مصطلح الحديث - الصفحة 18 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-25, 16:44   رقم المشاركة : 256
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أحاديث مكذوبة وضعيفة في فضل بر الوالدين

السؤال

هل هذه الأحاديث صحيحة ؟

1- (ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة . قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟

قال : نعم ، الله أكبر وأطيب)

. 2- قال صلى الله عليه وسلم : (ما بر أباه مَن حَدَّ إليه الطرف بالغضب)

. 3- قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة ، وإن كان واحدا فواحد ، ومن أمسى عاصيا لله تعالى في والديه أمسى له بابان مفتوحان من النار

وإن كان واحدا فواحد ، قال رجل : وإن ظلماه ؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم وإن ظلماه ، وإن ظلماه ، وإن ظلماه) . 4- عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم

: (يقال للعاق : اعمل ما شئت من الطاعة ، فإني لا أغفر لك ، ويقال للبار : اعمل ما شئت فإني أغفر لك) .


الجواب

الحمد لله

هذه الأحاديث الأربعة كلها ضعيفة ، بل بعضها موضوع .

الحديث الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(ما من رجل بار ينظر إلى والديه أو والدته نظرة رحمة ، إلا كتب الله عز وجل تلك النظرة حجة متقبلة مبرورة ، قالوا : يا رسول الله ، وإن نظر في اليوم مائة مرة ؟ قال : الله أكبر من ذلك) .

رواه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم أسامي الشيوخ" (8) – ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (10/265) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

"لا يصح ؛ لأن فيه بعض الضعفاء"

انتهى من "السلسلة الضعيفة" (2716) .

ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (10/266) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

"موضوع ... نهشل بن سعيد كذاب معروف"

انتهى من "السلسلة الضعيفة" (6273) .

الحديث الثاني :

عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(ما بر أباه من شد إليه الطرف بالغضب) .

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9/149) وسنده ضعيف جداً ، فيه : صالح بن موسى متروك الحديث باتفاق المحدثين .

انظر : "تهذيب التهذيب" (4/405) .

قال الهيثمي رحمه الله :

"فيه صالح بن موسى وهو متروك"

انتهى من "مجمع الزوائد" (8/147) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

"ضعيف جدا"

انتهى من "ضعيف الجامع" (11820) .

الحديث الثالث :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(من أصبح مطيعا في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة ، وإن كان واحدا فواحدا ، ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار

وإن كان واحدا فواحدا ، قال الرجل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه ، وإن ظلماه ، وإن ظلماه) .

جاء هذا الحديث من عدة طرق عن ابن عباس : كلها ضعيفة .

فمنها : ما رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (10/306) .

قال العراقي رحمه الله :

"لا يصح"

انتهى من "تخريج الإحياء" (2/216)
.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

"هذا إسناد واهٍ ، رجاله ثقات ؛ غير السرخسي هذا ، وهو من شيوخ ابن عدي وقال في ترجمته (4/268) : حدث بأحاديث لم يتابعوه عليها ، وكان متهماً في روايته عن قوم لم

يلحقهم مثل علي بن حُجر وغيره"

انتهى من "السلسلة الضعيفة" (6271) .

ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (16) وفي سنده : سعيد القيسي ، لم يذكره أحد بجرح ولا تعديل . ولذلك ضعف الحديث الشيخ الألباني في "ضعيف الأدب المفرد".

الحديث الرابع : عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقال للعاق : اعمل ما شئت من الطاعة فإني لا أغفر لك ، ويقال للبار : اعمل ما شئت فإني أغفر لك) .

رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (8739) ، ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/215) وسنده ضعيف .

فيه عائذ بن نسير ضعفه ابن معين

كما في "ميزان الاعتدال" (4/23) .

والحاصل : أن الأحاديث الأربعة المذكورة كلها ضعيفة ، لا يجوز الاستشهاد بشيء منها .

وبر الوالدين من الواجبات الشرعية ، وعقوقهما من المحرمات القطعية ، وقد ثبت ذلك في الكتاب والسنَّة الصحيحة بما يغني عن تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 16:50   رقم المشاركة : 257
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت أن الزوجة الصالحة لها مثل أجر الصائم القائم ؟

السؤال

قرأت حديث ذات مرة في منتدى إسلامي لكنه لم يذكر مرجع الحديث، ويبدو الحديث جميلا لكني أود التأكد من صحته قبل أن أقوم باقتباسه لأحد ، يقول الحديث : من قامت منكن بقصارى جهدها لتكون زوجة صالحة

فإن ثوابها يعدل الصائم نهارا والقائم ليلا ، وسأكون ممتنا للغاية لمساعدتكم إياي ، وجزاكم الله خيرا .


الجواب

الحمد لله

لعلك تقصد ما رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6733) وابن عساكر في "تاريخه" (43/348)

من طريق عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ سَلَامَةَ حَاضِنَةَ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُبَشِّرُ الرِّجَالَ بِكُلِّ خَيْرٍ وَلَا تُبَشِّرُ النِّسَاءَ ؟

فقَالَ: ( أَمَا تَرْضَى إِحْدَاكُنَّ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ حامِلًا مِنْ زَوْجِهَا ، وَهُوَ عَنْهَا رَاضٍ أَنَّ لَهَا مِثْلَ أَجْرِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ ) ... الحديث

فهذا حديث موضوع ، قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" لوائح الوضع عليه ظاهرة ، آفته الخولاني هذا ، قال الذهبي : " حدث بموضوعات ". ثم ساق له هذا الحديث . وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/274) وقال :

" قال ابن حبان ، عمرو بن سعيد الذي يروي هذا الحديث الموضوع عن أنس ؛ لا يحل

ذكره إلا على جهة الاعتبار للخواص " .

وأقره السيوطي في " اللآلىء " (2/175) " .

انتهى .
"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (5/ 76) .

ورواه ابن حبان في المجروحين (1/ 238) وابن عدي في الكامل (3/ 167) من طريق الْحسن بْن مُحَمَّد الْبَلْخِي عَنْ عَوْف الْأَعرَابِي عَن ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِذَا حَمَلَتِ الْمَرْأَةَ فَلَهَا أَجْرُ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ الْمُخْبِتِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) .

وقال ابن عدي: " منكر " . وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 274) وقال الألباني في "الضعيفة" (5085) : " موضوع " .

ويغني عن هذا الخبر الموضوع ما رواه الإمام أحمد (1664)

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) .

صححه الألباني في "صحيح الجامع" (660) .

يراجع للاستزادة جواب السؤالين القادمين

والله تعالى أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 16:56   رقم المشاركة : 258
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هي ذات الدين ؟

السؤال

أنا شاب بدأت أفكر بالزواج ، ولكن عندي بعض الإشكالات التي أود الاستفسار عنها قبل البحث عن زوجة : بالنسبة إلى الزوجة ، من هي ذات الدين التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الظفر بها ؟

أعلم أنها كلما كانت عالمة عابدة تقية داعية إلى الله تعالى كان ذلك أفضل ، ولكن ماذا عن التي هي أقل من ذلك ، كأن تكون مقتصرة على تأدية الفرائض فقط ، هل تعتبر ذات دين بالمعنى الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

وهل التي تلبس الحجاب الكاشف للوجه أو النقاب الذي يكشف العيون لا تعتبر ذات دين ؟

بمعنى آخر : إذا اختار أهل الشاب فتاة تؤدي الفرائض وتلبس حجاباً كاشفاً للوجه ، هل له أن يرفض التقدم لخطبتها لأنها ليست ذات دين ؟


الجواب

الحمد لله

الوصية بنكاح ذات الدين ، ومن هي ذات الدين ؟ .

أ. رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) .

رواه البخاري ( 5090 ) ومسلم ( 1466 ) .

قال عبد العظيم آبادي – رحمه الله - :

والمعنى : أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمحَ نظره في كل شيء ، لا سيما فيما تطول صحبته ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدِّين الذي هو غاية البغية .

( تربت يداك ) يقال : ترب الرجل ، أي : افتقر ، كأنه قال : " تلصق بالتراب " ، ولا يُراد به ها هنا الدعاء ‘ بل الحث على الجد ، والتشمير في طلب المأمور به .

" عون المعبود " ( 6 / 31 ) .

ب. وأما صفات النساء ذوات الدِّين فقد أمكننا الوقوف على كثيرٍ من الصفات التي يصدق على من اتصف بها من النساء أن تكون من ذوات الدِّين ، ومنها :

1. حسن الاعتقاد ، وهذه الصفة على رأس قائمة الصفات ، فمن كانت من أهل السنَّة والجماعة فإنها تكون حققت أعلى وأغلى صفة في ذوات الدين

ومن كانت من أهل البدع والضلال فإنها ليست من ذوات الدِّين اللاتي رُغِّب المسلم بالتزوج منهنَّ ؛ لما لهنَّ من أثرٍ سيئ على الزوج أو على أولاده ، أو على كليهما .

2. طاعة الزوج ، وعدم مخالفته إذا أمر بالحق .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ .

رواه النسائي ( 3131 ) ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

فجمع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث صفات عظيمة في الزوجة الصالحة الخيِّرة ، وهي :

أولها : إذا نظر إليها سرَّته بدِينها ، وبأخلاقها ، وبمعاملتها ، وبمظهرها .

وثانيها : إذا غاب عنها حفظته في عرضها ، وحفظته في ماله .

وثالثها : إذا أمرها أطاعته ، ما لم يأمرها بمعصية .

3. إعانة الزوج على إيمانه ودينه ، تأمره بالطاعات ، وتمنعه من المحرَّمات .

عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : لَمَّا نَزَلَ فِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ مَا نَزَلَ قَالُوا : فَأَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ ؟ قَالَ عُمَرُ : فَأَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ فَأَوْضَعَ عَلَى بَعِيرِهِ فَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي أَثَرِهِ

فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّ الْمَالِ نَتَّخِذُ ؟ فَقَالَ : لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا ، وَلِسَانًا ذَاكِرًا ، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ .

رواه الترمذي ( 3094 ) وحسَّنه ، وفي آخره : ( وَتُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ ) ، وابن ماجه ( 1856 ) – واللفظ له - ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 16:57   رقم المشاركة : 259
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال المباركفوري – رحمه الله -
:
( وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه ) أي : على دينه ، بأن تذكره الصلاة ، والصوم ، وغيرهما من العبادات ، وتمنعه من الزنا ، وسائر المحرمات .

" تحفة الأحوذي " ( 8 / 390 ) .

4. أن تكون امرأةً صالحة ، ومن صفات الصالحات : أن تكون مطيعة لربها ، وقائمة بحق زوجها في ماله ، وفي نفسها ، ولو في حال غيبة الزوج .

قال تعالى : ( فَالصَّالِحَاتُ : قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) النساء/34 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ ) أي : مطيعات لله تعالى .

( حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ ) أي : مطيعات لأزواجهن ، حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها ، وماله ، وذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه لهن ، لا من أنفسهن

فإن النفس أمارة بالسوء ، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه .

" تفسير السعدي " ( ص 177 ) .

وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( أَرْبَعٌ مِنَ اَلسعَادَةِ : الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ، وَالْمَسْكَنُ ألوَاسِعُ ، وَاَلجَارََُُّ الصَّالِحُ

وَالْمَرْكَبُ اَلهَنِيءُ ، وَأَرْبَع مِنَ اَلشًقَاوَةِ : اَلْجَارُ السُّوءُ ، والمرأة اَلسُّوءُ ، وَالْمَسْكَنُ اَلضيقُ ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ ) .

رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 1232 ) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 282 ) ، و" صحيح الترغيب " ( 1914 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

المرأة الصالحة تكون في صحبة زوجها الرجل الصالح سنين كثيرة ، وهي متاعه الذي قال فيها رسول الله : ( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة المؤمنة

إن نظرت إليها أعجبتك ، وإن أمرتها أطاعتك ، وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك ) .

وهي التي أمر بها النبي في قوله لما سأله المهاجرون أي المال نتخذ فقال : ( لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، أو امرأة صالحةً تعين أحدكم على إيمانه ) رواه الترمذي ، من حديث سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان .

ويكون منها من المودة والرحمة ما امتنَّ الله تعالى بها في كتابه ، فيكون ألم الفراق أشد عليها من الموت أحيانا وأشد من ذهاب المال وأشد من فراق الأوطان

خصوصا إن كان بأحدهما علاقة من صاحبه ، أو كان بينهما أطفال يضيعون بالفراق ويفسد حالهم .

" مجموع الفتاوى " ( 35 / 299 ) .

5. حسن الأدب ، والعلم .

عَنْ أبي موسَى الأَشْعرِي قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ

وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ) . رواهالبخاري ( 97 ) ومسلم ( 154 ) .

قال المباركفوري – رحمه الله - :

( فأدَّبها ) : أي : علَّمها الخصال الحميدة : مما يتعلق بأدب الخدمة ; إذ الأدب هو : حسن الأحوال من القيام والتعود ,

وحسن الأخلاق .

( فأحسن أدبها ) وفي رواية الشيخين : " فأحسن تأديبها " و " إحسان تأديبها " هو : الاستعمال علمها الرفق واللطف ، وزاد في رواية الشيخين : " وعلمها فأحسن تعليمها " .

" تحفة الأحوذي " ( 4 / 218 ) .

6. القيام بالطاعات ، والعفة عن المحرَّمات .

وهذا من معاني ( ذات الدِّين ) الواردة في الحديث الصحيح الذي سقناه في أول الجواب .

قال الخطيب الشربيني الشافعي – رحمه الله - :

والمراد بالدِّين : الطاعات ، والأعمال الصالحات ، والعفَّة عن المحرمات .

" مغني المحتاج " ( 3 / 127 ) .

بل إن المرأة التي تجمع بين طاعة ربها بفعل ما أمر به من الواجبات ، وترك ما نهى عنه من المحرمات ، وطاعة زوجها : بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بكرامة عالية عند دخول الجنة .

ففي الحديث : ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ) رواه أحمد (1664) وغيره

وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب ، وكذا الأرناؤوط في تخريج المسند .

7. العابدة ، والصائمة .

قال تعالى : ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ) التحريم/5 .

قال البغوي – رحمه الله - :

( أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ) خاضعات لله بالطاعة .

مُؤْمِنَاتٍ ) مصدقات بتوحيد الله .

( قَانِتَاتٍ ) طائعات ، وقيل : داعيات ، وقيل : مصليات .

( سَائِحَاتٍ ) صائمات ، وقال زيد بن أسلم : مهاجرات ، وقيل : يسحن معه حيث ما ساح .

" تفسير البغوي " ( 8 / 168 ) .

وبهذا يعرف أن " الدِّين " كلمة جامعة ، تشمل أصنافاً من العبادات ، وأنواعاً من الطاعات

وشمائل وأخلاق ، ولا بدَّ من التنبيه أن ما ذكرناه من تلك الأوصاف والأفعال ليس درجة واحدة عند النساء

بل هو درجات كما هو مشاهد ومعلوم . وكلما كانت أكثر حياء وعلماً وعبادة ، كانت أقرب للمقصود من الظفر بها للنكاح .

وبكل حال فإن ذات الدين هي التي تصلح للرجل لتحفظ له دينه ، وتعينه على آخرته ، وتسره إذا نظر إليها ، وتحفظه إذا غاب عنها ، وتربي له أولاده خير تربية .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 17:00   رقم المشاركة : 260
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث موضوع في فضل الحمل والولادة والرضاعة

السؤال

أسأل عن ما صحة حديث قرأته مؤخراً ولم أسمع بها من قبل ومما جاء فيه : ( .. أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله

فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين ، فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ، ولم يمص مصة ، إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة

فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله. ..) وهل يمكن إحالتي على مرجع أو كتاب يتحدث عن فضل طاعة المرأة لزوجها شريطة أن يكون ما فيه صحيحاً .


الجواب

الحمد لله


هذا الحديث يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه :

( أن سلامة - حاضنة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم - قالت : يا رسول الله ! تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء . قال : أصحابك دسسنك لهذا ؟ قالت : أجل ، هن أمرنني

. قال : أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله ، فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين

فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ، ولم يمص مصة ، إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة

فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله. سلامة ! تدري لمن أعني بهذا ؟ للمتعففات الصالحات المطيعات لأزواجهن ، اللواتي لا يكفرن العشير )

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/20)، وأبو نعيم في "معجم الصحابة" (رقم/7049)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/347)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/274) وغيرهم :

من طريق هشام بن عمار ، حدثني أبي عمار بن نصير ، عن عمرو بن سعيد الخولاني ، عن أنس بن مالك به .
ثم قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن النبي إلا بهذا الإسناد تفرد به هشام بن عمار . اهـ.

وهذا حديث موضوع مكذوب ، حكم عليه ابن حبان في " المجروحين " (2/34) بالوضع، وكذا ابن الجوزي في "الموضوعات" (باب ثواب المرأة إذا حملت ووضعت) (2/273)

يقول الشيخ الألباني رحمه الله :

" حديث موضوع ، لوائح الوضع عليه ظاهرة ، آفته الخولاني هذا . قال الذهبي : " حدث بموضوعات " . ثم ساق له هذا الحديث . وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2/274 ) من رواية الطبراني في " الأوسط "

وقال : " قال ابن حبان ، عمرو بن سعيد الذي يروي هذا الحديث الموضوع عن أنس ; لا يحل ذكره إلا على جهة الاعتبار للخواص " .

وأقره السيوطي في " اللآلىء " ( 2/175 )

. ومن طريق الخولاني هذا رواه ابن منده في " المعرفة " (2/329/2) ، وكذا الحسن بن سفيان في " مسنده " كما في " الفيض " " انتهى.

"السلسلة الضعيفة" (رقم/2055)

ومن أراد النظر في الأحاديث النبوية المتعلقة بموضوع فضل طاعة المرأة لزوجها وقيامها على شؤونه ، فليرجع إلى كتاب الإمام المنذري ، واسمه " الترغيب والترهيب "، فقد عقد في الجزء الثالث (ص/31) فصلا بعنوان

: " ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته ، وحسن عشرتها ، والمرأة بحق زوجها ، وطاعته ، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته "

جمع في هذا الفصل جميع الأحاديث المتعلقة بهذا الموضوع ، وهي في غالبها صحيحة ، ولكن في بعضها ضعف

فمن أراد الاقتصار على قراءة ما يصححه أهل العلم من ذلك فليرجع إلى كتاب " صحيح الترغيب والترهيب " للشيخ الألباني (2/193) وليقرأ الفصل السابق نفسه وقد حذف منه الأحاديث الضعيفة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 17:03   رقم المشاركة : 261
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل كان الحسن بن علي رضي الله عنهما مزواجا ؟

السؤال

قرأت في إحدى المقالات على الويب أن الحسن بن علي رضي الله عنه تزوج أكثر من تسعين امرأة ، فما رأيكم في هذا ؟


الجواب

الحمد لله


ذكر غير واحد من أهل العلم أن الحسن بن علي رضي الله عنهما كان كثير التزوج ، كثير التطليق .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قالوا : وكان كثير التزوج ، وكان لا يفارقه أربع حرائر ، وكان مطلاقا ، مصداقا ، يقال إنه أحصن سبعين امرأة "

انتهى من "البداية والنهاية" (8/42) .

وذكرا نحوا من هذا الذهبي رحمه الله في "سير أعلام النبلاء" (3 /253) ، وينظر أيضا : "تاريخ دمشق" لابن عساكر (13 /251) ، "تاريخ الإسلام" للذهبي (4 /37) ، "محاضرات الأدباء" ، للراغب الأصفهاني (1 /408) .

ولكن لا بد لنا أن نعلم أن كثيرا من مرويات التاريخ لا تصح ، ولذلك يجب علينا أن نكون منها على حذر ، وخاصة إذا كانت تخص أحدا من أعلام الإسلام وسادات المسلمين .

قال الحافظ العراقي رحمه الله في "ألفية السيرة" (ص 1) :

وليعلمِ الطالبُ أنَّ السّيَرَا تَجمَعُ ما صحَّ وما قدْ أُنْكرَا

وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله :

" على أن حاجة التاريخ إلى معرفة أحوال ناقلي الوقائع التاريخية ، أشد من حاجة الحديث إلى ذلك ؛ فإن الكذب والتساهل في التاريخ أكثر " انتهى .

"علم الرجال وأهميته" (ص 24)

وما ورد من كون الحسن بن علي رضي الله عنهما كان قد تزوج بأكثر من سبعين امرأة ، أو تسعين ، ونحو ذلك من الروايات ، لم نقف على إسناد تقوم به الحجة لشيء منها

فينبغي التوقف في قبولها ، والتريث في التعويل عليها .

يقول الدكتور علي محمد الصلابي في كتابه عن الحسن بن علي رضي الله عنه ( ص 27 ) :

" وقد ذكر المؤرخون أن من زوجاته ، خولة الفزازية ، وجعدة بنت الأشعث ، وعائشة الخثعمية ، وأم إسحاق بنت طلحة بنت عبيد الله التميمي ، وأم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري

وهند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأم عبد الله وهي بنت الشليل بن عبد الله أخو جرير البجلي وامرأة من بني ثقيف وامرأة من بني عمرو بن أهيم المنقري ، وامرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة .

وربما تجاوز هذا العدد بقليل ، وهو كما ترى لا يمتّ إلى الكثرة المزعومة بصلة ، بعرف ذلك العصر .

وأما ما رواه رواة الأثر ، في كونه تزوج سبعين ، وفي بعض الروايات تسعين ، والبعض الآخر مائتين وخمسين ، والبعض الآخر ثلاثمائة

وروي غير هذا ؛ إلا أنه من الشذوذ بمكان ، وهذه الكثرة المزعومة موضوعة . وأما الروايات فهي كالتالي : ... "

ثم شرع في تخريج هذه المرويات وبيان ضعفها ووهائها ، فانظره في المصدر السابق ( ص 28 – 31 )

ثم قال حفظه الله (ص 31) :

" إن الروايات التاريخية التي تشير إلى الأعداد الخيالية في زواج الحسن بن علي رضي الله عنه لا تثبت من حيث الإسناد ، وبالتالي لا تصلح للاعتماد عليها نظراً للشبه والطعون التي حامت حولها "

إلى أن قال :

" ومن هنا تتضح أهمية علم الجرح والتعديل والحكم على الروايات والدور العظيم الذي قام به علماء الحديث في بيان زيف مثل هذه الأخبار .

ولذلك ننصح الباحثين في تاريخ صدر الإسلام بالاهتمام بنقد مثل هذه الروايات ، حتى يميزوا صحيحها من سقيمها

فيقدموا للأمة خدمة جليلة ولا يتورطوا مثل ما تورط فيه بعض السادة الذين لا نشك في نواياهم، بسبب اعتمادهم في بحوثهم على الروايات الضعيفة والموضوعة " انتهى .

ولعل الحافظ ابن كثير رحمه الله أشار إلى أن ما ورد في ذلك لم يصح بقوله : " يقال إنه أحصن سبعين امرأة " فتصديره الكلام بصيغة التمريض مشعر بعدم الثبوت

أو على الأقل بعدم الوقوف على إسناد تقوم به الحجة في ذلك .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-25, 17:11   رقم المشاركة : 262
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

نبذة عن كتاب النسائي " السنن الصغرى " .

السؤال

سألت هذا السؤال عدة مرات ولكن لم أتحصل على أي إجابة : هل كل الأحاديث الواردة في السنن الصغرى للنسائي صحيحة . وما صحة هذا الحديث: روى مسلم بن أبي بكر قال

: اعتاد أبي أن يقول دبر كل صلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر ) سنن النسائي الصغرى ، كتاب الاستعاذة بعد الصلاة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

النسائي هو الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي ، المتوفى سنة 303هـ .

قال عنه الدارقطني رحمه الله :

" مقدَّمٌ على كل من يُذكر بهذا العلم من أهل عصره "

انتهى من " سير أعلام النبلاء " (14/131)

وقال عنه الذهبي رحمه الله :

" لم يكن أحد على رأس الثلاثمائة أحفظ من النسائي ، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم ، ومن أبي داود ، ومن أبي عيسى الترمذي ، وهو جار في مضمار البخاري وأبي زرعة "

انتهى من " سير أعلام النبلاء " (14/133)

ثانيا :

اشتهر بين المحققين من علماء الحديث أن سنن النسائي الصغرى " المجتبى " أصح كتب السنن الأربعة ، وأكثرها حديثا صحيحا ، وأقلها حديثا ضعيفا ، وذلك لسببين :

السبب الأول : حرص الإمام النسائي على الانتقاء في كتابه ، وذلك بناء على طلب أمير الرملة أن يفرد له الحديث الصحيح من " السنن الكبرى "، كما قال الإمام السيوطي رحمه الله:

" رأيت بخط الحافظ أبي الفضل العراقي أن النسائي لما صنف الكبرى أهداها لأمير الرملة ، فقال له : كل ما فيها صحيح ؟ فقال : لا ، فقال : ميِّز لي الصحيح من غيره ، فصنف له الصغرى "

انتهى من " تدريب الراوي " (1/109)

وقال محمد بن معاوية الأحمر الراوي عن النسائي ما معناه :

" قال النسائي : كتاب السنن كله صحيح، وبعضه معلول، إلا أنه لم يبين علته، والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله "

انتهى من " النكت على ابن الصلاح " (1/484)

السبب الثاني : علو كعب النسائي في علم العلل ، وتميزه عن أقرانه ، كما سبق النقل عن الإمام الذهبي

ثالثا :

ننقل هنا كلام بعض أهل العلم في بيان صحة غالب ما في سنن النسائي الصغرى .

قال أبو الحسن المعافري :

" إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره " انتهى.

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ، ورجلا مجروحا "

انتهى من " النكت على ابن الصلاح " (1/484)

رابعا :

أما الأحاديث الضعيفة في سنن النسائي الصغرى فهي على ثلاثة أقسام :

القسم الأول: أحاديث يضعفها الإمام النسائي نفسه في السنن، فهذه لا ضير فيها، فالإمام يذكرها ليبين ضعفها ويرد على من يحتج بها.

القسم الثاني : أحاديث يضعفها الإمام النسائي في كتبه الأخرى ، ولا ينص على ضعفها في السنن الصغرى ، وهذه أيضا لا ضير فيها ؛ لأن النسائي يذكرها على سبيل النقل عمن يحتج بها

فعلى القارئ التنبه إلى حالها بالنظر في كتبه الأخرى ، وعدد أحاديث هذا القسم قليل جدا ، منها حديث قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ ؟

قَالَ : قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ فَلَمْ يَعِبْهُ . قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه النسائي في " السنن الصغرى " (5163) وسكت عنه ، ولكنه قال عنه في " السنن الكبرى " (8/363): هذا حديث منكر .

القسم الثالث : أحاديث يسكت عنها النسائي ويضعفها المحدثون ، وهي قليلة جدا أيضا ، خاصة وأن بعضها مما اختلف فيه العلماء ، والحق فيه مع النسائي .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" قول الحافظ أبي علي بن السكن وكذا الخطيب البغدادي في كتاب السنن للنسائي إنه صحيح : فيه نظر .

وإن له شرطاً في كتاب السنن للنسائي أنه صحيح: فيه نظر.

وإن شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم: غير مسلَّم.

فإن فيه رجالاً مجهولون : إما عيناً أو حالاً ، وفيهم المجروح ، وفيه أحاديث ضعيفة، ومعللة ومنكرة ، كما نبهنا عليه في " الأحكام الكبير " " ا

نتهى من " الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث " (ص/31)

ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله – معلقا على قول ابن الصلاح: أطلق الخطيب والسلفي الصحة على كتاب النسائي -:
"وقد أطلق عليه أيضا اسم الصحة أبو علي النيسابوري

وأبو أحمد بن عدي ، وأبو الحسن الدارقطني ، وابن منده ، وعبد الغني بن سعيد ، وأبو يعلى الخليلي ، وغيرهم ، وأطلق الحاكم اسم الصحة عليه وعلى كتابي أبي داود والترمذي كما سبق

وقال أبو عبد الله بن مندة : الذين خرجوا الصحيح أربعة : البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ، وأشار إلى مثل ذلك أبو علي ابن السكن...- ثم أجاب عن ذلك بعبارة طويلة

حاصلها : أن مراد هؤلاء العلماء أن معظم ما في السنن صحيح وليس كله – "

انتهى باختصار من " النكت على كتاب ابن الصلاح " (1/481-489)

وهكذا نجد العلماء يقررون وجود الضعيف بأعداد يسيرة في سنن النسائي وغيرها من السنن ، ومن أراد التوسع في هذه النقول فليرجع إلى شروح ألفية العراقي عند قوله :

" ومن عليها أطلق الصحيحا *** فقد أتى تساهلا صريحا "

يقول الإمام السخاوي رحمه الله :

" لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكرا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف ، - وقولهم - أن ما كان في الكتب الخمسة مسكوتا عنه ولم يصرح بضعفه أن يكون صحيحا

ليس هذا الإطلاق صحيحا ، بل في كتب السنن أحاديث لم يتكلم فيها الترمذي أو أبو داود ، ولم نجد لغيرهم فيها كلاما ، ومع ذلك فهي ضعيفة .

وأحسن من هذا قول النووي : " مراد السلفي : أن معظم الكتب الثلاثة يحتج به ، أي : صالح لأن يحتج به ; لئلا يرد على إطلاق عبارته المنسوخ أو المرجوح عند المعارضة ،ويجوز أن يقال

: إنه لم يعتبر الضعيف الذي فيها ; لقلته بالنسبة إلى النوعين،وبالجملة فكتاب النسائي أقلها بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ; ولذلك قال ابن رشيد: إنه أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا

وأحسنها ترصيفا ، وهو جامع بين طريقتي البخاري ومسلم ، مع حظ كبير من بيان العلل "

انتهى من " فتح المغيث " (1/114)

خامسا :

وأما الحديث الوارد في السؤال فهو حديث صحيح، نصه كالآتي :

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ )، فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ

فَقَالَ أَبِي : أَيْ بُنَيَّ ، عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا ؟ قُلْتُ: عَنْكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ.

رواه النسائي في " السنن الصغرى " (رقم/1347) وصححه الألباني في " صحيح النسائي "

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 16:45   رقم المشاركة : 263
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




تعريف عام بكتاب " سنن النسائي الصغرى " وما فيه من ضعيف

السؤال

هل كل الأحاديث الواردة في " سنن النسائي الصغرى " صحيحة ؟ .


الجواب


الحمد لله

أولاً:

1. الإمام النسائي هو : أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي ، يكنى بأبي عبد الرحمن ، و" النَّسائي " بفتح النون مع التشديد نسبة إلى بلدة في خراسان يقال لها " نَسا " بفتح النون .

2. ولد عام 215 هـ ، وتوفي عام 303 هـ .

3. يُسمَّى كتابه " السنن الصغرى " بـ " المُجتبى " أو " المُجتنى " ، والأول أصح وأشهر ، وقد اختلف أهل العلم فيها هل هي من اختصار المؤلف نفسه

كما يقوله ابن الأثير وابن كثير والعراقي والسخاوي ، أو هو من اختصار تلميذه أبي بكر ابن السني ، كما يقوله الذهبي وابن ناصر الدين الدمشقي.

4. عدد أحاديث " السنن الصغرى " ( 5774 ) حديثاً .

5. أطلق بعض العلماء على سنن النسائي اسم " الصحيح "

ومنهم أبو علي النيسابوري ، وابن عدي ، والدارقطني ، وابن منده ، والخطيب البغدادي ؛ وذلك لقوة شرط الإمام النسائي وتحريه للأحاديث

ولكن لا يسلم هذا القول لقائله ؛ فقد بلغت الأحاديث الضعيفة في سننه – رحمه الله - حوالي 500 حديثاً – تقريباً - بحسب حكم الشيخ الألباني رحمه الله

وتختلف النتيجة بحسب حكم الإمام الناقد ، وقد رأينا الإمام ابن كثير رحمه الله ينتقد من يزعم صحة أحاديث سنن النسائي ، وينتقد من يزعم أن شرط النسائي أشد من شرط الإمام مسلم رحمه الله ، حيث يقول :

وقول الحافظ أبي علي بن السكن وكذا الخطيب البغدادي في كتاب " السنن " للنسائي : إنه صحيح : فيه نظر ، وأن شرطه في الرجال أشد من شرط مسلم : غير مسلَّم

فإن فيه رجالاً مجهولين : إما عيناً أو حالاً ، وفيهم المجروح ، وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة ، كما نبهنا عليه في " الأحكام الكبير "
.
" الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث " ( ص 44 ) .

6. والسنن الصغرى هو أقل الكتب الستة بعد الصحيحين في الأحاديث الضعيفة ، وليس فيه حديث موضوع واحد .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -

: " وفي الجملة : فكتاب النسائي أقل الكتب بعد الصحيحين حديثاً ضعيفا ، ورجلاً مجروحاً "

انتهى من " النكت على كتاب ابن الصلاح " ( 1 / 484 ) .

7. وتوجد شروح كثيرة للسنن الصغرى للنسائي من أشهرها : شرح السيوطي المسمَّى " زهر الرُّبى على المجتبى " ، كما أن عليه حاشية عليه للإمام محمد بن عبد الهادي السندي

كما شرح السننَ – صوتيّاً - الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله ، ومن أجمع وأوعب الشروح " ذخيرة العُقْبى في شرح المجتبى " للشيخ محمد بن علي بن آدم بن موسى الأثيوبي حفظه الله

وهو معاصر ، وقد طبع في أربعين مجلَّداً ! وقد طبعت الأجزاء الخمسة الأولى منه "دار المعراج " في الرياض ، وطبعت باقي أجزائه " دار آل بروم " في مكة المكرمة

وهو متوفر على الشبكة العنكبوتية في " المكتبة الوقفية " وغيرها .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 16:52   رقم المشاركة : 264
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل في مسند الإمام أحمد بن حنبل أحاديث موضوعة ؟

السؤال

بخصوص المسند للإمام أحمد بن حنبل : يقول أبو الفرج ابن الجوزي أن بعض الأحاديث الواردة في هذا المسند موضوعة . ما درجة هذا الكلام من الصحة ؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله

أولا :

يختلف العلماء أحياناً في الحكم على بعض الأحاديث أنها موضوعة أو ليست موضوعة ، ولاختلافهم هذا أسباب كثيرة ، منها :

1- اختلافهم في رواة الحديث المعين ، فقد يكون الراوي عند بعض العلماء كذابا ، وعند آخرين متهما بالكذب ، وعند آخرين : ضعيفا جدا ، فيختلفون في الحكم على الحديث تبعاً لذلك .

2- كما يختلف العلماء في الحكم على متن الحديث ، فقد يرى بعض المحدثين أن هذا المتن منكر جدا ، لا ترد الشريعة بمثله ، وفيه من الغرائب والعجائب ما يؤكد وضعه

بينما يرى آخرون أن المتن لا يبلغ تلك الدرجة من النكارة .

قال العلامة المعلمي رحمه الله :

" هذه قواعد يحسن تقديمها :

1- إذا قام عند الناقد من الأدلة ما يغلب على ظنه معه بطلان نسبة الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد يقول : باطل ، أو موضوع ، وكلا اللفظين يقتضي أن الخبر مكذوب عمدا أو خطأ

إلا أن المتبادر من الثاني الكذب عمدا ، غير أن هذا المتبادر لم يلتفت إليه جامعو كتب الموضوعات ، بل يوردون فيها ما يرون قيام الدليل على بطلانه ، وإن كان الظاهر عدم التعمد .

2- قد تتوفر الأدلة على البطلان ، مع أن الراوي الذي يصرح الناقد بإعلال الخبر به لم يتهم بتعمد الكذب ، بل قد يكون صدوقا فاضلا ، ولكن يرى الناقد أنه غلط أو أدخل عليه الحديث .

3- كثيرا ما يذكر ابن الجوزي الخبر ، ويتكلم في راو من رجال سنده ، فيتعقبه بعض من بعده بأن ذاك الراوي لم يتهم بتعمد الكذب ، يعلم حال هذا التعقب من القاعدتين السابقتين .

نعم ، قد يكون الدليل الآخر غير كاف للحكم بالبطلان ، ما لم ينضم إليه وجود راو في السند معروف بتعمد الكذب ، ففي هذه الحال يتجه ذاك التعقب ".

انتهى من " مقدمة التعليق على الفوائد المجموعة للشوكاني " (ص/7) دار الكتب العلمية .

وقال الشيخ طاهر الجزائري رحمه الله :

" المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان عمدا أم خطأ ".

انتهى من" توجيه النظر " (2/574) .

وقال الشيخ طارق عوض الله :

" ومن المعلوم أن نقاد الحديث كثيراً ما يحكمون على أحاديث أخطأ فيه بعض الرواة ، بأنها "ضعيفة جداً" ، أو " باطلة " ، أو " منكرة " ، أو " لا أصل لها " ، أو " موضوعة "

مع أن رواتها الذين أخطئوا فيها ، لم يبلغوا في الضعف إلى حد أن يُترك حديثهم ، بل أحياناً يُطلقون هذه الأحكام الشديدة على أحاديث أخطأ فيها بعض الرواة الثقات

غير متقيدين بحال الراوي المخطئ ، بل معتبرين حال الرواية سنداً ومتناً ، ونوع الخطأ الواقع فيهما ، أو في أحدهما ".

انتهى من" الإرشادات " (ص/82) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 16:52   رقم المشاركة : 265
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

إذا تقرر ما سبق عرفنا سبب وقوع الخلاف بين العلماء في اشتمال مسند الإمام أحمد بن حنبل على أحاديث موضوعة ، فأثبت ذلك بعضهم ، ونفاه آخرون ، والحقيقة أن الخلاف بين القولين هو في تعريف الحديث الموضوع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" من قد يغلط في الحديث ولا يتعمد الكذب : هؤلاء توجد الرواية عنهم في السنن ومسند الإمام أحمد ونحوه .
بخلاف من يتعمد الكذب : فإن أحمد لم يرو في مسنده عن أحد من هؤلاء .

ولهذا تنازع الحافظ أبو العلاء الهمذاني والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي : هل في المسند حديث موضوع ؟

فأنكر الحافظ أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع ، وأثبت ذلك أبو الفرج ، وبَيَّن أن فيه أحاديث قد علم أنها باطلة .

ولا منافاة بين القولين ، فإن الموضوع في اصطلاح أبي الفرج هو الذي قام دليل على أنه باطل وإن كان المحدث به لم يتعمد الكذب بل غلط فيه ، ولهذا روى في كتابه في الموضوعات أحاديث كثيرة من هذا النوع .

وقد نازعه طائفة من العلماء في كثير مما ذكره وقالوا : إنه ليس مما يقوم دليل على أنه باطل ، بل بينوا ثبوت بعض ذلك .

لكن الغالب على ما ذكره في الموضوعات أنه باطل باتفاق العلماء .

وأما الحافظ أبو العلاء وأمثاله فإنما يريدون بالموضوع المختلق المصنوع الذي تعمد صاحبه الكذب ".

انتهى من" مجموع الفتاوى " (1/248) .

فهذا وجه التوفيق بين القولين .

ومن تأمل أحاديث المسند أو بعضها ، وراجع أقوال أهل العلم في تلك الأحاديث ، تبين له أنه يشتمل على أحاديث شديدة الضعف وأن متونها لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم

وأنها يمكن أن توصف بأنها موضوعة ، وإن كان الراوي لها لم يتعمد الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم .

بل هناك حديث رواه الإمام أحمد في المسند ، ونقل عنه ابن الجوزي أنه قال عنه : إنه كذب.

وهو حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَبْوًا ) " المسند " (41/337) .

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" قال أحمد بن حنبل : هذا الحديث كذب منكر . قال : وعمارة يروى أحاديث مناكير . وقال النسائي: هذا حديث موضوع ".

انتهى من" الموضوعات " (2/13) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله – في الحديث السابق -:

" كفانا المؤنة شهادة أحمد بكونه كذباً ، فقد أبان علته ، فلا حرج عليه في إيراده مع بيان علته، ولعله مما أمر بالضرب عليه ؛ لأن هذه عادته في الأحاديث التي تكون شديدة النكارة

يأمر بالضرب عليها من المسند وغيره ، أو يكون مما غفل عنه وذهل ؛ لأن الإنسان محل السهو والنسيان والكمال لله تعالى ".

انتهى من" النكت " (1/472-473) .

ولهذا استقرت كلمة أهل العلم على أن مسند الإمام أحمد بن حنبل يشتمل على عدد يسير من الأحاديث التي يمكن أن توصف بالوضع ، أو على الأقل بشبه الوضع .

قال الحافظ العراقي رحمه الله :

" وأما وجود الضعيف فيه فهو محقق ، بل فيه أحاديث موضوعة ".

انتهى من" التقييد والإيضاح " (ص/57) .

وقال الإمام الذهبي رحمه الله :

" فيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ، ولكنها قطرة في بحر ".

انتهى من" سير أعلام النبلاء " (11/329) .

وقال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة لمسند الإمام أحمد :

" وأقل ما يقوله المتمكن في هذا الفن ، بعد النظر في هذه الأحاديث وما أجاب به العلماء عنها : إنها بالغة الضعف ، وكثير منها يعلم بطلان متونها بالبداهة ، فلا يمكن أن تشد أزرها تلك المتابعات والشواهد "

. انتهى من" المسند " (1/77) طبعة مؤسسة الرسالة .

والأحاديث التي حكم عليها في هذه الطبعة بأنها " شبه موضوع " ثمانية أحاديث .

وصرح المحققون على حديث واحد فقط بأنه موضوع ، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عَسْقَلَانُ أَحَدُ الْعَرُوسَيْنِ

يُبْعَثُ مِنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ ، وَيُبْعَثُ مِنْهَا خَمْسُونَ أَلْفًا شُهَدَاءَ وُفُودًا إِلَى اللهِ ، وَبِهَا صُفُوفُ الشُّهَدَاءِ ، رُءُوسُهُمْ مُقَطَّعَةٌ فِي أَيْدِيهِمْ ، تَثِجُّ أَوْدَاجُهُمْ دَمًا

يَقُولُونَ : رَبَّنَا آتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ . فَيَقُولُ : صَدَقَ عَبِيدِي ، اغْسِلُوهُمْ بِنَهَرِ الْبَيْضَةِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهُ نَقَاءً بِيضًا ، فَيَسْرَحُونَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءُوا) " المسند " (21/66) .

قال المحققون : " موضوع ، أبو عقال- واسمه هلال بن زيد بن يسار البصري نزيل عسقلان- مجمع على طرح حديثه ، وقال ابن حبان: روى عن أنس أشياء موضوعة ما حدَّث بها أنس قطّ ، لا يجوز الاحتجاج به بحال .

.. وقال الدولابي : هذا حديث منكر جداً ، وهو شبه حديث الكذّابين...وقد حكم على هذا الحديث ابنُ الجوزي والعراقي بالوضع ، وهو كما قالا

ومحاولةُ الحافظ ابن حجر نفيَ تهمة الوضع عنه في "القول المسدد" ص 32-33 في غير محلّها " انتهى .

حديث آخر موضوع في المسند : حديث عمران بن حصين مرفوعا : ( أن علياً مني وأنا منه، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي ) " المسند " (33/154) .

قال ابن تيمية في "منهاج السنة" (7/391-392) : هذا كذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . انتهى .

وقد بلغ عدد الأحاديث التي حكم عليها ابن الجوزي بالوضع

– وهي في مسند الإمام أحمد – ثمانية وثلاثين حديثا ، حاول الحافظ ابن حجر العسقلاني الجواب عنها حديثا حديثا ، لكن كثيرا من أجوبته لا تسلم له

ومع ذلك فقد أقر رحمه الله بوجود الموضوع أيضا ، كما أقر سابقا كل من الذهبي والعراقي .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 16:53   رقم المشاركة : 266
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



فقال رحمه الله :

" ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة ، منها حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة زحفا . والاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوا ، أو ضرب وكتب من تحت الضرب ".

انتهى نقلا عن " تدريب الراوي " (1/173) .

وقال أيضا :

" ونجيب عنها أولا من طريق الإجمال : بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام ، والتساهل في إيرادها مع ترك البيان بحالها شائع

وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا : إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا ".

انتهى من" القول المسدد " (ص/11) .

وقال أيضا :

"والحق أن أحاديثه غالبها جياد ، والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات ، وفيه القليل من الضعاف الغرائب الأفراد ، أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئا فشيئا

وبقي منها بعده بقية ، وقد ادعى قوم أن فيه أحاديث موضوعات...لا يتأتى القطع بالوضع في شيء منها ، بل ولا الحكم بكون واحد منها موضوعا

إلا الفرد النادر ، مع الاحتمال القوى في دفع ذلك"

انتهى من" تعجيل المنفعة " (ص/6) .

والحاصل : أن " المسند " للإمام أحمد بن حنبل يشتمل على بعض الأحاديث شديدة الضعف التي يمكن أن توصف بالوضع بناء على التوسع في مفهوم الحديث " الموضوع "

وهذا الذي يقرره كثير من العلماء المتخصصين في الحديث اليوم : كالدكتور إبراهيم اللاحم ، والدكتور سعد آل حميد .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 16:57   رقم المشاركة : 267
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة مختصرة لأبي إسحاق السبيعي

السؤال

هناك أحاديث يرويها أبو إسحاق الهمداني ، فمن هو أبو إسحاق الهمداني هذا ، وما هي إسهاماته في الأحاديث ، وما صحة أحاديثه ؟


الجواب

الحمد لله

أبو إسحاق الهمداني هو عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد ، المشهور بـ " أبي إسحاق السبيعي " نسبة إلى " سبيع " جده البعيد

من أكابر حفاظ مدينة الكوفة في العراق ، ومن أعظم علمائها الذين رووا الحديث ، وأفنوا أعمارهم في سبيله .

وهو من الطبقة الوسطى من التابعين ، فقد ولد في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبالتحديد سنة (34 أو 35هـ) فأدرك بذلك كثيرا من الصحابة الحفاظ المكثرين من الرواية

كابن عباس ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وزيد بن أرقم ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم كثير ، حيث بلغ تعدادهم ثمانية وثلاثين صحابيا من شيوخ أبي إسحاق

بل ورد عنه أنه قال : " رأيت علي بن أبي طالب يخطب "، ولكنه لم يدرك الرواية عنه .

ولا شك أن إدراك هذا العدد من محدثي الصحابة دافع عظيم للاجتهاد في سماع الحديث وروايته والعمل به ، فهم خير القرون ، وسادة الناس ، وأصحاب الأثر العظيم في قلوب طلابهم ومتبعيهم .

لهذا تأثرت شخصية أبي إسحاق السبيعي بأئمة الهدى والدين ، فاجتهد في طلب العلم والأخذ عن الشيوخ ، وكثر شيوخه الذين روى عنهم حتى بلغوا العشرات

بل قال علي بن المديني رحمه الله :

" روى أبو إسحاق عن سبعين رجلا أو ثمانين لم يرو عنهم غيره ، وأحصيت مشيخته نحوا من ثلاث مائة شيخ "، وكان منهم كبار التابعين كعلقمة بن قيس

ومسروق بن الأجدع ، والضحاك بن قيس ، وعمرو بن شرحبيل الهمداني ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعمرو بن ميمون ، وشريح القاضي ، وخلق كثير من كبراء التابعين كما قال الإمام الذهبي رحمه الله .

وأخذ الفقه عن كبار شيوخ مدرسة الكوفة التي اتبعت في منهجها العام الفقه المروي عن عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما

وبرز أبو إسحاق في حفظه فقهَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتى كان يقال : " من جالس أبا إسحاق فقد جالس عليا رضي الله عنه ".

قال علي بن المديني رحمه الله :

" حفظ العلم على الأمة ستة : فلأهل الكوفة : أبو إسحاق والأعمش ، ولأهل البصرة : قتادة ويحيى بن أبي كثير . ولأهل المدينة : الزهري ، ولأهل مكة عمرو بن دينار " .

فلم يكن أهل العلم يقدمون على أبي إسحاق أحدا من أهل طبقته .

واشتهر أبو إسحاق بالإمامة في الدين ، والتقوى والزهد والعبادة ، فكان يختم القرآن الكريم في كل ثلاثة أيام مرة ، فقد أخذ القرآن عن أبي عبد الرحمن السلمي

حتى صار إماما في القراءة أيضا ، وهو أكبر شيوخ القارئ المعروف حمزة بن حبيب الزيات ، ولم يشغله العلم عن الجهاد في سبيل الله

فاشترك في غزو الروم زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وأخبر عن نفسه أنه اشترك في ست غزوات أو سبع غزوات زمن زياد بن أبيه .

وكان صواما قواما لا ينام من الليل إلا قليلا ، وقد حكى ذلك عن نفسه رحمه الله فقال : " ما أقلت عيني غمضا منذ أربعين سنة "، وحكى ابنه يونس – الحافظ الكبير – عن أبيه أنه كان يقرأ كل ليلة ألف آية .

وأوصى مرة معشر الشباب فقال لهم :

" يا معشر الشباب ، اغتنموا – يعني قوَّتكم – قلما مرت بي ليلة إلا وأنا أقرأ فيها ألف آية ، وإني لأقرأ البقرة في ركعة ، وإني لأصوم الأشهر الحرم ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والاثنين والخميس " .

وتحلى بالأخلاق العظيمة ، بالكرم والسماحة والوفاء والمروءة ، فما سُمع يَعيبُ أحدا قط ، ولا يتفاخر على الناس بعلمه ، بل يتواضع ويقول : "وددت أني أنجو من علمي كفافا "

وهكذا عرف بالعبادة والتقوى حتى قال من أدركه في زمانه : " كنت إذا رأيت أبا إسحاق ذكرت به الضرب الأول "، يعني الصحابة رضوان الله عليهم .

ومن كان هذا حاله في العلم والعبادة حري أن يكون إمام هدى يقصده طلبة العلم من كل حدب وصوب ، فأخذ عنه أئمة علم الحديث كشعبة وسفيان الثوري –

وكانا أوثق أصحابه في الرواية عنه – وكان من تلاميذه أيضا ، منصور ، والأعمش ، وزكريا بن أبي زائدة ، وولده يونس ، وحفيده إسرائيل

وزائدة بن قدامة ، وجرير بن حازم ، وزهير بن معاوية ، وخلق كثيرون آخرون يشق تعدادهم وحصرهم .

واستمر عطاء أبي إسحاق السبيعي في العلم والعمل على مدى ثلاث وتسعين سنة ، حتى كبر في آخر عمره ، وضعفت قوته ، وابتلي بفقد البصر حتى كان يستعين بأبنائه في هداية الطريق

ومع ذلك بقي حافظا للحديث ، مثابرا في تعليمه ، ولم يأخذ عليه العلماء اضطرابا أو اختلاطا فاحشا ، وإنما كما قال الإمام الذهبي رحمه الله : " هو ثقة حجة بلا نزاع

...كبر وتغير حفظه تغير السن ، ولم يختلط "، وإن كان ذهب بعض أهل العلم أيضا إلى وقوع الاختلاط في حديثه ، لكنه محصور وقليل

كما أخذ عليه العلماء وقوع التدليس أحيانا عند إسناده بالعنعنة ، حتى سماه الحافظ ابن حجر في "المرتبة الثالثة" في كتاب " مراتب المدلسين " (رقم/91)

ولكن ذلك لا يضعف ما يصرح فيه بالتحديث ( حدثنا ، أخبرنا ، سمعت .. ) ، لكن يوجب التحري فيما يرويه بصيغة العنعنة ( عن فلان ) من الأحاديث .

وكانت وفاته سنة (127هـ)، وخرج الناس في جنازته بالمئات ، وألقى الله على جنازته المهابة ، حتى قال أمير الكوفة حين رأى كثرة الخلق المشيعين : " كأن هذا فيهم رباني ".

تنبيه: المعلومات الواردة في هذه الترجمة المختصرة تجدها في كتاب

: " سير أعلام النبلاء " (5/392-401)

وكتاب " تهذيب التهذيب " (8/65)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 17:03   رقم المشاركة : 268
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين ما يفعله صلى الله عليه وسلم للتشريع وما يفعله عادة وجبلّة

السؤال

السنة والاستحسان هل يمكن التمييز بين سنة النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما أحبه وكرهه حيث أنه كان إنسان في المقام الأول، أم أنهما نفس الشيء والدرجة فإن كان هناك فارقا بينهما فكيف يكون التمييز بينهما؟


الجواب


الحمد لله

الأصل في أقواله صلى الله عليه وسلم أنها للتشريع ، لأنه مبلغ عن ربه ، مرسل لهداية الخلق ، مأمور بالبيان ، كما قال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل/44

وقال : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) المائدة/67 .

ويدل على أن الأصل في أقواله صلى الله عليه وسلم أنها للتشريع : ما روى أبو داود (3646) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ

فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ ، وَقَالُوا : أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ

فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ : (اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ) .

وقد يقول صلى الله عليه وسلم القول لا يريد به التشريع ، وهذا خلاف الأصل ، ولابد من دليل يبين أنه لغير التشريع ، كما في قصة تأبير النخلة المشهورة

وقد رواها مسلم (2361) عن طَلْحَةَ قَالَ : مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ ، فَقَالَ : مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ ؟ فَقَالُوا : يُلَقِّحُونَهُ ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا) قَالَ : فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ

فَقَالَ : إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا ، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) .

ورواه مسلم (2363) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ : (لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ) قَالَ فَخَرَجَ شِيصًا فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ : مَا لِنَخْلِكُمْ ، قَالُوا : قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ) .

والشيص : البسر الرديء ، الذي إذا يبس صار حشفا .

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك ظنا ، فخرج بهذا عن أن يكون تشريعا .

وأما أفعاله صلى الله عليه وسلم فقد تصدر منه على وجه التشريع ، وقد تكون من أفعال الجبلة والعادة التي هي مقتضى البشرية ، كالأكل والشرب والقيام والقعود ، وقد يكون الفعل خاصا به صلى الله عليه وسلم
.
" فهذه ثلاثة أقسام :

القسم الأول : الأفعال الجبلية : كالقيام، والقعود، والأكل، والشرب، فهذا القسم مباح؛ لأن ذلك لم يقصد به التشريع ولم نتعبد به، ولذلك نسب إلى الجبلّة وهي الخلقة.

لكن لو تأسى به متأسٍ فلا بأس ، وإن تركه لا رغبة عنه ولا استكبارًا فلا بأس.

القسم الثاني: الأفعال الخاصة به - صلى الله عليه وسلم - التي ثبت بالدليل اختصاصه بها كالجمع بين تسع نسوة، فهذا القسم يحرم فيه التأسي به.

القسم الثالث: الأفعال البيانية التي يقصد بها البيان والتشريع، كأفعال الصلاة والحج، فحكم هذا القسم تابع لما بيّنه؛ فإن كان المبين واجبًا كان الفعل المبين له واجبًا، وإن كان مندوبًا فمندوب ".

" وهناك قسم رابع وهو المحتمل للجبلي والتشريعي. وضابط هذا القسم: أن تقتضيه الجبلة البشرية بطبيعتها

لكنه وقع متعلقًا بعبادة بأن وقع فيها أو في وسيلتها، كالركوب إلى الحج ودخول مكة من كَداء، فهذا قد اختلفوا فيه: هل هو مباح أو مندوب ".

ومن أمثلة التأسي به في الأفعال الجبلية : ما " ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يلبس النعال السبتية، ويصبغ بالصفرة، فسئل عن ذلك فقال: "

... وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم

- يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها....". رواه البخاري (1/267) برقم (166).

وورد عن الإمام الشافعي أنه قال لبعض أصحابه: اسقني، فشرب قائمًا، فإنه - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا.
وورد أيضًا عن الإمام أحمد أنه قال : ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أعطى الحجام دينارًا "

انتهى من "معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة" للدكتور محمد حسين الجيزاني ، ص 128 .

ومن أمثلة القسم الرابع : وهو ما احتمل أن يكون للتشريع أو للجبلة : نزول صلى الله عليه وسلم المحصّب بعد الحج (وهو اسم موضع بين مكة ومنى وإلى منى أقرب، ويسمى الأبطح)، فاختلف الصحابة في هذا النزول :

هل هو تشريع أو ليس كذلك ، فكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يراه سنة، وكان عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يقول: " ليس التحصيب (أي: نزول المحصب) بشيء،

إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" ، وكانت عائشة رضي الله عنها توافق ابن عباس فتقول: " نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج ".

وينظر : صحيح البخاري (1765) ، (1766) ، صحيح مسلم (1310).

وبهذا يتبين أن ما أحبّه صلى الله عليه وسلم من الأطعمة أو الأشربة أو الألبسة ونحو ذلك ، الأصل فيه أنه من العادات التي تفعل بمقتضى البشرية ، ولا يراد بها التشريع

ككونه يحب الدباء ، ويعاف الضب ، ويلبس العمامة والرداء والإزار والقميص ، ما لم يدل دليل على التشريع ، كأن يأمر أو يرغّب في بأمر يتعلق بهذه الأشياء

كالتسمية عند الأكل ، وعدم التنفس في الإناء ، والأكل باليمين ، وعدم الأكل من وسط القصعة ، ومنع الإسبال أسفل من الكعبين

فالتشريع في ذلك واضح ، ويكون لهذه الأفعال حكمها من الإيجاب أو الندب أو التحريم أو الكراهة ، بحسب الأدلة الواردة فيها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 17:11   رقم المشاركة : 269
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم حديث سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام

السؤال

روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام ، ويشربون ألوان الشراب

ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدقون في الكلام ، فأولئك شرار أمتي ) ، فهل هذا الحديث صحيح ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

ورد معنى هذا الحديث عن جماعة من الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من الأحاديث ، هي :

الحديث الأول :

عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( سَيَكُونُ رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي يَأْكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَشْرَبُونَ أَلْوَانَ الشَّرَابِ، وَيُلْبِسُونَ أَلْوَانَ اللِّبَاسِ، وَيَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلامِ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي )

رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/107)، وفي " المعجم الأوسط " (3/24)، وفي "مسند الشاميين " (2/342) من طريق جميع بن ثوب الرحبي ، عن حبيب بن عبيد ، عن أبي أمامة به .

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب جميع بن ثوب السلمي الرحبي ، قال فيه البخاري : منكر الحديث ، وكذا قال الدارقطني وغيره ، وقال النسائي : متروك

. انظر : " لسان الميزان " (2/134)

ورواه تمام الرازي في " الفوائد " (2/258) ، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (6/90) من طريق أبي بكر بن أبي مريم ، عن حبيب بن عبيد ، عن أبي أمامة به .

وأبو بكر هذا هو ابن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي ، اتفق المحدثون على تضعيفه

انظر : " تهذيب التهذيب " (12/29)

قال الهيثمي رحمه الله :

" رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريقين ، في أحدهما جميع بن أيوب وهو متروك ، وفي الأخرى أبو بكر بن أبي مريم وهو مختلط " انتهى.

" مجمع الزوائد " (10/439)

وضعفه العراقي في تخريج " إحياء علوم الدين " (4/234)

الحديث الثاني :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:
( خيار أمتي من شهد أن لا إله إلا الله ، وإذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤوا استغفروا ، وإذا سافروا قصروا وأفطروا ، وإن شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم

وغذوا في النعيم ، همهم ألوان الطعام ، وألوان الشراب ، وإذا تكلموا تشدقوا ، ويل للجرارين أذيالا )

رواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/305)

وقال : " تفرد به محمد بن سليمان : قال أبو حاتم الرازي : هو منكر الحديث " .

وضعفه العراقي في تخريج " إحياء علوم الدين " (3/232) وعزاه للبزار .

الحديث الثالث :

عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم ، وغذوا به ، يأكلون من الطعام ألوانا )

رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (7/372)

والحاكم في " المستدرك " (3/657)

قال الذهبي رحمه الله :

" أظنه موضوعا " انتهى.

" تلخيص المستدرك " (3/657)

وقال العراقي رحمه الله :

" فيه أصرم بن حوشب : ضعيف " انتهى.

" تخريج إحياء علوم الدين " (3/232)









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 17:12   رقم المشاركة : 270
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الحديث الرابع :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( إن أول ما خلق الله سبحانه وتعالى العقل فقال أقبل فأقبل ثم قال أدبر فأدبر ثم قال ما خلقت شيئا أحسن منك بك آخذ وبك أعطي ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من كان له واعظ من نفسه كان له من

الله حافظ ومن أذل نفسه في طاعة الله فهو أعز ممن تعزز بمعصية الله ثم قال شرار أمتي الذين غدوا في النعيم الذين يتقلبون في ألوان الطعام

والثياب الثرثارون الشداقون بالكلام وخيار أمتي الذين إذا أساؤا استغفروا وإذا أحسنوا استبشروا وإذا سافروا قصروا وأفطروا )

رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/318)

قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي ، وأفادنيه أبو الحسن الدارقطني ، ثنا سهل بن المرزبان بن محمد أبو الفضل التميمي الفارسي سنة تسع وثمانين ومائتين

ثنا عبدالله بن الزبير الحميدي ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن منصور ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير .

قال أبو نعيم رحمه الله :

" غريب من حديث سفيان ومنصور عن الزهري ، لا أعلم له راويا عن الحميدي إلا سهلا ، وأراه واهما فيه " انتهى.

الحديث الخامس :

من طريق عبد الحميد بن جعفر ، واختلف الرواة عنه : فجعله بعضهم من حديث فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وجعله آخرون من حديث فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

وعلى كل حال فالحديث مرسل ، ففاطمة بنت الحسن لم تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ينظر : " العلل " العلل للدارقطني (15/183-184) .

الحديث السادس :

عن بكر بن سوادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( سيكون نشو من أمتي ، يولدون في النعيم ، ويغذون به ، همتهم ألوان الطعام ، وألوان الثياب ، يتشدقون بالقول ، أولئك شرار أمتي )

رواه الإمام أحمد في " الزهد " (ص/394) نسخة الشاملة قال : ، حدثنا علي بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله ، وعتاب ، حدثنا عبد الله ، أنبأنا يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن بكر بن سوادة .

قلنا : وهذا مرسل ، لأن بكر بن سوادة من الطبقة الوسطى من التابعين .

الحديث السابع :

عن عروة بن رويم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به ، همتهم ألوان الطعام ، وألوان الثياب ، يتشدقون في الكلام )

رواه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (رقم/758)، ووكيع في " الزهد " (رقم/163) كلاهما عن الأوزاعي عن عروة به .
وهذا مرسل صحيح الإسناد .

والحاصل أن طرق هذا الحديث لا تخلو جميعها من الضعف ، وبعضها أشد ضعفا من بعض بعض ، إلا أن بعض أهل العلم قد حسنوا الحديث بشواهده :

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" إذا ضُمَّ – يعني حديث أبي أمامة - إلى المرسَلَين الأولين : صار الحديث بمجموع ذلك حسنا ... " ثم ساق بعض هذه الشواهد

. ينظر : " السلسلة الصحيحة " (رقم/1891) .

ثانيا :

قال المناوي رحمه الله :

" ( سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام ويشربون ألوان الشراب ويلبسون ألوان الثياب ويتشدقون في الكلام فأولئك شرار أمتي ) أي : من شرارهم ، وهذا من معجزاته

فإنه إخبار عن غيب وقع ، والواحد من هؤلاء يطول أكمامه ، ويجر أذياله تيها وعجبا ، مصغيا إلى ما يقول الناس له وفيه ، شاخصا إلى ما ينظرون إليه منه

قد عمي بصره وبصيرته إلى النظر إلى صنع الله وتدبيره ، وصم سمعه عن مواعظ الله ، يقرأ كلام الله ولا يلتذ به ، ولا يجد له حلاوة ، كأنه إنما عنى بذلك غيره

فكيف يلتذ بما كلف به غيره ، وإنما صار ذلك لأن الله عز اسمه خاطب أولي العقول والبصائر والألباب ، فمن ذهب عقله وعميت بصيرته في شأن نفسه ودنياه

كيف يفهم كلام رب العالمين ويلتذ به ، وكيف يجلو بصره وهو يرى صفة غيره " انتهى.

" فيض القدير " (4/170)

وقال أيضا :

" قال الغزالي : وشره الطعام من أمهات الأخلاق المذمومة ؛ لأن المعدة ينبوع الشهوات ، ومنها تتشعب شهوة الفرج ، ثم إذا غلبت شهوة المأكول والمنكوح يتشعب منه شهوة المال

ولا يتوصل لقضاء الشهوتين إلا به ، ويتشعب من شهوة المال شهوة الجاه ، وطلبهما رأس الآفات كلها من نحو كبر وعجب وحسد وطغيان ، ومن تلبس بهذه الأخلاق فهو من شرار الأمة ..

.. وقد اشتد خوف السلف من لذيذ الأطعمة ، وتمرين النفس عليها ، واعتقدوا أنها من علامات الشقاء ، ورأوا منعها غاية السعادة " انتهى.

" فيض القدير " (4/205)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc