~ [ فوائـد ] من [ جامــع العلـوم والحِكَـم ] ~ - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

~ [ فوائـد ] من [ جامــع العلـوم والحِكَـم ] ~

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-06-20, 09:17   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي



~◘ الحديثُ السادِس ◘~

عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : (( سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول : إنَّ الحلالَ بَيِّن ، وإنَّ الحرامَ بَيِّن ، وبينهما أمورٌ مُشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ مِن الناس ، فمَن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه ، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحِمَى يُوشِكُ أنْ يرتع فيه ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى ، ألا وإنَّ حِمَى الله محارمُه ، وإنَّ في الجسد مُضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهى القلب )) رواه البخاري ومسلم .


◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

فقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( الحلالُ بَيِّن والحرامُ بَيِّن وبينهما أمورٌ مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ مِن الناس )) معناه : أنَّ الحلالَ المَحض بَيِّنٌ لا اشتباه فيه ، وكذلك الحرام المحض ، ولكنْ بين الأمرين أمورٌ تشتبه على كثيرٍ من الناس : هل هى مِن الحلال أم من الحرام ؟ وأمَّا الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك ، ويعلمون مِن أىّ القسمين هى .
فأمَّا
الحلالُ المَحض : فمِثل أكل الطيبات من الزروع والثمار وبهيمة الأنعام ، وشرب الأشربة الطيبة ، ولباس ما يحتاج إليه من القطن والكِتَّان أو الصوف أو الشعر ، وكالنكاح ، والتسرِّي ، وغير ذلك إذا كان اكتسابه بعقدٍ صحيحٍ كالبيع ، أو بميراثٍ ، أو هبة ، أو غنيمة ..
و
الحرام المحض : مِثل أكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وشرب الخمر ، ونكاح المحارم ، ولباس الحرير للرجال ، ومثل الأكساب المُحَرَّمة كالربا ، والميسر ، وثمن ما لا يحل بيعه ، وأخذ الأموال المغصوبة بسرقة أو غصب أو تدليس ، أو نحو ذلك ..
وأمَّا المشتبه : فمِثل بعض ما اختُلِفَ في حِلِّه أو تحريمه ، إمَّا من الأعيان كالخيل والبغال والحمير والضَّب ، وشُرب ما اختُلِفَ في تحريمه من الأنبذة التي يُسكِرُ كثيرها ، ولبس ما اختُلِفََ في إباحة لبسه من جلود السِّباع ونحوها ، وإمَّا من المكاسب المختلف فيها كمسائل العينة والتورق ونحو ذلك .. وبنحو هذا المعنى فسَّر المُشتبهات أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة .

لا صلاح للعالم العلوىّ والسفلىّ معًا حتى تكون حركاتُ أهلها كلها لله ، وحركات الجسد تابعة لحركة القلب وإرادته ، فإن كانت حركته وإرادته لله وحده فقد صلح وصلحت حركات الجسد كله ، وإن كانت حركة القلب وإراداته لغير الله تعالى فسد وفسدت حركات الجسد بحسب فساد حركة القلب .قال أبو يعقوب النهرجوري : ‹‹ كُلُّ مَن ادَّعى محبة الله عز وجل ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطل ›› .

وقال يحيى بن معاذ :
‹‹ ليس بصادقٍ مَن ادَّعى محبةَ الله ولم يحفظ حدوده ›› .

وعن بعض السلف قال :
‹ قرأتُ في بعض الكتب السالفة : مَن أحبَّ الله لم يكن عنده شيءٌ آثرَ مِن هواه ، ومَن أحبَّ الدنيا لم يكن عنده شيءٌ آثرَ من هوى نفسه ›› .

قال الحسن :
‹‹ ما نظرتُ ببصري ، ولا نطقتُ بلساني ، ولا بطشتُ بيدي ، ولا نهضتُ على قدمي حتى أنظرَ : على طاعةٍ أو على معصية ؟ فإنْ كانت طاعة تقدمتُ ، وإنْ كانت معصية تأخرت ›› .

وقال محمد بن الفضل البلخي :
‹‹ ما خطوتُ منذ أربعين سنةً خُطوةً لغير الله عز وجل ›› .









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:18   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي



~◘ الحديثُ السابـع ◘~



عن أبي رقية تميم بن أوسٍ الدارىّ رضى الله تعالى عنه أنَّ النبىَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( الدينُ النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم )) رواه مسلم.
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘



قال الخطَّابى : ‹‹ النصيحةُ كلمةٌ يُعبَّرُ بها عن جملةٍ هي إرادة الخير للمنصوح له ، قال : وأصلُ النُّصح في اللغة الخلوص ، يُقال : نصحت العسل ، إذا خلَّصته من الشمع . فمعنى "النصيحة لله سبحانه" : صِحة الاعتقاد في وحدانيته ، وإخلاص النية في عبادته .. و "النصيحة لكتابه" : الإيمان به ، والعمل بما فيه .. و "النصيحة لرسوله" : التصديق بنبوته ، وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهي عنه .. و "النصيحة لعامة المسلمين" : إرشادهم إلى مصالحهم ›› .. انتهي .

وقد حكى الإمام أبو عبدالله محمد بن نصر المَرْوَزِىّ في كتاب
"تعظيم قدر الصلاة" عن بعض أهل العلم أنه فسر هذا الحديث بما لا مزيد على حُسنه . ونحن نحكيه هاهنا بلفظه إن شاء الله تعالى ، قال محمد بن نصر : ‹‹ قال بعض أهل العلم : جِماعُ تفسير النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له كائنًا مَن كان ، وهي على وجهين : أحدهما فرض والآخر نافلة .. فالنصيحة المفترضة لله : هى شِدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض ومُجانبة ما حرَّم ،، وأما النصيحة التي هي نافلة : فهي إيثار محبته على محبة نفسه ، وذلك أنْ يَعرِضَ أمران أحدهما لنفسه والآخر لرَبِّه ، فيبدأ بما كان لرَبِّه ويؤخر ما كان لنفسه ..... ›› .وقال أبو عمرو بن الصلاح : ‹‹ النصيحةُ كلمةٌ جامعةٌ تتضمن قيامَ الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلاً .

فالنصيحةُ لله تعالى : توحيده ووصفه بصفات الكمال والجلال ، وتنزيهه عَمَّا يضادها ويخالفها ، وتجنب معاصيه ، والقيام بطاعته ومَحابه بوصف الإخلاص ، والحب فيه والبغض فيه ، وجهاد مَن كفر به تعالى وما ضاهى ذلك ، والدعاء إلى ذلك والحث عليه .

والنصيحة لكتابه : الإيمانُ به وتعظيمه وتنزيهه ، وتلاوته حق تلاوته ، والوقوف مع أوامره ونواهيه ، وتفهم علومه وأمثاله ، وتدبر آياته ، والدعاء إليه وذَبُّ تحريف الغالين وطعن الملحدين عنه .

والنصيحة لرسوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : قريبٌ مِن ذلك ، الإيمانُ به وبما جاء به ، وتوقيره وتبجيله ، والتمسك بطاعته ، وإحياء سُنته ، واستثارة علومها ونشرها ، ومُعاداة مَن عاداه وعاداها ، ومُوالاة من والاه ووالاها ، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه ومحبة آله وصحابته ونحو ذلك .

والنصيحة لأئمة المسلمين : معاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ، وتذكيرهم به ، وتنبيههم في رِفقٍ ولُطف ، ومُجانبة الوثوب عليهم ، والدعاء لهم بالتوفيق ، وحَثُّ الأغيار على ذلك .

والنصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم ، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم ، وستر عوراتهم ، وسد خلاتهم ، ونصرتهم على أعدائهم ، والذب عنهم ، ومُجانبة الغش والحسد لهم ، وأن يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، وما شابه ذلك ›› .. انتهى ما ذكره .
وقال معمر : ‹‹ كان يُقال : أنصحُ الناس لك مَن خاف اللهَ فيك ›› .

وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحدٍ وعظوه سِرَّاً ، حتى قال بعضهم : ‹‹ مَن وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ، ومَن وعظه على رؤوس الناس فإنما وَبَّخَه ›› .

وقال الفُضَيْل :
‹‹ المُؤمنُ يسترُ وينصح ، والفاجِرُ يهتِكُ ويُعَيِّر ›› .

وسُئل ابنُ عباسٍ رضى الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال : ‹‹ إنْ كنتَ فاعلاً ولا بُدّ ففيما بينك وبينه ›› .وقال الإمام أحمد رحمه الله : ليس على المسلم نصح الذمي وعليه نصح المسلم ،، وقال النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( والنُّصح لِكُلِّ مُسلم ، وأن تنصح لجماعة المسلمين وعامتهم )) .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:19   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي




~◘ الحديثُ التاسـع ◘~

عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخرٍ رضى الله عنه قال : (( سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقول : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين مِن قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )) رواه البخاري ومسلم .

◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

قال إسحاق بن عيسي : ‹‹ كان مالِك يقول : المِراءُ والجِدالُ في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل ›› .



وقال ابنُ وَهْب : ‹‹ سمعتُ مالكًا يقول : المِراءُ في العلم يُقسِّي القلب ويُورِثُ الضغن ›› .



وقال أحمد بن شبويه : ‹‹ مَن أراد علمَ القبر فعليه بالآثار ، ومَن أراد علمَ الخبز فعليه بالرأي ›› .



وقال الحسن : ‹‹ ما عُبِّدَ العابدون بشيءٍ أفضل مِن ترك ما نهاهم الله عنه ›› .



وقال عمر بن عبدالعزيز : ‹‹ ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار ، والتخليط فيما بين ذلك ، ولكن التقوى أداء ما افترض الله ، وترك ما حَرَّمَ الله ، فإنْ كان مع ذلك عملٌ فهو خيرٌ إلى خير ›› أو كما قال .

وفي قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :(( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم )) دليلٌ على أنَّ مَن عجِز عن فِعل المأمور به كله ، وقدر على بعضه ، فإنه يأتي بما أمكنه منه ،، وهذا مُطَّرِدٌ في مسائل :



- منها الطهارة : فإذا قدر على بعضها ، وعجز عن الباقي : إمَّا لعدم الماء ، أو لمرضٍ في بعض أعضائه دون بعض ، فإنه يأتي مِن ذلك بما قدر عليه ، ويتيمم للباقي ، وسواءٌ في ذلك الوضوء والغسل على المشهور .



- ومنها الصلاة : فمن عجِز عن فِعل الفريضة قائمًا صلَّى قاعدًا ، فإنْ عجِز صلَّى مُضطجعًا ، وفيصحيح البخاري عن عمران بن حصين رضى الله عنه أن النبىَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( صلِّ قائمًا ، فإنْ لم تستطع فقاعدًا ، فإنْ لم تستطع فعلى جنب )) ، ولو عجِز عن ذلك كله أومأ بطرفه وصلَّى بنيته ، ولم تسقط عنه الصلاة على المشهور .



- ومنها زكاة الفطر : فإذا قدر على إخراج بعض صاع لزمه ذلك على الصحيح .



- فأمَّا من قدر على صيام بعض النهار دون تكملته فلا يلزمه ذلك بغير خلاف ، لأنَّ صيامَ بعض اليوم ليس بقُربةٍ في نفسه .



- وكذلك لو قدر على عِتق بعض رقبة في الكفَّارة
لم يلزمه لأن تبعيض العِتق غير محبوبٍ للشارع بل يُؤمَرُ بتكميله بكل طريق .



- وأمَّا من فاته الوقوف بعرفة في الحَجِّ :
فهل يأتي بما بقى منه مِن المبيت بمزدلفة ورمى الجِمار أم لا ؟ بل يقتصرُ على الطواف والسعى ويتحلل بعمرة ؟ على روايتين عن أحمد ، أشهرهما : أنَّه يقتصر على الطواف والسعي ، لأنَّ المبيتَ والرمى مِن لواحق الوقوف بعرفة وتوابعه ، وإنما أمر اللهُ تعالى بذكره عند المشعر الحرام ، وبذكره في الأيام المعدودات لِمَن أفاض مِن عرفات ، فلا يُؤمَرُ به مَن لا يقفُ بعرفة كما لا يُؤمرُ به المعتمر .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:20   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي



~◘ الحديثُ الثاني عشـر ◘~




عن أبي هريرة رضى اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( مِن حُسْنِ إسلام المرءِ تركُه ما لا يَعنيه )) رواه الترمذى وغيره هكذا.


◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘


وهذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ مِن أصول الأدب ، وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي زيد إمام المالكية في زمانه أنه قال : جِماعُ آداب الخير وأزِمَّته تتفرَّع من أربعة أحاديث : قول النبىّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (( مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت )) ، وقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (( مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) ، وقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للذي اختصر له في الوصية (( لا تغضب )) ، وقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (( المؤمنُ يُحِبُّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه )) .


ومعنى هذا الحديث : أنَّ مَن حَسُنَ إسلامُه ترك ما لا يعنيه مِن قول وفعل ، واقتصر على ما يعنيه من الأقوال والأفعال ، ومعنى "يعنيه" : أن تتعلق عنايته به ، ويكون من مقصده ومطلوبه ، والعناية : شدة الاهتمام بالشيء ، يُقال :عناه يعنيه : إذا اهتم به وطلبه ، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به ولا إرادة بحكم الهوى وطلب النفس ، بل بحكم الشرع والإسلام ، ولهذا جعله مِن حسن الإسلام .. فإذا حَسُنَ إسلامُ المرء ترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأفعال ، فإن الإسلام يقتضي فعل الواجبات .... وإنَّ الإسلام الكامل الممدوح يدخل فيه ترك المُحَرَّمات كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( المسلم مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده ))صحيح .. وإذا حَسُنَ الإسلامُ اقتضى ترك ما لا يعني كله من المُحَرَّمات والمُشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها ، فإن هذا كله لا يعني المسلم إذا كَمُلَ إسلامُه ، وبلغ إلى درجة الإحسان ، وهو أن يعبد الله كأنه يراه ، فإنْ لم يكن يراه فإنَّ الله يراه .. فمَن عَبَدَ اللهَ على استحضار قُربه ومشاهدته بقلبه ، أو على استحضار قرب الله منه وإطلاعه عليه ، فقد حَسُنَ إسلامُه ، ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام ، ويشتغل بما يعنيه فيه ، فإنه يتولَّد مِن هذين المقامين الاستحياء من اللهو ترك كل ما يُستحيى منه كما وَصَّى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلاً أنْ يَستحيى مِن الله كما يَستحيى مِن رجل من صالحي عشيرته لا يفارقه .. وفي المُسند والترمذي عن ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعًا(( الاستحياءُ مِن الله تعالى : أنْ تحفظ الرأسَ وما حَوَى ، وتحفظ البطنَ وما وَعَى ، ولتذكر الموتَ والبلي ، فمَن فَعَلَ ذلك فقد استحيى مِن الله حَقَّ الحياء ))صحيح الجامع .

قال بعضهم : ‹‹ استحِ مِن الله على قدر قُربه منك ، وخَف اللهَ على قدر قُدرته عليك ›› .

وقال بعض العارفين : ‹‹ إذا تكلمت فاذكر سمع الله فيك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليك ›› .

وأكثرُ ما يُرادُ بترك ما لا يعني :حفظ اللسان من لغو الكلام ، كما أشير إلى ذلك في الآياتِ الأولى التي هي في سورة " ق " .

قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : ‹‹ من عَدَّ كلامَه مِن عمله قَلَّ كلامُه إلاَّ فيما يَعنيه ›› .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:20   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي




الخاصُ لا يُنسَخُ بالعام ، ولو كان العامُ متأخرًا عنه في الصحيح الذي جَرى عليه جمهورُ العلماء ، لأنَّ دلالة الخاص على معناه بالنص ، ودلالة العام عليه بالظاهر عند الأكثرين ، فلا يُبطِلُ الظاهرُ حُكمَ النص .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:21   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


~◘ الحديثُ الخامِس عشـر ◘~

عن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ، ومَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )) رواه البخاري ومسلم .


◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘


قال محمد بن عجلان : ‹‹ إنما الكلامُ أربعة : أنْ تذكرَ الله ، وتقرأ القرآن ، وتُسألَ عن عِلمٍ فتخبر به ، أو تَكَلُّمٌ فيما يعنيك مِن أمر دنياك ›› .
♦---•---♦
وقال رجلٌ لسلمان :أوصني ، قال : لا تَكَلَّم ، قال : ما يستطيعُ مَن عاش في الناس أنْ لا يتكلم ، قال : فإنْ تكلمتَ فتَكَلَّمْ بِحَقٍّ أو اسكت .
♦---•---♦
وكان أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - يأخذ بلسانه ويقول : ‹‹ هذا أوردني الموارِد ›› .
♦---•---♦

وقال ابنُ مسعود : ‹‹ والله الذي لا إله إلا هو ، ما على الأرض أحق بطول سجنٍ مِن اللسان ›› .
♦---•---♦

وقال شميط بن عجلان : ‹‹ يا بن آدم ، إنك ما سَكَتَّ فأنتَ سالِم ، فإذا تَكَلَّمْتَ فخُذ حِذَرَكَ ، إمَّا لكَ وإمَّا عليك ›› .









رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:22   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي





~◘ الحديثُ السابـع عشـر ◘~

عن أبي يعلى شدَّاد بن أوس رضى الله تعالى عنه ، عن رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كُلِّ شيء ، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة ، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة ، وليُحِدَّ أحدكم شفرتَه وليُرِح ذبيحتَه )) رواه مسلم.
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

(( إنَّ اللهَ كتب الإحسان على كُلِّ شئ )) : وهذا الأمرُ بالإحسان تارةً يكونُ للوجوب كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البِرُّ والصِّلَة ، والإحسان إلى الضيف بقدر ما يحصل به قراه ..... وتارة يكون للندب كصدقة التطوع ونحوها .
♦---•---♦
وهذا الحديث يدلُّ على
وجوب الإحسان في كل شيء من الأعمال ، لكنْ إحسانُ كُلِّ شيءٍ بحسبه ،فالإحسانُ في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنة : الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها ، فهذا القدر من الإحسان فيها واجب ، وأما الإحسان فيها بإكمال مستحباتها فليس بواجب .
♦---•---♦

والإحسانُ في ترك المُحَرَّمات :
الانتهاءُ عنها ، وترك ظاهرها وباطنها كما قال تعالى : (( وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ))الأنعام/12 .. فهذا القدر من الإحسان فيها واجب .
♦---•---♦

وأما الإحسانُ في الصبر على المقدورات : فأنْ يأتي بالصبر عليها على وجهه من غير تَسَخُّطٍ ولا جَزَع .
♦---•---♦

والإحسانُ الواجب في معاملة الخلق ومعاشرتهم : القيامُ بما أوجب اللهُ مِن حقوق ذلك كله .
♦---•---♦

والإحسانُ الواجب في ولاية الخلق وسياستهم : القيامُ بواجبات الولاية كلها .


والقدر الزائد على الواجب في ذلك كله إحسان ليس بواجب .
♦---•---♦
والإحسانُ في قتل ما يجوز قتله مِن الناس والدواب : إزهاقُ نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأرجاها من غير زيادةٍ في التعذيب ، فإنه إيلامٌ لا حاجة إليه .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:23   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي




~◘ الحديثُ التاسِـع عشـر ◘~



عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : (( كنتُ خلفَ النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا فقال : يا غلام إني أعلِّمُكَ كلمات : احفظ اللهَ يحفظك ، احفظ اللهَ تجده تُجاهك ، إذا سألتَ فاسأل الله ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله ، واعلم أنَّ الأمةَ لو اجتمعت على أنْ ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنْ اجتمعوا على أنْ يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُف )) رواه الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ صحيح ،
وفي رواية غير الترمذي : (( احفظ اللهَ تجده أمامك ، تعرَّف إلى اللهِ في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أنَّ ما أخطأكَ لم يكن ليُصيبك ، وما أصابك لم يكن ليُخطئك ، واعلم أنَّ النصرَ مع الصبر ، وأنَّ الفرجَ مع الكرب ، وأنَّ مع العُسر يُسرًا )) .


◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘


◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘


فهاتان درجتان للمؤمن بالقضاء والقدر في المصائب :
- إحداهما : أنْ يَرضَى بذلك ، وهي درجةٌ عاليةٌ رفيعةٌ جدًا ، قال الله عز وجل : (( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )) التغابن/11 ، قال علقمة : هي المصيبةُ تُصيبُ الرجل ، فيعلم أنها مِن عند الله ، فيُسَلِّم لها ويَرضى .. وخرَّج الترمذىّ من حديث أنس عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( إنَّ الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمَن رضى فله الرضا ، ومَن سخط فله السخط )) .
♦---•---♦


- والدرجة الثانية : أنْ يصبر على البلاء ، وهذه لِمَن لم يستطع الرضا بالقضاء ، فالرضا فضلٌ مَندوبٌ إليه مُستحب ، والصبر واجبٌ على المؤمن حتم ، وفي الصبر خيرٌ كثير ، فإنَّ الله أمر به ووعد عليه جزيل الأجر ، قال الله عز وجل : (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))الزمر/10 ، وقال : (( وَبَشِّرِ الصَّابِرينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ * أولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُون )) البقرة/155-157 .

قال الحسن : ‹‹ الرضا عزيز ، ولكنَّ الصبرَ مِعْول المؤمن ›› .
♦---•---♦


والفرق بين الرضا والصبر :
أنَّ الصبر : كَفُّ النفس وحبسها عن التسخط مع وجود الألم ، وتمنِّي زوال ذلك ، وكَفُّ الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع .. والرضا : انشراح الصدر وسعته بالقضاء ، وترك تمنِّي زوال المُؤلم ، وإن وَجَدَ الإحساس بالألم ، لكن الرضا يُخَفِّفه لما يُباشر القلبَ مِن روح اليقين والمعرفة ، وإذا قَوِىَ الرضا فقد يُزيل الإحساسَ بالألم بالكُلية .









رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:24   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


~◘ الحديثُ العـشـرون ◘~
عن أبي مسعودٍ عُقبة بن عمرو الأنصارىِّ البدرىِّ - رضى الله عنه - قال : قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ((إنَّ مِمَّا أدرك الناسُ مِن كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت )) رواه البخارى .
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
واعلم أن الحياءَ نوعان :
- أحدهما : ما كان خلقًا وجِبِلَّة غير مكتسب ، وهو مِن أجَلِّ الأخلاق التي يمنحها اللهُ العبدَ ويجبله عليها ، ولهذا قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( الحياءُ لا يأتي إلا بخير ))، فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق ، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها ، فهو مِن خصال الإيمان بهذا الاعتبار ، وقد رُوِىَ عن عمر - رضى الله عنه - أنَّه قال : ‹‹ مَن استحيا اختفى ، ومَن اختفى اتقى ، ومَن اتقى وُقِى ›› .. وقال الجراح بن عبدالله الحكمي - وكان فارسَ أهل الشام -: ‹‹ تركتُ الذنوبَ حياءً أربعين سنة ، ثم أدركني الوَرَع ››.. وعن بعضهم قال : ‹‹ رأيتُ المعاصي نذالةً ، فتركتها مروءةً ، فاستحالت ديانة ›› .
♦---•---♦
- النوع الثاني : ما كان مُكتسبًا مِن معرفة الله ، ومعرفة عظمته وقُربه مِن عباده ، وإطلاعه عليهم ، وعِلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فهذا مِن أعلى خِصال الإيمان ، بل هو مِن أعلى درجات الإحسان .









رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:25   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


~◘ الحديثُ الثالثُ والعشـرون ◘~
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعرىّ - رضى الله عنه - قال : قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( الطُّهورُ شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض ، والصلاةُ نور ، والصدقةُ بُرهان ، والصبرُ ضياء ، والقرآنُ حُجَّةٌ لك أوحجة عليك ، كُلُّ الناسِ يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها )) رواه مسلم .
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘


قال بعضُ السَّلَف : ‹‹ ما جالس أحدٌ القرآنَ فقام عنه سالمًا ، بل إمَّا أنْ يربحَ أو أنْ يخسر ، ثم تلا هذه الآية : (( وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ))الإسراء/82 ›› .

قال الحسن : ‹‹ المؤمنُ في الدنيا كالأسير ، يسعى في فِكاك رقبته ، لا يأمنُ شيئًا حتى يلقى اللهَ عز وجل ›› .. وقال : ‹‹ ابنَ آدم إنك تغدو أو تروح في طلب الأرباح ، فليكن همك نفسك ، فإنك لن تربح مِثلها أبدًا ›› .


قال أبو بكر بن عياش : ‹‹ قال لي رجلٌ مَرَّةً وأنا شابٌّ : خَلِّص رقبتك ما استطعت في الدنيا مِن رِقِّ الآخرة ، فإنَّ أسيرَ الآخرة غيرُ مَفكوكٍ أبدًا ›› ، قال : ‹‹ فوالله ما نسيتها بعد ›› .
♦---•---♦

وكان بعض السلف يبكي ويبكي ويقول : ‹‹ ليس لي نَفْسَان ، إنما لي نَفْسٌ واحدة ، إذا ذهبت لم أجد أخرى ›› .


وقال محمد بن الحنفية : ‹‹ إنَّ الله عز وجل جعل الجنة ثمنًا لأنفسكم ، فلا تبيعوها بغيرها ›› .


وقال أيضا : ‹‹ مَن كرمت نفسه عليه لم يكن للدنيا عنده قَـدْر ›› .


وقيل له : ‹‹ مَن أعظمُ الناس قدرًا ؟ ›› ، قال : ‹‹ مَن لم يَرَ الدنيا كلها لنفسه خطرًا ›› .
♦---•---♦
وأنشد بعض المتقدمين :


أثامِـنُ بالنَّفسِ النفيسةِ رَبَّها .. وليس لها في الخلق كُلِّهم ثَمَـنْ
بها تُملَكُ الأخرى فإنْ أنا بِعتُها .. بشيءٍ مِن الدنيا فذاك هو الغَبَنْ
لئنْ ذهبت نفسي بدُنيا أصيبُها .. لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثَّمَنْ










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:26   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي






~◘ الحديثُ الرابـع والعشـرون ◘~


عن أبي ذر الغفارىّ - رضى الله عنه - عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما يرويه عن رَبِّه عز وجل أنه قال : (( يا عبادي إنِّي حَرَّمتُ الظلمَ على نفسي ، وجعلتُه بينكم مُحَرَّمًا فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه فاستهدوني أهدِكم ، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا مَن أطعمتُه فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عارٍ إلا مَن كسوتُه فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تُخطئون بالليل والنهار وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضُرِّي فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أنَّ أوَّلَكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في مُلكي شيئًا ، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص ذلك مِن مُلكي شيئًا ، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كُلَّ واحدٍ مسألتَه ما نقص ذلك مِمَّا عندي إلا كما يَنقصُ المِخيَطُ إذا أُدخِلَ البحر ، ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إيَّاها ، فمَن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومَن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه )) رواه مسلم .
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

الظلـم نوعـان :

- أحدهما : ظلم النفس ، وأعظمه الشِّرك ، كما قال تعالى : (( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )) لقمان/13 ، فإنَّ المُشرِكَ جعل المخلوقَ في منزلة الخالق ، فعبده وتألهه ، فوضع الأشياءَ في غير موضعها ، وأكثر ما ذكر في القرآن مِن وعيد الظالمين إنما أريد به المشركون ، كما قال الله عز وجل : (( وَالكَافِرُونَ هُمَ الظَّالِمُونَ )) البقرة/254 ، ثُمَّ يليه المعاصي على اختلاف أجناسها مِن كبائر وصغائر .
♦---•---♦

- والثاني : ظلم العبد لغيره ، وهو المذكور في هذا الحديث ، وقد قال النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبته في حَجَّةِ الوَداع : (( إنَّ دِماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ ، كحُرمةِ يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا )) رواه البخارىُّ ومسلم ... ورُوِىَ عنه أنه خطب بذلك في يوم عرفة ، وفي يوم النحر ، وفي اليوم الثاني من أيام التشريق ، وفي رواية : ثُمَّ قال : (( اسمعوا مِنِّي تعيشوا ، ألا لا تظالموا ، ألا لا تظالموا ، إنَّه لا يَحِلُّ مالُ امريءٍ مُسلمٍ إلاَّ عن طِيبِ نفسٍ منه )) صحيح .. وفي الصحيحين عن ابن عمر عن النبىِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أنَّه قال : (( الظلمُ ظُلماتٌ يوم القيامة )) ، وفيهما عن أبي موسى عن النبىِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( إنَّ الله ليُملي الظالم ، حتى إذا أخذه لم يُفلته )) ثم قرأ (( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهى ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )) هود/102 .. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبىِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال : (( مَن كانت عنده مَظلِمَةٌ لأخيه ، فليتحلَّله منها ، فإنه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا دِرهم مِن قبل أن يُؤخَذَ لأخيه مِن حسناته ، فإنْ لم يكن له حسنات أُخِذَ مِن سيئاتِ أخيه فطُرِحَت عليه )) .
♦---•---♦
وقولُه :(( كلكم ضال إلاَّ مَن هديته )) : قد ظن بعضهم أنه مُعارض لحديث عياض بن حمار ، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( يقولُ اللهُ عز وجل : خلقتُ عِبادي حنفاء )) ، وفي رواية : (( مُسلمين ، فاجتالتهم الشياطين )) روه مسلم.. وليس كذلك فإنَّ اللهَ خلق بني آدم ، وفطرهم على قبول الإسلام ، والميل إليه دون غيره ، والتهيؤ لذلك ، والاستعداد له بالقوة ، لكنْ لا بُدَّ للعبد مِن تعليم الإسلام بالفعل ، فإنَّه قبل التعلم جاهلٌ لا يعلمُ شيئًا ، كما قال عز وجل : (( وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا )) النحل/78 ، وقال لنبيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى )) الضحى/7 ،، والمراد : وجدك غيرَ عالمٍ بما علَّمكَ مِن الكتاب والحِكمة ، كما قال تعالى : (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الإيمَانُ )) الشورى/52 .. فالإنسان يُولَدُ مَفطورًا على قبول الحق ، فإنْ هداه اللهُ سَبَّبَ له مَن يُعلِّمه الهُدى ، فصار مُهتديًا بالفِعل بعد أنْ كان مُهتديًا بالقوة ، وإنْ خذله الله قَيَّضَ له مَن يُعلِّمه ما يُغيِّرُ فِطرتَه ، كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( كُلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرة ، فأبواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويُمجِّسانه )) رواه البخارى ومسلم .
♦---•---♦
وأمَّا سؤال المؤمن مِن الله الهداية ، فإنَّ الهداية نوعان :

- هِدايةٌ مُجملة : وهي الهداية للإسلام والإيمان ، وهي حاصِلةٌ للمُؤمن .


- وهِدايةٌ مُفَصَّلَة : وهي هِدايتُه إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام ، وإعانتُه على فِعل ذلك ، وهذا يحتاجُ إليه كُلُّ مُؤمنٍ ليلاً ونهارًا .












رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:26   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي


~◘ الحديثُ السادس والعشـرون ◘~
عن أبي هريرة رضى اللهُ عنه قال : قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( كُلُّ سُلامى مِن الناس عليه صدقةٌ كُلَّ يومٍ تطلع فيه الشمس ، تعدِلُ بين اثنين صدقة ، وتُعِينُ الرجلَ في دابته فتحمله عليها أو ترفعُ له عليها متاعه صدقة ، والكلمةُ الطيبةُ صدقة ، وبكل خُطوةٍ تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتُمِيطُ الأذى عن الطريق صدقة )) رواه البخاري ومسلم .

◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

عن يونس بن عُبَيْد أن رجلاً شكا إليه ضِيقَ حاله ، فقال له يونس : أيسرك أنَّ لك ببصرك هذا الذي تُبصِرُ به مائة ألف درهم ؟ قال الرجل : لا ، قال : فبيدك مائة ألف درهم ؟ قال : لا ، قال : فبرجليك ؟ قال : لا ، قال : فذكَّره نِعَمَ اللهِ عليه ، فقال يونس : أرى عندك مائين ألوفٍ وأنت تشكي الحاجة .





قال أبو حازم : ‹‹ كُلُّ نعمةٍ لا تُقَرِّبُ مِن الله فهي بليَّة ›› .

♦---•---♦

الشكـرُ على درجتين :

- إحداهما : واجب، وهو أن يأتىَ بالواجبات ، ويجتنب المحارم ، فهذا لا بُدَّ منه ، ويكفي في شكر هذه النعم .
- الدرجة الثانية من الشكر : الشكر المُستحَب ، وهو أن يعملَ العبدُ بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات ، وهذه درجة السابقين المقربين .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:27   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي






~◘ الحديثُ السابـع والعشـرون ◘~

عن النواس بن سمعان - رضى الله عنه - عن النبىِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( البِرُّ حُسْنُ الخُلُق ، والإثمُ ما حاك في نفسك وكرهت أن يَطَّلِعَ عليه الناس )) رواه مسلم .

وعن وابصة بن مَعبد - رضى الله عنه - قال أتيتُ رسولَ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقال : ((جِئتَ تسألُ عن البِرِّ ؟ قلتُ : نعم ، قال : استفتِ قلبك ، البِرُّ ما اطمأنت إليه النفسُ واطمأن إليه القلب ، والإثمُ ما حاك في النفس وتردَّدَ في الصدر وإنْ أفتاك الناسُ وأفتوك )) حديث حسن رويناه في مسندى الإمامين أحمد بن حنبل والدارمىُّ بإسنادٍ حسن .

◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
البِرُّ يُطلَقُ باعتبارين مَعنيين :


- أحدهما : باعتبار مُعاملة الخلق بالإحسان إليهم ، ورُبَّما خُصَّ بالإحسان إلى الوالدين ، فيُقال " بِرُّ الوالدين " ، ويُطلَق كثيرًا على الإحسان إلى الخلق عمومًا ، وقد صَنَّفَ ابنُ المُبارك كتابًا سمَّاه "كتاب البِرِّ والصِّلَة" ، وكذلك في صحيح البخارىّ و جامع الترمذىّ "كتاب البِرِّ والصِّلَة" ، ويتضمن هذا الكتاب الإحسان إلى الخلق عمومًا ، ويُقدَّمُ فيه بِرُّ الوالدين على غيرهما ...... وكان ابنُ عمر - رضى الله عنهما - يقول : ‹‹ البِرُّ شيءٌ هَيِّن : وجهٌ طليق وكلامٌ لَيِّن ›› .
♦---•---♦
- والمعنى الثاني من معنى البر : أن يُرادَ به فِعلُ جميع الطاعات الظاهرة والباطنة .... فالبِرُّ بهذا المعنى يدخل فيه جميعُ الطاعاتِ الباطنة : كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ، والطاعاتِ الظاهرة : كإنفاق الأموال فيما يُحِبُّه الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والوفاء بالعهد ، والصبر على الأقدار ؛ كالمرض والفقر ، وعلى الطاعات ؛ كالصبر على لقاء العدو .

♦---•---♦


قال الأعمش : ‹‹ كان إبراهيمُ النخعىّ صيرفيًا في الحديث ، كنتُ أسمعُ مِن الرجال ، فأعرِضُ عليه ما سمعتُه ›› .



وقال عمرو بن قيس :‹‹ ينبغي لصاحب الحديث أن يكونَ مِثلَ الصيرفىّ الذي ينتقد الدراهم ، فإنَّ الدراهم فيها الزائف والبَهْرَج ، وكذلك الحديث ›› .



وقال الأوزاعي : ‹‹ كنا نسمعُ الحديث ، فنعرضه على أصحابنا كما نعرضُ الدرهم الزائف على الصيارفة ، فما عرفوا أخذنا وما أنكروا تركنا ›› .

وقيل لعبد الرحمن بن مهدىّ : إنك تقول للشيء "هذا صحيح" و "هذا لم يثبت" ، فعن مَن تقول ذلك ؟ فقال : أرأيتَ لو أتيتَ الناقِدَ فأريتَه دراهمك ، فقال : "هذا جيد" و "هذا بَهْرَج" أكنتَ تسأله عن ذلك أو تُسلِّم الأمرَ إليه ؟ قال : لا بل كنتُ أسلِّمُ الأمرَ إليه ، فقال : هذا كذلك لطول المُجالسة والمُناظرة والخُبْر به .



وقال ابن مهدىّ : ‹‹ معرفةُ الحديث إلهام ›› .. وقال : ‹‹ إنكارنا الحديث عند الجُهَّال كِهانة ›› .
♦---•---♦
وأول مَن اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابنُ سيرين ، ثم خلفه أيوب السِّخْتِيَانِىّ ، وأخذ ذلك عنه شُعبة ، وأخذ عن شُعبة يحيى القطَّان وابنُ مهدى ، وأخذ عنهما أحمد وعلى بن المَدِيني وابنُ معين ، وأخذ عنهم مثل البُخارىّ وأبي داود وأبي زُرعة وأبي حاتم .... و جاء بعد هؤلاء جماعةٌ منهم : النَّسَائىُّ والعقيلي وابنُ عَدِىّ والدارقطنىُّ ، وقَلَّ مَن جاء بعدهم مِمَّن هو بارِعٌ في معرفة ذلك ، حتى قال أبو الفرج الجوزىّ في أول كتابه "الموضوعات" : قل مَن يَفهمُ هذا بل عُدِم .. والله أعلم .













رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:28   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي



~◘ الحديثُ الثامن والعشـرون ◘~

عن أبي نجيح العِرباض بن سارية - رضى الله عنه - قال : (( وعظنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم موعظةً وَجِلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسولَ الله كأنها موعظة مُوَدِّعٍ فأوصِنا ، قال : أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمعِ والطاعة وإنْ تأمَّر عليكم عبد ، فإنه مَن يَعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاء الراشدين المَهدِيِّين مِن بعدي ، عَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإيَّاكم ومُحْدَثات الأمور ، فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضلالة)) رواه أبو داود والترمذىّ وقال حديث حسن صحيح .
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

البلاغةُ في المَوعظة مُستَحسَنة ، لأنها أقرب إلى قبول القلوب واستجلابها ..
والبلاغة هي التوصُّل إلى إفهام المعاني المقصودة ، وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورةٍ مِن الألفاظ الدالة عليها ، وأفصحها وأحلاها للأسماع ، وأوقعها في القلوب ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقصِرُ خُطبتَها ولا يُطيلها ، بل كان يُبلِغ ويُوجِز .


والمُراد بالبِدعة : ما أُحدِثَ مِمَّا لا أصلَ له في الشريعة يَدلُّ عليه ،، وأمَّا ما كان له أصلٌ مِن الشرع يَدلُّ عليه فليس بِبِدعةٍ شرعًا ، وإنْ كان بِدعةً لغةً .



فقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( كُلُّ بِدعةٍ ضلالة )) : مِن جوامع الكَلِم لا يَخرجُ عنه شيء ، وهو أصلٌ عظيمٌ مِن أصول الدين ، وهو شبيهٌ بقوله : (( مَن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رَدّ )) ، فكُلُّ مَن أحدث شيئًا ونَسَبَهُ إلى الدين ، ولم يكن له أصلٌ مِن الدين يرجع إليه ، فهو ضلالة ، والدينُ بريءٌ مِنه ، وسواءٌ في ذلك مسائل الاعتقادات ، أو الأعمال ، أو الأقوال الظاهرة والباطنة .



وأما ما وقع في كلام السلف مِن استحسان بعض البِدَع ، فإنَّما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية .. :

فمن ذلك : قولُ عمر - رضى الله عنه - لَمَّا جَمَعَ الناسَ في قيام رمضان على إمامٍ واحدٍ في المسجد ، وخرج ورآهم يُصَلُّون كذلك فقال : " نِعْمَت البِدعةُ هذه " ،، ورُوِىَ عنه أنه قال : " إنْ كانت هذه بِدعةً ، فنِعْمَت البِدعة " ،، ورُوِىَ أنَّ أُبَىّ بن كعبٍ قال له : " إنَّ هذا لم يكن " ، فقال عمر : " قد علِمتُ ولكنَّه حَسَن " .. ومُراده أنَّ هذا الفِعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ، ولكنْ له أصولٌ مِن الشريعة يُرجَعُ إليها؛ فمنها أنَّ النبىَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَحُثُّ على قيام رمضان ، ويُرَغِّبُ فيه ، وكان الناسُ في زمنه يقومون في المسجد جماعاتٍ مُتفرقة ووحدانًا ، وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بأصحابه في رمضان غيرَ ليلة ، ثُمَّ امتنع مِن ذلك مُعلِّلاً بأنه خشي أنْ يُكتَبَ عليهم فيعجزوا عن القيام به ، وهذا قد أُمِنَ بعده صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ،، ورُوِىَ عنه أنَّه كان يقومُ بأصحابه ليالي الإفراد في العشر الأواخر .. ومنها أنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمر باتباع سُنَّةِ خُلَفائهِ الراشدين ، وهذا قد صار مِن سنة خُلَفائه الراشدين ، فإنَّ الناسَ اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلىٍّ .
♦---•---♦


ومن ذلك : أذان الجمعة الأول ، زاده عثمان لحاجة الناس إليه ، وأقرَّه عَلِىّ ، واستمر عمل المسلمين عليه ، ورُوِىَ عن ابن عمر أنه قال : " هو بِدعة " ، ولعله أراد ما أراد أبوه في قيام رمضان .
♦---•---♦


ومن ذلك : جمع المصحف في كتابٍ واحد ، توقَّف فيه زيد بن ثابت ، وقال لأبي بكرٍ وعمر : كيف تفعلان ما لم يفعله النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ ثُمَّ عَلِمَ أنَّه مَصلحة ، فوافق على جَمعه ،، وقد كان النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُ بكتابة الوحى ،، ولا فرق بين أنْ يُكتَبَ مُفرَّقًا أو مَجموعًا ، بل جَمْعُهُ صار أصلح .
♦---•---♦


وكذلك : جَمعُ عُثمان الأمَّة على مُصحفٍ واحدٍ وإعدامِهِ لِمَا خالفه خشية تَفَرُّق الأمَّة ، وقد استحسنه عَلِىٌّ وأكثرُ الصحابة ، وكان ذلك عينَ المصلحة .
♦---•---♦


وكذلك : قِتالُ مَن مَنَعَ الزكاة ، توقَّف فيه عمر وغيرُه حتى بَيَّن له أبو بكرٍ أصلَه الذي يرجع إليه مِن الشريعة ، فوافقه الناس على ذلك .










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-20, 09:29   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
أم سهيــر
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أم سهيــر
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي



~◘ الحديثُ الثلاثـون ◘~

عن أبي ثعلبة الخشنىّ جُرثوم بن ناشرٍ - رضى الله عنه - عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( إنَّ اللهَ تعالى فَرَضَ فرائضَ فلا تُضَيِّعوها ، وحَدَّ حُدودًا فلا تعتدوها ، وحَرَّمَ أشياءَ فلا تنتهكوها ، وسَكَتَ عن أشياء رحمةً لكم غيرَ نسيانٍ فلا تبحثوا عنها )) حديث حسن رواه الدارقطنىُّ وغيره .

◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘
◘---♦---•---♦---•---♦---•---♦---◘

قال إسحاقُ بن رَاهَوَيْـه :‹‹ لا يجوزُ التفكرُ في الخالق ، ويجوزُ للعباد أن يُفكِّروا في المخلوقين بما سمعوا فيهم ، ولا يَزيدون على ذلك ، لأنهم إنْ فعلوا تاهوا ››، قال :‹‹ وقد قال الله : (( وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )) الإسراء/44 ، فلا يجوزُ أنْ يُقالَ : كيف تُسبِّحُ القِصاع ، والأخوِنة ، والخُبز المخبوز ، والثياب المنسوجة ؟ وكُلُّ هذا قد صَحَّ العِلمُ فيهم أنهم يُسَبِّحون ، فذلك إلى الله أنْ يجعل تسبيحَهم كيف شاء وكما يشاء ، وليس للناس أنْ يَخوضوا في ذلك إلاَّ بما علِموا ، ولا يتكلموا في هذا وشِبهه إلاَّ بما أخبر الله ، ولا يَزيدوا على ذلك ، فاتَّقُوا الله ، ولا تخوضوا في هذه الأشياء المتشابهة ، فإنه يُردِيكمُ الخوضُ فيه عن سُنَنِ الحَق ›› ... نقل ذلك كُلَّهُ حَرْب عن إسحاق رحمه الله تعالى .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
العلـوم, جامــع, فوائـد, والحِكَـم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc