ضباط روس متخوفون: حذار والسقوط في المصيدة السورية
لم يحقق التدخل العسكري للاحتلال الروسي في سورية أهدافاً ملموسة على الرغم من مضي شهرين على بدء العمليات العسكرية التي تستهدف بشكل كبير فصائل المعارضة السورية التي تواجه نظام الأسد، على الرغم من ادعاء روسيا أن تقصف مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية".
ولا تخف أوساط في روسيا تعبيرها عن مخاوفها من تورط موسكو في سيناريو "أفغانستان 2" فيما لو بقيت الحملة العسكرية الروسية عاجزة عن تحقيق مكاسب لها خصوصاً على المستوى السياسي. وفي هذا السياق نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية أنها عرضت في تقرير لها وجهات نظر مجموعة من الضباط الروس عمل بعضهم كمستشارين عسكريين في سورية في مراحل مختلفة، وبعضهم شارك في الحرب في أفغانستان.
وتعرض الصحيفة ما قاله هؤلاء الضباط، مشيرة إلى أنهم فضلوا عدم الكشف عن هويتهم نظرا لحساسية الموضوع. ويستهل أحد هؤلاء الضباط حديثه للصحيفة بعرض سريع للقوة التي كان يتمتع بها جيش نظام الأسد سابقاً، فيشير إلى أن تعداد أفراده كان قرابة 215 ألف جندي، فضلا عن 280 ألف ضابط وجندي احتياط. ويتابع قائلا: "أما اليوم فلم يعد لدى سورية ذلك الجيش الذي يتمتع بالكفاءة. وبُنية الجيش قد تحطمت. ذلك أنه منذ بداية الحرب الأهلية (حسب وصفه لما يجري في سورية) جرت عملية فرار واسعة بين الضباط والجنود في الجيش السوري، بينما سافر غالبية جنود الاحتياط خارج البلاد".
كما أن القدرات الفعلية لجيش النظام كانت ولا تزال محط اهتمام العسكريين والدبلوماسيين في روسيا، ذلك أن روسيا تكرر دوما أنه لا يمكن الانتصار على الإرهاب بالضربات الجوية وحدها ولا بد من عملية برية، وتنظر إلى المهام التي تنفذها القوة الجوية الروسية في سورية كمهمة مساعدة، أما على البر فإن روسيا تراهن على قدرات القوات النظامية.
ويضيف الضابط نفسه أن جيش نظام الأسد يبدو اليوم أشبه بما وصفه بـ"مجموعات المقاومة المسلحة"، لافتاً أنه لم يتبق لدى الأسد سوى 130 إلى 150 ألف جندي وضابط، فيما قال ضابط آخر للصحيفة إن "عمليات الهجوم الحديثة تتوزع على عدة مراحل، بدءا من الاستطلاع، وصولا إلى الحاجة بنيران كثيفة ضد مواقع العدو". ويرى هذا الضابط أنه في الحالة السورية "لا يمكن الاعتماد على الطائرات الروسية وحدها، لأن ضرباتها يمكن أن تمنح التفوق وتستبق التقدم البري بضرب مصادر نيران العدو"، حسب تعبيره.
ويشير الضباط الروس إلى أن فعالية القصف الجوي والمدفعي ضد قوات المعارضة تتراجع، نظراً لأن المقاتلين ضد الأسد يحملون أسلحة خفيفة ويتمتعون بقدرات عالية على التنقل والتحرك السريع. ولهذا يؤكد الضابط أن "الجيش السوري سيكون بحاجة إلى عدد كبير من الأفراد والآليات لإحكام السيطرة على كل متر يتقدم نحوه".
من جانبه أشار ضابط ثالث إلى خطورة امتلاك قوات المعارضة في سورية مضادات جوية، محذرا من خطورة تحول نوعي كهذا لا سيما لجهة الخطر على الطائرات الروسية التي تضطر للانخفاض حتى ارتفاعات معينة أثناء شن الغارات على مواقع برية، بحيث تصبح الطائرات في مرمى نيران أبسط أنواع المضادات الجوية.
وحسب تقديرات الضابط الروسي فإنه "من السهل جدا الانخراط في أي نزاع مسلح، لكن من الصعب جدا الخروج منه. وسيكون بوسع قواتنا في سورية أن تلحق خسائر بجماعة داعش، لكن هل ستكون هذه الخسائر كارثية ومدمرة بالنسبة لهم؟ هذا هو السؤال المهم". ويضيف: "لا بد من تحقيق الأهداف الأولية والخروج (الانسحاب) من هناك قبل أن نتورط في المصيدة السورية".
ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي في عدم تحقيق نتائج تُذكر يعود إلى ضعف وتشرذم جيش نظام الأسد والميليشيات المحلية والأجنبية التي حشدت كل جهودها للقتال إلى جانب النظام.
https://www.alsouria.net//%D8%B6%D8%...B1%D9%8A%D8%A9