*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»* - الصفحة 17 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الآدب و اللغات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-03-05, 21:50   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تأملات صوتية في كتاب الله


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


لقد أولى القرآن الكريم المستوى الصوتي من اللغة اهتماما بالغا ،حتى تتم العملية التواصلية بين الخالق عز و جل وبين عباده . لذلك نجد القرآن الكريم يدقق في اختيار حروف الألفاظ تدقيقا متناهيا ، و ويحيط المستوى الصوتي ـ كأحد المستويات اللغوية ـ بكتاب الله من جميع جوانبه :
ـ فقد كان نزوله نزولا صوتيا حيث كان جبريل عليه السلام يتلو الآية أو الآيات على الرسول صلى الله عليه وسلم تلاوة صوتية مسموعة ،أي أن تلقيه كان صوتيا .
ـ وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه إلى الناس تبليغا صوتيا كذلك .
ـ ولا زال القرآن الكريم يُتناقل جيلا بعد جيل بطريقة شفوية صوتية .مما يدل دلالة واضحة أن الجانب الصوتي كأحد جوانب اللغة يحف بكتاب الله من كل جانب: في تنزله و تلقيه ، وفي تبليغه ، و في تناقله في الأمة .
ولعل ما يزيد من تأكيد أن القرآن الكريم أولى اهتماما بالغا للجانب الصوتي من اللغة ما أورده الإمام الزمخشري في تفسيره "الكشاف " من أن الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن الكريم تجمع كل الظواهر الصوتية العربية . بمعنى أن جميع صفات الحروف المعروفة قد تمثلت في الحروف المقطعة . وإذا عدنا عمليا إلى المصحف للتأكد من هذه الظاهرة سنلاحظ ما يلي : ـ إذا كانت الحروف المهموسة في العربية 10هي ما جمع في قولهم : "فحثه شخص سكت " فإنه ورد منها في الحروف المقطعة بكتاب الله نصفها أي 5 حروف وهي : ( ص ك هـ س ح ). وجاءت في فواتح السور التالية :مريم ،يس ،فصلت .


وإذا كانت الحروف المجهورة هي ما سوى المهموسة ( 18حرفا ) ، فإن القرآن الكريم استعمل كذلك نصفها تقريبا فـي الحروف المقطعة وهي 9 حروف : (أ ،ل ،م ،ر ،ع ،ط ،ق ،ي ،ن ). وذكرت في فواتح الرعد ،طه،يس،الشورى ،القلم.
ـ وإذا كانت الحروف المتصفة بالشدة 8 هي المجموعة في قولهم :"أجد قط بكت " فقد استخدم القرآن الكريم نصفها أيضا في الحروف المقـطعة وهي: (أ،ك،ط،ق ) أي 4 أحرف . و قد وردت في فواتح العنكبوت ،الشعراء ،مريم ،طه ،ق .
ـ وإذا كانت الحروف الرخوة 20 حرفا و هي ما سوى الشديدة ، فقد ورد منها في الحروف المقطعة 10 حروف ( ح، ر،س ،ص ،ع ،ل ،م،ن،هـ، ي )، و قد جاءت في فواتح السورالتالية :الحجر ،مريم ،النمل ، الزخرف ، القلم .
ـ وإذا كانت الحروف المطبقة 4 وهي : (ص، ض ،ط ،ظ ) فقد ورد منها في الحروف المقطعة نصفها كذلك ، أي حرفان : (ص، ط ) ، و قد ذكرت في فواتح ص وطه .
ـ وإذا كانت الحروف المنفتحة هي ما سوى المطبقة ( 24حرفا ) فقد استخدم القرآن الكريم نصفها في الحروف المقطعة وهي الحروف التالية(أ،ح،ر،س،ع،ق،ك،ل،م،ن،هـ،ي ) أي 12 حرفا . و نجدها في فواتح كل من : البقرة ،مريم ،الشورى ،الدخان ، القلم .
ـ وإذا كانت حروف الاستعلاء 7 جمعت في قولهم "خص ضغط قظ " فقد ورد منها في الحروف المقطعة 3أحرف هي (ص ،ط،ق ) وذكرت في فواتح السور التالية : ص ،النمل ، ق .
ـ وإذا كانت الحروف المنخفضة هي ما سوى المستعلية وعددها 21 فإن القرآن الكريم استعمل كذلك نصفها كذلك تقريبا في الحروف المقطعة أي 11 حرفا هي ( أ ، ل ، م ، ر ، ك ، هـ ،ي ، ع ،س ،ح ، ن ) ، وجاءت هذه الحروف في فواتح :
الرعد ،ومريم ، وغافر ، و القلم .
و إذا عرفنا أن حروف القلقلة 5 هي التي جمعت في قولهم : "قطب جد " فإن كتاب الله استعمل منها النصف كذلك تقريبا وهما : ق، ط . اللتان نجدهما في فواتح سورتي طه ، ق .
هذه بعض أمثلة الإعجاز الصوتي في القرآن الكريم ، و سنتناول بالدرس ـ إن شاء الله ـ أمورا أخرى متعلقة بهذا النوع من الإعجاز الذي يزخر به كتاب الله تعالى .









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-03-05, 21:53   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السرقـــــــــــــات الشعريـــــــة


تعريف (السرقات) الشعرية:
السرقات الشعرية هي أن يعمد شاعر لاحق فيأخذ من شعر شاعر سابق بيتاً شعرياً ، أو شطر بيت ، أو صورة فنية ، أو حتى معنى ما،"ويكون في البديع المخترع الذي يختص به الشاعر ،لا في المعاني المشتركة...واتكال الشاعر على السرق بلادة وعجز، وتركه معنى سبق إليه جهل والمختار أوسط الحالات"([1])
وتعد السرقات الشعرية من الموضوعات التي أولاها النقاد اهتماماً كبيراً وعناية فائقة، إذ كان من الأهداف النقدية الوقوف على مدى صحة نسبة الأعمال الأدبية إلى أصحابها، والنظر فيما فيها من إبداع أو تكرار، ومعرفة ما امتاز به عمل شاعر عن آخر. ثم إن النقاد أصبحوا يلجؤون إلى الموازنة بين الشعراء كما هو موجود عند الآمدي والجرجاني، ولا يعد المشتغل بالنقد متمكناً حتى يميز بين أصنافه وأقسامه، ويحيط به علما، ويستطيع أن يفصل القول فيه، والتفريق بين أنواعه.
ثم إن النقاد تتبعوا ما في أعمال الشعراء من جدة وابتكار، أو اتباع وتقليد ، وهذا لا يكون إلا باطلاع واسع، ليسهل ربط المتقدم بالمتأخر، ومعرفة السابق بالمعنى واللفظ، وعندها يمكن الحكم عليه بالتقليد أو التجديد

تاريخ السرقات

لا يمكن أن يقرر تاريخ بداية السرقات، وإن كانت هذه الظاهرة قديمة قدم الشعر، فقد وجدت عند اليونانيين، وإن كان المصطلح مأخوذ من سرقة المحسوسات إلا أنه لما ظهر أن هناك ما يوازيه، بل وربما يزيد عليه قبحاً، وذلك بتأثيره الظاهر على المجتمع الإنساني، وسلب إبداع المبدعين، فإن لما تشع به أفكار المبدعين حرمة تتطلب حفظاً، كما أن للأموال حرمة، ولا يكون هذا إلا عن طريق تتبع هذه السرقات، وإظهار ما خفي منها، وأما ما كان واضحاً جلياً فإنه أظهر من أن يبيّن. والسرقة "باب متسع جداً، لا يقدر أحد من الشعراء أن يدعي السلامة منه ".([2]) "والسرق ـ أيدك الله ـ داء قديم، وعيب عتيق، وما زال الشاعر يستعين بخاطر الآخر، ويستمد من قريحته، ويعتمد على معناه ولفظه؛ وكان أكثره ظاهراً كالتوارد...وإن تجاوز ذلك قليلاً في الغموض لم يكن فيه غير اختلاف الألفاظ"([3]).

وقد وردت السرقات في الشعر الجاهلي، وكان الشعراء أول من نبه إلى ذلك، إما باعترافهم بأنهم يأخذون عمن سبقهم، وإما بنفي تهمة السرقة عن أشعارهم، فمن ذلك قول عنتره:



هل غادر الشعراء من متردم ...........أم هل عرفت الدار بعد توهم



وكما قال امرؤ القيس:



عوجا على الطلل القديم لعلنا ......نبكي الديار كما بكى ابن حذام



ونفى طرفة بن العبد عن نفسه سرقة أشعار غيره، فقال:


ولا أغيرُ على الأشعار أسرقُها..... عنها غنيتُ، وشرُّ الناس مَنْ سرقا


و الشعراء يظنون أن كلامهم معاد ومكرور كما قال كعب بن زهير:



ما أرانا نقول إلا معاداً...... أو معاراً من قولنا مكرورا




وهذا حسان بن ثابت ينفي عن نفسه الإغارة على شعر غيره حيث يقول:



لا أسرق الشعراء ما نطقوا....... بل لا يوافق شعرهم شعري



وهذا جرير يتهم الفرزق بالسرقة فيقول:



سيعلم من يكون أبوه قينا...... ومن عرفت قصائده اجتلابا



وقوله اجتلابا استخدمه النقاد فيما بعد مصطلحا من مصطلحات السرقة.

ثم يعود الفرزدق فيرد على جرير ويتهمه بالسرقة منه فيقول:



إن استراقك يا جرير قصائدي.... مثل ادعاء سوى أبيك تنفل



وهذا ابن الرومي يرمي البحتري بالسرقة فيقول:



حتى يغير على الموتى فيسلبهم..... حرّ الكلام بجيش غير ذي لجب



وربما يعمد بعض الشعراء إلى السرقة، و من ذلك ما روي أن الأصمعي سأل الفرزدق هل أحدثت شيئاً؟ فأنشده:



كم دون مية من مستعمل قذف...... ومن فلاة بها تستودع العيس



فقال الأصمعي: سبحان الله هذا للمتلمس. فقال الفرزدق: اكتمها ، فلضوال الشعر أحب إلي من ضوال الإبل.

([1]) ابن رشيق ، العمدة ص 531.
([2]) ابن رشيق ، العمدة ص 531.

([3]) القاضي الجرجاني، الوساطة ص185.


منقوووووووول









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-05, 22:12   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

النقـد العـربي قبـل اللسانيات
يتطلب الوقوف علي ما حدث في النقد العربي من تغيرات عند توجهه للنقد اللساني والحداثي بعامة، يتطلب تحديد ما كانت عليه هذه الممارسة من قبل؛ ليـصبح الكشف عمـا حدث فيه من تغيرات واضحا محدد المعالم، كما أن تحديد هذه الممارسة يوضح سبب تأخر انتشار النقد اللساني علي نحو واسع في النقد العربي إلي ثمانينيات القرن الماضي، في حين أن العالم قد بني عليه العديد من النظريات الأخرى ــ سواء بالتعارض معه أو بتطوير بعض الجوانب فيه ــ في موطنها الأصلي بفرنسا، وفي بعض البلاد الأخرى أيضا، منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي.
والكشف عن هذه الممارسة له أهميته الخاصة؛ لكونها تـُمَثـِّل الخلفية السابقة لنقادنا العرب، وهي الخلفية التي كانت كامنة في أعماقهم عندما تعاملوا مع النقد اللساني كمنهج نقدي؛ لذا فإن الكشف عن هذه الممارسة يُسَهِّل التعرف علي مقدار ما استلهمه نقادنا من معطيات هذه الممارسة السابقة؛ ويكشف أيضا عما إذا كانت قد تسربت بعض الجوانب النظرية أو التطبيقية منها، إلي الممارسة التي حاولت تـَمَثـُّل النقد اللساني وتطبيقه في النقد العربي.
وبمقتضى هذه الأسباب أمضي عارضا لتحولات الممارسة النقدية العربية المعاصرة، منذ نشأتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى سبعينيات القرن الماضي، مُركـِّزا علي الجوانب والظواهر النقدية التي كان لها إسهامها وتأثيرها في الممارسة النقدية التي تلقت "البنيوية"، ومهملا الجوانب الأخرى التي تبدو عديمة الفائدة لموضوع الدراسة.
وتنقسم هذه الممارسة القبلية إلي ثلاث مراحل هي: مرحلة "نقد الإحياء" [1876-1921]، ومرحلة "النقد الرومانسي" [1921-1947]، ثم مرحلة "النقد الواقعي" [1947-1981]()*ــ وهو العام الذي شهد انتشار "البنيوية" علي نحو واسع إثر نشر العدد الثاني من مجلة فصول النقدية ــ، ومن الملاحظ أن هذه المراحل متداخلة إلي حد كبير، وهو ما يجعل القطع بوضع حد فاصل تماما بين مرحلة وأخري في عام محدد غير صائب؛ حيث تظهر إرهاصات المرحلة التالية في السابقة، وأحيانا تتسرب بعض جوانب السابقة إلي التالية، وأحيانا أخري تبقي المرحلة السابقة حاضرة بجوار التالية؛ لذا وجب التنويه بأن ذكر التواريخ هنا من قبيل الإعانة علي الدراسة، وليس حدا فاصلا تماما بين مرحلتين منتهيتين.
المرحلة الأولي : "نقد الإحياء" [1876- 1921]:
من الملاحظ أن الآثار الأدبية لمنجزات ((محمد علي)) (1805- 1848) النهضوية لم تظهر إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ لذا كان "الأدب" في النصف الأول امتدادا لما كان عليه من تدهور في عهدي الدولة العثمانية والمملوكية من قبل. ويتلخص هذا التدهور في العناية الفائقة بالبديع وضروب التكلف اللفظي، وفي اختفاء الأغراض الشعرية التقليدية، ليحل بدلا منها التشطير والتسديس وحساب الجمل وغيره من الألعاب اللفظية، التي حولت "الأدب" ــ شعرا ونثرا( )1ــ إلي ضرب من ضروب التكلف والتعقيد والإلغاز، وفرغته تماما من الإبداع والابتكار والجمال.

ومن الطبيعي أن يشهد "النقد" في تلك الفترة حالة من التدهور تتوازي مع حالة موضوعه "الأدب"، لاسيما أن هذه الحالة نتاج قرون من الجمود والتخلف، أثـَّرت علي مجمل الحياة الثقافية والعلمية في البلاد، وليس علي "الأدب" و"النقد" فحسب؛ لذا انحصر "النقد" في دروس الأزهر ومعاهده، وضاقت نظرته إلي "الأدب"، فلم يعد يراه إلا من خلال منظوري "النحو" و"البلاغة"، وهما منظوران يجعلان "الأدب" خادما "للنحو" و"البلاغة"، ولا يجعلان "النحو" و"البلاغة" يُمَثـِّلان "منهجا" يُبْحَثُ به في جماليات "الأدب" وإمكانياته، كما أن "النقد" شهد ضيقا في موضوعه الذي اقتصر علي تقريظ الكتب وإطراء الأدباء، مع المبالغة الشديدة في ذلك كله.2( )
ولم تتغير هذه الصورة إلا مع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، متأثرة في ذلك بمجموعة من العوامل تهيأت أسبابها منذ عهد ((محمد علي)) (1805- 1848)، لكنها لم تتمكن من التأثير في الحياة الثقافية والأدبية إلا مع عهد ((إسماعيل)) (1863- 1879)، وذلك لما هو معلوم عن التوجه العسكري المحض لمحمد علي، ثم ما دخلت فيه البلاد من جمود وركود في عهدي ((عباس الأول)) (1849- 1854)، و((سعيد)) (1854- 1863) ــ مع إهمال الفترة القصيرة التي تولاها ((إبراهيم)) (1848) ــ، بينما تـَمَيَّز عهد ((إسماعيل)) بهدوء نسبي، ساعد علي تمكين النهضة الثقافية من الاستفادة بهذه العوامل، بعدما كانت متجهة في تأثيرها إلي الجوانب العملية والتطبيقية فقط.3
ويمكن تقسيم العوامل التي ساعدت علي دفع النهضة الأدبية إلي أربعة محاور تنتظم فيها، وتعطي فكرة حول تأثيرها علي الحياة الأدبية والثقافية بعامة، هذه المحاور هي: أولا: الاحتكاك الثقافي بالغرب منذ الحملة الفرنسية(1798)، ومرورا بالبعثات العلمية، وهو ما أدي إلي التعرف علي الثقافة الغربية والإفادة منها في النهضة الأدبية. ثانيا: انتشار التعليم إلي حد معقول في البلاد، وهو ما وَفـَّر جمهورا تلقى "الأدب" و"النقد" علي المستوي العام، وساعد في نهضته وإنتاجه علي المستوي الخاص. ثالثا: بَعْثُ التراث العربي ونشره باستخدام الطباعة؛ مما مَكـَّن من التعرف علي "الأدب العربي" في صوره المشرقة، بدلا من الصورة السيئة السابق الحديث عنها. رابعا: ازدهار الترجمة والتأليف، وشيوعهما من خلال المجلات التي حلت محل المجلات الأدبية المتخصصة في تلك الفترة، وهو ما أثـَّر بشكل كبير علي ظهور الرواية، وعمل علي تحرر الأسلوب من أغلال البديع.4( )
أما الآلية التي اتبعتها النهضة لدفع "الأدب" ولتخليصه مما أصيب به من تدهور؛ فهي محاولة التضاد مع مظاهر الضعف والتدهور الحادثة فيه بنقيضها، كالتخفيف من أسر البديع وقيده، والتقليل من أهميته، بعدما أصبح جـوهـر الأدب ومـداره، وكذلك محـاولة إعـادة الأغـراض الأدبية التقليدية لـه ــ كالمدح والهجاء والفخر والغزل ــ بدلا من التشطير والتسديس وحساب الجمل، أي باختصار: محاولة إعادة الطبع إلي "الأدب" بعدما غلبت عليه الصنعة والتكلف.
من هؤلاء الأدباء الذين حاولوا ذلك: ((محمود صفوت الساعاتي)) (1241هـ - 1298هـ)، و((عبد الغفار الأخرس العراقي)) (1810 - 1873)، لكن الدفعة الحقيقية للنهضة الأدبية ــ علي مستوي الشعر ــ جاءت علي يد: ((محمود سامي البارودي)) (1838 - 1904)، و((عائشة التيمورية)) (1840- 1902)، و((إسماعيل صبري)) (1854 – 1923)، وغيرهم.
وفي مجال النثر قـَدَّمَ ((رفاعة الطهطاوي)) (1801 – 1873) دفعة كـبيـرة له بترجمـة ((تليماك)) لفنيلون الفـرنسي ــ نـُشـرت ببيروت عام(1867م) ــ، لكن الملاحظ أن الدفعة الحقيقية للنثر ساهم فيها انتشار المجلات التي اهتمت بالنواحي الأدبية إلي حد كبير، وهو ما عمل علي تخليص الأسلوب من سطوة "البديع" و"الزخرف اللفظي"، كما ساعد أيضا علي نشر "الرواية" وتقبلها بين القراء، ومن الذين لهم فضل في انتشار هذه المجلات ــ سواء بالتأسيس أو بالكتابة النقدية والإبداعية فيها ــ: ((يعقوب صروف)) (1852-1927)، و((إبراهيم اليازجي)) (1847 – 1906)، و((جرجي زيدان)) (1861 – 1914)، و((فرح أنطون)) (1861-1922)، وغيرهم.
ومما تقدم يُلاحَظ أن النهضة الأدبية التي حدثت لم يكن للنقد دور ريادي أو جوهري فيها، فهو لم يقم بدوره المطلوب من مراجعة لجوانب الضعف والتدهور الحادثة في "الأدب"، ومن ثـَمَّ يسهم في محاولة تغييرها، وإنما ما حدث أن امتدح "النقد" هذه العيوب، وأطري عليها كما تقدم الذكر، إلي أن جاء النفور منها من "الأدباء" أنفسهم، بعدما أصبح لديهم "ملكة" ذوقية قادرة علي التمييز الفني، وهي الملكة التي كان للعوامل السابق الحديث عنها دور كبير في تكوينها، وما يُمَثـِّل أهمية هنا، أن "النقد" أصبـح مُطـَالـَبَا بالاستجابة لهذا التقدم الحادث في "الأدب"، وأصبح عليه أن يُعَدِّل من أساليبه وأدواته المتوارثة منذ عهود الانحطاط السابقة؛ لكي يتلاءم مع المستوي الذي وصل إليه "الأدب" في تلك الفترة، ومن الجدير بالذكر أن الكثير من هؤلاء "الأدباء" أنفسهم دخلوا دائرة "النقد"، وكان لهم إسهامهم الخاص فيه أيضا.
وعلي هذا يتجه البحث هنا إلي تحديد استجابة "النقد" "للأدب" بعدما تحققت له نهضته، وبعدما أصبح له سَمْتـَهُ الخاص المغاير لما كان عليه من قبل، ويجب قبل المضي في ذلك، تحديد الإطار العام للرؤية الثقافية التي كان يراها "أدباء" و"نقاد" تلك الفترة، وهي "الرؤية" التي تتمثل في حرصهم علي التمسك باتجاهين متعاكسين، هما: "الاتجاه المحافظ" الذي يستلهم مُثـُلـُه من "التراث" في صوره المشرقة منذ العصر الجاهلي إلي العباسي، وهو ما ظهر انعكاسه علي "الأدب" في الحرص الشديد علي الفصاحة والجزالة والفخامة والصحة اللغوية من ناحية، وتقليد "التراث" في صوره وأغراضه وأخيلته وتعبيراته من ناحية أخري. أما الاتجاه الآخر، فهو: "الاتجاه المُجَدِّد" الذي حاول إدخال أنواع أدبية جديدة لم تكن معروفة من قبل، وتم التعرف عليها من خلال قراءة الآداب الأوربية، سواء مترجمة أو في لغاتها الأصلية، كالأدب القصصي والتمثيلي، وكالشعر الملحمي والمسرحي، وأيضا حاول هذا الاتجاه استلهام روح العصر الحديث ــ لتلك الفترة ــ، عن طريق وصل "الأدب" بالواقع المعاش، بعدما انفصل عنه لقرون طويلة.5( )
ومحاولة أدباء النهضة ونقادها المحافظة علي التوازن الشديد بين هذين الاتجاهين معا، له دلالته في التعبير عن الروح التي سادت تلك العصر، وهي الروح التي حاولت التخلص من تخلف القرون السابقة وجمودها من ناحية، ثم اللحاق بالعالم الغربي المتطور والمتقدم من ناحية ثانية، مع الرغبة في المحافظة علي "الهوية القومية"، والخوف عليها من الذوبان خلال هذه العملية، التي أصبحت تفرض نفسها بحكم التطور الملموس للغرب، الذي استطاع استعمار البلاد وإخضاعها له، من ناحية ثالثة.
وعلي صعيد آخر، هذان الاتجاهان معا يجعلان إطلاق تسمية "الكلاسية
علي تلك الفترة ــ والتي صارت معتمدة عند كثيرين ــ غير دقيقة، وهو ما نـَبَّه إليه ((شكري عياد)) من قبل ــ عندما حاول تفسير عدم إطلاق أبناء تلك الفتـرة اسمـا علي أنفسهـم، رغـم معرفتهم بأنهم يحاكون "الكلاسيين الغربيين" ــ يقول في هذا السياق: ((فإذا كانت الكلاسية أو المدرسية تعني إتباع القديم، أو سلوك النهج الذي يؤدي إلي الاعتراف بكتاباتهم وإدراجها ضمن ما يتعلمه التلاميذ في المدارس(...) فماذا يكون هذا القديم، أو تكون هذه التقاليد الأدبية المعترف بها في التعليم، أهي التقاليد الشائعة أو المشتركة بين الآداب الغربية فيكونوا في الحقيقة خارجين علي تقاليد الكتابة العربية، أم هي تقاليد الكتابة العربية وهي لا تعرف هذا القصص أو هذا التمثيل الذين يحاولون إدخاله إليها)) ( ).6
لذا تبدو تسمية ((جابر عصفور)) لنقد تلك الفترة: "بنقد الإحياء"( )7، أكثر صوابا ودقة عن تسميته "بالنقد الكلاسي"؛ فتسمية "نقد الإحياء" مُعَبِّرة تماما عـن حاله في تلك الفتـرة، ومـلائمة لعدم استقرار الأنماط الأدبية المختلفة إبانها ــ لاسيما الجديد والوافد منها ــ ، وأيضا عاكسة لعدم نضج المعايير الجمالية التي وضعها "النقد" للأدب ــ وهو ما يجعل تسمية "النهضة" غير دقيقة
أيضا ــ؛ لذا اخترت تسمية "نقد الإحياء" وتركت تسمية "النقد الكلاسي".
أما التاريخ الذي اعتمدت عليه في تحديد بداية هذه المرحلة؛ فهو تاريخ أقـدم استعمـال معـروف لمصطلح "الانتقـاد"، وهو المصطلح الـذي شـاع كبديل لمصطلح "النقد" كما نعرفه اليوم، أو كما عرفه أجدادنا العرب من قبل، واستخدام مصطلح "الانتقاد" بهذه الصورة له دلالته علي مقدار بُعْدِ "النقد" في تلك الفترة، عن "النقد" كما كان في التراث العربي من قبل، وله دلالته أيضا فيما يوحي به من معاني التصيُّد والتسقـُّط للأخطاء في العمل الأدبي. وأقدم استعمال لهذا المصطلح ــ فيما يذكر((علي شلش))( )8ــ يرجع إلي عام (1876م)، حين ورد في عنوان كتاب صغير هو: ((ارتياد السحر في انتقاد الشعر)) لمحمد سعيد، وهو الكتاب الذي ظهر منجما بمجلة ((روضة المدارس)) عام 1876م، ولا يُعْرَف استخدام لهذا المصطلح قبل ذلك، خاصة مع حالة التدهور التي كانت حادثة في النصف الأول من القرن التاسع عشر من قبل.

لكن مما يُحْسَب لهذه التسمية ــ "الانتقاد" ــ أنها ظهرت في تلك الفترة لتـُمَيِّز بين نوعين من "النقد"، الأول ما شاع عنه اسم "التقريظ"، وهو المنوط به تعريف القراء بالأعمال الأدبية، عن طريق التنويه بالكتب وبالأدباء، وهو يشبه ما اقتصر عليه "النقد" من قبل في موضوعه كما تقدم، والآخر ما يَبْحَث في شئون "الأدب" وأحواله ووسائل الإجادة فيه، سواء علي مستوي التنظير أو علي مستوي التطبيق كما سيجيء، وهو ما يعني أن "النقد" بدأ يكتسب حساسية خاصة، تمكن بها من الوعي بذاته ــ إلي حد ما ــ، وكذلك الوعي بدوره الذي يجب عليه القيام به تجاه "الأدب".
ومما يُحْسَب للنقد أيضا في تلك الفترة ما لاحظه ((جابر عصفور)) من محاولة التمييز بين "الشعر" و"النظم"، علي أساس خاصية نوعية يختص بها الأول دون الآخر هي "الخيال"( )9، وعلي الرغم من أن التمييز بين "الشعر" و"النظم" يعد شيئا بدهيا لنا الآن؛ إلا أن ذلك يُمَثـِّل نقلة كبيرة للنقد في تلك الفترة، خاصة عند مقابلة ذلك بما كان سائدا في النصف الأول من القرن التاسع عشر كما تقدم.
لكن ما وَضَعَه "نقاد الإحياء" من شروط يدور فيها "الخيال" ــ طبقا لتصوراتهم ــ يبدو مثيرا للدهشة؛ فقد كان لا يُسْمَح لهذا "الخيال" بالانطلاق أو التحرر من أسْر الواقع، بل كان عليه أن يكون "متعقلا" ــ بتعبير ((عصفور)) ــ، يراعي قوانين الاحتمال وحدود المنطق، ويستمد مفرداته من معطيات الواقع ومكوناته؛ لكي يخرج المنتج الخيالي النهائي إما مشابه للواقع، أو ما يجب أن يكون في الواقع()*؛ وذلك لكي يحقق "الخيال" فعالية تأثيره في المتلقي من وجهة نظرهم( )10، خاصة عندما يجد المتلقي نفسه أمام عوالم علي الرغم من أنها منشأة عن طريق "الخيال"، إلا أن "مظنة الكذب" منتفية عنها تماما، وهو ما يفرض علي "الخيال" ضِـيقا، يعوقه عن القيام بدوره في إثراء "الأدب" وفي تحقيق "الجمال الأدبي".


ومن الواضح أن مَرَدَّ هذا التضييق علي "الخيال" تلك النظرة "الاجتماعية" و"الأخلاقية" التي التزم بها نقاد وأدباء تلك الفترة علي حد سواء، بحيث يبدو الغرض الأساسي من "الأدب" عندهم ما يحمله من رسالة تعليمية وأخلاقية تجاه الجمهور، أنظر كيف تبدو هذه النظرة واضحة في تعريف ((محمد عبده)) (1849- 1905) للكتب الأدبية بأنها: ((هي ما يبحث فيها عن تنوير الأفكار، وتهذيب الأخلاق، من هذا القبيل كتب التاريخ، وكتب الأخلاق العقلية، وكتب الرومانيات [يقصد الروايات]، وهي المخترعة لغرض جليل كتعليم الأدب والحث علي الفضائل، والتنفير من الرذائل، ككتاب كليلة ودمنة، وفاكهة الخلفاء(...)))( )11، ويبدو واضحا تماما في هذا التعريف ما يعتقده نقاد الأحياء حول "وظيفة الأدب"، و"دوره" تجاه المجتمع، وهي النظرة التي التزم بها جميع "نقاد" و"أدباء" تلك الفترة تجاه "الأدب".
ومن هذا المنظور؛ فإن في حالة التعارض بين "الأدب" و"دوره الاجتماعي" و"الخلقي" المنوط به ــ كأن يخلو من قيمة تعليمية أو أخلاقية يوجهها، أو كأن يتعارض مع حقيقة علمية ــ؛ يكون جزائه النبذ والطرد وعدم الاعتداد به، وعلي هذا الأساس تم طرد الأدب الشعبي من دائرة "الأدب"، وسمي ((محمد عبده)) كتبه: "كتب الأكاذيب الصرفة"، وعرفها بأنها: ((ما يذكر فيها تاريخ أقوام علي غير الواقع، وتارة تكون بعبارة سخيفة مخلة بقوانين اللغة، ومن هذا القبيل كتب أبو زيد، وعنتر عبس (...)))( ).12


والأدب الشعبي يبدو من هذه الوجهة ــ لعدم احتوائه علي قيمة يوجهها إلي الجمهور، ولاحتوائه علي معلومات مغلوطة ــ معارضا لمنظومة الأخلاق والتعليم التي صاغها "النقد" للأدب في تلك الفترة، وهو ما أدي إلي طرده من دائرة "الأدب المحترم"، وعدم الاعتراف به في "النظرية النقدية"، علي الرغم مما يحتويه من قيمة أدبية، التفت إليها "النقد" فيما بعد.
و"الأدب" في ظل رسالته الأخلاقية والاجتماعية هذه، يصنع لنفسه آلية تمكنه من أداء دوره تجاه الجمهور. فإذا كان الجمهور يبدو رافضا تلقي هذه الرسالة بشكل مباشر، أو يبدو غير قادر علي استساغة ما في هذه الرسالة "الأخلاقية" و"الاجتماعية" من "حقائق"؛ فإن "الأدب" يستعين في أداء دوره "بالخيال"، لكي يعمل من خلاله علي تمرير رسالته دون إشعار المتلقين بالمرارة الكامنة فيها، لذا يري ((جابر عصفور)) أن "الخيال" من منظور "نقاد الإحياء": ((رداء خادع تكتسي به الحقائق، فتخفي مرارتها وجفافها علي العامة الذين هم أشبه بالصغار الذين لم يشبوا عن الطوق فكريا)) ( )13. ومن هذا الفهم المحدد للخيال و"الأدب" معا، يمكن معرفة سر تضييق النقاد علي "الخيال" من ناحية، ومن ناحية أخري، يمكن معرفة سر عدم انطلاق "الأدب" في فترة "الإحياء" إلي أفق رحبة فسيحة نحو "الجمالية" و"الإبداعية"، كتلك التي وصل إليها "الأدب" الذي حاولوا محاكاته، لاسيما "الأدب الغربي

من ناحية أخري، اهتمت النظرية النقدية لتلك الفترة "بالشعر"، وأهملت "الرواية"، وذلك لاعتبارها "الشعر" الفن الأدبي الأول وربما الأوحد، متأثرة في ذلك بما يلقاه "الشعر" من اهتمام بالغ في "التراث" الذي يحاولون إحياءه ومحاكاته في نهضتهم الحديثة( )14؛ لذا نظروا إلي "الرواية" علي أنها: ((وليد غير شرعي في هذا المجتمع)) ــ بتعبير ((بدر)) ــ، خاصة مع عدم الاعتراف بالأدب الشعبي الحافل بالقصص والخيال، والذي بدونه يبدو "التراث" خاليا من المعطيات القصصية الخصبة، وجدير بالذكر أن إهمال "الرواية" سوف يستمر حتى المرحلة الثانية أيضا( ).15
لكن برغم هذا الإهمال النقدي، كانت "الرواية" تـَلقي رواجا ضخما، وكانت تنتشر بشكل واسع في البلاد، وهي في انتشارها هذا لم تقتصر علي مكان دون مكان، بل امتد تأليفها ونشرها إلي المدن الصغيرة أيضا، مثل: طنطا ــ والمنصورة ــ وصيدا ــ وطرابلس ــ وحلب ــ والمنيا ــ وشبين الكوم ــ والسنطة، وغير ذلك، مما يجوز معه وصف حالة رواجها هذه "بالهوس" كما يصف ((علي شلش)) ( )16، وهذا "الهوس" كان يَفرِض للرواية وضعا أدبيا يُجبـِر "النقد" ــ غير المعتـَرِف بها ــ علي الاستجابة لها، لكن هذه الاستجابة كانت تواجه صعوبة خاصة، نابعة من عدم وجود تقاليد تراثية خاصة بالرواية في تراثنا الأدبي والنقدي، مما يجعل علي عاتق "النقاد" مهمة إرساء تقاليد أدبية ونقدية خاصة لجنس أدبي غربي، ليس له أي رصيد نقدي سابق في "الممارسة النقدية العربية"، وقد حاولوا التغلب علي ذلك بالاستعانة بالمقاييس "البلاغية" و"النقدية" التي أقرها "النقاد" و"البلغاء

القدماء للشعر؛ ليتم تطبيقها علي جنس آخر مغاير هو "الرواية"، مما أدي إلي الاهتمام بالكلمة المفردة في "الرواية"، وإهمال ما بها من صياغات أخري "كالحدث" و"الشخصية" و"الزمان" و"المكان"، وغير ذلك( ).17
وفيما يخص تعريف الرواية عند "الإحيائيين"؛ فبعدما يستعرض ((علي شلش)) التعريفات المختلفة لنقاد تلك الفترة للرواية، يخلـُص إلي أن "الرواية" كانت تتحدد في تلك الفترة علي أنها: ((واقعة حقيقية أو خيالية تروي عن شخص، أو مجموعة من الأشخاص، بهدف التسلية أو الموعظة)) ( )18، ويَذكـُر أيضا أنه برغم عدم التفريق بين "الرواية" و"القصة" بشكل قاطع في تلك الفترة، إلا أنه كان هناك تفريق ضمني بينهما، يعتمد علي "الحجم"، المتمثل في طول الصفحات بصفة خاصة، دون أن يتم الاعتماد علي "الأحداث" أو "الشخصيات" في هذه التفرقة، كما حدث فيما بعد( ).19
ويذكر ((شلش)) أيضا ــ فيما يخص التقييم النقدي للرواية ــ، أن "الرواية" كانت تـُصَنـَّف إلي قسمين: "ضارة" و"نافعة"، وتـُصَنـَّف إلي ذلك عن طريق ما تحتويه من قيم ومبادئ أخلاقية، دون النظر إلي مستواها الفني؛ فتصبح "الرواية": "نافعة" و"جيدة" إذا كثرت فيها المبادئ والأخلاق، وفي المقابل تصبح "الرواية": "ضارة" و"رديئة"؛ إذا احتوت علي جوانب غرامية فجة، أو وصف عميق للنواحي الغزلية( )20، ومنبع ذلك ما يحمله "الإحيائيون" للأدب من وظائف تهذيبية وأخلاقية كما تقدم.

وفي هذا الإطار الأخلاقي الصارم كان علي الروائي أن يُنشِأ روايته، وعليه أن يجعل منها مُشـَوِّقـَة وجذابة أيضا؛ لكي تدفع القارئ إلي قراءتها حتى نهايتها؛ ولكي يتحقق ذلك قدم ((فرح أنطون)) (1861-1922) مجموعة من النصائح للروائي، عليه أن يستعين بها في إنشاء رواياته، وهذه المجموعة من النصائح تـُعَدُُّ من أخصب الاستجابات النقدية النظرية التي ظهرت للرواية في تلك الفترة؛ لذا سوف أعرضها كما نقلها ((شلش)) ــ علي الرغم من طولها ــ لأهميتها.
تتضمن هذه الوصفة ستة عناصر علي الكاتب مراعاتها، هذه العناصر هي: ((أولا ــ قوة الاختراع: والمراد بها أن تكون مخيلة الكاتب قادرة علي اختراع حوادث وأخبار تجعل في الرواية فكاهة ولذة. وبهذه القوة تنشأ في الرواية المشاهد والمواقف الكبرى التي تحتك فيها العواطف والأميال والمبادئ احتكاكا شديدا يستأسر لب القارئ ... إلا أنه يجب أن لا تتجاوز هذه القوة حد المعقول المقبول.
ثانيا- قوة الحركة: التي تجعل الحوادث متحركة بحيث لا يسأم القارئ القراءة، ومنبئة عن أخلاق الشخصيات أو طبائعها.
ثالثا- وحدة السياق وتنوع الموضوع: والمراد بوحدة السياق رسم طريق للرواية تبتدئ في أولها وتنتهي في آخرها، دون أن تخرج الرواية عنها في أثناء تقلباتها ... والمراد بتنوع الموضوع جعل مواضيع الرواية التي تتفرع من ذلك السياق متنوعة متفرعة، لاجتناب ملل القارئ أولا، واستيفاء البحث في أخلاق أشخاص الرواية ثانيا.

رابعا- قوة البسيكولوجيا والسسيولوجيا: ويصح أن يقال إن هذه القوة أهم القوات الضرورية للرواية. ولما كانت مواضيع الرواية تشمل جميع الحوادث والحالات التي تطرأ علي أشخاصها، وعلي الوسط الذي يعيشون فيه كانت الرواية محتاجة إلي أكثر أصناف العلوم. فهي تحتاج إلي علم الطبيعة لكي تـُبني آراؤها ومبادئها وأخلاق أشخاصها علي دعامة علمية، أي علي النواميس الطبيعية، وإلا كانت نسيج أوهام وخرافات. وتحتاج إلي علم تقويم البلدان (الجوغرافيا) لمعرفة البلاد التي يكتب عنها، وطبائع أهلها وهوائها، وتحتاج إلي علم التاريخ خصوصا إذا كانت تاريخية. وقد تحتاج إلي سائر العلوم إذا كان لمواضيعها اتصال بها. ولكنها إذا احتاجت إلي جميع هذه العلوم أحيانا، وأمكنها الاستغناء عنها جميعا أحيانا فهناك علمان لا يمكنها أن تستغني عنهما أصلا، وهما علم البسيكولوجيا وعلم السسيولوجيا.
أما علم البسيكولوجيا أو ((علم النفس والأخلاق)) فهو قسمان: مصنوع ومطبوع، أي اكتسابي وغريزي. والأول يستفيده الكاتب من مصدرين، أحدهما كتب البسيكولوجيا، والآخر مراقبة الطبيعة والبشر لملاحظة أخلاقهم وأحوالهم في جميع أطوارهم. ولا يتم نفع الأخير إلا إذا تكونت في نفس الدارس ــ الكاتب ــ قوة غريزية يقدر بها علي استنباط مكنونات النفوس، وتصوير حالاتها، دون أن تدري هي بها. وهي هبة من الطبيعة لتلك النفس وإن كان بعض علماء الأخلاق يقول إن الدرس والاختبار قد يؤديان إليها.


أما علم السسيولوجيا، أو الاجتماع البشري، فترجع ضرورته لمؤلف الرواية إلي سببين، أحدهما أن جميع الروايات المهمة في هذا العصر أصبح غرضها (اجتماعيا) والآخر أن الروايات من أهم وسائل ترقية المجتمعات التي يسعي هذا العلم إلي بحثها وتحصيلها.
خامسا- درس الفن الروائي: بمطالعة روايات أكابر المؤلفين وكتابات مشاهير نقاد الرواية.
سادسا- عاطفة الجمال: ويدخل في هذا أن تكون الرواية جميلة الموضوع، جميلة السبك. ويتحقق جمال الموضوع بمراعاة الصفات الخمس السابقة. ولكن جمال السبك لا يتحقق إلا باللفظ العذب والمعني الطليّ والروح الجليّ، بعيد عن الجفاف والجمود في الإنشاء))( )21[ما تحته خط بنفس صورته الخاطئة في النص]، وهذه النصائح تعكس بوضوح رؤية ومطالب "النقد الإحيائي" من كل من "الرواية" و"الروائي" علي حد السواء.
وفي إطار الحديث عن أنضج الممارسات النقدية لتلك المرحلة؛ يجب الحديث عن: الشيخ ((حسين المرصفي)) (1815-1890)()*؛ وذلك لما له من تأثير نقدي كبير في مرحلته، ولما امتاز به من وعي نقدي، يظهر واضحا في كتابه الشهير: ((الوسيلة الأدبية للعلوم العربية))، وهو الكتاب الذي يصفه ((محمد مندور)) بأنه: ((شديد الشبه بكتب الأمالي العربية القديمة كأمالي أبي علي القالي، وأمالي المبرد وغيرهما))( )22، وذلك لكي يتسق مع موضوعه، الذي هو تعليم إنشاء "الشعر" و"النثر"، فهو أساسا محاضرات الشيخ في دار العلوم لطلبته.
ويعلق ((طه حسين)) علي هذا الكتاب، وعلي صنيع ((المرصفي)) فيه؛ فيقول: ((مذهب الأستاذ المرصفي نافع النفع كله إذا أريد تكوين ملكة في الكتابة وتأليف الكلام وتقوية الطلاب في النقد وحسن الفهم لأثار العرب))( )23؛ وهذا الكتاب من النوع الشامل، الذي يجمع بداخله متفرقات من كل علوم العربية، كعلوم: "النحو"، و"الصرف"، و"العروض"، و"البيان"، و"البديع"، و"المعانٍ"؛ بهدف تهيئة معرفة كاملة للمتعلمين تعينهم في تأليف وإنشاء "الأدب".
والكتاب يسير في اتفاق ــ من حيث "نظريته النقدية" ــ مع ما تقدم ذكره من نظرة "أخلاقية" و"اجتماعية"، وكذلك أيضا فيما يخص وحدة البيت واستقلاله، وقيامه بذاته منفصلا، دون حاجته إلي غيره( )24، وبالإضافة إلي ذلك، فإن ((المرصفي)) يرسم فيه لمن أراد إنشاء "الشعر" منهجا، يقوم علي حفظ أكبر قدر ممكن من الشعر الجيد، كشعر ابن أبي ربيعة، والبحتري، وجرير، والرضي، وغيرهم، ثم التحلل من هذا الشعر المحفوظ في الذاكرة عند إنشاء الشعر الجديد الخاص بالشاعر، لكي يخرج المُنتـَج الجديد متأثرا بجودة المحفوظ من "الشعر" في الذاكرة، وخالصا في أسلوبه لمؤلفه، بعيدا عن تبعية "الشعر" للأسلوب القديم المحفوظ ( )25.
أما علي الصعيد التطبيقي؛ فإن الكتاب يسير علي نمط "الموازنات" بين الأدباء المختلفين ــ قدماء ومحدثين ــ، لكي يتبين موقع "الأديب المحدث" من "الأديب القديم"، ولكي يتبين جودة "الأدب" بمقارنته بنموذج أدبي تراثي مشهود له بالجودة، وقد لاحظ ((عز الدين الأمين)) أن ((المرصفي)) في موازناته هذه يتبع النهج التالي: 1- يوجه بعض "النقد" من غير تعليل، معتمدا في ذلك علي ذاتيته، وعلي رأيه الذوقي الخالص. 2- يتخذ الشعر العربي القديم بسننه المألوفة مثلا أعلي للشعر، ولا يحبذ الخروج عن هذه السنن، ويرفض أي تغيير في هذه السنن. 3- يعتمد علي "النقد اللغوي" فيناقش صحة الكلمات الواردة في العمل الأدبي من حيث الاستعمال اللغوي، ويشرح ويفسر معاني بعض الكلمات التي تبدو مبهمة. 4- يؤاخذ الأديب علي السرقة، خاصة إذا ما كان المعني السابق أكمل وضوحا، وأصح معني. 5- لا يستحسن البيت الذي يكثر لفظه ويقل معناه، وهي نظرة تري بانقسام العمل الأدبي إلي معني ولفظ، وشكل ومضمون. 6- يري أن الشاعر لا يكون دائما بمنزلة واحدة في شعره، فقد يجود في بعض أدبه، وقد يسف في موطن آخر.( )26
وفي ذلك كله يبدو ((المرصفي)) متوافقا تماما مع الرؤية العامة للنقد الإحيائي، لكن ما يُعَدُّ غير متوافق مع ما تقدم، ما تحدث به ((المرصفي)) عن قصيدة "الأمير" لـ ((البارودي)) (1838-1904)، إذ امتدح ((المرصفي)) اتساق أبياتها وانتظامها معا، بشكل لا يسمح معه بوضع بيت بين بيتين، أو بتغيير ترتيب بيت من أبيات القصيدة بالتقديم أو التأخير، وهو ما يبدو مخالفا لما أبداه من رأي في وحدة البيت وقيامه كوحدة مستقلة بذاته، لكن النظرة المدققة إلي كلام ((المرصفي)) تكشف عن أنه لم يَعْدِل عن رأيه السابق، فهو يقول: ((أنظر هداك الله لأبيات هذه القصيدة فأفردها بيتا بيتا تجد ظروف جواهر أفردت كل جوهرة لنفاستها بظرف، ثم اجمعها وانظر جمال السياق وحسن النسق، فإنك لا تجد بيتا يصح أن يقدم أو يؤخر، ولا بيتين يمكن أن يكون بينهما ثالث، وأكلك إلي سلامة ذوقك وعلو همتك(...)))( )27.

وذلك يدل علي أنه رأي في أبيات ((البارودي)) إلي جانب استقلال البيت وقيامه بذاته كوحدة متكاملة، مزية أخري، هي اتساق هذه الأبيات المستقلة معا، بما لا يسمح معه بتعالق بيت بآخر، علي غير الترتيب الذي جاء به ((البارودي))، فيكون المقصود كمال البيت إذا ما فـُصِل وحده مستقلا عن باقي القصيدة، وكمال ترتيب الأبيات إذا ما وضعت معا في القصيدة، فلا تقبل ترتيبا غير هذا الترتيب الذي جاءت عليه قصيدة ((البارودي))، وهذا التفسير يبدو موضحا لجانب آخر من وجهة نظر ((المرصفي))، وهو جانب ضرورة مراعاة تعالق الأبيات ببعضها والعمل علي حسن تنسيقها معا، مع وجوب مراعاة استقلال البيت المفرد، وقيامه في أداء معناه بذاته أيضا()*، وهو ما سوف يشار إليه ثانية عند الحديث عن "وحدة القصيدة" في المرحلة التالية.
* * * * * *
ومما تقدم، يلاحظ علي "النقد" في تلك الفترة ، أنه في مقابل إلزامه "الأدب" بهدف تعليمي وأخلاقي يجب أن يتضمنه؛ فإن "النقاد" أنفسهم التزموا بجانب تعليمي يقومون به تجاه "الأدباء" أيضا، أي أنهم حرصوا علي أن يكون "النقد" نفسه مُصطـَبـِغا بصبغة تعليمية تـُعِين "الأديب" علي تأليف "الأدب" ــ كما رأينا مثلا في "الوسيلة الأدبية" سابقا ــ، وكذلك أيضا حرصوا علي أن يكشف نقدهم التطبيقي للأديب عن "الأخطاء" التي وقع فيها "عمله الأدبي"، وهي أخطاء من نوع "تاريخي" أو "معجمي" أو "بلاغي" غالبا، ومثال ذلك ما وجهه ((جرجي زيدان)) (1861-1914)، و((إبراهيم اليازجي)) (1847-1906) لرواية ((شوقي)) (1869-1932): ((عذراء الهند أو تمدن الفراعنة)) (1897م)، من نقد رَكـَّز فيه ((زيدان)) علي عدم "معقولية" العقدة، لصغر المدة التي اجتمع فيها بطلا القصة معا وهما صغار، وكذلك رَكـَّز ((اليازجي)) علي "المآخذ اللغوية" المتضمنة في "الرواية"، واتفق الاثنان
علي شجب ما بالقصة من خوارق وعجائب غريبة مخالفة لما هو صحيح في الواقع، ولما هو مألوف في الحقيقة( )28.
وعند النظر إلي النتاج الأدبي الخاص بتلك المرحلة










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-05, 22:13   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وعند النظر إلي النتاج الأدبي الخاص بتلك المرحلة ــ كنتاج ((البارودي)) و((شوقي)) مثلا ــ، وكذلك عند النظر إلي الحصيلة النقدية الموازية لهذه الأعمال، يتبين أن "نقد الإحياء" لم يَنـْفـُذ إلي القيم الجمالية المتوفرة في "أدب" تلك الفترة، بل إن مفهوم "الجمال الأدبي" يبدو غائبا تماما عن "النقد الإحيائي"؛ وذلك لأن "النقد" واقع أساسا في أسر التناول "المعجمي" و"الأخلاقي" و"المنطقي" للأدب، دون سواه من جوانب أخري؛ فتري هل سوف يستمر ذلك الوضع في المرحلة التالية، أم أنه سوف يتغير، وما هي العوامل التي عملت علي هذا التغيير إن كان قد حدث، وما هو مقدار "النضج" و"الوعي" الذي سوف يكتسبه "النقد" في الفترة القادمة، ذلك ما سيتم تناوله في المرحلة القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
- سوف يجيء سبب تحديد تواريخ وأسماء هذه المراحل بما هو مذكور أعلاه في موضعه من التمهيد لاحقا، وقد تم إهمال بعض المذاهب النقدية التي لم يكن لها انتشار واسع المدى في الممارسة النقدية العربية، كـ"النقد الجديد"، و"الفن للفن"، و"الرمزية" وغيرها، بينما تم التركيز علي المذاهب التي كان لها تأثير كبير علي الممارسة النقدية، وهي المذاهب الثلاثة المذكورة أعلاه.
- راجع عن حال الأدب بشقيه في تلك الفترة: د.شوقي ضيف: ((الأدب العربي المعاصر في مصر))، ط10، دار المعارف، د.ت، القاهرة، صـ 38-41 للشعر، و: صـ 169-172 للنثر.
2- أنظر: د.عز الدين الأمين: ((نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر))، ط2، دار المعارف، القاهرة، 1970، صـ15.

3- أنظر: د.عبد المحسن طه بدر: ((تطور الرواية العربية الحديثة في مصر))، ط5، دار المعارف، القاهرة ، د.ت، صـ23-37.
4- راجع تفاصيل هذه العوامل وأثرها في: د.عزالدين الأمين: ((نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر))، مرجع سابق، صـ35- 107.
5- أنظر: د.شوقي ضيف: ((الأدب العربي المعاصر في مصر))، مرجع سابق، صـ 43-47.
6- د.شكري محمد عياد: ((المذاهب الأدبية والنقدية عند العرب والغربيين))، عالم المعرفة، عدد [177]، الكويت، 1993م، صـ89.
7- د.جابر عصفور: ((قراءة النقد الأدبي))، مكتبة الأسرة [الهيئة المصرية العامة للكتاب]، القاهرة، 2002م، صـ35.
8- د.علي شلش: ((نشأة النقد الروائي في الأدب العربي الحديث))، مكتبة غريب، القاهرة، د.ت، صـ27.
9- د.جابر عصفور: ((قراءة النقد الأدبي))، مرجع سابق، صـ37.
- يجب توضيح أن المقصود بـ "ما يجب أن يكون في الواقع" هنا، يعني أن يكون ما في العمل الأدبي متحددا علي أساس "المألوف من سنن الحياة"، أو ما "يُسمَع بمثله"؛ احتراسا من أن يتبادر إلي الذهن أية معانٍ أخري، تتداخل مع تلك الموجودة في "المرحلة الواقعية"، ولمزيد من التوضيح أنظر إلي المعني المقصود "بمشابهة الواقع" التي يتحدد عليها "الصدق الفني" عند "الإحيائيين" في: د.شكري عياد: ((المذاهب الأدبية عند العرب والغربيين))، مرجع سابق، صـ94..
10- أنظر: د.جابر عصفور: ((قراءة النقد الأدبي))، مرجع سابق، صـ109، ومن المفيد مراجعة الفصل بأكمله: صـ36-135.
11- نقلا عن: د.علي شلش: ((نشأة النقد الروائي في الأدب العربي الحديث))، مرجع سابق، صـ22-23.
12- نقلا عن: السابق، صـ23.
13- د.جابر عصفور: ((قراءة النقد الأدبي))، مرجع سابق، صـ122.
14- د.عبد المحسن طه بدر: ((تطور الرواية العربية الحديثة في مصر))، مرجع سابق، صــ122-123.
15- أنظر: د.شكري عياد: ((المذاهب الأدبية والنقدية عند العرب والغربيين))، مرجع سابق، صـ102.
16- د.علي شلش: ((نشأة النقد الروائي في الأدب العربي الحديث))، مرجع سابق، صـ13.
17 - أنظر: د.أحمد .أحمد إبراهيم الهواري: ((نقد الرواية في الأدب العربي الحديث في مصر))، ط3، دار المعارف، القاهرة،1983م، صـ78.
18- د.علي شلش: ((نشأة النقد الروائي في الأدب العربي الحديث))، مرجع سابق، صـ36-40.
19- السابق: صـ37.
20- أنظر: السابق: صـ50-52.
21- نقلا عن: السابق: صـ46-48.
- أورد هذا التاريخ لميلاد الشيخ ((حسين المرصفي)) د.جابر عصفور في: ((قراءة النقد الأدبي))، مرجع سابق، صـ42، في حين يعتبر ((محمد مندور)) تاريخ ميلاده غير معلوم، أنظر: د.محمد مندور: ((النقد والنقاد المعاصرون))، نهضة مصر، القاهرة،2004،صـ5؛ لذا وجب التنويه إلي ذلك.
22- د.محمد مندور: ((النقد والنقاد المعاصرون))، مرجع سابق، صـ7.
23- نقلا عن: د.سيد البحراوي: ((البحث عن المنهج في النقد العربي الحديث))، دار شرقيات، القاهرة، 1993، صـ45.
24- أنظر: د.عز الدين الأمين: ((نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر))، مرجع سابق، صـ16-17.
25- أنظر: د.محمد مندور: ((النقد والنقاد المعاصرون))، مرجع سابق، صـ12-13.
26- أنظر: د.عز الدين الأمين: ((نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر))، مرجع سابق، صـ18-22.
27- نقلا عن: د.محمد مندور: ((النقد والنقاد المعاصرون))، مرجع سابق، صـ17.
- وهو ما يبدو لي أكثر تـَمَثـُّلا لوجهة نظر ((المرصفي))، بدلا من تفسير ذلك بتعصبه للبارودي، كما فعل ((عز الدين الأمين))، أنظر: د.عز الدين الأمين: ((نشأة النقد الأدبي الحديث في مصر))، مرجع سابق، صــ21.
28- أنظر: د.شكري عياد: ((المذاهب الأدبية والنقدية عند العرب والغربيين))، مرجع سابق، صـ94

_________________










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-05, 22:17   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع الرسالة: المعمار الفني في رواية ــ أرني الله ــ لتوفيق الحكيم

ــ أرني الله ــ عبارة عن مجموعة قصصية تتكون من 14 قصة تتغير شخوصها وزمنها وفضائها إلا أننا سنلمس عاملا مشتركا وموحدا لهاته المجموعة ألا وهو اللغة وهي لغة فلسفية مليئة بالحجاج والسؤال تعتمد الحوار أساسا لها كعادة توفيق الحكيم في كل كتاباته حيث سنرى حضور ا قويا للمسرح الذهني والذي لم تسلم منه حتى هاته المجموعة القصصية سواءعلى مستوى الحوار بين الشخصيات التي تبدو تائهة كعادتها في فهم هذا الكون الفسيح المليء بالتناقضات أو على مستوى المونولج الذي يطغى على شخصياتها لتعج اللغة بالتساؤلات تلك التساؤلات الابدية التي عرفها الانسان منذ الازل عن حقيقته وحقيقة الاشياء في هذا الوجود

يمكن أن نقسم هذه المجموعة القصصية إلى مجموعة فلسفية وأخرى واقعية يندرج تحت المجموعة الأولى أرني الله ـ الشهيد ـ موزع البريد ـ وكانت الدنيا ـ في سنة مليون ـ معجزات وكرامات ـ امرأة غلبت الشيطان . ثم هناك المجموعة الثانية والتي تنبثق من يوميات الحكيم وتجارب اجتماعية عايشها فأدرجها بأسلوبه الساخر والمتهكم على الظروف التي قد تقود الإنسان أحيانا إلى مواقف ساخرة لم يحتط لها ولم يتنبأ بحدوثها وهذه القصص على التوالي هي ـ الأسطى عزرائيل ـ في نخب العصابة ـ الحبيب المجهول ـ مؤتمر الحب ـ أسعد زوجين ـ ميلاد فكرة ـ وجه الحقيقة .
تتنوع الشخصيات في هذه المجموعة كما يتغير الزمن والفضاء إلا أنها تدور في فلك واحد وهو البحث عن الحقيقة حقيقة الذات و الأشياء في هذا الوجود ، ونلمس من خلال تأملات شخوص المجموعة القصصية وحواراتها حيرة الكاتب وشكوكه وتخبطه بين الوهم والحقيقة الواقع والخيال . يقدم هذا كما اسلفنا في إطار لغوي فلسفي يعج بالسؤال مثيرا فينا شكوكا ورهبة مكسرا قيما عهدناها ليصوغها في قالب جميل مليء بالمرح والسخرية ، السخرية من الانسان نفسه ذلك الانسان الذي يعتقد بقراته على صنع المعجزات أو ذلك الانسان البسيط الذي تتدافعه الحياة بين مقالبها الغريبة والمتغايرة.
يشركنا توفيق الحكيم ـ من خلال هذه المجموعة القصصية ـ في عالمه وهو عالم مليء بالهواجس والتساؤلات بالهموم والافكار ، يجعلنا نتسائل معه نثور ونتمرد حينا ثم نهدأ لنتابع معه رحلته داخل الذات الانسانية ولنتعرف على ذواتنا من خلاله أو لتختلط معا فتشكل مزيجا رائعا وكلا موحدا يردد نفس التساؤلات الأبدية التي عرفتها الانسانية منذ بدأت تكتشف ذواتها في هذا العالم الرحب الكبير .

أرني الله
يتداخل الزمن والفضاء في هذه القصة كما اسلفنا أما اللغة فهي حوارية بالاساس فلسفية تعتمد الحجاج ، ويتراوح الحوار ما بين جمل قصيرة وجمل طويلة يصوغها بأسلوب بسيط مرح يعج بالسؤال . تدور القصة حول رجل وابنه اعتادا أن يتحدثا عن كل الامور إلى ان باغت الطفل اباه يوما وساله ان يريه الله . حينها كان هذا السؤال نقطة الفصل التي حيرت الأب ودفعته إلى البحث عن جواب يشفي غليله وغليل ابنه ودفعته إلى الناسك الذي دار بينهما حوار طويل يأخذ اغلب مساحة القصة ، والحوار هو الركيزة الأساسية في بناء جل قصص الحكيم لنلمس ظلال المسرح الذهني في هذه القصة بل لنقل جل قصصه . ونعود إلى الحديث عن الحوار بين الناسك والأب .قلنا أن الحوار أخذ حيزا كبيرا من القصة وهو حوار طويل حجاجي بالأساس حول محبة الخالق والسبيل لرؤيته وهو سؤال طرحته الانسانية منذ الازل وتاهت في دروب كثيرة لعلها تجد جوابا عن هذا السؤال الأبدي .
يصر الأب على رؤية الله
نعم اريد ان تريني الله ...يجيب الناسك بصوته العميق اللطيف أيها الرجل إن الله لا يرى بأدواتنا البصرية ...ولا يدرك بحواسنا الجسدية ...وهل تسبر عمق البحر بالأصبع التي تسبر عمق الكأس ؟ّ
وكيف أراه إذن ..؟
إذا تكشف هو لروحك ..
ومتى يتكشف لروحي ...؟
إذا ظفرت بمحبته ...
وهكذا يطول الحوار بين الأب والناسك لتدخل الشخصيتان في حوار فلسفي أزلي يستمد قوته من قوة اللغة الحجاجية للرواية لتنتهي في الأخير بدعوة من الناسك للأب جعلته يهيم في حب الله .


الشهيد
نجد الزمن هامدا وقد ينعدم ليبقى محصورا في ذهن السارد في هاته المجموعة الفلسفية ، خاصة عندما يقدم لنا رؤيا فلسفية تنبع من عمق الذات كما في رواية ــ الشهيد ــ ليقف الزمن هناك او يكاد يلغيه لنقف امام صورة عجيبة تنبع من مخيال السارد ـ هذا المخيال الذي نجده بغزارة في كتابات الحكيم فمن خلاله تتوسل لغته تصوراتها ورؤاها الغنية بالغرابة والغموض والتناقض ـ وهو قدوم ذلك الشخص المجهول ـ الشيطان ـ فلا نعلم متى قدم كما لا نعلم بالتحديد المكان الذي نزل فيه سوى الكنيسة ـ دقت اجراس الكنائس ونواقيس الكاتدرائيات احتفالا بعيد الميلاد وسرى رنينها في جسد روما كما يسري..... في تلك اللحظة هبط المدينة شخص غريب يمشي نحو الفاتيكان ..ــ يقدمه السارد من خلا ل مونولوج قصير لتدخل الشخصية المحورية في حوار فلسفي طويل يغلب عليه الحجاج ونقف هنا مع السارد لنتابع بنهم هذا الحوار الطويل والغريب بين الشيطان والقديس من جهة والحاخام والشيطان والإمام يرمي الشيطان بكل اثقاله من المعاصي والذنوب والآثام أمام هاته الشخصيات الدينية الثلاث طالبا التوبة إلا أنها ترفض باصرار كبيرليقلب السارد الأدوار هنا ويضع هنا داخل قالب مليء بالمفاجآت فتبدو الشخصية المحورية ـ الشيطان ـ شخصية طيبة في حين تصبح الشخصيات المساعدة ـ القديس والحاخام والإمام ـ شريرة نوعا ما . وتدخل الشخصيات الثلاث في مونولوج طويل . يفكر بابا الفاتيكان ، إذا آمن ابليس فيم إذن بعد اليوم مجد الكنيسة ؟ وما مصير الفاتيكان ومتاحفه وتحفه ...هذه الحروب التي جعلت من اوروبا المسيحية سيدة البشر ، وهذه المنافسات الروحية والمنازعات الذهنية والمادية التي اوقد احتكاكها شرارة الفكر وضوء العلوم ـ هنا إشارة واضحة إلى الحروب التي اوقدت نارها

الكنيسة بدعوى القضاء على الشر في العالم ، هذا الشر الذي لا يمثله إلا الشيطان فبحجة الشيطان احتلت اوروبا العالم وبقيت سيدة لهذا العالم
أما الحاخام فيفكر مليا ، ــ إذا عفا الله عن ابليس ومحى الشر من الأرض ...ففيم إذن التمييز بين شعب وشعب ..؟ بنو اسرائيل شعب الله المختار ...لن يكون بعد اليوم مبرر لاختيارهم دون بقية الشعوب ، ولامتيازهم على بقية الاجناس حتى السيطرة المالية التي صارت إليهم منذ أجيال ستذهب عنهم بذهاب الشر عن النفوس ... وزوال الجشع وموت الطمع ، .. ايمان ابليس سيدك صرح التفوق اليهودي ،... ويهدم مجد بني اسرائيل . إن الشيطان إذن عند السارد هو دولة اسرائيل وإن ذهب ذهبت هذه الدولة معه إلى أبد الآبدين واندثرت عن الوجود .
أما شيخ الأزهر فيحتار ـ لو أسلم الشيطان ، فكيف يتلى القرآن ؟...هل يمضي الناس في قولهم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...؟ لو تقرر إلغاء ذلك لاستتبع الأمر إلغاء اكثر آيات القرآن ..فإن لعن الشيطان والتحذير من عمله ورجسه ووسوسته لما يشغل من كتاب الله قدرا عظيما ...كيف يستطيع شيخ الأزهر أن يقبل إسلام الشيطان دون ان يمس بذلك كيان الاسلام كله!؟ تبدو لغة المونولج عميقة تكاد تزعزع اكبر الحقائق والدعائم ونحسها تكاد تسقط فوق رؤوسنا إلا أنه سرعان ما يعود لثبيتها .فهو لا يقصد التشكيك في المسلمات التي يؤمن بها الفرد المسلم بقدر ما يطمح إلى جواب يطفئ به نار الشك والحيرة التي قد تصيب المرء في لحظة من لحظات التامل والضياع ، حقيقة هذا الكون الفسيح ، ثم ليعود إلى التسليم بأن وجود الشيطان هو حكمة الحياة في هذه الارض فلا معنى للفضيلة بغير وجود للرذيلة ولا معنى للشر إن لم يوجد الخير ووجود الشيطان في الارض هو الامتحان الصعب الذي على الانسان مواجهته ما بقي حيا في هذه الحياة.
يبدو الزمن هنا ملغيا أو ساكنا متماهيا داخل هذ الفضاء العجيب والذي لا يحركه سوى هذا المونولوج والحوار الغريب الساخر الخيالي القائم في ذهن السارد والذي يعكس تذبذبه بين شكه ويقينه دون ان ننزع عنه صفة الإيمان ، فالحكيم لا يطمح إلى زعزعة الثوابت بقدر ما يطمح إلى فهمها ، وفهم مسبباتها وعواقب غيابها . فنتسائل معه من هو الشيطان الحقيقي هل هو ذلك الذي طرده الله من الجنة أم هو ذلك الكامن في كل القلوب الشريرة .وهو هنا يحيل على الواقع المرير الذي يعيشه وأحوال وظروف الناس في ذاك الزمن ، وكأنما يصور أن الشيطان او الشر في هذا العالم هو أسوأ وأقوى من الشيطان نفسه هذا الذي اراد التوبة إلا ان الطموحات البشرية صدته عن ذلك حتى يكمل مهمته على اكمل وجه فلا مصلحة للعالم من هذه التوبة التي ستهدم حسابات كبيرة .
ويأبى توفيق الحكيم كعادته وفي عمق تساؤلاته الفلسفية إلا ان ينزع الابتسامة منا ونحن لازلنا مشدوهين بقوة السؤال وجرأته فعندما يهم الشيطان بالبكاء يبادره جبريل مرتاعا لا تبك لا تبك إن عبراتك كوارث وضحكاتك كوارث ..لا تكثر من الانفعال رحمة بالناس ... اذهب واصبر..
فكف ابليس عن البكاء وقال بمرارة اليمة : نعم حتى عبراتي كوارث

فيصور ـ الحكيم ـ عبرات ابليس كقطع من النيازك المعتمة التي تسقط على رؤوس الناس على غير هدى فيؤذيهم في الحالتين في خيره وشره. ولتنتهي الرواية كما بدأت بعنوانها ـ الشهيد ـ ولكن ما بين رحلتنا بين عنوان القصة ونهايتها تكون المفاجأة التي لم نتوقعها وهي أن هذا الشهيد لم يكن سوى عدو الانسانية الأكبر وهو الشيطان .
وترك السماء مذعنا ... وهبط الارض مستسلما ...ولكن زفرة مكتومة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء ... رددت صداها النجوم والأجرام في عين الوقت ، كأنها اجتمعت كلها معها لتلتقط تلك الصرخة الدامية : إني شهيد إني شهيد لتصفعنا هذه العبارة وتتركنا مشدوهين من قوة الخيال وجرأته .

موزع البريد
تشترك هذه القصة مع سابقتيها في اعتمادها الحوار الساخر المرح الذي يعج بالسؤال من خلال لغة فلسفية بسيطة تستمد غناها من اتساع المخيال لدى الشاعر وهي رواية ذهنية بالأساس على غرار المسرح الذهني للحكيم فالشخصية الرئيسية ـ موزع البريد ـ وهي شخصية رمزية معنوية تمثل الحظ الذي يأمل بلقائه كل الناس والشخصية الثانية هي شخصية السارد التي تقرر المشاركة في احداث الرواية منذ البدايه حتى النهاية مقحما نفسه بعنوة ليسحبنا معه ويدخلنا كشهود داخل هذا الصرح العجيب الذي بناه لينتفي الفضاء ويتوقف الزمن ويعم السكون الذي لا يكسره سوى هذا الحوار الساخر الذي يثير فينا رغبة كبيرة في الضحك الضحك على هذا الموزع الغريب من جهة وعلى السارد الذي غلبه الفضول فترك الحظ ينسل من بين أنامله وتضيع بذلك فرصة طالما انتظرها ، نرى السارد يتعقب موزع البريد يلومه على كسله وإهماله وتقاعسه عن إيصال الطرود إلى اصحابها وما هذه الطرود في الحقيقة سوى نصيب الناس من الحظوظ فيصور هذا الموزع العجيب على شكل رجل تعب من كثرة العمل ، أنهكته الطرود التي لا تنتهي فيعجز عن حملها لاصحابها ويكتفي بتوزيعها عبثا على من صادفه في طريقه نرى السارد يصفه في كلمات قليلة في البداية فلا يشغل الوصف حيزا كبيرا كمايشغله الحوار ، يقول: ...كل شيء فيه ينم عن الكسل والاسترخاء والغباء ...حتى نظرته إلى الفضاء . جلسته كانت جلسة المتعب المرهق الضجر من نفسه ومن الدنيا ...يتعقب السارد موزع البريد على طول رحلته ، ويلومه على الكيفية التي يوزع بها الطرود فيحاول التدخل حانقا غاضبا من هذا الحظ الغريب الذي لا يميز بين من يستحق ومن لا يستحق ويدور بينهما حوا رغريب مليء بالسخرية والتهكم وهؤلاء ..؟ يجيب الموزع حانقا : هؤلاء بعيدون عني ...إني كما قلت لك رجل متعب ..وما من شيء يضطرني إلى أن أقصد كل واحد منهم لأعطيه رسالة .
أو تفعل هكذا برسائل الناس دائما ؟..
طبعا .. وهل انا من الجنون بحيث أوجع مفاصلي وأقطع أنفاسي جريا وراء كل حي من عباد الله ؟.. إني أعطي من صادفني رسائل من لا يصادفني ... وأنا مستريح في امان الله !..
أليس لكل انسان عندك رسالة بنصيبه المماثل لنصيب أخيه ؟... ينفعل موزع البريد ويصرخ ارحموني !...أما من أحد يرحمني أو يعذرني في الارض
أو في السماء !... إنهم في السماء يقولون لي " جلبت علينا باهمالك سخط الناس "...احمدوا ربكم أيها الناس ...إن عيني تبصر أشباحكم ، واني أنثر عليكم ما في محفظتي يوما بعد يوم ....ذلك أقصى قدرتي ! من دنا مني أو دنوت منه أخرجت له وأعطيته ما لمس أصابعي .
أما أن أوزع بالعدل والقسطاس على كل انسان ...فهذا عمل يحتاج إلى جري لا تحتمله ساقاي ، وجهد تعجز عنه قواي ...
يرى الحكيم ان الحظ لا ينصف الناس كثيرا ولم ينصفه حتى هو فحمل نقمته عليه وصاغها في قالب تصوري جميل يستمد مادته الأساسية من الخيال اللامتناهي لديه وباسلوب مرح ساخر من الحياة والانسان ولغة عميقة بعمق السؤال الذي يعيش به وله فكر الحكيم .وبين هذه الرحلة رحلة موزع البريد اليومية تضيع أمان كبيرة وتسرق حظوظ كثيرة ولا يبقى للانسان إلا الأمل الأمل في ان يلتقي بذلك الموزع الغريب مرة اخرى حتى يأخذ حصته ولو عنوة.
وعلى هذا المنوال وبعمق السؤال وغزارة المخيال يبني توفيق الحكيم صرح قصصه ويلعب عامل المفاجأة دورا كبيرا في هاته المجموعة القصصية فلا نندهش عندما تصبح حواء صنيعة الشيطان في ـ كانت الدنيا ـ صنعه الذي اتقنه فكان رمز الغواية والدهاء في أبهى صورة واحسنها . وكما يختلط الزمن والفضاء فـي ـ أرني الله ـ وفي ـ الشهيد ـ وـ موزع البريد ـ يتماها هنا ليخلقا لنا صورة ساكنة هامدة كما يتماهى في ـ كانت الدنيا ـ فلا يحركه سوى ذلك المونولوج الطويل للشخصيات أو ذاك الحوارالحجاجي الذي يدور بين الشيطان و الأفعى.
لتلعبا الشخصيتان الرمزيتان دورا رئيسيا من البداية حتى النهاية ، ولكن ما بين رحلتنا بينهما نكون قد أنهكنا لكثرة المخيال وجرأته وجردنا من كل أسلحتنا ليقصينا الحكيم من ساحته ويجبرنا على النزول من مسرحه و التزام الصمت والسكون.
لنتابع بإذعان هذا الحوار الساخر المليء بالسؤال بين الافعى والشيطان
ــ أسائل نفسي دائما : لماذا لا نكون أصدقاء ؟ ... إني أحمل لك ايتها الحية كل تقدير ، وأحمل لذكائك كل إعجاب ...أتريدين أن أخصك بسر آخر ؟ ... لقد كنت افكر فيك وانا أصنع هذا المخلوق الذي سميته " حواء"
ــ ما كنت تفكر في نفسك ...
ــ أحقا ما تقولين ؟ ... أترين في هذا المخلوق شيئا مني ؟
ــ بلا شك ...انظر إلى حركاته ...وإلى رشاقته ...بل إلى بريق عينه ...إن فيه أثرا من الطين ، ولكن فيه أيضا لفحة من النار ...انظر ...انظر ...في حواء بعض ما فيك : الطيش والخفة والسرعة والإحراق...
ثم يبادر الشيطان إلى سؤال الأفعى :
لماذا حرم على آدم لمس حواء ؟ ..
ــ ترى ماذا يحدث لو امتزج هذان المخلوقان ؟.. ويبدو أن الافعى عند الحكيم كانت الاكثر ذكاء وفهما للامور " فكرت الحية لحظة .. ووقع بصرها مصادفة واتفاقا على عش طائر في أعلى الشجرة فصاحت :
ــ يحدث لهما ما يحدث لهذا الطير ...يتناسلان ؟
...ـ ويخرج منهما مخلوق ثالث
ـ ولكن لماذا لا يراد خروج هذا المخلوق الثالث ؟..
ـ لانه سيكون فيه شيء منك ...هذا مفهوم بالبداهة ..إن آدم ، ذلك العمل العظيم الذي يفخر به الخالق .تلك الآية التي نفخ فيها من روحه ...يجب أن تبقى هكذا بمفردها صورة خالدة ناطقة بمقدرة المبدع الأعظم وكماله الأبدي ، الذي لا يشوبه نقص ، ولكن جئت يا صديقي ابليس تفسد هذه الروعة ...وتريد أن تستخرج من هذه الصورة المفردة نسخا مشوهة !..
ثم تمضي الأفعى قائلة : إن في حواء ولا ريب شيئا منك ..لن نجد فيها إذن الكثير من ذلك العقل الذي نخشاه ...
وفيها من قوة اقناعك وبراعة إغرائك ، فهي ستظفر باقناع آدم وإغرائه أن ياكل كما اكلت . ويصنع كما تريد هي .
إن الحكيم يكرس للفكر القديم الذي يصور المراة في صورة الافعى والشيطان ، لذا بدت حوارات الشخصيات نابعة من ذاته وبقوة في هذه القصة اكثر مما قد تنبع من شخوصه ، ولكن مع هذا فإن الأسلوب الساخر قد يشفع له هذا الفكر المتعصب نوعا ما ، غير انه قد لا يبدو دائما كذلك فقد تبدو له المراة مخلوق بسيط رقيق كما في قصته ــ مؤتمر الحب ــ ونعود إلى الحوار لنجده يتشارك نفس الخصائص مع الحوارات السابقة وهي اللغة البسيطة و الأسلوب السلس المرح الذي يعج بالحجاج والسؤال أما الزمن فلا نكاد نحسه إذ يمتزج مع الفضاء كما اسلفنا فيبدو الفضاء ساكنا هادئا لا يحركه سوى هذا الضجيج الذي تصدره الشخصيات بحواراتها ويبدو مسرح القصة وكأنه مقتطع من الزمن والمكان ليخلق بالمقابل فضاءه وزمنه الخاص به .

أما إذا انتقلنا إلى القصص الواقعية في هذه الرواية فإننا سنجد الحكيم يسخر فيها من الحكيم نفسه أو من شخصيات عرفها أو سمع عنها ويجمع بينها ما يجمع الانسان دائما سذاجته وغباؤه او طمعه وشجعه ثم تلك الأوهام الأبدية التي ترافقه وما عرضته له الحياة شخصيا من مواقف ساخرة ومطبات مفاجئة وصدمات غير متوقعة ، وتبدو القصة الأخيرة اصدق برهان على ذلك الوهم الكبير الذي يعيشه الانسان عندما يعصب عيونه ويرفض ان يرى الأشياء في حقيقتها ويسلم نفسه للوهم وهم الحب يقوده حيث لا يدري حتى يرديه او يكاد ، ثم كعادة الانسان القوي دائما عندما يسقط ينفض الغبار عنه بقوة و يستكمل طريقه دون ان ينظر ورائه مستفيدا من أخطائه قادرا على تملك زمام أموره والبدئ من جديد .
وفي الأخير ومن خلال هذه المجموعة القصصية نلاحظ ان قصص الحكيم لا تسلم من تأثير المسرح الذهني الذيا طال عرف به ، لذا فإنه لا ينسج قصصه إلا بالحوار ولا يجيد نسجها إلا به سواء في الفلسفية منها او الواقعية ، وقلما تسلم إحدى القصص من هذا الحوار. أما إذا تعقبنا شخصيات الحكيم فإننا نجده حاضرا بها وبقوة فهو القديس تارة وهو الشيطان تارة اخرى، و هو الانسان البسيط حينا والمتكبر في احيان أخر . نسافر مع هذه الذات الحائرة الهائمة ونهيم معها في كل الحوارات التي تنقل لنا شكوكها وهمومها تساؤلاتها وحيرتها إيمانه و يقينها وذلك في إطار مرح ساخر يرغمك على الابتسام بأسلوب بسيط ــ كعادة الحكيم دائما ــ والمليء بالسؤال والحوار بين الشخصيات وهو حوار ذهني خيالي بامتياز كما أسلفنا ينطلق من ذات الحكيم ليصب في ذواتنا ويشركنا في عمق السؤال وغزارة الخيال.










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-05, 22:19   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قراءة نقدية في مسلسل " وادي الذئاب"
الكاتب:محمد يوب


من خلال تتبعنا للمسلسل التركي وادي الذئاب ، عبر أجزائه الأربعة ، نرى أنه يطرح قضايا سياسية مختلفة ، منها القضايا الإقليمية و القضايا الدولية .
ومن بين القضايا المحلية التي طرحها المسلسل على المشاهدين : القضية الفلسطينية ، و القضية العراقية ، و مسألة الأقليات الكردية ، الذين صورهم المسلسل على أساس أنهم شعب تركي خائن لوطنه ، يدق إسفينا من خلف تركيا ، التي تحارب في شتى الواجهات.
ولعل أهم الواجهات التي تشغل بال أصحاب القرار السياسي التركي ، هي تجاذب المصالح و الغايات وتصفية الحسابات الضيقة بين جهات مختلفة ، باعتبار أن تركيا دولة تحط رجلا في آسيا و أخرى في أوربا ، تركيا المسلمة ، وتركيا العلمانية.
ولهذا فإن كثيرا من أصحاب المصالح ، يتخذون من تركيا المعبر و الممر ، لقضاء حاجياتهم و مصالحهم الشخصية .
وتركيا بدورها من خلال هذه المشاهد ، تحاول تبرير استخدام العنف ، من خلال الأبطال الذين يعبرون بلسان تركيا الحكومة ، وتركيا الجيش .
فمراد علم دار رمز للتركي الصالح الذي يضحي بنفسه من أجل خدمة مصالح تركيا ، إنه مستعد للموت لكي تعيش تركيا ، وقد شاهدنا هذا من خلال مشاهد مروعة تعرض إليها البطل .
كما أن المجموعة المقاتلة التي تحيط بمراد لها نفس الهدف ، وهو الموت في سبيل تركيا ، و أن تبقى واقفة حية إلى الأبد .
واسم ميماتي أحد أبطال المسلسل الرئيسيين ، دليل على هذه التضحية من خلال اسمه ، فكلمة ميماتي رمز للموت أو هي الموت نفسه باللغة التركية .
وكذلك اسم عبد الحي لم يأت اعتباطا ، بل سميائيا دليل على أنه عبد لله من جهة ، و عبد للوطن الحي الذي لا يموت من جهة أخرى.
إنه تعبير على النهج الذي تسلكه هذه المجموعة التي تصارع الموت في واد ملئ بالذئاب ، ذئاب في هيئة بشر لا تعرف إلا لغة المال و الوصول إليه على رقاب المواطنين .
إنهم مجموعة من الأبطال الذين يتزعمهم البطل الرئيسي مراد علم دار ، الذي صوره المخرج على أساس أنه بطل أسطوري ، لا يموت ، ولا ينهزم ، يتعرض لكثير من الاعتداءات الجسدية ، لكنه يبقى مصرا على مبادئه المخلصة للوطن ، الذي أحبه كثيرا وسيظل يحبه طيلة حياته.

ويساعده في ذلك أبطال رئيسيون مثل : ميماتي ، و عبد الحي ، وعمران ، وآخرون ثانويون مثل العم عمر وتركي وحسني ...
فهم يحاربون كل أشكال الفساد ، بما فيه الفساد السياسي الذي يتمثل في إعطاء الزعامة لعناصر لا تريد مصلحة الوطن بقدر ما تهدف إلى خدمة مصالحها الضيقة .
فاسكندر وفلر و زازا وحقي ... القائمة طويلة ، كلهم عناصر تتضارب مصالحهم مع مصالح الجهات المهيمنة على المشهد السياسي و الاقتصادي ، إنها عناصر تنتعش و تكبر على جماجم المواطن البسيط ، وذلك من خلال التزوير في الانتخابات وبيع المخدرات وسرقة السيارات، و كان المواطن في النهاية ضحية كل هذه التلاعبات ، و أحيانا يدخل طرفا مع جهة دون رغبة منه .
ويظهر من خلال متابعتنا لهذا المسلسل ، الدرجة المرعبة التي وصل إليها الانحراف السياسي في تركيا ، و انتشار الفساد .
وتشعر من خلال تفاصيل هذا المسلسل ، و كأن تركيا جسم مريض تنخره أطراف متعددة ، وتقطع أوصاله إلى جزيئات من أجل الانقضاض عليه.
إن المتتبع لهذا المسلسل يشعر و كأن تركيا شعب بلا دولة ، ودولة بلا شعب ، تسربت إليها أياد نجسة ، ملوثة بدماء الأبرياء ، أياد ممدودة إلى المخابرات الأجنبية ، تشتغل حسب أجندتها ، حسب أجندة المخابرات الأمريكية ، أو المخابرات الإسرائيلية ، وبينهما أصحاب مصالح يصطادون في الماء العكر.
وفي ضوء هذا الواقع المتردي كانت كل فئة من فئات الحكم ، تميل إلى جهة من هذه الجهات المتصارعة ، وتنقل الأخبار بشكل استخباراتي ، يعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية ، التي بينت أن المخابرات الأمريكية متفوقة في هذا المجال ، لدرجة أنها اخترقت البيوت ، وبدأت تطلع على كل صغيرة من صغائر الأشخاص الذاتيين و المعنويين.
و في ضوء هذا الفساد السياسي و الاقتصادي، لا يمكن للمواطن الصالح الاشتغال بنوع من الحرية ، و الوصول إلى أعلى المناصب ، وإذا سولت له نفسه ذلك سيكون ضحية سهلة ، ولقمة سائغة في أفواه أعداء الوطن .
وقد شاهدنا هذا من خلال مقتل بعض المخلصين من المواطنين ،سواء من الذين يشتغلون في الإدارات، أو الشركات أو في أوساط الجيش .
و في كثير من الأحيان تصل الأيادي الآثمة إلى كبار زعماء البلد من أمثال مراد علم دار، و ميماتي، و عبد الحي ، الذين يعتبرون الجسم الواقي للبلد من العناصر المميتة الآثمة.
و عند استقراء أحداث هذا الفلم ، نجد بأن المسلسل يتخذ كذلك موقفا من كثير من القضايا الإقليمية و الدولية ، فنرى أبطال المسلسل يتعاطفون مع القضية الفلسطينية ، وقد مرت مجموعة من المشاهد عبر المسلسل تساعد التنظيمات الفلسطينية ، بالدعم المعنوي و اللوجستي .
وهذا التعاطف و الموقف من القضية الفلسطينية ، رأيناه من خلال تعاطف مراد علم دار ، وميماتي مع الجماعة التي جاءت إلى الميناء و استلمت السلاح من ميماتي شخصيا ، و كان متعاطفا معهم ، مع العلم أن مراد و أصدقاؤه ضد مثل هذه العمليات .
لقد تنازلوا عن مبادئهم ، لمد الفلسطينيين بالأسلحة اللازمة ، بل أوصلوها لهم إلى المكان الآمن ، وهذه اللقطات المتكررة هنا وهناك تدل على الشعور بالتعاطف مع القضايا العربية و الإسلامية ، بل تبين موقف الحزب الحاكم في البلد الذي له توجهات إسلامية .
هذه التوجهات التي تظهر من خلال بعض المشاهد أثناء دفن الموتى، أو من خلال قراءة العم عمر للقرآن الكريم ، إنها مشاهد جديدة في السينما التركية ، التي نادرا ما كنا نشاهد فيها لقطات أو إشارات إلى الدين و أهمية الوازع الديني .
أما فيما يخص المسألة العراقية ففي كثير من الأحيان ، يصور المسلسل بأن تركيا تساند العراق في حل مشاكله ، و تدعو إلى طرد المحتل الأمريكي ، كما تدعو إلى أن يكون العراقيون هم أصحاب الحل و العقد, لأنهم هم أصحاب القرار الأول و الأخير .
وقد أشار المسلسل إلى دخول عناصر استخبراتية متعددة في الشأن العراقي ، كل جهة تريد تمرير أيديولوجيتها الخاصة ، فتجد إشارات متعددة إلى من يدافع عن السنة أو الشيعة أو ......
وهناك أياد بل أرجل لدول إقليمية و أخرى خارجة ، تتصارع من أجل مصالح متنوعة ومختلفة ، وأبرز مطمع و مطمح ينشده الجميع ، هو النفط و جر البلد إلى حرب أهلية، تنشغل بها عن التفكير في قضايا أخرى .
وفي نهاية الجزء الرابع ينتهي رأس من الرؤوس التابعة للأمريكان وهو اسكندر، الذي قتله مراد شر قتل ، بأن شنقه على جذع الشجرة لكي يشعر بالألم الذي أذاقه للأبرياء ، الذين قتلوا هكذا وبدم بارد ظلما وعدوانا ، وبذلك ينتهي مشهد من مشاهد الفساد في البلد ليليه الرغبة في القضاء على كل أوجه الفساد في البلد ، وذلك بأن ترك المخرج للمشاهد مجال الخيال مفتوحا لكثير من القراءات و التأويلات ، على كيفية إنقاذ تركيا من بين أيدي العناصر المخربة.
محمد يوب


منقووووووووووول










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-06, 10:30   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10

اقدم لكم اليوم صفحة خاصة بتحميل كتب الناقد الكبير عبد الله الغذاامي



وهي شااملة لمعظم كتبه الراااائعة وهي من موقعه الرسمي

اتمنى ان تستمتعوا بها


https://www.alghathami.com/oldsite/books/books.html










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 09:53   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
بسمله
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بسمله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ممكن تجاوبولي على هذا السؤال من فضلكم
{وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (45) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46)}
المطلوب
بين موصع الاعجاز البياني في هذه الايات
حدد سبب كسرة همزة ان في هذه المواضع










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-08, 18:46   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


الهمزة و حالاتها :
لقد حفّزني لكتابة هذا الموضوع ما أطالعه يوميا من أخطاء سببها عدم معرفة كثير ممن يكتبون بالعربية بمواضع همزة كلا الحرفين و ما يترتب عليه من إشكالات في المعاني المقصودة ما سيقف عليها المتتبع عند القراءة الدقيقة لهذا المقال الذي سأحدد فيه : وجوب الكسر , وجوب الفتح , جواز الكسر أوالفتح , بأسلوب مبسط بعيد عن التعقيد
***********************

مواضع الكسر وجوبا

هناك حقيقة علمية ثابته بالنسبة لكسر همزة { إنَّ } ذلك أنَّها تُكتب كذلك عند وقوعها في جملة الابتداء , مهما كان موقع تلك الجملة

أول الكلام , أو وسطه , ويمكن حصر ذلك في الجمل التالية



أ - الجملة الابتدائية : إنَّ العراقيين لصامدونَ



ب - جملة القول : قال الأستاذُ : إنَّ الصدقَ سلاحُ المخلصينَ , ٌوأضاف قوله : إنَّ خيرَ العلماءِ مَنْ انتفعَ بعلمِه الناسُ , فعقَّبَ سعيد قائلا : إنَّ مصاحبةَ عالمٍ فقيرٍ خيرٌ منها لجاهلٍ وافرِ المالِ



ج - جملة الخبر لمبتدأ هو اسم عين { ذات } : زيدٌ إنَّه فاضلٌ



د - جملة صلة الموصول : حضر الذين إنَّهم زينةُ الدارِ



ه - جملة الحال : قدمتْ سلوى وإنَّها لفي أحسنِ حالٍ

ُ

و : الجملة الاستئنافية : التواضعُ مِن أسمى الأخلاقِ , إنَّه تاج

المبدعينَ , وزينةُ المؤمنينَ



ز - جملة جواب القسم : والله , إنَّ كلمةً طيبةً لأثمرُ مِن فعلٍ خبيثٍ

وهنا يُشتَرَط أن تدخل في خبرها اللام المزحلقة



ح - الجملة المعطوفة على جملة ابتدائية : إنَّ الحبَّ لسرٌّ من أسرارِ الكونِ , وإنَّه لمفتاحٌ للقلوبِ



ط - في الجملة المؤكدة لأخرى بالتكرار : إنَّ الصبرَ جميلٌ , إنَّ

الصبرَ جميلٌ



ك - بعد { ألا } الاستفتاحية : { ألاْ إنَّهمْ همُ السفهاءُ } , ألاْ إنَّ

الجاهلَّ مسكينٌ



ل - بعد فعل من أفعال القلوب وقد عُلِّقَ عنها باللام : علمتُ إنَّه لَشاعرٌ



م : بعد { حيثُ } الظرفية التي تلازم الإضافة إلى جملة : اجلسْ حيثُ إنًَ الحكماءَ يجلسونَ



ملاحظة مهمة : انفردتْ { إنَّ } دون غيرها بأن خبرها تلحقه { لام } التوكيد المفتوحة المزحلقة نحو : {إنَّ الأبرارَ لفي نعيمٍ } , إنَّ الطلابَ لحاضرونَ , وإنَّهم لمنشغلونَ , لهذا فإنَّ دخول اللام في خبرها من أسباب كسر همزتها




********************************
مواضع الفتح وجوبا

يتوجب فتح همزة { أنَّ } عندما يصح سبك مصدر مُؤوَّل منها , ومن اسمها , وخبرها , والمقصود بالمصدر المُؤوَّل أنَّه يُفَسَّرُ بكلمة واحدة

تشتق من معنى الجملة , ويعرب هذا المصدر حسب موقعه من الإعراب كما مبين أدناه

أ - المبتدأ المُؤَخَّر: من المعلومِ أنَّكَ صادقُ القولِ , من المعلوم : خبر متقدم على المبتدأ , وفُهمَ ذلك لكونه شبه جملة , و{ أنَّ واسمها وخبرها } مصدر مؤول في محل رفع مبتدأ متأخر , والتقدير : من المعلومِ صدقُكَ



ب - الخبر : المعلومُ أنَّكَ صادقٌ : أنَّ ومعمولاها في محل رفع خبر المبتدأ الذي جاء اسم معنى , معرفة { اسم المعنى مثل : الثابت , المقصود , المفهوم , أمّا اسم الذات فمثل: زيد , بحر }



ج - الفاعل : أسعدَ الحضورَ أنَّ الحفلَ بهيجٌ , المصدر المؤول من أنَّ ومعمولَيها في محل رفع فاعل



د - نائب الفاعل : سُمِعَ أنَّ المحتلِّينَ راحلونَ , أمفهومٌ أنَّ أخاكِ قادمٌ ؟

المصدر المؤول في محل رفع نائب فاعل



ه - المفعول به : سمعَ الملحنُّ أنَّ مطربا صوتُهُ جميلٌ , المصدر

المؤول من أنَّ ومعموليها في محل نصب مفعول به

ظنَّ الأحرارُ أنَّ الغزاةَ راحلونَ , المصدر المؤول في محل نصب

سدَّ مسد مفعولي الفعل ظنَّ المتعدي إلى مفعولينِ أصلهما مبتدأ وخبر

أعلمَ المذيعُ المستمعينَ أنَّ الغزاةَ راحلونَ

المصدر المؤول من أنَّ ومعموليها في محل نصب سد مسد المفعولين الثاني والثالث للفعل أعلمَ المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل , ثانيهما وثالثهما أصلهما مبتدأ وخبر



و - في محل جر بالحرف : شعرتُ بأنَّ طيفَكِ قد زارَني , المصدر المؤول من أنَّ ومعموليها في محل جر بحرف الجر , الباء



ز - في موقع معطوف على مصدر صريح : تذكّرْ نصيحَتي وأنِّي حذَّرتُكَ من أصحابِ السوءِ

أو معطوف على مصدر مؤوَّل مثله : تذكَّري أنِّي نصحتُكِ وأنِّي حذَّرتُكِ من أصحابِ السوءِ



************************************

جواز الكسر أو الفتح

يجوز كلا الحالين عندما يكون الحرف ومعمولاه قابلا للتفسير بجملة فيجوز عندها الكسر , أو يقبل التأويل بمصدر فيجوز الفتح نحو





أ - بعد { إذا الفجائية } : خرجتُ فإذا إنَّ زيدا يقابلني , خرجتُ فإذا أنَّ زيدا يقابلني



ب - في جواب القسم غير المُقترِن باللام : لَعَمْرُكَ إنَّ أباكَ نبيلٌ

لَعَمْرُكَ أنَّ أباكَ نبيلٌ



ج - بعد فاء الجزاء الواقعة في جواب الشرط : مَنْ يزرْني فإنَّهُ لكريمٌ

مَنْ يزرْني فأنَّهُ كريمٌ



د - إذا وقعت بعد مبتدأ هو في المعنى قول , وخبر إنَّ قول , والقائل واحد : خيرُ القولِ إنِّي أحمدُ اللهَ

خيرُ القولِ أنَّي أحمدُ اللهَ

ففي الأولى { إني أحمد الله } جملة في محل رفع خبر المبتدأ

وفي الثانية { أنَّ ومعمولاها } مصدر مؤول في محل رفع خبر المبتدأ , أي أنه بتقدير كلمة واحدة , وليس جملة



************************************************** *********************

مواضع كسر الهمزة :

قال أهل العلم : يجب كسر همزة ( إن )في اثني عشر موضعا :
1 ـ أن تقع في الابتداء حقيقة نحو : " إنا أنزلناه " أو حكما نحو : " كلا إن الإنسان ليطغى "
2 ـ أن تقع تالية لحيث نحو : جلست حيث إن القوم جلوس
3 ـ أن تقع تالية ل ( إذ ) نحو : زرتك إذ إن خالدا أمير
4 ـ أن تقع تالية لموصول نحو : " وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة " هذا إذا كانت في صدر الصلة ، أما إذا كانت في حشوها فتفتح نحو : جاء الذي عندي أنه فاضل
5 ـ أن تقع بعد حتى نحو : شارك القوم حتى إن زيدا لمشارك
6 ـ أن تقع جوابا لقسم نحو : " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة "
7 ـ أن تكون محكية بالقول نحو : " قال إني عبد الله " فإن وقعت بعد القول غير محكية فتحت نحو : أخصك بالقول أنك فاضل
8 ـ أن تقع حالا نحو : " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون "
9 ـ أن تقع صفة نحو : نظرت إلى الجبل إنه لكبير
10ـ أن تقع بعد عامل علق بلام الابتداء ( اللام المزحلقة ) نحو :
" والله يعلم إنك لرسوله "
11 ـ أن تقع خبرا عن اسم ذات نحو : محمد إنه رسول الله "
12 ـ في باب الحصر ( بالنفي و إلا ) نحو : " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام "
قال كثير :
ما أعطياني ولا سألتهما * إلا وإني لحاجزي كرمي
مستفاد من المغني ومعجم القواعد العربية للعلامة عبد الغني الدقر
وغيرهما والله أعلى وأعلم

منقووووووووووووول










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-09, 10:12   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
بسمله
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بسمله
 

 

 
إحصائية العضو










B8

شكرا والله استفدت بزااااف جزاك الله خيرا
انا عندي سؤال ثاني ماهي الحلات التي تفيد فيها كان الديمومة والاستمرارية










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-09, 17:39   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Icon24

طبعا تقصدين بالاستمرارية والديمومة هي انها لاتكون ناقصة بمعنى تامة ومستمرة على ذلك

قد وجدت لكِ هذه التحليلات اتمنى ان تفيدكِ اختي
**********************************

الفعل الناقص ( كان ) معناه اللغوي وجد ، تم تفريغه من جُـلِّ معناه اللغوي ، واستعمل لفظا قابلا للتصرف ، فسمي ناقصا لأنه فقد كثيرا من معناه اللغوي واحتفظ بدلالته الزمنية ، فأصبحت وظيفته النحوية إعطاء الجملة الاسمية مدلولا زمنيا يحتاج إليه المتكلم.

وبعض الأفعال الناقصة لا يؤدي وظيفة زمنية ، إنما يؤدي وظيفة نحوية كالنفي في ( ليس ) ، والرجاء في ( عسى )

وبقية الأفعال الناقصة تؤدي وظيفتي الزمن والمعنى النحوي : استمرارًا وصيرورةً، نفيًا ومقاربةُ ، رجاءً وشروعًا.


ولكن الحالة الناقصة لكان وأخواتها لا تمنعها من العودة إلى حالتها التامة ، فتؤدي معناها اللغوي كاملا فنقول:

أبرقت السماء ُ فكان المطرُ ( أي وجد ونزل )، فاستعادت كان فعليتها التامة ورفعت المطر فاعلا لها.

قال تعالى : " وإن كان ذو عسرةٍ فنظرة إلى ميسرة" بمعنى إن وجد أحد ٌ ذو عسرة.
جاء في تفسير الطبري:


وقوله:"ذو عسرة"، مرفوع ب"كان"، فالخبر متروك، وهو ما ذكرنا. وإنما صلح ترك خبرها، من أجل أنّ النكرات تضمِرُ لها العربُ أخبارَها، ولو وُجِّهت"كان" في هذا الموضع، إلى أنها بمعنى الفعل المكتفِي بنفسه التام، لكان وجهًا صحيحًا، ولم يكن بها حاجة حينئذ إلى خبر. فيكون تأويلُ الكلام عند ذلك: وإن وُجد ذُو عسرة من غرمائكم برؤوس أموالكم، فنَظِرة إلى ميسرة.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبي بن كعب وَإِنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ )، بمعنى: وإن كان الغريم ذا عسرة ="فنظرة إلى ميسرة".

*******************************

كـان التـامـة ...(توضيح و تدريبات)


تُعرب (كان) فعلا تاما إذا احتاجت إلى فاعل و تم معناها به ، و ضابطها هنا هو أن تكون بمعنى (حَدَثَ) أو (وُجدَ) أو(جَاءَ). نحو (كانَ زيدٌ فمات) ... فهي هنا بمعنى (وُجد)

فإذا لم تجئ بهذه المعاني فـ اعلم أنها (ناقصة) ناسخة للجملة الاسمية

تدريبات: حدد نوع كان فيما يأتـــي.
(و كان الله غفورا رحيما) ...
سررت أن كان ذلك......
إذا كان الغدُ سأزورك..
تكونُ الأمطارُ في فصل الصيف...
كان و يا ما كان...
لولا اللهُ لما كنا ...
تلبدت السماء بالغيوم فكان المطر..
لو كنتَ كما كنتَ لكنتُ كما كنتُ لكن ذاك لم يكُنِ...
كنت أمشي مسرعا لذلك كان وصولي مبكرا...
ليس مخلوق كائنا من كان أن يأتي بكذا...
تكونُ الأمطارُ في الصيف غزيرة ...
***************
الاجابة
(و كان الله غفورا رحيما) ...
ناقصه
سررت أن كان ذلك......
تامه
إذا كان الغدُ سأزورك..
ناقصه
تكونُ الأمطارُ في فصل الصيف...
تامه
كان و يا ما كان...
تامه
لولا اللهُ لما كنا ...
تامه
تلبدت السماء بالغيوم فكان المطر..
تامه
لو كنتَ كما كنتَ لكنتُ كما كنتُ لكن ذاك لم يكُنِ...
الاولي ناقصه و الثانيه تامه و الثالثه ناقصه و الرابعه تامه و الرابعه تامه
كنت أمشي مسرعا لذلك كان وصولي مبكرا...
الاولي ناقصه و الثانيه ناقصه
ليس مخلوق كائنا من كان أن يأتي بكذا...
ناقصه
تكونُ الأمطارُ في الصيف غزيرة ...
ناقصه


موفقة اخيتي










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-09, 20:04   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
بسمله
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بسمله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

♥♥♥♪♥♥♥
شكرا جزيلا
اتعبتك معي
اسفة
جزاك الله خيرا
♥♥♥♪♥♥♥










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-11, 17:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسمله مشاهدة المشاركة
♥♥♥♪♥♥♥
شكرا جزيلا
اتعبتك معي
اسفة
جزاك الله خيرا
♥♥♥♪♥♥♥

لا شكر على واجب اختي

ربي يوفقك ان شاء الله









رد مع اقتباس
قديم 2013-03-10, 23:18   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على مجهوداتك اخت دلال بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-11, 17:38   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة omarzant مشاهدة المشاركة
شكرا على مجهوداتك اخت دلال بارك الله فيك



وفيك بارك الله اخي









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
*«•¨*•.¸¸.»منتدى, اللغة, العربية, «•¨*•.¸¸.»*, طلبة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc