الإيمان برسل الله - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإيمان برسل الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-24, 15:59   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثالثاً:

أما الحكمة من الاصطفاء والاختيار – ومنه اصطفاء جبريل عليه السلام لإرساله بالوحي - : فإن ذلك من أفعال الله تعالى الدالة على علمه وعدله وحكمته .

والله سبحانه وتعالى يختار ما يشاء من الأشياء المختلفة ليميزها على غيرها ، قال تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/ 68 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

هذه الآيات – أي : الآية السابقة وما بعدها - فيها عموم خلقه لسائر المخلوقات ، ونفوذ مشيئته بجميع البريات ، وانفراده باختيار من يختاره ويختصه ، من الأشخاص ، والأوامر ، والأزمان ، والأماكن ، وأن أحداً ليس له من الأمر والاختيار شيء .

" تفسير السعدي " ( ص 622 ) .

والله سبحانه وتعالى يصطفي ما يشاء من الأشياء المتشابهة ليميزها على غيرها ، قال تعالى : ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) الحج/ 75 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

جبريل رسولٌ ملَك ، ومحمَّدٌ رسولٌ بشر ، والله يصطفي من الملائكة رسلاً ، ومن الناس ، فاصطفى لكلامه الرسول الملكي ، فنزل به على الرسول البشري الذي اصطفاه ، وقد أضافه إلى كلٍّ من الرسوليْن لأنه بلغه وأداه ؛ لا لأنه أنشأه وابتداه ، قال تعالى : ( إنه لقول رسول كريم . ذي قوة عند ذي العرش مكين ) التكوير/ 19 ، 20.

" مجموع الفتاوى " ( 17 / 82 ) .

وقال ابن القيم – رحمه الله - :

وإذا تأملت أحوالَ هذا الخلقِ : رأيتَ هذا الاختيار والتخصيص فيه دالاًّ على ربوبيته تعالى ووحدانيته وكمالِ حكمته وعلمه وقدرته ، وأنه اللهُ الذي لا إله إلا هو، فلا شريك له يخلُق كخلقه ، ويختار كاختياره ، ويدبِّر كتدبيره ، فهذا الاختيارُ والتدبير والتخصيص المشهود : أثرُه في هذا العالم مِنْ أعظم آيات ربوبيته ، وأكبرِ شواهد وحدانيته ، وصفات كماله ، وصدقِ رسله .

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 1 / 42 ) .

فاصطفى الله تعالى من الملائكة جبريل عليه السلام دون غيره لما فيه من صفات القوة ، والأمانة ، وغيرهما ، وقد علم الرب تعالى ذلك أزلاً ، فاصطفاه من أجل ذلك .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

ذواتُ ما اختاره واصطفاه من الأعيان والأماكن والأشخاص وغيرها : مشتَمِلَة على صفات وأمور قائمة بها ليست لغيرها ، ولأجلها اصطفاها اللهُ ، وهو سبحانه الذي فضلها بتلك الصفاتِ ، وخصها بالاختيار ، فهذا خلقُه ، وهذا اختياره ، ( وَرَبّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) القصص/ 67 .

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 1 / 53 ) .

والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 16:00   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:

لقد شاركت بعض المسلمين في عدة مناقشات هنا في أمريكا عن "خاتم النبيين"
الرجاء إيضاح التالي: -

معنى خاتم في اللغة العربية (آخر) أم (خاتم)؟ -

الأدلة من القرآن والسنة .

- هل نزول عيسى عليه السلام ينهي "خاتم النبيين" أم لا؟

- ما حكم من لا يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين ولا نبي بعده ، هل هو كافر أم لا؟ وهل يجوز الصلاة خلفه لو لم يكن هناك مسجد في منطقتنا؟


الجواب
:

الحمد لله


النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو آخر الأنبياء ، قال عليه الصلاة والسلام : (فضّلت على الأنبياء بخمس: أعطيت الشفاعة وختم بي النبيون ... الحديث) فأخبر عليه الصلاة والسلام أنه آخرهم

وقال تعالى : (ولكن رسول الله وخاتَم النبيين) – بفتح التاء - وفي قراءة أخرى ( وخاتِم النبيين ) – بكسر التاء - والمعنى : أنه آخرهم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (أنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي) أي أنه خُتم به أنبياء الله ، فلا نبي بعده ولا رسول .

ولا شك أن عيسى عليه الصلاة والسلام عندما ينزل يكون بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، فيحكم بها ، فلا يعتبر نبياً بعد رسول الله إنما هو واحدٌ من أمته ، يحكم بشريعته .

ومن ادعى انه سوف يأتي نبي جديد فهو كافر ، أو يجوز إتيان نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام ، فيعتبر أن هذه الشريعة ليست آخر الشرائع ، مثل هذا كافر ولا يصلى خلفه إن عُلِمَ هذا من عقيدته ، وإن ثبت فعليك إعادة الصلاة ولو منفرداً .

سماحة الشيخ

عبد الله بن جبرين رحمه الله









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 16:01   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

بالنسبة لمسألة تخيير الرسل والأنبياء قبل الموت ( أي هل يموتون الآن أم بعد مدة ) كما حصل معه عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم

كيف نقول بالنسبة لمن قتل منهم أي الأنبياء والرسل

هل خُيروا أم لم يُخيروا ؟


الجواب:


الحمد لله

أولا :

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل نبي يخير عند موته بين الدنيا والآخرة ، جاء ذلك في روايات عدة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :

( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ صَحِيحٌ يَقُولُ : إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ . فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ الْقَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِي عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى . فَقُلْتُ : إِذًا لاَ يُجَاوِرُنَا . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ )

رواه البخاري (4437) ومسلم (2444)

وعنها رضى الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :

( مَا مِنْ نَبيٍّ يَمْرَضُ إِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ ) رواه البخاري (4586)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قوله : ( كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يُخَيَّر ) ولم تصرح عائشة بذكر من سمعت ذلك منه في هذه الرواية ، وصرحت بذلك في الرواية التي تليها من طريق الزهري عن عروة عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول : ( إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيى أو يخير ) وهو شك من الراوي ، هل قال يُحَيَّى ، أو يُخَيَّر .

وعند أحمد من طريق المطلب بن عبد الله عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( ما من نبي يقبض إلا يرى الثواب ثم يخير )

ولأحمد أيضا من حديث أبي مويهبة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني أوتيت مفاتيح خزائن الأرض والخلد ثم الجنة ، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة فاخترت لقاء ربي والجنة )

وعند عبد الرزاق من مرسل طاوس رفعه : ( خيرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل فاخترت التعجيل ) " انتهى من " فتح الباري " (8/137)

وقال أيضا :

" هذه الحالة من خصائص الأنبياء أنه لا يقبض نبي حتى يخير بين البقاء في الدنيا وبين الموت " انتهى من " فتح الباري " (10/131)

ومن ذلك قصة استئذان ملك الموت على نبي الله موسى عليه السلام فلطمه موسى ففقأ عينه وهي مروية في الصحيحين أيضا .

يقول الدكتور عمر الأشقر حفظه الله :

" مما تفرد به الأنبياء أنّهم يخيَّرون بين الدنيا والآخرة " انتهى من " الرسل والرسالات " (ص/63)









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 16:02   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثانيا :

لما كان تخيير الرسل والأنبياء قبل الموت من عالم الغيب الذي لم نطلع عليه إلا بواسطة الوحي الصحيح ، لم يجز لنا أن نتكلم في تفاصيله بغير علم ولا هدى ، بل يجب الوقوف عند حدود النصوص الواردة في هذا الموضوع ، وهي نصوص عامة لم تستثن أحدا من الأنبياء ، بل جاءت بصيغة تؤكد العموم ، ففي الرواية الأولى بلفظ : ( لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ )، وفي الرواية الثانية بلفظ : ( مَا مِنْ نَبيٍّ يَمْرَضُ )، فيظهر أنها تعم كل نبي ، سواء مات ميتة طبيعية على فراشه ، أو قتل شهيدا باعتداء المعتدين .

هذا ما يمكننا قوله ، ولا نستطيع تجاوز ذلك .

ثالثا :

لا يفوتنا التنبيه هنا على كثرة الكذب في هذا الموضوع ، فقد رويت أحاديث كثيرة ضعيفة تذكر قصة استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض روحه ، وما دار من حوار طويل بينهما

روى فيها الرواةُ الشيءَ الكثير ، ولكن خُلِطَ الصحيح فيه بالمكذوب ، وتساهل الكثيرون في ذكر ما ليس له أصل ، وما لم يأت إلا من طريق منكر متروك ، والذي يبتغي السلامة في هذا الباب عليه بالأحاديث الصحيحة ، إذ فيها الغنية والكفاية ، وفيها من وصف أحداث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه العبرة والعظة والحكمة .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :

" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها ، ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم ، فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .

وبعد البحث في مرويات قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم نقف على الحديث الذي ذكره السائل بهذا اللفظ لكن رويت أحاديث في استئذان ملك الموت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ قريب مما ذكره السائل ، ولكنها أحاديث ضعيفة حكم عليها العلماء بالنكارة والوضع ، فمن ذلك :

حديث يرويه علي بن الحسين عن أبيه في قصة طويلة فيها ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبته له .

وهذه قصة رواها الطبراني في المعجم الكبير (3/129) وفي كتاب الدعاء (1/367) .

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/35) : فيه عبد الله بن ميمون القداح ، وهو ذاهب الحديث .

وكذلك حكم عليه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/560) والحافظ ابن حجر في "أجوبة بعض تلامذته" (1/87) وابن كثير في البداية والنهاية (5/290) وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5384) : موضوع .

وحديث آخر يرويه ابن عباس رضي الله عنها ، وفيه ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه .

رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/141) .

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/36) : وفيه المختار بن نافع وهو ضعيف .

وقال العراقي في تخريج الإحياء (4/560) : وفيه المختار بن نافع منكر الحديث .

وأما تخييره صلى الله عليه وسلم بين الموت والبقاء في الدنيا ، وكذلك قوله : ( بل الرفيق الأعلى ) فهذا ثابت عنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لقصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكرت بعض كتب التاريخ أن ملك الموت أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه على شكل أعرابي ، ما صحة هذا الكلام ؟

فأجاب رحمه الله :

" هذا غير صحيح ...لم يأته ملك الموت ولم يستأذن منه ، بل خطب – صلى الله عليه وسلم – في آخر حياته خطبة وقال : ( إن عبدا خيَّره الله تعالى بين الخلد في الدنيا ما شاء الله ، وبين لقاء ربه ، فاختار لقاء ربه ) هكذا قال في آخر حياته ، فبكى أبو بكر ، فتعجب الناس كيف يبكي أبو بكر من هذه الكلمات ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو المُخيَّر ، وكان أبو بكر أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا الذي ورد ، أما أن ملك الموت جاء يستأذنه فهذا غير صحيح " انتهى . "لقاء الباب المفتوح" (2/340)

ومن أراد المزيد من الأحاديث الصحيحة في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع إلى كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (5/248) باب احتضاره ووفاته عليه الصلاة والسلام ، وكذلك كتاب "صحيح السيرة النبوية" تأليف إبراهيم العلي ، الباب السادس : مرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – ووفاته .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 16:03   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:

لماذا مُيز إبراهيم عليه السلام عن غيره من الأنبياء بخلة الرحمن ؟

وهل في قصة ذبح إسماعيل عليه السلام علاقة بهذا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لم يختص إبراهيم عليه السلام بخُلَّة الرحمن سبحانه وتعالى ، بل شاركه فيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

فعن جُنْدَب بنِ عَبْدِ الله البَجَلي رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ : (إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا ، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا) رواه مسلم (532) .

قال ابن القيم رحمه الله :

مرتبة الخلة التي انفرد بها الخليلان : إبراهيم ، ومحمد ، صلى الله عليهما وسلم ، كما صح عنه أنه قال : (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلاً) ، وقال : (لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن صاحبكم خليل الرحمن) ، والحديثان في الصحيح ، وهما يبطلان قول من قال : "الخلة لإبراهيم ، والمحبة لمحمد ، فإبراهيم خليله ومحمد حبيبه" .

"مدارج السالكين" (3/30) .

وقد استحق كلا النبيين عليهما الصلاة والسلام هذه المنزلة لما لهما من الصفات ، والأفعال العظيمة الجميلة .

وبخصوص النبي إبراهيم عليه السلام : فإن الله تعالى قد أثنى عليه في القرآن ثناء عظيماً ، وذكر له من الصفات والأفعال ما استحق بها أن يكون خليلاً لربه تعالى ، وأعظم تلك الصفات والأفعال : تحقيقه للتوحيد ، وبراءته من الشرك والمشركين ، حتى نسب الدين والملَّة إليه عليه السلام ، ولذا فلا عجب إِنْ عَلِمْنَا أن الله تعالى أمر نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم أن يتبع هذه الملَّة في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل/ 123

وأمر سبحانه عبادَه جميعهم بذلك الاتباع لتلك الملَّة إتباعه في قوله: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/ 95 .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-24, 16:04   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ومن عظيم صفات وأفعال إبراهيم عليه السلام :

1 –قال الله تعالى : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ) النحل/ 120، 122 .

والأمّة هو الإمام الجامع لخصال الخير الذي يُقتدى به .

والقانت هو الخاشع المطيع لربه دائماً .

والحنيف هو المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد ، ولهذا قال : (وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) و (شَاكِراً لأَنْعُمِهِ) أي : قائماً بشكر نعمة ربه عليه .

فكان نتيجة هذه الخصال الفاضلة أن (اجْتَبَاهُ) ربه واختصه بخلته وجعله من صفوة خلقه ، وخيار عباده المقربين .

انظر : تفسير ابن كثير ، وتفسير السعدي .

2 – قال الله تعالى : (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) النجم/37 .

أي : قام بجميع ما أمره الله به .

3- قال الله تعالى : (إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) هود/ 75 .

و(حَلِيمٌ) "أي : ذو رحمةٍ ، وصفحٍ عما يصدر منهم إليه من الزلات ، لا يستفزه جهل الجاهلية ، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه" .

تفسير السعدي .

و(أَوَّاهٌ) أي : كثير التضرع والذكر والدعاء والاستغفار .

و(مُّنِيبٌ) "أي : راجع إلى الله بمعرفته ومحبته والإقبال عليه والإعراض عما سواه" .

تفسير السعدي .

4- كرمه وسخاؤه ، قال الله تعالى : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ . إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًاً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ . فَرَاغَ إلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ . فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ) الذاريات/ 24 – 27 .

5- عظم صبره ، قال الله تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) الأحقاف/ 35 ، وإبراهيم عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، فهم المذكورون في قوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى/13 .

6- البراءة من الشرك والمشركين ، وإعلانه ذلك ، قال الله تعالى : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ والَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وممَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وبَدَا بَيْنَنَا وبَيْنَكُمُ العَدَاوَةُ والْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وحْدَهُ ...) الممتحنة/ 4 .

7- قيامه بجميع ما أمره الله به على أتم وجه ، قال الله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة/124 .

وغير ذلك من الصفات والأفعال ، التي بمجموعها استحق عليه السلام أن يكون خليلاً لله تعالى.

قال ابن كثير رحمه الله :

وإنما سمي خليل الله : لشدة محبة ربه عَزَّ وجَلَّ له ؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها.

"تفسير ابن كثير" (2/423) .

ثانياً :

أما علاقة الأمر بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بالخلة : فالذي يظهر أن لذلك أعظم الصلة ، وأقوى الارتباط ، وقد بيَّن ابن القيم رحمه الله ذلك ، فقال :

"والخُلة هي : المحبة التي تخللت روح المحب ، وقلبه ، حتى لم يبق فيه موضع لغير المحبوب كما قيل :

قد تخللتِ مسلك الروح منِّي ... ولذا سمي الخليل خليلاً

وهذا هو السر الذي لأجله - والله أعلم - أُمر الخليل بذبح ولده ، وثمرة فؤاده ، وفلذة كبده ؛ لأنه لما سأل الولدَ فأعطيه : تعلقت به شعبة من قلبه ، والخلة منصب لا يقبل الشِّركة ، والقسمة ، فغار الخليلُ على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره ، فأمره بذبح الولد ؛ ليُخرج المزاحم من قلبه ، فلما وطن نفسه على ذلك ، وعزم عليه عزماً جازماً : حصل مقصود الأمر ، فلم يبق في إزهاق نفس الولد مصلحة ، فحال بينه وبينه ، وفداه بالذبح العظيم ، وقيل له : (يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) ، أي : عملت عمل المصدق .

(إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) نجزي من بادر إلى طاعتنا ، فنقر عينه ، كما أقررنا عينك بامتثال أوامرنا ، وإبقاء الولد ، وسلامته .

(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) وهو اختبار المحبوب لمحبه ، وامتحانه إياه ليؤثر مرضاته ، فيتم عليه نعمَه ، فهو بلاء ، محنة ومنحة عليه معاً" انتهى .

"مدارج السالكين" (3/30 ، 31) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:31   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



السؤال :

بما أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء فلم لم يرفع إلى السماء بدلا من عيسى ؟

ولماذا اختص الله عيسى بالرفع دون سائر الأنبياء ؟


الجواب :


الحمد لله


" إن الله تعالى وسع كل شيء رحمة وعلما ، وأحاط بكل شيء قوة وقهرا ، سبحانه له الحكمة البالغة ، والإرادة النافذة ، والقدرة الشاملة ، اصطفى من شاء من الناس أنبياء ورسلا مبشرين ومنذرين ، ورفع بعضهم فوق بعض درجات

وخص كلا منهم بما شاء من المزايا ، فضلا منه ورحمة ، فخص بالخلة خليله إبراهيم ومحمداً عليهما الصلاة والسلام

وخص كل نبي بما أراد من الآيات والمعجزات التي تتناسب مع زمنه ،

وبها تقوم الحجة على قومه ، حكمةً منه وعدلاً ، لا معقب لحكمه ، وهو العزيز الحكيم اللطيف الخبير ، وليس كل مزية بمفردها بموجبة للأفضلية ، فاختصاص عيسى برفعه إلى السماء حيا جارٍ على مقتضى إرادة الله وحكمته ، وليس ذلك لكونه أفضل من إخوانه المرسلين ، كإبراهيم ومحمد وموسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، فإنهم أعطوا من المزايا والآيات ما يقتضي تفضيلهم عليه .

وبالجملة ، فمرجع الأمر في ذلك إلى الله ، يدبره كما يشاء ، لا يُسأل عما يفعل ، لكمال علمه وحكمته ، ثم إنه لا يترتب على السؤال عن ذلك عمل أو تثبيت عقيدة ، بل ربما أصيب بالحيرة من حام حول ذلك ، واستولت عليه الريب والشكوك ، وعلى المؤمن التسليم فيما هو من شؤون الله ، وليجتهد فيما هو من شؤون العباد عقيدة وعملا ، وهذا هو منهج الأنبياء والمرسلين ، وطريق الخلفاء الراشدين ، وسلف الأمة المهديين .

والله أعلم .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الشيخ عبد الرزاق عفيفي

الشيخ عبد الله بن غديان

الشيخ عبد الله بن قعود .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/476) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:31   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:


بعض الناس يقول: إن الإسلام والإيمان ليسا محصورين برسالة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فقط، بل إن الإسلام والإيمان يخصان كل إنسان يعبد الله بأي صورة كانت قبل وبعد البعثة المحمدية المباركة، فما تعليقكم؟

الجواب:

الحمد لله

"أما قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فكل من آمن بالرسل الماضين فهو من أهل الجنة.. من آمن بموسى.. بعيسى.. بهود.. بصالح.. بجميع الرسل

فهو من أهل الجنة إذا مات على ذلك

أما بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فليس من أهل الجنة إلا من تابع محمداً صلى الله عليه وسلم، فجميع أهل الأرض بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ليس لهم نجاة إلا باتباعه محمد عليه الصلاة والسلام

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

فأتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين يدخلون الجنة دون غيرهم

ويقول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار)

فلا يكون من أهل الجنة بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من اتبعه. أما من بلغه خبره وكَفَرَ به، ولم يؤمن به، فهو من أهل النار

وأما من لم يبلغه خبر النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الفترات الذين لم يسمعوا بالرسول ولا بالقرآن، فهؤلاء يقال لهم: أهل الفترة، وهؤلاء أمرهم إلى الله يوم القيامة، يمتحنهم جل وعلا، فمن نجح في الامتحان دخل الجنة، ومن لم ينجح دخل النار، نسأل الله السلامة

وأما من بلغه رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه القرآن ولم يؤمن؛ به فهو من أهل النار. ومن لم يُكَفِّر الكفارَ فهو مثلهم، فيجب تكفير من لم يؤمن بالله، وتكفير من كفر به

ولهذا ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وحد الله وكفر بما عبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)

ويقول الله جل وعلا: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/256.

فلابد من الإيمان بالله، وتوحيده، وإخلاصه، والإيمان بإيمان المؤمنين، ولابد من تكفير الكافرين الذين بلغتهم الشريعة ولم يؤمنوا، كاليهود، والنصارى، والمجوس، والشيوعيين، وغيرهم ممن يوجد اليوم وقبل اليوم

فمن بلغته رسالة الله ولم يؤمن فهو من أهل النار، نسأل الله العافية" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (28/44) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:32   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

قد كتب دان براون في كتابه : " سر داوينجي " أن المسيح عيسي بن مريم قد تزوج امرأة زانية اسمها مريم المجدلية ، وكان لهما ابنة اسمها سارة .

هل هذا صحيح حسب الروايات الإسلامية ؟ وإن لم يكن صحيحًا فلماذا لم يتزوج عيسي بن مريم عليهما السلام ؟.


الجواب :

الحمد لله

لم يرد في صريح الكتاب والسنة الصحيحة نص يدل على إثبات أو نفي زواج السيد المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام

وإن كان في القرآن الكريم ما يدل على أن الزواج عموماً من هدي المرسلين ، فقد قال سبحانه وتعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ) الرعد/38

فذلك لا يمنع أن يكون بعضهم مستثنى من ذلك ، وهذا الاستثناء كان كمالاً في حقه وفي شريعته ، كما أن زواج الأنبياء ـ عموماً ـ وما أوتوا من الأزواج والذرية ، كان كمالاً لهم .

وقد الله تعالى في بشارته لنبيه زكريا عليه السلام بولده الذي يولد له ، يحي عليه السلام :

( فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران/39 .

قال القاضي عياض رحمه الله :

" فإن قيل : كيف يكون النكاح وكثرته من الفضائل ، وهذا يحيى بن زكريا عليه السلام قد أثنى الله تعالى عليه أنه كان حصوراً ؛ فكيف يثنى الله عليه بالعجز عما تعده فضيلة ؟!

وهذا عيسى ابن مريم عليه السلام تبتل من النساء ، ولو كان كما قررته لنكح ؟

فاعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى ـ بأنه حصور ـ ليس كما قال بعضهم : إنه كان هيوباً ، أو لا ذكر له ؛ بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين ونقاد العلماء ، وقالوا هذه نقيصة وعيب ولا يليق بالأنبياء عليهم السلام ، وإنما معناه أنه معصوم من الذنوب ، أي : لا يأتيها ، كأنه حصر عنها .

وقيل : مانعا نفسه من الشهوات ، وقيل : ليست له شهوة في النساء .

فقد بان لك من هذا : أن عدم القدرة على النكاح نقص ؛ وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قمعها ، إما بمجاهدة كعيسى عليه السلام ، أو بكفاية من الله تعالى كيحيى عليه السلام ، فضيلة زائدة ؛ لكونها مشغلة في كثير من الأوقات ، حاطّة إلى الدنيا، ثم هي في حق من أقدر عليها وملكها وقام بالواجب فيها ولم يشغله عن ربه : درجة علياء ، وهى درجة نبينا صلى الله عليه وسلم ، الذي لم تشغله كثرتهن عن عبادة ربه ، بل زاده ذلك عبادة لتحصينهن وقيامه بحقوقهن واكتسابه لهن وهدايته إياهن . " انتهى .

الشفا بحقوق المصطفى ، للقاضي عياض (188-89) ، وانظر : تفسير ابن كثير (2/38) ، وأيضا : "التحرير والتنوير"، لابن عاشور (13/162-163) .

وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله :

" وأما ترك المسيح التزوج فلعله لعارض آخر أمره الله به لأجله ، وليس ترك التزوج من شؤون النبوءة فقد كان لجميع الأنبياء أزواج قال تعالى : ( وجعلنا لهم أزواجاً وذرية ) الرعد/38 " انتهى.

"التحرير والتنوير" (27/425)

وأما ما جاء في رواية " شيفرة دافنشي " لكاتبها " دان براون " ، فليس فيها إلا إثارة لمواضيع حساسة لدى الكنائس الغربية لقصد الإثارة وتحقيق الأرباح فقط ، وليس بغرض البحث العلمي، ولا التحقيق التاريخي، وقد أثارت هذه الرواية جدلاً واسعاً في الأوساط النصرانية ، وكتب الكثيرون منهم ردوداً على ما جاء فيها من تفصيلات تعارضها الكنيسة .

وأما نحن المسلمين فنقول : المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام من أولي العزم من الرسل ، وهو كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأما أنه تزوج أو لم يتزوج ، فأي الأمرين وقع له ، فهو فضل وكمال في حقه ، ولا ينقص من قدره عند الله شيئاً ، صلى الله عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والرسل .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:33   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




السؤال :


هل يعتقد المسلمون أن عيسى كان يهوديا ؟

حيث ذكر في الإنجيل أن عيسى كان يهوديا


الجواب :

الحمد لله

عيسى ابن مريم عليه السلام ، أحد أنبياء الله الكرام ، وأولي العزم من ورسله ، أرسله الله إلى بني إسرائيل ، وعلمه التوراة والإنجيل ، وأخبر أنه جاء مصدقا لما في التوراة ، أي مقررا لها ومؤمنا بها ، إلا أنه نسخ بعض أحكامها ، وأباح لأتباعه بعض ما حرم فيها .

قال تعالى : ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ . وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) آل عمران/48- 50

وقال سبحانه : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) المائدة/46 .

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (2/44) :

" وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ " فالتوراة : هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى بن عمران ، والإنجيل : هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى عليهما السلام ، وقد كان [ عيسى ] عليه السلام ، يحفظ هذا وهذا " انتهى .

وقال أيضاً رحمه الله :

" وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ " أي : متبعًا لها ، غير مخالف لما فيها ، إلا في القليل مما بيّن لبني إسرائيل بعض ما كانوا يختلفون فيه ، كما قال تعالى إخبارًا عن المسيح أنه قال لبني إسرائيل : ( وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) ؛ ولهذا كان المشهور من قولي العلماء أن الإنجيل نسخ بَعْضَ أحكام التوراة " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (3/126) .

وعُلم بهذا أن عيسى عليه السلام كان مؤمنا بالتوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام ، متبعا لها ، لم يخالفها إلا في أشياء قليلة .

وموسى وعيسى وجميع الأنبياء كان دينهم الإسلام العام ، وهو توحيد الله عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/19

وقال تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85

وقال عن نوح عليه السلام : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/72

وقال عن إبراهيم عليه السلام : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) آل عمران/67

وقال عن موسى عليه السلام : ( يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس/84

وقال عن يوسف عليه السلام : ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) يوسف/101 .

فلا يقال عن موسى عليه السلام إن دينه اليهودية ، بل دينه الإسلام ، وأتباعه سُموا باليهود إما لقولهم : هدنا إليك ، أي : تبنا ورجعنا ، أو نسبة ليهوذا أكبر أولاد يعقوب عليه السلام ، وكذلك عيسى عليه السلام دينه الإسلام وليس النصرانية ، والنصارى هم أتباعه الذين نصروره وآزروه .

لكنه عليه السلام كان متبعا للتوراة حافظا لها مقرا بها ؛ لأنه من جملة بني إسرائيل الذين أرسل فيهم موسى عليه السلام ، ثم أنزل الله عليه الإنجيل وفيه تصديق لما في التوراة ، كما سبق .

وهذا الذي ذكرناه إنما نعني به الدين الذي كان جاء به عسى عليه السلام ، إن كان السائل يريد البحث في دينه والسؤال عنه .

وأما إن كان السائل يسأل عن نسب المسيح عليه السلام ، وقومه الذين ولد فيهم ، وبعث إليهم ، فنبي الله عيسى عليه السلام من بني إسرائيل من غير خلاف ، وبنو إسرائيل هم الذين عرفوا بعد ذلك بأنهم اليهود ، كما أشرنا .

على أن الذي يستعمله أهل العلم هنا أن ينسب إلى نسبه وقومه ، فيقال : هو من بني إسرائيل ، وأما كلمة اليهود فهي تحمل معنى دينيا خاصا ، فلذلك ينبغي اجتنابه في حق عيسى عليه السلام ، وإن كنا نعلم أنه قومه بنو إسرائيل كانوا على شريعة التوراة قبله ، وهو قد جاء مصدقا لما فيها ، وغير شيئا قليلا من أحكامها .

قال ابن الأثير رحمه الله :

" كان عمران بن ماثان [ يعني : جد عيسى عليه السلام ، والد مريم ] من ولد سليمان بن داود ، وكان آل ماثان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم .. " انتهى .

"الكامل في التاريخ" (1/251) .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" ولا خلاف أنها [ يعني : مريم عليها السلام ] من سلالة داود عليه السلام ، وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه " انتهى .

"البداية والنهاية" (2/52) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لا ريب أن قوم موسى عليه السلام هم بنو إسرائيل ، وبلسانهم نزلت التوراة ، وكذلك بنو إسرائيل هم قوم المسيح عليه السلام ، وبلسانهم كان المسيح يتكلم ، فلم يخاطب أحد من الرسولين أحدا إلا باللسان العبراني ، لم يتكلم أحد منهما لا برومية ولا سريانية ولا يونانية ولا قبطية " انتهى .

"الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (2/94) .

وقال أيضا : " فمعلوم باتفاق النصارى أن المسيح لم يكن يتكلم إلا بالعبرية ، كسائر أنبياء بني إسرائيل ، وأنه كان مختونا ، ختن بعد السابع كما يختن بنو إسرائيل ، وأنه كان يصلي إلى قبلتهم ، لم يكن يصلي إلى الشرق ولا أمر بالصلاة إلى الشرق " انتهى .

"المرجع السابق" (3/32) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:35   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

يروى أن هناك مساحة فارغة بجانب قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم

لكي يستخدمها نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم بعد موته

فهل هذا صحيح ؟


الجواب :

الحمد لله

لم يَرِد في السنة النبوية ما يدلُّ على مكان دفن المسيح عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، وأما الحديث الذي يُروى في ذلك فضعيف جدا لا يثبت ، وهذا بيانه :

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض ، فيتزوج ، ويولد له ، ويمكث خمسا وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر ) .

رواه ابن أبي الدنيا – كما عزاه إليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/562) - وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/915) وفي "المنتظم" (1/126) ، وفي "الوفا" (2/714) أيضا : من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي .

قال ابن الجوزي : " هذا حديث لا يصح ، والإفريقي ضعيف بمرة " انتهى .

وأورده الذهبي في "ميزان الاعتدال" في سياق المناكير التي رواها هذا الراوي ، وقال : " فهذه مناكير غير محتملة " انتهى .

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" برقم (6562) : " منكر " انتهى .

ووردت بعض الآثار في هذا الشأن عن علماء الصحابة ممن قرؤوا التوراة وعرفوا ما فيها :

1- قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه : ( مكتوب في التوراة صفة محمد ، وصفة عيسى بن مريم ، يدفن معه ) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (6/229) ، والترمذي في "السنن" (رقم/3617) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (القطعة المفقودة ص/111) ، والآجري في كتاب "الشريعة" (3/1324) بألفاظ متقاربة

ولكني اخترت اللفظ الذي عند الترمذي لتصريحه بنقل الكلام عن التوراة .

كلهم رووه من طريق عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده .
وهذا إسناد ضعيف ، فيه عثمان بن الضحاك : قال أبو داود : ضعيف . انظر "تهذيب التهذيب" (7/124) . وفيه : محمد بن يوسف لم يوثقه أحد ، وإنما ذكره ابن حبان في "الثقات" انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (9/534) لذلك قال البخاري رحمه الله بعد إخراجه الحديث في التاريخ الكبير في ترجمته : " هذا لا يصح عندي ، ولا يتابع عليه " انتهى .

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" برقم (6962) : " موقوف ضعيف " انتهى .

2- عن سعيد بن المسيب قال : ( إن قبور الثلاثة في صُفَّة بيت عائشة ، وهناك موضع قبر يدفن فيه عيسى عليه السلام ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " من وجه ضعيف " انتهى .

"فتح الباري" (7/66) .

كما ذكر ذلك بعض العلماء والمؤرخين :
قال الإمام القرطبي رحمه الله : " ثم يقبض الله روح عيسى عليه السلام ويذوق الموت ، ويدفن إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة ... ، وقد قيل إنه يدفن بالأرض المقدسة مدفن الأنبياء " انتهى .
"التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص/1301) وذكر نحوه ابن عساكر وغيره .

والذي يتحصل مما سبق أنه لم يثبت في حوادث آخر الزمان دفن عيسى عليه السلام في الحجرة النبوية ، وما ورد في ذلك إنما هي آثار ضعيفة السند ، ومأخوذة عن غير الكتاب والسنة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:36   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال :

هل الله يعاقب الأنبياء ؟

في قصة يوسف صلى الله عليه وسلم

هل ترك في السجن لعدد من السنين

كعقوبة من الله بسبب أنه سأل أحد زملائه في السجن أن يذكره عند ربه

بينما أن الله هو الوحيد الذي يدعى بالرب ؟


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

سبق أن تكلمنا عن عصمة الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، من الكبائر ، ومن سفاسف الأخلاق ، وما يخل بالمروءات من فعل أهل الدناءات .

ثانيا :

أما قصة يوسف عليه السلام ، فأظهر القولين في تفسيرها أن الذي نسي ذكر ربه في هذه الآية ، ليس هو يوسف عليه السلام ، وإنما هو السجين الآخر ، الذي طلب منه يوسف أن يذكره عند ربه

قال تعالى : ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ، فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) سورة يوسف/42 .

وإذا كان الأظهر في تفسير الآية أن الناسي هو حامل الرسالة من يوسف إلى عزيز مصر ، فليس في إرسال هذه الرسالة : أن يذكر العزيز بأمر يوسف ، شيء مما يخل بمنصب الرسالة ، بل ولا منصب التوكل على الله وإنزال الحوائج به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قال تعالى : ( فأنساه الشيطان ذكر ربه ) ، قيل : أنسي يوسف ذكر ربه لما قال : ( اذكرني عند ربك ) .

وقيل : بل الشيطان أنسى الذي نجا منهما ذكر ربه ، وهذا هو الصواب ، فإنه مطابق لقوله : ( اذكرني عند ربك )

قال تعالى : ( فأنساه الشيطان ذكر ربه )

والضمير يعود إلى القريب إذا لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك ؛ ولأن يوسف لم ينس ذكر ربه ؛ بل كان ذاكرا لربه .

وقد دعاهما قبل تعبير الرؤيا إلى الإيمان بربه

وقال لهما : ( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار . ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )

وقال لهما قبل ذلك : ( لا يأتيكما طعام ترزقانه ) ، أي : في الرؤيا ( إلانبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ) ، يعني التأويل ، ( ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون .

واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )

فبذا يذكر ربه عز وجل فإن هذا مما علمه ربه ؛ لأنه ترك ملة قوم مشركين لا يؤمنون بالله وإن كانوا مقرين بالصانع ، ولا يؤمنون بالآخرة ، واتبع ملة آبائه أئمة المؤمنين - الذين جعلهم الله أئمة يدعون بأمره - إبراهيم وإسحاق ويعقوب ؛ فذكر ربه ثم دعاهما إلى الإيمان بربه ، ثم بعد هذا عبر الرؤيا ، فقال : ( يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ) الآية

ثم لما قضى تأويل الرؤيا : ( وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك ) ، فكيف يكون قد أنسى الشيطان يوسف ذكر ربه ؟

وإنما أنسى الشيطان الناجي ذكر ربه ، أي الذكر المضاف إلى ربه والمنسوب إليه ، وهو أن يذكر عنده يوسف .

والذين قالوا ذلك القول ، قالوا : كان الأَولى أن يتوكل على الله ولا يقول اذكرني عند ربك . فلما نسي أن يتوكل على ربه جوزي بلبثه في السجن بضع سنين .

فيقال : ليس في قوله : ( اذكرني عند ربك ) ما يناقض التوكل ؛ بل قد قال يوسف : ( إن الحكم إلا لله ) كما أن قول أبيه : ( لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) لم يناقض توكله ، بل قال : ( وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ) .

وأيضا : فيوسف قد شهد الله له أنه من عباده المخلَصين ، والمخلص لا يكون مخلصا مع توكله على غير الله ، فإن ذلك شرك ، ويوسف لم يكن مشركا ، لا في عبادته ولا توكله، بل قد توكل على ربه في فعل نفسه بقوله : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ) ، فكيف لا يتوكل عليه في أفعال عباده .

وقوله : ( اذكرني عند ربك ) مثل قوله لربه : ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) ، فلما سأل الولاية للمصلحة الدينية لم يكن هذا مناقضا للتوكل ، ولا هو من سؤال الإمارة المنهي عنه ، فكيف يكون قوله للفتى : ( اذكرني عند ربك ) مناقضا للتوكل ، وليس فيه إلا مجرد إخبار الملك به ؛ ليعلم حاله ، ليتبين الحق ، ويوسف كان من أثبت الناس .

ولهذا بعد أن طلب : ( وقال الملك ائتوني به ) ، قال : ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ) ، فيوسف يذكر ربه في هذه الحال كما ذكره في تلك .

ويقول : ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة ) ، فلم يكن في قوله له : ( اذكرني عند ربك ) ترك لواجب ولا فعل لمحرم حتى يعاقبه الله على ذلك بلبثه في السجن بضع سنين ...

والمقصود أن يوسف لم يفعل ذنبا ذكره الله عنه ، وهو سبحانه لا يذكر عن أحد من الأنبياء ذنبا إلا ذكر استغفاره منه ، ولم يذكر عن يوسف استغفارا من هذه الكلمة " انتهى باختصار .

"مجموع الفتاوى" (15/112-118) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:37   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثالثاً :

أما قول يوسف عليه السلام لصاحبه في السجن : ( اذكرني عند ربك ) ، فليس هذا من ربوبية العبادة ، بل هو من ربوبية الملك والتصرف .

قال الفيروزآبادي : " رب كل شيء : مالكه ومستحقه وصاحبه ... ولا يقال الرب مطلقا إلا لله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات ، وبالإضافة يقال لله تعالى ولغيره ، نحو : رب العالمين ، ورب الدار " انتهى .

"بصائر ذوي التمييز" (3/29) .

وقال الراغب الأصفهاني : " ويقال : رب الدار ، ورب الفرس : لصاحبهما ، وعلى ذلك قول الله تعالى : ( اذكرني عند ربك ) انتهى .

المفردات في غريب القرآن (186) .

ومراد الراغب رحمه الله : أن إطلاق الرب في الآية جائز ؛ لأنه الرب هنا مضاف إلى صاحبه ، وليس ربا على جهة الإطلاق ، فهذا لا يجوز إلا لله تعالى .

لكن يشكل عليه أنه نهي عن مثل ذلك ، كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ ، وَضِّئْ رَبَّكَ ، اسْقِ رَبَّكَ ، وَلْيَقُلْ : سَيِّدِي ، مَوْلَايَ ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ : عَبْدِي ، أَمَتِي ، وَلْيَقُلْ : فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي ) رواه البخاري (2552) ، ومسلم (2249) .

قال النووي رحمه الله :

" قال العلماء : لا يطلق الرب بالألف واللام ، إلا على الله تعالى خاصة ، فأما مع الإضافة فيقال : رب المال ، ورب الدار ، وغير ذلك ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في ضالة الإبل : ( دعها حتى يلقاها ربها ) والحديث الصحيح ، ( حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ) ، وقول عمر رضي الله عنه في الصحيح : ( رب الصريمة والغنيمة ) ، ونظائره في الحديث كثيرة مشهورة .

وأما استعمال حملة الشرع ذلك ، فأمر مشهور معروف .

قال العلماء :

وإنما كره للمملوك أن يقول لمالكه : ربي ؛ لأن في لفظه مشاركة لله تعالى في الربوبية .
وأما حديث : ( حتى يلقاها ربها ) ، و ( رب الصريمة ) وما في معناهما ، فإنما استعمل لأنها غير مكلفة ، فهي كالدار والمال ، ولا شك أنه لا كراهة في قول : رب الدار ، ورب المال .

وأما قول يوسف عليه السلام : ( اذكرني عند ربك ) ، فعنه جوابان :

أحدهما :

أنه خاطبه بما يعرفه ، وجاز هذا الاستعمال ؛ للضرورة ، كما قال موسى عليه السلام للسامري : ( وانظر إلى إلهك ) طه / 97 ، أي : الذي اتخذته إلها .

الجواب الثاني :

أن هذا شرع من قبلنا ، وشرع من قبلنا لا يكون شرعا لنا إذا ورد شرعنا بخلافه ، وهذا لا خلاف فيه .
وإنما اختلف أصحاب الأصول في شرع من قبلنا إذا لم يرد شرعنا بموافقته ولا مخالفته ، هل يكون شرعا لنا ، أم لا ؟ " انتهى .

"الأذكار للنووي" (1/363) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وَالسَّبَب فِي النَّهْيِ أَنَّ حَقِيقَة الرُّبُوبِيَّة لِلَّهِ تَعَالَى , لِأَنَّ الرَّبّ هُوَ الْمَالِك ، وَالْقَائِم بِالشَّيْءِ فَلا تُوجَدُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ :

سَبَب الْمَنْع أَنَّ الْإِنْسَان مَرْبُوبٌ مُتَعَبِّدٌ بِإِخْلَاصِ التَّوْحِيد لِلَّهِ وَتَرْك الْإِشْرَاك مَعَهُ , فَكَرِهَ لَهُ الْمُضَاهَاة فِي الِاسْم لِئَلَّا يَدْخُل فِي مَعْنَى الشِّرْك , وَلَا فَرْق فِي ذَلِكَ بَيْن الْحُرّ وَالْعَبْد , فَأَمَّا مَا لَا تَعَبُّد عَلَيْهِ مِنْ سَائِر الْحَيَوَانَات وَالْجَمَادَات فَلَا يُكْرَهُ إِطْلَاق ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْد الْإِضَافَة كَقَوْلِهِ رَبّ الدَّار وَرَبّ الثَّوْب .

وَقَالَ اِبْن بَطَّال : لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَال لِأَحَدٍ غَيْر اللَّه رَبّ , كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَال لَهُ إِلَهُ ا ه . وَالَّذِي يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى إِطْلَاق الرَّبّ بِلَا إِضَافَةٍ , أَمَّا مَعَ الْإِضَافَة فَيَجُوزُ إِطْلَاقُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَنْ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ( اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) ، وَقَوْله : ( اِرْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ) ، وَقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي أَشْرَاط السَّاعَة : ( أَنْ تَلِدَ الْأَمَة رَبَّهَا ) ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْي فِي ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى الْإِطْلَاق , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ , وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلِبَيَانِ الْجَوَاز . وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوص بِغَيْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَرُدّ مَا فِي الْقُرْآن , أَوْ الْمُرَاد النَّهْي عَنْ الْإِكْثَار مِنْ ذَلِكَ وَاِتِّخَاذ اِسْتِعْمَال هَذِهِ اللَّفْظَة عَادَة , وَلَيْسَ الْمُرَاد النَّهْي عَنْ ذِكْرهَا فِي الْجُمْلَة " انتهى .

"فتح الباري" (5/179) .

والحاصل :

أن اسم "الرب" الذي يختص به الله سبحانه وتعالى هو ما يطلق من غير قيد ، وأما إن قيد برب شيء معين ، خاصة إذا كان هذا الشيء لا يعقل ، ولا يكلف بعبادة : فهو جائز ؛ ومنه هذه الآية .

وقد قيل في تأويلها أيضا : إنه خاطبهم بلغتهم التي يعرفونها ، أو أن ذلك كان جائزا عندهم .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:38   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


السؤال:

في باكستان لقد ذهلت عندما سمعت من يقال إنه رجل علم وهو يقول : " تستطيعون لقاء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة " ،

أراد أن يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يأتي حيا في شكله الحقيقي ... إلى وليهم ... إنهم لا يعتقدون فقط أن رسول صلى الله عليه وسلم مات

ولكن أيضا يقولون إنه صلى الله عليه وسلم يزور أولياءهم أحياءً هذه الأيام أيضًا .

كيف نرد عليهم ؟

وما حكمهم في الشرع ؟


الجواب:

الحمد لله


أفضل ما يمكن أن ترد به البدعة ، أو يصحح به الخطأ هو السؤال عن دليله ، فمن سئل عن دليل القول الذي يقول به وتوجيهه أصيب في صميم فكره وعقله بضرورة البناء العلمي السليم ، بالدليل ووجه الاستدلال الصحيح والسلامة من المعارض ، وليس بالمجازفات والحكايات التي تروى هنا وهناك ، فالجميع يقر بأن هذا الأمر دين ، فينبغي أن يتفق الجميع أيضا كيف يُستدل لهذا الدين ، وكيف يحتج لأمور الشريعة .

وهؤلاء الذين يزعمون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة :

إما أن يقولوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم حي بروحه وجسده ، يخرج ، ويجيء ، ويتحرك في هذا الكون كما يشاء ، وأنه – في هذا الشأن – كما كان في حياته صلى الله عليه وسلم .

أو يقولوا إنه صلى الله عليه وسلم قد مات وانتقل إلى حياة البرزخ الخاصة به صلى الله عليه وسلم ، ومن يراه إنما تنكشف له صورته في حياته البرزخية .

وفي كلا الادعائين هم مطالبون بالدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع .

وقد بحثنا في الأدلة التي يستدل بها بعضهم فلم نجد سوى ما يتناقلونه في بعض الكتب من وقوع ذلك للأولياء والصالحين ، وما يذكرونه من أسماء أشخاص وقع ذلك لهم .

ولا يخفى أن هذا الاستدلال لا يقوى على الاحتجاج به ؛ فالدليل يجب أن يكون آية أو حديثا أو إجماعا أو على الأقل قول صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس حكاية أو قصة ، خاصة في مسألة تتعلق بشخص النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقته بعالم الغيب .

أضف إلى ذلك أن جميع هذه القصص التي تروى تدخل عليها احتمالات كثيرة : احتمال عدم الثبوت ، واحتمال وقوع الوهم من صاحبها ، واحتمال وقوع ذلك مناما لا يقظة ، واحتمال تمثل الشيطان بصورة يلبس على الرائي أنها صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك قد تكون هذه الرؤية تخيلات طرأت على عقل صاحبها حتى ظنها حقيقة .

فكيف إذا سقنا بعض الأدلة التي تنفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة على وجه الحقيقة وليس على وجه الخيال .

يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين قام في الناس خطيبا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم :

( أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ . وَقَالَ : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) وَقَالَ : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) " انتهى. رواه البخاري (3667)

فإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم ، وهم أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم حبا له وتفانيا في طاعته قد أدركوا معنى موته صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك يعني ألا لقاء معه بعد ذلك في الدنيا ، فكيف يزعم هؤلاء أنهم يلقون النبي صلى الله عليه وسلم ويجالسونه؟!









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-27, 15:39   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" يحصل لهم في هذه المواضع أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات رحمانية .

فمنهم من يرى أن صاحب القبر قد جاء إليه - وقد مات من سنين كثيرة - ويقول : أنا فلان ، وربما قال له : نحن إذا وُضعنا في القبر خرجنا ، كما جرى للتونسي مع نعمان السلامي . والشياطين كثيرا ما يتصورون بصورة الإنس في اليقظة والمنام .

وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول : أنا الشيخ فلان أو العالم فلان . وربما قالت : أنا أبو بكر وعمر. وربما أتى في اليقظة دون المنام وقال : أنا المسيح ، أنا موسى ، أنا محمد .

وقد جرى مثل ذلك أنواع أعرفها ، وثَمَّ مَن يصدق بأن الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم .

وثَمَّ شيوخٌ لهم زهد وعلم وورع ودين يصدقون بمثل هذا .

ومِن هؤلاء مَن يظن أنه حين يأتي إلى قبر نبي أن النبي يخرج من قبره في صورته فيكلمه . ومِن هؤلاء مَن رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخ قال : إنه إبراهيم الخليل .

ومنهم مَن يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه . وجعلوا هذا من كراماته. ومنهم مَن يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه .

وبعضهم كان يحكي : أن ابن مندة كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه .

وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته .

حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك : ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ؟ فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه ؟

وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم ؟!

وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلا سألته فأجابها ؟" انتهى.

"مجموع الفتاوى" (10/406-407)

ويقول أيضا رحمه الله :

" والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يطمع الشيطان أن يضلهم كما أضل غيرهم من أهل البدع الذين تأولوا القرآن على غير تأويله ، أو جهلوا السنة ، أو رأوا وسمعوا أمورا من الخوارق فظنوها من جنس آيات الأنبياء والصالحين وكانت من أفعال الشياطين ، كما أضل النصارى وأهل البدع بمثل ذلك . فهم يتبعون المتشابه ويدعون المحكم . وكذلك يتمسكون بالمتشابه من الحجج العقلية والحسية ، فيسمع ويرى أمورا فيظن أنه رحماني وإنما هو شيطاني ، ويدَعون البين الحق الذي لا إجمال فيه .

وكذلك لم يطمع الشيطان أن يتمثل في صورته ويغيث من استغاث به ، أو أن يحمل إليهم صوتا يشبه صوته ؛ لأن الذين رأوه علموا أن هذا شرك لا يحل .

ولهذا أيضا لم يطمع فيهم أن يقول أحد منهم لأصحابه : إذا كانت لكم حاجة فتعالوا إلى قبري واستغيثوا بي لا في محياه ولا في مماته ، كما جرى مثل هذا لكثير من المتأخرين .

ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم ويقول : أنا من رجال الغيب ، أو من الأوتاد الأربعة ، أو السبعة ، أو الأربعين ، أو يقول له : أنت منهم . إذ كان هذا عندهم من الباطل الذي لا حقيقة له . ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم فيقول : أنا رسول الله ، أو يخاطبه عند القبر كما وقع لكثير ممن بعدهم عند قبره وقبر غيره وعند غير القبور .

كما يقع كثير من ذلك للمشركين وأهل الكتاب يرون بعد الموت من يعظمونه من شيوخهم ، فأهل الهند يرون من يعظمونه من شيوخهم الكفار وغيرهم ، والنصارى يرون من يعظمونه من الأنبياء والحواريين وغيرهم ، والضُلاَّل من أهل القبلة يرون من يعظمونه : إما النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما غيره من الأنبياء يقظة

ويخاطبهم ويخاطبونه ، وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث فيجيبهم ، ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة قد انشقت وخرج منها النبي صلى الله عليه وسلم وعانقه هو وصاحباه ، ومنهم من يخيل إليه أنه رفع صوته بالسلام حتى وصل مسيرة أيام وإلى مكان بعيد . وهذا وأمثاله أعرف ممن وقع له هذا وأشباهه عددا كثيرا . وقد حدثني بما وقع له في ذلك وبما أخبر به غيره من الصادقين من يطول هذا الموضع بذكرهم .

وهذا موجود عند خلق كثير كما هو موجود عند النصارى والمشركين ، لكن كثيرا من الناس يكذب بهذا ، وكثير منهم إذا صدق به يظن أنه من الآيات الإلهية ، وأن الذي رأى ذلك رآه لصلاحه ودينه ، ولم يعلم أنه من الشيطان ، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله الشيطان ، ومَن كان أقل علما قال له ما يعلم أنه مخالف للشريعة خلافا ظاهرا .

ومن عنده علم منها لا يقول له ما يعلم أنه مخالف للشريعة ولا مفيدا فائدة في دينه ؛ بل يضله عن بعض ما كان يعرفه ، فإن هذا فعل الشياطين ، وهو وإن ظن أنه قد استفاد شيئا فالذي خسره من دينه أكثر .

ولهذا لم يقل قط أحد من الصحابة : إن الخضر أتاه ، ولا موسى ، ولا عيسى ، ولا أنه سمع رد النبي صلى الله عليه وسلم عليه .

وابن عمر كان يسلم إذا قدم من سفر ولم يقل قط إنه يسمع الرد . وكذلك التابعون وتابعوهم . وإنما حدث هذا من بعض المتأخرين .

وكذلك لم يكن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم يأتيه فيسأله عند القبر عن بعض ما تنازعوا فيه وأشكل عليهم من العلم ، لا خلفاؤه الأربعة ولا غيرهم ، مع أنهم أخص الناس به صلى الله عليه وسلم .

حتى ابنته فاطمة رضي الله عنها لم يطمع الشيطان أن يقول لها : اذهبي إلى قبره فسليه هل يورث أم لا يورث .

كما أنهم أيضا لم يطمع الشيطان فيهم فيقول لهم : اطلبوا منه أن يدعو لكم بالمطر لما أجدبوا . ولا قال : اطلبوا منه أن يستنصر لكم ، ولا أن يستغفر ، كما كانوا في حياته يطلبون منه أن يستسقي لهم وأن يستنصر لهم .

فلم يطمع الشيطان فيهم بعد موته صلى الله عليه وسلم أن يطلبوا منه ذلك .

ولا طمع بذلك في القرون الثلاثة .

وإنما ظهرت هذه الضلالات ممن قل علمه بالتوحيد والسنة ، فأضله الشيطان كما أضل النصارى في أمور لقلة علمهم بما جاء به المسيح ومن قبله من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (27/390-393).









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ركن من اركان الايمان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc