قيل"أن أفضل نظام سياسي هو الذي يعبر عن إرادة الشعب ؟حلل وناقش؟.(إذا عطناه السؤال هذا انخلوها كلمة الشورى).
المقدمة: من الحقائق المسلم بها أن الإنسان منذ بواكير التاريخية لا يعيش في التفاعل مع الطبيعة فقط بل يعيش في جماعة في مجتمع فهو كما يقر علماء الاجتماع والفلسفة كائن اجتماعي لا يستطيع أن يحفظ وجوده في الواقع إلا من خلا ل الآخرين ومن ثم نجد الإطار الاجتماعي بمثابة المبرر المنطقي لهذا أظهرت المؤسسات والتنظيمات ومن بين هذه التنظيمات الدول كنظام سياسي قانوني يعمل على تنظيم الأفراد لضمان حقوقهم وواجباتهم الاجتماعية لهذا عرفة الدول أشكالا مختلفة من ممارسة أنظمة الحكم السياسي المختلفة في أشكالها وهذا الاختلاف كان محل جدالا بين الفلاسفة وعلماء السياسة فمنهم من أقر بأن أفضل نظام سياسي هو الذي يعبر عن إرادة الشعب ومنهم من أرجع بأن أفضل نظام سياسي هو نظام سيادة الحكم الفردي على اختلاف أنماطه وبهذا يطرح الإشكال الآتي:هل يمكن اعتبار أن السياسة الجماعية أفضل من السياسة الفردية ؟وبعبارة أخر هل أن النظام الديمقراطي يحقق الاستقرار السياسي للشعب أم النظام الفردي؟ .(إذا عطناه السؤال هذ ننزعها ا كلمة الشورى).
الموقف1:يذهب أنصار الحكم الجماعي بما فيهم أهل الشورى والديمقراطية ألا أن أفضل نظام سياسي هوا لذي يعبر عن الإرادة العامة للشعب ونجد أشكال الأنظمة الجماعية قد مورسا النظام الشورى في الدولة الإسلامية قبل سقوط الخلافة فكان يستشار في تعيين الخليفة كل من لهم دارية بأمور الدين والدنيا فعكس هذا النظام ايجابياته على الممارسة ،فكان نظام عادل تحترم فيه حقوق الإنسان وتعطى له كل الحريات بما فيها حرية الاعتقاد وهذا التصور انعكس أيضا على أفضلية النظام الديمقراطي الذي يعبر عن إرادة الشعب في ممارسته للسلطة وتعيين الحاكم فالإرادة العامة المتفق عليها اجتماعيا أو المتعاقد عليها الأفراد تمثل رضا الجميع وقبولهم لهذا النظام لأنهم ساهم في تأسيسه لهذا عرفة الديمقراطية بشكلين فالأول تعطي للحرية المطلقة للممارسة من خلال التعددية الحزبية والأخذ لرأي الأغلبية التي تعبر عن الإرادة وعرفة بالديمقراطية الاشتراكية المناقضة لليبرالية تمارس لسياسة في إطار الحزب الواحد لهذا فان الحكم الجماعي على اختلاف أشكاله سواء كان قائم على الشورى أو مؤسس على الديمقراطية فهو أفضل نظام سياسي يشارك الجميع في تأسيس سلطة الحكم دون استثناء أو إقصاء .
النقد:إن النظام الجماعي الشورى و الديمقراطي يعد من الأنظمة التي أثبتت وجودها في الممارسات السياسة الناجحة لكن هذا لا يعني خلوها من تناقضات وعيوب تنقص من قيمتها ولهذا نقول أن مبدأ الشورى غير محدد للأفراد الذين نستشيرهم في الأمر بالإضافة إلى أن للديمقراطية عيوب بدايتها عدم احترام الأقلية مما يشعرهم بالتهميش الذي يخلق لهم نوعا من الفوضى بالإضافة إلى أن تطبيقها أمر صعب لان في ممارسة النشاط السياسي تواجهه العصبية والمذهبية والنفعية لا المصلحة العامة.
إن الديمقراطية تمارس الانتخابات بطريقة عشوائية قابلة للتزييف والتحريف بالإضافة إلى المشاركة العامة للناس بجاهليهم وبمثقفيهم .
الموقف2:إن عيوب النظام الجماعي جعلت النظام الفردي قائم إلى يومنا هذا يمارس سلطته التشريعية والتنفيذية ورغم زوال بعض أشكالها الحقيقية فظهرت بأشكال جديدة تمارس النظام الاستبدادي الدكتاتوري عن طريق البقاء في سلطة الحكم وعدم مشاركة الآخرين في النظام السياسي وهذا النوع من النظام نجد أمثاله كالديمقراطية في العالم العربي والعالم الثالث التي تمارس ديمقراطية ظاهرية باطنها استبدادي بالايضافة الى النظام الملكي الذي لا يزال يمارس سلطة الحكم إلى يومنا هذا في بعض الدول وان دلا هذا فإنما يدل على أفضلية هذا النظام ودليل أفضليته بقائه في الممارسة كنظام في سلطة الحكم مثل ملكية الدول الخليجية أو الملكية الدستورية كملكية بريطانيا والمغرب وسوريا التي تتقاسم فيها مراكز السلطة عامة الناس أما الرئاسة تبقى من صلاحيات الملك ودليلنا على مانقول هو ما وفره هذا النظام من حياة سياسية مستقرة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي محقق بذلك الرقي والازدهار في جميع المجالات التي يمارسها الإنسان .
النقد:على الرغم من الدور الذي يؤديه النظام الفردي كسلطة سياسية تنظم الشعب داخل الدولة الا ان النظام الفردي انعكاسات سلبية في مقدمتها عدم مشاركة الشعب في السلطة القرار وتعيين الحاكم من ما ينعكس عنهم بالاستبداد والقهر والظلم الذي يولد الفوضة والايضطيراب وعدم الاستقرار وهذا ما يجعلنا نقول بان النظام الفردي نظام احتكاري يحتكره شخص اما بالقوة والنفوذ ويسيطر على مراكز التشريع والتنفيذ أو يكون ملكي تتوارثه عائلة محددة دون مشاركة الآخرين حتى في أبسط المهام السياسية .
التركيب:إن النظام السياسي الجماعي اثبت قدرته في تنظيم الشعب داخل الدولة ومشاركته في جميع المهام السياسية لكن هذا لا يؤدي إلى اختزال النظام الفردي كنظام سياسي أثبت وجوده ولا زال موجود تمارسه بعض الدول بما فيها الملكية المطلقة .
الخاتمة:وخلاصة القول تبقى أفضلية النظام السياسي محدد حسب طبيعة الشعوب ونذجه السياسي وقابليتهم لأشكال النظام المتعود عليه فلو فرضنا النظام الديمقراطي في دولة ملكية لما رفض شعبها هذا النظام الجديد وعكس ذلك لو مرسنا ملكية على شعب ديمقراطي لما انتفض ضدها وفي الأخير إن أفضل نظام سياسي هو الذي يعبر عن إرادة الشعب شريطة أن تحترم فيه رأي الأقلية على حساب الأغلبية.
- مقالة حول الأنظمة الاقتصادية (جدل بين الرأسمالية والاشتراكية).
المقدمة: : تعتبر الرغبة في الحياة المحرّك الأساسي عند جميع الكائنات الحية خاصة الإنسان والحيوان تدفعه إلى الحركة داخل الوسط الطبيعي بحثا عن عناصر البقاء وفي محاولة للاستفادة منه لكن حركة الإنسان [قصدية, واعية, هادفة] هذه الخصائص مجتمعة تعرف في الفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يحيلنا إلى موضوع "الأنظمة الاقتصادية" فإذا علمنا أن الرأسمالية تعتمد على التنافس الحرّ والاشتراكية تتبنى توجيه الاقتصاد فهل يتحقق الازدهار في ظل الرأسمالية أم الاشتراكية؟ هل المبادرات الفردية تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية ؟
الموقف1:ظهر النظام الرأسمالي في القرن 18م وظهر على شكل نضام إقطاعي الذي يمتلك فيه الأفراد الممتلكات الطبيعية كالأراضي والعقارات وغيرها لكن مع مرور الزمن لم يعد هذا النظام يجني أرباحا فغير إلى نضام ليبرالي وقد أسسه ادم سميث تحت شعار (دعه يعمل اتركه يمر) وهذا النظام قائم على الحريات الفردية في الممتلكات اعتبر ادم سميث أن أفضل نضام اقتصادي هو الاقتصاد الحر اذا اعتبر أن الملكية الفردية لوسائل الإنتاج تساعد الشخص على المحافظة على ملكه والعمل عليه وذلك بتضعيف الإنتاج عن طريق زيادة الجهد وان هذا العمل أي الملكية الفردية تؤدي إلى الازدهار والرقي للفرد والمجتمع فيخلق هذا الازدهار والرقي للفرد روح المنافسة الحرة التي تخلق تنوعا للإنتاج وزيادة السوق بالسلع كما وكيفا وهذه المنافسة هي التي تحدد الأسعار في الأسواق وبذلك لا تتدخل الدولة في فرض الغرامات والضرائب والعقود الجمركية لان تدخلها يتعارض مع أهم مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهي حق مقدس لكن الإنسان لا ينبغي النزال عنه وتدخلها يضر بالاقتصاد لأنه يخلق عراقيل مختلفة وبذلك ينضم السوق نفسه بنفسه فيصبح هناك عرض وطلب وينضم أيضا علاقة المستهلك بالمنتج في تحديدي الأسعار وكمية الإنتاج ونوعيته وبذلك تعطي للمجتمع لاختياري ما يراه مناسب فتصبح هناك حرية سياسية تتدخل فيها التعددية الحزبية فيعطي للفرد فرصة الاختيار لما هو قادر وكفئ لهذا المنصب فبذلك تشرق المنضمات الحزبية مما يخلق استقرار سياسي الذي ينعكس على الاقتصاد بالازدهار والرقي وبالتالي تحقيق الرفاهية المادية .
النقد: لا شك أن الرأسمالية قد قسمت المجتمع الواحد إلى طبقتين طبقة تملك وأخرى لا تملك وتجسدت بذلك استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، وعلى الرغم من أن النظام الرأسمالي اتبعته عدة دول كبرى ومتطورة والتبريرات تتماش مع طبيعة البشرية لكن كذلك لا يمنع القول بأنه لا يخلو من عدة عيوب أو من نجا عته وكفائتة المطلقة لأنه نضام استغلالي ، لان الأسعار مرتبطة باقتصاد السوق مما يؤدي إلى ظهور أزمات اقتصادية حادة في تكديس الإنتاج وبذلك يحصل استلاب لحقوق الإنسان وتفكيك الوحدة الاجتماعية والأسرية بالتعددية الحزبية مما تخلق الصراع والفوض والحروب الأهلية وبذلك فان هذا النظام بقدر ما فيه من ايجابيات ففيه عيوب غطت تلك الايجابيات وكذلك فان هذا النظام ليس عادل .
الموقف2: جاء النظام الاشتراكي مناقضا ضد أو عكس أو هادما للنظام الرأسمالي وظهر هذا النظام في القرن 19م وقد أسسه ماركس ووضع عام 1848م ولكن لم يطبق إلا بعدا وفاته سنة 1848م وكا ن شعارهم في ذلك ( شركاء ولسنا أجراء ) ،إذ اعتبر كارل ماركس أن تأسيس النظام الاشتراكي يحقق العدالة الاجتماعية واعتبرا أن الملكية العامة لوسائل الإنتاج تشعر الفرد بالمسؤولية وتحقق التعاون والتضامن مما يجعل الفرد مالك وعامل في نفس الوقت ويخلق بذلك روح المبادرة فيه مما يؤدي إلى تعميم الفائدة للجميع وتنمية الإنتاج وتضاعفه ،وبذلك تحقيق الازدهار والرقي الاقتصادي فيضمن بذلك تحقيق العدالة الاجتماعية في المساواة حيث تجعل الأفراد يشعرون بالملكية العامة مما يؤدي إلى الحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة فيصبح بذلك يشغل عقله في الإنتاج بوضع تخطيط مركزي له أي بقدر ما ينتج يصدر لا يستهلك حيث يحقق التوازن في الاقتصاد وتحقيق الاستقرار وبذلك تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي بفرض قوانين على بيعة شيء بثمن معين لجميع أنحاء الدول مثلا ( في الجزائر كالخبز متفقين عليه بثمن معين لكل بقعة في الجزائر )وبذلك يكون قد تحقق الاكتفاء الذاتي وبذلك يكون الأفراد تحت سياسة واحدة أساسها الديمقراطية الاشتراكية أي سياسة الحزب الواحد لكي لا تخلق فوض وبذلك هذه السياسة الواحدة تحقق الرقي والازدهار الاقتصادي كما قال انجليز: انشات من صراحة الألم لمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .
النقد: على الرغم من أن النظام الاشتراكي يدعو إلى المساواة والعدل وعلى الديمقراطية وسياسة الحزب الواحد لكنه بتطبيق المساواة قضى على الملكية الفردية ،زيادة على ذلك أن النظام الاشتراكي سقط وهزما في عقري داره ولم يثبت جدارته ونجا عته للدول المتطورة بل مازال إلا في الدول المتخلفة والصغيرة يجر أذياله ويؤدي إلى ظهور أزمات اقتصادية ، حيث أدى إلى انهيار دولة بأكملها ويقمع المبادرات الفردية مع ظهور روح الإنكار واللامبالاة وغياب روح المبادرة والإبداع وهذا من اكبر سلبيات النظام الاشتراكي .
التركيب:نجد أن النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي من خلال نظرتهما للفرد والمجتمع فالأول مذهب فردي يقدس الدوافع الذاتية أما الثاني فهو مذهب جماعي ينفي الفرد في المجتمع وان كليهما يركز على الجانب المادي (الاقتصادي) وأهملا القيم الخلقية وان الذي ألما بهذين النظامين هو الاقتصاد الإسلامي لان الممارسة الاقتصادية في الإسلام تشريع رباني منزه من أنانية الإنسان زد إلى ذلك أن الممارسة الأخلاقية والشرعية في الإسلام مقيدة ( كالربا والغش والبيوع الفاسدة وغيرها ) إذ يقول الله تعالى :واحل الله البيع وحرم الربا ) أي أن البيع في الإسلام لديه حدوده كتحريم الربا في هذه الآية وكذلك قوله (ص) :من غشنا فليس منا .
هذا دليل على أن الغش في البيع حرام ونجد أيضا أن النظام الاقتصادي الإسلامي أجاز الملكيتين فشرع الملكية الفردية وأجاز الجماعة بدليل انه وضع ركن من أركان الإسلام إلا وهي الزكاة أي أنها تأخذ من كل فرد وبذلك شرع الملكية الفردية وقد اتخذا الإسلام مبدأ الشورى الذي ينظم شروط التملك
الخاتمة: وفي الأخير يمكن القول بان نقول أن للنظام الإسلامي في تحقيق الازدهار والرقي الاقتصادي بتشريعياته، وهو أحسن نظام لأنه قد جمع بين ايجابيات النظام الليبرالي والنظام الاشتراكي، نستنتج:يتحقق الازدهار الاقتصادي عندما تتكامل النظرة الأخلاقية مع الأبعاد المادية.
مقالة جدلية عن العادة وأثرها في السلوك
هل من تعود على شيء صار عبدا له؟ - " كلما ازدادت العادات عن الإنسان كلما أصبح أقل حرية واستقلالية " حلل وناقش هل العادة ميل أعمى؟ - هل العادة تكيف أم انحراف؟
المقدمة: يعتبر السلوك من وجهة علم النفس استجابة تكيفيه تهدف إلى تفاعل الكائن الحيّ مع المحيط الخارجي والحقيقة أنه يمكن التمييز بين ماهو فطري غريزي وثابت وبين ماهو مستحدث نتيجة تفاعل الفرد مع غيره ومع الطبيعة, فإذا علمنا أن العادة سلوك مكتسب آلي يتم بتكرار الفعل وأنها تؤثر في السلوك ما يجعلنا نحكم عليها بأنها سلوك سلبي. هذا من جهة و من جهة أخرى كونها تساعدنا على الاقتصاد في الجهد و الوقت تجعلنا نحكم عليها بأنها سلوك إيجابي إذن فالإشكالية المطروحة: ما طبيعة هذا التأثير؟ وهل هو إيجابي أم سلبي؟
الرأي الأول(الأطروحة): إن السلطة التي تفرضها قوة العادة على الفرد تؤثر سلبا على سلوكه مما يجعلنا نحكم أن العادة كلها سلبيات وبيان ذلك أن الآلية المجسدة في العادة تشل حركة التفكير وتقضي على روح الإرادة وروح الإبداع كما أنها تعطل في الإنسان حركة البحث لأن الفرد وفيّ دائما لما يتعلمه واعتاد عليه, ولهذا قيل " من شبّ على شيء شاب عليه " ولأن الطبيعة البشرية تميل إلى الفعل السهل وتتجنب الأفعال الصعبة خوفا من الجهد وخطر الإبداع والتقدم وهكذا العادة تسدّ الطريق أمام الأفكار الجديدة, قال كارل ياسبرس : " العلماء يفيدون العلم في النصف الأول من حياتهم ويضرون به في النصف الثاني من حياتهم" , وعلى المستوى الأخلاقي تقضي العادة على بعض الصفات الإنسانية مثل أخلاق الشفقة والرحمة كما هو حال المجرم المحترف لهذا الفعل لا يكترث لعواقب إجرامه وما تلحقه الجريمة من أضرار نفسية ومادية بضحاياه, وهذا لغياب الشعور والإحساس وغياب الإحساس يعود إلى حتمية التكرار, يقول سولي برودوم : " إن جميع الذين تستولي عليهم قوة العادة يصبحون بوجوههم بشرا وبحركاتهم آلات" , وعلى المستوى الاجتماعي تظهر العادة كوعاء يحفظ العادات ما كان صالحا منها وما كان غير ذلك, ومن هنا يصعب تغيير العادات البالية حتى ولو ثبت بطلانها بالحجة والبرهان مثل محاربة الأساطير والخرافات, ولهذا نصح بعض الفلاسفة بالتخلي عن اكتساب العادات, قال "جون جاك روسو" في كتابه أميل " خير عادة للطفل ألا يألف أي عادة وأن لا يحمل على ذراع أكثر من أخرى وألا يتعوّد مدّ يده أكثر من الثانية, بل لابد من استعمال قواه" ، وتظهر سلبيات العادة في المجال الحيوي حيث يتعود البعض على استعمال أعضاء دون أخرى أو تناول المواد كالمخدرات, وهذا التعوّد يتحول على حسب تعبير أرسطو إلى طبيعة ثانية يصعب التخلص منها, وملخص الأطروحة يتجلى في مقولة كانط "كلما ازدادت العادات عند الإنسان أصبح أقل حرية واستقلالية " .
النقد:لا يمكن أن ننكر بعض سلبيات السلوك التعود بهذه الصورة القاتمة لما بذلنا ذلك الجهد المضني في تعلمها ولا يمكننا التسليم كلية بأنها سلوك سلبي بل يمكن أن نحوله إلى سلوك ايجابي عن طريق فهمه ومعرفة كيفية استغلاله لتوجهه إلى الوجهة الايجابية فلو تصورنا حياة الفرد بدون عادة يعدّ ضربا من الخيال ،إذن إذا كانت للعادة سلبيات فلها إيجابيات أيضا.
الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ينظر أنصار هذه الأطروحة إلى أن غياب الوعي والإحساس الذي ينتج عن فعل العادة على أنه يجلب مزايا لا يمكن إنكارها, فالعادة من هذا المنظور فعل إيجابي يوفر للإنسان الجهد الفكري والعضلي فيؤدي إلى السرعة في الإنجاز مع إتقان العمل مما ينعكس على الإنتاج والفرق واضح في قيمة وكمية العمل عند شخصيين أحدهما متعود على العمل والآخر مبتدئ فيه كما أن العادة تمكّن صاحبها من إنجاز أكثر من عمل في وقت واحد وفي هذا المعنى قال مود سلي " لو لم تكن العادة لكان في قيامنا بوضع ملابسنا وخلعها يستغرق نهارا كاملا " , ومن مزايا العادة أنها تمكن من التكيف مع المواقف الجديدة وتساعد على اكتساب عادات قريبة من طبيعتها من العادات المكتسبة, فلاعب كرة القدم بإمكانه ممارسة لعبة كرة السلة أو كرة اليد ، والفنان الذي يعزف على آلة يمكنه تعلم العزف على آلة أخرى بسهولة, قال ألان : " العادة تمنح الجسم الرشاقة والسيولة " , وفي ميدان البحث العلمي اكتساب بعض العادات النفسية المحضة يساعد على تطور المعارف وتقدم حركة البحث العلمي, فالمنهجية التي يتعلمها الباحث توفر له الجهد والوقت, وفي المجال النفسي والاجتماعي يمكن التعود على سلوكيات إيجابية مثل ضبط النفس وكظم الغيظ وترابط الأفكار في الاستدلال وتعلم الأخلاق الفاضلة كخلق التضامن وحبّ الخير والكرم وما ذهب إليه ليفي بويل و دوركايم من أن جميع القيم هي عادات أخلاقية, وملخص الأطروحة أن العادة تنعكس بشكل إيجابي على كامل أبعاد شخصية الإنسان.
النقد: لا ننكر جملة الفوائد التي توفرها العادة للإنسان لكن لا يعني ذلك أن السلوك التعود سلوك ايجابي دوما إذ أن التلقائية تجعله سلوك جامد متضجرا الأمر الذي يحول دون التكيف مع بعض المواقف الطارئة كما أنها لا تخلو من السلبيات الآلية و التي تجعل منها سلوكا غريبا عن الذات لأن الفرد يفقد التحكم فيها لكن طبيعة الإنسان الميالة إلى التخلي عن كل ما يتطلب الانتباه والجهد إلى طلب كل ماهو عفوي يجعل اكتساب العادات الفاسدة أكثر من العادات الصالحة .
التركيب: إن سلبيات العادة لا يمكن أن تحجب مزاياها وإيجابياته, وعلى الإنسان المثقف أن يبادر بالتمسك بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادات السيئة وتسييرها وفق منهجية مرسومة, قال ماري توين : " لا تستطيع التخلص من عادة برمتها من النافذة بل ينبغي جعلها تنزل السلم درجة " وفي مقابل ذلك يجب على الفرد أن يدرك أن نتائج العادة مرتبطة بطريقة استعمالها والهدف منها، قال شوفاليي : " إن العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها أو بتعبير أحسن حسب أن يستخدمها الفكر من أجل غايته أو يتركها لنفسه "
-الخاتمة: وملخص هذه المقالة أن العادة ترتبط بحياة الإنسان, اختلف الفلاسفة وعلماء النفس في تحديد العوامل المكونة لها والنتائج المترتبة عنها وبعد استعراض مختلف المواقف والأفكار نستنتج أن: العادة لها سلبيات وإيجابيات حسب درجة ثقافة الشخص وطريقة استعمالها.
- مقالة حول الانضمة الاقتصادية .
مقالة حول الأنظمة الاقتصادية (جدل بين الرأسمالية والاشتراكية)
. الأسئلة:- هل التنافس الحرّ كفيل بتحقيق الازدهار الاقتصادي؟-هل الازدهار الاقتصادي مرهون بتحرير المبادرات الفردية؟-هل تُحلّ مشكلة العمل بتقييد الملكية؟-هل تُحلّ مشكلة العمل بتحرير الملكية؟-هل تحقق الليبرالية العدالة الاجتماعية؟
مقدمة: تعتبر الرغبة في الحياة المحرّك الأساسي عند جميع الكائنات الحية خاصة الإنسان والحيوان تدفعه إلى الحركة داخل الوسط الطبيعي بحثا عن عناصر البقاء وفي محاولة للاستفادة منه لكن حركة الإنسان [قصدية, واعية, هادفة] هذه الخصائص مجتمعة تعرف في الفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يحيلنا إلى موضوع "الأنظمة الاقتصادية" فإذا علمنا أن الرأسمالية تعتمد على التنافس الحرّ والاشتراكية تتبنى توجيه الاقتصاد فهل يتحقق الازدهار في ظل الرأسمالية أم الاشتراكية؟ هل المبادرات الفردية تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية ؟
- الرأي الأول (الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن [شرط الازدهار الاقتصادي يتوقف على مدى تطبيق النظام الرأسمالي في أرض الواقع] وهو نظام يحقق الرفاهية المادية والعدالة الاجتماعية, ويهدف إلى ضمان "أكبر قدر من الربح المادي مع أكبر قدر من الحرية" تعود الجذور الفلسفية للرأسمالية حسب عالم الاجتماع "ماكس فيبر" إلى عاملين فلسفة التنوير التي دافعت عن حرية الفكر والتصرف والبروتستانتية التي مجّدت العمل والحرية, هذه الأفكار تجلّت في المذهب الفردي والذي من أكبر دعاته "آدم سميث" و"ستيوارت ميل" والرأسمالية تقوم على مجموعة من الخصائص أهمها [الملكية الفردية لوسائل الإنتاج وحقّ التملّك] التي هي في نظرهم تشبع رغبة حبّ التملّك واعتبرها "جون لوك" من الحقوق الطبيعية للإنسان وامتداد لرغبته وقال عنها "جون ستيوارت ميل" {الملكية الخاصة تقليد قديم اتّبعه الناس وينبغي إتباعه لأنه يحقّق منفعتهم}وترى الرأسمالية أن الاقتصاد ظاهرة طبيعية أساسه قانون العرض والطلب الذي ينظّم حركة الأجور والأسعار ومنه ضرورة [عدم تدخّل الدولة في الشؤون الاقتصادية] لأن تدخلها يتعارض مع أهمّ مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهي حقّ مقدّس لكل إنسان لا ينبغي النازل عنه وتدخّلها يضر بالاقتصاد لأنه يخلق عراقيل مختلف وهنا يظهر مبدأ [التنافس الحرّ] الذي هو في نظرهم ضروري لخلق حركية في الفكر والإبداع وإلغاء التنافس يضعف الاقتصاد قال عنه "باستيا" {إلغاء التنافس الحرّ معناه إلغاء العقل والفكر والإنسان} والتنافس يحقّق العدالة الاجتماعية وهذا ما أكّد عليه "آدم سميث" في كتابه [بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم] لأن المصلحة العامة متضمنة في المصلحة الخاصة فالرأسمالية قادرة على تحقيق الرفاهية المادية.
- نقد(مناقشة) :لا شك أن الرأسمالية قد قسمت المجتمع الواحد إلى طبقتين طبقة تملك وأخرى لا تملك وتجسدت بذلك استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، وعلى الرغم من أن النظام الرأسمالي اتبعته عدة دول كبرى ومتطورة والتبريرات تتماش مع طبيعة البشرية لكن كذلك لا يمنع القول بأنه لا يخلو من عدة عيوب أو من نجا عته وكفائتة المطلقة لأنه نضام استغلالي ، لان الأسعار مرتبطة باقتصاد السوق مما يؤدي إلى ظهور أزمات اقتصادية حادة في تكديس الإنتاج وبذلك يحصل استلاب لحقوق الإنسان وتفكيك الوحدة الاجتماعية والأسرية بالتعددية الحزبية مما تخلق الصراع والنزاعات والحروب الأهلية وبذلك فان هذا النظام بقدر ما فيه من ايجابيات ففيه عيوب غطت تلك الايجابيات وكذلك فان هذا النظام ليس عادل .
- الرأي الثاني (نقيض الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن [الرفاهية المادية تتحقق في ظل النظام الاشتراكي] الذي بنظرهم يحقق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد والاشتراكية{أيديولوجية اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية تمجّد الروح الجماعية} تعود هذه الأفكار إلى مجموعة من الفلاسفة منهم"كارل ماركس" الذي رأى أن الرأسمالية تحمل بذور فنائها بداخلها حيث تزداد الفجوة باستمرار بين الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وطبقة البروليتاريا( الكادحة) ويفسّر ماركس هذا التناقض قائلاُ {الذين يعملون لا يغتنون والذين يغتنون لا يعملون} هذا التناقض يولد مشاعر الحقد والكراهية فتحدث ثورة الفقراء على الأغنياء عندها تسقط الرأسمالية وتحل محلّها الاشتراكية التي تعتمد على مجموعة من الخصائص منها [الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج] التي ذكرها "فلاديمير لينين" في بيان الحزب الاشتراكي السوفيتي فقال {الاشتراكية نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج} وهنا تظهر الحاجة إلى تدخّل الدولة في الشؤون الاقتصادية أو ما يسمى "توجيه الاقتصاد" من خلال المخططات حيث يصبح العمال محور العملية الاقتصادية ويتجسّد بذلك شعار |من كلٍّ حب مقدرته ولكلٍّ حب حاجته|وبذلك تتحقق العدالة الاجتماعية لأن الاشتراكية كما قال "انجلز" {نشأت من صرخة الألم لمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان}. - نقد (مناقشة): : على الرغم من أن النظام الاشتراكي يدعو إلى المساواة والعدل والى الديمقراطية وسياسة الحزب الواحد لكنه بتطبيق المساواة قضى على الملكية الفردية ،زيادة على ذلك أن النظام الاشتراكي سقط وهزما في عقري داره ولم يثبت جدارته ونجا عته للدول المتطورة بل مازال إلا في الدول المتخلفة والصغيرة يجر أذياله ويؤدي إلى ظهور أزمات اقتصادية ، حيث أدى إلى انهيار دولة بأكملها ويقمع المبادرات الفردية مع ظهور روح الإنكار واللامبالاة وغياب روح المبادرة والإبداع وهذا من اكبر سلبيات النظام الاشتراكي .
-التركيب: إن النظام الاقتصادي الفعال الذي يجمع بين المبادئ والغايات والوسائل فلا ينظر إلى الاقتصاد نظرة مادية فقط دون مراعاة الضوابط الأخلاقية كما فعلت الرأسمالية كما قال عنها "جوريس" { إنها ترمز إلى سياسة الثعلب الحرّ في الخمّ الحرّ } بل لابدّ من السعي إلى تحقيق تكامل بين الروح والمادة وهذه هي فلسفة الاقتصاد في الإسلام فالبيع مقترن بالأخلاق لــ"قوله تعالى" {أَحَلَّ الله البَيعَ وحَرَّمَ الرِبَا} والملكية ثلاثية الأبعاد [الله, الإنسان, المجتمع] والزكاة تطهير للنفس ومواساة للفقراء لــ"قوله تعالى"{وفِي أَموَالِهِم حَقٌّ للسَائِلِ والمَحرُوم} هذه الاعتبارات الأخلاقية والروحية تدفعنا إلى تجاوز الرأسمالية والاشتراكية والدفاع عن الممارسة الاقتصادية في الإسلام.
الخاتمة:وفي الأخير يمكن القول أن الشغل ظاهرة إنسانية قديمة كان عنوانا للشقاء والعبودية في الفلسفات القديمة وتحوّل تحت تأثير "فلاسفة العصر الحديث" إلى مصدر للتحرر وبناء شخصية الإنسان, وظاهرة الشغل ترتبط بإشكالات كثيرة منها إشكالية الأنظمة الاقتصادية التي تطرقنا إليها في مقالنا هذا من خلال تتبع أفكار المذهب الرأسمالي الذي اعتبر الحرية جوهر العملية وكذا المذهب الاشتراكي الذي مجّد الروح الجماعية ومن منطلق أن الاقتصاد الفعال هو الذي يربط الممارسة الاقتصادية بالمبادئ الأخلاقية نستنتج:يتحقق الازدهار الاقتصادي عندما تتكامل النظرة الأخلاقية مع الأبعاد المادية.
مقال جدلي عن المشكل الأخلاقي .
هل استجابة الفرد لمصلحة انحراف عن الأخلاق .
مقدمة: تحرك الإنسان دوافع كثيرة لكنه لا يقف عند حدود استجابة الغريزة بل يحاول باستمرار معرفة الأسلوب الأفضل فيصدر أحكام تقويمية تحدد الخير والشر وحتى قيل(الإنسان كائن أخلاقي) فإذا علمنا أن الإنسان له تركيبة نفسية وعضوية خاصة يسعى من خلالها إلى البحث عن مصلحته و منفعته فالمشكلة المطروحة: هل استجابة الفرد لمصلحة انحراف عن الأخلاق؟ . الرأي الأول: ذهب أنصار هذا الرأي إلى الدفاع عن معيار منفعة وعندهم السلوك الأخلاقي هو امتداد للسلوك الطبيعي لان الإنسان بطبعه يطلب اللذة وينفر من الألم وحامل المعنى أن اللذة هي الخير والألم هو الشر ويتجلى ذلك في مقولة(أزشيه الفورناني)(اللذة هي الأعظم هذا هو صوت طبيعة فلا خجل ولا حياء) وغير أن(لا يتصور) وجهة نظر أخرى فهو يقول أن اللذات المعنوية أمن الحسية و الخفيفة إن هذه الأطروحة تحددت في العصر الحديث ويظهر ذلك في الفلسفة الإنجليزية حيث ربط(بنتام) بين المنفعة الخاصة والمنفعة العامة واللذات التي تجلب الخير لها صفات وحدود ذلك في(مقاييس أطلق عليها مقاييس حساب اللذات) وهذه هي الشدة- المدة- اليقين- القرن- الصفاء- الامتداد ورأي(ح.ساميل) أن الأهم ليس الكم بل الكيف فقال(أن أكون سقراطا متبرما خير من أن أكون تغزيرا امتدادا) وملخص الأطروحة أن جميع القائلين بمذهب المنفعة من البقور إلى بنتام لم يقصدوا سيئا سوى أن اللذة هي الخير والألم هو الشر . نقد:اذا نظرنا إلى حياة الإنسان الخلفية نظرة فاحمه فإننا نجد أساسها مجاهدة المرء لنفسه والسعي لضبط الأهواء والشهوات. إن الأساس التي يقوم عليها مبدأ المنفعة وهي بانه صح ما يقول ان النفعيون كل فرد ينشد لذته الخاصة لوجب التسليم بالمنفعة الفردية ولا عائقا لمجال المنفعة العامة . إن وضع اللذة غاية قصوى في حياة أفعال الإنسان خطئ واضح بان ذلك يخص الحيوان فقط و ما يعاب على معيار المنفعة أنها تركز على الطبيعة الإنسانية وهذه طبيعة متغيرة حسب ثقافة الفرد مما يؤدي إلى فوضى في تحديد القيم الأخلاقية ومن ثمَّ إمكانية حدوث فوضى اجتماعية. الرأي الثاني: ترى النظرية العقلية أن الأخلاق الحقيقية يجب أن تُؤسّس على ما يميّز الإنسان عن الحيوان وقصدوا بذلك العقل الذي هو مصدر الإلزام الخلقي في نظرهم وهو القاسم المشترك بين جميع الناس والعقل يستطيع تصوّر مضمون الفعل ثم الحكم عليه, فعلامة الخير عند "سقراط" أنه فعل يتضمن فضائل وعلامة الشر أنه فعل يتضمن رذائل, ورأى "أفلاطون" أن محور الأخلاق هو الفعل فقال {يكفي أن يحكم الإنسان جيّدًا ليتصرف جيّدًا} وفي نظره الإنسان لا يفعل الشرّ وهو يعلم أنّه شرٌّ وإنما الجهل هو سبب ذلك, ورأى "أرسطو" أن الأخلاق تجلى في السلوك المعتدل وقال في كتابه "الأخلاق إلى نيقوماخوس" {الفضيلة وسط بين رذيلتين} ومن الأمثلة التي توضح هذه الفكرة أن الشجاعة خير لأنها وسط بين الجبن والتهوّر والعدل خير لأنه وسط بين الظلم والإظلام. وفي العصر الحديث أرجع "كانط" الإلزام الخلقي إلى العقل وقسّم فلسفته إلى ثلاثة أقسام العقل النظري الذي يدرس المعرفة وطرق بنائها والعقل العملي الذي يشتمل على الدين والأخلاق والعقل الجمالي ورفض إرجاع الأخلاق إلى سلطة خارجية (الدين, المجتمع) لأن في ذلك سلب لحرية الإنسان ورفض المنفعة لأنها متغيّرة والأخلاق عنده تأتي استجابة لسلطة العقل أي أداء الفعل احتراما للقانون العقلي في ذاته فيظهر الفعل الأخلاقي عن حريّة ويصبح كلّياً, قال "كانط" {اعمل بحيث بحيث يكون عملك قانونا كلّياً} ويتميّز بالمثالية ويكون دائما مطلوبا لذاته قيل {عامل الناس كغاية لا كوسيلة} فالأخلاق مصدرها العقل. نقد:نوافق الاجتماعيون في ربطهم للقيم الأخلاقية بالمجتمع لان هذا الأخير هو المجال الذي تمارس فيه السلوكيات الأخلاقية لكن المجتمع لايشكل دائما أساس القيمة الأخلاقية خاصة إذا كانت عاداتنا وتقاليدنا فاسدة . يمكن موافقة كانط في تأكيده على العقل في المجال الأخلاقي لان الإنسان يميز به بين الخير والشر لكن ما يأخذ عليه إن أخلاقه صعبة التطبيق في الواقع لأنها صورية شكلية مجردة كما انه تجاهل الطبيعة البشرية وملخص الأطروحة أن الأخلاق ليست من مطالب الجسم بل هي مطالب العقل والمجتمع. التركيب: استند أنصار الرأي الأول إلى المنفعة ولكنها تبقى مجرد فكرة بعيدة عن الإجماع قال صاحب كتاب[أصول الشرائع] (الناس اختلفوا اختلافا كبيرا في فهم المنفعة وتقديرها حق قدرها ولذلك اتسعت مقدماتهم وتبا عدة نتائجهم) استند أنصار الطرح الثاني إلى العقل والمجتمع وأخلصوا إلى حقيقة هامة وهي ارتباط الإنسان بالسماء قال أحدهم[الأخلاق تؤسس على نوازع الفطرة الإنسانية السليمة] وكذلك الاجتماع الإنساني المرتبط يخالف السماء والأمل في ذلك [أن للعقل التنوير وللعقل الاجتهاد] . – الخاتمة: وفي الأخير الأخلاق من الإشكالات الفلسفية التي تضاربت في آراء الفلاسفة وتنوعت لأن الأخلاق هي الإنسان وبسبب تنوع وتعدد أبعاد الإنسان العضوية والنفسية الاجتماعية تتنوع المذاهب الأخلاقية وفي مقالنا هذا أساس القيمة الأخلاقية موضوع جدلي تطرقنا فيه إلى المذهب النفعي وفي مقابل ذلك حللنا المذهب العقلي والاجتماعي ونستنتج:أن المنفعة لا تصلح وحدها كأساس للأخلاق بل الأساس هو الفرد المنخرط في جماعة ومرتبط بأبعاد دينية .
- مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية .
الأسئلة : إذا كنت أمام موقفين متعارضين أحدهما يقول الرياضيات في أصلها البعيد مستخلصة من العقل والأخرى تقول : الرياضيات مستمدة من العالم الحسي . وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع ؟
سؤال : هل المعاني الرياضية موجودة في النفس أو أوحت بها بعض مظاهر الطبيعة
المقدمة : طرح الإشكالية
تنقسم العلوم إلي قسمين علوم تجريبية مجالها المحسوسات ومنهجها الاستقراء كالفيزياء وعلوم نظرية مجالها المجردات العقلية ومنهجها الاستنتاج كالرياضيات هذه الأخيرة أثارة جدلا حول أصل مفاهيمها ومبادئها فإذا كنا أمام موقفين أحدهما أرجع الرياضيات إلى العقل والأخر ربطها بالتجربة فالمشكلة المطروحة : هل المعاني الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل أو التجربة ؟
التحليل: محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولي
يرى العقليون ( المثاليون ) أن المفاهيم الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل وهي فطرية قائمة في النفس وهكذا الرياضيات بناء استدلالي والاستدلال نشاط عقلي فينتج عن ذلك أن المفاهيم والمبادئ الرياضية من طبيعة عقلية , هذا ما ذهب إليه أفلاطون الذي قال في كتابه الجمهورية << عالم المثل مبدأ كل موجود ومعقول أن المعرفة تذكر >> وأكد أفلاطون في محاورة مينوت أن البعد قادر على أن يكشف بنفسه كيفية وإنشاء شكل مساوئ مربع معلوم ومن دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال في كتابه التأملات << المعاني الرياضية أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية>> وهم يبررون موقفهم بحجج متنوع من أهمها الرموز الجبرية اللانهائية مفاهيم رياضية لا صلة لها بالواقع الحسي كما أنها تتصف بثلاثة خصائص, مطلقة , ضرورية , كلية, فلا يعقل أن تنتج عن العالم الحسي وتعود هذه الأطروحة إلى كانط الذي ربط المعرفة بما فيها الرياضيات , بمقولتين فطريتين هما الزمان والمكان أي أن الرياضيات في أصلها معاني فطرية لأنها شيدت على أسس فطرية فالمفاهيم الرياضية في أصلها البعيد مستمدة من العقل .
النقد : هذه الأطروحة نسبية لأنه لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية مغروسة في النفس لتساوى في العلم بها جميع الناس لكن الأطفال لايدركون المفاهيم الرياضية إلا من خلال المحسوسات
عرض الأطروحة الثانية
يرى التجريبيون ( الحسويون ) أن المعاني الرياضية مصدرها التجربة أي المفاهيم الرياضية إذا تم تحليلها فإنها ستعود إلى أصلها الحسي ومثال ذلك أن رؤية النجوم أوحت بالنقاط والقمر يرتبط بفكرة القرص لذلك قال الحسيون << العقل صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء >> وهم يبررون موقفهم بما توصل إليه العلماء الأنتروبولوجيا الذين أكدوا أن الشعوب البدائية إستعملت الحصى وأصابع اليدين والرجلين عند حساب عدد الأيام والحيوانات التي يمتلكونها ومواسم السقي المحاصيل الزراعية مما يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي ليس هذا فقط إن المفاهيم الهندسية كالطول والعرض إنما هي مكتسبة بفضل الخبرة الحسية لذلك قال ريبو'' حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعرض والعمق "، ومن أدلتهم أيضا أن الهندسة تاريخيا هي أسبق في الظهور من الحساب والجبر والسر في ذلك أنها مرتبطة بالمحسوسات ولو كانت المفاهيم الرياضية في أصلها مجردات عقلية لظهور الجبر قبل الهندسة كل ذلك يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي.
النقد: صحيح أن بعض المفاهيم الهندسية أصلها حسي لكن أكثر المفاهيم الرياضية الجبر لا علاقة لها بالواقع الحسي.
التركيب: الفصل في المشكلة
لاشك أن المعرفة جهد إنساني ومحاولة جادة لفهم مايحيط بنا من أشياء وإجابتك على مايدور في عقولنا من جهد وبناء مستمر وهذا مايصدق على الرياضيات وكحل توفيقي لأصل المفاهيم الرياضية نقول الرياضيات بدأت حسية ثم أصبحت مجردة وهذا ما وضحه جورج سارتون بقوله << الرياضيات المشخصة هي أول العلوم نشوءا فقد كانت في الماضي تجريدية ثم تجردت وأصبحت علما عقليا >> وذات الحل التوفيقي ذهب إليه عالم الرياضيات غونزيت الذي أكد < تلازم ماهو حسي معا ماهو مجرد في الرياضيات >
الخاتمة : حل الإشكالية
وخلاصة القول أن الرياضيات علم يدرس المقدار القابل للقياس بنوعيه المتصل والمنفصل وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول أصل المفاهيم الرياضية فهو هناك من أرجعها إلى العقل وأعتبرها فطرية وهناك من أرجعها وربطها على أساس أنها حسية نستنتج أن مصدر المفاهيم الرياضية هو تفاعل وتكامل القول مع التجربة .
مقالة جدلية حول طبيعة الذاكرة .
- هل الذاكرة من طبيعة بيولوجية مادية أو نفسية ؟هل تعلل الذاكرة بالشعور؟(هنا تكتب النظرية النفسية الاول).
- مقدمة:
يعيش إنسان حاضره بكل ما يحمله من أبعاد كما يمتاز الإنسان بقدرته على استخدام ماضيه واستفادة منها للتكيف مع مختلف الظروف فهو(لايدرك الجديد إلا تحت نور الماضي) والذكريات ومنه كانت الذاكرة أحد الملكيات العقلية وإشكالية المطروحة:
- هل الذاكرة من طبيعة بيولوجية مادية أم نفسية ؟ وهل تحدث الذكريات أثر في الدماغ ؟
الرأي الأول:
الذاكرة من طبيعة عضوية مادية:
ذهب أنصار الطرح البيولوجي إلى أن الذكريات مخزنة في خلايا المخ والتجربة تثبت أن(الاختلال الهضمي ودوران الدم والتنفس تأثير على التذكر وإن بعض المواد التي تهيج أو تسكن الجملة العصبية تنسي الذاكرة أو تضعفها) كما أن فساد المخ يولد فقدان الذاكرة(الأمنيزيا) الكلي أو الجزئي وقد أثبتت تجارب (بروكا) أن نزيفا دمويا في قاعدة التلفيف الثالث من ناحية الجبهة الشمالية يولد المرض الجنسي والحقيقة أن هذه النظرية تؤمن بفكرة(ديكارت) [ تكسى الذاكرة في ثنايا الجسم] ويمثل هذا الرأي الفيزيولوجيون أمثال العالم ريبو الذين يرون أن الذاكرة من طبيعة عضوية مادية وليس من طبيعة نفسية معنوية ولذلك فالذاكرة توجد في منطقة الجسم تسمى بالدماغ الذي يعتبرونه بمثابة الوعاء أو أسطوانة التي تحفظ أو تخزن كل الذكريات التي تنتظر بدورها المثير الذي يعمل على بعثها من جديد وقت الحاجة ولذلك قال(ريبو) في كتابه أمراض الذاكرة [إن الذاكرة حادثة بيولوجية بالماهية وحالة نفسية بالغرض] ويدلل البيولوجيون على أن هذا الرأي يأتي إصابة لبعض أجزاء الدماغ نتيجة حادث ما ,ينتج عنه في الكثير من الحالات فقدان الذاكرة مما يعني أن الذاكرة من طبيعة عضوية حسية يختص بها الجهاز العصبي في الدماغ وفي ذلك قال(ريبو) في كتابه السابق [الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي تنشأ عن اتصاف عناصر الخلايا العصبية الحية بخاصية الاحتفاظ بالتبديلات التي تطرأ عليها وبقدرتها على ربط هذه التبديلات بعضها البعض] وقال ها رتيب: تحفظ الذكريات على شكل اهتزازات وهكذا تكون الذاكرة من طبيعة مادية .
نقد:إرجاع الذاكرة إلى المادة عن طريق النتائج الجزئية التي لم يبث فيها بعد يكون هو الخطأ المنهجي الذي يرفضه العلم وبالتالي ماجاء به الماديون وريبو خاصة غير كاف لتفسير الذاكرة فلو كانت الذكريات مخزونة في خلايا المخ لاختلاف السنان باختلاف نسبة التآلف لكن هذا الأخير يتبع نظاما ثابتا، نسيان الأسماء الخاصة ثم العامة ثم الأفعال مما يدل على نسبية التفسير المادي.
الرأي الثاني:
الذاكرة من طبيعة نفسية:
عند أنصار هذا الرأي أن الذاكرة من طبيعة نفسية حيث رأى (برغسون) إنه إذا أردت حفظ قطعة شعرية قسمتها بيتا ثم كررتها عدة مرات وكلما أعدتها مرة تحسن حفظي لها فلا يقال حفظتها إلا إذا أصبحت قادرا على تكرارها دون خطأ،اي أن هذه الذاكرة شبيهة بالذاكرة الحركية ثم أنني أستطيع أن أتذكر أثر كل قراءة مفردة في نفسي فأتذكرها أحدثت هذا الأشعار في الأحاسيس أي أن هذه الذاكرة ثانية لا تشبه العادة ولا تحتاج إلى التكرار لأن تكرارها قد يضعفها لأنا لها تاريخ إنهاء تام منذ الولادة وهي صورة نفسية محضة يمكن استرجاعها في أي وقت ولا تحتاج إلى زمن طويل وعندهم أن المخ أخر في استرجاع الذكريات في تخزينها إنه مصفاة تصفي به الذكريات للفعل الحاضر وهكذا يميز الفرنسي(برغسون) بين نوعية من الذاكرة ذاكرة حركية مخزونة في الجسم تكتسب بالتكرار والحركة والعقل كالعادات الجسمية المختلفة وذاكرة نسبية مخزونة في النفس وهي التي تعيد الماضي الذي مر بنا وهي غير قابلة للتجزئة وهي في ديمومة متصلة ومتجددة فهي الذاكرة الحقة ولذلك قال(برغسون) في كتابه [المادة والذاكرة] ذاكرة الذاكرة تسجل كل الحوادث التي تمر بنا أو على شكل صور وذكريات وتضعها وفق تسلسل زمني إن الذاكرة الحق في نظر برغسون تتصور الماضي وتستحضره فالذاكرة دائما مصحوبة بالشعور.
نقد:إن الجهود التي قام بها برغسون قد كشفت على جانب كبير من موضوع الذاكرة ولكنه أخطا عندما فصل بين ماهو عضوي ونفسي ،كما انه بالغ كثيرا في إعطاء الجانب النفسي دورا كبير في تفسير حقيقة الذاكرة والتميز بين نوعين للذاكرة يغرينا بإرجاع الذاكرة الحية إلى علة مفارقة ( روح) ويرى ميرلوبانتي أن برغسون لايقدم لنا أي حل للمشكل عندما استبدل الآثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاشعور وهو لم يفسر لنا كيف تعود الذكريات إلى سطح اللاشعور عن طريق إثارتها كمعطيات ماضية وكذلك لو سلمنا بهذا الطرح للزم عنه أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين في المجتمع واحدة وبالرغم من دور المجتمع إلا انه لايمكن أن يحل محل الفرد في حفظ واستدعاء الذكريات .
التركيب:التركيز على الجانب العضوي البيولوجي هو طرح آلي لا يفسر لنا الجوانب الروحية للإنسان وهو يوصل لنا حقيقة لا نقاش فيها ألا وهي تأثير الجانب النفسي على العضوي وفي المقابل الطرح النفسي يركز على الجانب الفرد و يهمل الجانب الاجتماعي كتب (بيار بانيه) قائلا: الإنسان المنعزل لوحده لا يملك ذاكرة لأنه ليس بحاجة إليها. ومعنى ذلك أن البحث في طبيعة الذاكرة يقود إلى التركيز على الجانب الاجتماعي وهذا ما نبه إليه (ها لفاكس) فقال: الذاكرة تستمد وجودها من الأطروحة الاجتماعية ويتجاوز الإشكالية أطروحة فيري أن الإنسان يتذكر بكامل شخصيته وبأبعادها المختلفة المتفاعلة والعضوية والنفسية والاجتماعية.
الخاتمة:ومجمل القول أن الذاكرة من قضايا العلمية في شكلها الجديد وفلسفية في صورتها القديمة طرحت أكثر من سؤال خاصة (طبيعة الذاكرة) وإذا كان ريبو يميل إلى جانب العضوي واعتباره أساس كل تذكر فإن برغسون فتح مجال بالجانب النفسي لكن الحقيقة الثابتة أن البحث العلمي معاصر قد أكد على أهمية الجانب النفسي والعضوي معا من خلال وحدة متكاملة يساهم فيها البعد الاجتماعي وعلى ضوء تحليل أسبابه وكذا منطق التركيب ونستنتج ( أن الذاكرة من طبيعة عضوية ونفسية واجتماعية والإنسان يتذكر بكامل عناصر شخصيته).
مقالة جدلية حول الأخلاق(الخير والشر ) بين ( الدين والعقل )
المقدمة: بطبيعة الإنسان أن له سلوك وأعمال يقوم بها إلى المواصلة بين أفراد المجتمع بالمحادثة وأساليب تقوم على دعائم وأسس وهذه السلوك لها أبعادها ونتائجها يمكن أن تكون اعتيادية أو مبنية على حرية الفعل القائم به على الواعي بذكر كان مجال الأخلاق والسلوكيات محور هذه الأفعال النابعة من إرادة الفرد لهذا تنوعت الأخلاق والسلوكيات لدى الفرد في حد ذاته ومن هنا ارتجحت وجهات نظر الفلاسفة حول طبيعة الأخلاق ومعيارها وأسسها منهم من يرى أن أساس الأخلاق الشريعة وما أمرا به ونهى عنه الله ومنهم من يرى أن الأخلاق أساسها العقل المطلق المثالي و لذلك أثيرت طرح إشكالية الأخلاق هل أن أساس القيمة الأخلاقية العقل أم الدين ؟ وبمعنى آخر على أي أساس تأخذ الأخلاق ؟
الموقف1:يذهب أنصار المذهب العقلي المثالي بأن مصدر القيمة الأخلاقية المطلقة هو العقل باعتباره أعلى ملكة في الإنسان وهو يعبر عن الماهية وهي ثابتة ومطلقة لاتتاثر بالزمن ولا بالمكان وهو مصدر التمييز بين الخير والشر ولهذا ذهب أفلاطون إلى إرجاع أن الأخلاق المطلقة ترجع أساس إلى وسيلة إدراكها وهو العقل الذي يتوجه إليه،لذلك يقول أفلاطون أن الآلهة مقياس للأشياء كلها وليس الإنسان وهذا ما يؤكد على أن العقل يستمد القيمة الأخلاقية المطلقة من العالم المثالي الذي يعطي للإنسان الحكمة السامية لأن هدفهم الأقصى الخير المطلق لذلك يقول أفلاطون في كتاب جمهوريته (إن الخير يزيد فوق الوجود شرف وقوة ) لهذا فان الخير كحقيقة مثالية أسمى من الوجود الواقعي هذا ما يؤكد عليه أيضا كانط في قوله(أن الايرادة الخيرية نسبة للإنسان )التي يكون أساس مرجعها ومنطلقها هو الواجب ولهذا فان الأفعال الصادرة عن الواجب تستمد قيمتها من الأخلاق لهذا إن أخلاق الواجب من أجل الواجب هي أعلى التفكير المثالي الذي ينشده العقل .
النقد:على الرغم ما دعاء إليه أفلاطون وكانط كان بمثابة قيم أخلاقية سامية لكنها مثالية لم يمكن تكريمها وتحقيقها على أرضية الواقع وهذا التصور المثالي للقيم الأخلاقية ليس له واقع يقوم عليه والدليل على ذلك أن جمهورية أفلاطون بقية جمهورية ونظرية متعالية عن الواقع.أما كانط ففكرة الواجب من أجل الواجب أمر غير ممكن لهذا يقول بياجي عن الأخلاق المثالية التي يتكلم عليها كانط لقوله يدا كانط نقيتان لكنه لا يمتلك يدين ،لهذا فان العقل المثالي ضرب من الخيال ذلك أن القيمة المثالية لاوجود لها في الواقع بالايضافة إلى هذا أن العقل معرض إلى الوقوع في لأخطئ لا يميز بين الرذائل والفضائل وهذا راجع إلى جهله، فهذه الأطروحة نسيت أن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ بل يحتاج إلى من يرشده وهو الدين.
الموقف2:يذهب أنصار العقيدة والدعاة الذين أرجعوا معيار القيمة الأخلاقية إلى الثوابت التي تحمل قيم مصدرها الدين الذي يتنكر بعد أخلاقي سامي نستمد إليه في تقويم أفعاله لذلك لو رجعنا إلى تاريخ الإنسانية لوجدنا أن قيمنا الأخلاقية في بداية الأمر كانت على شكل أوامر ونواهي دينية تحدد علاقة الإنسان بالله وعلاقته بأخيه الإنسان لهذا كانت تعاليم الدين نموذج وقدوة يقتدي بها الإنسان وهذا تكشفه لنا الوصاية العشر الموصى عليها ،وكذلك أخلاق المحبة في المسيحيين بالايضافة إلى هذا أخلاق العقيدة الإسلامية التي ترتبط بالعمل الخير والفضيلة وتنهي على الشر والرذيلة ولهذا قوله تعالى(ولا تكن أمة يدعونا إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون على المنكر أولائك هم المفلحون)سورة آل عمران 104.ولقوله(ص):"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " لهذا يرى أنصار هذا المذهب وفي مقدمتهم ابن حزم أنه لاشيء أحسن لذاته ولاشيء قبيح لذاته لكن يستمد الفعل قيمته الحسن والقبح من الشرع الذي حدده الله تعالى في قوله ومعنى هذا المعيار الخير والشر والفضيلة والرذيلة يرد الى الإرادة الإلهية التي تكون قدوتها الرسول (ص) إلا أن الاختلاف في التقديم والتأخير كان بين المعتزلة والأشاعرة لذلك ترى المعتزلة أن الدين جاء كمخبر عام للعقل لأن العقل هو قوام للفعل الخلقي انطلاقا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لذلك يرى المعتزلة بإمكان الشرع إلا مجزئا وموجها للعقل عكس ما اعتقده الأشاعرة ويعتقدون بأن العقل ليست له القدرة على التمييز بين الخير والشر، فالخير ما أمر به الله تعالى وحازه الشرع ما نهي عنه وحرمه لذلك ينفي أبو الحسن الاشعري أن يكون الفعل خير أو شر في ذاته والشرع مثبت للقيمة الخلقية وما دور العقل الى الخضوع في تعاليم الدين لأنها صادرة من إرادة الله تعالى . النقد: إن إرجاع الأخلاق إلى سلطة سماوية عليه تعطي للقيمة الأخلاقية نفوذا ومطلقيه وهو بذلك يخاطب العقول أفراد وجماعات التي تميل إلى التفسير والفهم فيدخل سلطان العقل من لا يزيد لذلك فان العقل موجود كفكر يدرس هذه التشريعات ويتدبر أمورها لهذا كانت للعقل مكانة في الاجتهاد ولهذا مهما ابتعدنا عن أحكام العقل وترفعنا الى مستوى العقيدة والدين وجدنا أنفسنا أنا فهم النصوص الشرعية تقتضي الاجتهاد العقلي وفهمه من ما قد يكون هذا الاجتهاد لفهم محرف او مغير لقيمتنا الأخلاقية المطلقة، فلاشك بأن الدين يرشدنا في حياتنا لكن لايعني هذا تعطيل العقل أو تحريم إشهادي فالعقل يساهم أيضا في بناء الأخلاق .
التركيب: ان التسليم يكمن في أن الأخلاق واحدة في جوهرها ثابتة في أحكامها على نحو ما تؤديه الأحكام الشرعية التي مصدرها الدين وأن العقل مدركه لأنه أساس التمييز لا يحل هذا الإشكال لأنا إشكالية الأخلاق حول طبيعتها تبقى قائمة وهذا دليل على تعدد تفسيراتها وتنوع معاييرها لهذا كان لكل منظومة ومذهب أخلاقي في اعتقاده بصواب وخطاء الآخرين ويعتبر نفسه قدوة للأخلاق الإنسانية.
الخاتمة: وخلاصة القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد والأحكام التقويمية التي تحدد الخير والشر , وقد تبين لنا أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار القيمة الخلقية فهناك من أرجعها إلى إرادة الفرد (الأساس العقلي) وهناك من اعتبر الدين متنوع الأخلاق وكمخرج للمشكلة المطروحة نستنتج أن الأخلاق تتأسس على العقل والدين معا .
مقالة جدلية حوله طبيعة الذاكرة.
الذاكرة • يقول ريبو( أن الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية وظاهرة سيكولوجية بالعرض).
- مقدمة : ميز الله الإنسان عن بقية المخلوقات بالذاكرة لاسترجاع ماضيه واستثماره في حاضره لمواجهة شتى المواقف التى تعترضه و تتأثر أفعالنا اتجاه هذه المشكلات التي تعترضنا ، بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورة الذهنية المدركة ،بل ان الإنسان يتميز بقدرته على اختزان تلك الصورة مما يجعله يعيش الحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى الذاكرة وهي القدرة على استعادة الماضي مع معرفتنا أنه ماضي وطبيعة الذاكرة وكيفية حفظها أثارت جدلا كبيرا بين علماء النفس،فالماديون يرون بان حفظها يكون ماديا على مستوى الدماغ أما أصحاب النزعة النفسية يرون ان حفظها يتم في النفس ولا علاقة لها بالمادة ومن هنا يحق لنا ان نتسال عن حقيقة الذاكرة هل هي عضوية لها مكان معين في الدماغ أم هي قدرة عقلية نفسية ؟ هل يمكن تفسير الذاكرة بالاعتماد على النشاط العصبي ؟ هل تعتمد الذاكرة على الجملة الدماغية فقط أم تحتاج إلى غير ذلك ؟ - الرأي الأول: أرجعت النظرية المادية بزعامة ( ريبو ) طبيعة الذاكرة الى الوظائف الفيزيولوجية ،أي انها مرتبطة بالجهاز العصبي، كما يقول ريبو أيضا ان هناك حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة [ الفتاة التي أوصبت برصاصة في المنطقة اليسر من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف عل المشط الذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقيت تستطيع الإحساس به فتأكد له أن إتلاف بعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة إلى فقدان جزئي أوكلي للذاكرة وجعلته يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة للجهاز العصبي أساسها الخاصية التي تمتلكها العناصر المادية في الاحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثني في الورقة لقد تأثرت النظرية المادية بالمقولة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثر في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على أسطوانات التسجيل ، وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ، لذا يرى ريبو أن الذكريات مسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخلايا و الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل لذا فلا عجب إذا أبدا تلاشيها من الذكريات الحديثة الى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات ، ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينة لكل نوع من الذكريات بل ويعد 600 مليون خلية متخصصة لتسجيل كل الانطباعات التي تأتينا من الخارج مستفيدا مما أثبتته بعض تجارب بروكامن أن نزيفا دمويا في قاعدة التلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة وأن فساد التلفيف الثاني من يسار الناحية الجدارية يولد العمى النفسي وغيرها ،لذا جاءت النظرية المادية الحديثة لتؤكد أن الذاكرة لا تحتفظ إلا بجزء من هذه المؤثرات وهذا يدل عل أن عملية الاحتفاظ بالذكريات تخضع لنوع من الانتقاء ولكن هذا يطرح مشكلة فهل هو وظيفة نفسية أم مادية عضوية في الدماغ ، وهل هذا الانتقاء إرادي أم لاإرادي ؟ من البداية فإن كل النظريات المادية الحديثة تعترف بتعقد وصعوبة سير أغوار الدماغ لدى الإنسان مما يجعلها فرضيات تحتاج الى الكثير من الأدلة ... ولا مانع هنا أن نستعرض بعضها حيث تقوم الأولى على مفهوم الترميز الغائي أو الو ضيفي للدماغ التي تعتقد أن التنظيم العالي للدماغ البشري يمكن أن يكون له دور في تثبيت الذكريات وذلك بتيسير ترابط بعض المعلومات الواردة ومنع ترابط بعضها الأخر أما الفرضية الثانية فتقوم على مفهوم الترميز الكهربائي حيث هناك نوعان من النشاط الكهربائي للجملة العصبية أحدهما ذو إيقاع سريع يحث النيترونات داخل الأعصاب وهو المسؤول التذكري واخر ذو إيقاع بطيء لاعلاقة له بالتذكر وثالثا مفهوم الترميز البيوكيميائي حيث انصب جهد علماء الوراثة على نوع من الجزئيات الموجودة في الدماغ الحامض الريبي النووي لاعتقادهم أنه له علاقة بالذاكرة حيث أجرو تجارب على حيوان درب على أداء حركي معين ثم أخذت خلاصة دماغه وحقنت في حيوان أخر لم يتلقى أي تدريب فلوحظ أن أثار التعليم قد ظهرت في سلوكه . مناقشة : ارجاع الذاكرة الى المادة عن طريق النتائج الجزئية التي لم يبث فيها بعد يكون هو الخطا المنهجي الذي يرفضه العلم وبالتالي ماجاء به الماديون وريبو خاصة غير كاف لتفسير الذاكرة، فهذه الفرضيات لم تكشف بكيفية قاطعة عن نوعية العلاقة الموجودة بين الذاكرة والمعطيات المختلفة للدماغ نظرا للصعوبات الكبيرة التي تواجه التخريب ولكننا نجد ان هناك الكثير من حالات فقدان الذاكرة تسببه صدمة نفسية وليس له علاقة بإتلاف خلايا الدماغ وأن الذكريات التي فقدت سرعان ما تعود بعد التعافي من تلك الصدمة كما أنه لو كان الأمر كما يرى ريبو وأن الدماغ هو مكان تسجيل الذكريات لترتب على ذلك تراكم جميع المدركات والمؤثرات التي يستقبلها يجب ان تحتفظ في الدماغ ولو وجب تذكر كل شيء .... - الرأي الثاني: تؤكد النظرية النفسية عند برغسون أن وظيفة الدماغ لتتجاوز المحافظة على الآليات الحركية أما الذكريات فتبقى أحوال نفسية محضة لذا فهو يرى أن الذاكرة نوعان ـ ذاكرة حركية تتمثل في صور عادات آلية مرتبطة بالجسم وهي تشكل مختلف الأعمال الحركية التي تكتسب بالتكرار . ـ وذاكرة نفسية محضة مستقلة عن الدماغ ولا تتأثر باضطراباته وهي الذاكرة الحقة التي غاب على الماديون إدراك طبيعتها لأنها مرتبطة بالجسم وهي ليست موجودة فيه .... إنها ديمومة نفسية أي روح ويعرف لالاند الذاكرة بأنها وظيفة نفسية تتمثل في بناء حالة شعورية ماضية .
♦ مناقشة : إن الجهود التي قام بها برغسون قد كشفت على جانب كبير من موضوع الذاكرة ولكنه أخطا عندما فصل بين ماهو عضوي ونفسي ،كما انه بالغ كثيرا في اعطاء الجانب النفسي دورا كبير في تفسير حقيقة الذاكرة والتميز بين نوعين للذاكرة يغرينا بارجاع الذاكرة الحية إلى علة مفارقة ( روح) ويرى ميرلوبانتي أن برغسون لايقدم لنا أي حل للمشكل عندما استبدل الآثار الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ بآثار نفسية أو صور عقلية مخزنة في اللاشعور وهو لم يفسر لنا كيف تعود الذكريات إلى سطح اللاشعور عن طريق إثارتها كمعطيات ماضية وكذلك لو سلمنا بهذا الطرح للزم عنه أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين في المجتمع واحدة وبالرغم من دور المجتمع إلا انه لايمكن أن يحل محل الفرد في حفظ واستدعاء الذكريات تركيب : إننا لن نستطيع أن نقف موقف اختيار بين النظريات المادية والنفسية والاجتماعية ولا يمكن قبولها على أنها صادقة ، فإذا كانت النظرية المادية قد قامت في بعض التجارب فقد رأينا الصعوبة التي تواجه التجريب وإن حاولت النظرية النفسية إقحام الحياة النفسية الواقعية في الحياة الروحية الغيبية فإن الإيمان يتجاوز العلم القائم على الإقناع و يرى علماء الاجتماع وعلى رأسهم هالفاكس أن ذكرياتنا ليست حوادث نفسية محضة أو مادية مرتبطة بالدماغ ،بل هي تجديد بناء الحوادث بواسطة الأطر التي يمدنا بها المجتمع مثل الأعياد والمواسم ،فالآخر هو الذي يدفعنا إلى التذكر لأنني في اغلب الأحيان عندما أتذكر ،فان الغير هو الذي يدفعني إلى ذلك، لان ذاكرتي وذاكراتي تساعد ذاكرته، فمهما ادعت النظرية الاجتماعية فلا يمكننا القول بأن نقول ان الفرد حين يتذكر فإنه يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الجماعة.
الخاتمة : هكذا رأينا كيف أن كل معارفنا عجزت على إعطاء أي تفسير للذاكرة مقبول للجميع ، فلا الجسم ولا النفس ولا المجتمع كان كافيا لذلك ولابد من استبعاد الفكرة التي تعتبر الذاكرة وعاء يستقبل آليا أي شيء إنها كما يقول دولا كروا (نشاط يقوم به الفكر ويمارسه الشخص فيبث فيه ماضيه تبعا لاهتماماته و أحواله) وحفظ الذكريات واسترجاعها هو وظيفة نفسية تتم على مستوى الخلايا الدماغية عندما تثيرها الظروف الاجتماعية المحيطة بالفرد ،إذن فطبيعة الذاكرة بيولوجية ونفسية تؤثر فيها العوامل الاجتماعية التي يعيشها الفرد ضمن علاقته بالمجتمع وأفراده .
مقالة حول أبعاد الشغل.
الأسئلة:-هل لشغل بعد مادي ؟-هل المطالب البيولوجية كافية لتفسير حقيقة الشغل؟-هل الشغل إلزام بيولوجي؟-هل الشغل من طبيعة مادية أم بيولوجية؟ يقال أن"الشغل يبعدنا عن القلق والحاجة والرذيلة" ما رأيك؟-هل يشتغل الإنسان من أجل أن يأكل فقط ؟-
المقدمة: تعتبر رغبة البقاء في الحياة هي المحرّك الأساسي عند جميع الكائنات الحية خاصة الإنسان والحيوان تدفعهم إلى الحركة داخل الوسط الطبيعي بحثا عن عناصر البقاء وفي محاولة للاستفادة منه لكن حركة الإنسان [قصديه, واعية, هادفة] هذه الخصائص مجتمعة تعرف في الفلسفة وعلم الاقتصاد بظاهرة الشغل الذي يحيلنا إلى أبعاده فإذا علمنا أن البعض يربط الشغل بمطالب مادية وبيولوجية فالمشكلة المطروحة: هل حقيقة الشغل ترتبط بالبعد المادي أم تتعداه إلى أبعاد أخرى
/الرأي الأول (الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن المطالب البيولوجية بصورة خاصة والمادية بصورة عامة هي الأهداف الحقيقية للشغل, فالدافع البيولوجي في نظرهم هو محرّك النشاط الإنساني, تظهر هذه الأطروحة عند الفرنسي "ميشال فوكو" الذي اعتمد على أسلوب الاستقراء التاريخي لتوضيح موقفه فقال{لا تشتغل البشرية إلاّ تحت تهديد فكرة الموت إذ أنّ كلّ مجتمع إذا لم يعثر على ثروات جديدة فهو محكوم عليه بالفناء} وتفسير ذلك أن البشرية مرّت بمرحلتين مرحلة الإنسان جامع الغذاء ومرحلة الإنسان صانع الغذاء وتاريخيا ارتبط ظهور الشغل بوجود بشر كثيرين يقتاتون من ثمار الطبيعة ولم تعد تلك الثمار كافية لتلبية حاجاتهم من الغذاء. ومن الذين نظروا إلى الشغل نظرة مادية فلاسفة اليونان والرومان حيث رأى "شيشرون" أن تفكير العامل يغلب عليهم الطابع الحسّي لأنه يعيش في دائرة ضيقة (إنتاج السلع وبيعها) مما يجعله غير قادر على بناء نظم أخلاقية أو فلسفية وفي هذا المعنى قال {من المتعذَّر انبثاق أي نبالة من دكان أو مشغل} هذه النظرة مستوحاة من فلسفة "أرسطو" الذي حصر الشغل في ثلاثة وظائف [المأكل, الملبس, المسكن] وهو في نظره من اختصاص العبيد لأن هذه الوظائف تحتاج إلى قوة الجسم وترمز إلى التعب والعناء, ومن بين الأنظمة الاقتصادية التي ركزت على البعد المادي الرأسمالية وهذا واضح في تعريفها {الرأسمالية نظام اقتصادي يهدف إلى أكبر قدر من الربح المادي مع أكبر قدر من الحرية}. والشغل عندهم يحقق الرفاهية المادية من خلال توفيرا الضروريات والكماليات.
نقد(مناقشة): إن النظر إلى الشغل من زاوية مادية يُنزل الإنسان إلى مرتبة الحيوان الذي يبحث عن إشباع غريزته فيتحوّل إلى عبد لها.
/الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): الشغل ظاهرة إنسانية, والإنسان كائن عاقل مما يستلزم النظر إلى الشغل نظرة عقلية وربطه بــأبعاد [نفسية, أخلاقية, اجتماعية] وهذا هو موقف كثير من الفلاسفة. فعلى المستوى النفسي أكّدت بحوث علماء النفس أن الشغل وسيلة للقضاء على المشاكل النفسية والبطال أكثر عرضة لخطر الأمراض النفسية والعقلية قال عنه "اليعقوبي" في كتابه [الوجيز في الفلسفة]{الشغل ينزع الإنسان من نفسه ويحرره من الدائرة الذاتية} وأكد العلماء أن الشغل يطوّر القدرات العقلية خاصة الذكاء وصفه"زكي نجيب محمود" قائلا{بمقدار ما يطوّع الإنسان مواد الطبيعة بمقدار ما يكون عنده من ذكاء العقل}. وعلى المستوى الأخلاقي يعتبر الشخص أساس بناء الشخصية ومقياس نضج الإنسان والبطال ينظر إليه الناس نظرة احتقار لتواكله وسلبيته قال"عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) {أرى الرجل فيعجبني فإذا قيل لي لا يشتغل سقط من عيني} وقال "الرسول(صلى الله عليه وسلم)"{أفضل الكسب كسب الرجل من يده}وعلى المستوى الاجتماعي الشغل وسيلة (تعارف, بناء صداقات جديدة, تكافل اجتماعي ...) وبه يتحقق التكامل بين أفراد المجتمع لأن [مطالب الإنسان كثيرة وقدراته محدودة] كما ذهب إلى ذلك "ابن خلدون".
نقد(مناقشة): لاشك أن هذه الأبعاد غاية في الأهمية لكن لا يعني هذا التنكّر للمطالب المادية أو البيولوجية.
/التركيب: الشغل ظاهرة تاريخية ارتبط في البداية بتلبية مطالب الإنسان البيولوجية ثم ارتقى بالإنسان من مستوى الغريزة إلى مستوى الوعي وتجسّد بذلك التلاحم بين العقل والمادة وكما قال "مونييي"{يهدف كل عمل إلى أن يصنع في نفس الوقت إنسانا وشيئا}. وتحوّل الشغل إلى عنوان لتكامل الشخصية, وفي نظر "فريدمان" حقق الشغل توازن الفرد مع المجتمع وأثر بصورة فعالة في صحة الإنسان البدنية والعقلية فالعامل يعي ذاته ويشعر بــحريته وكما قال "سارتر" في كتابه [مواقف]{الشغل أكسب الإنسان السيطرة على الأشياء}
-الخاتمة: وفي الأخير يمكن القول أن الشغل ظاهرة إنسانية قديمة كان عنوانا للعبودية في الفلسفة اليونانية والرومانية وتحوّل تحت تأثير فلاسفة الإسلام والعصر الحديث إلى مصدر للتحرر, طرح الكثير من الإشكالات بهدف التوصل إلى طبيعته وتحديد أهدافه وهذه الإشكالية الأساسية في مقالنا هذا الذي بحثنا من خلاله أبعاد الشغل ومن كل ذلك نستنتج:حقيقة الشغل تكمن في قدرته على إشباع جميع أبعاد شخصية الإنسان.
- مقالة حول العدالة الاجتماعية بين المساواة والتفاوت.
- مقالة حول العدالة الاجتماعية.
كيفية تطبق العدالة الاجتماعية في الواقع.
الأسئلة:- كيف نحقق العدالة بين الناس في مجتمع يسوده التفاوت؟ هل بالمساواة أم بالتفاوت؟-هل يتحقق العدل في ظل المساواة أم التفاوت؟- هل يتحقق العدل في ظل الفروق الفردية؟-هل كل تفاوت ظلم؟-كيف نحقق العدالة الاجتماعية؟-هل يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية؟
المقدمة:- إذا كان الناس متساوين من حيث الطبيعة الإنسانية أي أن كل إنسان يحمل خصائص الكائن الإنساني ، من جهة ، ومن جهة ثانية أن لكل فرد خصوصياته التي تميزه عن غيره،ولكل شعب خصوصياته المشتركة ، و تعتبر الثورة من منظور الفكر الفلسفي محاولة لتغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية, إنها رفض لكل أشكال الظلم والاستبداد, والبشرية حاولت منذ القديم التحرر من قيود الطغيان في محاولة لبناء مجتمع عادل يسوده العدل باعتباره قيمة أخلاقية سامية, أي أن هناك تفاوت بين الأفراد والجماعات،وهذا ما أدى بالمفكرين والمنظرين إلى التساؤل التالي:هل العدل يكمن في المساواة بين الأفراد أم في التفاوت فيما بينهم ؟
/ الرأي الأول(الأطروحة): يرى أصحاب هذه الأطروحة أمثال ألكسيس كاريل هيغل و نيتشه ،أن العدالة الاجتماعية يكمن شرطها في احترام ومراعاة التفاوت بين أفراد المجتمع فالتفاوت بين الأمم أمر طبيعي وقصد التأكيد على مكافأة كل فرد من المجتمع حسب قدراته ومواهبه واستعداداته فمن الظلم أن نكافئ بين أفراد المجتمع بنفس الطريقة لان هناك اختلافات وفروق فردية بينهم سواء من الناحية الجسمية أومن الناحية العقلية والأدوار الاجتماعية,وان الأخلاق من صنع الضعفاء تقودنا هذه الأطروحة إلى "أفلاطون" الذي حاول رسم معالم المجتمع العادل من خلال فكرة التفاوت الطبقي واعتبر المجتمع العادل هو الذي يحكمه الفلاسفة فالفلاسفة أولاً ثم الجنود والعمال ،وأخيرا طبقة العبيد, وقال في كتابه [الجمهورية]{يتحقق العدل في المجتمع عندما تقوم كل طبقة بالأدوار المنوطة بها والمتناسبة مع مواهبها} ومثل ذلك كمثل قوى النفس فالقوة العاقلة هي التي يجب أن تتحكم وتسيطر على القوة الغضبة والشهوانية. وفي العصر الحديث نظر الجراح الفرنسي "ألكسيس كاريل" إلى العدالة الاجتماعية من منظور علمي حيث رأى أن النظام الطبيعي مبني على فكرة الطبقات البيولوجية وهي ضرورية لخلق توازن غذائي وتوازن بيئي والنظام الاجتماعي العادل هو الذي يحترم التفاوت قال في كتابه[الإنسان ذلك المجهول] {في الأصل ولد الرقيق رقيقا والسادة سادة حقا واليوم يجب ألا يبقى الضعفاء صناعا في مراكز الثروة والقوة . . . لا مفر من أن تصبح الطبقات الاجتماعية مرادفة للطبقات البيولوجية} إذ هذا النظام يسمح لأصحاب المواهب من الارتقاء في السلّم الاجتماعي سواء الذين يمتلكون القدرات البدنية أو العقلية, هذه الأفكار سرعان ما تتجسد عند أصحاب النزعة الليبرالية حيث أن المجتمع الرأسمالي يتكون من ثلاث طبقات(طبقة تملك وسائل الإنتاج ويوكلون استعمالها للأجراء, وطبقة تستخدم هذه الوسائل بنفسها, وطبقة الأجراء) وفي تفسير ذلك قال "آدم سميث" في كتابه [بحوث في طبيعة وأسباب رفاهية الأمم]{المصلحة العامة متضمنة في المصلحة الخاصة والتنافس شرط العدالة الاجتماعية} واستقراء التاريخ يؤكد أن كثيرا من الشعوب قامت على فكرة الطبقية مثل الشعب اليهودي الذي يعتقد أنه شعب الله المختار وعندهم لا يعقل أن يتساوى اليهودي في الحقوق مع بقية البشر.
نقد(مناقشة):نوافق هؤلاء في بعض ما ذهبوا إليه فنؤكد أهمية التفاوت خاصة في العدالة التوزيعية ونعترف معهم بوجود اختلافات بين الأفراد من ناحية القدرات والمواهب لكن ما يواخذ عليه هو مبالغتهم في التأكيد على التفاوت وتعميمه على جميع أنواع العدالة كما أن الأخذ بفكرة التفاوت ينعكس سلبا على المجتمعات وما يؤكد ذلك الموجة الستدمارية كنتيجة لهذه الفكرة كما ان في التفاوت تكريس للعنصرية والذي من نتائجه الفقر والجهل والاضطهاد ثم ان الاعتراف بالتفاوت الطبيعي لا يؤدي الى الاجتماعي خاصة في عدالة القصاص. كما ان بذل اكثر مجهود وكد ونشاط لايتوقف على ما يسمى بالتفاوت وانما المساواة لها اثر بالغ في ذلك ثم +ان التباعد الموجود بين الناس يعتبر حافز غير شريف امام الله فيعاب على هذه الأطروحة التفاوت لانه قد تحول إلى دعوة عنصرية خاصة عند المطالبة بالحقوق من زاوية التفاوت العرقي أو الديني.
/الرأي الثاني (نقيض الأطروحة): يرى فلاسفة القانون الطبيعي أمثال (جان جاك روسو )الذين كان لهم الفضل في صياغة نظرية العقد الاجتماعي ،أن العدالة الاجتماعية تقوم على فكرة المساواة ويكون المجتمع عادلا اذا ساوى بين جميع أفراده ولم يميز بينهم و يكمن احترام مبدأ المساواة بين الناس في شعارهم أن المساواة الاجتماعية امتداد للمساواة الطبيعية وأن الأفراد بحكم ميلادهم تجمعهم قواسم مشتركة كالحواس والعقل "يشيرون"إلى أن {الناس سواسية وليس شيئا أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان, لنا جميعا عقل ولنا حواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلّم} وفي الفكر الإسلامي رأى "محمد اليعقوبي " في كتابه [الوجيز في الفلسفة] أن مفهوم الفلسفة مصدره الشريعة الإسلامية لأن الجميع يتساوى في الأصل والمصير, "قال تعالى" {يا أيّها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}ويقول عمر بن الخطاب
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ).ومن الذين رفضوا التفاوت ودافعوا عن المساواة الفيلسوف "برودون" الذي رأى أن مصدر الحقوق هو الجهد وليس التفاوت الوراثي فقال{هناك على ضرورة لا مفرّ منها في التفاوت الجسمي والعقلي بين الناس فلا يمكن للمجتمع ولا للضمير الحدّ منها, لكن من أين لهذا التفاوت المحتوم أن يتحوّل إلى عنوان النيل بالنسبة للبعض والدناءة للبعض الآخر}. هذه الأفكار تجسّدت عند أصحاب المذهب الاشتراكي أمثال كارل ماركس الذي قال: ( لا عدالة بدون مساواة مادية بين الأفراد ) ،من خلال التركيز على فكرة [المساواة الاجتماعية] التي هي أساس العدالة الاجتماعية وهذا ما أكّد عليه "فلاديمير لينين" أيضا في برنامج الحزب الشيوعي السوفيتي {الشيوعية نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحد للملكية العامة لوسائل الإنتاج والمساواة الاجتماعية الكاملة بين أفراد المجتمع}.
نقد (مناقشة):نوافق هؤلاء في بعض ما ذهبوا إليه وهو أن المساواة ذات أهمية قصوى في تحقيق العدالة الاجتماعية لكن ما يلاحظ عليهم أنهم بالغوا في تأكيدها عندما اكدوامطلقيتها فإذا كان العدل في المبادلة وفي القصاص يقوم على أساس المساواة فلا يمكن إقامة العدل في التوزيع على هذا الأساس فالعدل في التوزيع لا يتحقق بالمساواة بل يقوم على التفاوت فيكون من الواقع توزيع مكافآت متساوية بين الأفراد مختلفين من حيث الكفاءة والجهد ،فإن المطالبة بالحقوق دون القيام بالواجبات لا تدلّ على العدالة الاجتماعية بل هي تعبير على خلل اجتماعي.
/التركيب: إن السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية يشترط تحديد أسباب الظلم من أجل رسم معالم العدل وهذه حقيقة تحدّث عنها "أرسطو" قائلا {تنجم الخصومات عندما لا يحصلون أنا متساوون على حصص متساوية أو يحصل أناس غير متساوين على حصص متساوية} من هذا المنطلق لا بد من الاعتماد على[معيار تكافؤ الفرص] وكذا [الاستحقاق والمكافأة] وفق شروط اقتصادية حيث توزع الثروات بين الناس (العدل في التوزيع) وشروط قانونية وفيها تُسنّ قوانين تضمن السكينة والأمن للجميع وهذا ما أكد عليه "جيفرسون" {الناس خلقوا سواسية وقد جباهم الله بحقوق منها الحرية والحياة والسعادة} ولا تكتمل صورة العدالة الاجتماعية إلاّ بالفصل بين السلطات (التشريعية, القضائية, التنفيذية) كما ذهب إلى ذلك "مونتيسكيو".-الخاتمة:وفي الأخير [العدالة الاجتماعية] مطلب اجتماعي قديم كل المجتمعات عبر تاريخها الطويل نادت به والفلسفة من خلال مذاهبها المختلفة حاولت التطرق إلى هذه الإشكالية وخاصة [كيفية تطبيق العدالة الاجتماعية] في أرض الواقع وهي إشكالية تمحور حولها هذا المقال الذي تناولنا فيه "أطروحة التفاوت" والتي تجلت عند "أفلاطون" قديما وأصحاب النزعة الليبرالية حديثا وتطرقنا إلى أطروحة "المساواة" التي رفعت شعار{المساواة الاجتماعية امتداد للمساواة الطبيعية}ومن منطلق التحليل والنقد، نستنتج:تتحقق العدالة الاجتماعية من خلال التوفيق بين المساواة والتفاوت
.
مقالة حول مشكلة المعرفة. (معيار الحقيقة)
الأسئلة:هل الفكرة الصحيحة بالضرورة فكرة ناجحة؟-هل تقاس صحة الفكرة بمدى نجاحها؟-هل الوضوح والبداهة معيار الحقيقة؟-هل الحقيقة ترتبط بمدى انسجام الفكر مع ذاته أم مع الواقع؟
-المقدمة:تعتبر الفلسفة من أكثر أنواع المعرفة شهرة وتمييزا في لا تستهدف امتلاك الحقيقة بمقدار ما تسعى إلى طلبها ومن هذا المنطلق بحث الفلاسفة في موضوع الوجود والقيم ودرسوا مشكلة المعرفة التي من خلالها ظهر ما يعرف بمعيار الحقيقة والمشكلة المطروحة:هل معيار الحقيقة الوضوح والبداهة أم النجاح والمنفعة؟
/الرأي الأول(الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن مصدر المعرفة من طبيعة عقلية فالمعارف هي نتاج عقلي وليست مجرد نسخ مطابقة للواقع ومن هذا المنطلق فإن معيار الحقيقة هو العقل الذي أنتج المعرفة وعلامة ذلك الوضوح والبداهة, تعود هذه الأطروحة إلى فلسفة "أفلاطون" الذي قسّم العالم إلى قسمين, عالم المحسوسات وعالم المعقولات ومن خلال أسطورة الكهف يبيّن أن المعرفة المترتبة عن الحواس معرفة سطحية وهي أشبه بالظلال (الخيال) وللوصول إلى الحقيقة لا بد من الاعتماد على التأمل العقلي قال في كتابه [الجمهورية] {من الواجب على النفس الباحثة عن الحقيقة أن تمزق حجاب البدن وأن تنجو من عبوديته وأن تظهر ذاتها بالتأمل}. وفي الفلسفة الحديثة اعتمد "ديكارت" في بنا الحقيقة على العقل ورفض الحواس لأنها خداعة ومن الحكمة ألا نطمئن لمن خدعونا ولو مرة واحدة إن الأفكار الفطرية(مبادئ العقل) تساعد عل اكتشاف الحقيقة, قال في كتابه [مقالة في الطريقة] {لا أتلقى على الإطلاق شيئا على أنّه حق ما لم أتبين بالبداهة أنه كذلك}. ومن الأمثلة التي توضح قدرة العقل على تصحيح أخطاء الحواس ومن ثمّ بلوغ الحقيقة المثال الذي ذكره الفيلسوف الفرنسي "آلان" عن المكعب الذي يتألف من ستة سطوح و15 مضلعا بينما الحواس لا تدرك منه سوى ثلاثة سطوح, ومن الذين دافعوا عن معيار الوضوح والبداهة "سبينوزا" فالأفكار الواضحة المتميزة لا يمكن أن تكون باطلة فهي تفرض نفسها كما يفرض النور نفسه على الظلام.
نقد(مناقشة): هذه الأطروحة تتجاهل أن العقل ليس ملكة معصومة من الخطأ.
/الرأي الثاني(نقيض الأطروحة) : ترى هذه الأطروحة "المذهب البراغماتي" أن الحقيقة تقاس بمعيار النجاح والمنفعة أي بمطابقة الأشياء لمنفعتنا لا مطابقة الفكر لذاته أو للأشياء الخارجية, ترتبط هذه الأطروحة بالفيلسوف الأمريكي "بيرس" الذي قال {المعرفة كائن ما كانت لا تستحق هذا الاسم إلا إذا كانت لها نتائج عملية يمكن لكل إنسان أن يشاهدها إذا أراد}وتعمقت هذه الأطروحة على يد "وليم جيمس" الذي رأى أن الحقائق نسبية ومتغيرة وشبّه الحقائق القديمة بالأسلحة القديمة فهي تتعرض للصدأ وتغدو عديمة النفع وربط بين الحقيقة والمنفعة فهما طرفان لخيط واحد قال في كتابه [محاضرات في البراغماتية] {الحق ليس إلا التفكير الملائم لغايته والصواب ليس إلا الفعل الملائم في مجال السلوك} ويُعتبر "جون ديوي" حلقة إضافية في سلسلة المذهب البراغماتي حيث ربط بين التفكير والمنفعة قال في كتابه [كيف نفكر] {يبدأ التفكير إذا اعترضت الإنسان مشكلة تتطلب الحل} ومن هذا المنطلق فإن قيمة العقل تكمن في استهداف غاية مستقبلية واختيار الوسائل المؤدية إليها, إن لتفكير ذريعة للعمل ومنه عرف هذا المصطلح بمذهب الذرائعية وهو مذهب الحقيقة على معيار النجاح والمنفعة.
نقد(مناقشة):إن تأسيس الحقيقة على معيار المنفعة يجعلها نسبية ومتغيرة وبذلك تتهدم العلاقات الاجتماعية ما دامت قائمة على المصلحة والمنفعة.
/التركيب:إن تحديد الدلالة الفلسفية للحقيقة إشكالية فلسفية ليس من السهل ضبطها لتنوع المواقف حول فالمعنى اللغوي يربط الحقيقة بموافقة العقل لقاعدة ثابتة والمعنى الاصطلاحي يختلف باختلاف المذاهب الفلسفية ولا عجب في ذلك فقد وصف "نيتشه"سؤال [بيلاطيس] ما الحقيقة؟ بأنه يشكل عمق الفلسفة واعتبر "أناتول فرانس" معيار الحقيقة أنه أعمق إشكالية فلسفية, ومن هذا المنطلق تظهر الحاجة إلى نظرة تكاملية تجمع العقل والواقع والمنفعة في معيار واحد فالإنسان عند "إبن خلدون" ولد خالٍ من المعرفة وباتصاله بالواقع شرع في بنائها. فالحواس تقدم مادة المعرفة والعقل ينظمها ويفسرها من خلال فكرة الزمان والمكان والسببية والغائية(مقولات العقل), وكما قال "كانط" {الأفكار من دون مضمون حسي جوفاء والإحساس من دون تصورات عقلية عمياء} ومتى اتّحد العقل بالواقع تحققت المنفعة وانكشفت الحقيقة.
-الخاتمة:وفي الأخير يمكن القول أن البحث عن الحقيقة ارتبط بالفلسفة ارتباط المنهج بالموضوع حيث لم يكتف الفلاسفة بالتساؤل عن مصدر الفلسفة وطبيعتها بل بحثوا في معيار الحقيقة وأمام صعوبة الإشكالية اختلفت المذاهب الفلسفية ويمكن تفسير ذلك باختلاف المصادر وتأسيسا على ما سبق نستنتج:لا يوجد معيار واحد للحقيقة؟
هل الإدراك يعود إلى العوامل الذاتية أم إلى العوامل الموضوعية ؟
مقالة جدلية في الإدراك والإحساس .
المقدمة:باعتبار الإنسان أرقى الكائنات وذلك لتميزه بالعقل فانه يسعى دائما للوصول للمعرفة ولا يتتم هذه الأخيرة إلا عن طريق التواصل مع العالم الخارجي الذي يتم بفضل عملية أولية بسيطة متمثلة في الإحساس التي تعود إلى العقل والخلاف الذي دار بين الفلاسفة هل هذه المعرفة تنطلق من الحواس ثم تعود إلى العقل أم أنها تحدث دفعة واحدة ؟ -هل الإدراك يعود إلى العوامل الذاتية أم إلى العوامل الموضوعية ؟
الموقف 1: تري هذه الأطروحة أن الإدراك يتوقف على نشاط الذهن أي كل معرفة ينطوي عليها الإدراك مصدرها العقل وليس الحواس هذا ما ذهب إليه الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي هاجم الإحساس بقوله << إني وجدت الحواس خداعة زمن الحكمة ألا نطمئن لمن خدعونا ولو مرة واحدة >> ومن الأمثلة التوضيحية أن التمثال في أعلى الجبل تراه من الأسفل صغيرا أما إذا صعدت فإنك تراه كبيرا وشيد ديكارت الإدراك على العقل ووظيفته اكتشاف أخطاء الحواس وتصحيحها ومن أنصار هذه الأطروحة الفيلسوف ألان الذي قال << الإدراك معرفة مسبقة فمن يدرك جيدا يعرف مسبقا ما يجب فعله >> إن الصياد يدرك الحل الصحيح وينجح في اصطياد فريسته بفضل التخطيط المسبق والطفل الصغير يفشل لأن عقله لم يصل بعد إلى القدرة التخطيط فالإدراك مصدره العقل.
النقد:ما نستخلصه من هذا الموقف تمييزا واضحا بين المعطيات الحسية والعقل وما وصلنا إليه أمر مقبول إلى حد ما لكن أن نفصل إلى هذه الدرجة بين الإحساس والإدراك وأن نلغي أهمية الحواس ونركز على فاعلية العقل فهذا أمر مبالغ فيه فيما أن الحواس تنقل المنبهات فدورها لايقل عن دور العقل وبالتالي فهم أهملوا العوامل الموضوعية وركزوا على العوامل الذاتية وهذا ما أدى ببعض الفلاسفة إلى اعتبار أن الإحساس والإدراك عملية واحدة .
الموقف 2:لقد ذهبت النظرية الجشطالتية أو ماتسمى بنظرية الصورية اتجاها اخر مخالف النظرية التقليدية اذا ترى ان الانسان بمجرد أن يحس يدرك في نفس الوقت أي لا وجود لأي فاصل زمني بينهما وهذا ما يلغي دور الذاكرة في العملية الإدراكية، فالإدراك بذلك ليس عملية تركيبية كما ترى النظرية التقليدية بل بالعكس هو عملية موحدة يتم بفضل قوانين التنظيم وعامل الشكل والأرضية وبذلك تعتبر هذه النظرية أن كل إحساس هو إدراك في نفس الوقت فان أخذنا مثلا مجموعة من النقاط المتقاربة فيما بينها فائننا لن ندرك كل واحدة لوحدها بل ندركها في شكل مجموعات وما يقال عن المدركات المرئية يقال أيضا عن باقي الحواس ومن هنا نستنتج أننا ندرك الشئ انطلاقا من الارضية وهذا يعني أن مدركاتنا مرتبطة بالعالم الخارجي .
النقد: لقد اهتمة النظرية الجشطالتية بالبناء الخارجي للشكل ودوره في الادراك لذا يعتبر أن التنظيم له دور في تحصيل المعرفة لكن هذه النظرية بالغة في التركيز على العوامل الموضوعية وأهملة العناصرالذاتية كما ان بيار جاني انتقد فكرة أن الادراك مرتبط الا بالشكل الخارجي أن يقول(ان كان كذلك فهل معنى هذا انني أدرك نص مكتوب بلغة أجنبية بمجرد أنني أشاهد أشكال منتظمة على الورقة ؟) .
التركيب:ان القول بوجود احساس منفصل عن الادراك أمر غير ممكن الا عند الطفل الصغير فكل احساس يتخلله ادراك مهما كان بسيطا لكن اذا نظرنا اليهما من حيث الطبيعة نجد أن الاحساس عبارة عن انفعال والادراك عبارة عن معرفة، لكن هذا التمييز لايعني الفصل بينهما لانهما صورتان لعملية واحدة .
الخاتمة: لقد لاحظنا عجز الموقفين السابقين على تقدير الموقف الصحيح كما أن كل موقف من هذه المواقف ركز على جانب وأهمل الجانب الأخر ولهذا يمكن القول بأن الإدراك لايتوقف على العوامل الذاتية فقط ولا على العوامل الموضوعية فحسب بل يعتمد على كليهما لان الإدراك عملية نفسية معقدة تتدخل فيها العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية والعوامل الاجتماعية والثقافية.
هل الإبداع ظاهرة نفسية خاصة ؟ المقدمة: يتفوق الإنسان علي الحيوان بقدراته ذلك أن الحيوان يعيش حبيس حاضرة فهو ذو بعد واحد لا يتجاوز حدود الصور المتمثلة في إحساساته الحالية أما الإنسان فلديه القدرة علي تمثل ماضيه وصوره رغم غياب مثيراتها الإدراك كأنه يتخيل أنها دور من خلال قرائتها فيتحلل من قيود علي الواقع فالإبداع يقوم على تخيل صوره وأفكاره الجديدة تؤدي إلى إنشاء مركبات لاواقية مستمدة من مواد قديمة فإذا كان الابداع يفتح آفاق جديدة لايرى لها شىء العادة الذي تطبيق قدراته الذهنية فأنالمبدع يراهن بمعقولية واسعة وإذا كان الإشكال لا يطرح حول طبيعة الابداع فإنه قد يطرح حول عوامله التي إختلف فيها المفكرين الفلاسفة فذهب البعض الى إرجاع العملية الابداعية إلى عوامل ذاتية وما يمتلكه الفرد من قدرات نفسية و ذهنية بينما ذهب علماء الاجتماع إلى الموضوعية التي ترتبط بالمجتمع وما يحتاجه ومن هنا يطرح الإشكال الأتي هل ترجع عوامل الإبداع إلى الذات المبدعة أم يتوقف الإبداع على العوامل الموضوعية بالبيئة الاجتماعية ؟العرض: الموقف الأول : يذهب أنصار العامل الذاتي إلى أن الإبداع يعود إلى تأثير العوامل النفسية فالإبداع ظاهرة خاصة توجد لدى بعض الأفراد دون غيرهم لأن الأحوال النفسية والعقلية من ميول والرغبات ومواهب هي التي تدفع الفرد إلى الإبداع بدليل أن العباقرة يتميزون بخصائص نفسية وعقلية نمكنهم من تجاوز ما يعجز عنه الآخرون من ذلك يعود الإبداع بالدرجة الأولى إلى حيوية المبدع وما يتمتع به من خصائص نفسية وعقلية ولقد نادي كل من بوان كاري و فرويد و برغسون على أن الإبداع في هذا الكشف يطالع النفس ويشرف في جوانبه فجأة ويثير فيها حالة انفعال فكرية معينة هذا ما أراد بوان كاري أن يشير إليه بقوله حين قال ( إن الحظ يحالف النفس المهيأة ) وهذا يعني أن الإبداع يرتبط بالاستعدادات لديه وقدراته العقلية الهائلة التي نساعد على حل مشاكله ومن ذلك أن عملية الإبداع قائمة على جهد وصبر كبير وعبر عنه فرويد عندما اعتبر أن الخيال هو شكل من أشكال إرضاء النفس كأحلام اليقظة عند الإنسان الراشد وهذا يدل على أن عملية الإبداع النفسية العميقة وهذا ما أكده برغسون في قوله ( عن عظماء الذين يتخيلون الفرص والابطال والقدسين الذين يبدعون المفاهيم الاخلاقية لا يبدعونها في حالة جمود الدم وإنما يبدعون في جو حماسي وتيار ديناميكي تتلاطم فيه الأفكار) ومن هذا نقول أن عملية الابداع عند أصحاب هذا الاتجاه ترجع بالدرجة الاولى إلى عوامل نفسية فقط .النقد: لقد أصاب انصار هذا الاتجاه حين أرجعو الابداع الى العوامل النفسية العميقة التي تخص جانب من جوانب الانسان لكن بالغوا في تأكيدهم على ذلك إذ لا يمكن إرجاع العوامل الانفعالية فقط إنما العقل كذلك له دور كما أن العوامل النفسية تؤدي وحدها إلى الابداع فلو كان كذلك فلماذا نفسر عجز الانسان في الدول المتخلفة عن الابداع وتحقيقهم لذلك في الدول العربية لا بقر هذا أن الشروط الاجتماعية دور كذلك الموقف الثاني: يذهب أنصار العامل الاجتماعي وعلماء الاجتماع إلى أن الابداع ظاهرة إجتماعية لكون المبدع يستمد المادة الابداعية من المجتمع مما بجعل الابداع له إرتباط وثيق بالحيات العامة وخاصة الاجتماعية أي الحاجة الاجتماعية ومتطلباتها هي التي تدفع الانسان إلى الإبداع ولذا يقال (الحاجة أم الإختراع يعني أن الحاجة الإجتماعية تعتبر مشكلة تتطلب حلا وهو ما يدفع المبدع إلى التفكير ومن هنا يتبين أن عملية الإبداع مهما تعددت مجالاتها تتحكم فيها شروط إجتماعية وهذا ما عاناه ريبو في قوله (مهما كان الإبداع فرديا فهو يحتوي على نصيب إجتماعي )وهذا يعني أن المبدع يستعين بمادته الإبداعية من الواقعا لإجتماعي الذي يعيش فيه وكما نجد أن هذا الواقع إنطبق على غاليلي عندما إكتشف طريقة دوران الأرض حول الشمس حيث قوبل بالرفض والإستنكار من قبل المجتمع للأنها تناقذ الفكرة المساندة التي تقول في ثبات الأرض فعليه الإبداع يحمل في طياته بصمات تعبر عن حرية العقل لذلك إن الأفكار الجديدة غالبا ما تكون قابلة بالرفض من قبل المجتمع إن كانت تخالف عاداتهم وتقاليدهم فالإبداع ظاهرة إجتماعية مثل بقية الظواهر الأخرى هذا ما رآه دور كايم وبين أن عملية الإبداع مهما تعددت مجالاتها تتحكم فيها شروط إجتماعية لأن المبدع يتوقف من حين إلى آخر على حاجات المجتمع وعلى درجة النمو والإبداع من هذا المنظور يعتبر تراث إجتماعي تتناقله الأجيال وما دام الفرد من صنع المجتمع فلا بد من أن تكون سلوكاته إبداعية من إنتاج المجتمع فالمبدعون لا يبدعون لأنفسهم إنما يبدعون وفق ما يحتاج إليه المجتمع.النقد: لقد أصاب أنصار هذا الاتجاه بقولهم أن الإبداع من صنع المجتمع عنده وفق ما يحتاج إليه المجتمع لكن بالغوا في ذلك لأننا نلاحظ في العملية الإبداعية صفات تعبر عن حرية العقل كما أن الفروق لا الفردية بين الناس تدل على إختلاف نسبية الذكاء من شخص إلى أخر ومن هنا لايمكن ربط الإبداع بالمجتمع بل هو راجع إلى عوامل أخرى ترتبط بذات المبدع والعوامل النفسية والذهنية.التركيب: إن الظروف الاجتماعية لها دور تحديد الأطر المناسبة للأفراد ولكن الأطر تكفي وحدها في غياب النفس المهيئة لذلك فالفرد بدونه لايمكنه إن غابي الاطر الاجتماعية الملائمة غاب معها الإبداع وهذا ما عبر عنه العالم غاستون بقوله (تفكير بدون ذات مفكرة ولا اختراع بدون مخترع و عوامل لاختراع يجب أن توجد كاملة في وظائف الفرد النفسية التي لا يمكن أن تتحقق إلا في محيط اجتماعي).الخاتمة: إن الإبداع ليس مجرد إلهام مفاجئ يحضى به بعض الأفراد في المجتمع بل ظاهرة فردية تضرب بأعماق جذورها في الحياة الاجتماعية التي يأخذ منها المبدع مادته في الإبداع يستمد جوانبه من ميول الفرد وكذلك يستمد مادته من حاجة المبدع عليه فالإبداع يكون متكامل بين الشروط الإجتماعية والذاتية.
هل تجد القيام بالواجب تجسيد لروح العدالة الإجتماعية ؟
المقدمة: الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يتميز بالعقل على بعض المخلوقات الأخرى بدأ يستعمل هذا العقل في جميع ميادين الحياة وخاصة في كيفية إقامة العدل بين أفراد المجتمع الواحد ذلك أن المحيط الذي يعيش فيه متداخل ومعقد بعمليات كثيرة هذا ما قد يفرض على الإنسان القيام بالواجبات لكي يتعايش مع غيره ويسوده النظام والاحترام في المجتمع فمن حيث قيام الفرد بواجباته يؤدي به هذا بالتمتع بحقوقه ولكن هناك من عارض هذا الموقف وجعلوا من الحق أولى وأسبق من الواجب هذا ما أثار اختلاف وجدل بين العلماء والفلاسفة حول أسبقية الواجب عن الحق ومن هنا يطرح الإشكال الأتي: هل القيام بالواجب اسبق في تحقيق العدالة ؟ القضية الأولى: يذهب فلاسفة المذهب و أنصار العدالة الاجتماعية أن العدل يتحقق عندما يقوم كل فرد منا بواجب في المجتمع دون النظر إلى حقوقه ويؤكد هذا الموقف فلاسفة القانون الطبيعي وفي مقدمتهم كانط ذلك أنه ينبغي على الأفراد القيام بواجباتهم قبل المطالبة بحقوقهم هذا ماتؤكد عليه المذهب العقلي الذي يرى بأن التصديق إنما نقوم به من أجل الواجب لا ننتظر منه جزا أو شكرا من احد لأنه غاية في حد ذاته ونفس المذهب أكد عليه اغست كونت الذي ينطلق من قبول فكرة الواجب دون إخضاعها لأي نقد خاص فالواجب هي القاعدة التي يعمل بمقتضاها الأفراد لأنها تفرضها علينا عقولنا وعواطفنا وماعلي فكرة الحق ألا أن تختفي ذلك أن ليس للإنسان أي حق لان المطالبة بالحقوق منافية للأخلاق التي تحمل طابع اجتماعي ذلك أن مصدر الحقوق هو نتيجة لقيامنا بواجباتنا هذا ما نعني أن القيام بالواجب اسبق من الإقرار بالحق هذا ما يبرر أولوية الواجب وضرورياته لتحقيق العدل لذلك فالواجب يفرض بمقتضى عقلي وقانون شرعي ووضعي ذلك أن الشريعة الإسلامية تسبق القيام بالواجب قبل التمتع أو اخذ الحقوق وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم < أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه> فهذا الحديث يقر بأولوية الواجب عن الحق في انجاز العمل لا تقديم الأجر فمن هذا يتبين لنا أن العدل بين الأفراد يتجسد في روح العدالة الاجتماعية ذلك أننا إذ لم نقم بها أصبحت حقوقنا غير مصونة ومن ثمة أن أولوية القيام بالواجب تكون أساس العدالة بين الأفراد النقد: إن تصور الذي قدمته الفلسفة الكانطية والقانون الوضعية يهدم العدل من أساسه كونه يبتره من مقوماته ذلك أن الحقوق مطلب شرعي و له مكانة في العدل فإن نجرد الناس من حقوقهم ونلزمهم بواجباتهم نكون قد شرعنا بدل العدل الظلم و الجور فكيف يمكن قبول واجبات دون أخذ مقابل أي حقوقنا لهذا فإن إقامة العدل على ركن الواجبات فقط يفقدها توازنها و يضيع مكان العدل عدم الاعتدال هذا ما يقر أن بأن الحق قد يكون أولى من أداء الواجبات القضية الثانية:يذهب فلاسفة القوانين الطبيعية لحقوق الإنسان لأن العدالة الاجتماعية تقتضي ضرورة تقديم الحقوق على الواجبات ذلك أن حقوق الإنسان مرتبطة بالقوانين الطبيعية فهي تقدمها للأفراد قبل أن يلتزموا بواجباتهم ذلك أن العدالة تقتضي أسبقية الحق على الواجب فحق الإفراد في الدولة أولى من أداء واجباتهم ذلك أن الحقوق الطبيعية للإنسان ملازمة للوجود الإنساني هذا ما يقره وولف بأن القوانين الطبيعية تقتضي أسبقية الحق والتمتع به هذا ما تفرضه علينا حقوق الإنسان بينما يؤكد جون لوك بأن الإنسان له كامل الحقوق الطبيعية التي تضمن كرامته انطلاقا من حقه الحرية و الحياة أما فلاسفة القوانين الوضعية وما تقره الفلسفة الحديثة من حقوق الإنسان و المواطن شرعت دساتير ونظم دولية تضمن فيها حقوق الإنسان لأن الحق أولى بالقيام بالواجب فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سبق أولوية الحق بالواجب فالمادة سبعة من حقوق الإنسان تنص على أن الناس سواسية أمام القانون و أنهم خلقوا أحرار متساوون و مستقلين ولهم الحقوق هذا ما يجعلنا نؤكد أن أسبقية الحق كحق مشروع للإنسان لأن ضمان حقوقنا يعكس حقيقة العدل هذا ما يجعلنا نؤكد في الأخير أن العدالة قائمة على أساس احترام الحقوق بين الأفراد.النقد: إن فلاسفة القوانين الطبيعية والوضعية لحقوق الإنسان أقرو وقدس هذه الحقوق و بالمقابل ذلك تجاهلوا كليا الالتزام بالواجبات هذا ما يحدث خلل لتوازن الحياة الاجتماعية وإقامة العدل هذا مايؤدي إلي رفع حقوق الأقوياء بدل حقوق الضعفاء وبالمقابل العكسي ينشىء من جراء هذا تقسيم المجتمع إلي طبقات طبقة تتمتع بحقوقها كاملة ولا لتقوم بواجباتها وهي طبقة الأقوياء وطبقة تحرم من حقوقها وهي طبقة الضعفاء هذا ما يجعلنا نبحث عن موازنة أخرى تضمن فيها الواجبات وتضمن فيها الحقوق. التركيب:إن أسبقية الالتزام بالواجبات لتحقيق العدالة أسبقية منطقية نظرية ذلك أن أداء الواجبات يقتضي بالضرورة ضمان الحقوق فالعدالة الاجتماعية حامل التوازن القائم بين فرض الواجبات والالتزام وضمان الحقوق والاعتراف بها فالعدل قائم على الحق والواجب بين الأفراد هذا مايعكس حقيقة روح العدل. الخاتمة: إن فرض الواجبات على الأفراد وعدم الالتزام بإعطائهم حقوقهم المشروعة لا يعد مصدر للعدل بل أساس للظلم لهذا فإن روح العدالة بين الأفراد يتجسد في القيام بالواجبات وضمان الحقوق لأن عدم الالتزام بواجباتنا يؤدي إلي ضياع حقوقنا وحقوق الآخرين هذا ما يدفعنا إلي خلق موازنة في توزيع الحقوق والواجبات تفرضه إشكالية العدل بين المساواة والتفاوت فهذا الإشكال يقودنا إلي إشكال أخر يطرح نفسه علينا كيف نحقق العدل بالمساواة أو التفاوت في الحقوق والواجبات ؟ورغم ذلك تبقى حقيقة العدل قائمة ميزاتها أو الالتزام بالواجبات وضمان الحقوق بين أفراد المجتمع.
هل ترى بان انطمة الحكم الفردي هي قادرة على تثبيت السلطة وحماية الدولة؟
مقدمة: تجتمع كل الدول الى اركان قيامة من شعب وعرف وسيادة ولكن هناك اختلاف متباعد بين الدول في طريقة تسيير الامور السياسية لها فهناك دول تمارس فيها الحكومات السلطات المخولة لها على شكل فردي وبما يسمى سياسيا وقانونيا بانطمة الحكم الفردي والتى تشمل كل الدول الدكتاتورية والملكية والاخرى اتخذت مجال الحرية الانفتاح في الممارسة السياسية وما يطلق عليه بالانظمة الديمقراطية او الانظمة الشعبية بما ان مصدها الشعب هذا الاختلاف اثار في اذهاننا الكثير من الاشكاليات عن أي انظمة الحكم من الطرفين قادرا على حماية الدولة وتحقيق غايات وجودها ونطرح الاشكال كالآتي :فهل انطمة الحكم الفردي هي الوحيدة القادرة على تقوية معالم الدولة والحفاظ عليها من التشتت والضياع ؟
القضية الاولى: ينقسم الحكم الفدري الى قسمين من الناحية السياسية فالقسم الاول ما يطلق عليه بالديكتاتوري والثاني الملكي ولكن رغم اختلافهما في التسمية الا انهما يتشابهان كثيرا من حيث طريقة تسيير شؤون الدولة من حيث علاقة الراعي بالراعية فالحكم الاستبدادي الذي يتسلم فيه الحاكم مقاليد الحكم بالقوة كما فعل هتلر في المانيا وتكون حدود الحكم هنا مطلقة حيث لا يعترف المستبدون القوانين ولا الدساتير كما يقول لويس الرابع عشر (الدولة هي انا ) فالديكتاتورية يؤمنون بفكره واحدة وهي انهم وحدهم القادرون على حماية مصالح الدولة ولهم معتقد وقناعة لا يختلفون فيها بينهم وهي انهم وحدهم يخدمون مصلحة الامة ويجسدون بشخصيتهم كيانها ومن مظاهر هذا النظام انه لايؤمن بالتعددية الحزبية فيجعلون حزبا واحدا يضمنون فيه كل الانصار اما المعارضة تعتبر حاجزا للنهوض بالدولة وانها كيان يثير الشغب والمشاكل ولهذا وجب القضاءعليها وان الحرية بالنبة لهم تفتح مجال الفوضى ليستغلها كثيرا من الذين لايريدون للنهوض للدولة كاداة لدعوة الشعب الى الثوران والغليان عوضا دعوته الى العمل فتستغله فيما لا ينفع عوضا ان يستغل في العمل وبناء دولته ولهذا يقولون بان الديكتاتورية هي القادرة على حفظ الدولة من التشتت بسبب الحزب الواحد والراي الواحد والاتجاه الواحد مع توحيد جهود الكل تحت راية واحدة كما نجد من خصائصه ان الحكم لا يفصل بين السلطات المشكلة للنظام السياسي للدولة من تنفيذية وتشريعية وقضائية حيث الحاكم في هذا النظام يتولى الاشراف على كل السلطات وبشكل واسع واهم خاصية يتميز هذا النظام هي عدم استشارة أي جهة مهما كانت في اتخاذ القرارات وهذا راجع الى نفسية المستبد ذاتها التى يطغى عليها الغرور والتثبت القوي بالسلطة والشعور بالكمال والسهر المطلق على خدمة الصالح العام وانه الوحيد القادر على تحقيق ذلك ونجد تبرير هؤلاء المستبدين في هذا النظام انه حتى يستطيع الحاكم تحقيق غاياته التي يعتقد بانها سامية الكمال مطلق يجب عليه ان يكون شديد القوة وقاسيا وفي هذا المبدا نجد ميكيا فيلي في كتابه الامير الصادر سنة 1513 يبرر فيه كل الوسائل المتاحة للحاكم مهما كانت شرعيتها ومشروعيتها اذ ينبغي ان تسهر كل الوسائل لاجل تحقيق اهداف الامير وهو الحاكم (فالغاية تبرر الوسيلة عنده) .واما الملكي فهو كما ذكرنا سابقا ان لايختلف عن الحكم الاستبدادي من ناحية تسيير شؤون الدولة ولكنهما يختلفان من حيث المصدر فالأستبدادي يحكم زمام الأمور ريصل الى الحكم عن طريق القوة أما الملك فيصل الى الحكم عن طريق الوراثة مما يضمن للأسرة المالكة إستمرارها في الحكم إلا أنه رغم تشابهه مع النظام الدكتاتوري قديما في شؤون تسييره فإنه في العصر الحديث إختلف الطرفان حيث بقي الحكم الدكتاتوري بوجه واحد لا يؤمن بأي قانون فسلطته مطلقة أما الملكي فأصبح حاليا يخضع للدستور وبعض القوانين كما أصبح في بعض الملكية مجرد كيان شكلي لا يشرف في تسيير الأمور المصيرية التى تتعلق بشؤون البلاد وقد ساهم الحكم الفردي في تقوية كيان الدولة في الكثير من الدول بسبب ما يتميز به الحكام من دهاء وفطنة وشدة ثباتهم على مصلحة الدولة وهذا ما جعلهم يحققون المستحيل كنابليون بونابارت ستالين وهتلر وموسليني حيث يقول هذا الأخير ( إنه إذا تعذر وصف نظام الفاشيين بأنه حكومة الشعب فإنه على الأقل لا يعمل إلا من أجل الشعب كما أن إستعمال هؤلاء للقوة وأساليب التخويف داخل شعوبهم جعلهم ينالون شرف التقدير والإحترام المطلق كما يقول ميكيا فيلي (أيهما أنفع للأمير أن يحب أكثر من مايخشى أن يهاب أكثر من ما يحب ؟ فالجواب أنه ينبغي له أن يكون محبوب مهاب وحيث يصعب الجمع بين الحالتين فإذا إحتاج الأمير لإحداهما فالأفضل أن يهاب )النقد: بما أن أنظمة الحكم الفردية تقوم على السيطرة والقهر والغلبة التى تبرر كل الوسائل من أجل الوصول الى الغايات فستقمع بذلك حرية الأفراد وتقتل فيهم حرية التعبير والعمل السياسي الحر وهذا مايتنافى مع حقيقة وجود الدولة لأن أي فرد تنازل عن بعض حقوقه لها ليعيشة بين أحضانهاى حرا لا مستبد وأساليب الترهيب التى يعتمد عليها الحكام في أنظمة الحكم هذه كأداة لتخويف تخلف الإضطرابات والمشاكل وعدم الإستقرار السياسي مما ينعكس بالسلب على الدولة ويضعها تحت وطأة الضياع والشتات (فالإستبداد يدمر المدن والأمن وينهي التعايش والمساواة )(هو أدات الذي ينفر في جسم الحضارات فيعطبها وينهي مسار تطورها وصعودها ) كما أن (تغييب الحرية والديمقراطية عن الأمة والمجتمع بدعوة عدم النضج السياسي والإقتصادي وهية من الأقنعة التى تستخدمها المشروعات الإستبدادية لكي تغطي إستبداديتها ) هذا ما جعل المواطنين في أغلب الدول الدكتاتورية يقومون بالثورة مناهضين بذلك طريقة تسيير شؤونهم ومطالبين بحكم يضمن حرياتهم وإستقرار سياستهم فالواقع المر الذي عاشته الشعوب تحت النظام الإستبدادي جعلها تطالب بنظام يظمن لها حرياتها ويسمع فيه صوتها وتستشار فيه ويكون لديها فيه الكلمة وكان النظام الديمقراطي هو النظام الذي أصبح قبلة المناهضين والرافدين للأنظمة الحكم الفردي.القضية الثانية: الديقراطية هي كلمة يونانية الأصل تجمع بين معنيين ديموس والمقصود بها الشعب وكراتوس الحكم أو السلطة وبإجتماع المصطلحين تصبح الكلمة حكم الشعب ( وإن المثل الأعلى في الحكم الديمقراطي هو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه)(المذهب الديمقراطي هو الذي يرجع أصل السلطة أو مصدرها إلى الإرادة العامة للأمة كما يقرر بأن السلطة لا تكون شرعية إلا حين تكون وليدة الإرادة العامة للأمة) ( فالديمقراطية أتيه من جهة أن الإنسان هو الذي يضع نظامه ولذلك كانت الأمة مصدر السلطات وهي التي تستأجر الحاكم ليحكمها وتنزع هذا الحكم متى أرادت وتضع له النظام متى تريد لأن الحكم عقد إيجار بين الشعب والحاكم ليحكم بالنظام الذي يضعه الشعب )وبما ان الانسان يسعى دائما الى تحقيق حقوقه الشرعية والانسانية اصبح هذا النظام السياسي ضمان لتلك المساعي.والنظام الديمقراطي يتميز بفصل السلطات السياسية عن بعضها البعض حتى لا يكون هناك تداخل واختلاط في المهام كما انه يحترم حقوق الانسان والمواطنة ويضمن للجميع حيرة الراي التعبير مما يفتح المجال في التقاء الافكار وتلاحقها لتنتهي كآراء صائبة وجماعية يكون رأي المواطن فيها مسندا وسائدا هذا ما يضمن للدولة الاستقرار بسبب الامن النابع عن السياسة الصائبة والمعبرة عن راي الجميع والتي تخدم مصلحة الكل. وهذا النظام يظمن للمواطن متابعته عن طريق نوابه المنتخبين من قبله في المجالس الشعبية لعمل السلطة بكل دقة وفي كل صغيرة وكبيرة مما يجعل عمل السلطة اكثر شرعية ومشروعية وشفافية بعيدا عن كل التلاعب او الخمول عن خدمة الصالح العام. والديمقراطية كنظام سياسي ينقسم الى قسمين حسب الاتجاه الفلسفي والمعتقد الاقتصادي وهذين القسمين يستلهمان مبادئهما من الخصائص العامة للديمقراطية ولكن يمزجانها مع المعتقد الاقتصادي والاتجاه الفلسفي ليخدم كل فرد اتجاهه عن طريق مزجه بالديمقراطية وهذين القسمين هما نظام الحكم الليبرالي والحكم الاشتراكي فنظام الحكم الاول وهو الليبرالي او ما يسمى بالديمقراطية الليبرالية او السياسية الذي ظهرت بوادره في العصر الحديث انعكاسا للثورة الصناعية الكبرى التي شهدتها اوربا فاستلهم منها مبادئها الاساسية من نظرته الجديدة لحرية الانسان وطبيعة حقوقه وهكذا تبلور الحكم الليبرالي في نظرية سياسية قائمة بذاتها فهو يقوم على اساس الديمقراطية السياسية التي تهدف الى تحقيق حرية الافراد في المجتمع بشتى الوسائل كتعدد الاحزاب والجمعيات وحرية الصحافة والعبادات وغيرها مما يشجع مجال الابداع في شتى المجالات بكل حرية وبكل ديمقراطية تمجيد بمبدا القائل (اجعلني حرا اصنع لك بخيالي ما تريد دع الكلمة تخرج من لساني بكل حرية اريك ما يجب ان تقوم به واقومك فيما اخطئت فيه اجعل رايي حرا في الصحافة العمل السياسي اهديك امنا واستقرارا وابعدك عنك الغرور والتلاعب بمصلحة الناس واحررك من كل الضغوطات ) اما نظام الحكم الثاني فهة الديمقراطية الاشتراكية التى تقوم اساسا على الديمقراطية الاجتماعية وتسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والقضاء على الاستغلال وتحرير المجتمع من كل الافات الاجتماعية الخانقة عن طريق الاهتمام بما يصلح لهم شؤونهم الاجتماعية ويبعد عليهم كل انواع التهميش ولهذا تسعى دائما هذه الانظمة التى تكون في الغالب مدعومة من طرف جميع الجماهير الى تاميم الممتلكات العامة الظرورية القاعدية هذا ما جعل النظام يفلح في تحقيق مبادئ الشعب على ارض الواقع لان انشغالاته دائما تكون اكثر واقعية ويمكن القول في الاخير بما ان هذه الانظمة اساسها الشعب ستكون بدون شك اقرب اليه ويما انه سبب في تواجدها في هرم السلطة عن طريق انتخابها لا يمكن ان تنكر جميل لتخون مساعيها التى ينتظرها منها نقد: كثيرا ما وصف النظام الديمقراطي بطفيلة السياسيين لانه قناع واداة للوصول الى الحكم فياخذ السياسيين بشعاراته لاغواء المواطنين باسم حقوق الانسان واحترام المواطنة فاذا كانت الديمقراطية تشير الى سلطة الشعب فالواقع ان الشعوب لم تجد نفسها يوما تقود نفسها بنفسها لان واقع الكثير من الدول التي تدعي بانها ديمقراطية نجد فيها قمع الحريات والتلاعب بالمصالح العامة. تركيب: وهنا نقول انما ذهب اليه كل من اصحاب النظام الفردي وكذا الحكم الجماعي ليس بالخطأ الا اننا لو نرى افضل نظام هو النظام الاسلامي حيث انطلق نظام الشورى الذي نادى به الدين وجعله من القواعد الاساسية في تسيير الشؤون السياسية له فهو احسن نظام سياسي بانه يستطيع ان يخدم مصالح الدولة ويبعد عنها الشتات (فالمجتمع المسلم يقوم عن الشورى والتكافل والتضامن وتعزيز هذه الرؤية بالعودة الى التجليات وهذا التصور في سيرة الرسول(ص) عندما اقام دعائم الدولة والمجتمع الاسلاميين في المدينة من خلال حرصه على تعزيز مبدا الشورى والعمل بموجبه في الشؤون العامة ) وردود هذه الكلمة في القرآن الكريم لدلالة قاطعة على حسن تدبر هذا النظام لشؤون السياسية وقد وردت كلمة الشورى في القرآن الكريم بصيغة الامر حيث يقول سبحانه وتعالى << وشاورهم في الامر>> الآية 159 من سورة آل عمران ويؤكد ايضا قوله تعالى <<وامرهم شورى بينهم>> الآية 38 من سورة الشورى فكان المسلمون يستشيرون بعضهم في الامور العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وتلك الاستشارة في شكلها وطريقة عملها تشبه ما يطلق عليه اليوم بالبرلمان فتناقش الامور مع جميع الهيئات وتخرج بقرار جماعي يخدم المصلحة الجماعية بعيدا عن كل الرغبات والاهواء في تسيير شؤون الرعية ( وللشورى أهمية كبرى في أي تنظيم كان أو أية جماعة من الجماعات أو دولة من الدول بل هي ركيزة لكل دولة راقية تنشد لراعياها الأمن والإستقرار والنجاح ذلك لأنها الطريق السليم الذي يتوصل به الى أجود الاراء والحلول لتحقيق مصالح الأفراد والجماعات والدول في شتى المجالات ) وبما أن الجميع يساهم في إصدار القرارات يعني أن الكل مسؤول عنها والشورى تضمن من الناحية السياسية في توجيه شؤون الدولة أربعة أشياء 1)السداد في الراي بسبب مشاركة الجميع في آرائهم 2)إبعاد الإرتجالية في إصدار القرارات وإتخاذ المواقف لأن الرآي الفردي في الشورى غير مسموح به 3) يضمن لدولة سياسة ناجحة في تسيير مصالح شؤون الرعية 4) العلاقة الجيدة بين الراعي والرعية ونختم بقول ابن عطية ( الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ) الخاتمة: إن الدولة كنظام سياسي رغم إختلاف كل حكومة في طريق تسيير شؤونها تبقى كنظام إستطاع أن يسمو بالعلاقات بين الأفراد وأن يضمن لهم حقوقهم ويحافظ على إستقرار المعاملات في ما بينهم.