لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 152 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-11-04, 21:12   رقم المشاركة : 2266
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة للتغير مشاهدة المشاركة
ممكن مساعدتي في مذكرتي بعنوان (تاثير اخلاقيات الخدمة العامة على تمكين لعاملين)

https://damascusuniversity.edu.sy/fac...usiness-thesis








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-11-04, 21:17   رقم المشاركة : 2267
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة salhi lmlouli مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد احييك واشكرك على ماتبذله من جهد لمساعدة اخوانك فكريا جعله الله في ميزان حسناتك وصدقة جارية لفقيدكم رحمه الله واسكنه فسيح جنانه .



طلب مساعدة في الحصول على دراسات او رسائل تخرج حول موضوع الرئسمال الفكري في المؤسسه الجزائرية
https://www.google.dz/url?sa=t&rct=j...06674449,d.d2s


https://www.google.dz/url?sa=t&rct=j...06674449,d.d2s









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-04, 21:18   رقم المشاركة : 2268
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة salhi lmlouli مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد احييك واشكرك على ماتبذله من جهد لمساعدة اخوانك فكريا جعله الله في ميزان حسناتك وصدقة جارية لفقيدكم رحمه الله واسكنه فسيح جنانه .



طلب مساعدة في الحصول على دراسات او رسائل تخرج حول موضوع الرئسمال الفكري في المؤسسه الجزائرية
https://www.google.dz/url?sa=t&rct=j...06674449,d.d2s









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-04, 21:21   رقم المشاركة : 2269
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة salhi lmlouli مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد احييك واشكرك على ماتبذله من جهد لمساعدة اخوانك فكريا جعله الله في ميزان حسناتك وصدقة جارية لفقيدكم رحمه الله واسكنه فسيح جنانه .



طلب مساعدة في الحصول على دراسات او رسائل تخرج حول موضوع الرئسمال الفكري في المؤسسه الجزائرية
https://www.fares-boubakour.edu.dz/Ex...sapproches.doc


https://dr-ama.com/?p=3805









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 09:59   رقم المشاركة : 2270
معلومات العضو
قمر العراق
عضو جديد
 
الصورة الرمزية قمر العراق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
(hano.jimi)
بارك الله فيكم واسكن مواتكم في فسيح جناته ورضي الله عنكم في الدنيا والاخرة










آخر تعديل قمر العراق 2015-11-07 في 10:00.
رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 10:00   رقم المشاركة : 2271
معلومات العضو
قمر العراق
عضو جديد
 
الصورة الرمزية قمر العراق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:11   رقم المشاركة : 2272
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

ضروب الخطابة في العصر الأموي: عرف العصر الأموي أنواع الخطابة التي كانت شائعة في صدر الإسلام، إضافة إلى أنواع جديدة أوجدها تطور الحياة الفكرية والأحداث السياسية والاجتماعية وظهور الفرق الدينية والكلامية.

وفي مقدمة الأنواع الخطابية التي ازدهرت عصرئذ الخطابة السياسية، وقد توافرت جملة من العوامل لازدهارها من ذلك الصراع على الحكم، فإن استئثار بني أمية بالحكم وجعله وراثياً بعد أن كان شورياً أثارا معارضة عنيفة من قبل فئات سياسية مناوئة للحكم الأموي وأبرزها: الحزب الخارجي، الحزب الشيعي،والحزب الزبيري، فضلاً عن نشوب ثورات تتوخى القضاء على الحكم الأموي كثورة ابن الأشعث وثورة ابن المهلب.

أدت وفرة الأحداث والصراع بين الأحزاب السياسية إلى ازدهار الخطابة السياسية ازدهاراً لم تشهد نظيره في أي من العصور، إذ كان لها الشأن الأول في استمالة الأنصار ومقارعة الخصوم وإرهاب الثائرين وتشجيع المناضلين وعرض حجج كل من الأحزاب المصطرعة ومناظرة أعدائهم.

ويتصل بالخطابة السياسية الخطب الحربية، فقد استدعت حركة الفتح الإسلامي التي بلغت مداها الأقصى في عصر بني أمية وجود خطباء يذكون وقد الحماسة في نفوس المقاتلة ويحضونهم على مجاهدة أعدائهم. وكان قادة الجيوش في الغالب ممن يجيدون الخطابة، ومن هذا القبيل خطبة طارق بن زياد يوم فتح الأندلس، وخطب ولاة خراسان في تحريضهم الجند على القتال إبان الفتوح فيما وراء النهر كخطب قتيبة بن مسلم ويزيد بن المهلب وأسد بن عبد الله القسري وغيرهم.

وثمة ضرب من هذه الخطب تختلط فيه المعاني السياسية بالمعاني الدينية هو القصص. فكان القصاص يرافقون الجيوش الغازية ويثيرون الحمية في النفوس عن طريق التمثل بالآيات القرآنية التي تحث على الجهاد وتذكير المجاهدين بما ينتظرهم عند الله من الثواب العظيم وربما استعانوا بأخبار فرسان العرب القدامى لتحقيق هذه الغاية .

والضرب الثاني من الخطابة هو الخطابة الدينية، وقد نالت هذه الخطابة حظاً وافراً من الازدهار والنماء في عصر بن ي أمية وإن لم تضارع الخطابة السياسية. ومرد ازدهارها إلى دواع شتى منها ظهور الفرق الدينية، وقد اكتسى حزبا الخوارج والشيعة مع الزمن ثوباً دينياً بعد أن كانا حزبين سياسيين. وهذه الفرق كانت تستعين بخطبائها في الدعوة إلى مبادئها والرد على خصومها، وكثيراً ما كانت المناظرات تقوم بين الفريقين المتنازعين.

ومما ساعد على نمو الخطابة الدينية كذلك حركة الزهد التي شهدها العصر الأموي، فقد ظهر في ذلك العصر جماعة من الزهاد وجهوا همهم إلى وعظ الناس وصدهم عن التهالك على ملاذ ّ الدنيا، وكان ظهور حركة الزهد رداً على انغماس عامة الناس في الشهوات، ولاسيما أولئك الذين أفاءت عليهم الفتوح أو التجارة المال الكثير. وكان في مقدمة الوعاظ الحسن البصري الذي نذر نفسه لهداية القوم وتزهيدهم في الدنيا الفانية بمواعظ بلغت الغاية في بلاغتها وقوة أثرها.

وإلى جانب القصاص الذين كانوا يرافقون الحملات الغازية لحث الجند على الاستبسال في القتال وجدت جماعة أخرى من القصاص تلازم المساجد وتقوم بسرد القصص الديني وتفسير القرآن الكريم تفسيراً ممزوجاً بقصص الأنبياء وأخبار الأمم القديمة، وكان بعضهم يجنح إلى المبالغة والتزيد كي يستميلوا الناس إلى قصصهم.

ويضاف إلى هذه الأنواع من الخطابة الدينية تلك الخطب التي كانت تلقى في المساجد أيام الجمع وفي الأعياد، وكان الوعظ غالباً على هذه الخطب إلا أنها لم تكن تخلو أحياناً من التعرض للجوانب السياسية.

وثمة خطب كان يلقيها الزهاد بين أيدي الخلفاء والولاة لتزهيدهم في الدنيا وقد أطلق عليها لفظ «المقامات».

ومن ألوان الخطابة الدينية أخيراً الخطب المتصلة بعقائد المتكلمين. وقد شهد العصر الأموي ظهور أوائل الفرق الكلامية المرجئة والقدرية والمعتزلة والجبرية، وكان لكل من هذه الفرق دعاتها الذين يروجون لعقائدها ويجادلون خصومها، وكثيراً ما كانت المناظرات تقوم بين هؤلاء، كل يدلي بحجته وأدلته، فارتقى بذلك فن المناظرة، وهو فن لم يعرفه العرب قبل، وفي حين كانت ضروب الخطابة الأخرى قوامها العناصر العاطفية كان قوام المناظرات العناصر العقلية المنطقية، وقد بلغ هذا الفن غايته في العصر العباسي.

والضرب الثالث من الخطابة هو الخطابة الحفلية. والمراد بالخطابة الحفلية الخطب التي كانت تلقى في المحافل والمجالس والأسواق لغرض من الأغراض المتصلة بالحياة الاجتماعية كالمفاخرة والتهنئة والتعزية والتكريم والشكوى وعقد النكاح وإصلاح ذات البين ونحو ذلك.

وقد حظيت هذه الخطب بقسط وفر من النماء والارتقاء في العصر الأموي لتوافر دواعيها، فكانت الوفود تقدم على الولاة والخلفاء ويقوم خطباؤها فيلقون الخطب بين يدي الوالي والخليفة في الغرض الذي قدموا من أجله. وربما اجتمع في مجلس واحد خطباء من قبائل شتى فيجري بينهم التفاخر بقبائلهم والإشادة بمآثرها. وقد شهد العصر الأموي استعار نار العصبية القبلية على نحو لم تعرفه العصور السابقة وأدى استعارها إلى نمو الشعر القبلي واتساع نطاقه من جانب وإلى كثرة المفاخرات القبلية من جانب آخر، ولاسيما بين خطباء العدنانية والقحطانية.

ومما يلفت النظر في ذلك انتقال مراكز النشاط الأدبي من البوادي إلى الحواضر والأمصار المحدثة التي ازدحمت بأفواج المهاجرين إليها من شتى قبائل العرب، فأدى ذلك إلى وقوع المفاخرات بين خطباء تلك القبائل في تلك الحواضر فضلاً عما قام بين شعرائها من مناقضات.

وقد ظلت الخطابة الحفلية التي كانت معروفة من قبل قائمة في العصر الأموي كخطب ال إ ملاك وخطب إصلاح ذات ا لبين وخطب التعزية وغيرها.

خصائص الخطابة في العصر الأموي: كان الخطباء الأمويون يعنون بتجويد خطبهم وتحبيرها وتنميقها حتى تأتي في الصورة التي يرتضونها ولم يكونوا يرسلون الكلام عفواً على البديهة - صنيع الجاهليين - وقد أثر عن البعيث الخطيب الشاعر قوله: «إنّي والله ما أرسل الكلام قضيباً خشبياً وما أريد أن أخطب يوم الحفل إلا بالبائت المحكك».

وكان من ثمرة هذ ا التنقيح أن جاءت خطب العصر الأموي منسقة الأفكار، مرتبة الأقسام، محكمة التسلسل. وتظهر هذه السمات على نحو جلي في خطبة زياد التي قالها يوم قدم البصرة.

وكان من خطباء العصر الأموي من تعمد محاكاة أهل البادية في جزالة أسلوبهم وبداوة ألفاظهم. ويظهر الطابع البدوي في خطب الحجاج خاصة. على أن أسلوب الخطابة الأموية كان يتفاوت بتفاوت أغراضها وموضوعاتها.

وقد ظلت خصائص الخطابة التي وجدت في خطب صدر الإسلام قائمة في الخطب الأموية، ومن ذلك استهلال الخطبة بذكر اسم الله وحمده وإلا كانت بتراء وتوشيحها بآي من القرآن الكريم وإلا كانت شوهاء، وقد يتمثل الخطيب بشي ء من الشعر أو الرجز.

وربما وقع السجع في طائفة من الخطب الأموية ولكن الخطباء ما كانوا يسرفون في الإتيان به كراهية محاكاة سجع الكهان، وكان النبي e وخلفاؤه يوصون الخطباء بتحامي هذا السجع.

وحين ظهرت الفرق الكلامية برزت الحاجة إلى تعليم أتباع كل فرقة أصول الخطابة ووسائل الإقناع وتدريبهم على محاجة خصومهم بالبراهين والأدلة العقلية، وظهر صدى ذلك في خطبهم ومناظراتهم من حيث خصب الأفكار وتنسيقها وعمقها واستنادها إلى المنطق وأصول الجدل.

وفي الوسع القول إن ف ن الخطابة لم يبلغ في أي عصر من العصور ما بلغه في العصر الأموي من النماء والنضج.

أعلام الخطباء في العصر الأموي: ظهر في العصر الأموي عدد وفر من الخطباء في شتى ضر و ب الخطابة، ومن اللافت للنظر في ذلك العصر ظهور جماعات من الخطباء تنتمي كل منها إلى أسرة واحدة. ومن هؤلاء آل رقبة الذين ينتمون إلى قبيلة عبد القيس الربعية ومن الخطباء المشهورين في هذه الأسرة كرب بن رقبة وابنه مصقلة بن كرب، وهو أشهر خطباء هذه الأسرة، وكان أيام الحجاج. وقد ذكر الطبري أن الحج اج لما دخل الكوفة بعد هزيمة ابن الأشعث أجلس مصقلة بن كرب إلى جانبه وأمره أن يخطب فيشتم كل امرئ بما فيه. وكان ابنه كرب بن مصقلة خطيباً مفوهاً كذلك، وكان له خطبة يقال لها «العجوز» كان آل رقبة يفاخرون بها.

ومن الأسر التي اشتهرت بالخطابة كذلك آل الأهتم من قبيلة تميم، وهي أعرق الأسر ال عربية في الفن الخطابي، وعرف منها في العصر الجاهلي والإسلامي عمرو بن الأهتم [ر]، وأخوه عبد الله بن الأهتم. وكان لعبد الله ولدان اشتهرا بالخطابة في عصر بني أمية هما صفوان ابن عبد الله بن الأهتم، وعبد الله بن عبد الله ابن الأهتم. وقد ذكر أن عبد الله هذا دخل على عمر بن عبد العزيز فألقى بين يديه خطبة بليغة عرض فيها بأسلاف عمر من بني أمية.

وفي أواخر العصر الأموي ظهر من هذه الأسرة خطيبان أصابا شهرة بعيدة هما خالد بن صفوان بن عبد الله بن الأهتم، وشبيب بن شيبة ابن عبد الله بن عبد الله بن الأهتم، وكان لهذين الخطيبين شأن كبير في العصر العباسي كذلك.

ومن الأسر القرشية التي كان لها حظ واف من الشهرة الخطابية عصرئذ آل العاص، وهم من بن ي أمية. ومن مشهوري خطباء هذه الأسرة سعيد بن العاص [ر]، وهو أشهر خطبائها. ومنها كذلك عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص المعروف بعمرو بن خولة - نسبة إلى أمه - وهو من الخطباء الذين فاخر بهم بنو أمية بني هاشم.

ومن الأسر التي اشتهرت بالخطابة الدينية في ذلك العصر أسرة فارسية الأصل تنتمي بالولاء إلى قبيلة رقاش البكرية، ومن هذه الأسرة يزيد بن أبان الرقاشي، وكان من القصاص المجيدين، وابن أخيه الفضل بن عيسى بن أبان القصاص. وكان عمرو بن عبيد يحضرمجلسه، ثم اشتهر بعدئذ ابنه عبد الصمد بن الفضل الرقاشي.

إلى جانب هذه الأسر الخطابية ظهر عدد جم من الخطباء المجيدين، وقد تقدم القول إن كل حزب من الأحزاب السياسية كان يستظهر بطائفة من الخطباء للمنافحة عنه. وقد برز من الحزب الأموي خطباء من الأسرة الأموية أشهرهم معاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وسليمان بن عبد الملك، وعتبة بن أبي سفيان، وعمرو بن سعيد الأشدق.

وأشهر خطباء الحزب الأموي زياد بن أبي سفيان [ر]، والحجاج بن يوسف [ر]، وكلاهما من قبيلة ثقيف التي كانت تستوطن الطائف. وقد تجلى نبوغ زي ا د الخطابي منذ أيام عمر بن الخطاب، ودعاه عمر بالخطيب المصقع. وقد مهدت له براعته البيانية والحسابية وثقافته الطريق لتولي الإمارة أيام علي ومعاوية، فولاه علي فارس وكرمان، وبعد مقتل علي استماله معاوية إلى صفه واستحلفه بنسبه وولاه البصرة، وهي يومئذ تموج بالفتن والاضطراب، فاستطاع بحنكته السياسية وحزمه القضاء على الفتنة وحمل أهل البصرة على طاعة بني أمية وأشاع الأمن والاستقرار فيها. وما لبث معاوية أن ضم إليه الكوفة بعد وفاة واليها المغيرة بن شعبة [ر]، فكان أول من جمع له العر ا قان. ولما توفي سنة 53هـ كان الأمن والهدوء يعمان أرجاء العراق.

وقد سار الحجاج بن يوسف على خطا سلفه زياد ولكنه كان أكثر ميلاً إلى البطش وسفك الدماء. وكان يضارع في البراعة الخطابية، وشهد له معاصروه بذلك فقال مالك بن دينار: «ما رأيت أحداً أبين من الحجاج، وإن كان ليرقى المنبر فيذكر إحسانه إلى أهل العراق وصفحه عنهم وإساءتهم إليه حتى أقول في نفسي: لأحسبه صادقاً وإني لأظنهم ظالمين له».

ومن ولاة بني أمية الذين اشتهروا بالخطابة خالد بن عبد الله القسري [ر] وأخوه أسد، وروح بن زنباع، وعبد الله بن عامر، وبلال بن أبي بردة الأشعري، والمهلب بن أبي صفرة، و ا بنه يزيد، وقتيبة بن مسلم، ونصر بن سيار.

وظهر من الخوارج كثرة من الخطباء المجيدين منهم قطري بن الفجاءة [ر]، وعبيدة بن هلال اليشكري، والمستورد بن علفة، وزيد بن جندب الإيادي، وقد أشاد الجاحظ بفصاحته وبراعته الخطابية، وعمران بن حطان شاعر الصفرية وخطيبهم، وصالح بن مسرح وقد اشتهر بقصصه ووعظه لأصحابه، والضحاك بن قيس الشيباني. وأشهر خطباء الخوارج في ذلك العصر هو أبو حمزة الخارجي الإباضي [ر]، وقد انتهت إلينا طائفة من خطبه تنبئ بمهارته البيانية المتفوقة.

وبرز من رجال الحزب الشيعي عصرئذ الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم، وقد ورثا عن أبيهما البلاغة والمقدرة الخطابية. ومن خطباء الشيعة كذلك زيد بن علي، رأس الزيدية، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، وحفيده عبد الله بن معاوية بن عبد الله، ومنهم كذلك صعصعة بن صوحان، والمختار الثقفي، وسليمان بن صرد زعيم التوابين، وعبيد الله بن عبد الله المري.

ومن خطباء الحزب الزبيري المبرزين عبد الله بن الزبير، وأخوه مصعب، وعثمان بن عروة بن الزبير، وأخوه عبد الله بن عروة، وكان هذا أبرع الزبيرية وكانوا يشبهونه في بلاغته بخالد ب ن صفوان.

وأشهر الخطباء الدينيين عصرئذ هو الحسن البصري [ر]، ولم يحظ أحد من رجال الدين بمثل المنزلة التي حظي بها الحسن في ذلك العصر، وعلى أنه كان من أصل غير عربي فقد أجاد الخطابة إجادة العرب الخلص، وذلك لأنه نشأ نشأة عربية بين مواليه الأنصار، حتى كانوا يشبهونه برؤبة بن العجاج، وشهد له أبو عمرو ابن العلاء بالفصاحة فقال: «لم أر قرويين أفصح من الحسن والحجاج». وكان الحسن يعظ فيأسر القلوب ويسيل الدموع. وكانت حلقة «صاحب العمامة السوداء» أكثر حلقات المسجد ازدحاماً بالوافدين، وكانوا يشبهون كلامه بكلام الأنبياء، ولما توفي سنة 110ه ـ ، كانت وفاته حدثاً عظيماً في تاريخ البصرة، وقد مشى أهلها جميعاً في جنازته واشتغلوا به فلم تقم صلاة العصر في الجامع.

ومن فصحاء أهل الكلام وخطبائهم واصل ابن عطاء [ر]، شيخ المعتزلة، وقد بلغ من مقدرته الخطابية أنه خطب خطبة كاملة تجنب فيها حرف الراء لئلا تظهر لثغته. ومن خطباء الوعظ سحبان بن زفر الوائلي [ر] الذي ضرب المثل ببلاغته، وقد رووا أنه خطب عند معاوية ذات يوم من صلاة الظهر حتى صلاة العصر. ومنهم كذلك عمر بن عبد العزيز الذي كان يكثر من وعظ الرعية، ومنهم الأوزاعي [ر]، وإياس بن معاوية [ر]، وجامع المحاربي، وصالح المري القاص.

ومن أشهر خطباء المحافل في ذلك العصر الأحنف بن قيس [ر] سيد بني تميم، والبعيث المجاشعي، والنخار بن أوس العذري، وصعصعة ابن صوحان.

الكتابة : عرف العرب الكتابة منذ العصر الجاهلي لتوافر الحاجة إليها، إذ كانوا يحتاجون إليها في كتابة العهود ومواثيق الأحلاف وصكوك التعامل والتبادل التجاري، وفي كتابة الرسائل، وغير ذلك. وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى القلم والكتابة نحو قوله تعالى: ) ن، والقلم وما يسطرون ( (سورة القلم، الآية 1). وكذلك نجد في الشعر الجاهلي ما يدل على معرفة الجاهليين بالكتابة.

إلا أن الكتابة لم تكن شائعة عصرئذ، إذ كان جل العرب على الأمية، وكانت الكتابة منتشرة في البيئات الحضرية أكثر من انتشارها في البيئات البدوية. وبقيام الدولة الإسلامية ازدادت الحاجة إلى الكتابة لتلبية متطلبات الدين الجديد، وانصرفت طائفة من كتاب الرسول e إلى كتابة الوحي، في حين عني آخرون بكتابة الرسائل. وقد ذكرنا أن الكتابة في تلك الحقبة كانت بسيطة موجزة بعيدة عن التعقيد والزخرف.

فلما جاء العصر الأموي تعقدت الحياة وتطور المجتمع الإسلامي واتسعت رقعة الدولة فوجدت الحاجة إلى إنشاء الدواوين. وكان إنشاؤها قد بدأ في عهد عمر بن الخطاب الذي أنشأ ديوان العطاء، فلما جاء الأمويون أوجدوا دواوين أخرى كديوان الرسائل وديوان الجيش وديوان الخاتم.

ورافق إنشاء الدواوين بدء حركة التدوين، فجمعت طائفة من الأخبار والسير والأشعار، وكتبت رسائل من موضوعات شتى.

وقد ظهر في عصر بني أمية كتاب احترفوا صنعة الكتابة، وكان لكل خليفة ولكل وال كتابه. وكان ديوان الخراج يكتب أول الأمر بلغة الدولة التي كانت قائمة قبل الفتح، فكان يكتب بالعراق بالفارسية، وبالشام بالرومية،وكان يتولاه الموالي من الفرس والروم وغيرهم، وفي عهد عبد الملك بن مروان عرب هذا الديوان.

أما ديوان الرسائل فكانت لغته ال عربية منذ إنشائه، وكان يقوم عليه كتاب من العرب أو من الموالي الذين أجادوا ال عربية. ومن الكتاب المبرزين في ذلك العصر عمرو بن نافع كاتب عبيد الله بن زياد، وجناح كاتب الوليد بن عبد الملك، وعبد الحميد الأصغر كاتب سليمان بن عبد الملك، والليث بن رقية كاتب عمر بن عبد العزيز، وسالم مولى هشام بن عبد الملك، وعبد الحميد الكاتب [ر] كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وهو أشهرهم.

كانت الكتابة تجري أول الأمر على السنن الذي كانت عليه في صدر الإسلام من حيث توخي البساطة والإيجاز ومجانبة التنميق والزخرف، ولكن تطور الحياة الاجتماعية والعقلية من جانب، وتولي الموالي - من الفرس خاصة - مقاليد الكتابة من جانب آخر، كل ذلك أدى إلى تطور فن الترسل وتعقد أدواته.

وقد تأثر الكتاب الموالي بمناهج الكتابة وأساليب التعبير في لغاتهم الأصلية، فظ هرت في طرائقهم الكتابية سمات لم تعرفها الكتابة ال عربية من قبل، ومن ذلك إطالة الرسائل والتكرار والترادف والإسراف في التنميق والصنعة. وأول من عرف بإطالة الرسائل عمرو بن نافع كاتب عبيد الله بن زياد، ولم يكن ابن زياد راضياً عن طريقته الكتابية التي تغاير ما ألفه العرب.

ثم جاء سالم كاتب هشام بن عبد الملك فنهض بفن الكتابة الديوانية، ويقال إنه كان ملماً باللغة اليونانية و إ ن ما أوجده من سمات جديدة في الكتابة ال عربية مرده إلى تأثره بتلك اللغة، وهو قول يفتقر إلى ما يؤيده، ولم يصلنا من رسائل سالم إلا رسالة كتبها على لسان هشام إلى خالد القسري عامله على العراق.

وعلى يد سالم هذا تخرج عبد الحميد الكاتب، وهو يمت إ ليه بصلة القربى. كان عبد الحميد مولى العلاء بن وهب القرشي، وهو فارسي الأصل، وكان في أول أمره ينتقل في البلدان ويعلم الصبيان في الكتاتيب، ثم التحق بديوان الرسائل بدمشق في عهد هشام بن عبد الملك وتخرج على يد زوج أخته سالم في فن الترسل. وقد اتصل بمروان بن محمد منذ عهد هشام وكتب له، فلما صارت الخلافة إليه اتخذه كاتباً لرسائله، ولازمه عبد الحميد حتى آخر أيامه وأبى أن يتخلى عنه يوم أحيط به فقتل معه، وتذهب رواية أخرى إلى أنه توارى عند صديقه ابن المقفع ثم عثر عليه فقتل.

وعلى يد عبد الحميد تطور فن الترسل وبلغ غاية بعيدة من النضج،وجمهور الباحثين على أن الكتابة الفنية إنما وجدت على يده، ولهذا قيل: «فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت بابن العميد» وقد انتهت إلينا طائفة من رسائله القصيرة والمطولة وتوقيعاته.

وأبرز ما تتسم به كتابة عبد الحميد إطالة التحميدات في صدور الرسائل، والإكثار من الترادف، والعناية بالتصوير الفني وبالجانب الموسيقي، وذلك من طريق اختيار الألفاظ والتوازن بين الجمل، والإتيان بالسجع أحياناً. وهو يسرف في استعمال صيغة الحال. وكتابته بعيدة عن البساطة والعفوية اللتين عهدتا في الكتابة ال عربية من قبل وأثر الجهد والتكلف فيها واضح، وهو يسرف في تنميق رسائله وزخرفتها بألوان الصنعة.
جمعته
رد مع اقتباس
https://vb.arabsgate.com/showthread.php?t=515693









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:13   رقم المشاركة : 2273
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا

ع1:
الخطابة، وأنواعها في العصر الأموي
ج1:

اتسمت الخطابة في العصر الأموي بعذوبة اللفظ، ومتانة الأسلوب، وقوة التأثير، والاقتباس من القرآن الكريم، والسير على منهجه في الإقناع بالحجة والبرهان، والتأثير في الوجدان.
وقد أدت العوامل السياسية، والاجتماعية والثقافية والدينية إلى ازدهار هذا الفن ازدهارًا كبيرًا في عهد الأمويين.
وقد تنوعت الخطابة واتسعت مجالاتها، ومن هذه الأنواع الخطابة السياسية، والخطابة الدينية، والخطابة الاجتماعية، وإلى جانب هذه الأنواع ظهر نوع آخر هو المحاورات والأجوبة.
وعرف كثير من الخطباء البارزين في هذا العصر؛ يأتي في مقدمتهم الخلفاء والولاة من بني أمية، والعمال الذين استعملوهم، وغيرهم.
ومن أشهر خطباء هذا العصر: الحجاج بن يوسف، وزياد بن أبيه، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وغيرهم.
ومن النماذج التي تجسد سمات الخطابة في هذا العصر خطبة الحجاج في أهل العراق؛ ومنها قوله:
والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل؛ فإنكم لكأهل: {قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} وإني والله لا أقول إلا وفيت، ولا أهم إلا أمضيت.
ع2:
الخطابة الدينية، والاجتماعية، وفن المحاورة
ج1:
ع3:
أطوار الكتابة الإنشائية، والرسائل، والحديث عن عبد الحميد الكاتب
ج1:

تنمو الكتابة وتزدهر في ظل الحضارة، وقد كان للإسلام فضل كبير على الكتابة؛ فقد انتقل العرب في ظله من البداوة إلى الحضارة والنظام، واحتاج الوحي الكريم إلى من يكتبه، وكذلك السنة النبوية المطهرة.
فلما جاء العصر الأموي واتسعت رقعة الدولة بسبب الفتوحات نشأت تبعًا لذلك الدواوين، واتخذ الأمويون كتابًا من ذوي الثقافة الأدبية والمواهب البيانية، ومن أهم هذه الدواوين ديوان الرسائل.
وفي العصر الأموي استقرت تقاليد الكتابة الفنية، وعرفت الكتابة طريقها إلى التأنق والصنعة وصفاء الديباجة، وظهر عدد كبير من الكتاب المرموقين، وأشهر كتاب هذا العصر عبد الحميد بن يحيى الكاتب الذي قيل فيه: بدأت الكتابة بعبد الحميد، وانتهت بابن العميد.
ووصية عبد الحميد للكتاب مشهورة، وفيها يرسم لهم طريق الإجادة والتفوق، ويدلهم على ما ينبغي على الكاتب أخذ نفسه به من تحصيل العلوم بأنواعها، ومن التمسك بالأخلاق الفاضلة.
وقد ظهر فن التوقيع الذي يتميز بالإيجاز الشديد في هذا العصر، وهو لون من ألوان الكتابة.
Attached Files Attached Files
File Type: pdf 13.pdf (35.9 KB, 7 views)
https://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=48935









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:14   رقم المشاركة : 2274
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
لأدب في العصر الأموي

الأدب في العصر الأموي، أدى قيام الدولة الإسلامية إلى ظهور أدب إسلامي يغاير في كثير من خصائصه الأدب الجاهلي، بيد أن قصر حقبة صدر الإسلام (1هـ، 40هـ) لم يتح لهذا الأدب أن يمد جذوره وأن تنضج سماته الجديدة، فلما كان العصر الأموي أتيح لهذا الأدب الجديد أن يزدهر وأن تتضح قسماته، وساعدت على هذا التطور عوامل كثيرة سياسية واجتماعية ودينية.
وأبرز المؤثرات في الحياة الأدبية عصرئذ كانت المؤثرات السياسية. فقد نقل الأمويون حاضرة ملكهم إلى بيئة جديدة تغاير بيئة الحجاز هي الشام. وأسسوا ملكاً وراثياً يتداول فيه بنو أمية الحكم من دون سواهم ويقمعون كل معارضة تنزع إلى سلبهم ملكهم، وكان لجل خلفاء بني أمية مقدرة سياسية تجعلهم مهيئين لتولي مقاليد الحكم. وقد قوبل نزوع بني أمية إلى الاستئثار بالأمر بمعارضة عنيفة من طوائف من رعيتهم، منهم الخوارج [ر] الذين كانوا يريدون الخلافة شورية لا تكون وقفاً على قريش وحدها بل يتولاها كل من تتوافر فيه المؤهلات المطلوبة ولو كان عبداً حبشياً. ومنهم الشيعة [ر] الذين كانوا يرون آل البيت أحق بتولي الأمر من جميع بطون قريش ومن جميع المسلمين ويجعلون الإمامة أمراً إلهياً، فالله اختار نبيه والنبي e اختار وصيه علياً، وكل إمام يوصي لمن يليه، وقد اتهموا بني أمية بأنهم افتأتوا عليهم وغصبوهم حقهم الشرعي. على أن حزبي الخوارج والشيعة ما لبثا أن انقسما إلى فرق تختلف فيما بينها في طائفة من المعتقدات، فانقسم الخوارج إلى أزارقة - وهم أشدهم تطرفاً - وإباضية، ونجدات، وصفرية، وفرق أخرى أقل شأناً، وانقسم الشيعة إلى إمامية اثني عشرية، وإمامية سبعية (إسماعيلية)، وكيسانية، وزيدية. وقد قام كل من الخوارج والشيعة بثورات متصلة طوال العصر الأموي ولكنهم لم يستطيعوا تحقيق نصر حاسم لتفرق كلمتهم وقلة عددهم، ولكن ثوراتهم أدت إلى زعزعة أركان الحكم الأموي. ومن هذه الطوائف كذلك جماعة عبد الله بن الزبير الذي كان يرى أنه أحق بالخلافة من يزيد بن معاوية، وقام بينه وبين بني أمية نزاع دموي استمر عشر سنوات وانتهى بمقتله والقضاء على أصحابه سنة 73هـ. ومن هذه الطوائف من ثار على بني أمية لعدم رضاهم عن سياسة أميرهم، فثار عبد الرحمن ابن الأشعث على الحجاج ثورة كادت تزلزل أركان الحكم الأموي ولكنه أخفق في تحقيق النصر وانتهى الأمر بموته منتحراً، وثار يزيد بن المهلب على يزيد بن عبد الملك وانتهى أمره بمقتله.
ومن أهم ثورات الخوارج التي تمخض عنها عصر بني أمية ثورات الأزارقة الذين كانوا أشد الخوارج تطرفاً وتشدداً، وقد قتل زعيمهم نافع ابن الأزرق في موقعة دولاب مع أهل البصرة. وتوالت ثوراتهم بعد ذلك واستطاع القائد المحنك المهلب ابن أبي صفرة أن يبعد خطرهم ويصد حملاتهم وأن يقضي عليهم آخر الأمر. وفي الوقت عينه كان الخوارج الصفرية يشنون حملات عنيفة على مدينة الكوفة يقودهم الخارجي شبيب بن يزيد. وقد استطاع هذا الخارجي أن يهزم جيوشاً كثيرة أرسلها إليه الحجاج. بل لقد استطاع دخول الكوفة ومعه زوجه غزالة الحرورية، واضطر الحجاج أن يستنجد بعبد الملك الذي وجه لنجدته جيشاً من أهل الشام، وأخيراً هلك شبيب وزوجه وأخوه في موقعة على مشارف الكوفة. وفي أواخر العصر الأموي قام الخارجي الضحاك بن قيس الشيباني بحملة على الكوفة في جمع غفير من الخوارج واستطاع الاستيلاء عليها ولكنه هزم بعدئذ في موقعة مع جيش وجهه إليه مروان بن محمد وانتهى الأمر بمصرعه. ولم تكد ثورته تنطفئ حتى انطلق الخوارج الإباضية من بلاد اليمن إلى الحجاز واستطاع قائدهم أبو حمزة الخارجي أن يستولي على مكة والمدينة ولكنه لم يستطع أن يصد الجيش الذي وجهه إليه مروان بن محمد من الشام فقتل في موقعة بوادي القرى.
وعلى الرغم من إخفاق ثورات الخوارج فإن ثوراتهم المتصلة كانت من أقوى الأسباب في إضعاف الحكم الأموي وجعله عاجزاً عن الوقوف في وجه أنصار الدعوة العباسية.
وكانت ثورات الشيعة أقل خطراً من ثورات الخوارج، فقد أعلن الحسين بن علي خلافه على يزيد بن معاوية ولما قدم بآل بيته إلى الكوفة تخلت عنه شيعته فانتهى أمره بالقتل ومعه جل آل بيته. وكذلك أخفقت ثورة التوابين في إحراز نصر حاسم على بني أمية. واستطاع المختار الثقفي أن يستولي على الكوفة وأن يهزم جيش أهل الشام ولكنه لم يستطع التغلب على جيش مصعب بن الزبير وقتل. وكذلك أخفقت ثورة زيد بن علي بالكوفة لخذلان أهل الكوفة إياه فقتل وصلب كما قتل ابنه يحيى بعد ذلك.
ويتصل بالمؤثرات السياسية حركة الفتح الإسلامي التي بلغت أوجها في ذلك العصر، وقد استطاع الفاتحون المسلمون أن يمدوا حدود الدولة الإسلامية في حقبة قصيرة إلى أقصى المغرب وإلى بلاد الأندلس ومشارف بلاد الروم، وامتدت فتوحهم شرقاً إلى بلاد فارس وسجستان وخراسان وما وراء النهر وبلاد السند، فكان الفتح الإسلامي أسرع فتح عرفه التاريخ، وكان العرب الفاتحون حين يبسطون سلطانهم السياسي ينشرون معه عقيدتهم ولغتهم وأدبهم، كما كانوا يتأثرون بحضارة الأمم التي بسطوا سلطانهم عليها وبأدبها وعاداتها الاجتماعية. وقد أدت الفتوح إلى امتلاء أيدي الفاتحين بالفيء والأموال وأدى هذا إلى اختلاف نمط حياتهم اختلافاً بيناً عما كانت عليه يوم كانوا يعيشون حياة التقشف والضيق في جزيرتهم.
فكذلك وجد للأدب العربي في عصر بني أمية بيئات جديدة غير بيئة الجزيرة العربية، مهده الأول، فتلون الأدب بألوان هذه البيئات وتأثر بها، فكان لبيئات الشام والعراق وخراسان ومصر والمغرب والأندلس أثرها القوي في الحياة الاجتماعية والفكرية والأدبية.
ومن المؤثرات الاجتماعية في الحياة الأدبية كذلك ظهور طبقة الموالي التي كانت في تكاثر مستمر سواء من طريق الفتوح أو الشراء، وكان لا مفر من أن يكون لوجودها أثر واضح في المجتمع العربي كما كان لها أثر في الحياة الأدبية. فقد حذقت طوائف من الموالي اللغة العربية لنشأتهم بين ظهراني مواليهم العرب، ووقفوا على التراث الأدبي وما لبثوا أن شاركوا في الحياة الأدبية فظهر منهم الكتاب والشعراء. على أن بني أمية كانوا يقمعون أية محاولة يقوم بها الموالي لإبراز هويتهم القومية أو لرفع أصواتهم بنائرة العصبية المعادية للجنس العربي، فظلت الكلمة الأولى للعرب طوال ذلك العصر، على نقيض ما حدث في العصر العباسي.
ولئن أفلح بنو أمية في قمع العصبية القومية فإنهم لم يفلحوا في إخماد جذوة العصبية القبلية التي استعرت في ذلك العصر وبرزت على نحو أعنف وأبعد أثراً مما كانت عليه في العصر الجاهلي، وكان استعارها بفعل عوامل شتى اجتماعية وسياسية واقتصادية. وقد ظهرت في ذلك العصر التكتلات القبلية الواسعة فاحتدم الصراع بين العدنانية والقحطانية، كما نشب الصراع في إطار كل من هاتين الكتلتين. وقد تركت هذه الفتن القبلية صداها القوي في الحياة الأدبية، وفي الشعر خاصة، فنشط فن المناقضات وكثرت المفاخرات القبلية. ووقف الشعراء والخطباء وراء احتدام هذه العصبيات فكان الشعراء يلتقون في المربد والمحافل فيتفاخرون ويتهاجون والناس حلق حولهم وكل فئة تتعصب لشاعرها فتزداد نار العصبية بذلك اتقاداً.
وثمة عامل آخر كان له أقوى الأثر في الحياة الأدبية عصرئذ هو البلاط الأموي، وموقفه من الشعراء والخطباء. وكذلك موقف ولاة بني أمية منهم. فقد دأب خلفاء بني أمية وولاتهم على إكرام الشعراء الذين ينتجعونهم فأغدقوا عليهم الأموال بسخاء، فلا غرو أن يتجه الشعراء إلى فن المديح ويجعلوه فنهم الأول، وأن يتزاحم فحول الشعراء على أبواب الخلفاء والولاة يمدحونهم ويبالغون في إطرائهم ليظفروا بالعطايا والصلات، فإذا بفن المديح - الذي كان الجاهليون ينظرون إليه على أنه فن يزري بقائله - يغدو الفن الأول في الشعر العربي، وإذا بالشعراء المداحين يتنافسون في التقرب إلى أولي الأمر ليحظوا بالمال والشهرة فيخرج الشعر بذلك عن مساره الحق ويسلك مساراً آخر يبعد عن الصدق والأصالة.
وفي الميدان الفكري تظهر مؤثرات تتجه بالفكر العربي وجهات لا عهد له بها وتثير قضايا لم تخطر له من قبل، فيثور الجدل بين المسلمين في شؤون عقدية كالقضاء والقدر وحرية الإرادة والثواب والعقاب والكبائر ونحوها وتظهر الفرق الكلامية كالقدرية والمعتزلة والجهمية والمرجئة وغيرها ويشغل المسلمون بالجدل في هذه الأمور ويتلون الأدب الأموي من جراء ذلك بألوان فكرية تخصبه وتوسع آفاقه.
فهرست [إخفاء]
1 الثقافة
2 الفنون الأدبية في العصر الأموي
2.1 الشعر
2.1.1 خصائص الشعر في العصر الأموي
2.1.2 أعلام الشعراء في العصر الأموي
2.2 الخطابة والمناظرات
2.3 الكتابة
3 المصادر
الثقافة

لقد نشات في العصر الاموي حركة ثقافية كبيرة وواسعة وانتشرت المعرفة بين طبقات المجتمع وكان لازدهار الحركة الثقافية اثره العظيم في سير اتجاه الشعر وتطوره كانت الثقافة الاموية مكونة من ثقافات جاهلية قبلية واسلامية وثقافة مختلطة نشات من تاثير الاجانب في الشرق والغرب الذين فتحت بلادهم واصبحوا تحت سيطرت الحكم الاموي حيث طوروا الاساليب الثقافية وفق احتياجات الدولة والمجتمع الذي سما الاى الرقي والتوسع في المعرفة ومن ذلك تعريب الدواوين الحكومية وصك العملة الاموية والتمازج الثقافي بين اللغات الفارسية والهندية والرومانية من جهة واللغة العربية من جهة اخرى وتفتح اذهان المثقفين من الشعراء والعلماء واطلاعهم على ثقافات جديدة كل ذلك انعكس ايجابا على معاني واساليب الشعر في هذا العصر واتضح جليا في قصائد الشعراء سواء كان في المعنى او المضمون او الاساليب الاان القوالب الشعرية بقيت على حالتها ذلك ان الاذن العربية الفت سماع الشعر علىاوزان خاصة وبموسيقى محددة.
الفنون الأدبية في العصر الأموي

بلغت الفنون الأدبية التي سبق الحديث عنها في صدر الإسلام مستوى رفيعاً من النضج والنماء في العصر الأموي وهي: الشعر والخطابة والكتابة، وذلك لتضافر الكثير من العوامل.

الشعر
اتجاهات الشعر في العصر الأموي: بظهور الأحزاب السياسية في العصر الأموي ظهر لون جديد من الشعر لا عهد للعرب به من قبل هو الشعر السياسي، فكانت الأحزاب المصطرعة على الحكم تستعين بشعرائها لتأييد دعوتهم ومبادئها ومنافحة خصومها، فكان لكل من الأمويين والخوارج والشيعة والزبيرية ومعارضي الحكم الأموي عامة شعراؤهم الناطقون بلسانهم، الذائدون عنهم. وقد بلغ الشعر السياسي من جراء هذا الصراع غايته من الارتقاء والانتشار حتى كاد الطابع السياسي يغلب على جل الشعر المقول عصرئذ، وكان الشعر أمضى الأسلحة في مناهضة الأعداء والذود عن مبادئ الجماعة السياسية في ذلك العصر، ومن هنا كان بنو أمية حراصاً على اصطناع الشعراء المجيدين وإغداق الأموال عليهم.
وكان شعراء الحزب الأموي أكثر شعراء العصر الأموي احتفالاً بتنقيح شعرهم وتهذيبه والعناية بالبناء الفني لقصائدهم ليأتي شعرهم في الصورة المكتملة فنياً إرضاء لممدوحيهم، ولكن شعرهم كان في جله يخلو من الصدق لأن الدافع إلى قوله كان الرغبة في العطاء، ولهذا لا يدهش الباحث أن يرى بعض شعرائهم ينقلبون على ممدوحيهم إذا قلب لهم الدهر ظهر المجن أو أصابهم غضب السلطان، صنيع الفرزدق مثلاً بالحجاج بعد موته وهجا قتيبة بن مسلم بعد مصرعه إرضاء لسليمان بن عبد الملك، وكان قد مدحهما قبل ذلك.
وكان شعراء هذا الحزب يستعينون بطائفة من الحجج لدعم سلطان بني أمية، فهم الذين اختارهم الله لتولي أمور المسلمين ولا راد لمشيئته، وهم أفضل من يتولى الخلافة لما اتصفوا به من عدل وسماحة وحزم وتقوى، وهم ورثة عثمان وأولياؤه، إلى غير ذلك من الحجج.
أما شعراء الخوارج فكان شعرهم يمثل الالتزام العقدي خير تمثيل، فهم إنما وقفوا إلى جانب هذا الحزب بدافع إيمانهم بمبادئه وتشربهم عقائده، لا رغبة في عطاء أو مغنم، ومن هنا اتسم شعرهم بالصدق وتوقد العاطفة. وكانوا يقولون شعرهم عفو البديهة، ولا يجنحون إلى تكلف أو تهذيب، لأنهم ما كانوا يتوخون إرضاء ممدوح أو اجتلاب مغنم، وقد جعلوا شعرهم مجتلى مشاعرهم ومعرضاً لمبادئهم، وعلى أن النثر أقدر على بيان المعتقدات والاحتجاج لها من الشعر نجد أنهم استطاعوا عرض طائفة من معتقداتهم في شعرهم كقولهم بالتساوي بين المسلمين جميعاً في حق تولي الخلافة، لا فضل لقبيلة على أخرى، وكذهابهم إلى إنكار التحكيم بين علي ومعاوية وتكفير علي لقبوله إياه، وغير ذلك من معتقداتهم.
وقد نحا الشيعة نحو شعراء الخوارج في التزامهم بيان معتقداتهم والاحتجاج لها في أشعارهم وعزوفهم عن التكسب بشعرهم - إلا قلة منهم - وكان أقوى حججهم قولهم بأن قريشاً أولى بتولي الخلافة من جميع القبائل وأن آل البيت هم أولى أسر قريش بهذا الأمر لقرابتهم من رسول الله e، وكانوا يأخذون على بني أمية اغتصابهم حق بني هاشم وعدم أخذهم بالكتاب والسنة في سياستهم أمور المسلمين.
وقد شهد العصر الأموي ازدهار فن آخر من فنون الشعر هو الشعر الغزلي الذي تفتحت براعمه في صدر الإسلام، وقد توافرت جملة من الدواعي لازدهار هذا الفن بأنواعه الثلاثة: الحضري والبدوي والنسيب. ازدهر الغزل في حواضر الحجاز، مكة والمدينة والطائف، وكان شعراء الغزل الحجازيون منصرفين في كثرتهم إلى اللهو وسماع الغناء والتعرض للنساء، وقد وجدوا بين أيدهم وفرة من المال أفاءته الفتوح على قومهم فلم يحتاجوا إلى الكد في سبيل كسبه، كما وجدوا أنفسهم بعيدين عن مواطن الصراع السياسي في الشام والعراق وخراسان، فانصرفوا إلى الشعر الغزلي وافتنوا فيه افتناناً ارتقى به إلى مرتبة رفيعة لم يبلغها الشعر العربي في أي عصر من عصوره. وكان رائد هذا اللون من الغزل الشاعر القرشي عمر بن أبي ربيعة.
والضرب الثاني هو الشعر الغزلي البدوي الذي ازدهر في بوادي نجد والحجاز خاصة، وقد عرف هؤلاء بصدق عاطفتهم وعفتهم، ومنهم من قاده عشقه إلى الهلاك، وزعيم هذه الطائفة جميل بن معمر [ر] الذي اشتهر بحبه لبثينة.
وقد وقف هؤلاء وأولئك جل شعرهم على الغزل ونهضوا بهذا الفن وأخصبوه بمعان جديدة وصور مبتكرة لم يعرفها الشعراء قبلهم.
والضرب الثالث من الغزل هو النسيب الذي كان الشعراء يأتون به في مطالع قصائدهم، وقصائد المديح خاصة. وقد ارتقى النسيب كذلك والتزمه الشعراء في مطالع جل قصائدهم، وأطاله بعضهم إطالة تلفت النظر كجرير بن عطية.
وقد أدى احتدام العصبيات القبلية عصرئذ إلى وفرة الشعر المقول بدافع العصبية وهو الشعر القبلي. وإلى ظهور ضرب من الشعراء متصل بهذه العصبية وهو المناقضات. وكان الجاهليون قد عرفوا طرفاً من هذه المناقضات ولكن لم يتح لها أن تذيع وتكثر في ذلك العصر. فلما كان العصر الأموي أقبل الشعراء على المناقضات وأكثروا منها إكثاراً يلفت النظر، وكان النصيب الأوفى منها لشعراء الثالوث الفحول: جرير والفرزدق والأخطل، حتى لقد اجتمع لهم منها دواوين ضخمة.
ولهذا الضرب من الشعر أصول التزمها الشعراء المتناقضون، ومنها اتفاق القصيدتين في الوزن والقافية، ونقض كل شاعر معاني خصمه. وقد نهض هذا الفن على أيدي شعراء العصر الأموي وبلغ غاية لم يبلغها في العصور الأدبية الأخرى. على أن مما يشين النقائض ما احتوته من بذاءة لفظية وفحش وهتك للعورات.
وكانت المناقضات تدور في إطارين: إطار العصبية الواسعة بين الجذمين: العدناني والقحطاني، أو بين فرعي عدنان: مضر وربيعة.
والإطار الثاني هو إطار العصبية الضيقة بين قبائل تمت كلها إلى أصل واحد، كالمناقضات بين بني يربوع وبين دارم، وكلاهما من تميم، وشعراء هذه المناقضات هم جرير والفرزدق والبعيث، وكالمناقضات بين ابن ميادة المري والحكم الخضري، وكلاهما من قيس عيلان.
وثمة لون آخر من الشعر عرفه العصر الأموي هو الشعر الزهدي، وهو شعر أوجدته حركة الزهد التي شهدها العصر الأموي وإن لم تبلغ فيه غايتها.
وقد شهد العصر الأموي كذلك ازدهار فن الرجز وظهرت فيه طبقة من الرجاز نهضوا بهذا الفن ونحوا به نحو القصيدة وأطالوه إطالة مسرفة.
خصائص الشعر في العصر الأموي
حين يحاول الباحث تقصي خصائص الشعر في عصر بني أمية لا بد له أن يقف عند كل ضرب من ضروب الشعر التي ظهرت عصرئذ لئلا يقع في تعميم يبعده عن الدقة وأول الفنون الشعرية فن المديح.
فقد ظهر في العصر الأموي شعراء اتخذوا الشعر حرفة يتكسبون بها وأكبوا على العناية بشعرهم وتجويده وهم الشعراء المداحون، وقد نفقت سوق الشعر عصرئذ لتقريب الخلفاء والولاة الشعراء وإغداق الهبات عليهم، فراح الشعراء يتنافسون في تجويد شعرهم وتنقيحه بغية إرضاء الممدوحين والنقاد، وكان لهؤلاء الشعراء الفضل في الاتجاه بالقصيدة العربية نحو النموذج الفني المكتمل، سواء من حيث بناؤها الفني أو من حيث إتقان الصياغة ومتانة الأسلوب واستنباط المعاني الجديدة.

وقد التزم هؤلاء الشعراء بناء القصيدة في صورته النموذجية، فهم يحرصون على استهلال قصائدهم بالوقوف على الأطلال والتخلص من وصف الأطلال إلى النسيب، يطيلون فيه تارة ويوجزون تارة أخرى، ثم ينتقلون إلى وصف الرحلة إلى الممدوح فيصفون الطريق وما لقوه فيه من أنواع الحيوان، وما كابدوه من مشقات السفر، حتى ينتهوا إلى المديح فيفيضون في تعداد مناقب الممدوح ومآثره من كرم وشجاعة ونبل محتد وغير ذلك، مع جنوح إلى المبالغة والتزويد. فإذا فرغوا من المديح هزوا أريحية الممدوح إلى العطاء حتى يبسط كفه لهم، وربما جنح بعضهم إلى شيء من الضراعة والإلحاح في الاستعطاء.

إن جنوح شعراء العصر الأموي إلى التكسب بشعرهم لم يكن ظاهرة جديدة في الشعر العربي، فقد بدأ الاتجاه إلى التكسب بالمديح منذ أواخر العصر الجاهلي، ولكن هذا الاتجاه لم يلق قبولاً لدى الكثيرين، فلما جاء العصر الأموي استشرت هذه الظاهرة وغلب المديح على فنون الشعر الأخرى وتبوأ المنزلة الأولى بينها، وظلت للمديح هذه المنزلة طوال العصر العباسي بعد ذلك.
وحين تصدى الباحثون لتقويم هذا الشعر من الناحية الفنية اختلفت آراؤهم، فمنهم من رأى أن هذا الاتجاه أضر بالشعر العربي وانحرف به عن مساره القويم وحط من منزلة الشعراء، لأن الشعر عندهم ينبغي أن يكون صدى الشعور الصادق وتصويراً للعواطف الذاتية، بعيداً عن النفاق والكذب والزيف، ورأى آخرون أن المعول على إجادة الصياغة وابتكار المعاني وليس على صدق العاطفة أو كذبها.
وعلى نحو ما لوحظ في شعر المديح من إتقان الصنعة يلاحظ هذا الإتقان كذلك في فن الغزل الذي أصاب في عصر بني أمية ارتقاء لا نظير له، فقد افتن الشعراء - حضريهم وبدويهم - في ابتكار المعاني الغزلية التي لم تخطر في بال أسلافهم. ولو رجع الباحث إلى شعر ابن أبي ربيعة وحده لوجد فيه فيضاً من المعاني المبتكرة التي لم يسبق إليها، مع اتباع أسلوب جديد يلائم هذا الغزل. وشتان ما شعر شعراء الغزل الجاهليين وشعر الإسلاميين، سواء من حيث ابتكار المعاني أو الافتنان الأسلوبي أو التعبير عن العواطف وتصويرها.
ومن الفنون الأخرى التي طرأ عليها التجديد فن الخمريات. وقد نهض خاصة على يد الأخطل والوليد بن يزيد.
وفن آخر أصاب حظاً وفيراً من التطور والارتقاء في العصر الأموي هو فن الهجاء والمناقضات، فقد نقل شعراء الهجاء في ذلك العصر الهجاء من صورته البسيطة الساذجة عند شعراء الجاهلية إلى صورته المتقنة المعقدة، واستعانوا بألوان الثقافة التي انتشرت عصرئذ العقلية والدينية والأدبية لإسباغ ثوب جديد على هذا الهجاء. فظهرت فيه أساليب جديدة، وافتن الشعراء في ابتكار المعاني والصور الهجائية، وجنحت طائفة من الشعراء الهجائين إلى البذاءة اللفظية والصور الفاحشة ونهش الأعراض وذكر العورات. وقد تطور فن المناقضة بنوع خاص وأصبح للنقائض شروطها وأساليبها وطالت طولاً مسرفاً، فكان العصر الأموي بحق عصر نهوض فن النقائض وارتقائه.
وتتجلى في بعض أغراض الشعر الأموي روح إسلامية قوية مؤثرة تترك صداها العميق في النفس. ومن المحقق أن القرآن الكريم كان له أثره البين في الشعر الأموي، سواء من حيث الأغراض أو المعاني أو الأسلوب.
أعلام الشعراء في العصر الأموي
كان لكل حزب من الأحزاب السياسية شعراؤه الناطقون بلسانه، وكان من أبرز شعراء الحزب الأموي جرير والفرزدق والأخطل، وهؤلاء الثلاثة كانوا في الوقت عينه أشهر شعراء المناقضات في ذلك العصر. وقد اتصل جرير أول الأمر بالحجاج والي العراق ثم وفد على عبد الملك بن مروان واتصلت بعد ذلك مدائحه له ولمن جاء بعده من الخلفاء. أما الفرزدق فلم يكن هواه في بني أمية ولكنه مدحهم طمعاً في العطاء. واتصل الأخطل ببني أمية منذ زمن يزيد بن معاوية واجترأ على هجاء الأنصار وكاد معاوية أن يقطع لسانه إرضاء لهم لولا تدخل يزيد، ثم أصبح بعدئذ شاعر بني أمية الأول.
ومن شعراء الحزب الأموي عبد الله بن همام السلولي، وعبد الله بن الزبير الأسدي، وعدي ابن الرقاع العاملي، والنابغة الشيباني، والبعيث المجاشعي، وأبو صخر الهذلي، وأبو العباس الأعمى الذي ظل على وفائه لبني أمية حتى بعد انقضاء دولتهم.
أما الحزب الخارجي فأشهر شعرائه الطرماح ابن حكيم الطائي [ر] وقد كانت بينه وبين الفرزدق مناقضات كثيرة، وعمران بن حطان الذهلي [ر] رئيس القعدة من الصفرية وشاعرهم، وقطري بن الفجاءة [ر]، وقد بايعه الأزارقة أميراً للمؤمنين ثم انتهى أمره بالقتل، ومن شعرائهم كذلك عمرو بن الحصين، ومعاذ ابن جوين، ويزيد بن حبناء.
ومن الشعراء الذين ناصروا الحزب الشيعي الكميت الأسدي [ر]، وكان من الزيدية، وقد قال في مديح بني هاشم قصائد مطولة سماها «الهاشميات»، ومنهم كثير بن عبد الرحمن [ر]، وكان من الكيسانية، ولكنه لم ينقطع إلى مديحهم بل قال أيضاً مديحاً في بني أمية فضلاً عن شعره الغزلي. ومنهم كذلك أبو طفيل عامر بن واثلة، وسليمان بن قتة، وعوف بن عبد الله بن الأحمر.
ولم يقف في صف الحزب الزبيري إلا شاعر واحد هو عبيد الله بن قيس الرقيات [ر] وكان بينه وبين مصعب بن الزبير صداقة وطيدة وقال جلّ شعره في مدحه.
وثمة شعراء أيدوا الثورات والفتن التي نشبت في العصر الأموي ومنهم أعشى همدان [ر] الذي ناصر عبد الرحمن بن الأشعث في ثورته وحرضه على قتال الحجاج، وقد ظفر به الحجاج بعد إخماد الثورة وقتله، ومنهم أبو جلدة اليشكري الذي ظاهر كذلك ابن الأشعث، وانتهى الأمر بمقتله.
وكان ثمة شعراء يرافقون المسلمين في فتوحهم، ويحرضون المقاتلين أو يقولون الشعر في مديح قادة الجند والفاتحين، وأشهر هؤلاء كعب الأشقري الأزدي الشاعر الفارس، وقد شارك في قتال الأزارقة مع المهلب بن أبي صفرة، وله شعر مقول في فتوح ما وراء النهر ومديح قتيبة بن مسلم.
وفي ميدان الشعر الغزلي ثمة شعراء أصابوا شهرة بعيدة، وجلهم ينتمون إلى الحجاز ونجد، وشاعر الغزل الحضري غير المدافع هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، وكان يعيش في بحبوحة ورغد فلم يجد ما يشغله فالتفت إلى التغزل بالنساء وأجاد هذا الفن وكانت له فيه منزلة الريادة.
وممن أجاد هذا اللون من الغزل أيضاً عبد الله بن عمر العرجي [ر] الذي ينتهي نسبه إلى عثمان بن عفان، وقد سبب له تعرضه لنساء الأشراف الأذى والسجن ومات في سجنه. ومنهم الحارث بن خالد المخزومي، وقد ولاه عبد الملك على مكة حقبة من الزمن، ومنهم أبو دهبل الجمحي، وجل شعره مقول في امرأة اسمها عمرة. وبرز من الأنصار شاعر غزلي مشهور هو الأحوص عبد الله بن محمد الأوسي [ر]. وكان يتعرض لنساء المدينة ذوات الشأن فنفاه عاملها إلى جزيرة دهلك.
أما الغزل البدوي فكان رائده الأول جميل ابن معمر الذي تعشق بثينة وقال جل شعره في التغزل بها فنسب إليها. وقد تتلمذ له شاعر مشهور هو كثير بن عبد الرحمن الذي تغزل بعزة ونسب إليها. ويبدو أنه لم يكن صادق الصبابة، على نقيض أستاذه، وقد سبق القول آنفاً أنه كان من شعراء الشيعة، وكان إلى ذلك كله مداحاً لعبد الملك وبني أمية.
ومن شعراء الغزل أيضاً قيس بن الملوح الذي عرف بمجنون ليلى [ر]. وقد أصبحت قصته نموذجاً للحب العذري الصادق الذي يقود صاحبه إلى التلف والهلاك.
وممن لقي مصير المجنون كذلك عروة بن حزام الذي تعشق ابنة عمه عفراء فلما أخفق في الزواج منها استطير عقله وظل يهذي بحبها حتى مات.
ومن هؤلاء الشعراء كذلك قيس بن ذريح [ر] الذي أحب لبنى الخزاعية وناله الإخفاق في حبه.
إن قصص العشاق العذريين تتشابه في أنها تدور كلها حول إخفاق الشاعر في الزواج ممن أحب وانتهاء أمره بالموت أو الجنون أو الجلاء عن الديار.
وثمة شاعر غزلي عفيف كان في الوقت عينه فقيهاً محدثاً هو عروة بن أذينة الكناني [ر]، وشعره يمثل الشعر الغزلي الحضري العفيف.
ومن أعلام الشعراء الغزليين من أهل البادية ذو الرمة غيلان بن عقبة [ر]، وكان يتغزل بفتاة اسمها مية، وهو أبرع من وصف الأطلال والديار، وغزله عفيف بعيد عن الفحش، وقد شهد له بالتقدم في الغزل فحول الشعراء عصرئذ.
واتجهت طائفة من شعراء العصر الأموي إلى وصف الخمرة، وممن برزوا في هذا الفن الأخطل التغلبي والوليد بن يزيد.
ومن أعلام الشعراء الذين تناولوا الشعر الزهدي والوعظي عروة بن أذينة الذي جمع بين الغزل العفيف والزهد، وأبو الأسود الدؤلي [ر]، وسابق البربري، ورابعة العدوية [ر].
وفي مقدمة الرجاز الأغلب بن عمرو العجلي، وأبو النجم المفضل بن قدامة العجلي [ر]، والعجاج بن عبد الله التميمي [ر]، وابنه رؤبة [ر] الذي أدرك العصر العباسي.
ومن الشعراء الذين نافحوا عن قبائلهم القطامي عمير بن شييم التغلبي [ر]، وقد وقف إلى جانب بني تغلب ونافح عنهم حتى ثارت الحرب بينهم وبين قيس عيلان، ومنهم أيضاً عبيد بن حصين النميري المشهور بلقب الراعي [ر]، وكان من فحول شعراء العصر الأموي، ويعد من الشعراء الذين نصروا الحزب الأموي وله قصائد في مديح بعض خلفاء بني أمية.
الخطابة والمناظرات
ضروب الخطابة في العصر الأموي: عرف العصر الأموي أنواع الخطابة التي كانت شائعة في صدر الإسلام، إضافة إلى أنواع جديدة أوجدها تطور الحياة الفكرية والأحداث السياسية والاجتماعية وظهور الفرق الدينية والكلامية.
وفي مقدمة الأنواع الخطابية التي ازدهرت عصرئذ الخطابة السياسية، وقد توافرت جملة من العوامل لازدهارها من ذلك الصراع على الحكم، فإن استئثار بني أمية بالحكم وجعله وراثياً بعد أن كان شورياً أثارا معارضة عنيفة من قبل فئات سياسية مناوئة للحكم الأموي وأبرزها: الحزب الخارجي، الحزب الشيعي،والحزب الزبيري، فضلاً عن نشوب ثورات تتوخى القضاء على الحكم الأموي كثورة ابن الأشعث وثورة ابن المهلب.
أدت وفرة الأحداث والصراع بين الأحزاب السياسية إلى ازدهار الخطابة السياسية ازدهاراً لم تشهد نظيره في أي من العصور، إذ كان لها الشأن الأول في استمالة الأنصار ومقارعة الخصوم وإرهاب الثائرين وتشجيع المناضلين وعرض حجج كل من الأحزاب المصطرعة ومناظرة أعدائهم.
ويتصل بالخطابة السياسية الخطب الحربية، فقد استدعت حركة الفتح الإسلامي التي بلغت مداها الأقصى في عصر بني أمية وجود خطباء يذكون وقد الحماسة في نفوس المقاتلة ويحضونهم على مجاهدة أعدائهم. وكان قادة الجيوش في الغالب ممن يجيدون الخطابة، ومن هذا القبيل خطبة طارق بن زياد يوم فتح الأندلس، وخطب ولاة خراسان في تحريضهم الجند على القتال إبان الفتوح فيما وراء النهر كخطب قتيبة بن مسلم ويزيد بن المهلب وأسد بن عبد الله القسري وغيرهم.
وثمة ضرب من هذه الخطب تختلط فيه المعاني السياسية بالمعاني الدينية هو القصص. فكان القصاص يرافقون الجيوش الغازية ويثيرون الحمية في النفوس عن طريق التمثل بالآيات القرآنية التي تحث على الجهاد وتذكير المجاهدين بما ينتظرهم عند الله من الثواب العظيم وربما استعانوا بأخبار فرسان العرب القدامى لتحقيق هذه الغاية.
والضرب الثاني من الخطابة هو الخطابة الدينية، وقد نالت هذه الخطابة حظاً وافراً من الازدهار والنماء في عصر بني أمية وإن لم تضارع الخطابة السياسية. ومرد ازدهارها إلى دواع شتى منها ظهور الفرق الدينية، وقد اكتسى حزبا الخوارج والشيعة مع الزمن ثوباً دينياً بعد أن كانا حزبين سياسيين. وهذه الفرق كانت تستعين بخطبائها في الدعوة إلى مبادئها والرد على خصومها، وكثيراً ما كانت المناظرات تقوم بين الفريقين المتنازعين.
ومما ساعد على نمو الخطابة الدينية كذلك حركة الزهد التي شهدها العصر الأموي، فقد ظهر في ذلك العصر جماعة من الزهاد وجهوا همهم إلى وعظ الناس وصدهم عن التهالك على ملاذّ الدنيا، وكان ظهور حركة الزهد رداً على انغماس عامة الناس في الشهوات، ولاسيما أولئك الذين أفاءت عليهم الفتوح أو التجارة المال الكثير. وكان في مقدمة الوعاظ الحسن البصري الذي نذر نفسه لهداية القوم وتزهيدهم في الدنيا الفانية بمواعظ بلغت الغاية في بلاغتها وقوة أثرها.
وإلى جانب القصاص الذين كانوا يرافقون الحملات الغازية لحث الجند على الاستبسال في القتال وجدت جماعة أخرى من القصاص تلازم المساجد وتقوم بسرد القصص الديني وتفسير القرآن الكريم تفسيراً ممزوجاً بقصص الأنبياء وأخبار الأمم القديمة، وكان بعضهم يجنح إلى المبالغة والتزيد كي يستميلوا الناس إلى قصصهم.
ويضاف إلى هذه الأنواع من الخطابة الدينية تلك الخطب التي كانت تلقى في المساجد أيام الجمع وفي الأعياد، وكان الوعظ غالباً على هذه الخطب إلا أنها لم تكن تخلو أحياناً من التعرض للجوانب السياسية.
وثمة خطب كان يلقيها الزهاد بين أيدي الخلفاء والولاة لتزهيدهم في الدنيا وقد أطلق عليها لفظ «المقامات».
ومن ألوان الخطابة الدينية أخيراً الخطب المتصلة بعقائد المتكلمين. وقد شهد العصر الأموي ظهور أوائل الفرق الكلامية المرجئة والقدرية والمعتزلة والجبرية، وكان لكل من هذه الفرق دعاتها الذين يروجون لعقائدها ويجادلون خصومها، وكثيراً ما كانت المناظرات تقوم بين هؤلاء، كل يدلي بحجته وأدلته، فارتقى بذلك فن المناظرة، وهو فن لم يعرفه العرب قبل، وفي حين كانت ضروب الخطابة الأخرى قوامها العناصر العاطفية كان قوام المناظرات العناصر العقلية المنطقية، وقد بلغ هذا الفن غايته في العصر العباسي.
والضرب الثالث من الخطابة هو الخطابة الحفلية. والمراد بالخطابة الحفلية الخطب التي كانت تلقى في المحافل والمجالس والأسواق لغرض من الأغراض المتصلة بالحياة الاجتماعية كالمفاخرة والتهنئة والتعزية والتكريم والشكوى وعقد النكاح وإصلاح ذات البين ونحو ذلك.
وقد حظيت هذه الخطب بقسط وفر من النماء والارتقاء في العصر الأموي لتوافر دواعيها، فكانت الوفود تقدم على الولاة والخلفاء ويقوم خطباؤها فيلقون الخطب بين يدي الوالي والخليفة في الغرض الذي قدموا من أجله. وربما اجتمع في مجلس واحد خطباء من قبائل شتى فيجري بينهم التفاخر بقبائلهم والإشادة بمآثرها. وقد شهد العصر الأموي استعار نار العصبية القبلية على نحو لم تعرفه العصور السابقة وأدى استعارها إلى نمو الشعر القبلي واتساع نطاقه من جانب وإلى كثرة المفاخرات القبلية من جانب آخر، ولاسيما بين خطباء العدنانية والقحطانية.
ومما يلفت النظر في ذلك انتقال مراكز النشاط الأدبي من البوادي إلى الحواضر والأمصار المحدثة التي ازدحمت بأفواج المهاجرين إليها من شتى قبائل العرب، فأدى ذلك إلى وقوع المفاخرات بين خطباء تلك القبائل في تلك الحواضر فضلاً عما قام بين شعرائها من مناقضات.
وقد ظلت الخطابة الحفلية التي كانت معروفة من قبل قائمة في العصر الأموي كخطب الإملاك وخطب إصلاح ذات البين وخطب التعزية وغيرها.
خصائص الخطابة في العصر الأموي: كان الخطباء الأمويون يعنون بتجويد خطبهم وتحبيرها وتنميقها حتى تأتي في الصورة التي يرتضونها ولم يكونوا يرسلون الكلام عفواً على البديهة - صنيع الجاهليين - وقد أثر عن البعيث الخطيب الشاعر قوله: «إنّي والله ما أرسل الكلام قضيباً خشبياً وما أريد أن أخطب يوم الحفل إلا بالبائت المحكك».
وكان من ثمرة هذا التنقيح أن جاءت خطب العصر الأموي منسقة الأفكار، مرتبة الأقسام، محكمة التسلسل. وتظهر هذه السمات على نحو جلي في خطبة زياد التي قالها يوم قدم البصرة.
وكان من خطباء العصر الأموي من تعمد محاكاة أهل البادية في جزالة أسلوبهم وبداوة ألفاظهم. ويظهر الطابع البدوي في خطب الحجاج خاصة. على أن أسلوب الخطابة الأموية كان يتفاوت بتفاوت أغراضها وموضوعاتها.
وقد ظلت خصائص الخطابة التي وجدت في خطب صدر الإسلام قائمة في الخطب الأموية، ومن ذلك استهلال الخطبة بذكر اسم الله وحمده وإلا كانت بتراء وتوشيحها بآي من القرآن الكريم وإلا كانت شوهاء، وقد يتمثل الخطيب بشيء من الشعر أو الرجز.
وربما وقع السجع في طائفة من الخطب الأموية ولكن الخطباء ما كانوا يسرفون في الإتيان به كراهية محاكاة سجع الكهان، وكان النبي e وخلفاؤه يوصون الخطباء بتحامي هذا السجع.
وحين ظهرت الفرق الكلامية برزت الحاجة إلى تعليم أتباع كل فرقة أصول الخطابة ووسائل الإقناع وتدريبهم على محاجة خصومهم بالبراهين والأدلة العقلية، وظهر صدى ذلك في خطبهم ومناظراتهم من حيث خصب الأفكار وتنسيقها وعمقها واستنادها إلى المنطق وأصول الجدل.
وفي الوسع القول إن فن الخطابة لم يبلغ في أي عصر من العصور ما بلغه في العصر الأموي من النماء والنضج.
أعلام الخطباء في العصر الأموي: ظهر في العصر الأموي عدد وفر من الخطباء في شتى ضروب الخطابة، ومن اللافت للنظر في ذلك العصر ظهور جماعات من الخطباء تنتمي كل منها إلى أسرة واحدة. ومن هؤلاء آل رقبة الذين ينتمون إلى قبيلة عبد القيس الربعية ومن الخطباء المشهورين في هذه الأسرة كرب بن رقبة وابنه مصقلة بن كرب، وهو أشهر خطباء هذه الأسرة، وكان أيام الحجاج. وقد ذكر الطبري أن الحجاج لما دخل الكوفة بعد هزيمة ابن الأشعث أجلس مصقلة بن كرب إلى جانبه وأمره أن يخطب فيشتم كل امرئ بما فيه. وكان ابنه كرب بن مصقلة خطيباً مفوهاً كذلك، وكان له خطبة يقال لها «العجوز» كان آل رقبة يفاخرون بها.
ومن الأسر التي اشتهرت بالخطابة كذلك آل الأهتم من قبيلة تميم، وهي أعرق الأسر العربية في الفن الخطابي، وعرف منها في العصر الجاهلي والإسلامي عمرو بن الأهتم [ر]، وأخوه عبد الله بن الأهتم. وكان لعبد الله ولدان اشتهرا بالخطابة في عصر بني أمية هما صفوان ابن عبد الله بن الأهتم، وعبد الله بن عبد الله ابن الأهتم. وقد ذكر أن عبد الله هذا دخل على عمر بن عبد العزيز فألقى بين يديه خطبة بليغة عرض فيها بأسلاف عمر من بني أمية.
وفي أواخر العصر الأموي ظهر من هذه الأسرة خطيبان أصابا شهرة بعيدة هما خالد بن صفوان بن عبد الله بن الأهتم، وشبيب بن شيبة ابن عبد الله بن عبد الله بن الأهتم، وكان لهذين الخطيبين شأن كبير في العصر العباسي كذلك.
ومن الأسر القرشية التي كان لها حظ واف من الشهرة الخطابية عصرئذ آل العاص، وهم من بني أمية. ومن مشهوري خطباء هذه الأسرة سعيد بن العاص [ر]، وهو أشهر خطبائها. ومنها كذلك عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص المعروف بعمرو بن خولة - نسبة إلى أمه - وهو من الخطباء الذين فاخر بهم بنو أمية بني هاشم.
ومن الأسر التي اشتهرت بالخطابة الدينية في ذلك العصر أسرة فارسية الأصل تنتمي بالولاء إلى قبيلة رقاش البكرية، ومن هذه الأسرة يزيد بن أبان الرقاشي، وكان من القصاص المجيدين، وابن أخيه الفضل بن عيسى بن أبان القصاص. وكان عمرو بن عبيد يحضرمجلسه، ثم اشتهر بعدئذ ابنه عبد الصمد بن الفضل الرقاشي.
إلى جانب هذه الأسر الخطابية ظهر عدد جم من الخطباء المجيدين، وقد تقدم القول إن كل حزب من الأحزاب السياسية كان يستظهر بطائفة من الخطباء للمنافحة عنه. وقد برز من الحزب الأموي خطباء من الأسرة الأموية أشهرهم معاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وسليمان بن عبد الملك، وعتبة بن أبي سفيان، وعمرو بن سعيد الأشدق.
وأشهر خطباء الحزب الأموي زياد بن أبي سفيان [ر]، والحجاج بن يوسف [ر]، وكلاهما من قبيلة ثقيف التي كانت تستوطن الطائف. وقد تجلى نبوغ زياد الخطابي منذ أيام عمر بن الخطاب، ودعاه عمر بالخطيب المصقع. وقد مهدت له براعته البيانية والحسابية وثقافته الطريق لتولي الإمارة أيام علي ومعاوية، فولاه علي فارس وكرمان، وبعد مقتل علي استماله معاوية إلى صفه واستحلفه بنسبه وولاه البصرة، وهي يومئذ تموج بالفتن والاضطراب، فاستطاع بحنكته السياسية وحزمه القضاء على الفتنة وحمل أهل البصرة على طاعة بني أمية وأشاع الأمن والاستقرار فيها. وما لبث معاوية أن ضم إليه الكوفة بعد وفاة واليها المغيرة بن شعبة ، فكان أول من جمع له العراقان. ولما توفي سنة 53هـ كان الأمن والهدوء يعمان أرجاء العراق.
وقد سار الحجاج بن يوسف على خطا سلفه زياد ولكنه كان أكثر ميلاً إلى البطش وسفك الدماء. وكان يضارع في البراعة الخطابية، وشهد له معاصروه بذلك فقال مالك بن دينار: «ما رأيت أحداً أبين من الحجاج، وإن كان ليرقى المنبر فيذكر إحسانه إلى أهل العراق وصفحه عنهم وإساءتهم إليه حتى أقول في نفسي: لأحسبه صادقاً وإني لأظنهم ظالمين له».
ومن ولاة بني أمية الذين اشتهروا بالخطابة خالد بن عبد الله القسري [ر] وأخوه أسد، وروح بن زنباع، وعبد الله بن عامر، وبلال بن أبي بردة الأشعري، والمهلب بن أبي صفرة، وابنه يزيد، وقتيبة بن مسلم، ونصر بن سيار.
وظهر من الخوارج كثرة من الخطباء المجيدين منهم قطري بن الفجاءة [ر]، وعبيدة بن هلال اليشكري، والمستورد بن علفة، وزيد بن جندب الإيادي، وقد أشاد الجاحظ بفصاحته وبراعته الخطابية، وعمران بن حطان شاعر الصفرية وخطيبهم، وصالح بن مسرح وقد اشتهر بقصصه ووعظه لأصحابه، والضحاك بن قيس الشيباني. وأشهر خطباء الخوارج في ذلك العصر هو أبو حمزة الخارجي الإباضي [ر]، وقد انتهت إلينا طائفة من خطبه تنبئ بمهارته البيانية المتفوقة.
وبرز من رجال الحزب الشيعي عصرئذ الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم، وقد ورثا عن أبيهما البلاغة والمقدرة الخطابية. ومن خطباء الشيعة كذلك زيد بن علي، رأس الزيدية، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، وحفيده عبد الله بن معاوية بن عبد الله، ومنهم كذلك صعصعة بن صوحان، والمختار الثقفي، وسليمان بن صرد زعيم التوابين، وعبيد الله بن عبد الله المري.
ومن خطباء الحزب الزبيري المبرزين عبد الله بن الزبير، وأخوه مصعب، وعثمان بن عروة بن الزبير، وأخوه عبد الله بن عروة، وكان هذا أبرع الزبيرية وكانوا يشبهونه في بلاغته بخالد بن صفوان.
وأشهر الخطباء الدينيين عصرئذ هو الحسن البصري [ر]، ولم يحظ أحد من رجال الدين بمثل المنزلة التي حظي بها الحسن في ذلك العصر، وعلى أنه كان من أصل غير عربي فقد أجاد الخطابة إجادة العرب الخلص، وذلك لأنه نشأ نشأة عربية بين مواليه الأنصار، حتى كانوا يشبهونه برؤبة بن العجاج، وشهد له أبو عمرو ابن العلاء بالفصاحة فقال: «لم أر قرويين أفصح من الحسن والحجاج». وكان الحسن يعظ فيأسر القلوب ويسيل الدموع. وكانت حلقة «صاحب العمامة السوداء» أكثر حلقات المسجد ازدحاماً بالوافدين، وكانوا يشبهون كلامه بكلام الأنبياء، ولما توفي سنة 110هـ، كانت وفاته حدثاً عظيماً في تاريخ البصرة، وقد مشى أهلها جميعاً في جنازته واشتغلوا به فلم تقم صلاة العصر في الجامع.
ومن فصحاء أهل الكلام وخطبائهم واصل ابن عطاء [ر]، شيخ المعتزلة، وقد بلغ من مقدرته الخطابية أنه خطب خطبة كاملة تجنب فيها حرف الراء لئلا تظهر لثغته. ومن خطباء الوعظ سحبان بن زفر الوائلي [ر] الذي ضرب المثل ببلاغته، وقد رووا أنه خطب عند معاوية ذات يوم من صلاة الظهر حتى صلاة العصر. ومنهم كذلك عمر بن عبد العزيز الذي كان يكثر من وعظ الرعية، ومنهم الأوزاعي ، وإياس بن معاوية [ر]، وجامع المحاربي، وصالح المري القاص.
ومن أشهر خطباء المحافل في ذلك العصر الأحنف بن قيس سيد بني تميم، والبعيث المجاشعي، والنخار بن أوس العذري، وصعصعة ابن صوحان.
الكتابة
عرف العرب الكتابة منذ العصر الجاهلي لتوافر الحاجة إليها، إذ كانوا يحتاجون إليها في كتابة العهود ومواثيق الأحلاف وصكوك التعامل والتبادل التجاري، وفي كتابة الرسائل، وغير ذلك. وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى القلم والكتابة نحو قوله تعالى: )ن، والقلم وما يسطرون( (سورة القلم، الآية 1). وكذلك نجد في الشعر الجاهلي ما يدل على معرفة الجاهليين بالكتابة.
إلا أن الكتابة لم تكن شائعة عصرئذ، إذ كان جل العرب على الأمية، وكانت الكتابة منتشرة في البيئات الحضرية أكثر من انتشارها في البيئات البدوية. وبقيام الدولة الإسلامية ازدادت الحاجة إلى الكتابة لتلبية متطلبات الدين الجديد، وانصرفت طائفة من كتاب الرسول e إلى كتابة الوحي، في حين عني آخرون بكتابة الرسائل. وقد ذكرنا أن الكتابة في تلك الحقبة كانت بسيطة موجزة بعيدة عن التعقيد والزخرف.
فلما جاء العصر الأموي تعقدت الحياة وتطور المجتمع الإسلامي واتسعت رقعة الدولة فوجدت الحاجة إلى إنشاء الدواوين. وكان إنشاؤها قد بدأ في عهد عمر بن الخطاب الذي أنشأ ديوان العطاء، فلما جاء الأمويون أوجدوا دواوين أخرى كديوان الرسائل وديوان الجيش وديوان الخاتم.
ورافق إنشاء الدواوين بدء حركة التدوين، فجمعت طائفة من الأخبار والسير والأشعار، وكتبت رسائل من موضوعات شتى.
وقد ظهر في عصر بني أمية كتاب احترفوا صنعة الكتابة، وكان لكل خليفة ولكل وال كتابه. وكان ديوان الخراج يكتب أول الأمر بلغة الدولة التي كانت قائمة قبل الفتح، فكان يكتب بالعراق بالفارسية، وبالشام بالرومية،وكان يتولاه الموالي من الفرس والروم وغيرهم، وفي عهد عبد الملك بن مروان عرب هذا الديوان.
أما ديوان الرسائل فكانت لغته العربية منذ إنشائه، وكان يقوم عليه كتاب من العرب أو من الموالي الذين أجادوا العربية. ومن الكتاب المبرزين في ذلك العصر عمرو بن نافع كاتب عبيد الله بن زياد، وجناح كاتب الوليد بن عبد الملك، وعبد الحميد الأصغر كاتب سليمان بن عبد الملك، والليث بن رقية كاتب عمر بن عبد العزيز، وسالم مولى هشام بن عبد الملك، وعبد الحميد الكاتب [ر] كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية وهو أشهرهم.
كانت الكتابة تجري أول الأمر على السنن الذي كانت عليه في صدر الإسلام من حيث توخي البساطة والإيجاز ومجانبة التنميق والزخرف، ولكن تطور الحياة الاجتماعية والعقلية من جانب، وتولي الموالي - من الفرس خاصة - مقاليد الكتابة من جانب آخر، كل ذلك أدى إلى تطور فن الترسل وتعقد أدواته.
وقد تأثر الكتاب الموالي بمناهج الكتابة وأساليب التعبير في لغاتهم الأصلية، فظهرت في طرائقهم الكتابية سمات لم تعرفها الكتابة العربية من قبل، ومن ذلك إطالة الرسائل والتكرار والترادف والإسراف في التنميق والصنعة. وأول من عرف بإطالة الرسائل عمرو بن نافع كاتب عبيد الله بن زياد، ولم يكن ابن زياد راضياً عن طريقته الكتابية التي تغاير ما ألفه العرب.
ثم جاء سالم كاتب هشام بن عبد الملك فنهض بفن الكتابة الديوانية، ويقال إنه كان ملماً باللغة اليونانية وإن ما أوجده من سمات جديدة في الكتابة العربية مرده إلى تأثره بتلك اللغة، وهو قول يفتقر إلى ما يؤيده، ولم يصلنا من رسائل سالم إلا رسالة كتبها على لسان هشام إلى خالد القسري عامله على العراق.
وعلى يد سالم هذا تخرج عبد الحميد الكاتب، وهو يمت إليه بصلة القربى. كان عبد الحميد مولى العلاء بن وهب القرشي، وهو فارسي الأصل، وكان في أول أمره ينتقل في البلدان ويعلم الصبيان في الكتاتيب، ثم التحق بديوان الرسائل بدمشق في عهد هشام بن عبد الملك وتخرج على يد زوج أخته سالم في فن الترسل. وقد اتصل بمروان بن محمد منذ عهد هشام وكتب له، فلما صارت الخلافة إليه اتخذه كاتباً لرسائله، ولازمه عبد الحميد حتى آخر أيامه وأبى أن يتخلى عنه يوم أحيط به فقتل معه، وتذهب رواية أخرى إلى أنه توارى عند صديقه ابن المقفع ثم عثر عليه فقتل.
وعلى يد عبد الحميد تطور فن الترسل وبلغ غاية بعيدة من النضج،وجمهور الباحثين على أن الكتابة الفنية إنما وجدت على يده، ولهذا قيل: «فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت بابن العميد» وقد انتهت إلينا طائفة من رسائله القصيرة والمطولة وتوقيعاته.
وأبرز ما تتسم به كتابة عبد الحميد إطالة التحميدات في صدور الرسائل، والإكثار من الترادف، والعناية بالتصوير الفني وبالجانب الموسيقي، وذلك من طريق اختيار الألفاظ والتوازن بين الجمل، والإتيان بالسجع أحياناً. وهو يسرف في استعمال صيغة الحال. وكتابته بعيدة عن البساطة والعفوية اللتين عهدتا في الكتابة العربية من قبل وأثر الجهد والتكلف فيها واضح، وهو يسرف في تنميق رسائله وزخرفتها بألوان الصنعة.

المصادر

الموسوعة العربيةكتاب الموجز في الشعر العربي تاليف الشاعر العراقي فالح الحجية
تصنيف: أدب أموي

https://www.marefa.org/index.php/%D8%...85%D9%88%D9%8A









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:15   رقم المشاركة : 2275
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
https://www.neelwafurat.com/itempage....0&search=books









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:23   رقم المشاركة : 2276
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
فن الخطابة في العصر الاموي

في العصر الاموي ( 40 – 132 هـ )(661 – 750 م) ازدهرت الخطبة بحيث كانت البوق الاعلامي للدولة الاموية وخصومها على السواء . والواقع ان الدولة الاموية وعصرها يمثلان نموذجا للعجب ، فتلك الدولة التي عاشت اقل من قرن هي التي امتدت فيها الفتوحات العربية فيما بين حدود الهند والصين شرقا إلى جبال البرانس جنوب فرنسا ، ودمرت اسطول البيزنطيين واحتلت بعض جزر البحر المتوسط .. هذا في الوقت الذي عاشت فيه الدولة الاموية حروبا هائلة في الداخل ضد خصومها من الخوارج والشيعة والموإلى والاقباط والبربر ، ومن الهاشميين والزبيريين وحتي من داخل الجيش الاموي نفسه ، مثل ثورة ابن الاشعث وثورة المهالبة ، وحتي من داخل البيت الاموي نفسه ، وهكذا إلى ان جاء الخطر الاكبر على الدولة متمثلا في الدعوة العباسية لتقضي على الدولة الاموية في ريعان شبابها بعد ان اجهدت نفسها في حروب داخلية وفتوحات خارجية .. وهذا الضجيج الحربي في الداخل والخارج يمكن ارجاعه إلى عامل اساسي هو قيام الامويين في تحويل الشوري الاسلامية (ديمقراطية العصر انذاك) الى حكم استبدادي قهري عنيف ، وتحويل الانتماء من الدين إلى الانتماء إلى العصبية العربية القبلية ، وقد حاول الامويون شغل المسلمين العرب عن هذا بالفتوحات، الا ان الخروج على الدولة استمر مقترنا بحركة الفتوحات احيانا مما ادي إلى اسقاطها في النهاية .. والدولة الاموية هي التي تمثل الثقافة العربية الاصيلة ، هذا اذا اعتبرنا الثقافة هي النمط السائد للسلوكيات والعادات والتقاليد الاجتماعية ، ولذلك ازدهر مع الضجيج الحربي والخلافات والثورات دخول اسلحة اخري في ميدان المعارك كان اهمها الشعر، والخطابة، وكانت مؤهلات القائد اذا كان الخليفة او واليا او ثائرا ان يتمتع بالشجاعة والكرم والفصاحة وتذوق الشعر ونظمه ، مثلما اعتاد العرب في صحرائهم. وتلك الحركة المستمرة في الغزو او في الثورة والمواجهات الداخلية لم تعط فرصة كافية لقيام حركة تدوين للافكار السائدة او المعارك الضارية ، لذلك فان التأريخ لهذه الدولة الاموية قد تم بعد سقوطها وفي عهد الخلافة العباسية المعروفة بعدائها الشديد للامويين. وغياب التدوين وعدم الاهتمام الكبير بالمراسلات الخطية اوسع مكانا هاما للخطبة الشفهية المعبرة عن الروح الاصيلة للعربي الذي كان يفاخر وقتها بفصاحته وشجاعته ، او بأنه يملك فصاحة اللسان وشجاعة السنان . ومن هنا يمكن القول بأن الخطبة كانت اهم عنصر دعائي في العصر الاموي للخليفة او الوالي او الثائر على السواء … بحيث يمكن التأريخ للعصر وتفسيره من خلال الكم الهائل من الخطب التي قيلت فيه وقامت بالدعاية لقائل الخطبة واتباعه . ونتج عن طغيان الهدف الدعائي على الخطبة ، ان تحولت الخطبة الدينية ( خطبة الجمعة ) إلى خطبة سياسية . وبعد زوال الدولة الاموية لم ينته تحويل خطب الجمعة إلى غرض سياسي ، بل اصبح من شعائر الاعتراف بالحاكم هو الدعاء له في خطبة الجمعة ، ولا زال ذلك ساريا حتي الان . وقد سبق ان خطبة الجمعة في عصر الرسول كانت قراءة القرآن وتفسيره، أي كانت خطبة دينية صرفة ، ولكن تحولت في الدولة الاموية إلى خطب سياسية صرفة.
وبازدهار الخطب السياسية الدعائية فقد عرف العصر الاموي ما يمكن تسميته بالمناظرات الخطابية ، حيث كانت الخطبة تحل محل السلاح في موضع لا مجال فيه لاستعمال هذا الاخير، وحينئذ يتم التحارب بالخطب بديلا عن السلاح .

وحدثت الكوارث في الدولة الاموية بتولي يزيد الخلافة بعد ابيه معاوية ، كأول عملية وراثة للحكم في تاريخ المسلمين ، بعد نظام الشورة. وكي يمهد معاوية لهذا الامر الخطير فقد اقام حركة دعائية ضخمة عن طريق ولاته وكبار اتباعه وقادته ، وجري في هذه الحركة ما يمكن تسميته بمهرجان الخطب التي تباري فيها المتحدثون في تزكية يزيد وتأييد ولايته.
وفي المواقف الهامة في التاريخ الاموي اشتهرت بعض الخطب . ومنها خطبة معاوية بن يزيد بن معاوية حين اعلن تنازله عن الخلافة الامر الذي ادي إلى تفكك الدولة وحروب اهلية وموت الخليفة المعتزل نفسه ، وقد قال في خطبته ( قد ضعفت عن امركم ، ولم اجد لكم مثل عمر بن الخطاب لأستخلفه ، ولا مثل اهل الشورة، فأنتم اولي بأمركم فاختاروا من احببتم) . وكذلك خطبة عبد الملك بن مروان في اهل المدينة ( يا معشر قريش ، وليكم عمر بن الخطاب فكان فظا غليظا مضيقا علىكم فسمعتم له واطعتم ، ثم وليكم عثمان فكان سهلا لينا كريما فعدوتم علىه فقتلتموه ، وبعثنا علىكم مسلما يوم الحرة فقتلكم ، فنحن نعلم يا معشر قريش انكم لا تحبوننا ابدا وانتم تذكرون يوم الحرة ، ونحن لا نحبكم ابدا ونحن نذكر مقتل عثمان ).

واشتهر الحجاج بن يوسف الثقفي بالشدة مع الفصاحة ، وخطبه كثيرة ، منها خطبته حين قدم الكوفة فاتاها ملثما وصعد المنبر وحسر اللثام عن وجهه و انشد : انا ابن جلا وطلاع الثنايا متي اضع العمامة تعرفوني ثم بدأ يقول ( اني والله لأري ابصارا طامحة واعناقا متطاولة ،ورءوسا قد اينعت وحان وقت قطافها واني صاحبها ..). ومنها خطبة طارق بن زياد حين احرق السفن بعد ان عبر إلى اسبانيا ، ذلك المضيق الذي سمي باسمه فيما بعد ، قال ( ايها الناس : اين المفر ؟ البحر من ورائكم والعدو امامكم وليس لكم والله الا الصدق والصبر ، واعلموا انكم في هذه الجزيرة اضيع من الايتام في مأدبة اللئام ، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه في اسلحته واقواته الموفورة وانتم لا وزر لكم الا سيوفكم ولا اقوات لكم الا ما تستخلصونه من ايدي عدوكم ..). وهذا التأثير الكبير للخطبة في العصر الاموي وصل إلى سرير الزوجية في ليلة الزفاف ، يحكي شريح اشهر قاضي في العصر الاموي انه ليلة ان دخل بزوجته التميمية وخلا البيت يقول ( فمددت يدي ناحيتها فقالت : على رسلك يا ابا امية كما انت، ثم قالت : الحمد لله احمده واستعينه واصلي على محمد واله ، اني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآته وما تكرهه فازدجر عنه .. ، يقول القاضي ( فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع ، فقلت الحمد لله احمده واستعينه واصلي على النبي واله وسلم ، وبعد فانك قد قلتي كلاما ان تثبتي عليه يكن ذلك حظك وان تدعيه يكن حجة عليك ، احب كذا ..).
هكذا نرى ان الخطابة السياسية وجدت جذورها وترعرت في اطار الدولة الاموية واصبحت الخطب مثالا يحتذى به في العصور اللاحقة.

المصادر:
- جذور الخطاب السياسي العربي - د. احمد سعيد العيطاني
- الرسالة الاعلامية العربية الموجهة الى الخارج - د. الياس المدني (ترجمة)

https://shmooa2.com/vb/showthread.php?t=1122









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:24   رقم المشاركة : 2277
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
فن الخطابة في العصر الاموي

في العصر الاموي ( 40 – 132 هـ )(661 – 750 م) ازدهرت الخطبة بحيث كانت البوق الاعلامي للدولة الاموية وخصومها على السواء . والواقع ان الدولة الاموية وعصرها يمثلان نموذجا للعجب ، فتلك الدولة التي عاشت اقل من قرن هي التي امتدت فيها الفتوحات العربية فيما بين حدود الهند والصين شرقا إلى جبال البرانس جنوب فرنسا ، ودمرت اسطول البيزنطيين واحتلت بعض جزر البحر المتوسط .. هذا في الوقت الذي عاشت فيه الدولة الاموية حروبا هائلة في الداخل ضد خصومها من الخوارج والشيعة والموإلى والاقباط والبربر ، ومن الهاشميين والزبيريين وحتي من داخل الجيش الاموي نفسه ، مثل ثورة ابن الاشعث وثورة المهالبة ، وحتي من داخل البيت الاموي نفسه ، وهكذا إلى ان جاء الخطر الاكبر على الدولة متمثلا في الدعوة العباسية لتقضي على الدولة الاموية في ريعان شبابها بعد ان اجهدت نفسها في حروب داخلية وفتوحات خارجية .. وهذا الضجيج الحربي في الداخل والخارج يمكن ارجاعه إلى عامل اساسي هو قيام الامويين في تحويل الشوري الاسلامية (ديمقراطية العصر انذاك) الى حكم استبدادي قهري عنيف ، وتحويل الانتماء من الدين إلى الانتماء إلى العصبية العربية القبلية ، وقد حاول الامويون شغل المسلمين العرب عن هذا بالفتوحات، الا ان الخروج على الدولة استمر مقترنا بحركة الفتوحات احيانا مما ادي إلى اسقاطها في النهاية .. والدولة الاموية هي التي تمثل الثقافة العربية الاصيلة ، هذا اذا اعتبرنا الثقافة هي النمط السائد للسلوكيات والعادات والتقاليد الاجتماعية ، ولذلك ازدهر مع الضجيج الحربي والخلافات والثورات دخول اسلحة اخري في ميدان المعارك كان اهمها الشعر، والخطابة، وكانت مؤهلات القائد اذا كان الخليفة او واليا او ثائرا ان يتمتع بالشجاعة والكرم والفصاحة وتذوق الشعر ونظمه ، مثلما اعتاد العرب في صحرائهم. وتلك الحركة المستمرة في الغزو او في الثورة والمواجهات الداخلية لم تعط فرصة كافية لقيام حركة تدوين للافكار السائدة او المعارك الضارية ، لذلك فان التأريخ لهذه الدولة الاموية قد تم بعد سقوطها وفي عهد الخلافة العباسية المعروفة بعدائها الشديد للامويين. وغياب التدوين وعدم الاهتمام الكبير بالمراسلات الخطية اوسع مكانا هاما للخطبة الشفهية المعبرة عن الروح الاصيلة للعربي الذي كان يفاخر وقتها بفصاحته وشجاعته ، او بأنه يملك فصاحة اللسان وشجاعة السنان . ومن هنا يمكن القول بأن الخطبة كانت اهم عنصر دعائي في العصر الاموي للخليفة او الوالي او الثائر على السواء … بحيث يمكن التأريخ للعصر وتفسيره من خلال الكم الهائل من الخطب التي قيلت فيه وقامت بالدعاية لقائل الخطبة واتباعه . ونتج عن طغيان الهدف الدعائي على الخطبة ، ان تحولت الخطبة الدينية ( خطبة الجمعة ) إلى خطبة سياسية . وبعد زوال الدولة الاموية لم ينته تحويل خطب الجمعة إلى غرض سياسي ، بل اصبح من شعائر الاعتراف بالحاكم هو الدعاء له في خطبة الجمعة ، ولا زال ذلك ساريا حتي الان . وقد سبق ان خطبة الجمعة في عصر الرسول كانت قراءة القرآن وتفسيره، أي كانت خطبة دينية صرفة ، ولكن تحولت في الدولة الاموية إلى خطب سياسية صرفة.
وبازدهار الخطب السياسية الدعائية فقد عرف العصر الاموي ما يمكن تسميته بالمناظرات الخطابية ، حيث كانت الخطبة تحل محل السلاح في موضع لا مجال فيه لاستعمال هذا الاخير، وحينئذ يتم التحارب بالخطب بديلا عن السلاح .

وحدثت الكوارث في الدولة الاموية بتولي يزيد الخلافة بعد ابيه معاوية ، كأول عملية وراثة للحكم في تاريخ المسلمين ، بعد نظام الشورة. وكي يمهد معاوية لهذا الامر الخطير فقد اقام حركة دعائية ضخمة عن طريق ولاته وكبار اتباعه وقادته ، وجري في هذه الحركة ما يمكن تسميته بمهرجان الخطب التي تباري فيها المتحدثون في تزكية يزيد وتأييد ولايته.
وفي المواقف الهامة في التاريخ الاموي اشتهرت بعض الخطب . ومنها خطبة معاوية بن يزيد بن معاوية حين اعلن تنازله عن الخلافة الامر الذي ادي إلى تفكك الدولة وحروب اهلية وموت الخليفة المعتزل نفسه ، وقد قال في خطبته ( قد ضعفت عن امركم ، ولم اجد لكم مثل عمر بن الخطاب لأستخلفه ، ولا مثل اهل الشورة، فأنتم اولي بأمركم فاختاروا من احببتم) . وكذلك خطبة عبد الملك بن مروان في اهل المدينة ( يا معشر قريش ، وليكم عمر بن الخطاب فكان فظا غليظا مضيقا علىكم فسمعتم له واطعتم ، ثم وليكم عثمان فكان سهلا لينا كريما فعدوتم علىه فقتلتموه ، وبعثنا علىكم مسلما يوم الحرة فقتلكم ، فنحن نعلم يا معشر قريش انكم لا تحبوننا ابدا وانتم تذكرون يوم الحرة ، ونحن لا نحبكم ابدا ونحن نذكر مقتل عثمان ).

واشتهر الحجاج بن يوسف الثقفي بالشدة مع الفصاحة ، وخطبه كثيرة ، منها خطبته حين قدم الكوفة فاتاها ملثما وصعد المنبر وحسر اللثام عن وجهه و انشد : انا ابن جلا وطلاع الثنايا متي اضع العمامة تعرفوني ثم بدأ يقول ( اني والله لأري ابصارا طامحة واعناقا متطاولة ،ورءوسا قد اينعت وحان وقت قطافها واني صاحبها ..). ومنها خطبة طارق بن زياد حين احرق السفن بعد ان عبر إلى اسبانيا ، ذلك المضيق الذي سمي باسمه فيما بعد ، قال ( ايها الناس : اين المفر ؟ البحر من ورائكم والعدو امامكم وليس لكم والله الا الصدق والصبر ، واعلموا انكم في هذه الجزيرة اضيع من الايتام في مأدبة اللئام ، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه في اسلحته واقواته الموفورة وانتم لا وزر لكم الا سيوفكم ولا اقوات لكم الا ما تستخلصونه من ايدي عدوكم ..). وهذا التأثير الكبير للخطبة في العصر الاموي وصل إلى سرير الزوجية في ليلة الزفاف ، يحكي شريح اشهر قاضي في العصر الاموي انه ليلة ان دخل بزوجته التميمية وخلا البيت يقول ( فمددت يدي ناحيتها فقالت : على رسلك يا ابا امية كما انت، ثم قالت : الحمد لله احمده واستعينه واصلي على محمد واله ، اني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآته وما تكرهه فازدجر عنه .. ، يقول القاضي ( فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع ، فقلت الحمد لله احمده واستعينه واصلي على النبي واله وسلم ، وبعد فانك قد قلتي كلاما ان تثبتي عليه يكن ذلك حظك وان تدعيه يكن حجة عليك ، احب كذا ..).
هكذا نرى ان الخطابة السياسية وجدت جذورها وترعرت في اطار الدولة الاموية واصبحت الخطب مثالا يحتذى به في العصور اللاحقة.

المصادر:
- جذور الخطاب السياسي العربي - د. احمد سعيد العيطاني
- الرسالة الاعلامية العربية الموجهة الى الخارج - د. الياس المدني (ترجمة)









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:27   رقم المشاركة : 2278
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
https://www.loredz.com/vb/showthread.php?t=40077









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:28   رقم المشاركة : 2279
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
الأدب فى العصر الأموى

بدأ العصر الأموى سنة 41 هـ بسيطرة معاوية بن أبى سفيان على الدولة الإسلامية ، ثم انتهى سنة 132 هـ ، بسقوط الدولة الأموية، وقيام الدولة العباسية، وانتقال الخلافة إلى بغداد
وضح حال كل من الشعر والنثر في العصر الأموي ؟
مرّ الشعراء بحالة من الركود في العصر الإسلامي، ولما قامت الدولة الأموية انطلق الشعر مزدهرًا مرة أخرى في كل المجالات كما كان في العصر الجاهلى بسبب تعدد الأحزاب السياسية وكثرة المفاخرة بين الشعراء ، بالإضافة إلى فساد الحكم وإطلاق حرية التعبير فازدهر شعر الغزل بنوعيه: العفيف والصريح، وظهر شعر النقائض على ألسنة الشعراء
تقدم النثر في العصر الإسلامي على الشعر لنزول القرآن نثراً وكذلك الحديث الشريف وقد استمر ازدهار النثر في العصر الأموى، وتعددت فنونه نظرًا لتعدد الأحزاب السياسية في هذا العصر وشدة الصراع بينها، وحاجة كل حزب إلى متحدثين بارعين في فن القول يؤيدون مبادئه ويهدمون مبادئ غيره
ما مظاهر تطور النثر في العصر الأموى؟
( أ ) تنوع الرسائل ( الديوانية والخاصة) وتعدد أغراضها .
( ب ) ظهور مجالس أدبية في قصورا لخلفاء والأدباء تدور حول النقد الأدبي .
( ج ) وضوح أثر القرآن الكريم والحديث الشريف في النثر الأموى من : البدء بالبسملة وحمد الله والصلاة والسلام على وسوله ، ( صلى الله عليه وسلم ) وكثر الاستشهاد بالآيات والأحاديث
ما الأسباب التى أدت إلى ازدهار الشعر في العصر الأموى؟
من هذه الأسباب مأتى
( أ ) ظهور الأحزاب السياسية .
( ب ) عودة العصبية القبلية .
( ج ) التنافس بين الشعراء
( د ) حياة الترف وكثرة مجالس اللهو والغناء
ظهرت أغراض شعرية جديدة وتطورت أغراض أخرى قديمة. وضح ذلك
من الأغراض الشعرية الجديدة التى ظهرت في العصر الأموي (الشعر السياسي) بسبب كثرة الأحزاب السياسية، والصراع من أجل الحكم . ومن نماذج هذا الشعر قصائد الفرز دق وجرير والكميت وغيرهم .
* ومن الأغراض الشعرية القديمة التى تطورت في العصر الأموي (الغزل الحضري أو الصريح- الغزل البدوي أو العفيف- شعر النقائض)
ما ذا تعرف عن كل من الغزل الحضرى والغزل البدوي ؟
( أ ) الغزل الحضرى أو الصريح، كما في شعر عمر بن أبى ربيعة، ومن عوامل ازدهاره :
1- حياة الترف التى عاشها الشعراء .
2- انتشار الغناء في عواصم البلاد العربية .
3- انصراف كثير من شعراء الحجاز عن السياسة واهتمامهم بالغزل .

بعد انتهاء الخلافة الراشدية وانتشار الاسلام خارج الجزيرة العربية انتقل الكثير من القبائل العربية الى المدن الواقعة في الاطار الجغرافي للدولة الاسلامية. في بدايات العصر الاموي وانتقال العاصمة الى دمشق، لم ترغب الكثير من القبائل بالانتقال اليها وذلك بسبب تواجد مركز القوة فيها وفضلوا الانتقال الى المدن التي يكون تأثير الخليفة فيها اضعف خاصة ان عدد منهم في صراع معاوية مع علي بن ابي طالب وقفوا الى جانب هذا الاخير. كما ان الحروب المستمرة على الحدود الشمالية حدت من امكانية التبادل التجاري مع بيزانطية وبالتالي الى خسائر مادية ليست بالقليلة. لذلك فضلت هذه القبائل الانتقال الى مدن العراق الغنية نظرا للامكانيات الزراعية الكبيرة التي وفرتها الظروف الطبيعية من ري وارض خصبة. وقد ادى غنى هذه المدن الى استقطاب الكثير من الشعراء الذين امتهنوا حرفة الكتابة.
ادى الانتقال من الحياة البدوية الى الحياة الحضرية في البصرة والكوفة ثم لاحقاً في دمشق الى تغيرات كبيرة في الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والادبي وتطورت الحياة الفكرية لتشمل الخلفاء والحاشية، من امراء وكبار موظفي الدولة واشراف المدن بغض النظر عن منشئهم.
ورغم الاستمرار في النقل الشفوي للشعر الا ان الكثير من الشعر كان ينقل كتابيا. فمنذ منتصف القرن الثامن الميلادي بدأت كتابة الشعر على الورق الذي تم استيراده من الصين اولا قبل ان تبدأ صناعته في خرسان فدمشق.
كانت البصرة أحد المراكز المهمة في الحياى الادبية وخاصة الشعرية وبقيت تتنافس على مركز السيادة في العالم العربي مع الكوفة وليومنا هذا ، فبالبصرة سكن فحول الشعر في العصر الأموي ، الفرزدق . وامتاز شعر البصرة دائماً بالرقة والعذوبة والتجديد عكس الشعر الكوفي الذي امتاز بالمتانة والمحافظة ، وبقيت هذه الخاصية متأصلة إلى يومنا هذا. وكما اشتهرت مكة في الجاهلية بسوق عكاظ فقد اشتهرت البصرة بالمربد ، بل ان المربد كان اعظم اثراً واكبر مساحةً وأطول عمراً من سوق عكاظ بعشرات المرات ، ولم يكن أثره يقتصر على مدينة البصرة فحسب وانما امتد وانتشر صيته إلى كل العالم الإسلامي . فكان المدرسة التي نما فيها الشعر، وبنيت فيها قواعد اللغة العربية، وتم إثراء الفقه من خلاله، وتخرج منها الكثير من الشعراء والأدباء والفقهاء واللغويون. من المربد تخرج فطاحل العصر الاموي من الشعراء امثال جرير والفرزدق، بشار بن برد ولاحقاً وأبو النؤاس ، الفراهيدي وسيبويه، وغيرهم من قمم أعلام اللغة والشعر والفقه.
في العصر الاموي ازدهر الشعر بشكل كبير. وكان اكثر الشعراء في بداية العصر الاموي ينتسبون في معظمهم الى القبائل العربية الشهيرة التي قدمت من شبه الجزيرة العربية كالاخطل والفرزدق وجرير. ولعل اهم ما في هذه الفترة من عوامل اثرت على الشعر كان الرعاية الرسمية له من قبل الخلفاء والامراء وقادة الجيش وايضاً وجهاء القبائل. فساعدت هذه الرعاية على توسيع الرقعة الجغرافية لانتشار الشعر وايضا تطور مواضيعه وادواته. فكانت العطايا حافزا مهما في ظهور قصائد المدح الجليلة وايضا في اعطاء شعر الغزل صفات اكثر خصوصية مما كانت عليه في الفترة السابقة.
ولعل العامل المهم الثاني الذي ظهر في هذه الفترة كان احتراف مهنة الشعر، اذ امتهنه عدد لا بأس به من الشعراء. وكان للخليفة وغيره من كبار موظفي الدولة ووجهاء العشائر أثر في توجيه الشعر وتطوره ، وأكثر ما كان هذا الأثر في المحترفين من الشعراء وفي شعرهم وعبرهم.
اما مفهوم الاحتراف فقد عنى تنفيذ السياسة العامة للخليفة الذي ان يحق له التصرف مع الشعراء تمتماً كما يتصرف بقادته العسكريين وفق ما تقتضيه مصلحة الخلافة. اذ كان الخليفة يحدد الطريق الذي يسلكه الشاعر، ففقد فيه هذا الاخير جزءاً من اتجاهه الذاتي الخاص وصار هذا الاتجاه بيد (المعيش) وهو هنا الخلافة الأموية التي أستفاد أربابها من التباين الذي حدث بين وضع الشاعر المالي، وبين موقعه الاجتماعي المؤثر، ومن كونها مصدر الرزق. هذا الواقع هو الذي أفقد الكثير من الشعراء التعبير عن تجربتهم ومواقفهم الخاصة وجعل الشاعر المحترف يحصر نشاطه في التعبير عن مواقف الخليفة
التطور والتجديد في الشعر الاموي.
الافكار: تميزت الافكار عموما بوضوحها وعدم المغالاة في اخفائها وراء الكلمات. اهم المواضيع كانت الغزل العذري والاباحي والمديح والذم مثل المناظرات الكلامية الشهيرة بين جرير والفرزدق. كما كان هناك عدد من القصائد التي تناولت المواضيع الدينية ، خاصة وان عددا من الشعراء الذين عاصروا بداية الدعوة الاسلامية كانوا لا يزالوا بين الاحياء.
العاطفة: حتى اللحظة لم يختلف الشعراء في رهافة عاطفيتهم وحساسيتها ولا في صورهم عن شعراء العصرين الجاهلي والراشدي فكانت الدافع المباشر الى القول وحددت موقف الشاعر ففتحت الباب الى نفس المتلقي وبعثت القصيدة فيها.
تشكل العاطفة الدعامة الاساسية للقصيدة وتكون أهم من الحقائق والافكار والهدف الرئسي منها اثارة الانفعال في نفوس القراء والسامعين بعرض الحقائق رائعة و تمتاز العبارة بالانتقاء والتفخيم والوقوف على مواطن الجمال كما تكون الصور الخيالية والصنعة البديعية والكلمات الموسيقية مظهر الانفعال العميق فاتت العبارة في القصيدة الاموية جزلة قوية ،اذا عبرت عن عاطفة قوية حية والعمل الأدبي هو صياغة هذه العناصر في وحدة متكاملة ،للتعبير عما يريد الاديب أن يقوله

الخطاب السياسى فى العصر الأموى
في العصر الاموي ( 40 – 132 هـ )(661 – 750 م) ازدهرت الخطبة بحيث كانت البوق الاعلامي للدولة الاموية وخصومها على السواء . والواقع ان الدولة الاموية وعصرها يمثلان نموذجا للعجب ، فتلك الدولة التي عاشت اقل من قرن هي التي امتدت فيها الفتوحات العربية فيما بين حدود الهند والصين شرقا إلى جبال البرانس جنوب فرنسا ، ودمرت اسطول البيزنطيين واحتلت بعض جزر البحر المتوسط .. هذا في الوقت الذي عاشت فيه الدولة الاموية حروبا هائلة في الداخل ضد خصومها من الخوارج والشيعة والموإلى والاقباط والبربر ، ومن الهاشميين والزبيريين وحتي من داخل الجيش الاموي نفسه ، مثل ثورة ابن الاشعث وثورة المهالبة ، وحتي من داخل البيت الاموي نفسه ، وهكذا إلى ان جاء الخطر الاكبر على الدولة متمثلا في الدعوة العباسية لتقضي على الدولة الاموية في ريعان شبابها بعد ان اجهدت نفسها في حروب داخلية وفتوحات خارجية .. وهذا الضجيج الحربي في الداخل والخارج يمكن ارجاعه إلى عامل اساسي هو قيام الامويين في تحويل الشوري الاسلامية (ديمقراطية العصر انذاك) الى حكم استبدادي قهري عنيف ، وتحويل الانتماء من الدين إلى الانتماء إلى العصبية العربية القبلية ، وقد حاول الامويون شغل المسلمين العرب عن هذا بالفتوحات، الا ان الخروج على الدولة استمر مقترنا بحركة الفتوحات احيانا مما ادي إلى اسقاطها في النهاية .. والدولة الاموية هي التي تمثل الثقافة العربية الاصيلة ، هذا اذا اعتبرنا الثقافة هي النمط السائد للسلوكيات والعادات والتقاليد الاجتماعية ، ولذلك ازدهر مع الضجيج الحربي والخلافات والثورات دخول اسلحة اخري في ميدان المعارك كان اهمها الشعر، والخطابة، وكانت مؤهلات القائد اذا كان الخليفة او واليا او ثائرا ان يتمتع بالشجاعة والكرم والفصاحة وتذوق الشعر ونظمه ، مثلما اعتاد العرب في صحرائهم. وتلك الحركة المستمرة في الغزو او في الثورة والمواجهات الداخلية لم تعط فرصة كافية لقيام حركة تدوين للافكار السائدة او المعارك الضارية ، لذلك فان التأريخ لهذه الدولة الاموية قد تم بعد سقوطها وفي عهد الخلافة العباسية المعروفة بعدائها الشديد للامويين. وغياب التدوين وعدم الاهتمام الكبير بالمراسلات الخطية اوسع مكانا هاما للخطبة الشفهية المعبرة عن الروح الاصيلة للعربي الذي كان يفاخر وقتها بفصاحته وشجاعته ، او بأنه يملك فصاحة اللسان وشجاعة السنان . ومن هنا يمكن القول بأن الخطبة كانت اهم عنصر دعائي في العصر الاموي للخليفة او الوالي او الثائر على السواء … بحيث يمكن التأريخ للعصر وتفسيره من خلال الكم الهائل من الخطب التي قيلت فيه وقامت بالدعاية لقائل الخطبة واتباعه . ونتج عن طغيان الهدف الدعائي على الخطبة ، ان تحولت الخطبة الدينية ( خطبة الجمعة ) إلى خطبة سياسية . وبعد زوال الدولة الاموية لم ينته تحويل خطب الجمعة إلى غرض سياسي ، بل اصبح من شعائر الاعتراف بالحاكم هو الدعاء له في خطبة الجمعة ، ولا زال ذلك ساريا حتي الان . وقد سبق ان خطبة الجمعة في عصر الرسول كانت قراءة القرآن وتفسيره، أي كانت خطبة دينية صرفة ، ولكن تحولت في الدولة الاموية إلى خطب سياسية صرفة.
وبازدهار الخطب السياسية الدعائية فقد عرف العصر الاموي ما يمكن تسميته بالمناظرات الخطابية ، حيث كانت الخطبة تحل محل السلاح في موضع لا مجال فيه لاستعمال هذا الاخير، وحينئذ يتم التحارب بالخطب بديلا عن السلاح .
وحدثت الكوارث في الدولة الاموية بتولي يزيد الخلافة بعد ابيه معاوية ، كأول عملية وراثة للحكم في تاريخ المسلمين ، بعد نظام الشورة. وكي يمهد معاوية لهذا الامر الخطير فقد اقام حركة دعائية ضخمة عن طريق ولاته وكبار اتباعه وقادته ، وجري في هذه الحركة ما يمكن تسميته بمهرجان الخطب التي تباري فيها المتحدثون في تزكية يزيد وتأييد ولايته.
وفي المواقف الهامة في التاريخ الاموي اشتهرت بعض الخطب . ومنها خطبة معاوية بن يزيد بن معاوية حين اعلن تنازله عن الخلافة الامر الذي ادي إلى تفكك الدولة وحروب اهلية وموت الخليفة المعتزل نفسه ، وقد قال في خطبته ( قد ضعفت عن امركم ، ولم اجد لكم مثل عمر بن الخطاب لأستخلفه ، ولا مثل اهل الشورة، فأنتم اولي بأمركم فاختاروا من احببتم) . وكذلك خطبة عبد الملك بن مروان في اهل المدينة ( يا معشر قريش ، وليكم عمر بن الخطاب فكان فظا غليظا مضيقا علىكم فسمعتم له واطعتم ، ثم وليكم عثمان فكان سهلا لينا كريما فعدوتم علىه فقتلتموه ، وبعثنا علىكم مسلما يوم الحرة فقتلكم ، فنحن نعلم يا معشر قريش انكم لا تحبوننا ابدا وانتم تذكرون يوم الحرة ، ونحن لا نحبكم ابدا ونحن نذكر مقتل عثمان ).
واشتهر الحجاج بن يوسف الثقفي بالشدة مع الفصاحة ، وخطبه كثيرة ، منها خطبته حين قدم الكوفة فاتاها ملثما وصعد المنبر وحسر اللثام عن وجهه و انشد : انا ابن جلا وطلاع الثنايا متي اضع العمامة تعرفوني ثم بدأ يقول ( اني والله لأري ابصارا طامحة واعناقا متطاولة ،ورءوسا قد اينعت وحان وقت قطافها واني صاحبها ..). ومنها خطبة طارق بن زياد حين احرق السفن بعد ان عبر إلى اسبانيا ، ذلك المضيق الذي سمي باسمه فيما بعد ، قال ( ايها الناس : اين المفر ؟ البحر من ورائكم والعدو امامكم وليس لكم والله الا الصدق والصبر ، واعلموا انكم في هذه الجزيرة اضيع من الايتام في مأدبة اللئام ، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه في اسلحته واقواته الموفورة وانتم لا وزر لكم الا سيوفكم ولا اقوات لكم الا ما تستخلصونه من ايدي عدوكم ..). وهذا التأثير الكبير للخطبة في العصر الاموي وصل إلى سرير الزوجية في ليلة الزفاف ، يحكي شريح اشهر قاضي في العصر الاموي انه ليلة ان دخل بزوجته التميمية وخلا البيت يقول ( فمددت يدي ناحيتها فقالت : على رسلك يا ابا امية كما انت، ثم قالت : الحمد لله احمده واستعينه واصلي على محمد واله ، اني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآته وما تكرهه فازدجر عنه .. ، يقول القاضي ( فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع ، فقلت الحمد لله احمده واستعينه واصلي على النبي واله وسلم ، وبعد فانك قد قلتي كلاما ان تثبتي عليه يكن ذلك حظك وان تدعيه يكن حجة عليك ، احب كذا ..).
هكذا نرى ان الخطابة السياسية وجدت جذورها وترعرت في اطار الدولة الاموية واصبحت الخطب مثالا يحتذى به في العصور اللاحقة
في الدراسة الاحصائية تم رصد اسماء 166 شاعرا اموياً كتبوا ما مجموعه 6100 قصيدة فاق عدد الابيات فيها الخمسين الفاً. وتذكر معظم الابحاث ان الشاعر الكميت بن زيد الاسدي كان اكثر الشعراء الامويين عطاءاُ اذ رصد له 701 قصيدة ثم تلاه الفرزدق الذي جمع له 604 قصائد جمعت 7235 بيتاً شعرياً بينما حل في المرتبة الثالثة جرير بعدد 583 قصيدة حوت5640 بيتاً ثم تلاهم كلا من عمر بن ابي ربيعة ومجنون ليلى والاخطل وابو الاسود الدؤلي ومعاوية بن ابي سفيان وولداه يزيد وعبد الله
لقد تم البحث في الشعر الأموي على أنه امتداد للتجربة الجاهلية ,و تطوره تحت تأثير التحولات الكبرى لهذا العصر , بظهور الدين الإسلامي ,والتبدل العام على النواحي الحياة , السياسية , والفكرية , والإجماعية. ومن ناحية أخرى نراها بالحياة المدنية . ويتمثل التحول الشعري , إبان العصر الأموي , برأي الشاعر والباحث أدونيس في كتابه " الثابت والمتحول " في تجربتين : الأولى يسميها التجربة الذاتية , ويعني بها إعطاء الأولية للعالم الداخلي , عالم العواطف والرغبات والأهواء , على العالم الخارجي , عالم القيم الأخلاقية والاجتماعية ,آو على الأقل ,تغليب الأولى على الثانية . والثانية هي التجربة السياسية الأيدلوجية , ويعني بها التوحيد بين الشعر والفكر , آو اعتبار الشعر شكلا من أشكال الفكر . ....... ويتابع فيقول : وإذا أمكن أن نربط التجربة الأولى بامرئ القيس , فمن الممكن أن نعتبر التجربة الثانية امتداد لموقف الإسلام من الشعر , وللمنحى الذي يتمثل في شعر عروة بن الورد وحياته .

إذا صح القول أن الشعر في الجاهلية كان " ديوان العرب " وأنه لم يكن للعرب " علم أصح منه " , فأننا نستطيع أن نصف الشعر الجاهلي بأنه الأصل الأول للثقافة العربية . ولا يجوز أن يوحي هذا الوصف بأن الشعر الجاهلي نمط واحد , بخصائصه ومناحيه , ,انه بالتالي واحد في قضاياه وموضوعاته . ذلك أن دراسة هذا الشعر تؤكد ما يناقض ذلك .فلشعر الجاهلي شبكة من الخيوط والاتجاهات , وليس خيطاً وحيداً ....... وبرأي نفس الباحث : أن هذا التعدد تجلى ,بدءا من ظهور الإسلام , في اتجاهين : الأول يحافظ على القيم السائدة : القديمة التي أقرها الإسلام , والجديدة التي نشأت معه , والثاني يتمرد عليها ويخرج .

ويتابع بأن يصف شعراء التجربة الأولى أي التجربة الذاتية , بأنهم شعراء التمرد على القيم السائدة , وهي هنا , أو أخر , المنحى الذي يمثله امرؤ القيس , فان من الطبيعي أن نشير أولاً إلى مظاهر تمرده وخروجه , وخصوصاً أنه يمثل , في التراث العربي , النموذج الشعري الأول للخروج , أي التحول . تمرد الذات الشعرية وتطلعاتها : من خلال الدراسات المستفيضة على شعر هذا العصر , نلاحظ أن أهم التحولات والتغيرات التي طرأت على القصيدة ,كانت في منحاها الذاتي . حيث كان هناك توكيد على الصلة بين الشعر والحياة اليومية .... وخاصة جوانب اللهو, واللذة من هذه الحياة . وهي التي تتجسد في شعر الحب , والخمرة ...

ونرى تعمق الحس المدني ,نتيجة الحياة الحضرية المترفة . كما في شعر عمر بن أبى ربيعه ,حيث ظهرت جمالية مدنية ,مقابل جمالية بدوية كانت . وهنا لابد من ملاحظة التمرد , ورفض القيم البدوية , والقيم الدينية الناشئة , والأخلاقية . فامتزجت القصيدة بالأغنية , حيث تم تلين اللغة الشعرية , وكتابة المقطوعات , والقصيدة ذات الموضوع الواحد , وكتابة الشعر بأوزان خفيفة , وإيقاعات سهلة . بذلك اصبح الشعر تجربة ذاتية .

*_ لقد" وصل هذا المنحى الذاتي إلى أوجه الجمالي في شعر ذي الرمة , والى أوجه الجنسي في شعر عمر بن أبي ربيعه , والى أوجه النفسي في شعر جميل بثينة . فقد أعطى ذو الرمة اللغة الشعرية بعداً تصورياً لا عهد لها به , فأكمل بذلك ما بدأه أمرؤ القيس , وفتح لمن سيأتي بعده العالم الشعري الحقيقي , وأعني به عالم المجاز . ففي شعره نتلمس البداية لاعتبار الشعر أكثر من مجرد تعبير عن الحياة , والنظر إليه كطاقة تكمل الحياة , وتضيف إليها ما لا تقدر عليه الطبيعة بذاتها .نتلمس بتعبير أخر , بدايات اعتبار إبداعا ,لا مجرد نقل وتفسير . وهكذا يضعنا شعره في أفق من المماثلات والمقابلات فيما بين عناصر الطبيعة وأشيائها , البدوية والحضرية ,الكونية والذاتية , والجسدية والذهنية , بحيث تبدو الطبيعة كلها , على تباين عناصرها وتضادها , وحدة وجود ووحدة خيال . وفي هذا ما يحيد بالكلمات عما وضعت له أصلا , ويعطيها معاني جديدة وأبعادا جديدة .
والواقع أن شعر ذي الرمة يمثل مرحلة انتقال , أي مرحلة تجريب فهو انتقال بين اللغة الشعرية الواقعية , واللغة الشعرية المجازية ,وهو انتقال بين التقليد والتجديد , وهو انتقال بين الحساسية البدوية , والحساسية الحضرية . ولعل ذلك هو ما يفسر اضطراب النقاد في نظرتهم لشعره ."


مرسلة بواسطة الدكتور أحمد كلحى في 7:36 ص

https://ahmadkelhy.blogspot.com/2012/...post_3213.html









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 23:29   رقم المشاركة : 2280
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر العراق مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
احتاج مصادر عن الخطابة في العصر الاموي
وشكرا جزيلا مسبقا
الأدب في العَصْر الأموي

الحياة السياسية في عهد بني أمية : (للقراءة فقط)
يتسم العصر الأموي بالانقسامات الحزبية والأحزاب السياسية المتعدِّدة ، وخصوصاً بعد أن تسلّم الخلافة يزيد بن معاوية ، وكان سيء التصرُّف ، حدثت في عصره مأساة كربلاء (اضغط للمزيد عن مأساة كربلاء) ، وما كان فيها من قتل الحسين بن علي - رضى الله عنه - ، ومأساة معركة الحَرّة (اضغط للمزيد عن معركة الحرة) التي استباح فيها جيش يزيد حُرْمة المدينة بقيادة الوليد بن عُقبة المرّي . وحين تدفّقت الأموال من جميع أنحاء الدولة إلى الشام ، كثر التّرف ، ثم عمّ الرخاء سائر البلاد ، وكان الحجاز قطراً فقيراً غير ذي زرع ، وكان فيه كثير من أبناء الصحابة ، فرأى بنو أميّة أن يغرقوا الحجاز بالأموال ليشيع التَّرَف ، فينصرف السكان هناك عن الخلافة وشئونها إلى الحياة المترفة الجديدة ، ولذلك شاع في الحجاز التَّرف وكثرت الجواري والمغنيات ، حتى لقد عدّد صاحب كتاب الأغاني أربعين مغنية بالمدينة وحدها . ونبغ في الغناء محترفون كمعبد والغريض وغيرهما ، وشاع شعر الغزَل حتى اختص به بعض الشعراء ، وعلى الجملة (الخلاصة) فقد تغيرت حياة العرب الاجتماعية كثيراً ، ولولا أن عدداً كبيراً من الجنود ظل مجاهداً في سبيل الله ، سائراً في حركة الفتوح لجر الترف على المجتمع ويلات كثيرة .

س1 : ما الأغراض الشعرية الجديدة التي ظهرت في العصر الأموي ؟
جـ : الأغراض الشعرية الجديدة التي ظهرت في العصر الأموي : الشعر السياسي - الغزل - النقائض .

س2 : علل : ظهور الشعر السياسي في العصر الأموي وازدهاره .
جـ : ظهر الشعر السياسي في العصر الأموي بسبب النزاعات الضخمة بين الأحزاب السياسية المتعددة من خوارج - شيعة - أمويين - هاشميين .

س3 : اتجه الغزل في عصر بني أمية إلى اتجاهين . وضحهما ، مبيناً الفرق بينهما .
جـ : اتجه الغزل في عصر بني أمية إلى اتجاهين هما : 1 - غزل حضري . 2 - غزل بدوي .

الغزل الحضري (الحسي) : وكان يتناول مفاتن المرأة الحسية ، وازدهر بسبب شيوع الرخاء والغناء في حواضر العرب ، ومن شعرائه عمر بن أبي ربيعة .

الغزل البدوي (العفيف) : وتناول مفاتن المرأة المعنوية والجوانب الأخلاقية وتناول معاني الوجد والشكوى والطهر والوفاء ومن شعرائه جميل بن معمر .

س4 : لماذا اختفت بعض أغراض الشعر في العصر الأموي ؟
جـ : اختفت بعض أغراض الشعـر الجاهلي لزوال دواعيها .

س5 ما المقصود بالنقائض ؟ وما عوامل ازدهارها ؟
جـ : النقائض : معارك هجائية شعـرية نشبت (وقعت) بين الشعراء ومن أشهرهم (جرير والفرزدق والأخطل) ، وقد ازدهرت بسبب التنافس الشخصي بين الشعـراء والصراع العصبي والانتماءات الحزبية ووجود وقت فراغ طويل لدى الناس كانوا يشغلونه بمتابعة تلك المعارك الشعرية في تلهف .

(للقراءة فقط) النقائض : هي معركة هجائية شعرية نشبت بين بعض الشعراء أمثال جرير والفرزدق والأخطل ، وفيها ينظم شاعر قصيدة في الفخر والهجاء على وزن وقافية ، فيرد عليه شاعر آخر بقصيدة ينقض بها فخره وهجاءه من نفس الوزن والقافية ؛ حتى يظهر تفوقه عليه من ناحية المعاني ، ومن ناحية الفن نفسه .

س6 : كان للإسلام أثر واضح في تطور الشعر الأموي من حيث المعاني والأغراض . وضح .

جـ : بالفعل فلقد أمد الإسلام الشعراء بثروة خصبة من المعاني الجديدة ، ومع ذلك ظهرت عند بعض الشعراء معاني الجاهليين وأفكارهم خاصة الفخر والهجاء .

س7 : تحدث عن تطورصياغة القصيدة في العصر الأموي .
جـ : ظل الشعراء الأمويون يتقيدون بنظام القصيدة الجاهلية وظل الحضريون يبدءون قصائدهم بوصف الأطلال والبكاء على الديار رغم اختلاف بيئتهم عن بيئة الجاهليين . وفي الحجاز ظهرت طائفة من الشعراء الذين جعلوا للغزل قصائد كاملة وليس مطلع القصائد فقط بما يخالف منهج القصيدة الجاهلية .

س8 : كان للصورة الخيالية دور في الشعر الأموي . وضحه .
جـ : اعتمد الشعراء على التصوير في إبراز المعاني ، واستمدوا خيالهم من البيئة المحيطة بهم ، وقد جاءت صورهم حسية جزئية (الخيال الجزئي : التشبيه - الاستعارة - الكناية- المجاز) .

س9 تطورت ألفاظ القصيدة الأموية عن العصر الجاهلي . وضح .
جـ : ألفاظ الشعر الأموي كانت واضحة معبرة متأثرة بالقرآن الكريم والحديث الشريف .

س10 بمَ تميزت موسيقى الشعر الأموي ؟
جـ : تميزت موسيقى هذا العصر بأنها كانت واضحة النغم في الوزن والقافية .

س11 : ما الذي أدى إلى ازدهار الأدب شعره ونثره في العصر الأموي ؟
جـ : الذي أدى إلى ازدهار الأدب شعره ونثره في العصر الأموي كثرة الحروب والصراعات الحزبية والسياسية ، ونال النثر الفني نصيباً أكبر في التطور عن الشعر حيث بلغت الخطابة والكتابة منزلة كبيرة لشدة الحاجة إليهما .

س12 : ما هي أهم موضوعات النثر الأموي ؟
جـ : الخطابة والكتابة (الرسائل) .

س13 : لماذا زادت دواعي الخطابة واشتدت الحاجة إليها في العصر الأموي ؟
جـ : زادت دواعي الخطابة واشتدت الحاجة إليها في العصر الأموي بسبب انتشار الفتن والصراعات والحروب وكثرة الأحزاب وتوسع الفتوحات .

س14 : ما أهم الخصائص والسمات الفنية للخطبة ؟
جـ : أهم الخصائص والسمات الفنية للخطبة :
1- التأثر بالقرآن الكريم لفظاً ومعنى وصورة .
2- تضمنت الخطب بعض الحكم والأمثال .
3- الحرص على اختيار الألفاظ وحسن تنسيق الجمل .
4- مناسبة الخطب للموقف الذي تقال فيه .

س15 : متى ظهرت الكتابة ؟ ولماذا تطورت في العصر الأموي ؟
جـ : ظهرت الكتابة في عصر صدر الإسلام وظلت تنمو وتتقدم حتى ارتقت وارتفع شأنها كثيراً في العصر الأموي ؛ لحاجة الدولة إليها ولاتساع رقعة الدولة وتعدد دواوينها . ومن أشهر من نهضوا بها (عبد الحميد الكاتب) .

س16 : بمَ تميز أسلوب الكتابة في العصر الأموي ؟
جـ : تميز أسلوب الكتابة في العصر الأموي بما يلي :
1- جودة الصياغة والعناية باختيار الألفاظ وتجويدها .
2- الاقتباس من معاني القرآن الكريم وصوره وعباراته
3- تضمين كتاباتهم بالحكم والأمثال وتشبيهات الشعراء .
4- غلبة الطابع الإسلامي في افتتاح الكتاب لرسائلهم .

https://www.khayma.com/medhatfoda/m1t...a1th/1tha3.htm









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc