63.
وكل تغيير أو طارئ على الحدود في الوحدة العقارية يؤدي إلى إعداد بطاقة جديدة مطابقة للوحدات العقارية الجديدة بعد ترقيمها، ويؤشر على البطاقة القديمة والجديدة بعبارة تكون كمرجع فيما بينها، وهذا طبقا للمادة 25 والمادة 31 من المرسوم 76/63 .
ثانيا: سجل الإيداع: تنص المادة 41 من المرسوم 76/63 " ينبغي على المحافظ أن يكون لديه سجل للإيداع يسجل فيه يوما بيوم، وحسب الترتيب العددي، تسليمات العقود والقرارات القضائية وبصفة عامة جداول الوثائق المودعة قصد تنفيذ إجراء خاص بالإشهار ".
ولهذا السجل أهمية بالغة، نظرا للآثار المترتبة عن التسجيل فيه، فبواسطة هذا السجل يتم تعيين الأسبقية في القيود، ويقوم المحافظ العقاري بتسلم العقود والقرارات وجميع المحررات المؤيدة للحقوق المراد إشهارها، وحسب الفقرة الثانية يسلم المحافظ إلى الملتمس وصلا أسماه المشرع سندا يشار في مراجع سجل الإيداع، وبعد إتمام الإجراءات يقوم الملتمس أو طالب القيد برد سند الإيداع ويتم تجميعها مع بعضها حسب ترتيب الأرقام.
يتم تأشير الإيداع في السجل على الفور من دون ترك بياض أو كتابة بين الأسطر، وبدون شطب أو إضافة أو ترك فراغ، وكان على المشرع أن يوضح أكثر دقة، فيما يخص التأشير على الفور، باستعمال نص يكون فيه التأشير مبينا فيه فضلا عن تاريخ الإيداع، ساعة الإيداع بالضبط نظرا لما لهذه النقطة من أهمية بالغة في الحياة العملية عند حالة التزاحم.
يتم إقفال هذا السجل كل يوم من طرف المحافظ العقاري، وهذا السجل يتم ترقيمه وتوقيعه من طرف قاضي المحكمة التابع إليها اختصاص المحافظة العقارية وتودع في نهاية كل سنة نسخ من سجلات الإيداع المقفلة أثناء السنة المنصرمة لدى أمانة ضبط المجلس القضائي المختص إقليميا وهذا طبقا لنص المادة 43 من المرسوم 76/63 .

ثالثا: السجل الشخصي: ونصت عليه المادة 44 من المرسوم 76/63 " ... فإن المحافظ العقاري يمسك مجموعة بطاقات حسب الترتيب الأبجدي لأصحاب الحقوق التي تم إشهارها وتشمل كل بطاقة على الخصوص تعيين أصحاب الحقوق المذكورين وكذلك بالنسبة للأشخاص الطبيعيين شروطهم الشخصية والمراجع الخاصة ببطاقات العقارات ".
إذن هو سجل شخصي ينظم بترتيب الحروف الهجائية، ويفرد فيه لكل مالك بطاقة خاصة يبين فيها الوحدات العقارية التي يملكها داخل حدود محافظة عقارية واحدة، وتدون بيانات هذا الفهرس من واقع البيانات المثبتة في السجل العقاري، ولهذا السجل فائدة تتمثل في إمكانية معرفة الحالة العقارية للمالك في منطقة واحدة، وهذا بالإطلاع على البطاقات العقارية المختلفة التي يملكها هذا الشخص في منطقة واحدة. واثبات الحق في الفهرس الهجائي لا يعتبر شهرا للحق، ولا تكون له أية قيمة إذا كان الحق لم يثبت في سجل البطاقات العقارية [54].

رابعا: وثائق مسح الأراضي: وهي الوثائق التي نصت عليها المادة 8 من الأمر 75/74 وهي:
- جدول للأقسام وسجل لقطع الأرض التي ترتب عليها العقارات حسب الترتيب الطبوغرافي.
- دفتر مسح الأراضي الذي تسجل فيه العقارات المتجمعة من قبل كل مالك أو مشتغل حسب الترتيب الأبجدي لهؤلاء.
- مخططات مسح الأراضي.
خامسا: السندات الثبوتية: وهي جميع المستندات التي تم اجراء القيد في السجل العقاري بناءا عليها، سواء كانت مستندات القيد الأول أو مستندات القيود اللاحقة، كالتصرفات الناقلة للملكية والمنشئة للحقوق العينية الأخرى، عقود الرهن، والأحكام الصادرة بصحة التعاقد.

المطلب الثاني: القيد في السجل العقاري

قبل التطرق إلى موضوع القيد في السجل العقاري، لابد من التطرق إلى شروط القيد في السجل العقاري ( الفرع الأول )، وكذلك معرفة بأن القيد يكون بالقيد الأول عند الانتهاء من المسح العقاري وإنشاء مجموعة البطاقات العقارية، وإجراءاته ( الفرع الثاني )، ثم نتطرق إلى القيد اللاحق أو ما يسمى الشهر وإلى إجراءاته( الفرع الثالث ).

الفرع الأول: شروط القيد في السجل العقاري
طبقا لمبدأ الشرعية الذي يتميز به نظام السجل العيني، فالمحافظ قبل أن يقوم بعملية الشهر أو القيد عليه القيام بفحص الوثائق والمستندات المراد شهرها بدقة كبيرة، و ي تأكد من توفر شرطين أساسيين وهما مراعاة مبدأ الرسمية(أولا)، ومبدأ الشهر المسبق(ثانيا).

أولا: قاعدة الرسمية: كقاعدة عامة، فإن العقود تكون رضائية، غير أنه يرد استثناء على هذه القاعدة أي شرط الشكلية في العقود، عندما تكون هذه الأخيرة ركنا لانعقاده، كعقد البيع العقاري، والرهون الرسمية ...، والتي اشترط المشرع إفراغها في القالب الرسمي، والشكلي، والذي يقصد به تحرير العقود في شكل عقد رسمي أمام الموثق، طبقا لما نصت عليه المادة 324 مكرر1 من القانون المدني.
ونصت المادة 61 من المرسوم 76/63 على ما يلي " كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم في شكل رسمي ". وعرفت المادة 324 من القانون المدني معنى العقد الرسمي بقولها " العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف عام أو ضابط عمومي، أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن ...".
وهدف المشرع من تقرير مبدأ الرسمية على العقود والوثائق واجبة الإشهار، هو التأكيد على منع الشك والريبة في بيانات البطاقات العقارية.
ثانيا: قاعدة الشهر المسبق ( مبدأ الأثر الإضافي ): تطبيقا لأهم أهداف نظام الشهر العيني والمتمثلة في تأمين الاستقرار للتصرفات العقارية، وضمان استمرارية نقل الملكية، اشترط المشرع الجزائري من أجل شهر السندات لدى المحافظة العقارية، قاعدة الشهر المسبق ولقد نص عليها في المادة 88 من المرسوم 76/63، وأورد استثناء على هذه القاعدة، وعليه سنتعرض أولا لمفهوم هذه القاعدة، ثم للاستثناءات الواردة عليها في نقطة ثانية.
1- مفهوم قاعدة الشهر المسبق: تنص المادة 88 من المرسوم 76/63 المذكور أعلاه بأنه:" لا يمكن القيام بأي إجراء للإشهار في المحافظة العقارية في حالة عدم وجود إشهار مسبق أو مقارن للعقد أو القرار القضائي أو لشهادة الانتقال عن طريق الوفاة يثبت حق التصرف أو صاحب الحق الأخير، وذلك مع مراعاة أحكام المادة 88 أدناه ...، فيفهم من ذلك أنه لا يمكن للمحافظ العقاري شهر أية وثيقة، أو سند، أو تصرف من شأنه نقل الملكية العقارية، ما لم يكن الحق المراد نقله قد أخضع لشهر مسبق في مجموعة البطاقات العقارية، يثبت من خلاله جميع التصرفات الواردة على العقار، وكذا معرفة جميع الملاك السابقين المتداولين على الملكية، وذلك يحقق الطمأنينة وعدم الحيلولة في المعاملات العقارية، وطبقا لذلك فقد خولت المادة 101 من نفس المرسوم للمحافظ العقاري الحق في مراقبة كل الوثائق المودعة لديه، كما أن له كامل الصلاحيات في رفض الإيداع في حالة غياب أحد الإجراءات، ولاسيما مبدأ الشهر المسبق.
2- الاستثناءات الواردة على قاعدة الشهر المسبق: تجد هذه الاستثناءات أساسها في ظل المادة 89 من المرسوم 76/63 المعدلة والمت مم ة، بالإضافة إلى مختلف القوانين والتشريعات العقارية نتطرق إليها في حينها.
فبالرجوع إلى المادة 89 المعدلة والمت مم ة بالمرسوم التنفيذي رقم 93/123 المؤرخ في 19/05/1993 نجدها تنص على أنه:
" تستثنى القاعدة المدرجة في الفقرة الأولى من المادة 88 أعلاه:
- عند الإجراء الأولي الخاص بشهر الحقوق العقارية في السجل العقاري والذي يتم تطبيقا للمواد من 08 إلى 18 من هذا المرسوم.
- عندما يكون حق المتصرف أو صاحب الحق الأخير ناتجا عن سند اكتسب تاريخا ثابتا قبل أول يناير 1971 ".
وعليه فإنه طبقا لهذه المادة، فإنه يرد استثنائين على مبدأ الشهر المسبق:
1- الإجراء الأول عند عملية المسح العقاري: والتي تحيل المادة إلى المواد من 8 إلى 18 من المرسوم 76/63 [55]، والمتعلقة بإيداع وثائق مسح الأراضي العام على مستوى المحافظة العقارية بعد الانتهاء من عملية المسح، مقابل محضر تسليم من طرف المحافظ العقاري، فالإجراء الأولي الرامي إلى إيداع وثائق العقارات الممسوحة، ليست بحاجة إلى إشهار مسبق من أجل تسجيله بالمحافظة العقارية.
2- العقود العرفية التي اكتسبت تاريخا ثابتا قبل أول يناير 1971: وعليه فإن هذه العقود اكتسبت صيغتها الرسمية دون اللجوء إلى الجهات القضائية، فيكفي اللجوء إلى الموثق لتحرير عقد إيداع يتم شهره في المحافظة العقارية، ويذكر فيه التعيين الدقيق للعقار والمتعاقدين والشهود، ولا يخضع لقاعدة الأثر الإضافي للشهر [56].
إلى جانب ما تضمنته أحكام المادة 89 المشار أعلاه، تضمنت مختلف التشريعات العقارية، موادا تستثني منها تطبيق قاعدة الأثر الإضافي عند عملية الشهر العقاري، ونذكرها فيما يلي:
1- عقد الشهرة: المستحدث بموجب المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 الذي يسن إجراءات إثبات التقادم المكسب عن طريق عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملكية، وذلك في حالة عدم وجود منازع للحائز وكانت المنطقة المراد اكتساب العقار المحاز فيها غير ممسوحة [57]، فبعد تحرير العقد التوثيقي، يقوم المحافظ العقاري بتسجيله في مجموعة البطاقات العقارية كأول إجراء للشهر العقاري، مما يشكل بطبعه استثناء على قاعدة الشهر المسبق.
2- شهادة الحيازة: استحدث المشرع هذه الشهادة بموجب قانون التوجيه العقاري 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 في المواد 39 وما بعدها، كما حدد المرسوم التنفيذي 91/254 المؤرخ في 27/07/1991 كيفية إعدادها وتسليمها [58]، وباعتبار أن تسليم هذه الشهادة جاءت كمرحلة انتقالية لتسوية الوضعية القانونية للعقارات، والتي يفتقر أصحابها إلى سندات في انتظار إتمام عملية المسح العقاري، فإن هذا السند الإداري يعفى من قاعدة الأثر الإضافي للشهر.
3- عقود الاستصلاح: لقد تم التنصيص عليها بموجب أحكام القانون رقم 83/18 المؤرخ في 18/08/1983 المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية، والمرسوم التنفيذي رقم 92/289 المؤرخ في 06/07/1992 المحدد لشروط التنازل عن الأراضي الصحراوية في المساحات الاستصلاحية [59]، أين يتم تحرير عقد إداري يتم شهره لدى المحافظة العقارية، ويعتبر الشهر العقاري في هذه الحالة أول إجراء يتم على الأراضي المستصلحة محل البيع الإداري، مما يجعله إجراء أوليا يعفى من قاعدة الأثر الإضافي للشهر.
4- وثيقة الاشهاد المكتوب لإثبات الملك الوقفي: تطبيقا لأحكام المادة 08 من القانون 91/10 المتضمن قانون الأوقاف، صدر المرسوم رقم 2000/336 في 26/10/2000 المتضمن إحداث وثيقة الاشهاد المكتوب لإثبات الملك الوقفي وشروطه وكيفيات إصدارها وتسليمها، وتحتوي هذه الوثيقة التي تخضع لعملية الشهر العقاري على جملة من البيانات، ويتطلب استصدارها جملة من الإجراءات، سوف يتم التعرض إليها لاحقا [60]، ومن ثم فإن شهر وثيقة الاشهاد المكتوب لإثبات الملك الوقفي تعد هي الأخرى كإجراء أولي يعفى من مبدأ الأثر الإضافي للشهر.

الفرع الثاني: إجراءات القيد الأول

القيد الأول هو إثبات البيانات الخاصة بكل وحدة عقارية، في بطاقة عقارية خاصة من السجل العقاري، فالقيد يعتبر بمثابة تسجيل ميلاد الوحدات العقارية في نظام السجل العيني ( العقاري ) لتبدأ حياتها القانونية.
والغرض من القيد هو تخليص الملكية من أسباب الانتزاع الخفية ( التي تهددها في الوضع الحالي )، بحيث تكون التصرفات التي تتم على أساس هذا القيد الأول بمنأى عن أي طعن [61].
حيث أنه بعد أن تقوم مصلحة المسح العقاري بإجراء التحقيقات العقارية اللازمة، وإعداد وثائق المسح، وتمكين الأشخاص من إبداء اعتراضاتهم ودراستها، تقوم بإيداع وثائق المسح لدى المحافظ العقاري، ومن ثم تبدأ إجراءات القيد الأول وهو ما نتناوله:
أولا: إيداع وثائق مسح الأراضي، وتسلم محضر الإيداع: بعد إتمام عملية مسح الأراضي على مستوى البلدية، يتم إيداع وثائق المسح لدى المحافظة العقارية بهدف تحديد حقوق الملكية والحقوق العينية الأخرى، حيث يعاين المحافظ العقاري ويفحص الوثائق المساحية ويسعى إلى المطابقة بين النطاق الطبيعي وهو الذي يشكل الكيان العقاري على مستوى البلدية، والنطاق القانوني وهو الذي يشكل الكيان الحقوقي لها. والإيداع إجراء قانوني تقوم به مصلحة المسح العقاري، عند الانتهاء من مسح الأراضي لكل قسم أو مجموعة أقسام البلدية، وهو ما نصت عليه المادة 08 من المرسوم 76/63 المعدل بالمرسوم 93/123 المؤرخ في 19/05/1993، وتنص المادة 09 من المرسوم 76/62 على أن إثبات عملية الإيداع يكون عن طريق محضر تسليم يحرره المحافظ العقاري، ويصرح فيه بتعيين تاريخ الإيداع، كما يحدد أقسام واسم البلدية والأماكن التي تم مسحها، وهنا لا بد على المحافظ أن يعين بدقة تاريخ الإيداع، نظرا لأهميته الكبيرة، حيث أن الترقيمات العقارية تصبح نافذة ابتداءا من يوم الإمضاء على محضر تسليم وثائق مسح الأراضي.

ثانيا: إشهار محضر تسليم وثائق المسح: يجب أن يكون محضر تسليم وثائق المسح موضوع إشهار واسع بكل الوسائل المسندة، سواء عن طريق الصحافة اليومية الوطنية، وعن طريق اللصق في لوحة الإعلانات في مقر المحافظة العقارية وفي مقر البلدية، وفي المقرات السكنية التي توجد فيها العقارات [62].
يتم هذا الإشهار في أجل أقصاه 08 أيام ابتداء من تاريخ إيداع وثائق المسح بالمحافظة العقارية. ويستمر هذا الإيداع لمدة 04 أشهر كاملة، وهذا حتى يتمكن المالكون وأصحاب الحقوق العينية العقارية من الحضور إلى المحافظة العقارية، لتسليمهم حسب الحالة الدفتر العقاري، وشهادة الترقيم العقاري المؤقتة، وكذلك من إثارة الاحتجاجات من كل من له مصلحة [63].
بالإضافة إلى الوثائق التي تودعها لجنة المسح بالمحافظة العقارية، فإن المالك أو الحائز يجب عليه أن يودع لدى المحافظة العقارية جدولا تسلمه له إدارة المحافظة العقارية، ويكون هذا الجدول محررا على نسختين حسب الحالة إما من موثق أو من محرر العقود الإدارية، أو من كاتب الضبط، ويجب أن يتضمن على وصف العقارات العينية بالاستناد إلى مخطط مسح الأراضي، وعلى هوية وأهلية أصحاب الحقوق، وعلى الأعباء المثقلة بها هذه العقارات، سواء كانت امتيازات أو رهون على العقارات، مع ذكر ذوي الحقوق والعقود والأعمال المؤسسة لهذه الحقوق وهذا ما نصت عليه المادة 13 من الأمر 75/74 والمادة 10 من المرسوم 76/63.

ثالثا: ترقيم العقارات الممسوحة في السجل العقاري
عند تسلم المحافظ العقاري لوثائق المسح، يقوم فورا بعملية ترقيم العقارات الممسوحة في السجل العقاري بالمحافظة العقارية.
وعليه فالطبيعة القانونية للعقارات لا تكون مستقرة، لأن التحويلات العقارية يمكنها أن تحدث قبل الشروع في الترقيم في السجل العقاري.
فالمحافظ العقاري عليه القيام بعملية ترقيم العقارات بمجرد استلامه وثائق المسح.
وهنا نلاحظ أن المشرع قد أعطى تاريخ الإمضاء على محضر تسليم وثائق المسح أهمية كبيرة، إذ ربط بداية عملية الترقيم إلى تاريخ هذا الإمضاء، وهو ما نص عليه في المادة 11 من المرسوم 76/63 " يعتبر الترقيم قد تمَ من يوم الإمضاء على محضر تسليم وثائق مسح الأراضي ...".
إن نوعية الترقيم تختلف باختلاف الوثائق المثبتة للحقوق المراد تسجيلها، وبالاعتماد على وثائق المسح كما نصت عليه المادة 11 من المرسوم 76/63 بقولها:" ... ويتم تعيين الحقوق المتعلقة بالعقارات موضوع الترقيم على أساس وثائق مسح الأراضي، حسب القواعد المنصوص عليها في التشريع المعمول به في مجال الملكية العقارية ".
ويتم الترقيم العقاري على أساس معلومات مدرجة في البطاقة العقارية نموذج T10 ، بحيث تعد هذه الوثيقة لتحتوي على كل المعلومات الضرورية لتحديد الطبيعة القانونية للعقار المعني، والمعلومات المحتواة في السجل العقاري، ويمكن أن ينتج عن دراسة هذه الوثيقة الحالات العقارية التالية:
- إما عقار بسند. وإما عقار دون سند لكنه محل الحيازة، تمكن المالك الظاهر من خلال مدتها أن يكتسب حق الملكية بالتقادم المكسب. وإما عقار دون سند ولا يوجد أي عنصر يسمح للمحافظ العقاري من تحديد وجود حقوق عينية لصالح المالك الظاهر، وإما عقارات تم التحقيق في طبيعتها ولم تكن موضوع مطالبة من أي شخص كان.
بناءا على هذه الحالات التي تتم دراستها من خلال وثائق المسح والوثائق الأخرى، تتم عملية الترقيم، وهي إما يكون الترقيم النهائي، وإما الترقيم المؤقت لمدة أربعة أشهر، وإما الترقيم المؤقت لمدة سنتين.
1- الترقيم النهائي: ونصت عليه المادة 12 من المرسوم 76/63، ويكون الترقيم نهائيا في حالة ما إذا توفر لدى المحافظ العقاري بعد فحص الوثائق المودعة لديه بالنسبة للعقارات التي يملك أصحابها سندات أو عقودا أو أي وثائق أخرى، بشرط أن تكون مقبولة قانونا، لإثبات حق الملكية، وهذا السند القانوني يجب ألا يترك مجالا للشك في ملكية العقار المحقق فيه.
والسندات المقبولة في هذا النوع من الترقيمات، هي السندات الرسمية وغير الرسمية، والتي لا تترك مجالا للشك حول ملكية الشخص الظاهر لوثائق المسح للقطعة المعنية، والتي تعكس الوضعية الحقيقية للعقارات.
فالترقيم النهائي مرتبط بنوع السند المقدم وحجيته ومطابقته للتشريع المعمول به لإثبات حق الملكية، إذ يجب أن تكون مستندات الملكية المقدمة قانونية.كما يقوم المحافظ بنقل قيود الامتيازات والرهون وحقوق التخصيص غير المشطب عليها والتي لم تنقض مدة صلاحيتها، وهذا النقل يكون إجباريا وتلقائيا.
في حالة الترقيم النهائي، يسلم دفتر عقاري للملاك المعترف بهم، سواء كانوا أشخاصا طبيعية أو أشخاصا معنوية عمومية ( الدولة، الولاية، البلدية، أو المؤسسات العمومية ) [64].
وفي حالة الشياع يعد دفتر واحد يُحتفظ به في المحافظة العقارية، أو إذا اتفق الملاك في الشياع فيما بينهم وعينوا وكيلا من بين المالكين لحيازة هذا الدفتر، ويشار على البطاقة المطابقة إلى الجهة التي آل إليها الدفتر العقاري [65].
2- الترقيم المؤقت لمدة أربعة أشهر: ونصت عليه المادة 13 من المرسوم 76/63، ويكون الترقيم مؤقتا لمدة 04 أشهر، في حالة ما إذا تبين للمحافظ العقاري من خلال وثائق المسح والمعلومات المستقاة منه أن الملاك الظاهرين للعقار تتوفر فيهم الشروط التالية:
- عدم توفرهم على سندات ملكية قانونية.
- توفر شروط الحيازة طبقا للقانون المدني ( هادئة، علانية، مستمرة ).
- أن لا تقل مدة الحيازة عن 15 سنة من تاريخ بداية الحيازة إلى تاريخ الإمضاء على محضر استلام وثائق المسح.
- يبدأ سريان مدة الترقيم المؤقت لمدة 04 أشهر، من يوم الإمضاء على محضر تسليم وثائق المسح.
- بعد مرور مدة 04 أشهر، ينقلب الترقيم المؤقت إلى ترقيم نهائي، بشرط ألا يكون المحافظ العقاري قد تلقى اعتراضات تتعلق بحق الملكية في هذه المدة أو إذا سجلت هذه الاعتراضات أو تم رفضها.
3- الترقيم المؤقت لمدة سنتين: ونصت عليه المادة 14 من المرسوم 76/63، ويكون الترقيم المؤقت لمدة سنتين في حالة غياب سند كافي، وعندما لا تكون عناصر التحقيق كافية لتحديد الطبيعة القانونية من طرف المحافظ العقاري.
يبدأ سريان مدة الترقيم المؤقت لمدة سنتين من تاريخ الإمضاء على محضر تسليم وثائق المسح.
بعد هذه المدة يصبح الترقيم لمدة سنتين إلى ترقيم نهائي، ويمكن الإنقاص من هذه المدة عند ظهور وقائع قانونية تسمح للمحافظ العقاري من التثبت بصفة مؤكدة من الحقوق العينية الواجب شهرها في السجل العقاري.
أما الترقيم المؤقت لمدة سنتين باسم الدولة، وفي حالة عدم مطالبة ملكية العقار الممسوح، يتم الترقيم المؤقت لفائدة الدولة لمدة سنتين وينتهي بالترقيم لفائدتها [66].
وخلال مدة الترقيم المؤقت لا يمكن للمحافظ العقاري أن يمنح الدفتر العقاري للمعنيين، كونه يعد سند ملكية لا يسلم إلا للشخص الذي اعترف بأحقيته في الملكية، غير أن وقائع قانونية قد تظهر أثناء مدة الترقيم، ولا تدع مجالا للشك في ملكية الشخص المعني في العقار، وفي هذه الحالة فإن المحافظ العقاري ملزم دون الانتظار بتنفيذ الترقيم النهائي للعقار المعني وتسليم الدفتر العقاري للمالك المعترف به.

رابعا: تقديم الاعتراضات والاحتجاجات وإجراء المصالحة
1- تقديم الاعتراضات والاحتجاجات: خلال فترة الترقيم المؤقت، سواء كان لمدة 04 أشهر أو لسنتين، يتعين على الأطراف المعنية تقديم اعتراضاتهم خلال المدة المحددة بأربعة أشهر أو بسنتين، وهذا للاستفادة من الإجراءات السريعة في النظر في الاعتراض أو الاحتجاج.
فعلى كل شخص يدعي حيازة حقوق عينية على العقارات الممسوحة، يجب أن يتبع الإجراءات المحددة في المادة 15 من المرسوم 76/63 وهي:
- أن يقوم بتقديم اعتراض كتابي.
- تبليغ الاعتراض أو الاحتجاج إلى المحافظ العقاري بموجب رسالة موصى عليها.
- قيد الاعتراض أو الاحتجاج في سجل يفتح لدى المحافظة العقارية.
وهنا يجب على المحافظ العقاري مراعاة آجال قبول الاعتراضات وأن يوليها أهمية بالغة، لما يترتب عليها من آثار.
فقد تثار هذه الاعتراضات داخل الآجال القانونية، فللمحافظ العقاري سلطة مصالحة الأطراف المتنازعة، وقد تثار هذه الاعتراضات خارج الآجال القانونية، حيث أن الترقيم المؤقت يكون قد أصبح نهائيا، فالأطراف لا يملكون إلا التوجه إلى القضاء.
أ‌- محاولة الصلح: بموجب الفقرة 2 من المادة 15 من المرسوم 76/63 يمكن للمحافظ العقاري اجراء محاولة صلح بين الأطراف فتكون المصالحة ناجحة، وقد يختلفون وبالتالي تكون المصالحة فاشلة.
· محاولة الصلح الناجحة: في الحالة التي يتفق الأطراف على أن الوقائع المثارة تعكس فعلا الوضعية القانونية للعقارات المعنية بالترقيم، فإن تراضيهم واتفاقاتهم المدرجة في المحضر تصبح لها قوة الإلزام الخاص، على أن يكون الإشهار في السجل العقاري للعناصر المستخلصة أثناء الإجراء خالية من أي عيب. وعندما تكون نتيجة المصالحة موضوع تغيير للعناصر المحتواة في وثائق المسح، على المحافظ العقاري تبليغ نسخة من محضر المصالحة إلى مصالح المسح العقاري.
· محاولة الصلح الفاشلة: إذا كانت نتيجة محاولة الصلح التي قام بها المحافظ العقاري بين الأطراف عديمة الجدوى، فإنه يقوم بتحرير محضر عدم المصالحة، ويقوم بتبليغه إلى الأطراف.
ب- تقديم الاعتراض أمام المحكمة: تنص المادة 15 من المرسوم 76/63 في فقرتيها الرابعة والخامسة، على أن الشخص المدعي بالاعتراض أو الاحتجاج طبقا لنص المادة 15/1 يمكنه خلال مدة 6 أشهر يبدأ سريانها من تاريخ تبليغ محضر عدم المصالحة الذي يحرره المحافظ العقاري بمناسبة إجراء الصلح، أن يرفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة إقليميا، وترفض الدعوى شكلا إذا قدمت خارج الآجال المحددة بـ 06 أشهر.
يجب على المدعي شهر عريضته في المحافظة العقارية وهذا طبقا لنص المادة 15/5 من المرسوم 76/63، وتتم وفق نص المادة 85 منه.
ويجب أن تبلغ الدعوى القضائية في هذه الحالة إلى المحافظ العقاري في هذه المدة أي 06 أشهر، وهنا يقوم المحافظ العقاري إلزاميا بالمحافظة على الطابع المؤقت للترقيم الذي قام به وفقا للمادتين 13 و14، أي الترقيم المؤقت لمدة 04 أشهر ولمدة سنتين إلى غاية صدور حكم قضائي.
ويترتب على عدم تلقي المحافظ العقاري لأي تبليغ لعريضة رفع دعوى قضائية خلال مدة ستة أشهر مواصلة ترقيم العقار في السجل العقاري.
هذا فيما يخص المنازعة في الترقيم المؤقت، فالأجل المقدر بـ 06 أشهر الممنوحة للشخص يعتبر أجلا مسقطا لحقه إذا فاته، فحقه في رفع الدعوى يسقط إن لم يباشره خلال هذه المدة.
غير أن المادة 16 من نفس المرسوم، مكنت الأشخاص من المنازعة في الترقيم النهائي المقرر بموجب المواد 12،13 و14، ولم تربط ذلك بأجل معين. وهو ما يفسر على أنه طعن وتقليل من شأن القوة الثبوتية المطلقة بالسجل العقاري، وما لهذا الأمر من تأثير سلبي على استقرار نظام الملكية العقارية التي يهدف نظام السجل العيني إلى حمايتها.
إن إعادة النظر في الحقوق الناتجة عن الترقيم النهائي لا تكون إلا بموجب أحكام القضاء.

خامسا: تسليم الدفتر العقاري: نصت المادة 18 من الأمر 75/74، على أنه " يسلم للمالك العقار بمناسبة إجراء القيد الأول دفتر عقاري تنسخ فيه البيانات الموجودة في مجموعة البطاقات العقارية".
ويشكل الدفتر العقاري سند الملكية [67]، حيث تسجل فيه جميع الحقوق الموجودة على عقار ما، عند القيام بعملية الإشهار في السجل العقاري.
وحدد قرار وزير المالية شكله والنموذج الذي ينبغي إتباعه، حيث يعد ويؤشر عليه بكيفية واضحة ومقروءة بالحبر الأسود الذي لا يمحى، والبياض يشطب عليه بخط والجداول مرقمة وموقعة.
ويسلم الدفتر العقاري إلى المالك الذي كان حقه قائما عند إنشاء بطاقة عقارية مطابقة، ومن المعلوم أن المالك السابق يقوم بإيداع دفتره العقاري عندما ينقل ملكيته إلى شخص آخر، وعندما لا تكون الحاجة في هذه الحالة إلى إنشاء بطاقة جديدة فإنه يقوم بإتلاف الدفتر القديم، مع الإشارة إلى عملية الإتلاف في البطاقة المطابقة للدفتر الجديد.
وإذا كان الشخصان يملكان حقوقا على الشيوع، يقوم المحافظ العقاري بإعداد دفتر عقاري واحد، ويقوم بإيداعه لدى المحافظة العقارية، وفي الحالة التي يقوم فيها أحد المالكين على الشيوع بتعيين وكيل عليهم لحيازة هذا الدفتر، يقوم المحافظ بتسليم الدفتر له بناءا على هذه الوكالة، ويشير في البطاقة العقارية لهذا الدفتر.

الفرع الثالث: إجراءات الشهر
ويتعلق الأمر بجميع الحقوق والتصرفات والسندات التي أوجب المشرع قيدها وشهرها في مجموعة البطاقات العقارية بالمحافظة العقارية، سواءا تعلق الأمر بالتعاملات الواردة على الحقوق العينية أو الشخصية، أو بالأحكام والقرارات الإدارية، وتمر عملية الشهر بجملة من الإجراءات، نحاول تبيانها من خلال ما يأتي.
أولا: الايداع: الايداع هو اجراء قانوني أولي ووجوبي في كل عملية إشهار، ويتم الايداع للوثائق والمحررات الواجبة الشهر بالمحافظة العقارية على مستوى قسم الايداع وعمليات المحاسبة [68]. ونصت على الايداع المادة 92 من المرسوم 76/63 بقولها " رغم جميع الأحكام الخاصة المخالفة فإن الإشهار المطلوب بمقتضى المادة 88 يستوجب لزوم الايداع في آن واحد بالمحافظة العقارية لصورتين رسميتين أو نسخ للعقد أو للقرار القضائي الذي ينبغي إشهاره ".
1/ الأشخاص الملزمون بالإيداع: ألزم المشرع كل من الموثقين وكتاب الضبط والسلطات الإدارية أي الموظفين الإداريين، أو الأشخاص المكلفين بخدمة عامة وكل شخص أناط به المشرع تحرير عقد رسمي بمفهوم المادة 324 من القانون، ألزمهم إيداع الوثائق التي يحررونها بالمحافظة العقارية لإشهارها طبقا لنص المادة 90 من المرسوم 76/63، وبكيفية مستقلة على إرادة الأطراف. ويمكن أن يتم الايداع من طرف أحد المساعدين التابعين لهم يعين بوثيقة رسمية [69].
2/ محل الايداع وكيفيته:
أ/ محل الايداع: حسب مفهوم المادة 88 و92 من المرسوم، فإن الوثائق التي تكون محل إيداع بالمحافظة العقارية من طرف الأشخاص المؤهلين لذلك هي العقود الرسمية المحررة من طرف الموثقين، الأحكام والقرارات والأوامر القضائية واجبة الشهر، والشهادات التوثيقية، والعقود والقرارات الإدارية الخاضعة للشهر.
ب/ كيفيته: عند القيام بإجراء الايداع، أوجب المشرع وبصفة إلزامية، أن يتم في آن واحد لدى المحافظة العقارية لصورتين رسميتين للعقد أو القرار القضائي الذي ينبغي إشهاره حسب نص المادة 92 من المرسوم 76/63، يقوم المحافظ العقاري بعدها بالتأشير على النسختين المودعتين، نسخة يرجعها إلى الشخص المودع، وهذا لإثبات انقضاء إجراء الايداع ونسخة يحتفظ بها في المحافظة العقارية وترتب ضمن وثائق العقار بعد أن يؤشر عليها، ويجب أن تحمل تأشيرة التصديق على الهوية، وعند الاقتضاء على الشرط الشخصي للأطراف. وهناك وثائق يتوجب إرفاقها مع الوثيقة المودعة أوردتها المادة 100، تحت طائلة رفض إيداعها ما لم ترفق هذه الوثائق مع الوثائق عند الايداع.
ج-إيداع الرهون والامتيازات: تنص المادة 92/4 من المرسوم 76/63 " وكل عقد للرهن يجب أن يشمل على البيانات المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من (1 إلى 5 ) من المادة 93 وذلك تحت طائلة رفض الايداع ".
وفي هذه الحالة يمكن أن يطلب عند تقديم الأصل أو صورة رسمية لحكم أو لعقد ينشئ امتيازا أو رهنا، إما تسجيلات الرهون العقارية، إما تسجيلات الامتيازات أو الرهون القانونية.
ومن أجل الحصول على تسجيل الامتيازات أو الرهون، يقوم الدائن سواء شخصيا أو بواسطة الغير بإيداع جدولين موقعين ومصدقين ومصححين بكل دقة، ويكون أحد الجدولين محررا لزوما على استمارة تقدمها الإدارة.
وتودع هذه الجداول في قسم الايداع بالمحافظة العقارية، ويحتوي كل من الجدولين:
- تعيين الدائن والمدين تعيينا دقيقا طبقا للمواد من 61 إلى 65 .
- اختيار الموطن من قبل الدائن في أي مكان من نطاق اختصاص المجلس القضائي لموقع الأملاك.
- ذكر التاريخ ونوع السند وسبب الدين المضمون بواسطة الامتياز أو الرهن.
- ذكر رأسمال الدين ولواحقه والفترة العادية لوجوب آدائه، وفي جميع الحالات أو الفرضيات فإنه يجب على الطالب أن يقيد الريوع والخدمات والحقوق غير المحددة أو المحتملة أو المشروطة.
- تعيين كل العقارات التي طلب التسجيل من أجلها وذلك طبقا للمادة 66.
- يقوم المحافظ بإرجاع أحد الجدولين بعد التأشير عليه لإثبات تنفيذ الإجراء.
والجدول الآخر يجب أن يحمل تأشيرة التصديق على هوية الأطراف، ويحتفظ به في المحافظة العقارية ويرتب ضمن الوثائق طبقا لنص المادة 93 من المرسوم 76/63.

د- آجال الايداع: حددت المادة 99 من المرسوم 76/63 آجال إيداع العقود المحررة من طرف الأشخاص المؤهلين والملزمين بالإيداع. وعدلت هذه المادة بالمادة 10 من قانون المالية 2004 المادة 353/4 " يدفع المحررون الذين لم يودعوا في الآجال العقود المحررة من طرفهم أو بمساعدتهم والخاضعة لدفع الرسم المذكور في المادة 353/2 أعلاه، شخصيا غرامة يحدد مبلغها بألف دينار (1000 دج).
وتحدد آجال إتمام الإجراء كما يلي:
1- بالنسبة لشهادات النقل بعد الوفاة، ثلاثة أشهر ابتداءا من تاريخ تحرير العقد، يمدد هذا الأجل إلى (05 ) خمسة أشهر إذا كان أحد المعنيين مقيما بالخارج.
يمكن أن تقوم المسؤولية المدنية للمالكين الجدد للحقوق العينية إذا طلب من المحرر بعد ( 06 ) أشهر من الوفاة.
2- بالنسبة للأحكام القضائية ثلاثة (03) أشهر من اليوم الذي أصبحت فيه نهائية.
3- بالنسبة للعقود الأخرى والوثائق، ثلاثة (03 ) أشهر من تاريخها.
في حالة وجوب القيام بالإشهار في محافظتين عقاريتين أو أكثر، تمدد الآجال المذكورة أعلاه إلى خمسة عشر (15) يوما كاملة بالنسبة لكل محافظة عقارية فضلا عن الأولى".
بالنسبة لأوامر نزع الملكية يحدد أجل 8 أيام من تاريخها. المادة 99/2 من المرسوم 76/63.

3- حالات رفض الإيداع: من بين المهام التي خولها المشرع إلى المحافظ العقاري، هي سلطة التحقق والتدقيق في هوية الأطراف وأهليتهم، وكذلك صحة الوثائق المطلوب إشهارها، ولكن هناك حالات حددها القانون يجب على المحافظ القيام برفض الايداع، ونصت عليها المادة 100 من المرسوم 76/63:
- عدم تقديم الدفتر العقاري، وهو ما نصت عليه المادة 50 من نفس المرسوم.
- عدم تقديم إما مستخرج مسح الأراضي، وعند تغير حدود الملكية، عدم تقديم وثائق القياس، أو إغفال ذكر أحد العقارات في المستخرج أو عند تقديم مستخرج يرجع تاريخه إلى أكثر من 06 أشهر.
- عدم احترام المواد من 62 إلى 65 والمادتين 102 و105 عند التصديق على هوية الأطراف، وعند الاقتضاء الشرط الشخصي.
- إذا كان تعيين العقارات لا يستجيب إلى المادة 66 .
- إذا لم تقدم الوثائق الواجب تسليمها إلى المحافظ العقاري، أو لم تقدم الإثبات المطلوب.
- إذا لم تحرر الجداول الواجب تقديمها على محرر أو استمارة مقدمة من طرف الإدارة على كل حال إذا كانت الجداول غير مستوفية للبيانات المطلوبة.
- في حالة عدم استيفاء البيان الوصفي للتقسيم، شرطه طبقا لأحكام المواد من 67 إلى 71.
- عندما تظهر الصور الرسمية أو النسخ المودعة قصد الإجراء بأن العقد الذي قدم إلى الإشهار غير صحيح من حيث الشكل، أو عندما لا تتوفر في هذه الصور أو النسخ على شروطها الشكلية.

ثانيا: إجراء الشهر: بعد تأكد المحافظ العقاري من توفر جميع الوثائق القانونية التي يشترط القانون إيداعها من أجل اجراء الإشهار، ينتقل إلى عملية الفحص والتدقيق كمرحلة أولى تسبق التأشير بالحق المراد شهره في المحافظة العقارية.
يقوم المحافظ بالتحقيق في هوية الأطراف بدقة كبيرة، والتحقق من المصادقة على الشرط الشخصي وعلى الوثائق المرفقة به. ويقوم بالتحقق من أن البطاقة غير مؤشر عليها بأي سبب يقيد حرية التصرف في الحق من قبل صاحبه الأخير، والتأكد من سبب ومحل وموضوع العقد المطلوب للإشهار إن كان مخالفا للنظام العام والآداب العامة أم لا.
وعندما يجد المحافظ العقاري أي نقص فإنه يمتنع عن التأشير في البطاقة العقارية، ويبلغ ذوي الشأن ضمن أجل (15) خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ الايداع بضرورة التصحيح أو اكمال الوثائق الناقصة في الملف، ويتم التبليغ إما مباشرة أو عن طريق رسالة مضمنة الوصول، ويكون على المعنيين تداول النقص في أجل (15 ) خمسة عشر يوما ابتداء من تاريخ التبليغ، فإذا قام ذوو الشأن من تصحيح واكمال النقص أشَر المحافظ الحق بأثر رجعي يعود إلى تاريخ الايداع حسب المادة 107/5 من المرسوم 76/63.
إذا كان مقدم طلب الشهر لم يقم خلال مدة 15 يوما ابتداء من تاريخ التبليغ باصلاح السهو أو النقص، أو إيداع الوثائق التعديلية، وقبل انقضاء هذا الأجل قام هذا الشخص بإخبار المحافظ برفضه أو بعدم قدرته على القيام بالتزاماته، فإن الإجراء يرفض مع التحفظات، وتكتب عبارة الرفض من قبل المحافظ تجاه تسجيل الايداع، في العمود المخصص للملاحظات، وإن اقتضى الأمر في البطاقة العقارية والدفتر العقاري.
يقوم المحافظ العقاري بتبليغ قرار الرفض خلال ثمانية (08) أيام من انقضاء الأجل ( 15 يوما من تاريخ التبليغ ).
يتم التأشير على البطاقة العقارية، ويجب أن يتم بطريقة مقروءة وواضحة ومختصرة وبالحبر الأسود الذي لا يمحى، أما التجديد فيكون بالحبر الأحمر الذي لا يمحى.

حالات رفض اجراء الشهر: نصت المادة 101 من المرسوم 76/63، على الحالات التي توجب رفض اجراء الإشهار، وهذا بعد أن يكون قد قام بالإيداع وسجله بسجل الإيداع، وتتمثل هذه الحالات في:
- إذا كانت الوثائق المودعة والأوراق المرفقة بها غير متوافقة.
- إذا كان مرجع الإجراء الخاص بتسجيل الرهون والامتيازات حسب نص المادة 95/1 غير صحيح.
- عندما لا يتوافق تعيين الأطراف وتعيين العقارات أو الشرط الشخصي كما هو محدد بالمادة 65 مع البيانات المذكورة في البطاقة العقارية.
- عندما تكون صفة المتصرف أو صفة الحائز الأخير للشخص المذكور كما هي موجودة في الوثائق المودعة متناقضة مع البيانات الموجودة في البطاقة العقارية.
- أو عندما يكشف التحقيق الذي يقوم به المحافظ العقاري عند طلب الإجراء، أن الحق غير قابل للتصرف.
- عندما يكون العقد المقدم مخالفا للنظام العام والآداب العامة.
- إذا ظهر وقت التأشير على الإجراء بأن الايداع كان من الواجب رفضه.
ملاحظة: ميز المشرع بين الإيداع وإجراء الإشهار، فايداع الوثائق بسجل الايداع والمحاسبة لا يعني بأنها وثائق مشهرة، فإجراء الإشهار هو عملية لاحقة لإجراء الايداع، وإجراء الإشهار هو الذي تترتب عليه الآثار القانونية للشهر، وعند التأشير بالبطاقة العقارية، فإن اجراء الإشهار يتم بأثر رجعي إلى تاريخ الإيداع، طبقا للمادة 107/5 من المرسوم 76/63.

ثالثا: قرارات المحافظ العقاري برفض الايداع وإجراء الإشهار
1- تبليغها: يقوم المحافظ العقاري وجوبا بتبيلغ قرارات رفض الايداع أو رفض اجراء الإشهار، إلى الموقع على شهادة الهوية، المنصوص عليها بالمادة 62 وما بعدها.
ويجب على المحافظ العقاري تسبيب قرار الرفض.
ويتم تبليغ هذا القرار حسب التمييز المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 107 إما مباشرة وإما بواسطة رسالة موصى عليها مع طلب إشعار بالاستلام موجه إلى الموطن المشار إليه في الوثيقة محل النزاع.
2- الطعن فيها: بما أن المحافظ العقاري موظف إداري، فإن جهة الطعن في هذه القرارات، هي جهات القضاء الإداري [70]، وتكون حسب نص المادة 24 من الأمر 75/74 " قرارات المحافظ العقاري قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة اقليميا ".
وحددت الفقرة الأخيرة من المادة 110 من المرسوم 76/63 " إن تاريخ الإشعار بالاستلام أو تاريخ رفض الرسالة الموصى عليها ... يحدد النقطة لانطلاق أجل الشهرين الذي يمكن أن يقدم خلاله الطعن المنصوص عليه في المادة 24 من الأمر 75/74 ".

المطلب الثالث: آثار الشهر وحجيته
نتطرق في هذا المطلب إلى بيان آثار الشهر التي يرتبها ( الفرع الأول )، والى الحجية التي يتمتع بها الشهر ( الفرع الثاني ).

الفرع الأول: آثار الشهر: ونتناول فيه مدى اعتبار أن الشهر أو القيد هو المنشئ للحق العيني، وما هو دور التصرف ( أولا )، ثم نتناول أثر التصرفات غير المشهرة ( ثانيا ).
أولا: الشهر مصدر الحق العيني: لقد أثارت هذه المسألة الكثير من اختلاف الآراء في الجزائر، فكان الاختلاف منصبا حول مدى اعتبار الشهر لوحده هو مصدر الحق العيني دون التصرف الذي أنشأه، أم أنه إضافة إلى التصرف فإن الشهر هو الذي ينشىء الحق العقاري، وبالتالي فهل يعتبر القيد في التشريع الجزائري مطلقا أم نسبيا؟.
باستقراء نصوص القانون المدني المتعلقة بانتقال الحقوق العينية، وكذلك مواد الأمر 75/74 لا نجد أن المشرع قد نص على اعتبار أن الشهر هو مصدر الحق العيني، ولكن المشرع رتب آثارا على عدم شهر التصرف الوارد على الحق العيني، ويتمثل في أنه لا يرتب أي أثر بين طرفيه أو بالنسبة إلى الغير، وهذا مع افتراض قيام التصرف صحيحا. ولا نجد أي نص قانوني على اعتبار أن القيد يعد ركنا في العقد، وإلا فإن المشرع كان سيرتب البطلان على تخلف الشهر على غرار ما فعل مع ركن الرسمية في العقود الواردة على الحقوق العينية طبقا لنص المادة 324 مكرر1.
فجميع نصوص الأمر 75/74 ، والمراسيم التطبيقية له، 76/62، 76/63 ، والمواد 164 و165 و792 و793 من القانون المدني، لا تنص على أن إجراء الشهر بالمحافظة العقارية يعد ركنا في التصرف العقاري ويترتب البطلان على تخلفه، ولو كان الأمر كذلك لكان المشرع أوجب إجراء التصرفات العقارية أمام المحافظ العقاري، حيث يتم الشهر في المحافظة العقارية، وأن العقد لا يقوم كاملا وصحيحا ومستوفيا لأركانه إلا بعد الشهر وليس قبل ذلك.
إذن فالمشرع لا يعتبر الشهر ركنا في العقد، وإنما يعد إجراءا علق المشرع عليه ترتب الأثر العيني للتصرف [71]، وهو ما سار عليه قضاء المحكمة العليا في القرار رقم 47668 المؤرخ في 12/10/1990 المنشور في المجلة القضائية لسنة 1992 عدد 1، ص86 " وإن عملية الشهر العقاري هي وحدها التي تستطيع نقل الملكية طبقا لمقتضيات المادة 793 من القانون المدني ".
وما يؤكد هذا الرأي، أن المشرع الجزائري لم يتبن مبدأ القيد المطلق للشهر، وما يترتب عليه من أثر تطهيري، بل تبنى مبدأ القيد النسبي بالرغم من اعتباره أن الدفتر العقاري سندا قطعيا للملكية، ومع ذلك منح امكانية الطعن في الحقوق العقارية المشهرة، وهذا ما يستشف من المواد 16 و85 و86 و87 من المرسوم 76/63، وبالتالي يمكن القول أن المشرع لم يمنح للقيد الأثر المطلق، حيث أنه في حالة القيد المطلق، يصبح القيد وحده مصدر الحق العيني ويقوم بتطهير التصرف المعيب وحتى ولو كان باطلا [72]. وعلى العكس من ذلك ف إن القول بأن السجل العيني يطهر التصرف يؤدي إلى اعتبار السجل العيني مصدرا للحق، ولا يحتج بعد ذلك ببطلان أو قابلية للإبطال.
ويتساءل البعض هل جوهر نظام السجل العيني هو الأثر التطهيري، وأنه بانتهاء عملية مسح الأراضي العام يصبح ما هو مشهر نهائيا وقطعيا لا يجوز الطعن فيه، فهو سند الملكية ولا يجوز إثبات خلافه؟ أم استقرار المعاملات وحجية الشهر بالنسبة للغير؟
ويرى أصحاب هذا الرأي أن الأهمية تكمن في استقرار المعاملات والثقة في البيانات الواردة في السجل العيني، وهذا ما يتطلب حماية الغير الذي استند إلى السجل العيني.
فالسجل العيني يخلق ظاهرا يحمي منه الغير، الذي اعتمد عليه وليس صاحب الحق الظاهر وبالتالي لا تأخذ غالبية الدول التي تعتمد عليه بالأثر التطهيري بصفة مطلقة بل تدخل عليه استثناءات إلى جانب تقبلها الطعن في التصرفات اللاحقة للقيد الأول [73].

ثانيا: أثر التصرفات العقارية غير المشهرة: يجب أن نطرح التساؤل التالي، هل الشهر وحده الذي ينشئ الحق العيني، وأن التصرف كمصدر للحق ليست له أية أهمية؟، وهل يمكن للشهر أن يطهر التصرف من جميع العيوب؟، وهل يعد المصدر الوحيد للحق العيني مجردا عن سببه، أم تظل للعقد أو السند المنشئ للحق أهمية في ظل هذا النظام، بحيث لا يمكن أن ينشأ الحق العيني أو ينتقل إلا بناءا على تصرف صحيح استوفى جميع شروطه، كما أن للتصرف الصحيح الذي ينشئ التزاما بنقل أو ترتيب حق عيني أهمية من الناحية العملية ولو أن الحق لا ينشأ إلا بالشهر؟ [74].
طبقا للقانون المدني فيما يخص توفر أركان العقد، وتوفر ركن الرسمية طبقا للمادة 324 مكرر1 منه، فإنه بمجرد توفر هذه الأركان يرتب العقد جملة من الآثار، ويرتبها جميعا ما عدا نقل الملكية إلى المتصرف إليه أو الحق العيني، إذا لم يكن قد تم الشهر [75]، ففي عقد البيع الرسمي غير المشهر نجده يرتب آثاره جميعا، من تسليم المبيع، وضمان التعرض، الشخصي ومن الغير، سواء المادي أو القانوني، وضمان الاستحقاق، كما يبقى البيع غير المشهر محتفظا بوصفه [76]، وكذلك حق المشتري في الثمار من يوم انعقاد البيع طبقا لنص المادة 389 من القانون المدني.
وحسب المادة 361 من القانون المدني فإن البائع يلتزم بأن يقوم بما هو لازم لنقل الحق المبيع إلى المشتري وأن يمتنع عن كل عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق عسيرا أو مستحيلا.
وما نصت عليه المادة 167 " الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم ".
ولو كان الشهر ركنا فيه، فإن الالتزام يترتب منذ انعقاد العقد، وهذه الآثار كلها ترتبت قبل الشهر، وهو ما يمنح صاحب الحق إمكانية إجبار المتصرف من تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا، طبقا للمادة164 من القانون المدني.

الفرع الثاني: حجية الشهر العقاري
يقصد بحجية الشهر مدى قوة هذا الشهر أو القيد في إثبات الحقوق المقيدة ، فقد يكون القيد حجة في مواجهة الكافة إلى حين ورود قيد جديد يليه لتصرف جديد ، أو إبطالا لتصرف مقيد أو يوجب القانون قيده. فالهدف الأساسي من السجل العقاري العيني، وما يترتب عليه من أثر منشئ، هو إعلام الغير بكل حق عقاري مما يؤدي إلى استقرار المعاملات ضمن الائتمان العقاري، وهدف القيد أيضا هو إعلام الغير بالتصرفات الجارية على العقار حتى يكون هذا الغير مطلعا بصفة جلية بالحالة القانونية للعقار، سواء من حيث الشخص المقيد على اسمه أو الارتفاقات الايجابية أو السلبية التي عليه.
لهذا فالمشرع وعلى غرار كثير من التشريعات جعل القيد الأول والتصرفات بين الأشخاص قابلة للطعن، وبالتالي فلا يعد القيد هو مصدر الحق، بل لا بد أن يستند إلى تصرف صحيح، ويمكن الطعن فيه بين المتعاقدين، أما إذا اكتسب الأشخاص حقوقا استنادا إلى السجل العيني فهم يعتبرون وفقا للسجل العقاري من الغير بالنسبة للتصرف، فالهدف الأساسي من السجل العقاري هو الحجية المطلقة في مواجهة الغير، فالذي يتلقى حقا معتمدا على السجل العقاري يكون في مأمن من الاعتراضات التي توجه للسلف [77].
والأصل أن السجل العقاري (العيني) يتمتع بالقوة المطلقة، التي تستند إلى مبدأ أساسي وهو الأثر المطهر للشهر الذي بموجبه تنتقل الحقوق بعد الشهر حتى ولو كانت التصرفات التي أثبتتها باطلة، ويستند هذا المبدأ إلى مبدأ أخر هو مبدأ الشرعية.
فالوجه الايجابي للسجل العيني يتمثل في أن كل ما هو مقيد في السجل العيني يعتبر موجودا وصحيحا بالنسبة للغير الذي اكتسب حقا استنادا إلى ذلك، فالمفروض ألا يتأثر الغير بالبطلان، أو إلغاء، أو فسخ سند السلف. كما يجب أن يتلقى الحق خاليا من التكاليف العينية غير المقيدة، فالحجية المطلقة هي من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها السجل العيني، وهي إحدى الركائز التي لا يمكن أن يقوم بدونها وهذا ما يعني أنه إذا اكتسب شخص حقا على عقار استنادا على الشهر في السجل العيني، فذلك هو دليل مشروعية حقه ولا يجوز أن يهدر.
ومبدأ القوة المطلقة في السجل العيني لا تأخذ به مختلف التشريعات على إطلاقه، سعيا وراء تحقيق العدالة عن طريق الموازنة بين مصلحة المالك الحقيقي والغير.
وقد أجاز المشرع الطعن في الحق المشهر في المادة 85 من المرسوم 76/63 بقوله " إن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بالفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها، لا يمكن قبولها إلا إذا تم إشهارها مسبقا طبقا للمادة 14/4 من الأمر 75/74 المؤرخ في 8 ذي القعدة عام 1395 الموافق لـ 12 نوفمبر 1975 والمتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري، وإذا تم إثبات هذا الإشهار بموجب شهادة من المحافظ أو تقديم نسخة من الطلب الموجود عليه تأشير الإشهار ".
وتنص المادة 86 " إن فسخ الحقوق العينية العقارية، أو إبطالها أو إلغاءها أو نقضها عندما ينتج أثرا رجعيا لا يحتج به على الخلف الخاص لصاحب الحق المهدر، إلا إذا كان الشرط الذي بمقتضاه حصل ذلك الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض قد تم إشهاره مسبقا، أو كان هذا الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض بحكم القانون تطبيقا للقانون ". وتنص أيضا المادة 87 على " إن الخلف الخاص لصاحب حق عيني عقاري الذي أشهر العقد أو القرار القضائي الذي يثبت فيه حقه الخاص لا يمكنه الاعتراض على العقود بين الأحياء والتي تم إعدادها بصفة مميزة من أجل إثبات شروط عدم قابلية التصرف المؤقت، وجميع التقييدات الأخرى بحق التصرف، أو على القرارات المذكورة، تم إشهارها مسبقا عن الإشهار المعطى لحقه الخاص ".
وهنا نتطرق إلى حجية الشهر أو القيد بالنسبة لطرفيه، وبالنسبة إلى الغير.

أولا: حجية القيد بين طرفيه: بفضل هذه النصوص يتبين أن المشرع أجاز الطعن في الحقوق والسندات المشهرة، مما يعني أن الشهر لا يتمتع بالحجية المطلقة بين طرفي العقد، فبالإضافة إلى المادة 16 من المرسوم 76/63 جعل إمكانية الطعن في هذه الحقوق مرتبطة أساسا وتحت طائلة عدم القبول بشهر عريضة الدعوى، وبالتالي نرى أن المشرع منح القوة المطلقة للشهر بصحة التصرف المنشئ أو الناقل للحق، فإذا تطهَر هذا التصرف من كل عيوبه أصبح للشهر حجية مطلقة وهذا من أجل حماية الغير الذي سيستند إلى الحجية التي يتميز بها السجل العقاري.
ثانيا: حجية القيد أو الشهر في مواجهة الغير: جعل المشرع من قرينة الشهر قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، على علم المتعامل في الحقوق العينية، وبالتالي فالحقوق العقارية المشهرة في مجموعة البطاقات العقارية بالسجل العقاري، تتمتع بالحجية المطلقة اتجاه الكافة من تاريخ القيد.
ومن أجل أن تكون للتصرف المشهر حجية مطلقة بالنسبة للخلف الخاص، لا بد من توفير الشروط التالية:
- أن يكون الغير من الخلف الخاص.
- عدم شهر الدعوى العقارية المتعلقة بالحق العيني العقاري الذي انتقل إلى الخلف الخاص.
- يجب أن يكون سند السلف صحيحا [78].
- وهنا نلاحظ أن للسند أو الحق المشهر حجية، وكذلك لشهر الدعاوى العقارية، وكذا قيد الأسباب القانونية المؤدية إلى الإبطال أو الفسخ أو الإلغاء، أو النقض وهي كلها متساوية من حيث الحجية.
كما يستوي مع قيد أسباب المنع من التصرف سواء كانت تلك الأسباب اتفاقية أو قضائية حسب نص المادة 87، حيث تكون هذه القيود ذات حجية مطلقة اتجاه الغير، ولا يمكنه الاعتراض عليها ما دام قيده جاء تاليا من حيث الزمن لقيدها في السجل العقاري.
واشتراط القانون قيد الدعاوى الرامية إلى الطعن في التصرف المشهر يهدف إلى غايتين، تتمثل الأولى في أنه يحذر الغير الذي يتعامل في العقار إلى الوضعية التي عليها، بما قد يهدد اكتسابه مستقبلا حيث تسري نتائج تلك الدعاوى عليه ولا يمكنه الادعاء بعدم العلم مادامت تلك الدعاوى قد أشهرت وقيدت قبل قيده لحقه الخاص، ولا يكون له في هذه الحالة إلا رفع دعوى رجوع بالتعويض على من سبب له هذا الضرر.
وتتمثل الغاية الثانية، في أنه يحفظ حق المدعي في حال صدور حكم لصالحه حتى لا تضيع حقوقه في حال تعامل صاحب القيد في العقار محل النزاع إلى الغير حيث تحمي الغير القرينة القانونية القاطعة [79].
حيث يعتبر ما هو مدون في السجل العقاري هو عنوان الحقيقة، فيكون بقيد الدعوى قد حصن نفسه من تلك القرينة القاطعة.
فإذا كان سند الخلف الخاص باطلا أو قابلا للإبطال أو النقض أو الإلغاء فإنه يتحمل العيب الذي يشوب سنده. ولكن يطرح التساؤل، هل يجوز الاحتجاج بالعيب الذي يشوب تصرف السلف؟.
للاحتجاج عليه بذلك يجب شهر الدعوى أو الحكم الصادر في الدعوى قبل شهر الخلف الخاص لحقه أو شهر سبب الإبطال قبل انتقال الحق إلى الخلف الخاص، فإذا تصرف السلف وكان سنده قابلا للإبطال وطعن فيه وقضي بإبطاله فهل يحتج بذلك على الخلف الخاص؟.
إذا لم يشهر الطاعن الدعوى قبل انتقال الحق إلى الخلف، تلقى هذا الأخير الحق مطهرا، ويشترط لذلك أن يكون السند ( سند الخلف الخاص ) صحيحا، فإذا كان صوريا أو باطلا فلا يحتج به وإن تم شهره قبل شهر الدعوى.
ولا يمكن الاحتجاج بعدم شهر الدعوى لإعمال الحجية إذا كانت دعوى الفسخ أو الإبطال أو الإلغاء أو النقض بحكم القانون تطبيقا للقانون.



[1]- مجيد خلفوني، نظام الشهر العقاري في القانون الجزائري، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى، 2003، ص13.
[2]- ليلى زروقي وحمدي باشا عمر، المنازعات العقارية، دار هومة، الطبعة الأولى، 2003، ص44.
[3]- ليلى زروقي وحمدي باشا عمر، المرجع السابق، ص45.
[4]- يطلق على السجل مجموع البطاقات العقارية.
[5]- أنظر المادة 105 من المرسوم 76/63، المؤرخ في 25/03/1976المتعلق بتأسيس السجل العقاري، والتي أعطت للمحافظ العقاري هذه الصلاحية.
[6]- مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص18.
[7]- مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص19.
[8]- حمدي باشا عمر، نقل الملكية العقارية، دار العلوم للنشر والتوزيع، طبعة 2000، ص49.
[9]- حسن طوايبية، نظام الشهر العقاري الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، سنة 2000، ص17.
[10]- حمدي باشا عمر، المرجع السابق، ص64-67.
[11]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص19.
[12]- الأمر 71/73، المؤرخ في 08/11/1971 المتضمن الثورة الزراعية، الجريدة الرسمية 97 لسنة 1971، وتم إلغاؤه بموجب المادة 75 من القانون 10/25 المتعلق بالتوجيه العقاري الصادر في 18/10/1990.
[13]- سماح ورتي، المسح العقاري وإشكالاته في الجزائر، رسالة ماجستير، جامعة تبسة، 2005/2006، ص12.
[14]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص24.
[15]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص25.
[16]- سماح ورتي، المرجع السابق، ص14.
[17]- راجع المادة 13 من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري.
[18]- راجع المادة 14 من نفس المرسوم.
[19]- أنظر المادة 02 من المرسوم 76/62، المؤرخ في 25/03/1976، والمتعلق بإعداد مسح الأراضي العام.
[20]- أنظر المادة 03 من المرسوم 76/62.
[21]- أنظر المادة 07 من المرسوم 76/62 والمعدلة بموجب المرسوم التنفيذي 92/134 المؤرخ في 07/04/1992.
[22]- أنظر المادة 09 من المرسوم 76/62.
[23]- أنظر المادة 8/2 من المرسوم 76/62.
[24]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص35.
[25]- التعليمة رقم 16 المؤرخة في 24 ماي 1998 المتعلقة بسير عمليات مسح الأراضي والترقيم العقاري صادرة عن المدير العام للأملاك الوطنية، منشورة في كتاب ليلى زروقي وحمدي باشا، المنازعات العقارية، ص297 وما بعدها.
[26]- أنظر المواد 05 و06 من المرسوم 76/62.
[27]- أنظر التعليمة رقم 16 المشار إليها سابقا.
[28]- أنظر التعليمة رقم 16 السالفة الذكر.
[29]- المادة 328 من القانون المدني " يكون تاريخ انعقاد العقد ثابتا: من تسجيله، من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام، من يوم التأشير عليه على يد ضابط عام مختص، من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط أو إمضاء ".
[30]- أنظر المادة 04 من المرسوم76/62 المعدل بالمرسوم 84/400 المؤرخ في 24/12/1984.
[31]- المادة 08 من الأمر 75/74 والمادة 01 من المرسوم 76/62.
[32]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص38.
[33]- أنظر التعليمة رقم 16، المرجع السابق.
[34]- المادة 12 من المرسوم 76/62.
[35]- المادة 14 من المرسوم 76/62.
[36]- أنظر المادة 15 من المرسوم 76/63، وما سيأتي ذكره في هذه المذكرة فيما يخص الترقيمات في المبحث الثاني من هذا الفصل.
[37]- عمار بوضياف، المسح العقاري وإشكالاته القانونية، مقال منشور بمجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة تبسة، ص50،51.
[38]- كالعقود العرفية غير ثابتة التاريخ.
[39]- المذكرة رقم 004618، صادرة عن المدير العام للأملاك الوطنية إلى مدراء الحفظ العقاري.
[40]- يعرف العقد العرفي على أنه : العقود أو الأوراق التي لا تحرر من طرف ضابط عمومي أو موظف عام، إلا أنه يجب أن يكون لها تاريخ ثابت من أجل الاحتجاج بها بالنسبة للغير.
[41]- راجع الأمر 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 المتعلق بقانون التوثيق.
[42]- راجع المادة 793 من القانون المدني.
[43]- أنظر قرار الغرف المجتمعة للمحكمة العليا رقم 13615 المؤرخ في 18/02/1997، المجلة القضائية 1997 رقم 10.
[44]- عبد الحميد الشواربي، إجراءات الشهر العقاري في ضوء الفقه والقضاء، منشأة الإسكندرية، ص163.
[45]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص57.
[46]- معوض عبد التواب، السجل العيني علما وعملا، دار الفكر العربي، طبعة 1988، ص43.
[47]- معوض عبد التواب، نفس المرجع السابق، ص38.
[48]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص56.
[49]- حمدي باشر و ليلى زروقي،المرجع السابق، ص219.
[50]- مجيد خلفوني ، المرجع السابق، ص76.
[51]- معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص80.
[52]- أنظر المواد 24، 29، 30، من المرسوم 76/63.
[53]- سماح ورتي، المرجع السابق، ص55.
[54]- معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص83.
[55]- لقد ألغيت المادة 18 بموجب المرسوم التنفيذي 93/123 المؤرخ في 19/05/1993.
[56]- راجع حمدي باشا عمر، زروقي ليلى، المرجع السابق، ص221، 222.
[57]- راجع في هذا الصدد، الفرع المتعلق بعقد الشهرة في هذه المذكرة.
[58]- راجع في هذا الصدد، الفرع المتعلق بشهادة الحيازة في هذه المذكرة.
[59]- راجع في هذا الصدد، الفرع المتعلق بعقود الاستصلاح في هذه المذكرة.
[60]- راجع الفرع المتعلق بشهر عقد الوقف بهذه المذكرة.
[61]- معوض عبد التواب، المرجع السابق، ص90.
[62]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص46.
[63]- أنظر المادة 9 من المرسوم 76/63.
[64]- أنظر المادة 46 من المرسوم 76/63.
[65]- أنظر المادة 47 من المرسوم 76/63.
[66]- أنظر التعليمة رقم 16، المرجع السابق، ص352.
[67]- قرار المحكمة العليا، الغرفة العقارية، رقم 259635 مؤرخ في 21/04/2004، " المجلة القضائية، العدد 01 سنة 2003، ص 334" حيث أنه بالرجوع إلى المرسوم 76/62 ، فإن المطعون ضده تحصل على الدفتر العقاري للقطعة الأرضية محل النزاع بعد التحقيق، وبعد استكماله للإجراءات والشكليات والآجال المنصوص عليها في المرسوم السالف الذكر، مما يجعله يكسب القوة الثبوتية. وحيث أنه خلافا لما يذكره الطاعن فإن المادة 19 من الأمر 75/74 تنص على أن الدفتر العقاري يعد سندا للملكية، وعليه فإن قضاة الموضوع قد طبقوا صحيح القانون".
[68]- مجيد خلفوني، المرجع السابق، ص120.
[69]- سماح ورتي، المرجع السابق، ص41.
[70]- قرار المحكمة العليا، الغرفة العقارية، بتاريخ 26/07/2000، مجلة قضائية عدد02 سنة 2003" لا يعتد بالاعتراض على الشهر أمام المحافظة العقارية إلا إذا حصل بموجب دعوى قضائية وفقا للإجراءات المقررة قانونا، بموجب تحريك دعوى قضائية، وهو الأمر الذي جعل القضاة يستبعدون ضمنيا مناقشة هذه المسألة ، ما دام أن الطاعن قام فقط بمراسلة مصلحة الشهر العقاري ، مما يتعين رفض الطعن".
[71]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص97.
[72]- قرار مجلس الدولة، الغرفة الرابعة، رقم 006426، المؤرخ في 08/04/2002، مجلة مجلس الدولة، عدد 02 سنة 2002. ص 202/203/204/205." الشهر لا يحصن العقد- من المسلمات القانونية أن شهر العقد لا يحول دون فسخه إذا ثبت أن البائع ليس مالكا للأرض المتنازع عليها، والتذرع بشهر العقد وهو بهذه الصفة محصن ولا يمكن الطعن فيه، قول مخالف للقانون ما دام أن البائع تصرف في ملك الغير"
[73]- سليمان محمدي، نفاذ العقد، رسالة دكتوراه، جامعة الجزائر، سنة 2003/2004، ص193.
[74]- سليمان حمدي، المرجع السابق، ص173.
[75]- قرار مجلس الدولة، الغرفة الرابعة، رقم 002307 مؤرخ في 01/07/2003، مجلة مجلس الدولة، عدد 05 سنة 2004، " من المقرر قانونا أن الملكية لا تنتقل في العقارات والحقوق العينية الأخرى إلا بإتباع القوانين التي تدير مصلحة الشهر العقاري، والمواد 165و793 من (ق.م) و15و16 من الأمر 75/74، وما دامت هذه الإجراءات لم تتبع في قضية الحال فإنه لا يمكن الاحتجاج بأي حق للملكية على العقار المتنازع عليه".
[76]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص100.
[77]- سليمان محمدي، المرجع السابق ، ص195.
[78]- محمدي سليمان، المرجع السابق، ص196، 197، 198.
[79]- حسن طوايبية، المرجع السابق، ص103.








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc