استقلالية البنك المركزي:
نقصد باستقلالية المصرف المركزي: " استقلالية الصيرفة المركزية مرتبطة باستقلالها في إدارة السياسة النقدية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية بما لا يسمح بتسخير السياسة النقدية لتمويل العجز في الموازنة العامة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم، وترتبط استقلالية البنك المركزي بطبيعة أهداف السياسة النقدية ، فبقدر ما تكون ملتصقة بهدف استقرار الأسعار بقدر ما تكون مستقلة ، وعندما يكلف بأهداف أخرى ، فذلك يحد من استقلاليته".
فالاستقلالية إذن تعني حجم السلطة والحرية المخولة أو الممنوحة للبنك المركزي في رسم و تصور السياسة النقدية، ومن ثم إمكانية مساءلته و بالتالي فنحن في حاجة إلى أشخاص آخرين لإدارة أعمال البنوك المركزية بخلاف المسؤولين عن الإنفاق العام يتمتعون بوضع قانوني مستقل و يعملون من أجل تحقيق المصلحة العامة.
دوافع الاتجاه نحو استقلالية البنوك المركزية.
هناك عدة دوافع للاتجاه نحو استقلالية البنوك المركزية وهذه الأسباب نتجت عن العلاقة بين البنوك المركزية والسلطات التنفيذية، و المتمثلة أساسا في الخزينة العامة ،وهناك عدة دراسات و تجارب أثبتت ضرورة التوجه نحو استقلالية البنوك المركزية عن السلطات التنفيذية للدولة، ونذكر من بين هذه الأسباب والدراسات ما يلي:
1. سعي الحكومة للسيطرة على البنوك المركزية لتوجيه السياسة النقدية بما يخدم سياستها المالية والاقتصادية، بصفة عامة، ووصل الأمر إلى حد فرض تطبيق بعض السياسات النقدية التي تساهم في التضخم وتخدم الموازنة العامة ( كالإصدار النقدي بدون مقابل للعملة).
2. انهيار نظام (بروتن وودز) وظهور ظاهرة التضخم في كل من الدول الرأسمالية المتقدمة وكذا الدول النامية ، حيث كان ينظر إلي ظاهرة التضخم كنتاج للسياسة النقدية المطبقة من قبل البنوك المركزية ، تحت ضغط السلطات السياسية وكل هذا أدى إلى إعادة النظر في ترتيب السياسة النقدية للبنوك ،بما يؤدي إلى تخفيض معدلات التضخم ، وهذا يعني الاستقلال عن السلطات التنفيذية.
3. تأثير الاقتصاد السياسي على السياسة النقدية ، وذلك ما يسمى ( الدورة السياسية للنشاط الاقتصادي )، والتي يرجع أساسها إلى ما لوحظ من تأثير لنتائج الانتخابات على الوضع الاقتصادي قبل وأثناء الانتخابات، وذلك بهدف إحداث رواج اقتصادي قبل تاريخ الانتخابات حتى ولو كان رواجا قصير المدى، فالمهم عندهم أن يستمر الرواج لحين نجاحهم في الانتخابات.
4. نتائج بعض الدراسات التي قامت بقياس استقلالية البنك المركزي، وكل هذه الدراسات اجتمعت على أن وجود بنك مركزي مستقل في دولة ما ، من شأنه أن يؤدي إلى خفض معدلات التضخم دون التأثير السلبي على معدلات النمو ، وبالتالي هذه الدراسات نادت بضرورة استقلالية البنوك المركزية.
5. الارتباط بين استقلالية البنك المركزي، وبين استقرار الأسعار كهدف رئيسي للسياسة النقدية.
6. إن استقلالية البنوك المركزية عن الحكومة تجعله لا يخضع لها ، وذلك في حالة طلبها و إلحاحها على الإصدار النقدي الفائض ،لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل إقليم الدولة ( زيادة التضخم ).
مؤشرات استقلالية المصرف المركزي.
هناك عدة مؤشرات لقياس درجة استقلالية البنك المركزي منها:
طول مدة تعيين المحافظ و مدى قابليتها للتجديد.
الجهة التي تقوم بتعيين المحافظ .
إ مكانية إقصاء المحافظ .
مدى إمكانية ممارسة المحافظ لمهام أخرى ، والجهة المخولة لها إصدار الإذن بذلك.
مدى إنفراد البنك المركزي بصياغة السياسة النقدية .
الجهة المخولة بحل التعارض في مجال السياسة النقدية .
مدى مساهمة البنك المركزي في إعداد الموازنة العامة.
أهداف البنك المركزي.
مدى إمكانية منح قروض للخزينة العامة.
طبيعة القروض الممكن منحها، و شروطها.
حدود الإقراض الممكن منحه، و شروطه.
أهمية استقلالية البنك المركزي
تعتمد حجة استقلالية البنك المركزي على مصداقية السياسة النقدية و بالتالي قدرتها على المحافظة على استقرار الأسعار في المدى الطويل و بأقل تكلفة اقتصادية ممكنة، هذه المصداقية سوف تتحسن إذا كانت السلطات النقدية تتمتع باستقلالية عن الحكومة تجعلها تأخذ في الاعتبار الأهداف طويلة الأمد.
فإذا اتبع البنك المركزي سياسة لمكافحة التضخم فإن هذه السياسة يمكن أن تسفر في الأجل القصير عن ضغوط على أسعار الفائدة و انخفاض الاستثمار و زيادة معدل البطالة، و لكن في المدى الطويل سيترتب على هذه السياسة انخفاض مستمر في معدل التضخم، و من هنا فإن المدى الزمني الذي سيتم فيه تقييم فاعلية السياسة النقدية يعتبر من الأهمية بمكان حيث يتم تقييم سياسة مكافحة التضخم من ناحية آثارها الإيجابية طويلة الأجل أو التكاليف قصيرة الأجل، و من هنا فإن التحرر من اعتبارات إعادة الانتخاب أو البقاء في المنصب من جانب البنك المركزي، سوف يدعو إلى الاتجاه لسياسة التضخم بصورة أفضل، مما لو اهتمت الحكومة بإعادة الانتخاب أو البقاء في المنصب.
و تظهر أهمية استقلالية البنك المركزي في دعم مصداقية السياسة النقدية، إذا ما تعرضنا لمشكلة التعارض في التوقيت، و تظهر هذه المشكلة عندما تتأثر السياسة بعامل الوقت، الذي يفيد من كفاءة هذه السياسة، فإذا لم يوجد التعهد الملزم من جانب الحكومة بالاستمرار في هذه السياسة، فإنه يكون لديها فرصة التحول إلى سياسة أخرى، و من ثم فإن هذا التعارض في التوقيت يمكن أن يضعف من قدرة صانعي السياسة على مكافحة التضخم، و بالتالي فإن الوسيلة الوحيدة لتحقيق المصداقية هي إلغاء إمكانية تغيير السياسة من جانب الحكومة، بواسطة الالتزام بالقواعد التي يعتقد أنها مقبولة من جانب صانعي السياسة، و إذا تم ذلك بالنسبة للسياسة النقدية فإن المشكلة تتحدد في كيفية وضع قواعد رشيدة.
و في إطار استقلال البنوك المركزية تأتي المدرسة الألمانية لتقدم لنا نموذجا فريدا، لمدى تأثير استقلالية البنك المركزي عن سلطة الحكومة في تحقيق الاستقرار النقدي المنشود، فضلا عن القيام بدور رئيسي في التحكم في كل من عرض النقود و عرض الائتمان، و حماية العملة و استقرار سوق النقد وسوق رأس المال.
<LI class=g>[PDF]
اﺳﺘﻘﻼﻟﯿﺔ اﻟﺒﻨك اﻟﻤرﮐزي و أﺛﺎ رها ﻋﻠﯽ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ
https://ratoulrecherche.jeeran.com/zmansouri_CHLEF.pdf
أثر استقلالية البنك المركزي على فعالية السياسة
https://dc177.4shared.com/download/Oj...12241-ae596d59