الرجوع إلى الخلف و النكوص على العقبين وصف يترفع عنه أولو الهمم السامقة، لأنّ هذا الوصف ينبئ عن انحراف المبدأ و مرض الضمير، إذْ أنّ من مضى في سبيل تحقيق الحلم عليه مواصلة الدرب مهما بلغت التضحيات و مهما تعثر بالعراقيل و لو اضطر أن يطأ الألغام في طريق اللاعودة فإنّ نازعته الدنيا و هوى النفس الذي يحدو بنا إلى الراحة و القهقرى فعليه أن يدرك أن ذلك من نزغ الشيطان. فمن ترك لرياح السموم أن تعصف به سيمشي خبط عشواء و يَضلّ الطريق. و كي لا نضل نحن السوريين علينا أن نتبع بوصلة الثورة و التي ليس لها سوى مؤشر واحد ألا و هو حتمية سقوط حكم "الجرذ بشارون". لن نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، نصلح ثمّ نفسد، نحسن ثم نسيء فتحبط أعمالنا و نحن لا نشعر.
رغم ضرواة المشهد و رغم غرقنا جميعاً في نهر الدماء، و رغم الجوع و البرد و الخوف و الهلع و رغم اليتم و اللجوء و النزوح و التشرد و الضياع، و رغم الاعتقال و التنكيل و السلب و النهب، ورغم ضبابية الرؤية على المدى البعيد، ثمة ما يبعث على مواصلة الدرب، يقيناً بالوصول، في عتمة المسير سنسرج من دماء شهدائنا قنديلاً، و وسط ازدحام الطريق بأشلاء الأبرياء و ركام البيوت و الممتلكات سنغزل من بقايا الأجساد جسراً نعبر عليه و سلّماً نرتقيه، حالنا حال الحصان الأغرّ الذي رماه الكلاب في بئر مهجور و ظنّ الجميع أنّه هالك لا محالة و بدأوا يهيلون عليه التراب ليدفنوه، فجعل من هذا التراب سلم النجاة، كلّما زادوه تراباً ازداد علواً فنجا رغم أنف الكلاب. إنّ حيازة وسام الفضل لا يحتاج إلى تريث و لا تسويف و لا مهادنة. و لا يطيب عيش الكريم إلا إذا كان يومه خير من أمسه وغده خير من يومه.
و قد أحرزت الثورة السورية تقدّماً كبيراً يثلج الصدور، فقد حرّر الثوار مدن وأحياء وبلدات هنا وهناك. وكانت تلك المرحلة حافلة بالتضحيات والدماء والآلام، فكم من مدينة سيطروا عليها ثم انسحبوا منها مضطرين. و هذه هي طبيعة المعركة، كَرّ وفَرّ وتقدم وانسحاب وانتصار وانكسار، وما يزال الطرفان يتداولان النصرحتى تدين الأرض لأشدّهما صبراً وقدرةً على المواصلة والاحتمال. إنه صراع القُوى وصراع الإرادات و صراع الباطل ساعة و صراع الحقّ إلى قيام الساعة.
و قد بات تدخل القوات الدولية في سورية واضحا، لا لدعم الجيش الحرّ و مؤازرة الثورة بل لحماية فلول النظام الأسدي و حماية مصالحها في المنطقة و ضمان أمن اسرائيل و منع أيّ ضرر يلحق بالكيان الصهيوني زريعة الغرب في الشرق الأوسط. و قد بدأ المجتمع الدولي يبدي قلقه الشديد إزاء انتصار الكتائب الإسلامية في سورية ووصولها إلى سدة الحكم و لهذا السبب جاء تصنيف جبهة النصرة تحت قائمة الإرهاب و لهذا يقودون حملات الإسلاموفوبيا و يخوّفون الأقليات الطائفية في سورية من احتمال حدوث ذلك ويدعمون بكلّ قوتهم التيارات العلمانية و الليبرالية و الإسلامية المعتدلة. و قد تعامى العالم عن المجازر المروعة التي ارتكبها خادمهم "الجرذ بشارون" وحلفائه المجوس في حق سوريا والسوريين..
فانتظروا و اصبروا و صابروا ، إنّ الله مع الصابرين
منقول