طلب العلم بالكلام ...تزندق .. - الصفحة 18 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلب العلم بالكلام ...تزندق ..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-09-10, 00:16   رقم المشاركة : 256
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فصل
ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قول الله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} 1، وقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 2 فأثبت الله لنفسه الخلق ونفاه عن3 غيره، كما أثبت لنفسه أنه إله ورزاق، فلما استحال أن يكون غيره إلهاً ورزاقاً استحال أن يكون غيره خالقاً.
فأجاب4 هذا القدري عن قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} .
وقال: أراد بهذه البدائع العجيبة من السموات والأرض وما بينهما، ثم النعم التي تقتضي وجوب شكره عليها ولهذا قال: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ} .
والجواب: أن الآية عامة في نفي الخلق عن غيره في جميع الأشياء كما أثبت الخلق لنفسه، والإلهية5، لجميع الأشياء، وأيضاً فإن الكلام من البدائع العجيبة، ولهذا جعل الله كلام عيسى في المهد من المعجزات، وجعل كلام الذراع المشوية6، وحنين الجذع7، وتسبيح الحصا في كف النبي - صلى الله عليه وسلم-8، معجزة له وأمر الله خلقه بالاستدلال عليه باختلاف
__________
1 الأعراف آية (54) .
2 فاطر آية (3) .
3 في الأصل (من) وفي - ح - (كما أثبت) .
4 في الأصل (فأجاب عن هذا) وفي - ح - (كما أثبت) .
5 قوله: (والإلهية) ساقطة من - ح -.
6 سيأتي الحديث في ذلك ص 752، 779.
7 روى الحديث البخاري بسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه فمسح يده عليه"، كما روي أيضاً نحوه عن جابر. انظر: خ. كتاب المناقب 4/155.
8 أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 6/64 عن الوليد بن سويد السلمى عن أبي ذر ومرة رواه الوليد عن رجل من بني سليم عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: "لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رأيته، كنت رجلاً أتبع خلوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فرأيته يوماً جالساً فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه، فجاء أبو بكر فسلم عليه وجلس عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن عمر، وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبع حصات أو قال تسع حصيات فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً حنين النحل، ثم وضعهن فخرسن ثم أخذهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "هذه خلافة النبوة" وبهذا الإسناد أخرجه أيضاً البزار. انظر: كشف الأستار 3/135، وهذا إسناد ضعيف فإنه من طريق صالح بن أبي الأخضر اليمامي وهو ضعيف كما قال ابن حجر في التقريب ص 148، والوليد بن سويد مجهول الحال، فقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل 9/65، وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة 2/555 أخصر من رواية البيهقي حيث ذكر التسبيح في يد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر وضع الحصى وسكوتهن، وقد أخرجه عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه.









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:17   رقم المشاركة : 257
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لغاتهم1، لأن الله يخلق العبارة في الكلام في قطعة لحم عن مرادات مختلفة تتقدم على الكلام2، فالصنع العجيب في الكرم كالصنع العجيب في السوات والأرض وسائر الأجسام، فيجب أن يكون مساوياً للأجسام في كون الخالق لها واحداً.
وأما قوله: أراد البدائع التي تقتضي وجوب شكره عليها3، فإن الكلام من البدائع التي تقتضي الشكر لله عليه، ولهذا امتن الله تعالى على أن
__________
1 وذلك في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} الروم آية (22) .
2 قوله: (عن مرادات مختلفة تتقدم على الكلام) مراده بذلك ما يتهيأ في النفس من الكلام مما يسبق النطق به.
3 في النسختين (عليه) والأنسب (عليها) كما ورد في قول المخالف.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:17   رقم المشاركة : 258
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الإنسان جعل له السمع والبصر والكلام فقال: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} 1، فتكون كسائر نعمه التي خلقها الله فيهم قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} 2.
ويدل على أن أقوال العباد وأفعالهم خلق لله تعالى قلوه فيما أخبر من خلود أهل النار لما شهدت عليهم جلودهم3، قالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} 4، وحقيقة الإنطلاق من الله أن خلق النطق فيهم.
ويدل على خلق الأفعال قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} 5، وقوله (يسير) على وزن يقلِّب الليل والنهار، وهو خلقه لاختلاف الليل والنهار فتكون يسير أي يخلق السير فيهم6، والقدرية لا يقولون إن الله أنطق الخلق ولا أنه سيرهم بل هم الخالقون لنطقهم وسيرهم، وهذا رد منهم للقرآن الذي ختم الله على قلوبهم وجعل عليها أكنة أن يفقهوه.
قال المخالف: أما قول المستدل كما أنه لا إله ولا رازق إلا الله كذا لا خالق للأشياء إلا الله فهذا جمع بغير علة ويجوز أن يقال لمن وهب لغيره شيئاً رزقه. قال الله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} 7، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} 8.
والجواب أن قوله: جمع من غير علة خطأ، بل العلة المقتضية للجمع
__________
1 البلد آية (8-9) .
2 النحل آية (53) .
3 في - ح - قال: "ألسنتهم وأيديهم" وهو خطأ وفي الأصل كما أثبت وهو موافق للفظ الآية {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} .
4 فصلت آية (21) .
5 يونس آية (22) .
6 ذكر هذه الآية ابن القيم - رحمه الله - في الاستدلال لخلق أفعال العباد، وقال: "فالتيسير فعله والسير فعل العباد وهو أثر التيسير". شفاء العليل ص 58.
7 النساء آية (8) .
8 الجمعة آية (11) .










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:18   رقم المشاركة : 259
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بينهما أنه لا يجوز إطلاق اسم الرزاق، والخالق بالتعريف إلا على الله، ولهذا لو حلف حالف وقال: والخالق والرازق وانصرف ذلك إلى الله وانعقدت يمينه ولم ينصرف إلى غيره، فإن أطلق هذا الاسم على1 غير الله فإنما هو بتقييد لا ينصرف إليه الإطلاق فيصير مجازاً في غيره.
__________
1 في الأصل (إلى) وما أثبت من - ح -.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:19   رقم المشاركة : 260
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فصل
ذكر القدري بكتابه في التشنيع على من خالفه فقال: وزعموا أن ما يحدث في العالم من المخازي والفضائح والمعاصي والخبائث والقبائح فالله خالقه ومبتدعه والكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال، بل نهاهم عن شيء أوجده فيهم وعذبهم على أمر حتمه عليهم، كأنهم لم يسمعوا الله يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 1.
فأخبر الله تعالى أنه ما بدأ بتغيير حتى بدأواهم فغيروا ما بأنفسهم فبدلوا نعمة الله كفراً، ولو كان الله هو الذي ابتدأهم بخلق الكفر فيهم لكان قد بدأهم بأشد التغيير.
والجواب عن تسميته لأفعال العباد في المعصية قبائح وخبائث ومساوئ أن يقال له: هل سُميت هذه الأفعال بهذه الأسماء لعين الأفعال أو لمعنى غير أعيانها؟
فإن قال: سُميت لأعيانها بهذه الأسماء. قلنا: فيلزمك على هذا أن تسمي هذه الأفعال معاصي وخبائث ومساوئ وقبائح قبل ورود الشرع2 بتحريمها، كما تسمى أجساماً وأعراضاً قبل ورود الشرع، وإذا كانت كذلك استغنى الخلق بعقولهم عن بعث الرسل بتحليل الحلال وتحريم الحرام وهذا نفس اعتقاد القدرية وقد مضى بيانه3.
__________
1 الأنفال آية (53) .
2 المعتزلة يقولون: بأن الحسن والقبح صفة ذاتية في الأفعال والشرع كاشف عن تلك الصفات. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 310، الفتاوى لشيخ الإسلام 8/431.
3 تقدم بيان بأن المعتزلة يزعمون أن معرفة الله وجبت بالعقل ولو لم يبعث الرسل لكان في العقل ما يدل على الله. انظر: ص 152 والمعتزلة يرون أن الأفعال يعرف قبحها وحسنها بالعقل، وأن الرسل يجب بعثهم حتى يبينوا وجه المصلحة والمفسدة في الأفعال، وإن كان قد تقرر في العقل حسنها وقبحها فيأتي الرسل بتفضيل ما تقرر في العقل. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 564.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:20   رقم المشاركة : 261
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وإن قال: بل سميت بهذه الأسماء لمعنى غيرها قلنا: فذلك1 المعنى الذي سماها معاصي وخبائث وقبائح هو الشرع، هذا مذهب أهل التوحيد أن القبيح ما قبحه الشرع، والحسن ما حسنه الشرع2، وإذا كان كذلك بطل
__________
1 في الأصل (فلذلك) وفي - ح - (فذلك) وبها يستقيم الكلام.
2 هذا القول هو قول الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة أن الحسن والقبيح لا يعرف إلا بالشرع، والحق في ذلك أن الحسن والقبيح منه ما يعرف بالعقل وهذا أمر ظاهر والأدلة عليه من القرآن كثيرة منها قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ، فبين القرآن هنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث، فالشارع أبان عن الحل والحرمة أما وصف كونها طيبة أو قبيحة فإنه ثابت في العقل ومنها قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} . قال ابن القيم - رحمه الله - عند هذه الآية: "وهذا دليل على أنها فواحش في نفسها لا تستحسنها العقول، فتعلق التحريم بها لفحشها فإن ترتيب الحكم على الوصف المناسب المشتق يدل على أنه هو العلة المقتضية له، فدل على أنه حرمها لكونها فواحش وحرم الخبيث لكونه خبيثاً وأمر بالمعروف لكونه معروفاً، والعلة يجب أن تغاير المعلول فلو كان كونه فاحشة هو معنى كونه منهياً عنه وكونه خبيثاً هو معنى كونه محرما كانت العلة عين المعلول وهذا محال. ومن هذا قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} فعلل النهي بكون المنهي عنه فاحشة ولو كان جهة كونه فاحشة هو النهي لكان تعليلاً للشيء بنفسه ولكان بمنزلة أن يقال لا تقربوا الزنا، لأنه يقول لكم لاتقربوه فإنه منهي عنه". مفتاح دار السعادة 2/7.
قال شيخ الإسلام: "للناس في الشرك والظلم والكذب والفواحش ونحو ذلك ثلاثة أقوال: الأول: أن قبحها معلوم بالعقل وأنهم يستحقون العذاب على ذلك في الآخرة وإن لم يأتهم رسولا، وهو قول المعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وحكوه عن أبي حنيفة نفسه وهو قول أبي الخطاب وغيره.
الثاني: لا قبح ولا حسن ولا شر فيها قبل الخطاب، وإنما القبيح ما قيل فيه لا تفعل والحسن ما قيل افعل أو ما أذن في فعله، وهو قول الأشعرية ومن تابعهم من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كالقاضي أبي يعلى وأبي الوليد الباجي والجويني وغيرهم.
الثالث: أن ذلك شر وقبيح قبل مجئ الرسول ولكن العقوبة تستحق بمجئ الرسول وعلى هذا عامة السلف وأكثر المسلمين، وعليه يدل الكتاب والسنة" ثم ذكر - رحمه الله - الأدلة على ذلك من القرآن والسنة وانتصر له. انظر: مجموع الفتاوى 1/676-682، وانظر: أيضاً مجموع الفتاوى 8/428/436، اللمع ص 71، المعتمد في أصول الدين ص 106، الإرشاد إلى قواطع الأدلة ص 228، المواقف في علم الكلام ص 322، لوامع الأنوار البهية 1/286-288.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:26   رقم المشاركة : 262
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أن تسمى هذه الأفعال في حق الله تعالى قبائح ومعاصي وخبائث ومساوئ وإن كان الخالق لها، وإنما تسمى بذلك في حق من حرم عليه فعلها1، وفي حق الله حسنة في الصنع والتدبير كما أن وجه القرد واسته2 قبيحان في المنظر في حقنا، وهما حسنان في صنع الله وتدبيره وقد قال الله سبحانه: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ} 3 ويدل على صحة هذا
__________
1 تقدم أن العقل له أثر في التقبيح والتحسين وأن التقبيح والتحسين ليس من الشرع فقط، لهذا فهذه الأفعال إنما سميت قبيحة وخبيثة في حق من قامت به أو اتصف بها كما يوصف الإنسان بالجوع والعطش بسبب قيام الجوع والعطش به، والله عزوجل لا يوصف بهذه الفعال وإن كان خالقاً لها لأنها لا تقوم به ولا يتصف بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على الخلق والمخلوق والفعل والمفعول: "وأكثر المعتزلة على أن فعل الرب تعالى لا يكون إلا بمعنى مفعوله مع أنهم يفرقون في العبد بين الفعل والمفعول.
وأما من قال: خلق الرب تعالى لمخلوقاته ليس هو نفس مخلوقاته، قال: إن أفعال العباد مخلوقة كسائر المخلوقات ومفعولة للرب كسائر المفعولات، ولم يقل: إنها نفس فعل الرب وخلقه، بل قال: إنها نفس فعل العبد وعلى هذا تزول الشبهة، فإنه يقال: الكذب والظلم ونحو ذلك من القبائح يتصف بها من كانت فعلاً له كما يفعلها العبد وتقوم به ولا يتصف بها من كانت مخلوقة له إذا كان قد جعلها صفة لغيره، كما أنه سبحانه لا يتصف بما خلقه في غيره من الطعوم والألوان والروائح والأشكال والمقادير والحركات وغير ذلك، فإذا كان قد خلق لون الإنسان لم يكن هو المتلون به، وإذا خلق رائحة منتنة أو طعما مراً أو صورة قبيحة ونحو ذلك مما هو مكروه مذموم مستقبح لم يكن هو متصفاً بهذه المخلوقات القبيحة المذمومة المكروهة والأفعال القبيحة، ومعنى قبحها كونها ضارة لفاعلها وسبباً لذمه وعقابه وجالبة لألمه وعذابه وهذا أمر يعود على الفاعل الذي قامت به، ولا على الخالق الذي خلقها فعلاً لغيره، يوضح هذا أن الله تعالى إذا خلق في الإنسان عمى ومرضاً وجوعاً وعطشاً كان العبد هو المريض الجائع العطشان فضرر هذه المخلوقات وما فيها من الأذى والكرهة عاد إليه لا يعود إلى الله تعالى شيء من ذلك، فكذلك ما خلق فيه من كذب وظلم وكفر ونحو ذلك هي أمور ضارة مكروهة مؤذية، وهذا معنى كونها سيئات وقبائح، أي أنها تسوء صاحبها وتضره، وقد تسوء أيضاً غيره وتضره، كما أن مرضه ونتن ريحه قد يسوء غيره ويضره". انتهى بتصرف. مجموع الفتاوى 8/122-124.
2 في - ح - (وأشباهه) .
3 السجدة آية (7) وفي النسختين كتبت الآية هكذا (الذي أحس كل شيء خاقه ثم هدى) وهو خطأ.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:27   رقم المشاركة : 263
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الخمر أم الخبائث "1، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "الكلب خبيث خبيث2، ثمنه" 3 فسمى الخمر والكلب خبيثين والله سبحانه خلقهما ويسميان في خلق4 الله وتدبيره حسنين5 وقال الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} 6، وأراد به ما حرم أكله من الميتة والخنزير والدم، ومعلوم أن الله خلق ذلك كله.
ويدل على صحة هذا المعنى أن الله سبحانه أخبر عن النصارى أنهم قالوا: المسيح ابن الله، والله ثالث ثلاثة، وأخبر أن اليهود قالوا7: عزير ابن الله ويد الله مغلولة، وقول الله في ذلك صدق وحق، وقول اليهود والنصارى بذلك كذب باطل.
__________
1 ذكره علي المتقي الهندي في كنز العنمال، ونسبه إلى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر ولم أقف عليه في مجمع الزوائد بهذا اللفظ. انظر: كنز العنمال 5/349، وذكر الهيثمي عن الطبراني في الأوسط نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - مرفوعاً ولفظه "الخمر أم الفواحش" وقال: "فيه شيخ الطبراني سباب بن صالح لم أعرفه". مجمع الزوائد 5/72.
ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً "الخمر أم الفواحش" المعجم الكبير 11/165-203، وفي إسناده رشدين بن سعد وهو ضعيف. انظر: التقريب ص 103، وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية وهو ضعيف أيضاً. انظر: التقريب ص 217.
2 ساقط من - ح -.
3 لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما أخرج الحاكم نحوه بمعناه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً " ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه ".
قال الحاكم: "هذا حديث راوته كلهم ثقات فإن سلم من يوسف بن خالد السمتي فإنه صحيح على شرط البخاري". قال الذهبي في التلخيص: "يوسف واه" المستدرك 1/155. ولبعضه شاهد صحيح وهو ثمن الكلب، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ثمن الكلب خبيث" الحديث. م. كتاب المساقاة (ب. تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن 2/9/119.
4 في - ح - (صنع) .
5 في - ح - (حسنان) .
6 الأعراف آية (147) .
7 في - ح - (وأخبر عن اليهود أنهم قالوا) .










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:28   رقم المشاركة : 264
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأما الجواب عن قوله: إن الكفار مبرؤون من ابتداع الكفر والضلال فنقول: هم غير مبرئين عن اكتسابه، بل وقع منهم باختيارهم غير مجبرين عليه، والأمر والنهي والذم ينصرف إلى اكتسابه1 الذي أقدروا عليه، وأما ابتداعه وخلقه فهم يعجزون عما لم يقدرهم الله عليه ولم يرده منهم، كما يعجزون عن خلق أجسامهم وألوانهم، وما وقع من كسبهم بذلك فبإرادة الله وقع ذلك منهم قال الله سبحانه {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} 2.
وأما قوله: نهاهم عن شيء أوجده فيهم، فنقول: نهاهم عما لم يجبرهم على إيجاده فيهم وعما لا يستحيل منهم تركه بتوفيقه لهم، ولكن التوفيق منه لهم بالترك تفضل منه وإنعام غير واجب عليه فعله، وله ترك التفضل والإنعام، ولا يسمى بترك ذلك بخيلاً ولا جائراً، لأن البخيل من ترك فعل ما توجب عليه، والجائر من فعل غير ما أمر به وحد له.
وأما قوله: عذبهم على أمر حتمه عليهم، فنقول له: إن أردت بقولك حتمه عليهم أمرهم به أو3 أوجبه عليهم فلسنا نقول ذلك، وإن أردت بذلك كتبه وقدره عليهم فكذا نقول، ولم نقل إلا كما قال الله سبحانه {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} 4 الآية، ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل منهم لم يكن ظالماً لهم ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة، كما أنه خلق أطفالاً وخلق فيهم آلاما وعاهات، الجذام5، والبرص6، وقطع أو صالهم بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً
__________
1 في - ح- اكتسابهم) .
2 الأنعام آية (107) .
(أمرهم به أو) ساقطة من - ح -.
4 الأعراف آية (179) .
5 الجذام: مرض معد مزمن منه ما يكون على شكل أورام صغيرة على الجسم وخاصة الوجه ومنه ما يكون بقع على سطح الجلد لونها أفتح من لون بشرة المريض وتتميز بفقدانها الإحساس. انظر: الموسوعة العربية الميسرة ص 616.
6 البرص: مرض يصيب الجلد فيغير لونه إلى البياض. انظر: المعجم الوسيط 1/49.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:29   رقم المشاركة : 265
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بذلك من غير ذنب سبق منهم، وكان قادراً على أن يعافيهم ويعطيهم المنزلة الرفيعة في الآخرة من غير عذاب منه لهم في الآلام والأسقام والآفات ولكنه محكم بمماليكه وعبيده، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون1.
__________
1 قول المصنف - رحمه الله - "ولو خلقهم وعذبهم ابتداءاً من غير عمل.. الخ" يحتاج إلى توضيح، فإن قوله: "لو خلقهم وعذبهم ابتداءً من غير عمل لم يكن ظالماً ولا مستحقاً اسم الجور ولا خارجاً عن الحكمة" فرض باطل، لأن هذا لا يكون لأنه من الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه في آيات عديدة منها قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} وقوله: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} وقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} قال ابن جرير في تفسيره 16/217 فلا يخاف من الله أن يظلمه حسناته فينقصه ثوابها" وأسند هذا التفسير عن ابن عباس وقتادة والحسن وغيرهم وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" أخرجه م. كتاب البر 4/1994 من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وهذا القول عائد إلى معنى الظلم الذي نفاه الله عزوجل عن نفسه فإن للناس فيه ثلاثة أقوال.
القول الأول: قول أكثر أهل السنة أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد نفى الله عزوجل أن يظلم الناس شيئاً أو أنه يضع عليهم سيئات لم يعملوها ولا يبخسهم من حسناتهم شيئاً وأدلتهم في ذلك الآيات المتقدمة.
القول الثاني: قول المعتزلة القدرية أنهم جعلوا كل ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون من الله عزوجل ظلماً وقبيحاً فقاسوا أفعال الله بأفعال خلقه - وهذا باطل فإن الله عزوجل الرب الغني القادر والخلق هم الفقراء المقهورون، كما أن هذا القول أدخلهم في أقوال باطلة كثيرة منها: زعمهم أن الله يجب أن يعمل لعباده الأصلح ولو لم يفعل ووقع من العباد كفر وفسق فعذبهم عليه كان ظالماً لهم، ونحو ذلك مما تقدم بعضه من كلام القدري، مما هو في الحقيقة داخل تحت تفضل الله ورحمته وليس داخلاً تحت الواجب عليه الذي إن أخل به فهو مقصر فيما يجب عليه، وذلك مثل الهداية والتوفيق إلى الخير فإنها من فضل الله ورحمته وله المشيئة التامة في التفضل بها أو منعها، كما أن له الحكمة البالغة في ذلك والحمد أيضاً، ولهذا القدرية لا يحمدون الله على ما أنعم به على العباد، إذ يرون ذلك من الواجب عليه والإخلال به قبيح، كما أنهم يرون أنه من باب العرض المستحق، وأما أهل السنة فإنهم يرون ذلك غير واجب عليه بل هو تفضل وإنعام منه فيحمدونه الحمد كله عليه ويسألونه الفضل والزيادة.
القول الثالث: قول من زعم أن الظلم بالنسبة للخالق هو كل ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت قدرته فليس فعله ظلماً، وقالوا أيضاً: الظلم التصرف في ملك الغير، وهذا القول عزاه شيخ الإسلام وغيره إلى طائفة من مثبتة القدر من المتقدمين والمتأخرين من الجهمية وأهل الكلام وبعض الفقهاء وأهل الحديث، وهذا القول في مقابل قول القدرية الذين جعلوا كل ظلم ما العباد هو ظلم من الله، فقابلهم هؤلاء بأن الظلم ما لا يدخل تحت القدرة، وكل ما يدخل تحت القدرة فله أن يفعله ولا يكون ظلماً كتعذيب الصالحين وإثابة العاصين، ونحو ذلك مما توصل به كثير منهم إلى نفي الحكمة ومخالفة صريح القرآن بأن الله لا يساوي بين الفريقين: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} ونحوها من الآيات.
واستدل أصحاب هذا القول بما رواه أبو داود عن ابن الديلمي عن أبي بن كعب وابن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت أنهم قالوا: "إن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم" وقد تقدم تخريجه ص 143.
فظن هؤلاء أن هذا يكون من غير استحقاق منهم للعذاب، والصحيح أن الله لو عذب أهل سمواته وأرضه لم يكن ظالماً لهم لعظم حقه عليهم، وعدم قيام الخلق بما له جل وعلا عليهم من الحقوق، وعظيم سابق النعمة والفضل الذي لا يستطيعون شكره والقيام بحقه إما عجزاً وجهلاً وإما تفريطاً وإضاعة لحقه أو تقصيراً منهم في شكر المنعم ولو من بعض الوجوه، لهذا قال - صلى الله عليه وسلم-: في حديث أبي هريرة "لن يُنْجي أحداً منكم عمله"، قال رجل: ولا إياك يا رسول الله؟ قال: "إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ولكن سددوا" أخرجه خ. الرقاق، كتاب صفات المنافقين 4/2169. فدل على أنه لو عذبهم لكان ذلك عن استحقاق، لأن عملهم لا ينجيهم من النار كما في بعض روايات الحديث عند مسلم عن جابر "لا يُدْخلُ أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا إلا برحمة من الله"، فلا يسع الخلق إلا رحمة الله عزوجل وتفضله ونعمته.
والمصنف العمراني - رحمه الله - يوافق أصحاب القول الثالث وقياسه هذا القول على ما يصيب الله عزوجل به الأطفال من العاهات والأمراض من غير عمل منهم ولا ذنب، قياس مع الفارق، لأن هذا يتعلق بحالهم في الدنيا، والدنيا دار ابتلاء وامتحان فيبتلي الله عزوجل هؤلاء الأطفال امتحاناً لذويهم وأهلهم، وقد يكون في بعضه عقوبة لأهليهم، كما أن في هذه الأسقام والأمراض إنفاذاً لمشيئة الله في وقوع الآجال بالموت بهذه العلل، كما أن كثيراً من هذه الأمراض له أسباب معروفة وفي كثير من الأحيان يكون سببها فعل بني آدم أنفسهم كتناول طعام مضر أو الإهمال ونحو ذلك.
وقول المصنف: "ولكنه محكم في مماليكه وعبيده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"، علة قوله السابق، "وقوله محكم في مماليكه. الخ" قول حق، إلا أن المصنف وأصحاب القول الثالث لا يثبتون له الحكمة التامة في أفعاله كلها بناءً على هذا القول، أما كثير من أهل السنة فمع إثبات هذا يثبتون له جل وعلا الحكمة البالغة في كل فعل فهو لا يفعل جل وعلا ما يخالف الحكمة والعدل علمه من علمه وجهله من جهله، وكل أمر نص الله عزوجل على أنه لا يفعله لا يعنى ذلك أنه غير قادر عليه، بل له جل وعلا القدرة المطلقة وإنما لا يفعله لأنه ينافي الحكمة والعدل، والله أعلم. انظر: الفتاوى 8/505، جامع العلوم والحكم ص 211، شرح العقيدة الطحاوية ص 507-511.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:30   رقم المشاركة : 266
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأما قوله هذا المخالف في احتجاجه على مذهبه: كأنهم لم يسمعوا الله يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى1 يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} 2.
فالجواب عن ذلك وعن جميع ما أورده من الاحتجاج بالقرآن أن نقول له: أهذا قول الله حقيقة فيلزمنا الجواب لك، أم ليس هو بقول الله حقيقة؟ فإن صرح بحقيقة مذهبه الفاسد الذي لا يخفى على خصمائه وقال: ليس بقول الله حقيقة ولا يجوز وجود القول منه.
قلنا: فلم قلت: قال الله وتصفه بما لا يليق وصفه به عندك، ولا جواب له إلا أنه أراد ألا يخالف جميع أهل التوحيد في أن لله قولاً احتج3 به فيوافق قولهم في الظاهر لئلا ينفر السامعون عنه، وإلا فحقيقة مذهبه الذي لو صرح به أن القرآن الذي يتلوه ويحتج به قوله حقيقة وقوله خلق له كسائر أقواله4 ولذلك نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن مجالسته ومجالسة أهل مذهبه5 وعند ذلك نقول: لا يلزمنا الجواب عن تأويل قوله لأنه ليس بحجة.
__________
1 في الأصل الآية إلى قوله 0حتى) وهي في - ح - كما أثبتها.
2 الأنفال آية (53) .
3 في - ح - (يحتج) .
4 أي المعتزلة يقولون بخلق القرآن وأنه ليس كلام الله حقيقة، وهم يقولون أيضاً: إنهم يخلقون أفعالهم فصار بهذا ما يتلونه من القرآن على زعمهم خلق لهم، وسيأتي مزيد إيضاح في الفصل الخاص بالرد على المعتزلة في مسألة الكلام والقرآن.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:32   رقم المشاركة : 267
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وإن خاف الفضيحة من السامعين وقال: ليس هذا القول خلق لي، ولا بقول لي، بل هو قول الله حقيقة، فقد رجع عن مذهبه الفاسد إلى ما عليه أهل التوحيد في ذلك، وقلنا لا حجة لك في أن الله سبحانه لم يخلق أفعال العباد وإنما العباد يخلقون أفعالهم بقوله1 تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا…} الآية، إنما أخبر الله في هذه الآية أنه لم يغير نعمة أنعمها على قوم بالعذاب وإزالة تلك النعمة حتى كفروا به وأشركوا2، فنسبه إليهم لكونهم محلاً لخلق الله له وكونه كسباً لهم، وقد قال الله سبحانه في الأرض: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} 3.
فوصفها بالاهتزاز والربو والإنبات لكونه محلاً لخلق ذلك فيها، وإن كانت لا يوجد منها خلقاً ولا كسباً، وعلى أنه إن كان التغيير المذكور عنه في الآية هو خلقهم للكفر ابتداءاً بأنفسهم فقد أخبر سبحانه أنه غير4 ذلك بأنفسهم بعد تغيرهم فيكون كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} 5، فأخبر أنه سبحانه خلق التغيير في الكفر والزيغ بحال من الأحوال6، وعند المخالف أنه لا يخلق بحال من الأحوال ونقول: لو شاء الله ما أشركوا كما أخبر سبحانه7 وقد أخبر سبحانه بآخر الآية فقال: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا
__________
1 في الأصل (لقوله) وما أثبت كما هو في - ح - وهو الأصوب.
2 ذكر هذا المعنى القرطبي - رحمه الله - وقال: نعمة الله على قريش الخِصْبُ والسعة والأمن والعافية، قال الله عزوجل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} تفسير القرطبي 8/29.
3 الحج آية (5) .
4 في - ح - (انهم غيروا) .
5 الصف آية (5) .
6 يقصد المصنف هنا أن الله خلق فيهم الكفر والزيغ بأمر من الأمور التي استحقوا بها ذلك.
7 في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} الأنعام آية (107) .










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:33   رقم المشاركة : 268
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مَرَدَّ لَهُ} 1 ولا سوء أعظم من الإضلال وعدم الهداية، ونقول له: قوله خَلْقُ الكفر فيهم ابتداءاً أشد التغيير، غير مسلم، بل هو ترك الإنعام والتفضل عليهم بالإيمان، والإنعام والتفضل ليسا بواجبين عليه سبحانه لخقله.
__________
1 الرعد آية (11) وليس هذا آخر الآية السابقة لأن تلك في الأنفال وهذه في الرعد، وأولها قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَه…..} الآية.










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:39   رقم المشاركة : 269
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إلى كل القراء أليس قول يوغرطة هو عين قول القدرية و المعتزلة

بارك الله فيكم

إن كنت ظلمته بينوا لي ذالك
أرشدني الله وإياكم لطاعته

آمــــــــــــــين










رد مع اقتباس
قديم 2012-09-10, 00:49   رقم المشاركة : 270
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إلى كل القراء أليس قول يوغرطة هو عين قول القدرية و المعتزلة

بارك الله فيكم

إن كنت ظلمته بينوا لي ذالك
أرشدني الله وإياكم لطاعته

آمــــــــــــــين









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
...تزندق, العلم, بالكلام


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc